اللهم آمين

دعـــــاء ((سبحان الذي تعطف العزّ وقال به، سبحان الذي لبس المجد وتكرم به، سبحان الذي لا ينبغي التسبيح إلا له، سبحان ذي الفضل والنعم، سبحان ذي المجد والكرم، سبحان ذي الجلال والإكرام)). دعـــــاء ((سبحان الله عددَ ما خلق في السماء، وسبحان الله عددَ ما خلق في الأرض، وسبحان الله عددَ ما بين ذلك، وسبحان الله عددَ ما هو خالق، والله أكبر مثل ذلك، والحمد لله مثل ذلك، ولا حول ولا قوة إلا بالله مثل ذلك)) دعـــــاء ((سبحان الله وبحمده، لا قوة إلا بالله، ما شاء الله كان و ما لم يشأ لم يكن، أعلم أن الله على كل شيء قدير، وأن الله قد أحاط بكل شيء علماً...)) دعـــــاء ((سبحان الله وبحمده عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته)) دعـــــاء ((سبحان الله ذي الملكوت والجبروت، والكبرياء والعظمة)) دعـــــاء ((اللهم إني أسألك بأن لك الحمد، لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، المنان، بديعُ السماوات والأرض، ذو الجلال والإكرام...)) دعـــــاء ((الحمد لله عدد ما خلق الله، والحمد لله ملء ما خلق الله، والحمد لله عدد ما في السموات والأرض، والحمد لله ما أحصى كتابه، والحمد لله عدد كل شيء، وسبحان الله مثلهن)) دعـــــاء ((ربَّنا لك الحمد، مِلْءَ السموات والأرض ومِلْءَ ما شئت من شيء بعد، أهلَ الثناءِ والمجد، أحقُّ ما قال العبد وكلنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجَدِّ منك الجَدُّ)) دعـــــاء ((الحمد لله الذي يطعم ولا يُطعم، منّ علينا فهدانا، وأطعمنا وسقانا، وكلِّ بلاء حسن أبلانا، الحمد لله غير مُوَدّع ولا مكافئ ولا مكفور ولا مستغنىً عنه. الحمد لله الذي أطعم من الطعام، وسقى من الشراب، وكسا من العُرْي، وهدى من الضلالة، وبَصّر من العماية، وفضّل على كثير ممن خلق تفضيلاً، الحمد لله رب العالمين)) دعـــــاء ((الحمد لله عدد ما أحصى كتابُه، والحمد لله عدد ما في كتابه، والحمد عدد ما أحصى خلقه، والحمد لله مِلْءَ ما في خلقه، والحمد لله مَلْءَ سماواته وأرضه، والحمد لله عدد كل شيء، والحمد لله على كل شيء)) دعـــــاء ((اللهم أنت أحق من ذُكر، وأحق من عُبد، وأنصر من ابتُغي، وأرأف من مَلَك، وأجود من سُئل، وأوسع مَن أعطى. أنت الملك لا شريك لك، والفرد لا ند لك، كل شيء هالك إلا وجهَك. لن تطاع إلا بإذنك، ولن تعصى إلا بعلمك، تطاع فتشكر، وتُعصى فتغفر. أقرب شهيد، وأدنى حفيظ، حلت دون النفوس، وأخذت بالنواصي، وكتبت الآثار، ونسخت الآجال. القلوب لك مُفضية، والسر عندك علانية، الحلال ما أحللت، والحرام ما حرمت، والدين ما شرعت، والأمر ما قضيت، والخلق خلقك، والعبد عبدك، وأنت الله الرؤوف الرحيم...)) دعـــــاء ((تمَّ نورك فهديت فلك الحمد، عظم حلمك فعفوت فلك الحمد، بسطت يدك فأعطيت فلك الحمد. ربَّنا: وجهك أكرم الوجوه، وجاهك أعظم الجاه، وعطيتك أفضل العطية وأهناها. تطاع ربَّنا فتشكر، وتُعصى ربَّنا فتغفر، وتجيب المضطر، وتكشف الضر، وتَشفي السُقم، وتغفر الذنب، وتقبل التوبة، ولا يجزي بآلائك أحد، ولا يبلغ مدحتَك قولُ قائل) دعـــــاء ((لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض ورب العرش الكريم) دعـــــاء ((لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجَدِّ منك الجَدّ) دعـــــاء ((لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله وتبارك رب العرش العظيم، والحمد لله رب العالمين) دعـــــاء ((اللهم لك الحمد أنت نور السموات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت قيوم السموات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت الحق، ووعدك حق، وقولك حق، ولقاؤك حق، والجنة حق، والنار حق، والساعة حق، و النبيون حق، ومحمد حق. ) دعـــــاء اللهم لك أسلمت، وعليك توكلت، وبك آمنت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، وإليك حاكمت...) .(لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، سبحان الله رب العالمين، لا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم...) (سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر) دعـــــاء ((لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده) دعـــــاء ((لا إله إلا الله قبل كل شيء، ولا إله إلا الله بعد كل شيء، ولا إله إلا الله، يبقى ويفنى كل شيء) دعـــــاء ((اللهم ربَّ السموات السبع ورب الأرض ورب العرش العظيم، ربَّنا وربَّ كل شيء، فالقَ الحبِّ والنوى، ومنزل التوراة والإنجيل والفرقان، أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته، اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء اقض عنا الدين و أغننا من الفقر) دعـــــاء ((اللهم لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت. اللهم إني أعوذ بعزتك لا إله إلا أنت أن تضلني، أنت الحي الذي لا يموت، والجن والإنس يموتون) دعـــــاء ((يا مَن أظهر الجميل، وستر القبيح، يا من لا يؤاخذ بالجريرة، ولا يهتك الستر، يا حسن التجاوز، يا واسع المغفرة، يا باسط اليدين بالرحمة، يا صاحب كل نجوى، يا منتهى كل شكوى، يا كريم الصَفح، يا عظيم المنّ، يا مبتدئ النعم قبل استحقاقها، يا ربنا ويا سيدنا، ويا مولانا، ويا غاية رغبتنا أسألك يا الله أن لا تَشوي خلقي بالنار) دعـــــاء ((اللهم لك الحمد كله، اللهم لا مانع لما بسطت، ولا باسط لما قبضت، ولا هادي لما أضللت، ولا مضل لمن هديت، ولا معطي لما منعت، ولا مانع لما أعطيت، ولا مقرب لما باعدت، ولا مباعد لما قربت...) دعـــــاء ((اللهم بك أصاول، وبك أحاول، وبك أقاتل)) دعـــــاء ((اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت، أنت ربي وأنا عبدك، ظلمت نفسي، واعترفت بذنبي...) دعـــــاء ((اللهم إنا نستعينك ونستهديك ونستغفرك، ونؤمن بك ونتوكل عليك، ونثني عليك الخير كله، ونشكرك ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك. اللهم إياك نعبد، ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى، ونَحْفِد، ونرجو رحمتك ونخشى عذابك؛ إن عذابك الجِدَّ بالكفار مُلْحِق) دعـــــاء ((اللهم رب السموات ورب الأرضين، وربَّنا وربَّ كل شيء، فالق الحبِّ والنوى، ومنزل التوراة والإنجيل والقرآن... أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخِر فليس بعدك شيء، والظاهر فليس فوقك شيء، والباطن فليس دونك شيء...) دعـــــاء ((اللهم إني أسألك باسمك الطاهر الطيب المباركِ الأحب إليك الذي إذا دُعيت به أجبتَ، وإذا سُئلت به أعطيتَ، وإذا استُرحمت به رحمت، وإذا استُفرجت به فَرّجت...) دعـــــاء ((اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل، فاطَر السموات والأرض، عالمَ الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون...) دعـــــاء ((اللهـم أنت المـلك لا إلـه إلا أنــت، أنـت ربـي وأنـا عبـدك... لبيـك وسعديـك، والخير كله في يديك، والشر ليس إليك، أنا بك وإليك، تباركت وتعاليت... اللهم ربنا لك الحمد مِلْءَ السماء ومِلْءَ الأرض ومِلْءَ مابينهما ومِلْءَ ما شئت من شي بعد... أنت المقدم وأنت المؤخر، لا إله ألا أنت) دعـــــاء ((اللهم إنك تسمع كلامي، وترى مكاني، وتعلم سري وعلانيتي، لا يخفى عليك شيء من أمري، أنا البائس الفقير، المستغيث المستجير، الوجل المشفق، المقر المعترف بذنبه، أسألك مسألة المسكين، وأبتهل إليك ابتهال المذنب الذليل، وأدعوك دعاء الخائف الضرير، من خضعت لك رقبته، وفاضت لك عيناه، وذل جسده، ورغم لك أنفه...) دعـــــاء ((اللهم أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيت على نفسك)

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 23 يناير 2024

ج3. لسان العرب المؤلف: محمد بن مكرم بن على، أبو الفضل، جمال الدين ابن منظور الأنصاري الرويفعى الإفريقى (المتوفى: 711هـ)

 

ج3. لسان العرب
المؤلف: محمد بن مكرم بن على، أبو الفضل، جمال الدين ابن منظور الأنصاري الرويفعى الإفريقى (المتوفى: 711هـ)

والواهثُ: الْمُلْقِي نَفْسَه فِي الشَّيْءِ، وَفِي الْمُحْكَمِ: الْمُلْقِي نَفْسَهُ فِي هَلَكَةٍ. وتَوَهَّثَ فِي الشَّيْءِ إِذا أَمعن فيه.

فصل الياء المثناة تحتها
يَفُثُ: يافثُ: مِن أَبناء نُوحٌ، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ؛ وَقِيلَ: هُوَ مِنْ نَسْلِهِ التُّرْكُ ويأْجوجُ ومأْجوجُ، وَهُمْ إِخوة بَنِي سَامٍ وَحَامٍ، فِيمَا زَعَمَ النَّسَّابُونَ. وأَيافِثُ: مَوْضِعٌ باليَمَنِ، كأَنهم جَعَلُوا كُلَّ جُزْءٍ مِنْهُ أَيفث، اسْمًا لَا صِفة.
ينبيث: التَّهْذِيبُ فِي الرُّبَاعِيِّ: ابْنُ الأَعرابي: اليَنْبِيثُ ضَرْبٌ مِنْ سَمَكِ الْبَحْرِ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: اليَنْبِيثُ، بِوَزْنِ فَيْعيلٍ: غَيْرَ البَيْنِيثِ؛ قَالَ: وَلَا أَدري أَعَرَبيٌّ هُوَ أَم دَخِيلٌ؟
ييعث: النِّهَايَةُ لِابْنِ الأَثير: فِي كِتَابِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لأَقْوالِ شَبْوَةَ ذِكْرُ يَيْعُثَ، قَالَ: هِيَ بِفَتْحِ الْيَاءِ الأُولى، وَضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، صُقْعٌ مِنْ بِلَادِ الْيَمَنِ جَعَلَهُ لهم: انتهى.

(2/204)


ج
حرف الجيم
ج: الْجِيمُ مِنَ الْحُرُوفِ الْمَجْهُورَةِ، وَهِيَ سِتَّةَ عَشَرَ حَرْفًا، وَهِيَ أَيضاً مِنَ الْحُرُوفِ الْمَحْقُورَةِ وَهِيَ: الْقَافُ وَالْجِيمُ وَالطَّاءُ وَالدَّالُ وَالْبَاءُ، يَجْمَعُهَا قولك: [جدقطب] سُمِّيتَ بِذَلِكَ لأَنها تُحقر فِي الْوَقْفِ، وتُضْغَطُ عَنْ مَوَاضِعِهَا، وَهِيَ حُرُوفُ الْقَلْقَلَةِ لأَنك لَا تَسْتَطِيعُ الْوُقُوفَ عَلَيْهَا إِلَّا بِصَوْتٍ، وَذَلِكَ لِشِدَّةِ الحَقْرِ والضَّغْطِ، وَذَلِكَ نَحْوَ الْحَقْ، واذْهَبْ، واخْرُجْ. وَبَعْضُ الْعَرَبِ أَشدّ تَصْوِيتًا مِنْ بَعْضٍ، وَالْجِيمُ وَالشِّينُ وَالضَّادُ ثَلَاثَةٌ فِي حَيِّزٍ وَاحِدٍ، وَهِيَ مِنَ الْحُرُوفِ الشَّجْرية، والشَّجْرُ مَفْرَجُ الْفَمِ، وَمَخْرَجُ الْجِيمِ وَالْقَافِ وَالْكَافِ بَيْنَ عَكَدَةِ اللِّسَانِ، وَبَيْنَ اللَّهاةِ فِي أَقصى الفَم. وَقَالَ أَبو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ: بَعْضُ الْعَرَبِ يُبْدِلُ الْجِيمَ مِنَ الْيَاءِ الْمُشَدَّدَةِ، قَالَ: وَقُلْتُ لِرَجُلٍ مِنْ حَنْظَلَةَ: مِمَّنْ أَنت؟ فَقَالَ: فُقَيْمِجٌّ، فَقُلْتُ: مِن أَيهم؟ قَالَ: مُرِّجٌّ؛: يُرِيدُ فُقَيْمِيٌّ مُرِّيٌّ؛ وأَنشد لِهمْيان بْنِ قُحَافَةَ السَّعْدِيِّ:
يُطِيرُ عَنْهَا الوَبَرَ الصُّهابِجا
قَالَ: يُرِيدُ الصُّهابِيَّا، مِنَ الصُّهْبة؛ وَقَالَ خَلَفٌ الأَحمر: أَنشدني رَجُلٌ مِنْ أَهل الْبَادِيَةِ:
خَالِيَ عُوَيْفٌ وأَبو عَلِجِّ، ... المُطْعِمانِ اللَّحْمَ بالعَشِجِّ،
وبالغَداةِ كِسَرَ البَرْنِجِ
يُرِيدُ عَلِيًّا، وَالْعَشِيَّ، وَالْبَرْنِيَّ. قَالَ: وَقَدْ أَبدلوها مِنَ الْيَاءِ الْمُخَفَّفَةِ أَيضاً؛ وأَنشد أَبو زَيْدٍ:
يَا رَبِّ، إِنْ كُنْتَ قَبِلْتَ حَجَّتِجْ، ... فَلَا يَزَالُ شاحِجٌ يأْتيك بِجْ،
أَقْمَرُ نَهَّازٌ يُنَزِّي وَفْرَتِجْ
وأَنشد أَيضاً:
حَتَّى إِذا مَا أَمْسَجَتْ وأَمْسَجا
يُرِيدُ أَمست وأَمسى، قَالَ: وَهَذَا كُلُّهُ قَبِيحٌ؛ قَالَ أَبو عُمَرَ الْجَرْمِيُّ: وَلَوْ رَدَّهُ إِنسانٌ لَكَانَ مَذْهَبًا؛ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُكَرَّمِ: أَمست وأَمسى لَيْسَ فِيهِمَا يَاءٌ ظَاهِرَةٌ يُنْطَقُ بِهَا، وَقَوْلُهُ: أَمسجت وأَمسجا، يَقْتَضِي أَن يَكُونَ الْكَلَامُ أَمسيت وأَمسيا، وَلَيْسَ

(2/205)


النُّطْقُ كَذَلِكَ، وَلَا ذُكِرَ أَيضاً أَنهم يُبْدِلُونَهَا فِي التَّقْدِيرِ الْمَعْنَوِيِّ، وَفِي هَذَا نَظَرٌ. وَالْجِيمُ حَرْفُ هِجَاءٍ، وَهِيَ مِنَ الْحُرُوفِ الَّتِي تُؤَنَّثُ، وَيَجُوزُ تَذْكِيرُهَا. وَقَدْ جَيَّمْتُ جِيماً إِذا كَتَبْتُهَا.

فصل الألف
أجج: الأَجِيجُ: تَلَهُّبُ النَّارِ. ابْنُ سِيدَهْ: الأَجَّةُ والأَجِيجُ صَوْتُ النَّارِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَصْرِفُ وَجْهي عَنْ أَجِيج التَّنُّور، ... كأَنَّ فِيه صوتَ فِيلٍ مَنْحُور
وأَجَّتِ النارُ تَئِجُّ وتَؤُجُّ أَجِيجاً إِذا سمعتَ صَوتَ لَهَبِها؛ قَالَ:
كأَنَّ تَرَدُّدَ أَنفاسِهِ ... أَجِيجُ ضِرامٍ، زفَتْهُ الشَّمَالْ
وَكَذَلِكَ ائْتَجَّتْ، عَلَى افْتَعَلَتْ، وتَأَجَّجَتْ، وَقَدْ أَجَّجَها تَأْجيجاً. وأَجِيجُ الكِيرِ: حفيفُ النَّارِ، وَالْفِعْلُ كَالْفِعْلِ. والأَجُوجُ: المضيءُ؛ عَنْ أَبي عَمْرٍو، وأَنشد لأَبي ذؤَيب يَصِفُ بَرْقًا:
يُضيءُ سَنَاهُ راتِقاً مُتَكَشِّفاً، ... أَغَرَّ، كَمِصْبَاحِ اليَهُودِ، أَجُوج
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يَصِفُ سَحَابًا مُتَتَابِعًا، وَالْهَاءُ فِي سَنَاهُ تَعُودُ عَلَى السَّحَابِ، وَذَلِكَ أَن الْبُرْقَةَ إِذا بَرَقَتِ انْكَشَفَ السَّحَابُ، وَرَاتَقَا حَالٌ مِنَ الْهَاءِ فِي سَنَاهُ؛ وَرَوَاهُ الأَصمعي، رَاتِقٌ مُتَكَشِّفٌ، بِالرَّفْعِ، فَجَعَلَ الرَّاتِقَ الْبَرْقَ. وَفِي حَدِيثِ
الطُّفَيْلِ: طَرَفُ سَوْطه يَتَأَجَّجُ
أَي يُضِيءُ، مِنْ أَجِيج النَّارِ تَوَقُّدِها. وأَجَّجَ بَيْنَهُمْ شَرًّا: أَوقده. وأَجَّةُ الْقَوْمِ وأَجِيجُهم: اخْتِلاطُ كَلَامِهِمْ مَعَ حَفيف مَشْيِهِمْ. وَقَوْلُهُمْ: القومُ فِي أَجَّة أَي فِي اخْتِلَاطٍ؛ وَقَوْلُهُ:
تَكَفُّحَ السَّمائِم الأَوَاجِج
إِنما أَراد الأَوَاجَّ، فَاضْطَرَّ، فَفَكَّ الإِدغام. أَبو عَمْرٍو: أَجَّج إِذا حَمَلَ عَلَى الْعَدُوِّ، وجَأَجَ إِذا وَقَفَ جُبْناً، وأَجَّ الظَّليمُ يَئِجُّ ويَؤُجُّ أَجّاً وأَجِيجاً: سُمع حَفيفُه فِي عَدْوِه؛ قَالَ يَصِفُ نَاقَةً:
فرَاحَتْ، وأَطْرافُ الصُّوَى مُحْزَئِلَّةٌ، ... تَئِجُّ كَمَا أَجَّ الظَّليم المُفَزَّعُ
وأَجَّ الرَّجُلُ يَئِجُّ أَجِيجاً: صَوَّتَ؛ حَكَاهُ أَبو زَيْدٍ، وأَنشد لِجَمِيلٍ:
تَئِجُّ أَجِيجَ الرَّحْلِ، لمَّا تَحَسَّرَتْ ... مَناكِبُها، وابْتُزَّ عَنْهَا شَليلُها
وأَجَّ يَؤُجُّ أَجّاً: أَسرع؛ قَالَ:
سَدَا بيدَيه ثُمَّ أَجَّ بِسَيْرِهِ، ... كأَجِّ الظَّليم مِنْ قَنِيصٍ وكالِب
التَّهْذِيبُ: أَجَّ فِي سَيْرِهِ يَؤُجُّ أَجّاً إِذا أَسرع وَهَرْوَلَ؛ وأَنشد:
يَؤُجُّ كَمَا أَنَّ الظَّليمُ المُنَفَّرُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ تؤُج بِالتَّاءِ، لأَنه يَصِفُ نَاقَتَهُ؛ وَرَوَاهُ ابْنُ دُرَيْدٍ: الظَّلِيمُ المُفَزَّعُ. وَفِي حَدِيثِ خَيْبَرَ:
فَلَمَّا أَصبح دَعَا عَلِيًّا، فأَعطاه الرَّايَةَ، فَخَرَجَ بِهَا يَؤُجُّ حَتَّى ركَزَها تَحْتَ الحِصْنِ.
الأَجُّ: الإِسراعُ والهَرْوَلةُ. والأَجِيجُ والأُجاجُ والائْتِجاجُ: شدَّةُ الحرِّ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
بأَجَّةٍ نَشَّ عَنْهَا الماءُ والرُّطَبُ

(2/206)


والأَجَّةُ: شِدَّةُ الحرِّ وَتَوَهُّجه، وَالْجَمْعُ إِجاجٌ، مِثْلَ جَفْنَةٍ وجِفَانٍ؛ وائْتَجَّ الحَرُّ ائْتِجاجاً؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
وحَرَّقَ الحَرُّ أُجاجاً شاعلَا
وَيُقَالُ: جَاءَتْ أَجَّةُ الصَّيْفِ. وماءٌ أُجاجٌ أَي مِلْحٌ؛ وَقِيلَ: مرٌّ؛ وَقِيلَ: شَدِيدُ الْمَرَارَةِ؛ وَقِيلَ: الأُجاجُ الشَّدِيدُ الْحَرَارَةِ، وَكَذَلِكَ الجمع. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ*
؛ وَهُوَ الشَّدِيدُ الْمُلُوحَةِ وَالْمَرَارَةِ، مِثْلَ مَاءِ الْبَحْرِ. وَقَدْ أَجَّ الماءُ يَؤُجُّ أُجوجاً. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وعَذْبُها أُجاجٌ
؛ الأُجاج، بِالضَّمِّ: الماءُ الْمِلْحُ، الشَّدِيدُ الْمُلُوحَةِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
الأَحنف: نَزَلْنَا سَبِخَةً نَشَّاشَةً، طَرَفٌ لَهَا بِالْفَلَاةِ، وطَرَفٌ لَهَا بِالْبَحْرِ الأُجاج.
وأَجِيجُ الماءِ: صوتُ انْصِبَابِهِ. ويأْجُوجُ ومأْجُوجُ: قَبِيلَتَانِ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ، جاءَت القراءَة فِيهِمَا بِهَمْزٍ وَغَيْرِ هَمْزٍ. قَالَ: وجاءَ فِي الْحَدِيثِ:
أَن الْخَلْقَ عَشَرَةُ أَجزاء: تِسْعَةٌ مِنْهَا يأْجوجُ ومأْجوجُ
، وَهُمَا اسْمَانِ أَعجميان، واشتقاقُ مِثْلِهِمَا مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ يَخْرُجُ مِنْ أَجَّتِ النارُ، وَمِنَ الْمَاءِ الأُجاج، وَهُوَ الشَّدِيدُ الْمُلُوحَةِ، المُحْرِقُ مِنْ مُلُوحَتِهِ؛ قَالَ: وَيَكُونُ التَّقْدِيرُ فِي يأْجُوجَ يَفْعول، وَفِي مأْجوج مَفْعُولَ، كأَنه مِنْ أَجِيج النَّارِ.؛ قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ يأْجوج فَاعُولًا، وَكَذَلِكَ مأْجوج؛ قَالَ: وَهَذَا لَوْ كَانَ الِاسْمَانِ عَرَبِيَّيْنِ، لَكَانَ هَذَا اشتقاقَهما، فأَمَّا الأَعْجَمِيَّةُ فَلَا تُشْتَقُّ مِنَ الْعَرَبِيَّةِ؛ وَمَنْ لَمْ يَهْمِزْ، وَجَعَلَ الأَلفين زَائِدَتَيْنِ يَقُولُ: يَاجُوجُ مِنْ يَجَجْتُ، وَمَاجُوجُ مِنْ مَجَجْتُ، وَهُمَا غَيْرُ مَصْرُوفَيْنِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
لَوْ أَنَّ يَاجُوجَ ومَاجوجَ مَعًا، ... وعَادَ عادٌ، واسْتَجاشُوا تُبَّعا
ويَأْجِجُ، بِالْكَسْرِ: مَوْضِعٌ؛ حَكَاهُ السِّيرَافِيُّ عَنْ أَصحاب الْحَدِيثِ، وَحَكَاهُ سِيبَوَيْهِ يَأْجَجُ، بِالْفَتْحِ، وَهُوَ الْقِيَاسُ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ.
أذج: أَبو عَمْرٍو: أَذَجَ إِذا أَكثر مِنَ الشَّرَابِ.
أذربج: أَذْرَبِيجَانُ: مَوْضِعٌ، أَعجمي معرَّب؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
تَذَكَّرْتُها وَهْناً، وَقَدْ حالَ دُونها، ... قُرَى أَذْرَبِيجانَ المَسَالِحُ وَالْحَالِي «1»
وَجَعَلَهُ ابْنُ جِنِّي مُرَكَّبًا، قَالَ: هَذَا اسْمٌ فِيهِ خَمْسَةُ مَوَانِعَ مِنَ الصَّرْفِ، وَهِيَ التَّعْرِيفُ والتأْنيث وَالْعُجْمَةُ والتركيب والأَلف والنون.
أرج: الأَرَجُ: نَفْحَةُ الريحِ الطَّيِّبَةِ. ابْنُ سِيدَهْ: الأَرِيجُ والأَرِيجةُ: الريحُ الطَّيِّبَةُ، وَجَمْعُهَا الأَرائِجُ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
كأَنَّ رِيحاً مِنْ خُزَامَى عالِجِ، ... أَو رِيحَ مِسْكٍ طَيِّبِ الأَرائِجِ
وأَرِجَ الطِّيبُ، بِالْكَسْرِ، يَأْرَجُ أَرَجاً، فَهُوَ أَرِجٌ: فاحَ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
كَأَنَّ عَلَيْهَا بَالَةً لَطَمِيَّةً، ... لَهَا، مِنْ خِلالِ الدَّأْيَتَيْنِ، أَرِيجُ
وَيُقَالُ: أَرِجَ البيتُ يَأْرَجُ، فَهُوَ أَرِجٌ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ. والأَرَجُ والأَريجُ: تَوَهُّجُ رِيحِ الطِّيبِ. والتَّأْريجُ:
__________
(1).
قوله [والحالي] كذا بالأَصل بالحاء المهملة وبعد اللام ياء تحتية بوزن عالي، ومثله في مادة سلح؛ وذكر البيت هناك وفسر المسالح بالمواضع المخوفة. وحذا حذوه شارح القاموس في الموضعين، لكن ذكر ياقوت في معجم البلدان عند ذكر أَذربيجان هذا البيت وفيه: والجال، بالجيم بوزن المال بدل الحالي، وقال عند ذكر الجال، باللام، موضع بأذربيجان.

(2/207)


شِبْهُ التَّأْرِيشِ فِي الْحَرْبِ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
إِنَّا إِذا مُذْكي الحُرُوبِ أَرَّجَا
وأَرَّجْتُ بَيْنَ الْقَوْمِ تأْرِيجاً إِذا أَغريت بَيْنَهُمْ. وهَيَّجْتَ مِثْلُ أَرَّشْتَ؛ قَالَ أَبو سَعِيدٍ: وَمِنْهُ سُمِّيَ المُؤَرِّجُ الذُّهْلِيُّ جَدُّ المُؤَرِّج الرَّاوِيَةِ، وَذَلِكَ أَنه أَرَّجَ الْحَرْبَ بَيْنَ بَكْرٍ وَتَغْلِبَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لمَّا جاءَ نَعِيُّ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، إِلى الْمَدَائِنِ أَرِجَ النَّاسُ
أَي ضَجُّوا بِالْبُكَاءِ؛ قَالَ: وَهُوَ مِنْ أَرِجَ الطيبُ إِذا فَاحَ. وأَرَّجْتُ الحربَ إِذا أَثَرْتَها. والأَرَجَانُ: الإِغْراءُ بَينَ النَّاسِ؛ وَقَدْ أَرَّجَ بَيْنَهُمْ. وأَرَّجَ بالسَّبُعِ كَهَرَّجَ: إِما أَن تَكُونَ لُغَةً، وإِما أَن تَكُونَ بَدَلًا. وأَرَجَ الحَقَّ بِالْبَاطِلِ يَأْرِجُه أَرْجاً: خَلَطه. وَرَجُلٌ أَرَّاجٌ ومِئْرَجٌ. وأَرَّجَ النارَ وأَرَّثَها: أَوْقَدَها، مُشَدَّدٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والتَّأْرِيجُ والإِرَاجَةُ: شيءٌ مِنْ كُتُبِ أَصحاب الدَّوَاوِينِ. التَّهْذِيبُ: والأَوَارِجَةُ مِنْ كُتُب أَصحاب الدَّوَاوِينِ فِي الخَرَاج وَنَحْوِهِ؛ وَيُقَالُ: هَذَا كتابُ التَّأْرِيج. ورَوَّجْتُ الأَمرَ فَرَاجَ يَرُوجُ رَوْجاً إِذا أَرَّجْتَه. وأَرَّجانُ: موضعٌ؛ حَكَاهُ الْفَارِسِيُّ وأَنشد:
أَرادَ اللهُ أَن يُخْزِي بُجَيْراً، ... فسَلَّطَني عَلَيْهِ بأَرَّجانِ
وَقِيلَ: هُوَ بَلَدٌ بِفَارِسَ، وَخَفَّفَهُ بَعْضُ متأَخري الشُّعَرَاءِ فأَقْدَم عَلَى ذَلِكَ لعُجْمته. والأَيارِجَةُ: دَوَاءٌ، وَهُوَ معرَّب.
أزج: الأَزَجُ: بيْتٌ يُبْنى طُولًا، وَيُقَالُ لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ أَوستان. والتَّأْزِيجُ: الفِعْلُ، وَالْجَمْعُ آزُجٌ وآزاجٌ؛ قَالَ الأَعشى:
بَنَاهُ سليمانُ بنُ داودَ حِقْبَةً، ... لَهُ أَزَجٌ صَمٌّ، وطِيءٌ، مُوَثَّقُ
والأُزُوجُ: سُرْعَةُ الشّدِّ. وَفَرَسٌ أَزُوجٌ. وأَزَجَ فِي مِشْيَتِهِ يَأْزِجُ أُزُوجاً «1»: أَسرع؛ قَالَ:
فَزَجَّ رَبْدَاءَ جَوَاداً تَأْزِجُ، ... فَسَقَطَتْ، مِن خَلْفِهِنَّ، تَنْشِجُ
وأَزِجَ وأَزَجَ العُشْبُ: طالَ.
أسبرج: فِي الْحَدِيثِ:
مَن لَعِبَ بالإِسْبِرَنْجِ والنَّرْدِ فَقَد غَمَسَ يَدَه فِي دَمِ خِنْزِيرٍ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير فِي النِّهَايَةِ: هُوَ اسْمُ الْفَرَسِ الَّتِي فِي الشِّطْرَنْجِ، واللغة فارسية معرّبة.
أشج: الأُشَّجُ: دَوَاءٌ وَهُوَ أَكثر اسْتِعْمَالًا مِنَ الأُشَّقِ.
أمج: الأَمَجُ: حَرٌّ وعَطَشٌ؛ يُقَالُ: صَيْفٌ أَمَجٌ أَي شَدِيدُ الحرِّ؛ وَقِيلَ: الأَمَجُ شدَّة الْحَرِّ وَالْعَطَشِ والأَخذ بِالنَّفَسِ. الأَصمعي: الأَمَجُ تَهَوُّجُ الحرِّ؛ وأَنشد لِلْعَجَّاجِ:
حَتى إِذا مَا الصَّيْفُ كَانَ أَمَجَا، ... وفَرَغَا مِنْ رَعْيِ مَا تَلَزَّجَا
وأَمِجَتِ الإِبلُ «2» تَأْمَجُ أَمَجاً إِذا اشْتَدَّ بِهَا حَرٌّ أَو عَطَشٌ. أَبو عَمْرٍو: وأَمَجَ إِذا سَارَ سَيْرًا شَدِيدًا، بِالتَّخْفِيفِ. وأَمَجُ: موضعٌ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: حَتَّى إِذا كَانَ بالكَديدِ ماءٌ بَيْنَ عُسْفانَ وأَمَج.
أَمَج، بِفُتْحَتَيْنِ وَجِيمٍ: مَوْضِعٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ؛ وأَنشد
__________
(1).
قوله [وأزج يأزج] كذا بضبط الأَصل من باب ضرب. وفي القاموس: وأزجه تأزيجاً بناه وطوّله كنصر وفرح.
(2).
قوله [وأَمجت الإِبل] من باب فرح، وقوله: [وأمج إِذا سار] بابه ضرب كما في القاموس.

(2/208)


أَبو الْعَبَّاسِ الْمُبَرِّدُ:
حُمَيْدُ الَّذِي أَمَجٌ دارُه، ... أَخو الخَمْر، ذُو الشَّيْبَةِ الأَصْلَعُ
أنبج: فِي الْحَدِيثِ:
ايْتُونِي بأَنْبِجانِيَّة أَبي جَهْم
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: قِيلَ هِيَ مَنْسُوبَةٌ إِلى مَنْبِجَ، الْمَدِينَةِ الْمَعْرُوفَةِ؛ وَقِيلَ: إِنها مَنْسُوبَةٌ إِلى مَوْضِعٍ اسْمُهُ أَنْبِجانُ، وَهُوَ أَشبه، لأَنَّ الأَول فِيهِ تَعَسُّفٌ، قَالَ: وَالْهَمْزَةُ فِيهَا زَائِدَةٌ، وسيأْتي ذِكْرُ ذَلِكَ مُسْتَوْفًى فِي تَرْجَمَةِ نَبَجَ، إِن شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

فصل الباء
باج: الباجُ: التُّبَّانُ. والناسُ باجٌ وَاحِدٌ أَي شيءٌ وَاحِدٌ. وجَعَلَ الكلامَ بَاجًا وَاحِدًا أَي وَجْهاً وَاحِدًا. ابْنُ الأَعرابي: الباجُ، يُهْمَزُ وَلَا يُهْمَزُ، وَهُوَ الطَّرِيقَةُ مِنَ المَحاجِّ الْمُسْتَوِيَةِ، وَمِنْهُ قَوْلُ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لأَجْعَلَنَّ النَّاسَ بَاجاً وَاحِدًا
أَي طَرِيقَةً وَاحِدَةً فِي الْعَطَاءِ، ويُجْمَعُ باجٌ عَلَى أَبْواجٍ. ابْنُ السِّكِّيتِ: اجْعَلْ هَذَا الشَّيْءَ بَاجًا وَاحِدًا؛ قَالَ: وَيُقَالُ أَول مَنْ تَكَلَّمَ بِهِ عُثْمَانُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَي طَرِيقَةً وَاحِدَةً؛ قَالَ: وَمِثْلُهُ الْجَاشُ وَالْفَاسُ وَالْكَاسُ وَالرَّاسُ. الْجَوْهَرِيُّ: قَوْلُهُمُ اجعلْ الْبَاجَاتِ بَاجًا وَاحِدًا أَي ضَرْبًا وَاحِدًا وَلَوْنًا وَاحِدًا، وَهُوَ معرَّب وأَصله بِالْفَارِسِيَّةِ بَاهَا أَي أَلوان الأَطعمة.
بجج: بَجَّ الجُرْحَ والقُرْحَة يَبُجُّها بَجًّا: شَقَّها؛ قَالَ جُبَيْهَا الأَشجعيُّ فِي عنزٍ لَهُ مَنَحَهَا لِرَجُلٍ وَلَمْ يَرُدَّهَا:
فجاءَتْ، كأَنَّ القَسْوَرَ الجَوْنَ بَجَّها ... عَسالِيجُه، والثَّامِرُ المُتَناوِحُ
وكلُّ شَقٍّ بَجٌّ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
بَجَّ المَزاد مُوكَراً مَوْفُورا
وَيُقَالُ: انْبَجَّتْ ماشيتُكَ مِنَ الكَلإِ إِذا فَتَقَهَا السِّمَنُ مِنَ العُشْبِ، فأَوْسَعَ خَوَاصِرَهَا؛ وَقَدْ بَجَّها الكَلأُ؛ وأَنشد بَيْتَ جُبَيْهَا الأَشجعيّ، وَهَذَا الْبَيْتُ أَورده الْجَوْهَرِيُّ: فجاءَت؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَصَوَابُهُ لجاءَت، قَالَ: وَاللَّامُ فِيهِ جوابُ لَوْ فِي بَيْتٍ قَبْلَهُ وَهُوَ:
فَلَوْ أَنها طافتْ بنَبْتٍ مُشَرْشَرٍ، ... نَفَى الدِّقَّ عَنْهُ جَدْبُه، فَهُوَ كالِحُ
قَالَ: والقَسْوَرُ ضَرْبٌ مِنَ النَّبْتِ، وَكَذَلِكَ الثَّامِرُ. وَالْكَالِحُ: مَا اسْوَدَّ مِنْهُ. وَالْمُتَنَاوِحُ: الْمُتَقَابِلُ. يَقُولُ: لَوْ رَعَتْ هَذِهِ الشَّاةُ نَبْتًا أَيبسه الجدبُ قَدْ ذَهَبَ دِقُّه، وَهُوَ الَّذِي تَنْتَفِعُ بِهِ الرَّاعِيَةُ، لجاءَت كأَنها قَدْ رَعَتْ قَسْوَراً شَدِيدَ الخُضْرَةِ، فَسَمِنَتْ عَلَيْهِ حَتَّى شَقَّ الشحمُ جِلْدَها؛ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُكَرَّمِ: ورأَيت بِخَطِّ الشَّيْخِ الْفَاضِلِ رَضِيُّ الدِّينِ الشَّاطِبِيُّ، صَاحِبُنَا، رَحِمَهُ اللَّهُ، مَا صُورَتُهُ: قَالَ أَبو الْحَسَنِ بْنُ سِيدَهْ أَخبرنا أَبو العلاءِ أَن الرِّقَّ ورَقُ الشَّجَرِ؛ وأَنشد بَيْتَ جُبَيْهَا الأَشجعي:
فَلَو أَنها قامَتْ بطُنْبٍ مُعَجَّمٍ، ... نَفى الجدبُ عَنْهُ رِقَّهُ، فَهُوَ كَالِحُ
قَالَ: هَكَذَا أَنشدنَاه رِقَّه، وَلَيْسَ مِنْ لَفْظِ الوَرَق، إِنما هُوَ فِي مَعْنَاهُ. والطُّنْبُ: الْعُودُ الْيَابِسُ. قَالَ: وَفِي الْجَمْهَرَةِ لِابْنِ دُرَيْدٍ: دِقُّ كلِّ شيءٍ دُونَ جِلِّه، وَهُوَ صِغارُه ورَدِيُّه. ودِقُّ الشَّجَرِ: حشيشُه، وَقَالُوا: دِقُّه صغارُ وَرَقِه، وأَنشدوا بَيْتَ جُبَيْهَا:
نَفَى الدِّقَّ عَنْهُ جَدْبُه، فهو كالح
والبَجُّ: الطعنُ يُخَالِطُ الْجَوْفَ وَلَا يَنْفُذُ؛ يُقَالُ:

(2/209)


بَجَجْتُه أَبُجُّهُ بَجّاً أَي طَعَنْتُهُ؛ وأَنشد الأَصمعي لرؤْبة:
قَفْخاً، عَلَى الهامِ، وبَجّاً وَخْضا
ابْنُ سِيدَهْ: بَجَّه بَجّاً طَعَنَهُ؛ وَقِيلَ طَعَنَهُ فَخَالَطَتِ الطعنةُ جوفَه. وبَجَّه بَجّاً: قَطَعَهُ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ، وأَنشد:
بَجَّ الطبيبُ نائطَ المَصْفُور
وَقَوْلُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
إِن اللَّهَ قَدْ أَراحكم مِنَ الشَّجَّة والبَجَّة
؛ قِيلَ فِي تَفْسِيرِهِ: البَجَّةُ الفَصِيد الَّذِي كَانَتِ الْعَرَبُ تأْكُلُهُ فِي الأَزْمَةِ، وَهُوَ مِنْ هَذَا، لأَن الفاصدَ يَشُقُّ العِرْقَ؛ وَفَسَّرَهُ ابْنُ الأَثير فَقَالَ: البَجُّ الطَّعْنُ غير النافذ، كانوا يَفْصِدُونَ عِرق الْبَعِيرِ ويأْخذون الدَّمَ، يتبلَّغون بِهِ فِي السَّنَةِ الْمُجْدِبَةِ، وَيُسَمُّونَهُ الْفَصِيدُ، سُمِّيَ بِالْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ مِنَ البَجِّ؛ أَي أَراحكم اللَّهُ مِنَ الْقَحْطِ وَالضِّيقِ بِمَا فَتَحَ عَلَيْكُمْ مِنَ الإِسلام. وبَجَّه بِالْعَصَا وَغَيْرِهَا بَجّاً: ضَرَبَهُ بِهَا عَنْ عِراضٍ «3»، حَيْثُمَا أَصابت مِنْهُ. وبَجَّهُ بِمَكْرُوهٍ وَشَرٍّ وَبَلَاءٍ: رَمَاهُ بِهِ. والبَجَجُ: سَعَةُ الْعَيْنِ وضَخْمُها. بَجَّ يَبَجُّ بَجَجاً، وَهُوَ بَجِيجٌ، والأُنثى بَجَّاءُ. وفلانٌ أَبَجُّ الْعَيْنِ إِذا كَانَ واسعَ مَشَقِّ الْعَيْنِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
ومُخْتَلَقٍ لِلْمُلكِ أَبْيَضَ فَدْغَمٍ، ... أَشَمَّ أَبَجَّ العَين، كالقَمَرِ البَدْرِ
وعينٌ بَجَّاءُ: واسعةٌ. والبُجُّ: فَرخُ الْحَمَامِ كالمُجِّ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: زَعَمُوا ذَلِكَ؛ قَالَ: وَلَا أَدري مَا صِحَّتُهَا. والبَجَّةُ: صَنَمٌ كَانَ يُعبد مِنْ دُونِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَبِهِ فَسَّرَ بَعْضُهُمْ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
إِنَّ اللهَ قَدْ أَراحَكمْ مِنَ الشَّجَّةِ والبَجَّة.
وَرَجُلٌ بَجْباجٌ وبَجْباجَةٌ: بادِنٌ مُمْتَلِئٌ مُنْتَفِخٌ؛ وَقِيلَ: كَثِيرُ اللَّحْمِ غَلِيظُهُ. وجاريةٌ بَجْباجَةٌ: سَمِينَةٌ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
دارٌ لبَيْضاءَ حَصانِ السِّترِ، ... بَجْباجَةِ البَدْنِ، هَضِيمِ الخَصْرِ
قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: إِذا كَانَ الرَّجُلُ سَمِينًا ثُمَّ اضْطَرَبَ لَحْمُهُ، قِيلَ: رجلٌ بَجْباجٌ وبَجْباجَةٌ؛ قَالَ نَقَّادَةُ الأَسدي:
حَتَّى تَرى البَجْباجَةَ الضَّيَّاطا، ... يَمْسَحُ، لمَّا حالَفَ الإِغْباطا،
بالحَرْفِ مِنْ ساعِدِه، المُخاطا
الإِغباط: مُلَازَمَةُ الْغَبِيطِ وَهُوَ الرَّحْل. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: البَجْباجُ الضَّخْمُ؛ وأَنشد الرَّاعِي:
كأَنَّ مِنْطَقَها لِيثَتْ مَعاقِدُهُ ... بِواضِحٍ، مِنْ ذُرى الأَنْقاءِ، بَجْباجِ
مِنْطَقُها: إِزارها؛ يَقُولُ: كأَن إِزارها دِيرَ عَلَى نَقا رَمْلٍ، وَهُوَ الْكَثِيبُ. وَرَمْلٌ بَجْباجٌ: مجتمعٌ ضَخْمٌ. وَقَالَ الْمُفَضَّلُ: بِرْذَوْنٌ بَجْباجٌ ضعيفٌ سريعُ العَرَق؛ وأَنشد:
فَلَيْسَ بِالْكَابِي وَلَا البَجْباجِ
ابْنُ الأَعرابي: البُجُجُ الزِّقاق المُشَقَّقَة.
__________
(3).
قوله [عن عراض] بكسر العين جمع عرض، بضمها، أَي ناحية. قال في القاموس: ويضربون الناس عن عرض، لَا يُبَالُونَ مَنْ ضَرَبُوا.

(2/210)


أَبو عَمْرٍو: حَبْلٌ جُباجِبٌ بُجابِجٌ: ضَخْمٌ. والبَجْبَجَةُ: شيءٌ يَفْعَلُهُ الإِنسان عِنْدَ مُنَاغَاةِ الصَّبِيِّ بِالْفَمِ. وَفِي حَدِيثِ
عُثْمَانَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَن هَذَا البَجْباجَ النَّفَّاج لَا يَدْرِي أَيْنَ اللهُ، عَزَّ وَجَلَّ
؛ مِنَ البَجْبَجَةِ الَّتِي تُفْعَل عِنْدَ مُناغاة الصَّبِيِّ. وبَجْباجٌ فَجْفاجٌ: كَثِيرُ الْكَلَامِ. والبَجْباجُ: الأَحمقُ. والنَّفَّاج: المتكبر.
بحزج: البَحْزَجُ: الجُوذَرُ «1»؛ وَقِيلَ: البَحْزَجُ وَلَدُ الْبَقَرَةِ الْوَحْشِيَّةِ؛ قَالَ رؤْبة:
بِفاحِمٍ وَحْفٍ، وعَيْنَيْ بَحْزَجِ
والأُنثى بَحْزَجَةٌ. والمُبَحْزَجُ: الماءُ المسَخَّنُ؛ قَالَ الشَّمَّاخُ يَصِفُ حِمَارًا:
كأَنَّ، عَلَى أَكْسائِها مِنْ لُغامِهِ، ... وخِيفَةَ خِطْمِيٍّ بماءٍ مُبَحْزَجِ
التَّهْذِيبُ: المُبَحْزَجُ الماءُ المُغْلَى، النِّهاية فِي الحَرارَة. والسَّخيمُ: الماءُ الَّذِي لَا حارٌّ وَلَا باردٌ. قَالَ: والمُبَحْزَجُ الماءُ الْحَارُّ، ورأَيت فِي حَوَاشِي بَعْضِ نُسَخِ الصِّحَاحِ: البَحْزَج، مِنَ النَّاسِ، الْقَصِيرُ الْعَظِيمُ الْبَطْنِ، وَاللَّهُ أَعلم.
بختج: فِي حَدِيثِ
النَّخَعِيِّ: أُهْدِيَ إِليه بُخْتُجٌ، فَكَانَ يَشْرَبُهُ مَعَ العَكَرِ.
البُخْتُجُ: الْعَصِيرُ الْمَطْبُوخُ، وأَصله بِالْفَارِسِيَّةِ مِيبُخْتَه أَي عَصِيرٌ مَطْبُوخٌ، وإِنما شَرِبَهُ مَعَ العَكَرِ خيفةَ أَن يُصَفِّيَهُ فيَشْتَدَّ ويُسْكِرَ.
بخدج: اسم شاعر.
بدج: فِي حَدِيثِ
ابْنِ الزُّبَيْرِ: أَنه حَمَلَ يَوْمَ الخَنْدَقِ عَلَى نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بِالسَّيْفِ حَتَّى قَطْعَ أُبْدُوجَ سَرْجه
، يَعْنِي لِبْدَهُ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: قَالَ الْخَطَّابِيُّ هَكَذَا فَسَّرَهُ أَحد رُوَاتِهِ، قَالَ: وَلَسْتُ أَدْري مَا صحته.
بذج: البَذَجُ: الحَمَلُ؛ وَقِيلَ: هُوَ أَضعَف مَا يَكُونُ مِنَ الحُمْلان، وَالْجَمْعُ بِذْجانٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
يُؤْتَى بِابْنِ آدمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كأَنه بَذَجٌ مِنَ الذُّلِ
؛ الْفَرَّاءُ: البَذَجُ مِنْ أَولاد الضأْنِ، بِمَنْزِلَةِ العَتُودِ مِنْ أَولاد الْمَعِزِ؛ وأَنشد لأَبي مُحْرِزٍ الْمُحَارِبِيِّ، وَاسْمُهُ عُبَيْدٌ:
قَدْ هَلَكَتْ جارَتُنا مِنَ الهَمَجْ، ... وإِنْ تَجُعْ تأْكُلْ عَتُوداً أَو بَذَجْ
قَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: الهَمَجُ هُنَا الجُوعُ؛ قَالَ: وَبِهِ سُمِّي البَعُوض لأَنه إِذا جَاعَ عَاشَ، وإِذا شبع مات.
بذرج: الباذَرُوج: نَبْتٌ طَيِّبُ الريح.
بذنج: الباذَنْجَانُ: اسْمٌ فَارِسِيٌّ، وَهُوَ عِنْدَ الْعَرَبِ كَثِيرٌ.
برج: البَرَجُ: تباعدُ مَا بَيْنَ الْحَاجِبَيْنِ، وكلُّ ظَاهِرٍ مُرْتَفِعٍ فَقَدْ بَرَجَ، وإِنما قِيلَ للبُروج بُروج لِظُهُورِهَا وَبَيَانِهَا وَارْتِفَاعِهَا. والبَرَجُ: نَجَلُ الْعَيْنِ، وَهُوَ سَعَتُها، وَقِيلَ: البَرَجُ سَعَةُ الْعَيْنِ فِي شِدَّةِ بَيَاضِ صَاحِبِهَا، ابْنُ سِيدَهْ: البَرَجُ سَعَةُ الْعَيْنِ، وَقِيلَ: سَعَةُ بَيَاضِ الْعَيْنِ وعِظَمُ المُقْلَةِ وحُسْنُ الحَدَقَة، وَقِيلَ: هُوَ نَقَاءُ بَيَاضِهَا وَصَفَاءُ سَوَادِهَا، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَكُونَ بَيَاضُ الْعَيْنِ مُحدِقاً بِالسَّوَادِ كُلِّهِ، لَا يَغِيبُ مِنْ سَوَادِهَا شَيْءٌ. بَرِجَ بَرَجاً، وَهُوَ أَبْرَجُ، وعينٌ بَرْجَاءُ، وَفِي صِفَةِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ:
أَدْلَمُ أَبْرَجُ
، هُوَ مِنْ ذَلِكَ. وامرأَة بَرْجاءُ: بَيِّنَةُ الْبَرَجِ، ومنه
__________
(1).
قوله [البحزج الجوذر وقيل إلخ] انظره فإن صنيعه يقتضي أَن ولد البقرة الوحشية غير الجوذر مع أَنه هو بجميع لغاته المذكورة في مادة جذر، ولم نجد للجوذر معنى غيره.

(2/211)


قِيلَ: ثَوْبٌ مُبَرَّجٌ للمُعَيَّنِ مِنَ الحُلَلِ. والتَّبَرُّج: إِظهار المرأَة زينتَها ومحاسنَها لِلرِّجَالِ. وتَبَرَّجَتِ المرأَةُ: أَظهرت وَجْهَها. وإِذا أَبدت المرأَة مَحَاسِنَ جِيدِهَا وَوَجْهِهَا، قِيلَ: تَبَرَّجَتْ، وَتَرَى مَعَ ذَلِكَ فِي عَيْنَيْهَا حُسْنَ نَظَرٍ، كَقَوْلِ ابْنِ عُرْسٍ فِي الْجُنَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَهْجُوهُ:
يُبْغَضُ مِنْ عَيْنَيْكَ تَبْرِيجُهَا، ... وصُورةٌ فِي جَسَدٍ فاسدٍ
وَقَالَ أَبو إِسحاق فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ
، التَّبرُّجُ: إِظهار الزِّينَةِ وَمَا يُسْتَدعَى بِهِ شَهْوَةُ الرَّجُلِ، وَقِيلَ: إِنهن كنَّ يَتَكَسَّرْنَ فِي مَشْيِهِنَّ وَيَتَبَخْتَرْنَ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى
، ذَلِكَ فِي زَمَنٍ وُلِدَ فِيهِ إِبراهيم النَّبِيُّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، كَانَتِ المرأَة إِذ ذَاكَ تَلْبَسُ الدِّرْعَ مِنَ اللُّؤْلُؤِ غَيْرَ مَخِيطِ الْجَانِبَيْنِ، وَيُقَالُ: كَانَتْ تَلْبَسُ الثِّيَابَ سِلَعَ الْمَالِ «1» لَا تُوَارِي جَسَدَهَا فأُمرن أَن لَا يَفْعَلْنَ ذَلِكَ، وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ يَكْرَهُ عَشْرَ خِلَالٍ، مِنْهَا التَّبَرُّجُ بِالزِّينَةِ لِغَيْرِ مَحَلِّهَا
، والتَّبَرُّجُ: إِظهار الزِّينَةِ لِلنَّاسِ الأَجانب، وَهُوَ الْمَذْمُومُ، فأَما لِلزَّوْجِ فَلَا، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ لِغَيْرِ مَحَلِّهَا. وتَباريجُ النَّبَاتِ: أَزاهيره. والبُرْجُ: وَاحِدٌ مِنْ بُرُوجِ الفَلَك، وَهِيَ اثْنَا عَشَرَ بُرْجًا، كُلُّ بُرْجٍ مِنْهَا مَنْزِلَتَانِ، وثُلُثٌ مَنزلٌ لِلْقَمَرِ، وَثَلَاثُونَ دَرَجَةً لِلشَّمْسِ، إِذا غَابَ مِنْهَا سِتَّةٌ طَلَعَ سِتَّةٌ، وَلِكُلِّ بُرْجٍ اسْمٌ عَلَى حِدَةٍ، فأَوَّلها الحَمَلُ، وأَوَّلُ الحَمَلِ الشَّرَطانِ، وَهُمَا قَرْنَا الْحَمَلِ كَوْكَبَانِ أَبيضان إِلى جَنْبِ السَّمكة، وَخَلْفَ الشَّرَطَيْنِ البُطَيْنُ، وَهِيَ ثَلَاثَةُ كَوَاكِبَ، فَهَذَانِ مَنْزِلَانِ وَثُلُثٌ لِلثُّرَيَّا مِنْ بُرْجِ الْحَمَلِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُكَرَّمِ: قولُه كلُّ بُرْجٍ مِنْهَا مَنْزِلَتَانِ وثُلُثٌ مَنزلٌ لِلْقَمَرِ وَثَلَاثُونَ دَرَجَةً لِلشَّمْسِ كلامٌ صَحِيحٌ، لَكِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ، وَكَانَ حَقُّهُ أَن يَقُولَ: كلُّ بُرْج مِنْهَا مَنْزِلَانِ، وثلثٌ منزلٌ لِلشَّمْسِ وَالْقَمَرِ، وَثَلَاثُونَ دَرَجَةً لَهُمَا. وَقَوْلُهُ أَيضاً: وأَولُ الحَمَلِ الشَّرَطانِ وَهُمَا قَرْنَا الْحَمَلِ، إِلى وَثُلُثٌ لِلثُّرَيَّا مِنْ بُرْجِ الْحَمَلِ، قَدِ انْتُقِضَ عَلَيْهِ الْآنَ، فإِن أَوَّلَ دَقِيقَةٍ، فِي بُرْجِ الْحَمَلِ الْيَوْمَ، بعضُ الرِّشاءِ والشَرَطَيْنِ وبعضُ البُطَيْنِ، واللَّه أَعلم. والجمْع أَبراجٌ وبروجٌ، وَكَذَلِكَ بُرُوجُ الْمَدِينَةِ وَالْقَصْرِ، وَالْوَاحِدُ كَالْوَاحِدِ، وَقَالَ أَبو إِسحاق فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ
، قِيلَ: ذَاتُ الْكَوَاكِبِ، وَقِيلَ: ذَاتُ الْقُصُورِ فِي السَّمَاءِ. الْفَرَّاءُ: اخْتَلَفُوا فِي الْبُرُوجِ، فَقَالُوا: هِيَ النُّجُومُ، وَقَالُوا: هِيَ الْبُرُوجُ الْمَعْرُوفَةُ اثْنَا عَشَرَ بُرْجًا، وَقَالُوا: هِيَ الْقُصُورُ فِي السَّمَاءِ، واللَّه أَعلم بِمَا أَراد. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ
، البروجُ هَاهُنَا: الحصونُ، وَاحِدُهَا بُرْجٌ. اللَّيْثُ: بروجُ سورِ الْمَدِينَةِ والحصنِ: بيوتٌ تُبنى عَلَى السُّورِ، وَقَدْ تُسَمَّى بُيُوتٌ تُبْنَى عَلَى نَوَاحِي أَركان الْقَصْرِ بُرُوجًا. الْجَوْهَرِيُّ: بُرْجُ الحِصْن رُكْنُهُ، وَالْجَمْعُ بُرُوجٌ وأَبراج، وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ: جَعَلْنا فِي السَّماءِ بُرُوجاً
، قَالَ: الْبُرُوجُ الْكَوَاكِبُ الْعِظَامُ. وثوبٌ مُبَرَّجٌ: فِيهِ صُوَرُ الْبُرُوجِ، وَفِي التَّهْذِيبِ: قَدْ صُوِّر فِيهِ تَصَاوِيرُ كَبُرُوجِ السُّور، قَالَ الْعَجَّاجُ:
وَقَدْ لَبِسْنا وَشْيَهُ المُبَرَّجا
وَقَالَ:
كأَنَّ بُرْجاً فَوْقَها مُبَرَّجا
شَبَّه سَنامها ببرج السور.
__________
(1). 1
قوله" سلع المال" هكذا بالأصل الذي بأيدينا.

(2/212)


ابْنُ الأَعرابي: بَرِجَ أَمْرُه إِذا اتَّسَعَ أَمره فِي الأَكل وَالشُّرْبِ. والبُرْجانُ، مِنَ الْحِسَابِ: أَن يُقَالَ: مَا مبلغُ كَذَا أَو مَا جَذْرُ كَذَا اللَّيْثُ: حِسَابُ البُرْجان هُوَ كَقَوْلِكَ مَا جُذَاءُ كَذَا فِي كَذَا وَمَا جَذْرُ كَذَا وَكَذَا فَجُذَاؤُه مَبْلَغُه، وجَذْرُه أَصلُه الَّذِي يُضْرَبُ بعضُه فِي بَعْضٍ، وجُمْلَتُه البُرْجانُ. يُقَالُ: مَا جَذْرُ مِائَةٍ فَيُقَالُ عشرةٌ، وَيُقَالُ: مَا جُذَاءُ عشرةٍ فَيُقَالُ: مائةٌ. ابْنُ الأَعرابي: أَبْرَجَ الرجلُ إِذا جَاءَ بِبَنِينَ مِلَاحٍ. والبارجُ: الملَّاحُ الفَارِه. الأَصمعي: البَوَارِجُ السُّفُنُ الكبارُ، وَاحِدَتُهَا بارجةٌ، وهي الفلابس «1» وَالْخَلَايَا. والبارجَةُ: سَفِينَةٌ مِنْ سُفُنِ الْبَحْرِ تُتخذ لِلْقِتَالِ. والإِبْريجُ: المِمْخَضَةُ، قَالَ الشَّاعِرُ:
لَقَدْ تَمَخَّضَ فِي قَلْبي مَوَدَّتُها، ... كَمَا تَمَخَّضَ فِي إِبْريجِهِ اللَّبَنُ
الْهَاءُ فِي إِبرِيجِهِ تَرْجِعُ إِلى اللَّبَنِ. وَمَا فلانٌ إِلا بارجةٌ قَدْ جُمِع فِيهِ الشَّرُّ. وبُرْجانُ: جنْسٌ مِنَ الرُّومِ يُسَمَّوْنَ كَذَلِكَ، قَالَ الأَعشى:
وهِرَقْلٌ، يومَ ذِي ساتِيدَمَا، ... مِن بَني بُرْجانَ فِي البأْسِ، رُجُحْ
يَقُولُ: هُمْ رُجُحٌ عَلَى بَني بُرْجانَ أَي هُمْ أَرجح فِي الْقِتَالِ وَشِدَّةِ البأْس مِنْهُمْ. وبُرْجانُ: اسْمُ لِصٍّ، يُقَالُ: أَسْرَقُ مِنْ بُرْجانَ. وبُرْجانُ: اسْمٌ أَعجمي. والبُرْجُ: اسْمُ شَاعِرٍ «2» وبُرْجَةُ: فَرَسُ سِنان بْنِ أَبي سِنان، واللَّه أَعلم.
برثج: البُرْثُجانِيَّة: أَشدُّ الْقَمْحِ بَيَاضًا وأَطيبه وأَثمنه حِنْطَةً.
بردج: أَنشد ابْنُ السِّكِّيتِ يَصِفُ الظَّلِيمَ:
كَمَا رأَيتَ فِي المِلاءِ البَرْدَجا
قَالَ: البَرْدَجُ السَّبْيُ، معرَّب، وأَصله بِالْفَارِسِيَّةِ بَرْدَهْ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ أَن يَقُولَ يَصِفُ الْبَقَرَ، وَقَبْلَهَ:
وَكُلُّ عَيْنَاءَ تُزَجِّي بَحْزَجا، ... كأَنه مُسَرْوَلٌ أَرَنْدَجا
قَالَ: العَيْناء الْبَقَرَةُ الْوَحْشِيَّةُ، والبَحْزَجُ: وَلَدُهَا. وتُزَجِّي: تَسُوقُ بِرِفْقٍ أَي تَرْفُقُ بِهِ لِيَتَعَلَّمَ الْمَشْيَ. والأَرَنْدَجُ: جِلْدٌ أَسود تُعمل مِنْهُ الأَخفافُ؛ وإِنما قَالَ ذَلِكَ لأَن بَقَرَ الْوَحْشِ فِي قَوَائِمِهَا سَوَادٌ. والمِلاءُ: المَلاحِفُ. والبَرْدَجُ: مَا سُبِيَ مِنْ ذَرَارِي الرُّوم وَغَيْرِهَا؛ شبَّه هَذِهِ الْبَقَرَ البيضَ المُسَرْوَلَةَ بِالسَّوَادِ بسَبْيِ الرُّوم، لبياضِهم وَلِبَاسِهِمُ الأَخفافَ السُّودَ.
برنج: البارَنْجُ: جَوْزُ الْهِنْدِ، وَهُوَ النَّارَجِيلُ؛ عَنْ أَبي حنيفة.
بزج: ابْنُ الأَعرابي: البَازجُ المُفاخِرُ. وَقَالَ أَعرابي لِرَجُلٍ: أَعْطِني مَالًا أُبازِجُ فِيهِ أَي أُفاخر بِهِ. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: هُوَ يَبْزُج على فلان
__________
(1). 1
قوله" الفلابس إلخ" هكذا في النسخة المعوّل عليها بأيدينا. وفي القاموس وشرحه: والبارجة سفينة كبيرة، وجمعها البوارج: وهي القراقير والخلايا، قاله الأصمعي انتهى. والقراقير جمع قرقور كعصفور: السفن الطوال أو العظام، وكذلك الخلايا.
(2). 1
قوله" اسم شاعر" هو ابن مسهر الشاعر الطائي انتهى. قاموس.

(2/213)


ويَمْزُجُه ويَمْرُكُه ويَزُكُّه أَي يُحَرِّشُه. وَهُمَا يَتَبازَجانِ ويَتَمازجانِ أَي يَتَفَاخرانِ؛ وأَنشد شَمِرٌ:
فإِن يَكنْ ثَوْبُ الصِّبَا تَضَرَّجا، ... فَقَدْ لَبِسْنَا وَشْيَه المُبَزَّجا
قَالَ ابْنُ الأَعرابي: المُبَزَّجُ المُحَسَّنُ المُزَيَّنُ، وَكَذَلِكَ قَالَ أَبو نَصْرٍ، وَقَالَ شَمِرٌ فِي كَلَامِهِ: أَتينا فُلَانًا فَجَعَلَ يَبْزُجُ فِي كلامه أَي يُحَسِّنُه.
بستج: التَّهْذِيبُ، أَبو مَالِكٍ، وَقَعَ فِي طَعامٍ بَسْتَجانٍ أَي كثير.
بعج: بَعَجَ بَطْنَه بِالسِّكِّينِ يَبْعَجُه بَعْجاً، فَهُوَ مَبْعُوجٌ وبَعِيجٌ، وبَعَّجه: شَقَّهُ فَزَالَ مَا فِيهِ مِنْ مَوْضِعِهِ وَبَدَا مُتَعَلِّقًا. وَفِي حَدِيثِ
أُمِّ سُليم: إِنْ دَنَا مِنِّي أَحدٌ أَبْعَجْ بَطْنَه بالخَنْجَرِ
أَي أَشُقُّ؛ قَالَ أَبو ذؤَيب:
فَذَلِكَ أَعْلَى مِنْكَ فَقْداً لأَنه ... كريمٌ، وَبَطْنِي بالكرامِ بَعِيجُ «3»
ورجلٌ بَعِيجٌ مِنْ قَوْمٍ بَعْجَى، والأَنثى بَعِيجٌ، بِغَيْرِ هَاءٍ، مِنْ نِسْوَةٍ بَعْجَى، وَقَدِ انْبَعَجَ هُوَ. وبطنٌ بَعِجٌ: مُنْبَعِجٌ؛ أُراه عَلَى النَّسَب. وامرأَة بعِيجٌ أَي بَعَجَتْ بطْنَها لِزَوْجِهَا ونَثَرَتْ. ورجلٌ بَعِجٌ: ضعيفٌ، كأَنه مَبْعُوجُ الْبَطْنِ مِن ضَعْف مَشْيه؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
لَيْلَةَ أَمْشي، علَى مُخاطَرَةٍ، ... مَشْياً رُويَداً، كَمِشيَةِ البَعِجِ
والانْبِعَاجُ: الِانْشِقَاقُ. وَتَقُولُ: بَعَجَهُ حُبُّ فُلَانٍ إِذَا اشتَدَّ وَجْدُهُ وحَزِنَ لَهُ. قَالَ الأَزهري: لَعَجَهُ حُبه أَصوبُ مِنْ بَعَجَهُ لأَن البَعْجَ الشَّقُّ. يُقَالُ: بَعَجَ بَطْنَه بِالسِّكِّينِ إِذا شَقَّهُ وخَضْخَضَهُ فِيهِ؛ قَالَ الهذلي:
كأَنَّ ظُباتِها عُقُرٌ بَعِيجُ
شَبَّه ظُباتِ النِّصال بِنَارِ جَمْرٍ سُخِىَ فَظَهَرَتْ حُمْرَتُه؛ يُقَالُ: اسْخُ النَّارَ أَي افْتَحْ عَيْنَهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذا رأَيتَ مكةَ قَدْ بُعِجَتْ كظَائمَ، وَسَاوَى بناؤُها رؤوسَ الْجِبَالِ، فاعْلَم أَنَّ الأَمْرَ قَدْ أَظَلَّكَ
؛ بُعِجَتْ أَي شُقَّت، وفُتِحت كظائمُها بَعْضُها فِي بَعْضٍ، واسْتُخْرِجَ مِنْهَا عُيُونُهَا. وبَعَجْتُ بَطْنِي لِفُلَانٍ: بَالَغْتُ فِي نَصِيحَتِهِ؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
بَعَجْتُ إِليه البَطْنَ حَتَّى انْتَصَحْتُه، ... وَمَا كلُّ مَنْ يُفْشَى إِليه بِناصِحِ
وَقِيلَ فِي قَوْلِ أَبي ذؤَيب:
وَبَطْنِي بِالْكِرَامِ بَعِيجُ
أَي نُصْحي لَهُمْ مَبْذُولٌ. وَفِي حَدِيثِ
عَمْرٍو وَوَصَفَ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ: إِن ابْنَ حَنْتَمَةَ بَعَجَتْ لَهُ الدُّنْيَا مِعَاها.
هَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ؛ أَراد أَنها كَشَفَتْ لَهُ عَمَّا كَانَ فِيهَا مِنَ الْكُنُوزِ والأَموال وَالْفَيْءِ، وَحَنْتَمَةُ أُمُّه. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فِي صِفَةِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: بَعَجَ الأَرضَ وبَجَعَها
أَي شقَّها وأَذلَّها؛ كَنَتْ بِهِ عَنْ فُتُوحِهِ. وتَبَعَّجَ السحابُ وانْبَعَجَ بِالْمَطَرِ: انْفَرَجَ عَنِ الوَدْقِ والوَبْلِ الشَّدِيدِ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
حَيْثُ اسْتَهَلَّ المُزْنُ أَو تَبَعَّجَا
وتَبَعَّجَتِ السماءُ بِالْمَطَرِ، كَذَلِكَ؛ وكلُّ مَا اتَّسَعَ فَقَدْ انْبَعَجَ.
__________
(3).
قوله [فَذَلِكَ أَعْلَى مِنْكَ فَقْدًا] كذا بالأصل وفي شرح القاموس قدراً.

(2/214)


وبَعَّجَ المطرُ تَبْعِيجاً فِي الأَرض: فَحَصَ الحجارةَ لشدَّة وَقْعِهِ. وباعِجَةُ الْوَادِي: حَيْثُ يَنْبَعِجُ فيَتَّسِع، والباعِجَة: أَرْضٌ سَهْلَةٌ تُنْبِتُ النَّصِيَّ؛ وَقِيلَ: الباعِجَةُ آخِرُ الرَّمْلِ، والسُّهولَةُ إِلى القُفِّ. والبَوَاعِجُ: أَماكِنُ فِي الرَّمل تَسْتَرِقُّ، فإِذا نَبَتَ فِيهَا النَّصِيُّ كَانَ أَرَقَّ لَهُ وأَطيبَ؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ فَرَسًا:
فأَنَى لَهُ بالصَّيْفِ ظِلٌّ باردٌ، ... ونَصِيُّ باعِجَةٍ ومَحْضٌ مُنْقَعُ
وَبَعَجَهُ الأَمْرُ: حَزَبَه. وباعِجَةُ القِرْدانِ: موضعٌ مَعْرُوفٌ؛ قَالَ أَوس بْنُ حَجَر:
وبَعْدَ لَيَالِينا بِنَعْفِ سُوَيْقَةٍ، ... فبَاعِجَةِ القِرْدانِ، فالمُتَثَلَّمِ
وبنُو بَعْجَةَ: بطنٌ. وابنُ باعِج: رجلٌ؛ قَالَ الرَّاعِي:
كَأَنَّ بَقَايَا الجَيْشِ، جَيْشِ ابنِ باعِجٍ، ... أَطافَ بِرُكْنٍ، مِنْ عَمايَة، فاخِرِ
وباعِجَةُ: اسْمُ مَوْضِعٍ. وَيُقَالُ: بَعَجْتُ هَذِهِ الأَرض عَذاةً طيبةَ الأَرض «1» أَي تَوَسَّطْتُها.
بعزج: بَعْزَجَةُ: اسمُ فُرْسِ المِقْداد، شَهِدَ عَلَيْهَا يَوْمَ السَّرْحِ.
بغج: بَغَجَ الماءَ: كَغَبَجَهُ؛ والبُغْجَةُ كالغُبْجَةِ.
بلج: البُلْجَةُ والبَلَجُ: تباعدُ مَا بَيْنَ الْحَاجِبَيْنِ؛ وَقِيلَ: مَا بَيْنَ الْحَاجِبَيْنِ إِذا كَانَ نَقِيّاً مِنَ الشَّعْرِ؛ بَلِجَ بَلَجاً، فَهُوَ أَبْلَجُ، والأُنثى بَلْجاءُ. وَقِيلَ: الأَبْلَجُ الأَبيضُ الحسَنُ الواسعُ الْوَجْهُ، يَكُونُ فِي الطُّولِ وَالْقِصَرِ. ابْنُ الأَعرابي: البُلْجُ النَّقِيُّو مواضعِ القَسَماتِ مِنَ الشَّعَرِ. الْجَوْهَرِيُّ: البُلْجَةُ نَقاوَةُ مَا بَيْنَ الْحَاجِبَيْنِ؛ يُقَالُ: رجلٌ أَبْلَجُ بَيِّنُ البَلَجِ إِذا لَمْ يَكُنْ مَقْرُونًا. وَفِي حَدِيثِ
أُمِّ مَعْبَدٍ فِي صِفَةِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَبْلَجُ الوجهِ
أَي مُسْفِرهُ مُشْرِقُه، وَلَمْ تُرِدْ بَلَجَ الحاجِبِ لأَنها تَصِفُه بالقَرَنِ. والأَبْلَجُ: الَّذِي قَدْ وَضَح مَا بَيْنَ حَاجِبَيْهِ فَلَمْ يَقْتَرِنَا. ابْنُ شُمَيْلٍ: بَلِجَ الرجلُ يَبْلَجُ إِذا وَضَحَ مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَلَمْ يَكُنْ مَقْرُونَ الْحَاجِبَيْنِ، فَهُوَ أَبْلَجُ. والأَبْلَدُ إِذا لَمْ يَكُنْ أَقْرَنَ. وَيُقَالُ للرجلِ الطَّلْقِ الوجهِ: أَبْلَجُ وبَلْجٌ. وَرَجُلٌ أَبْلَجُ وبَلْجٌ وبَلِيجٌ: طَلْقٌ بالمعروفِ؛ قَالَتِ الْخَنْسَاءُ:
كَأَنْ لَمْ يَقُلْ: أَهْلًا، لطالِبِ حاجةٍ، ... وَكَانَ بَلِيجَ الوجهِ، مُنْشَرِحَ الصَّدْرِ
وَشَيْءٌ بَلِيجٌ: مَشْرِقٌ مُضِيءٌ؛ قَالَ الدَّاخِلُ بْنُ حَرَامِ الْهُذَلِيُّ:
بِأَحْسَنَ مَضْحَكاً مِنْهَا وجِيداً، ... غَداةَ الحَجْرِ، مَضْحَكُها بَليجُ
والبُلْجَةُ: مَا خَلْفَ الْعَارِضِ إِلى الأُذن وَلَا شِعْرَ عَلَيْهِ. والبُلْجَةُ والبَلْجَةُ: آخِرُ اللَّيْلِ عِنْدَ انْصِدَاعِ الْفَجْرِ. يُقَالُ: رأَيت بُلْجَةَ الصُّبْحِ إِذا رأَيت ضَوْءَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَيْلَةُ القَدْرِ بَلْجَةٌ
أَي مُشْرِقَةٌ. والبَلْجَةُ، بِالْفَتْحِ، والبُلْجَةُ، بِالضَّمِّ: ضَوْءُ الصُّبْحِ. وبَلَجَ الصُّبْحُ يَبْلُجُ، بِالضَّمِّ، بُلُوجاً، وانْبَلَجَ، وتَبَلَّجَ: أَسْفَرَ وأَضاء. وتَبَلَّجَ الرَّجُلُ إِلى الرَّجُلِ: ضَحِكَ وهَشَّ. والبَلَجُ: الفَرَحُ وَالسُّرُورُ، وَهُوَ بَلْجٌ، وَقَدْ بَلِجَتْ صدورُنا. الأَصمعي: بَلِجَ بِالشَّيْءِ وثَلِجَ إِذا فَرِحَ، وَقَدْ أَبْلَجَني وأَثْلَجَني. وابْلاجَّ الشيءُ: أَضاء. وأَبْلَجَتِ الشمسُ: أَضاءَت.
__________
(1).
قوله [طيبة الأَرض] عبارة الأَساس: طيبة التربة.

(2/215)


وأَبْلَجَ الحَقُّ: ظَهَرَ؛ وَيُقَالُ: هَذَا أَمْرٌ أَبْلَجُ أَي وَاضِحٌ؛ وَقَدْ أَبْلَجَهُ: أَوضحه، وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
أَلحَقُّ أَبْلَجُ، لَا تَخْفَى مَعالِمُهُ، ... كالشَّمْسِ تَظْهَرُ فِي نورٍ وإِبْلاجِ
والبُلُوجُ: الإِشراقُ. وصُبْحٌ أَبْلَجُ بَيِّنُ البَلَجِ أَي مَشْرِقٌ مُضِيءٌ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
حَتَّى بَدَتْ أَعناقُ صُبْحٍ أَبْلَجا
وَكَذَلِكَ الْحَقُّ إِذا اتَّضَحَ؛ يُقَالُ: الحقُّ أَبْلَجُ، وَالْبَاطِلُ لَجْلَجٌ. وَكُلُّ شَيْءٍ وَضَحَ: فَقَدَ ابْلاجَّ ابْلِيجاجاً. والبُلْجَةُ: الاسْتُ، وَفِي كِتَابِ كُرَاعٍ: البَلْجَةُ، بِالْفَتْحِ، الِاسْتُ، قَالَ: وَهِيَ البَلْحَةُ، بِالْحَاءِ. وبَلْجٌ وبَلَّاجٌ وبالِجٌ: أَسماء.
بنج: البِنْجُ: الأَصْلُ. التَّهْذِيبُ: البُنُجُ الأُصول. وأَبْنَجَ الرَّجُلُ ذا ادَّعى إِلى أَصل كَرِيمٍ. وَيُقَالُ: رَجَعَ فُلَانٌ إِلى حِنْجِهِ وبِنْجِهِ أَي إِلى أَصله وعِرْقه. والبَنْجُ: ضَرْبٌ مِنَ النَّبَاتِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأُرى الْفَارِسِيَّ قَالَ: إِنه مِمَّا يُنْتَبَذُ، أَو يُقَوَّى بِهِ النبيذُ. وبَنَّج القَبَجَةَ: أَخرجها مِنْ جُحْرها، دخيلٌ.
بهج: البَهْجَةُ: الحُسْنُ؛ يُقَالُ: رَجُلٌ ذُو بَهْجَةٍ. البَهْجَةُ: حُسْنُ لَوْنِ الشَّيْءِ ونَضَارَتُه؛ وَقِيلَ: هُوَ فِي النَّبَاتِ النَّضارَةُ، وَفِي الإِنسان ضَحِكُ أَسارير الْوَجْهِ، أَو ظهورُ الفَرَحِ الْبَتَّةَ. بَهِجَ بَهَجاً، فَهُوَ بَهِجٌ، وبَهُجَ، بِالضَّمِّ، بَهْجَةً وبَهاجَةً وبَهَجاناً، فَهُوَ بَهِيجٌ؛ قَالَ أَبو ذؤَيب:
فذَلك سُقْيا أُمِّ عَمْرٍو، وإِنَّني، ... بِمَا بَذَلَتْ مِنْ سَيْبها، لبَهِيجُ
أَشار بِقَوْلِهِ ذَلِكَ إِلى السَّحَابِ الَّذِي اسْتَسْقَى لأُم عَمْرٍو، وَكَانَتْ صَاحِبَتُهُ الَّتِي يُشَبِّبُ بِهَا فِي غَالِبِ الأَمر. ورجلٌ بَهِجٌ أَي مُسْتَبْهِجٌ بأمرٍ يَسُرُّه؛ وأَنشد:
وَقَدْ أَراها، وَسْطَ أَتْرابِها، ... فِي الحَيِّ ذِي البَهْجَةِ والسَّامِرِ
وامرأَةٌ بَهِجَةٌ: مبتهجةٌ؛ وَقَدْ بَهُجَتْ بَهْجَةً، وَهِيَ مِبْهاجٌ، وَقَدْ غَلَبَتْ عَلَيْهَا البهجةُ. وبَهُجَ النباتُ، فَهُوَ بَهيجٌ: حَسُنَ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ*
.
وتباهَجَ الرَّوْضُ إِذا كَثُرَ نَوْرُه؛ وَقَالَ:
نُوَّارُهُ مُتَباهجٌ يَتَوَهَّجُ
وَقَوْلُهُ: مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ*
أَي مِنْ كُلِّ ضَرْب مِنَ النَّبَاتِ حَسَنٍ نَاضِرٍ. أَبو زَيْدٍ: بَهيج حسنٌ؛ وَقَدْ بَهُجَ بَهاجةً وبَهْجَةً. وَفِي حَدِيثِ الْجَنَّةِ:
فإِذا رأَى الجنةَ وبَهْجَتَها
أَي حُسْنَها وحُسْنَ مَا فِيهَا مِنَ النَّعِيمِ. وأَبهجتِ الأَرضُ: بَهُجَ نباتُها. وتباهَجَ النُّوَّارُ: تَضَاحَكَ: وبهِج بِالشَّيْءِ وَلَهُ، بِالْكَسْرِ، بَهاجةً، وابتَهَج: سُرَّ بِهِ وفَرح؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
كانَ الشبابُ رِداءً قَدْ بَهِجْتُ بِهِ، ... فَقَدْ تطايَرَ، مِنْهُ لِلبِلَى، خِرَقُ
والابتهاجُ: السُّرور. وبَهَجَني الشيءُ وأَبْهَجَني، وَهِيَ بالأَلف أَعلى: سَرَّني. وأَبْهَجَت الأَرضُ: بَهُجَ نباتُها. ورجلٌ بَهِجٌ مُبتهج: مسرورٌ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
أَو دُرَّةٌ صَدَفِيَّةٌ، غَوَّاصُها ... بَهِجٌ، مَتَى يَرَها يُهِلَّ ويَسْجُدِ
وامرأَةٌ بهِجةٌ ومِبْهاجٌ: غَلَبَ عَلَيْهَا الحُسْنُ؛ وَقَوْلُ الْعَجَّاجِ:
دَعْ ذَا، وبَهِّجْ حَسَباً مُبَهَّجا ... فَخْماً، وسَنِّنْ مَنْطِقاً مُزَوَّجا

(2/216)


قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: لَمْ أَسمع ببَهِّجْ إِلَّا هاهنا، وَمَعْنَاهُ حَسِّنْ وجَمِّلْ، وكأَنَّ مَعْنَاهُ: زِدْ هَذَا الحَسَبَ جَمَالًا بِوَصْفِكَ لَهُ، وَذِكْرِكَ إِياه. وسَنِّنْ: حَسِّنْ كَمَا يُسَنَّنُ السيفُ أَو غيرُه بالمِسَنِّ، وإِن شِئْتَ قَلْتَ: سَنِّنْ سَهِّلْ. وَقَوْلُهُ مُزَوَّجاً أَي مَقْرُونًا بعضُه بِبَعْضٍ؛ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ مَنْطِقاً يُشْبه بعضُه بَعْضًا فِي الحُسْنِ، فكأَنَّ حُسْنَهُ يَتَضَاعَفُ لِذَلِكَ. الأَصمعي: باهَجْتُ الرجلَ وَبَاهَيْتُهُ وبازَجْتُه وبارَيْتُه، بِمَعْنًى وَاحِدٍ.
بهرج: مكانٌ بَهْرَجٌ: غيرُ حِمًى؛ وَقَدْ بَهْرَجه فَتَبَهْرَج. والبَهْرجُ: الشَّيْءُ المباحُ؛ يُقَالُ: بهرجَ دَمَهُ. ودِرْهَمٌ بَهْرَجٌ: رَدِيءٌ. والدرهمُ البَهْرَجُ: الَّذِي فضَّته رَدِيئَةٌ. وكلُّ رَدِيءٍ مِنَ الدَّرَاهِمِ وَغَيْرِهَا: بَهْرَجٌ؛ قَالَ: وَهُوَ إِعراب نَبْهَرُهُ، فَارِسِيٌّ. ابْنُ الأَعرابي: البَهْرَجُ الدِّرْهَمُ المُبْطَلُ السِّكَّةِ، وكلُّ مردودٍ عِنْدَ الْعَرَبِ بَهْرَجٌ ونَبَهْرَجٌ. والبَهْرَجُ: الباطلُ وَالرَّدِيءُ مِنَ الشَّيْءِ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
وكانَ مَا اهْتَضَّ الجِحافُ بَهْرَجا
أَي بَاطِلًا. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه بَهْرَجَ دَمَ ابْنَ الْحَارِثِ
أَي أَبطله. وَفِي حَدِيثِ
أَبي مِحْجَنٍ: أَمَّا إِذْ بَهْرَجْتَني فَلَا أَشْرَبُها أَبداً
؛ يَعْنِي الخمرَ، أَي أَهْدَرْتَني بإِسقاط الحَدِّ عَنِّي. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه أَتى بِجِرَابٍ لُؤْلؤٍ بَهْرَجٍ
أَي رديءٍ. قَالَ وَقَالَ الْقُتَيْبِيُّ: أَحسبه بِجِراب لؤْلؤٍ بُهْرِجَ أَي عُدِلَ بِهِ عَنِ الطَّرِيقِ الْمَسْلُوكِ خَوْفًا مِنَ العَشَّار، وَاللَّفْظَةُ مُعَرَّبَةٌ؛ وَقِيلَ: هِيَ كَلِمَةٌ هِنْدِيَّةٌ أَصلها نَبَهْلَهْ، وَهُوَ الرَّدِيءُ، فَنُقِلَتْ إِلى الْفَارِسِيَّةِ فَقِيلَ نَبَهْرَهْ، ثُمَّ عُرّبت بَهْرَج. الأَزهري: وبُهْرِجَ بِهِمْ إِذا أُخِذَ بِهِمْ فِي غَيْرِ المَحَجَّةِ. والبَهْرَجُ: التعويجُ مِنْ الِاسْتِوَاءِ إِلى غَيْرِ الِاسْتِوَاءِ.
بهرمج: البَهْرامَجُ: الشَّجَرُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ الرَّنْفُ، وَهُوَ مِنْ أَشجار الْجِبَالِ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ فِي بَعْضِ النُّسَخِ: لَا أَعرف مَا البَهْرامَجُ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: البَهْرامَجُ فَارِسِيٌّ، وَهُوَ الرَّنفُ، قَالَ: وَهُوَ ضَرْبَانِ، ضَرْبٌ مِنْهُ مُشْرَبٌ لونُ شَعْرِهِ حُمْرَةً، وَمِنْهُ أَخضر هَيادِبِ النَّوْرِ، وكلا النَّوْعَيْنِ طَيِّبُ الرَّائِحَةِ، وَاللَّهُ أَعلم.
بوج: بَوَّجَ: صَيَّحَ. وَرَجُلٌ بَوَّاجٌ: صَيَّاحٌ. وباجَ البرقُ يبوجُ بَوْجاً وبَوَجاناً، وتَبَوَّجَ إِذا بَرَق ولَمَع وتَكَشَّفَ. وانْباجَ البرقُ انْبِياجاً إِذا تكشَّف. وَفِي الْحَدِيثِ:
ثُمَّ هَبَّتْ ريحٌ سوداءُ فِيهَا برقٌ مُتَبَوِّجٌ
أَي متَأَلِّقٌ برعُود وبُرُوق. وَتَبَوَّجَ البرقُ: تَفَرَّقَ فِي وَجْهِ السَّحَابِ، وَقِيلَ: تَتَابَعَ لَمْعُهُ. ابْنُ الأَعرابي: باجَ الرجلُ يبوجُ بَوْجاً إِذا أَسْفَرَ وجهُه بَعْدَ شُحُوب السَّفَرِ. والبائجُ: عِرْقٌ فِي بَاطِنِ الْفَخِذِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
إِذا وَجِعْنَ أَبْهَراً أَو بائِجا
وَقَالَ جَنْدَلٌ:
بالكاسِ والأَيْدي دَمُ البَوائِج
يَعْنِي الْعُرُوقَ الْمُفَتَّقَةَ. ابْنُ سِيدَهْ: وَالْبَائِجُ عِرْقٌ مُحِيطٌ بِالْبَدَنِ كُلِّهِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِانْتِشَارِهِ وَافْتِرَاقِهِ. والبائجةُ: مَا اتَّسَعَ مِنَ الرَّمْلِ. والبائجةُ: الداهيةُ؛ قَالَ أَبو ذؤَيب:
أَمْسى، وأَمْسَيْنَ لَا يَخْشَيْنَ بائجَةً، ... إِلّا ضَوارِيَ، فِي أَعْناقها القِدَدُ
والجمعُ البوائجُ. الأَصمعي: جاءَ فُلَانٌ بِالْبَائِجَةِ

(2/217)


والفَلِيقَةِ، وَهِيَ مِنْ أَسماء الدَّاهِيَةِ؛ يُقَالُ: باجَتْهُم البائجةُ تَبُوجُهُم أَي أَصابتهم، وَقَدْ باجتْ عَلَيْهِمْ بَوْجاً وَانْبَاجَتْ. وانباجتْ بائجةٌ أَي انْفَتَقَ فَتْقٌ مُنْكَرٌ. وانباجتْ عَلَيْهِمْ بَوائجُ منكَرةٌ إِذا انْفَتَحَتْ عَلَيْهِمْ دَواهٍ؛ قَالَ الشَّمَّاخُ يَرْثِي عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
قَضَيْتَ أُموراً، ثُمَّ غادَرْتَ بعدَها ... بوائِجَ فِي أَكمامِها، لَمْ تُفَتَّقِ
أَبو عُبَيْدٍ: البائجةُ الداهيةُ. والباجةُ: الاختلاطُ. وباجَهُم بِالشَّرِّ بَوْجاً: عَمَّهُم. ابْنُ الأَعرابي: الباجُ يُهْمَزُ وَلَا يُهْمَزُ، وَهُوَ الطَّرِيقَةُ مَنَّ المَحاجِّ الْمُسْتَوِيَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَنَحْنُ فِي ذَلِكَ باجٌ واحدٌ أَي سواءٌ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: حَكَاهُ أَبو زَيْدٍ غَيْرَ مَهْمُوزٍ، وَحَكَاهُ ابن السكيت مهموزاً، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْهَمْزِ. قَالَ: وَهُوَ مِنْ ذَوَاتِ الْوَاوِ لوجود [ب وج] وَعَدَمُ [ب ي ج]. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: اجْعَلْهَا بَاجًا وَاحِدًا
، وَهُوَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ. ابْنُ بُزُرْجَ: وبعيرٌ بائجٌ إِذا أَعيا. وَقَدْ بُجْتُ أَنا: مَشَيْتُ حَتَّى أَعْيَيْتُ؛ وأَنشد:
قَدْ كُنْتَ حِيناً تَرْتَجِي رِسْلَها، ... فاطَّرَدَ الحائلُ والبائجُ
يَعْنِي المُخِفُّ والمُنْقِلُ.

فصل التاء
تجج: تَج تَج: دعاءُ الدجاجة.
ترج: الأُتْرُجُّ، مَعْرُوفٌ، وَاحِدَتُهُ تُرُنْجَةٌ وأُتْرُجَّةٌ؛ قَالَ عَلْقَمَةُ بْنُ عَبَدة:
يَحْمِلْنَ أُتْرُجَّةً نَضْحُ العَبِيرِ بِهَا، ... كَأَنَّ تَطْيابَها، فِي الأَنْفِ، مَشْمُومُ
وَحَكَى أَبو عُبَيْدَةَ: تُرُنْجَةٌ وتُرُنْجٌ، وَنَظِيرُهَا مَا حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ: وتَرٌ عُرُنْدٌ أَي غَلِيظٌ، والعامَّةُ تَقُولُ أُتْرُنْجٌ وتُرُنْجٌ، والأَول كَلَامُ الْفُصَحَاءِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
نَهَى عَنْ لُبْسِ القَسِّيِّ المُتَرَّجِ
، هُوَ المصبوغُ بالحُمْرَةِ صَبْغاً مُشْبَعاً. وتَرْجُ، بِالْفَتْحِ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ مُزَاحِمٌ الْعُقَيْلِيُّ:
وهَابٍ كجُثْمانِ الحمامةِ، أَجْفَلَتْ ... بِهِ ريحُ تَرْجٍ والصِّبا، كلَّ مَجْفَلِ
الْهَابِي: الرَّمادُ؛ وَيَقُولُ فِي هَذِهِ الْقَصِيدَةِ:
وَدِدْتُ، عَلَى مَا كانَ مِنَ شَرَفِ الْهَوَى ... وجَهْلِ الأَماني، أَنَّ مَا شَئتُ يُفْعَلِ
فَتَرْجِعُ أَيامٌ مَضَيْنَ، ونَعْمَةٌ ... عَلَيْنَا، وَهَلْ يُثْنى، مِنَ الدَّهْرِ، أَوَّلُ؟
قَوْلُهُ: أَنَّ مَا شِئتُ يُفْعَلِ؛ ما: هاهنا شَرْطٌ، وَاسْمُ أَنَّ مُضْمَرٌ تَقْدِيرُهُ: أَنه أَيّ شَيْءٍ شِئْتُ يُفْعَلُ لِي، وأَقوى فِي الْبَيْتِ الثَّانِي. وَالْقَصِيدَةُ كُلُّهَا مَخْفُوضَةُ الرَّوِيِّ. وَقِيلَ: تَرْجٌ مَوْضِعٌ يُنسَبُ إِليه الأَسدُ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
كأَنَّ مُجَرَّباً مِنْ أُسْدِ تَرْجٍ، ... يُنازِلُهُمْ، لِنابَيْهِ قَبِيبُ
وَفِي التَّهْذِيبِ: تَرْجٌ مَأْسَدَةٌ بِنَاحِيَةِ الغَوْرِ. وَيُقَالُ فِي الْمَثَلِ: هُوَ أَجرأُ مِنَ الْمَاشِي بِتَرْجٍ لأَنها مَأْسَدَةٌ. التَّهْذِيبُ: تَرِجَ الرجلُ إِذا أَشكل عَلَيْهِ الشيءُ مِنْ عِلْمٍ أَو غَيْرِهِ. أَبو عَمْرٍو: تَرَجَ إِذا اسْتَتَرَ، ورَتِجَ إِذا أَغْلَقَ كَلَامًا أَو غَيْرَهُ، وَاللَّهُ أَعلم.
تفرج: التَفارِيجُ: فُرَجُ الدَّرابزين. قَالَ: والتَّفاريجُ فَتَحاتُ الأَصابع وأَفواتُها، وَهِيَ وَتائرها، وَاحِدُهَا تِفْراجٌ.

(2/218)


تلج: التَّوْلَجُ: كِناسُ الظَّبْي، فَوْعَلٌ عِنْدَ كُرَاعٍ، وِتَاؤُهُ أَصل عِنْدَهُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
مُتَّخِذاً فِي صَفَواتٍ تَوْلَجا
وَفِي تَرْجَمَةِ تَرِبَ: التَّوْلَج الْكِنَاسُ الَّذِي يَلِجُ فِيهِ الظَّبْيُ وَغَيْرُهُ مِنَ الْوَحْشِ. الأَزهري: التُّلَجُ فَرْخُ العُقابِ، أَصله وُلَج.
توج: التَّاجُ، مَعْرُوفٌ، والجمعُ أَتواجٌ وتِيجانٌ، وَالْفِعْلُ التَّتْويجُ. وَقَدْ تَوَّجَهُ إِذا عَمَّمَهُ؛ وَيَكُونُ تَوَّجَهُ: سَوَّدَهُ. والمُتَوَّجُ: المُسَوَّدُ، وَكَذَلِكَ المُعَمَّمُ. وَيُقَالُ: تَوَّجَهُ فتَتَوَّجَ أَي أَلبسه التاجَ فَلَبِسَهُ. والإِكْلِيلُ والقُصَّةُ والعِمامةُ: تاجٌ عَلَى التَّشْبِيهِ. والعربُ تُسَمِّي العمائمَ التاجَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
العمائمُ تِيجانُ العربِ
، جَمْعُ تَاجٍ، وَهُوَ مَا يُصَاغُ لِلْمُلُوكِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْجَوْهَرِ؛ أَراد أَن الْعَمَائِمَ لِلْعَرَبِ بِمَنْزِلَةِ التِّيجَانِ لِلْمُلُوكِ لأَنهم أَكثر مَا يَكُونُونَ فِي الْبَوَادِي مَكْشُوفِي الرؤوس أَو بِالْقَلَانِسِ، والعمائمُ فِيهِمْ قليلةٌ. والأَكاليلُ: تِيجَانُ مُلُوكِ الْعَجَمِ. والتاجُ: الإِكليلُ. ابْنُ سِيدَهْ: ورجلٌ تائجٌ ذُو تَاجٍ، عَلَى النَّسَبِ، لأَنا لَمْ نَسْمَعْ لَهُ بِفِعْلٍ غَيْرِ متعدٍّ؛ قَالَ هِمْيان بْنُ قُحَافَةَ:
تَقَدُّمَ النَّاسِ الإِمامَ التَّائِجا
أَرادَ تَقَدَّمَ الإِمامُ التائجُ الناسَ. فَقَلَبَ. والتاجُ: الْفِضَّةُ. وَيُقَالُ للصَّلِيجَةِ مِنَ الْفِضَّةِ: تاجةٌ، وأَصله تَازَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ لِلدِّرْهَمِ الْمَضْرُوبِ حَدِيثًا؛ قَالَ: وَمِنْهُ قَوْلُ هِمْيَانُ:
تَنَصُّفَ الناسِ الهُمامَ التَّائجا
أَراد مَلِكاً ذَا تَاجٍ، وَهَذَا كَمَا يُقَالُ: رَجُلٌ دارِعٌ ذُو دِرْعٍ. وتاجٌ وتُوَيْجٌ ومُتَوَّجٌ: أَسماء. وتاجٌ وَبَنُو تاجٍ. قبيلةٌ مِنْ عَدْوانَ، مَصْرُوفٌ؛ قَالَ:
أَبَعْدَ بَني تاجٍ وسَعْيِكَ بَيْنَهُمْ؟ ... فَلَا تُتْبِعَنْ عَيْنَيْكَ مَا كَانَ هالِكا
وتاجةُ: اسمُ امرأَة؛ قَالَ:
يَا وَيْحَ تاجَةَ، مَا هَذَا الَّذِي زَعَمَتْ؟ ... أَشَمَّها سَبُعٌ أَمْ مَسَّها لَمَمُ؟
وتَوَّجُ: اسمُ مَوْضِعٍ، وَهُوَ مأْسدة ذَكَرَهُ مُلَيْحٌ الهُذَليُّ:
ومِن دونِهِ أَثْباجُ فَلْجٍ وتَوَّجُ
وَفِي تَرْجَمَةِ بَقَّمَ: تَوَّجُ عَلَى فَعَّل موضعٌ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
أَعْطُوا البَعِيثَ حَفَّةً ومِنْسَجا، ... وافْتَحِلُوهُ بَقَراً بِتَوَّجا

فصل الثاء
ثأج: الثُّؤَاجُ: صِيَاحُ الْغَنَمِ؛ ثأَجَتْ تَثْأَجُ ثَأَجاً وثُؤَاجاً، بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ: صَاحَتْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تأْتي يومَ الْقِيَامَةِ وَعَلَى رَقَبَتِكَ شاةٌ لَهَا ثُؤَاجٌ
؛ وأَنشد أَبو زَيْدٍ فِي كِتَابِ الْهَمْزِ:
وَقَدْ ثَأَجُوا كثُؤَاجِ الغنَمْ
وَهِيَ ثائجةٌ، والجمعُ ثَوائِجُ وثائجاتٌ؛ وَمِنْهُ كِتَابُ عَمْرِو بْنِ أَفْصى: إِنَّ لَهُمُ الثائجةَ؛ هِيَ الَّتِي تُصَوِّتُ مِنَ الْغَنَمِ؛ وَقِيلَ: هُوَ خَاصٌّ بِالضَّأْنِ مِنْهَا. وثَأَجَ يَثْأَجُ: شَربَ شَرَبَاتٍ؛ هَذِهِ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ.
ثبج: ثَبَجُ كلِّ شَيْءٍ: مُعْظَمُهُ ووَسَطُهُ وأَعلاه، وَالْجَمْعُ أَثْباجٌ وثُبُوجٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
خيارُ أُمتي أَوَّلُها وآخرُها، وَبَيْنَ ذَلِكَ ثَبَجٌ أَعْوَجُ لَيْسَ مِنْكَ

(2/219)


ولستَ مِنْهُ.
الثَّبَجُ: الْوَسَطُ وَمَا بَيْنَ الْكَاهِلِ إِلى الظَّهْرِ؛ وَمِنْهُ كِتَابٌ لِوَائِلٍ: وأَنْطُوا الثَّبَجَةَ أَي أَعطوا الوَسَطَ فِي الصَّدَقَةِ لَا مِنْ خِيَارِ الْمَالِ وَلَا مِنْ رُذالته، وأَلحقها هَاءَ التأْنيث لِانْتِقَالِهَا مِنَ الِاسْمِيَّةِ إِلى الْوَصْفِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عُبَادَةَ: يُوشِكُ أَن يُرى الرجلُ مِنْ ثَبَجِ الْمُسْلِمِينَ
أَي مِنْ وَسَطِهم؛ وَقِيلَ: مِن سَراتهم وعِلْيَتِهم؛ وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ الله عَنْهُ: وَعَلَيْكُمُ الرِّواقَ المُطَنَّبَ فاضْرِبُوا ثَبَجَهُ، فإِن الشيطانَ راكِدٌ فِي كِسْرِه.
وثَبَجُ الرَّمْلِ: مُعْظَمُه، وَمَا غَلُظَ مِنْ وَسَطه، وثَبَجُ الظَّهْرِ: مُعْظَمُه وَمَا فِيهِ مَحاني الضُّلوع؛ وَقِيلَ: هُوَ مَا بَيْنَ العَجُزِ إِلى المَحْرَكِ، وَالْجَمْعُ أَثْباجٌ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: الثَّبَجُ مِنْ عَجْبِ الذَّنَبِ إِلى عُذْرَتِه؛ وَقَالَتْ بِنْتُ الْقَتَّالِ الْكِلَابِيِّ تَرْثِي أَخاها:
كأَنَّ نَشَيجَها، بذَواتِ غِسْلٍ، ... نَهيمُ البُزْلِ تُثْبَجُ بالرِّحالِ
أَي تُوضَعُ الرِّحَالُ عَلَى أَثباجها. وَقَالَ أَبو مَالِكٍ: الثَّبَجُ مُسْتَدارٌ عَلَى الْكَاهِلِ إِلى الصَّدْرِ. قَالَ: وَالدَّلِيلُ عَلَى أَن الثَّبَجَ مِنَ الصَّدْرِ أَيضاً قَوْلُهُمْ: أَثْباجُ القَطا؛ وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الثَّبَجُ نُتُوءُ الظَّهْرِ. والثَّبَجُ: عُلُوُّ وَسَطَ الْبَحْرِ إِذا تَلَاقَتْ أَمواجه. وَفِي حَدِيثِ
أُمِّ حَرامٍ: يَرْكَبُون ثَبَجَ هَذَا الْبَحْرِ
أَي وسَطَه ومُعْظَمَه؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
الزُّهْرِيِّ: كنتُ إِذا فاتَحْتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبير فَتَقْتُ بِهِ ثَبَجَ بحرٍ.
وثَبَجُ الْبَحْرِ وَاللَّيْلِ: مُعْظَمُه. ورجلٌ أَثْبَجُ: أَحدَبُ. والأَثْبَجُ أَيضاً: الناتئُ الصَّدْر؛ وَفِيهِ ثَبَجٌ وثَبَجَةٌ. والأَثْبَجُ: الْعَظِيمُ الْجَوْفِ. والأَثْبَجُ: العريضُ الثَّبَجِ؛ وَيُقَالُ: الناتئُ الثَّبَجِ، وَهُوَ الَّذِي صُغِّر فِي حَدِيثِ اللِّعان:
إِن جَاءَتْ بِهِ أُثَيْبِجَ، فَهُوَ لهِلالٍ
؛ تصغيرُ الأَثْبَجِ النَّاتِئِ الثَّبَجِ أَي مَا بَيْنَ الْكَتِفَيْنِ وَالْكَاهِلِ؛ وَقَوْلُ النَّمَرِيِّ:
دَعاني الأَثْبَجان بِيا بَغِيض ... وأَهْلِي بالعراقِ، فَمَنَّيَاني
فُسِّرَ بِهَذَا كُلِّهِ. ورجلٌ مُثَبَّجٌ: مضطرِبُ الخَلْقِ مَعَ طُولٍ. وثَبَّجَ الرَّاعِي بِالْعَصَا تَثْبيجاً أَي جَعَلَهَا عَلَى ظَهْرِهِ، وَجَعَلَ يَدَيْهِ مِنْ وَرَائِهَا، وَذَلِكَ إِذا أَعيا. وثَبَجَ الرجلُ ثُبوجاً: أَقعى عَلَى أَطراف قَدَمَيْهِ كأَنه يَسْتَنْجِي؛ قَالَ:
إِذا الكُماةُ جَثَمُوا على الرُّكَب، ... ثَبَجْتَ يا عَمْرُو ثُبُوجَ المُحْتَطِب
وَقَوْلُ الشَّمَّاخِ:
أَعائِشُ مَا لأَهْلِكِ لَا أَراهُمْ ... يُضِيعُونَ الهِجانَ مَعَ المُضِيعِ؟
وكَيْفَ يَضِيعُ صاحِبُ مُدْفَآتٍ، عَلَى أَثْباجِهِنَّ مِنَ الصَّقِيعِ؟
قَالَ: هِجان الإِبل كَرَائِمُهَا أَي أَنَّ عَلَى أَوساطها وَبَرًا كَثِيرًا يَقِيهَا الْبَرْدَ، قَدْ أُدفئت بِهِ. وثَبَّجَ الكتابَ والكلامَ تَثْبيجاً: لَمْ يُبَيِّنْهُ؛ وَقِيلَ: لَمْ يأْت بِهِ عَلَى وَجْهِهِ. والثَّبَجُ: اضطرابُ الْكَلَامِ وتَفَنُّنُه. والثَّبَجُ: تَعْمِيَةُ الخَط وتَرْكُ بَيَانِهِ. اللَّيْثُ: التَّثْبيجُ التَّخْلِيطُ. وكتابٌ مُثَبَّجٌ، وَقَدْ ثُبِّجَ تَثْبيجاً. والثَّبَجُ: طَائِرٌ يَصِيحُ الليلَ أَجمعَ كأَنه يَئِنُّ، وَالْجَمْعُ ثِبْجانٌ؛ وأَما قولُ الكُمَيتِ يَمْدَحُ زِيادَ بْنَ مَعْقِلٍ:
وَلَمْ يُوايِمْ لَهُمْ فِي ذَبِّها ثَبَجاً، ... ولمْ يَكُنْ لهُمْ فِيهَا أَبا كَرِبِ

(2/220)


ثَبَجٌ هَذَا: رجلٌ مِنْ أَهل الْيَمَنِ، غَزَاهُ مَلِكٌ مِنَ الْمُلُوكِ فَصَالَحَهُ عَنْ نَفْسِهِ وأَهله وَوَلَدِهِ، وَتَرَكَ قَوْمَهُ فَلَمْ يُدْخِلْهُمْ فِي الصُّلْحِ، فَغَزَا الْمَلِكُ قَوْمَهُ، فَصَارَ ثَبَجٌ مَثَلًا لِمَنْ لَا يَذُبُّ عَنْ قَوْمِهِ، فأَراد الْكُمَيْتُ: أَنه لَمْ يَفْعَلْ فِعْلَ ثَبَجٍ، وَلَا فِعْلَ أَبي كَرِبٍ، وَلَكِنَّهُ ذَبَّ عن قومه.
ثجج: الثَّجُّ: الصَّبُّ الكثيرُ، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ صَبَّ الْمَاءِ الْكَثِيرِ؛ ثَجَّهُ يَثُجُّهُ ثَجّاً فَثَجَّ وانْثَجَّ، وثَجْثَجَهُ فَتَثَجْثَجَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
تمامُ الْحَجِّ العَجُّ والثَّجُّ.
الْعَجُّ: الْعَجِيجُ فِي الدُّعَاءِ. والثَّجُّ: سفكُ دِمَاءِ البُدْنِ وَغَيْرِهَا.
وَسُئِلَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ الْحَجِّ فَقَالَ: أَفضلُ الحجِّ العَجُّ والثَّجُّ.
الثَّجُّ سَيَلانُ دِمَاءِ الهَدْيِ والأَضاحي. وَفِي حَدِيثِ
أُمِّ مَعْبَدٍ: فحَلَب فِيهِ ثَجّاً
أَي لَبَنًا سَائِلًا كَثِيرًا. والثَّجُّ: السَّيَلانُ. ومَطَرٌ مِثَجٌّ وثَجَّاجٌ وثَجِيجٌ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
سَقَى أُمَّ عَمْروٍ، كلَّ آخِر لَيْلَةٍ، ... حَناتِمُ سُحْمٌ، ماؤُهُنَّ ثَجِيجُ
مَعْنَى كلَّ آخِرِ لَيلةٍ: أَبداً. وثَجِيجُ الْمَاءِ: صوتُ انْصِبَابِهِ. وَفِي حَدِيثِ
رُقَيْقَةَ: اكْتَظَّ الْوَادِي بِثَجيجِه
أَي امتلأَ بِسَيْلِهِ. وَمَاءٌ ثَجُوجٌ وثَجّاجٌ: مَصْبوبٌ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَأَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ مَاءً ثَجَّاجاً
.
الْمُحْكَمُ: قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: هَذَا مِمَّا جَاءَ فِي لَفْظِ فَاعِلٍ، وَالْمَوْضِعُ مَفْعُولٌ، لأَن السَّحَابَ يَثُجُّ الماءَ، فَهُوَ مَثْجُوجٌ. وَقَالَ بَعْضُ أَهل اللُّغَةِ: ثَجَجْتُ الماءَ أَثُجُّه ثَجّاً إِذا أَساله. وثَجَّ الماءُ نفْسُه يَثُجُّ ثُجُوجاً إِذا انْصَبَّ، فإِذا كَانَ كَذَلِكَ فأَنْ يَكُونَ ثَجَّاجٌ فِي مَعْنَى ثاجٍّ أَحسنُ مِنْ أَن يُتكلف وَضْعُ الْفَاعِلِ موضعَ الْمَفْعُولِ، وإِن كَانَ ذَلِكَ كَثِيرًا. وَيَجُوزُ أَثْجَجْتُه بِمَعْنَى ثَجَجْتُه. ودَمٌ ثَجّاجٌ: مُنْصَبٌّ مُصَوَّبٌ؛ قَالَ:
حَتَّى رَأَيْتُ العَلَقَ الثَّجَّاجا، ... قَدْ أَخْضَلَ النُّحُورَ والأَوْداجا
وَفِي حَدِيثِ الْمُسْتَحَاضَةِ
فَقَالَتْ: إِني أَثُجُّه ثَجّاً
؛ قَالَ: هُوَ مِنَ الْمَاءِ الثَّجَّاجِ السَّائِلِ. ومَطَرٌ ثَجَّاجٌ: شَدِيدُ الِانْصِبَابِ جِدًّا. وأَتانا الْوَادِي بثَجِيجِه أَي بِسَيْلِهِ. وقولُ الْحَسَنِ فِي ابْنِ عَبَّاسٍ:
إِنه كَانَ مِثَجّاً
أَي كَانَ يصُبُّ الْكَلَامَ صَبّاً؛ شبَّه فَصَاحَتَهُ وغَزارةَ مَنْطِقِهِ بِالْمَاءِ الثَّجُوجِ. والمِثَجُّ، بِالْكَسْرِ، مِنْ أَبنية الْمُبَالَغَةِ. وعَينٌ ثَجُوجٌ: غزيرةُ الْمَاءِ؛ قَالَ:
فصَبَّحَتْ، والشمسُ لَمْ تُقَضِّبِ، ... عَيْناً، بِغَضْيانَ، ثَجُوجِ العُنْبُبِ
والمُثَجَّجُ مِنَ اللَّبَنِ: الَّذِي قَدْ بَرَقَ «2» فِي السِّقاءِ مِن حَرٍّ أَو بَرْدٍ فَلَا يَجْتَمِعُ زُبْدُهُ. ورجلٌ مِثَجٌّ إِذا كَانَ خَطِيبًا مُفَوَّهاً. ابْنُ سِيدَهْ، أَبو حَنِيفَةَ: الثَّجَّةُ الأَرضُ الَّتِي لَا سِدْرَ بِهَا، يأْتيها الناسُ فيَحْفِرونَ فِيهَا حِيَاضًا، وَمِنْ قِبَلِ الحِياضِ سُمِّيَتْ ثَجَّةً. قَالَ: وَلَا تُدعى قَبْلَ ذَلِكَ ثَجَّةً، وَجَمْعُهَا ثَجَّاتٌ، وَلَمْ يَحْكِ فِيهَا جَمْعًا مُكَسَّرًا. التَّهْذِيبِ: ابْنُ شُمَيْلٍ: الثَّجَّةُ الرَّوْضةُ إِذا كَانَ فِيهَا حِيَاضٌ ومِساكاتٌ لِلْمَاءِ يُصَوَّبُ فِي الأَرض، لَا تُدعى ثَجَّةً مَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا حِيَاضٌ. وَقَالَ الأَزهري عَقِيبَ تَرْجَمَةِ ثَوَجَ: أَبو عُبَيْدٍ الثَّجَّةُ الأُقْنَةُ، وَهِيَ حُفْرَةٌ يَحْتَفِرُهَا مَاءُ الْمَطَرِ؛ وأَنشد:
فَوَرَدَتْ صادِيَةً حِرَارا،
__________
(2).
قوله [الذي قد برق إلخ] الذي في القاموس برق السقاء كنصر وفرح: أَصابه حر أَو برد فَذَابَ زُبْدُهُ وَتَقَطَّعَ فَلَمْ يجتمع.

(2/221)


ثَجَّاتِ ماءٍ حُفِرَتْ أُوَارا، ... أَوْقاتَ أُقْنٍ، تَعْتَلي الغِمارا
وَقَالَ شِمْرٌ: الثَّجَّةُ، بِفَتْحِ الثَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْجِيمِ، الرَّوْضَةُ الَّتِي حَفَرَت الحياضَ، وجمعُها ثَجَّاتٌ؛ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لثَجِّها الماءَ فيها.
ثحج: ثَحَجَهُ بِرِجْلِهِ ثَحْجاً: ضَرَبَهُ، مَهْرِيَّةٌ مَرْغُوبٌ عَنْهَا. الأَزهري: سَحَجَهُ وثَحَجَهُ إِذا جَرَّهُ جَرّاً شديداً.
ثعج: العَثَجُ والثَّعَجُ: لُغَتَانِ وأَصوبهما العَثَجُ: جماعةُ النَّاسِ فِي السَّفَرِ.
ثفج: ثَفَجَ الرجلُ ومَفَجَ: حَمُقَ؛ عَنِ الْهَرَوِيِّ فِي الْغَرِيبَيْنِ.
ثلج: الثَّلْجُ: الَّذِي يَسْقُطُ مِنَ السَّمَاءِ، مَعْرُوفٌ. وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ:
واغْسِلْ خَطايَ بِمَاءِ الثَّلْجِ والبَرَدِ
، إِنما خَصَّهُمَا بِالذِّكْرِ تأْكيداً لِلطَّهَارَةِ وَمُبَالَغَةً فِيهَا لأَنهما ماءَان مَفْطُورَانِ عَلَى خِلْقَتِهِمَا، لَمْ يُستعملا وَلَمْ تَنَلْهُمَا الأَيدي وَلَمْ تَخُضْهُمَا الأَرجل، كَسَائِرِ الْمِيَاهِ الَّتِي خَالَطَتِ التُّرَابَ وَجَرَتْ فِي الأَنهار وَجُمِعَتْ فِي الْحِيَاضِ، فَكَانَا أَحق بِكَمَالِ الطِّهَارَةِ. وَقَدْ أَثْلَجَ يَومُنا. وأَثْلَجُوا: دَخَلُوا فِي الثَّلْجِ. وثُلِجُوا: أَصابهم الثَّلْجُ. وأَرضٌ مَثْلُوجَةٌ: أَصابها ثَلْجٌ. وماءٌ مَثْلُوجٌ: مُبَرَّدٌ بالثَّلج؛ قَالَ:
لَوْ ذُقْتَ فَاهَا، بَعْدَ نَوْمِ المُدْلِجِ، ... والصُّبْحِ لمَّا هَمَّ بالتَّبَلُّجِ،
قُلْتَ: جَنى النَّحْلِ بِمَاءِ الحَشْرَجِ، ... يُخالُ مَثْلُوجاً، وإِنْ لمْ يُثْلَجِ
وثُلِجَتِ الأَرضُ وأُثْلِجَتْ «1»: أَصابها الثَّلْجُ. وثَلَجَتْنا السماءُ تَثْلُجُ، بِالضَّمِّ: كَمَا يُقَالُ مَطَرَتْنا. وأَثْلَجَ الحافرُ: بَلَغَ الطينَ. وثَلِجَتْ نَفْسِي بِالشَّيْءِ ثَلَجاً، وثَلَجَتْ تَثْلُجُ وتَثْلَجُ ثُلُوجاً: اشْتَفَتْ بِهِ واطمأَنت إِليه؛ وَقِيلَ: عرفَته وسُرَّت بِهِ. الأَصمعي: ثَلِجَتْ نَفْسِي، بِكَسْرِ اللَّامِ، لُغَةٌ فِيهِ. ابْنُ السِّكِّيتِ: ثَلِجْتُ بِمَا خَبَّرَتْنِي أَي اشْتَفَيْتُ بِهِ وَسَكَنَ قَلْبِي إِليه. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: حَتَّى أَتاه الثَّلَجُ واليقينُ.
يُقَالُ: ثَلَجَتْ نَفْسِي بالأَمر إِذا اطمأَنت إِليه وَسَكَنَتْ وَثَبَتَ فِيهَا ووَثِقَتْ بِهِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
ابْنِ ذِي يَزَن: وثَلَجَ صدْرُك
؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
الأَحوص: أُعطيك مَا تَثْلُجُ إِليه.
وثَلَجَ قَلْبُه وثَلِجَ: تيَقَّن. وثُلِجَ قَلْبُه: بَلُدَ وذَهَبَ. وَرَجُلٌ مَثْلُوجُ الْفُؤَادِ: بَلِيدٌ؛ قَالَ أَبو خِرَاشٍ الْهُذَلِيُّ:
ولَمْ يَكُ مَثْلوجَ الفؤادِ مُهَيَّجاً، ... أَضاعَ الشَّبابَ فِي الرَّبِيلَةِ والخَفْضِ
وَقَالَ كَعْبُ بْنُ لؤَي لأَخيه عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ:
لَئِنْ كُنْتَ مَثْلُوجَ الفُؤادِ، لَقَدْ بَدا، ... لِجَمْعِ لُؤَيٍّ مِنْكَ، ذِلَّةُ ذِي غَمْضِ
ابْنُ الأَعرابي: ثُلِجَ قَلْبُه إِذا بَلُدَ. وثَلِجَ بِهِ إِذا سُرَّ بِهِ وسَكَنَ إِليه؛ وأَنشد:
فَلَوْ كنتُ مَثْلُوجَ الفؤادِ، إِذا بَدَتْ ... بلادُ الأَعادي، لَا أُمِرُّ وَلَا أُحْلِي
أَي لَوْ كُنْتُ بَلِيدَ الْفُؤَادِ، كُنْتُ لَا آتِي بِحُلْوٍ وَلَا مرٍّ مِنَ الْفِعْلِ. شِمْرٌ: ثَلِجَ صَدْرِي لِذَلِكَ الأَمر
__________
(1).
قوله [وثلجت الأَرض وأثلجت] كذا بالأَصل بهذا الضبط على البناء للمفعول. وعبارة المصباح: وثلجتنا السماء من باب قتل: أَلقت علينا الثلج، ومنه يقال: ثلجت الأَرض، بالبناء للمفعول، فهي مثلوجة.

(2/222)


أَي انْشَرَحَ ونَقَعَ بِهِ، يَثْلَجُ ثَلَجاً. وَقَدْ ثَلَجْتهُ إِذا نَقَعْتَه وَبَلَلْتَهُ؛ وَقَالَ عُبَيْدٍ:
فِي رَوْضَةٍ ثَلَجَ الرَّبيعُ قَرارَها، ... مَوْلِيَّةٍ، لَمْ يَسْتَطِعْها الرُّوَّدُ
وماءٌ ثَلْجٌ: باردٌ. قَالَ الْفَارِسِيُّ: وَهُوَ كَمَا قَالُوا بَارِدُ القلْب؛ وأَنشد:
ولكنَّ قَلْباً، بَيْنَ جَنْبَيْكَ، باردُ
والثُّلْجُ: البُلَداءُ مِنَ الرِّجَالِ. والثُّلَجُ: فَرْخُ العُقابِ. ابْنُ الأَعرابي: الثُّلْجُ الفرِحون بالأَخبار. وثُلِجَ الرَّجُلُ إِذا بَرَدَ قَلْبُهُ عَنْ شَيْءٍ، وإِذا فَرِحَ أَيضاً: فَقَدْ ثُلِجَ. وحَفَرَ حَتَّى أَثْلَجَ أَي بلَغَ الطِّينَ. وحَفَرَ فَأَثْلَجَ إِذا بَلَغَ الثَّرَى والنَّبَطَ. وَيُقَالُ: قَدْ أَثْلَجَ صَدْرِي خَبَرٌ واردٌ أَي شَفَانِي وَسَكَّنَنِي فَثَلَجْتُ إِليه. ونَصْلٌ ثُلاجِيٌّ إِذا اشتدَّ بَيَاضُهُ. أَبو عَمْرٍو: إِذا انْتَهَى الْحَافِرُ إِلى الطِّينِ فِي النَّهْرِ قَالَ: أَثْلَجْتُ.
ثمج: «1».
ثوج: الثَّوجُ: شَيْءٌ يُعمل مِنْ خُوصٍ، نَحْوَ الجُوالِقِ، يُحْمَلُ فِيهِ الترابُ، عَرَبِيٌّ صَحِيحٌ. وثاجَتِ الْبَقَرَةُ تَثَاجُ وتَثُوجُ ثَوْجاً وثُواجاً: صَوَّتَتْ، وَقَدْ يُهْمَزُ وَهُوَ أَعرفُ إِلا أَن ابْنَ دُرَيْدٍ قَالَ تَرْكُ الْهَمْزِ أَعلى. وثاجٌ: موضعٌ، قَالَ تَمِيمُ بْنُ مُقْبِلٍ:
يَا جارَتَيَّ! عَلَى ثاجٍ سَبِيلُكُما، ... سَيْراً حَثيثاً فَلَمَّا تَعْلَمَا خَبَرِي
وثاجٌ: قَرْيَةٌ فِي أَعراض البَحْرَين فِيهَا نخلٌ زَيْنٌ. أَبو تُرَابٍ: الثَّوْجُ لُغَةٌ فِي الفَوْج، وأَنشد لِجَنْدَلٍ:
مِنَ الدُّنى ذَا طَبَقٍ أَثايج
وَيُرْوَى أَفاوج أَي فَوْجاً فَوْجاً. ابْنُ الأَعرابي: ثاجَ يَثُوجُ ثَوْجاً، وثَجا يَثْجُو ثَجْواً، مِثْلَ جَاثَ يَجُوثُ جَوْثاً، إِذا بَلْبَلَ مَتاعَه وفَرَّقَهُ.

فصل الجيم
جبج: التَّهْذِيبُ: قَدْ جَبَجَ إِذا عَظُمَ جسمُه بَعْدَ ضَعْفٍ.
جرج: الجَرِجُ: الْجَائِلُ القَلِقُ. وَقَدْ جَرِجَ جَرَجاً: قَلِقَ وَاضْطَرَبَ؛ قَالَ:
جاءَتْكَ تَهْوِي، جَرِجاً وضِينُها
وجَرِجَ الخَاتَمُ فِي يَدِي يَجْرَجُ جَرَجاً إِذا قَلِقَ واضطربَ مِنْ سَعَته وَجَالَ. وَفِي مَنَاقِبِ الأَنصار:
وَقُتِلَتْ سَرَواتهم وجَرِجُوا
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا رَوَاهُ بَعْضُهُمْ بِجِيمَيْنِ مِنَ الجَرَجِ، وَهُوَ الِاضْطِرَابُ والقَلَقُ، قَالَ: وَالْمَشْهُورُ مِنَ الرِّوَايَةِ: وجُرِحُوا، مِن الجِراحِ. وسِكِّينٌ جَرِجُ النِّصابِ: قَلِقُهُ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
إِني لأَهْوَى طَفْلَةً فِيهَا غَنَجْ، ... خَلْخَالُها فِي سَاقِهَا غَيرُ جَرِجْ
وجَرِجَ الرَّجلُ إِذا مَشَى فِي الجَرَجَةِ، وَهِيَ المَحَجَّةُ وجادَّةُ الطَّرِيقِ؛ قَالَ الأَزهري: وَهُمَا لُغَتَانِ. ابْنُ سِيدَهْ: جَرَجَةُ الطَّرِيقِ وَسَطُه وَمُعْظَمُهُ. والجَرَجُ: الأَرضُ ذَاتُ الْحِجَارَةِ. والجَرَجُ: الأَرض الْغَلِيظَةُ؛ وأَرضٌ جَرِجَةٌ. وركبَ فلانٌ الجادَّة والجَرَجَةَ والمَحَجَّة: كُلُّهُ
__________
(1).
أَهمل المصنف مادة ثمج. قال في القاموس: الثمج التخليط. والمثمج، كمحسن: الذي يشي الثياب أَلواناً. والمثمجة كمحسنة: المرأة الصناع بالوشي.

(2/223)


وَسَطُ الطَّرِيقِ. الأَصمعي: خَرَجَةُ الطَّرِيقِ، بِالْخَاءِ، وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: جَرَجَةُ؛ قَالَ الرِّيَاشِيُّ: وَالصَّوَابُ مَا قَالَ الأَصمعي. وجَرَجَتِ الإِبلُ المَرْتَعَ: أَكلته. والجُرْجُ: وِعَاءٌ مِنْ أَوعية النِّسَاءِ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: الجُرْجَةُ والجَرَجَةُ ضَرْبٌ مِنَ الثِّيَابِ. والجُرْجَةُ: خريطةٌ مِنْ أَدَمٍ كالخُرْجِ، وَهِيَ وَاسِعَةُ الأَسفل ضَيِّقَةُ الرأْس يُجْعَلُ فِيهَا الزَّادُ؛ قَالَ أَوس بْنُ حَجَرٍ يَصِفُ قَوْسًا حَسَنَةً، دَفَعَ مَنْ يَسُومُهَا ثلاثَة أَبرادٍ وأَدْكَنَ أَي زِقًّا مَمْلُوءًا عَسَلًا:
ثلاثةُ أَبرادٍ جيادٍ، وجُرْجَةٌ، ... وأَدْكَنُ، مِنْ أَرْيِ الدَّبورِ، مُعَسَّلُ
وَبِالْخَاءِ تَصْحِيفٌ، والجمعُ جُرْجٌ مِثْلُ بُسْرَةٍ وبُسْرٍ؛ وَمِنْهُ جُرَيج: مُصَغَّرٌ اسْمُ رَجُلٍ. والجُرْجَةُ، بِالضَّمِّ: وِعَاءٌ مِثْلُ الخُرْجِ. وَابْنُ جُريج: رجلٌ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي قَوْلِهِ الجَرَجَةُ، بِتَحْرِيكِ الرَّاءِ: جادَّةُ الطَّرِيقِ؛ قَدِ اخْتُلِفَ فِي هَذَا الْحَرْفِ، فَقَالَ قَوْمٌ: هُوَ خَرَجَة، بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ ذَكَرَهُ أَبو سَهْلٍ وَوَافَقَهُ ابْنُ السِّكِّيتِ وَزَعَمَ أَن الأَصمعي وَغَيْرَهُ صَحَّفُوهُ فَقَالُوا: هُوَ جَرَجَة، بِجِيمَيْنِ، وَقَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ وَثَعْلَبٌ: هُوَ جَرَجَة، بِجِيمَيْنِ؛ قَالَ أَبو عَمْرٍو الزَّاهِدُ: هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ؛ وَزَعَمَ أَن مَنْ: يَقُولُ هُوَ خَرَجَة، بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، فَقَدْ صَحَّفَهُ؛ وَقَالَ أَبو بَكْرِ بْنُ الْجَرَّاحِ: سأَلت أَبا الطَّيِّبِ عَنْهَا، فَقَالَ: حَكَى لِي بَعْضُ الْعُلَمَاءِ عَنْ أَبي زَيْدٍ أَنه قَالَ: هِيَ الجَرَجَةُ، بِجِيمَيْنِ، فَلَقِيتُ أَعرابيّاً فسأَلته عَنْهَا فَقَالَ: هِيَ الجَرَجَةُ، بِجِيمَيْنِ، قَالَ: وَهُوَ عِنْدِي مِنْ جَرِجَ الخاتَمُ فِي إِصبعي؛ وَعِنْدَ الأَصمعي أَنه مِنَ الطَّرِيقِ الأَخْرَجِ أَي الْوَاضِحِ، فَهَذَا مَا بَيْنَهُمْ مِنَ الْخِلَافِ، والأَكثر عِنْدَهُمْ أَنه بِالْخَاءِ، وَكَانَ الْوَزِيرُ ابْنُ الْمَغْرِبِيِّ يسأَل عَنْ هَذِهِ الْكَلِمَةِ عَلَى سَبِيلِ الِامْتِحَانِ وَيَقُولُ: مَا الصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلَيْنِ؟ وَلَا يُفَسِّرُهُ.
جَلَجَ: الجَلَجُ: القَلَقُ وَالِاضْطِرَابُ. والجَلَجُ: رؤوس النَّاسِ، وَاحِدُهَا جَلَجَةٌ بِالتَّحْرِيكِ، وَهِيَ الجُمْجُمَةُ والرأْسُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه قِيلَ لِلنَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمَّا أُنزلت: إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ؛ هَذَا بِرَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبَقِينَا نَحْنُ فِي جَلَجٍ، لَا نَدْري مَا يُصْنَعُ بِنَا
؛ قَالَ أَبو حَاتِمٍ: سأَلت الأَصمعي عَنْهُ فَلَمْ يَعْرِفْهُ. قَالَ الأَزهري رَوَى أَبو الْعَبَّاسِ عَنِ ابْنِ الأَعرابي وَعَنْ عَمْرٍو عَنْ أَبيه: الجَلَجُ رؤوس النَّاسِ، وَاحِدُهَا جَلَجَةٌ. قَالَ الأَزهري: فَالْمَعْنَى إِنا بَقِينَا في عدد رؤوس كَثِيرَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ؛ وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: مَعْنَاهُ وَبَقِينَا نَحْنُ فِي عَدَدٍ مِنْ أَمثالنا مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَا نَدْرِي مَا يُصنع بِنَا. وَقِيلَ: الجَلَجُ، فِي لُغَةِ أَهل الْيَمَامَةِ، حَبابُ الْمَاءِ، كأَنه يُرِيدُ تَرَكَنَا فِي أَمرٍ ضَيِّقٍ كَضِيقِ الحَبَابِ. وَفِي حَدِيثِ
أَسلم: أَن الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ تَكَنَّى بأَبي عِيسَى؛ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَما يَكْفِيكَ أَن تُكَنَّى بأَبي عَبْدِ اللَّهِ؟ فَقَالَ: إِن رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَنَّانِي بأَبي عِيسَى، فَقَالَ: إِن رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تأَخر، وإِنا بَعْدُ فِي جَلَجِنا، فَلَمْ يَزَلْ يُكَنَّى بأَبي عَبْدِ اللَّهِ حَتَّى هَلَكَ.
وَكَتَبَ عُمَرُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، إِلى عَامِلِهِ عَلَى مِصْرَ: أَن خُذْ مِنْ كلِّ جَلَجَةٍ مِنَ الْقِبْطِ كَذَا وَكَذَا.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الجَلَجُ جَمَاجِمُ النَّاسِ؛ أَراد مِن كُلِّ رأْس. وَيُقَالُ: عَلَى كلِّ جَلَجَةٍ كذا، والجمع جَلَجٌ.
جوج: ابْنُ الأَعرابي: الجاجَةُ جُمَعُ جَاجٍ، وَهِيَ خَرَزةٌ وَضِيعَةٌ لَا تُسَاوِي فَلْساً. أَبو زَيْدٍ: الجاجَةُ الْخَرَزَةُ

(2/224)


الَّتِي لَا قِيمَةَ لَهَا. غَيْرُهُ: مَا رأَيت عَلَيْهِ عَاجَةً وَلَا جَاجَةً؛ وأَنشد لأَبي خِرَاشٍ الْهُذَلِيِّ يَذْكُرُ امرأَته وأَنه عَاتَبَهَا فَاسْتَحْيَتْ وَجَاءَتْ إِليه مُسْتَحْيِيَةً:
فجاءَتْ كَخَاصِي العَيْرِ، لَمْ تَحْلَ عاجَةً، ... وَلَا جَاجَةٌ مِنْهَا تَلُوحُ عَلَى وَشْمِ
يُقَالُ: جَاءَ فُلَانٌ كَخَاصِي العَيْرِ إِذا جَاءَ مُسْتَحْيِيًا وَخَائِبًا أَيضاً. والعاجَةُ: الوَقْفُ مِنَ الْعَاجِ تَجْعَلُهُ المرأَة فِي يَدِهَا، وَهِيَ المَسَكَةُ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
تَرَى العَبَسَ الحَوْلِيَّ جَوْناً بِكُوعِها ... لَها مَسَكاً، مِنْ غَيْرِ عاجٍ وَلَا ذَبْلِ
أَبو عَمْرٍو: أَجَّجَ إِذا حَمَلَ عَلَى الْعَدُوِّ، وجَاجَ إِذا وَقَفَ جُبْناً.

فصل الحاء
حبج: حَبَجَه بِالْعَصَا يَحْبِجُه حَبْجاً: ضَرَبَهُ. وحَبَجَ يَحْبِجُ حَبْجاً: ضَرَطَ. وخَبَجَ يَخْبِجُ أَيضاً. وَيُقَالُ: حَبَجَهُ بالعَصا حَبْجَةً وحَبَجاتٍ ضَرَبَهُ بِهَا، مِثْلُ خَبَجَه وهَبَجَه. والحَبَجُ: الحَبْقُ. قَالَ أَعرابي: حَبَجَ بِهَا، وربِّ الْكَعْبَةِ. وحَبِجَت الإِبلُ، بِالْكَسْرِ، حَبَجاً، فَهِيَ حَبْجَى وحَباجَى، مِثْلُ حَمْقَى وحَماقى، وحَبِجَةٌ: ورِمَتْ بطونُها مِنْ أَكل العَرْفَجِ وَاجْتَمَعَ فِيهَا عُجَرٌ حَتَّى تَشْتَكِيَ مِنْهُ، فتمرَّغت وزَحَرَتْ. ابْنُ الأَعرابي: الحَبْجُ أَن يأْكل البعيرُ لِحاءَ العَرْفَجِ فَيَسْمَنَ عَلَى ذَلِكَ، وَيَصِيرَ فِي بَطْنِهِ مثلُ الأَفْهارِ، وَرُبَّمَا قَتَلَهُ ذَلِكَ. والحَبِجُ: السَّمِينُ الكثيرُ الأَعْفاجِ. وَرُوِيَ
عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ أَنه قَالَ: إِنَّا وَاللَّهِ لَا نَمُوتُ عَلَى مَضَاجِعِنَا حَبَجاً، كَمَا يَمُوتُ بَنُو مَرْوَانَ، وَلَكِنَّا نَمُوتُ قَعْصاً بالرِّماح ومَوْتاً تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: الحَبَجُ، بِفَتْحَتَيْنِ، هُوَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَكل الْبَعِيرِ لِحَاء العَرْفَجِ وَيَسْمَنُ عَلَيْهِ، وَرُبَّمَا بَشِمَ مِنْهُ فَقَتَلَهُ؛ يُعَرِّضُ بِبَني مَرْوَانَ لِكَثْرَةِ أَكلهم وإِسرافهم فِي مَلَاذِّ الدُّنْيَا، وأَنهم يَمُوتُونَ بِالتُّخَمَةِ. الأَزهري: حَبَجَ البعيرُ إِذا أَكل العَرْفَج فتَكَبَّبَ فِي بَطْنِهِ وَضَاقَ مَبْعَرُه عَنْهُ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ جَوْفِهِ، فَرُبَّمَا هَلَكَ وَرُبَّمَا نَجَا؛ قَالَ وأَنشدنا أَبو عَبْدِ الرَّحْمَنِ:
أَشْبَعْتُ رَاعِيَّ مِنَ اليَهْيَرِّ، ... وظَلَّ يَبْكي حَبَجاً بِشَرِّ،
خَلْفَ اسْتِهِ مِثْلَ نَقِيقِ الهِرِّ
قَالَ أَبو زَيْدٍ: الحَبَجُ لِلْبَعِيرِ بِمَنْزِلَةِ اللَّوَى للإِنسان، فإِن سَلَحَ أَفاق وإِلَّا مَاتَ. ابْنُ سِيدَهْ: حَبَجَ الرَّجُلُ حُباجاً وَرِمَ بطنُه وارْتُطِمَ عَلَيْهِ؛ وَقِيلَ: الحَبَجُ الِانْتِفَاخُ حَيْثُمَا كَانَ، مِنْ مَاءٍ أَو غَيْرِهِ. وَرَجُلٌ حَبِجٌ: سَمِينٌ. والحَبْجُ والحِبْجُ: مُجْتَمَعُ الحَيّ ومعظمُه. وأَحْبَجَتْ لَنَا النارُ: بَدَتْ بَغْتَةً، وَكَذَلِكَ العَلَمُ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
عَلَوْتُ أَحْشاهُ إِذا مَا أَحْبَجَا
وأَحْبَجَ لَكَ الأَمرُ إِذا اعْتَرَضَ فأَمكن. والحَبَجُ: شُجيرة سُحَيْماءُ حِجَازِيَّةٌ تُعمل مِنْهَا الْقِدَاحُ، وَهِيَ عَتِيقَةُ الْعُودِ، لَهَا وُرَيْقَةٌ تَعْلُوهَا صُفْرَةُ، وَتَعْلُو صُفْرَتَها غُبْرَةٌ دُونَ وَرَقِ الخُبَّازَى. والحَوْبَجَةُ: وَرَمٌ يُصِيبُ الإِنسان فِي يَدَيْهِ، يَمَانِيَةٌ، حَكَاهُ ابْنُ دُرَيْدٍ قَالَ: وَلَا أَدري مَا صِحَّتُهَا، فَلِذَلِكَ أُخرت عن موضعها.

(2/225)


حبرج: الحُبْرُجُ والحُبارِجُ: ذَكَر الحُبَارَى كالحُبجُرِ والحُباجِر. والحُبرُجُ والحُبارِجُ: دُويْبَّة. ابْنُ الأَعرابي: الحَبارِيجُ طُيُورُ الْمَاءِ المُلَعَّمَة «2». وَقَالَ: الحَبارِجُ مِنْ طَيْرِ الماء.
حجج: الحَجُّ: القصدُ. حَجَّ إِلينا فلانٌ أَي قَدِمَ؛ وحَجَّه يَحُجُّه حَجّاً: قَصَدَهُ. وحَجَجْتُ فُلَانًا واعتَمَدْتُه أَي قَصَدْتُهُ. ورجلٌ محجوجٌ أَي مَقْصُودٌ. وَقَدْ حَجَّ بَنُو فُلَانٍ فُلَانًا إِذا أَطالوا الِاخْتِلَافَ إِلَيْهِ؛ قَالَ المُخَبَّلُ السَّعْدِيُّ:
وأَشْهَدُ مِنْ عَوْفٍ حُلُولًا كثِيرةً، ... يَحُجُّونَ سِبَّ الزِّبْرِقانِ المُزَعْفَرا
أَي يَقْصِدُونه وَيَزُورُونَهُ. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: يَقُولُ يُكْثِرُونَ الِاخْتِلَافَ إِليه، هَذَا الأَصل، ثُمَّ تُعُورِفَ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْقَصْدِ إِلى مَكَّةَ للنُّسُكِ والحجِّ إِلى الْبَيْتِ خَاصَّةً؛ تَقُولُ حَجَّ يَحُجُّ حَجًّا. والحجُّ قَصْدُ التَّوَجُّه إِلى الْبَيْتِ بالأَعمال الْمَشْرُوعَةِ فَرْضًا وسنَّة؛ تَقُولُ: حَجَجْتُ البيتَ أَحُجُّه حَجًّا إِذا قَصَدْتَهُ، وأَصله مِنْ ذَلِكَ. وَجَاءَ فِي التَّفْسِيرِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، خَطَبَ الناسَ فأَعلمهم أَن اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمُ الحجَّ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي أَسد فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفي كلِّ عامٍ؟ فأَعرض عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَعَادَ الرجلُ ثَانِيَةً، فأَعرض عَنْهُ، ثُمَّ عَادَ ثَالِثَةً، فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: مَا يُؤَمِّنُكَ أَن أَقولَ نَعَمْ، فَتَجِبَ، فَلَا تَقُومُونَ بِهَا فَتَكْفُرُونَ؟
أَي تَدْفَعُونَ وُجُوبَهَا لِثِقَلِهَا فَتَكْفُرُونَ. وأَراد عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: مَا يُؤَمِّنُكَ أَن يُوحَى إِليَّ أَنْ قُلْ نَعَمْ فَأَقولَ؟ وحَجَّه يَحُجُّه، وَهُوَ الحجُّ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: حجَّه يَحُجُّه حِجًّا، كَمَا قَالُوا: ذَكَرَهُ ذِكْراً؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
يومَ تَرَى مُرْضِعَةً خَلوجا، ... وكلَّ أُنثَى حَمَلَتْ خَدُوجا
وكلَّ صاحٍ ثَمِلًا مَؤُوجا، ... ويَسْتَخِفُّ الحَرَمَ المَحْجُوجا
فسَّره فَقَالَ: يَسْتَخِفُّ الناسُ الذهابَ إِلى هَذِهِ الْمَدِينَةِ لأَن الأَرض دُحِيَتْ مِنْ مَكَّةَ، فَيَقُولُ: يَذْهَبُ النَّاسُ إِليها لأَن يُحْشَرُوا مِنْهَا. وَيُقَالُ: إِنما يَذْهَبُونَ إِلى بَيْتِ الْمَقْدِسِ. ورجلٌ حاجٌّ وقومٌ حُجَّاجٌ وحَجِيجٌ والحَجِيجُ: جماعةُ الحاجِّ. قَالَ الأَزهري: وَمِثْلُهُ غازٍ وغَزِيٌّ، وناجٍ ونَجِيٌّ، ونادٍ ونَدِيٌّ، للقومِ يَتَناجَوْنَ وَيَجْتَمِعُونَ فِي مَجْلِسٍ، وللعادِينَ عَلَى أَقدامهم عَدِيٌّ؛ وَتَقُولُ: حَجَجْتُ البيتَ أَحُجُّه حَجًّا، فأَنا حاجٌّ. وَرُبَّمَا أَظهروا التَّضْعِيفَ فِي ضَرُورَةِ الشِّعْرِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
بِكُلِّ شَيْخٍ عامِرٍ أَو حاجِجِ
وَيُجْمَعُ عَلَى حُجٍّ، مِثْلِ بازلٍ وبُزْلٍ، وعائذٍ وعُوذٍ؛ وأَنشد أَبو زَيْدٍ لِجَرِيرٍ يَهْجُو الأَخطل وَيَذْكُرُ مَا صَنَعَهُ الجحافُ بْنُ حَكِيمٍ السُّلمي مِنْ قَتْلِ بَنِي تَغْلِبَ قَوْمِ الأَخطل باليُسُرِ، وَهُوَ ماءٌ لِبَنِي تَمِيمٍ:
قَدْ كانَ فِي جِيَفٍ بِدِجْلَةَ حُرِّقَتْ، ... أَو فِي الذينَ عَلَى الرَّحُوبِ شُغُولُ
وكأَنَّ عافِيَةَ النُّسُور عليهمُ ... حُجٌّ، بأَسْفَلِ ذِي المَجَازِ نُزُولُ
يقول: لما كثر قَتْلَى بَنِي تَغْلِبَ جافَتِ الأَرضُ فحُرّقوا لِيَزُولَ نَتْنُهُمْ. والرَّحُوبُ: ماءٌ لِبَنِي تَغْلِبَ. وَالْمَشْهُورُ فِي رِوَايَةِ الْبَيْتِ: حِجٌّ، بالكسر،
__________
(2).
لم نجد لهذه اللفظة أَصلًا في المعاجم، وربما كانت محرّفة.

(2/226)


وَهُوَ اسْمُ الحاجِّ. وعافِيةُ النُّسُورِ: هِيَ الْغَاشِيَةُ الَّتِي تَغْشَى لُحُومَهُمْ. وَذُو الْمَجَازِ: سُوقٌ مِنْ أَسواق الْعَرَبِ. والحِجُّ، بِالْكَسْرِ، الِاسْمُ. والحِجَّةُ: المرَّة الْوَاحِدَةُ، وَهُوَ مِنَ الشَّواذِّ، لأَن الْقِيَاسَ بِالْفَتْحِ. وأَما قَوْلُهُمْ: أَقْبَلَ الحاجُّ والداجُّ؛ فَقَدْ يَكُونُ أَن يُرادَ بِهِ الجِنسُ، وَقَدْ يَكُونُ اسْمًا لِلْجَمْعِ كَالْجَامِلِ وَالْبَاقِرِ. وَرَوَى الأَزهري عَنْ أَبي طَالِبٍ فِي قَوْلِهِمْ: مَا حَجَّ وَلَكِنَّهُ دَجَّ؛ قَالَ: الْحَجُّ الزِّيَارَةُ والإِتيان، وإِنما سُمِّيَ حَاجًّا بِزِيَارَةِ بَيْتِ اللَّهِ تَعَالَى؛ قَالَ دُكَين:
ظَلَّ يَحُجُّ، وظَلِلْنا نَحْجُبُهْ، ... وظَلَّ يُرْمَى بالحَصى مُبَوَّبُهْ
قَالَ: والداجُّ الَّذِي يَخْرُجُ لِلتِّجَارَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَمْ يَتْرُكْ حاجَّةً وَلَا داجَّة.
الحاجُّ والحاجَّةُ: أَحد الحُجَّاجِ، والداجُّ والدَّاجَّةُ: الأَتباعُ؛ يُرِيدُ الجماعةَ الحاجَّةَ ومَن مَعَهُمْ مِن أَتباعهم؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
هَؤُلَاءِ الداجُّ وليْسُوا بالحاجِّ.
ويقال لِلرَّجُلِ الْكَثِيرِ الحجِّ: إِنه لحَجَّاجٌ، بِفَتْحِ الْجِيمِ، مِنْ غَيْرِ إِمالة، وَكُلُّ نَعْتٍ عَلَى فَعَّال فَهُوَ غَيْرُ مُمَالِ الأَلف، فإِذا صيَّروه اسْمًا خَاصًّا تَحَوَّلَ عَنْ حالِ النَّعْتِ، وَدَخَلَتْهُ الإِمالَةُ، كَاسْمِ الحَجَّاجِ والعَجَّاجِ. والحِجُّ: الحُجَّاجُ؛ قَالَ:
كأَنما، أَصْواتُها بالوادِي، ... أَصْواتُ حِجٍّ، مِنْ عُمانَ، عَادِي
هَكَذَا أَنشده ابْنُ دُرَيْدٍ بِكَسْرِ الْحَاءِ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَقَالُوا حَجَّةٌ واحدةٌ، يُرِيدُونَ عَمَلَ سَنَةٍ وَاحِدَةٍ. قَالَ الأَزهري: الحَجُّ قَضاءُ نُسُكِ سَنَةٍ واحدةٍ، وبعضٌ يَكسر الْحَاءَ، فَيَقُولُ: الحِجُّ والحِجَّةُ؛ وَقُرِئَ: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ
، وَالْفَتْحُ أَكثر. وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ
؛ يقرأُ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا، وَالْفَتْحُ الأَصل. والحَجُّ: اسْمُ العَمَل. واحْتَجَّ البَيْتَ: كحَجَّه عَنِ الْهَجَرِيِّ؛ وأَنشد:
تَرَكْتُ احْتِجاجَ البَيْتِ، حَتَى تَظَاهَرَتْ ... عليَّ ذُنُوبٌ، بَعْدَهُنَّ ذُنُوبُ
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ
؛ هِيَ شوَّال وَذُو الْقَعْدَةِ، وعشرٌ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: مَعْنَاهُ وقتُ الْحَجِّ هَذِهِ الأَشهرُ. وَرُوِيَ عَنِ الأَثرم وَغَيْرِهِ: مَا سَمِعْنَاهُ مِنَ الْعَرَبِ حَجَجْتُ حَجَّةً، وَلَا رأَيتُ رأْيَةً، وإِنما يَقُولُونَ حَجَجْتُ حِجَّةً. قَالَ: والحَجُّ والحِجُّ لَيْسَ عِنْدَ الْكِسَائِيِّ بَيْنَهُمَا فُرْقانٌ. وَغَيْرُهُ يَقُولُ: الحَجُّ حَجُّ البيْتِ، والحِجُّ عَمَلُ السَّنَةِ. وَتَقُولُ: حَجَجْتُ فُلَانًا إِذا أَتَيْتَه مرَّة بَعْدَ مَرَّةٍ، فَقِيلَ: حُجَّ البَيْتُ لأَن الناسَ يأْتونه كلَّ سَنَةٍ. قَالَ الْكِسَائِيُّ: كَلَامُ الْعَرَبِ كُلُّهُ عَلَى فَعَلْتُ فَعْلَةً إِلّا قولَهم حَجَجْتُ حِجَّةً، ورأَيتُ رُؤْيَةً. والحِجَّةُ: السَّنَةُ، وَالْجَمْعُ حِجَجٌ. وَذُو الحِجَّةِ: شهرُ الحَجِّ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِلحَجِّ فِيهِ، وَالْجَمْعُ ذَواتُ الحِجَّةِ، وذَواتُ القَعْدَةِ، وَلَمْ يَقُولُوا: ذَوُو عَلَى وَاحِدِهِ. وامرأَة حاجَّةٌ ونِسْوَةٌ حَواجُّ بَيْتِ اللَّهِ بالإِضافة إِذا كُنَّ قَدْ حَجَجْنَ، وإِن لَمْ يَكُنَّ قَدْ حَجَجْنَ، قُلْتَ: حَواجُّ بَيْتَ اللَّهِ، فَتَنْصِبُ الْبَيْتَ لأَنك تُرِيدُ التَّنْوِينَ فِي حَواجَّ، إِلا أَنه لَا يَنْصَرِفُ، كَمَا يُقَالُ: هَذَا ضارِبُ زيدٍ أَمْسِ، وضارِبٌ زَيْدًا غَدًا، فَتَدُلُّ بِحَذْفِ التَّنْوِينِ عَلَى أَنه قَدْ ضَرَبَهُ، وبإِثبات التَّنْوِينِ عَلَى أَنه لَمْ يَضْرِبْهُ. وأَحْجَجْتُ فُلَانًا إِذا بَعَثْتَه لِيَحُجَّ. وَقَوْلُهُمْ: وحَجَّةِ

(2/227)


اللَّهِ لَا أَفْعَلُ بِفَتْحِ أَوَّله وخَفْضِ آخِرِهِ، يمينٌ لِلْعَرَبِ. الأَزهريُّ: وَمِنْ أَمثال الْعَرَبِ: لَجَّ فَحَجَّ؛ مَعْنَاهُ لَجَّ فَغَلَبَ مَنْ لاجَّه بحُجَجِه. يُقَالُ: حاجَجْتُه أُحاجُّه حِجاجاً ومُحاجَّةً حَتَّى حَجَجْتُه أَي غَلَبْتُه بالحُجَجِ الَّتِي أَدْلَيْتُ بها؛ وقيل: مَعْنَى قَوْلِهِ لَجَّ فَحَجَّ أَي أَنه لَجَّ وتمادَى بِهِ لَجاجُه، وأَدَّاه اللَّجاجُ إِلى أَن حَجَّ البيتَ الْحَرَامَ، وَمَا أَراده؛ أُريد: أَنه هاجَر أَهلَه بلَجاجه حَتَّى خَرَجَ حَاجًّا. والمَحَجَّةُ: الطَّرِيقُ؛ وَقِيلَ: جادَّةُ الطَّرِيقِ؛ وَقِيلَ: مَحَجَّة الطَّرِيقِ سَنَنُه. والحَجَوَّجُ: الطَّرِيقُ تَسْتَقِيمُ مَرَّةً وتَعْوَجُّ أُخْرى؛ وأَنشد:
أَجَدُّ أَيامُك مِنْ حَجَوَّجِ، ... إِذا اسْتَقامَ مَرَّةً يُعَوَّجِ
والحُجَّة: البُرْهان؛ وَقِيلَ: الحُجَّة مَا دُوفِعَ بِهِ الْخَصْمُ؛ وَقَالَ الأَزهري: الحُجَّة الْوَجْهُ الَّذِي يَكُونُ بِهِ الظَّفَرُ عِنْدَ الْخُصُومَةِ. وَهُوَ رَجُلٌ مِحْجاجٌ أَي جَدِلٌ. والتَّحاجُّ: التَّخاصُم؛ وَجَمْعُ الحُجَّةِ: حُجَجٌ وحِجاجٌ. وحاجَّه مُحاجَّةً وحِجاجاً: نَازَعَهُ الحُجَّةَ. وحَجَّه يَحُجُّه حَجّاً: غَلَبَهُ عَلَى حُجَّتِه. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَحَجَّ آدمُ مُوسَى
أَي غَلَبَه بالحُجَّة. واحْتَجَّ بالشيءِ: اتَّخَذَهُ حُجَّة؛ قَالَ الأَزهري: إِنما سُمِّيَتْ حُجَّة لأَنها تُحَجُّ أَي تقتصد لأَن الْقَصْدَ لَهَا وإِليها؛ وَكَذَلِكَ مَحَجَّة الطَّرِيقِ هِيَ المَقْصِدُ والمَسْلَكُ. وَفِي حَدِيثِ الدَّجَّالِ:
إِن يَخْرُجْ وأَنا فِيكُمْ فأَنا حَجِيجُه
أَي مُحاجُّهُ ومُغالِبُه بإِظهار الحُجَّة عَلَيْهِ. والحُجَّةُ: الدَّلِيلُ وَالْبُرْهَانُ. يُقَالُ: حاجَجْتُه فأَنا مُحاجٌّ وحَجِيجٌ، فَعِيل بِمَعْنَى فَاعِلٍ. وَمِنْهُ حَدِيثُ
مُعَاوِيَةَ: فَجَعَلْتُ أَحُجُّ خَصْمِي
أَي أَغْلِبُه بالحُجَّة. وحَجَّه يَحُجُّه حَجّاً، فَهُوَ مَحْجوجٌ وحَجِيج، إِذا قَدَحَ بالحَديد فِي العَظْمِ إِذا كَانَ قَدْ هَشَمَ حَتَّى يَتَلَطَّخ الدِّماغُ بِالدَّمِ فيَقْلَعَ الجِلْدَة الَّتِي جَفَّت، ثُمَّ يُعالَج ذَلِكَ فَيَلْتَئِمُ بِجِلْدٍ وَيَكُونَ آمَّةً؛ قَالَ أَبو ذؤَيب يَصِفُ امرأَة:
وصُبَّ عَلَيْهَا الطِّيبُ حَتَّى كأَنَّها ... أَسِيٌّ، عَلَى أُمِّ الدِّماغ، حَجِيجُ
وَكَذَلِكَ حَجَّ الشجَّةَ يَحُجُّها حَجّاً إِذا سَبَرها بالمِيلِ ليُعالِجَها؛ قَالَ عذارُ بنُ دُرَّةَ الطَّائِيُّ: يَحُجُ
مَأْمُومَةً، فِي قَعْرِها لَجَفٌ، ... فاسْتُ الطَّبِيب قَذاها كالمَغاريدِ
المَغاريدُ: جَمْعُ مُغْرُودٍ، هُوَ صَمْغٌ مَعْرُوفٌ. وَقَالَ: يَحُجُّ يُصْلِحُ مَأْمُومَةً شَجَّةً بَلَغَتْ أُمَّ الرأْس؛ وَفَسَّرَ ابْنُ دُرَيْدٍ هَذَا الشِّعْرَ فَقَالَ: وَصَفَ هَذَا الشَّاعِرُ طَبِيبًا يُدَاوِي شَجَّةً بعيدَة القَعْر، فَهُوَ يَجْزَعُ مِنْ هَوْلِها، فَالْقَذَى يَتَسَاقَطُ مِنِ اسْتِهِ كالمَغاريد؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: استُ الطَّبِيبِ يُرادُ بِهَا مِيلُهُ، وشَبَّهَ مَا يَخْرُجُ مِنَ القَذى عَلَى مِيلِهِ بِالْمَغَارِيدِ. والمَغاريدُ: جَمْعُ مُغْرُودٍ، وَهُوَ صَمْغٌ مَعْرُوفٌ. وَقِيلَ: الحَجُّ أَن يُشَجَّ الرجلُ فَيَخْتَلِطَ الدَّمُ بِالدِّمَاغِ، فَيُصَبَّ عَلَيْهِ السَّمْنُ المُغْلَى حَتَّى يَظْهَرَ الدَّمُ، فيؤْخذَ بِقُطْنَةٍ. الأَصمعي: الحَجِيجُ مِنَ الشِّجاجِ الَّذِي قَدْ عُولِجَ، وَهُوَ ضَرْبٌ مِنْ عِلَاجِهَا. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: الحَجُّ أَن تُفْلَقَ الهامَةُ فَتُنْظَرَ هَلْ فِيهَا عَظْم أَو دَمٌ. قَالَ: والوَكْسُ أَن يقَعَ فِي أُمِّ الرأْس دَمٌ أَو عِظَامٌ أَو يُصِيبُهَا عَنَتٌ؛ وَقِيلَ: حَجَّ الجُرْحَ

(2/228)


سَبَرَهُ لِيَعْرِفَ غَوْرَهُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: والحُجُجُ: الجِراحُ المَسْبُورَةُ. وَقِيلَ: حَجَجْتُها قِسْتُها، وحَجَجْتُهُ حَجّاً، فَهُوَ حَجِيجٌ، إِذا سَبَرْتَ شَجَّتَه بالمِيل لِتُعالِجَه. والمِحْجاجُ: المِسْبارُ. وحَجَّ العَظْمَ يَحُجُّهُ حَجّاً: قَطَعَهُ مِنَ الجُرْح وَاسْتَخْرَجَهُ، وَقَدْ فَسَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا أُنشِدْنا لأَبي ذُؤَيْبٍ. ورأْسٌ أَحَجُّ: صُلْبٌ. واحْتَجَّ الشيءُ: صَلُبَ؛ قَالَ المَرَّارُ الفَقْعَسِيُّ يَصِفُ الرِّكَابَ فِي سَفَرٍ كَانَ سَافَرَهُ:
ضَرَبْنَ بكُلِّ سالِفَةٍ ورَأْسٍ ... أَحَجَّ، كَأَنَّ مُقْدَمَهُ نَصِيلُ
والحَجاجُ والحِجاجُ: العَظْمُ النابِتُ عَلَيْهِ الحاجِبُ. والحِجاجُ: العَظْمُ المُسْتَديرُ حَوْلَ الْعَيْنِ، وَيُقَالُ: بَلْ هُوَ الأَعلى تَحْتَ الْحَاجِبِ؛ وأَنشد قَوْلَ الْعَجَّاجِ:
إِذا حِجاجا مُقْلَتَيْها هَجَّجا
وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: هُوَ الحَجَّاجُ «3». والحَجَاجُ: العَظْمُ المُطْبِقُ عَلَى وَقْبَةِ الْعَيْنِ وَعَلَيْهِ مَنْبَتُ شعَر الْحَاجِبِ. والحَجَاجُ والحِجَاجُ، بِفَتْحِ الحاءِ وَكَسْرِهَا: الْعَظْمُ الَّذِي يَنْبُتُ عَلَيْهِ الْحَاجِبُ، وَالْجَمْعُ أَحِجَّة؛ قَالَ رؤْبة:
صَكِّي حِجاجَيْ رَأْسِه وبَهْزي
وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَتِ الضبُعُ وأَولادُها فِي حِجاجِ [حَجاجِ] عينِ رَجُلٍ مِنَ الْعَمَالِيقِ.
الحِجاج، بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ: الْعَظْمُ الْمُسْتَدِيرُ حَوْلَ الْعَيْنِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
جَيْشِ الخَبَطِ: فَجَلَسَ فِي حَجَاج عَيْنِهِ كَذَا كَذَا نَفَرًا
؛ يَعْنِي السَّمَكَةَ الَّتِي وَجَدُوهَا عَلَى الْبَحْرِ. وَقِيلَ: الحِجاجان الْعَظْمَانِ المُشرِفانِ عَلَى غارِبَي الْعَيْنَيْنِ؛ وَقِيلَ: هُمَا مَنْبَتا شعَرِ الْحَاجِبَيْنِ مِنَ الْعَظْمِ؛ وَقَوْلُهُ:
تُحاذِرُ وَقْعَ الصَّوْتِ خَرْصاءُ ضَمَّها ... كَلالٌ، فَحالَتْ فِي حِجا حاجِبٍ ضَمْرِ
فإِن ابْنَ جِنِّيٍّ قَالَ: يُرِيدُ فِي حِجاجِ حاجِبٍ ضَمْرٍ، فَحُذِفَ لِلضَّرُورَةِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنه أَراد بِالْحِجَا هَاهُنَا النَّاحِيَةَ؛ وَالْجَمْعُ: أَحِجَّةٌ وحُجُجٌ. قَالَ أَبو الْحَسَنِ: حُجُجٌ شَاذٌّ لأَن مَا كَانَ مِنْ هَذَا النَّحْوِ لَمْ يُكَسَّر عَلَى فُعُلٍ، كَرَاهِيَةَ التَّضْعِيفِ؛ فأَما قَوْلُهُ:
يَتْرُكْنَ بالأَمالِسِ السَّمالِجِ، ... للطَّيْرِ واللَّغاوِسِ الهَزالِجِ،
كلَّ جَنِينٍ مَعِرِ الحَواجِجِ
فإِنه جَمَعَ حِجاجاً عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، وأَظهر التَّضْعِيفَ اضْطِرَارًا. والحَجَجُ: الوَقْرَةُ فِي الْعَظْمِ. والحِجَّةُ، بِكَسْرِ الحاءِ، والحاجَّةُ: شَحْمَةُ الأُذُنِ، الأَخيرة اسْمٌ كَالْكَاهِلِ وَالْغَارِبِ؛ قَالَ لَبِيدٌ يَذْكُرُ نِسَاءً:
يَرُضْنَ صِعابَ الدُّرِّ فِي كلِّ حِجَّةٍ، ... وإِنْ لَمْ تَكُنْ أَعْناقُهُنَّ عَواطِلا
غَرائِرُ أَبْكارٌ، عَلَيْها مَهابَةٌ، ... وعُونٌ كِرامٌ يَرْتَدينَ الوَصائِلا
يَرُضْنَ صِعابَ الدُّرِّ أَي يَثْقُبْنَهُ. والوصائِلُ: بُرُودُ اليَمن، وَاحِدَتُهَا وَصِيلة. والعُونُ جَمْعُ عَوانٍ: للثيِّب. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الحِجَّةُ هَاهُنَا المَوْسِمُ؛
__________
(3).
قوله [الحجاج] هو بالتشديد في الأَصل المعوّل عليه بأَيدينا، ولم نجد التشديد في كتاب من كتب اللغة التي بأيدينا.

(2/229)


وَقِيلَ: فِي كُلِّ حِجَّة أَي فِي كُلِّ سَنَةٍ، وَجَمْعُهَا حِجَجٌ. أَبو عَمْرٍو: الحِجَّةُ والحَجَّةُ ثُقْبَةُ شَحْمَة الأُذن. والحَجَّة أَيضاً: خَرَزَةٌ أَو لُؤْلُؤَةٌ تُعَلَّق فِي الأُذن؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَرُبَّمَا سُمِّيَتْ حاجَّةً. وحِجاجُ [حَجاجُ] الشَّمْسِ: حاجِبُها، وَهُوَ قَرْنها؛ يُقَالُ: بَدَا حِجاجُ الشَّمْسِ. وحِجاجا [حَجاجا] الْجَبَلِ: جَانِبَاهُ. والحُجُجُ: الطرُقُ المُحَفَّرَةُ. والحَجَّاجُ: اسْمُ رَجُلٍ؛ أَماله بَعْضُ أَهل الإِمالة فِي جَمِيعِ وُجُوهِ الإِعراب عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ فِي الرَّفْعِ وَالنَّصْبِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ النَّاسُ فِي الجرِّ خَاصَّةً؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما مَثَّلْتُهُ بِهِ لأَن أَلف الْحَجَّاجِ زَائِدَةٌ غَيْرُ مُنْقَلِبَةٍ، وَلَا يُجَاوِرُهَا مَعَ ذَلِكَ مَا يُوجِبُ الإِمالة، وَكَذَلِكَ النَّاسُ لأَن الأَصل إِنما هُوَ الأُناس فَحَذَفُوا الْهَمْزَةَ، وَجَعَلُوا اللَّامَ خَلَفاً مِنْهَا كَاللَّهِ إِلا أَنهم قَدْ قَالُوا الأُناس، قَالَ: وَقَالُوا مَرَرْتُ بِنَاسٍ فأَمالوا فِي الْجَرِّ خَاصَّةً، تَشْبِيهًا للأَلف بأَلف فاعِلٍ، لأَنها ثَانِيَةٌ مِثْلُهَا، وَهُوَ نَادِرٌ لأَن الأَلف لَيْسَتْ مُنْقَلِبَةً؛ فأَما فِي الرَّفْعِ وَالنَّصْبِ فَلَا يُمِيلُهُ أَحد، وَقَدْ يَقُولُونَ: حَجَّاج، بِغَيْرِ أَلف وَلَامٍ، كَمَا يَقُولُونَ: الْعَبَّاسُ وَعَبَّاسٌ، وَتَعْلِيلُ ذَلِكَ مَذْكُورٌ فِي مَوَاضِعِهِ. وحِجِجْ: مِنْ زَجْرِ الْغَنَمِ. وَفِي حَدِيثِ الدعاءِ:
اللَّهُمَّ ثَبِّت حُجَّتي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ
أَي قَوْلي وإِيماني فِي الدُّنْيَا وَعِنْدَ جَوَابِ الْمَلَكَيْنِ فِي الْقَبْرِ.
حجحج: الحَجْحَجَة: النُّكُوصُ. يُقَالُ: حَمَلُوا عَلَى الْقَوْمِ حَمْلَةً ثُمَّ حَجْحَجُوا. وحَجْحَجَ الرجلُ: نَكَصَ، وَقِيلَ: عَجَزَ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
ضَرْباً طِلَحْفاً لَيْسَ بالمُحَجْحِجِ
أَي لَيْسَ بِالْمُتَوَانِي المُقَصِّر. وحَجْحَجَ الرَّجُلُ إِذا أَراد أَن يَقُولَ مَا فِي نَفْسِهِ ثُمَّ أَمسك، وَهُوَ مِثْلُ المَجْمَجَة. وَفِي الْمُحْكَمِ: حَجْحَجَ الرَّجُلُ: لَمْ يُبْدِ مَا فِي نَفْسِهِ. والحَجْحَجَةُ: التَّوَقُّفُ عَنِ الشيءِ والارتداعُ. وحَجْحَجَ عَنِ الشَّيْءِ: كفَّ عَنْهُ. وحَجْحَجَ: صَاحَ. وتَحَجْحَجَ: صَاحَ. وَتَحَجْحَجَ القومُ بِالْمَكَانِ: أَقاموا بِهِ فَلَمْ يَبْرَحُوا. وكَبْشٌ حَجْحَجٌ: عَظِيمٌ؛ قَالَ:
أَرْسَلْتُ فِيهَا حَجْحَجاً قَدْ أَسْدَسا
حدج: الحِدْجُ: الحِمْلُ. والحِدْجُ: مِنْ مَرَاكِبِ النساءِ يُشْبِهُ المِحَفَّة، والجمعُ أَحْداجٌ وحُدُوجٌ، وَحَكَى الْفَارِسِيُّ: حُدُجٌ، وأَنشد عَنْ ثَعْلَبٍ:
قُمْنا فآنَسْنا الحُمُولَ والحُدُجْ
وَنَظِيرُهُ سِتْرٌ وسُتُرٌ؛ وأَنشد أَيضاً:
والمَسْجِدانِ وبَيْتٌ نَحْنُ عامِرُهُ ... لَنا، وزَمْزَمُ والأَحْواضُ والسُّتُرُ
والحُدُوجُ: الإِبلُ بِرِحَالِهَا؛ قَالَ:
عَيْنا ابنِ دَارَةَ خَيرٌ مِنْكُمَا نَظَراً ... إِذِ الحُدُوجُ بأَعْلى عاقِلٍ زُمَرُ
والحِداجَةُ كالحِدْجِ، وَالْجَمْعُ حَدائِجُ. قَالَ اللَّيْثُ: الحِدْجُ مَرْكَبٌ لَيْسَ بِرَحْلٍ وَلَا هَوْدَجٍ، تَرْكَبُهُ نساءُ الأَعراب. قَالَ الأَزهري: الحِدْجُ، بِكَسْرِ الْحَاءِ، مَرْكَبٌ مِنْ مَرَاكِبِ النِّسَاءِ نَحْوُ الْهَوْدَجِ والمِحَفَّة؛ وَمِنْهُ الْبَيْتُ السَّائِرُ: شَرَّ
يَوْمَيْها، وأَغْواهُ لَهَا، ... رَكِبَتْ عَنْزٌ، بِحِدْجٍ، جَمَلا

(2/230)


وَقَدْ ذَكَرْنَا تَفْسِيرَ هَذَا الْبَيْتِ فِي تَرْجَمَةِ عنز؛ وَقَالَ الْآخَرُ:
فَجَرَ البَغِيُّ بِحِدْجِ رَبَّتِها، ... إِذا مَا الناسُ شَلُّوا
وحَدَجَ البعيرَ والنَّاقَةَ يَحْدِجُهما حَدْجاً وحِداجاً، وأَحْدَجَهما: شَدَّ عَلَيْهِمَا الحِدْجَ والأَداةَ ووَسَّقَهُ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَكَذَلِكَ شَدُّ الأَحمال وتوسيقُها؛ قَالَ الأَعشى:
أَلا قُلْ لِمَيْثاءَ: مَا بالُها؟ ... أَلِلْبَيْنِ تُحْدَجُ أَحْمالُها؟
وَيُرْوَى: أَجمالُها، بِالْجِيمِ، أَي تُشَدُّ عَلَيْهَا، وَالرِّوَايَةُ الصَّحِيحَةُ: تُحْدَجُ أَجمالُها. قَالَ الأَزهري: وأَما حَدْجُ الأَحمال بِمَعْنَى تَوْسِيقِهَا فَغَيْرُ مَعْرُوفٍ عِنْدَ الْعَرَبِ، وَهُوَ غَلَطٌ. قَالَ شَمِرٌ: سَمِعْتُ أَعرابيّاً يَقُولُ: انْظُرُوا إِلى هَذَا الْبَعِيرِ الغُرْنُوقِ الَّذِي عَلَيْهِ الحِداجَةُ، قَالَ: وَلَا يُحْدَجُ البعيرُ حَتَّى تَكْمُلَ فِيهِ الأَداةُ، وَهِيَ البِدادانِ والبِطانُ والحَقَبُ، وجمعُ الحِداجَةِ حَدائِجُ. قَالَ: وَالْعَرَبُ تُسَمِّي مَخَالِي القَتَبِ أَبِدَّةً، وَاحِدُهَا بِدادٌ، فإِذا ضُمَّتْ وأُسرت وَشُدَّتْ إِلى أَقتابها مَحْشُوَّةً، فَهِيَ حِينَئِذٍ حِداجَةٌ. وَسُمِّيَ الْهَوْدَجُ الْمَشْدُودُ فَوْقَ الْقَتَبِ حَتَّى يُشَدَّ عَلَى الْبَعِيرِ شَدًّا وَاحِدًا بِجَمِيعِ أَداته: حِدْجاً، وَجَمْعُهُ حُدُوجٌ. وَيُقَالُ: احْدِجْ بَعِيرَكَ أَي شُدَّ عَلَيْهِ قَتَبَهُ بأَداته. ابْنُ السِّكِّيتِ: الحُدُوجُ والأَحْداجُ والحَدائجُ مراكبُ النساءِ، واحدُها حِدْجٌ وحِداجَةٌ؛ قَالَ الأَزهري: لَمْ يُفَرِّقِ ابْنُ السِّكِّيتِ بَيْنَ الحِدْجِ والحِداجَةِ، وَبَيْنَهُمَا فَرْقٌ عِنْدَ الْعَرَبِ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: سَمِعْتُ أَبا صَاعِدٍ الكلابيَّ يَقُولُ: قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ لِصَاحِبِهِ فِي أَتانٍ شَرُودٍ: الْزَمْها، رَمَاهَا اللَّهُ بِرَاكِبٍ قليلِ الحِداجَةِ، بعيدِ الحاجَةِ أَراد بالحِداجَةِ أَداةَ القَتَبِ. وَرُوِيَ
عَنْ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنه قَالَ: حَجَّةً هَاهُنَا ثُمَّ احْدِجْ هَاهُنَا حَتَّى تَفْنى
؛ يَعْنِي إِلى الْغَزْوِ، قَالَ: الحَدْجُ شَدُّ الأَحمال وَتَوْسِيقُهَا؛ قَالَ الأَزهري: مَعْنَى
قَوْلُ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، ثُمَّ احْدِجْ هَاهُنَا
أَي شُدَّ الحِداجَةَ، وَهُوَ الْقَتَبُ بأَداته عَلَى الْبَعِيرِ لِلْغَزْوِ؛ وَالْمَعْنَى حُجَّ حَجَّةً وَاحِدَةً، ثُمَّ أَقبل عَلَى الْجِهَادِ إِلى أَن تَهْرَمَ أَو تموتَ، فَكَنَّى بالحِدْجِ عَنْ تَهْيِئَةِ الْمَرْكُوبِ لِلْجِهَادِ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
تُلَهِّي المَرْءَ بالحُدْثانِ لَهْواً ... وتَحْدِجُهُ كَمَا حُدِجَ المُطِيقُ
هُوَ مَثَلٌ أَي تَغْلِبُهُ بِدَلِّها وَحَدِيثِهَا حَتَّى يكونَ مِنْ غَلَبَتِها لَهُ كالمَحْدُوجِ الْمَرْكُوبِ الذَّلِيلِ مِنَ الجِمال. والمِحْدَجُ مِيسَمٌ مِنْ مَياسِم الإِبل. وحَدَجَهُ: وسَمَهُ بالمِحْدَجِ. وحَدَجَ الفرسُ يَحْدِجُ حُدوجاً: نَظَرَ إِلى شَخْصٍ أَو سَمِعَ صَوْتًا فأَقام أُذنه نَحْوَهُ مَعَ عَيْنَيْهِ. والتحدِيجُ: شدَّة النَّظَرِ بَعْدَ رَوْعَةٍ وفَزْعَةٍ. وحَدَجَهُ بِبَصَرِهِ يَحْدِجُهُ حَدْجاً وحُدُوجاً، وحَدَّجَهُ: نَظَرَ إِليه نَظَرًا يَرْتَابُ بِهِ الآخرُ وَيَسْتَنْكِرُهُ؛ وَقِيلَ: هُوَ شدَّة النَّظَرِ وحِدَّته. يُقَالُ: حَدَّجَهُ بِبَصَرِهِ إِذا أَحَدَّ النَّظَرَ إِليه؛ وَقِيلَ: حَدَجَه بِبَصَرِهِ وحَدَجَ إِليه رَمَاهُ بِهِ. وَرُوِيَ
عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنه قَالَ: حَدِّثِ القومَ مَا حَدَجُوك بأَبصارهم
أَي مَا أَحَدُّوا النَّظَرَ إِليك؛ يَعْنِي مَا دَامُوا مُقْبِلِينَ عَلَيْكَ نَشِيطِينَ لِسَمَاعِ حَدِيثِكَ، يَشْتَهُونَ حَدِيثَكَ وَيَرْمُونَ بأَبصارهم، فإِذا رأَيتهم قَدْ مَلُّوا فَدَعْهُمْ؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَن الحَدْجَ فِي النَّظَرِ يَكُونُ

(2/231)


بِلَا رَوْعٍ وَلَا فَزَعٍ. وَفِي حَدِيثِ الْمِعْرَاجِ:
أَلَمْ تَرَوْا إِلى مَيِّتِكُمْ حِينَ يَحْدِجُ بِبَصَرِهِ فإِنما يَنْظُرُ إِلى الْمِعْرَاجِ مِنْ حُسْنه؟
حَدَجَ بِبَصَرِهِ يَحْدِجُ إِذا حَقَّقَ النَّظَرَ إِلى الشَّيْءِ. وحَدَجَهُ بِبَصَرِهِ: رَمَاهُ بِهِ حَدْجاً. الْجَوْهَرِيُّ: التَّحْدِيجُ مِثْلُ التَّحْدِيقِ. وحَدَجَهُ بسَهْمٍ يَحْدِجُهُ حَدْجاً: رَمَاهُ بِهِ. وحَدَجَه بِذَنْبِ غَيْرِهِ يَحْدِجُه حَدْجاً: حَمَلَهُ عَلَيْهِ وَرَمَاهُ بِهِ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ يَصِفُ الْحِمَارَ والأُتُنَ:
إِذا اسْبَجَرَّا مِنْ سوادٍ حَدَجَا
وَقَوْلُ أَبي النَّجْمِ:
يُقَتِّلُنا مِنْها عُيُونٌ، كأَنَّها ... عُيُونُ المَهَا، مَا طَرْفُهُنَّ بِحَادِجِ
يُرِيدُ أَنها سَاجِيَةُ الطَّرْفِ؛ وَقَالَ ابْنُ الْفَرَجِ: حَدَجَهُ بِالْعَصَا حَدْجاً، وحَبَجَهُ حَبْجاً إِذا ضَرَبَهُ بِهَا. أَبو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ: يُقَالُ حَدَجْتُهُ بِبَيْعِ سَوْءٍ أَي فَعَلْتُ ذَلِكَ بِهِ؛ قَالَ وأَنشدني ابْنُ الأَعرابي:
حَدَجْتُ ابنَ مَحْدُوجٍ بِسِتِّينَ بَكْرَةً، ... فلمَّا اسْتَوَتْ رِجْلاهُ، ضَجَّ مِنَ الوَقْرِ
قَالَ: وَهَذَا شِعْرُ امرأَة تَزَوَّجُهَا رَجُلٌ عَلَى سِتِّينَ بَكْرَةً. وَقَالَ غَيْرُهُ: حَدَجْتُهُ ببيعِ سَوْءٍ وَمَتَاعِ سَوْءٍ إِذا أَلزمته بَيْعًا غَبَنْتَهُ فِيهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
يَعِجُّ ابنُ خِرْباقٍ مِنَ البَيْعِ، بَعْدَ ما ... حَدَجْتُ ابنَ خِرْباقٍ بِجَرْباءَ نازِعِ
قَالَ الأَزهري: جَعَلَهُ كَبَعِيرٍ شدَّ عَلَيْهِ حِدَاجَتهُ حِينَ أَلزمه بَيْعًا لَا يُقَالُ مِنْهُ. الأَزهري: الحَدَجُ حَمْلُ الْبِطِّيخِ وَالْحَنْظَلِ مَا دَامَ رَطْبًا، والحُدْجُ، لُغَةٌ فِيهِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والحَدَجُ والحُدْجُ الْحَنْظَلُ وَالْبِطِّيخُ مَا دَامَ صِغَارًا أَخضر قَبْلَ أَن يَصْفَرَّ؛ وَقِيلَ هُوَ مِنَ الْحَنْظَلِ مَا اشتدَّ وَصَلُبَ قَبْلَ أَن يَصْفَرَّ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
فَيَاشِلٌ كالحَدَجِ المُنْدالِ، ... بَدَوْنَ مِنْ مُدَّرِعَيْ أَسْمَالِ
وَاحِدَتُهُ حَدَجَةٌ. وَقَدْ أَحْدَجَت الشجرةُ؛ قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: أَهل الْيَمَامَةِ يُسَمُّونَ بِطِّيخًا عِنْدَهُمْ أَخضر مِثْلَ مَا يَكُونُ عِنْدَنَا أَيام التِّيرْمَاهْ «1» بِالْبَصْرَةِ: الحَدَجَ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: رأَيت كأَني أَخذت حَدَجَةَ حنظلٍ فَوَضَعْتُهَا بَيْنَ كَتِفَيْ أَبي جَهْلٍ.
الْحَدَجَةُ، بِالتَّحْرِيكِ: الْحَنْظَلَةُ الفَجَّة الصُّلْبَةُ. ابْنُ سِيدَهْ: والحَدَجُ حَسَكُ القُطْبِ مَا دَامَ رَطْباً. ومَحْدُوجٌ وحُدَيْجٌ وحَدَّاجٌ: أَسماء. والحَدَجَةُ: طَائِرٌ يُشْبِهُ الْقَطَا، وأَهل الْعِرَاقِ يُسَمُّونَ هَذَا الطَّائِرَ الَّذِي نُسَمِّيهِ اللَّقْلَقَ: أَبا حُدَيْجٍ. الْجَوْهَرِيُّ: وحُنْدُجٌ اسْمُ رَجُلٍ.
حدرج: الحُدْرُجُ والحُدْرُوجُ والمُحَدْرَجُ، كُلُّهُ: الأَمْلَسُ. والمُحَدْرَجُ: الْمَفْتُولُ. ووتَرٌ مُحَدْرَجُ المَسِّ: شُدَّ فَتْلُه؛ ابْنُ شُمَيْلٍ: هُوَ الجَيِّدُ الْغَارَةِ المُسْتَوي. وسَوْطٌ مُحَدْرَجٌ: مُغَارٌ. وحَدْرَجَه أَي فَتَلَهُ وأَحكمه؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
أَخافُ زِياداً أَن يكونَ عطاؤُهُ ... أَدَاهِمَ سُوداً، أَو مُحَدْرَجَةً سُمْرا
يَعْنِي بالأَداهِم القيودَ، وبالمُحَدْرَجَةِ السياطَ؛ وَقَوْلُ القُحَيْفِ العُقَيْليّ:
صَبَحْناها السِّيَاطَ مُحَدْرَجاتٍ، ... فَعَزَّتْها الضَّلِيعَةُ والضَّلِيعُ
__________
(1).
قوله [التيرماه] هو رابع الشهور الشمسية عند الفرس، كذا بهامش شرح القاموس المطبوع.

(2/232)


يَجُوزُ أَن تَكُونَ المُلْسَ، وَيَجُوزُ أَن تَكُونَ الْمَفْتُولَةَ؛ وَبِالْمَفْتُولَةِ فَسَّرَهَا ابْنُ الأَعرابي. وحَدْرَجَ الشيءَ: دَحْرَجَه. والحِدْرِجانُ، بِالْكَسْرِ: الْقَصِيرُ؛ مَثَّل بِهِ سِيبَوَيْهِ، وَفَسَّرَهُ السِّيرَافِيُّ. وحِدْرِجانُ: اسْمٌ، عَنِ السِّيرَافِيِّ خَاصَّةً؛ التَّهْذِيبُ أَنشَدَ الأَصمعِي لِهمْيان:
أَزامِجاً وزَجَلًا هُزامِجَا، ... يَخْرُجُ مِنْ أَجْوافِها هَزالِجَا،
تَدْعُو بِذاكَ الدَّجَجَانَ الدَّارِجا، ... جِلَّتَهَا وعَجْمَها الحَضَالِجا،
عُجُومَهَا وحَشْوَها الحَدَارِجا
الحَدَارِجُ والحَضالِجُ: الصِّغارُ.
حرج: الحِرْجُ والحَرَجُ: الإِثمُ. والحارجُ: الْآثِمُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أُراه عَلَى النَّسَبِ، لأَنه لَا فِعْلَ لَهُ. والحَرَجُ والحَرِجُ والمُتَحَرِّجُ: الكافُّ عَنِ الإِثم. وَقَوْلُهُمْ: رَجُلٌ مُتَحَرِّجٌ، كَقَوْلِهِمْ: رجلٌ مُتَأَثِّمٌ ومُتَحَوِّبٌ ومُتَحَنِّثٌ، يُلْقِي الحَرَجَ والحِنْثَ والحُوبَ والإِثم عَنْ نَفْسِهِ. ورجلٌ مُتَلَوِّمٌ إِذا تَرَبَّصَ بالأَمر يُرِيدُ إِلْقَاءَ الْمُلَامَةِ عَنْ نَفْسِهِ؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذِهِ حُرُوفٌ جاءَت مَعَانِيهَا مُخَالِفَةً لأَلفاظها؛ وَقَالَ: قَالَ ذَلِكَ أَحمد بْنُ يَحْيَى. وأَحْرَجَه أَي آثَمَهُ. وتَحَرَّجَ: تأَثَّم. وَالتَّحْرِيجُ: التَّضْيِيقُ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
حَدِّثوا عَنْ بَنِي إِسرائيل وَلَا حَرَجَ.
قَالَ ابْنُ الأَثير: الحَرَجُ فِي الأَصل الضِّيقُ، وَيَقَعُ عَلَى الإِثم وَالْحَرَامِ؛ وَقِيلَ: الحَرَجُ أَضْيَقُ الضِّيقِ؛ فَمَعْنَاهُ أَي لَا بأْس وَلَا إِثم عَلَيْكُمْ أَن تُحَدِّثُوا عَنْهُمْ مَا سَمِعْتُمْ، وإِن اسْتَحَالَ أَن يَكُونَ فِي هَذِهِ الأُمة مِثْلُ مَا رُوِيَ
أَن ثِيَابَهُمْ كَانَتْ تَطُولُ
،
وأَن النَّارَ كَانَتْ تَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ فتأْكل القُرْبانَ
وَغَيْرَ ذَلِكَ، لَا أَن نَتَحَدَّثَ عَنْهُمْ بِالْكَذِبِ. وَيَشْهَدُ لِهَذَا التأْويل مَا جَاءَ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِهِ فإِن فِيهِمُ الْعَجَائِبَ؛ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَن الْحَدِيثَ عَنْهُمْ إِذا أَديته عَلَى مَا سَمِعْتَهُ، حَقًّا كَانَ أَو بَاطِلًا، لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ إِثم لِطُولِ الْعَهْدِ وَوُقُوعِ الفَتْرَةِ، بِخِلَافِ الْحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لأَنه إِنما يَكُونُ بَعْدَ الْعِلْمِ بِصِحَّةِ رِوَايَتِهِ وَعَدَالَةِ رُوَاتِهِ؛ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَن الْحَدِيثَ عَنْهُمْ لَيْسَ عَلَى الْوُجُوبِ لأَن قَوْلَهُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، فِي أَوّل الْحَدِيثِ:
بَلِّغُوا عَنِّي
؛ عَلَى الْوُجُوبِ، ثُمَّ أَتبعه بِقَوْلِهِ:
وحدِّثوا عَنْ بَنِي إِسرائيل وَلَا حَرَجَ عَلَيْكُمْ إِن لَمْ تحدِّثوا عَنْهُمْ.
قَالَ: وَمِنْ أَحاديث الْحَرَجِ قَوْلُهُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، فِي قَتْلِ الْحَيَّاتِ:
فَلْيُحَرِّجْ عَلَيْهَا
؛ هُوَ أَن يَقُولَ لَهَا: أَنت فِي حَرَجٍ أَي فِي ضِيقٍ، إِن عُدْتِ إِلينا فَلَا تَلُومِينَا أَن نُضَيِّقَ عَلَيْكِ بالتَّتَبُّع وَالطَّرْدِ وَالْقَتْلِ. قَالَ: وَمِنْهَا حَدِيثُ الْيَتَامَى:
تَحَرَّجُوا أَن يأْكلوا مَعَهُمْ
؛ أَي ضَيَّقُوا عَلَى أَنفسهم. وتَحَرَّجَ فلانٌ إِذا فَعَلَ فِعْلًا يَتحَرَّجُ بِهِ، مِن الحَرَج، الإِثم وَالضِّيقُ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
اللَّهم إِني أُحَرِّجُ حَقَّ الضعيفَين: الْيَتِيمِ والمرأَة
أَي أُضيقه وأُحرمه عَلَى مَن ظَلَمَهُمَا؛ وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ فِي صَلَاةِ الْجُمْعَةِ: كَرِهَ أَن يُحْرِجَهم
أَي يُوقِعَهُمْ فِي الحَرَج. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَوَرَدَ الحَرَجُ فِي أَحاديث كَثِيرَةٍ وَكُلُّهَا رَاجِعَةٌ إِلى هَذَا الْمَعْنَى. ورجلٌ حَرَجٌ وحَرِجٌ: ضَيِّق الصَّدْرِ؛ وأَنشد:
لَا حَرِجُ الصَّدْرِ وَلَا عَنِيفُ
والحَرَجُ: الضِّيق. وحَرِجَ صَدْرُهُ يَحْرَجُ حَرَجاً: ضَاقَ فَلَمْ يَنْشَرِحْ لِخَيْرٍ، فَهُوَ حَرِجٌ وحَرَجٌ، فَمَنْ قَالَ حَرِج، ثَنَّى وجَمَعَ، ومَن قَالَ حَرَجٌ أَفرد، لأَنه مَصْدَرٌ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً
وحَرِجاً؛

(2/233)


قَالَ الْفَرَّاءُ: قرأَها ابْنُ عَبَّاسٍ «2» وَعُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، حَرَجاً، وقرأَها النَّاسُ حَرِجاً؛ قَالَ: والحَرَجُ فِيمَا فَسَّرَ ابْنُ عَبَّاسٍ هُوَ الْمَوْضِعُ الْكَثِيرُ الشَّجَرِ الَّذِي لَا يَصِلُ إِليه الراعيةُ؛ قَالَ: وَكَذَلِكَ صَدْرُ الْكَافِرِ لَا يَصِلُ إِليه الحكمةُ؛ قَالَ: وَهُوَ فِي كَسْرِهِ وَنَصْبِهِ بِمَنْزِلَةِ الوَحَدِ والوَحِدِ، والفَرَدِ والفَرِدِ، والدَّنَفِ والدَّنِفِ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الحَرَجُ فِي اللُّغَةِ أَضْيَقُ الضِّيقِ، وَمَعْنَاهُ أَنه ضَيِّقٌ جِدًّا. قَالَ: ومَن قَالَ رَجُلٌ حَرَجُ الصَّدْرِ فَمَعْنَاهُ ذُو حَرَجٍ فِي صَدْرِهِ، وَمَنْ قَالَ حَرِجٌ جعلَهُ فاعِلًا؛ وَكَذَلِكَ رجل دَنَفٌ ذو دَنَفٍ، ودَنِفٌ نَعْتٌ؛ الْجَوْهَرِيُّ: وَمَكَانٌ حَرَجٌ وحَرِجٌ أَي مَكَانٌ ضَيِّقٌ كَثِيرُ الشَّجَرِ. والحَرِجُ: الَّذِي لَا يَكَادُ يَبْرَح القتالَ؛ قَالَ:
مِنَّا الزُّوَينُ الحَرِجُ المُقَاتِلُ
والحَرِجُ: الَّذِي لَا يَنْهَزِمُ كأَنه يَضِيقُ عَلَيْهِ العُذْرُ فِي الِانْهِزَامِ. والحَرِجُ: الَّذِي يَهَابُ أَن يتقدَّم عَلَى الأَمر، وَهَذَا ضَيِّقٌ أَيضاً. وحَرِجَ إِليه: لَجَأَ عَنْ ضِيقٍ. وأَحْرَجَه إِليه: أَلْجَأَهُ وضَيَّق عَلَيْهِ. وحَرَّجَ فلانٌ عَلَى فلانٍ إِذا ضَيَّقَ عَلَيْهِ، وأَحْرَجْتُ فُلَانًا: صَيَّرْتُهُ إِلى الحَرَجِ، وَهُوَ الضَّيِّقُ، وأَحْرَجْتُهُ: أَلْجَأْتُهُ إِلى مَضِيقٍ، وَكَذَلِكَ أَحْجَرْتُهُ وأَحْرَدْتُهُ، بِمَعْنًى واحدٍ؛ وَيُقَالُ: أَحْرَجَني إِلى كَذَا وَكَذَا فَحَرِجْتُ إِليه أَي انضممتُ. وأَحْرَجَ الكلبَ والسَّبُعَ: أَلجَأَهُ إِلى مَضِيقٍ فَحَمَلَ عَلَيْهِ. وحَرِجَ الغُبارُ، فَهُوَ حَرِجٌ: ثَارَ فِي مَوْضِعٍ ضَيِّقٍ، فَانْضَمَّ إِلى حَائِطٍ أَو سَنَدٍ؛ قَالَ:
وغَارَةٍ يَحْرَجُ القَتامُ لَها، ... يَهْلِكُ فِيهَا المُناجِدُ البَطَلُ
قَالَ الأَزهري: قَالَ اللَّيْثَ: يُقَالُ لِلْغُبَارِ السَّاطِعِ الْمُنْضَمِّ إِلى حَائِطٍ أَو سَنَدٍ قَدْ حَرِجَ إِليه؛ وَقَالَ لَبِيدٌ:
حَرِجاً إِلى أَعْلامِهِنَّ قَتَامُها
ومكانٌ حَرِجٌ وحَرِيجٌ؛ قَالَ:
ومَا أَبْهَمَتْ، فَهْوَ حَجٌّ حَرِيجْ
وحَرِجَتْ عينُه تحْرَجُ حَرَجاً أَي حَارَتْ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
تَزْدَادُ لِلْعَيْنِ إِبْهاجاً إِذا سَفَرَتْ، ... وتَحْرَجُ العَيْنُ فِيهَا حينَ تَنْتَقِبُ
وَقِيلَ: معْناه أَنها لَا تَنْصَرِفُ وَلَا تَطْرِفُ مِنْ شِدَّةِ النَّظَرِ. الأَزهري: الحَرَجُ أَن يَنْظُرَ الرَّجُلُ فَلَا يَسْتَطِيعُ أَن يَتَحَرَّكَ مِنْ مَكَانِهِ فَرَقاً وَغَيْظًا. وحَرِجَ عَلَيْهِ السُّحورُ إِذا أَصبح قَبْلَ أَن يَتَسَحَّرَ، فَحَرُمَ عَلَيْهِ لِضِيقِ وَقْتِهِ. وحَرِجَتِ الصلاةُ عَلَى المرأَة حَرَجاً: حَرُمَتْ، وَهُوَ مِنَ الضِّيقِ لأَن الشَّيْءَ إِذا حَرُمَ فَقَدْ ضَاقَ. وحَرِجَ عليَّ ظُلْمُكَ حَرَجاً أَي حَرُمَ. وَيُقَالُ: أَحْرَجَ امرأَته بِطَلْقَةٍ أَي حَرَّمَها؛ وَيُقَالُ: أَكَسَعَهَا بالمُحْرِجَات؟ يُرِيدُ بِثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ. الأَزهري: وقرأَ ابْنُ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: وحَرْثٌ حِرْجٌ أَي حَرَامٌ؛ وقرأَ النَّاسُ: وَحَرْثٌ حِجْرٌ. الْجَوْهَرِيُّ: والحِرْجُ لغةٌ فِي الحَرَجِ، وَهُوَ الإِثم؛ قَالَ: حَكَاهُ يُونُسُ. والحَرَجَةُ: الغَيْضَةُ لِضِيقِهَا؛ وَقِيلَ: الشَّجَرُ الْمُلْتَفُّ، وَهِيَ أَيضاً الشَّجَرَةُ تَكُونُ بَيْنَ الأَشجار لَا تَصِلُ إِليها الآكِلَةُ، وَهِيَ مَا رَعَى مِنَ الْمَالِ. وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ: حَرَجٌ وأَحْرَاجٌ وحَرَجَاتٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَيا حَرَجَاتِ الحَيِّ، حِينَ تَحَمَّلُوا، ... بذِي سَلَمٍ، لَا جَادَكُنَّ ربِيعُ
__________
(2).
قوله [قرأها ابن عباس إلخ] كذا بالأَصل.

(2/234)


وحِرَاجٌ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
عَاذَا بِكُمْ مِنْ سَنَةٍ مِسْحَاجِ، ... شَهْبَاءَ تُلْقِي وَرَقَ الحِراجِ
وَهِيَ المَحاريجُ. وَقِيلَ: الحَرَجَةُ تَكُونُ مِنَ السَّمُرِ والطَّلْحِ والعَوسَجِ والسَّلَمِ والسِّدْرِ؛ وَقِيلَ: هُوَ مَا اجْتَمَعَ مِنَ السَّدْرِ وَالزَّيْتُونِ وَسَائِرِ الشَّجَرِ؛ وَقِيلَ: هِيَ مَوْضِعٌ مِنَ الْغَيْضَةِ تَلْتَفُّ فِيهِ شَجَرَاتٌ قَدْرَ رَمْيَةِ حَجَرٍ؛ قَالَ أَبو زَيْدٍ: سمِّيت بِذَلِكَ لَالْتِفَافِهَا وَضِيقِ الْمَسْلَكِ فِيهَا. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الحَرَجَةُ مُجْتَمَعُ شَجَرٍ. قَالَ الأَزهري: قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: الحِراجُ غِياضٌ مِنْ شَجَرِ السلَم ملتفةٌ، لَا يَقْدِرُ أَحدٌ أَن يَنْفُذَ فِيهَا؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
عَاينَ حَيًّا كالحِرَاجِ نَعَمُهْ، ... يَكُونُ أَقْصَى شَلِّهِ مُحْرَنْجِمُهْ
وَفِي حَدِيثِ حُنَيْنٍ:
حَتَّى تَرَكُوهُ فِي حَرَجَةٍ
؛ الحَرَجَة، بِالْفَتْحِ وَالتَّحْرِيكِ: مُجْتَمَعُ شَجَرٍ مُلْتَفٍّ كَالْغَيْضَةِ. وَفِي حَدِيثِ
مُعَاذِ بْنِ عَمْرٍو: نظرتُ إِلى أَبي جهلٍ فِي مِثْلِ الحَرَجَةِ.
وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ:
إِنَّ مَوْضِعَ الْبَيْتِ كَانَ فِي حَرَجَةٍ وعِضَاه.
وحِراجُ الظَّلْمَاءِ: مَا كَثُفَ والتفَّ؛ قَالَ ابْنُ مَيَّادَةَ:
أَلا طَرَقَتْنا أُمُّ أَوْسٍ، ودُونَها ... حِراجٌ مِنَ الظَّلْماءِ، يَعْشَى غُرابُها؟
خَصَّ الغرابَ لِحِدَّةِ الْبَصَرِ، يَقُولُ: فإِذا لَمْ يُبْصِرْ فِيهَا الغرابُ مَعَ حِدَّةِ بَصَرِهِ فَمَا ظَنُّكَ بِغَيْرِهِ؟ والحَرَجَةُ: الْجَمَاعَةُ مِنَ الإِبل، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والحَرَجَةُ مِائَةٌ مِنَ الإِبل. وَرَكِبَ الحَرَجَةَ أَي الطَّرِيقَ؛ وَقِيلَ: مُعْظَمُهُ، وَقَدْ حُكِيَتْ بِجِيمَيْنِ. والحَرَجُ: سَرِيرٌ يُحْمَلُ عَلَيْهِ الْمَرِيضُ أَو الْمَيِّتُ؛ وَقِيلَ: هُوَ خَشَبٌ يُشدُّ بَعْضُهُ إِلى بَعْضٍ؛ قَالَ إمرؤُ الْقَيْسِ:
فَإِمَّا تَرَيْني فِي رِحَالَةِ جَابِرٍ ... عَلَى حَرَجٍ، كالقَرِّ تَخْفِقُ أَكْفاني
ابْنُ بَرِّيٍّ: أَراد بالرِّحالة الخَشَبَ الَّذِي يُحْمَلُ عَلَيْهِ فِي مَرَضِهِ، وأَراد بالأَكفان ثِيَابَهُ الَّتِي عَلَيْهِ لأَنه قدَّر أَنها ثِيَابُهُ الَّتِي يُدْفَنُ فِيهَا. وخَفْقُها ضَرْبُ الرِّيحِ لَهَا. وأَراد بِجَابِرٍ جابرَ بنَ حُنَيٍّ التَغْلَبيَّ، وَكَانَ مَعَهُ فِي بِلَادِ الرُّومِ، فَلَمَّا اشْتَدَّتْ علَّته صُنِعَ لَهُ مِنَ الْخَشَبِ شَيْئًا كالقَرِّ يُحْمَلُ فِيهِ؛ والقَرُّ: مَرْكب مِنْ مَرَاكِبِ الرِّجَالِ بَيْنَ الرَّحْلِ وَالسَّرْجِ. قَالَ: كَذَا ذَكَرَهُ أَبو عُبَيْدٍ، وَقَالَ غَيْرُهُ: هُوَ الْهَوْدَجُ. الْجَوْهَرِيُّ: الحَرَجُ خشبٌ يُشدُّ بَعْضُهُ إِلى بَعْضٍ تُحْمَلُ فِيهِ الْمَوْتَى، وَرُبَّمَا وُضِعَ فَوْقَ نَعْشِ النِّسَاءِ. قَالَ الأَزهري: وحَرَجُ النعشِ شَجَارٌ مِنْ خَشَبٍ جُعِلَ فَوْقَ نَعْشِ الْمَيِّتِ، وَهُوَ سَرِيرُهُ. قَالَ الأَزهري: وأَما قَوْلُ عَنْتَرَةَ يَصِفُ ظَليماً وقُلُصَة:
يَتْبَعْنَ قُلَّةَ رَأْسِهِ، وكَأَنَّهُ ... حَرَجٌ عَلَى نَعْشٍ لَهُنَّ مُخَيَّمِ
هَذَا يَصِفُ نَعَامَةً يَتْبَعُهَا رِئالُها، وَهُوَ يَبْسُطُ جَنَاحَيْهِ وَيَجْعَلُهَا تَحْتَهُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والحَرَجُ مَرْكَبٌ لِلنِّسَاءِ وَالرِّجَالِ لَيْسَ لَهُ رأْس. والحَرَجُ والحِرْجُ: الشَّحَصُ. والحَرَجُ مِنَ الإِبل: الَّتِي لَا تُركب وَلَا يَضْرِبُهَا الْفَحْلُ لِيَكُونَ أَسمن لَهَا إِنما هِيَ مُعَدَّةٌ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
حَرَجٌ فِي مِرْفَقَيْها كالفَتَلْ
قَالَ الأَزهري: هَذَا قَوْلُ اللَّيْثِ، وَهُوَ مَدْخُولٌ. والحَرَجُ والحُرْجُوجُ: النَّاقَةُ الْجَسِيمَةُ الطَّوِيلَةُ عَلَى وَجْهِ الأَرض؛ وَقِيلَ: الشَّدِيدَةُ، وَقِيلَ: هِيَ الضَّامِرَةُ،

(2/235)


وَجَمْعُهَا حَراجِيجُ. وأَجاز بَعْضُهُمْ: نَاقَةٌ حُرْجُجٌ، بِمَعْنَى الحُرْجُوجِ، وأَصل الحُرْجُوجِ حُرْجُجٌ، وأَصل الحُرْجُجِ حُرْجٌ، بِالضَّمِّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
قَدِمَ وَفْدُ مَذْحِجَ عَلَى حَرَاجِيجَ
، جَمْعُ حُرْجُوجٍ وحُرْجِيجٍ، وَهِيَ النَّاقَةُ الطَّوِيلَةُ؛ وَقِيلَ الضَّامِرَةُ، وَقِيلَ: الحُرْجُوجُ الوَقَّادَةُ الحادَّة الْقَلْبِ؛ قَالَ:
أَذَاكَ ولَمْ تَرْحَلْ إِلى أَهْلِ مَسْجِدٍ، ... بِرَحْلِيَ، حُرْجُوجٌ عَلَيْهَا النَّمَارِقُ
والحُرْجُوجُ: الرِّيحُ الْبَارِدَةُ الشَّدِيدَةُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
أَنْقَاءُ سارِيَةٍ حَلَّتْ عَزَالِيَها، ... مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ، رِيحٌ غيرُ حُرْجُوجِ
وحَرَجَ الرَّجُلُ أَنْيابَهُ يَحْرُجُها حَرْجاً: حَكَّ بعضَها إِلى بَعْضٍ مِنَ الحَرَدِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
ويوْمٌ تُحْرَجُ الأَضْرَاسُ فيهِ ... لأَبْطالِ الكُمَاةِ، بِهِ أُوَامُ
والحِرْجُ، بِكَسْرِ الْحَاءِ: الْقِطْعَةُ مِنَ اللَّحْمِ، وَقِيلَ: هِيَ نَصِيبُ الْكَلْبِ مِنَ الصَّيْدِ وَهُوَ مَا أَشبه الأَطرافَ مِنَ الرأْس والكُراعِ والبَطْن، والكلابُ تَطْمَعُ فِيهَا. قَالَ الأَزهري: الحِرْجُ مَا يُلقى لِلْكَلْبِ مِنْ صَيْدِهِ، وَالْجَمْعُ أَحْرَاجٌ؛ قَالَ جَحْدرٌ يَصِفُ الأَسد:
وتَقَدُّمِي لِلَّيْثِ أَمْشِي نحْوَهُ، ... حَتَّى أُكَابِرَهُ عَلَى الأَحْرَاجِ
وَقَالَ الطِّرِمَّاحُ:
يَبْتَدِرْنَ الأَحْراجَ كالثَّوْلِ، والحِرْجُ ... لِرَبِّ الكِلابِ يَصْطَفِدُهْ
يَصْطَفِدُه أَي يَدَّخِرُه وَيَجْعَلُهُ صَفَداً لنَفْسِهِ وَيَخْتَارُهُ؛ شبَّه الْكِلَابَ فِي سُرْعَتِهَا بِالزَّنَابِيرِ، وَهِيَ الثَّوْلُ. وَقَالَ الأَصمعي: أَحْرِجْ لِكلبكَ مِنْ صَيْدِه فإِنه أَدْعَى إِلى الصَّيْدِ. وَقَالَ الْمُفَضَّلُ: الحِرْجُ حِبَالٌ تُنصب لِلسَّبُعِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وشَرُّ النَّدامَى مَن تَبِيتُ ثيابُهُ ... مُجَفَّفَةً، كأَنَّها حِرْجُ حابِلِ
والحِرْجُ: الوَدَعَةُ، وَالْجَمْعُ أَحْرَاجٌ وحِراجٌ؛ وَقَوْلُ الْهُذَلِيِّ:
أَلم تَقْتُلوا الحِرْجَينِ، إِذ أَعْرَضَا لكمْ ... يَمُرَّان بالأَيْدِي اللِّحاءَ المُضَفَّرَا؟
إِنما عَنَى بالحِرْجَينِ رَجُلَيْنِ أَبيضين كالوَدَعَةِ، فإِما أَن يَكُونَ البياضُ لَوْنَهما، وإِما أَن يَكُونَ كَنَى بِذَلِكَ عَنْ شَرَفِهِمَا، وَكَانَ هَذَانِ الرَّجُلَانِ قَدْ قَشَرَا لحاءَ شَجَرِ الْكَعْبَةِ ليتخفَّرا بِذَلِكَ. وَالْمُضَفَّرُ: الْمَفْتُولُ كَالضَّفِيرَةِ. والحِرْجُ: قِلَادَةُ الْكَلْبِ، وَالْجَمْعُ أَحْرَاجٌ وحِرَجَةٌ؛ قَالَ:
بِنَواشِطٍ غُضْفٍ يُقَلِّدُها الأَحْرَاجَ، ... فَوْقَ مُتُونِها لُمَعُ
الأَزهري: وَيُقَالُ ثَلَاثَةُ أَحْرِجَةٍ، وكَلْبٌ مُحَرَّجٌ، وكِلاب مُحَرَّجَةٌ أَي مُقَلَّدَةٌ؛ وأَنشد فِي تَرْجَمَةِ عَضْرَسَ:
مُحَرَّجَةٌ حُصٌّ كَأَنَّ عُيُونها، ... إِذا أَيَّهَ القَنَّاصُ بالصَّيْدِ، عَضْرَسُ «1»
مُحَرَّجَةٌ: مُقَلَّدَةٌ بالأَحْرَاج، جَمْعُ حِرْجٍ للوَدَعةِ. وحُصٌّ: قَدِ انْحَصَّ شَعَرُها، وَقَالَ الأَصمعي فِي قَوْلِهِ:
طَاوِي الحَشَا قَصُرَتْ عَنْهُ مُحَرَّجَةٌ
__________
(1).
قوله [إِذا أَيه] كذا بالأَصل بهذا الضبط بمعنى صاح، وفي شرح القاموس والصحاح إِذا أَذن، والضمير في عيونها يعود على الكلاب، وتحرفت في شرح القاموس بعيونه.

(2/236)


قَالَ: مُحَرَّجَةٌ: فِي أَعناقها حِرْجٌ، وَهُوَ الوَدَعُ. والوَدَعُ: خَرَزٌ يُعَلَّقُ فِي أَعناقها. الأَزهري: والحِرْجُ الْقِلَادَةُ لِكُلِّ حَيَوَانٍ. قَالَ: والحِرْجُ: الثِّيَابُ الَّتِي تُبسط عَلَى حَبْلٍ لِتَجِفَّ، وَجَمْعُهَا حِراجٌ فِي جميعها. والحِرْجُ: جَمَاعَةُ الْغَنَمِ، عَنْ كُرَاعٍ، وَجَمْعُهُ أَحْرَاجٌ. والحُرْجُ: موضعٌ معروف.
حربج: إِبِلٌ حَرَابِجُ: ضِخَامٌ. وبعير حُرْبُجٌ.
حرزج: الحَرَازِجُ، الرَّاءُ قَبْلَ الزَّايِ: مِيَاهٌ لبَلْجُذام؛ قَالَ رَاجِزُهُمْ:
لقَدْ وَرَدْتُ عافِيَ المَدَالِجِ ... مِن ثَجْرَ، أَو أَقْلِبَةِ الحَرَازِجِ
حشرج: الحَشْرَجَةُ: تَرَدُّدُ صَوْتِ النَّفَس، وَهُوَ الغَرْغَرَةُ فِي الصَّدْرِ. الْجَوْهَرِيُّ: الحَشْرَجَةُ الْغَرْغَرَةُ عِنْدَ الْمَوْتِ وتَرَدُّدُ النَّفَسِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
وَلَكِنْ إِذا شَخَصَ البَصَرُ وحَشْرَجَ الصَّدْرُ
، هُوَ مِن ذَلِكَ؛ وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: وَدَخَلَتْ عَلَى أَبيها، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عِنْدَ مَوْتِهِ فأَنشدت:
لَعَمْرُكَ مَا يُغْني الثَّرَاءُ وَلَا الغِنى، ... إِذا حَشْرَجَتْ يَوْمًا، وضاقَ بِهَا الصَّدرُ
فَقَالَ: لَيْسَ كَذَلِكَ وَلَكِنْ: وجاءَت سَكْرَةُ الحَقِّ بالموتِ، وَهِيَ قِرَاءَةٌ مَنْسُوبَةٌ إِليه.
وحَشْرَجَ: رَدَّدَ صوتَ النَّفَس فِي حَلْقه مِنْ غَيْرِ أَن يُخْرِجَهُ بِلِسَانِهِ. والحَشْرَجَةُ: صوتُ الحمارِ مِنْ صَدْرِهِ؛ قَالَ رؤْبة:
حَشْرَجَ فِي الجَوْفِ سَحِيلًا، أَو شَهَقْ
وحَشْرَجَةُ الْحِمَارِ: صَوْتُهُ يُرَدِّدُه فِي حَلْقِهِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وإِذا لَهُ عَلَزٌ وحَشْرَجَةٌ، ... مِمَّا يَجِيشُ بهِ مِنَ الصَّدْرِ
والحَشْرَجُ: شِبْهُ الحِسْيِ تَجْتَمِعُ فِيهِ الْمِيَاهُ، وَقِيلَ: هُوَ الحِسْيُ فِي الحَصَى. والحَشْرَجُ: الْمَاءُ الَّذِي يَجْرِي عَلَى الرَّضْرَاضِ صَافِيًا رَقِيقًا. والحَشْرَجُ: كُوزٌ صَغِيرٌ لَطِيفٌ؛ قَالَ عُمَرُ بْنُ أَبي رَبِيعَةَ:
قالتْ: وعَيْشِ أَبي وحُرْمَةِ إِخْوَتي، ... لأُنَبِّهَنَّ الحَيَّ، إِنْ لَمْ تَخْرُجِ
فَخَرَجْتُ خِيفَةَ قَوْلِها، فَتَبَسَّمَتْ ... فَعَلِمْتُ أَنَّ يَمِينَها لَمْ تُحْرَجِ
فَلَثَمْتُ فَاهَا آخِذاً بقُرُونِها، ... شُرْبَ النَّزيفِ بِبَرْدِ ماءِ الحَشْرَج
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ لِجَمِيلِ بْنِ مَعْمَرٍ وَلَيْسَ لِعُمَرَ بْنِ أَبي رَبِيعَةَ. وَالنَّزِيفُ: الْمَحْمُومُ الَّذِي مُنِعَ مِنَ الْمَاءِ. وَلَثَمْتُ فَاهَا: قَبَّلْتُهُ. وَنَصَبَ شُرْبَ عَلَى الْمَصْدَرِ الْمُشَبَّهِ بِهِ لأَنه لمَّا قبَّلها امْتَصَّ رِيقَهَا، فكأَنه قَالَ: شَرِبْتُ رِيقَهَا كَشُرْبِ النَّزِيفِ لِلْمَاءِ الْبَارِدِ. الأَزهري: الحَشْرَجُ الْمَاءُ الْعَذْبُ مِنْ مَاءِ الحِسْيِ، قَالَ: والحَشْرَجُ الْمَاءِ الَّذِي تَحْتَ الأَرض لَا يُفْطَنُ لَهُ فِي أَباطح الأَرضِ، فإِذا حُفِرَ عَنْهُ ذِراعٌ جَاشَ بِالْمَاءِ، تُسَمِّيهَا الْعَرَبُ الأَحْساءَ والكِرَارَ والحَشَارِجَ. قَالَ: وَمِنْهُ قَوْلُ جَرِيرٍ: فَلَثَمْتُ فَاهَا الْبَيْتَ؛ وَنَسَبَهُ إِلى جَرِيرٍ. الْمُبَرِّدُ: الحَشْرَجُ فِي هَذَا الْبَيْتِ الْكُوزُ الرَّقِيقُ النَّقِيُّ الحارِيُّ. والنَّزِيف: السَّكْرَانُ وَالْمَحْمُومُ؛ وأَنشد شَمِرٌ لِكُثَيِّرٍ:
فَأَوْرَدَهُنَّ مِنَ الدَّوْنَكَيْن ... حَشَارِجَ، يُخْفُونَ مِنْهَا إِرَاثَا
الإِراث: بَقَايَا قَدْ بَقِيَتْ هَذِهِ مِنْهَا. وَهُوَ فِي إِرْثِ صِدْقٍ أَي أَصل صِدْقٍ. والحَشْرَجُ: الكَذَّانُ، الواحدةُ حَشْرَجَةٌ؛ وَقِيلَ: هُوَ الحِسْيُ الحَصِبُ،

(2/237)


وَهُوَ أَيضاً النَّارِجِيلُ، يَعْنِي جَوْزَ الْهِنْدِ، كِلَاهُمَا عَنْ كُرَاعٍ. الأَزهري: الحَشْرَجُ النُّقرة فِي الْجَبَلِ يَجْتَمِعُ فِيهَا الْمَاءُ فيصفو.
حضج: حَضَجَ النارَ حَضْجاً: أَوقدها. وانْحَضَجَ الرجلُ: الْتَهَبَ غَضَباً واتَّقَدَ مِنَ الْغَيْظِ. وانْحَضَجَ: اتَّقَدَ مِنَ الْغَيْظِ فَلَزِقَ بالأَرض. وَفِي حَدِيثِ
أَبي الدَّرْدَاءِ قَالَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ: أَمَّا أَنا فَلَا أَدَعُهما، فَمَنْ شَاءَ أَن يَنْحَضِجَ فَلْيَنْحَضِجْ
أَي يَنْقَدَّ مِنَ الْغَيْظِ ويَنْشَقَّ. وحَضَجَ بِهِ يَحْضُجُ حَضْجاً: صَرَعَهُ. وحَضَجَ البعيرُ بِحِمْلِه وحِمْلَهُ حَضْجاً: طَرَحَهُ. وحَضَجَ بِهِ الأَرضَ حَضْجاً: ضَرَبَهَا بِهِ. وانْحَضَجَ: ضَرَبَ بِنَفْسِهِ الأَرضَ غَيْظًا، فإِذا فعلتَ بِهِ أَنت ذَلِكَ، قُلْتَ: حَضَجْتُه. وانْحَضَجَتْ عَنْهُ أَداته انْحِضاجاً. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: يَنْحَضِجُ يَضْطَجِعُ. وحَضَجَه: أَدخل عَلَيْهِ مَا يَكَادُ يَنْشَقُّ مِنْهُ ويَلْزَقُ لَهُ بالأَرض. وكلُّ مَا لَزِقَ بالأَرض: حِضْجٌ؛ والحِضْجُ: الطِّينُ اللَّازِقُ بأَسفل الْحَوْضِ؛ وَقِيلَ: الحِضْجُ هُوَ الْمَاءُ الْقَلِيلُ، وَالطِّينُ يَبْقَى فِي أَسفل الْحَوْضِ؛ وَقِيلَ: هُوَ الْمَاءُ الَّذِي فِيهِ الطِّينُ، فَهُوَ يَتَلَزَّجُ وَيَمْتَدُّ؛ وَقِيلَ: هُوَ الْمَاءُ الكَدِرُ. وحِضْجٌ حاضِجٌ: بالَغُوا بِهِ، كَشِعْرٍ شاعرٍ؛ قَالَ أَبو مَهْدِيٍّ: سَمِعْتُ هِمْيانَ بْنَ قُحافة يُنْشِدُ:
فأَسْأَرَتْ فِي الحوضِ حِضْجاً حاضِجا، ... قَدْ عادَ مِنْ أَنْفاسِها رَجَارِجَا
أَسأَرت: أَبقت. والسُّؤْرُ: بَقِيَّةُ الْمَاءِ فِي الْحَوْضِ، وَقَوْلُهُ حاضِجاً أَي بَاقِيًا. وَرَجَارِجَا: اخْتَلَطَ ماؤُه وَطِينُهُ. والحِضْجُ: الْحَوْضُ نَفْسُهُ، وَالْفَتْحُ فِي كلِّ ذَلِكَ لُغَةٌ، وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ أَحْضاجٌ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
مِنْ ذِي عُبابٍ سائلِ الأَحْضاجِ، ... يُرْبِي عَلَى تَعاقُمِ الهَجَاجِ
الأَحضاجُ: الحِياضُ. وَالتَّعَاقُمُ: الوِرْدُ مرَّةً بعدَ مرَّة، كَالتَّعَاقُبِ عَلَى الْبَدَلِ. وَرَجُلٌ حِضْجٌ: حميسٌ، وَالْجَمْعُ أَحْضاجٌ. والحِضاجُ: الزِّقُّ الضَّخْمُ المُسْنَدُ؛ قَالَ سَلَامَةُ بْنُ جَنْدَلٍ:
لَنَا خِبَاءٌ ورَاووقٌ ومُسْمِعَةٌ، ... لَدَى حِضاجٍ، بِجَوْنِ النَّارِ، مَرْبوبِ
وانْحَضَجَ الرَّجُلُ: اتَّسَعَ بَطْنُهُ، وَهُوَ مِنه. وامرأَةٌ مِحْضاجٌ: وَاسِعَةُ الْبَطْنِ؛ وَقَوْلُ مُزَاحِمٍ:
إِذا مَا السَّوْطُ سَمَّرَ حالِبَيْهِ، ... وقَلَّصَ بَدْنَهُ بَعْدَ انْحِضاجِ
يَعْنِي بَعْدَ انْتِفَاخٍ وَسِمَنٍ. والمِحْضَجَةُ والمِحْضاجُ: خَشَبَةٌ صَغِيرَةٌ تَضرب بِهَا المرأَة الثوبَ إِذا غَسَلَتْهُ. وانْحَضَجَ إِذا عَدَا. وحَضِيجُ الْوَادِي: نَاحِيَتُهُ. والمِحْضَجُ: الْحَائِدُ عَنِ السَّبِيلِ. والمِحْضَبُ والمِحْضَجُ والمِسْعَرُ: مَا يُحَرَّكُ بِهِ النَّارُ. يُقَالُ: حَضَجْتُ النارَ وحَضَبْتُها. الْفَرَّاءُ: حَضَجْتُ فُلَانًا ومَغَثْتُه ومَثْمَثْتُه وقَرْطَلْتُه، كُلُّه: بِمَعْنَى غَرَّقْتُه. وَفِي حَدِيثِ حُنَيْنٍ:
أَن بَغْلَةَ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمَّا تَناول الحَصَى لِيَرْمِيَ بِهِ فِي يَوْمِ حُنَيْنٍ، فَهِمَتْ مَا أَراد فانْحَضَجَتْ
أَي انْبَسَطتْ؛ قَالَهُ ابْنُ الأَعرابي فِيمَا رَوَى عَنْهُ أَبو الْعَبَّاسِ؛ وأَنشد:
ومُقَتِّتٍ حَضَجَتْ بِهِ أَيامُه، ... قَدْ قادَ بَعْدُ قَلائصاً وعِشارا

(2/238)


مُقَتِّتٌ: فَقِيرٌ. حَضَجَتْ: انْبَسَطَتْ أَيامه فِي الْفَقْرِ فأَغناه اللَّهُ، وَصَارَ ذَا مَالٍ.
حضلج: التَّهْذِيبُ: مِنْ جُمْلَةِ أَبيات تَقَدَّمَتْ فِي تَرْجَمَةِ حَدْرَجٍ لِهِمْيَانَ:
جِلَّتَها وعَجْمَها الحَضالِجا
قَالَ: الحَدارِجُ والحَضالِجُ الصغار.
حفج: الحَفَنْجى: الرِّخْوُ الَّذِي لَا غَناءَ عِنْدَهِ.
حفضج: الحِفْضِجُ والحَفْضَجُ والحِفْضاجُ والحُفاضِجُ: الضَّخْمُ الْبَطْنِ وَالْخَاصِرَتَيْنِ المُسْتَرْخي اللَّحْمِ. رجلٌ حُفاضِجٌ وعُفاضِجٌ، والأُنثى فِي كُلِّ ذَلِكَ بِغَيْرِ هَاءٍ، والاسمُ الحَفْضَجَةُ. وإِن فُلَانًا لمَعْضُوبٌ مَا حُفْضِجَ لَهُ، وَكَذَلِكَ العِفْضاجُ، والله أَعلم.
حفلج: الحَفَلَّجُ والحُفالِجُ: الأَفْحَجُ: وَهُوَ الَّذِي فِي رِجْلِهِ اعْوِجاجٌ.
حلج: الحَلْجُ: حَلْجُ القُطْنِ بالمِحْلاجِ عَلَى المِحْلَجِ. حَلَجَ القُطْنَ يَحْلِجُهُ ويَحْلُجُهُ حَلْجاً: نَدَفَهُ. والمِحْلاجُ: الَّذِي يُحْلَجُ بِهِ. والمِحْلَجُ والمِحْلَجَة: الَّذِي يُحْلَجُ عَلَيْهِ وَهِيَ الْخَشَبَةُ أَو الحجَرُ، وَالْجَمْعُ محالِجُ ومَحالِيجُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَلَمْ يُجْمَعْ بالأَلف وَالتَّاءِ اسْتِغْنَاءً بِالتَّكْسِيرِ، ورُبَّ شَيْءٍ هَكَذَا. وقُطْنٌ حَلِيجٌ: مَنْدوفٌ مُسْتَخْرَجُ الحَبِّ، وَصَانِعُ ذَلِكَ: الحَلَّاجُ، وَحِرْفَتُهُ الحِلاجَةُ؛ فأَما قَوْلُ ابْنِ مُقْبِلٍ:
كأَنَّ أَصْواتَها إِذا سَمِعْتَ بِهَا، ... جَذْبُ المَحابِضِ يَحْلُجْنَ المحارِينا
وَيُرْوَى صَوْتُ الْمَحَابِضِ، فَقَدْ رُوِيَ، بِالْحَاءِ وَالْخَاءِ، يَحْلُجْنَ ويَخْلُجْنَ، فَمَنْ رَوَاهُ يَحْلُجْنَ فإِنه عَنَى بالمَحارين حَبَّاتِ الْقُطْنِ. وَيَحْلِجْنَ: يَنْدِفْنَ. والمَحابِضُ: أَوتار النَّدّافِينَ؛ وَمَنْ رَوَاهُ يَخْلِجْنَ فإِنه عَنَى بِالْمَحَارِينِ قِطَعَ الشَّهْدِ. ويَخْلِجْنَ: يَجْبِذْنَ ويَسْتَخْرِجْنَ. والمَحابِضُ: المَشاوِرُ. وَالْقُطْنُ حَلِيجٌ ومَحْلوجٌ. وحَلَجَ الخُبْزَةَ: دَوَّرَها. والمِحْلاجُ: الْخَشَبَةُ الَّتِي يُدَوَّرُ بِهَا. والحَلِيجَةُ: السَّمْنُ عَلَى المَخْضِ، والزُّبْدُ يُلْقى فِي المَخْضِ فَيُشْخِتُه المَخْضُ؛ وَقِيلَ: الحَلِيجَةُ عُصارة نِحْيٍ، أَو لَبَنٌ يُنْقَعُ فِيهِ تَمْرٌ، وَهِيَ حُلْوَةٌ؛ وَقِيلَ: الحَلِيجَةُ عُصارَة الحِنَّاءِ. والحُلُجُ: عُصاراتُ الحنَّاء. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والحَلِيجُ، بِغَيْرِ هَاءٍ، عَنْ كُرَاعٍ: أَن يُحْلَبَ اللبنُ عَلَى التَّمْرِ ثُمَّ يُماثَ. الأَزهري: الحُلُجُ هِيَ التُّمُورُ بالأَلْبانِ. والحُلُجُ أَيضاً: الكثيرُو الأَكْلِ. وحَلَجَ فِي العَدْوِ يَحْلِجُ حَلْجاً: باعَدَ بَيْنَ خُطاه. والحَلْجُ فِي السَّيْر. وَبَيْنَهُمْ حَلْجَةٌ صالحةٌ وحَلجَةٌ بَعِيدَةٌ وَبَيْنَهُمْ حَلْجَةٌ بَعِيدَةٌ أَو قَرِيبَةٌ أَي عُقْبَةُ سيْرٍ. قَالَ الأَزهري: الَّذِي سَمِعْتُهُ مِنَ الْعَرَبِ الخَلْجُ فِي السَّيْر، يُقَالُ: بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ خَلْجَةٌ بعيدةٌ، قَالَ: وَلَا أَنكر الْحَاءَ بِهَذَا الْمَعْنَى، غَيْرَ أَن الخَلْجَ، بِالْخَاءِ، أَكثر وأَفشى مِنَ الحَلْجِ. وحَلَجَ القومُ لَيْلَتَهُمْ أَي سَارُوهَا. يُقَالُ: بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ حَلْجَةٌ بعيدةٌ. والحَلْجُ: المَرُّ السريعُ. وَفِي حَدِيثِ
الْمُغِيرَةِ: حَتَّى تَرَوْه يَحْلِجُ فِي قَوْمِهِ
أَي يُسرعُ فِي حُبِّ قَوْمِهِ، وَيُرْوَى بِالْخَاءِ. الأَزهري: حَلَجَ إِذا مَشَى قَلِيلًا قَلِيلًا. وحَلَجَ المرأَةَ حَلْجاً: نَكَحَهَا، وَالْخَاءُ أَعلى. وحَلَجَ الديكُ يَحْلُجُ ويَحْلِجُ حَلْجاً إِذا نَشَرَ جَنَاحَيْهِ وَمَشَى إِلى أُنثاه لِيَسْفَدَها. وحَلَجَ السحابُ حَلْجاً: أَمطر؛ قَالَ ساعدةُ بْنُ جُؤَيَّةَ الهُذلي:

(2/239)


أَخِيلُ بَرْقاً مَتى حابٍ لَهُ زَجَلٌ، ... إِذا تَفَتَّرَ مِنْ تَوْماضِهِ حَلَجا
وَيُرْوَى خَلَجا. مَتَى، هَاهُنَا: بِمَعْنَى مِن أَو بِمَعْنَى وَسَطٍ أَو بِمَعْنَى فِي. وَمَا تَحَلَّجَ ذَلِكَ فِي صَدْرِي أَي مَا تَرَدَّدَ فأَشكُّ فِيهِ. وَقَالَ اللَّيْثُ: دَعْ مَا تَحَلَّجَ فِي صَدْرِكَ وَمَا تَخَلَّج، بِالْحَاءِ وَالْخَاءِ؛ قَالَ شَمِرٌ: وَهُمَا قَرِيبَانِ مِنَ السَّواءِ؛ وَقَالَ الأَصمعي: تَحَلَّجَ فِي صَدْرِي وتَخَلَّجَ أَي شَكَكْتُ فِيهِ. وَفِي حَدِيثِ
عَدِيِّ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ لَهُ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يَتَحَلَّجَنَّ فِي صَدْرِكَ طعامٌ ضارَعْتَ فِيهِ النَّصْرانيَة.
قَالَ شَمِرٌ: مَعْنَى لَا يتحلَّجن لَا يَدْخُلَنَّ قلبَك مِنْهُ شيءٌ، يَعْنِي أَنه نَظِيفٌ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وأَصله مِنَ الحَلْجِ، وَهُوَ الْحَرَكَةُ وَالِاضْطِرَابُ، وَيُرْوَى بِالْخَاءِ، وَهُوَ بِمَعْنَاهُ. ابْنُ الأَعرابي: وَيُقَالُ لِلْحِمَارِ الْخَفِيفِ: مِحْلَجٌ ومِحْلاجٌ، وَجَمْعُهُ المَحالِيجُ؛ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: المَحالِيجُ الحُمُرُ الطِّوالُ. الأَزهري: وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: حَجَنْتُ إِلى كَذَا حُجوناً وحاجَنْتُ وأَحْجَنْتُ وأَحْلَجْتُ وحالَجْتُ ولاحَجْتُ ولحَجْتُ لحُوجاً؛ وتفسيرهُ: لُصُوقُكَ بِالشَّيْءِ ودخُولُكَ في أَضْعافِه.
حلدج: الحُلُنْدُجَةُ والجُلُنْدُحَةُ «2»: الصُّلْبة مِنَ الإِبل، وَهُوَ مَذْكُورٌ في جلدح.
حمج: التَّحْمِيجُ: فَتْحُ الْعَيْنِ وَتَحْدِيدُ النَّظَرِ كأَنه مَبْهُوتٌ؛ قَالَ أَبو الْعِيَالِ الْهُذَلِيُّ:
وحَمَّجَ لِلْجَبانِ المَوْتُ، ... حَتَّى قَلْبُهُ يَجِبُ
أَراد: حَمَّجَ الجبانُ لِلْمَوْتِ، فَقلَبَ؛ وقيل: تَحْمِيجُ العينين غُؤُورُهُما؛ وَقِيلَ: تَصْغِيرُهُمَا لِتَمْكِينِ النَّظَرِ. الْجَوْهَرِيُّ: حَمَّجَ الرجلُ عَيْنَهُ يَسْتَشِفُّ النظرَ إِذا صَغَّرَها؛ وَقِيلَ: إِذا تَخاوَصَ «3» الإِنسانُ، فَقَدْ حَمَّجَ. قَالَ الأَزهري: أَما قَوْلُ اللَّيْثِ فِي تَحْمِيجِ الْعَيْنِ إِنه بِمَنْزِلَةِ الغُؤُور فَلَا يُعرف، وَكَذَلِكَ التَّحْمِيجُ بِمَعْنَى الهُزال مُنْكَرٌ؛ وَقَوْلُهُ:
وَقَدْ يَقُودُ الخَيْلَ لَمْ تُحَمَّجِ
فَقِيلَ: تَحْمِيجُهَا هُزَالُهَا، وَقِيلَ: هُزَالُهَا مَعَ غُؤُور أَعينها. وَالتَّحْمِيجُ: التَّغَيُّرُ فِي الْوَجْهِ مِنَ الْغَضَبِ وَغَيْرِهِ. وحَمَّجَتِ العينُ إِذا غَارَتْ. وَالتَّحْمِيجُ: النَّظَرُ بِخَوْفٍ. وَالتَّحْمِيجُ: فَتْحُ الْعَيْنِ فَزَعًا أَو وَعِيدًا. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: أَنَّ شَاهِدًا كَانَ عِنْدَهُ فَطَفِقَ يُحَمِّجُ إِليه النظرَ.
قَالَ ابْنُ الأَثير: ذَكَرَهُ أَبو مُوسَى فِي حَرْفِ الْجِيمِ، وَهُوَ سَهْوٌ؛ وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: هِيَ لُغَةٌ فِيهِ. والتَّحْمِيجُ: تَغَيُّرٌ فِي الْوَجْهِ مِنَ الْغَضَبِ وَنَحْوِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ لِرَجُلٍ: مَا لِي أَراك مُحَمِّجاً؟
قَالَ الأَزهري: التَّحميج عِنْدَ الْعَرَبِ نظرٌ بتَحْديقٍ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: التَّحْمِيجُ شدَّة النَّظَرِ. وَقَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ؛ قَالَ: مُحَمِّجِينَ مُديمي النَّظَرِ؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدَةَ لِذِي الإِصبع:
أَإِنْ رأَيتَ بَني أَبيك ... مُحَمِّجِينَ إِليكَ شُوسا
حملج: حَمْلَجَ الحَبْلَ أَي فَتَلَهُ فَتْلًا شَدِيدًا؛ قَالَ
__________
(2).
قوله [الحلندجة والجلندحة] كذا بالأَصل بهذا الضبط وأَقره شارح القاموس وزاد فتح اللام والدال فيهما، والنون على كل ساكنة.
(3).
قوله [تخاوص] كذا بالأَصل بهذا الضبط. قال في القاموس في مادة خوص: ويتخاوص إِذا غَضَّ مِنْ بَصَرِهِ شَيْئًا، وهو في ذَلِكَ يُحَدِّقُ النَّظَرَ كأَنه يقوّم قدحاً. وكذا إِذا نظر إِلى عين الشمس انتهى. وتحرفت في شرح القاموس المطبوع حيث قال إِذا تخافض.

(2/240)


الرَّاجِزُ:
قُلْتُ لِخَوْدٍ كاعبٍ عُطْبُولِ، ... مَيَّاسَةٍ كالظَّبْيَةِ الخَذُولِ،
تَرْنُو بعَيْنَيْ شادِنٍ كَحيلِ: ... هَلْ لكِ فِي مُحَمْلَجٍ مَفْتُولِ؟
والحِمْلاجُ: الحَبْلُ المُحَمْلَجُ. والمُحَمْلَجَةُ مِنَ الْحَمِيرِ: الشديدةُ الطَّيِّ والجَدْلِ. والحِمْلاجُ: قَرْنُ الثَّوْرِ وَالظَّبْيِ؛ قَالَ الأَعشى:
يَنْفُضُ المَرْدَ والكَباثَ بِحِمْلاجٍ ... لطيفٍ، فِي جانِبَيْهِ انْفِراقُ
والحَمالِيجُ: قرونُ البَقَرِ، قَالَ: وَهِيَ مَنَافِخُ الصَّاغَةِ أَيضاً. والحِمْلاجُ: مِنْفاخُ الصَّائِغِ. وَيُقَالُ لِلْعَيْرِ الَّذِي دُوخِلَ خَلْقُهُ اكْتِنازاً: مُحَمْلَجٌ؛ وَقَالَ رؤْبة:
مُحَمْلَجٌ أُدْرِجَ إِدْراجَ الطَّلَقْ
حنج: الحَنْجُ: إِمالَةُ الشَّيْءِ عَنْ وَجْهِهِ؛ يُقَالُ: حَنَجْتُه أَي أَملته حَنْجاً فاحْتَنَجَ، فِعْلٌ لَازِمٌ؛ وَيُقَالُ أَيضاً: أَحْنَجْتُه. قَالَ أَبو عَمْرٍو: الإِحْناجُ أَن تَلْوِيَ الخَبَرَ عَنْ وَجْهِهِ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
فَتَحْمِلُ الأَرْواحُ وَحْياً مُحْنَجا ... إِليَّ، أَعْرِفْ وَحْيَها المُلَجْلَجَا
والمُحْنَجُ: الكَلامُ المَلْوِيُّ عَنْ جِهَتِهِ كَيْلا يُفْطَنَ. يُقَالُ: أَحْنَجَ كلامَهُ أَي لَوَاهُ كَمَا يَلْوِيهِ المخنَّث. وَيُقَالُ: أَحْنَجَ عَليَّ أَمْرَه أَي لَوَاهُ. والمُحْنِجُ: الَّذِي إِذا مَشَى نَظَرَ إِلى خَلْفِهِ برأْسه وَصَدْرِهِ؛ وَقَدْ أَحْنَجَ إِذا فَعَلَ ذَلِكَ. والأَحْناجُ: الأُصول، وَاحِدُهَا حِنْجٌ. قَالَ الأَصمعي: يُقَالُ رَجَعَ فُلَانٌ إِلى حِنْجِهِ وبِنْجِهِ أَي رَجَعَ إِلى أَصله. أَبو عُبَيْدَةَ: هُوَ الحِنْجُ والبِنْجُ. وحَنَجَ الحبلَ يَحْنِجُه حَنْجاً: شَدَّ فَتْلَهُ، وَابْتَذَلَتِ العامَّة هَذِهِ الْكَلِمَةَ فسمَّت المخنَّث حَنَّاجاً، لِتَلَوِّيهِ، وَهِيَ فَصِيحَةٌ. وأَحْنَجَ الفرسُ: ضَمُرَ كأَحْنَقَ. والحَنْجَةُ: شَيْءٌ مِنَ الأَدوات، وَهُوَ فِي نُسْخَةِ التَّهْذِيبِ المحْنَجَةُ.
حنبج: الحِنْبِجُ: الْبَخِيلُ. والحِنْبِجُ: أَضْخَمُ القَمْلِ؛ وَقَالَ الأَصمعي: الخِنْبِجُ، بِالْخَاءِ وَالْجِيمِ: الْقَمْلُ. قَالَ الرِّيَاشِيُّ: وَالصَّوَابُ عِنْدَنَا مَا قَالَ الأَصمعي. والحُنْبُجُ: الضَّخْمُ الْمُمْتَلِئُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ؛ وَرَجُلٌ حُنْبُجٌ وحُنابِجٌ. والحُنْبُجُ: الْعَظِيمُ. ابْنُ الأَعرابي: الحُنابِجُ صِغَارُ النَّمْلِ. وَرَجُلٌ حُنْبُجٌ: مُنْتَفِخٌ عَظِيمٌ؛ وَقَالَ هِمْيانُ بْنُ قُحَافَةَ:
كَأَنَّها، إِذْ ساقَتِ العَرافِجا ... مِنْ داسِنٍ، والجَرَعَ الحَنابِجا
والحُنْبُجُ: السُّنْبُلَة الْعَظِيمَةُ الضَّخْمَةُ، حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ؛ وأَنشد لِجَنْدَلِ بْنِ الْمُثَنَّى فِي صِفَةِ الْجَرَادِ:
يَفْرُكُ حَبَّ السُّنْبُلِ الحُنابِجِ ... بالقاعِ، فَرْكَ القُطْنِ بالمَحالِجِ
حندج: الحُنْدُجُ والحُنْدُجَةُ: رَمْلَةٌ طَيِّبَةٌ تُنْبِتُ أَلواناً مِنَ النَّبَاتِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
عَلَى أُقْحُوانٍ فِي حَنادِجَ حُرَّةٍ، ... يُناصي حَشاها عانِكٌ مُتَكاوِسُ
حَشاها: نَاحِيَتُهَا. يُناصي: يُقَابِلُ. وَقِيلَ: الحُنْدُجَةُ الرَّمْلَةُ الْعَظِيمَةُ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: قَالَ أَبو خَيْرَةَ وأَصحابه: الحُنْدوجُ

(2/241)


رَمْلٌ لَا يَنْقَادُ فِي الأَرض وَلَكِنَّهُ مُنْبِتٌ. الأَزهري: الحَناديجُ حِبال الرَّمْلِ الطوالُ، وَقِيلَ: الحَناديجُ رِمالٌ قِصارٌ، وَاحِدُهَا حُنْدُجٌ وحُنْدوجَةٌ؛ وأَنشدَ أَبو زَيْدٍ لجَنْدَلٍ الطَّهَوِيِّ فِي حَنادِجِ الرِّمَالِ يَصِفُ الْجَرَادَ وَكَثْرَتَهُ:
يَثُورُ مِنْ مَشافِرِ الحَنادِجِ، ... وَمِنْ ثَنايا القُفِّ ذِي الفَوائِجِ
مِنْ ثائرٍ وناقرٍ ودارِجِ، ... ومُسْتَقِلٍّ، فَوْقَ ذَاكَ، مائِجِ
يَفْرُك حَبَّ السُّنْبُلِ الكُنافِجِ ... بِالْقَاعِ، فَرْكَ القُطْنِ بالمَحالِجِ
الكُنافِج: السَّمِينُ الْمُمْتَلِئُ. التَّهْذِيبُ: الحَنادِجُ الإِبل الضِّخامُ، شُبِّهَتْ بِالرِّمَالِ؛ وأَنشد:
مِنْ دَرِّ جُوفٍ جِلَّةٍ حَنادِجِ
والله أَعلم.
حنضج: رَجُلٌ حِنْضِجٌ: رِخْوٌ لَا خَيْرَ عِنْدَهُ؛ وأَصله من الحَضْجِ [الحِضْجِ]، وَهُوَ الْمَاءُ الْخَاثِرُ الَّذِي فِيهِ طَمْلَةٌ «1» وطِينٌ. وحِنْضِجٌ: اسم.
حوج: الحاجَةُ والحائِجَةُ: المَأْرَبَةُ، مَعْرُوفَةٌ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْها حاجَةً فِي صُدُورِكُمْ
؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: يَعْنِي الأَسْفارَ، وجمعُ الْحَاجَةِ حاجٌ وحِوَجٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
لَقَدْ طالَ مَا ثَبَّطْتَني عَنْ صَحابَتي، ... وعَنْ حِوَجٍ، قَضَاؤُها مِنْ شِفَائِيَا
وَهِيَ الحَوْجاءُ، وَجَمْعُ الحائِجَة حوائجُ. قَالَ الأَزهري: الحاجُ جمعُ الحاجَةِ، وَكَذَلِكَ الْحَوَائِجُ وَالْحَاجَاتُ؛ وأَنشد شَمِرٌ:
والشَّحْطُ قَطَّاعٌ رَجاءَ مَنْ رَجا، ... إِلَّا احْتِضارَ الحاجِ مَنْ تَحَوَّجا
قَالَ شَمِرٌ: يَقُولُ إِذا بَعُدَ مَنْ تُحِبُّ انْقَطَعَ الرَّجَاءُ إِلَّا أَن تَكُونَ حَاضِرًا لِحَاجَتِكَ قَرِيبًا مِنْهَا. قَالَ: وَقَالَ رجاء من رجاء، ثُمَّ اسْتَثْنَى، فَقَالَ: إِلا احْتِضَارَ الْحَاجِ، أَن يَحْضُرَهُ. وَالْحَاجُ: جَمْعُ حَاجَةٍ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وأُرْضِعُ حاجَةً بِلِبانِ أُخْرى، ... كَذَاكَ الحاجُ تُرْضَعُ باللِّبانِ
وتَحَوَّجَ: طَلَبَ الحاجَةَ؛ وَقَالَ الْعَجَّاجُ:
إِلَّا احْتِضارَ الحاجِ مَنْ تَحَوَّجا
والتَحَوُّجُ: طَلَبُ الْحَاجَةِ بَعْدَ الْحَاجَةِ. والتَحَوُّج: طلبُ الحاجَةِ. غَيْرُهُ: الحاجَةُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، الأَصل فِيهَا حائجَةٌ، حَذَفُوا مِنْهَا الْيَاءَ، فَلَمَّا جَمَعُوهَا رَدُّوا إِليها مَا حَذَفُوا مِنْهَا فَقَالُوا: حاجةٌ وحوائجُ، فَدَلَّ جَمْعُهُمْ إِياها عَلَى حَوَائِجَ أَن الْيَاءَ مَحْذُوفَةٌ مِنْهَا. وحاجةٌ حائجةٌ، عَلَى الْمُبَالَغَةِ. اللَّيْثُ: الحَوْجُ، مِنَ الحاجَة. وَفِي التَّهْذِيبِ: الحِوَجُ الحاجاتُ. وَقَالُوا: حاجةٌ حَوْجاءُ. ابْنُ سِيدَهْ: وحُجْتُ إِليك أَحُوجُ حَوْجاً وحِجْتُ، الأَخيرةُ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ؛ وأَنشد لِلْكُمَيْتِ بْنِ مَعْرُوفٍ الأَسدي:
غَنِيتُ، فَلَم أَرْدُدْكُمُ عِنْدَ بُغْيَةٍ، ... وحُجْتُ، فَلَمْ أَكْدُدْكُمُ بِالأَصابِع
قَالَ: وَيُرْوَى وحِجْتُ؛ قَالَ: وإِنما ذَكَرْتُهَا هُنَا لأَنها مِنَ الْوَاوِ، قَالَ: وَسَنَذْكُرُهَا أَيضا فِي الْيَاءِ لِقَوْلِهِمْ حِجْتُ حَيْجاً. واحْتَجْتُ وأَحْوَجْتُ كَحُجْتُ.
__________
(1).
قوله [فيه طملة] بفتح الطاء وضمها وبتحريك الكلمة كلها كما في القاموس.

(2/242)


اللِّحْيَانِيُّ: حاجَ الرجلُ يَحُوجُ ويَحِيجُ، وَقَدْ حُجْتُ وحِجْتُ أَي احْتَجْتُ. والحَوْجُ: الطَّلَبُ. والحُوجُ: الفَقْرُ؛ وأَحْوَجَه اللَّهُ. والمُحْوِجُ: المُعْدِمُ مِنْ قَوْمٍ مَحاويجَ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَن مَحاويجَ إِنما هُوَ جَمْعُ مِحْواجٍ، إِن كَانَ قِيلَ، وإِلَّا فَلَا وَجْهَ لِلْوَاوِ. وتَحَوَّجَ إِلى الشَّيْءِ: احْتَاجَ إِليه وأَراده. غَيْرُهُ: وَجَمْعُ الحاجةِ حاجٌ وحاجاتٌ وحَوائِجُ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، كأَنهم جَمَعُوا حائِجَةً، وَكَانَ الأَصمعي يُنْكِرُهُ وَيَقُولُ هُوَ مولَّد؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وإِنما أَنكره لِخُرُوجِهِ عَنِ الْقِيَاسِ، وإِلَا فَهُوَ كَثِيرٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ؛ وَيَنْشُدُ:
نَهارُ المَرْءِ أَمْثَلُ، حِينَ تُقْضَى ... حَوائِجُهُ، مِنَ اللَّيْلِ الطَّويلِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: إِنما أَنكره الأَصمعي لِخُرُوجِهِ عَنْ قِيَاسِ جَمْعِ حَاجَةٍ؛ قَالَ: وَالنَّحْوِيُّونَ يَزْعُمُونَ أَنه جَمْعٌ لِوَاحِدٍ لَمْ يُنْطَقْ بِهِ، وَهُوَ حَائِجَةٌ. قَالَ: وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنه سُمِعَ حائِجَةٌ لُغَةٌ فِي الحاجةِ. قَالَ: وأَما قَوْلُهُ إِنه مُوَلَّدٌ فإِنه خطأٌ مِنْهُ لأَنه قَدْ جَاءَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِي أَشعار الْعَرَبِ الْفُصَحَاءِ، فَمِمَّا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ مَا رُوِيَ
عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَن رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: إِن لِلَّهِ عِبَادًا خَلَقَهُمْ لِحَوَائِجِ النَّاسِ، يَفْزَعُ الناسُ إِليهم فِي حَوَائِجِهِمْ، أُولئك الْآمِنُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
وَفِي الْحَدِيثِ أَيضاً:
أَن رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: اطْلُبُوا الحوائجَ إِلى حِسانِ الْوُجُوهِ.
وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
اسْتَعِينُوا عَلَى نَجاحِ الْحَوَائِجِ بالكِتْمانِ لَهَا
؛ وَمِمَّا جَاءَ فِي أَشعار الْفُصَحَاءِ قَوْلُ أَبي سَلَمَةَ الْمُحَارِبِيِّ:
ثَمَمْتُ حَوائِجِي ووَذَأْتُ بِشْراً، ... فبِئْسَ مُعَرِّسُ الرَّكْبِ السِّغابُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ثَمَمْتُ أَصلحت؛ وَفِي هَذَا الْبَيْتِ شَاهِدٌ عَلَى أَن حَوَائِجَ جَمْعُ حَاجَةٍ، قَالَ: وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ جَمْعُ حَائِجَةٍ لُغَةٌ فِي الحاجةِ؛ وَقَالَ الشَّمَّاخِ:
تَقَطَّعُ بَيْنَنَا الحاجاتُ إِلَّا ... حوائجَ يَعْتَسِفْنَ مَعَ الجَريء
وَقَالَ الأَعشى:
الناسُ حَولَ قِبابِهِ: ... أَهلُ الْحَوَائِجِ والمَسائلْ
وَقَالَ الْفَرَزْدَقُ:
وَلِي ببلادِ السِّنْدِ، عندَ أَميرِها، ... حوائجُ جمَّاتٌ، وعِندي ثوابُها
وَقَالَ هِمْيانُ بنُ قُحَافَةَ:
حَتَّى إِذا مَا قَضَتِ الحوائِجَا، ... ومَلأَتْ حُلَّابُها الخَلانِجَا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَكُنْتُ قَدْ سُئِلْتُ عَنْ قَوْلِ الشَّيْخِ الرَّئِيسِ أَبي مُحَمَّدٍ الْقَاسِمِ بْنِ عَلِيٍّ الْحَرِيرِيِّ فِي كِتَابِهِ دُرَّة الغَوَّاص: إِن لَفْظَةَ حَوَائِجَ مِمَّا توهَّم فِي اسْتِعْمَالِهَا الْخَوَاصُّ؛ وَقَالَ الْحَرِيرِيُّ: لَمْ أَسمع شَاهِدًا عَلَى تَصْحِيحِ لَفْظَةِ حَوَائِجَ إِلا بَيْتًا وَاحِدًا لِبَدِيعِ الزَّمَانِ، وَقَدْ غَلِطَ فِيهِ؛ وَهُوَ قَوْلُهُ:
فَسِيَّانِ بَيْتُ العَنْكَبُوتِ وجَوْسَقٌ ... رَفِيعٌ، إِذا لَمْ تُقْضَ فِيهِ الحوائجُ
فأَكثرت الِاسْتِشْهَادَ بِشِعْرِ الْعَرَبِ وَالْحَدِيثِ؛ وَقَدْ أَنشد أَبو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ أَيضاً:
صَرِيعَيْ مُدامٍ، مَا يُفَرِّقُ بَيْنَنا ... حوائجُ مِنْ إِلقاحِ مالٍ، وَلَا نَخْلِ

(2/243)


وأَنشد ابْنُ الأَعرابي أَيضاً:
مَنْ عَفَّ خَفَّ، عَلَى الوُجُوهِ، لِقاؤُهُ، ... وأَخُو الحَوائِجِ وجْهُه مَبْذُولُ
وأَنشد أَيضاً:
فإِنْ أُصْبِحْ تُخالِجُني هُمُومٌ، ... ونَفْسٌ فِي حوائِجِها انْتِشارُ
وأَنشد ابْنُ خَالَوَيْهِ:
خَلِيلَيَّ إِنْ قامَ الهَوَى فاقْعُدا بِهِ، ... لَعَنَّا نُقَضِّي مِنْ حَوائِجِنا رَمّا
وأَنشد أَبو زَيْدٍ لِبَعْضِ الرُّجّاز:
يَا رَبَّ، رَبَّ القُلُصِ النَّواعِجِ، ... مُسْتَعْجِلاتٍ بِذَوِي الحَوائِجِ
وَقَالَ آخَرُ:
بَدَأْنَ بِنا لَا راجِياتٍ لخُلْصَةٍ، ... وَلَا يائِساتٍ مِنْ قَضاءِ الحَوائِجِ
قَالَ: وَمِمَّا يَزِيدُ ذَلِكَ إِيضاحاً مَا قَالَهُ الْعُلَمَاءُ؛ قَالَ الْخَلِيلُ فِي الْعَيْنِ فِي فَصْلِ [رَاحَ] يُقَالُ: يَوْمٌ راحٌ وكَبْشٌ ضافٌ، عَلَى التَّخْفِيفِ، مِن رَائِحٍ وَضَائِفٍ، بِطَرْحِ الْهَمْزَةِ، كَمَا قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ الْهُذَلِيُّ:
وسَوَّدَ ماءُ المَرْدِ فَاهَا، فَلَوْنهُ ... كَلَوْنِ النَّؤُورِ، وهْي أَدْماءُ سارُها
أَي سَائِرُهَا. قَالَ: وَكَمَا خَفَّفُوا الْحَاجَةَ مِنَ الْحَائِجَةِ، أَلا تَرَاهُمْ جَمَعُوهَا عَلَى حَوَائِجَ؟ فأَثبت صِحَّةَ حَوَائِجَ، وأَنها مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ، وأَن حَاجَةً مَحْذُوفَةٌ مِنْ حَائِجَةٍ، وإِن كَانَ لَمْ يُنْطَقْ بِهَا عِنْدَهُ. قَالَ: وَكَذَلِكَ ذَكَرَهَا عُثْمَانُ بْنُ جِنِّي فِي كِتَابِهِ اللُّمَعِ، وَحَكَى الْمُهَلَّبِيُّ عَنِ ابْنِ دُرَيْدٍ أَنه قَالَ حَاجَةٌ وَحَائِجَةٌ، وَكَذَلِكَ حُكِيَ عَنْ أَبي عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ أَنه يُقَالُ: فِي نَفْسِي حاجَةٌ وَحَائِجَةٌ وحَوْجاءُ، وَالْجَمْعُ حاجاتٌ وحوائجُ وحاجٌ وحِوَجٌ. وَذَكَرَ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي كِتَابِهِ الأَلفاظ بَابُ الْحَوَائِجِ: يُقَالُ فِي جَمْعِ حاجةٍ حاجاتٌ وحاجٌ وحِوَجٌ وحَوائجُ. وَقَالَ سِيبَوَيْهِ فِي كِتَابِهِ، فِيمَا جَاءَ فِيهِ تَفَعَّلَ واسْتَفْعَلَ، بِمَعْنًى، يُقَالُ: تَنَجَّزَ فلانٌ حوائِجَهُ واسْتَنْجَزَ حوائجَهُ. وَذَهَبَ قَوْمٌ مِنْ أَهل اللُّغَةِ إِلى أَن حَوَائِجَ يَجُوزُ أَن يَكُونَ جَمْعَ حَوْجَاءَ، وَقِيَاسُهَا حَواجٍ، مِثْلُ صَحارٍ، ثُمَّ قُدِّمَتِ الْيَاءُ عَلَى الْجِيمِ فَصَارَ حَوائِجَ؛ وَالْمَقْلُوبُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ كَثِيرٌ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: بُداءَاتُ حَوائجك، فِي كَثِيرٍ مِنْ كَلَامِهِمْ. وَكَثِيرًا مَا يَقُولُ ابْنُ السِّكِّيتِ: إِنهم كَانُوا يَقْضُونَ حَوَائِجَهُمْ فِي الْبَسَاتِينِ وَالرَّاحَاتِ، وإِنما غَلِطَ الأَصمعي فِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ كَمَا حُكِيَ عَنْهُ حَتَّى جَعَلَهَا مُوَلَّدَةً كونُها خَارِجَةً عَنِ الْقِيَاسِ، لأَن مَا كَانَ عَلَى مِثْلِ الْحَاجَةِ مِثْلَ غارةٍ وحارَةٍ لَا يُجْمَعُ عَلَى غَوَائِرَ وَحَوَائِرَ، فَقَطَعَ بِذَلِكَ عَلَى أَنها مُوَلَّدَةٌ غَيْرُ فَصِيحَةٍ، عَلَى أَنه قَدْ حَكَى الرَّقَاشِيُّ وَالسِّجِسْتَانِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ الأَصمعي أَنه رَجَعَ عَنْ هَذَا الْقَوْلِ، وإِنما هُوَ شَيْءٌ كَانَ عَرَضَ لَهُ مِنْ غَيْرِ بَحْثٍ وَلَا نَظَرٍ، قَالَ: وَهَذَا الأَشبه بِهِ لأَن مِثْلَهُ لَا يَجْهَلُ ذَلِكَ إِذ كَانَ مَوْجُودًا فِي كَلَامِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَلَامِ الْعَرَبِ الْفُصَحَاءِ؛ وكأَن الْحَرِيرِيَّ لَمْ يَمُرَّ بِهِ إِلا الْقَوْلُ الأَول عَنِ الأَصمعي دُونَ الثَّانِي، وَاللَّهُ أَعلم. والحَوْجاءُ: الحاجةُ. وَيُقَالُ مَا فِي صَدْرِي بِهِ حَوْجَاءُ وَلَا لَوْجاءُ، وَلَا شَكٌّ وَلَا مِرْيَةٌ، بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَيُقَالُ: لَيْسَ فِي أَمرك حُوَيْجاءُ وَلَا لُوَيْجاءُ وَلَا رُوَيْغَةٌ، وَمَا فِي الأَمر حَوْجاء وَلَا لَوْجاء أَي شَكٌّ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. وحاجَ يَحوجُ حَوْجاً أَي احْتَاجَ. وأَحْوَجَه إِلى غَيْرِهِ وأَحْوَجَ أَيضاً: بِمَعْنَى احْتَاجَ. اللِّحْيَانِيُّ: مَا لِي فِيهِ

(2/244)


حَوْجاءُ وَلَا لَوْجَاءُ وَلَا حُوَيجاء وَلَا لُوَيجاء؛ قَالَ قَيْسُ بْنُ رِفَاعَةَ:
مَنْ كانَ، فِي نَفْسِه، حَوْجاءُ يَطْلُبُها ... عِندي، فَإِني لَهُ رَهْنٌ بإِصْحارِ
أُقِيمُ نَخْوَتَه، إِنْ كَانَ ذَا عِوَجٍ، ... كَمَا يُقَوِّمُ، قِدْحَ النَّبْعَةِ، البارِي
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ الْمَشْهُورُ فِي الرِّوَايَةِ:
أُقِيمُ عَوْجَتَه إِن كَانَ ذَا عِوَجٍ
وَهَذَا الشِّعْرُ تَمَثَّلَ بِهِ عَبْدُ الْمَلِكِ بَعْدَ قَتْلِ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَهُوَ يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ بِالْكُوفَةِ، فَقَالَ فِي آخِرِ خُطْبَتِهِ:
وَمَا أَظنكم تَزْدَادُونَ بعدَ المَوْعظةِ إِلَّا شَرًّا، وَلَنْ نَزْدادَ بَعد الإِعْذار إِليكم إِلّا عُقُوبةً وذُعْراً، فَمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَن يَعُودَ إِليها فَلْيَعُدْ، فإِنما مَثَلي ومَثَلكم كَمَا قَالَ قَيْسُ بْنُ رِفَاعَةَ:
مَنْ يَصْلَ نارِي بِلا ذَنْبٍ وَلَا تِرَةٍ، ... يَصْلي بنارِ كريمٍ، غَيْرِ غَدَّارِ
أَنا النَّذِيرُ لَكُمْ مِنِّي مُجاهَرَةً، ... كَيْ لَا أُلامَ عَلَى نَهْيي وإِنْذارِي
فإِنْ عَصِيْتُمْ مَقَالِي، اليومَ، فاعْتَرِفُوا ... أَنْ سَوْفَ تَلْقَوْنَ خِزْياً، ظاهِرَ العارِ
لَتَرْجِعُنَّ أَحادِيثاً مُلَعَّنَةً، ... لَهْوَ المُقِيمِ، ولَهْوَ المُدْلِجِ السارِي
مَنْ كانَ، فِي نَفْسِه، حَوْجاءُ يَطْلُبُها ... عِندي، فإِني لَهُ رَهْنٌ بإِصْحارِ
أُقِيمُ عَوْجَتَه، إِنْ كانَ ذَا عِوَجٍ، ... كَمَا يُقَوِّمُ، قِدْحَ النَّبْعَةِ، البارِي
وصاحِبُ الوِتْرِ لَيْسَ، الدَّهْرَ، مُدْركَهُ ... عِندي، وَإِنِّي لَدَرَّاكٌ بِأَوْتارِي
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَوَى سَعْدَ بنَ زُرارَةَ وَقَالَ: لَا أَدع فِي نَفْسِي حَوْجاءَ مِنْ سَعْدٍ
؛ الحَوْجاءُ: الْحَاجَةُ، أَي لَا أَدع شَيْئًا أَرى فِيهِ بُرْأَة إِلّا فَعَلْتُهُ، وَهِيَ فِي الأَصل الرِّيبَةُ الَّتِي يَحْتَاجُ إِلى إِزالتها؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
قَتَادَةَ قَالَ فِي سَجْدَةِ حم: أَن تَسْجُدَ بالأَخيرة مِنْهُمَا، أَحْرى أَنْ لَا يَكُونَ فِي نَفْسِكَ حَوْجاءُ
أَي لَا يَكُونُ فِي نَفْسِكَ مِنْهُ شَيْءٌ، وَذَلِكَ أَن مَوْضِعَ السُّجُودِ مِنْهَا مُخْتَلَفٌ فِيهِ، هَلْ هُوَ فِي آخِرِ الْآيَةِ الأُولى أَو آخِرِ الْآيَةِ الثَّانِيَةِ، فَاخْتَارَ الثَّانِيَةَ لأَنه أَحوط؛ وأَن يَسْجُدَ فِي مَوْضِعِ المبتدإِ، وأَحرى خَبَرُهُ. وكَلَّمه فَمَا رَدَّ عَلَيْهِ حَوْجاء وَلَا لَوْجاء، مَمْدُودٌ، وَمَعْنَاهُ: مَا ردَّ عَلَيْهِ كَلِمَةً قَبِيحَةً وَلَا حَسَنَةً، وَهَذَا كَقَوْلِهِمْ: فَمَا رَدَّ عليَّ سَوْدَاءَ وَلَا بَيْضَاءَ أَي كَلِمَةً قَبِيحَةً وَلَا حَسَنَةً. وَمَا بَقِيَ فِي صَدْرِهِ حَوْجَاءُ وَلَا لَوْجَاءُ إِلا قَضَاهَا. وَالْحَاجَةُ: خَرَزَةٌ «2» لَا ثَمَنَ لَهَا لِقِلَّتِهَا وَنَفَاسَتِهَا؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:
فَجاءَت كخاصِي العَيْرِ لَمْ تَحْلَ عاجَةً، ... وَلَا حاجَةٌ مِنْهَا تَلُوحُ عَلَى وَشْمِ
وَفِي الْحَدِيثِ:
قَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا تَرَكْتُ مِنْ حاجَةٍ وَلَا داجَةٍ إِلا أَتَيْتُ
؛ أَي مَا تَرَكْتُ شَيْئًا مِنَ الْمَعَاصِي دَعَتْنِي نَفْسِي إِليه إِلا وَقَدْ رَكِبْتُهُ؛ وداجَةٌ إِتباع لِحَاجَةٍ، والأَلف فِيهَا مُنْقَلِبَةٌ عَنِ الْوَاوِ. وَيُقَالُ لِلْعَاثِرِ: حَوْجاً لَكَ أَي سلامَةً
__________
(2).
قوله [والحاجة خرزة] مقتضى إيراده هنا أنه بالحاء المهملة هنا، وهو بها في الشاهد أيضاً. وكتب السيد مرتضى بهامش الأَصل صوابه: والجاجة، بجيمين، كما تقدم في موضعه مع ذكر الشاهد المذكور.

(2/245)


وَحَكَى الْفَارِسِيُّ عَنْ أَبي زَيْدٍ: حُجْ حُجَيَّاكَ، قَالَ: كأَنه مقلوبٌ مَوْضِعُ اللَّام إِلى الْعَيْنِ.
حيج: حِجْتُ أَحِيجُ حَيْجاً: احْتَجْتُ؛ عَنْ كُرَاعٍ وَاللِّحْيَانِيِّ، وَهِيَ نَادِرَةٌ لأَنَّ أَلف الحاجَةِ وَاوٌ، فَحُكْمُهُ حُجْتُ كَمَا حَكَى أَهل اللُّغَةِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَوْلَا حَيْجاً لَقُلْتُ إِنَّ حِجْتُ فَعِلْتُ، وإِنه مِنَ الْوَاوِ كَمَا ذَهَبَ إِليه سِيبَوَيْهِ فِي طِحْتُ. والحاجُ: نَبْتٌ مِنَ الحَمْضِ، وَقِيلَ: نَبْتٌ مِنَ الشَّوْكِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه قَالَ لِرَجُلٍ شَكَا إِليه الْحَاجَةَ: انْطَلِقْ إِلى هَذَا الْوَادِي وَلَا تَدَعْ حَاجًا وَلَا حَطَباً وَلَا تأْتني خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا
؛ الحاجُ: الشَّوْك، الْوَاحِدَةُ حَاجَةٌ. ابْنُ سِيدَهْ: الْحَاجُ ضَرْبٌ مِنَ الشَّوْكِ وَهُوَ الكَبَرُ، وَقِيلَ: نَبْتٌ غَيْرُ الْكَبَرِ، وَقِيلَ: هُوَ شَجَرٌ، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الْحَاجُ مِمَّا تَدُومُ خُضْرَته وَتَذْهَبُ عُرُوقُهُ فِي الأَرض مَذْهَباً بَعيداً، ويُتَداوَى بِطَبِيخِهِ، وَلَهُ وَرَقٌ دِقاق طِوال، كأَنه مُساوٍ لِلشَّوْكِ فِي الْكَثْرَةِ، وَتَصْغِيرُهُ حُيَيْجَةٌ؛ عَنِ الْكِسَائِيِّ. وأَحاجَتِ الأَرضُ وأَحْيَجَتْ: كَثُرَ بِهَا الحاجُ؛ وَقَوْلُ الرَّاجِزِ:
كأَنها الحاجُ أَفاضَتْ عَصَبُهُ
أَراد الحاجَّ، فَحَذَفَ إِحدى الْجِيمَيْنِ وخَفَّفه كَقَوْلِهِ:
يَسُوءُ الفالِياتِ إِذا فَلَيْني
أَراد فَلَيْنَني، وَهَذِهِ الْكَلِمَةُ ذَكَرَهَا الْجَوْهَرِيُّ في حوج.

فصل الخاء
خبج: خَبَجَ يَخْبُجُ خَبْجاً وخُباجاً: ضَرَطَ ضَرطاً شَدِيدًا؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ مِلْقَطٍ الطَّائِيُّ:
يَأْبَى لِي الثَّعْلَبَتانِ الَّذِي ... قَالَ: خُباجَ الأَمَةِ الرَّاعِيَه
الخُباجُ: الضُّراط وأَضافه إِلى الأَمَة لِيَكُونَ أَخس لَهَا، وَجَعَلَهَا رَاعِيَةً لِكَوْنِهَا أَهون مِن الَّتِي لَا تَرْعَى؛ وأَول الشَّعْرِ:
يَا أَوْسُ، لَوْ نالَتْكَ أَرماحُنا، ... كُنْتَ كَمَنْ تَهْوِي بِهِ الهاوِيه
وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِذا أُقيمت الصلاةُ ولَّى الشيطانُ وَلَهُ خَبَجٌ
، بِالتَّحْرِيكِ، أَي ضُرَاطٌ، وَيُرْوَى بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
مَنْ قرأَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ يخرجُ الشيطانُ وَلَهُ خَبَجٌ كخَبج الحِمار.
وَقِيلَ: الخَبَجُ ضُراط الإِبل خَاصَّةً. وخَبَجَ بِهَا: حَبَقَ. وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: لَا آتِيه مَا خَبَجَ ابنُ أَتانٍ؛ فَجَعَلُوهُ للحُمُر. والخَبْجُ: نَوْعٌ مِنَ الضَّرْبِ بِسَيْفٍ أَو بِعَصًا وَلَيْسَ بِشَدِيدٍ، وَالْحَاءُ لُغَةٌ. وخَبَجَه بِالْعَصَا: ضَرَبَهُ بِهَا. وفَحْلٌ خَباجاءُ: كثير الضِّراب.
خبرنج: الخَبَرْنَجُ: الناعِمُ البَدَنِ البَضُّ، والأُنثى بِالْهَاءِ. الأَصمعي: الخَبَرْنَجُ الخُلُقُ الْحَسَنُ. وجِسْمٌ خَبَرْنَجٌ: نَاعِمٌ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
غَرَّاءُ سَوَّى خَلْقَها الخَبَرْنَجا، ... مَأْدُ الشَّبابِ عَيْشَها المُخَرْفَجا
ومَأْدُ الشَّبَابِ: ماؤُه وَاهْتِزَازُهُ. وغُصْنٌ يَمْأَدُ مِنَ النَّعْمَةِ: يَهْتز. والخَبَرْنَجَةُ مِنَ النِّسَاءِ: الْحَسَنَةُ الخَلْقِ الضَّخْمَةُ القَصَبِ، وَقِيلَ: هِيَ اللحيمةُ الحادِرَةُ الخَلْقِ فِي استواءٍ، وَقِيلَ: هِيَ الْعَظِيمَةُ السَّاقَيْنِ. وخَلْقٌ خَبَرْنَجٌ: تامٌّ. والخَبَرْنَجَةُ: حُسْنُ الغذاءِ.
خبعج: الأَزهري: الخَبْعَجَةُ مِشْيَةٌ مُتَقاربة مِثْلَ مِشْيَةِ المُريبِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فِيهَا قَرْمَطَةٌ

(2/246)


وعَجَلَةٌ. يُقَالُ: جاءَ يُخَبْعِجُ إِلى رِيبَةٍ؛ وأَنشد:
كأَنَّهُ، لَمَّا غَدا يُخَبْعِجُ، ... صاحبُ مُوقَيْنِ، عَلَيْهِ مَوْزَجُ
وَقَالَ:
جاءَ إِلى جِلَّتِها يُخَبْعِجُ، ... فَكُلُّهُنَّ رائِمٌ يُدَرْدِجُ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَكَذَلِكَ الخَنْعَجَةُ
خثعج: الخَثْعَجَةُ: مِشْيَةٌ مُتَقَارِبَةٌ فِيهَا قَرْمَطَةٌ وعَجَلَةٌ، ذَكَرَهُ ابْنُ سِيدَهْ فِي تَرْجَمَةِ خَنْعَجَ، قَالَ: وَقَدْ ذُكِرَ بالباءِ والثاءِ، فَهُوَ إِذاً خَنْعَجَة وخَبْعَجَة وخَثْعَجَة.
خجج: خَجَّت الرِّيحُ فِي هُبُوبِهَا تَخُجُّ خُجُوجاً: الْتَوَتْ. وَرِيحٌ خَجُوج: تَخُجُّ فِي هُبُوبِهَا أَي تَلْتَوِي. قَالَ: وَلَوْ ضُوعِفَ وَقِيلَ: خَجْخَجَتِ الرِّيحُ، كَانَ صَوَابًا. والخَجُوج من الرياح: الشديدة المَرِّ، وَقَدْ خَجْخَجَتْ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقِيلَ هِيَ الشَّدِيدَةُ مِنْ كُلِّ رِيحٍ مَا لَمْ تُثِرْ عَجاجاً. وخَجِيج الرِّيحِ: صَوْتُهَا. شَمِرٌ: ريح خجُوح وخجَوْجَاةٌ: تَخُجُّ فِي كُلِّ شَقٍّ أَي تشقُّ. قَالَ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: رِيحٌ خَجَوْجاةٌ طَوِيلَةٌ دَائِمَةُ الْهُبُوبِ. وَقَالَ أَبو نَصْرٍ: هِيَ الْبَعِيدَةُ المَسْلَك الدَّائِمَةُ الهُبوب. وَقَالَ ابْنُ أَحمر يَصِفُ الرِّيحَ:
هَوْجاءُ رَعْبَلَةُ الرَّواح، خَجَوْجاةُ ... الغُدُوِّ، رَواحُها شَهْرُ
قَالَ: والأَصل خَجُوج. وَقَدْ خَجَّتْ تَخُجُّ؛ وأَنشد أَبو عَمْرٍو:
وخَجَّتِ النَّيْرَجَ مِنْ خَرِيقِها
وَرَوَى
الأَزهري بإِسناده عَنْ خَالِدِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَذَكَرَ بِنَاءَ الْكَعْبَةِ فَقَالَ: إِن إِبراهيم حِينَ أُمِرَ بِبِنَاءِ الْبَيْتِ ضَاقَ بِهِ ذَرْعًا، قَالَ: فَبَعَثَ اللَّهُ إِليه السَّكِينَةَ وَهِيَ رِيحٌ خُجُوجٌ لَهَا رأْس فتطوَّقت بِالْبَيْتِ كَطَوْقِ الحَجَفَةِ، ثُمَّ استقرَّت، قَالَ: فَبَنَى إِبراهيم حِينَ اسْتَقَرَّتْ، فَجَعَلَ إِسماعيل يُنَاوِلُهُ الْحِجَارَةَ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلى مَوْضِعِ الحِجْر أَعيا إِسماعيل فأَتى إِبراهيم بالحِجْرِ.
وَقَالَ الأَصمعي: الخَجُوجُ الرِّيحُ الشديدةُ المرِّ؛ وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: هِيَ الشَّدِيدَةُ الْهُبُوبِ الخَوَّارَةُ لَا تَكُونُ إِلا فِي الصَّيْفِ، وَلَيْسَتْ بِشَدِيدَةِ الْحَرِّ. وَفِي كِتَابِ الْقُتَيْبِيِّ: فتطوَّت موضعَ الْبَيْتِ كالحَجَفَة. وَقِيلَ: رِيحٌ خَجُوج أَي شَدِيدَةُ الْمُرُورِ فِي غَيْرِ استواءٍ. قَالَ: وأَصل الخَجِّ الشِّقُّ. قَالَ ابْنُ الأَثير:
وجاءَ فِي كِتَابِ الْمُعْجَمِ الأَوسط لِلطَّبَرَانِيِّ عَنْ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: السَّكِينَةُ رِيحٌ خَجُوجٌ.
وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ:
إِذا حَمَل، فَهُوَ خَجُوج.
وَفِي حَدِيثِ الَّذِي بَنَى الْكَعْبَةَ لِقُرَيْشٍ:
كَانَ رُومِيًّا فِي سَفِينَةٍ أَصابتها رِيحٌ فخَجَّتْها
أَي صَرَفَتْهَا عَنْ جِهَتِهَا وَمَقْصِدِهَا بِشِدَّةِ عَصْفِهَا. والخَجُّ: الدَّفْعُ. وَفِي النَّوَادِرِ:
النَّاسُ يَهُجُّونَ هَذَا الواديَ هَجّاً ويَخُجُّونه خَجّاً
أَي يَنْحَدِرُونَ فِيهِ ويَطَؤُونه كَثِيرًا. وخَجَّ بِهَا: ضَرَطَ. وخَجَّ بِرِجْلِهِ: نَسَفَ بِهَا التُّرَابَ فِي مَشْيِهِ. وخَجْخَجَ الرجلُ: لَمْ يُبْد مَا فِي نَفْسِهِ. والخَجْخَجَةُ: سُرْعَةُ الإِناخَةِ والحُلُولِ. والخَجْخَجَةُ: الِانْقِبَاضُ والاستخفاءُ فِي مَوْضِعٍ خَفِيٍّ، وَفِي التَّهْذِيبِ: فِي مَوْضِعٍ يَخْفَى فِيهِ، قَالَ: وَيُقَالُ أَيضاً بالحاءِ. وَرَجُلٌ خَجَّاجَةٌ: أَحمق لَا يَعْقِلُ. ابْنُ سِيدَهْ:

(2/247)


والخَجْخاجَةُ والخَجَّاجَةُ الأَحمق. والخَجْخاج مِنَ الرِّجَالِ: الَّذِي يَهْمِزُ الكلامَ، لَيْسَتْ لِكَلَامِهِ جِهَةٌ، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: لَمْ أَسمع خَجَّاجَةً فِي نَعْتِ الأَحمق إِلا مَا قرأْته فِي كِتَابِ اللَّيْثِ قال: والمسموع مِنَ الْعَرَبِ خَجَّاية؛ قَالَهُ ابْنُ الأَعرابي وَغَيْرُهُ. النَّضِرُ: الخَجْخاجُ مِنَ الرِّجَالِ الَّذِي يُري أَنه جادٌّ فِي أَمره وَلَيْسَ كَمَا يُري. الفراءُ: خَجْخَجَ الرَّجُلُ وجَخْجَخَ إِذا لَمْ يُبْدِ مَا فِي نَفْسِهِ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَهَذَا يَقْرُبُ مِنْ قَوْلِ النَّضِرِ وَهُوَ أَصح مِمَّا قَالَهُ اللَّيْثُ فِي الخَجْخاجِ. والخَجُّ: الجِماعُ. وخَجَّ جَارِيَتَهُ: مَسَحَهَا. والخَجْخَجَةُ: كِنَايَةٌ عن النكاح. واخْتَجَّ الجملُ والناشطُ فِي سَيْرِهِ وَعَدْوِهِ إِذا لَمْ يَسْتَقِمْ، وَذَلِكَ سُرْعَةٌ مَعَ التواءِ. اللَّيْثُ: الخَجْخَجَة تُوصَفُ فِي سرْعَةِ الإِناخة وَحُلُولِ الْقَوْمِ. والخَجَوْجى مِنَ الرِّجَالِ: الطَّوِيلُ الرِّجْلَيْنِ.
خدج: خَدَجَتِ الناقةُ وكلُّ ذَاتِ ظِلْفٍ وحافِرٍ تَخْدُجُ وتَخدِجُ خِداجاً، وَهِيَ خَدُوجٌ وخادِجٌ، وخَدَجَتْ وخَدَّجَتْ، كِلَاهُمَا: أَلقت وَلَدَهَا قَبْلَ أَوانه لِغَيْرِ تَمَامِ الأَيام، وإِن كَانَ تامَّ الخَلْق؛ قَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ مُطَيْرٍ:
لَمَّا لَقِحْنَ لِماءِ الفحْلِ أَعْجَلَها، ... وقْتَ النكاحِ، فَلَمْ يُتْمِمْنَ تَخْديجُ
وَقَدْ يَكُونُ الخِداجُ لِغَيْرِ النَّاقَةِ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
يَومَ تَرَى مُرْضِعَةً خَلُوجا، ... وكلَّ أُنْثَى حَمَلَتْ خَدُوجا
أَفلا تَرَاهُ عَمَّ بِهِ؟ وَفِي الْحَدِيثِ:
كلُّ صَلاةٍ لَا يُقْرَأَ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، فَهِيَ خِداجٌ
أَي نُقصانٌ. وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: كلُّ صَلاةٍ لَيْسَتْ فِيهَا قراءَةٌ، فَهِيَ خِداجٌ
أَي ذَاتُ خِداجٍ، وَهُوَ النُّقْصَانُ. قَالَ: وَهَذَا مَذْهَبُهُمْ فِي الِاخْتِصَارِ لِلْكَلَامِ كَمَا قَالُوا: عبدُ اللَّهِ إِقبالٌ وإِدْبارٌ أَي مُقْبِلٌ ومُدْبِرٌ؛ أَحَلُّوا الْمَصْدَرَ محلَّ الْفِعْلِ. وَيُقَالُ: أَخْدَجَ الرجلُ صلاتَه، فَهُوَ مُخْدِجٌ وَهِيَ مُخْدَجَةٌ، وَيُقَالُ: أَخْدَجَ فلانٌ أَمره إِذا لَمْ يُحْكِمْه، وأَنْضَجَ أَمْرَهُ إِذا أَحكمه، والأَصلُ فِي ذَلِكَ إِخْداجُ الناقةِ ولدَها وإِنضاجُها إِياه. الأَصمعي: الخِداجُ النُّقْصَانُ، وأَصل ذَلِكَ مِنْ خِداجِ الناقةِ إِذا وَلَدَتْ وَلَدًا نَاقِصَ الخَلْقِ، أَو لِغَيْرِ تَمَامٍ. وَفِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ:
فِي كُلِّ ثَلَاثِينَ بَقَرَةً خَديج
أَي ناقصُ الخَلْقِ فِي الأَصل؛ يريد تَبِيعٌ كالخَديجِ فِي صِغَرِ أَعْضائه وَنَقْصِ قوَّتِه عَنِ الثَنِيِّ والرَّباعِيِّ. وخَديجٌ، فَعِيلٌ بِمَعْنَى مُفْعَل، أَي مُخْدَجٌ. وَفِي حَدِيثِ
سَعْدٍ: أَنه أَتى النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، بِمُخْدَجٍ مُقِيمٍ
أَي ناقصِ الخَلْقِ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ: وَلَا تُخْدِجِ التَّحِيَّةَ
أَي لَا تَنْقُصْها. قَالَ ابْنُ الأَثير: وإِنما قَالَ فِي الصَّلَاةِ: فَهِيَ خِداجٌ، والخِداجُ مَصْدَرٌ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ أَي ذاتُ خِداجٍ، أَو يَكُونُ قَدْ وَصَفَهَا بِالْمَصْدَرِ نَفْسِهِ مُبَالَغَةً، كَمَا قَالُوا: فإِنما هِيَ إِقبال وإِدبار. والولدُ خَديجٌ. وشاةٌ خَدُوجٌ، وَجَمْعُهَا خُدوجٌ وخِداجٌ وخَدائِجُ. وأَخْدَجَتْ، فَهِيَ مُخْدِجٌ ومُخْدِجَةٌ: جاءَت بِوَلَدِهَا ناقصَ الخَلْقِ، وَقَدْ تَمَّ وقتُ حَمْلِهَا، وَالْوَلَدُ خَدُوجٌ وخِدْجٌ ومُخْدَجٌ ومَخْدُوجٌ وخَديجٌ: وَمِنْهُ
قَوْلُ عَلِيٍّ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ، فِي ذِي الثُّدَيَّةِ: مُخْدَجُ الْيَدِ
أَي ناقصُ الْيَدِ. وَقِيلَ: إِذا أَلقت النَّاقَةُ وَلَدَهَا تامَّ الخَلْق قبلَ وَقْتِ النَّتاج، قِيلَ: أَخْدَجَتْ،

(2/248)


وَهِيَ مُخْدِجٌ؛ فإِن رَمَتْهُ نَاقِصًا قَبْلَ الْوَقْتِ قِيلَ: خَدَجَتْ، وَهِيَ خادِجٌ؛ فإِن كَانَ عَادَةً لَهَا، فَهِيَ مِخْداجٌ فِيهِمَا. وَقَوْمٌ يَجْعَلُونَ الخِداجَ مَا كَانَ دَمًا، وَبَعْضُهُمْ جَعَلَهُ مَا كَانَ أَمْلَطَ وَلَمْ يَنْبُت عَلَيْهِ شَعَرٌ، وَحَكَى ثابتٌ ذَلِكَ فِي الإِنسان. وَقَالَ أَبو خَيْرةَ: خَدَجَت المرأَةُ ولدَها وأَخْدَجَتْه، بِمَعْنًى وَاحِدٍ، قَالَ الأَزهري: وَذَلِكَ إِذا أَلقته وَقَدِ اسْتَبَانَ خَلْقُه، قَالَ: وَيُقَالُ إِذا أَلقته دَمًا؛ قَدْ خَدَجَتْ، وَهُوَ خِداجٌ؛ وإِذا أَلقته قَبْلَ أَن ينبتَ شَعْرُهُ قِيلَ: قَدْ غَضَّنَتْ، وَهُوَ الغِضانُ؛ وأَنشد:
فَهُنَّ لَا يَحْمِلْنَ إِلَّا خِدْجا
والخِداجُ: الِاسْمُ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ: وَنَاقَةٌ ذاتُ خِداجٍ: تَخْدُجُ وتَخْدِجُ كَثِيرًا. وخَدَجَتِ الزَّنْدةُ: لَمْ تُورِ نَارًا. وَفِي التَّهْذِيبِ: أَخْدَجَتِ الزَّنْدَةُ. وخَديجَةُ: اسْمُ امرأَة. وخَدْجِ خَدْجِ: زَجْرٌ لِلْغَنَمِ. ابْنُ الأَعرابي: أَخْدَجَتِ الشَّتْوَةُ إِذا قلَّ مَطَرُها.
خدلج: الخَدَلَّجَة، بِتَشْدِيدِ اللَّامِ: الرَّيَّاءُ الْمُمْتَلِئَةُ الذِّرَاعَيْنِ وَالسَّاقَيْنِ؛ وأَنشد الأَصمعي:
إِنَّ لَها لَسائِقاً خَدَلَّجا، ... لَمْ يُدْلِجِ الليلةَ فيمنْ أَدْلَجا
يَعْنِي جَارِيَةً قَدْ عَشِقَها، فَرَكِبَ الناقةَ وساقَها مِنْ أَجلها. وَفِي حَدِيثِ اللِّعانِ:
خَدَلَّج الساقَيْنِ
عَظِيمُهُمَا، وَهُوَ مِثْلُ الخَدْلِ. وَقِيلَ: هِيَ الضَّخْمَةُ السَّاقَيْنِ؛ والذَّكَرُ خَدَلَّجٌ. اللَّيْثُ: الخَدَلَّجُ الضَّخْمَةُ السَّاقِ المَمْكُورَتُها.
خذلج: التَّهْذِيبُ فِي النَّوَادِرِ: فلانٌ يَتَخَذْلَجُ فِي مِشْيَتِهِ.
خرج: الخُروج: نَقِيضُ الدُّخُولِ. خَرَجَ يَخْرُجُ خُرُوجاً ومَخْرَجاً، فَهُوَ خارِجٌ وخَرُوجٌ وخَرَّاجٌ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ وخَرَجَ بِهِ. الْجَوْهَرِيُّ: قَدْ يَكُونُ المَخْرَجُ موضعَ الخُرُوجِ. يُقَالُ: خَرَجَ مَخْرَجاً حَسَناً، وَهَذَا مَخْرَجُه. وأَما المُخْرَجُ فَقَدْ يَكُونُ مصدرَ قَوْلِكَ أَخْرَجَه، والمفعولَ بِهِ واسمَ الْمَكَانِ وَالْوَقْتِ، تَقُولُ: أَخْرِجْني مُخْرَجَ صِدْقٍ، وَهَذَا مُخْرَجُه، لأَن الْفِعْلَ إِذا جَاوَزَ الثَّلَاثَةَ فَالْمِيمُ مِنْهُ مَضْمُومَةٌ، مِثْلُ دَحْرَجَ، وَهَذَا مُدَحْرَجُنا، فَشُبِّهَ مُخْرَجٌ بِبَنَاتِ الأَربعة. والاستخراجُ: كَالِاسْتِنْبَاطِ. وَفِي حَدِيثِ بَدْرٍ:
فاخْتَرَجَ تَمَراتٍ مِنْ قِرْبةٍ
أَي أَخْرَجَها، وَهُوَ افْتَعَلَ مِنْهُ. والمُخارَجَةُ: المُناهَدَةُ بالأَصابع. والتَّخارُجُ: التَّناهُدُ؛ فأَما قَوْلُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُطَيْرٍ:
مَا أَنْسَ، لَا أَنْسَ مِنْكُمْ نَظْرَةً شَغَفَتْ، ... فِي يَوْمِ عيدٍ، ويومُ العيدِ مَخْرُوجُ
فإِنه أَراد مخروجٌ فِيهِ، فَحَذَفَ؛ كَمَا قَالَ فِي هَذِهِ الْقَصِيدَةِ:
والعينُ هاجِعَةٌ والرُّوح مَعْرُوجُ
أَراد مَعْرُوجٌ بِهِ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ
؛ أَي يَوْمَ يَخْرُجُ النَّاسُ مِنَ الأَجداث. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: يومُ الخُروجِ مِنْ أَسماء يَوْمِ الْقِيَامَةِ؛ واستشهدَ بِقَوْلِ الْعَجَّاجِ:
أَلَيسَ يَوْمٌ سُمِّيَ الخُرُوجا، ... أَعْظَمَ يَوْمٍ رَجَّةً رَجُوجا؟

(2/249)


أَبو إِسحاق فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: يَوْمُ الْخُرُوجِ
أَي يَوْمَ يُبْعَثُونَ فَيَخْرُجُونَ مِنَ الأَرض. وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ
.
وَفِي حَدِيثِ
سُوَيْدِ بْنِ عَفَلَةَ: دَخَلَ عليَّ عليٌّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فِي يَوْمِ الخُرُوج، فإِذا بَيْنَ يَدَيْهِ فاتُورٌ عَلَيْهِ خُبْزُ السَّمْراء وصحفةٌ فِيهَا خَطِيفَةٌ.
يَوْم الخُروجِ؛ يُرِيدُ يَوْمَ الْعِيدِ، وَيُقَالُ لَهُ يَوْمُ الزِّينَةِ وَيَوْمُ الْمَشْرِقِ. وخُبْزُ السَّمْراءِ: الخُشْكارُ، كَمَا قِيلَ لِلُّبابِ الحُوَّارَى لِبَيَاضِهِ. واخْتَرَجَهُ واسْتَخْرجَهُ: طَلَبَ إِليه أَو مِنْهُ أَن يَخْرُجَ. وناقَةٌ مُخْتَرِجَةٌ إِذا خَرَجَتْ عَلَى خِلْقَةِ الجَمَلِ البُخْتِيِّ. وَفِي حَدِيثِ
قِصَّةٍ: أَن النَّاقَةَ الَّتِي أَرسلها اللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ، آيَةً لِقَوْمِ صَالِحٍ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَهُمْ ثَمُودُ، كَانَتْ مُخْتَرَجة
، قَالَ: وَمَعْنَى المختَرَجة أَنها جُبلت عَلَى خِلْقَةِ الْجَمَلِ، وَهِيَ أَكبر مِنْهُ وأَعظم. واسْتُخْرِجَتِ الأَرضُ: أُصْلِحَتْ لِلزِّرَاعَةِ أَو الغِراسَةِ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. وخارجُ كلِّ شيءٍ: ظاهرُه. قَالَ سِيبَوَيْهِ: لَا يُستعمل ظَرْفًا إِلا بِالْحَرْفِ لأَنه مَخْصُوصٌ كَالْيَدِ وَالرِّجْلِ؛ وَقَوْلُ الْفَرَزْدَقِ:
عَلى حِلْفَةٍ لَا أَشْتُمُ الدَّهْرَ مُسْلِماً، ... وَلَا خارِجاً مِن فِيِّ زُورُ كلامِ
أَراد: وَلَا يَخْرُجُ خُرُوجًا، فَوَضَعَ الصِّفَةَ مَوْضِعَ الْمَصْدَرِ لأَنه حَمَلَهُ عَلَى عَاهَدْتُ. والخُروجُ: خُروجُ الأَديب وَالسَّائِقِ وَنَحْوِهِمَا يُخَرَّجُ فيَخْرُجُ. وخَرَجَتْ خَوارجُ فُلَانٍ إِذا ظهرتْ نَجابَتُهُ وتَوَجَّه لإِبرام الأُمورِ وإِحكامها، وعَقَلَ عَقْلَ مِثْلِه بَعْدَ صِبَاهُ. والخارِجِيُّ: الَّذِي يَخْرُجُ ويَشْرُفُ بِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ أَن يَكُونَ لَهُ قَدِيمٌ؛ قَالَ كُثَيِّرٌ:
أَبا مَرْوانَ لَسْتَ بِخارِجيٍّ، ... وَلَيْسَ قَديمُ مَجْدِكَ بانْتِحال
والخارِجِيَّةُ: خَيْل لَا عِرْقَ لَهَا فِي الجَوْدَة فَتُخَرَّجُ سوابقَ، وَهِيَ مَعَ ذَلِكَ جِيادٌ؛ قَالَ طُفَيْلٌ:
وعارَضْتُها رَهْواً عَلَى مُتَتَابِعٍ، ... شَديدِ القُصَيْرى، خارِجِيٍّ مُجَنَّبِ
وَقِيلَ: الخارِجِيُّ كُلُّ مَا فَاقَ جِنْسَهُ وَنَظَائِرَهُ. قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: مِنْ صِفَاتِ الْخَيْلِ الخَرُوجُ، بِفَتْحِ الْخَاءِ، وَكَذَلِكَ الأُنثى، بِغَيْرِ هاءٍ، وَالْجَمْعُ الخُرُجُ، وَهُوَ الَّذِي يَطول عُنُقُهُ فَيَغْتالُ بِطُولِهَا كلَّ عِنانٍ جُعِلَ فِي لِجَامِهِ؛ وأَنشد:
كُلُّ قَبَّاءَ كالهِراوةِ عَجْلى، ... وخَروجٍ تَغْتالُ كلَّ عِنانِ
الأَزهري: وأَما قَوْلُ زُهَيْرٍ يَصِفُ خَيْلًا:
وخَرَّجَها صَوارِخَ كلَّ يَوْمٍ، ... فَقَدْ جَعَلَتْ عَرائِكُها تَلِينُ
فَمَعْنَاهُ: أَن مِنْهَا مَا بِهِ طِرْقٌ، وَمِنْهَا مَا لَا طِرْقَ بِهِ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: مَعْنَى خَرَّجَها أَدَّبها كَمَا يُخَرِّجُ الْمُعَلِّمُ تِلْمِيذَهُ. وفلانٌ خَرِيجُ مالٍ وخِرِّيجُه، بِالتَّشْدِيدِ، مِثْلُ عِنِّينٍ، بِمَعْنَى مَفْعُولٍ إِذا دَرَّبَهُ وعَلَّمَهُ. وَقَدْ خَرَّجَهُ فِي الأَدبِ فَتَخَرَّجَ. والخَرْجُ والخُرُوجُ: أَوَّلُ مَا يَنْشَأُ مِنَ السَّحَابِ. يُقَالُ: خَرَجَ لَهُ خُرُوجٌ حَسَنٌ؛ وَقِيلَ: خُرُوجُ السَّحَاب اتِّساعُهُ وانْبِساطُه؛ قَالَ أَبو ذؤَيب:

(2/250)


إِذا هَمَّ بالإِقْلاعِ هَبَّتْ لَهُ الصَّبا، ... فَعَاقَبَ نَشْءٌ بعْدها وخُرُوجُ
الأَخفش: يُقَالُ لِلْمَاءِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ السَّحاب: خَرْجٌ وخُرُوجٌ. الأَصمعي: يُقَالُ أَوَّل مَا يَنْشَأُ السحابُ، فَهُوَ نَشْءٌ. التَّهْذِيبُ: خَرَجَت السَّمَاءُ خُروجاً إِذا أَصْحَتْ بَعْدَ إِغامَتِها؛ وَقَالَ هِمْيان يَصِفُ الإِبل وَوُرُودَهَا:
فَصَبَّحَتْ جابِيَةً صُهارِجَا؛ ... تَحْسَبُه لَوْنَ السَّماءِ خارِجَا
يُرِيدُ مُصْحِياً؛ والسحابةُ تُخْرِجُ السحابةَ كَمَا تُخْرِجُ الظَّلْمَ. والخَرُوجُ مِنَ الإِبل: المِعْناقُ الْمُتَقَدِّمَةُ. والخُرَاجُ: ورَمٌ يَخْرُجُ بِالْبَدَنِ مِنْ ذَاتِهِ، وَالْجَمْعُ أَخْرِجَةٌ وخِرْجَانٌ. غَيْرُهُ: والخُرَاجُ ورَمُ قَرْحٍ يَخْرُجُ بِدَابَّةٍ أَو غَيْرِهَا مِنَ الْحَيَوَانِ. الصِّحَاحُ: والخُرَاجُ مَا يَخْرُجُ فِي الْبَدَنِ مِنَ القُرُوح. والخَوَارِجُ: الحَرُورِيَّةُ؛ والخَارِجِيَّةُ: طَائِفَةٌ مِنْهُمْ لَزِمَهُمْ هَذَا الاسمُ لِخُرُوجِهِمْ عَنِ النَّاسِ. التَّهْذِيبُ: والخَوَارِجُ قومٌ مِنْ أَهل الأَهواء لَهُمْ مَقالَةٌ عَلَى حِدَةٍ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ أَنه قَالَ: يَتَخَارَجُ الشَّريكانِ وأَهلُ الْمِيرَاثِ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: يَقُولُ إِذا كَانَ الْمَتَاعُ بَيْنَ وَرَثَةٍ لَمْ يَقْتَسِمُوهُ أَو بَيْنَ شُرَكَاءَ، وَهُوَ فِي يَدِ بَعْضِهِمْ دُونَ بَعْضٍ، فَلَا بأْس أَن يَتَبَايَعُوهُ، وإِن لَمْ يَعْرِفْ كُلُّ وَاحِدٍ نَصِيبَهُ بِعَيْنِهِ وَلَمْ يَقْبِضْهُ؛ قَالَ: وَلَوْ أَراد رَجُلٌ أَجنبي أَن يَشْتَرِيَ نَصِيبَ بَعْضِهِمْ لَمْ يَجُزْ حَتَّى يَقْبِضَهُ الْبَائِعُ قَبْلَ ذَلِكَ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَقَدْ جاءَ هَذَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مفسَّراً عَلَى غَيْرِ مَا ذَكَرَ أَبو عُبَيْدٍ. وحدَّث
الزُّهْرِيُّ بِسَنَدِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَا بأْس أَن يَتَخَارَج القومُ فِي الشَّرِكَةِ تَكُونُ بَيْنَهُمْ فيأْخذ هَذَا عَشَرَةَ دَنَانِيرَ نَقْدًا، ويأْخذ هَذَا عَشَرَةَ دَنَانِيرَ دَيْناً.
والتَّخارُجُ: تَفاعُلٌ مِنَ الخُروج، كأَنه يَخْرُجُ كلُّ وَاحِدٍ مِنْ شَرِكَتِهِ عَنْ مِلْكِهِ إِلى صَاحِبِهِ بِالْبَيْعِ؛ قَالَ: وَرَوَاهُ
الثَّوْرِيُّ بِسَنَدِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي شَرِيكَيْنِ: لَا بأْس أَن يَتَخَارَجَا
؛ يَعْنِي العَيْنَ والدَّيْنَ؛ وَقَالَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ: التَّخَارُجُ أَن يأْخذ بَعْضُهُمُ الدَّارَ وَبَعْضُهُمُ الأَرض؛ قَالَ
شَمِرٌ: قُلْتُ لأَحمد: سُئِلَ سُفْيَانُ عَنْ أَخوين وَرِثَا صَكًّا مِنْ أَبيهما، فَذَهَبَا إِلى الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ فَتَقَاضَيَاهُ؛ فَقَالَ: عِنْدِي طَعَامٌ، فَاشْتَرِيَا مِنِّي طَعَامًا بِمَا لَكُمَا عليَّ، فَقَالَ أَحد الأَخوين: أَنا آخُذُ نَصِيبِي طَعَامًا؛ وَقَالَ الْآخَرُ: لَا آخُذُ إِلّا دَرَاهِمَ، فأَخذ أَحدهما مِنْهُ عَشَرَةَ أَقفرة بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا بِنَصِيبِهِ؛ قَالَ: جَائِزٌ، وَيَتَقَاضَاهُ الْآخَرُ، فإِن تَوَى مَا عَلَى الْغَرِيمِ، رَجَعَ الأَخ عَلَى أَخيه بِنِصْفِ الدَّرَاهِمِ الَّتِي أَخذ، وَلَا يَرْجِعُ بِالطَّعَامِ. قَالَ أَحمد: لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ إِذا كَانَ قَدْ رَضِيَ بِهِ، وَاللَّهُ أَعلم.
وتَخَارَجَ السَّفْرُ: أَخْرَجُوا نَفَقَاتِهِمْ. والخَرْجُ والخَرَاجُ، واحدٌ: وَهُوَ شَيْءٌ يُخْرِجُه القومُ فِي السَّنَةِ مِن مَالِهِمْ بقَدَرٍ مَعْلُومٍ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الخَرْجُ الْمَصْدَرُ، والخَرَاجُ: اسمٌ لِمَا يُخْرَجُ. والخَرَاجُ: غَلَّةُ الْعَبْدِ والأَمة. والخَرْجُ والخَراج: الإِتاوَةُ تُؤْخذ مِنْ أَموال النَّاسِ؛ الأَزهري: والخَرْجُ أَن يؤَدي إِليك العبدُ خَرَاجَه أَي غَلَّتَهُ، والرَّعِيَّةُ تُؤَدِّي الخَرْجَ إِلى الوُلاةِ. وَرُوِيَ فِي الْحَدِيثِ
عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: الخَرَاجُ بِالضَّمَانِ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهل الْعِلْمِ: مَعْنَى الْخَرَاجِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ غَلَّةُ الْعَبْدِ يَشْتَرِيهِ الرجلُ فيستغلُّه زَمَانًا، ثُمَّ يَعْثُرُ مِنْهُ عَلَى عَيْبٍ دَلَّسَهُ البائعُ وَلَمْ يُطْلِعْهُ عَلَيْهِ، فَلَهُ رَدُّ الْعَبْدِ عَلَى الْبَائِعِ والرجوعُ عَلَيْهِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، والغَّلةُ الَّتِي اسْتَغَلَّهَا الْمُشْتَرِي مِنَ الْعَبْدِ

(2/251)


طَيِّبَةٌ لَهُ لأَنه كَانَ فِي ضَمَانِهِ، وَلَوْ هَلَكَ هَلَكَ مِنْ مَالِهِ. وَفَسَّرَ ابْنُ الأَثير قَوْلَهُ:
الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ
؛ قَالَ: يُرِيدُ بِالْخَرَاجِ مَا يَحْصُلُ مِنْ غَلَّةِ الْعَيْنِ الْمُبْتَاعَةِ، عَبْدًا كَانَ أَو أَمة أَو مِلْكًا، وَذَلِكَ أَن يَشْتَرِيَهُ فَيَسْتَغِلَّهُ زَمَانًا، ثُمَّ يَعْثُرُ فِيهِ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ، فَلَهُ رَدُّ الْعَيْنِ الْمَبِيعَةِ وأَخذ الثَّمَنِ، وَيَكُونُ لِلْمُشْتَرِي مَا اسْتَغَلَّهُ لأَن الْمَبِيعَ لَوْ كَانَ تلفَ فِي يَدِهِ لَكَانَ مِنْ ضَمَانِهِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ شَيْءٌ؛ وَبَاءَ بِالضَّمَانِ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ الْخَرَاجُ مُسْتَحَقٌّ بِالضَّمَانِ أَي بِسَبَبِهِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ شُرَيْحٍ لِرَجُلَيْنِ احْتَكَمَا إِليه فِي مِثْلِ هَذَا، فَقَالَ لِلْمُشْتَرِي: رُدَّ الداءَ بِدَائِهِ وَلَكَ الغلةُ بِالضَّمَانِ. مَعْنَاهُ: رُدَّ ذَا الْعَيْبَ بِعَيْبِهِ، وَمَا حَصَلَ فِي يَدِكَ مِنْ غَلَّتِهِ فَهُوَ لَكَ. وَيُقَالُ: خَارَجَ فلانٌ غلامَه إِذا اتَّفَقَا عَلَى ضَرِيبَةٍ يَرُدُّها العبدُ عَلَى سَيِّدِهِ كلَّ شَهْرٍ وَيَكُونُ مُخَلًّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَمَلِهِ، فَيُقَالُ: عبدٌ مُخَارَجٌ. ويُجْمَعُ الخَراجُ، الإِتَاوَةُ، عَلَى أَخْراجٍ وأَخَارِيجَ وأَخْرِجَةٍ. وَفِي التَّنْزِيلِ: أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً فَخَراجُ رَبِّكَ خَيْرٌ
.
قَالَ الزَّجَّاجُ: الخَرَاجُ الفَيْءُ، والخَرْجُ الضَّريبَةُ وَالْجِزْيَةُ؛ وَقُرِئَ: أَم تَسْأَلُهُمْ خَرَاجاً. وَقَالَ الْفَرَّاءُ. مَعْنَاهُ: أَمْ تسأَلهم أَجراً عَلَى مَا جِئْتَ بِهِ، فأَجر رَبِّكَ وَثَوَابُهُ خيرٌ. وأَما الخَرَاجُ الَّذِي وَظَّفَهُ عمرُ بْنِ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَلَى السَّوَادِ وأَرضِ الفَيْء فإِن مَعْنَاهُ الْغَلَّةُ أَيضاً، لأَنه أَمر بِمَسَاحَةِ السَّوَادِ وَدَفَعَهَا إِلى الْفَلَّاحِينَ الَّذِينَ كَانُوا فِيهِ عَلَى غَلَّةٍ يُؤَدُّونَهَا كُلَّ سَنَةٍ، وَلِذَلِكَ سُمِّيَ خَراجاً، ثُمَّ قِيلَ بَعْدَ ذَلِكَ لِلْبِلَادِ الَّتِي افْتُتِحَتْ صُلْحاً وَوَظَّفَ مَا صُولِحُوا عَلَيْهِ عَلَى أَراضيهم: خَرَاجِيَّةٌ لأَن تِلْكَ الْوَظِيفَةَ أَشبهت الْخَرَاجَ الَّذِي أُلزم بِهِ الفلَّاحون، وَهُوَ الْغَلَّةُ، لأَن جُمْلَةَ مَعْنَى الْخَرَاجِ الْغَلَّةُ؛ وَقِيلَ لِلْجِزْيَةِ الَّتِي ضُرِبَتْ عَلَى رِقَابِ أَهل الذِّمَّة: خَرَاجٌ لأَنه كَالْغَلَّةِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِمْ. ابْنُ الأَعرابي: الخَرْجُ عَلَى الرُّؤُوسِ، والخَرَاجُ عَلَى الأَرضين. وَفِي حَدِيثِ
أَبي مُوسَى: مثلُ الأُتْرُجَّةِ طَيِّبٌ رِيحُها، طَيِّبٌ خَرَاجُها
أَي طَعْمُ ثَمَرِهَا، تَشْبِيهًا بالخَرَاجِ الَّذِي يَقَعُ عَلَى الأَرضين وَغَيْرِهَا. والخُرْجُ: مِنَ الأَوعية، معروفٌ، عربيٌّ، وَهُوَ هَذَا الْوِعَاءُ، وَهُوَ جُوالِقٌ ذُو أَوْنَيْنِ، وَالْجَمْعُ أَخْراجٌ وخِرَجَةٌ مثلُ جُحْرٍ وجِحَرَة. وأَرْضٌ مُخَرَّجَةٌ أَي نَبْتُها فِي مكانٍ دُونَ مكانٍ. وتَخْريجُ الرَّاعِيَةِ المَرْتَعَ: أَن تأْكل بعضَه وَتَتْرُكَ بَعْضَهُ. وخَرَّجَت الإِبلُ المَرْعَى: أَبقت بَعْضَهُ وأَكلت بَعْضَهُ. والخَرَجُ، بِالتَّحْرِيكِ: لَوْنانِ سوادٌ وَبَيَاضٌ؛ نَعَامَةٌ خَرْجَاءُ، وظَلِيمٌ أَخْرَجُ بَيِّنُ الخَرَجِ، وكَبْشٌ أَخْرَجُ. واخْرَجَّتِ النعامةُ اخْرِجاجاً، واخْرَاجَّتِ اخْرِيجاجاً أَي صَارَتْ خَرْجاءَ. أَبو عَمْرٍو: الأَخْرَجُ مِنْ نَعْتِ الظَّلِيم فِي لَوْنِهِ؛ قَالَ اللَّيْثُ: هُوَ الَّذِي لَوْنُ سَوَادِهِ أَكثر مِنْ بَيَاضِهِ كَلَوْنِ الرَّمَادِ. التَّهْذِيبُ: أَخْرَجَ الرجلُ إِذا تَزَوَّجَ بِخِلاسِيَّةٍ. وأَخْرَجَ إِذا اصْطادَ الخُرْجَ، وَهِيَ النَّعَامُ؛ الذَّكَرُ أَخْرَجُ والأُنثى خَرْجاءُ، وَاسْتَعَارَهُ الْعَجَّاجُ لِلثَّوْبِ فَقَالَ:
إِنَّا، إِذَا مُذْكِي الحُرُوبِ أَرَّجا، ... ولَبِسَتْ، للْمَوتِ، ثَوباً أَخْرَجا
أَي لَبِسَتِ الْحُرُوبُ ثَوْبًا فِيهِ بَيَاضٌ وَحُمْرَةٌ مِنْ لَطْخِ الدَّمِ أَي شُهِّرَتْ وعُرِفَتْ كَشُهْرَةِ الأَبلق؛ وَهَذَا الرَّجَزُ فِي الصِّحَاحِ:
وَلَبِسَتْ لِلْمَوْتِ جُلًّا أَخرجا
وَفَسَّرَهُ فَقَالَ: لَبِسَتِ الْحُرُوبُ جُلًّا فِيهِ بَيَاضٌ وَحُمْرَةٌ.

(2/252)


وعامٌ فِيهِ تَخْرِيجٌ أَي خِصْبٌ وجَدْبٌ. وعامٌ أَخْرَجُ: فِيهِ جَدْبٌ وخِصْبٌ؛ وَكَذَلِكَ أَرض خَرْجَاءُ وَفِيهَا تَخرِيجٌ. وعامٌ فِيهِ تَخْرِيجٌ إِذا أَنْبَتَ بعضُ الْمَوَاضِعِ وَلَمْ يُنْبِتْ بَعْضٌ. وأَخْرَجَ: مَرَّ بِهِ عامٌ نصفُه خِصبٌ وَنِصْفُهُ جَدْبٌ؛ قَالَ شَمِرٌ: يُقَالُ مَرَرْتُ عَلَى أَرض مُخَرَّجة وَفِيهَا عَلَى ذَلِكَ أَرْتاعٌ. والأَرتاع: أَماكن أَصابها مَطَرٌ فأَنبتت الْبَقْلَ، وأَماكن لَمْ يُصِبْهَا مَطَرٌ، فَتِلْكَ المُخَرَّجةُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: تَخْرِيجُ الأَرض أَن يَكُونَ نَبْتُهَا فِي مَكَانٍ دُونَ مَكَانٍ، فَتَرَى بَيَاضَ الأَرض فِي خُضْرَةِ النَّبَاتِ. اللَّيْثُ: يُقَالُ خَرَّجَ الغلامُ لَوْحَه تخْريجاً إِذا كَتَبَهُ فَتَرَكَ فِيهِ مَوَاضِعَ لَمْ يَكْتُبْهَا؛ والكتابٌ إِذا كُتب فَتُرِكَ مِنْهُ مَوَاضِعُ لَمْ تُكْتَبْ، فَهُوَ مُخَرَّجٌ. وخَرَّجَ فلانٌ عَمَله إِذا جَعَلَهُ ضُرُوبًا يُخَالِفُ بَعْضُهُ بَعْضًا. والخَرْجاءُ: قَرْيَةٌ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ، سمِّيَت بِذَلِكَ لأَن فِي أَرضها سَوَادًا وَبَيَاضًا إِلى الْحُمْرَةِ. والأَخْرَجَةُ: مَرْحَلَةٌ مَعْرُوفَةٌ، لَوْنُهَا ذَلِكَ. وَالنُّجُومُ تُخَرِّجُ اللَّوْنَ «3» فَتَلَوَّن بِلَوْنَيْنِ مِنْ سَوَادِهِ وَبَيَاضِهَا؛ قَالَ:
إِذا اللَّيْلُ غَشَّاها، وخَرَّج لَوْنَهُ ... نُجُومٌ، كأَمْثالِ المصابيحِ، تَخْفِقُ
وجَبَلٌ أَخْرَجُ، كَذَلِكَ. وقارَةٌ خَرْجَاءُ: ذاتُ لَوْنَيْنِ. ونَعْجَةٌ خَرْجاءٌ: وَهِيَ السَّوْدَاءُ البيضاءُ إِحدى الرِّجْلَيْنِ أَو كِلْتَيْهِمَا وَالْخَاصِرَتَيْنِ، وسائرُها أَسودُ. التَّهْذِيبُ: وشاةٌ خَرْجاءُ بَيْضَاءُ المُؤَخَّرِ، نَصْفُهَا أَبيض وَالنِّصْفُ الْآخَرُ لَا يَضُرُّكَ مَا كَانَ لَوْنُهُ. وَيُقَالُ: الأَخْرَجُ الأَسْوَدُ فِي بَيَاضٍ، والسوادُ الغالبُ. والأَخْرَجُ مِنَ المِعْزَى: الَّذِي نَصِفُهُ أَبيض وَنَصِفُهُ أَسود. الْجَوْهَرِيُّ: الخَرْجاءُ مِنَ الشَّاءِ الَّتِي ابْيَضَّتْ رِجْلَاهَا مَعَ الْخَاصِرَتَيْنِ؛ عَنْ أَبي زَيْدٍ. والأَخْرَجُ: جَبَلٌ مَعْرُوفٌ لِلَوْنِهِ، غَلَبَ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَاسْمُهُ الأَحْوَلُ. وفرسٌ أَخْرَجُ: أَبيض الْبَطْنِ وَالْجَنْبَيْنِ إِلى مُنْتَهَى الظَّهْرِ وَلَمْ يُصْعَدْ إِليه، ولَوْنُ سَائِرِهِ مَا كَانَ. والأَخْرَجُ: المُكَّاءُ، لِلَوْنِهِ. والأَخْرَجانِ: جَبَلَانِ مَعْرُوفَانِ، وأَخْرَجَةُ: بِئْرٌ احْتُفِرَتْ فِي أَصل أَحدهما؛ التَّهْذِيبُ: وَلِلْعَرَبِ بِئْرٌ احْتُفِرَتْ فِي أَصل جبلٍ أَخْرَجَ يُسَمُّونَهَا أَخْرَجَةَ، وَبِئْرٌ أُخرى احْتُفِرَتْ فِي أَصل جَبَلٍ أَسْوَدَ يُسَمُّونَهَا أَسْوَدَةَ، اشْتَقُّوا لَهُمَا اسْمَيْنِ مِنْ نَعْتِ الْجَبَلَيْنِ. الفراءُ: أَخْرَجَةُ اسْمُ ماءٍ وَكَذَلِكَ أَسْوَدَةُ؛ سُمِّيَتَا بِجَبَلَيْنِ، يُقَالُ لأَحدهما أَسْوَدُ وَلِلْآخَرِ أَخْرَجُ. وَيُقَالُ: اخْترَجُوه، بِمَعْنَى استخرجُوه. وخَرَاجِ والخَرَاجُ وخَرِيجٌ والتَّخْريجُ، كلُّه: لُعْبةٌ لِفِتْيَانِ الْعَرَبِ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الخَرِيجُ لُعْبَةٌ تُسَمَّى خَرَاجِ، يُقَالُ فِيهَا: خَراجِ خَرَاجِ مِثْلُ قَطامِ؛ وَقَوْلُ أَبي ذؤَيب الْهُذَلِيِّ:
أَرِقْتُ لَهُ ذَاتَ العِشَاءِ، كأَنَّهُ ... مَخَارِيقُ، يُدْعَى تَحْتَهُنَّ خَرِيجُ
وَالْهَاءُ فِي لَهُ تَعُودُ عَلَى بَرْقٍ ذَكَرَهُ قَبْلَ الْبَيْتِ، شَبَّهَهُ بِالْمَخَارِيقِ وَهِيَ جَمْعُ مِخْرَاقٍ، وَهُوَ المِنْديلُ يُلَفُّ ليُضْرَبَ بِهِ. وَقَوْلُهُ: ذاتَ العِشاءِ أَراد بِهِ السَّاعَةَ الَّتِي فِيهَا العِشاء، أَراد صَوْتَ اللَّاعِبِينَ؛ شَبَّهَ الرَّعْدَ بِهِ؛ قَالَ أَبو عَلِيٍّ: لَا يُقَالُ خَرِيجٌ، وإِنما الْمَعْرُوفُ خَراجِ، غَيْرَ أَن أَبا ذُؤَيْبٍ احْتَاجَ إِلى إِقامة الْقَافِيَةِ فأَبدل الياءَ مَكَانَ الأَلف. التَّهْذِيبُ: الخَرَاجُ والخَرِيجُ مُخَارجة: لُعْبَةٌ لِفِتْيَانِ الأَعراب.؛ قال الفراء: خَرَاجِ
__________
(3).
قوله [والنجوم تخرج اللون إلخ] كذا بالأَصل ومثله في شرح القاموس والنجوم تخرج لون الليل فيتلون إلخ بدليل الشاهد المذكور.

(2/253)


اسْمُ لُعْبَةٍ لَهُمْ مَعْرُوفَةٌ، وَهُوَ أَن يُمْسِكَ أَحدهم شَيْئًا بِيَدِهِ، وَيَقُولَ لِسَائِرِهِمْ: أَخْرِجُوا مَا فِي يَدِي؛ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: لَعِبَ الصِّبْيَانُ خَرَاجِ، بِكَسْرِ الْجِيمِ، بِمَنْزِلَةِ دَرَاكِ وقَطَامِ. والخَرْجُ: وادٍ لَا مَنفذ فِيهِ، ودارَةُ الخَرْجِ هُنَالِكَ. وبَنُو الخَارِجِيَّةِ: بَطْنٌ مِنَ الْعَرَبِ يُنْسَبُونَ إِلى أُمّهم، وَالنِّسْبَةُ إِليهم خارِجِيٌّ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وأَحسبها مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ تَمِيمٍ. وخارُوجٌ: ضَرْبٌ مِنَ النَّخل. قَالَ الْخَلِيلُ بْنُ أَحمد: الخُرُوجُ الأَلف الَّتِي بَعْدَ الصِّلَةِ فِي الْقَافِيَةِ، كَقَوْلِ لَبِيدٍ:
عَفَتِ الدِّيَارُ مَحَلُّها فَمُقَامُها
فَالْقَافِيَةُ هِيَ الْمِيمُ، وَالْهَاءُ بَعْدَ الْمِيمِ هِيَ الصِّلَةُ، لأَنها اتَّصَلَتْ بِالْقَافِيَّةِ، والأَلف الَّتِي بَعْدَ الْهَاءِ هِيَ الخُرُوجُ؛ قَالَ الأَخفَش: تَلْزَمُ الْقَافِيَةُ بَعْدَ الرَّوِيِّ الْخُرُوجَ، وَلَا يَكُونُ إِلا بِحَرْفِ اللِّينِ، وَسَبَبُ ذَلِكَ أَن هَاءَ الإِضمار لَا تَخْلُو مِنْ ضَمٍّ أَو كَسْرٍ أَو فَتْحٍ نَحْوَ: ضَرَبَهُ، وَمَرَرْتُ بِهِ، وَلَقِيتُهَا، وَالْحَرَكَاتُ إِذا أُشبعت لَمْ يَلْحَقْهَا أَبداً إِلا حُرُوفُ اللِّينِ، وَلَيْسَتِ الْهَاءُ حَرْفَ لِينٍ فَيَجُوزُ أَن تَتْبَعَ حَرَكَةَ هَاءِ الضَّمِيرِ؛ هَذَا أَحد قَوْلَيِ ابْنِ جِنِّي، جَعَلَ الْخُرُوجَ هُوَ الْوَصْلَ، ثُمَّ جَعَلَ الْخُرُوجَ غَيْرَ الْوَصْلِ، فَقَالَ: الْفَرْقُ بَيْنَ الْخُرُوجِ وَالْوَصْلِ أَن الْخُرُوجَ أَشد بُرُوزًا عَنْ حَرْفِ الرَّوِيِّ وَاكْتِنَافًا مِنَ الْوَصْلِ لأَنه بَعْدَهُ، وَلِذَلِكَ سُمِّيَ خُرُوجًا لأَنه بَرَزَ وَخَرَجَ عَنْ حَرْفِ الرَّوِيِّ، وَكُلَّمَا تَرَاخَى الْحَرْفُ فِي الْقَافِيَةِ وَجَبَ لَهُ أَن يَتَمَكَّنَ فِي السُّكُونِ وَاللِّينِ، لأَنه مَقْطَعٌ لِلْوَقْفِ وَالِاسْتِرَاحَةِ وَفَنَاءِ الصَّوْتِ وَحُسُورِ النَّفَسِ، وَلَيْسَتِ الْهَاءُ فِي لِينِ الأَلف وَالْيَاءِ وَالْوَاوِ، لأَنهن مُسْتَطِيلَاتٌ مُمْتَدَّاتٌ. والإِخْرِيجُ: نَبْتٌ. وخَرَاجِ: فَرَسُ جُرَيْبَةَ بْنِ الأَشْيَمِ الأَسدي. والخَرْجُ: اسْمُ مَوْضِعٍ بِالْيَمَامَةِ. والخَرْجُ: خِلافُ الدَّخْلِ. وَرَجُلٌ خُرَجَةٌ وُلَجَةٌ مِثَالُ هُمَزة أَي كَثِيرُ الْخُرُوجِ وَالْوُلُوجِ. زَيْدُ بْنُ كَثْوَةَ: يُقَالُ فلانٌ خَرَّاجٌ وَلّاجٌ؛ يُقَالُ ذَلِكَ عِنْدَ تأْكيد الظَّرْفِ وَالِاحْتِيَالِ. وَقِيلَ: خَرّاجٌ وَلّاجٌ إِذا لَمْ يُسْرِعْ فِي أَمر لَا يَسْهُلْ لَهُ الْخُرُوجُ مِنْهُ إِذا أَراد ذَلِكَ. وَقَوْلُهُمْ: أَسْرَعُ مِنْ نِكاحِ أُمِّ خارجَةَ، هِيَ امرأَة مِنْ بَجِيلَةَ، وَلَدَتْ كَثِيرًا فِي قبائلَ مِنَ الْعَرَبِ، كَانُوا يَقُولُونَ لَهَا: خِطْبٌ فَتَقُولُ: نِكْحٌ وخارجةُ ابْنُهَا، وَلَا يُعْلَمُ مِمَّنْ هُوَ؛ وَيُقَالُ: هُوَ خَارِجَةُ بْنُ بَكْرِ بْنِ يَشْكُرَ بْنِ عَدْوانَ بْنُ عَمْرِو بْنِ قَيْسِ عَيْلانَ. وخَرْجاءُ: اسمُ رَكِيَّة بِعَيْنِهَا. وخَرْجٌ: اسم موضع بعينه.
خرفج: الخَرْفَجَةُ: حُسْنُ الغِذاء فِي السَّعَة. الرِّياشي: المُخَرْفَجُ والخُرْفُجُ والخُرافِجُ: أَحسن الْغِذَاءِ؛ وَقَدْ خَرْفَجَه. والخَرْفَجَةُ: سَعَةُ العَيش. وعَيْشٌ مُخَرْفَجٌ: وَاسِعٌ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
جارِية شَبَّتْ شَباباً خَرْفَجا، ... كأَنَّ مِنْهَا القَصَبَ المُدَمْلَجا،
سُوقٌ منَ البَرْدِيِّ مَا تَعَوَّجا
وَقَالَ الْعَجَّاجُ:
غَرَّاءُ سَوَّى خَلْقَها الخَبَرْنَجا، ... مَأْدُ الشَّبابِ عَيْشَها المُخَرْفَجا
قَالَ شَمِرٌ: إِنما نَصَبَ عَيْشَهَا الْمُخَرْفَجَا، كَقَوْلِكَ: بَنَى

(2/254)


خَلْقَها بنيَ السَّوِيقِ لحمَها. وَسَرَاوِيلُ مُخَرْفَجَةٌ: طَوِيلَةٌ وَاسِعَةٌ تَقَعُ عَلَى ظَهْرِ الْقَدَمِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: أَنه كَرِهَ السَّرَاوِيلَ المُخَرْفَجة
؛ قَالَ الأُمَوِيُّ فِي تَفْسِيرِ المُخَرْفَجة فِي الْحَدِيثِ؛ إِنها الَّتِي تَقَعُ عَلَى ظُهُورِ الْقَدَمَيْنِ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَذَلِكَ تأْويلها وإِنما أَصله مأْخوذ مِنَ السَّعَة؛ وَالْمُرَادُ مِنَ الْحَدِيثِ أَنه كُرِهَ إِسبال السَّرَاوِيلِ كَمَا يُكْرَهُ إِسبال الإِزار؛ وَقِيلَ: كلُّ وَاسِعٍ مُخَرْفَجٌ. ونَبْتٌ خِرْفِيجٌ وخِرْفاجٌ وخُرَافِجٌ وخُرَفِجٌ وخُرْفَنْجٌ «1»: ناعمٌ غَضٌّ. وخُرْفَنْجُه أَيضاً: نَعْمَتُه؛ قَالَ جَنْدَلُ بْنُ الْمُثَنَّى:
بين اياحين «2» الحَصاد الهائِجِ، ... وَبَيْنَ خُرْفَنْج النَّباتِ الباهِجِ
وخَرْفَجَ الشيءَ: أَخذه أَخذاً كَثِيرًا. وخَرُوفٌ خُرْفُجٌ وخُرافِجٌ أَي سَمِينٌ.
خزج: رَجُلٌ خَزجٌ: ضَخْمٌ. والمِخْزاجُ مِنَ الإِبل: الشَّدِيدَةُ السِّمَنِ. قَالَ اللَّيْثُ: المِخْزَاجُ مِنَ النُّوق الَّتِي إِذا سَمِنَتْ صَارَ جِلْدُهَا كأَنه وَارِمٌ مِنَ السِّمَنِ، وَهُوَ الخَزَبُ أَيضاً.
خزرج: الخَزْرَجُ: مِنْ نَعْتِ الرِّيحِ. ابْنُ سِيدَهْ: الخَزْرَجُ ريحُ الجَنُوبِ، وَقِيلَ: هِيَ الريحُ الْبَارِدَةُ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
غَدَون عُجالى، وانْتَحَتْهُنَّ خَزْرَجٌ، ... مُقَفِّيَةُ آثارَهُنَّ هَدُوجُ
وَقِيلَ: هِيَ الشَّدِيدَةُ. قَالَ الْفَرَّاءُ: خَزْرَجُ هِيَ الجَنُوب غَيرُ مُجْراةٍ. والخَزْرَجُ: اسْمُ رَجُلٍ. والخَزْرَجُ: قَبِيلَةُ الأَنصار. غَيْرُهُ: قَبِيلَةُ الأَنصار هِيَ الأَوْسُ والخَزْرَجُ، ابْنَا قَيْلَةَ، وَهِيَ أُمهما نُسبا إِليها، وَهُمَا ابْنَا حَارِثَةَ بْنِ ثَعْلَبَةَ مِنَ الْيَمَنِ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: الخَزرج رِيحُ الْجَنُوبِ، وَبِهِ سمِّيت الْقَبِيلَةُ الخَزْرَج، وَهِيَ أَنفع مِنَ الشمال.
خسج: الخَسِيجُ والخَسِيُّ، عَلَى الْبَدَلِ: كِساءٌ أَو خِباءٌ يُنْسَجُ مِنْ ظَلِيفِ عُنُقِ الشاةِ فَلَا يكادُ، زَعَمُوا، يَبْلى؛ قَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَمْرٍو مِنْ طَيِّئٍ، يُقَالُ لَهُ أَسحم:
تَحَمَّلَ أَهْلُه، واسْتَوْدَعوه ... خَسِيّاً مِنْ نَسِيجِ الصُّوفِ بالي
خسفج: الخَيْسَفُوجُ: حَبُّ القُطْنِ؛ قال العجاج:
صَعْلٌ، كَعُودِ الخَيْسَفُوجِ مِئْوَبا
مِن آبَ إِذا رَجَعَ. والخَيْسَفُوجُ: العُشَرُ، وَقِيلَ: هُوَ نَبْتٌ يَتَقَصَّفُ وَيَتَثَنَّى. والخَيْسَفُوجَةُ: السُّكَّانُ. والخَيْسَفُوجَةُ أَيضاً: رَجُلُ السَّفِينَةِ. والخَيْسَفُوجَةُ: موضع.
خفج: الخَفْجُ ضَرْبٌ مِنَ النِّكَاحِ. اللَّيْثُ: الخَفْجُ مِنَ المُباضَعَةِ. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: فإِذا هُوَ يَرَى التُّيُوسَ تَثِبُ عَلَى الغَنَمِ خافِجَةً
؛ قَالَ: الخَفْجُ السِّفادُ وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي النَّاسِ؛ قَالَ: وَيُحْتَمَلُ بِتَقْدِيمِ الْجِيمِ عَلَى الْخَاءِ. والخَفَجُ: نَبْتٌ مِنْ نَبَاتِ الرَّبِيعِ أَشهب عَرِيضُ الْوَرَقِ، وَاحِدَتُهُ خَفَجَةٌ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الخَفَجُ، بِفَتْحِ الْفَاءِ، بَقْلَةٌ شَهْبَاءُ لَهَا وَرَقٌ عِراضٌ. والخَفَجُ: عِوَجٌ فِي الرِّجْلِ؛ خَفِجَ خَفَجاً، وَهُوَ أَخْفَجُ. أَبو عَمْرٍو: الأَخْفَجُ الأَعْوَجُ الرِّجْلِ مِنَ الرِّجَالِ. أَبو عَمْرٍو: خَفِجَ فلانٌ إِذا اشْتَكَى سَاقَيْهِ مِنَ التَّعَبِ. وعَمُودٌ أَخْفَجُ: مُعْوَجُّ؛ قال:
__________
(1).
قوله [وخرفنج] كذا بالأَصل بضم الخاء فيه وفيما بعده، وضبط في القاموس بالشكل بفتحها.
(2).
هكذا في الأَصل.

(2/255)


قَدْ أَسْلَمُوني، والعَمُودَ الأَخْفَجَا، ... وشَبَّةً يَرْمِي بِهَا الجالُ الرَّجَا «1»
والخَفَجُ: مِنْ أَدواء الإِبل. وخَفَجَ [خَفِجَ] البعيرُ خَفَجاً وخَفْجاً، وَهُوَ أَخْفَجُ، إِذا كَانَتْ رِجْلَاهُ تَعْجَلانِ بِالْقِيَامِ قَبْلَ رَفْعِهِ إِياهما، كأَنَّ بِهِ رِعْدَةً. والخَفِيجُ: الماءُ الشَّرِيبُ الْغَلِيظُ. وَبِهِ خُفاجٌ أَي كِبْرٌ. وَغُلَامٌ خُفَاجٌ: صَاحِبُ كِبْرٍ وفَخرٍ؛ حَكَاهُ يَعْقُوبُ فِي الْمَقْلُوبِ. وخَفَاجَةُ، بِالْفَتْحِ: قَبِيلَةٌ، مُشْتَقٌّ مِنْ ذَلِكَ، وَهُمْ حَيٌّ مِنْ بَنِي عَامِرٍ؛ قَالَ الأَعشى:
وأَدْفَعُ عَنْ أَعراضكم وأُعِيركُمْ ... لِساناً، كمِقْراضِ الخَفَاجِيِّ، مِلْحَبَا
وَقَالَ الأَزهري: خَفاجة بَطْنٌ مِنْ عَقِيلٍ، وإِذا نُسِبَ إِليهم، قِيلَ: فلانٌ الخَفَاجِيُّ. والخَفَنْجاءُ: الرِّخْوُ الَّذِي لَا غَنَاءَ عِنْدَهِ وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي الْحَاءِ. وغُلام خُنْفُجٌ، بِالضَّمِّ، وخُنافِجٌ إِذا كَانَ كَثِيرَ اللَّحْمِ.
خلج: الخَلْجُ: الجَذْبُ. خَلَجَهُ يَخْلِجُه خَلْجاً، وتَخَلَّجَهُ، واخْتَلَجَهُ إِذا جَبَذَهُ وانْتَزَعَهُ؛ أَنشَد أَبو حَنِيفَةَ:
إِذا اخْتَلَجَتْها مُنْجِياتٌ، كأَنها ... صُدورُ عَراقٍ، مَا بِهِنَّ قُطُوعُ
شَبَّهَ أَصابعه فِي طُولِهَا وَقِلَّةِ لَحْمِهَا بِصُدُورِ عَرَاقي الدَّلْو؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
فإِنْ يَكُنْ هَذَا الزمانُ خَلَجا، ... فقَدْ لَبِسْنا عَيْشَه المُخَرْفَجا
يَعْنِي قَدْ خَلَجَ حَالًا، وَانْتَزَعَهَا وبَدَّلَها بِغَيْرِهَا؛ وَقَالَ فِي التَّهْذِيبِ:
فإِن يَكُنْ هَذَا الزَّمَانُ خَلْجَا
أَي نَحَّى شَيْئًا عَنْ شَيْءٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
يَخْتَلِجُونَهُ عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ
أَي يَجْتَذِبُونَهُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَمَّارٍ وأُم سَلَمَةَ: فاخْتَلَجَها مِنْ جُحْرِها.
وَفِي حَدِيثِ
عَليٍّ فِي ذِكْرِ الْحَيَاةِ: إِن اللَّهَ جَعَلَ الْمَوْتُ خالِجاً لأَشْطانِها
أَي مُسْرِعاً فِي أَخذِ حِبالِها. وَفِي الْحَدِيثِ:
تَنْكَبُ المَخالِجُ عَنْ وضَحِ السَّبِيلِ
أَي الطُّرُقُ المُتَشَعِّبَةُ عَنِ الطَّرِيقِ الأَعظم الْوَاضِحِ. وَفِي حَدِيثِ
الْمُغِيرَةِ: حَتَّى تَرَوْهُ يَخْلِجُ فِي قَوْمِهِ أَو يَحْلِجُ
أَي يُسْرِعُ فِي حُبِّهمْ. وأَخْلَجَ هُوَ: انْجَذَبَ. وَنَاقَةٌ خَلُوجٌ: جُذِبَ عَنْهَا وَلَدُهَا بِذَبْحٍ أَو مَوْتٍ فَحَنَّتْ إِليه وقَلَّ لِذَلِكَ لِبَنُهَا، وَقَدْ يَكُونُ فِي غَيْرِ النَّاقَةِ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
يَوْماً تَرَى مُرْضِعَةً خَلُوجا
أَراد كلَّ مِرْضَعَةٍ؛ أَلا تَرَاهُ قَالَ بَعْدَ هَذَا:
وكلَّ أُنْثى حَمَلَتْ خَدُوجا، ... وكلَّ صاحٍ ثَمِلًا مَرُوجا؟
وإِنما يَذْهَبُ فِي ذَلِكَ إِلى قَوْلِهِ تَعَالَى: يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى
.
وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي تَخلِجُ السَّيْرَ مِنْ سُرْعَتِها أَي تَجْذِبُهُ، وَالْجَمْعُ خُلُجٌ وخِلاجٌ؛ قال أَبو ذؤيب:
أَمِنْك البَرْقُ أَرْقُبُهُ، فَهَاجا، ... فَبِتُّ إِخالُه دُهْماً خِلاجا؟
__________
(1).
قوله [وشبة] كذا بالأصل المعوّل عليه بالمعجمة مفتوحة، ولعله بالمهملة المكسورة.
أَمِنك أَي مِنْ شِقِّك وَنَاحِيَتِكَ. دُهْماً: إِبِلًا سُوداً. شَبَّهَ صَوْتَ الرَّعْدِ بأَصوات هَذِهِ الْخِلَاجِ لأَنها تَحَانُّ لِفَقْدِ أَولادها. وَيُقَالُ لِلْمَفْقُودِ مِنْ بَيْنِ الْقَوْمِ وَالْمَيِّتِ: قَدِ اخْتُلِجَ مِنْ بَيْنِهِمْ فَذَهَبَ بِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَيَرِدَنَّ عليَّ الحَوضَ أَقوامٌ ثُمَّ لَيُخْتَلَجُنَّ دُونِي
أَي يُجْتَذَبونَ ويُقْتَطَعُون. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَحَنَّتِ الخَشَبَةُ حَنِينَ النَّاقَةِ الخَلُوجِ
؛ هِيَ الَّتِي اخْتُلِجَ وَلَدُها أَي انْتُزِعَ مِنْهَا. والإِخْلِيجَةُ: النَّاقَةُ المُخْتَلَجَةُ عَنْ أُمها؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذِهِ عِبَارَةُ سِيبَوَيْهِ، وَحَكَى السِّيرَافِيُّ أَنها النَّاقَةُ المُخْتَلَجُ عَنْهَا وَلَدُها، وَحُكِيَ عَنْ ثَعْلَبٍ أَنها المرأَة المُخْتَلَجَةُ عَنْ زَوْجِهَا بِمَوْتٍ أَو طَلَاقٍ، وَحُكِيَ عَنْ أَبي مَالِكٍ أَنه نَبْتٌ؛ قَالَ: وَهَذَا لَا يُطَابِقُ مَذْهَبَ سِيبَوَيْهِ لأَنه عَلَى هَذَا اسْمٌ وإِنما وَضَعَهُ سِيبَوَيْهِ صِفَةً؛ وَمِنْهُ سُمِّيَ خَلِيجُ النَّهْرِ خَلِيجاً. والخَلِيجُ مِنَ الْبَحْرِ: شَرْمٌ مِنْهُ. ابْنُ سِيدَهْ: والخَلِيجُ مَا انْقَطَعَ مِنْ مُعْظَمِ الْمَاءِ لأَنه يُجْبَذُ مِنْهُ، وَقَدِ اختُلِجَ؛ وَقِيلَ: الْخَلِيجُ شُعْبَةٌ تَنْشَعِبُ مِنَ الْوَادِي تُعَبِّرُ بَعْضَ مَائِهِ إِلى مَكَانٍ آخَرَ، وَالْجَمْعُ خُلْجٌ وخُلْجانٌ. وخَلِيجَا النَّهْرِ: جَناحاه. وخَلِيجُ الْبَحْرِ: رِجْلٌ يَخْتَلِجُ مِنْهُ، قَالَ: هَذَا قَوْلُ كُرَاعٍ. التَّهْذِيبُ: وَالْخَلِيجُ نَهْرٌ فِي شِقٍّ مِنَ النَّهْرِ الأَعظم. وَجَنَاحَا النَّهْرِ: خَلِيجَاهُ؛ وأَنشد:
إِلى فَتًى قاضَ أَكُفّ الفِتْيانْ، ... فَيْضَ الخَلِيجِ مَدَّهُ خَلِيجانْ
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن فُلَانًا سَاقَ خَلِيجاً
؛ الخلِيجُ: نَهْرٌ يُقتطع مِنَ النَّهْرِ الأَعظم إِلى مَوْضِعٍ يُنْتَفَعُ بِهِ فِيهِ. ابْنُ الأَعرابي: الخُلُجُ التَّعِبُونَ. والخُلُجُ: المُرْتَعِدُو الأَبدانِ. والخُلُجُ: الحِبالُ. ابْنُ سِيدَهْ: وَالْخَلِيجُ الْحَبْلُ لأَنه يَجْبِذُ مَا شُدَّ بِهِ. وَالْخَلِيجُ: الرَّسَنُ لِذَلِكَ؛ التَّهْذِيبُ: قَالَ الْبَاهِلِيُّ فِي قَوْلُ تَمِيمِ بْنِ مُقْبِلٍ:
فَبَاتَ يُسامي، بَعْدَ ما شُجَّ رَأْسُه، ... فُحُولًا جَمَعْنَاها تَشِبُّ وتَضْرَحُ
وباتَ يُغَنَّى فِي الخَليج، كأَنه ... كُمَيْتٌ مُدَمًّى، ناصِعُ اللَّوْنِ أَقْرَحُ
قَالَ: يَعْنِي وتِداً رُبِطَ بِهِ فَرَسٌ. يَقُولُ: يُقَاسِي هَذِهِ الْفُحُولَ أَي قَدْ شدَّت بِهِ، وَهِيَ تَنْزُو وَتَرْمَحُ. وَقَوْلُهُ: يُغَنَّى أَي تَصْهَلُ عِنْدَهُ الْخَيْلُ. والخَلِيجُ: حَبْلٌ خُلِجَ أَي فُتِلَ شَزَرًا أَي فُتِلَ عَلَى العَسْراءِ؛ يَعْنِي مِقْوَدَ الفَرَسِ. كُمَيْتٌ: مِنْ نَعْتِ الْوَتَدِ أَي أَحْمَرُ مِنْ طَرْفاءَ. قَالَ: وَقُرْحَتُهُ مَوْضِعُ الْقَطْعِ؛ يَعْنِي بَيَاضَهُ؛ وَقِيلَ: قُرْحَتُهُ مَا تَمُجُّ عَلَيْهِ مِنَ الدَّمِ والزَّبَدِ. وَيُقَالُ لِلْوَتَدِ خَلِيجٌ لأَنه يَجْذِبُ الدَّابَّةَ إِذا رُبِطَتْ إِليه. وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي الْبَيْتَيْنِ: يَصِفُ فَرَسًا رُبط بِحَبْلٍ وشدَّ بوتِد فِي الأَرض فَجَعَلَ صَهِيلَ الْفَرَسِ غِنَاءً لَهُ، وَجَعَلَهُ كُمَيْتًا أَقرَح لِمَا عَلَاهُ مِنَ الزَّبَد وَالدَّمِ عِنْدَ جَذْبِهِ الْحَبْلَ. وَرَوَاهُ الأَصمعي: وَبَاتَ يُغَنَّى أَي وَبَاتَ الْوَتِدُ الْمَرْبُوطُ بِهِ الخيلُ يُغَنَّى بِصَهِيلِهَا أَي بَاتَ الْوَتِدُ وَالْخَيْلُ تَصْهَلُ حَوْلَهُ، ثُمَّ قَالَ: أَي كأَن الْوَتِدَ فَرَسُ كُمَيْتٍ أَقرَح أَي صَارَ عَلَيْهِ زَبَدٌ وَدَمٌ؛ فَبِالزَّبَدِ صَارَ أَقرَح، وَبِالدَّمِ صَارَ كُمَيْتًا. وَقَوْلُهُ: يُسامي أَي يَجْذِبُ الأَرسان. وَالشَّبَابُ فِي الْفَرَسِ: أَن يَقُومَ عَلَى رِجْلَيْهِ. وَقَوْلُهُ: تَضْرُحُ أَي تَرْمَحُ بأَرجلها. ابْنُ سِيدَهْ: وخَلَجَتِ الأُمُّ وَلَدَهَا تَخْلِجُه، وَجَذَبَتْهُ تَجْذِبُهُ: فَطَمَتْهُ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وَلَمْ يخصَّ مِنْ أَيّ نَوْعٍ ذَلِكَ. وخَلَجْتُها: فَطَمْتُ ولَدَها؛ قَالَ أَعرابي:

(2/257)


لَا تَخْلِجِ الفصيلَ عَنْ أُمه، فَإِنَّ الذِّئْبَ عَالِمٌ بِمَكَانِ الْفَصِيلِ الْيَتِيمِ؛ أَي لَا تُفَرِّقْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أُمه. وتَخَلَّجَ المجنونُ فِي مِشْيَتِهِ: تْجَاذَبَ يَمِينًا وَشِمَالًا. وَالْمَجْنُونُ يَتَخَلَّجُ فِي مِشْيَتِهِ أَي يَتَمَايَلُ كأَنما يَجْتَذِبُ مرَّة يَمْنَةً وَمَرَّةً يَسْرَةً. وتخَلَّج الْمَفْلُوجُ فِي مِشْيَتِهِ أَي تَفَكَّكَ وَتَمَايَلَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
أَقْبَلَتْ تَنْفُضُ الحُلاءَ بِعَيْنَيْها، ... وتَمْشِي تَخَلُّجَ المَجْنُونِ
والتَّخَلُّجُ فِي الْمَشْيِ: مِثْلُ التَّخَلُّعِ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
وأَشْفِي مِنْ تَخَلُّجِ كلِّ جِنٍّ، ... وأَكْوِي النَّاظِرَيْنِ منَ الخُنانِ
وَفِي حَدِيثِ
الْحَسَنِ: رأَى رَجُلًا يَمْشِي مِشْيَةً أَنكرها، فَقَالَ: يَخْلِجُ فِي مِشْيَتِهِ خَلَجَانَ الْمَجْنُونِ
أَي يَجْتَذِبُ مَرَّةً يَمْنَةً ومَرَّةً يَسْرَةً. والخَلَجان، بِالتَّحْرِيكِ: مَصْدَرٌ كَالنَّزَوَانِ. والخالِجُ: المَوْتُ، لأَنه يَخْلج الْخَلِيقَةَ أَي يَجْذِبُهَا. واخْتَلَجَتِ المَنِيَّةُ القومَ أَي اجْتَذَبَتْهُمْ. وخُلِجَ الفَحْلُ: أُخْرِجَ عَنِ الشَّوْل قَبْلَ أَن يَقْدِرَ. اللَّيْثُ: الفحلُ إِذا أُخْرِجَ مِنَ الشَّوْلِ قَبْلَ قُدُوره فَقَدْ خُلِجَ أَي نُزِعَ وأُخرج، وإِن أُخْرِجَ بَعْدَ قُدُورِه فَقَدْ عُدِلَ فانْعَدَلَ؛ وأَنشد:
فَحْلٌ هِجانٌ تَوَلَّى غَيرَ مَخْلُوجِ
وخَلَجَ الشيءَ مِنْ يَدِهِ يَخْلِجُهُ خَلْجاً: انْتزعه. واخْتَلَجَ الرجلُ رُمْحَه مِنْ مَرْكَزِهِ: انْتَزَعَهُ. وخَلَجَهُ هَمٌّ يَخْلِجُه: شغَله؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
وأَبِيتُ تَخْلِجُني الهُمُومُ، كأَنَّني ... دَلْوُ السُّقاةِ، تُمَدُّ بالأَشْطانِ
واخْتَلَجَ فِي صَدْرِي هَمٌّ. اللَّيْثُ: يُقَالُ: خَلَجَتْه الخَوالِجُ أَي شَغَلَتْهُ الشَّوَاغِلُ؛ وأَنشد:
وتَخْلِجُ الأَشكالُ دونَ الأَشكال
وخَلَجَني كَذَا أَي شَغَلَنِي. يُقَالُ: خَلَجَتْه أُمورُ الدُّنْيَا وتَخَالَجَتْه الْهُمُومُ: نَازَعَتْهُ. وخالَجَ الرجلَ: نَازَعَهُ. وَيُقَالُ: تَخَالَجَتْه الْهُمُومُ إِذا كَانَ لَهُ هَمٌّ فِي ناحيةٍ وهمٌّ فِي نَاحِيَةٍ كأَنه يَجْذِبُهُ إِليه. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، صَلَّى بأَصحابه صَلَاةً جَهَرَ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ، وقرأَ قارئٌ خَلْفَهُ فَجَهَرَ، فَلَمَّا سلَّم قَالَ: لَقَدْ ظَنَنْتُ أَن بَعْضَكُمْ خالَجَنِيها
؛ قَالَ: مَعْنَى قَوْلِهِ خَالَجَنِيهَا أَي نَازَعَنِي الْقِرَاءَةَ فَجَهَرَ فِيمَا جَهَرْتُ فِيهِ، فَنَزَعَ ذَلِكَ مِنْ لِسَانِي مَا كُنْتُ أَقرؤُه وَلَمْ أَستمرّ عَلَيْهِ. وأَصل الخَلْجِ: الجَذْبُ وَالنَّزْعُ. واخْتَلَجَ الشيءُ فِي صَدْرِي وتَخَالَجَ: احْتَكَأَ مَعَ شَكٍّ. وَفِي حَدِيثِ
عَدِيٍّ، قَالَ لَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: لَا يَخْتَلِجَنَّ فِي صَدْرِكَ
أَي لَا يتحرَّك فِيهِ شيءٌ مِنَ الرِّيبَةِ وَالشَّكِّ، وَيُرْوَى بِالْحَاءِ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. وأَصل الِاخْتِلَاجِ: الحركة والاضطرب؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، وَقَدْ سُئِلَتْ عَنْ لَحْمِ الصَّيْدِ لِلْمُحْرِمِ، فَقَالَتْ: إِن يَخْلِجْ فِي نَفْسِكَ شيءٌ فَدَعْهُ.
وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا اخْتَلَجَ عِرْقٌ إِلَّا وَيُكَفِّرُ اللَّهُ بِهِ.
وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَن الْحَكَمَ بْنَ أَبي الْعَاصِي أَبا مَرْوَانَ كَانَ يَجْلِسُ خَلْفَ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فإِذا تَكَلَّمَ اخْتَلَجَ بِوَجْهِهِ فَرَآهُ، فَقَالَ: كُنْ كَذَلِكَ، فَلَمْ يَزَلْ يَخْتَلِجُ حَتَّى مَاتَ
؛ أَي كَانَ يحرِّك شَفَتَيْهِ وَذَقَنَهُ اسْتِهْزَاءً وَحِكَايَةً لِفِعْلِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَقِيَ يَرْتَعِدُ إِلى أَن مَاتَ؛ وَفِي رِوَايَةٍ:
فَضُرِبَ بِهَمٍ

(2/258)


شَهْرَيْنِ ثُمَّ أَفاقَ خَلِيجاً
أَي صُرِعَ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: ثُمَّ أَفاق مُخْتَلَجاً قَدْ أُخذ لَحْمُهُ وقوَّته، وَقِيلَ مُرْتَعِشًا. ونَوًى خَلُوجٌ بَيِّنَةُ الخِلاج، مَشْكُوكٌ فِيهَا؛ قَالَ جَرِيرٌ:
هَذَا هَوًى شَغَفَ الفُؤَادَ مُبَرِّحٌ، ... ونَوًى تَقَاذَفُ غَيرُ ذاتِ خِلاجِ
وَقَالَ شَمِرٌ: إِني لَبَيْنَ خالِجَيْنِ فِي ذَلِكَ الأَمر أَي نَفْسَيْنِ. وَمَا يُخَالِجُني فِي ذَلِكَ الأَمر شكٌّ أَي مَا أَشك فِيهِ. وخَلَجَهُ بِعَيْنِهِ وَحَاجِبِهِ يَخْلِجُه ويَخْلُجُه خَلْجاً: غَمَزَهُ؛ وَقَالَ حَبِينَةُ بْنُ طَرِيفٍ الْعُكْلِيُّ يَنْسِبُ بِلَيْلَى الأَخيلية:
جارِيَةٌ مِنْ شِعْبِ ذِي رُعَيْنِ، ... حَيَّاكَةٌ تَمْشِي بِعُلْطَتَيْنِ
قَدْ خَلَجَتْ بِحاجِبٍ وعَيْنِ، ... يَا قَوْمُ، خَلُّوا بَيْنَها وبَيْني
أَشَدَّ مَا خُلِّيَ بيْنَ اثْنَينِ
والعُلْطَة: الْقِلَادَةُ. وَالْعَيْنُ تَخْتَلِجُ أَي تَضْطَرِبُ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الأَعضاء. اللَّيْثُ: يُقَالُ أَخْلَجَ الرجلُ حَاجِبَيْهِ عَنْ عَيْنَيْهِ واخْتَلَجَ حَاجِبَاهُ إِذا تَحَرَّكَا؛ وأَنشد:
يُكَلِّمُني ويَخْلِجُ حاجِبَيْه، ... لأَحْسِبَ عِنْدَه عِلْماً قَدِيمَا
وَفِي حَدِيثِ
شُرَيْحٍ: أَن نِسْوَةً شهدنَ عِنْدَهُ عَلَى صَبِيٍّ وَقَعَ حَيًّا يَتَخَلَّجُ أَي يتحرَّك، فَقَالَ: إِن الحيَّ يَرِثُ الْمَيِّتَ، أَتشهدن بِالِاسْتِهْلَالِ؟ فأَبطل شَهَادَتَهُنَّ.
شَمِرٌ: التَّخَلُّجُ التحرُّك؛ يُقَالُ: تَخَلَّجَ الشيءُ تَخَلُّجاً واخْتَلَجَ اخْتِلاجاً إِذا اضْطَرَبَ وتحرَّك؛ وَمِنْهُ يُقَالُ: اخْتَلَجَتْ عَيْنُهُ وخَلَجَتْ تَخْلِجُ خُلوجاً وخَلَجاناً، وخَلَجْتُ الشيءَ: حَرَّكْتُهُ؛ وَقَالَ الْجَعْدِيُّ:
وَفِي ابْنُ خُرَيْقٍ، يَوْمَ يَدْعُو نِساءَكمْ ... حَوَاسِرَ، يَخْلُجْنَ الجِمالَ المَذَاكِيا
قَالَ أَبو عَمْرٍو: يَخْلُجْنَ يحرِّكن؛ وَقَالَ أَبو عَدْنَانَ: أَنشدني حَمَّادُ بْنُ عِمَادِ بْنِ سَعْدٍ:
يَا رُبَّ مُهْرٍ حَسَنٍ وَقَاحِ، ... مُخَلَّجٍ مِنْ لَبَنِ اللِّقَاحِ
قَالَ: المُخَلَّجُ الَّذِي قَدْ سَمِنَ، فَلَحَمَهُ يَتَخَلَّجُ تَخَلُّجَ الْعَيْنِ أَي يَضْطَرِبُ. وخَلَجَتْ عَيْنُهُ تَخْلِجُ وتَخْلُجُ خُلُوجاً واخْتَلَجَتْ إِذا طَارَتْ. والخَلْجُ والخَلَجُ: داءٌ يُصِيبُ الْبَهَائِمَ تَخْتَلِجُ مِنْهُ أَعضاؤُها. وخَلَجَ الرجلُ رُمْحَهُ يَخْلِجُهُ ويَخْلُجُهُ، واخْتَلَجَهُ: مَدَّهُ مِنْ جَانِبٍ. قَالَ اللَّيْثُ: إِذا مَدَّ الطاعنُ رُمحه عَنْ جَانِبٍ، قِيلَ: خَلَجَهُ. قَالَ: والخَلْجُ كَالِانْتِزَاعِ. والمَخْلُوجَةُ: الطَّعْنَةُ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ. وَقَدْ خَلَجَه إِذا طَعَنَهُ. ابْنُ سِيدَهْ: الْمَخْلُوجَةُ الطَّعْنَةُ الَّتِي تَذْهَبُ يَمْنَةً ويَسْرَةً. وأَمْرُهم مَخْلوجٌ: غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ. وَوَقَعُوا فِي مَخْلُوجَةٍ مِنْ أَمرهم أَي اخْتِلَاطٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ فِي الأَمثال: الرَّأْيُ مَخْلُوجَةٌ وليستْ بِسُلْكَى؛ قَالَ: قَوْلُهُ مَخْلُوجَةٌ أَي تُصْرَفُ مرَّة كَذَا ومرَّة كَذَا حَتَّى يَصِحَّ صَوَابُهُ، قَالَ: والسُّلكى الْمُسْتَقِيمَةُ؛ وَقَالَ فِي مَعْنَى قَوْلِ امْرِئِ الْقَيْسِ:
نَطْعُنُهُم سُلْكَى ومَخْلُوجَةً، ... كَرَكِّ لأْمَيْنِ عَلَى نابِلِ
يَقُولُ: يَذْهَبُ الطَّعْنُ فِيهِمْ وَيَرْجِعُ كَمَا تَرُدُّ سَهْمَيْنِ عَلَى رامٍ رَمَى بِهِمَا. قَالَ: والسُّلْكَى الطَّعْنَةُ الْمُسْتَقِيمَةُ، والمَخْلُوجَةُ عَلَى الْيَمِينِ وَعَلَى الْيَسَارِ. والمَخْلُوجَةُ:

(2/259)


الرَّأْيُ الْمُصِيبُ؛ قَالَ الْحُطَيْئَةُ:
وكنتُ، إِذا دَارَتْ رَحَى الحَرْبِ، رُعْتُهُ ... بِمَخْلُوجَةٍ، فِيهَا عَنِ العَجْزِ مَصْرِفُ
والخَلْجُ: ضَرْبٌ مِنَ النِّكَاحِ، وَهُوَ إِخْرَاجُهُ، والدَّعْسُ إِدْخالُه. وخَلَجَ المرأَة يَخْلِجُها خَلْجاً: نَكَحها؛ قَالَ:
خَلَجْتُ لَهَا جارَ اسْتِها خَلَجاتٍ
واخْتَلَجَها: كَخَلَجَها. والخَلَجُ، بِالتَّحْرِيكِ: أَن يَشْتَكِيَ الرَّجُلُ لَحْمَهُ وَعِظَامَهُ مِنْ عَمَلٍ يَعْمَلُهُ أَو طُولِ مَشْيٍ وتعبٍ؛ تَقُولُ مِنْهُ: خَلِجَ، بِالْكَسْرِ؛ قَالَ اللَّيْثُ: إِنما يَكُونُ الخَلَجُ مِنْ تَقَبُّضِ العَصب فِي الْعَضُدِ حَتَّى يُعَالَجَ بَعْدَ ذَلِكَ فَيُسْتَطْلَقُ، وإِنما قِيلَ لَهُ: خَلَجٌ لأَن جَذْبَهُ يَخْلُجُ عَضُدَهُ. ابْنُ سِيدَهْ: وخَلِجَ الْبَعِيرُ خَلَجاً، وَهُوَ أَخْلَجُ، وَذَلِكَ أَن يَتَقَبَّضَ الْعَصَبُ فِي الْعَضُدِ حَتَّى يُعَالَجَ بَعْدَ ذَلِكَ فَيُسْتَطْلَقُ. وَبَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ خُلْجَةٌ: وَهُوَ قَدْرُ مَا يَمْشِي حَتَّى يُعْيي مرَّة وَاحِدَةً. التَّهْذِيبُ: والخَلَجُ مَا اعْوَجَّ مِنَ الْبَيْتِ. والخَلَجُ: الْفَسَادُ فِي نَاحِيَةِ الْبَيْتِ. وَبَيْتٌ خَلِيجٌ: مُعْوَجٌّ. والخَلُوجُ مِنَ السَّحَابِ: المتفرِّق كأَنه خُلِجَ مِنْ مُعْظَمِ السَّحَابِ، هُذْلِيَّةٌ. وَسَحَابَةٌ خَلُوجٌ: كَثِيرَةُ الماءِ شَدِيدَةُ الْبَرْقِ. وَنَاقَةٌ خَلُوجٌ: غَزِيرَةُ اللَّبَنِ، مِنْ هَذَا، وَالْجَمْعُ خُلُجٌ. التهذيب: وناقة خَلُوجٌ كثير اللَّبَنِ، تحنُّ إِلى وَلَدِهَا؛ وَيُقَالُ: هِيَ الَّتِي تَخْلِجُ السَّيْرَ مِنْ سُرْعتِها. والخَلُوجُ مِنَ النُّوق: الَّتِي اخْتُلِجَ عَنْهَا وَلَدُهَا فَقَلَّ لِذَلِكَ لَبَنُهَا. وَقَدْ خَلَجْتُها أَي فَطَمْتُ وَلَدَهَا. والخَلِيجُ: الجَفْنَةُ، وَالْجَمْعُ خُلُجٌ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
ويُكَلِّلُونَ، إِذا الرِّياحُ تَنَاوَحَتْ، ... خُلُجاً تُمَدُّ شَوارِعاً أَيْتَامُها
وجَفْنَةٌ خَلُوجٌ: قَعِيرَةٌ كَثِيرَةُ الأَخذ مِنَ الْمَاءِ. والخُلُجُ: سُفُنٌ صِغَارٌ دُونَ العَدَوْليِّ. أَبو عَمْرٍو: الخِلاجُ العِشْق الَّذِي لَيْسَ بِمُحْكَمٍ. اللَّيْثُ: المُخْتَلِجُ مِنَ الْوُجُوهِ الْقَلِيلُ اللَّحْمِ الضَّامِرُ. ابْنُ سِيدَهْ: المُخْتَلِجُ الضَّامِرُ؛ قَالَ الْمُخَبَّلُ:
وتُرِيكَ وَجْهاً كالصَّحِيفَةِ، لَا ... ظَمْآنُ مُخْتَلِجٌ، وَلَا جَهْمُ
وفرسٌ إِخْلِيجٌ: جوادٌ سَرِيعٌ؛ التَّهْذِيبُ: وَقَوْلُ ابْنِ مُقْبِلٍ:
وأَخْلَجَ نَهَّاماً، إِذا الخَيْلُ أَوْعَنَتْ، ... جَرى بسِلاحِ الكَهْلِ، والكهلُ أَجْرَد
قَالَ: الأَخْلَجُ الطَّوِيلُ مِنَ الْخَيْلِ الَّذِي يَخْلِجُ الشَّدَّ خَلْجاً أَي يَجْذِبُهُ، كَمَا قَالَ طَرَفَةُ:
خُلُجُ الشَّدِّ مُشِيحاتُ الحُزُمْ
والخِلاجُ والخِلاسُ: ضُرُوبٌ مِنَ الْبُرُودِ مخطَّطة؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
إِذا انْفَرَجَتْ عَنْهُ سَمَادِيرُ خَلْفِهِ، ... بِبُرْدَيْنِ مِنْ ذَاكَ الخِلاجِ المُسَهَّمِ
وَيُرْوَى مِنْ ذَاكَ الخِلاسِ. والخَلِيجُ: قَبِيلَةٌ يُنْسَبُونَ فِي قُرَيْشٍ، وَهُمْ قَوْمٌ مِنَ الْعَرَبِ كَانُوا مِنْ عَدْوَانَ، فأَلحقهم عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رَضِيَ الله عنه، بالحرث بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ، وسمُّوا بِذَلِكَ لأَنهم اخْتَلَجُوا مِنْ عُدْوَانَ. التَّهْذِيبُ: وَقَوْمٌ خُلْجٌ إِذا شُك فِي أَنسابهم فَتَنَازَعَ النَّسَبَ قَوْمٌ، وَتَنَازَعَهُ آخَرُونَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْكُمَيْتِ:

(2/260)


أَمْ أَنْتُمُ خُلُجٌ أَبْنَاءُ عُهَّارِ
وَرَجُلٌ مُخْتَلَجٌ: وَهُوَ الَّذِي نَقَلَ عَنْ قَوْمِهِ وَنَسَبِهِ فِيهِمْ إِلَى قَوْمٍ آخَرِينَ، فَاخْتُلِفَ فِي نَسَبِهِ وَتُنُوزِعَ فِيهِ. قَالَ أَبو مِجْلَزٍ: إِذا كَانَ الرَّجُلُ مُخْتَلَجاً فَسَرَّكَ أَن لَا تَكْذِبَ فانْسُبْهُ إِلى أُمِّهِ؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: هُمُ الخُلُجُ الَّذِينَ انْتَقَلُوا بِنَسَبِهِمْ إِلى غَيْرِهِمْ. وَيُقَالُ: رَجُلٌ مُخْتَلَجٌ إِذا نُوزِعَ فِي نَسَبِهِ كأَنه جُذِبَ مِنْهُمْ وَانْتُزِعَ. وَقَوْلُهُ: فَانْسِبْهُ إِلى أُمه أَي إِلى رَهْطِهَا لَا إِليها نَفْسِهَا. وخَلِيجٌ الأَعْيَوِيُّ: شَاعِرٌ يُنْسَبُ إِلى بَنِي أُعَيٍّ حَيٍّ مِنْ جَرْمٍ. وخَلِيجُ بنُ مُنازِلِ بْنِ فُرْعانَ: أَحد العَقَقَة، يَقُولُ فِيهِ أَبوه مُنازِل «2»:
تَظَلَّمَني حَقِّي خَلِيجٌ، وعَقَّني ... عَلَى حِينِ كانتْ، كالحَنِيِّ، عِظامي
وَقَوْلُ الطِّرِمَّاحِ يَصِفُ كِلَابًا:
مُوعَباتٌ لأَخْلَجِ الشِّدقِ سَلْعامٍ، ... مُمَرٍّ مَفْتُولَةٍ عَضُدُهْ
كَلْبٌ أَخلج الشِّدْقِ: واسِعُهُ.
خلبج: الخُلْبُجُ والخُلابِجُ: الطويلُ المضطربُ الخَلْقِ.
خلنج: الخَلَنْجُ: شَجَرٌ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ تُتَّخَذُ مِنْ خَشَبِهِ الأَواني؛ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسِ الرُّقَيَّاتِ:
يَلْبَسُ الْحَيْشَ بِالْحُيُوشِ، وَيَسْقِي ... لبَنَ البُخْتِ فِي عِسَاسِ الخَلَنْجِ «3»
وَالْجَمْعُ الخَلانِجُ؛ قَالَ هِمْيانُ بْنُ قُحَافَةَ:
حَتَّى إِذا مَا قَضَتِ الحَوَائِجا، ... ومَلأَتْ حُلَّابُها الخَلانِجا
مِنْهَا، وثَمُّوا الأَوْطُبَ النَّواشِجا
وَقِيلَ: هُوَ كُلُّ جَفْنَةٍ وَصَحْفَةٍ وَآنِيَةٍ صُنِعَتْ مِنْ خَشَبٍ ذِي طرائق وأَساريع مُوَشَّاةٍ.
خمج: الخَمَجُ، بِفَتْحِ الْمِيمِ: الفُتُورُ مِنْ مَرَضٍ أَو تَعَبٍ، يَمَانِيَّةٌ. وأَصبح فُلَانٌ خَمِجاً وخَمِيجاً أَي فَاتِرًا، والأَول أَعرف. أَبو عَمْرٍو: نَاقَةٌ خَمِجَةٌ مَا تَذُوقُ الْمَاءَ مِنْ دَائِهَا. أَبو سَعِيدٍ: رَجُلٌ مُخَمَّجُ الأَخلاقِ: فاسدُها. وخَمِجَ اللحمُ يَخْمَجُ خَمَجاً: أَرْوَحَ وأَنْتَنَ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: خَمِجَ اللحمُ خَمَجاً، وَهُوَ الَّذِي يُغَمُّ وَهُوَ سُخْنٌ فَيُنْتِن. وَقَالَ مَرَّةً: خَمِجَ خَمَجاً: أَنْتَنَ. الأَزهري: وخَمِجَ التَّمْرُ إِذا فَسَدَ جَوْفُهُ وحَمُضَ. وَرَوِيَ عَنِ ابْنِ الأَعرابي أَنه قَالَ: الخَمَجُ أَن يَحْمُضَ الرُّطَبُ إِذا لَمْ يُشَرَّرْ وَلَمْ يُشَرَّقْ. أَبو عَمْرٍو: الخَمَجُ فَسَادُ الدِّينِ؛ وَقَوْلُ سَاعِدَةَ بْنِ جُؤَيَّة:
وَلَا أُقِيمُ بِدارِ الهُونِ إِنَّ وَلَا ... آتِي إِلى الخِدرِ، أَخشى دونَه الخَمَجا
قَالَ السُّكَّرِيُّ: الخَمَجُ الْفَسَادُ وَسُوءُ الثَّنَاءِ؛ وَهَذَا الْبَيْتُ أَورده ابْنُ بَرِّيٍّ فِي أَماليه:
وَلَا أُقيمُ بِدارٍ لِلْهَوَانِ، وَلَا ... آتِي إِلى الغَدْرِ، أَخشى دونَه الخَمَجا
خنج: الأَزهري: خُنَاجٌ قَبِيلَةٌ مِنَ الْعَرَبِ. وَقَالَتْ أَعرابية لِضُرَّةٍ لَهَا كَانَتْ مَنْ بني خُناج:
__________
(2).
قوله [منازل] كذا بالأَصل بضم الميم وفي القاموس بفتحها.
(3).
قوله [يَلْبَسُ الْحَيْشَ بِالْحُيُوشِ وَيَسْقِي] كذا بالأَصل. وفي شرح القاموس: ويلبس الجيش بالجيوش ويسقي. وفيه في مادة ب خ ت وأَنشد لابن قيس الرقيات:
إِنْ يَعِشْ مُصْعَبٌ فَإِنَّا بِخَيْرٍ ... قَدْ أَتَانَا مِنْ عَيْشِنَا مَا نُرَجِّي
يَهَبُ الأَلف وَالْخُيُولَ وَيَسْقِي ... لَبَنَ الْبُخْتِ فِي قِصَاعِ الْخَلَنْجِ

(2/261)


لَا تُكْثِري أُخْتَ بَنِي خُنَاجِ، ... وأَقْصري مِن بَعْضِ ذَا الضِّجاجِ،
فَقَدْ أَقَمْناكِ عَلَى المِنْهاجِ، ... أَتَيْتِهِ بِمِثْلِ حُقِّ العَاجِ،
مُضَمَّخٍ زُيِّنَ بانْتِفَاجِ، ... بِمِثْلِه نَيْلُ رِضَى الأَزواجِ
خنبج: الخُنْبُجُ والخَنَابِجُ: الضَّخْمُ. والخُنْبُجُ: السَّيِءُ الْخُلُقِ. وامرأَة خُنْبُجَة: مُكْتَنِزَةٌ ضَخْمَةٌ. وهَضْبَةٌ خُنْبُجٌ: عَظِيمَةٌ. والخُنْبُجُ: الْخَابِيَةُ الصَّغِيرَةُ. والخُنْبُجَة، بِالْهَاءِ: الْخَابِيَةُ الْمَدْفُونَةُ، حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ عَنْ أَبي عَمْرٍو، وَهِيَ فَارِسِيَّةٌ مُعَرَّبَةٌ. وَفِي حَدِيثِ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ ذُكِرَ الخُنَابِج، قِيلَ: هِيَ حِبَابٌ تُدَسُّ فِي الأَرض. والخُنْبُجَةُ: القَمْلة الضَّخْمَةُ. قَالَ الأَصمعي: الخُنْبُجُ، بِالْخَاءِ وَالْجِيمِ، الْقَمْلُ؛ قَالَ الرِّيَاشِيُّ: وَالصَّوَابُ عِنْدَنَا مَا قَالَ الأَصمعي.
خنزج: الخَنْزَجَةُ: التَّكَبُّرُ. وخَنْزَجَ: تَكَبَّرَ. وَرَجُلٌ خَنْزَجٌ: ضَخْمٌ.
خنعج: الخَنْعَجَةُ: مِشْيَةٌ مُتَقَارِبَةٌ فِيهَا قَرْمَطَةٌ وعَجَلَة، وَقَدْ ذكر بالباء والتاء.
خنفج: الخُنَافِجُ والخُنْفُجُ: الضَّخْمُ الْكَثِيرُ اللَّحْمِ مِنَ الغِلْمانِ.
خيج: الْخَايِجَةُ: الْبَيْضَةُ، وَهُوَ بالفارسية خاياه.

فصل الدال المهملة
دبج: الدَّبْجُ: النَّقْشُ وَالتَّزْيِينُ، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ. ودَبَجَ الأَرضَ المطرُ يَدْبُجُها دَبْجاً: رَوَّضَها. والدِّيباحُ: ضَرْبٌ مِنَ الثِّيَابِ، مُشْتَقٌّ مِنْ ذَلِكَ، بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ، مُوَلَّدٌ، وَالْجَمْعُ دَيابيجُ وَدَبَابِيجُ. قَالَ ابْنُ جِنِّيٍّ: قَوْلُهُمْ دَبَابِيجُ يَدُلُّ عَلَى أَن أَصله دِبَّاجٌ، وأَنهم إِنما أَبدلوا الْبَاءَ يَاءً اسْتِثْقَالًا لِتَضْعِيفِ الْبَاءِ، وَكَذَلِكَ الدِّينَارُ وَالْقِيرَاطُ، وَكَذَلِكَ فِي التَّصْغير. وَفِي الحَديثِ ذكْرُ الدِّيباجِ، وَهِيَ الثِّيَابُ الْمُتَّخَذَةُ مِنَ الْإِبْرِيسِمِ، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، وَقَدْ تُفتح دَالُهُ. وَسَمَّى ابْنُ مَسْعُودٍ الْحَوَامِيمَ دِيبَاجَ الْقُرْآنِ. اللَّيْثُ: الدِّيباج أَصوب مِنَ الدَّيْباج، وَكَذَلِكَ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ فِي الدِّيباج والدِّيوان، وَجَمْعُهُمَا دَبابِيجُ ودَواوينُ. وَرُوِيَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ أَنه كَانَ لَهُ طَيْلَسانٌ مُدَبَّجٌ، قَالُوا: هُوَ الَّذِي زُيِّنَتْ أَطْرَافُهُ بِالدِّيبَاجِ. وَمَا بالدَّارِ دِبِّيجٌ، بِالْكَسْرِ وَالتَّشْدِيدِ، أَي مَا بِهَا أَحد، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ، لَا يُسْتَعْمَلُ إِلا فِي النَّفْيِ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: هُوَ فِعِّيل مِنْ لَفْظِ الدِّيباج وَمَعْنَاهُ، وَذَلِكَ أَن النَّاسَ هُمُ الذين يَشُونَ الأَرضَ وَبِهِمْ تَحْسُنُ وَعَلَى أَيديهم وَبِعِمَارَتِهِمْ تَجْمُلُ. الْفَرَّاءُ عَنِ الدَّهْرِيَّةِ: مَا فِي الدَّارِ سَفْرٌ وَلَا دِبِّيجٌ وَلَا دَبِّيجٌ، وَلَا دِبِّيٌّ وَلَا دَبِّيٌّ. قَالَ: قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: وَالْحَاءُ أَفصح اللُّغَتَيْنِ؛ الْجَوْهَرِيُّ: وسأَلت عَنْهُ فِي الْبَادِيَةِ جَمَاعَةً مِنَ الأَعراب فَقَالُوا: مَا فِي الدارِ دِبِّيٌّ، قَالَ: وَمَا زَادُونِي عَلَى ذَلِكَ قَالَ: وَوَجَدْتُ بِخَطِّ أَبي مُوسَى الْحَامِضِ: مَا فِي الدارِ دِبِّيجٌ مُوَقَّعٌ، بِالْجِيمِ، عَنْ ثَعْلَبٍ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَالْجِيمُ فِي دبِّيج مُبْدَلَةٌ مِنَ الْيَاءِ فِي دِبِّيّ، كَمَا قَالُوا صِيصِيٌّ وصِيصِجٌّ ومُرِّيٌّ ومُرِّجٌّ، وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ. والدِّيباجَتانِ: الْخَدَّانِ، وَيُقَالُ هُمَا اللِّيتَانِ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ يَصِفُ الْبَعِيرَ:
يَسْعَى بِهَا بازِلٌ، دُرْمٌ مَرافِقُه، ... يَجْري بِديباجَتَيْه الرَّشْحُ، مُرْتَدِعُ

(2/262)


الرَّشْحُ: الْعَرَقُ. وَالْمُرْتَدِعُ: الْمُلْتَطِخُ أَخذه مِنَ الرَّدْعِ: وَهَذَا الْبَيْتُ فِي الصِّحَاحِ:
يَخْدي بِهَا كُلُّ مَوَّارٍ مَناكِبُه، ... يَجْري بِديباجَتَيْهِ الرَّشْحُ، مُرْتَدِعُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والمُرْتَدِعُ هُنَا الَّذِي عَرِقَ عَرَقاً أَصفر، وأَصله مِنَ الرَّدْعِ، وَالرَّدْعُ أَثر الخَلوق، وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ بِهَا: يَعُودُ عَلَى امرأَة ذَكَرَهَا. وَالْبَازِلُ مِنَ الإِبل: الَّذِي لَهُ تِسْعُ سِنِينَ، وَذَلِكَ وَقْتُ تَنَاهِي شَبَابِهِ وَشِدَّةِ قوَّته. ورُوي فُتْلٌ مَرافِقُه؛ والفُتْلُ: الَّتِي فِيهَا انْفِتَالٌ وتَباعُدٌ عَنْ زَوْرِها، وَذَلِكَ مَحْمُودٌ فِيهَا. ودِيباجَةُ الْوَجْهِ ودِيباجُهُ: حُسْنُ بَشَرَتِهِ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي لِلنَّجَاشِيِّ:
هُمُ البِيضُ أَقْداماً ودِيباجُ أَوْجُهٍ، ... كِرامٌ، إِذا اغْبَرَّتْ وُجُوهُ الأَشائِم
وَرَجُلٌ مُدَبَّجٌ: قَبِيحُ الْوَجْهِ وَالْهَامَةِ وَالْخِلْقَةِ. والمُدَبَّجُ: طَائِرٌ مِنْ طَيْرِ الْمَاءِ قَبِيحُ الْهَيْئَةِ. التَّهْذِيبُ: والمُدَبَّجُ ضَرْبٌ مِنَ الْهَامِّ وَضَرْبٌ مِنْ طَيْرِ الْمَاءِ، يُقَالُ لَهُ: أَغْبَرُ مُدَبَّجٌ، مُنْتَفِخُ الرِّيشِ قَبِيحُ الْهَامَةِ يَكُونُ فِي الْمَاءِ مَعَ النُّحَامِ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لِلنَّاقَةِ إِذا كَانَتْ فَتِيَّةً شَابَّةً: هِيَ الْقِرْطَاسُ والدِّيباج والدِّعْلِبَةُ والدِّعْبلُ والعَيْطموس.
دجج: دَجَّ القَوْمُ يَدِجُّونَ دَجّاً ودَجِيجاً ودَجَجاناً: مَشَوْا مَشْياً رُوَيْداً فِي تَقارُبِ خَطْوٍ؛ وَقِيلَ: هُوَ أَن يُقْبِلُوا وَيُدْبِرُوا؛ وَقِيلَ: هُوَ الدَّبِيبُ بِعَيْنِهِ. ودَجَّ يَدِجُّ إِذا أَسرع، ودَجَّ يَدِجُّ ودَبَّ يَدِبُّ، بِمَعْنًى: قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
إِذا سَدَّ بالمَحْلِ آفاقَها ... جَهامٌ، يَدِجُّ دَجِيجَ الظُّعُنْ
قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: لَا يُقَالُ يَدِجُّون حَتَّى يَكُونُوا جَمَاعَةً، وَلَا يُقَالُ ذَلِكَ لِلْوَاحِدِ، وَهُمُ الدَّاجَّةُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
قَالَ لرجلٍ أَين نَزَلْتَ؟ قَالَ: بِالشِّقِّ الأَيسر مِنْ مِنًى، قَالَ: ذَاكَ مَنْزِلُ الداجِّ فَلَا تَنْزِلْهُ.
ودَجَّ البيتُ إِذا وَكَفَ. وأَقبل الحاجُّ والدَّاجُّ؛ الحاجُّ: الَّذِينَ يَحُجُّونَ، والداجُّ: الَّذِينَ مَعَهُمْ مِنَ الأُجراء والمُكارينَ والأَعوان وَنَحْوِهِمْ، لأَنهم يَدِجُّونَ عَلَى الأَرض أَي يَدِبُّونَ ويَسْعَوْنَ فِي السَّفَرِ، وَهَذَانَ اللَّفْظَانِ وإِن كَانَا مُفْرَدَيْنِ فَالْمُرَادُ بِهِمَا الْجَمْعُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامِراً تَهْجُرُونَ. وَقِيلَ: هُمُ الَّذِينَ يَدِبُّونَ فِي آثَارِهِمْ مِنَ التُّجَّارِ وَغَيْرِهِمْ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: رأَى قَوْمًا فِي الحجِّ لَهُمْ هَيْئَةً أَنكرها، فَقَالَ: هَؤُلَاءِ الداجُّ وَلَيْسُوا بالحاجِّ.
الْجَوْهَرِيُّ: وأَما الْحَدِيثُ:
مَا تَرَكْتُ مِنْ حاجَةٍ وَلَا داجَةٍ إِلا أَتَيْتُ
، فَهُوَ مُخَفَّفٌ، إِتباع لِلْحَاجَةِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ذِكْرُ الجوهري هَذَا فِي فَصْلِ دَجَجَ وَهَمٌ مِنْهُ، لأَن الدَّاجَةَ أَصلها دَوْجَةٌ، كَمَا أَن حَاجَةً أَصلها حَوْجَةٌ، وَحُكْمُهَا حُكْمُهَا، وإِنما ذَكَرَ الْجَوْهَرِيُّ الدَّاجَةَ فِي فَصْلِ دَجَجَ لأَنه تَوَهَّمَهَا مِنَ الداجَّةِ الجماعةِ الَّذِينَ يَدِجُّونَ عَلَى الأَرض أَي يَدِبُّون فِي السَّيْرِ، وَلَيْسَتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ مِنْ مَعْنَى الْحَاجَةِ فِي شَيْءٍ. ابْنُ الأَثير: وَفِي الْحَدِيثِ،
قَالَ لِرَجُلٍ: مَا تَرَكْتُ حاجَّة وَلَا داجَّة.
قَالَ؛ وَهَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ، بِالتَّشْدِيدِ. قَالَ الْخَطَّابِيُّ: الحاجَّةُ الْقَاصِدُونَ الْبَيْتَ، والدَّاجَّةُ الرَّاجِعُونَ، وَالْمَشْهُورُ هُوَ بِالتَّخْفِيفِ، وأَراد بِالْحَاجَّةِ الصَّغِيرَةَ، وَبِالدَّاجَّةِ الْكَبِيرَةَ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ: أَمَا وَحَواجِّ بَيْتِ اللَّهِ ودَواجِّه لأَفْعَلَنَّ كَذَا وَكَذَا. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: فِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ هَؤُلَاءِ الداجُّ وَلَيْسُوا بالحاجِ
، قَالَ: هُمُ الَّذِينَ

(2/263)


يَكُونُونَ مَعَ الْحَاجِّ مِثْلَ الأُجراء والجمَّالين وَالْخَدَمِ وَمَا أَشبههم؛ وَقِيلَ: إِنما قِيلَ لَهُمْ دَاجٌّ لأَنهم يَدِجُّونَ عَلَى الأَرض. والدَّجَجانُ: هُوَ الدَّبِيبُ فِي السَّيْرِ؛ وأَنشد:
باتَتْ تُداعي قَرَباً أَفايِجا، ... تَدْعُو بِذَاكَ الدَّجَجانَ الدَّارِجَا
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: فأَراد ابْنُ عُمَرَ أَن هَؤُلَاءِ لَا حَجَّ لَهُمْ، وَلَيْسَ عِنْدَهُمْ شَيْءٌ إِلَّا أَنهم يَسِيرُونَ ويَدِجُّونَ، وَلَا حَجَّ لَهُمْ. أَبو زَيْدٍ: الداجُّ التُّبَّاعُ والجَمَّالُون، والحاجُّ أَصحاب النيَّات، والزَّاجُّ المراؤُون. والدَّجاجة والدِّجاجةُ: مَعْرُوفَةٌ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لإِقبالها وإِدبارها، تَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ والأُنثى، لأَن الْهَاءَ إِنما دَخَلَتْهُ عَلَى أَنه وَاحِدٌ مِنْ جِنْسٍ، مِثْلُ حَمَامَةٍ وَبَطَّةٍ؛ أَلا تَرَى إِلى قَوْلِ جَرِيرٍ:
لَمَّا تَذَكَّرْتُ بالدَّيْرَيْنِ، أَرَّقَني ... صَوْتُ الدَّجاجِ، وضَرْبٌ بالنَّواقيس
إِنما يَعْنِي زُقَاءَ الدُّيوك؟ وَالْجَمْعُ دَجَاجٌ ودِجَاجٌ ودَجائج، وَفَتْحُ الدَّالِ أَفصح، فأَما دَجَائِجُ فَجَمْعٌ ظَاهِرُ الأَمر، وأَما دِجاجٌ فَقَدْ يَكُونُ جَمْعَ دجاجَةٍ كَسِدْرَةٍ وسِدَرٍ، فِي أَنه لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَاحِدِهِ إِلا الْهَاءُ، وَقَدْ يَكُونُ تَكْسِيرَ دَجَاجَةٍ عَلَى أَن تَكُونَ الْكَسْرَةُ فِي الْجَمْعِ غَيْرَ الْكَسْرَةِ الَّتِي كَانَتْ فِي الْوَاحِدِ، والأَلف غَيْرَ الأَلف لَكِنَّهَا كَسْرَةُ الْجَمْعِ وأَلفه، فَتَكُونُ الْكَسْرَةُ فِي الْوَاحِدِ كَكَسْرَةِ عَيْنِ عِمامة، وَفِي الْجَمْعِ كَكَسْرَةِ قَافِ قِصاع وَجِيمِ حِفان. وَقَدْ يَكُونُ جَمْعَ دَجَاجَةٍ عَلَى طَرْحِ الزَّائِدِ، كَقَوْلِكَ صَحْفَة وصِحاف فكأَنه حِينَئِذٍ جَمْعُ دَجَّةٍ. وأَما دَجاجٌ فَمِنَ الْجَمْعِ الَّذِي لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَاحِدِهِ إِلا الْهَاءُ كَحَمَامَةٍ وَحَمَامٍ وَيَمَامَةٍ وَيَمَامٍ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَقَالُوا دَجاجةٌ ودَجاجٌ ودَجاجاتٌ، قَالَ: وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ دِجاج ودَجاج ودَجاجات ودِجاجات؛ وَقَوْلُ جَرِيرٍ:
صوتُ الدَّجاج وقَرْعٌ بالنَّواقِيسِ
قَالَ: أَراد أَرَّقني انْتِظَارُ صَوْتِ الدَّجَاجِ أَي الدُّيُوكِ، وَذَلِكَ أَنه كَانَ مُزمِعاً سَفَراً فأَرِقَ يَنْتَظِرُهُ. ودِجْ دِجْ: دُعَاؤُكَ بالدَّجاجة. ودَجْدَجَ بالدُّجاجة: صَاحَ بِهَا فَقَالَ: دِجْ دِجْ. ودَجْدَجْتُ بِهَا وكَرْكَرْتُ أَي صِحْتُ. ودَجْدَجَتِ الدَّجاجةُ فِي مَشْيِهَا: عَدَتْ. والدُّجُّ: الفَرُّوج؛ قَالَ:
والدِّيكُ والدُّجُّ مَعَ الدَّجاج
وَقِيلَ: الدُّجُّ مولَّد؛ وَقِيلَ فِي قَوْلِ لَبِيدٌ:
باكَرْتُ حاجَتَها الدَّجاجَ بِسُحْرَةٍ
أَنَّهُ أَراد الدِّيكَ وصَقِيعَه فِي سُحْرَةٍ. التَّهْذِيبُ: وَجَمْعُ الدَّجاج دُجُجٌ. والدَّجاجُ: الكُبَّةُ مِنَ الغَزْلِ، وَقِيلَ: الحِفْشُ مِنْهُ، وجَمْعُها دَجاجٌ؛ وأَنشد قَوْلَ أَبي الْمِقْدَامِ الْخُزَاعِيِّ فِي أُحْجِيَّتِه:
وعَجُوزاً رأَيتُ باعَتْ دَجاجاً، ... لمْ يُفَرِّخْنَ، قَدْ رأَيتُ عُضالا
ثُمَّ عادَ الدَّجاجُ مِنْ عَجَبِ الدَّهرِ ... فَراريجَ، صِبْيَةً أَبْذالا
والدَّجاجُ هَذَا جَمْعُ دَجاجةٍ لكُبَّةِ الغَزْلِ. والفَراريجُ: جَمْعُ فَرُّوج للدُّرَّاعة والقَباءِ. والأَبْذالُ: الَّتِي تَبْتَذِلُ فِي اللِّبَاسِ. والدَّجاجةُ: مَا نَتَأَ مِنْ صَدْرِ الفَرَسِ؛ قَالَ:
بانتْ دَجاجَتُه عَنِ الصَّدْرِ
وَهُمَا دَجاجتان عَنْ يَمِينِ الزَّوْرِ وَشِمَالِهِ؛ قَالَ ابْنُ

(2/264)


بُراقة الهَمْداني:
يَفْتَرُّ عَنْ زَوْرِ دَجاجَتَيْنِ
والدُّجَّةُ، بِالضَّمِّ: شِدَّةُ الظُّلْمَةِ. وَقَدْ تَدَجْدَجَ الليلُ؛ وليلٌ دَجوجٌ ودَجوجيٌّ ودُجاجي ودَيْجُوجٌ: مُظْلِمٌ. وَلَيْلَةٌ دَيْجُوجٌ: مُظْلِمَةٌ. ودَجْدَجَ الليلُ: أَظلم. وَجَمْعُ الدَّيْجُوجِ دَياجِيجُ ودَياجٍ، وأَصله دَياجِيجُ، فَخَفَّفُوهُ بِحَذْفِ الْجِيمِ الأَخيرة؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: التَّعْلِيلُ لِابْنِ جِنِّي. وشَعَرٌ دَجوجِيٌّ ودَجِيجٌ: أَسود؛ وَقِيلَ: الدَّجِيجُ والدَّجْداجُ: الأَسود مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وَلَيْلَةٌ دَجْداجَةٌ: شَدِيدَةُ الظُّلْمَةِ. ودَجَّجَتِ السماءُ تَدْجِيجاً: غَيَّمَت. وتَدَجَّجَ فِي سِلَاحِهِ: دَخَلَ. والمُدَجِّجُ والمُدَجَّجُ: المُتَدَجِّجُ فِي سِلَاحِهِ. أَبو عُبَيْدٍ: المُدَجْدِجُ اللَّابِسُ السِّلَاحَ التَّامَّ؛ وَقَالَ شَمِرٌ: وَيُقَالُ مُدَجِّجٌ أَيضاً. اللَّيْثُ: المُدَجِّجُ الْفَارِسُ الَّذِي قَدْ تَدَجَّجَ فِي شِكَّتِه أَي شاكُّ السِّلاحِ، قَالَ أَي دَخَلَ فِي سِلَاحِهِ كأَنه تَغَطَّى بِهِ. وَفِي حَدِيثِ
وَهْبٍ: خَرَجَ داودُ مُدَججاً فِي السِّلَاحِ
، رُوِيَ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَفَتْحِهَا، أَي عَلَيْهِ سِلَاحٌ تَامٌّ، سُمي بِهِ لأَنَه يَدِجُّ أَي يَمْشِي رُوَيْداً لِثِقْلِهِ؛ وَقِيلَ: لأَنه يَتَغَطَّى بِهِ، مِنْ دجَّجَتِ السماءُ إِذا تَغَيَّمَت. والمُدَجَّجُ الدُّلْدُلُ مِنَ الْقَنَافِذِ. ابْنُ سِيدَهْ: والمُدَجَّجُ الْقُنْفُذُ، قَالَ: أُراه لِدُخُولِهِ فِي شَوْكِهِ؛ وإِياه عَنَى الشَّاعِرُ بِقَوْلِهِ:
ومُدَجَّجٍ يَسْعَى بِشِكَّتِه، ... مُحْمَرَّةٍ عَيْناه كالكَلْبِ
الأَصمعي: دَجَجْتُ السِّتْرَ دَجّاً إِذا أَرخيته، فَهُوَ مَدْجُوجٌ. ابْنُ الأَعرابي: الدُّجُجُ الْجِبَالُ السُّودُ، والدُّجُجُ أَيضاً: تَرَاكُمُ الظَّلَامِ. والدُّجَّةُ: شِدَّةُ الظُّلْمَةِ، وَمِنْهُ اشْتِقَاقُ الدَّيْجُوج بِمَعْنَى الظَّلَامِ. وَلَيْلٌ دَجُوجِيٌّ وَشِعْرٌ دَجُوجِيٌّ وَسَوَادٌ دَجُوجِيٌّ، وتَدَجْدَجَ الليلُ، فَهِيَ دَجْداجَةٌ؛ وأَنشد:
إِذا رِداءُ ليلةٍ تَدَجْدَجا
وبَعِير دَجُوجِيٌّ وَنَاقَةٌ دَجُوجِيَّة أَي شَدِيدَةُ السَّوَادِ. وَنَاقَةٌ دَجَوْجاةٌ: مُنْبَسِطَةٌ عَلَى الأَرض. والدِّجَّةُ: جِلْدَةٌ قدر أُصبعين توضع في طَرَفِ السَّيْر الَّذِي تُعَلَّقُ بِهِ الْقَوْسُ، وَفِيهِ حَلْقَةٌ فِيهَا طَرَفُ السَّيْرِ. ودِجاجَةُ: اسْمُ امرأَة «4». ودَجُوجٌ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ أَبو ذؤَيب:
فإِنَّكَ عَمْري، أَيَّ نَظْرَةِ عاشِقٍ ... نَظَرْتَ، وقُدْسٌ دُونَنا ودَجُوجُ
ودَجُوجٌ: اسْمُ بَلَدٍ فِي بلاد قيس.
دحج: ابْنُ سِيدَهْ: دَحَجَه يَدْحَجُه دَحْجاً: عَرَكَه عَرْكاً كَعَرْكِ الأَديم، يَمَانِيَةٌ، وَالذَّالُ الْمُعْجَمَةُ لُغَةٌ وَهِيَ أَعلى. الأَزهري: دَحَجَ إِذا جَامَعَ. ودَحَجَه دَحْجاً إِذا سَحَبَه. قَالَ: وَفِي بَابِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ ذَحَجَهُ ذحْجاً بِهَذَا المعنى فكأَنهما لغتان.
دحرج: دَحْرَجَ الشيءَ دَحْرَجَةً ودِحْراجاً فَتَدَحْرَجَ أَي تَتَابَعَ فِي حُدُور. والمُدَحْرَجُ: المُدَوَّر. والدُّحْروجَة: مَا تَدَحْرَجَ مِنَ القِدْر؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
أَضْحَتْ يُنَفِّرُها الوِلْدانُ مِنْ سَبَإٍ، ... كأَنَّهُمْ، تَحْتَ دَفَّيْها، دَحَارِيجُ
__________
(4).
قوله [ودجاجة اسم امرأة] قال الوزير أَبو القاسم المغربي في أنسابه: فأما الأَسماء فكلها دجاجة بكسر الدال، فمن ذلك دجاجة بنت صفوان شاعرة انتهى. من شرح القاموس باختصار.

(2/265)


والدُّحْرُوجَةُ: مَا يُدَحْرِجُه الجُعَلُ مِنَ البَنادق؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ فِرَاخَ الظَّلِيمِ:
أَشْداقُها كَصَدوحِ النَّبْعِ فِي قُلَلٍ، ... مِثْلَ الدَّحاريج، لَمْ يَنْبُتْ لَهَا زَغَبُ
وقُلَلُها: رؤُوسها؛ وَجَمْعُ الدُّحْرُوجَةِ دَحارِيج. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ للجُعَل المُدَحْرِجُ؛ وَقَالَ عُجَير السَّلُولي: قَمِطْرٌ كحوَّازِ الدَّحاريج أَبْتَرُ
درج: دَرَجُ البناءِ ودُرَّجُه، بِالتَّثْقِيلِ: مَراتِبُ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ، واحدتُه دَرَجَة ودُرَجَةٌ مِثَالُ هُمَزَةٍ، الأَخيرة عَنْ ثَعْلَبٍ. والدَّرَجَةُ: الرِّفْعَةُ فِي الْمَنْزِلَةِ. والدَّرَجَةُ: المِرْقاةُ «1». والدَّرَجَةُ واحدةُ الدَّرَجات، وَهِيَ الطَّبَقَاتُ مِنَ الْمَرَاتِبِ. والدَّرَجَةُ: الْمَنْزِلَةُ، وَالْجَمْعُ دَرَجٌ. ودَرَجاتُ الْجَنَّةِ: منازلُ أَرفعُ مِنْ مَنازِلَ. والدَّرَجانُ: مِشْيَةُ الشَّيْخِ وَالصَّبِيِّ. وَيُقَالُ لِلصَّبِيِّ إِذا دَبَّ وأَخذ فِي الْحَرَكَةِ: دَرَجَ. ودَرَج الشَّيْخُ وَالصَّبِيُّ يَدْرُجُ دَرْجاً ودَرَجاناً ودَرِيجاً، فَهُوَ دَارِجٌ: مَشَيا مَشْياً ضَعِيفًا ودَبَّا؛ وَقَوْلُهُ:
يَا لَيْتَنِي قَدْ زُرْتُ غَيْرَ خارِجِ، ... أُمَّ صَبِيٍّ، قَدْ حَبَا، ودارِجِ
إِنما أَراد أُمَّ صَبِيٍّ حابٍ ودارِج، وَجَازَ لَهُ ذَلِكَ لأَن قَدْ تُقرِّبُ الْمَاضِيَ مِنَ الْحَالِ حَتَّى تُلْحِقَهُ بِحُكْمِهِ أَو تَكَادَ، أَلا تَرَاهُمْ يَقُولُونَ: قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ، قَبْلَ حَالِ قِيَامِهَا؟ وجعَلَ مُلَيْحٌ الدَّريجَ لِلْقَطَا فَقَالَ:
يَطُفْنَ بِأَحْمالِ الجِمالِ غُدَيَّةً، ... دَريجَ القَطا، فِي القَزِّ غَيْرِ المُشَقَّقِ
قَوْلُهُ: فِي القَزِّ، مِنْ صِلَةِ يَطُفْنَ؛ وَقَالَ:
تَحْسَبُ بالدَّوِّ الغَزالَ الدَّارِجا، ... حمارَ وحشٍ يَنْعَبُ المَناعِبا،
والثَّعْلَبَ المَطْرودَ قَرْماً هابِجَا
فأَكفأَ بِالْبَاءِ وَالْجِيمِ عَلَى تَبَاعُدِ مَا بَيْنَهُمَا فِي الْمَخْرَجِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا مِنَ الإِكفاء الشَّاذِّ النَّادِرِ، وإِنما يَمْثُلُ الإِكفاءُ قَلِيلًا إِذا كَانَ بِالْحُرُوفِ الْمُتَقَارِبَةِ كَالنُّونِ وَالْمِيمِ، وَالنُّونِ وَاللَّامِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الْحُرُوفِ الْمُتَدَانِيَةِ الْمَخَارِجِ. والدَّرَّاجةُ: العَجَلَةُ الَّتِي يَدِبُّ الشَّيْخُ وَالصَّبِيُّ عَلَيْهَا، وَهِيَ أَيضاً الدَّبَّابة الَّتِي تُتَّخذ فِي الْحَرْبِ يَدْخُلُ فِيهَا الرِّجَالُ. الْجَوْهَرِيُّ: الدَّرَّاجَةُ، بِالْفَتْحِ، الحالُ وَهِيَ الَّتِي يَدْرُجُ عَلَيْهَا الصَّبِيُّ إِذا مَشَى. التَّهْذِيبُ: وَيُقَالُ للدَّبَّابات الَّتِي تُسَوَّى لِحَرْبِ الحِصارِ يَدْخُلُ تَحْتَهَا الرِّجَالُ: الدَّبَّابات والدَّرَّاجات. والدَّرَّاجَةُ: الَّتِي يُدَرَّجُ عَلَيْهَا الصَّبِيُّ أَوَّلَ مَا يَمْشِي. وَفِي الصِّحَاحِ: دَرَجَ الرجلُ وَالضَّبُّ يَدْرُجُ دُرُوجاً أَي مَشَى. ودَرَجَ ودَرِجَ أَي مَضَى لسبيله. ودَرِجَ [دَرَجَ] القومُ إِذا انْقَرَضُوا؛ والانْدِراجُ مِثْلُهُ. وكلُّ بُرْج مِنْ بُرُوج السَّمَاءِ ثَلَاثُونَ دَرَجةً. والمَدارِجُ: الثَّنَايَا الغِلاظُ بَيْنَ الْجِبَالِ، وَاحِدَتُهَا مدْرَجةٌ، وَهِيَ الْمَوَاضِعُ الَّتِي يُدْرَجُ فِيهَا أَي يُمْشَى؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْمُزَنِيِّ، وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ ذُو البِجادَينِ:
تَعَرَّضي مَدارِجاً وسُومِي، ... تَعَرُّضَ الجَوْزاءِ للنُّجُومِ،
هَذَا أَبو القاسمِ فاسْتَقِيمي
__________
(1).
قوله [والدرجة المرقاة] في القاموس: والدرجة، بالضم وبالتحريك، كهمزة، وتشدد جيم هذه، والأدرجة كأسكفة أَي بضم الهمزة فسكون الدال فضم الراء فجيم مشددة مفتوحة: المرقاة.

(2/266)


وَيُقَالُ: دَرَّجْتُ الْعَلِيلَ تَدْريجاً إِذا أَطعمته شَيْئًا قَلِيلًا، وَذَلِكَ إِذا نَقِهَ، حَتَّى يَتَدَرَّجَ إِلى غَايَةِ أَكله، كَمَا كَانَ قَبْلَ الْعِلَّةِ، دَرَجَةً دَرَجَةً. والدَّرَّاجُ: القُنْفُذُ لأَنه يَدْرُج لَيْلَتَهُ جَمْعَاءَ، صِفَةٌ غَالِبَةٌ. والدَّوارِجُ: الأَرجُلُ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
بَكَى المِنْبَرُ الشَّرْقِيُّ، أَنْ قَامَ فَوْقَهُ ... خَطِيبٌ فُقَيْمِيٌّ، قصيرُ الدَّوارِجِ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَعرف لَهُ وَاحِدًا. التَّهْذِيبُ: ودَوارِجُ الدَّابَّةِ قَوَائِمُهُ، الْوَاحِدَةُ دارجةٌ. وَرَوَى الأَزهري بِسَنَدِهِ عَنْ الثَّوْرِيِّ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبي عُبَيْدَةَ فَجَاءَهُ رَجُلٌ مِنْ أَصحاب الأَخفش فَقَالَ لَنَا: أَليس هَذَا فُلَانًا؟ قُلْنَا: بَلَى، فَلَمَّا انْتَهَى إِليه الرَّجُلُ قَالَ: لَيْسَ هَذَا بِعُشِّكِ فادْرُجِي، قُلْنَا: يَا أَبا عُبَيْدَةَ لِمَنْ يُضرب هَذَا الْمَثَلُ؛ فَقَالَ: لِمَنْ يُرْفَعُ لَهُ بِحِبَالٍ. قَالَ الْمُبَرِّدُ: أَي يُطْرَدُ. وَفِي خُطْبَةِ
الْحَجَّاجِ: لَيْسَ هَذَا بِعُشِّكِ فادرُجي
أَي اذْهَبِي؛ وَهُوَ مَثَلٌ يُضْرَبُ لِمَنْ يَتَعَرَّضُ إِلى شَيْءٍ لَيْسَ مِنْهُ، وَلِلْمُطَمْئِنِ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ فيؤْمر بالجِدِّ وَالْحَرَكَةِ. وَيُقَالُ: خَلِّي دَرَجَ الضَّبِّ؛ ودَرَجُه طَرِيقُهُ، أَي لَا تَعَرَّضي لَهُ أَي تَحَوَّلي وَامْضِي وَاذْهَبِي. وَرَجَعَ فُلَانٌ دَرَجَه أَي رَجَعَ فِي طَرِيقِهِ الَّذِي جَاءَ فِيهِ؛ وَقَالَ سَلَامَةُ بْنُ جَنْدَلٍ:
وكَرِّنا خَيْلَنا أَدْراجَنا رَجَعاً، ... كُسَّ السَّنابِكِ مِنْ بَدْءٍ وتَعْقِيبِ
وَرَجَعَ فلانٌ دَرَجَه إِذا رَجَعَ فِي الأَمر الَّذِي كَانَ تَرَكَ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي أَيوب: قَالَ لِبَعْضِ الْمُنَافِقِينَ، وَقَدْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ: أَدْراجَكَ يَا مُنَافِقُ
الأَدْراجُ: جَمْعُ دَرَجٍ وَهُوَ الطَّرِيقُ، أَي اخْرُجْ مِنَ الْمَسْجِدِ وخُذْ طريقَك الَّذِي جِئْتَ مِنْهُ. ورَجَعَ أَدْراجَه: عَادَ مِنْ حَيْثُ جَاءَ. وَيُقَالُ: استمرَّ فُلَانٌ دَرَجَه وأَدْراجَه. والدَّرَجُ: المَحاجُّ. والدَّرَجُ: الطَّرِيقُ. والأَدْراجُ: الطُّرُقُ: أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
يَلُفُّ غُفْلَ البِيدِ بالأَدْراجِ
غُفْل البِيد: مَا لَا عَلَم فِيهِ. مَعْنَاهُ أَنه جَيْشٌ عَظِيمٌ يَخْلِطُ هَذَا بِهَذَا وَيُعْفِي الطريقَ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قَالَ سِيبَوَيْهِ وَقَالُوا: رجعَ أَدْراجَه أَي رَجَعَ فِي طَرِيقِهِ الَّذِي جَاءَ فِيهِ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: رَجَعَ عَلَى أَدْراجه كَذَلِكَ، الْوَاحِدُ دَرَجٌ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا طَلَبَ شَيْئًا فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ: رَجَعَ عَلَى غُبَيْراءِ الظَّهْرِ، وَرَجَعَ عَلَى إِدراجِه، وَرَجَعَ دَرْجَه الأَول؛ وَمِثْلُهُ عَوْدَهُ عَلَى بَدْئِهِ، ونَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ، وَذَلِكَ إِذا رَجَعَ وَلَمْ يُصِبْ شَيْئًا. وَيُقَالُ: رَجَعَ فُلَانٌ عَلَى حافِرَتِه وإِدْراجه، بِكَسْرِ الأَلف، إِذا رَجَعَ فِي طَرِيقِهِ الأَول. وَفُلَانٌ عَلَى دَرَجِ كَذَا أَي عَلَى سَبِيلِهِ. ودَرَجُ السَّيْلِ ومَدْرَجُه: مُنْحَدَرُه وطريقُه فِي مَعاطف الأَوْدِيةِ. وَقَالُوا: هُوَ دَرَجَ السَّيْلِ، وإِن شِئْتَ رَفَعْتَ؛ وأَنشد سِيبَوَيْهِ:
أَنُصْبٌ، للمَنِيَّةِ تَعْتَريهِمْ، ... رِجالي، أَمْ هُمُو دَرَجُ السُّيولِ؟
ومَدارِجُ الأَكَمَةِ: طُرُقٌ مُعْتَرِضَة فِيهَا. والمَدْرَجةُ: مَمَرُّ الأَشياء عَلَى الطَّرِيقِ وَغَيْرِهِ. ومَدْرَجَةُ الطَّرِيقِ: مُعْظَمُه وسَنَنُه. وَهَذَا الأَمر مَدْرَجةٌ لِهَذَا أَي مُتَوَصَّلٌ بِهِ إِليه. وَيُقَالُ لِلطَّرِيقِ الَّذِي يَدْرُجُ فِيهِ الْغُلَامُ وَالرِّيحُ وَغَيْرُهُمَا: مَدْرَجٌ ومَدْرَجَةٌ ودَرَجٌ، وَجَمْعُهُ أَدْراجٌ أَي مَمَرٌّ ومَذْهَبٌ. والمَدْرَجةُ: المَذْهَب والمسلَكُ؛ وَقَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جؤَية:

(2/267)


تَرَى أَثْرَهُ فِي صَفْحَتَيْهِ، كأَنَّهُ ... مَدارِجُ شِبْثانٍ، لَهُنَّ هَمِيمُ
يُرِيدُ بأَثْرِهِ فِرِنْدَهُ الَّذِي تَرَاهُ الْعَيْنُ، كأَنه أَرجل النَّمْلِ. وشِبْثانٌ: جَمْعُ شَبَثٍ لِدَابَّةٍ كَثِيرَةِ الأَرجل مِنْ أَحناش الأَرض. وأَما هَذَا الَّذِي يُسَمَّى الشِّبِثَّ، وَهُوَ مَا تُطيَّب بِهِ الْقُدُورُ مِنَ النَّبَاتِ الْمَعْرُوفِ، فَقَالَ الشَّيْخُ أَبو مَنْصُورٍ مَوْهُوبُ بْنُ أَحمد بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْخَضِرِ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الجُواليقي: والشِّبِثُّ عَلَى مِثَالِ الطِّمِرِّ، وَهُوَ بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ لَا غَيْرَ. والهَمِيم: الدَّبِيبُ. وَقَوْلُهُمْ: خَلِّ دَرَجَ الضَّبِّ أَي طَرِيقَهُ لِئَلَّا يَسْلُك بَيْنَ قَدَمَيْكَ فَتَنْتَفِخَ. ودَرَّجَه إِلى كَذَا واسْتَدْرَجه، بِمَعْنًى، أَي أَدناه مِنْهُ عَلَى التَّدْرِيجِ، فتَدَرَّجَ هُوَ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ*
؛ قَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ سنأْخُذُهم قَلِيلًا قَلِيلًا وَلَا نُباغِتُهم؛ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ سنأْخذهم مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُونَ؛ وَذَلِكَ أَن اللَّهَ تَعَالَى يَفْتَحُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّعِيمِ مَا يَغْتَبِطُونَ بِهِ فَيَرْكَنُونَ إِليه ويأْنسون بِهِ فَلَا يَذْكُرُونَ الْمَوْتَ، فيأْخذهم عَلَى غِرَّتِهم أَغْفَلَ مَا كَانُوا. وَلِهَذَا قَالَ
عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، لَمَّا حُمِلَ إِليه كُنُوزُ كِسْرَى: اللَّهُمَّ إِني أَعوذ بِكَ أَن أَكونَ مُسْتَدْرَجاً، فإِني أَسمعك تَقُولُ: سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ*.
وَرُوِيَ عَنْ أَبي الْهَيْثَمِ: امْتَنَعَ فُلَانٌ مِنْ كَذَا وَكَذَا حَتَّى أَتاه فُلَانٌ فاسْتَدْرجه أَي خَدَعَهُ حَتَّى حَمَلَهُ عَلَى أَن دَرَجَ فِي ذَلِكَ. أَبو سَعِيدٍ: اسْتَدْرجَه كَلَامِي أَي أَقلقه حَتَّى تَرَكَهُ يَدْرُجُ عَلَى الأَرض؛ قَالَ الأَعشى:
لَيَسْتَدْرِجَنْكَ القَوْلُ حَتَّى تَهُزَّه، ... وتَعْلَمَ أَني مِنكُمُ غَيرُ مُلْجَمِ
والدَّرُوجُ مِنَ الرِّيَاحِ: السَّرِيعَةُ المَرِّ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي تَدْرُجُ أَي تَمُرُّ مَرّاً لَيْسَ بالقَويّ وَلَا الشَّدِيدَ. يُقَالُ: رِيحٌ دَروجٌ، وقِدْحٌ دَرُوجٌ. وَالرِّيحُ إِذا عَصَفَتِ اسْتَدْرَجَتِ الحَصى أَي صَيَّرَتْهُ إِلى أَن يَدْرُجَ عَلَى وَجْهِ الأَرض مِن غَيْرِ أَن تَرْفَعَهُ إِلى الْهَوَاءِ، فَيُقَالُ: دَرَجَتْ بِالْحَصَى واسْتَدْرَجَتِ الحَصى. أَمَّا دَرَجَتْ بِهِ فَجَرَتْ عَلَيْهِ جَرْيًا شَدِيدًا دَرَجَتْ فِي سَيْرِهَا، وأَمَّا اسْتَدْرَجَتْهُ فَصَيَّرَتْهُ بِجَرْيِهِ عَلَيْهَا «2» إِلى أَنْ دَرَجَ الحَصى هُوَ بِنَفْسِهِ. وَيُقَالُ: ذَهَبَ دَمُهُ أَدْراجَ الرِّياحِ أَي هَدَراً. ودَرَجَتِ الرِّيحُ: تَرَكَتْ نَمانِمَ فِي الرَّمْلِ. وَرِيحٌ دَرُوجٌ: يَدْرُجُ مؤَخرها حَتَّى يُرى لَهَا مِثْلُ ذَيْلِ الرَّسَنِ فِي الرَّمْلِ، وَاسْمُ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ الدَّرَجُ. وَيُقَالُ: اسْتَدْرَجَتِ المحاوِرُ المَحالَ؛ كَمَا قَالَ ذُو الرُّمَّةِ: صَرِيفُ المَحالِ اسْتَدْرَجَتْها المَحاوِرُ أَي صَيَّرَتْهَا إِلى أَن تَدْرُجَ. وَيُقَالُ: اسْتَدْرَجَتِ الناقةُ وَلَدَهَا إِذا استتبعته بعد ما تُلْقِيهِ مِنْ بَطْنِهَا. وَيُقَالُ: دَرِجَ إِذا صَعِدَ فِي الْمَرَاتِبِ، ودَرِجَ إِذا لَزِمَ المَحَجَّةَ مِنَ الدِّينِ وَالْكَلَامِ، كُلُّهُ بِكَسْرِ الْعَيْنِ مِنْ فَعِلَ. ودَرَجَ ودَرِج الرَّجُلُ: مَاتَ. وَيُقَالُ لِلْقَوْمِ إِذا مَاتُوا وَلَمْ يُخَلِّفوا عَقِباً: قَدْ دَرِجوا ودَرَجُوا. وَقَبِيلَةٌ دارِجَةٌ إِذا انْقَرَضَتْ وَلَمْ يَبْقَ لَهَا عَقِبٌ؛ وأَنشد ابْنُ السِّكِّيتِ للأَخطل:
قَبِيلَةٌ بِشِراكِ النَّعْلِ دارِجَةٌ، ... إِنْ يَهْبِطُوا العَفْوَ لَا يُوجَدْ لهُم أَثَرُ
وكأَن أَصل هَذَا مِنْ دَرَجْتُ الثَّوْبَ إِذا طَوَيْتَهُ، كأَنَّ هَؤُلَاءِ لَمَّا مَاتُوا وَلَمْ يُخَلِّفُوا عَقِباً طَوَوْا طَرِيقَ النَّسْلِ وَالْبَقَاءِ. وَيُقَالُ لِلْقَوْمِ إِذا انقرضوا: دَرِجُوا.
__________
(2).
قوله [بجريه عليها] كذا بالأَصل ولعل الأَولى بجريها عليه.

(2/268)


وَفِي الْمَثَلِ: أَكْذَبُ مَنْ دَبَّ ودَرَجَ أَي أَكذب الأَحياء والأَموات. وَقِيلَ: دَرَجَ [دَرِجَ] مَاتَ وَلَمْ يُخَلِّفْ نَسْلًا، وَلَيْسَ كُلُّ مَنْ مات دَرَجَ [دَرِجَ]؛ وَقِيلَ: دَرَجَ مِثْلُ دَبَّ. أَبو طَالِبٍ فِي قَوْلِهِمْ: أَحسَنُ مَنْ دَبَّ ودَرَجَ؛ فَدَبَّ مَشَى ودَرَجَ مَاتَ. وَفِي حَدِيثِ
كَعْبٍ قَالَ لَهُ عُمَرُ: لأَيّ ابْنَيْ آدَمَ كَانَ النَّسْلُ؟ فَقَالَ: لَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا نَسْلٌ، أَما الْمَقْتُولُ فدَرَجَ، وأَما الْقَاتِلُ فَهَلَكَ نَسْلُه فِي الطُّوفَانِ.
دَرَجَ أَي مَاتَ، وأَدْرَجَهُم اللَّهُ أَفناهم. وَيُقَالُ: دَرَجَ قَرْنٌ بَعْدَ قَرْنٍ أَي فَنَوْا. والإِدْراجُ: لَفُّ الشَّيْءِ فِي الشَّيْءِ؛ وأَدْرَجَتِ المرأَة صَبِيَّهَا فِي مَعاوزها. والدَّرْجُ: لَفُّ الشَّيْءِ. يُقَالُ: دَرَجْتُه وأَدْرَجْتُه ودَرَّجْتُه، وَالرُّبَاعِيُّ أَفصحها. ودَرَجَ الشيءَ فِي الشَّيْءِ يَدْرُجُه دَرْجاً، وأَدْرَجَه: طَوَاهُ وأَدخله. وَيُقَالُ لِمَا طَوَيْتَهُ: أَدْرَجْتُه لأَنه يُطْوَى عَلَى وَجْهِهِ. وأَدْرَجْتُ الكتابَ: طَوِيَّتُهُ. وَرَجُلٌ مِدْراجٌ: كَثِيرُ الإِدْراجِ لِلثِّيَابِ. والدَّرْجُ: الَّذِي يُكتب فِيهِ، وَكَذَلِكَ الدَّرَجُ، بِالتَّحْرِيكِ. يُقَالُ: أَنفذته فِي دَرْجِ الْكِتَابِ أَي فِي طَيِّه. وأَدْرَجَ الكتابَ فِي الْكِتَابِ: أَدخله وَجَعَلَهُ فِي دَرْجِه أَي فِي طيِّه. ودَرْجُ الكتابِ: طَيُّه وداخِلُه؛ وَفِي دَرْجِ الْكِتَابِ كَذَا وَكَذَا. وأَدْرَجَ الميتَ فِي الْكَفَنِ وَالْقَبْرِ: أَدخله. التَّهْذِيبُ: وَيُقَالُ للخِرَقِ الَّتِي تُدْرَجُ إِدراجاً، وَتُلَفُّ وَتُجْمَعُ ثُمَّ تدسُّ فِي حَيَاءِ النَّاقَةِ الَّتِي يُرِيدُونَ ظَأْرَها عَلَى وَلَدِ نَاقَةٍ أُخرى، فإِذا نُزِعَتْ مِنْ حَيَائِهَا حَسِبَتْ أَنها وَلَدَتْ وَلَدًا، فَيُدْنَى مِنْهَا وَلَدُ النَّاقَةِ الأُخرى فَتَرْأَمُه، وَيُقَالُ لِتِلْكَ اللَّفِيفَةِ: الدُّرْجَةُ والجَزْمُ وَالْوَثِيقَةُ. ابْنُ سِيدَهْ: والدُّرْجَةُ مُشاقَةٌ وخِرَقٌ وَغَيْرُ ذَلِكَ، تُدْرَجُ وَتُدْخَلُ فِي رَحِمِ النَّاقَةِ وَدُبُرِهَا، وَتُشَدُّ وَتُتْرَكُ أَياماً مَشْدُودَةَ الْعَيْنَيْنِ والأَنف، فيأْخذها لِذَلِكَ غَمٌّ مِثْلُ غَمِّ الْمَخَاضِ، ثُمَّ يحلُّون الرِّبَاطَ عَنْهَا فَيَخْرُجُ ذَلِكَ عَنْهَا، وَهِيَ تَرَى أَنه وَلَدُهَا؛ وَذَلِكَ إِذا أَرادوا أَنْ يَرْأَمُوها عَلَى وَلَدِ غَيْرِهَا؛ زَادَ الْجَوْهَرِيُّ: فإِذا أَلقته حَلُّوا عَيْنَيْهَا وَقَدْ هَيَّأُوا لَهَا حُواراً فيُدْنونَه إِليها فَتَحْسَبُهُ وَلَدَهَا فتَرْأَمُه. قَالَ: وَيُقَالُ لِذَلِكَ الشَّيْءِ الَّذِي يُشَدُّ بِهِ عَيْنَاهَا: الغِمامَةُ، وَالَّذِي يشدَّ بِهِ أَنفها: الصِّقاعُ، وَالَّذِي يُحْشَى بِهِ: الدُّرْجَةُ، وَالْجَمْعُ الدُّرَجُ؛ قَالَ عِمْرَانُ بْنُ حَطَّانَ:
جَمادٌ لَا يُرادُ الرِّسْلُ مِنْها، ... وَلَمْ يُجْعَلْ لهَا دُرَجُ الظِّئارِ
والجَماد: النَّاقَةُ الَّتِي لَا لَبَنَ فِيهَا، وَهُوَ أَصلب لِجِسْمِهَا. والظِّئار: أَن تُعَالِجَ النَّاقَةَ بالغِمامَةِ فِي أَنفها لِكَيْ تَظْأَرَ؛ وَقِيلَ: الظِّئار خِرْقَةٌ تُدْخَلُ فِي حَيَاءِ النَّاقَةِ ثُمَّ يُعْصَبُ أَنفها حَتَّى يُمْسِكُوا نفَسها، ثُمَّ يُحَلُّ مِنْ أَنفها وَيُخْرِجُونَ الدُّرْجَةَ فَيُلَطِّخُونَ الْوَلَدَ بِمَا يَخْرُجُ عَلَى الْخِرْقَةِ، ثُمَّ يُدْنُونَهُ مِنْهَا فَتَظُنُّهُ وَلَدَهَا فترأَمه. وَفِي الصِّحَاحِ: فَتَشُمُّهُ فَتَظُنُّهُ وَلَدَهَا فترأَمه. والدُّرْجَةُ أَيضاً: خِرْقَةٌ يُوضَعُ فِيهَا دَوَاءٌ ثُمَّ يُدْخَلُ فِي حَيَاءِ النَّاقَةِ، وَذَلِكَ إِذا اشْتَكَتْ مِنْهُ. والدُّرْجُ، بِالضَّمِّ: سُفَيْطٌ صَغِيرٌ تَدَّخِرُ فِيهِ المرأَةُ طِيبَهَا وأَداتَها، وَهُوَ الحِفْشُ أَيضاً، وَالْجَمْعُ أَدْراجٌ ودِرَجَةٌ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: كُنَّ يَبْعَثْن بالدِّرَجَةِ فِيهَا الكُرْسُفُ.
قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا يُرْوَى بِكَسْرِ الدَّالِ وَفَتْحِ الرَّاءِ، جَمْعُ دُرْجٍ، وهو كالسَّقَطِ الصَّغِيرِ تَضَعُ فِيهِ المرأَةُ خِفَّ مَتَاعِهَا وَطِيبَهَا، وَقَالَ: إِنما هُوَ الدُّرْجَةُ تأْنيث دُرْجٍ؛ وَقِيلَ: إِنما هِيَ الدُّرجة، بِالضَّمِّ، وَجَمْعُهَا الدُّرَجُ، وأَصله مَا يُلف

(2/269)


وَيُدْخَلُ فِي حَيَاءِ النَّاقَةِ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ آنِفًا. التَّهْذِيبُ: المِدْراجُ النَّاقَةُ الَّتِي تَجُرُّ الحَمْلَ إِذا أَتت عَلَى مَضْرَبِها. ودَرَجَتِ الناقةُ وأَدْرَجَتْ إِذا جَازَتِ السَّنَةَ وَلَمْ تُنْتَجْ. وأَدْرَجَتِ النَّاقَةُ، وَهِيَ مُدْرِجٌ: جَاوَزَتِ الْوَقْتَ الَّذِي ضَرَبَتْ فِيهِ، فإِن كَانَ ذَلِكَ لَهَا عَادَةً، فَهِيَ مِدْراجٌ؛ وَقِيلَ: المِدْراجُ الَّتِي تَزِيدُ عَلَى السَّنَةِ أَياماً ثَلَاثَةً أَو أَربعة أَو عَشَرَةً لَيْسَ غَيْرَ. والمُدْرِجُ والمِدْراجُ: الَّتِي تُؤَخِّرُ جِهَازَهَا وتُدْرِجُ عَرَضَها وتُلْحِقُه بِحَقَبِها، وَهِيَ ضِدُّ المِسْنافِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
إِذا مَطَوْنا حِبال المَيْسِ مُصْعِدَةً، ... يَسْلُكْنَ أَخْراتَ أَرْباضِ المَدارِيج
عَنَى بالمَداريج هُنَا اللَّوَاتِي يُدْرِجْنَ عُرُوضَهُنَّ وَيُلْحِقْنَهَا بأَحقابهن؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَمْ يَعْنِ الْمَدَارِيجَ اللَّوَاتِي تُجَاوِزُ الحَوْلَ بأَيام. أَبو طَالِبٍ: الإِدْرَاجُ أَنْ يَضْمُرَ البعيرُ فَيَضْطَرِبَ بطانُه حَتَّى يستأْخر إِلى الحَقَب فَيَسْتَأْخِرَ الحِملُ، وإِنما يُسَنَّفُ بالسِّنَافِ مخافةَ الإِدْراجِ. أَبو عَمْرٍو: أَدْرَجْتُ الدَّلْوَ إِذا مَتَحْتَ بِهِ فِي رِفْقٍ؛ وأَنشد:
يَا صاحِبَيَّ أَدْرِجا إِدْراجَا، ... بالدَّلْوِ لَا تَنْضَرِجُ انْضِراجَا
وَلَا أُحِبُّ السَّاقِيَ المِدْراجَا، ... كأَنَّهُ مُحْتَضِنٌ أَوْلادا
قَالَ: وَتُسَمَّى الدَّالُ وَالْجِيمُ الإِجازة. قَالَ الرِّيَاشِيُّ: الإِدْرَاجُ النَّزْعُ قَلِيلًا قَلِيلًا. وَيُقَالُ: هُمْ دَرْجُ يَدِكَ أَي طَوْعُ يَدِكَ. التَّهْذِيبُ: يُقَالُ فلانٌ دَرْجُ يَدَيْكَ، وَبَنُو فُلَانٍ لَا يَعْصُونَكَ، لَا يُثَنَّى وَلَا يُجْمَعُ. والدَّرَّاجُ: النَّمَّامُ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وأَبو دَرَّاجٍ: طَائِرٌ صَغِيرٌ. والدُّرَّاجُ: طَائِرٌ شِبْهُ الحَيْقُطانِ، وَهُوَ مِنْ طَيْرِ الْعِرَاقِ، أَرقط، وَفِي التَّهْذِيبِ: أَنقط، قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: أَحسبه مولَّداً. وَهِيَ الدُّرَجَةُ مِثَالُ رُطَبَةٍ، والدُّرَّجَةُ، الأَخيرة عَنْ سِيبَوَيْهِ؛ التَّهْذِيبُ: وأَما الدُّرَجَةُ فإِن ابْنَ السِّكِّيتِ قَالَ: هُوَ طَائِرٌ أَسود باطنِ الْجَنَاحَيْنِ، وَظَاهِرُهُمَا أَغبر، وَهُوَ عَلَى خِلْقَةِ الْقَطَا إِلَّا أَنها أَلطف. الْجَوْهَرِيُّ: والدُّرَّاجُ والدُّرَّاجَةُ ضَرْبٌ مِنَ الطَّيْرِ لِلذَّكَرِ والأُنثى حَتَّى تَقُولَ الحَيْقُطانُ فَيَخْتَصُّ بِالذَّكَرِ. وأَرض مَدْرَجَةٌ أَي ذاتُ دُرَّاجٍ. والدِّرِّيجُ: شيءٌ يُضْرَبُ بِهِ، ذُو أَوتار كالطُّنْبُورِ. ابْنُ سِيدَهْ: الدِّرِّيجُ طُنْبُورٌ ذُو أَوتار تُضْرَبُ. والدَّرَّاج: مَوْضِعٌ؛ قَالَ زُهَيْرٍ:
بِحَوْمانَةِ الدَّرَّاجِ فالمُتَثَلَّمِ
وَرَوَاهُ أَهل الْمَدِينَةِ: بالدَّرَّاج فالمُتَثَلَّم. ودُرَّاجٌ: اسْمٌ. ومَدْرَجُ الرِّيحِ: مِنْ شُعَرَائِهِمْ، سُمِّيَ بِهِ لِبَيْتٍ ذُكِرَ فيه مَدْرَج الريح.
دربج: دَرْبَجَ فِي مَشْيِهِ ودَرْمَجَ إِذا دبَّ دبيبا؛ وأَنشد:
ثُمَّتَ يَمْشِي البَخْتَرَى دُرابِجَا، ... إِذا مَشَى فِي جَنْبِه دُرَامِجَا
وَهُوَ يُدَرْبِجُ فِي مَشْيِهِ، وَهِيَ مِشْيَةٌ سَهْلَةٌ. وَرَجُلٌ دُرَابِجٌ: يَخْتَالُ في مِشْيَتِهِ.
دردج: الدَّرْدَجَةُ: تَرَافُقُ الرُّجُلَيْنِ بالمَوَدَّةِ. اللَّيْثُ: الدَّرْدَجَةُ إِذا تَوَافَقَ اثْنَانِ بمودَّتهما، قِيلَ: قَدْ دَرْدَجا؛

(2/270)


وأَنشد:
حَتَّى إِذا مَا طاوَعَا ودَرْدَجا
وَقَالَ غَيْرُهُ: الدَّرْدَجَةُ رِئْمانُ النَّاقَةِ ولَدَها، وَقَدْ دَرْدَجَتْ تُدَرْدِجُ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
وكُلُّهُنَّ رائِمٌ يُدَرْدِجُ
درمج: ادْرَمَّجَ الرجلُ الشيءَ: دَخَلَ فِيهِ وَاسْتَتَرَ بِهِ. ابْنُ الأَعرابي: دَمَجَ عَلَيْهِمْ وادْرَمَّجَ عَلَيْهِمْ، ودَمَرَ عَلَيْهِمْ وتَعَلَّى وطلَع، بِمَعْنًى وَاحِدٍ. ودَرْبَجَ فِي مَشْيِهِ ودَرْمَجَ إِذا دَبَّ دَبيباً؛ وأَنشد:
إِذا مَشَى فِي جَنْبِه دُرَامِجا
وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي دربج.
دزج: النِّهَايَةُ لِابْنِ الأَثير فِي الْحَدِيثِ:
أَدبر الشَّيْطَانُ وَلَهُ هَزَجٌ ودَزَجٌ
؛ قَالَ: قَالَ أَبو مُوسَى: الهَزَجُ صَوْتُ الرَّعْدِ والذُّبَّانِ. وتَهَزَّجَتِ القوسُ: صَوَّتَتْ عِنْدَ خُرُوجِ السَّهْمِ مِنْهَا، فَيَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ مَعْنَاهُ مَعْنَى الْحَدِيثِ الْآخَرِ:
أَدبر وَلَهُ ضُراطٌ.
قَالَ: والدَّزَجُ لَا أَعرف مَعْنَاهُ هَاهُنَا إِلَّا أَن الدَّيْزَجَ مُعَرَّبُ دَيْزَهْ، وَهِيَ لَوْنٌ، بَيْنَ لَوْنَيْنِ، غَيْرُ خَالِصٍ. قَالَ: وَيُرْوَى بِالرَّاءِ وَسُكُونِهَا فِيهِمَا، فالهَرْجُ: سُرْعَةُ عَدْوِ الْفَرَسِ وَالِاخْتِلَاطُ فِي الْحَدِيثِ، والدَّرْجُ: مَصْدَرُ دَرَجَ إِذا مَاتَ وَلَمْ يُخْلِفْ نَسْلًا، عَلَى قَوْلِ الأَصمعي. وَدَرَجَ الصَّبِيُّ هَذَا حِكَايَةُ قَوْلِ أَبي مُوسَى فِي بَابِ الدَّالِ مَعَ الزَّايِ، وَعَادَ فَقَالَ فِي بَابِ الْهَاءِ مَعَ الزَّايِ:
أَدبر الشَّيْطَانُ وَلَهُ هَزَجٌ ودَزَجٌ
؛ وَفِي رِوَايَةٍ: وَزَجٌ، قِيلَ: الهَزَجُ الرنَّة، والوَزَجُ دُونَهُ.
دسج: المُدْسِجُ دُويبَّةٌ تَنْسُجُ كالعنكبوت «1».
دعج: الدَّعَجُ والدُّعْجَةُ: السَّوادُ؛ وَقِيلَ شدَّة السَّوَادِ. وَقِيلَ: الدَّعَجُ شدَّة سَوَادِ سَوَادِ الْعَيْنِ، وَشِدَّةُ بَيَاضِ بَيَاضِهَا؛ وَقِيلَ: شِدَّةُ سَوَادِهَا مَعَ سِعَتِهَا؛ قَالَ الأَزهري: الَّذِي قِيلَ فِي الدَّعَجِ إِنه شِدَّةُ سَوَادِ سَوَادِ الْعَيْنِ مَعَ شِدَّةِ بَيَاضِ بَيَاضِهَا خطأٌ، مَا قَالَهُ أَحد غَيْرُ اللَّيْثِ. عَيْنٌ دَعْجاءُ بَيِّنَةُ الدَّعَجِ، وامرأَة دَعْجاءُ، وَرَجُلٌ أَدْعَجُ بَيِّنُ الدَّعَجِ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ يَصِفُ انْفِلَاقَ الصُّبْحِ:
تَسُورُ فِي أَعْجَازِ لَيْلٍ أَدْعَجَا
أَراد بالأَدعَج: الْمُظْلِمَ الأَسود، جَعَلَ اللَّيْلَ أَدْعَجَ لِشِدَّةِ سَوَادِهِ مَعَ شِدَّةِ بَيَاضِ الصُّبْحِ. وَفِي صِفَتِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
فِي عَيْنَيْهِ دَعَجٌ
؛ الدَّعَجُ والدُّعْجَة السَّوَادُ فِي الْعَيْنِ وَغَيْرِهَا؛ يُرِيدُ أَن سَوَادَ عَيْنَيْهِ كَانَ شَدِيدَ السَّوَادِ؛ وَقِيلَ: إِن الدَّعَجَ عِنْدَهُ سَوَادُ الْعَيْنِ فِي شِدَّةِ بَيَاضِهَا. دَعِجَ دَعَجاً، وَهُوَ أَدْعَجُ، وَهُوَ عامٌّ فِي كُلِّ شَيْءٍ؛ رجلٌ أَدْعَجُ اللَّوْنِ، وتَيْسٌ أَدْعَجُ الْعَيْنَيْنِ والقَرْنَين؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ ثَوْرًا وَحْشِيًّا وَقَرْنَيْهِ:
جَرَى أَدْعجُ القَرْنَينِ والعَينِ، واضِحُ الْقَرَى، ... أَسْفَعُ الخَدَّينِ، بالْبَيْنِ بارِحُ
فَجَعَلَ القَرن أَدعَج كَمَا تَرَى. قَالَ الأَزهري: وَلَقِيتُ بِالْبَادِيَةِ غُلَيِّماً أَسود كأَنه حُمَمَةٌ، وَكَانَ يُسَمَّى بَصِيرًا، وَيُلَقَّبُ دَعِيجًا لِشِدَّةِ سَوَادِهِ. والأَدْعَجُ مِنَ الرِّجَالِ: الأَسود: وأَما قَوْلُ ابْنِ أَحمر:
مَا أُمُّ غُفْرٍ عَلَى دَعْجاءِ ذِي عَلَقٍ، ... يَنْفِي، القَرامِيدَ عَنْها، الأَعْصَمُ الوَقِلُ؟
فَهِيَ هَضْبَةٌ؛ عَنْ أَبي عُبَيْدَةَ. وَلَيْلٌ أَدْعَجُ؛ والدُّعْجَةُ فِي اللَّيْلِ: شِدَّةُ سَوَادِهِ. وَفِي حَدِيثِ الْمُلَاعَنَةِ:
أَن جاءَتْ بِهِ أَدْعَجَ
، وَفِي رِوَايَةٍ أُدَيْعِجَ؛ حَمَلَ الْخَطَّابِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى سَوَادِ اللَّوْنِ جَمِيعِهِ، وَقَالَ: إِنما
__________
(1).
زاد في القاموس وشرحه: واندسج الرجل وانسدج: انكب على وجهه، والمدّسج، بضم فتشديد، كالمنتسج أي بمعناه. الدستجة، بفتح الدال وسكون السين المهملة وفتح المثناة الفوقية والجيم: الحزمة والضغث، فارسي معرّب: يقال دستجة من كذا، وجمعه الدساتج والدستيج، بكسر المثناة الفوقية: آنية تحوّل باليد، وتنقل، فارسي معرب: دستي والدستينج، بزيادة النون: اليارق، وهو اليارج.

(2/271)


تأَوَّلناه عَلَى سَوَادِ الْجِلْدِ لأَنه قَدْ رُوِيَ فِي خَبَرِ الْخَوَارِجِ:
آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَدْعَجُ
؛ وَالْعَرَبُ تُسَمِّي أَوّلَ المِحَاقِ الدَّعْجَاءَ، وَهِيَ لَيْلَةُ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ، والثانيةَ السِّرارَ، والثالثةَ الغَلْتَةَ، وَهِيَ لَيْلَةُ الثَّلَاثِينَ. وشَفَةٌ دَعْجاءُ، ولِثَةٌ دَعْجاءُ؛ والدَّعْجاءُ: لَيْلَةُ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ. وَفِي رِوَايَةٍ أُخرى:
آيَتُهم رجلٌ أَسْوَدُ.
والدَّعْجَاءُ: اسْمُ امرأَة، وَهِيَ بِنْتُ هَيْضَم؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
ودَعْجَاءَ قَدْ واصَلْتُ فِي بَعْضِ مَرِّها، ... بِأَبْيَضَ ماضٍ، ليْسَ مِن نَبْلِ هَيْضَمِ
وَمَعْنَاهُ أَنها مرَّت فأَهوى لها بسهم.
دعسج: الدَّعْسَجَةُ: السُّرْعَةُ. دَعْسَجَ دَعْسَجَةً إِذا أَسرع.
دعلج: الدَّعْلَجُ: الحِمارُ. والدَّعْلَجُ: أَلوان الثِّيَابِ؛ وَقِيلَ: أَلوان النَّبَاتِ؛ وَقِيلَ: ضَرْبٌ مِنَ الجَوَالِيقِ والخِرَجَة. والدَّعْلَجُ: الجُوَالِقُ الْمَلْآنُ. والدَّعْلَجُ: النَّبَاتُ الَّذِي قَدْ آزَرَ بَعْضُهُ بَعْضًا. والدَّعْلَجُ: الذِّئْبُ. والدَّعْلَجُ: الظُّلْمَةُ. والدَّعْلَجُ: الَّذِي يَمْشِي فِي غَيْرِ حَاجَّةٍ. والدَّعْلَجَةُ: ضَرْبٌ مِنَ الْمَشْيِ. والدَّعْلَجَةُ: التَرَدُّدُ فِي الذِّهَابِ وَالْمَجِيءِ. والدَّعْلَجَةُ: لُعْبَةٌ لِلصِّبْيَانِ يَخْتَلِفُونَ فِيهَا الجَيْئَةَ والذَّهابَ؛ قَالَ:
باتَتْ كلابُ الحَيِّ تَسْنَحُ بَيْننا، ... يَأْكُلْنَ دَعْلَجَةً، ويَشْبَعُ مَنْ عَفَا
ذَكَرَ كَثْرَةَ اللَّحْمِ. ويَشْبَعُ مَنْ عَفا: ويشبَعُ مَنْ يأْتينا. وَقَدْ دَعْلَجَ الصبيانُ، ودَعْلَجَ الجُرَذُ، كَذَلِكَ؛ يُقَالُ: إِن الصبيَّ لَيُدَعْلِجُ دَعْلَجَةَ الجُرَذِ، يَجِيءُ وَيَذْهَبُ. وَفِي حَدِيثِ فِتْنَةِ الأَزد:
إِنَّ فُلَانًا وَفُلَانًا يُدَعْلجَانِ بِاللَّيْلِ إِلى دَارِكَ لِيَجْمَعَا بَيْنَ هَذَيْنِ الغارَّين
أَي يَخْتَلِفَانِ. والدَّعْلَجَةُ: الأَخذ الْكَثِيرُ؛ وَقِيلَ: الأَكْلُ بِنَهْمَةٍ، وَبِهِ فَسَّرَ بَعْضُهُمْ:
يأْكُلن دَعْلَجَةً، ويشبَعُ مَنْ عَفا
والدَّعْلَجُ: الْكَثِيرُ الأَكل مِنَ النَّاسِ وَالْحَيَوَانِ. والدَّعْلَجُ: الشابُّ الحسنُ الوجهِ الناعمُ البدَن، وَقَدْ سَمَّوا دَعْلَجاً؛ وَمِنْهُ ابْنُ دَعْلَجٍ. سِيبَوَيْهِ: والإِضافة إِلى الثَّانِي لأَن تَعَرُّفَهُ إِنما هُوَ بِهِ كَمَا ذُكِرَ فِي ابْنِ كُرَاعٍ. ودَعْلَجٌ: فَرَسُ عبدِ عَمْرو بنِ شُرَيْحٍ. ودَعْلَجٌ: اسْمُ فَرَسُ عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ؛ قَالَ:
أَكُرُّ عَلَيْهِمْ دَعْلَجاً، ولَبانُهُ، ... إِذا مَا اشْتَكَى وَقْعَ الرِّماحِ، تَحَمْحَما
ودَعْلَجْتُ الشَّيْءَ إِذا دَحْرَجْتُه.
دلج: الدُّلْجَةُ: سَيْرُ السَّحَرِ. والدَّلْجَةُ: سَيْرُ اللَّيْلِ كلِّه. والدَّلَجُ والدَّلَجانُ والدَّلَجَة، الأَخيرة عَنْ ثَعْلَبٍ: السَّاعَةُ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ، وَالْفِعْلُ الإِدْلاجُ. وأَدْلَجُوا: سَارُوا مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ. وادَّلَجُوا: سَارُوا اللَّيْلَ كُلَّهُ؛ قَالَ الْحُطَيْئَةُ:
آثَرْتُ إِدْلاجي عَلَى لَيْلِ حُرَّةٍ، ... هَضِيمِ الحَشَى، حُسَّانَةِ المُتَجَرَّدِ
وَقِيلَ: الدَّلَجُ الليلُ كُلُّهُ مِنْ أَوله إِلى آخِرِهِ، حَكَاهُ ثَعْلَبٌ عَنْ أَبي سُلَيْمَانَ الأَعرابي، وَقَالَ: أَيَّ سَاعَةٍ سِرْتَ مِنْ أَوَّل اللَّيْلِ إِلى آخِرِهِ فَقَدْ أَدْلَجْتَ، عَلَى مِثَالِ أَخْرَجْتَ. ابْنُ السِّكِّيتِ: أَدْلَجَ القومُ إِذا

(2/272)


سَارُوا الليلَ كُلَّهُ، فَهُمْ مُدْلِجُونَ. وادَّلَجُوا إِذا سَارُوا فِي آخِرِ اللَّيْلِ، بِتَشْدِيدِ الدَّالِ؛ وأَنشد:
إِنَّ لَنا لَسَائِقاً خَدَلَّجا، ... لمْ يُدْلِجِ اللَّيْلَةَ فِيمَنْ أَدْلَجا
وَيُقَالُ: خَرَجْنَا بِدُلْجَةٍ ودَلْجَةٍ إِذا خَرَجُوا فِي آخِرِ اللَّيْلِ. الْجَوْهَرِيُّ: أَدْلَجَ القَوم إِذا سَارُوا مِنْ أَول اللَّيْلِ، وَالِاسْمُ الدَّلَجُ، بِالتَّحْرِيكِ. والدُّلْجَةُ والدَّلْجَةُ أَيضاً، مِثْلُ بُرْهَةٍ مِنَ الدَّهْرِ وبَرْهَةٍ، فإِن سَارُوا مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ فَقَدِ ادَّلَجُوا، بِتَشْدِيدِ الدَّالِ، وَالِاسْمُ الدَّلْجَةُ والدُّلْجَةُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
عَلَيْكُمْ بالدُّلْجَةِ
؛ قَالَ: هُوَ سَيْرُ اللَّيْلِ، وَمِنْهُمْ مَن يَجْعَلُ الإِدْلاجَ لِلَّيْلِ كُلِّهِ، قَالَ: وكأَنه الْمُرَادُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لأَنه عقبَه بِقَوْلِهِ: فإِن الأَرض تُطْوَى بِاللَّيْلِ، وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ أَوله وَآخِرِهِ؛ وأَنشدوا لِعَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ:
إِصْبِرْ عَلَى السَّيْرِ والإِدْلاجِ فِي السَّحَرِ، ... وَفِي الرَّواحِ عَلَى الحاجاتِ والبُكَرِ
فَجَعَلَ الإِدلاج فِي السَّحَرِ؛ وَكَانَ بَعْضُ أَهل اللُّغَةِ يُخَطِّئُ الشَّمَّاخَ فِي قَوْلِهِ:
وتَشْكُو بِعَيْنٍ مَا أَكَلَّ رِكابَها، ... وقِيلَ المُنادِي: أَصْبَحَ الْقَوْمُ، أَدْلِجي
وَيَقُولُ: كَيْفَ يَكُونُ الإِدْلاج مَعَ الصُّبْحِ؟ وَذَلِكَ وَهْمٌ، إِنما أَراد الشَّمَّاخُ تَشْنِيعَ المُنادي عَلَى النُّوّام، كَمَا يَقُولُ الْقَائِلُ: أَصبحتم كَمْ تَنَامُونَ، هَذَا مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ قُتَيْبَةَ، وَالتَّفْرِقَةُ الأُولى بَيْنَ أَدْلَجْتُ وادَّلَجْتُ قَوْلُ جَمِيعِ أَهل اللُّغَةِ إِلَّا الْفَارِسِيَّ، فإِنه حَكَى أَن أَدْلَجْتُ وادَّلَجْتُ لُغَتَانِ فِي المعنيَين جَمِيعًا، وإِلى هَذَا يَنْبَغِي أَن يُذْهَبَ فِي قَوْلِ الشَّمَّاخِ، وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: إِنما أَراد أَن الْمُنَادِيَ كَانَ يُنَادِي مَرَّةً: أَصْبَحَ القومُ، كَمَا يُقَالُ أَصبحتم كَمْ تَنَامُونَ، وَمَرَّةً يُنَادِي: أَدْلِجي أَي سِيرِي لَيْلًا. والدَّلِيج: الِاسْمُ؛ قَالَ مَلِيحٌ:
بِهِ صُوًى تَهْدِي دَلِيجَ الواسِقِ
والمُدْلِجُ: القُنْفُذُ لأَنه يُدْلِجُ لَيْلَتَهُ جمعاءَ؛ كَمَا قَالَ:
فَباتَ يُقاسِي لَيْلَ أَنْقَدَ دائِباً، ... ويَحْذَرُ بالقُفِّ اخْتلافَ العُجاهِنِ
وَسُمِّيَ الْقُنْفُذُ مُدْلِجاً لأَنه لَا يَهْدَأُ بِاللَّيْلِ سَعْياً؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
قَوْمٌ، إِذا دَمَسَ الظَّلامُ عليهمُ، ... حَدَجُوا قَنافِذَ بالنَّمِيمةِ تَمْزَعُ
ودَلَجَ السَّاقي يَدْلِجُ ويَدْلُجُ، بِالضَّمِّ، دُلُوجاً: أَخذ الغَرْبَ مِنَ الْبِئْرِ فَجَاءَ بِهَا إِلى الْحَوْضِ؛ قَالَ:
لَهَا مِرْفَقانِ أَفْتَلانِ، كأَنَّما ... أُمِرَّا بِسَلْمَيْ دالِجٍ مُتَشَدِّدِ
والمَدْلَجُ والمَدْلَجَةُ: مَا بَيْنَ الْحَوْضِ وَالْبِئْرِ؛ قَالَ عَنْتَرَةُ:
كأَنَّ رِماحَهُمْ أَشْطانُ بِئْرٍ، ... لَهَا فِي كلِّ مَدْلَجةٍ خُدُودُ
والدَّالِجُ: الَّذِي يتردَّد بَيْنَ الْبِئْرِ وَالْحَوْضِ بِالدَّلْوِ يُفْرغُها فِيهِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
بانَتْ يَداه عَنْ مُشَاشِ والِجِ، ... بَيْنُونَةَ السَّلْمِ بِكَفِّ الدّالِجِ
وَقِيلَ: الدَّلْجُ أَن يأْخذ الدَّلْو إِذا خرجَتْ، فَيَذْهَبُ بِهَا حَيْثُ شَاءَ؛ قَالَ:
لوْ أَنَّ سَلْمى أَبْصَرَتْ مَطَلِّي ... تَمْتَحُ، أَو تَدْلِجُ، أَو تُعَلِّي

(2/273)


التَّعْلية: أَن يَنْتَأَ بعضُ الطَّيِّ فِي أَسفل الْبِئْرِ، فَيَنْزِلُ رَجُلٌ فِي أَسفلها فَيُعَلِّي الدَّلْو عَنِ الحَجَرِ النَّاتِئِ. الْجَوْهَرِيُّ والدَّالِجُ الَّذِي يأْخذ الدَّلْوَ وَيَمْشِي بِهَا مِنْ رأْس الْبِئْرِ إِلى الْحَوْضِ حَتَّى يُفْرِغَهَا فِيهِ. وَيُقَالُ لِلَّذِي يَنْقُلُ اللبنَ إِذا حُلبت الإِبل إِلى الجفانِ: دالِجٌ. والعُلْبَةُ الْكَبِيرَةُ الَّتِي يُنقل فِيهَا اللَّبَنُ، هِيَ المَدْلَجَةُ. ودَلَجَ بِحِمْلِهِ يَدْلِجُ دَلْجاً وَدُلُوجاً، فَهُوَ دَلُوجٌ: نَهَضَ بِهِ مُثْقَلًا؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
وَذَلِكَ مَشْبُوحُ الذِّراعَيْنِ خَلْجَمٌ، ... خَشُوفٌ بأَعْراضِ الدِّيارِ، دَلُوجُ
والدَّوْلَجُ والتَّوْلَجُ: الكِناس الَّذِي يَتَّخِذُهُ الْوَحْشُ فِي أُصول الشَّجَرِ، الأَصل: وَوْلَج، فَقُلِبَتِ الْوَاوُ تَاءً ثُمَّ قُلِبَتْ دَالًا؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الدَّالُ فِيهَا بَدَلٌ مِنَ التاءِ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ، والتاءُ بَدَلٌ مِنَ الْوَاوِ عِنْدَهُ أَيضاً. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما ذَكَرْتُهُ فِي هَذَا الْمَكَانِ لِغَلَبَةِ الدَّالِ عَلَيْهِ، وأَنه غَيْرُ مُسْتَعْمَلٍ عَلَى الأَصل؛ قَالَ جَرِيرٌ:
مُتَّخِذاً فِي ضَعَواتٍ دَوْلَجا
وَيُرْوَى تَوْلَجا؛ وَقَالَ الْعَجَّاجُ:
واجْتابَ أُدْمانُ الفَلاةِ الدَّوْلَجا
وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: أَن رَجُلًا أَتاه فَقَالَ: لَقِيَتْنِي امرأَة أُبايعها فأَدخلتها الدَّوْلَج
؛ الدَّوْلَجُ: المَخْدَعُ، وَهُوَ الْبَيْتُ الصَّغِيرُ دَاخِلَ الْبَيْتِ الْكَبِيرِ. قَالَ: وأَصل الدَّوْلَجِ وَوْلَجٌ لأَنه فَوْعَلٌ مِنَ وَلَجَ يَلِجُ إِذا دَخَلَ، فأَبدلوا مِنَ التاءِ دَالًا، فَقَالُوا دَوْلَجٌ. وَكُلُّ مَا وَلَجْتَ مِنْ كَهْف أَو سَرَبٍ، فَهُوَ تَوْلَجٌ ودَوْلَجٌ؛ قَالَ: وَالْوَاوُ زَائِدَةٌ. وَقَدْ جاءَ الدَّوْلَجُ فِي حَدِيثِ إِسلام سَلْمان، وَقَالُوا: هُوَ الكِناسُ مأْوى الظِّباءِ. والدَّوْلَجُ: السَّرَبُ، فَوْعَلٌ، عَنْ كُراع، وتَفْعَلٌ، عِنْدَ سِيبَوَيْهِ، دَالُهُ بَدَلٌ مِنْ تَاءٍ. ودَلْجَةٌ ودَلَجَةٌ ودَلَّاجٌ ودَوْلَجٌ: أَسماءٌ. ومُدْلِجٌ: رَجُلٌ؛ قَالَ:
لَا تَحْسِبي دَراهِمَ ابْني مُدْلِجِ ... تأْتيكِ، حَتَّى تُدْلِجِي وتَدْلُجِي
وتَقْنَعِي بالعَرْفَجِ المُشَجَّجِ، ... وبالثُّمام وعُرام العَوْسَجِ
ومُدْلِجٌ: أَبو بَطْنٍ. ومُدْلِجٌ، بِضَمِّ الْمِيمِ: قَبِيلَةٌ مِنْ كِنَانَةَ وَمِنْهُمُ القافَةُ. وأَبو دُلَيْجَة: كُنْيَةٌ؛ قَالَ أَوس:
أَبا دُلَيْجَةَ مَنْ تُوصي بأَرْمَلَةٍ؟ ... أَمْ مَنْ لأَشْعَثَ ذِي طِمْرَيْنِ مِمْحالِ؟
والتُّلَجُ: فَرْخُ العقاب، أَصله دُلَجٌ.
دمج: دَمَجَ الأَمْرُ يَدْمُجُ دُمُوجاً: اسْتَقَامَ. وأَمْرٌ دُماج ودِماج: مُسْتَقِيمٌ. وتَدامَجوا عَلَى الشيءِ: اجْتَمَعوا. وَدَامَجَهُ عَلَيْهِمْ «2» دِماجاً: جَامَعَهُ. وصُلْح دِماجٌ ودُماجٌ مُحْكَمٌ قَويٌّ. وأَدْمَجَ الحَبْلَ: أَجاد فَتْلَه؛ وَقِيلَ: أَحْكَمَ فَتْلَه فِي رِقَّةٍ؛ وَقَوْلُهُ:
إِذْ ذَاكَ إِذْ حَبْلُ الوِصالِ مُدْمَشُ
إِنما أَراد مُدْمَجُ، فأَبدل الشِّينَ مِنَ الْجِيمِ لِمَكَانِ الرَّويِّ. ودَمَجَتِ الماشِطَةُ الشَّعْرَ دَمْجاً، وأَدْمَجَتْه: ضَفَرَتْه.
__________
(2).
قوله [دامجه عليهم إلخ] كذا بالأَصل.

(2/274)


وَرَجُلٌ مُدْمَجٌ ومُنْدَمِجٌ: مُداخَل كالحَبْلِ المُحْكَمِ الفَتْلِ؛ وَنِسْوَةٌ مُدْمَجاتُ الخَلْقِ ودُمَّجٌ: كَالْحَبْلِ المُدْمَج؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
واللهِ لَلنَّوْمُ وبِيضٌ دُمَّجُ، ... أَهْوَنُ مِنْ لَيْلِ قِلاصٍ تَمْعَجُ «1»
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَمْ نَجِدْ لَهَا وَاحِدًا؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
يُحاوِلْنَ صَرْماً أَو دِماجاً عَلَى الخَنا، ... وَمَا ذاكُمو مِنْ شِيمَتي بسَبِيلِ
هُوَ مِنْ قَوْلِكَ: أَدْمَجَ الحبلَ إِذا أَحكم فَتْلَهُ أَي يُظْهِرْنَ وصْلًا مُحْكَمَ الظَّاهِرِ فاسدَ الْبَاطِنِ. اللَّيْثُ: مَتْنٌ مُدْمَجٌ، وَكَذَلِكَ الأَعضاءُ مُدْمَجَة، كأَنها أُدْمِجَتْ ومُلِسَتْ كَمَا تُدْمِجُ الماشطةُ مَشْطَةَ المرأَة إِذا ضَفَّرَتْ ذَوَائِبِهَا؛ وكلُّ ضَفِيرَةٍ مِنْهَا عَلَى حِيالِها تُسَمَّى دَمَجاً وَاحِدًا. وتَدامَجَ القومُ عَلَى فُلَانٍ تَدامُجاً إِذا تَضَافَرُوا عَلَيْهِ وَتَعَاوَنُوا. وَصُلْحٌ دُماج، بِالضَّمِّ: مُحْكَمٌ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وإِذ نَحْنُ أَسْبابُ المَوَدَّةِ بَيْنَنا ... دُماجٌ قُوَاها، لَمْ يَخُنْها وَصُولُها
أَبو عَمْرٍو: الدُّماجُ الصُّلْحُ عَلَى غَيْرِ دَخَنٍ. الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ دَجَمَ: ودَجَمَ الرجلَ: صاحَبَهُ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ مُدَاجِمٌ لِفُلَانٍ ومُدامِجٌ لَهُ. والمُدامَجَةُ: مِثْلُ المُداجاةِ؛ وَمِنْهُ الصُّلْحُ الدُّماجُ، بِالضَّمِّ، وَهُوَ الَّذِي كأَنه فِي خَفاءٍ، وَيُقَالُ: هُوَ التَّامُّ الْمُحْكَمُ. ودِماجُ الخَطِّ: مُقاربته مِنْهُ. وكلُّ مَا فُتِلَ فَقَدْ أُدْمِجَ. ومَتْنٌ مُدْمَجٌ: بَيِّنُ الدُّمُوجِ: مُمَلَّسٌ، وَهُوَ شَاذٌّ لأَنه لَا يُعرف لَهُ فِعْلٌ ثُلَاثِيٌّ غَيْرُ مَزِيدٍ. وأَدْمَجَ الفرسَ: أَضْمَرَهُ. والدُّموج: الدُّخول. الْجَوْهَرِيُّ: دَمَجَ الشيءُ دُموجاً إِذا دَخَلَ فِي الشيءِ وَاسْتَحْكَمَ فِيهِ، وَكَذَلِكَ انْدَمَجَ وادَّمَجَ، بِتَشْدِيدِ الدَّالِ، وادْرَمَّجَ، كُلُّ هَذَا إِذا دَخَلَ فِي الشيءِ وَاسْتَتَرَ فِيهِ. وأَدْمَجْتُ الشيءَ إِذا لَفَفْتَهُ فِي ثَوْبٍ. والشيءُ المُدْمَجُ: المُدْرَجُ مَعَ مَلَاسَتِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
من شق عصا المسلمين وَهُمْ فِي إِسلامٍ دامجٍ فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الإِسلام مِنْ عُنُقِهِ
؛ الدَّامِجُ: المجتَمِعُ. والدُّموجُ: دُخُولُ الشيءِ فِي الشيءِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
زَيْنَبَ: أَنها كَانَتْ تَكْرَهُ النَّقْطَ والإِطراف إِلا أَن تَدْمُجَ الْيَدَ دَمْجاً فِي الخِضاب
أَي تَعُمَّ جَمِيعَ الْيَدِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: بَلِ انْدَمَجْتُ عَلَى مَكنونِ علْمٍ، لَوْ بُحْتُ به لاضْطَرَبْتم اضْطِرابَ الأَرْشِيَةِ فِي الطَّوِيِّ البَعيدَةِ
؛ أَي اجتمعتُ عَلَيْهِ وانطويتُ واندرجتُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
سُبْحَانَ مَنْ أَدْمَجَ قَوائم الذَّرَّةِ والهَمَجة.
ودَمَج فِي الْبَيْتِ يَدْمُجُ دُمُوجاً: دَخَلَ. التَّهْذِيبُ: دَمَجَ عَلَيْهِمْ ودَمَرَ وادْرَمَّجَ وتَغَلَّى عَلَيْهِمْ، كُلٌّ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. ودَمَجَ الرجلُ فِي بَيْتِهِ وَالظَّبْيُ فِي كِناسِهِ وانْدَمَجَ: دَخَلَ. وَرَجُلٌ دُمَّيْجَةٌ: مُتَدَاخِلٌ، عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
ولَسْتُ بِدُمَّيْجَةٍ فِي الفِراش، ... وَوَجَّابَةٍ يَحْتَمِي أَن يُجِيبا
أَبو الْهَيْثَمِ قَالَ: مِفْعَالٌ لَا تَدْخُلُ فِيهِ الْهَاءُ، قَالَ: وَقَدْ جاءَ حَرْفَانِ نَادِرَانِ: المِدْماجَةُ، وَهِيَ الْعِمَامَةُ؛ الْمَعْنَى أَنه مُدَمَّجٌ مُحْكَمٌ كأَنه نَعْتٌ لِلْعِمَامَةِ. وَيُقَالُ: رَجُلٌ مِجْدامَةٌ إِذا كَانَ قَاطِعًا للأُمور؛
__________
(1).
قوله [والله للنوم إلخ] كذا بالأَصل وشرح القاموس، وكتب بهامش الأَصل كذا: والله لا النوم.

(2/275)


قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: هَذَا مأْخوذ مِنَ الجَدْمِ، وَهُوَ الْقَطْعُ؛ وأَنشد:
ولَسْتُ بِدُمَّيْجَةٍ فِي الفِراش
مأْخوذ مَنِ ادَّمَجَ فِي الشيءِ إِذا دَخَلَ فِيهِ. وادَّمَجَ فِي الشيءِ ادِّماجاً وانْدَمَجَ انْدِماجاً إِذا دَخَلَ فِيهِ. ونَصْلٌ مُنْدَمِجٌ أَي مُدَوَّرٌ. وَلَيْلَةٌ دامِجَةٌ: مُظْلِمَةٌ. وليلٌ دامِجٌ أَي مُظْلِمٌ. ودَمَجَتِ الأَرنبُ تَدْمُجُ دُمُوجاً فِي عَدْوِهَا: أَسرعت، وَهُوَ سُرْعَةٌ تُقَارِبُ قَوَائِمَهَا فِي الأَرض؛ وَفِي الْمُحْكَمِ: أَسرعت وَقَارَبَتِ الخَطْوَ، وَكَذَلِكَ الْبَعِيرُ إِذا أَسرع وَقَارَبَ خَطْوَه فِي المَنْحاةِ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
يُحْسِنُ فِي مَنْحاتِه الهَمالِجا، ... يُدْعى هَلُمَّ داجِناً مُدامِجا
أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ هُوَ عَلَى تِلْكَ الدَّجْمَةِ والدَّمْجَةِ أَي الطَّرِيقَةِ. والمُدْمَجُ: القِدْحُ؛ وَقَالَ الْحَرْثُ بْنُ حِلِّزَة:
أَلْفَيتَنا للضَّيْفِ خَيْرَ عَمارَةٍ [عِمَارَةٍ]، ... إِلَّا يَكُنْ لَبَنٌ فَعَطْفُ المُدْمَجِ
يَقُولُ: إِن لَمْ يَكُنْ لَبَنٌ أَجَلْنا القِدْحَ عَلَى الجَزُور فَنَحَرْنَاهَا للضيف.
دملج: الدَّمْلَجَةُ: تسوية الشيءِ كما يُدَمْلَجُ السِّوارُ. وَفِي حَدِيثِ
خَالِدِ بْنِ مَعْدانَ: دَمْلَجَ اللَّهُ لُؤْلُؤَةً
؛ دَمْلَجَ الشَّيءَ إِذا سوَّاه وأَحسن صَنْعَتَهُ. والدُّمْلُجُ «1» والدُّمْلُوجُ: المِعْضَدُ مِنَ الحُليِّ، وَيُقَالُ: أَلْقى عَلَيْهِ دَمالِيجَهُ. اللِّحْيَانِيُّ: دُمْلِجَ جِسْمُه دَمْلَجَةً أَي طُويَ طَيّاً حَتَّى أَكثر لَحْمُهُ: وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
والبِيضُ فِي أَعْضادِها الدَّمالِيجْ ... ومُعْطِياتٌ بُدَّلٌ فِي تَعْويجْ
والدَّمالِيجُ: الأَرَضُونَ الصِّلابُ. والمُدَمْلَجُ: المُدْرَجُ الأَمْلَسُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
كأَنَّ مِنْهَا القَصَبَ المُدَمْلَجا ... سُوقٌ مِنَ البَرْديِّ مَا تَعَوَّجا
والدُّمْلُجُ والدُّمْلوجُ: الحَجَرُ الأَمْلَس. ودُمْلُجٌ: اسْمُ رَجُلٍ، قَالَ:
لَا تَحْسِبي دَراهِمَ ابْني دُمْلُجِ ... تأْتِيكِ، حَتَّى تُدْلِجِي وتَدْلُجي
دمهج: الدَّمْهَجُ والدُّماهِجُ: العَظيم الخَلْقِ مِنْ كُلِّ شيءٍ كالدُّناهِجِ.
دنج: الدُّنُجُ: العُقَلاءُ مِنَ الرِّجَالِ. أَبو عَمْرٍو: الدِّناجُ إِحْكامُ الأَمر وإِتْقانُه.
دنهج: الدَّنْهَجُ والدُّناهِجُ: الْعَظِيمُ الخَلْقِ مِنْ كلِّ شيءٍ كالدُّماهِجِ. وَبَعِيرٌ دُناهِجٌ: ذُو سَنامَيْنِ.
دهرج: الدَّهْرَجَةُ: السُّرْعَةُ فِي السير.
دهمج: الدَّهْمَجَةُ: مَشْيُ الْكَبِيرِ كأَنه فِي قيدٍ؛ وَقِيلَ: هُوَ الْمَشْيُ البطيءُ، وَقَدْ دَهْمَجَ يُدَهْمِجُ. وَبَعِيرٌ دُهامِجٌ يُقَارِبُ الخَطْو ويُسْرعُ؛ وَقِيلَ: هُوَ ذُو سَنامين كدُهانِجٍ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأُراه بَدَلًا. والدَّهْمَجُ: السَّيْرُ الْوَاسِعُ. الأَصمعي: يُقَالُ لِلْبَعِيرِ إِذا قَارَبَ الْخَطْوَ وأَسرع: قَدْ دَهْمَجَ يُدَهْمِجُ؛ وأَنشد:
وعَيْر لَهَا مِنْ بَناتِ الكُدادِ، ... يُدَهْمِجُ بالْوَطْبِ والمِزْوَدِ
__________
(1).
قوله [والدملج] بضم فسكون، واللام تفتح وتضم كما في القاموس.

(2/276)


الكُدادُ: فَحْلٌ مَعْرُوفٌ مِنَ الْحَمِيرِ، مِثْلُ الجَديلِ وشَذْقَمٍ مِنَ الإِبل؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ صَوَابُ إِنشاده:
حِمار لَهُمْ مِن بناتِ الكُدادِ
وَقَبْلَهُ:
بأَخْيَلَ مِنْهُمْ، إِذا زَيَّنوا ... بِمَغْرَتِهِمْ حاجِبَيْ مُؤْجِدِ
والمؤْجِد: فَحْلٌ مِنَ الْحَمِيرِ عِنْدَهُمْ مَعْرُوفٌ؛ يَرْمِيهِمْ بِتَرْبِيَةِ الحمير ونتاجِها.
دَهْنَجَ: بَعِيرٌ دُهانِجٌ: سَرِيعٌ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ يشبِّه بِهِ أَطراف الْجَبَلِ فِي السَّرَابِ:
كأَنَّ رَعْنَ الآلِ مِنْهُ فِي الْآلِ، ... إِذا بَدا، دُهانِجٌ ذُو أَعْدال
وَقَدْ دَهْنَجَ إِذا أَسْرَع مَعَ تَقارُبِ خَطْوٍ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
وعَيْر لَهَا مِنْ بَناتِ الكُدادِ، ... يُدَهْنِجُ بالقَعْوِ والمِزْوَدِ «1»
الأَصمعي: الدُّهامِجُ والدُّهانِجُ الْبَعِيرُ الَّذِي يُقَارِبُ الْخَطْوَ وَيُسْرِعُ. والدَّهْنَجَةُ: ضَرْبٌ مِنَ الهَمْلَجَةِ. وَبَعِيرٌ دُهانِجٌ: ذُو سَنَامَيْنِ. والدَّهْنَجُ: حَصًى أَخْضَرُ تُحلَّى بِهِ الفُصوص؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: تُحَكُّ مِنْهُ الفُصوص، قَالَ: وَلَيْسَ مِنْ مَحْضِ الْعَرَبِيَّةِ؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
يَمْشِي مَبَادِلُهَا الفِرِنْدُ وَهِبْرِرٌ ... «2»، حَسَنُ الْوَبِيصِ، يَلُوح فِيهِ الدَّهْنَجُ
والدَّهْنَجُ والدُّهانِجُ: الْعَظِيمُ الخَلْقِ مِنْ كُلِّ شيءٍ. والدُّهانِجُ: الْبَعِيرُ الفالِجُ ذُو السَّنامَيْنِ، فَارِسِيٌّ معرَّب. والدَّهَنَجُ، بِالتَّحْرِيكِ «3»: جَوْهَرٌ كالزُّمُرُّذِ.
دَوَجَ: الدُّوَّاجُ: ضربٌ مِنَ الثِّيَابِ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: لَا أَحسبه عَرَبِيًّا صَحِيحًا، وَلَمْ يُفَسِّرْهُ. وَقَالُوا الحاجةُ والدَّاجَةُ، حَكَاهُ الزَّجَّاجِيُّ قَالَ: فَقِيلَ: الداجةُ الْحَاجَةُ نَفْسُهَا، وَكُرِّرَ لِاخْتِلَافِ اللَّفْظَيْنِ؛ وَقِيلَ: الدَّاجَةُ أَخف شأْناً مِنَ الْحَاجَةِ؛ وَقِيلَ: الدَّاجَةُ إِتباع لِلْحَاجَةِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما حَكَمْنَا أَن أَلفها وَاوٌ لأَنه لَا أَصل لَهَا فِي اللُّغَةِ يُعْرَفُ بِهِ أَلفه فحمْله عَلَى الْوَاوِ أَولى، لأَن ذَلِكَ أَكثر عَلَى مَا وصَّانا بِهِ سِيبَوَيْهِ.
وجاءَ رَجُلٌ إِلى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: مَا تَرَكْتُ مِنْ حاجَةٍ وَلَا داجَةٍ إِلا أَتَيْتُ
؛ أَراد أَنه لَمْ يَدَعْ شَيْئًا دَعَتْهُ إِليه نَفْسُهُ مِنَ الشَّهَوَاتِ إِلا أَتاها. وَيُقَالُ: دَاجَةٌ إِتباع لِحَاجَةٍ كَمَا يُقَالُ: حَسَنٌ بَسَنٌ. وَيُقَالُ: الدَّاجَة مَا صَغُرَ مِنَ الْحَوَائِجِ، وَالْحَاجَةُ: مَا عَظُمَ مِنْهَا، وَيُرْوَى بِتَشْدِيدِ الْجِيمِ وَقَدْ تَقَدَّمَ. ابْنُ الأَعرابي: داجَ الرجلُ يَدُوج دَوْجاً إِذا خَدَمَ.
دَيَجَ: الدَّيَجانُ: الْكَبِيرُ مِنَ الجَرادِ؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ. ابْنُ الأَعرابي: داجَ الرجلُ يَديجُ دَيْجاً ودَيَجاناً إِذا مَشَى قَلِيلًا. شِمْرٌ: الدَّيَجانُ الْحَوَاشِي الصِّغَارُ؛ وأَنشد:
باتَتْ تُداعي قَرَباً أَفايِجَا ... بالخَلِّ، تَدْعُو الدَّيَجانَ الدَّاجِجا «4»

فصل الذال المعجمة
__________
(1).
قوله [يدهنج بالقعو] الذي تقدم يدهنج بالوطب، ولعله روي بهما. والوطب: سقاء اللبن. والقعو: البكرة أَو المحور من الحديد، كما في القاموس.
(2).
لم نجد لفظة هبرر في المعاجم.
(3).
قوله [والدهنج بالتحريك] عبارة القاموس: الدهنج كجعفر، ويحرك. قال شارحه: قال شيخنا توالي أربع حركات لا يعرف في كلمة عربية.
(4).
قوله [بالخل] أَي الطريق من الرمل، وتقدم في دجج بدل هذا الشطر:
تَدْعُو بِذَاكَ الدَّجَجَانَ الدَّارِجَا
فلعلهما روايتان.

(2/277)


ذأج: ذَئِجَ مِنَ الشَّرَابِ وذَأَجَ يَذْأَجُ ذَأْجاً وذَأَجاً: أَكثَرَ. والذَّأْجُ: الجَرْعُ الشَّدِيدُ. والذَّأْجُ: الشُّربُ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. وذَأَجَ إِذا أَكثر مِنْ شُرْبِ الماءِ. وذَأَجَ الماءَ يَذْأَجُه ذَأْجاً إِذا جَرَعَه جَرْعاً شَدِيدًا؛ قَالَ:
خَوامِصاً يَشْرَبْنَ شُرْباً ذَأْجَا، ... لَا يَتَعَيَّفْنَ الأُجاجَ المَأْجَا
وذَئِجَ مِنَ الشَّرَابِ وَمِنَ اللَّبَنِ أَو مَا كَانَ إِذا أَكثر مِنْهُ. الفراءُ: ذَئِجَ وضَئِمَ وصَئِبَ وقَئِبَ إِذا أَكثر مِنْ شُرْبِ الْمَاءِ. التَّهْذِيبُ: وذَأَجَ إِذا شَرِبَ قَلِيلًا. وذَأَجَ السِّقاءَ ذَأْجاً: خَرَقَهُ. وذَأَجَهُ ذَأْجاً: نَفَخَهُ؛ وَقَالَ الأَصمعي: إِذا نَفَخْتَ فِيهِ تَخَرَّقَ أَو لَمْ يَتَخَرَّقْ. وذَأَجَ النارَ ذَأْجاً وذَأَجاً: نَفَخَها، وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ بالحاءِ. وذَأَجَهُ ذَأْجاً وذَأَجاً: قَتَلَه؛ عَنْ كُرَاعٍ. التَّهْذِيبُ: وذَأَجَه إِذا ذبحه.
ذبج: الذُّوباجُ: مَقْلُوبٌ عَنِ الجُوذابِ، وَهُوَ الطَّعَامُ الَّذِي يُشَرَّحُ. فِي تَرْجَمَةِ جَذَبَ: حَكَى يَعْقُوبُ أَن رَجُلًا دَخَلَ عَلَى يَزِيدَ بنِ مِزْيَدٍ فأَكل عِنْدَهُ طَعَامًا، فَخَرَجَ وَهُوَ يَقُولُ: مَا أَطْيَبَ ذُوباجَ الأَرُزِّ بِجآجئِ الإِوَزِّ يُرِيدُ مَا أَطيب جُوذَابَ الأُرْزِ بصُدُور البَطِّ.
ذجج: التَّهْذِيبُ: ابْنُ الأَعرابي: ذَجَّ الرجلُ إِذا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ، فَهُوَ ذاجٌّ. أَبو عَمْرٍو: ذَجَّ إِذا شَرِبَ.
ذحج: الذَّحْجُ: كالسَّحْجِ سَواءً. وَقَدْ ذَحَجَه وذَحَجَتْهُ الرِّيحُ: جَرَّته مِنْ مَوْضِعٍ إِلى مَوْضِعٍ وَحَرَّكَتْهُ. وذَحَجَهُ ذَحْجاً: عَرَكَهُ، وَالدَّالُ لُغَةٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ. وذَحَجَتِ المرأَة بِوَلَدِهَا: رَمَتْ بِهِ عِنْدَ الْوِلَادَةِ. وأَذْحَجَتِ المرأَة عَلَى وَلَدِهَا: أَقامت. ومَذْحِجٌ: مالِكٌ وطيئٌ، سمِّيا بِذَلِكَ لأَن أُمهما لَمَّا هَلَكَ بَعْلُهَا أَذْحَجَتْ عَلَى ابْنَيْها طَيِّئٍ ومالكٍ هَذَيْنِ، فَلَمْ تتزوَّجْ بَعْدَ أُدَدٍ. رَوَى الأَزهري عَنِ ابْنِ الأَعرابي، قَالَ: وَلَدَ أُدَدُ بنُ زيدِ بنِ مُرَّةَ بنِ يَشْجُبَ مُرَّةَ والأَشْعَرَ، وأُمُّهما دَلَّةُ بِنْتُ ذِي مَنْجِشَانَ الْحِمْيَرِيِّ فَهَلَكَتْ، فَخَلَفَ عَلَى أُختها مُدِلَّةَ فَوَلَدَتْ مَالِكًا وطَيِّئاً وَاسْمُهُ جَلْهَمَةُ، ثُمَّ هلَكَ أُدَدُ فَلَمْ تَتَزَوَّجْ مُدِلَّةُ، وأَقامت عَلَى وَلَدَيْهَا مَالِكٍ وطَيِّئٍ مَذْحِجاً. ومَذْحِجٌ: اسْمُ أَكَمَةٍ، قِيلَ بِهَا سُمِّيَتْ أُمُّ مالكٍ وطَيِّئٍ مَذْحِجاً ثُمَّ صَارَ اسْمًا لِلْقَبِيلَةِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والأَوَّل أَعرف. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ فِي فَصْلِ الْمِيمِ مِنْ حَرْفِ الْجِيمِ مَذْحِجٌ تَرْجَمَةً، قَالَ فِي نَصِّهَا: مَذْحِجٌ مِثَالُ مَسْجِدٍ أَبو قَبِيلَةٍ مِنَ الْيَمَنِ وَهُوَ مَذْحِجُ ابنُ يُحابِرَ بنِ مالكِ بْنُ زَيْدِ بْنِ كهْلانَ بْنِ سَبَإ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: الْمِيمُ مِنْ نَفْسِ الْكَلِمَةِ، هَذَا نَصُّ الْجَوْهَرِيِّ. ووجدتُ فِي حَاشِيَةِ النُّسْخَةِ مَا صُورَتُهُ: هَذَا غلطٌ مِنْهُ عَلَى سِيبَوَيْهِ، إِنما هُوَ مَأْجَجٌ جَعَلَ مِيمَهَا أَصلًا كمَهْدَدٍ، لَوْلَا ذَلِكَ لَكَانَ مَأَجًّا ومَهَدًّا كَمَفَرٍّ، وَفِي الْكَلَامِ فَعْلَلٌ جَعْفَرٌ وَلَيْسَ فِيهِ فَعْلِلٌ، فَمَذْحِجٌ مَفْعِلٌ لَيْسَ إِلَّا، وكَمَذْحِجٍ مَنْبِجٌ يُحْكَمُ عَلَى زِيَادَةِ الْمِيمِ بِالْكَثْرَةِ وعدم النظير.
ذرج: أَذْرُجُ: مَدِينَةُ السَّرَاةِ؛ وَقِيلَ: إِنما هِيَ أَدْرُح «1».
ذعج: الذَّعْجُ: الدَّفْعُ الشَّدِيدُ وَرُبَّمَا كُنِّيَ بِهِ عَنِ النِّكَاحِ. يُقَالُ: ذَعَجَها يَذْعَجُها ذَعْجاً. قَالَ الأَزهري: لَمْ أَسمع الذَّعْجَ لِغَيْرِ ابْنِ دُرَيْدٍ وَهُوَ مِنْ مَنَاكِيرِهِ.
__________
(1).
قوله [وَقِيلَ إِنما هِيَ أَدرح] أَي بالدال والحاء المهملتين، وانظر ياقوت، فإِنه صوب هذا القيل وخطأ ما قبله وأَطال في ذلك.

(2/278)


ذلج: ذَلَجَ الماءَ فِي حَلْقِهِ: جَرَعَهُ وَكَذَلِكَ زَلَجَهُ.
ذوج: ذَاجَ الماءَ ذَوْجاً: جَرَعَهُ جَرْعاً شَدِيدًا. وذَاجَ يَذُوجُ ذَوْجاً: أَسرع، الأَخيرة عن كراع.
ذيج: ذاجَ يَذِيجُ ذَيْجاً: مرَّ مَرًّا سَرِيعًا، عَنْ كراع.
ذيذج: التَّهْذِيبُ فِي الرُّبَاعِيِّ: شَمِرٌ: الذَّيْذَجَانُ الإِبل تَحْمِلُ حُمُولَةَ التُّجَّارِ؛ وأَنشد:
إِذا وجَدْتَ الذَّيْذَجانَ الدَّارِجَا، ... رأَيْتَهُ فِي كلِّ بَهْوٍ دامِجَا

فصل الراء
ربج: التَّرَبُّجُ: التَّحَيُّرُ. ورجلٌ رَباجِيٌّ: يَفْتَخِرُ بأَكثر مِنْ فِعْلِهِ، قَالَ:
وتَلْقَاهُ رَبَاجِيًّا فَخُورَا
والرَّوْبَجُ: درهمٌ يَتَعَامَلُ بِهِ أَهل الْبَصْرَةِ، فارسيٌّ دَخِيلٌ. ابْنُ الأَعرابي: أَبْرَجَ الرجلُ إِذا جَاءَ ببَنينَ مِلاحٍ، وأَرْبَجَ إِذا جَاءَ بِبَنِينَ قِصَارٍ. أَبو عَمْرٍو: الرَّبْجُ الدِّرْهَمُ الصَّغِيرُ، الأَزهري: سَمِعْتُ أَعرابيّاً يُنْشِدُ وَنَحْنُ يَوْمَئِذٍ بالصَّمَّان:
تَرْعَى مِنَ الصَّمَّانِ رَوْضاً آرِجاً، ... مِنْ صِلِّيَانٍ، ونَصِيًّا رَابِجَا،
ورُغُلًا باتَتْ بِهِ لَوَاهِجَا
قَالَ: فسأَلته عَنِ الرابِجِ، فَقَالَ: المُمْتَلِئُ الرَّيَّانُ، قَالَ: وأَنشدنيه أَعرابي آخَرُ فَقَالَ: ونَصِيًّا رَابِجًا، وَهُوَ الْكَثِيفُ الْمُمْتَلِئُ، قَالَ: وَفِي هَذِهِ الأُرجوزة:
وأَظْهَرَ الماءُ لَهَا رَوَابِجَا
يَصِفُ إِبلًا وَرَدَتْ مَاءً عِدًّا فَنَفَضَتْ جِرَرَها، فَلَمَّا رَوِيَتْ انْتفختْ خَوَاصِرُهَا وَعَظُمَتْ، فَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ رَوَابِجًا. الْجَوْهَرِيُّ: الرَّباجَةُ البَلادَةُ، وَمِنْهُ قَوْلُ أَبي الأَسود العِجْلِيِّ:
وقُلْتُ لِجارِي مِن حَنيفةَ: سِرْ بِنا ... نُبَادِرْ أَبا لَيْلَى، وَلَمْ أَتَرَبَّجِ
أَي ولم أَتَبَلَّد.
رتج: الرَّتَجُ والرِّتاجُ: البابُ الْعَظِيمُ؛ وَقِيلَ: هُوَ الْبَابُ المُغْلَقُ. وَقَدْ أَرْتَجَ البابَ إِذا أَغلقه إِغلاقاً وَثِيقًا؛ وأَنشد:
أَلم تَرَني عاهَدْتُ رَبِّي، وإِنَّني ... لَبَيْنَ رِتَاجٍ مُقْفَلٍ ومَقَامِ
وَقَالَ الْعَجَّاجُ:
أَو تَجْعَلِ البَيْتَ رِتاجاً مُرْتَجَا
وَمِنْهُ رِتاجُ الْكَعْبَةِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
إِذا أَحْلَفُوني فِي عُلَيَّةَ، أُجْنِحَتْ ... يَمِيني إِلى شَطْرِ الرِّتاجِ المُضَبَّبِ
وَقِيلَ: الرِّتاجُ البابُ المُغْلَقُ وَعَلَيْهِ بابٌ صَغِيرٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن أَبواب السَّمَاءِ تُفتح وَلَا تُرْتَجُ
أَي لَا تُغْلق؛ وَفِيهِ
أَمرنا رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بإِرْتاجِ الْبَابِ
أَي إِغلاقه. وَفِي الْحَدِيثِ:
جَعَلَ مالَه فِي رِتاجِ الْكَعْبَةِ
أَي فِيهَا فَكَنَى عَنْهَا بِالْبَابِ، لأَن مِنْهُ يُدخل إِليها؛ وَجَمْعُ الرِّتاجِ رُتُجٌ. وَفِي حَدِيثِ
مُجَاهِدٍ عَنْ بَنِي إِسرائيل: كانَتِ الجَرادُ تأْكل مَسَامِيرَ رُتُجِهِمْ
أَي أَبْوابهِم. وَفِي حَدِيثِ
قُسٍّ: وأَرضٌ ذاتُ رِتاجٍ.
والمَرَاتِجُ: الطُّرقُ الضيِّقة؛ وَقَوْلُ جَنْدَلِ بنِ

(2/279)


المُثَنَّى:
فَرَّجَ عَنْها حَلَقَ الرَّتائِجِ
إِنما شَبَّهَ مَا تَعَلَّقَ مِنَ الرَّحِمِ عَلَى الْوَلَدِ بالرِّتاجِ الَّذِي هُوَ الْبَابُ. ورَتَجَهُ وأَرْتَجَهُ: أَوْثَقَ إِغلاقَه، وأَبى الأَصمعي إِلَّا أَرْتَجَه. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لأَنْفِ البابِ: الرِّتاجُ، وَلِدَرَوَنْدِهِ: النِّجافُ. ولِمِتْراسِهِ: القُنَّاحُ. والمِرْتاجُ: المِغْلاقُ. وأُرْتِجَ عَلَى الْقَارِئِ، عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، إِذا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْقِرَاءَةِ، كأَنه أُطْبِقَ عَلَيْهِ كَمَا يُرْتَجُ البابُ؛ وَكَذَلِكَ ارْتُتِجَ عَلَيْهِ، وَلَا تَقُلِ «1» ارْتُجَّ عَلَيْهِ، بِالتَّشْدِيدِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: أَنه صَلَّى بِهِمُ الْمَغْرِبَ فَقَالَ: وَلَا الضَّالِّينَ، ثُمَّ أُرْتِجَ عَلَيْهِ
أَي اسْتُغْلِقَتْ عَلَيْهِ القراءةُ. وَفِي التَّهْذِيبِ: أُرْتِجَ عَلَيْهِ وارْتُجَّ، ورَتِجَ فِي مَنْطِقِهِ رَتَجاً: مأْخوذ مِنَ الرِّتاجِ، وَهُوَ الْبَابُ. وأَرْتَجْتُ البابَ: أَغْلَقْتُه. وأُرْتِجَ عَلَيْهِ: اسْتُغْلِقَ عَلَيْهِ الْكَلَامُ، وأَصله بِالْكَسْرِ، مِنْ ذَلِكَ. وأَرْتَجَتِ النَّاقةُ، وَهِيَ مُرْتِجٌ، إِذا قَبِلَتْ ماءَ الْفَحْلِ فَأَغْلَقَتْ رَحِمَها عَلَيْهِ؛ أَنشد سِيبَوَيْهِ:
يَحْدُو ثمانيَ مُولَعاً بِلِقَاحِها، ... حَتَّى هَمَمْنَ بِزَيْغَةِ الإِرْتاجِ
وأَرْتَجَتِ الأَتانُ إِذا حَمَلَتْ، فَهِيَ مُرْتِجٌ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
كَأَنَّا نشُدُّ المَيْسَ فَوْقَ مَرَاتِجٍ ... مِنَ الحُقْبِ، أَسْفَى حَزْنُها وسُهُولُها «2»
وناقةٌ رِتاجُ الصَّلا إِذا كَانَتْ وثِيقَةً وَثِيجَةً؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
رِتاجُ الصَّلا، مَكْنوزَةُ الحَاذِ يَسْتَوِي، ... عَلَى مِثْلِ خَلْقاءِ الصَّفاةِ، شَلِيلُها
قَالَ الأَزهري: يُقَالُ لِلْحَامِلِ مُرْتِجٌ لأَنها إِذا عَقَدَتْ عَلَى مَاءِ الْفَحْلِ، انْسَدَّ فَمُ الرَّحِم فَلَمْ يَدْخُلْهُ، فكأَنها أَغلقته عَلَى مَائِهِ. وأَرْتَجَتِ الدَّجَاجَةُ إِذا امْتَلأَ بَطْنها بَيْضًا وأَمْكَنَتِ البَيْضَةَ كَذَلِكَ. والرِّتاجَةُ: كلُّ شِعْبٍ ضَيِّقٍ كأَنه أُغلق مِنْ ضِيقِهِ؛ قَالَ أَبو زُبَيْدٍ الطَّائِيُّ:
كأَنَّهُمْ صادَفُوا دُونِي بِهِ لَحِماً، ... ضافَ الرِّتاجَةَ فِي رَحْلٍ تَباذِيرِ
وسَيْر رَتِجٌ: سَرِيعٌ؛ قَالَ ساعدةُ بنُ جُؤَيَّةَ يَصِفُ سَحَابًا:
فَأَسْأَدَ اللَّيْلَ إِرْقاصاً وزَفْزَفَةً، ... وغَارَةً وَوَسِيجاً غَمْلَجاً رَتِجَا
أَبو عَمْرٍو: تَرَجَ إِذا اسْتتر، ورَتِجَ إِذا أَغْلَقَ «3» كَلَامَا أَو غَيْرَهُ. الْفَرَّاءُ: بَعِلَ الرجلُ ورَتِجَ ورَجِيَ وغَزِلَ، كُلُّ هَذَا إِذا أَراد الْكَلَامَ فأُرْتِجَ عَلَيْهِ. وَيُقَالُ: أُرْتِجَ عَلَى فُلَانٍ إِذا أَراد قَوْلًا أَو شِعْرًا، فَلَمْ يَصِلْ إِلى تَمَامِهِ. وَيُقَالُ: فِي كَلَامِهِ رَتَجٌ أَي تَتَعْتُعٌ. والرَّتَجُ: اسْتِغْلَاقُ الْقِرَاءَةِ عَلَى الْقَارِئِ. يُقَالُ: أُرْتِجَ عَلَيْهِ وارْتُجَّ عَلَيْهِ، واسْتُبْهِمَ عَلَيْهِ. التَّهْذِيبُ: قَالَ شَمِرٌ: مَنْ رَكِبَ الْبَحْرَ إِذا أَرْتَجَ،
__________
(1).
قوله [ولا تقل إلخ] عن بعضهم أَن له وجهاً، وأَن معناه: وقع في رجة، وهي الاختلاط. كذا بهامش النهاية ويؤيده عبارة التهذيب بعد.
(2).
قوله [كأنا نشد الميس إلخ] الذي في الأَساس: كأنا نشد الرحل فوق إلخ وكأنهما روايتان إذ الميس هو الرحل كما في شرح القاموس.
(3).
قوله [ترج إِذا استتر] بابه كتب. [ورتج إذا أغلق إلخ] بابه فرح، كما في القاموس.

(2/280)


فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ، وَقَالَ: هَكَذَا قَيَّدَهُ بِخَطِّهِ. قَالَ: وَيُقَالُ: أَرْتَجَ البحرُ إِذا هَاجَ؛ وَقَالَ الغِتْريفيُّ: أَرْتَجَ البحرُ إِذا كَثُرَ ماؤُه فَعَمَّ كلَّ شَيْءٍ. قَالَ، وَقَالَ أَخوه: السَّنَةُ تُرْتِجُ إِذا أَطْبَقَتْ بالجدْب، وَلَمْ يَجِدِ الرَّجُلُ مَخْرَجًا، وَكَذَلِكَ إرْتاجُ الْبَحْرِ لَا يَجِدُ صَاحِبُهُ مِنْهُ مَخْرَجًا؛ وإِرْتاجُ الثَّلْجِ: دوامُه وإِطباقُه؛ وإِرتاجُ الْبَابِ، مِنْهُ. قَالَ: والخِصْبُ إِذا عمَّ الأَرض فَلَمْ يُغَادِرْ مِنْهَا شَيْئًا، فَقَدْ أَرْتَجَ؛ وأَنشد:
فِي ظُلْمَة مِنْ بَعِيدِ القَعْرِ مُرْتاجِ
وَفِي الْحَدِيثِ ذُكِرَ رَاتِجٌ، بِكَسْرِ التَّاءِ، وَهُوَ أُطُمٌ مِنْ آطَامِ الْمَدِينَةِ كَثِيرُ الذِّكر فِي الْحَدِيثِ والمغازي.
رجج: الرَّجاجُ، بِالْفَتْحِ: الْمَهَازِيلُ مِنَ النَّاسِ والإِبل وَالْغَنَمِ؛ قَالَ القُلاخُ بنُ حَزْنٍ:
قَدْ بَكَرَتْ مَحْوَةُ بالعَجَاجِ، ... فَدَمَّرَتْ بَقِيَّةَ الرَّجاجِ
مَحوَة: اسْمُ عَلَمٍ لِرِيحِ الجَنُوب. وَالْعَجَاجُ: الْغُبَارُ. ودَمَّرَت: أَهلكت. وَنَعْجَةٌ رَجَاجَةٌ: مَهْزُولَةٌ. والإِبل رَجْراجٌ، وَنَاسٌ رَجْراجٌ: ضُعَفَاء لَا عُقُولَ لَهُمْ. الأَزهري فِي أَثناء كَلَامِهِ عَلَى هملج؛ وأَنشد:
أَعطى خَليلي نَعْجَةً هِمْلاجَا ... رَجَاجَةً، إِنَّ لَهَا رَجَاجَا
قَالَ: الرَّجاجة الضَّعِيفَةُ الَّتِي لَا نِقْيَ لَهَا؛ وَرِجَالٌ رَجَاجٌ: ضُعَفَاءُ. التَّهْذِيبُ: الرَّجاجُ الضُّعَفاءُ مِنَ النَّاسِ والإِبل؛ وأَنشد:
أَقْبَلْنَ، مِنْ نِيرٍ ومِنْ سُواجِ، ... بالقَوْمِ قَدْ مَلُّوا مِنَ الإِدْلاجِ،
يَمْشُونَ أَفْواجاً إِلى أَفْوَاجِ، ... مَشْيَ الفَرَارِيجِ مَعَ الدَّجَاجِ،
فَهُمْ رَجَاجٌ وَعَلَى رَجَاجِ
أَي ضَعُفُوا مِنَ السَّيْرِ وَضَعُفَتْ رَوَاحِلُهُمْ. ورِجْرِجَةُ النَّاسِ: الَّذِينَ لَا خَيْرَ فِيهِمْ. والرِّجْرِجةُ: شِرارُ النَّاسِ. وَفِي حَدِيثِ
الْحَسَنِ «1» أَنه ذَكَرَ يَزِيدَ بْنَ الْمُهَلَّبِ، فَقَالَ: نَصَبَ قَصَباً عَلَّقَ فِيهَا خِرَقاً، فاتَّبَعَهُ رِجْرِجةٌ مِنَ النَّاسِ
؛ شَمِرٌ: يَعْنِي رُذال النَّاسِ ورِعاعهم الَّذِينَ لَا عُقُولَ لَهُمْ؛ يُقَالُ: رِجْراجَة مِنَ النَّاسِ ورِجْرجَةٌ. الْكِلَابِيُّ: الرِّجْرِجَةُ مِنَ الْقَوْمِ: الَّذِينَ لَا عَقْلَ لَهُمْ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: النَّاسُ رَجاجٌ بَعْدَ هَذَا الشَّيْخِ
، يَعْنِي مَيْمُونَ بنَ مِهْرانَ؛ هُمْ رِعاعُ النَّاسِ وجُهَّالُهم. وَيُقَالُ للأَحمق: إِن قَلْبَكَ لكثيرُ الرَّجْرَجَةِ؛ وفلانٌ كَثِيرُ الرِّجْرِجَةِ أَي كَثِيرُ البُزاق. والرِّجْرِجَةُ: الْجَمَاعَةُ الْكَثِيرَةُ فِي الْحَرْبِ. والرَّجاجَةُ: عِرِّيسَةُ الأَسد. ورَجَّةُ الْقَوْمِ: اخْتِلَاطُ أَصواتهم، ورَجَّةُ الرَّعد: صَوْتُهُ. والرَّجُّ: التَّحْرِيكُ؛ رَجَّهُ يَرُجُّهُ رَجّاً: حَرَّكَهُ وزَلْزَلَه فارْتَجَّ، ورَجْرَجَهُ فَتَرَجْرَجَ. والرَّجُّ: تَحْرِيكُكَ شَيْئًا كَحَائِطٍ إِذا حَرَّكْتَهُ، وَمِنْهُ الرَّجْرَجَةُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا
؛ مَعْنَى رُجَّتْ: حُرِّكَتْ حَرَكَةً شَدِيدَةً وزُلْزِلَتْ. والرَجْرَجَةُ: الاضطراب.
__________
(1).
قوله [وفي حديث الحسن] أَي لما خرج يزيد ونصب رايات سوداً، وقال: أدعوكم إلى سنة عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. فقال الحسن في كلام له: نصب قصباً علق عليها خرقاً ثم اتبعه رجرجة من الناس، رعاع هباء. والرجرجة، بكسر الراءين: بقية الحوض كدرة خاثرة تترجرج. شبه بها الرذال من الأَتباع في أنهم لا يغنون عن المتبوع شيئاً كما لا تغني هي عن الشارب؛ وشبههم أيضاً بالهباء، وهو ما يسطع مما تحت سنابك الخيل. وهبا الغبار يهبو وأهبى الفرس، كذا بهامش النهاية.

(2/281)


وارْتَجَّ الْبَحْرُ وَغَيْرُهُ: اضْطَرَبَ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ رَكِبَ الْبَحْرَ حِينَ يَرْتَجُّ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ
، يَعْنِي إِذا اضْطَرَبَتْ أَمواجه؛ وَهُوَ افْتَعَلَ مِنَ الرَّجِّ، وَهُوَ الْحَرَكَةُ الشَّدِيدَةُ؛ وَمِنْهُ: إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا
.
وَرُوِيَ أَرْتَجَ مِنَ الإِرتاج الإِغْلاق، فإِن كَانَ مَحْفُوظًا، فَمَعْنَاهُ أَغلق عَنْ أَن يَرْكَبَ، وَذَلِكَ عِنْدَ كَثْرَةِ أَمواجه؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ النَّفْخِ فِي الصُّوَرِ:
فَتَرْتَجُّ الأَرض بأَهلها
أَي تَضْطَرِبُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
ابْنُ الْمُسَيَّبِ: لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ارْتَجَّتْ مكةُ بِصَوْتٍ عالٍ.
وَفِي تَرْجَمَةِ رَخَخَ: رَخَّه شَدَخَه؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
فَلَبَّدَهُ مَسُّ القِطارِ، ورَخَّه ... نِعاجٌ رَوافٍ، قَبْلَ أَن يَتَشَدَّدا
قَالَ: وَيُرْوَى ورَجَّه، بِالْجِيمِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عليٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: وأَما شَيْطَانُ الرَّدْهَةِ فَقَدْ لقِيتُه بِصَعْقةٍ سمِعتُ لَهَا وَجْبَةَ قَلْبِه ورَجَّةَ صَدْرِهِ
؛ وَحَدِيثُ
ابْنِ الزُّبَيْرِ: جَاءَ فَرَجَّ البابَ رَجّاً شَدِيدًا
أَي زَعْزَعَهُ وَحَرَّكَهُ. وَقِيلَ لابنةِ الخُسِّ: بمَ تَعْرِفِينَ لِقاحَ نَاقَتِكِ؟ قَالَتْ: أَرى العَيْنَ هاجَ، والسَّنَامَ راجَ، وتَمْشي وتَفَاجَ. وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وأُراها تَفَاجُّ وَلَا تَبُولُ مَكَانَ قَوْلِهِ وَتَمْشِي وتَفاج؛ قَالَتْ: هاجَ فذكَّرَتِ العَيْنَ حَمْلًا لَهَا عَلَى الطرْف أَو الْعُضْوِ، وَقَدْ يَجُوزُ أَن تَكُونَ احْتَمَلَتْ ذَلِكَ لِلسَّجْعِ. والرَّجَجُ: الِاضْطِرَابُ. وَنَاقَةٌ رَجَّاءُ: مُضْطَرِبَةُ السَّنامِ؛ وَقِيلَ: عَظِيمَةُ السَّنامِ. وكَتِيبَةٌ رَجْراجَة: تَمَخَّضُ فِي سَيْرِهَا وَلَا تَكَادُ تَسِيرُ لِكَثْرَتِهَا؛ قَالَ الأَعشى:
ورَجْراجَةٍ، تَغْشَى النَّواظِرَ، فَخْمَةٍ، ... وكُومٍ، عَلَى أَكْنَافِهِنَّ الرَّحائِلُ
وامرأَة رَجْراجَةُ: مُرْتَجَّةُ الكَفَلِ يَتَرَجْرَجُ كَفَلُهَا وَلَحْمُهَا. وتَرَجْرَجَ الشيءُ إِذا جَاءَ وَذَهَبَ. وثَرِيدَةٌ رِجْراجَةٌ: مُلَيَّنَةٌ مُكْتَنِزَةٌ. والرِّجْرِجُ: مَا ارْتَجَّ مِنْ شَيْءٍ. التَّهْذِيبُ: الارْتِجاجُ مُطَاوَعَةُ الرَّجِّ. والرِّجْرِجُ والرِّجْرِجَةُ، بِالْكَسْرِ: بَقِيَّةُ الْمَاءَ فِي الْحَوْضِ؛ قَالَ هِمْيانُ بنُ قُحافَةَ:
فَأَسْأَرَتْ فِي الحَوْضِ حِضْجاً حاضِجَا، ... قَدْ عادَ مِنْ أَنْفاسِها رَجَارِجَا
الصِّحَاحُ: والرِّجْرِجَةُ، بِالْكَسْرِ، بقيةُ الْمَاءِ، فِي الْحَوْضِ، الكَدِرَةُ المختلطةُ بِالطِّينِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: لَا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلا عَلَى شِرارِ الناس كرِجْرِجَة الماء الخبيت
؛ الرِّجرِجة، بِكَسْرِ الرَّاءَيْنِ: بَقِيَّةُ الْمَاءِ الْكَدِرِ فِي الْحَوْضِ الْمُخْتَلِطَةُ بِالطِّينِ وَلَا يُنْتَفَعُ بِهَا؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الْحَدِيثُ يُرْوَى كرِجْراجَةٍ، وَالْمَعْرُوفُ فِي الْكَلَامِ رِجْرِجَة؛ والرَّجْراجَةُ: المرأَة الَّتِي يَتَرَجْرَجُ كَفَلُهَا. وكَتِيبة رَجْراجَة: تَمُوجُ مِنْ كَثْرَتِهَا؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: فكأَنه، إِن صَحَّتِ الرِّوَايَةُ، قَصَدَ الرِّجْرِجة، فَجَاءَ بِوَصْفِهَا لأَنها طِينَةٌ رَقِيقَةٌ تَتَرَجْرَجُ؛ وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: لَا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلا عَلَى شِرَارِ النَّاسِ كرِجْراجَةِ الْمَاءِ الَّتِي لَا تُطْعِمُ
«2»
؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: حَكَاهُ أَبو عُبَيْدٍ، وإِنما الْمَعْرُوفُ الرِّجْرِجَةُ؛ قَالَ: وَلَمْ أَسمع بالرِّجْراجَةِ فِي هَذَا الْمَعْنَى إِلَّا فِي هَذَا الْحَدِيثِ؛ وَفِي رِوَايَةٍ:
كرِجْرِجَةِ الْمَاءِ الْخَبِيثِ الَّذِي لَا يَطَّعِمُ.
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: أَما كَلَامُ الْعَرَبِ فرِجْرِجَةٌ، وَهِيَ بَقِيَّةُ الْمَاءِ فِي الْحَوْضِ الْكَدِرَةُ الْمُخْتَلِطَةُ بالطين، لا يمكن
__________
(2).
قوله [التي لا تطعم] من أطعم أَيْ لَا طَعْمَ لَهَا. وقوله [الذي لا يطعم] هو يفتعل من الطعم، كيطرد من الطرد أَيْ لَا يَكُونُ لَهَا طعم، أَفاده في النهاية.

(2/282)


شُرْبُهَا وَلَا يُنْتَفَعُ بِهَا، وإِنما تَقُولُ الْعَرَبُ الرَّجْراجَةُ لِلْكَتِيبَةِ الَّتِي تَمُوجُ مِنْ كَثْرَتِهَا؛ وَمِنْهُ قِيلَ: امرأَة رَجْراجَة يَتَحَرَّكُ جَسَدُهَا، وَلَيْسَ هَذَا مِنَ الرِّجْرِجة فِي شَيْءٍ. والرِّجْرِجَةُ: الْمَاءُ الَّذِي قَدْ خَالَطَهُ اللُّعابُ. والرِّجرِجُ أَيضاً: اللُّعابُ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ يَصِفُ بَقَرَةً أَكل السَّبُعُ وَلَدَهَا:
كادَ اللُّعاعُ مِنَ الحَوْذانِ يَسْحَطُها، ... ورِجْرِجٌ بَيْنَ لَحْيَيْها خَنَاطِيلُ
وَهَذَا الْبَيْتُ أَورده الْجَوْهَرِيُّ «1» شَاهِدًا عَلَى قَوْلِهِ: والرِّجْرِجُ أَيضاً نَبْتٌ، وأَنشده. وَمَعْنَى يَسْحَطُها: يَذْبَحُهَا وَيَقْتُلُهَا، أَي لَمَّا رأَت الذِّئْبَ أَكل وَلَدَهَا، غَصَّتْ بِمَا لَا يُغَصُّ بِمِثْلِهِ لِشِدَّةِ حُزْنِهَا. وَالْخَنَاطِيلُ: الْقِطَعُ الْمُتَفَرِّقَةُ، أَي لَا تُسِيغُ أَكل الحَوْذانِ واللُّعاعِ مَعَ نُعُومَتِهِ. والرِّجْرِجُ: ماءُ القَريسِ. والرَّجْرَجُ: نَعْتُ الشَّيْءِ الَّذِي يَتَرَجْرَجُ؛ وأَنشد:
وكَسَتِ المِرْطَ قَطاةً رَجْرَجا
والرِّجْرِجُ: الثَّرِيدُ المُلَبَّقُ. والرَّجْراجُ: شَيْءٌ مِنَ الأَدوية. الأَصمعي وَغَيْرُهُ: رَجْرَجْتُ الماءَ ورَدَمْتُه أَي نَبَثْتُه. وارْتَجَّ الكلامُ: الْتَبَسَ؛ ذَكَرَهُ ابْنُ سِيدَهْ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ، قَالَ: وأَرض مُرْتَجَّةُ كثيرة النبات.
رخج: اللَّيْثُ: رَخَجُ «2» أعْرابُ رَخَدَ، وَهُوَ اسْمُ كورَةٍ معروفة.
ردج: الرَّدَجُ: أَول مَا يَخْرُجُ مِنَ بَطْنِ الصَّبِيِّ وَالْبَغْلِ والمُهْرِ والجَحْشِ والجَدْيِ والسَّخْلَةِ قَبْلَ الأَكل، وَهُوَ بِمَنْزِلَةٍ العِقْيِ مِنَ الصَّبِيِّ؛ وَقِيلَ: هُوَ أَول شَيْءٍ يَخْرُجُ مِنْ بَطْنِ كُلِّ ذِي حَافِرٍ إِذا وُلِدَ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَن يأْكل شَيْئًا، وَالْجَمْعُ أَرْداجٌ. وَقَدْ رَدَجَ الْمُهْرُ يَرْدِجُ رَدْجاً، بِفَتْحِ الدَّالِّ فِي الْمَاضِي، وَكَسْرِهَا فِي الْآتِي، وَسُكُونِهَا فِي الْمَصْدَرِ؛ قَالَ الأَزهري: الرَّدَجُ لَا يَكُونُ إِلَّا لِذِي الْحَافِرِ كَمَا قَالَ أَبو زَيْدٍ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
لَها رَدَجٌ فِي بَيْتِهَا تَسْتَعِدُّهُ، ... إِذا جاءَها، يَوْماً مِنَ الناسِ، خاطِبُ
قَالَ ابْنُ الأَعرابي: نِسَاءُ الأَعراب يَتَطَيَّرْنَ بالرَّدَجِ. والأَرَنْدَجُ واليَرَنْدَجُ: الْجِلْدُ الأَسود تُعمل مِنْهُ الخِفافُ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
كأَنه مُسَرْوَلٌ أَرَنْدَجَا
الأَرَنْدَجُ: جِلْدٌ أَسود تُعْمَلُ مِنْهُ الأَخفاف، وَقَدْ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي مَوْضِعِهِ مُسْتَوْفًى؛ وَقَالَ الشَّمَّاخُ:
ودَوِّيَّةٍ قَفْرٍ، تمَشِّي نَعامها، ... كَمَشْيِ النَّصارى فِي خِفافِ اليَرَنْدَجِ
وَقَالَ الأَعشى:
عَلَيْهِ دَيابوذٌ، تَسَرْبَلَ تَحْتَهُ ... أَرَنْدَجُ إِسكافٍ يُخالِطُ عِظْلِما
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَورده الْجَوْهَرِيُّ أَرَنْدَجُ، وَصَوَابُهُ أَرَنْدَجَ، بِالنَّصْبِ. والدَّيابُوذُ: ثَوْبٌ يُنْسَجُ عَلَى نِيرَيْنِ؛ شَبَّهَ بِهِ الثَّوْرَ الْوَحْشِيَّ لِبَيَاضِهِ، وَشَبَّهَ سَوَادَ قَوَائِمِهِ بالأَرَنْدَجِ. والعِظْلِمُ: شَجَرٌ لَهُ ثَمَرٌ أَحمر إِلى السَّوَادِ. واليَرَنْدَجُ بِالْفَارِسِيَّةِ: رَنْدَهْ؛ وَقِيلَ: هُوَ صِبْغٌ أَسود، وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى الدَّارِشَ؛ فأَما قوله
__________
(1).
قوله [وَهَذَا الْبَيْتُ أَوْرَدَهُ الْجَوْهَرِيُّ إلخ] وضبط الرجرج في البيت، بكسر الراءين بالقلم، فِي نُسْخَةٍ مِنَ الصِّحَاحِ، كما ضبط كذلك في أصل اللسان، ولكن في القاموس الرجرج كفلفل أي بضم الراءين، نبت. ولعل الضبطين سمعا.
(2).
قوله [الليث رخج إلخ] عبارة ياقوت رخج كزمج أي بصم أوله وفتح ثانيه مشدداً، تعريب رخو بهذا الضبط: كورة ومدينة من نواحي كابل.

(2/283)


يَصِفُ امرأَة بالغَرارَةِ.
لَمْ تَدْرِ مَا نَسْجُ اليَرَنْدَجِ قَبْلَها، ... ودِرَاسُ أَعْوَصَ دارِسٍ مُتَخَدِّدِ
فإِنه ظَنَّ أَن اليَرَنْدَجَ نَسْجٌ؛ وَقِيلَ: أَراد أَن هَذِهِ المرأَة لِغِرَّتِها وَقِلَّةِ تَجارِبها ظَنَّتْ أَن اليَرَنْدَجَ مَنْسُوجٌ. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: اليَرَنْدَجُ والأَرَنْدَجُ الدَّارِشُ بِعَيْنِهِ؛ قَالَ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ جلدٌ غَيْرُ الدَّارِشِ؛ قَالَ: وَقِيلَ هُوَ الزَّاجُ يُسَوَّدُ بِهِ؛ وأَورد الأَزهري يَرَنْدَجَ وأَرندج فِي الرُّبَاعِيِّ؛ ابْنُ السِّكِّيتِ: وَلَا يُقَالُ الرَّنْدَجُ.
رعج: رَعَجَ البرقُ وَنَحْوُهُ يَرْعَجُ رَعْجاً ورَعَجاً وارْتَعَجَ: اضطربَ وتتابعَ. والارتعاجُ فِي الْبَرْقِ: كثرتُه وتتابعُه. والإِرْعاجُ: تلأْلؤُ الْبَرْقِ وَتَفَرُّطُهُ فِي السَّحَابِ؛ وأَنشد الْعَجَّاجُ:
سَحّاً أَهاضِيبَ وبَرْقاً مُرْعِجا
قَالَ أَبو سَعِيدٍ: الِارْتِعَاجُ وَالِارْتِعَاشُ وَالِارْتِعَادُ، وَاحِدٌ. وارْتَعَجَ الْعَدَدُ: كَثُرَ. وارْتِعاجُ الْمَالِ: كَثْرَتُهُ. والرَّعْجُ: الْكَثِيرُ مِنَ الشَّاءِ مِثْلُ الرَّفِّ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا كَثُرَ مَالُهُ وَعَدَدُهُ: قَدِ ارْتَعَجَ مالُه وارْتَعَجَ عَدَدُهُ. وارْتَعَجَ الْوَادِي: امتلأَ. وَفِي حَدِيثِ
قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بَطَراً وَرِئاءَ النَّاسِ؛ هُمْ مُشْرِكُو قُرَيْشٍ يَوْمَ بَدْرٍ، خَرَجُوا وَلَهُمُ ارْتِعاجٌ
أَي كَثْرَةٌ واضطرابٌ وتَمَوُّجٌ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: ورَعَجَني الأَمرُ وأَرْعَجَني: أَقلقني. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَفِي حَدِيثِ الإِفك:
فارْتَعَجَ العسكرُ
؛ قَالَ: وَيُقَالُ رَعَجَهُ الأَمر وأَرْعَجَهُ أَي أَقلقه؛ وَمِنْهُ رَعِجَ الْبَرْقُ وأَرْعَجَ إِذا تَتَابَعَ لمَعانه. قَالَ الأَزهري: هَذَا مُنْكَرٌ وَلَا آمَنُ أَن يَكُونَ مصحَّفاً، وَالصَّوَابُ أَزعجني بِمَعْنَى أَقلقني، بِالزَّايِ، وَسَنَذْكُرُهُ.
رفج: اللَّيْثُ: الرَّفُوجُ أَصلُ كَرَبِ النَّخْلِ. قَالَ الأَزهري: وَلَا أَدري «1» أَعربي أَم دَخِيلٌ؟
رمج: الرَّامِجُ: المِلْواحُ الَّذِي يُصَادُ بِهِ الصُّقُور وَنَحْوُهَا مِنْ جَوَارِحِ الطَّيْرِ، اسْمٌ كالغارِب. والتَّرْمِيجُ: إِفساد السُّطُورِ بَعْدَ تَسْوِيَتِهَا وَكِتَابَتِهَا بِالتُّرَابِ وَنَحْوِهِ؛ يُقَالُ: رَمَّجَ مَا كَتَبَ بِالتُّرَابِ حَتَّى فَسَدَ. ابْنُ الأَعرابي: الرَّمْجُ إِلقاء «2» الطَّائِرِ سَجَّه أَي ذَرْقَه.
رنج: الرَّانِجُ: النارَجِيلُ، وَهُوَ جَوْزُ الهِنْدِ، حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ، وَقَالَ: أَحسبه مُعَرَّبًا «3».
رهج: الرَّهْجُ والرَّهَجُ: الْغُبَارُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا خَالَطَ قلبَ امْرِئٍ رَهَجٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا حرَّم اللَّهُ عَلَيْهِ النَّارَ
؛ الرَّهَجُ: الْغُبَارُ. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
مَنْ دَخَلَ جَوْفَهُ الرَّهَجُ، لَمْ يَدْخُلْهُ حَرُّ النَّارِ.
وأَرْهَجَ الغبارَ: أَثاره. والرَّهَجُ: السَّحَابُ الرَّقِيقُ كأَنه غُبَارٌ؛ وَقَوْلُ مَلِيحٍ الْهُذَلِيِّ:
فَفِي كُلِّ دارٍ مِنْكِ للقَلْبِ حَسْرَةٌ، ... يكونُ لَهَا نَوْءٌ، مِنَ العينِ، مُرْهِجُ
أَراد شِدَّةَ وَقْعِ دُمُوعِهَا حَتَّى كأَنها تُثِيرُ الْغُبَارَ. وأَرْهَجَتِ السَّمَاءُ إِرْهاجاً إِذا هَمَّتْ بِالْمَطَرِ. ونَوْءٌ مُرْهِج: كَثِيرُ الْمَطَرِ. والرَّهْوَجَةُ: ضَرْبٌ مِنَ السير. ومَشْيٌ رَهْوَجٌ:
__________
(1).
قوله [قَالَ الأَزهري وَلَا أَدري إلخ] في القاموس: الرفوج كصبور أصل كرب النخل، أزدية.
(2).
قوله [الرمج إلقاء إلخ] مصدر رمج من باب كتب كما في القاموس وغيره.
(3).
قوله [أَحسبه معرباً] بهامش شرح القاموس أنه معرب وأنه بفتح النون انتهى. وفي القاموس الرانج، بكسر النون: تمر أَملس كالتعضوض، واحدته بهاء، والجوز الهندي.

(2/284)


سَهْلٌ لَيِّنٌ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
مَيَّاحَةٌ تَمِيحُ مَشْياً رَهْوَجا
وأَصله بِالْفَارِسِيَّةِ: رَهْوَه. والرِّهْجِيجُ: الضَّعِيفُ مِنَ الفُصْلان «1»؛ وَقَالَ الرَّاجِزُ:
وَهِيَ تَبُدُّ الرُّبَعَ الرِّهْجِيجا ... فِي المَشْي، حَتَّى يَرْكَبَ الوَسِيجا
ابْنُ الأَعرابي: أَرْهَجَ إِذا أَكثر بَخُورَ بَيْتِهِ، قَالَ: والرَّهَج الشَّغَبُ.
روج: راجَ الأَمْرُ رَوْجاً وَرَواجاً: أَسرع. وَرَوَّجَ الشيءَ وَرَوَّجَ بِهِ: عَجَّلَ. وراجَ الشيءُ يَرُوجُ رَواجاً: نَفَقَ. ورَوَّجْتُ السِّلْعَةَ والدراهِمَ. وفلانٌ مُرَوِّجٌ، وأَمر مُرَوِّجٌ: مُخْتَلِطٌ. ورَوَّجَ الغُبارُ عَلَى رأْس الْبَعِيرِ: دامَ. ابْنُ الأَعرابي: الرَّوْجَةُ العَجَلَةُ؛ ورَوَّجْتُ لَهُمُ الدراهِمَ. والأَوارِجة «2»: مِنْ كُتُبِ أَصحاب الدَّوَاوِينِ فِي الْخَرَاجِ وَنَحْوِهِ؛ وَيُقَالُ: هَذَا كِتَابُ التَّأْرِيجِ. ورَوَّجْتُ الأَمْرَ فَرَاجَ يَرُوجُ رَوْجاً إِذا أَرَّجْتَه.

فصل الزاي
زأج: التَّهْذِيبِ: شَمِرٌ: زَأَجَ بَيْنَ الْقَوْمِ وزَمَجَ إِذا حَرَّشَ.
زبج: أَخذ الشَّيْءَ بزَأْبَجِهِ وزَأْمَجِهِ أَي بِجَمِيعِهِ إِذا أَخذه كُلَّهُ؛ قَالَ الْفَارِسِيُّ: وَقَدْ هُمِزَ، وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ، قَالَ: أَلا تَرَى إِلى سِيبَوَيْهِ كَيْفَ أَلزم مَنْ قَالَ: إِن الأَلف فِيهِ أَصل لِعَدَمِ مَا يَذْهَبُ فِيهِ أَن يَجْعَلَهُ كَجَعْفَرٍ؟ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: الْهَمْزَةُ فيهما غير أَصلية.
زبرج: الزِّبْرِجُ: الوَشْيُ. والزِّبْرِجُ: الذَّهَبُ؛ وأَنشد:
يَغْلي الدِّماغُ بِهِ كَغَلْيِ الزِّبْرِجِ
والزِّبْرِج: زِينَةُ السِّلَاحِ. والزِّبرِج: السَّحَابُ الرَّقِيقُ فِيهِ حُمْرَةٌ. والزِّبرِج: السَّحَابُ النَّمِرُ بِسَوَادٍ وَحُمْرَةٍ فِي وَجْهِهِ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
سَفْرَ الشَّمالِ الزِّبْرِجَ المُزَبْرَجا
وَقِيلَ: هُوَ الْخَفِيفُ الَّذِي تَسْفِرُه الرِّيحُ؛ وَقِيلَ: هُوَ الأَحمر مِنْهُ؛ وَسَحَابٌ مُزَبْرَجٌ. الْفَرَّاءُ: الزِّبْرِجُ السَّحَابُ الرَّقِيقُ؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ. وَالسَّحَابُ النَّمِرُ: مُخَيِّلٌ لِلْمَطَرِ، وَالرَّقِيقُ لَا مَاءَ فِيهِ. وزِبْرِجُ الدُّنْيَا: غُرورها وَزِينَتُهَا. والزِّبرِجُ: النَّقْشُ. وزَبْرَجَ الشيءَ: حَسَّنَه. وكلُّ شَيْءٍ حَسَنٍ: زِبْرِجٌ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ؛ وأَنشد:
ونَجا ابنُ حَمْراء العِجانِ حُوَيْرِثٌ، ... غَلَيَانُ أُمِّ دِماغِهِ كالزِّبْرِجِ
الْجَوْهَرِيُّ: الزِّبْرِجُ، بِالْكَسْرِ: الزِّينَةُ مِنْ وَشْيٍ أَو جَوْهَرٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ: يُقَالُ: زِبْرِجٌ مُزَبْرَجٌ أَي مزيَّن؛ وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: حَلِيَتِ الدُّنْيَا فِي أَعينهم وَراقَهُمْ زِبْرِجُها.
زبردج: الزَّبَرْجَدُ والزَّبَرْدَجُ: الزُّمُرُّذُ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: إِنما جَاءَ الزَّبَرْدَج مَقْلُوبًا فِي ضَرُورَةِ شِعْرٍ، وَذَلِكَ فِي الْقَافِيَةِ خَاصَّةً، وَذَلِكَ لأَن الْعَرَبَ لَا تَقْلِبُ الخماسي.
زجج: الزُّجُّ: زُجُّ الرُّمْحِ والسَّهم. ابْنُ سِيدَهْ: الزُّجُّ الْحَدِيدَةُ الَّتِي تُرَكَّبُ فِي أَسفل الرمح، والسِّنانُ
__________
(1).
ومثله الرهجوج، كعصفور، كما في القاموس.
(2).
قوله [والأوارجة إلى آخر المادة] هذه العبارة قد ذكرها المؤلف في مادة أرج وهو محل ذكره لا هنا كما نبه عليه شارح القاموس.

(2/285)


يُرَكَّبُ عاليَتَه؛ والزُّجُّ تُرْكَزُ بِهِ الرُّمْح فِي الأَرض، والسِّنانُ يُطْعَنُ بِهِ، وَالْجَمْعُ أَزْجاجٌ وأَزِجَّةٌ وزِجاجٌ وزِجَجَةٌ. الْجَوْهَرِيُّ: جَمْعُ زُجّ الرُّمْحُ زِجاجٌ، بِالْكَسْرِ، لَا غَيْرُ؛ وَفِي الصِّحَاحِ: وَلَا تَقُلْ أَزِجَّة. وأَزَجَّ الرُّمْحَ وزَجَّجَه وزَجَّاه، عَلَى الْبَدَلِ: ركَّبَ فِيهِ الزُّجَّ وأَزْجَجْتُه، فَهُوَ مُزَجٌّ؛ قَالَ أَوْسُ بْنُ حَجَرٍ:
أَصَمَّ رُدَيْنِيّاً، كأَنَّ كُعُوبَهُ ... نَوى القَضْبِ، عَرَّاضاً مُزَجّاً مُنَصَّلا
قَالَ ابْنُ الأَعرابي: وَيُقَالُ أَزَجَّهُ إِذا أَزال مِنْهُ الزُّجَّ؛ وَرُوِيَ عَنْهُ أَيضاً أَنه قَالَ: أَزْجَجْتُ الرُّمح جَعَلْتُ لَهُ زُجّاً، ونَصَلْتُه: جَعَلْتُ لَهُ نَصْلًا، وأَنْصَلْتُه: نَزَعْتُ نَصْلَه؛ قَالَ: وَلَا يُقَالُ أَزْجَجْتُه إِذا نَزَعْتَ زُجَّه؛ قَالَ: وَيُقَالُ لنَصْل السَّهْم زُجٌّ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
ومَنْ يَعْصِ أَطرافَ الزِّجاجِ، فإِنه ... يُطِيعُ العَوالي، رُكِّبَتْ كلَّ لَهْذَمِ
قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: يَقُولُ: مَنْ عَصَى الأَمر الصَّغِيرَ صَارَ إِلى الأَمر الْكَبِيرِ؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: هَذَا مَثَلٌ. يَقُولُ: إِن الزُّجَّ لَيْسَ يُطْعَنُ بِهِ، إِنما الطَّعْنُ بِالسِّنَانِ، فَمَنْ أَبى الصُّلْحَ، وَهُوَ الزجُّ الَّذِي لَا طَعْنَ بِهِ، أُعطي الْعَوَالِيَ، وَهِيَ الَّتِي بِهَا الطَّعْنُ. قَالَ: ومَثل الْعَرَبُ: الطَّعْنُ يَظْأَرُ أَي يَعْطِفُ عَلَى الصُّلْحِ. قَالَ خَالِدُ بْنُ كُلْثُومٍ: كَانُوا يَسْتَقْبِلُونَ أَعداءهم إِذا أَرادوا الصُّلْحَ بأَزجة الرِّمَاحِ؛ فإِذا أَجابوا إِلى الصُّلْحِ، وإِلا قَلَبُوا الأَسنة وَقَاتَلُوهُمْ. ابْنُ الأَعرابي: زَجَّ إِذا طَعَنَ بالعَجَلَةِ. وزَجَّه يَزُجُّه زَجّاً: طَعَنَهُ بالزُّجِّ وَرَمَاهُ بِهِ، فَهُوَ مَزْجُوج. والزِّجاجُ: الأَنياب. وزِجاجُ الْفَحْلِ: أَنيابه؛ وأَنشد:
لَهَا زِجاجٌ ولَهاة فارِضُ
وزُجُّ المِرْفَقِ: طَرَفُه المحدَّدُ، كُلُّهُ عَلَى التَّشْبِيهِ. الأَصمعي: الزُّجُّ طَرَفُ الْمِرْفَقِ الْمُحَدَّدِ وإِبرة الذراع التي يَذْرَعُ الذارع مِنْ عِنْدِهَا. والمِزَجُّ، بِكَسْرِ الْمِيمِ: رُمْحٌ قَصِيرٌ كالمِزْراقِ فِي أَسفله زُجٌّ. وزَجَّ بِالشَّيْءِ مِنْ يَدِهِ يَزُجُّ زَجّاً: رَمَى بِهِ. والزَّجُّ: رَمْيُكَ بِالشَّيْءِ تَزُجُّ بِهِ عَنْ نَفْسِكَ. والزُّجُجُ: الحِرابُ المُنَصَّلَة. والزُّجُجُ أَيضاً: الْحَمِيرُ المُقْتَتِلَةُ. والزَّجَّاجَةُ: الِاسْتُ، لأَنها تَزُجُّ بالضَّرْطِ وَالزَّبْلِ. وزَجَّ الظلِيمُ بِرِجْلِهِ زَجّاً: عَدَا فَرَمَى بِهَا. وَظَلِيمٌ أَزَجُّ: يَزُجُّ بِرِجْلَيْهِ؛ وَيُقَالُ لِلظَّلِيمِ إِذا عَدا: زَجَّ بِرِجْلَيْهِ. والزَّجَجُ فِي النَّعَامَةِ: طولُ سَاقَيْهَا وَتَبَاعُدُ خَطْوها؛ يُقَالُ: ظَلِيم أَزَجُّ وَرَجُلٌ أَزَجُّ طَوِيلُ السَّاقَيْنِ. والأَزَجُّ مِنَ النَّعَامِ: الَّذِي فَوْقَ عَيْنِهِ رِيشٌ أَبيض، وَالْجَمْعُ الزُّجُّ. والزُّجُّ: النَّعَامُ، الْوَاحِدَةُ زَجَّاءُ، وأَزَجُّ لِلذَّكَرِ، وَهُوَ الْبَعِيدُ الخَطْوِ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
يَطْرُدُ الزُّجَّ، يُبارِي ظِلَّهُ ... بِأَسِيلٍ كالسِّنانِ المُنْتَخَلْ
يَقُولُ: رأْس هَذَا الْفَرَسِ مَعَ رأْس الزُّجِّ يُبَارِيهِ بخدِّه. والزُّج هَاهُنَا: السِّنَانُ. بأَسِيل: بِخَدٍّ طَوِيلٍ. وظَلِيمٌ أَزَجُّ: بعيدُ الخَطْوِ. وَنَعَامَةٌ زَجَّاءُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ نَاقَةً:
جُمالِيَّةٌ حَرْفٌ سَنادٌ، يَشُلُّها ... وَظِيفٌ أَزَجُّ الخَطْوِ، ظَمْآنُ سَهْوَقُ
جُماليَّةٌ أَي عَظِيمَةُ الْخَلْقِ كأَنها جَمَلٌ. وحَرْفٌ: قَوِيَّةٌ. وسَناد: مُشْرِفَة. وأَزَجُّ الخطوِ: وَاسْعُهُ. وَالْوَظِيفُ:

(2/286)


عَظْمُ السَّاقِ. والسَّهْوَقُ: الطَّوِيلُ. ويَشُلُّها: يَطْرُدُهَا. والزَّجَجُ فِي الإِبل: رَوَحٌ فِي الرَّجْلَيْنِ وَتَحْنِيبٌ. والزَّجَجُ: رِقَّة مَحَطِّ الْحَاجِبَيْنِ ودِقَّتُهُما وَطُولُهُمَا وسُبُوغُهما واسْتِقْواسُهُما؛ وَقِيلَ: الزَّجَجُ دِقَّة فِي الْحَاجِبَيْنِ وطُولٌ؛ وَالرَّجُلُ أَزَجُّ، وَحَاجِبٌ أَزَجُّ ومُزَجَّجٌ. وزَجَّجَتِ المرأَةُ حَاجِبَهَا بالمِزَجِّ: دَقَّقَتْهُ وَطَوَّلَتْهُ؛ وَقِيلَ: أَطالته بالإِثمد؛ وَقَوْلُهُ:
إِذا مَا الْغَانِيَاتُ بَرَزْنَ يَوْماً، ... وزَجَّجْنَ الحواجبَ والعُيونا
إِنما أَراد: وَكَحَّلْنَ العيونَ؛ كَمَا قَالَ:
شَرّابُ أَلْبانٍ وتَمْرٍ وأَقِطْ
أَراد: وَآكِلُ تمرٍ وأَقِط، وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
عَلَفْتُها تِبْناً وَمَاءً بَارِدًا، ... حَتَّى شَتَتْ، هَمَّالَةً، عَيْناها
أَي وَسَقَيْتُهَا مَاءً بَارِدًا. يُرِيدُ أَن مَا جَاءَ مِنْ هَذَا فإِنما يَجِيءُ عَلَى إِضمار فِعْلٍ آخَرَ يَصِحُّ الْمَعْنَى عَلَيْهِ؛ وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْآخَرِ:
يَا لَيْتَ زَوْجَكِ، قَدْ غَدا ... مُتَقَلِّداً سَيْفاً ورُمْحا
تَقْدِيرُهُ: وَحَامِلًا رُمْحًا؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ذَكَرَ الْجَوْهَرِيُّ عَجُزَ بَيْتٍ عَلَى: زَجَّجَتِ المرأَة حَاجِبَيْهَا، وَهُوَ:
وزَجَّجْنَ الحواجبَ وَالْعَيُونَا
قَالَ: هُوَ لِلرَّاعِي وَصَوَابُهُ يُزَجِّجْنَ؛ وَصَدْرُهُ:
وهِزَّةِ نِسْوَةٍ مِنْ حَيِّ صِدْقٍ، ... يُزَجِّجْنَ الحواجبَ والعُيونا
وَبَعْدِهِ:
أَنَخْنَ جِمالَهُنَّ بذاتِ غِسْلٍ، ... سَراةَ اليَوْمِ، يَمْهَدْنَ الكُدُونا
ذَاتُ غِسْل: مَوْضِعٌ. ويَمْهَدْنَ: يُوَطِّئْنَ. وَالْكُدُونُ: جَمْعُ كِدْنٍ، وَهُوَ مَا تُوَطِّئُ بِهِ المرأَة مَرْكَبَهَا مِنْ كِسَاءٍ وَنَحْوِهِ. وَفِي صِفَةِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
أَزَجُّ الْحَوَاجِبِ
؛ الزَّجَجُ: تَقَوُّسٌ فِي النَّاصِيَةِ مَعَ طُولٍ فِي طَرَفِهِ وامتدادٍ. والمِزَجَّةُ: مَا يُزَجَّجُ بِهِ الحاجبُ. والأَزَجُّ: الحاجبُ، اسْمٌ لَهُ فِي لُغَةِ أَهل الْيَمَنِ. وَفِي حَدِيثِ الَّذِي اسْتَسْلَفَ أَلف دِينَارٍ فِي بَنِي إِسرائيل:
فأَخذ خَشَبَةً فَنَقَرَهَا وأَدخل فِيهَا أَلف دِينَارٍ وَصَحِيفَةً، ثُمَّ زَجَّجَ مَوْضِعَها
أَي سَوَّى مَوْضِعَ النَّقْرِ وأَصلحه؛ مِن تَزْجِيجِ الْحَوَاجِبِ، وَهُوَ حَذْفُ زَوَائِدِ الشِّعْرِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَيَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ مأْخوذاً مِنَ الزُّجِّ النَّصْلِ، وَهُوَ أَن يَكُونَ النَّقْرُ فِي طَرَفِ الْخَشَبَةِ، فَتَرَكَ فِيهِ زُجّاً لِيُمْسِكَهُ وَيَحْفَظَ مَا فِي جَوْفِهِ. وازْدَجَّ النبتُ: اشْتَدَّتْ خُصاصُه. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ قَالَتْ: صَلَّى النبي، صلى الله عليه وَسَلَّمَ، لَيْلَةً فِي رَمَضَانَ فَتَحَدَّثُوا بِذَلِكَ فأَمسى الْمَسْجِدُ مِنَ اللَّيْلَةِ الْمُقْبِلَةِ زَاجًّا
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: قَالَ الْجَرْمِيُّ أَظنه جأْزاً أَي غَاصًّا بِالنَّاسِ، فَقُلِبَ، مِنْ قَوْلِهِمْ: جَئِزَ بِالشَّرَابِ جَأَزاً إِذا غُصَّ بِهِ؛ قَالَ أَبو مُوسَى: وَيُحْتَمَلُ أَن يَكُونَ رَاجًّا، بِالرَّاءِ؛ أَراد أَنَّ لَهُ رَجَّةً مِنْ كَثْرَةِ النَّاسِ. والزُّجاجُ والزَّجاجُ والزِّجاجُ: الْقَوَارِيرُ، وَالْوَاحِدَةُ مِنْ ذَلِكَ زُجاجَةٌ، بِالْهَاءِ، وأَقلها الْكَسْرُ. اللَّيْثُ: والزُّجاجَةُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: القِنْديلُ. وأَجماد الزِّجاج: بالصَّمَّان؛ ذَكَرَهُ ذُو الرُّمَّةِ:
فَظَلَّتْ، بأَجْمادِ الزِّجاجِ، سَواخِطاً ... صِياماً، تُغَنِّي، تَحْتَهُنَّ، الصفائحُ

(2/287)


يَعْنِي الْحَمِيرَ سَخِطت عَلَى مَرْتَعِهَا لِيُبْسِهِ. أَبو عُبَيْدَةَ: يُقَالُ للقَدَحِ: زُجاجَة، مَضْمُومَةُ الأَول، وإِن شِئْتَ مَكْسُورَةٌ، وإِن شِئْتَ مَفْتُوحَةٌ، وَجَمْعُهَا زِجاجٌ وزُجاج وزَجاجٌ. والزَّجَّاجُ: صَانِعُ الزُّجاج، وَحِرْفَتُهُ الزِّجاجَةُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأُراها عِراقِيَّة. وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ زُجِّ لاوَةَ، وَهُوَ بِضَمِّ الزَّايِ وَتَشْدِيدِ الْجِيمِ: مَوْضِعٌ نَجْدِيٌّ بَعَثَ إِليه رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الضحاكَ بْنَ سُفْيَانَ يَدْعُو أَهله إِلى الإِسلام. وزُجٌّ أَيضاً: ماءُ أَقطعه رسول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، العَدَّاءَ بْنَ خالد.
زرج: الزَّرْجُ: جَلَبَةُ الْخَيْلِ وأَصواتها؛ قَالَ الأَزهري: وَلَا أَعرفه. وزَرَجَه بِالرُّمْحِ يَزْرُجُه زَرْجاً: زَجَّه؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَلَيْسَ بِاللُّغَةِ الْعَالِيَةِ. وَذَكَرَ الأَزهري فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ: الزَّرْجُون الْخَمْرُ، وسيأْتي ذِكْرُهُ مُسْتَوْفًى فِي تَرْجَمَةِ زرجن.
زرنج: زَرَنْجُ: كُورَةٌ أَو مَدِينَةٌ مَعْرُوفَةٌ؛ قَالَ ابنُ الرُّقَيَّاتِ:
جَلَبُوا الخَيْلَ منْ تِهامَةَ، حَتَّى ... وَرَدَتْ خَيْلُهُمْ قُصُورَ زَرَنْجِ
زعج: الإِزْعاجُ: نقيضُ الْإِقْرَارِ؛ تَقُولُ أَزْعَجْتُه مِنْ بِلَادِهِ فَشَخَصَ، وانْزَعَج قَلِيلًا؛ قَالَ: وَلَوْ قِيلَ انْزَعَجَ وازْدَعَجَ لَكَانَ قِيَاسًا، وَلَا يَقُولُونَ أَزْعَجْتُه فزَعَج؛ وَالِاسْمُ: الزَّعَجُ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: يُقَالُ زَعَجَهُ وأَزعجه إِذا أَقلقه. والزَّعَجُ: القَلَقُ. وَقَدْ أَزْعَجَه الأَمر إِذا أَقلقه. وَفِي حَدِيثِ
أَنس: رأَيت عُمَرَ يُزْعِجُ أَبا بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، إِزْعاجاً يَوْمَ السَّقِيفَةِ
أَي يُقيمه وَلَا يَدَعُهُ يَسْتَقِرُّ حَتَّى بَايَعَهُ. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: الحَلِفُ يُزْعِجُ السِّلْعَةَ ويَمْحَقُ البَرَكَةَ
؛ قَالَ الأَزهري: فَسَّرَهُ، فَقَالَ: يُزعِج السِّلْعَة يَحُطُّهَا؛ وَقَالَ ابْنُ الأَثير: أَي يُنَفِّقُها وَيُخْرِجُهَا مِنْ يَدِ صَاحِبِهَا ويُقْلِقُها. والمِزْعاجُ: المرأَة الَّتِي لَا تَسْتَقِرُّ فِي مَكَانٍ.
زعبج: الزَّعْبَجُ «3»: الغَيْمُ الأَبيضُ، قَالَهُ الأَزهري؛ وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الزَّعْبَجُ سَحَابٍ رَقِيقٍ وَلَيْسَ بِثَبَتٍ؛ قَالَ الأَزهري: والزَّعْبَجُ الزيتون.
زعلج: الزَّعْلَجَةُ: سُوءُ الخُلُق.
زغنج: الزَّغْنَج «4»: ثَمَرُ العُتْمِ وَهُوَ زَيْتُونُ الْجِبَالِ، وَهُوَ مِثْلُ النَّبْقِ الصِّغَارِ، يَكُونُ أَخضر ثُمَّ يبيضُّ ثُمَّ يسودُّ فَيَحْلُو فِي مَرَارَةٍ، وعَجَمَتُه مِثْلُ عَجَمَةِ النَّبْقِ، يُؤْكَلُ وَيُطْبَخُ وَيُصَفَّى مَاؤُهُ حَتَّى يَكُونَ رُبًّا كَرُبِّ العِنَب.
زلج: الزَّلْجُ والزَّلَجانُ: سَيْرٌ لَيِّنٌ. والزَّلْجُ: السُّرْعَةُ فِي الْمَشْيِ وَغَيْرِهِ؛ زَلَجَ يَزْلِجُ «5» زَلْجاً وزَلَجاناً وزَلِيجاً، وانْزَلَجَ؛ وأَنشد الأَزهري:
وَكَمْ هَجَعَتْ، وَمَا أَطْلَقْتُ عَنْهَا ... وَكَمْ زَلَجَتْ، وظِلُّ اللَّيلِ دَاني
وَنَاقَةٌ زَلَجَى وزَلوجٌ: سَرِيعَةٌ فِي السَّيْرِ؛ وَقِيلَ: سَرِيعَةُ الفَراغِ عِنْدَ الحَلْبِ. والزَّلِيجَةُ: النَّاقَةُ السَّرِيعَةُ. اللَّيْثُ: الزَّلَجُ سرعة
__________
(3).
قوله [الزعبج] كجعفر وزبرج كما في القاموس.
(4).
قوله [الزغنج] كذا بالأَصل بالنون بعد الغين المعجمة، وفي القاموس بالباء الموحدة بدل النون، كما نبه على ذلك شارحه.
(5).
قوله [زلج يزلج] بابه ضرب خلافاً لمقتضى إطلاق القاموس.

(2/288)


ذَهَابِ الْمَشْيِ وَمُضِيُّهُ. يُقَالُ: زَلَجَتِ الناقةُ تَزْلِجُ زَلْجاً إِذا مَضَتْ مُسْرِعَةً كأَنها لَا تُحَرِّكُ قَوَائِمَهَا مِنْ سُرْعَتِهَا؛ وأَما قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
حَتَّى إِذا زَلَجَتْ عَنْ كلِّ حَنْجَرَةٍ ... إِلى الغَلِيلِ، وَلِمَ يَقْصَعْنَهُ، نُغَبُ
فإِنه أَراد: انْحَدَرَتْ فِي حَنَاجِرِهَا مُسْرِعَةً لِشِدَّةِ عَطَشِهَا. اللِّحْيَانِيُّ: سِرْنا عَقَبَةً زَلوجاً وزَلوقاً أَي بَعِيدَةً طَوِيلَةً. والزَّلَجانُ: التَّقَدُّمُ فِي السُّرْعَةِ وَكَذَلِكَ الزَّبَجانُ. وَمَكَانٌ زَلْجٌ وزَلِيجٌ أَي دَحْضٌ. أَبو زَيْدٍ: زَلَجَتْ رِجْلُه وزَبَجَتْ؛ وأَنشد:
قَامَ عَنْ مَرْتَبَةٍ زَلْجٍ فَزَلّ
ومَرَّ يَزْلِجُ، بِالْكَسْرِ، زَلْجاً وزَلِيجاً إِذا خَفَّ عَلَى الأَرض. وقِدْحٌ زَلوجٌ: سَرِيعُ الِانْزِلَاجِ مِنَ الْقَوْسِ؛ قَالَ:
فَقِدْحُه زَجْلٌ زَلوج
والزِّلاجُ والمِزْلاجُ: مِغْلَاقُ الْبَابِ، سمِّي بِذَلِكَ لِسُرْعَةِ انْزِلَاجِهِ. وَقَدْ أَزْلَجْتُ البابَ أَي أَغلقته. والمِزْلاجُ: المِغْلاق إِلَّا أَنه يَنْفَتِحُ بِالْيَدِ، وَالْمِغْلَاقُ لَا يُفْتَحُ إِلا بِالْمِفْتَاحِ. غَيْرُهُ: المِزْلاجُ: كَهَيْئَةِ الْمِغْلَاقِ وَلَا يَنْغَلِقُ، وَإِنَّهُ يُغْلَقُ بِهِ الْبَابُ. ابْنُ شُمَيْلٍ: مَزالِيجُ أَهل الْبَصْرَةِ، إِذا خَرَجَتِ المرأَة مِنْ بَيْتِهَا وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ رَاقِبٌ تَثِقُ بِهِ خَرَجَتْ فَرَدَّتْ بَابَهَا، وَلَهَا مِفْتَاحٌ أَعْقَفُ مِثْلُ مَفَاتِيحِ الْمَزَالِيجِ مِنْ حَدِيدٍ، وَفِي الْبَابِ ثَقْبٌ فَتُزْلِجُ فِيهِ الْمِفْتَاحُ فَتُغْلِقُ بِهِ بَابَهَا. وَقَدْ زَلَجَتْ بَابَهَا زَلْجاً إِذا أَغلقته بِالْمِزْلَاجِ. وَمَكَانٌ زَلْجٌ وزَلَجٌ أَيضاً، بِالتَّحْرِيكِ، أَي زَلَقٌ. والتَّزَلُّجُ: التزلُّقُ. ابْنُ الأَثير فِي تَرْجَمَةِ زَلَخَ، بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ: فِي حَدِيثِ الْمُحَارِبِيِّ الَّذِي أَراد أَن يَفْتِكَ بِالنَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: رَوَاهُ بَعْضُهُمْ
فزَلَجَ بَيْنَ كَتِفَيْهِ
، يَعْنِي بِالْجِيمِ، قَالَ: وَهُوَ غَلَطٌ. وَالسَّهْمُ يَزْلِجُ عَلَى وَجْهِ الأَرض وَيَمْضِي مَضاءً زَلْجاً، فإِذا وَقَعَ السَّهْمُ بالأَرض وَلَمْ يَقْصِدْ إِلى الرَّمِيَّةِ، قُلْتَ: أَزْلَجْتَ السَّهْمَ يَا هَذَا. وزَلَجَ السهمُ يَزْلِجُ زُلوجاً وزَلِيجاً: وَقَعَ عَلَى وَجْهِ الأَرض، وَلَمْ يَقْصِدِ الرَّمِيَّةَ؛ قَالَ جَنْدَلُ بْنُ المُثَنَّى:
مُرُوق نَبْلِ الغَرَضِ الزَّوالِجِ
وَسَهْمٌ زَلْجٌ: كأَنه وُصِفَ بِالْمَصْدَرِ، وَقَدْ أَزْلَجْتُه. قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: الزَّالِجُ مِنَ السِّهَامِ إِذا رَمَاهُ الرَّامِي فَقَصَّرَ عَنِ الهَدف، وأَصاب صَخْرَةً إِصابةً صُلْبَةً، فاستقلَّ مِنْ إِصابة الصَّخْرَةِ إِياه، فَقَوِيَ وَارْتَفَعَ إِلى القِرْطاسِ، فَهُوَ لَا يُعَدُّ مُقَرْطِساً، فَيُقَالُ لِصَاحِبِهِ الحِتْنِيِّ: لَا خَيْرَ فِي سَهْمٍ زَلْجٍ وَسَهْمٌ زالِجٌ: يَتَزَلَّجُ عَنِ الْقَوْسِ؛ وَفِي نُسْخَةٍ: يَنْزَلِجُ عَنِ الْقَوْسِ. والمِزْلاجُ مِنَ النِّسَاءِ: الرَّسْحاءُ. والمُزَلَّجُ: الْبَخِيلُ. والمُزَلَّجُ مِنَ العَيْش: المُدافَعُ بالبُلْغَةِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
عتْقُ النَّجاءِ، وعَيْشٌ فِيهِ تَزْلِيجُ
والمُزَلَّجُ: الدُّون مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وحُبٌّ مُزَلَّجٌ: فِيهِ تَغْرِيرٌ؛ وَقَالَ مُلَيْحٌ:
وَقَالَتْ: أَلا قَدْ طالَ مَا قَدْ غَرَرْتَنا ... بِخَدْعٍ، وَهَذَا مِنْكَ حُبٌّ مُزَلَّجُ
والمُزَلَّجُ: الَّذِي لَيْسَ بتامِّ الحَزْمِ؛ قَالَ:
مَخارِمُ الليلِ لَهُنَّ بَهْرَجُ، ... حينَ يَنامُ الوَرَعُ المُزَلَّجُ

(2/289)


وَقِيلَ: هُوَ الناقصُ الدُّونُ الضعيفُ؛ وَقِيلَ: هُوَ النَّاقِصُ الخَلْقِ؛ وَقِيلَ: المُزَلَّجُ المُلْزَقُ بِالْقَوْمِ وَلَيْسَ مِنْهُمْ؛ وَقِيلَ: الدَّعِيُّ. وعَطاءٌ مُزَلَّجٌ: مُدَبَّقٌ لَمْ يَتِمَّ. وَكُلُّ مَا لَمْ تُبَالِغْ فِيهِ وَلَمْ تَحْكُمْهُ، فَهُوَ مُزَلَّجٌ. وَعَطَاءٌ مُزَلَّجٌ أَي وَتِحٌ قَلِيلٌ. وزَلَّجَ فُلَانٌ كَلَامَهُ تَزْلِيجاً إِذا أَخرجه وسَيَّرَهُ؛ وَقَالَ ابن مقبل:
وصالِحَةِ العَهْدِ زَلَّجْتُها ... لِواعِي الفُؤَادِ، حَفِيظِ الأُذُنْ
يَعْنِي قَصِيدَةً أَو خُطْبَةً. وتَزَلَّجَ النبيذَ والشرابَ: أَلَحَّ فِي شُرْبِهِ؛ عَنِ اللِّحْيَانِي، كَتَسَلَّجَه. والزَّالِجُ: الَّذِي يَشْرَبُ شُرْبًا شَدِيدًا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وَتَرَكْتُ فُلَانًا يَتَزَلَّجُ النَّبِيذَ أَي يُلِحُّ في شربه. والزَّالِجُ: النَّاجِي مِنَ الغَمَراتِ؛ يُقَالُ زَلَجَ يَزْلِجُ فِيهِمَا جَمِيعًا. ابْنُ الأَعرابي: الزُّلُجُ السِّراحُ مِنْ جَمِيعِ الْحَيَوَانِ. والزُّلُجُ: الصُّخُورُ المُلْسُ.
زمج: زَمَجَ قِرْبَتَه وسِقاءَه زَمْجاً إِذا ملأَهما، لُغَةً فِي جَزَمَها؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَزَعَمَ يَعْقُوبُ أَنه مَقْلُوبٌ، وَالْمَصْدَرُ يأْبى ذَلِكَ. وزَمَجَ الرجلُ زَمْجاً: دَخَلَ عَلَى الْقَوْمِ بِغَيْرِ دَعْوَةٍ فأَكل؛ ابْنُ الأَعرابي: زَمَجَ عَلَى الْقَوْمِ ودَمَقَ ودَمَرَ، بِمَعْنًى وَاحِدٍ. والزَّمَجُ، بِالتَّحْرِيكِ: الغَضَبُ، وَقَدْ زَمِجَ، بِالْكَسْرِ. الأَصمعي: قَالَ سَمِعْتُ رَجُلًا مَنْ أَشْجَعَ يَقُولُ: مَا لِي أَراك مُزْمَئِجّاً؟ أَي غَضْبَانَ. والزِّمِجَّى: مَنْبِتُ ذَنَبِ الطَّائِرِ مِثْلُ الزِّمِكَّى. والزُّمَّجُ: طَائِرٌ دُونَ العُقاب يُصَادُ بِهِ؛ وَقِيلَ: هُوَ ذَكَرُ العِقْبانِ، وَقَدْ يُقَالُ: زُمَّجَةٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: زَعَمَ الْفَارِسِيُّ عَنْ أَبي حَاتِمٍ أَنه معرَّب، قَالَ: وَذَكَرَ سِيبَوَيْهِ الزَّمَّجَ فِي الصِّفَاتِ، وَلَمْ يُفَسِّرْهُ السِّيرَافِيُّ؛ قَالَ: والأَعرف أَنه الزُّمَّحُ، بِالْحَاءِ. والزُّمَّجُ، مِثْلُ الخُرَّدِ: اسْمُ طَيْرٍ يُقَالُ لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ «1»: دَهْ بِرادَرانْ. التَّهْذِيبِ: الزُّمَّجُ طَائِرٌ دُونَ الْعِقَابِ فِي قِمَّتِهِ حُمْرةٌ غالبة، تسميه العجم دو بِرادَرانْ، وَتَرْجَمَتُهُ أَنه إِذا عَجَزَ عَنْ صَيْدِهِ أَعانه أَخوه عَلَى أَخذه. ابْنُ سِيدَهْ: يُقَالُ: رَجُلٌ زُمَّجٌ وزُماجٌ، وَهُوَ الْخَفِيفُ الرِّجْلَيْنِ. وَجَاءَنِي الْقَوْمُ بِزَأْمَجِهمْ، مَهْمُوزٌ، أَي بأَجمعهم. وأَخذ الشيءَ بِزَأْمَجِه وزَأْبَجِهِ وزَأْبَرِهِ إِذا أَخذه كُلَّهُ، وَلَمْ يَدَعْ مِنْهُ شَيْئًا؛ وَحَكَاهُ سِيبَوَيْهِ غَيْرَ مَهْمُوزٍ عِنْدَ ذِكْرِ الْعَالِمِ وَالنَّاصِرِ وَقَدْ هُمِزَا؛ وَقِيلَ: الهمزة فيهما أَصلية. وازْمَأَجَّتِ الرُّطَبَةُ: انْتَفَخَتْ مِنْ حَرٍّ أَو نَدًى أَو انْتِهَاءٍ؛ عَنِ الْهَجَرِيِّ. شَمِرٌ: زَأَجَ بَيْنَ الْقَوْمِ وزَمَجَ إِذا حَرَّشَ.
زنج: الزِّنْجُ والزَّنْجُ، لُغَتَانِ: جِيلٌ مِنَ السُّودانِ وَهُمُ الزُّنُوجُ، وَاحِدُهُمْ زِنْجِيٌّ وزَنْجِيٌّ؛ حكاه ابن السكيت وأَبو عُبَيْدٍ مِثْلُ رُومِيٍّ ورُومٍ وفارِسِيٍّ وفُرْسٍ، لأَن يَاءَ النَّسب عَدِيلَةُ هَاءِ التأْنيث فِي السُّقُوطِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فأَما قَوْلُهُ:
تَرَاطُن الزِّنجِ بِزَجْلِ الأَزْنُجِ
فَزَعَمَ الْفَارِسِيُّ أَنه كُسر عَلَى إِرادة الطَّوَائِفِ والأَبْطُنِ. وَيُقَالُ فِي النِّدَاءِ: يَا زَنَاجِ للزِّنْجِيِّ، صَرَّحَ الْفَارِسِيُّ بِفَتْحِ أَوله وكسر آخره.
__________
(1).
قوله [يقال له بالفارسية إلخ] هذه عبارة الجوهري، ولكونه وهم في فارسيته أَتى بعبارة التهذيب التي هي الصواب، وذلك لأن ده معناها عشرة وهو لا يوافق قولهم: وترجمته أَنه إلخ. ودو معناها اثنان وهو الموافق كما أفاده شارح القاموس.

(2/290)


والزَّنَجُ: شِدَّةُ الْعَطَشِ. وزنِجَت الإِبل زَنَجاً: عَطِشَتْ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ فَضَاقَتْ بُطُونُهَا؛ وَكَذَلِكَ زنِج الرجلُ مَنْ تَرَكَ الشُّرْبَ؛ عَنْ كُرَاعٍ. التَّهْذِيبِ: زَنِجَ زَنَجاً وصَرَّ صَريراً وصَرِيَ وصَدِيَ، بِمَعْنًى وَاحِدٍ. أَبو عَمْرٍو: الزِّنَاجُ المُكافَأَةُ بِخَيْرٍ أَو شَرٍّ. ابْنُ بُزُرْجَ: الزَّنَجُ والحَجَزُ وَاحِدٌ. يُقَالُ: حَجِزَ الرجلُ وزَنِجَ، وَهُوَ أَن تَقَبَّضَ أَمعاء الرَّجُلِ وَمَصَارِينُهُ مِنَ الظمإِ، فَلَا يَسْتَطِيعُ أَن يُكْثِرَ الشُّرْبَ أَو الطُّعْمَ. ابْنُ الأَثير: وَفِي حَدِيثِ
زِيَادٍ: قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ السَّائِبِ: فَزَنَجَ شيءٌ أَقْبَلُ طويلُ العُنُقِ، فَقُلْتُ: مَا أَنت؟ فَقَالَ: أَنا النَّقَّاد ذُو الرَّقَبَةِ
؛ قَالَ: لَا أَدري مَا زَنَجَ، لَعَلَّهُ بِالْحَاءِ؛ والزَّنْحُ: الدَّفْعُ كأَنه يُرِيدُ هُجُومَ هَذَا الشَّخْصِ وإِقباله؛ قَالَ: وَيَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ زَلَجَ، بِاللَّامِ، وَهُوَ سُرْعَةُ ذَهَابِ الشَّيْءِ ومضيه، وقيل: هو بالحاء بِمَعْنَى سَنَحَ وعَرَضَ. وتَزَنَّجَ عليَّ فلانٌ: تَطاوَلَ.
زنفلج: الزَّنْفَلِيجَةُ والزِّنْفِلِيجَةُ: الكِنْفُ. الْجَوْهَرِيُّ: والزِّنْفِيلَجَةُ، بِكَسْرِ الزَّايِ وَالْفَاءِ وَفَتْحِ اللَّامِ: شَبِيهٌ بالكِنْفِ؛ قَالَ: وَهُوَ معرَّب، وأَصله بِالْفَارِسِيَّةِ: زِين بِيلَهْ، فإِن قَدَّمْتَ اللَّامَ عَلَى الْيَاءِ كَسَرْتَهَا وَفَتَحْتَ مَا قبلها، فقلت: الزَّنْفَلِيجَة.
زهرج: التَّهْذِيبِ: فِي تَرْجَمَةِ سَمْهَجَ مِنْ أَبيات:
تَسْمَعُ للجنِّ بِهَا زَهَارجا
يَعْنِي حكاية عَزِيفِ الجن.
زهلج: التَّهْذِيبِ فِي النَّوَادِرِ: زَهْلَجَ لَهُ الحديثَ وزَهْلَقَهُ وزَهْمَجَه.
زهمج: التَّهْذِيبِ فِي النَّوَادِرِ: زَهْلَجَ لَهُ الْحَدِيثَ وزَهْلَقَه وزَهْمَجَه.
زوج: الزَّوْجُ: خِلَافُ الفَرْدِ. يُقَالُ: زَوْجٌ أَو فَرْدٌ، كَمَا يُقَالُ: خَساً أَو زَكاً، أَو شَفْعٌ أَو وِتْرٌ [وِتَرٌ]؛ قَالَ أَبو وَجْزَة السَّعْدِيُّ:
مَا زِلْنَ يَنْسُبْنَ، وَهْناً، كلَّ صادِقَةٍ، ... باتَتْ تُباشِرُ عُرْماً غَيْرَ أَزْوَاجِ
لأَن بَيْضَ القَطَا لَا يَكُونُ إِلَّا وِتْراً. وَقَالَ تَعَالَى: وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ
؛ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَيضاً يُسَمَّى زَوْجاً، وَيُقَالُ: هُمَا زَوْجان لِلِاثْنَيْنِ وَهُمَا زَوْجٌ، كَمَا يُقَالُ: هُمَا سِيَّانِ وَهُمَا سَواءٌ؛ ابْنُ سِيدَهْ: الزَّوْجُ الفَرْدُ الَّذِي لَهُ قَرِينٌ. وَالزَّوْجُ: الِاثْنَانِ. وَعِنْدَهُ زَوْجَا نِعالٍ وَزَوْجَا حَمَامٍ؛ يَعْنِي ذَكَرَيْنِ أَو أُنثيين، وَقِيلَ: يَعْنِي ذَكَرًا وأُنثى. وَلَا يُقَالُ: زَوْجُ حَمَامٍ لأَن الزَّوْجَ هُنَا هُوَ الْفَرْدُ، وَقَدْ أُولعت بِهِ الْعَامَّةُ. قَالَ أَبو بَكْرٍ: الْعَامَّةُ تُخْطِئُ فَتَظُنُّ أَن الزَّوْجَ اثْنَانِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ مَذَاهِبِ الْعَرَبِ، إِذ كَانُوا لَا يَتَكَلَّمُونَ بالزَّوْجِ مُوَحَّداً فِي مِثْلِ قَوْلِهِمْ زَوْجُ حَمامٍ، وَلَكِنَّهُمْ يُثَنُّونَهُ فَيَقُولُونَ: عِنْدِي زَوْجَانِ مِنَ الْحَمَامِ، يَعْنُونَ ذَكَرًا وأُنثى، وَعِنْدِي زَوْجَانِ مِنَ الْخِفَافِ يَعْنُونَ الْيَمِينَ وَالشِّمَالَ، وَيُوقِعُونَ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الْجِنْسَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ نَحْوَ الأَسود والأَبيض وَالْحُلْوِ وَالْحَامِضِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَيَدُلُّ عَلَى أَن الزَّوْجَيْنِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ اثْنَانِ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى
؛ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَا تَرَى زَوْجٌ، ذَكَرًا كَانَ أَو أُنثى. وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَاسْلُكْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ
.
وَكَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ
؛ قَالَ: السَّمَاءُ زَوْج، والأَرض

(2/291)


زَوْجٌ، وَالشِّتَاءُ زَوْجٌ، وَالصَّيْفُ زَوْجٌ، وَاللَّيْلُ زَوْجٌ، وَالنَّهَارُ زَوْجٌ، وَيُجْمَعُ الزَّوْجُ أَزْوَاجاً وأَزَاوِيجَ؛ وَقَدِ ازْدَوَجَتِ الطَّيْرُ: افْتِعالٌ مِنْهُ؛ وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ*
؛ أَراد ثَمَانِيَةَ أَفراد، دَلَّ عَلَى ذَلِكَ؛ قَالَ: وَلَا تَقُولُ لِلْوَاحِدِ مِنَ الطَّيْرِ زَوْجٌ، كَمَا تقول للاثنين زوجان، بل يَقُولُونَ لِلذَّكَرِ فَرْدٌ وللأُنثى فَرْدَةٌ؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
خَرَجْنَ اثْنَتَيْنِ واثْنَتَيْنِ وفَرْدَةً، ... ينادُونَ تَغْلِيساً سِمالَ المَدَاهِنِ
وَتُسَمِّي الْعَرَبُ، فِي غَيْرِ هَذَا، الِاثْنَيْنِ زَكاً، والواحدَ خَساً؛ وَالِافْتِعَالُ مِنْ هَذَا الْبَابِ: ازْدَوَجَ الطيرُ ازْدواجاً، فَهِيَ مُزْدوِجَةٌ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي ذَرٍّ: أَنه سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: مَنْ أَنفق زَوْجَيْنِ مِنْ مَالِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ابْتَدَرَتْه حَجَبَة الْجَنَّةِ؛ قُلْتُ: وَمَا زَوْجَانِ مِنْ مَالِهِ؟ قَالَ: عَبْدَانِ أَو فرَسان أَو بَعِيرَانِ مِنْ إِبله
، وَكَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ: دِينَارَيْنِ وَدِرْهَمَيْنِ وَعَبْدَيْنِ وَاثْنَيْنِ مِنْ كُلِّ شيءٍ. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: الزَّوْجُ اثْنَانِ، كلُّ اثْنَيْنِ زَوْجٌ؛ قَالَ: وَاشْتَرَيْتُ زَوْجَين مِنْ خِفَافٍ أَي أَربعة؛ قَالَ الأَزهري: وأَنكر النَّحْوِيُّونَ مَا قَالَ، والزَّوجُ الفَرْدُ عِنْدَهُمْ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ والمرأَة: الزَّوْجَانِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ*
؛ يُرِيدُ ثَمَانِيَةَ أَفراد؛ وَقَالَ: احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ
؛ قَالَ: وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ. يُقَالُ للمرأَة: إِنها لَكَثِيرَةُ الأَزْواج والزَّوَجَةِ؛ والأَصل فِي الزَّوْجِ الصِّنْفُ والنَّوْعُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وَكُلُّ شَيْئَيْنِ مُقْتَرِنَيْنِ، شَكْلَيْنِ كَانَا أَو نَقِيضَيْنِ، فَهُمَا زَوْجَانِ؛ وكلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا زَوْجٌ. يُرِيدُ فِي الْحَدِيثِ: مَنْ أَنفق صِنْفَيْنِ مِنْ مَالِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَجَعَلَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبي ذَرٍّ قَالَ: وَهُوَ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَوَى مِثْلَهُ أَبو هُرَيْرَةَ عَنْهُ. وَزَوْجُ المرأَة: بَعْلُهَا. وَزَوْجُ الرَّجُلِ: امرأَته؛ ابْنُ سِيدَهْ: وَالرَّجُلُ زَوْجُ المرأَة، وَهِيَ زَوْجُهُ وَزَوْجَتُهُ، وأَباها الأَصمعي بِالْهَاءِ. وَزَعَمَ الْكِسَائِيُّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مَعْنٍ أَنه سَمِعَ مِنْ أَزْدِ شَنُوءَةَ بِغَيْرِ هَاءٍ، وَالْكَلَامُ بِالْهَاءِ، أَلا تَرَى أَن الْقُرْآنَ جَاءَ بِالتَّذْكِيرِ: اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ؟ *
هَذَا كلُّه قَوْلُ اللِّحْيَانِيِّ. قَالَ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ: أَما الزَّوْجُ فأَهل الْحِجَازِ يَضَعُونَهُ لِلْمُذَكَّرِ والمؤَنث وَضْعًا وَاحِدًا، تَقُولُ المرأَة: هَذَا زَوْجِي، وَيَقُولُ الرَّجُلُ: هَذِهِ زَوْجِي. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ*
وأَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ
؛ وَقَالَ: وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ
؛ أَي امرأَة مَكَانَ امرأَة. وَيُقَالُ أَيضاً: هِيَ زَوْجَتُهُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
يَا صاحِ، بَلِّغ ذَوِي الزَّوْجاتِ كُلَّهُمُ: ... أَنْ لَيْسَ وصْلٌ، إِذا انْحَلَّتْ عُرَى الذَّنَبِ
وَبَنُو تَمِيمٍ يَقُولُونَ: هِيَ زَوْجَتُهُ، وأَبى الأَصمعي فَقَالَ: زَوْجٌ لَا غَيْرَ، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ*
؛ فَقِيلَ لَهُ: نَعَمْ، كَذَلِكَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى، فَهَلْ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: لَا يُقَالُ زَوْجَةٌ؟ وَكَانَتْ مِنَ الأَصمعي فِي هَذَا شدَّة وَعُسْرٌ. وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنه إِنما تَرَكَ تَفْسِيرَ الْقُرْآنِ لأَن أَبا عُبَيْدَةَ سَبَقَهُ بِالْمَجَازِ إِليه، وَتَظَاهَرَ أَيضاً بِتَرْكِ تَفْسِيرِ الْحَدِيثِ وَذِكْرِ الأَنواء؛ وَقَالَ الْفَرَزْدَقِ:
وإِنَّ الَّذِي يَسعَى يُحَرِّشُ زَوْجَتِي، ... كَسَاعٍ إِلى أُسْدِ الشَّرَى يَسْتَبِيلُها
وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ أَيضاً: هِيَ زَوْجَتُهُ، وَاحْتُجَّ بِبَيْتِ الْفَرَزْدَقِ.
وَسُئِلَ ابْنِ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ الْجَمَلِ مِنْ

(2/292)


قَوْلُهُ تَعَالَى: حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ؛ فَقَالَ: هُوَ زَوْجُ النَّاقَةِ
؛ وَجَمْعُ الزَّوْجِ أَزواج وزِوَجَةٌ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ*
.
وَقَدْ تَزَوَّج امرأَة وزَوَّجَهُ إِياها وَبِهَا، وأَبى بَعْضُهُمْ تَعْدِيَتَهَا بِالْبَاءِ. وَفِي التَّهْذِيبِ: وَتَقُولُ الْعَرَبُ: زوَّجته امرأَة. وَتَزَوَّجْتُ امرأَة. وَلَيْسَ مِنْ كَلَامِهِمْ: تزوَّجت بامرأَة، وَلَا زوَّجْتُ مِنْهُ امرأَةً. قَالَ: وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ*
، أَي قرنَّاهم بِهِنَّ، مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ
، أَي وقُرَناءهم. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: تَزوجت بامرأَة، لُغَةٌ فِي أَزد شَنُوءَةَ. وتَزَوَّجَ فِي بَنِي فُلَانٍ: نَكَحَ فِيهِمْ. وتَزَاوجَ القومُ وازْدَوَجُوا: تَزَوَّجَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا؛ صَحَّتْ فِي ازْدَوَجُوا لِكَوْنِهَا فِي مَعْنَى تَزاوجُوا. وامرأَة مِزْوَاجٌ: كَثِيرَةُ التَّزَوُّجِ والتزاوُج؛ قَالَ: والمُزاوَجَةُ والازْدِواجُ، بِمَعْنًى. وازْدَوَجَ الكلامُ وتَزَاوَجَ: أَشبه بَعْضُهُ بَعْضًا فِي السَّجْعِ أَو الْوَزْنِ، أَو كَانَ لإِحدى القضيتين تعلق بالأُخرى. وزَوَّج الشيءَ بِالشَّيْءِ، وزَوَّجه إِليه: قَرَنَهُ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ*
؛ أَي قَرَنَّاهُمْ؛ وأَنشد ثَعْلَبٌ:
وَلَا يَلْبَثُ الفِتْيانُ أَنْ يَتَفَرَّقُوا، ... إِذا لَمْ يُزَوَّجْ رُوحُ شَكْلٍ إِلى شَكْلِ
وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ
؛ مَعْنَاهُ: وَنُظَرَاءَهُمْ وَضُرَبَاءَهُمْ. تَقُولُ: عِنْدِي مِنْ هَذَا أَزواج أَي أَمْثال؛ وَكَذَلِكَ زَوْجَانِ مِنَ الْخِفَافِ أَي كُلُّ وَاحِدٍ نَظِيرُ صَاحِبِهِ؛ وَكَذَلِكَ الزَّوْجُ المرأَة، وَالزَّوْجُ الْمَرْءُ، قَدْ تَنَاسَبَا بِعَقْدِ النِّكَاحِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً
؛ أَي يَقْرُنُهم. وَكُلُّ شَيْئَيْنِ اقْتَرَنَ أَحدهما بِالْآخَرِ: فَهُمَا زَوْجَانِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: يَجْعَلُ بَعْضَهُمْ بَنِينَ وَبَعْضَهُمْ بَنَاتٍ، فَذَلِكَ التَّزْوِيجُ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أَراد بِالتَّزْوِيجِ التَّصْنِيفَ؛ والزَّوْجُ: الصِّنْفُ. وَالذَّكَرُ صِنْفٌ، والأُنثى صِنْفٌ. وَكَانَ الأَصمعي لَا يُجِيزُ أَن يُقَالَ لِفَرْخَيْنِ مِنَ الْحَمَامِ وَغَيْرِهِ: زَوْجٌ، وَلَا لِلنَّعْلَيْنِ زَوْجٌ، وَيُقَالُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ: زَوْجَانِ لِكُلِّ اثْنَيْنِ. التَّهْذِيبِ: وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
عَجِبْتُ مِنَ امْرَاةٍ حَصَانٍ رَأَيْتُها، ... لَها ولَدٌ مِنْ زَوْجِها، وَهْيَ عَاقِرُ
فَقُلْتُ لَها: بُجْراً، فقَالتْ مُجِيبَتِي: ... أَتَعْجَبُ مِنْ هَذَا، وَلِي زَوْجٌ آخَرُ؟
أَرادت مِنْ زَوْجِ حَمَامٍ لَهَا، وَهِيَ عَاقِرٌ؛ يَعْنِي للمرأَة زَوْجُ حَمَامٍ آخَرُ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هَاجَ المُكَّاءُ للزَّواج؛ يَعني بِهِ السِّفادَ. والزَّوْجُ: الصِّنْفُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ
؛ قِيلَ: مِنْ كُلِّ لَوْنٍ أَو ضَرْبٍ حَسَنٍ مِنَ النَّبَاتِ. التَّهْذِيبِ: والزَّوْجُ اللَّوْنُ؛ قَالَ الأَعشى:
وكلُّ زَوْجٍ مِنَ الدِّيباجِ، يَلْبَسُهُ ... أَبو قُدَامَةَ، مَحْبُوًّا بذاكَ مَعَا
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ
؛ قَالَ: مَعْنَاهُ أَلوان وأَنواع مِنَ الْعَذَابِ، وَوَصَفَهُ بالأَزواج، لأَنه عَنَى بِهِ الأَنواع مِنَ الْعَذَابِ والأَصناف مِنْهُ. والزَّوْجُ: النَمَطُ، وَقِيلَ: الدِّيبَاجُ. وَقَالَ لَبِيدٌ:
مِنْ كلِّ مَحْفُوفٍ، يُظِلُّ عِصِيَّهُ ... زَوْجٌ، عَلَيْهِ كِلَّةٌ وقِرامُها
قَالَ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الزَّوْجُ هُنَا النَّمَطُ يُطْرَحُ عَلَى الْهَوْدَجِ؛ وَيُشْبِهُ أَن يَكُونَ سمِّي بِذَلِكَ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى مَا تَحْتَهُ اشْتِمَالُ الرَّجُلِ عَلَى المرأَة، وَهَذَا لَيْسَ بِقَوِيٍّ. والزَّاجُ: مَعْرُوفٌ؛ اللَّيْثُ: الزَّاجُ، يُقَالُ لَهُ: الشَّبُّ الْيَمَانِيُّ، وَهُوَ مِنَ الأَدوية، وَهُوَ مِنْ أَخلاط الحِبْرِ،

(2/293)


فارسي معرَّب.
زيج: الزِّيجُ: خَيْطُ البَنَّاءِ وَهُوَ المِطْمَرُ، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ؛ قَالَ الأَصمعي: لَسْتُ أَدري أَعربي هُوَ أَم مُعَرَّبٌ؟

فصل السين المهملة
سبج: السُّبْجَةُ والسَّبِيجَةُ: دِرْعٌ عَرْضُ بَدَنِه عظمةُ الدِّرَاعِ، ولهُ كُمٌّ صَغِيرٌ نَحْوَ الشِّبْرِ، تَلْبَسُهُ رَبَّاتُ الْبُيُوتِ؛ وَقِيلَ: هِيَ بُرْدَة مِنْ صُوفٍ فِيهَا سَوَادٌ وَبَيَاضٌ؛ وَقِيلَ: السُّبْجَةُ والسَّبِيجَةُ ثَوْبٌ لَهُ جَيْبٌ وَلَا كُمَّيْنِ لَهُ؛ زَادَ التَّهْذِيبُ: يَلْبَسُهُ الطَّيَّانونَ؛ وَقِيلَ: هِيَ مِدْرَعَة كُمُّها مِنْ غَيْرِهَا، وَقِيلَ: هِيَ غِلالَة تَبْتَذِلُهَا المرأَة فِي بَيْتِهَا كالبَقِير، وَالْجَمْعُ سَبائِجُ وسِباجٌ. والسُّبْجَةُ والسَّبِيجَةُ: كِسَاءٌ أَسود. والسَّبِيجَةُ: الْقَمِيصُ، فَارِسِيٌّ معرَّب؛ ابْنُ السِّكِّيتِ: السَّبِيجُ والسَّبِيجة البَقِيرُ، وأَصلها بِالْفَارِسِيَّةِ شَبيّ، وَهُوَ الْقَمِيصُ. وَفِي حَدِيثِ
قَيْلة: أَنها حَمَلَتْ بِنْتَ أَخيها وَعَلَيْهَا سُبَيِّجٌ مِنْ صُوفٍ
؛ أَرادت تَصْغِيرَ السَّبيج «2» كَرغِيف ورُغَيِّف، وَهُوَ مُعَرَّبٌ. وتَسَبَّجَ بِهَا: لَبَسَهَا؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
كالحَبَشِيِّ الْتَفَّ أَو تَسَبَّجَا
اللَّيْثُ: تَسَبَّجَ الإِنسانُ بِكِسَاءٍ تسَبُّجاً. وسُبْجَةُ الْقَمِيصِ: لِبْنَتُه وتَخَارِيصُه؛ قَالَ حُميد بْنُ ثَوْرٍ:
إِنَّ سُلَيْمَى واضِحٌ لَبَّاتُها، ... لَيِّنَةُ الأَبْدَانِ، مِنْ تَحْتِ السُّبَجْ
والسِّباجُ: ثِيَابٌ مِنْ جُلُودٍ، وَاحِدَتُهَا سُبْجَةٌ، وَهِيَ بِالْحَاءِ أَعلى. والسَّبَجُ: خَرَزٌ أَسودُ، دَخِيلٌ مُعَرَّبٌ، وأَصله سَبَهْ. والسَّبَابِجَةُ: قَوْمٌ ذَوُو جَلَدٍ مِنَ السِّنْدِ وَالْهِنْدِ، يَكُونُونَ مَعَ رَئِيسِ السَّفِينَةِ الْبَحْرِيَّةِ يُبَذْرِقُونها، وَاحِدُهُمْ سَبِيجيّ، وَدَخَلَتْ فِي جَمْعِهِ الْهَاءُ لِلْعُجْمَةِ والنَّسَب، كَمَا قَالُوا: البَرابِرةُ، وَرُبَّمَا قَالُوا: السَّابِجَ؛ قَالَ هِمْيَانُ:
لوْ لَقِيَ الفِيلُ بِأَرْضٍ سابِجَا، ... لَدَقَّ مِنْهُ العُنْقَ والدَّوَارِجا
وإِنما أَراد هِمْيانُ: سابَجَا، فَكَسَرَ لِتَسْوِيَةِ الدَّخِيلِ، لأَن دَخِيلَ هَذِهِ الْقَصِيدَةِ كُلِّهَا مَكْسُورٌ. ابْنُ السِّكِّيتِ: السَّبابِجَةُ قَوْمٌ مِنَ السِّنْدِ يُسْتَأْجَرون لِيُقاتِلوا، فَيَكُونُونَ كالمُبَذْرِقَةِ، فَظَنَّ هِمْيَانُ أَن كُلَّ شَيْءٍ مِنْ نَاحِيَةِ السَّنَدِ سَبِيج، فَجَعَلَ نَفْسَهُ سَبِيجاً. الْجَوْهَرِيُّ: السَّبابِجَةَ قَوْمٌ مِنَ السِّنْدِ كَانُوا بِالْبَصْرَةِ جَلاوِزَةً وحُرّاس السِّجْنِ، وَالْهَاءُ لِلْعُجْمَةِ وَالنَّسَبِ؛ قَالَ يزيد ابن الْمُفَرَّغِ الْحَمِيرِيُّ:
وطَمَاطِيمَ مِنْ سَبَابِيجَ خُزْرٍ، ... يُلْبِسوني مَعَ الصَّباحِ القُيُودا
سبرج: سَبْرَجَ فلانٌ عَلَيَّ الأَمْرَ إِذا عمَّاه.
سبنج: التَّهْذِيبِ فِي الرُّبَاعِيِّ: رُوِيَ
أَن الْحَسَنَ بْنِ عَلِيٍّ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، كَانَتْ لَهُ سَبَنْجُونَةٌ مِنْ جُلود الثَّعَالِبِ كَانَ إِذا صَلَّى لَمْ يَلْبَسْهَا
؛ قَالَ شَمِرٌ: سأَلت مُحَمَّدَ بْنَ بَشَّارٍ عَنْهَا، فَقَالَ: فَرْوَةٌ مِنْ ثَعَالِبَ، قَالَ: وسأَلت أَبا حَاتِمٍ فَقَالَ: كَانَ يَذْهَبُ إِلى لَوْنِ الخُضْرَة آسْمانْ جُونْ ونحوه.
__________
(2).
قوله [السبيج إلخ] بوزن رغيف، كما في القاموس وغيره، وبهامش النهاية ما نصه: وعن ابن الأَعرابي السبيج، بكسر السين وسكون الموحدة وفتح الياء، قال وأراه معرباً؛ وأَنشد: كانت به خود صموت الدملج لفاء ما تحت الثياب السبيج

(2/294)


ستج: الإِسْتاجُ والإِسْتِيجُ: مِنْ كَلَامِ أَهل الْعِرَاقِ، وَهُوَ الَّذِي يُلَفُّ عَلَيْهِ الْغَزْلُ بالأَصابع لِيُنْسَجَ، تُسَمِّيهِ الْعَرَبُ أُسْتُوجَةً وأُسْجُوتَةً؛ قَالَ الأَزهري: وهما مُعرّبان.
سجج: سَجَّ بِسَلْحِه سَجّاً: أَلقاه رَقِيقًا. وأَخَذَه لَيْلَتَه سَجٌّ: قَعَدَ مَقاعِدَ رِقاقاً. وَقَالَ يَعْقُوبُ: أَخذه فِي بَطْنِهِ سَجٌّ إِذا لَانَ بَطْنُهُ. وسَجَّ الطَّائِرُ سَجّاً: حَذَفَ بِذَرْقه. وسَجَّ النَّعَامُ: أَلقى مَا فِي بَطْنِهِ؛ وَيُقَالُ: هُوَ يَسُجُّ سَجّاً ويَسُكُّ سَكّاً إِذا رَمَى مَا يَجِيءُ مِنْهُ. ابْنُ الأَعرابي: سَجَّ بِسَلْحِه وتَرَّ إِذا حَذَفَ بِهِ، وسَجَّ يَسُجُّ إِذا رقَّ مَا يَجِيءُ مِنْهُ مِنَ الْغَائِطِ. وسَجَّ سَطْحَه يَسُجُّه سَجّاً إِذا طَيَّنَه. وسَجَّ الحائطَ يَسُجُّه سَجّاً: مَسَحَهُ بِالطِّينِ الرَّقِيقِ، وَقِيلَ: طَيَّنَهُ. والمِسَجَّةُ: الَّتِي يُطْلَى بِهَا، لُغَةٌ يمانيةٌ؛ وَفِي الصِّحَاحِ: الْخَشَبَةُ الَّتِي يُطَيَّنُ بِهَا: مِسَجَّةٌ، وَهِيَ بِالْفَارِسِيَّةِ المالَجَه؛ وَيُقَالُ لِلْمالَقِ: مِسَجَّة ومِمْلَقٌ ومِمْدَرٌ ومِمْلَطٌ ومِلْطاطٌ. والسُّجَّةُ: الْخَيْلُ. الْجَوْهَرِيُّ: السَّجَّةُ والبَجَّةُ صَنمان. ابْنُ سِيدَهْ: السَّجَّة صَنَمٌ كَانَ يُعبد مِنْ دُونِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَبِهِ فُسِّرَ قَوْلُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
أَخرجوا صَدَقَاتِكُمْ فإِن اللَّهَ قَدْ أَراحكم مِنَ السَّجَّة والبَجَّة.
والسَّجَاجُ: اللَّبَنُ الَّذِي يُجْعَلُ فِيهِ الْمَاءُ أَرَقَّ مَا يَكُونُ؛ وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي ثُلُثُهُ لَبَنٌ وَثُلْثَاهُ مَاءٌ؛ قَالَ:
يَشْرَبُه مَحْضاً، ويَسْقِي عِيالَهُ ... سَجاجاً، كأَقْرابِ الثَّعالِب، أَوْرَقا
وَاحِدَتُهُ سَجاجَة. وأَنكر أَبو سَعِيدٍ الضَّرِيرُ قَوْلُ مَنْ قَالَ: إِن السَّجَّةَ اللَّبَنة الَّتِي رُقِّقَتْ بِالْمَاءِ، وَهِيَ السَّجَاجُ؛ قَالَ: والبَجَّةُ الدَّمُ الْفَصِيدُ، وَكَانَ أَهل الْجَاهِلِيَّةِ يَتَبَلَّغُون بِهَا فِي الْمَجَاعَاتِ. قَالَ بَعْضُ الْعَرَبِ: أَتانا بِضَيْحَةٍ سَجَاجَةٍ تَرَى سَوَادَ الْمَاءِ فِي حَيْفها؛ فسَجَاجَةٌ هُنَا بَدَلٌ إِلَّا أَن يَكُونُوا وَصَفُوا بالسَّجَاجَةِ، لأَنها فِي مَعْنَى مَخْلُوطَةٍ، فَتَكُونُ عَلَى هَذَا نَعْتًا؛ وَقِيلَ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
إِن اللَّهَ قَدْ أَراحكم مِنَ السَّجَّةِ
؛ السجَّةُ: المَذِيقُ كالسَّجَاجِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنه صَنَمٌ وَهُوَ أَعرف؛ قَالَهُ الْهَرَوِيُّ فِي الْغَرِيبَيْنِ. والسَّجْسَجُ: الْهَوَاءُ الْمُعْتَدِلُ بَيْنَ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
نَهَارُ الْجَنَّةِ سَجْسَجٌ
أَي مُعْتَدِلٌ لَا حَرَّ فِيهِ وَلَا قَرَّ؛ وَفِي رِوَايَةٍ:
ظِلُّ الْجَنَّةِ سَجْسَج
، وَقَالُوا: لَا ظُلْمَةَ فِيهِ وَلَا شَمْسَ؛ وَقِيلَ: إِن قُدِّرَ نُورُهُ كَالنُّورِ الَّذِي بَيْنَ الْفَجْرِ وَطُلُوعِ الشَّمْسِ. ابْنُ الأَعرابي: مَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلى طُلُوعِ الشَّمْسِ يُقَالُ لَهُ السَّجْسَجُ، قَالَ: وَمِنَ الزَّوَالِ إِلى الْعَصْرِ يُقَالُ لَهُ الهَجيرُ والهاجِرَةُ، وَمِنْ غُرُوبِ الشَّمْسِ إِلى وَقْتِ اللَّيْلِ الجُنْحُ والجِنْحُ، ثُمَّ السَّدَفُ والمَلَثُ والمَلَسُ. وكلُّ هَوَاءٍ مُعْتَدِلٍ طَيِّبٍ: سَجْسَجٌ. ويومٌ سَجْسَجٌ: لَا حَرٌّ مؤْذٍ، وَلَا قَرٌّ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: وَهَوَاؤُهَا السَّجْسَجُ.
وَرِيحٌ سَجْسَجٌ: لَيِّنَةُ الْهَوَاءِ مُعْتَدِلَةٌ؛ وَقَوْلُ مَلِيحٍ:
هَلْ هَيَّجَتْكَ طُلُولُ الحَيِّ مُقْفِرَةً، ... تَعْفُو، مَعارِفَها، النُّكْبُ السَّجَاسِيجُ؟
احْتَاجَ فَكَسَّرَ سَجْسَجاً عَلَى سَجَاسِيجَ؛ وَنَظِيرُهُ مَا أَنشده سِيبَوَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ:
نَفْيَ الدَّراهِيمِ تَنْقادُ الصَّيارِيف
وأَرضٌ سَجْسَجٌ: لَيْسَتْ بِسَهْلَةٍ وَلَا صُلْبَةٍ؛ وَقِيلَ: هِيَ الأَرض الْوَاسِعَةُ؛ قَالَ الْحَرِثُ بنُ حِلِّزَةَ اليَشْكُرِيُّ:
طَافَ الخَيالُ، وَلَا كَلَيْلَةِ مُدْلِجِ، ... سَدِكاً بِأَرْحُلِنا، فَلَمْ يَتَعَرَّجِ

(2/295)


إِني اهْتَدَيْتُ، وكُنتُ غَيرَ رَجِيلَةٍ، ... والقَوْمُ قَد قطَعُوا مِتانَ السَّجْسَجِ
يَقُولُ: لَمْ أَرَ كَلَيلة أَدْلَجها إِلينا هَذَا الخيالُ مِن هَوْلِهَا وبُعدها مِنَّا. وَلَمْ يَتَعَرَّجْ: لَمْ يُقِمْ. والتعريجُ عَلَى الشَّيْءِ: الإِقامةُ. والمِتانُ: جَمْعُ مَتْنٍ، وَهُوَ مَا صَلُبَ مِنَ الأَرض وَارْتَفَعَ. والرَّجِيلَة: القويةُ عَلَى الْمَشْيِ. وسَدِكٌ: مُلازِمٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه مَرَّ بوادٍ بَيْنَ الْمَسْجِدَيْنِ، فَقَالَ: هَذِهِ سَجاسِجُ مَرَّ بِهَا مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ
؛ هِيَ جَمْعُ سَجْسَج، وَهِيَ الأَرض لَيْسَتْ بِصُلْبَةٍ وَلَا سَهْلَةٍ. والسُّجُجُ: الطَّاياتُ «3» المُمَدَّرَةُ. والسُّجُجُ أَيضاً: النُّقُوشُ الطَّيِّبَةُ. أَبو عَمْرٍو: جَسَّ إِذا اخْتَبَرَ، وسَجَّ إِذا طَلَعَ.
سحج: سَحَجَهُ الحائطُ يَسْحَجُه سَحْجاً وسَحَّجَه: خَدَشَه؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
جَأْباً تَرَى بِلِيتِهِ مُسَحَّجا
أَي تسْحِيجاً. قَالَ أَبو حَاتِمٍ: قرأْت عَلَى الأَصمعي فِي جيميَّة الْعَجَّاجِ:
جَأْباً تَرَى بِلِيتِهِ مُسَحَّجا
فَقَالَ: تَلِيلَهُ، فَقُلْتُ: بِلِيتِهِ، فَقَالَ: هَذَا لَا يَكُونُ، فَقُلْتُ: أَخبرني بِهِ مِنْ سَمِعَهُ مِن فَلْقِ فِي «4» رُؤْبَةَ، أَعني أَبا زَيْدٍ الأَنصاري، قَالَ: هَذَا لَا يَكُونُ. قُلْتُ: جَعَلَهُ مَصْدَرًا، أَراد تَسْحِيجًا، فَقَالَ: هَذَا لَا يَكُونُ، قُلْتُ: فَقَدْ قَالَ جَرِيرٌ:
أَلم تَعْلَمْ بمُسَرَّحي القَوافي؟ ... فَلَا عِيّاً بِهِنَّ، وَلَا اجْتِلابا
أَي تَسْرِيحِي، فكأَنه أَراد أَن يَدْفَعَهُ، فَقُلْتُ لَهُ: فَقَدْ قَالَ تَعَالَى: وَمَزَّقْناهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ؛ فَأَمْسَكَ. قَالَ الأَزهري: كأَنه أَراد: تَرَى بَلِيَّتَهُ تَسْحِيجًا، فَجَعَلَ مُسَحَّجًا مَصْدَرًا. والمُسَحَّجُ: المُعَضَّضُ، وَهُوَ مَنْ سَحَجَ الْجِلْدُ. وسَحَّجَه فَتَسَحَّجَ: شُدِّد لِلْكَثْرَةِ. وسَحَجْتُ جِلْدَهُ فانْسَحَجَ أَي قَشَرْتُهُ فَانْقَشَرَ. والسَّحْجُ: أَن يُصِيبَ الشيءُ الشيءَ فَيَسْحَجَه أَي يَقْشِرَ مِنْهُ شَيْئًا قَلِيلًا، كَمَا يُصِيبُ الحافرَ، قَبْلَ الوَجَى، سَحْجٌ. وانْسَحَجَ جِلْدُهُ مِنْ شَيْءٍ مَرَّ بِهِ إِذا تقشَّر الْجِلْدُ الأَعلى. وَيُقَالُ: أَصابه شَيْءٌ فَسَحَجَ وجْهَه، وَبِهِ سَحْجٌ. وسَحَجَ الشيءَ بِالشَّيْءِ سَحْجاً، فَهُوَ مَسْحُوجٌ وسَحِيجٌ: حاكَّه فَقَشَرَهُ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
فجاءَ بِهَا بعدَ الكَلالِ كأَنه، ... مِنَ الأَيْنِ، مِخْراشٌ أَقَذُّ سَحِيجُ
وَبَعِيرٌ سَحَّاجٌ: يَسْحَجُ الأَرض بِخُفِّهِ أَي يَقْشِرُهَا فَلَا يَلْبَثُ أَن يَحْفَى؛ وَنَاقَةٌ مِسْحاجٌ، كَذَلِكَ؛ وَزَمَنٌ مِسْحاجٌ وسَحَّاجٌ: يَقْشِرُ كُلِّ شَيْءٍ؛ قَالَ أَبو عَامِرٍ الْكِلَابِيُّ يَصِفُ نَخْلًا:
مَا ضَرَّها مَسُّ زَمانٍ سَحَّاجْ
وسَحَجَ العُودَ بالمِبْرَدِ يَسْحَجُه سَحْجاً: قَشَرَهُ؛ وسَحَجَتِ الريحُ الأَرض، كَذَلِكَ. والسَّحَجُ: دَاءٌ فِي الْبَطْنِ قَاشِرٌ، مِنْهُ. وسَحَجَ شِعْرَهُ بِالْمُشْطِ سَحْجاً: سَرَّحَه تَسْرِيحًا لَيِّنًا عَلَى فَروَة الرأْس. وسَحَجَه يَسْحَجُه سَحْجاً، فَهُوَ سَحِيجٌ. وسَحَّجَه: عضَّه فأَثر فِيهِ، وَقَدْ غَلَبَ عَلَى حُمُرِ الْوَحْشِ. وَحِمَارٌ مُسَحَّجٌ أَي مُعَضَّضٌ مُكَدَّم؛ والمِسْحَجُ، منها.
__________
(3).
قوله [الطايات] جمع طاية، وهي السطح، والممدرة المطلية بالطين.
(4). [
في] هنا بمعنى فم.

(2/296)


والمِسْحَاجُ: العَضَّاضُ. والمَسَاحِجُ: آثارُ تَكادُمِ الحُمُرِ عَلَيْهَا. والتَّسْحِيجُ: الكَدْمُ. والسَّحْجُ: مِنْ جَرْيِ الدَّوَابِّ دُونَ الشَّدِّ. وَيُقَالُ: حمارٌ مِسْحَجٌ ومِسْحاجٌ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
رَباعِيَةٌ أَضَرَّ بِهَا رَباعٌ، ... بِذاتِ الجِزْعِ، مِسْحاجٌ شَنُونُ
وَقَالَ غَيْرُهُ: مَرَّ يَسْحَجُ أَي يُسْرِعُ؛ قَالَ مُزَاحِمٌ:
عَلَى أَثَرِ الجُعْفِيِّ دَهْرٌ، وَقَدْ أَتى ... لَهُ، مُنْذُ وَلَّى يَسْحَجُ السَّيْرَ، أَربَعُ
وسَحَجَ الأَيْمانَ يَسْحَجُها: تابَعَ بَيْنَهَا. ورجلٌ سَحَّاجٌ، وَكَذَلِكَ الْحِلْفُ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
لَا تَنْكِحِنَّ نَحِضاً بَجْباجَا ... فَدْماً، إِذا صِيحَ بِهِ أَفاجا
وإِنْ رَأَيْتِ قُمُصاً وسَاجا، ... ولِمَّةً وحَلِفاً سَحَّاجا
وسَيْحُوجٌ: اسم.
سدج: السَّدْجُ والتَّسَدُّجُ: الْكَذِبُ وتَقَوُّلُ الأَباطيل؛ وأَنشد:
فِينَا أَقاويلُ امْرِئٍ تَسَدَّجا
وَقَدْ سَدَجَ سَدْجاً، وتَسَدَّجَ أَي تكذَّب وتَخَلَّقَ. وَرَجُلٌ سَدّاجٌ: كَذَّابٌ؛ وَقِيلَ: هُوَ الْكَذَّابُ الَّذِي لَا يَصْدُقُكَ أَثَرَهُ يَكْذِبُكَ مِن أَيْنَ جاءَ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
شَيْطانُ كلِّ مُتْرَفٍ سَدّاج
وسَدَج بِالشَّيْءِ: ظَنَّهُ.
سذج: حُجَّةٌ ساذِجَةٌ وساذَجَةٌ، بِالْفَتْحِ: غَيْرُ بَالِغَةٍ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أُراها غَيْرَ عَرَبِيَّةٍ، إِنما يَسْتَعْمِلُهَا أَهل الْكَلَامِ فِيمَا لَيْسَ بِبُرْهَانٍ قَاطِعٍ، وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِ الْكَلَامِ وَالْبُرْهَانِ، وَعَسَى أَن يَكُونُ أَصلها سادَهْ، فعُرّبت كَمَا اعْتِيدَ مِثْلُ هَذَا فِي نَظِيرِهِ مِنَ الكلام المعرَّب.
سرج: السَّرْجُ: رَحْلُ الدَّابَّةِ، مَعْرُوفٌ، وَالْجَمْعُ سُروج. وأَسْرَجَها إِسراجاً: وَضَعَ عَلَيْهَا السَّرْجَ. والسَّرّاجُ: بَائِعُ السُّروجِ وَصَانِعُهَا، وَحِرْفَتُهُ السِّرَاجَةُ. والسِّراجُ: الْمِصْبَاحُ الزَّاهِرُ الَّذِي يُسْرَجُ بِاللَّيْلِ، وَالْجَمْعُ سُرُجٌ. والمِسْرَجَةُ: الَّتِي فِيهَا الْفَتِيلُ. وَقَدْ أَسْرَجْتُ السِّرَاجَ إِسْراجاً. والمَسْرَجَةُ، بِالْفَتْحِ: التي يجعل عليهيا المِسْرَجَةُ. وَالشَّمْسُ سِراجُ النَّهَارِ، والمَسْرَجَةُ، بِالْفَتْحِ «1»: الَّتِي تُوضَعُ فِيهَا الْفَتِيلَةُ وَالدُّهْنُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
عُمَرُ سِرَاجُ أَهل الْجَنَّةِ
؛ قِيلَ: أَراد أَن الأَربعين الَّذِينَ تَمُّوا بعُمَر كُلُّهُمْ مِنْ أَهل الْجَنَّةِ، وعمر فِيمَا بَيْنَهُمْ كَالسِّرَاجِ، لأَنهم اشْتَدُّوا بإِسلامه وَظَهَرُوا لِلنَّاسِ، وأَظهروا إِسلامهم بَعْدَ أَن كَانُوا مُخْتَفِينَ خَائِفِينَ، كَمَا أَنه بِضَوْءِ السِّرَاجِ يَهْتَدِي الْمَاشِي؛ والسِّرَاجُ: الشَّمْسُ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَجَعَلْنا سِراجاً وَهَّاجاً
.
وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَداعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً
؛ إِنما يُرِيدُ مِثْلَ السِّرَاجِ الَّذِي يُسْتَضَاءُ بِهِ، أَو مِثْلَ الشَّمْسِ فِي النُّورِ وَالظُّهُورِ. والهُدَى: سِرَاجُ الْمُؤْمِنِ، عَلَى التَّشْبِيهِ. التَّهْذِيبِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: وَسِراجاً مُنِيراً
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: أَي وَكِتَابًا بيِّناً؛ الْمَعْنَى أَرسلناك شَاهِدًا، وَذَا سِرَاجٍ مُنِيرٍ أَي وَذَا كِتَابٍ مُنِيرٍ بَيِّنٍ، وإِن شِئْتَ كَانَ وَسِرَاجًا مَنْصُوبًا عَلَى مَعْنَى دَاعِيًا إِلى الله وتالياً
__________
(1).
وبالكسر أَيضاً كما ضبطناه نقلًا عن المصباح.

(2/297)


كِتَابًا بيِّناً؛ قَالَ الأَزهري: وإِن جَعَلْتَ سِرَاجًا نَعْتًا لِلنَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ حَسَنًا، وَيَكُونُ مَعْنَاهُ هَادِيًا كأَنه سِرَاجٌ يُهْتَدَى بِهِ فِي الظُّلَمِ. وأَسْرَجَ السِّرَاجَ: أَوْقَدَهُ. وجَبينٌ سارِجٌ: وَاضِحٌ كالسِّراج، عَنْ ثَعْلَبٍ؛ وأَنشد:
يَا رُبَّ بَيْضاءَ مِنَ العَواسِجِ، ... لَيِّنَةِ المَسِّ عَلَى المُعالِجِ،
هأْهاءَةٍ ذاتِ جَبينٍ سارِجِ
وسَرَّجَ اللهُ وَجْهَهُ وبَهَّجَهُ أَي حَسَّنَه؛ قَالَ:
وفاحِماً ومَرْسِناً مُسَرَّجَا
قَالَ: عَنى بِهِ الحُسْنَ والبَهْجَةَ وَلَمْ يَعْنِ أَنه أَفْطَسُ مُسْرَجُ الوَسَطِ؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: شبَّه أَنفه وَامْتِدَادَهُ بِالسَّيْفِ السُّرَيْجِيِّ، وَهُوَ ضَرْبٌ مِنَ السُّيُوفِ الَّتِي تُعرف بالسُّرَيْجِيّات. وسَرَّجَ الشيءَ: زَيَّنَه. وسَرَجَه الله وسَرَّجَه: وفَّقَه. وسَرَجَ الكَذِبَ يَسْرُجُهُ سَرْجاً: عَمِلَهُ. وَرَجُلٌ سرَّاجٌ مَرّاجٌ: كَذَّابٌ؛ وَقِيلَ: هُوَ الْكَذَّابُ الَّذِي لَا يَصْدُقُ أَثَرَهُ يكذبك من أَين جَاءَ، وَيُفْرَدُ فَيُقَالُ: رَجُلٌ سَرّاجٌ، وَقَدْ سَرِجَ. وَيُقَالُ: بَكَّلَ أُمَّ فلانٍ فَسَرِجَ عَلَيْهَا بأُسْرُوجَةٍ. وسُرَيْجٌ: قَيْنٌ مَعْرُوفٌ، وَالسُّيُوفُ السُّرَيْجِيَّةُ، مَنْسُوبَةٌ إِليه، وَشَبَّهَ الْعَجَاجُ بِهَا حُسْنَ الأَنف فِي الدِّقَّةِ وَالِاسْتِوَاءِ، فَقَالَ:
وفاحِماً ومَرْسِناً مُسَرَّجا
وسِراجٌ: اسْمُ رَجُلٍ، قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هُوَ سِرَاجُ ابن قُرَّةَ الكِلابيُّ. والسِّرْجِيجَةُ والسُّرْجُوجَةُ: الخُلُقُ وَالطَّبِيعَةُ وَالطَّرِيقَةُ؛ يُقَالُ: الكَرَمُ مِنْ سِرْجِيجَتِهِ وسُرْجُوجَتِه أَي خُلُقِه؛ حكاه اللِّحْيَانِيُّ. أَبو زَيْدٍ: إِنه لَكَرِيمُ السُّرْجُوجَةِ والسِّرْجِيجة أَي كِرِيمُ الطَّبِيعَةِ. الأَصمعي: إِذا اسْتَوَتْ أَخلاق الْقَوْمِ، قِيلَ: هُمْ عَلَى سُرْجُوجَةٍ وَاحِدَةٍ، ومَرِنٍ ومَرِسٍ.
سربج: فِي حَدِيثِ
جُهَيْشٍ: وكائِنْ قَطَعْنا الليلَ مِنْ دَوِّيَّةٍ سَرْبَجٍ
أَي مَفَازَةٍ واسعة بعيدة الأَرْجاءِ.
سردج: سردج «1»
سرنج: السرنج «2»
سرهج: السرهجة «3»
سفتج: السفتجة «4»
سفج: السَّفْجُ: الكَذِب؛ عَنْ كراع «5».
سفدج: الإِسفيداج «6»
سفلج: السفلج «7»
سرفج: سَرْفَجٌ: طويلٌ.
سفنج: السَّفَنَّجُ: الظَّلِيمُ الْخَفِيفُ، وَهُوَ مُلْحَقٌ بِالْخُمَاسِيِّ، بِتَشْدِيدِ الْحَرْفِ الثَّالِثِ مِنْهُ؛ وَقِيلَ: الظَّلِيمُ الذَّكَرُ؛ وَقِيلَ: هُوَ مِنْ أَسماء الظَّلِيمِ فِي سُرْعَتِهِ؛ وأَنشد:
جاءَتْ بِهِ مِن اسْتِها سَفَنَّجَا
أَي وَلَدَتْهُ أَسود. والسَّفَنَّجُ: السَّرِيعُ؛ وَقِيلَ: الطَّوِيلُ، والأُنثى سَفَنَّجَةٌ؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ يَهْجُو امرأَة:
فِيمَ نِساءُ الحَيِّ مِن وَتَرِيَّةٍ ... سَفَنَّجَةٍ، كأَنها قَوْسُ تَأْلَبِ؟
__________
(1).
زاد في القاموس: سردجه أَهمله.
(2).
زاد في القاموس: السرنج، كسمند: شيء من الصنعة كالفسيفساء، ودواء معروف، وقد يسمى بالسيلقون ينفع في الجراحات: قال الشارح: والأسرنج نوع من الإسفيداج اه.
(3).
زاد في القاموس: السرهجة: الإِباء والامتناع والفتل الشديد، ومنه حبل مسرهج.
(4).
زاد في القاموس: السفتجة، بضم فسكون ففتحتين: وهو أَن يعطي مالًا لآخر، وللآخر مال في بلد المعطي، بصيغة اسم الفاعل، فيوفيه إياه ثم، أي هناك، فيستفيد أمن الطريق، وفعله السفتجة بالفتح: المراد الفعل اللغوي الذي هو المصدر أي المصدر الذي يبنى منه فعله هو السفتجة اه.
(5).
زاد في القاموس: ما أشد سفج هذه الريح، محركة، أي شدة هبوبها.
(6).
زاد في القاموس: والإسفيداج، بالكسر: هو رماد الرصاص، والآنك.
(7).
زاد في القاموس: السفلج، كعملس: الطويل.

(2/298)


اللَّيْثُ: هُوَ طَائِرٌ كثيرُ الاسْتِنانِ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: ذَهَبَ بَعْضُهُمْ فِي سَفَنَّج أَنه مِنَ السَّفْج، وأَن النُّونَ المشدَّدة زَائِدَةٌ، وَمَذْهَبُ سِيبَوَيْهِ فِيهِ أَنه كَلَامٌ شَفَلَّح ورأْي عَتَرَّس. والسُّفَانِجُ: السريع كالسَفَنَّج؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
يَا رُبَّ بَكْرٍ بالرُّدَافَى واسِجِ، ... سُكَاكَةٍ سَفَنَّجٍ سُفَانِجِ
وَيُقَالُ: سَفْنَجَ أَي أَسْرَعَ؛ وَقَوْلُ الْآخَرِ:
يَا شَيْخُ لَا بُدَّ لَنَا أَنْ نَحْجُجَا، ... قَدْ حَجَّ فِي ذَا العامِ مَن تَحَوَّجا،
فابْتَعْ لَهُ جِمالَ صِدْقٍ فالنَّجا، ... وعَجِّلِ النَّقْدَ لَهُ وسَفْنِجا،
لَا تُعْطِهِ زَيْفاً وَلَا تُبَهْرِجَا «1»
قَالَ: عَجِّلِ النَّقْدَ لَهُ، وَقَالَ سَفْنِجا أَي وَجِّهْ وأَسرِعْ لَهُ مِنَ السَّفَنَّجِ السَّرِيعِ. أَبو الْهَيْثَمِ: سَفْنَجَ فلانٌ لفلانٍ النَّقْدَ أَي عَجَّلَه؛ وأَنشد:
قَدْ أَخَذْتَ النَّهْبَ فالنَّجا النَّجَا ... إِنِّي أَخافُ طالِباً سَفَنَّجا «2»
سكرج: فِي الْحَدِيثِ:
لَا آكُلُ فِي سُكُرُّجَةٍ
، هِيَ بِضَمِّ السِّينِ وَالْكَافِ وَالرَّاءِ وَالتَّشْدِيدِ، إِناءٌ صَغِيرٌ يؤْكل فِيهِ الشَّيْءُ الْقَلِيلُ مِنَ الأُدْمِ، وهي فارسية وأَكثر مَا يُوضَعُ فِيهَا الكَوامِخُ ونحوها.
سلج: سَلِج الطعامَ، بِالْكَسْرِ، يَسْلَجُهُ سَلْجاً وسَلَجاناً أَيضاً، وسَرَطَه سَرْطاً: بَلَعه؛ وَكَذَلِكَ سَلَجَ اللُّقْمَةَ أَي بَلَعَها. وَقِيلَ: السَّلَجانُ الأَكل السَّرِيعُ. وَمِنْ أَمثال الْعَرَبِ: الأَكْلُ سَلَجانْ والقَضاء لِيَّانْ، وَقِيلَ: الأَخذ سَلَجَانْ وَالْقَضَاءُ لِيَّانْ؛ تأْويله يُحِبُّ أَن يأْخذ وَيَكْرَهَ أَن يردَّ أَي إِذا أَخذ الرَّجُلُ الدَّين أَكله، فإِذا أَراد صَاحِبُ الدَّيْنِ حَقَّهُ لَوَاهُ بِهِ أَي مَطَلَهُ. وتَسَلَّجَ النَّبيذَ: أَلَحَّ فِي شُرْبِهِ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَقَالَ: تَرَكْتُهُ يَتَزَلَّجُ النَّبيذ ويَتَسَلَّجُه أَي يُلِحُّ فِي شُرْبِهِ، ويَسْتَلِجُه: يُدْخِلُهُ فِي سِلِّجَانِهِ أَي فِي حُلْقُومه؛ يقال: رَمَاهُ اللَّهُ فِي سِلِّجانِهِ أَي فِي حُلْقُومِهِ. والسَّلالِيجُ: الدُّلْبُ الطِّوالُ. وَيُقَالُ للسَّاجَةِ الَّتِي يُشَقُّ مِنْهَا الْبَابُ. السَّلِّيجَةُ. والسُّلَّجُ، بِالضَّمِّ وَالتَّشْدِيدِ: نبتٌ رِخْوٌ مِنْ دِقِّ الشَّجَرِ؛ وَقِيلَ: السُّلَّجَانُ ضَرْبٌ مِنْهُ؛ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: السُّلَّجُ شَجَرٌ ضِخامٌ كأَذناب الضِّبابِ، أَخضرُ لَهُ شَوْكٌ وَهُوَ حَمْضٌ. التَّهْذِيبِ: والسُّلَّجُ مِنَ الحَمْضِ: الَّذِي لَا يَزَالُ أَخضر فِي الْقَيْظِ والربيع، وهي خَوَّارَةٌ. قال الأَزهري: السُّلَّجُ نَبْتٌ مَنْبِته القِيعان، وَلَهُ ثَمَرٌ فِي أَطرافه حِدَّةٌ، وَيَكُونُ أَخضر فِي الرَّبِيعِ ثُمَّ يَهيجُ فيَصْفَرُّ، قَالَ: وَلَا يُعَدُّ مِنْ شَجَرٍ الحَمْضِ؛ وَفِي الصِّحَاحِ: هُوَ نَبْتٌ تَرْعَاهُ الإِبل. وسَلَجَتِ الإِبل، بِالْفَتْحِ، تَسْلُجُ، بِالضَّمِّ، سُلُوجاً وسَلِجَتْ: كِلَاهُمَا أَكلت السُّلَّجَ فاستطلقتْ عَنْهُ بُطُونَهَا. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: سَلِجَتْ، بِالْكَسْرِ لَا غَيْرُ؛ قَالَ شَمِرٌ: وَهُوَ أَجود. أَبو تُرَابٍ عَنْ بَعْضِ أَعراب قَيْسٍ: سَلَجَ الفصيلُ الناقةَ ومَلَجَها إِذا رَضَعَها.
سلبج: التَّهْذِيبِ فِي الرُّبَاعِيِّ: السَّلابِجُ الدُّلْبُ الطِّوالُ.
سلمج: التَّهْذِيبِ: يُقَالُ لِلنِّصَالِ المُحَدَّدَةِ: سَلاجِمُ وسَلامِجُ.
سلهج: السَّلْهَجُ: الطويل.
__________
(1). [
ولا تبهرجا] كذا بالأَصل بهذا الضبط، ولعله ولا نبهرجا، بفتح النون والراء، وأَورده المصنف في زيف ولا بهرجا.
(2).
قوله [قد أَخذت إلخ] كذا بالأَصل في غير موضع.

(2/299)


سمج: سَمُجَ الشيءُ، بِالضَّمِّ: قَبُحَ، يَسْمُجُ سَماجَةً إِذا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَلاحَةٌ، وَهُوَ سَمِيجٌ لَمِيجٌ، وسَمْجٌ لَمْجٌ. وَقَدْ سَمَّجَه تَسْمِيجاً إِذا جَعَلَهُ سَمْجاً؛ الْجَوْهَرِيُّ: سَمُجَ فَهُوَ سَمْجٌ مِثْلَ ضَخُم فَهُوَ ضَخْمٌ، وسَمِجٌ مِثْلَ خَشُنَ فَهُوَ خَشِنٌ، وسَمِيجٌ مِثْلَ قَبُحَ فَهُوَ قَبِيحٌ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ: عاثَ فِي كلِّ جارِحَةٍ مِنْهُ جَديدُ بِلًى سَمَّجَها
؛ هُوَ مِنْ سَمُجَ أَي قَبُحَ. ابْنُ سِيدَهْ: السَّمْجُ والسَّمِيجُ: الَّذِي لَا مَلَاحَةَ لَهُ، الأَخيرة هُذَلِيَّةٌ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
فإِنْ تَصْرِمي حَبْلي، وإِن تَتَبَدَّلي ... خَلِيلًا، ومنهمْ صالِحٌ وسَمِيجُ
وَقِيلَ: سَميجٌ هُنَا فِي بَيْتِ أَبي ذُؤَيْبٍ: الَّذِي لَا خَيْرَ عِنْدَهُ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: سَمْجٌ لَيْسَ مُخَفَّفًا مِنْ سَمِجٍ وَلَكِنَّهُ كالنَّضْرِ، وَالْجَمْعُ سِماجٌ مِثْلُ ضِخامٍ، وسَمِجُونَ وسُمَجَاءُ وسَمَاجَى؛ وَقَدْ سَمُجَ سَمَاجَة وسُمُوجَةً، وسَمِجَ، الْكَسْرُ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. واسْتَسْمَجَه: عَدَّه سَمْجاً. وسَمَّجَهُ اللَّهُ: خَلَقَهُ سَمْجاً أَو جَعَلَهُ كَذَلِكَ. وَلَبَنٌ سَمْجٌ: لَا طَعْمَ لَهُ. والسَّمْجُ: الْخَبِيثُ الرِّيحِ. والسَّمْجُ والسَّمِيجُ: اللَّبَنُ الدَّسِمُ الخبيثُ الطَّعْمِ، وَكَذَلِكَ السَّمْهَجُ والسَّمَلَّجُ، بزيادة الهاء واللام.
سمحج: السَّمْحَجُ والسِّمْحاجُ والسُّمْحُوجُ: الأَتان الطَّوِيلَةُ الظَّهْرِ، وَكَذَلِكَ الْفَرَسُ، وَلَا يُقَالُ لِلذَّكَرِ، وَفَرَسٌ سَمْحَجٌ: قَبَّاءُ غَلِيظَةُ اللَّحْمِ مُعْتَزَّةٌ. أَبو عُبَيْدَةَ: فَرَسٌ سَمْحَجٌ وَلَا يُقَالُ لِلذَّكَرِ، وَهِيَ القَبَّاءُ الْغَلِيظَةُ النَّحْضِ؛ وَزَعَمَ أَبو عُبَيْدٍ أَن جَمْعَ السَّمْحَجِ مِنَ الأُتُنِ: سَمَاحِيجُ، وَكَذَلِكَ قَالَ كُرَاعٍ إِن جمع السَّمْحَجِ من الْخَيْلِ: سَمَاحِيجُ، وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ غَلَطٌ، إِنما هُوَ سَمَاحِيجُ جَمْعُ سِمْحاجٍ أَو سُمْحُوجٍ، وَقَدْ قَالُوا: نَاقَةٌ سَمْحَجٌ. التَّهْذِيبِ: السَّمْحَجَةُ الطولُ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَقَوْسٌ سَمْحَجٌ: طَوِيلَةٌ؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ يَصِفُ صَائِدًا:
يلحسُ الرَّضْف، لَهُ قَضْبَةٌ، ... سَمْحَجُ المَتْنِ، هَتُوفُ الخِطَامْ
وَسَمَاحِيجُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ:
جَرَّتْ عَلَيْهِ كلُّ ريحٍ سَيْهُوجْ، ... مِن عَنْ يَمِينِ الخَطِّ، أَو سَمَاحِيجْ
أَراد: جَرَّتْ عليه ذيلها.
سمرج: السَّمَرَّجُ والسَّمَرَّجَةُ: اسْتِخْرَاجُ الخَرَاج فِي ثَلَاثِ مَرَّاتٍ، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
يَوْم خَرَاجٍ يُخْرِجُ السَّمَرَّجا
ابْنُ سِيدَهْ: السَّمَرَّجُ يَوْمُ جِبَايَةِ الْخَرَاجِ؛ وَقِيلَ: هُوَ يَوْمٌ للعَجَمِ يَسْتَخْرِجُونَ فِيهِ الْخَرَاجَ فِي ثَلَاثِ مَرَّاتٍ، وَسَنَذْكُرُهُ فِي حَرْفِ الشِّينِ. وَيُقَالُ: سَمْرِجْ لَهُ أَي أَعْطِهِ. التَّهْذِيبِ: السَّمَرَّجُ الْمُسْتَوِي مِنَ الأَرض، وَجَمْعُهُ السَّمَارِجُ؛ قَالَ جَنْدَلُ بْنُ المثنَّى:
يَدَعْنَ، بالأَمالِسِ السَّمَارِجِ، ... للطَّيْرِ واللَّغَاوِسِ الهَزَالِجِ،
كلَّ جَنِينٍ مُشْعِرِ الحَواجِجِ «1»
سَمْعَجَ: قَالَ الْفَرَّاءُ: لَبَنٌ سَمْعَجٌ وسَمْلَجٌ، وَهُوَ الدَّسِمُ الحُلْوُ.
سملج: السَّمَلَّجُ: اللَّبَنُ الحُلْوُ؛ وَلَبَنٌ سَمَلَّجٌ: حُلْوٌ دَسِمٌ. الْفَرَّاءُ: يُقَالُ لِلَّبَنِ إِنه لَسَمْهَجٌ سَمَلَّجٌ
__________
(1).
قوله [مشعر الحواجج] الذي تقدم في ح ج ج معر الحواجج، من المعر وهو قلة الشعر، وكل صحيح المعنى.

(2/300)


إِذا كان حلوا دسما؛ وَقَالَ اللَّيْثُ: هُوَ اللَّبَنُ السُّمَالِجُ؛ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ الطيِّبُ الطَّعْمِ؛ وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَمْ يُطْعِمْ. والسَّمْجُ والسَّميجُ: اللَّبَنُ الدَّسِمُ الْخَبِيثُ الطَّعْمِ، وَكَذَلِكَ السَّمْهَجُ والسَّمَلَّجُ، بِزِيَادَةِ الْهَاءِ وَاللَّامِ. ابْنُ سِيدَهْ: سَمْلَجَ الشيءَ فِي حَلْقِهِ: جَرَعَهُ جَرْعاً سَهْلًا. والسَّمَلَّجُ: عُشْبٌ مِنَ الْمَرْعَى؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ، قَالَ: وَلَمْ أَجد مَنْ يُحَلِّيهِ عليَّ. وسِمِلَّاجٌ: عِيدٌ مِنْ أَعياد النَّصَارَى. والسَّمَلَّجُ: الْخَفِيفُ، وَهُوَ مُلْحَقٌ بِالْخُمَاسِيِّ، بِتَشْدِيدِ الْحَرْفِ الثَّالِثِ مِنْهُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
قالَتْ لهُ مَقالَةً تَلَجْلَجَا، ... قَوْلًا مَلِيحاً حَسَناً سَمَلَّجا،
لَوْ يُطْبَخُ النِّيءُ بِهِ لأَنْضَجَا: ... يَا ابنَ الكِرامِ، لِجْ عليَّ الهَوْدَجا
سمهج: السَّمْهَجَةُ: الْفَتْلُ الشَّدِيدُ. وَقَدْ سَمْهَجَ الحَبْلَ، وَكَذَلِكَ سَمْهَجَ اليمينَ؛ قَالَ:
يَحْلِفُ بَجٌّ حَلِفاً مُسَمْهَجَا، ... قلتُ لَهُ: يَا بَجُّ لَا تُلَجِّجَا
وَيَمِينٌ سَمْهَجَةٌ: شَدِيدَةٌ؛ وَقَالَ كُرَاعٌ: يَمِينٌ سَمْهَجَةٌ: خَفِيفَةٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: ولستُ مِنْهُ عَلَى ثِقةٍ. وسَمْهَجَ الكلامَ: كَذِبَ فِيهِ. والسَّمْهَجُ: السهلُ؛ قَالَ:
فَوَرَدَتْ مَاءً نُقاخاً سَمْهَجَا
وَلَبَنٌ سَمْهَجٌ: حُلْوٌ دَسِمٌ. وأَرض سَمْهَجٌ: وَاسِعَةٌ سَهْلَةٌ. وريحٌ سَمْهَجٌ: سَهْلَةٌ. وسَماهِيجُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ:
يَا دارَ سَلْمَى بَيْنَ داراتِ العُوجْ، ... جَرَّتْ عَلَيْهَا كلُّ ريحٍ سَيْهُوجْ
هَوْجاءَ جاءَتْ مِنْ جِبالِ ياجوجْ، ... مِنْ عَنْ يمينِ الخَطِّ، أَو سَماهِيجْ
أَراد: جَرَّتْ عَلَيْهَا ذَيْلَهَا، فَحَذَفَ. والسَّمْهَجِيجُ مِنْ أَلبان الإِبل: مَا حُقِنَ فِي سِقاء غَيْرِ ضَارٍ فَلَبِثَ وَلَمْ يأْخذ طَعْماً. وسَماهِيجُ: جَزِيرَةٌ فِي الْبَحْرِ تُدْعَى بِالْفَارِسِيَّةِ [ماش ماهي] فَعَرَّبَتْهَا الْعَرَبُ. الأَصمعي: ماءٌ سَمْهَجٌ لَيِّنٌ؛ وأَنشد لِهِمْيان «1»:
أَزامِجاً وزَجَلًا هُزامِجَا، ... يَخْرُجُ مِنْ أَجْوافِها هَزالِجَا،
تَدْعُو، بِذَاكَ الدَّجَجَانَ الدارِجا، ... جِلَّتَها وعَجْمَها الحَضَالِجَا،
عُجُومَها وحَشْوَها الحَدَارِجَا
الحدارِج وَالْحَضَارِجَ: الصِّغَارُ؛ وَقَالَ:
تَسْمَعُ للجِنِّ بِهَا زَهارِجا
يَعْنِي حِكَايَةَ عَزِيفِ الجِنّ. والهزالِج: السِّرَاعُ مِنَ الذِّئَابِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
لِلطَّيْرِ واللغاوِسِ الْهَزَالِجِ
وحَبْلٌ مُسَمْهَجٌ؛ وحَلَفَ حَلِفاً مُسَمْهَجاً. الْفَرَّاءُ: يُقَالُ لِلَّبَنِ إِنه لَسَمْهَجٌ سَمَلَّجٌ إِذا كَانَ حُلْوًا دَسَمًا. وفَرَسٌ مُسَمْهَجٌ: مُعْتَدِلُ الأَعضاء؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
قدِ اغْتَدَى بِسابِحٍ صَافِي الخُصَلْ، ... مُعْتَدِلٍ سَمْهَج فِي غيرِ عَصَلْ
أَبو عُبَيْدَةَ: مِنَ اللَّبَنِ العُمَاهِجُ والسُّمَاهِجُ، وهما
__________
(1).
قوله [وأنشد إلخ] ليس فيها شاهد لما هنا، فهو سبق نظر. ومفرداتها تقدم بعضها مفسراً في مواده وسيأتي الباقي.

(2/301)


اللَّذَانِ لَيْسَا بِحُلْوَيْنِ وَلَا آخِذَيْ طَعْم. أَبو عُبَيْدٍ: لَبَنٌ سَمْهَجٌ: قَدْ خُلِطَ بِالْمَاءِ. والسَّمْهَجُ والسَّمْهِيجُ: اللَّبَنُ الدَّسِمُ الخبيثُ الطَّعْمِ؛ وَكَذَلِكَ السَّمْهَجُ والسَّمَلَّجُ، بِزِيَادَةِ الْهَاءِ وَاللَّامِ؛ وَقِيلَ فِي سَمَاهِيجِ الْجَزِيرَةِ: إِنها بَيْنَ عُمَان والبَحْرَيْنِ فِي الْبَحْرِ؛ قَالَ أَبو دُواد:
وإِذا أَدْبَرَتْ، تقولُ: قُصُورٌ ... مِنْ سَماهيجَ، فَوْقَها آطامُ
سنج: ابْنُ الأَعرابي: السُّنُجُ العُنَّابُ. ابْنُ سِيدَهْ: السِّنَاجُ أَثَرُ دُخانِ السِّراجِ فِي الجِرَارِ والحائط. وسَنْجَةُ الْمِيزَانِ: لُغَةٌ فِي صَنْجَتِهِ، والسين أَفصح.
سهج: سَهَجَ القومُ لَيْلَتَهُمْ سَهْجاً: سَارُوا سَيْرًا دَائِمًا؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
كيفَ تَرَاها تَغْتَلي يَا شَرْجُ، ... وَقَدْ سَهَجْناها، فطالَ السَّهْجُ؟
والسَّهُوجُ: العُقابُ لدُؤُوبها فِي طَيَرَانِهَا. وسَهَجَتِ المرأَةُ طيبَها تَسْهَجُه سَهْجاً: سَحَقَتْهُ؛ وَقِيلَ: كلُّ دَقٍّ سَهْجٌ. وسَهَجَتِ الريحُ الأَرضَ: قَشَّرَتْ وَجْهَهَا؛ قَالَ مَنْظُورٌ الأَسدي:
هَلْ تَعْرِفُ الدَّارَ لأُمِّ الحَشْرَجِ، ... غيَّرَها سَافِي الرِّياحِ السُّهَّجِ؟
وسَهَجَتِ الريحُ سَهْجاً: هَبَّتْ هُبُوباً دَائِمًا وَاشْتَدَّتْ، وَقِيلَ: مَرَّتْ مُرُورًا شَدِيدًا. وريحٌ سَيْهَجٌ وسَيْهَجَةٌ وسَهُوجٌ وسَيْهُوجٌ: شَدِيدَةٌ؛ أَنشد يَعْقُوبُ لِبَعْضِ بَنِي سَعْدَةَ:
يَا دارَ سَلْمى بَيْنَ داراتِ العُوجْ، ... جَرَّتْ عَلَيْهَا كلُّ ريحٍ سَيْهُوجْ
الْجَوْهَرِيُّ: سَهَجْتُ الطِّيبَ سَحَقْتُهُ. والمَسْهَجُ: ممرُّ الرِّيحِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
إِذا هَبَطْنَ مُسْتَحاراً مَسْهَجا
أَبو عَمْرٍو: المِسْهَجُ الَّذِي يَنْطَلِقُ فِي كُلِّ حَقٍّ وَبَاطِلٍ. أَبو عُبَيْدٍ: الأَسَاهِيُّ والأَساهِيجُ ضُرُوبٌ مُخْتَلِفَةٌ مِنَ السَّيْرِ، وَفِي نُسْخَةٍ: سَيْرُ الإِبل. الأَزهري: خَطيب مِسْهَجٌ ومِسْهَكٌ، وَرِيحٌ سَيْهُوكٌ وسَيْهُوجٌ، وسَيْهَكٌ وسَيْهَجٌ، قَالَ: والسَّهْكُ والسَّهْجُ: مَرُّ الرِّيحِ؛ وَزَعَمَ يَعْقُوبُ أَن جِيمَ سَيْهَج وسَيْهُوج بَدَلٌ مِنْ كَافِ سَيْهَكٍ وَسَيْهُوكٍ.
سوج: سَاجَ سَوْجاً: ذَهَبَ وَجَاءَ؛ قَالَ:
وأَعْجَبَها، فِيمَا تَسوجُ، عِصابَةٌ ... مِنَ القومِ، شِنَّخْفُونَ، غيرُ قِضافِ
ابْنُ الأَعرابي: ساجَ يَسُوجُ سَوْجاً وسُوَاجاً وسَوَجاناً إِذا سَارَ سَيْرًا رُوَيْداً؛ وأَنشد:
غَرَّاءُ لَيْسَتْ بالسَّؤُوجِ الجَلْنَخِ
أَبو عَمْرٍو: السَّوَجانُ الذهابُ والمجيءُ. والسُّوجُ: عِلاجٌ مِنَ الطِّينِ يُطْبَخُ ويَطْلي بِهِ الحائكُ السَّدى. والسُّوجُ: مَوْضِعٌ. والسَّاجُ الطَّيْلَسانُ الضَّخْمُ الْغَلِيظُ؛ وَقِيلَ: هُوَ الطَّيْلَسَانُ الْمُقَوَّرُ يُنْسَجُ كَذَلِكَ؛ وَقِيلَ: هُوَ طيلسانٌ أَخضر؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
ولَيْلٍ تَقُولُ النَّاسُ فِي ظُلُماتِه، ... سواءٌ صحيحاتُ العُيونِ وعُورُها:
كأَنَّ لَنَا مِنْهُ بُيوتاً حَصِينةً، ... مُسوحاً أَعاليها، وَسَاجًا كُسُورُها
إِنما نَعَتَ بِالِاسْمَيْنِ لأَنه صَيَّرَهُمَا فِي مَعْنَى الصِّفَةِ، كأَنه قَالَ: مُسْوَدَّة أَعاليها مُخْضَرَّة كُسورُها، كَمَا قَالُوا

(2/302)


مَرَرْتُ بسَرْجٍ خَزٍّ صِفَتُه، نُعِتَ بالخَزِّ وإِن كَانَ جَوْهَرًا لَمَا كَانَ فِي مَعْنَى لَيِّنٍ. وَتَصْغِيرُ السَّاجِ: سُوَيْجٌ، وَالْجَمْعُ سِيجانٌ. ابْنُ الأَعرابي: السِّيجانُ الطَّيَالِسَةُ السُّودُ، وَاحِدُهَا ساجٌ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم، كَانَ يَلْبَسُ فِي الْحَرْبِ مِنَ الْقَلَانِسِ مَا يَكُونُ مِنَ السِّيجانِ الخُضْرِ
؛ جَمْعُ سَاجٍ، وَهُوَ الطَّيْلَسَانُ الأَخضر؛ وَقِيلَ: الطَّيْلَسَانُ الْمُقَوَّرُ يُنْسَجُ كَذَلِكَ، كأَن الْقَلَانِسَ تُعمل مِنْهَا أَو مِنْ نَوْعِهَا؛ وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُ أَلفه مُنْقَلِبَةً عَنِ الْوَاوِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُهَا عَنِ الْيَاءِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُهُ الْآخَرُ:
أَنه زرَّ سَاجًا عَلَيْهِ وَهُوَ مُحْرِمٌ فافْتَدى
؛ وَحَدِيثُ
أَبي هُرَيْرَةَ: أَصحابُ الدَّجَّالِ عَلَيْهِمُ السِّيجانُ
؛ وَفِي رِوَايَةٍ:
كُلُّهُمْ ذُو سيف مُحَلًّى وساج
؛ وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: فَقَامَ فِي ساجَةٍ
؛ هَكَذَا جاءَ فِي رِوَايَةٍ، وَالْمَعْرُوفُ بِسَاجَةٍ، وَهُوَ ضَرْبٌ مِنَ الْمَلَاحِفِ مَنْسُوجَةٌ. والسَّاجُ: خَشَبٌ يُجْلَبُ مِنَ الْهِنْدِ، وَاحِدَتُهُ ساجَةٌ. والسَّاجُ: شَجَرٌ يَعْظُمُ جِدًّا، ويذهبُ طُولًا وَعَرْضًا، وَلَهُ وَرَقٌ أَمثال التِّراسِ الدَّيْلَمِيَّةِ، يَتَغَطَّى الرَّجُلُ بورقةٍ مِنْهُ فتَكِنهُ مِنَ الْمَطَرِ، وَلَهُ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ تُشابهُ رائحةَ وَرَقِ الجَوْزِ مَعَ رِقَّةٍ ونَعْمَةٍ؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ السَّاجَةُ الخشبةُ الْوَاحِدَةُ المُشَرْجَعَةُ المُرَبَّعَةُ، كَمَا جُلِبَتْ مِنَ الْهِنْدِ؛ وَيُقَالُ للسَّاجَةِ الَّتِي يُشَقُّ مِنْهَا الْبَابُ: السَّلِيجةُ. وسُواجٌ: جَبَلٌ؛ قَالَ رؤْبة:
فِي رَهْوَة غَرَّاءَ مِنْ سُواجِ
والسُّوجُ: مَوْضِعٌ، وَاللَّهُ أَعلم.
سيج: أَبو حَنِيفَةَ: السِّياجُ الْحَظِيرَةُ مِنَ الشَّجَرِ تُجْعَلُ حَوْلَ الْكَرْمِ وَالْبُسْتَانِ؛ وَقَدْ سَيَّجَ عَلَى الْكَرْمِ. وَيُقَالُ: حَظَرَ كَرْمَهُ بالسِّياجِ، وَهُوَ أَن يُسَيِّجَ حَائِطَهُ بالشَّوْكِ لِئَلَّا يُتَسَوَّرَ. والسِّياجُ: الطَّيْلَسَانُ، عَلَى قَوْلِ مَنْ يَجْعَلُ أَلفه مُنْقَلِبَةً عَنِ الْيَاءِ، والله أَعلم.

فصل الشين المعجمة
شأج: «1»:
شبج: الشَّبَجُ: البابُ الْعَالِي البناءِ، هُذَلِيَّةٌ؛ قَالَ أَبو خِراشٍ:
وَلَا وَاللَّهِ لَا يُنْجِيكَ دِرْعٌ ... مُظاهَرَةٌ، وَلَا شَبَجٌ، وشِيدُ
وأَشْبَجَه إِذا رَدَّه.
شجج: الشَّجَّة: واحِدَةُ شِجاجِ الرَّاْس، وَهِيَ عَشْرٌ: الحارِصَةُ وَهِيَ الَّتِي تَقْشِرُ الْجِلْدَ وَلَا تُدْمِيه، والدَّامِيَة وَهِيَ الَّتِي تُدْمِيهِ، والباضِعَةُ وَهِيَ الَّتِي تَشُقُّ اللَّحْمَ شَقًّا كَبِيرًا، والسِّمْحاقُ وَهِيَ الَّتِي يَبْقَى بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَظْمِ جِلْدَةٌ رَقِيقَةٌ، فَهَذِهِ خَمْسُ شِجاجٍ «2» لَيْسَ فِيهَا قِصَاصٌ وَلَا أَرش مقدَّر وَتَجِبُ فِيهَا حُكُومَةٌ؛ والمُوضِحَةُ وَهِيَ الَّتِي تَبْلُغُ إِلى الْعَظْمِ وَفِيهَا خَمْسٌ مِنَ الإِبل، ثم الهاشمة وَهِيَ الَّتِي تَهْشِمُ الْعَظْمَ أَي تُكَسِّرُهُ، وَفِيهَا عَشْرٌ مِنَ الإِبل، والمُنَقِّلةُ وَهِيَ الَّتِي يُنْقَلُ مِنْهَا الْعَظْمُ مِنْ موضِع إِلى مَوْضِعٍ، وَفِيهَا خَمْسَ عَشْرَةَ مِنَ الإِبل، ثُمَّ المَأْمُومَةُ وَيُقَالُ: الآمَّةُ وَهِيَ الَّتِي لَا يَبْقَى بَيْنَهَا وَبَيْنَ الدِّمَاغِ إِلا جِلْدَةٌ رَقِيقَةٌ، وَفِيهَا ثلث
__________
(1).
أهمل المصنف: شأج. وفي القاموس: شأجه الأَمر كمنعه، أَحزنه، قال الشارح: مقلوب شجأه انتهى. ويؤخذ منه الجواب عن إهمال المؤلف له.
(2).
قوله [فهذه خمس شجاج] المذكور أربع فقط فلعله سقط من قلم الناسخ الخامسة وهي الدامعة بالعين المهملة، من دمعت الشجة: جرى دمها فهي دامعة كما في المصباح.

(2/303)


الدِّيَةِ، والدَّامِغَةُ وَهِيَ الَّتِي تَبْلُغُ الدِّمَاغَ، وَفِيهَا أَيضاً ثُلْثُ الدِّيَةِ؛ والشَّجَّةُ: الجُرْحُ يَكُونُ فِي الْوَجْهِ والرأْس فَلَا يَكُونُ فِي غَيْرِهِمَا مِنَ الْجِسْمِ، وَجَمْعُهَا شِجاجٌ. وشَجَّهُ يَشُجُّه ويَشِجُّه شَجّاً، فَهُوَ مَشْجُوجٌ وشَجِيجٌ مِنْ قَوْمٍ شَجَّى، الْجَمْعُ عَنْ أَبي زَيْدٍ. والشَّجِيجُ والمُشَجَّجُ: الوَتِدُ لِشَعَثِهِ، صِفةٌ غَالِبَةٌ؛ قَالَ:
ومُشَجَّجٍ، أَمَّا سَواءُ قَذالِهِ ... فَبَدا، وغَيَّبَ سارَهُ المَعْزاءُ
ووتِدٌ مَشْجُوجٌ وشَجِيجٌ ومُشَجَّجٌ: شُدِّدَ لِكَثْرَةِ ذَلِكَ فِيهِ. وشَجَّهُ قِصاصَ شَعَره، وَعَلَى قِصاصِ شَعَرِهِ. والشَّجَجُ: أَثر الشَّجَّةِ فِي الجَبِين، وَالنَّعْتُ أَشَجُّ؛ وَرَجُلٌ أَشَجُّ بَيِّنُ الشَّجَج إِذا كَانَ فِي جَبِينِهِ أَثر الشَّجَّةِ. وَكَانَ بَيْنَهُمْ شِجاجٌ أَي شَجَّ بعضُهم بَعْضًا. اللَّيْثُ: الشَّجُّ كَسْرُ الرأْس؛ أَبو الْهَيْثَمِ: الشَّجُّ أَن يَعْلُوَ رأْسَ الشيءِ بِالضَّرْبِ كَمَا يَشُجُّ رأْسَ الرَّجُلِ، وَلَا يَكُونُ الشَّجُّ إِلا فِي الرأْس. وَفِي حَدِيثِ
أُمِّ زَرْعٍ: شَجَّكِ أَو فَلَّكِ
؛ الشَّجُّ فِي الرأْس خَاصَّةً فِي الأَصل، وَهُوَ أَن تَضْرِبَهُ بشيءٍ فَتَجْرَحَهُ فِيهِ وَتَشُقَّهُ، ثُمَّ اسْتُعْمِلَ فِي غَيْرِهِ مِنَ الأَعضاء. وَفِي الْحَدِيثِ فِي ذِكْرِ الشِّجاجِ جَمْعُ شَجَّةٍ، وَهِيَ الْمَرَّةُ مِنَ الشَّجِّ، وَالْخَمْرُ تُشَجُّ بالماءِ؛ وَقَالَ زُهَيْرٌ يَصِفُ عَيْراً وأُتُنَه:
يَشُجُّ بِهَا الأَماعِزَ، وَهِيَ تَهْوي ... هُوِيَّ الدَّلْوِ، أَسْلَمها الرِّشاءُ
أَي يَعْلُو بالأُتن الأَماعِزَ. والوَتِدُ يُسَمَّى شَجِيجاً. وشَجَّ الْخَمْرَ بالماءِ يَشُجُّها ويَشِجُّها شَجّاً: مَزَجَهَا. وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: أَرْدَفَني رسولُ الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فالتقمتُ خَاتَمَ النُّبُوَّةِ فَكَانَ يَشُجُّ عليَّ مِسْكاً
، أَيْ أَشمُّ مِنْهُ مِسْكًا، وَهُوَ مِنْ شَجَّ الشرابَ إِذا مَزَجَهُ بالماءِ، كأَنه كَانَ يخلطُ النسِيم الواصِلَ إِلى مَشَمِّه بِرِيحِ الْمِسْكِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ كَعْبٍ:
شُجَّتْ بِذِي شَبَمٍ مِنْ ماءٍ مَحنِيَةٍ
أَي مُزِجَتْ وَخُلِطَتْ. وشَجَّ الْمَفَازَةَ يَشُجُّها شَجّاً: قَطَعَهَا. وشَجَّ الأَرض بِرَاحِلَتِهِ شَجّاً: سَارَ بِهَا سَيْرًا شَدِيدًا. وشَجَّتِ السفينةُ البحرَ: خَرَقَتْهُ وَشَقَّتْهُ، وَكَذَلِكَ السابحُ. وسابحٌ شَجَّاجٌ: شديدُ الشَّجِّ؛ قَالَ:
فِي بَطْنِ حُوتٍ بِهِ فِي البحرِ شَجَّاجِ
وشَجَجْتُ المفازةَ: قَطَعْتُهَا؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
تَشُجُّ بيَ العَوْجاءُ كلَّ تَنُوفةٍ، ... كأَنَّ لَهَا بَوّاً، بِنِهْيٍ، تُغاوِلُهْ
وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: فأَشْرَعَ ناقَتَه فشرِبت فَشَجَّتْ
، قَالَ: هَكَذَا رَوَاهُ الحُمَيدي فِي كِتَابِهِ، وَقَالَ: مَعْنَاهُ قطَعَت الشُّرب، مِنْ شَجَجْت المَفازة إِذا قطعتَها بالسَّيْر، قَالَ: وَالَّذِي رَوَاهُ الْخَطَّابِيُّ فِي غَريبه، وَغَيْرِهِ: فَشَجَتْ، عَلَى أَن الفاءَ أَصلية وَالْجِيمَ مخفَّفة، وَمَعْنَاهُ: تفاجَّت أَي فرَّقت مَا بَيْنَ فَخِذَيْها لِتَبول. وَمِنْ أَمثالهم: فُلَانٌ يَشُجُّ بِيَدٍ ويَأْسُو بأُخرى إِذا أَفسد مرَّة وأَصلح مَرَّةً. والشَّجَجُ والشَّجاج: الهواءُ؛ وقيل: الشَّجَجُ نَجْم.
شحج: الشَّحِيجُ والشُّحاج، بِالضَّمِّ: صَوْت الْبَغْلِ وَبَعْضُ أَصوات الْحِمَارِ؛ وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هُوَ صَوْتُ الْبَغْلِ وَالْحِمَارِ والغُراب إِذا أَسَنَّ. وَيُقَالُ لِلْبِغَالِ: بَنَاتُ شاحِج وَبَنَاتُ شَحَّاج، وَرُبَّمَا استُعِير للإِنسان. شَحَجَ يَشْحَجُ ويَشْحِج شَحِيجاً وشُحاجاً

(2/304)


وشَحَجاناً وتَشْحاجاً، وتَشَحَّج، واسْتَشْحَج؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
ومُسْتَشْحَجاتٍ بالفِراقِ، كأَنها ... مَثاكِيلُ، مِنْ صُيَّابة النُّوبِ، نُوَّحُ
وَيُقَالُ للغِرْبان: مُسْتَشْحَجات ومُسْتَشْحِجات، بِفَتْحِ الحاءِ وَكَسْرِهَا، وشبَّهها بالنُّوبَةِ لِسَوادها. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأُرى ثَعْلَبًا قَدْ حَكَى شَحِج، بِالْكَسْرِ، قَالَ: وَلَسْتُ مِنْهُ عَلَى ثِقَة. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: أَنه دَخَلَ الْمَسْجِدَ فرأَى قَاصًّا صَيّاحاً، فَقَالَ: اخفِضْ مِنْ صَوْتِكَ، أَلم تَعْلَمْ أَن اللَّهَ يُبغِضُ كلَّ شَحَّاج؟
الشُّحَاج: رَفْعُ الصَّوْتِ، وَهُوَ بِالْبَغْلِ وَالْحِمَارِ أَخصُّ، كأَنه تَعْريض بِقَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ. وَهُوَ الشُّحاج والشَّحِيجُ، والنُّهاقُ والنَّهِيقُ؛ الأَزهري: شَحَجَ البغلُ يَشْحَجُ شَحِيجاً، وَالْغُرَابُ يَشْحَج شَحَجاناً؛ وَقِيلَ: شَحِيجُ الغُراب تَرْجِيعُ صَوْتِهِ، فإِذا مدَّ رأْسه، قِيلَ: نَعَبَ. وغُرابٌ شَحَّاجٌ: كَثِيرُ الشَّحِيج، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الأَنواع الَّتِي ذَكَرْنَا؛ هَذَا قَوْلُ ابْنِ سِيدَهْ؛ قَالَ وَقَوْلُ الرَّاعِي:
يَا طِيبَها لَيْلَةً حَتَّى تَخَوَّنَها ... داعٍ دَعا، فِي فُروعِ الصُّبْحِ، شَحَّاجُ
إِنما أَراد شَحَّاجيّ، وَلَيْسَ بِمَنْسُوبٍ، إِنما هُوَ كأَحمر وأَحمريّ، وإِنما أَراد المؤَذِّن فَاسْتَعَارَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْآخَرِ:
والدَّهْرُ بالإِنسان دَوَّاريُ
أَراد دَوَّارُ. والمِشْحَجُ والشَّحَّاج: الْحِمَارُ الوحشيُّ، صِفة غَالِبَةٌ؛ الْجَوْهَرِيُّ: الْحِمَارُ الوحشيُّ مِشْحَج وشَحَّاج؛ قَالَ لَبِيدٌ:
فَهْوَ شَحَّاج مُدِلٌّ سَنِقٌ، ... لاحِقُ البَطْنِ، إِذا يَعْدو زَمَلْ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَفِي الْعَرَبِ بَطْنَانِ يُنْسَبان إِلى شَحَّاج، كِلَاهُمَا مِنَ الأَزْدِ لَهُمْ بَقِيَّةٌ فِيهِمَا.
شرج: ابْنُ الأَعرابي: شَرِج إِذا سَمِنَ سِمَناً حسَناً. وشَرِج إِذا فَهِم. والشَّرَجُ: عُرى المُصحف والعَيْبة والخِباءِ، وَنَحْوَ ذَلِكَ. شَرَجَها شَرْجاً، وأَشْرَجَها، وشَرَّجها: أَدخل بَعْضَ عُرَاها فِي بَعْضٍ وَدَاخِلٌ بَيْنَ أَشراجها. أَبو زَيْدٍ: أَخْرَطْتُ الخَريطَة وشَرَّجْتُها وأَشْرَجْتُها وشَرَجْتُها: شدَدْتها؛ وَفِي حَدِيثِ
الأَحنف: فأَدْخَلْتُ ثِياب صَوني العَيْبَة فأَشْرَجْتُها
؛ يُقَالُ: أَشْرَجْت العَيْبَة وشَرَجْتها إِذا شدَدْتَها بالشَّرَج، وَهِيَ العُرى. وشَرَّجَ اللَّبِنَ: نَضَدَ بعضَه إِلى بَعْضٍ. وكلُّ مَا ضُمَّ بعضُه إِلى بَعْضٍ، فَقَدْ شُرِجَ وشُرِّج. والشَّريجَةُ: جَديلة مِنْ قَصَبٍ تُتَّخَذ للحَمام. والشَّريجان: لَوْنان مُخْتلِفان مِنْ كُلِّ شيءٍ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: هُمَا مُختلِطان غَيْرُ السَّوَادِ وَالْبَيَاضِ؛ وَيُقَالُ لِخَطَّيْ نِيرَي البُرْدِ شَريجان: أَحدهما أَخضر، وَالْآخَرُ أَبيض أَو أَحمر؛ وَقَالَ فِي صِفَةِ القَطا:
سَقَتْ بِوُرُودِهِ فُرَّاطَ شِرْبٍ، ... شَرائِجَ، بَيْنَ كُدْرِيٍّ وجُونِ
وَقَالَ الْآخَرُ:
شَريجان مِنْ لَوْنٍ، خَلِيطانِ: مِنْهُمَا ... سَوادٌ، وَمِنْهُ واضحُ اللَّوْنِ مُغْرِبُ
وَفِي الْحَدِيثِ:
فأَمَرَنا رسول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،

(2/305)


بالفِطْرِ فأَصبح النَّاسُ شَرْجَيْن فِي السَّفَر
؛ أَي نِصْفَيْنِ: نصْف صِيام، وَنِصْفٌ مَفاطِير. وَيُقَالُ: مَرَرْتُ بِفَتَياتٍ مُشارِجاتٍ أَي أَتْرابٍ مُتَساوِيات فِي السِّنِّ؛ وَقَالَ الأَسود بْنُ يَعْفُرَ:
يُشْوي لَنَا الوجدَ المُدِلُّ بِحُضْرِهِ، ... بِشَريجَ بَيْنَ الشَّدِّ والإِرْوادِ
أَي بِعَدْوٍ خُلِطَ مِنْ شَدٍّ شَدِيدٍ، وشَدٍّ فِيهِ إِرْوادٌ رِفْقٌ. وشُرِّجَ اللَّحْمَ: خَالَطَهُ الشحمُ، وَقَدْ شَرَّجَهُ الكلأُ؛ قَالَ أَبو ذؤَيب يَصِفُ فَرَسًا:
قَصَرَ الصَّبُوحَ لَهَا، فَشُرِّجَ لَحْمُها ... بالنَّيِّ، فهْي تَثُوخُ فِيهَا الإِصْبَعُ
أَي خُلِطَ لحمُها بالشَّحْم. وتَشَرَّجَ اللحمُ بالشَّحْم أَي تَدَاخَلَا. مَعْنَاهُ قَصَرَ اللَّبَنَ عَلَى هَذِهِ الْفَرَسِ الَّتِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا فِي بَيْتٍ قَبْلَهُ؛ وَهُوَ:
تَغْدو بِهِ خَوْصاءُ يَقْطَعُ جَرْيُها ... حَلَقَ الرِّحالَة، فَهِيَ رِخْوٌ تَمْزَعُ «3»
وَمَعْنَى شُرِّج لَحْمُهَا: جُعِل فِيهِ لَوْنان مِنَ الشَّحْمِ وَاللَّحْمِ. والنَّيّ: الشَّحْمُ. وَقَوْلُهُ: فَهِيَ تَثُوخُ فِيهَا الإِصْبَع أَي لَوْ أَدخل أَحدٌ إِصبعه فِي لَحْمِهَا لَدَخَلَ لِكَثْرَةِ لَحْمِهَا وَشَحْمِهَا؛ والإِصْبَع بَدَلٌ مِنْ هِيَ، وإِنما أَضمرها مُتَقَدِّمَةً لمَّا فسَّرها بالإِصبع متأَخرة، وَمِثْلُهُ ضَرَبْتُهَا هِنْداً. والخَوْصاءُ: الغائِرَة الْعَيْنَيْنِ. وحَلَق الرِّحالة: الإِبْزِيمُ. والرِّحالة: سَرْجٌ يُعمل مِنْ جُلود. وتَمْزَع: تُسْرِع. والشَّريجُ: العُودُ يُشَقُّ مِنْهُ قَوْسان، فَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا شَريجٌ؛ وَقِيلَ: الشَّريجُ الْقَوْسُ المنشقَّة، وَجَمْعُهَا شَرائج، قَالَ الشَّمَّاخُ:
شَرائجُ النَّبْعِ بَراها القَوَّاسْ
وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: قَوْسٌ شَريج فِيهَا شَقٌّ وشِقٌّ، فَوُصِفَ بالشَّريج؛ عَنَى بالشَّق الْمَصْدَرَ، وبالشِّق الِاسْمَ. والشَّرَج: انشِقاقها. وَقَدِ انشَرَجت إِذا انشقَّت. وَقِيلَ: الشَّرِيجة مِنَ القِسِيّ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ غُصْن صَحِيحٍ مِثْلُ الفِلْق. أَبو عَمْرٍو: مِنِ القِسِيّ الشَّريج، وَهِيَ الَّتِي تُشَقُّ مِنَ العُود فِلْقتين، وَهِيَ الْقَوْسُ الفِلْق أَيضاً؛ وَقَالَ الْهُذَلِيُّ:
وشَرِيجَة جَشَّاء، ذَاتُ أَزامِلٍ، ... تُخْظِي الشِّمالَ، بِهَا مُمَرٌّ أَمْلَسُ
يَعْنِي القَوْسَ تُخْظي تخرِج لحمَ السَّاعِد بشِدَّة النَّزْعِ حَتَّى يكتنزَ السَّاعِد. والشَّرِيجة: الْقَوْسُ تُتخذ مِنَ الشَّرِيج، وَهُوَ الْعُودُ الَّذِي يُشق فِلْقَيْنِ، وثلاثُ شَرائج، فإِذا كَثُرَتْ، فَهِيَ الشَّرِيج؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا قَوْلٌ لَيْسَ بِقَوِيٍّ، لأَن فَعِيلة لَا تُمنع مِنْ أَن تُجْمَعَ عَلَى فَعائل، قَلِيلَةً كَانَتْ أَو كَثِيرَةً؛ قَالَ: وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ قَالَ أَبو زِيَادٍ: الشَّرِيجة، بِالْهَاءِ، الْقَوْسُ، مِنَ القَضِيب، الَّتِي لَا يُبْرى مِنْهَا شَيْءٌ إِلا أَن تُسَوَّى. والشَّرْج، بِالتَّسْكِينِ: مَسِيل الْمَاءِ مِنَ الحِرارِ إِلى السُّهولة، وَالْجَمْعُ أَشْراج وشِرَاج وشُرُوج؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ يَصِفُ سَحَابًا:
لَهُ هَيْدَبٌ يَعْلُو الشِّراجَ، وهَيْدَبٌ ... مُسِفٌّ بِأَذْنابِ التِّلاعِ، خَلُوجُ
وَقَالَ لَبِيدٌ:
لَيالِيَ تَحْتَ الخِدْرِ ثِنْيٌ مُصِيفَةٌ ... مِنَ الأُدْمِ، تَرْتادُ الشُّرُوجَ القَوابِلا
__________
(3).
قوله [تغدو به خوصاء إلخ] أنشده الجوهري في مادة رخا: تعدو به خوصاء.

(2/306)


وَفِي حَدِيثِ
الزُّبَيْر: أَنه خَاصَمَ رَجُلًا مِنَ الأَنصار فِي سُيُول شِرَاج الحَرَّة إِلى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا زُبَيْرُ احْبس الْمَاءَ حَتَّى يَبْلُغ الجُدُر.
الأَصمعي: الشِّراج مَجاري الْمَاءِ مِنَ الحِرار إِلى السَّهل، وَاحِدُهَا شَرْج. وشَرَجُ الْوَادِي: مُنْفَسَحُه، وَالْجَمْعُ أَشْرَاج. وَفِي الْحَدِيثِ:
فتَنَحَّى السَّحاب فأَفْرَغ ماءَهُ فِي شَرْجَة مِنْ تِلْكَ الشِّراج
؛ الشَّرْجَة: مَسِيل الْمَاءِ مِنَ الحَرَّة إِلى السَّهْلِ، والشَّرْج جِنْسٌ لَهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن أَهل الْمَدِينَةِ اقْتَتَلُوا ومواليَ مُعاوِية عَلَى شَرْج مِنْ شَرْج الحَرَّة.
الْمُؤَرِّجُ: الشَّرْجة حُفْرَةٌ تُحفر ثُمَّ تُبْسَطُ فِيهَا سُفْرة ويُصَبُّ الْمَاءُ عَلَيْهَا فَتَشْرَبُهُ الإِبل؛ وأَنشد فِي صِفَةِ إِبِل عِطاش سُقِيَتْ:
سَقَيْنا صَوادِيها، عَلَى مَتنِ شَرْجَةٍ، ... أَضامِيمَ شَتَّى مِنْ حِيالٍ ولُقَّحِ
ومَجَرَّة السَّمَاءِ تُسَمَّى: شَرَجاً. والشَّرِيجة: شَيْءٌ يُنْسَج مِنْ سَعَف النَّخْلِ يُحمل فِيهِ البِطِّيخ وَنَحْوُهُ. والتَّشْريج: الخِياطَة المتباعِدة. والشُّرُوج: الخَلَلُ بَيْنَ الأَصابع؛ وَقِيلَ: هِيَ الأَصابع، والشُّرُوج: الشُّقُوق والصُّدُوع؛ قَالَ الداخِل بْنُ حَرام الهُذَلي:
دَلَفْتُ لَها، أَوانَ إِذٍ، بِسَهْمٍ ... خَلِيفٍ، لَمْ تُخَوِّنْهُ الشُّرُوجُ
والشَّرْج والشَّرَج، والأُولى أَفصح: أَعلى ثُقب الاسْت، وَقِيلَ: حَتارُها؛ وَقِيلَ: الشَّرَج العَصَبة الَّتِي بَيْنَ الدُّبُر والأُنثيين؛ والشَّرَج فِي الدَّابَّةِ. وَفِي الْمُحْكَمِ: والشَّرَج أَن تَكُونَ إِحْدى البَيْضَتين أَعظم مِنَ الأُخرى؛ وَقِيلَ: هُوَ أَن لَا يَكُونُ لَهُ إِلا بَيْضَةً وَاحِدَةً. دَابَّةٌ أَشْرَج بَيِّنُ الشَّرَج، وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ. ابْنُ الأَعرابي: الأَشْرَج الَّذِي لَهُ خُصْية وَاحِدَةٌ مِنَ الدَّوَابِّ. وشَرَجُ الْوَادِي: أَسفله إِذا بَلَغَ مُنْفَسَحه؛ قَالَ:
بِحَيْثُ كانَ الوادِيانِ شَرَجا
والشَرْج: الضَّرْب؛ يُقَالُ: هُما شَرْج واحدٌ، وَعَلَى شَرْج وَاحِدٍ أَي ضرْب وَاحِدٍ. وَفِي الْمَثَلِ: أَشْبَه شَرْجٌ شَرْجاً لَوْ أَن أُسَيْمِراً: تَصْغِيرُ أَسْمُر، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: جَمَعَ سَمُراً عَلَى أَسْمُرٍ ثُمَّ صغَّره، وَهُوَ مِنْ شَجَر الشَّوْكِ؛ يُضْرَبُ مَثَلًا لِلشَّيْئَيْنِ يَشْتَبِهان ويُفارق أَحدهما صاحِبَه فِي بَعْضِ الأُمور. وَيُقَالُ: هُوَ شَرِيج هذا وشَرْجه أَي مِثْله. وَرُوِيَ عَنْ يُوسُفَ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: أَنا شَرِيج الْحَجَّاجِ أَي مِثْله فِي السِّنّ؛ وَفِي حَدِيثِ
مَازِنٍ:
فَلَا رَأْيُهم رَأْيي، وَلَا شَرْجُهم شَرْجي
وَيُقَالُ: لَيْسَ هُوَ مِنْ شَرْجه أَي مِنْ طَبَقَته وَشَكْلِهِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَلْقَمَةَ: وَكَانَ نِسْوة يأْتِينَها مُشارِجات لَهَا
أَي أَتْراب وأَقْران. وَيُقَالُ: هَذَا شَرْج هَذَا وشرِيجه ومُشارِجه أَي مِثْله فِي السِّنّ ومُشاكِله؛ وَقَوْلُ الْعَجَّاجِ:
بِحَيْث كانَ الوَادِيان شَرَجا ... مِن الحَرِيم، واسْتَفاضَا عَوْسَجا
أَراد بِحَيْثُ لَصِق الْوَادِي بِالْآخَرِ، فَصَارَ مُشْرَجاً بِهِ مِنَ الحَرِيم أَي مِنْ حَرِيمِ الْقَوْمِ مِمَّا يَلي دارَهُمَا. اسْتَفاضا عَوْسَجا: يَعْنِي الوادِيَين اتَّسَعا بِنَبْت عَوْسَج. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: فِي الْمَثَلِ: أَشْبَهَ شَرْجٌ شَرْجاً لَوْ أَن أُسَيْمِراً؛ قَالَ: كان المفضَّل يُحدِّث «1»
__________
(1).
قوله [كان المفضل يحدث إلخ] عبارة شرح القاموس: وذكر أَهل البادية أَن لُقْمَانَ بْنِ عَادِ قَالَ لابنه لقيم: أَقم هاهنا حتى أنطلق إِلى الإبل، فنحر لقيم جزوراً فأكلها ولم يخبأ للقمان شيئاً فكره لائمته، فحرق ما حوله من السمر الذي بشرج، وشرج واد، ليخفي المكان، فلما جاء لقمان جعلت الإبل تثير الجمر بأَخفافها، فعرف لقمان الْمَكَانَ وَأَنْكَرَ ذَهَابَ السَّمُرِ، فقال: أشبه إلخ. ثم قال: وذكر ابن الجواليقي في هذا المثل خلاف ما ذكرنا هنا.

(2/307)


أَن صَاحِبَ المثَل لُقَيم بْنُ لُقمان، وَكَانَ هُوَ وأَبوه قَدْ نَزَلَا مَنْزِلًا يُقَالُ لَهُ: شَرْج، فَذَهَبَ لُقَيْمٌ يُعَشِّي إِبِلَه، وَقَدْ كَانَ لُقمان حَسَد لُقَيْماً، فأَراد هَلَاكَهُ واحتَفر لَهُ خَنْدَقاً وقطَع كلَّ مَا هُنَالِكَ مِنَ السَّمُر، ثُمَّ مَلأَ بِهِ الخَنْدَق وأَوقد عَلَيْهِ لِيَقَع فِيهِ لُقَيم، فَلَمَّا أَقبل عَرَف الْمَكَانَ وأَنكر ذَهَابَ السَّمُر، فَعِنْدَهَا قَالَ: أَشبه شَرْجٌ شَرْجاً لَوْ أَن أُسَيْمِراً؛ فَذَهَبَ مَثَلًا. والشَّرْجان: الفِرقَتان؛ يُقَالُ: أَصبحوا فِي هَذَا الأَمر شَرْجَين أَي فِرْقتَين؛ وكلُّ لَوْنَين مُخْتَلِفَيْنِ: فَهُمَا شَرْجان. أَبو زَيْدٍ: شَرَجَ وبَشَكَ وخَدَبَ إِذا كَذَبَ. ابْنُ الأَعرابي: الشَّارِجُ الشرِيك؛ التَّهْذِيبُ: قَالَ الْمُتَنَخِّلُ:
أَلْفَيْتَني هَشَّ النَّدَى، ... بِشَرِيجِ قِدْحي، أَو شَجِيرِي «1»
قَالَ: الشَّرِيج قِدْحه الَّذِي هُوَ لَهُ. والشَّجِير: الْغَرِيبُ. يَقُولُ: أَلْفَيْتَني أَضرب بقِدْحَيَّ فِي المَيْسِر: أَحدُهما لِي، وَالْآخَرُ مُسْتَعار. والشَّريجُ: أَن تُشقَّ الخشَبة بنصْفين فَيَكُونُ أَحد النِّصْفين شَريج الْآخَرِ. وسأَله عَنْ كَلِمَةٍ: فَشَرج عَلَيْهَا أُشْرُوجَة أَي بَنى عَلَيْهَا بِناء لَيْسَ مِنْهَا. والشَّرِيجُ: العَقَب، وَاحِدَتُهُ شَرِيجَة، وخَصَّ بَعْضُهُمْ بالشَّرِيجة العَقَبة الَّتِي يُلْزَق بِهَا رِيشُ السَّهم؛ يُقَالُ: أَعطني شَريجة مِنْهُ. وَيُقَالُ: شَرَجْت العسلَ وغيرَهُ بِالْمَاءِ أَي مزجتُه. وشَرَّج شَرَابَهُ: مَزَجَه؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ يَصِفُ عَسَلًا وَمَاءً:
فشَرَّجَها مِنْ نُطْفَةٍ رَحَبِيَّةٍ، ... سُلاسِلَةٍ، مِنْ ماءِ لِصْبٍ سُلاسِلِ
والشَّارِج: النَّاطُور، يَمَانِيَةٌ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ؛ وأَنشد:
وَمَا شاكِرٌ إِلا عصافيرُ جِرْبَةٍ، ... يقومُ إِليها شارِجٌ فيُطِيرُها
وشَرْجٌ: مَاءٌ لِبَني عَبْسٍ؛ قَالَ يَصِفُ دَلْواً وَقَعَتْ فِي بِئْرٍ قَلِيلَةِ الْمَاءِ فَجَاءَ فيها نصفها، فشبهها بِشِدْقِ حِمَارٍ:
قَدْ وَقَعَتْ فِي فِضَّةٍ مِنْ شَرْجِ، ... ثُمَّ اسْتَقَلَّت مثلَ شِدْقِ العِلْجِ
وشَرْجَة: موضع؛ قال لَبِيدٌ:
فَمِنْ طَلَلٍ تَضَمَّنَه أُثالُ، ... فَشَرْجَةُ فالمَرانَةُ فالجِبالُ
وشَرْجٌ: مَوْضِعٌ؛ وَفِي حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ الأَشرف: شَرْجُ الْعَجُوزِ، هُوَ مَوْضِعٌ قُرْبَ الْمَدِينَةِ.
شطرنج: الشَّطْرَنْج والشِّطْرَنْج: فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، وكسرُ الشِّينِ فِيهِ أَجود لِيَكُونَ مِنْ بَابِ جِرْدَحْل.
شفرج: التَّهْذِيبُ فِي الرُّبَاعِيِّ: ابْنُ الأَعرابي: الشُّفارِجُ طِرِّيانٌ رَحْرَحانيّ، وَهُوَ الطَّبَق فِيهِ الفَيْخات والسُّكُرُّجات. الشُّفارِج مِثْلُ العُلابط، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، وَهُوَ الَّذِي تُسَمِّيهِ النَّاسُ بِيشْبارِج.
شمج: شَمَجَ الخياطُ الثَّوْبَ يَشْمُجُه شَمْجاً: خاطَه خِيَاطَةً متباعِدة؛ وَيُقَالُ: شَمْرَجَه شَمْرَجَةً. والشَّمَجَى: النَّاقَةُ السَّرِيعَةُ. وَنَاقَةٌ شَمَجَى: سَرِيعَةٌ؛ قَالَ مَنْظور بْنُ حَبَّة وحَبَّة أُمه وأَبوه شَرِيكٌ:
بِشَمَجَى المَشْيِ عَجُولِ الوَثْبِ، ... غَلَّابَةٍ للنَّاجِيات الغُلْبِ،
حَتَّى أَتى أُزْبِيُّهَا بالأَدْبِ
الغُلْب جَمْعُ غَلْباء. والأَغْلَبُ: العظيم الرَّقَبَة.
__________
(1).
قوله [هش الندى بشريج] هكذا في الأصل هنا وفيه في مادة شجر [هش اليدين بمري قدحي إلخ.]

(2/308)


والأُزْبيُّ: النَّشاط. والأَدْبُ: العَجَب. وشَمَجَ الشيءَ يَشْمُجُه شَمْجاً: خَلَطَه. وشَمَجَ مِنَ الأَرزِّ وَالشَّعِيرِ وَنَحْوِهِمَا: خَبَزَ مِنْهُ شِبْه قُرَص غِلَاظٍ، وَهُوَ الشَّماجُ. وَمَا ذَاقَ شَماجاً وَلَا لَماجاً أَي مَا يؤْكل؛ وَيُقَالُ: مَا أَكلتُ خُبْزاً وَلَا شَماجاً. الأَصمعي: مَا ذُقْتُ أَكالًا وَلَا لَماجاً وَلَا شَماجاً أَي مَا أَكلت شَيْئًا؛ وأَصله مَا يُرْمَى بِهِ مِنَ العِنَب بعد ما يؤْكل. وبنو شَمَجَى بْنِ جَرْمٍ: حَيّ. وَفِي الصِّحَاحِ: وَبَنُو شَمَجِ «2» ابنِ جَرْم مِنْ قُضاعة، وَبَنُو شَمَج بْنِ فَزارة مِن ذُبْيان؛ قَالَ ابْنُ بَرِّي: قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: بَنُو شَمَج مِنْ ذُبْيَانَ، بِالْجِيمِ، قَالَ: وَالْمَعْرُوفُ عِنْدَ أَهل النسَب بَنُو شَمْخِ بنِ فَزارة، بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، سَاكِنَةِ الْمِيمِ.
شمرج: الشَّمْرَجَة: حُسْن قِيامِ الحاضِنة عَلَى الصَّبِيِّ، وَاسْمُ الصَّبِيِّ: مُشَمْرَج، مِن ذَلِكَ اشْتُقَّ؛ وَقَدْ شَمْرَجَتْه. وَثَوْبٌ شُمْرُوج ومُشَمْرَج: رَقِيقُ النَّسْج. وشَمْرَج ثَوْبَهُ: خَاطَهُ خِياطة مُتباعِدة الكُتَب، وباعَد بَيْنَ الغُرَزِ، وأَساءَ الْخِيَاطَةَ. والشُّمْرُج: الرَّقيق مِنَ الثِّيَابِ وَغَيْرِهَا؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ يَصِفُ فَرَسًا:
ويُرْعَدُ إِرْعادَ الهجِينِ أَضاعَه، ... غَداةَ الشَّمالِ، الشُّمْرُجُ المُتَنَصَّحُ
يُرِيدُ الجُلَّ. والشُّمْرُجُ، بِالضَّمِّ: الجُلُّ الرَّقِيقُ النَّسْج؛ يَقُولُ: هَذَا الْفَرَسُ يُرْعَد لِحِدَّته وذَكائه كَالرَّجُلِ الْهَجِينِ، وَذَلِكَ مِمَّا يُمْدَح بِهِ الْخَيْلُ. والمتنصَّح: المَخِيط؛ يُقَالُ تَنَصَّحْت الثوبَ إِذا خِطْتَه؛ وَكَذَلِكَ نَصَحْته. والشُّمْرُج: كُلُّ خِيَاطَةٍ لَيْسَتْ بجيِّدة. والشَّمَرَّج: يَوْمٌ للعَجَمِ يَسْتَخْرِجُونَ فِيهِ الْخَرَاجَ فِي ثَلَاثِ مَرَّاتٍ، وعرَّبه رؤْبة بأَن جَعَلَ الشِّينَ سِينًا؛ فَقَالَ:
يَوْمَ خَراجٍ يُخْرِجُ السَمَرَّجا
شنج: الشَّنَجُ: تَقَبُّض الجِلْد والأَصابع وَغَيْرِهِمَا؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
قامَ إِليها مُشنِج الأَنامِلِ، ... أَغْثَى، خَبِيث الرِّيح بالأَصائِلِ
وَقَدْ شَنِجَ الْجِلْدُ، بِالْكَسْرِ، شَنَجاً، فَهُوَ شَنِجٌ، وأَشْنَجَ وتَشَنَّجَ وانْشَنَجَ؛ قَالَ:
وانْشَنَجَ العِلْباءُ، فاقْفَعَلَّا، ... مِثلَ نَضِيِّ السُّقْم حينَ بَلَّا
وَقَدْ شَنَّجَه تَشْنِيجاً؛ قَالَ جَمِيلٌ:
وتناوَلَتْ رأْسي لِتَعْرِفَ مَسَّه؛ ... بِمُخَضَّبِ الأَطراف، غَيْرِ مُشَنَّجِ
اللَّيْثُ: وَرُبَّمَا قَالُوا: شَنِجٌ أَشْنَج، وشَنِجٌ مُشَنَّج، والمُشَنَّج أَشد تَشْنِيجاً. ابْنُ سِيدَهْ: رَجُلٌ شَنِجٌ وأَشْنَج: مُتَشَنِّجُ الْجِلْدِ وَالْيَدِ. وَيَدٌ شَنِجَة: ضيِّقة الكَفِّ. والأَشْنَج: الَّذِي إِحدى خُصْيَتَيْه أَصغر مِنَ الأُخرى كالأَشْرَج، وَالرَّاءُ أَعلى. وفَرَسٌ شَنِجُ النَّسا: مُتقبِّضه، وَهُوَ مدحٌ لَهُ لأَنه إِذا تَقَبَّض نَساه وشَنِج، لَمْ تسترخِ رِجْلَاهُ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
سَلِيمُ الشَّظى، عَبْلُ الشَّوى، شَنِجُ النَّسا، ... لَهُ حَجَباتٌ مُشْرِفاتٌ عَلَى الفَالِ
__________
(2).
قوله [وَفِي الصِّحَاحِ: وَبَنُو شَمَجِ إلخ] عبارة القاموس وشرحه: وبنو شمجى بفتحات. ابن جرم: قبيلة من قضاعة من حمير، ووهم الجوهري حيث إنه قال وَبَنُو شَمَجِ بْنِ جَرْمٍ من قضاعة. وأَما بَنُو شَمْخِ بْنِ فَزَارَةَ، فبالخاء المعجمة وسكون الميم: حيّ من ذبيان، وغلط الجوهري، رحمه الله تعالى، حيث إنه قال وَبَنُو شَمَجِ بْنِ فَزَارَةَ، بالجيم محركة.

(2/309)


وَقَدْ يُوصَفُ بِهِ الغُراب؛ قَالَ الطِّرمّاح:
شَنِجُ النَّسا، حَرِقُ الجَناحِ، كأَنه، ... فِي الدارِ إِثْرَ الظَّاعنينَ، مُقَيَّدُ
التَّهْذِيبُ: وإِذا كَانَتِ الدَّابَّةُ شَنِجَ النَّسا، فَهُوَ أَقوى لَهَا وأَشد لِرِجْلَيْهَا؛ وَفِيهِ أَيضاً: مِنَ الْحَيَوَانِ ضُرُوب تُوصَفُ بِشَنَجِ النَّسا وَهِيَ لَا تَسْمَحُ بالمَشْي، مِنها الظَّبْي؛ قَالَ أَبو دُواد الإِيادي:
وقُصْرى شَنِجِ الأَنْساءِ، ... نَبَّاح مِنَ الشُّعْبِ
وَمِنْهَا الذِّئْبُ وَهُوَ أَقْزَل إِذا طُرِد فكأَنه يَتَوَحَّى، وَمِنْهَا الغراب وهو يَحْجُل [يَحْجِل] كأَنه مُقَيَّد، وشَنَجُ النَّسا يُستحب فِي العِتاق خاصَّة وَلَا يُسْتَحَبُّ فِي الهَماليج. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذا شَخَص الْبَصَرُ وشَنِجَتِ الأَصابع
أَي انْقَبَضَتْ وتقلَّصت؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ الحسَن:
مَثَل الرَّحِمِ كمثَل الشَّنَّة، إِنْ صَبَبْتَ عَلَيْهَا مَاءً لانتْ وَانْبَسَطَتْ، وإِن تَرَكْتَهَا تَشَنَّجَتْ.
وَفِي حَدِيثِ
مسلَمة: أَمنعُ الناسَ مِنَ السَّراويل المُشَنَّجة
؛ قِيلَ: هِيَ الْوَاسِعَةُ الَّتِي تسقُط عن الخفِّ حَتَّى تغطِّي نِصْفَ القدَم، كأَنه أَراد إِذا كَانَتْ وَاسِعَةً طَوِيلَةً لَا تَزَالُ تُرْفَع فَتَتَشَنَّج. اللَّيْثُ وَابْنُ دُرَيْدٍ: تَقُولُ هُذَيل: غَنَجٌ عَلَى شَنَجٍ أَي رَجُلٌ عَلَى جَمَلٍ، فالغَنَج هُوَ الرَّجُلُ، والشَّنَج الجمَل. والشَّنَجُ: الشَّيْخُ، هذليَّة. يَقُولُونَ: شَيْخٌ شَنَجٌ عَلَى غَنَجٍ أَي شَيْخٌ عَلَى جَمَلٍ ثقيل، والله أَعلم.
شهدانج: الشَهْدانِج: نَبْتٌ، عَنْ أَبي حنيفة.

فصل الصاد المهملة
صجج: أَهملها اللَّيْثُ، وَرَوَى أَبو الْعَبَّاسِ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: صَجَّ إِذا ضَرَبَ حَدِيدًا عَلَى حَدِيدٍ فصوَّتا. والصَّجِيجُ: ضَرْب الْحَدِيدِ بَعْضِهِ على بعض.
صرج: التَّهْذِيبِ: الصَّارُوجُ النُّورة وأَخلاطُها الَّتِي تُصَرَّجُ بِهَا النُّزُل وغيرُها، فَارِسِيٌّ مُعَرَّب، وَكَذَلِكَ كُلُّ كَلِمَةٍ فِيهَا صَادٌ وَجِيمٌ، لأَنهما لَا يَجْتَمِعَانِ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ. ابْنُ سِيدَهْ: الصَّارُوج النُّورة بأَخلاطها تُطْلَى بِهَا الْحِيَاضُ والحمَّامات، وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ جَارُوفٌ، عُرِّب فَقِيلَ: صارُوج، وَرُبَّمَا قِيلَ: شارُوق. وصرَّجها بِهِ: طَلاها، وربما قالوا: شرَّقه.
صلج: الصُّلَّجة: الفِيلَجَةُ مِنَ القَزِّ والقَدِّ. والصَّوْلَج: الصِّماخ؛ والصَّوْلَج والصَّوْلَجة: الْفِضَّةُ الْخَالِصَةُ. ابْنُ الأَعرابي: الصَّلِيجَة والنَّسيكَة والسَّبيكة: الفِضَّة المُصَفَّاة؛ وَمِنْهُ أُخذ النُّسُك لأَنه صُفِّي مِنَ الرِّياء. والصَّوْلَج والصَّوْلَجَان والصَّوْلجَانَة: الْعُودُ المعوجُّ، فَارِسِيٌّ معرَّب، الأَخيرة عَنْ سِيبَوَيْهِ، قَالَ: وَالْجَمْعُ صَوَالجَة، الْهَاءُ لِمَكَانِ العُجمة؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَكَذَا وُجد أَكثر هَذَا الضَّرْب الأَعجمي مُكسَّراً بِالْهَاءِ. التَّهْذِيبُ: الصَّوْلجَان عَصاً يُعْطَف طرَفها يُضْرَب بِهَا الكُرَة عَلَى الدَّوابِّ، فأَما الْعَصَا الَّتِي اعوجَّ طرَفاها خِلْقة فِي شَجَرَتِهَا، فَهِيَ مِحْجن؛ وَقَالَ الأَزهري: الصَّوْلَجان والصَّوْلَج والصُّلَّجة، كُلُّهَا معرَّبة. الْجَوْهَرِيُّ: الصَّوْلجَان، بِفَتْحِ اللَّامِ: المِحْجَن، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ. والأَصْلَج: الأَصْلَع، بِلُغَةِ بَعْضِ قَيْس؛ وأَصمُّ أَصْلَجُ: كأَصْلَخ؛ عَنِ الهَجَري، قَالَ الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ صَلَخَ: الأَصْلَخ الأَصَمُّ؛ كذلك قَالَ الْفَرَّاءُ وأَبو عُبَيْدٍ؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: فَهَؤُلَاءِ الْكُوفِيُّونَ أَجمعوا عَلَى هَذَا الْحَرْفِ بِالْخَاءِ، وأَما أَهل الْبَصْرَةِ ومَنْ فِي ذَلِكَ الشِّقِّ مِنَ العَرَب فإِنهم يَقُولُونَ الأَصْلَج

(2/310)


بِالْجِيمِ؛ قَالَ: وَسَمِعْتُ أَعرابيّاً يَقُولُ: فُلَانٌ يَتَصالَجُ عَلَيْنَا أَي يتَصَامَمُ؛ قال: ورأَيت أَمَةً صَمَّاء تُعرَف بالصَّلْخاء؛ قَالَ: فَهُمَا لُغَتَانِ جَيِّدتان، بِالْخَاءِ وَالْجِيمِ؛ قَالَ الأَزهري: وَسَمِعْتُ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ أَعراب قَيْسٍ وَتَمِيمٍ يَقُولُ للأَصم أَصلج، وَفِيهِ لُغَةٌ أُخرى لِبَنِي أَسد ومَنْ جاوَرهم أَصْلَخ، بالخاء.
صلهج: الأَصمعي: الصَّيْهَجُ الصَّخرة الْعَظِيمَةُ، وكذلك الصَّلْهَج والجَيْحَل.
صمج: الصَّمَجُ: الْقَنَادِيلُ، وَاحِدَتُهَا صَمَجَة؛ قَالَ الشَّمَّاخُ «1»:
بالصَّمَجِ الرُّومِيَّات
وفي نوادر الأَعراب: لَيْلَةٌ قَمْرَاءُ صمَّاجَة وصيَّاجة؛ مُضِيئة.
صملج: أَبو عمر: الصَّمَلَّج الصُّلب مِنَ الْخَيْلِ وغيرها.
صنج: الصَّنْجُ العربُّي: هُوَ الَّذِي يَكُونُ فِي الدُّفُوف وَنَحْوِهِ، عَرَبيٌّ «2»؛ فأَما الصَّنْجُ ذُو الأَوتار فَدَخِيل معرَّب، تَخْتَصُّ بِهِ العَجَم وَقَدْ تَكَلَّمَتْ بِهِ الْعَرَبُ؛ قَالَ الأَعشى:
ومُسْتَجِيباً تَخالُ الصَّنْجَ يَسْمَعُه، ... إِذا تُرَجِّعُ فِيهِ القَيْنَةُ الفُضُلُ
وَقَالَ الشَّاعِرُ:
قُلْ لِسَوَّارٍ، إِذا مَا ... جِئْتَهُ وَابْنِ عُلاثَهْ:
زادَ فِي الصَّنْجِ عُبَيْدُ اللهِ ... أَوتاراً ثَلاثَهْ
وامرأَة صَنَّاجة: ذَاتُ صَنْج؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
إِذا شئتُ غَنَّتْني دهاقِينُ قَرْيَةٍ، ... وصَنَّاجَةٌ تَجْذُو عَلَى كلِّ مَنْسِمِ «3»
الْجَوْهَرِيُّ: الصَّنْج الَّذِي تَعْرِفُهُ الْعَرَبُ هُوَ الَّذِي يُتخذ مِنْ صُفْر يضْرَب أَحدهما بِالْآخَرِ. ابْنُ الأَعرابي: الصُّنُجُ الشِّيزَى، وَقَالَ غَيْرُهُ: الصَّنْج ذُو الأَوتار الَّذِي يُلْعب بِهِ، واللَّاعب بِهِ يُقَالُ لَهُ: الصَّنَّاج والصَّنَّاجة. وَكَانَ أَعْشَى بَكْرٍ يُسَمَّى صَنَّاجة الْعَرَبِ لِجَوْدة شِعْره. وصَنْجُ الجنِّ: صوتُها؛ قَالَ القَطامي:
تَبِيتُ الغُول تَهْرِج أَن تَرَاهُ، ... وصَنْجُ الجِنِّ مِنْ طَرَبٍ يهِيمُ
وَهُوَ مِنَ الصَّنْج الَّذِي تَقَدَّمَ؛ كأَن الْجِنَّ تُغَنِّي بالصَّنْج. وصَنْجَة المِيزان وسَنْجَته؛ فَارِسِيٌّ معرَّب. وَقَالَ ابْنُ السكِّيت: لَا يُقَالُ سَنْجَة. والأُصنوجَة: الزُّوالِقة مِنَ الْعَجِينِ «4».
صهج: الأَزهري: نَبْت صَيْهُوج إِذا مَلُسَ [مَلِسَ]، وظَهْر صَيْهُوج: أَمْلَس؛ قَالَ جَنْدَلٌ:
عَلَى ضُلُوع نَهْدَةِ المَنافِجِ، ... تَنْهَضُ فيهنَّ عُرى النَّسائِجِ،
صُعْداً إِلى سَنَاسِنٍ صَيَاهِجِ
الأَصمعي: الصَّيْهَجُ الصَّخْرَةُ الْعَظِيمَةُ، وَكَذَلِكَ الصَّلْهَج والجَيْحَل.
__________
(1).
قوله [قال الشماخ إلخ] الذي في شرح القاموس:
والنجم مثل الصمج الروميات
(2).
قوله [عربي] ينافيه ما تقدم في مادة صرج، عن التهذيب. وكل من الصحاح والقاموس مصرح بأنه بكلا معنييه معرب.
(3).
قوله [إِذا شئت إلخ] أَنشده في الصحاح في مادة جذا: تَجْذُو عَلَى حَرْفِ مَنْسِمٍ.
(4).
قوله [الزوالقة من العجين] هكذا بالأَصل، وفي القاموس: الدوالقة، بالدال.

(2/311)


صهبج: التَّهْذِيبُ فِي الرُّبَاعِيِّ: وَوَبَرٌ صُهَابِجٌ أَي صُهَابيّ، أَبدلوا الْجِيمَ مِنَ الْيَاءِ، كَمَا قَالُوا: الصِّيصِجّ والعَشِجّ وصِهْرِيجٌ وسِهْرِيٌّ؛ وَقَوْلُ هِمْيان:
يُطيرُ عَنْهَا الوَبَر الصُّهابِجَا
أَراد الصُّهابيّ، فَخَفَّفَ وأَبدل.
صَهْرَجَ: الصِّهْرِيجُ: وَاحِدُ الصَّهاريج، وَهِيَ كَالْحِيَاضِ يَجْتَمِعُ فِيهَا الْمَاءُ؛ وَقَالَ الْعَجَّاجُ:
حَتَّى تَنَاهَى فِي صَهارِيجِ الصَّفا
يَقُولُ: حَتَّى وَقَفَ هَذَا الْمَاءُ فِي صَهارِيج مِنْ حَجَر. ابْنُ سِيدَهْ: الصِّهْرِيج مَصْنعة يَجْتَمِعُ فِيهَا الْمَاءُ، وأَصله فَارِسِيٌّ، وَهُوَ الصِّهْرِيّ، عَلَى البَدَل، وَحَكَى أَبو زَيْدٍ فِي جَمْعِهِ: صَهاريّ. وصَهْرَجَ الحوضَ: طَلاه، وَمِنْهُ قَوْلُ بَعْضِ الطُفَيْلِيِّين: وَدِدْتُ أَن الكُوفة بِرْكَة مُصَهرَجَة. وَحَوْضٌ صُهارِج: مَطْلِيٌّ بالصَّارُوج. والصُّهارج، بِالضَّمِّ: مِثْلُ الصِّهْرِيج؛ وأَنشد الأَزهري:
قَصَبَّحَتْ حابِيَةً صُهَارِجا
وَقَدْ صَهْرَجُوا صِهْرِيجاً؛ قَالَ ذُو الرُّمة:
صَوارِي الهامِ، والأَحشاءُ خافِقَة، ... تُناوِلُ الهِيمَ أَرْشَافَ الصَّهارِيج «1»
صوج: الصَّوْجان مِنَ الإِبل والدَّوابّ: الشَّدِيدُ الصُّلب؛ قَالَ:
فِي ظَهْرِ صَوْجان القَرَى لِلمُمْتَطِي
وعَصاً صَوْجانَةٌ: كَزَّة. ونَخْلة صَوْجانة: كَزَّة السَّعَف. والصَّوْجان: الصَّوْلَجان.

فصل الضاد المعجمة
ضبج: ضَبَجَ الرجلُ: أَلقى نَفْسَهُ فِي الأَرض مِنْ كَلال أَو ضَرْب؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَلَيْسَ بِثَبْتٍ.
ضجج: ضَجَّ يَضِجُّ ضَجّاً وضَجيجاً وضَجَاجاً وضُجاجاً، الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ: صَاحَ، وَالِاسْمُ الضَّجَّة. وضَجَّ الْبَعِيرُ ضَجيجاً وضَجَّ الْقَوْمُ ضَجاجاً. قَالَ: وضَجَّ الْقَوْمُ يَضِجُّون ضَجيجاً: فَزِعُوا مِنْ شَيْءٍ وغُلِبوا، وأَضَجُّوا إِضْجاجاً إِذا صَاحُوا فجَلَّبُوا. أَبو عَمْرٍو: ضَجَّ إِذا صَاحَ مُسْتَغِيثًا. وَسَمِعْتُ ضَجَّة الْقَوْمِ أَي جَلَبتهم؛ وَفِي حَدِيثِ
حُذيفة: لَا يأْتي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَضِجُّون مِنْهُ إِلّا أَرْدَفَهُمُ اللَّهُ أَمراً يشغَلُهم عَنْهُ.
الضَّجيج: الصِّياح عِنْدَ الْمَكْرُوهِ والمشَقَّة والجزَع. وضاجَّه مُضاجَّة وضِجاجاً: جَادَلَهُ وشارَّه وشاغَبَه، وَالِاسْمُ الضَّجَاج، بِالْفَتْحِ، وَقِيلَ: هُو اسْمٌ مِنْ ضاجَجْتُ، وَلَيْسَ بِمَصْدَرٍ. والضَّجاج: القَسْر؛ وأَنشد الأَصمعي فِي الضِّجاج والضَّجاج المُشاغَبة والمُشارَّة:
إِنّي إِذا مَا زَبَّبَ الأَشْداقُ، ... وكَثُرَ الضَّجاجُ [الضِّجاجُ] واللّقاقُ «2»
وَقَالَ آخَرُ:
وأَغْشَبَ الناسُ الضِّجاجَ الأَضْجَجا، ... وصاحَ خاشِي شَرِّها، وهَجْهَجا
أَراد الأَضَجَّ، فأَظهر التَّضْعِيفَ اضْطِرَارًا، وَهَذَا عَلَى نَحْوِ قَوْلِهِمْ: شِعْر شَاعِرٍ؛ التَّهْذِيبَ فِي قَوْلِ الْعَجَّاجِ:
وأَعْشَبَ الأَرض الأَضْجَجا «3».
__________
(1).
قوله [صواري الهام] هكذا بالأَصل وشرح القاموس.
(2).
قوله [واللقاق] هكذا في الأَصل والذي في الصحاح في مادة لقق: واللقلاق.
(3).
قوله [وأعشب الأَرض إلخ] هكذا في الأَصل.

(2/312)


قَالَ: أَظهر الْحَرْفَيْنِ وَبَنَى مِنْهُ أَفعل لِحَاجَتِهِ إِلى الْقَافِيَةِ، وَقَدْ وُصِفَ بِالْمَصْدَرِ مِنْهُ، فَقِيلَ: رَجُلٌ ضِجَاج، وَقَوْمٌ ضُجُجٌ؛ قَالَ الرَّاعِي:
فاقْدُرْ بِذَرْعِكَ، إِنِّي لَنْ يُقَوِّمَني ... قَوْلُ الضِّجاجِ، إِذا مَا كنتُ ذَا أَوَدِ
والضِّجاجُ [الضَّجاجُ]: ثَمَرُ نَبْت أَو صَمْغٌ تَغسل به النساء رؤوسهن، حَكَاهَا ابْنُ دُرَيْدٍ بِالْفَتْحِ، وأَبو حَنِيفَةَ بِالْكَسْرِ، وَقَالَ مَرَّة: الضِّجاج كُلُّ شَجَرَةٍ تُسَمُّ بِهَا السِّباع أَو الطَّير. وضَجَّجَها: سَمَّها. ابْنُ الأَعرابي: الضِّجاج [الضَّجاج] صَمْغٌ يؤْكل، فإِذا جَفَّ سُحِق، ثُمَّ كيلَ وقُوِّيَ بالقَلْيِ، ثُمَّ غُسِل بِهِ الثَّوْبُ فيُنَقِّيه تَنْقِيَةَ الصَّابُونِ. والضَّجُوج مِنَ النُّوقِ: الَّتِي تَضِجُّ إِذا حُلِبت. التَّهْذِيبَ: الضَّجاجُ الْعَاجُ، وَهُوَ مِثْل السِّوار للمرأَة؛ قَالَ الأَعشى:
وتَرُدُّ معطوفَ الضَّجاج عَلَى ... غَيْل، كأَن الوَشْمَ فيه خِلَلْ
ضرج: ضَرَجَ الثوبَ وغيرَه: لَطَخه بِالدَّمِ ونحوِه مِنَ الحُمْرة، وَقَدْ يَكُونُ بالصُّفرة؛ قَالَ يَصِفُ السَّراب عَلَى وَجْهِ الأَرض:
فِي قَرْقَرٍ بِلُعاب الشَّمْسِ مَضْرُوج
يَعْنِي السَّرَابَ. وضَرَّجَه فَتَضَرَّج، وثوبٌ ضَرِج وإِضْرِيج: مُتَضَرِّج بِالْحُمْرَةِ أَو الصُّفرة؛ وَقِيلَ: الإِضْريجُ صِبغ أَحمر، وثوبٌ مُضَرَّج، مِنْ هَذَا؛ وَقِيلَ: لَا يَكُونُ الإِضْريجُ إِلَّا مِنْ خَزٍّ. وتَضَرَّج بالدَّم أَي تَلَطَّخ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَرَّ بِي جَعْفَرٌ فِي نَفَرٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مضَرَّج الْجَنَاحَيْنِ بِالدَّمِ
أَي مُلَطَّخاً. وَكُلُّ شَيْءٍ تَلَطَّخ بِشَيْءٍ، بِدَمٍ أَو غَيْرِهِ، فَقَدْ تَضَرَّج؛ وَقَدْ ضُرِّجَتْ أَثوابه بِدَمِ النَّجيع. وَيُقَالُ: ضَرَّج أَنْفَه بِدَمٍ إِذا أَدْماه؛ قَالَ مُهَلْهِل:
لَوْ بِأَبانَيْنِ جَاءَ يَخْطُبُها، ... ضُرِّجَ مَا أَنْفُ خاطبٍ بدَمِ
وَفِي كِتَابِهِ لِوائِلٍ: وضَرَّجُوه بالأَضامِيم أَي دَمّوه بالضَّرْب. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الإِضْريجُ الخَزُّ الأَحمر؛ وأَنشد:
وأَكْسِيةُ الإِضْريجِ فَوْقَ المَشاجِبِ
يَعْنِي أَكْسِيةَ خَزٍّ حُمْراً؛ وَقِيلَ: هُوَ الْخَزُّ الأَصفر؛ وَقِيلَ: هُوَ كِسَاءٌ يُتخذ مِنْ جَيّد المِرْعِزَّى. اللَّيثُ: الإِضريجُ الأَكسية تُتَّخَذُ مِنَ المِرْعِزَّى مِنْ أَجوده. والإِضْريجُ: ضَرْبٌ مِنَ الأَكسية أَصفر. وضَرَجَ الشيءَ ضَرْجاً فانْضَرَج، وضَرَّجه فتَضَرَّج: شقَّه. والضَّرْج: الشَّقُّ؛ قَالَ ذُو الرُّمة يَصِفُ نِسَاءً:
ضَرَجْنَ البُرُودَ عَنْ تَرائب حُرَّةٍ
أَي شَقَقْنَ، وَيُرْوَى بِالْحَاءِ أَي أَلقين. وَفِي حَدِيثِ المرأَة:
صَاحِبَةِ المَزادَتَيْن تَكاد تَتَضَرَّجُ مِنَ المِلْءِ
أَي تنشقُّ. وتَضَرَّج الثوبُ: انشقَّ؛ وَقَالَ هِمْيَانٌ يَصِفُ أَنياب الفَحل:
أَوْسَعْنَ مِنْ أَنيابه المَضارِجِ
والمَضَارِج: المَشاقُّ. وتَضَرَّج الثَّوْبُ إِذا تَشَقَّقَ. وضَرَّجْت الثَّوْبَ تَضْريجاً إِذا صَبَغْته بالحرة، وَهُوَ دُونَ المُشْبَع وَفَوْقَ المُوَرَّدِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
وعَلَيَّ رَيْطَة مُضَرَّجَة
أَي لَيْسَ صِبْغها بالمُشْبَع. والمَضارِجُ: الثِّيَابُ الخُلْقان تُبْتَذَلُ مِثْلَ المَعاوِز؛ قَالَهُ أَبو عُبَيْدٍ: واحدُها مِضْرَج. وعينٌ مَضْرُوجة: وَاسِعَةُ الشَّقِّ نَجْلاء؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
تَبَسَّمْنَ عَنْ نَوْرِ الأَقاحِيِّ فِي الثَّرَى، ... وفَتَّرْنَ عَنْ أَبصارِ مَضْرُوجَةٍ نُجْلِ

(2/313)


وانْضَرَجَت لَنَا الطَّرِيقُ: اتَّسَعت. والانْضِراج: الاتِّساع؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَمَرْتُ لَهُ بِرَاحِلةٍ وبُرْدٍ ... كَريمٍ، فِي حَواشِيه انْضِرَاجُ
وانْضَرَج مَا بَيْنَ الْقَوْمِ: تَباعد مَا بَيْنَهُمْ. وانْضَرَج الشَّجَرُ: انشقَّت عُيونُ ورَقِه وبَدَتْ أَطْرَافُهُ. وتَضَرَّجَتْ عَنِ البَقْل لَفائِفُه إِذا انْفَتَحَتْ، وإِذا بَدَتْ ثِمَارُ البُقول مِنْ أَكْمامِها، قِيلَ: انْضَرَجَتْ عَنْهَا لفائفُها أَي انْفتحتْ. والانْضِراج: الانْشقاق؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
مِمَّا تَعالَتْ مِنَ البُهْمَى ذَوَائِبُها ... بالصَّيْفِ، وانْضَرَجَتْ عَنْهُ الأَكامِيمُ
تَعالَت: ارْتَفَعَتْ. وذَوائبها: سَفاها. والأَكامِيم جَمْعُ أَكْمام، وأَكْمام جَمْعُ كِمٍّ، وَهُوَ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ الزَّهْرُ. وضَرَجَ النَّارَ يَضْرِجها: فَتَحَ لَهَا عَيْنًا؛ رَوَاهُ أَبو حَنِيفَةَ. وانضَرَجَتِ العُقاب: انحطَّت مِنَ الجَوِّ كَاسِرَةً. وانْضَرَج الْبَازِي عَنِ الصَّيْدِ إِذا انْقَضَّ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
كَتَيْسِ الظِّباء الأَعْفَرِ، انْضَرَجَتْ لَهُ ... عُقابٌ، تَدَلَّتْ مِنْ شَمارِيخ ثَهْلانِ
وَقِيلَ: انْضَرَجَتْ انْبَرَتْ لَهُ؛ وَقِيلَ: أَخَذَتْ فِي شِقٍّ. أَبو سَعِيدٍ: تَضْريج الْكَلَامِ فِي المَعاذِير هُوَ تَزْوِيقُه وَتَحْسِينُهُ. وَيُقَالُ: خَيْرُ مَا ضُرِّج بِهِ الصدقُ، وشَرُّ مَا ضُرِّج بِهِ الكذِب. وَفِي النَّوَادِرِ: أَضْرَجَتِ المرأَة جَيْبَها إِذا أَرْخَتْه. وضُرِّجتِ الإِبل أَي رَكَضْناها فِي الغَارَة؛ وضَرَجتِ النَّاقَةُ بِجِرَّتِها وجَرَضَتْ. والإِضْريج: الجَيِّد مِنَ الْخَيْلِ. أَبو عُبَيْدَةَ: الإِضريج مِنَ الْخَيْلِ الجَواد الْكَثِيرُ العَرَق؛ قَالَ أَبو دُواد:
وَلَقَدْ أَغْتَدِي، يُدافِع رُكْنِي ... أَجْوَلِيٌّ ذُو مَيْعَةٍ، إِضْرِيجُ
وَقَالَ: الإِضْريج الواسِع اللَّبَان؛ وَقِيلَ: الإِضْريجُ الْفَرَسُ الجَواد الشَّدِيدُ العَدْوِ. وعَدْوٌ ضَرِيجٌ: شَدِيدٌ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
جِرَاءٌ وَشَدٌّ كالحَريق ضَرِيجُ
والضَّرْجَة والضَّرَجَة: ضَرْب مِنَ الطَّيْرِ. وضَارِج: اسْمُ مَوْضِعٍ مَعْرُوفٌ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
تَيَمَّمَتِ العَيْنَ الَّتِي عِنْدَ ضارِجٍ، ... يَفِيءُ عَلَيْهَا الظِّلُّ، عَرْمَضُها طَامِي
قَالَ ابْنُ بَرِّي: ذَكَرَ النَّحَّاسُ أَن الرِّوَايَةَ فِي الْبَيْتِ يفيءُ عَلَيْهَا الطَّلْحُ، ورَوَى
بإِسناد ذَكَرَهُ أَنه وفَدَ قَوْمٌ مِنَ اليَمَن عَلَى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَحيانا اللَّهُ بِبَيْتَيْنِ مِنْ شِعْرِ امْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ حُجْر، قَالَ: وَكَيْفَ ذَلِكَ؟ قَالُوا: أَقبلنا نُرِيدُكَ فضَلَلْنا الطَّرِيقَ فَبَقِينَا ثَلاثاً بِغَيْرِ مَاءٍ، فَاسْتَظْلَلْنَا بالطَّلْح والسَّمُرِ، فأَقبل رَاكِبٌ متلثِّم بِعِمَامَةٍ وَتَمَثَّلَ رَجُلٌ بِبَيْتَيْنِ، وَهُمَا:
ولَمَّا رأَتْ أَن الشَّرِيعة هَمُّها، ... وأَنَّ البَياض مِنْ فَرائِصِها دَامي،
تيَمَّمتِ العَين الَّتِي عِنْدَ ضارِج، ... يفيءُ عَلَيْهَا الطَّلْحُ، عَرمَضها طَامِي
فَقَالَ الرَّاكِبُ: مَنْ يَقُولُ هَذَا الشِّعْرَ؟ قَالَ: امْرُؤُ

(2/314)


القيس بن حجر، قال: وَاللَّهِ مَا كَذَبَ، هَذَا ضارِج عِنْدَكُمْ، قَالَ: فَجَثَوْنا عَلَى الرُّكَب إِلى مَاءٍ، كَمَا ذكَر، وَعَلَيْهِ العَرْمَض يَفِيءُ عَلَيْهِ الطَّلْح، فشربْنا رِيَّنا، وحملْنا مَا يَكْفِينَا ويُبَلِّغُنا الطَّرِيقَ، فَقَالَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ذَاكَ رَجُلٌ مَذْكُورٌ فِي الدُّنْيَا شَرِيفٌ فِيهَا، منسيٌّ فِي الْآخِرَةِ خَامِلٌ فِيهَا، يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَهُ لِوَاءُ الشُّعَرَاءِ إِلى النَّارِ
؛ وَقَوْلُهُ:
وَلَمَّا رأَتْ أَن الشَّريعة هَمُّها
الشَّريعة: مَوْرِدُ الْمَاءِ الَّذِي تَشْرَع فِيهِ الدَّوابُّ. وهمُّها: طَلَبُهَا، وَالضَّمِيرُ فِي رأَتْ للحُمُر؛ يُرِيدُ أَن الْحُمُرَ لَمَّا أَرادت شَرِيعة الْمَاءِ وَخَافَتْ عَلَى أَنفسها مِنَ الرُّماة، وأَن تُدْمَى فَرَائِصُهَا مِنْ سِهَامِهِمْ، عَدَلَتْ إِلى ضارِج لِعَدَمِ الرُّماة عَلَى العَيْنِ الَّتِي فِيهِ. وضارِج: مَوْضِعٌ فِي بِلَادِ بَنِي عَبْس. والعَرْمَض: الطُّحْلُب. وطامي: مرتفع.
ضربج: رَوَى ثَعْلَبٌ أَن ابْنَ الأَعرابي أَنشده:
قَدْ كنتُ أَحْجُو أَبا عَمْرو أَخاً ثِقَةً، ... حَتَّى أَلَمَّتْ بِنَا، يَوْماً، مُلِمَّاتُ
فقلتُ، والمَرْءُ قَدْ تخطِيه مُنْيَتُه: ... أَدْنى عَطِيَّاته إِيَّايَ مِئياتُ
فكانَ مَا جادَ لِي، لَا جادَ مِنْ سَعَةٍ، ... دَرَاهِمُ زائِفات ضَرْبَجِيَّاتُ
قَالَ ابْنُ الأَعرابي: دِرْهَمٌ ضَرْبَجِيٌّ: زائِف، وإِن شِئْتَ قُلْتَ: زَيْف قَسِّيٌّ؛ والقَسِّيُّ: الَّذِي صَلُبَ فِضَّته مِنْ طُول الخَبْءِ. مِئيات: الأَصل فِي مِئَةٍ مِئْيَة، بوزن مِعْية.
ضمج: ضَمِج الرجلُ بالأَرض وأَضْمَج: لَزِقَ بِهِ. والضَّمْجة: دُوَيْبَّة مُنْتِنَةُ الرَّائِحَةِ تَلْسَعُ، وَالْجَمْعُ ضَمْجٌ. والضَّامِجُ: اللَّازِمُ. قَالَ الأَزهَري فِي تَرْجَمَةِ خَعَمَ: قَالَ أَبو عَمْرٍو: الضَّمَجُ هَيَجان الخَيْعامة، وَهُوَ المأْبُون المَجْبُوس، وَقَدْ ضَمج ضَمَجاً؛ وَيُقَالُ: ضَمَجَه إِذا لَطَخَه؛ وَقَالَ هِمْيَانُ:
أَبِعْت قَرْماً بالهَدِير عاجِجا، ... ضُباضِبَ الخَلْقِ، وَأىً، دُهامِجا
يُعْطِي الزِّمامَ عَنقاً عَمَالِجا، ... كأَن حِنَّاء عَلَيْهِ ضامِجا
أَي لاصِقاً؛ وَقَالَ أَعرابي مِنْ بَنِي تَمِيمٍ يَذْكُرُ دوابَّ الأَرض، وَكَانَ مِنْ بَادِيَةِ الشَّامِ:
وَفِي الأَرض أَحْناشٌ وسَبْعٌ وخاربُ، ... وَنَحْنُ أُسارَى، وسْطهم نتقلَّبُ «4»
رُتَيْلا وطَبُّوعٌ وشبثَانُ ظَلَمَةٍ، ... وأَرْقَطُ حُرْقُوصٌ وضَمْجٌ وعَنْكَبُ
والضَّمْجُ: مِنْ ذَوَاتِ السُّمُومِ. والطَّبُّوع: مِنْ جنس القُراد.
ضمعج: الضَّمْعَجُ: الضَّخْمَةُ مِنَ النُّوقِ. وامرأَة ضَمْعَج: قَصِيرَةٌ ضَخْمَةٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
يَا رُبَّ بيضاءَ ضَحُوك ضَمْعَج
وَفِي حَدِيثِ
الأَشتر يَصِفُ امرأَة أَرادها ضَمْعَجاً طُرْطُبّاً.
الضَّمْعَج: الْغَلِيظَةُ، وَقِيلَ: الْقَصِيرَةُ، وَقِيلَ: التَّامَّةُ الْخَلْقِ؛ وَلَا يُقَالُ ذَلِكَ لِلذَّكَرِ؛ وَقِيلَ: الضَّمْعَج مِنَ النِّسَاءِ الضَّخْمَة الَّتِي تَمَّ خلْقها واسْتَوْثَجَتْ نَحْواً
__________
(4).
قوله [وخارب] هكذا في الأَصل، وشرح القاموس، ولعله وجارن بدليل قوله قبل يذكر دواب الأرض لأَن الخارب اللص، وَالْجَارِنُ وَلَدُ الْحَيَّةِ.

(2/315)


مِنَ التَّمَامِ؛ وَكَذَلِكَ الْبَعِيرُ وَالْفَرَسُ والأَتان؛ قَالَ هِمْيَانُ بْنُ قُحَافَةَ السَّعْدِيُّ:
يَظَلُّ يَدْعُو نِيبَها الضَّماعِجَا، ... والبَكَراتِ اللُّقَّحَ الفَواثجا
وَقِيلَ: الضَّمْعَج الْجَارِيَةُ السَّريعة فِي الْحَوَائِجِ. والضَّمْعَج: النَّاقَةُ السَّرِيعَةُ. والضَّمْعَج: الفحجاء الساقين.
ضهج: أَضْهَجَتِ النَّاقَةُ: كأَضْجَهَت، إِمَّا مَقْلُوبٌ وإِمَّا لُغَةٌ؛ عَنِ الْهَجَرِيِّ: وأَنشد:
فَردُّوا لِقَوْلِي كلَّ أَصْهَبَ ضامِرٍ ... ومَضْبُورةٍ، إِن تَلْزَمِ الخَيْلَ تُضْهِجِ
ضوج: ضَوْج الْوَادِي: مُنْعَطَفُه، وَالْجَمْعُ أَضْواج وأَضْوُج، الأَخيرة نَادِرَةٌ؛ قَالَ ضِرَارُ بْنُ الْخَطَّابِ الْفِهْرِيُّ:
وقَتْلَى مِنَ الحَيّ فِي مَعْرَكٍ، ... أُصِيبُوا جَميعاً بِذي الأَضْوُجِ
وَقَدْ تَضَوَّج، وضَاج الوادِي يَضُوج ضَوْجاً: اتَّسَع. ولَقِيَنَا ضَوْجٌ مِنْ أَضْواج الأَودية فانْضَوَج فِيهِ، وانْضَوَجْتُ عَلَى إِثْرِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ ذَكَرَ أَضْواجِ الْوَادِي أَي مَعاطِفه، الْوَاحِدَةُ ضَوْج؛ وَقِيلَ: هُوَ إِذا كُنْتَ بَيْنَ جَبَلَين مُتَضَايِقَيْنِ ثُمَّ اتَّسَع، فَقَدِ انْضاج لَكَ. التَّهْذِيبِ: الضَّوْج جِزْعُ الْوَادِي، وَهُوَ مُنْعَرَجه حَيْثُ يَنْعَطِفُ؛ وَقَالَ رُؤْبَةُ:
وحَوْفاً منْ تراغُبِ الأَضْواج «1»
اللَّيْثُ: الضَّوْجان مِنَ الإِبل وَالدَّوَابِّ كلُّ يابِسِ الصُلْب؛ وأَنشد:
فِي ضَبْرِ ضَوْجان القَرَى للمُمْتَطِي «2»
يَصِفُ فَحْلًا وَنَخْلَةٌ ضَوْجانة، وَهِيَ الْيَابِسَةُ الكَزَّة السَّعَفِ؛ قَالَ: وَالْعَصَا الكَزَّة ضَوْجانة.
ضاج: ضاجَ عَنِ الشَّيْءِ ضَيْجاً: عدَل وَمَالَ عَنْهُ، كجاضَ. وضاجَ عَنِ الْحَقِّ: مَالَ عَنْهُ؛ وَقَدْ ضاجَ يَضِيجُ ضُيوجاً وضَيَجاناً؛ وأَنشد:
أَما تَرَيْني كالعَريشِ المَفْرُوجْ، ... ضاجَتْ عِظامِي عَنْ لَفًى مَضْرُوجْ؟
اللَّفَى: عَضَلُ لَحْمِهِ. وضاجَ السَّهْم عَنِ الهَدَف أَي مَالَ عَنْهُ. وضاجَتْ عِظامه ضَيْجاً: تَحَرَّكَتْ مِنَ الهُزال؛ عن كراع.

فصل الطاء المهملة
طبج: الطَّبْجُ، ساكنٌ: الضرْب عَلَى الشَّيْءِ الأَجْوَف كالرأْس وَغَيْرِهِ، حَكَاهُ ابْنُ حَمُّويه عَنْ شَمِر فِي كِتَابِ الغَريبين للهَرَوِي. أَبو عَمْرٍو: طَبَجَ يَطْبَجُ طَبَجاً إِذا حَمُق، وَهُوَ أَطْبَجُ. والطَّبْجُ: اسْتِحْكَامُ الْحَمَاقَةِ. قَالَ: وَيُقَالُ لأُمِّ سُوَيْدٍ الطِّبِّيجَة. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ فِي الحَيِّ رَجُلٌ لَهُ زَوْجَةٌ وأُمّ ضَعِيفَةٌ، فَشَكَتْ زوجتُه إِليه أُمَّه، فَقَامَ الأَطْبَجُ إِلى أُمِّه فأَلقاها فِي الْوَادِي.
الطَّبْجُ: اسْتِحْكَامُ الْحَمَاقَةِ، هَكَذَا ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ، بِالْجِيمِ؛ وَرَوَاهُ غَيْرُهُ بِالْخَاءِ، وَهُوَ الأَحمق الَّذِي لَا عَقْلَ لَهُ، قال: وكأَنه الأَشبه.
__________
(1).
قوله [وحوفاً من تراغب إلخ] هكذا في الأَصل.
(2).
قوله [في ضبر ضوجان] هكذا في الأَصل هنا. وتقدم في مادة صوج: في ظهر صوجان إلخ.

(2/316)


طبهج: الطَّباهجَةُ، فَارِسِيٌّ معرَّب: ضرْب مِنْ قَليِّ اللَّحْمِ. بَاؤُهُ بَدَلٌ مِنَ الْبَاءِ الَّتِي بَيْنَ الْبَاءِ وَالْفَاءِ، كبِرِنْد وبُنْدُق الَّذِي هُوَ الفِرِنْد والفُنْدُق، وَجِيمُهُ بَدَلٌ من الشين.
طثرج: أَبو عَمْرٍو: الطَّثْرَجُ النَّمْلُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: لَمْ يَذْكُرْ لِذَلِكَ شَاهِدًا، قَالَ: وَفِي الْحَاشِيَةِ شَاهِدٌ عَلَيْهِ وَهُوَ لِمَنْظُورِ بْنِ مَرْثَدٍ:
والبِيضُ فِي مُتُونِها كالمَدْرَجِ ... أَثْرٌ كآثارِ فِرَاخِ الطَّثْرَجِ
قَالَ: وأَراد بِالْبِيضِ السُّيوفَ. والمَدْرَج: طَرِيقُ النَّمْلِ. والأَثْرُ: فِرِنْد السَّيْفِ، شَبَّهَه بالذرّ.
طزج: ابْنُ الأَثير فِي حَدِيثِ
الشَّعْبِيِّ: قَالَ لأَبي الزِّنَادِ: تأْتينا بِهَذِهِ الأَحاديث قَسِيَّة وتأْخذها مِنَّا طَازَجَة
؛ القَسِيَّة: الرَّديئة. والطَّازَجَة: الْخَالِصَةُ المُنَقَّاةُ، قال: وكأَنه تعريف تازَهْ بالفارسية.
طسج: الطَّسُّوجُ: النَّاحِيَةُ. والطَّسُّوج: حَبَّتان مِنَ الدَّوَانيق. والدَّانق: أَربعة طَساسيج، وَهُمَا معرَّبان. وَقَالَ الأَزهري: الطَّسُّوج مِقْدَارٌ مِنَ الْوَزْنِ كَقَوْلِهِ فَرْبَيُون بِطَسُّوج، وَكِلَاهُمَا مُعَرَّبٌ. والطَّسُّوج: وَاحِدٌ مِنْ طَساسيج السَّواد، معرَّبة.
طعج: طَعَجَها يَطْعَجُها طَعْجاً: نَكَحَها.
طنج: الطُّنُوج: الكَراريس، وَلَمْ يُذْكَر لَهَا وَاحِدٌ؛ وَمِنْهُ مَا حَكَى
ابْنُ جِنِّي قَالَ: أَخبرنا أَبو صَالِحٍ السَّلِيل بْنُ أَحمد بْنِ عِيسَى بْنِ الشَّيْخِ «1» قَالَ: حَدَّثَنَا أَبو عَبْدُ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ الْيَزِيدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْخَلِيلُ بْنُ أَسد النُّوْشَجَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ رَبَّانَ، قَالَ: أَخبرني رَجُلٌ عَنْ حمَّاد الرِّوَايَةِ، قَالَ: أَمر النُّعْمَانُ فَنُسِخَتْ لَهُ أَشعار الْعَرَبِ فِي الطُّنُوج، يَعْنِي الكَراريس، فكُتبت لَهُ ثُمَّ دَفَنها فِي قَصْرِهِ الأَبيض، فَلَمَّا كَانَ الْمُخْتَارِ بْنِ أَبي عُبَيْد قِيلَ لَهُ: إِن تَحْتَ الْقَصْرِ كَنْزًا، فاحتفَرَه فأَخرج تِلْكَ الأَشعار، فَمِنْ ثَمَّ أَهل الْكُوفَةِ أَعلم بالأَشعار مِنْ أَهل الْبَصْرَةِ.
التَّهْذِيبُ فِي نَوَادِرِ الأَعراب: تَنَوَّع فِي الْكَلَامِ وتَطَنَّجَ وتَفَنَّنَ إِذا أَخذ فِي فُنون شَتَّى.
طهج: طَيْهُوج: طَائِرٌ: حَكَاهُ ابْنُ دُرَيْدٍ قَالَ: وَلَا أَحْسَبه عَرَبِيًّا. الأَزهري: الْطَيْهُوجُ طَائِرٌ، أَحْسَبه معرَّباً، وَهُوَ ذكر السِّلْكانِ.

فصل الظاء المعجمة
ظجج: ابْنُ الأَعرابي: ظَجَّ إِذا صَاحَ فِي الحرْب صِيَاحَ المُستغيث؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الأَصل فِيهِ ضَجَّ ثُمَّ جَعَلَ ضَجَّ فِي غَيْرِ الْحَرْبِ، وظَجَّ، بِالظَّاءِ، في الحرب.

فصل العين المهملة
عبج: قَالَ إِسحاق بْنُ الفَرَج: سَمِعْتُ شُجَاعًا السُّلَمِيَّ يَقُولُ: العَبَكَةُ الرَّجُلُ البَغيض الطَّغامَة الَّذِي لَا يَعي مَا يَقُولُ وَلَا خَيْرَ فِيهِ، قَالَ: وَقَالَ مُدْرِكٌ الْجَعْفَرِيُّ: هُوَ العَبَجَة؛ جاءَ بِهِمَا فِي بَابِ الْكَافِ والجيم.
عثج: عَثَجَ يَعْثِجُ عَثْجاً، وعَثِجَ، كِلَاهُمَا: أَدمَنَ الشُّرْب شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ. والعُثْجَة: كالجُرْعة. والعَثْجُ والعَثَجُ: جَمَاعَةُ النَّاسِ فِي السَّفَرِ؛ وَقِيلَ: هُمَا الْجَمَاعَاتُ؛ وَفِي تَلْبِيَةِ بَعْضِ الْعَرَبِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ:
لَا هُمَّ، لَوْلَا أَن بَكْراً دُونَكا، ... يَعْبُدُك الناسُ ويَفْجُرونَكا،
__________
(1).
قوله [ابن الشيخ] هكذا وجدناه في شرح القاموس وهو في الأَصل من غير نقط وكذا ابن ربان.

(2/317)


مَا زالَ مِنَّا عَثَجٌ يَأْتُونَكا
وَيُقَالُ: رأَيت عَثْجاً وعَثَجاً مِنَ النَّاسِ أَي جَمَاعَةٌ. وَيُقَالُ لِلْجَمَاعَةِ مِنَ الإِبل تَجْتَمِعُ فِي الْمَرْعَى: عَثَجٌ؛ قَالَ الرَّاعِي يَصِفُ فَحْلًا:
بناتُ لَبُونه عَثَجٌ إِليه، ... يَسُقْنَ اللِّيتَ فِيهِ والقَذالا
قَالَ ابْنُ الأَعرابي: سَأَلْتُ الْمُفَضَّلَ عَنْ مَعْنَى هَذَا الْبَيْتِ؛ فأَنشد:
لَمْ تَلْتَفِتْ لِلِدَاتِها، ... ومَضَتْ عَلَى غُلَوَائِها
فَقُلْتُ: أُريد أَبْيَنَ مِنْ هَذَا؛ فأَنشأَ يَقُولُ:
خُمْصانَةٌ، قَلِقٌ مُوَشَّحُها، ... رُؤْدُ الشَّبابِ، غَلَا بِها عَظْمُ
يَقُولُ: مِنْ نَجابة هَذَا الْفَحْلِ ساوَى بناتُ اللَّبون مِنْ بَنَاتِهِ قَذَاله لِحُسْنِ نَباتِها. والعَثْجَجُ: الْجَمْعُ الْكَثِيرُ. والعَثَوْثَجُ والعَثَوْجَجُ: البعير الصخم السَّرِيعُ الْمُجْتَمَعُ الخلْق. وَقَدِ اعْثَوْثَجَ واعْثَوْجَجَ اعْثيجاجاً؛ ومرَّ عَثْجٌ مِنَ اللَّيْلِ وعَثَجٌ أَي قِطْعَةٌ. واثْعَنْجَجَ الماءُ والدَّمعُ: سالا.
عثنج: العَثْنَجُ، بِتَخْفِيفِ النُّونِ: الثَّقيلُ مِنَ الإِبل، والعَثَنَّجُ، بِشَدِّهَا: الثَّقيل مِنَ الرِّجَالِ؛ وَقِيلَ: الثَّقِيلُ وَلَمْ يُحَدَّ مِنْ أَي نَوْعٍ؛ عَنْ كُرَاعٍ. والعَثَنْثَجُ: الضَّخْم مِنَ الإِبل، وَكَذَلِكَ العَثَمْثَمُ والعَبَنْبَلُ.
عجج: عَجَّ يَعِجُّ ويَعَجُّ عَجّاً وَعَجِيجًا، وضجَّ يَضِجُّ: رَفَعَ صَوْتَهُ وصاحَ؛ وقيَّده فِي التَّهْذِيبِ فَقَالَ: بالدعاءِ وَالِاسْتِغَاثَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَفضل الْحَجِّ العَجُّ والثَّجُ
؛ العجُّ: رَفَعُ الصَّوْتِ بالتَّلْبيَة، والثَّجُّ: صَبُّ الدَّمِ، وسَيَلان دِمَاءِ الهَدْيِ؛ يَعْنِي الذَّبْحَ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
أَن جِبْرِيلَ أَتى النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَقَالَ: كُنْ عَجَّاجاً ثَجَّاجاً.
وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ قُتِلَ عُصْفُوراً عَبَثاً عَجَّ إِلى اللَّهِ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
وعَجَّةُ الْقَوْمِ وعَجِيجُهم: صِياحُهم وجَلَبتهم؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ وحَّد اللَّهَ تَعَالَى فِي عَجَّتِه وجبتْ لَهُ الْجَنَّةُ
، أَي مَنْ وحَّده عَلانِيَة بِرَفْعِ صَوْتِهِ. وَرَجُلٌ عاجٌّ وعَجْعاجٌ وعَجَّاجٌ: صَيَّاحٌ، والأُنثى بِالْهَاءِ؛ قَالَ:
قَلْبٌ تَعَلَّقَ فَيْلَقاً هَوْجَلَّا، ... عَجَّاجَةً هَجَّاجَةً تَأَلَّا،
لَتُصْبِحَنَّ الأَحْقَرَ الأَذَلَّا
اللِّحْيَانِيُّ: رَجُلٌ عَجْعاجٌ بَجْباجٌ إِذا كَانَ صَيَّاحاً. وعَجْعَجَ: صوَّت؛ وَمُضَاعَفَتُهُ دَلِيلٌ عَلَى تَكْرِيرِهِ. وَالْبَعِيرُ يَعِجُّ فِي هَديره عَجّاً وعَجِيجاً: يُصَوِّت. ويُعَجْعِجُ: يردِّد عَجِيجَه ويُكَرِّرُه؛ قَالَ أَبو مُحَمَّدٍ الْحَذْلَمِيُّ:
وقَرَّبُوا لِلْبَينِ والتَّقَضِّي، ... مِنْ كلِّ عَجَّاجٍ تَرَى للْغَرْضِ،
خَلْفَ رَحَى حَيزُومه كالغَمْضِ
الْغَمْضُ: الْمُطْمَئِنُّ مِنَ الأَرض. وعَجَّ: صَاحَ. وجَعَّ: أَكل الطِّين. وعَجَّ الماءُ يَعِجُّ عَجيجاً وعَجْعَجَ، كِلَاهُمَا: صوَّت؛ قَالَ أَبو ذؤَيب:
لكُلِّ مَسيلٍ منْ تِهَامَةَ، بعد ما ... تَقَطَّعَ أَقْرانُ السَّحابِ عَجيجُ

(2/318)


وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
بأَوْسَعَ، منْ كَفِّ المُهاجِرِ، دَفْقَةً، ... وَلَا جَعْفَر عَجَّت إِليه الجَعافرُ
عَجَّت إِليه: أَمدَّته، فللسَّيل صوْت مِنَ الماءِ، وعَدَّى عَجَّت بإِلى لأَنها إِذا أَمدَّته فَقَدْ جاءَته وانضَمَّتْ إِليه، فكأَنه قَالَ: جاءَت إِليه وَانْضَمَّتْ إِليه. والجَعْفَرُ هُنَا: النَّهْرُ. ونهرٌ عَجَّاج: تَسْمَعُ لِمَائِهِ عَجيجاً أَي صوْتاً؛ وَمِنْهُ قَوْلُ بَعْضِ الفَخَرة: نَحْنُ أَكثر مِنْكُمْ سَاجًا ودِيباجاً وخَراجاً ونَهْراً عَجَّاجاً. وَقَالَ ابْنُ دريدٍ: نَهْرٌ عَجَّاج كَثِيرُ الماءِ؛ وَفِي حَدِيثِ الْخَيْلِ:
إِن مَرَّت بِنَهْرٍ عَجَّاج فشرِبت مِنْهُ كُتبت لَهُ حسَنات
؛ أَي كَثِيرُ الماءِ كأَنه يَعِجُّ مِنْ كَثْرَتِهِ وصَوْت تدفُّقه. وفَحْلٌ عَجَّاج فِي هَديره أَي صيَّاح؛ وَقَدْ يجيءُ ذَلِكَ فِي كُلِّ ذِي صوْت مِن قَوْسٍ وَرِيحٍ. وعَجَّت الْقَوْسُ تَعِجُّ عَجيجاً: صوَّتت، وَكَذَلِكَ الزَّنْدُ عِنْدَ الوَرْيِ. والعَجَاج: الغُبار، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ الْغُبَارِ مَا ثَوَّرَتْه الرِّيحُ، وَاحِدَتُهُ عَجاجة، وَفِعْلُهُ التَّعْجيجُ. وَفِي النَّوَادِرِ: عَجَّ الْقَوْمُ وأَعَجُّوا، وهَجُّوا وأَهَجُّوا، وخَجُّوا وأَخَجُّوا إِذا أَكثروا فِي فُنُونه الرُّكوبَ «2». وعَجَّجَته الرِّيح: ثَوَّرتْهُ. وأَعَجَّتِ الرِّيح، وعَجَّت: اشتدَّ هُبوبها وَسَاقَتِ الْعَجَّاجَ. والعَجَّاج: مُثِير الْعَجَاجِ. والتعجيجُ: إِثارة الغُبار. ابْنُ الأَعرابي: النُّكْبُ فِي الرِّيَاحِ أَربعٌ: فنَكباءُ الصَّبا والجَنُوب مِهْيافٌ مِلْواحٌ، ونكباءُ الصَّبا والشَّمال مِعْجاجٌ مِصْرادٌ لَا مَطَرَ فِيهِ وَلَا خيرَ، ونَكْباءُ الشَّمال والدَّبُور قَرَّةٌ، ونَكْباءُ الجَنُوب والدَّبور حارَّة؛ قَالَ: والمِعْجاجُ هِيَ الَّتِي تُثِير الغُبار. وَيَوْمٌ مِعَجٌّ وعَجَّاجٌ، ورياحٌ مَعاجِيجُ: ضِدُّ مَهَاوين «3». والعَجَاجُ: الدُّخَان؛ والعَجَاجَة أَخصُّ مِنْهُ. وعَجَّجَ البيتَ دُخَاناً فَتَعَجَّجَ: مَلأَهُ. والعَجَاجة: الْكَثِيرُ مِنَ الإِبل؛ قَالَ شَمِر: لَا أَعرفُ العَجاجة بِهَذَا الْمَعْنَى. وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: العَجْعاجُ مِنَ الْخَيْلِ النَّجِيب المُسِنُّ. والعُجَّة: دَقِيقٌ يُعجَن بسَمْن ثُمَّ يُشْوَى؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: العُجَّة ضرْب مِنَ الطَّعَامِ لَا أَدري مَا حدُّها. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: العُجَّة هَذَا الطَّعَامُ الَّذِي يُتخذ مِنَ الْبَيْضِ، أَظنُّه مولَّداً. قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: لَا أَعرف حَقِيقَةَ العُجَّة غَيْرَ أَن أَبا عَمْرٍو ذَكَرَ لِي أَنه دَقِيقٌ يُعْجَنُ بِسَمْنٍ؛ وَحَكَى ابْنُ خَالَوَيْهِ عَنِ بَعْضِهِمْ أَن العُجَّة كلُّ طَعَامٍ يُجمع مِثْلَ التَّمْرِ والأَقِطِ. وَجِئْتُهُمْ فَلَمْ أَجد إِلَّا العَجَاج والهَجَاج؛ العَجَاج: الأَحمق. والهَجَاج: مَن لَا خَيْرَ فِيهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يأْخذ اللَّهُ شَريطَتَه مِنْ أَهل الأَرض، فَيَبْقَى عَجَاجٌ لَا يَعْرِفُونَ مَعْرُوفًا وَلَا يُنْكِرون مُنْكَرًا
؛ قَالَ الأَزهري: أَظنه شُرْطَته أَي خِيَارَهُ، وَلَكِنَّهُ كَذَا رُوي شَريطَتَه. والعَجَاجُ مِنَ النَّاسِ: الغَوْغاءُ والأَراذِل ومَن لَا خَيْرَ فِيهِ، وَاحِدُهُمْ عَجاجة، وَهُوَ كَنَحْوِ الرَّجَاجِ والرَّعاعِ؛ قَالَ:
يَرضَى، إِذا رَضِي النِّساءُ، عَجَاجَةً، ... وإِذا تُعُمِّدَ عَمْدُهُ لَمْ يَغْضَب
والعَجَّاج بْنُ رؤْبة السَّعْدي: مِنْ سَعِدِ تَمِيمٍ، هَذَا الرَّاجِزُ؛ يُقَالُ: أَشعر النَّاسِ العَجَّاجان أَي رؤْبة وأَبوه «4»؛ قال
__________
(2).
قوله [في فنونه الركوب] هكذا في الأَصل، وعبارة القاموس في هذه المادة وعج القوم أكثروا في فنونهم الركوب.
(3).
قوله [ضد مهاوين] هكذا في الأَصل وشرح القاموس.
(4).
قوله [أي رؤبة وأبوه] في القاموس في مادة رأب رُؤْبَةُ بْنُ الْعَجَّاجِ بْنِ رؤبة انتهى. وبه يظهر هذا مع ما قبله.

(2/319)


ابْنُ دُرَيْدٍ: سُمِّيَ بِذَلِكَ لِقَوْلِهِ:
حَتَّى يَعجَّ ثَخَناً مَنْ عَجْعَجَا، ... ويُودِيَ المُودِي، ويَنْجُو مَنْ نَجا «1»
أَي اسْتَغَاثَ. قَالَ اللَّيْثُ: لَمَّا لَمْ يَسْتَقِمْ لَهُ أَن يَقُولَ فِي الْقَافِيَةِ عَجَّا، وَلَمْ يَصِحَّ عَجَجاً ضَاعَفَهُ، فَقَالَ: عَجْعَجا، وهُمْ فُعَلاءُ لِذَلِكَ. وَيُقَالُ لِلنَّاقَةِ إِذا زَجَرْتَهَا: عَاجِ، وَفِي الصِّحَاحِ: عاجِ، بِكَسْرِ الْجِيمِ، مُخَفَّفَةٌ. وَقَدْ عَجْعَجَ بِالنَّاقَةِ إِذا عَطَفها إِلى شَيْءٍ فَقَالَ: عَاجِ عَاجِ. والعَجْعَجة فِي قُضَاعَةَ: كالعَنْعَنة فِي تَمِيمٍ يُحَوِّلون الْيَاءَ جِيمًا مَعَ الْعَيْنِ، يَقُولُونَ: هَذَا راعِجَّ خَرَجَ مَعِجْ أَي راعِيّ خَرَجَ مَعِي؛ كَمَا قَالَ الرَّاجِزُ:
خَالِي لَقِيطٌ وأَبو عَلِجِّ، ... المُطْعِمَان اللَّحم بالعَشِجِ
وبالغَداةِ كِسَرَ البَرْنِجِّ، ... يُقْلَعُ بالوَدِّ وبالصِّيصِجِ
أَراد: عَليّ والعَشِيّ والبَرْنيّ والصِّيصِيّ. وَفُلَانٌ يَلُفُّ عَجَاجَته عَلَى بَني فُلَانٍ أَي يُغِير عَلَيْهِمْ؛ وَقَالَ الشَّنْفَرَى:
وإِني لأَهْوَى أَنْ أَلُفَّ عَجَاجَتي ... عَلَى ذِي كِساءٍ، مِنْ سُلامَان، أَو بُرْدِ
أَي أَكْتَسِحَ غنيَّهم ذَا البُرْدِ، وَفَقِيرَهُمْ ذَا الكساءِ. وطَرِيقٌ عاجٌّ زاجٌّ إِذا امتلأَ.
عدرج: ابْنُ سِيدَهْ: العَدَرَّجُ السَّرِيعُ الْخَفِيفُ. وعَدَرَّج: اسْمٌ.
عذج: عَذَجَه عَذْجاً: شَتمه؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وعَذْجٌ عاذِجٌ، بُولِغ بِهِ كَقَوْلِهِمْ جَهْدٌ جاهِد؛ قَالَ هِمْيَانُ بْنُ قُحَافَةَ:
تَلْقَى منَ الأَعْبُدِ عَذْجاً عاذِجا
أَي تلقَى هَذِهِ الإِبل مِنَ الأَعْبُدِ زجْراً كالشَّتم. وَرَجُلٌ مِعْذَجٌ: كَثِيرُ اللَّومِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
فَعاجَتْ، عَلَيْنَا مِنْ طِوَالٍ، سَرَعْرَعٌ، ... عَلَى خَوْفِ زَوْجٍ، سَيِءِ الظَّنِّ مِعْذَجِ
والعَذْجُ: الشُّرب. عَذَج الماءَ يَعْذِجُه عَذْجاً: جَرَعَه، وَلَيْسَ بثبَت، وَالْغَيْنُ أَعلى. وعَذَج يَعْذِجُ عَذْجاً: شَرِب.
عذلج: المُعَذْلَج: الناعِم عَذْلَجَتْهُ النِّعمة، وامرأَة مُعَذْلَجَة: حَسنة الخلْق ضَخْمَةُ القَصَب. وَغُلَامٌ عُذْلُوجٌ: حَسَن الْغِذَاءِ. وعيشٌ عِذْلاج: ناعِم. وعَذْلَجَ السِّقاءَ: مَلأَه؛ قَالَ أَبو ذؤَيب يَصِفُ صيَّاداً:
لَهُ منْ كَسْبِهِنَّ مُعَذْلَجاتٌ، ... قَعائِدُ قَدْ مُلِئْنَ مِنَ الوَشِيقِ
والمُعَذْلَجُ: الْمُمْتَلِئُ. وعَذْلَجْتُ الوَلَدَ وغيرَه، فَهُوَ مُعَذْلَجٌ إِذا كَانَ حسَن الغِذاء.
عرج: العَرَجُ والعُرْجة: الظَّلَعُ. والعُرْجة أَيضاً: مَوْضِعُ العَرَج مِنَ الرِّجْل. والعَرَجان، بِالتَّحْرِيكِ: مِشْية الأَعرج. وَرَجُلٌ أَعرج مِنْ قَوْمٍ عُرْج وعُرجان، وَقَدْ عَرَج يَعْرُج، وعَرُج وعَرِج عَرَجاناً: مَشَى مِشْية
__________
(1).
قوله [ثخناً] كذا في الأَصل والصحاح وشرح القاموس، ولعلها شجناً.

(2/320)


الأَعرج بعَرَضٍ فَغَمَزَ مِنْ شيءٍ أَصابه، وعَرَج، لَا غَيْرُ: صَارَ أَعْرَجَ. وأَعرج الرجلَ: جَعَلَهُ أَعْرَجَ؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
فبِتُّ كأَني مُتَّقٍ رأْسَ حَيَّةٍ ... لِحَاجَتِهَا، إِنْ تُخْطِئِ النَّفْسَ تُعْرِجِ
وأَعرجه اللَّهُ، وَمَا أَشدَّ عَرَجَهُ وَلَا تَقُلْ: مَا أَعْرَجَه، لأَن مَا كَانَ لَوْناً أَو خِلقة فِي الْجَسَدِ، لَا يُقَالُ مِنْهُ: مَا أَفعله، إِلّا مَعَ أَشدَّ. وأَمرٌ عَرِيج إِذا لَمْ يُبرَم. وعرَّج البناءَ تَعْريجاً أَي ميَّله فَتَعَرَّجَ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
أَلم تَرَ أَن الغَزْوَ يُعْرِج أَهلَه ... مِراراً، وأَحْياناً يُفِيدُ ويُورِقُ؟
لَمْ يُفَسِّرْهُ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ كأَنه كِنَايَةٌ عَنِ الخَيْبَة. وتعارَج: حَكَى مِشْيَة الأَعرج. والعَرْجاءُ: الضَّبُع، خِلْقَةٌ فِيهَا، وَالْجَمْعُ عُرْجٌ، وَالْعَرَبُ تَجْعَلُ عُرْجَ مَعْرِفَةً لَا تَنْصَرِفُ، تَجْعَلُها بِمَعْنَى الضِّبَاعِ بِمَنْزِلَةِ قَبِيلَةٍ، وَلَا يُقَالُ لِلذَّكَرِ أَعْرَج، وَيُقَالُ لَهَا عُرَاجُ مَعْرِفَةً لعَرَجِها؛ وَقَوْلُ أَبي مكعَّب الأَسدي:
أَفكان أَوَّلَ مَا أَثبْت تَهارَشَتْ ... أَبناءُ عُرْجَ، عَلَيْكَ عِنْدَ وِجارِ
يَعْنِي أَبناء الضِّبَاعِ، وَتَرَكَ صَرْفَ عُرْجَ لأَنه جَعَلَهُ اسْمًا لِلْقَبِيلَةِ؛ وأَما ابْنُ الأَعرابي فَقَالَ: لَمْ يُجْرِ عُرْج، وَهُوَ جَمْعٌ، لأَنه أَراد التَّوْحِيدَ والعُرْجة، فكأَنه قصَد إِلى اسْمٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ، إِذا كَانَ اسماً غير مسمًّى، نَكِرَةٌ. والعَرَجُ فِي الإِبل: كالحَقَب، وَهُوَ أَن لَا يَسْتَقِيمَ مَخْرَجُ بَوْلِهِ، فَيُقَالُ: حَقِب الْبَعِيرُ حَقَباً، وعَرج عَرَجاً، فَهُوَ عَرِجٌ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلّا للجمَل إِذا شدَّ عَلَيْهِ الحَقَب؛ يُقَالُ: أَخْلِفْ عَنْهُ لئلَّا يَحْقَب. وانْعَرَج الشيءُ: مَالَ يَمْنَة ويَسْرة. وانعَرَج: انعطَف. وعَرَّج النهرَ: أَماله. والعَرَج: النَّهر «1» وَالْوَادِي لِانْعِرَاجِهِمَا. وعَرَّج عَلَيْهِ: عَطَفَ. وعَرَّج بِالْمَكَانِ إِذا أَقام. والتعريجُ عَلَى الشيءِ: الإِقامة عَلَيْهِ. وعَرَّج النَّاقَةَ: حَبَسَهَا. وَمَا لِي عِنْدَكَ عِرْجَة وَلَا عَرْجَة ولا عَرَجة ولا عُرْجة وَلَا تَعْريج وَلَا تَعَرُّج أَي مُقام؛ وَقِيلَ: مجلِس. وَفِي تَرْجَمَةِ عرض: تَعَرَّض يَا فُلَانُ وتَهَجَّس وتَعَرَّج أَي أَقم. والتَّعريجُ: أَن تَحْبِسَ مطيَّتك مُقِيماً عَلَى رُفْقتك أَو لِحَاجَةٍ؛ يُقَالُ: عَرَّج فُلَانٌ عَلَى الْمَنْزِلِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَلَمْ أُعَرِّج عَلَيْهِ
أَي لَمْ أُقِمْ وَلِمَ أَحتبس. وَيُقَالُ لِلطَّرِيقِ إِذا مَالَ: قَدِ انْعَرَجَ. وانعرَج الوادِي وانعرَج الْقَوْمُ عن الطَّرِيقِ: مَالُوا عَنْهُ. وَعَرَجَ فِي الدَّرَجَة والسُّلَّم يعرُج عُرُوجاً أَي ارْتَقَى. وعَرَج فِي الشيءِ وَعَلَيْهِ يَعْرِج ويَعْرُج عُرُوجاً أَيضاً: رَقيَ. وعَرَج الشيءُ، فَهُوَ عَريج: ارْتَفَعَ وعَلا؛ قَالَ أَبو ذؤَيب:
كَمَا نَوَّر المِصْباحُ للعُجْمِ أَمْرَهُمْ، ... بُعَيْدَ رُقادِ النَّائِمِينَ، عَريجُ
وَفِي التَّنْزِيلِ: تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ
؛ أَي تَصْعَدُ؛ يُقَالُ: عَرَج يَعْرُج عُرُوجاً؛ وَفِيهِ: مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعارِجِ
؛ المَعارِج: المَصاعِد والدَّرَج. قَالَ قَتَادَةُ: ذِي المَعارج ذِي الْفَوَاضِلِ والنِّعَم؛
__________
(1).
قوله [والعرج النهر] هو في الأَصل بفتح العين والراء.

(2/321)


وَقِيلَ: مَعارج الْمَلَائِكَةِ وَهِيَ مَصاعِدها الَّتِي تَصْعَد فِيهَا وتعرُج فِيهَا؛ وَقَالَ الفراءُ: ذِي المَعارِج مِنْ نَعْتِ اللَّهِ لأَن الْمَلَائِكَةَ تعرُج إِلى اللَّهِ، فَوَصَفَ نَفْسَهُ بِذَلِكَ. والقرَّاءُ كُلُّهُمْ عَلَى التَّاءِ فِي قَوْلِهِ: تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ
، إِلَّا مَا ذُكِرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، وَكَذَلِكَ قرأَ الْكِسَائِيُّ. والمَعْرَج: المَصْعَد. والمَعْرَج: الطَّرِيقُ الَّذِي تصعَد فِيهِ الْمَلَائِكَةُ. والمِعْراج: شِبْهُ سُلَّم أَو دَرَجة تعْرُج عَلَيْهِ الأَرواح إِذا قُبِضت، يُقَالُ: لَيْسَ شيءٌ أَحسن مِنْهُ إِذا رَآهُ الرُّوح لَمْ يَتَمَالَكْ أَن يخرُج، قَالَ: وَلَوْ جُمِع عَلَى المَعاريج لَكَانَ صَوَابًا، فأَما المَعارِج فجمع المِعْرَج؛ فال الأَزهري: وَيَجُوزُ أَن يُجْمَعَ المِعْرَاج مَعارِجَ. والمِعْراج: السُّلَّم؛ وَمِنْهُ لَيْلَةُ المِعْراج، وَالْجَمْعُ مَعارج ومَعارِيج، مِثْلُ مَفاتِح ومَفاتيح؛ قَالَ الأَخفش: إِن شئتَ جَعَلْتَ الْوَاحِدَ مِعْرجاً ومَعْرجاً مِثْلَ مِرْقاة ومَرْقاة. والمَعارِج: المَصاعد؛ وَقِيلَ: المِعْرَاج حَيْثُ تصعَد أَعمال بَنِي آدَمَ. وعُرِج بالرُّوح وَالْعَمَلِ: صُعِد بِهِمَا؛ فأَما قَوْلُ الْحُسَيْنِ بْنِ مَطِيرٍ:
زارَتْكَ سُهْمَةُ، والظَّلْماءُ ضاحيَةٌ، ... والعينُ هاجعَةٌ، والرُّوحُ مَعْرُوجُ «1»
فإِنما أَراد معْرُوج بِهِ، فَحَذَفَ. والعَرْج والعِرْج مِنَ الإِبل: مَا بَيْنَ الْسَبْعِينَ إِلى الْثَمَانِينَ؛ وَقِيلَ: هُوَ مَا بَيْنَ الْثَمَانِينَ إِلى الْتِسْعِينَ؛ وَقِيلَ: مِائَةٌ وَخَمْسُونَ وَفُوَيْقَ ذَلِكَ؛ وَقِيلَ: مِنْ خَمْسِمِائَةٍ إِلى أَلف؛ قَالَ ابْنُ قَيْسِ الرُّقَيَّاتِ:
أَنزَلُوا مِنْ حُصُونِهِنَّ بَنات التَرْكِ، ... يأْتون بَعْدَ عَرْجٍ بعَرْجِ
وَالْجَمْعُ أَعْرَاج وعُرُوج؛ قَالَ:
يومَ تُبدِي البيضُ عَنْ أَسْوُقِها، ... وتَلُفُّ الخيلُ أَعْراجَ النَّغَمْ
وَقَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جؤَية:
واسْتَدْبَرُوهُمْ يُكْفِئون عُرُوجَهُمْ، ... مَوْرَ الجَهامِ إِذا زَفَتْه الأَزْيَبُ
أَبو زَيْدٍ: العَرْج الْكَثِيرُ مِنَ الإِبل. أَبو حَاتِمٍ: إِذا جَاوَزَتِ الإِبل الْمِائَتَيْنِ وَقَارَبَتِ الأَلف، فَهِيَ عَرْج وعُرُوج وأَعْراج. وأَعرَجَ الرَّجُلُ إِذا كَانَ لَهُ عَرْج مِنَ الإِبل؛ وَيُقَالُ قَدْ أَعْرَجْتُك أَي وَهَبْتُكَ عَرْجاً مِنَ الإِبل. والعَرَجُ: غَيْبُوبَةُ الشَّمْسِ، وَيُقَالُ: انعراجُها نَحْوَ الْمَغْرِبِ؛ وأَنشد أَبو عَمْرٍو:
حَتَّى إِذا مَا الشَّمْسُ هَمَّتْ بِعَرَجْ
والعُرْج: ثَلَاثُ لَيَالٍ مِنْ أَول الشَّهْرِ؛ حُكِيَ ذَلِكَ عَنْ ثَعْلَبٍ. والأُعَيْرِج: حيَّة أَصَمُّ خَبِيثٌ، والجمع الأُعَيْرِجات؛ والأُعَيْرج أَخبث الحيَّات يَثِبُ حَتَّى يَصِيرَ مَعَ الْفَارِسِ فِي سَرْجه؛ قَالَ أَبو خَيْرَةَ: هِيَ حيَّة صمَّاء لَا تَقْبَلُ الرُّقْيَة وتَطْفِر كَمَا تَطْفِرُ الأَفعى، وَالْجَمْعُ الأُعَيْرِجات؛ وَقِيلَ: هِيَ حيَّة عَريض لَهُ قَائِمَةٌ وَاحِدَةٌ عَرِيض مِثْلُ النَّبْثِ وَالرَّابِ نَبَثَهُ مِنْ رُكْنِهِ أَو مَا كَانَ، فَهُوَ نَبْث «2»، وَهُوَ نَحْوُ الأَصَلَةِ. وَالْعَارِجُ: الْعَائِبُ. والعُرَيْجاء: أَن تَرِدَ الإِبل يَوْمًا نِصْفَ النَّهَارِ ويوماً
__________
(1).
قول [سهمة] لم تتضح صورة هذه الكلمة في الأَصل، وإِنما فهمناها بالقوة.
(2).
قوله [مثل النبث إلى قوله فهو نبث] هكذا في الأَصل المنقول من نسخة المؤلف ولم نهتد إلى إصلاح ما فيها من التحريف.

(2/322)


غُدْوَة؛ وَقِيلَ: هُوَ أَن ترِد غُدوة ثُمَّ تَصدُر عَنِ الْمَاءِ فَتَكُونُ سَائِرَ يَوْمِهَا فِي الكلإِ وليلَتَها ويومَها مِنْ غَدِها، فترِدُ لَيْلًا الْمَاءَ، ثُمَّ تَصْدُرُ عَنِ الْمَاءِ فَتَكُونُ بَقِيَّةَ لَيْلَتِهَا فِي الكلإِ ويومَها مِنَ الْغَدِ وليلَتها، ثُمَّ تُصْبِحُ الماءَ غُدْوَة، وَهِيَ مِنْ صِفَاتِ الرِّفْهِ. وَفِي صِفَاتِ الرِّفْهِ: الظاهِرةُ والضَّاحِيةُ والأَبيَّة والعُرَيْجَاءُ. وَيُقَالُ: إِن فُلَانًا ليأْكل العُرَيْجاء إِذا أَكل كُلَّ يَوْمٍ مَرَّة وَاحِدَةً. والعُرَيْجاء: مَوْضِعٌ «1». وَبَنُو الأَعْرَج: قَبِيلَةٌ، وَكَذَلِكَ بَنُو عُرَيْج. والعَرْج، بِفَتْحِ الْعَيْنِ وإِسكان الرَّاءِ: قَرْيَةٌ جَامِعَةٌ مِنْ عَمَلِ الفُرْع؛ وَقِيلَ: هُوَ مَوْضِعٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ؛ وَقِيلَ: هُوَ عَلَى أَربعة أَميال مِنْ الْمَدِينَةِ يُنْسَبُ إِليه العَرْجِيّ الشَّاعِرُ «2». والعَرْجِيُّ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمرو بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ. والعَرَنْجَجُ: اسْمُ؛ حِمْيَرِ بْنِ سَبَأ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ عَرَج أَو كُسِرَ أَو حُبِسَ فليَجْزِ مثلَها وَهُوَ حِلٌ
أَي فَلْيَقْضِ، يَعْنِي الحجَّ؛ الْمَعْنَى: مَنْ أَحْصَرَه مَرَض أَو عَدُوٌّ فَعَلَيْهِ أَن يَبْعَثَ بِهَدْيٍ ويواعدَ الْحَامِلَ يَوْمًا بِعَيْنِهِ يذبَحُها فِيهِ، فإِذا ذُبِحَتْ تَحَلَّلَ، فَالضَّمِيرُ فِي مِثْلِهَا للنَّسِيكَة.
عربج: الأَزهري: العُرْبُجُ والثَّمْثَمُ كَلْبُ الصَّيْدِ.
عرفج: العَرْفَج والعِرْفج: نَبْتٌ، وَقِيلَ: هُوَ ضَرْبٌ مِنَ النَّبَاتِ سُهْلِيٌّ سَرِيعُ الِانْقِيَادِ، وَاحِدَتُهُ عَرْفَجَة، وَمِنْهُ سُمِّيَ الرَّجُلُ؛ وَقِيلَ: هُوَ مِنْ شَجَرِ الصَّيْفِ وَهُوَ لَيِّن أَغبرُ لَهُ ثَمَرَةٌ خَشناء كالحَسَك؛ وَقَالَ أَبو زِيَادٍ: العَرْفَجُ طَيِّب الرِّيح أَغبرُ إِلى الْخُضْرَةِ، وَلَهُ زَهْرة صَفْرَاءُ وَلَيْسَ لَهُ حَبٌّ وَلَا شَوْك؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: وأَخبرني بَعْضُ الأَعراب أَن العَرْفَجة أَصلها وَاسِعٌ، يأْخذ قِطْعَةً مِنَ الأَرض تَنْبت لَهَا قُضْبان كَثِيرَةٌ بِقَدْرِ الأَصل، وَلَيْسَ لَهَا ورَق لَهُ بَالٍ، إِنما هِيَ عِيدَانٌ دِقاق، وَفِي أَطرافها زُمَعٌ يَظْهَرُ فِي رُؤُوسِهَا شَيْءٌ كالشعَر أَصفر؛ قَالَ: وَعَنِ الأَعراب القُدُم العَرْفَجُ مِثْلَ قِعْدة الإِنسان يبيضُّ إِذا يَبِس، وَلَهُ ثَمَرَةٌ صَفْرَاءُ، والإِبلُ وَالْغَنَمُ تأْكله رَطْباً وَيَابِسًا، ولَهَبُه شَدِيدُ الْحُمْرَةِ ويبالَغ بِحُمْرَتِهِ، فَيُقَالُ: كأَن لِحيته ضِرام عَرْفَجة؛ وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: خَرَجَ كأَن لِحيته ضِرام عَرْفَج
، فُسِّر بأَنه شَجَرٌ مَعْرُوفٌ صَغِيرٌ سَرِيعُ الِاشْتِعَالِ بِالنَّارِ، وَهُوَ مِنْ نَبات الصَّيْفِ. وَمِنْ أَمثالهم: كَمَنِّ الغيثِ عَلَى العَرْفَجة أَي أَصابها وَهِيَ يَابِسَةٌ فَاخْضَرَّتْ؛ قَالَ أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ ذَلِكَ لِمَنْ أَحسنتَ إِليه، فَقَالَ لَكَ: أَتمنُّ عليَّ؟ الأَزهري: العَرْفَج مِنَ الجَنْبَةِ وَلَهُ خوصَة؛ وَيُقَالُ: رَعَيْنا رِقَة العَرْفَج وَهُوَ ورقُه فِي الشِّتَاءِ. قَالَ أَبو عَمْرٍو: إِذا مُطِر العَرْفَج ولانَ عُوده، قِيلَ: قَدْ ثَقَب عُوده، فإِذا اسودَّ شَيْئًا، قِيلَ: قَدْ قَمِلَ، فإِذا ازْدَادَ قَلِيلًا، قِيلَ: قدِ ارْقاطَّ، فإِذا ازْدَادَ شَيْئًا، قِيلَ: قَدْ أَدْبَى، فإِذا تَمَّت خُوصته، قِيلَ: قَدْ أَخْوَصَ. قَالَ الأَزهري: ونارُ العَرْفَج تسَمّيها الْعَرَبُ نَارَ الزَّحْفَتَيْن، لأَن الَّذِي يُوقدها يزحَف إِليها، فإِذا اتَّقَدَت زحَف عنها.
عزج: العَزْج: الدَّفْعُ، وَقَدْ يكنَى بِهِ عَنِ النِّكَاحِ. وَيُقَالُ: عَزَج الأَرض بالمِسحاة إِذا قَلَبها، كأَنه عَاقَبَ بين عَزَقَ وعَزَجَ.
__________
(1).
قوله [والعريجاء موضع] هكذا في الأَصل بالتعريف وعبارة ياقوت: عريجاء تصغير العرجاء، موضع معروف، لَا يَدْخُلُهُ الْأَلِفُ وَاللَّامُ انتهى. وعبارة القاموس وشرحه وعريجاء، بلا لام: موضع.
(2).
قوله [يُنْسَبُ إِليه الْعَرْجِيُّ الشَّاعِرُ إلخ] عبارة ياقوت في معجم البلدان إِليها ينسب العرجي الشاعر وَهُوَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عمرو بن عثمان إلخ. وعبارة القاموس وشرحه: منه عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ العرجي الشاعر. وفي بعض النسخ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنُ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ.

(2/323)


عسج: عَسَج يَعْسِجُ عَسْجاً وعَسَجاناً وعَسِيجاً: مَدَّ عُنُقه فِي المَشيِ، وَهُوَ العسِيج؛ قَالَ جَرِيرٌ:
عَسَجْنَ بأَعناق الظِّباء وأَعْيُن الجآذرِ، ... وارتَجَّتْ لَهُنَّ الرَّوَادِفُ
وعَسِجَ الدابَّةُ يَعْسَجُ عَسَجاناً: ظَلَعَ. والعَوْسَجُ، شَجَرٌ مِنْ شَجَرِ الشَّوْك، وَلَهُ ثَمَرٌ أَحمر مُدَوَّرٌ كأَنه خَرَزُ الْعَقِيقِ؛ قَالَ الأَزهري: هُوَ شَجَرٌ كَثِيرُ الشَّوْكِ، وَهُوَ ضُرُوب: مِنْهُ مَا يُثْمِرُ ثَمَرًا أَحمر يُقَالُ لَهُ المُقَنّع، فِيهِ حُموضة؛ وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والعَوْسَجُ المَحْضُ يقصُر أُنْبُوبه، ويصغُر وَرِقَهُ، ويصلُب عُوده، وَلَا يَعْظُمُ شَجَرُهُ، فَذَلِكَ قَلْبُ العَوْسَج وَهُوَ أَعتقُه؛ قَالَ: وَهَذَا قَوْلُ أَبي حَنِيفَةَ؛ وَقِيلَ: العَوْسَج شَجَرٌ شاكٍ نَجْدِيٌّ، لَهُ جَناة حَمْرَاءُ؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
مُنَعَّمَة لَمْ تَدْرِ مَا عَيْشُ شِقْوَةٍ، ... وَلَمْ تَغْتَزِلْ يَوْماً عَلَى عُود عَوْسَج
وَاحِدَتُهُ عَوْسَجَة، وَمِنْهُ سُمِّي الرَّجُلُ؛ قَالَ أَعرابي، وأَراد الأَسدُ أَن يأْكله فلاذَ بعَوْسَجَة:
يَعْسِجُني بالخَوْتَلَهْ، ... يُبْصِرُني لَا أَحْسَبُه
أَراد يَخْتِلُني بالعَوْسَجَة، يحسَبني لَا أُبصره؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
يَا رُبَّ بَكْرٍ بالرُّدافى وَاسجِ، ... اضْطَرَّه اللَّيْلُ إِلى عَواسِجِ، عَواسجٍ
كالعُجُزِ النَّواسِجِ
وإِنما حَمَلْنا هَذَا عَلَى أَنه جَمْع عَوْسَجَة، لأَن جَمْعَ الْجَمْعِ قَلِيلٌ البتَّة إِذا أَضَفْتَه إِلى جَمْع الْوَاحِدِ، وَقَدِ الْتَزَمَ هَذَا الرَّاجِزُ فِي هَذِهِ الشُّطُورِ مَا لَا يَلْزَمُهُ، وَهُوَ اعْتِزَامُهُ عَلَى أَن يَجْعَلَ السِّينَ دَخِيلًا فِي الأَبيات الثَّلَاثَةِ. والعَسَجُ: ضرْب مِنْ سَيْرِ الإِبل؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ نَاقَتَهُ:
والعِيسُ مِنْ عاسِجٍ أَو واسِجٍ خَبَبا، ... يُنْحَزْنَ مِن جانِبَيْها، وَهِيَ تَنْسلِبُ
يَقُولُ: الإِبل مُسرِعات يُضْرَبْنَ بالأَرجُل فِي سيرهنَّ وَلَا يَلحقن نَاقَتِي؛ وَبَعِيرٌ مِعْساج. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: فِي بِلَادِ بَاهِلَةَ مَعْدِن مِنْ مَعَادِنِ الفضَّة يُقَالُ لَهُ عَوْسَجَة؛ وعَوْسَجَة: مِنْ أَسماء الْعَرَبِ. والعَوَاسِجُ: قَبِيلَةٌ مَعْرُوفَةٌ. وذُو عَوْسَج: مَوْضِعٌ؛ قَالَ أَبو الرُّبَيْسِ التَّغْلَبِي:
أُحِبُّ تُراب الأَرض إِن تَنْزِلي بِهِ، ... وَذَا عَوْسَج، والجِزْعَ جِزْعَ الخَلائِقِ
عسلج: العُسْلُج: الْغُصْنُ النَّاعِم. ابْنُ سِيدَهْ: العُسْلُج والعُسْلُوج والعِسْلاج: الْغُصْنُ لِسَنَتِه، وَقِيلَ: هُوَ كُلُّ قَضيب حَدِيثٍ؛ قَالَ طَرَفَةُ:
كَبنات المَخْرِ يَمْأَدْنَ، إِذا ... أَنبتَ الصَّيْفُ عَسالِيجَ الخُضَرْ
وَيُرْوَى الخَضِرْ. والعَساليج: هَنَوات تَنْبَسِط عَلَى وَجْهِ الأَرض كأَنها عُرُوقٌ وَهِيَ خضرٌ، وَقِيلَ: هُوَ نَبْتٌ عَلَى شَاطِئِ الأَنهار يَنْثَنِي ويَميل مِنَ النَّعْمة، وَالْوَاحِدُ كَالْوَاحِدِ؛ قَالَ:
تأَوَّدُ، إِنْ قامَتْ لِشَيْءٍ تُرِيدُه، ... تأَوُّدَ عُسْلُوجٍ عَلَى شَطِّ جَعْفَرِ
وعَسْلَجتِ الشَّجَرَةُ: أَخرجت عَساليجَها. وجاريةٌ عُسْلُوجة النَّبات والقَوام. وشبابٌ عُسْلُج: تَامٌّ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
وبَطْنَ أَيْمٍ وقَواماً عُسْلُجا

(2/324)


وَقِيلَ: إِنما أَراد عُسْلُوجاً، فَحَذَفَ. والعُسْلُج والعُسْلوج: مَا لَانَ واخضرَّ مِنْ قُضْبان الشَّجَرِ والكَرْم أَول مَا ينبُت؛ وَيُقَالُ: العَساليج عُرُوقُ الشَّجَرِ، وَهِيَ نُجومُها الَّتِي تَنْجُمُ مِنْ سَنَتها؛ قَالَ: والعَساليج عِنْدَ العامَّة القُضبان الحَديثة. وَفِي حَدِيثِ
طَهْفَةَ: وَمَاتَ العُسْلوج
؛ هُوَ الْغُصْنُ إِذا يَبِس وذهبتْ طَرَاوَته؛ وَقِيلَ: هُوَ القَضيب الحَديث الطُّلوع؛ يُريد أَنّ الأَغصان يَبِست وهَلَكَتْ مِنَ الجدْب؛ وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: تَعْلِيقُ اللُّؤْلُؤِ الرطْب فِي عَساليجها
أَي في أَغصانها.
عسنج: العَسَنَّج: الظَّليم.
عشنج: العَشَنَّج، بِشَدِّ النُّونِ: المُتَقَبِّض الوجه السيِءُ المنظر من الرجال.
عصج: ابْنُ سِيدَهْ: رَجُلٌ أَعصَج أَصْلَع: لُغَةٌ شَنْعَاءُ لِقَوْمٍ مِنْ أَطراف الْيَمَنِ لا يؤخذ بها.
عضنج: عبدٌ عَضْنَج: ضَخْمٌ ذُو مَشافِر؛ عَنِ الْهِجْرِيِّ، هَكَذَا حَكاه ذُو مَشافِر؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أُرى ذلك لعِظَم شَفَتيه.
عفج: العَفْج والعَفَج والعِفْج والعَفِج كالكِبْد والكَبِد: المِعَى، وَقِيلَ: مَا سَفَلَ مِنْهُ، وَقِيلَ: هُوَ مَكَانُ الكَرِشِ لِمَا لَا كَرِش لَهُ، وَالْجَمْعُ أَعْفاج وعِفَجة، وعَفِجَ عَفَجاً؛ فَهُوَ عَفِجٌ: سَمِنَتْ أَعْفاجُه؛ قَالَ:
يَا أَيُّها العَفِجُ السَّمين، وقومُه ... هَزْلى، تَجُرُّهُمُ بَنات جَعارِ
والأَعْفاج للإِنسان، والمصارِين لِذَوَاتِ الْخُفِّ والظِّلفِ وَالطَّيْرِ؛ وَقَالَ اللَّيْثُ: العَفْجُ مِنْ أَمعاء الْبَطْنِ لِكُلِّ مَا لَا يَجْتَرُّ كالمَمْرَغة لِلشَّاءِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
مَباسِيمُ عَنْ غِبّ الخَزير، كأَنما ... يُنَقْنِقُ، فِي أَعْفاجِهِنَّ، الضَّفادِعُ
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الأَعْفاج مِنَ النَّاسِ وَمِنْ ذَوَاتِ الحافِر وَالسِّبَاعِ، كُلُّهَا: مَا يَصِيرُ الطَّعَامُ إِليه بَعْدَ المَعِدة، وَهُوَ مِثْلُ المَصارين لِذَوَاتِ الخُفِّ والظِّلْفِ الَّتِي تُؤَدِّي إِليها الكَرِش مَا دَبَغَتْه. وعَفَجَ جَارِيَتَهُ: نَكَحَهَا. والعَفْجُ: أَن يَفْعَلَ الرجلُ بِالْغُلَامِ فِعْلَ قَوْمِ لُوطٍ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَرُبَّمَا يُكَنَّى بِهِ عَنِ الْجِمَاعِ. وعَفَجَه بِالْعَصَا يَعْفِجه عَفْجاً: ضَرَبَهُ بِهَا فِي ظَهْرِهِ ورأْسه؛ وَقِيلَ: هُوَ الضرْب بِالْيَدِ؛ قَالَ:
وَهَبْتُ لقَومِي عَفْجَة فِي عَباءَة، ... وَمَنْ يَغْشَ بالظُّلم العَشيرةَ يُعْفَجِ
والمِعْفَجة: الْعَصَا. والمِعْفاج: مَا يُضرب بِهِ. والمِعْفاج: الْخَشَبَةُ الَّتِي تُغسَل بِهَا الثِّيَابُ. وتَعَفَّج البعيرُ فِي مِشيتِه أَي تعوَّج. والمِعْفَج: الأَحمق الَّذِي لَا يَضْبطُ العملَ والكلامَ وَقَدْ يُعالج شَيْئًا يَعِيشُ بِهِ عَلَى ذَلِكَ. يُقَالُ: إِنه لَيَعْفَجُونٌ وتَعْثَمُونٌ فِي النَّاسِ. والعَفِجَة: أَنهاء إِلى جَانِبِ الْحِيَاضِ، فإِذا قَلَصَ ماءُ الْحِيَاضِ اغْتَرَفُوا مِنْ مَاءِ العَفِجَة وَشَرِبُوا مِنْهَا. والعَفَنْجَجُ: الأَخرَقُ الْجَافِي الَّذِي لَا يَتَّجِه لعمَل، وَقِيلَ: الأَحمق فَقَطْ، وَقِيلَ: هُوَ الضَّخْم الأَحمق؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
أَكْوي ذَوي الأَضغانِ كَيّاً مُنْضِجا ... مِنْهُمْ، وَذَا الخِنَّابَةِ العَفَنْجَجا
والعَفَنْجَجُ أَيضاً: الضخمُ اللَّهازم والوَجَنات والأَلواح، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ أَكوكٌ فَسْلٌ عَظِيمُ الجُثَّة ضَعِيفُ الْعَقْلِ، وَقِيلَ: هُوَ الْغَلِيظُ مَعَ مَا تَقَدَّمَ فِيهِ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: عَفَنْجَج مُلْحَقٌ بِجَحَنْفَل، وَلَمْ يَكُونُوا لِيغيِّرُوه عَنْ بِنَائِهِ كَمَا لَمْ يَكُونُوا ليغيِّرُوا عَفْجَجاً

(2/325)


عَنْ بِنَاءِ جَحْفَل؛ أَراد بِذَلِكَ أَنهم يَحْفَظُونَ نِظام الإِلحاق عَنْ تَغْيِيرِ الإِدغام؛ قَالَ الأَزهري: هُوَ بِوَزْنِ فَعَنْلَل، قَالَ: وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ عَفَنَّج. والعَفَنْجَجُ: الأَحمق. ابْنُ الأَعرابي: العَفَنْجَجُ: الْجَافِي الخَلْق؛ وأَنشد:
وإِذْ لَمْ أُعَطِّلْ قَوْسَ وِدِّي، وَلَمْ أَضعْ ... سِهامَ الصِّبا للْمُسْتَمِيتِ العَفَنْجَج
قَالَ: المسْتَميت الَّذِي قَدِ اسْتَمات فِي طَلَبِ اللَّهو وَالنِّسَاءِ، وَقَالَ فِي مَكَانٍ آخَرَ: العَفَنْجيجُ الْجَافِي الْخُلُقِ، بإِثبات الْيَاءِ. واعْفَنْجَجَ الرَّجُلُ: خَرُق، عَنِ السِّيرَافِيِّ. وَنَاقَةٌ عَفَنْجَجٌ عَنْفَجيج: ضَخْمَةُ مسنَّة؛ قَالَ تَمِيمُ بْنُ مُقْبِلٍ:
وعَنْفَجيج، يَمُدُّ الحَرُّ جِرَّتَها، ... حَرْف طَلِيح، كرُكْنٍ خَرَّ من حَضَنِ
عفشج: العَفْشَجُ: الثَّقِيلُ الوَخِم؛ وَرَجُلٌ عَفْشَجٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: زَعَمَ الْخَلِيلُ أَنه مصنوع.
عفضج: العَفْضَج والعِفْضَاج والعُفاضِج، كُلُّهُ: الضَّخْمُ السَّمين الرِّخْوُ المُنفتِق اللَّحْمِ، والأُنثى عِفْضاج، وَالِاسْمُ العَفْضَجَة والعَفْضَج، بِالْهَاءِ وغيرِ الْهَاءِ، الأَخيرة عَنْ كُرَاعٍ. وبطنٌ عِفْضاج؛ وعَفْضَجَتُه: عِظَم بَطْنِهِ وكثرةُ لحمِه. والعِفْضاج مِنَ النِّسَاءِ: الضَّخمة الْبَطْنِ الْمُسْتَرْخِيَةُ اللَّحْمِ. والعربُ تَقُولُ: إِن فُلَانًا لَمَعْصُوب مَا عُفْضِج وَمَا حُفْضِج إِذا كَانَ شَدِيدَ الأَسْرِ، غَيْرَ رِخْوٍ وَلَا مُفاض البطن.
عفنج: العَفَنَّج: الثَّقِيلُ مِنَ النَّاسِ؛ وَقِيلَ: هُوَ الضَّخْمُ الرِّخو مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وأَكثر مَا يُوصَفُ بِهِ الضِّبْعان؛ الأَزهري: العَفَنْجَجُ الضَّخْمُ الأَحمق. والعَنْفَجيج مِنَ الإِبل: الْحَدِيدَةُ المُنْكَرَة، وَقَدْ تَقَدَّمَ.
علج: العِلْج: الرَّجُلُ الشَّدِيدُ الْغَلِيظُ؛ وَقِيلَ: هُوَ كلُّ ذِي لِحْية، وَالْجَمْعُ أَعْلاج وعُلُوج؛ ومَعْلُوجَى، مَقْصُورٌ، ومَعْلُوجاء، مَمْدُودٌ: اسْمٌ لِلْجَمْعِ يَجري مَجْرَى الصِّفَةِ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ. واسْتَعْلَج الرَّجُلُ: خَرَجَتْ لِحْيَتُهُ وغَلُظ واشتدَّ وعَبُل بَدَنُهُ. وإِذا خَرَجَ وجهُ الْغُلَامِ، قِيلَ: قَدِ اسْتَعْلَج. واسْتَعْلَج جِلْدُ فُلَانٍ أَي غلُظ. والعِلْج: الرَّجُلُ مِنْ كفَّار الْعَجَمِ، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ، والأُنثى عِلْجة، وَزَادَ الْجَوْهَرِيُّ فِي جَمْعِهِ عِلَجة. والعِلْج: الْكَافِرُ؛ وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ الْقَوِيِّ الضَّخْمِ مِنَ الْكُفَّارِ: عِلْج. وَفِي الْحَدِيثِ «3»:
فَأْتِني بأَربعة أَعْلاج مِنَ الْعَدُوِّ
؛ يُرِيدُ بالعلْج الرجل من كفار العجم وَغَيْرِهِمْ. وَفِي حَدِيثِ قَتْل عُمَرَ
قَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: قَدْ كُنْتَ أَنت وأَبوك تُحِبَّان أَن تَكْثُرَ العُلُوج بِالْمَدِينَةِ.
والعِلْج: حِمَارُ الْوَحْشِ لِاسْتِعْلَاجِ خَلْقِهِ وَغِلَظِهِ؛ وَيُقَالُ للعَيْرِ الْوَحْشِيِّ إِذا سَمِن وقَوِيَ: عِلْج. وكلُّ صُلْب شَدِيدٌ: عِلْج. والعِلْج: الرَّغيف؛ عَنْ أَبي العَمَيْثَل الأَعرابي. وَيُقَالُ: هَذَا عَلُوج صدْق وعَلُوك صِدْق وأَلُوك صِدْق لِمَا يُؤْكل؛ وَمَا تَلَوَّكْت بأَلوك، وَمَا تَعَلَّجْت بِعَلُوج؛ وَيُقَالُ لِلرَّغِيفِ الْغَلِيظِ الحُروف: عِلْج. والعِلاج: المِرَاس والدِّفاع. واعْتَلَج الْقَوْمُ: اتَّخَذُوا صِرَاعًا وَقِتَالًا؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
إِنَّ الدُّعاء ليَلْقى الْبَلَاءَ فيَعْتَلِجان
أَي
__________
(3).
قوله [وفي الحديث فأتني إلخ] الذي في النهاية فأتى عبد الرحمن بن خالد بن الوليد بأربعة أعلاج إلخ.

(2/326)


يَتصارعان. وَفِي حَدِيثِ
سَعْدِ بْنِ عُبادة: كَلَّا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ إِنْ كنتُ لأُعالِجُه بِالسَّيْفِ قَبْلَ ذَلِكَ
أَي أَضربه. واعْتَلَجتِ الوَحْشُ: تَضَارَبَتْ وتَمارَسَتْ، وَالِاسْمُ الْعِلَاجُ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ يَصِفُ عَيْراً وأُتُناً:
فَلَبِثْن حِينًا يَعْتَلِجْنَ بِرَوْضَةٍ، ... فتَجِدُّ حِينًا فِي المَراح، وتَشْمَعُ
واعْتلَجَ المَوْجُ: التَطم، وَهُوَ مِنْهُ؛ واعْتَلَجَ الهَمُّ فِي صَدْرِهِ، كَذَلِكَ عَلَى المَثل. واعتلجتِ الأَرض: طَالَ نَبَاتُهَا. والمُعْتَلِجَة: الأَرض الَّتِي اسْتأْسَدَ نباتُها والتفَّ وكثُر؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
ونَفى مُعْتَلِج الرَّيْبِ
؛ هُوَ مِنَ اعْتَلَجَت الأَمواج إِذا التطَمتْ أَو مِنِ اعتلَجت الأَرض. والعُلَّج: الشَّدِيدُ مِنَ الرِّجَالِ قِتالًا ونِطاحاً. وَرَجُلٌ عُلَّج: شَدِيدُ الْعِلَاجِ. وَرَجُلٌ عَلِج، بِكَسْرِ اللَّامِ، أَي شَدِيدٌ، وَفِي التَّهْذِيبِ عُلَجٌ وعُلَّجٌ. وتَعَلَّجَ الرَّمل: اعتلَج. وعالِج: رِمالٌ مَعْرُوفَةٌ بالبادِيَة، كأَنه مِنْهُ بَعْدَ طرْح الزائد؛ قَالَ الْحَرِثُ بْنُ حِلِّزة:
قلتُ لعَمْرٍو حِينَ أَرْسَلْتُه، ... وَقَدْ حَبا مِنْ دُوننا عالِجُ:
لَا تَكْسَعِ الشَّوْل بأَغْبارِها، ... إِنك لَا تدرِي مَنِ الناتجُ
وعالِج: مَوْضِعٌ بِالْبَادِيَةِ بِهَا رَمْل. وَفِي حَدِيثِ الدُّعاء:
وَمَا تَحْوِيهِ عَوَالِجُ الرِّمال
؛ هِيَ جَمْعُ عالِج، وَهُوَ مَا ترَاكَم مِنَ الرَّمْلِ وَدَخَلَ بَعْضُهُ فِي بَعْضٍ. وعالَج الشيءَ مُعالجة وَعِلَاجًا: زَاوَلَهُ؛ وَفِي حَدِيثِ
الأَسْلميّ: إِني صاحِب ظَهْرٍ أُعالِجُه
أَي أُمارِسُه وأُكاري عَلَيْهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
عالَجْتُ امرأَةً فأَصَبْتُ مِنْهَا
؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
مِنْ كسْبِه وعلاجِه.
وعالَج المريضَ مُعالجة وعِلاجاً: عَانَاهُ. والمُعالِجُ: المُداوي سَوَاءٌ عالَجَ جَريحاً أَو عَليلًا أَو دابَّة؛ وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبي بَكْرٍ تُوُفِّيَ بالحُبْشِيّ عَلَى رَأْسِ أَمْيال مِنْ مكَّة، فَجَاءَهُ فنقلَه ابْنُ صَفْوان إِلى مَكَّة، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: مَا آسَى عَلَيَّ شَيْءٌ مِنْ أَمْره إِلَّا خَصْلتين: أَنه لَمْ يُعالِجْ، وَلَمْ يُدفنْ حَيْثُ مَاتَ
؛ أَرادت أَنَّهُ لَمْ يُعالِجْ سَكرة الموْت فَيَكُونُ كفَّارة لِذُنُوبِهِ؛ قَالَ الأَزهري: وَيَكُونُ مَعْنَاهُ انَّ عِلَّته لَمْ تمتدَّ بِهِ فيعالِج شدَّة الضَّنَى ويُقاسي عَلَزَ الموْت، وَقَدْ رُوي لَمْ يُعالَجْ، بِفَتْحِ اللَّامِ، أَي لَمْ يمرَّض فَيَكُونُ قَدْ نالَهُ مِنْ أَلمِ المَرَض مَا يكَفِّر ذُنُوبَهُ. وعالَجه فَعَلَجه عَلْجاً إِذا زاوَله فغلَبه. وعالَجَ عَنْهُ: دَافَعَ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّهُ بعَث رجُلَين فِي وَجْهٍ، وَقَالَ: إِنَّكما عِلْجانِ فعالِجا عَنْ دينِكُما
؛ العِلْج: الرَّجُل الْقَوِيُّ الضَّخْمُ؛ وَعَالِجَا أَي مارِسَا العمَل الَّذِي نَدَبْتُكما إِليه واعْمَلا بِهِ وزاوِلاه. وَكُلُّ شَيْءٍ زاوَلْتَه ومارَسْتَه: فَقَدْ عالجتَه. والعَلَجُ، بِالتَّحْرِيكِ: مِنَ النَّخْلِ أَشاؤه؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. وَنَاقَةٌ علجَة: كَثِيرَةُ اللَّحْمِ. والعَلَج والعَلَجان: نَبْت، وَقِيلَ: شَجَرٌ أَخضر مُظلِم الخُضرة، وَلَيْسَ فِيهِ ورَق وإِنما هُوَ قُضْبان كَالْإِنْسَانِ القاعِد، ومَنْبِته السَّهل وَلَا تأْكله الإِبل إِلا مُضطرَّة؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: العَلَج عِنْدَ أَهل نَجْد: شَجَرٌ لَا ورَق لَهُ إِنما هُوَ خِيطانٌ جُرْدٌ، فِي خُضرتها غُبْرَة، تأْكله الْحَمِيرُ فتصفرُّ أَسنانها، فَلِذَلِكَ قِيلَ للأَقْلَح: كأَن فَاهُ فُو حِمار أَكل عَلَجَاناً، وَاحِدَتُهُ عَلَجانة؛ قَالَ عَبْدُ بَني الحَسْحاسِ:

(2/327)


فبِتْنا وِسَادانا إِلى عَلَجانَةٍ ... وحِقْفٍ، تَهاداه الرِّياحُ تَهادِيا
قَالَ الأَزهري: العَلَجانُ شَجَرٌ يُشبه العَلَنْدَى، وَقَدْ رأَيتهما بِالْبَادِيَةِ، وَتُجْمَعُ عَلَجات «1»؛ وَقَالَ:
أَتاك مِنْهَا علَجاتٌ نيبُ، ... أَكَلْنَ حَمْضاً، فَالْوُجُوهُ شِيبُ
وَقَالَ أَبو دُوَادَ:
عَلَجاتٌ شُعْرُ الفَراسِن والأَشْداقِ، ... كُلْفٌ كأَنها أَفْهارُ
وَذَكَرَ الْجَوْهَرِيُّ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ العَلْجَن، بِزِيَادَةِ النُّونِ: النَّاقَةُ الكِنازُ اللَّحْمِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
وخَلَّطَتْ كلُّ دِلاثٍ عَلْجَنِ، ... تَخْليطَ خَرْقاءِ اليدَيْنِ خَلْبَنِ
وَبَعِيرٌ عالِج: يأْكل العَلَجان. وتَعَلَّجَت الإِبل: أَصابت مِنَ العَلَجان. وعلَّجتها أَنا: عَلَفْتها العَلَجان. وَيُقَالُ: فُلَانٌ عِلْجُ مَالٍ، كَمَا يُقَالُ: إِزاءُ مالٍ، وَرَجُلٌ عَلِج، بِكَسْرِ اللام، أَي شديد.
علهج: ابْنُ الأَعرابي: المُعَلْهَج: أَن يُؤْخَذَ الجلْد فيقدَّم إِلى النَّارِ حَتَّى يَلين فيمضَغ ويبلَع، وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ مأْكل الْقَوْمِ فِي المَجاعات؛ وَقَالَ اللَّيْثُ: المُعَلْهَجُ: الرَّجُلُ الأَحمق الهَذْر اللَّئيم؛ وأَنشد:
فَكَيْفَ تُساميني، وأَنت مُعَلْهَجٌ، ... هُذارِمَةٌ جَعْدُ الأَنامِل، حَنْكَلُ؟
والمُعَلْهَج: الدَّعِيّ. والمُعَلْهَج: الَّذِي وُلِدَ مِنْ جِنْسَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: المُعَلْهَج الَّذِي لَيْسَ بِخَالِصِ النَّسَبِ. الْجَوْهَرِيُّ: المُعَلْهَجُ الهَجينُ، بزيادة الهاء «2».
عمج: عَمَجَ فِي سَيره يَعْمِجُ، وتَعَمَّج: تَلَوّى. وعَمَجَ فِي سَيْرِهِ إِذا سَارَ فِي كُلِّ وَجْهٍ وَذَلِكَ مِنَ النَّشَاطِ. والتَعَمُّجُ: التلوِّي فِي السَّيْرِ والاعوِجاجُ. وتَعَمَّجَ السَّيْل فِي الْوَادِي: تَعَوَّجَ فِي مَسيره يَمْنَةً ويَسرة؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
مَيَّاحة تَميحُ مَشْياً رَهْوَجا، ... تَدافُعَ السَّيْل، إِذا تَعَمَّجا
وتَعَمَّجَتِ الحيَّة: تلوَّت؛ قَالَ:
تَعَمُّجَ الحَيَّة فِي انْسِيابِه
وَقَالَ يَصِفُ زِمَامَ النَّاقَةِ ويُشَبِّهُهُ بِالْحَيَّةِ فِي تلوِّيه:
تُلاعِبُ مَثْنى حَضْرَميٍّ، كأَنه ... تَعَمُّجُ شَيْطان بِذِي خِرْوَعٍ قَفْرِ
وَيُقَالُ: حيَّة عَوْمَجٌ لتعمُّجه فِي انْسيابه أَي تلوِّيه. والعَوْمَجُ: الْحَيَّةُ لتلوِّيها؛ عَنْ كُرَاعٍ، حَكَاهَا فِي بَابِ فَوْعَلَ؛ قَالَ رُؤْبَةُ «3»:
حَصْب الغُوَاة العَوْمَجَ المَنْسُوسا
وَكَذَلِكَ العُمَّجُ، بِالضَّمِّ وَالتَّشْدِيدِ؛ وَقَالَ:
يَتْبَعْنَ مِثلَ العُمَّجِ المَنْسُوسِ، ... أَهْوَجَ يَمْشِي مِشْيَة المَأْلُوسِ
وَقِيلَ: هُوَ العَمَجُ عَلَى وَزْنِ السَّببِ. وَنَاقَةٌ عُمْجة وعَمْجة: مُتلوِّية. وفرسٌ عَمُوجٌ: لَا يَسْتَقِيمُ فِي سَيْرِهِ. وعَمَجَ يَعْمِجُ، بِالْكَسْرِ، قَلْبُ مَعَجَ، إِذا أَسرع فِي السَّيْرِ. وسهْمٌ عَمُوجٌ: يتلوَّى فِي مَسيره. والعَمُوج: السابِح فِي شِعْرِ أَبي ذُؤَيْبٍ. وعَمَجَ في الماء: سَبَحَ.
عمضج: العَمْضَجُ والعُماضِجُ: الشَّدِيدُ الصُّلْب مِنَ الإِبل وَالْخَيْلِ.
__________
(1).
قوله [وتجمع علجات] مرتبط بقوله قبل: وَنَاقَةٌ عِلْجَةٌ كَثِيرَةُ اللَّحْمِ.
(2).
قال الفيروزآبادي في المعلهج: وحَكَم الجوهري بزيادة هائه غلطاً.
(3).
قوله [قال رؤبة] مثله في الصحاح هنا ونسبه المؤلف في مادة [نسس] إلى العجاج.

(2/328)


عملج: المُعَمْلَجُ، عَنْ كُرَاعٍ: الَّذِي فِي خلْقه خَبْل وَاضْطِرَابٌ، وَهِيَ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَكثر. وَرَجُلٌ عَمْلَجٌ: حَسَنُ الْغِذَاءِ. قَالَ الأَزهري: الَّذِي رَوَيْنَاهُ لِلثِّقَاتِ الْفُصَحَاءِ: رَجُلٌ غَمْلَجٌ، بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ، إِذا كَانَ نَاعِمًا. والعَمَلَّجُ: المُعْوَجُّ الساقين.
عمهج: الأَزهري: العَمْهَجُ والعَوْهَجُ: الطَّوِيلَةُ؛ وَقَالَ هِمْيَانُ:
فَقَدَّمَتْ، حَناجِراً غَوامِجَا، ... مُبْطِنةٌ أَعْناقَها العَماهِجا
قَالَ: وَقَوْلُهُ مُبْطِنةٌ أَي جَعَلَتِ الْحَنَاجِرَ بَطَائِنَ لأَعناقها. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: العُمَاهِجُ مِثْلُ الخامِطِ مِنَ اللَّبَن عِنْدَ أَول تغيُّره. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: العَمَاهِجُ الأَلبان الْجَامِدَةُ؛ وَقَالَ اللَّيْثُ: العُماهِجُ اللَّبَنُ الخاثِرُ مِنْ أَلبان الإِبل؛ وأَنشد:
تُغْذَى بِمَحْضِ اللَّبَنِ العُمَاهِجِ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقِيلَ: هُوَ مَا حُقِنَ حَتَّى أَخذ طَعْمًا غَيْرَ حَامِضٍ وَلَمْ يُخَالِطْهُ مَاءٌ وَلَمْ يَخْثُرْ كُلَّ الخَثارة فيُشرَب. والعُماهِجُ مِنَ اللَّبَنِ: مَا حُقِنَ فِي السِّقاء وَلَمْ يأْخذ طَعْمًا. الأَزهري: العَمْهَجُ: الطَّوِيلُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَيُقَالُ عنُق عَمْهَجٌ وعُمْهُوجٌ. وَنَبَاتٌ عُماهِجٌ: أَخضر ملتفٌّ؛ وأَنشد ابْنُ سِيدَهْ لِجَنْدَلِ بْنِ الْمُثَنَّى:
فِي غُلَوَاء القَصَب العُماهِجِ
وَيُرْوَى العُمْهِجِ، وَسَنَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ. قَالَ الأَزهري: وَكُلُّ نَبَاتٍ غَضٍّ، فَهُوَ عُمهُوجٌ. وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: العمْهَجُ السَّرِيعُ، والعُماهِجُ: الْمُمْتَلِئُ لَحْمًا؛ وأَنشد:
مَمْكُورَة فِي قَصَبٍ عُمَاهِجِ
وَقِيلَ: التَّامُّ الخَلْق. وَشَرَابٌ عُمَاهِجٌ: سَهْلُ المَساغ. والغُماهِجُ: الضَّخْمُ السَّمِينُ. وعُمَاهِج، بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، بِمَعْنَاهُ. أَبو عُبَيْدَةَ: مِنَ اللَّبَنِ العُماهِجُ والسُّماهِجُ، وَهُمَا اللَّذَانِ لَيْسَا بِحُلْوَيْنِ وَلَا آخِذَيْ طَعم.
عنج: عَنَجَ الشيءَ يَعْنِجُه: جَذَبه. وكلُّ شَيْءٍ تَجْذِبه إِليك، فَقَدَ عَنَجْتَه. وعَنَجَ رأْسَ الْبَعِيرِ يَعْنِجُهُ ويَعْنُجُه عَنْجاً: جَذَبَهُ بِخِطامه حَتَّى رَفَعَهُ وَهُوَ رَاكِبٌ عَلَيْهِ. والعَنْجُ: أَن يَجْذِبَ راكبُ الْبَعِيرِ خِطامه قِبَلَ رأْسه حَتَّى رُبَّمَا لَزِمَ ذِفْرَاه بقادِمَة الرَّحْلِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَجُلًا سَارَ مَعَهُ عَلَى جَمَلٍ فَجَعَلَ يَتَقَدَّمُ الْقَوْمَ، ثُمَّ يَعْنِجُه حَتَّى يَصِيرَ فِي أُخْرَياتِ الْقَوْمِ
أَي يَجْذِبُ زِمامَه لِيَقِفَ، مِنْ عَنَجَه يَعْنِجُه إِذا عَطَفه، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ أَيضاً:
وعَثِرَت [عَثَرَت] نَاقَتُهُ فَعَنَجَها بالزِّمام.
وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: كأَنه قِلْعُ دارِيٍّ عَنَجَه نُوتِيُّه
أَي عَطَفَهُ مَلَّاحُه. وأَعْنَجَتْ: كَفَّتْ؛ قَالَ مَلِيحٌ الْهُذَلِيُّ:
وأَبْصَرْتُهم، حَتَّى إِذا مَا تَقاذَفَتْ ... صُهابيَّةٌ تُبْطِي مِراراً وتُعْنِجُ
والعِناج: مَا عُنِجَ بِهِ. وعَنَجَ البعيرَ والناقةَ يَعْنِجُها عَنْجاً: عطفَها. والعَنْجُ، الرِّيَاضَةُ؛ وَفِي الْمَثَلِ: عَوْدٌ يُعَلَّمُ العَنْجَ؛ يُضْرَبُ مَثلًا لِمَنْ أَخذ في تعلُّم شيء بعد ما كَبِرَ؛ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَي يُرَاضُ فيردُّ عَلَى رِجْلَيْهِ، وَقَوْلُهُمْ:

(2/329)


شيخٌ عَلَى عَنَجٍ أَي شَيْخٌ هَرِم عَلَى جَمَلٍ ثَقِيلٍ. وعَنَجْتُ البَكْرَ أَعْنِجُه عَنْجاً إِذا رَبَطْتَ خِطَامَهُ فِي ذِرَاعِهِ وقصرْته، وإِنما يُفْعَلُ ذَلِكَ بالبَكْرِ الصَّغِيرِ إِذا رِيضَ، وَهُوَ مأْخوذ مِنْ عِناجِ الدَّلْوِ. وعَنَجَةُ الهَوْدج: عِضادَته عِنْدَ بَابِهِ يُشدُّ بِهَا الْبَابُ. والعَنَجُ، بِلُغَةٍ هُذَيْلٍ: الرجُل، وَقِيلَ هُوَ بِالْغَيْنِ مُعْجَمَةً؛ قَالَ الأَزهري: وَلَمْ أَسمعه بِالْعَيْنِ مِنْ أَحد يُرْجَعُ إِلى عَلَمِهِ وَلَا أَدري مَا صِحَّتُهُ. والعَنَجُ: جَمَاعَةُ النَّاسِ. والعِنَاجُ: خَيْط أَو سَيْر يُشدّ فِي أَسفل الدَّلْوِ ثُمَّ يُشَدُّ فِي عُرْوتها أَو عَرْقُوَتِها، قَالَ: وَرُبَّمَا شُدَّ فِي إِحدى آذَانِهَا. وَقِيلَ: عِنَاجُ الدَّلْوِ عُرْوَة فِي أَسفل الغَرْب مِنْ بَاطِنٍ تشدُّ بِوِثَاقٍ إِلى أَعلى الكَرَبِ، فإِذا انْقَطَعَ الْحَبْلُ أَمسك العِنَاجُ الدَّلْوَ أَن يَقَعَ فِي الْبِئْرِ، وَكُلُّ ذَلِكَ إِذا كَانَتِ الدَّلْوُ خَفِيفَةً، وَهُوَ إِذا كَانَ فِي دَلْوٍ ثَقِيلَةٍ حَبْلٌ أَو بطانٌ يُشَدُّ تَحْتَهَا، ثُمَّ يُشَدُّ إِلى العَرَاقي فَيَكُونُ عَوْنًا للْوَذَمِ فإِذا انْقَطَعَتِ الأَوْذام أَمسكها العِنَاجُ؛ قَالَ الْحُطَيْئَةُ يَمْدَحُ قَوْمًا عَقَدُوا لِجَارِهِمْ عَهْدًا فَوَفَوْا بِهِ وَلَمْ يخْفِرُوه:
قَوْمٌ، إِذا عَقَدُوا عَقْداً لجارِهِم، ... شَدُّوا العِناجَ، وشَدُّوا فَوْقَه الكَرَبا
وَهَذِهِ أَمثال ضَرَبَهَا لإِيفائهم بالعَهْد، وَالْجَمْعُ أَعْنِجَة وعُنُجٌ؛ وَقَدْ عَنَج الدلوَ يَعْنُجُها عَنْجاً: عَمِلَ لَهَا ذَلِكَ، وَيُقَالُ: إِني لأَرَى لأَمرك عِناجاً أَي مِلاكاً، مأْخوذ مِن عِناج الدَّلْوِ؛ وأَنشد اللَّيْثُ:
وبعضُ القولِ لَيْسَ لَهُ عِناجٌ، ... كسَيلِ الْمَاءِ لَيْسَ لَهُ إِتاءُ
وقولٌ لَا عِناجَ لَهُ إِذا أُرسل عَلَى غَيْرِ رويَّة. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِنَّ الَّذِينَ وافَوا الخَنْدَق مِنَ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا ثَلَاثَةَ عَسَاكِرَ، وعِناجُ الأَمر إِلى أَبي سُفْيَانَ
أَي أَنه كَانَ صَاحِبَهُمْ ومُدَبِّرَ أَمْرهم والقائمِ بشُؤونهم، كَمَا يَحْمِلُ ثِقَل الدَّلْوِ عناجُها. وَرَجُلٌ مِعْنَجٌ: يَعْتَرِضُ فِي الأُمور. والعُنْجُوجُ: الرائِع مِنَ الْخَيْلِ، وَقِيلَ: الجَوَاد، وَالْجَمْعُ عَناجيجُ؛ فأَما قَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
إِنْ مَضَى الحَوْلُ، وَلَمْ آتِكُمُ ... بِعَناجٍ، تَهْتَدِي أَحْوَى طِمِر
فإِنه يُروى بِعَناج وبعَناجِي؛ فَمَنْ رَوَاهُ بِعَناجٍ فإِنه أَراد بِعَناجِجَ أَي بِعَناجِيجَ، فَحَذَفَ الْيَاءَ لِلضَّرُورَةِ، فَقَالَ: بِعَناججَ ثُمَّ حَوَّل الْجِيمَ الأَخيرة يَاءً فَصَارَ عَلَى وَزْنِ جَوَارٍ، فَنُوِّنَ لِنُقْصَانِ الْبِنَاءِ، وَهُوَ مِنْ محوَّل التَّضْعِيفِ؛ وَمَنْ رَوَاهُ عَنَاجِي جَعَلَهُ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ:
ولِضَفادِي جَمَّةٍ نَقانِقُ
أَراد عَنَاجِجَ كَمَا أَراد ضفادِعَ. وَقَوْلُهُ: تَهْتدِي أَحْوَى؛ يَجُوزُ أَن يُرِيدَ بأَحْوَى، فَحَذَفَ وأَوْصَلَ، وَيَجُوزَ أَن يُرِيدَ بِعَناجيجَ حُوٍّ طِمِرَّة تَهْتدي فَوَضَعَ الْوَاحِدَ مَوْضِعَ الْجَمْعِ، وَقَدِ اسْتَعْمَلُوا العَناجيجَ فِي الإِبل، أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
إِذا هَجْمَةٌ صُهْبٌ عَناجيجُ زاحَمَتْ ... فَتًى، عِنْدَ جُرْدٍ طاحَ بَيْنَ الطَّوَائح،
تُسَوِّدُ مِنْ أَربابها غيرَ سَيِّدٍ، ... وتُصْلِحُ مِنْ أَحسابِهِم غيرَ صَالِحٍ
أَي يُغلَبُ ويُقهَرُ لأَنه لَيْسَ لَهُ مِثلُها يَفْتَخِرُ بِهَا ويجُودُ بِهَا؛ قَالَ اللَّيْثُ: وَيَكُونُ العُنْجُوجُ مِنَ النَّجَائِبِ أَيضاً. وَفِي الْحَدِيثِ:
قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فالإِبِلُ؟ قَالَ: تِلْكَ عَناجِيجُ الشَّيَاطِينِ
أَي مَطاياها،

(2/330)


وَاحِدُهَا عُنْجُوجٌ، وَهُوَ النَّجِيبُ مِنَ الإِبل؛ وَقِيلَ: هُوَ الطَّوِيلُ العنُق مِنَ الإِبل وَالْخَيْلِ، وَهُوَ مِنَ العَنْجِ العَطْفِ، وَهُوَ مَثَل ضَرَبَهُ لَهَا؛ يُرِيدُ أَنها يُسْرِعُ إِليها الذُّعْرُ والنِّفار. وأَعْنَجَ الرَّجُلُ إِذا اشْتَكَى عِناجَه؛ والعِناج: وَجَعُ الصُّلْبِ والمَفاصِل. والعُنْجَجُ: الضَّيْمَران مِنَ الرَّياحين؛ قَالَ الأَزهري: وَلَمْ أَسمعه لِغَيْرِ اللَّيْثِ؛ وَقِيلَ: هُوَ الشاهِسْفَرَمُ. والعَنَجْنَجُ: الْعَظِيمُ؛ وأَنشد أَبو عَمْرٍو لِهِمْيَانَ السَّعْدِيِّ:
عَنَجْنَجٌ شَفَلَّحٌ بَلَنْدَحُ
وأَما الَّذِي وَرَدَ فِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: فَلَمَّا وَضَعْتُ رِجْلي عَلَى مُذَمَّرِ أَبي جهل قال: اعلُ عَنِّجْ
، فإِنه أَراد: اعْلُ عَنِّي، فأَبدل الياء جيماً.
عنبج: اللَّيْثُ: العُنْبُجُ الثَّقِيلُ مِنَ النَّاسِ. الأَزهري: العُنْبُجُ مِنَ الرِّجَالِ: الضَّخْم الرِّخْوُ الثَّقِيلُ الَّذِي لَا رأْيَ لَهُ وَلَا عَقْلَ، وَقَالَ أَيضاً: العُنْبُجُ الضَّخْمُ الرِّخْوُ الثَّقِيلُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وأَكثر مَا يُوصَفُ بِهِ الضِّبْعان؛ وأَنشد:
فَوَلَدَتْ أَعْثَى ضَرُوطاً عُنْبُجا
والعُنْبُجُ: الوَتَرُ الضخم الرِّخْوُ.
عنشج: «1»: الأَزهري: العَنْشَجُ: المتقبِّضُ الوجه السيء الْمَنْظَرِ؛ وأَنشد لِبِلَالِ بْنِ جَرِيرٍ وَبَلَغَهُ أَنَّ مُوسَى بْنَ جَرِيرٍ، إِذا ذُكِرَ، نَسَبه إِلى أُمِّه فَقَالَ:
يَا رُبَّ خالٍ لِي أَغَرَّ أَبْلَجا، ... مِنْ آلِ كِسْرى يَغْتَدي مُتَوَّجا،
لَيْسَ كخالٍ لَكَ يُدْعى عَنْشَجا
عهج: العَوْهَجُ: الظَّبْيَةُ الَّتِي فِي حَقْوَيْها خُطَّتانِ سَوْداوان، وَقِيلَ: هِيَ التَّامَّةُ الخَلْق، وَقِيلَ: هِيَ الحَسَنةُ اللَّوْن الطَّوِيلَةُ العنُق فَقَطْ، وَقَدْ يوصَف الغَزال بِكُلِّ ذَلِكَ. والعَوْهَجُ: النَّاقَةُ الطَّوِيلَةُ العنُق، وَقِيلَ: الفتيَّة. وامرأَة عَوْهَجٌ: تامَّة الخَلْق حَسَنة، وَقِيلَ: الطَّوِيلَةُ العنُق؛ قَالَ:
هِجانُ المُحَيَّا، عَوْهَجُ الخَلْقِ، سُرْبِلَتْ ... مِنَ الحُسْنِ سِرْبالًا عَتِيقَ البنائِقِ
والعَوْهَجُ: الطَّوِيلَةُ العنُق مِنَ الظِّباء والظُّلْمان والنُّوقِ، وَيُقَالُ لِلنَّعَامَةِ: عَوْهَجٌ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
فِي شَمْلَةٍ أَو ذاتَ زفٍّ عَوْهَجا
كأَنه أَراد الطَّوِيلَةَ الرِّجْلَينِ. الأَصمعي: العَمْهَجُ والعَوْهَجُ: الطَّوِيلُ. والعَوَاهِجُ: قَوْمٌ مِنَ الْعَرَبِ؛ قَالَ:
يَا رُبَّ بَيْضاء مِنَ العَوَاهِجِ، ... شَرَّابَة لِلَّبَنِ العُمَاهِجِ
تمْشِي كمَشْيِ العُشَراءِ الفاسِجِ، ... حَلَّالَة للسُّرَرِ البَوَاعِجِ
لَيِّنَة المَسِّ عَلَى المُعَالِجِ، ... يُطْلَى بِهِ دُونَ الضَّجِيع الوالِجِ
عوج: العَوَجُ: الِانْعِطَافُ فِيمَا كَانَ قَائِمًا فمالَ كالرُّمْحِ وَالْحَائِطِ؛ والرُّمْح وكلُّ مَا كَانَ قَائِمًا يُقَالُ فِيهِ العَوَجُ، بِالْفَتْحِ، وَيُقَالُ: شَجَرَتُكَ فِيهَا عَوَجٌ شَدِيدٌ. قَالَ الأَزهري: وَهَذَا لَا يَجُوزُ فِيهِ وَفِي أَمثاله إِلّا العَوَج. والعَوَج،
__________
(1).
قوله [عنشج] هكذا في الأَصل بالشين قبل الجيم، في أصل المادة وفيما بعدها. والذي في القاموس، بالثاء بدل الشين، ونقل ذلك شارحه عن التهذيب ونقل عن اللسان أنه بالشين، وأنشد الأَبيات ونقل عن نسخة من نسخ اللسان أن عين عنشجا في آخر الأَبيات مضبوطة بالقلم بالكسر.

(2/331)


بِالتَّحْرِيكِ: مَصْدَرُ قَوْلِكَ عَوِجَ الشَّيْءُ، بِالْكَسْرِ، فَهُوَ أَعْوَجُ، وَالِاسْمُ العِوَجُ، بِكَسْرِ الْعَيْنِ. وعاجَ يَعُوجُ إِذا عَطف. والعِوَجُ فِي الأَرض: أَن لَا تَسْتَوِيَ. وَفِي التَّنْزِيلِ: لَا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: قَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ العِوَج فِي الْحَدِيثِ اسْمًا وَفِعْلًا وَمَصْدَرًا وَفَاعِلًا وَمَفْعُولًا، وَهُوَ، بِفَتْحِ الْعَيْنِ، مُخْتَصٌّ بِكُلِّ شَخْصٍ مَرْئيٍّ كالأَجسام، وَبِالْكَسْرِ، بِمَا لَيْسَ بمَرْئيٍّ كالرأْي والقوْل، وَقِيلَ: الْكَسْرُ يُقَالُ فِيهِمَا مَعًا، والأَول أَكثر؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
حَتَّى تُقِيم بِهِ المِلَّة العَوْجاء
؛ يَعْنِي مِلَّة إِبْرَاهِيمَ، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، الَّتِي غيَّرَتْها العرَب عَنِ اسْتِقَامَتِهَا. والعِوَجُ، بِكَسْرِ الْعَيْنِ، فِي الدِّين، تَقُولُ: فِي دِينِهِ عِوَجٌ؛ وَفِيمَا كَانَ التَّعْويجُ يكثُرُ مِثْل الأَرض والمَعاش، وَمِثْلَ قَوْلِكَ: عُجْتُ إِليه أَعُوجُ عِياجاً وعِوَجاً؛ وأَنشد:
قِفا نَسْأَلْ منازِلَ آلِ لَيْلى، ... مَتَى عِوَجٌ إِليها وانْثِناءُ؟
وَفِي التَّنْزِيلِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً قَيِّماً
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: مَعْنَاهُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزل عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ قَيِّماً وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً، وَفِيهِ تأْخير أُريد بِهِ التَّقْدِيمُ. وعِوَجُ الطَّرِيقِ وعَوَجُه: زَيْغُه. وعِوَجُ الدِّين والخُلُق: فَسَادُهُ ومَيْلُه عَلَى المَثل، والفِعْلُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ عَوِجَ عَوَجاً وعِوَجاً واعْوَجَّ وانْعاجَ، وَهُوَ أَعْوَجُ، لِكُلِّ مَرْئيٍّ، والأُنثى عَوْجاء، وَالْجَمَاعَةُ عُوجٌ. الأَصمعي: يُقَالُ هَذَا شيءٌ مُعْوَجٌّ، وَقَدِ اعْوَجَّ اعْوِجاجاً، عَلَى افْعَلَّ افْعِلالًا، وَلَا يُقَالُ: مُعَوَّجٌ عَلَى مُفَعَّلٍ إِلَّا لعُود أَو شيءٍ يُركَّب فِيهِ العاجُ. قَالَ الأَزهري: وَغَيْرُهُ يُجِيزُ عَوَّجْتُ الشيءَ تَعْويجاً فَتَعَوَّجَ إِذا حَنَيْتَه وَهُوَ ضدُّ قَوَّمْته، فأَما إِذا انْحَنى مِنْ ذَاتِهِ، فَيُقَالُ: اعْوَجَّ اعْوِجاجاً. يُقَالُ: عَصاً مُعْوَجَّة وَلَا تَقُلْ مِعْوَجَّة، بِكَسْرِ الْمِيمِ، وَيُقَالُ: عُجْتُه فانعاجَ أَي عَطَفْتُه فَانْعَطَفَ، وَمِنْهُ قَوْلُ رُؤْبَةُ:
وانْعاجَ عُودِي كالشَّظيفِ الأَخْشَنِ
وعاجَ الشيءَ عَوْجاً وعِياجاً، وعَوَّجَه: عَطَفَه. وَيُقَالُ: نَخِيل عُوجٌ إِذا مالَتْ؛ قَالَ لَبِيدٌ يَصِفُ عَيْراً وأُتُنَه وسَوْقه إِياها:
إِذا اجْتَمَعَتْ وأَحْوَذَ جانِبَيْها، ... وأَوْرَدَها عَلَى عُوجٍ طِوَالِ
فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ أَوْرَدَها عَلَى نَخِيل نَابِتَةٍ عَلَى الْمَاءِ قَدْ مالتْ فاعْوَجَّتْ لِكَثْرَةِ حَمْلِها؛ كَمَا قَالَ فِي صِفَةِ النَّخْلِ:
غُلْبٌ سواجدُ لَمْ يدخُلْ بِهَا الحَصْرُ
وَقِيلَ: مَعْنَى قَوْلِهِ وأَوردها عَلَى عُوجٍ طِوالِ أَي عَلَى قَوَائِمِهَا العُوجِ، وَلِذَلِكَ قِيلَ لِلْخَيْلِ عُوجٌ؛ وَقَوْلُهُ تَعَالَى: يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: الْمَعْنَى لَا عِوَجَ لهم عن دعائه، لا يقدِرون أَن لَا يَتَّبِعُوه؛ وَقِيلَ: أَي يَتَّبِعُونَ صَوْتَ الدَّاعِي للحشْر لَا عِوَجَ لَهُ، يَقُولُ: لَا عِوَجَ للمَدْعُوِّينَ عَنِ الدَّاعِي، فَجَازَ أَن يَقُولَ لَهُ لأَن الْمَذْهَبَ إِلى الدَّاعِي وصَوْتِه، وَهُوَ كَمَا تَقُولُ: دَعَوْتَنِي دَعْوَةً لَا عِوَجَ لَكَ مِنْهَا أَي لَا أَعُوجُ لَكَ وَلَا عَنْكَ؛ قَالَ: وَكُلُّ قَائِمٍ يَكُونُ العَوَجُ فِيهِ خلْقة، فَهُوَ عَوَجٌ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي لِلَبِيدٍ فِي مِثْلِهِ:
فِي نابِه عَوَجٌ يُخالِفُ شِدْقه

(2/332)


وَيُقَالُ لِقَوَائِمِ الدَّابَّةِ: عُوجٌ، ويُستحَبُّ ذَلِكَ فِيهَا؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والعُوجُ القَوَائم، صِفَةٌ غَالِبَةٌ، وخيلٌ عُوجٌ: مُجَنَّبَةٌ، وَهُوَ مِنْهُ. وأَعْوَجُ: فرسٌ سَابِقٌ رُكِبَ صَغِيرًا فاعْوَجَّتْ قَوَائِمُهُ، والأَعْوَجِيَّة مَنْسُوبَةٌ إِليه. قَالَ الأَزهري: وَالْخَيْلُ الأَعْوَجِيَّة مَنْسُوبَةٌ إِلى فَحْل كَانَ يُقَالُ لَهُ أَعْوَج، يُقَالُ: هَذَا الحِصان مِنْ بَنَاتِ أَعْوَجَ؛ وَفِي حَدِيثِ
أُمِّ زَرْع: رَكِبَ أَعْوَجِيًّا
أَي فَرَسًا مَنْسُوبًا إِلى أَعْوَج، وَهُوَ فَحْلٌ كَرِيمٌ تنسَب الْخَيْلُ الْكِرَامُ إِليه؛ وأَما قَوْلُهُ:
أَحْوَى، مِنَ العُوج، وَقاحُ الحافِرِ
فإِنه أَراد مِنْ وَلَدِ أَعْوَج وكَسَّرَ أَعْوَجَ تَكْسِيرَ الصِّفات لأَنَّ أَصله الصِّفَةُ. وأَعْوَج أَيضاً: فَرَسُ عَدِيّ بْنِ أَيوب؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: أَعْوَج اسْمُ فَرَسٍ كَانَ لِبَنِي هِلَالٍ تُنْسَبُ إِليه الأَعْوَجِيَّات وبناتُ أَعْوَج؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: كَانَ أَعْوَج لِكِنْدَة، فأَخذتْه بَنُو سُلَيْم فِي بَعْضِ أَيامهم فَصَارَ إِلى بَنِي هِلَالٍ، وَلَيْسَ فِي الْعَرَبِ فحلٌ أَشهرُ وَلَا أَكثرُ نَسْلًا مِنْهُ؛ وَقَالَ الأَصمعي فِي كِتَابِ الفَرس: أَعْوَج كَانَ لِبَنِي آكِلِ المُرار ثُمَّ صَارَ لِبَنِي هِلَالِ بْنِ عَامِرٍ. والعَوْجُ: عَطْف رأْس الْبَعِيرِ بالزِّمام أَو الخِطام؛ تَقُولُ: عُجْتُ رأَسَه أَعُوجُه عَوْجاً. قَالَ: والمرأَة تَعُوجُ رأْسها إِلى ضَجيعها. وَعَاجَ عُنُقَه عَوْجاً: عَطَفَه؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ جواريَ قَدْ عُجْنَ إِليه رؤوسهنَّ يَوْمَ ظَعْنِهنَّ:
حَتَّى إِذا عُجْن مِنْ أَعْناقِهِنَّ لَنَا، ... عَوْجَ الأَخِشَّةِ أَعناقَ العَناجِيجِ
أَراد بالعَناجِيجِ جِيادَ الرِّكاب هَاهُنَا، وَاحِدُهَا عُنْجُوجٌ. وَيُقَالُ لِجِيَادِ الْخَيْلِ: عَناجيجُ أَيضاً، وَيُقَالُ: عُجْتُه فانْعاجَ لِي: عَطَفْتُه فانْعَطَفَ لِي. وعاجَ بِالْمَكَانِ وَعَلَيْهِ عَوْجاً وعَوَّجَ وتَعَوَّجَ: عَطَفَ. وعُجْتُ بِالْمَكَانِ أَعُوجُ أَي أَقمت بِهِ؛ وَفِي حَدِيثِ
إِسْمَاعِيلَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: هَلْ أَنتم عائجُون؟
أَي مُقيمون؛ يُقَالُ عاجَ بِالْمَكَانِ وعَوَّجَ أَي أَقام. وَقِيلَ: عاجَ بِهِ أَي عَطَفَ عَلَيْهِ وَمَالَ وأَلَمَّ بِهِ ومرَّ عَلَيْهِ. وعُجْتُ غَيْرِي بِالْمَكَانِ أَعُوجُه يتعدَّى وَلَا يتعدَّى؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
أَبي ذرٍّ: ثُمَّ عاجَ رأْسَه إِلى المرأَة فأَمَرها بطَعام
أَي أَماله إِليها والتَفَتَ نَحْوَهَا. وامرأَةٌ عَوْجاءُ إِذا كَانَ لَهَا وَلَدٌ تَعُوجُ إِليه لترضِعَه، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
إِذا المُرْغِثُ العَوْجاء باتَ يَعُزُّها، ... عَلَى ثَدْيِها، ذُو دُغَّتَيْنِ، لَهُوجُ
وانْعاجَ عَلَيْهِ أَي انعطَف. والعائجُ: الواقفُ؛ وَقَالَ:
عُجْنا عَلَى رَبْعِ سَلْمَى أَيَّ تَعْويجِ «2»
وضَعَ التَّعْويج مَوْضِعَ العَوْج إِذا كَانَ مَعْنَاهُمَا واحد. وعاجَ ناقَتَه وعَوَّجَها فانعاجَتْ وتَعَوَّجَتْ: عَطَفَها؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
عُوجُوا عليَّ، وعَوِّجوا صَحْبي، ... عَوْجاً، وَلَا كَتَعَوُّجِ النَّحْبِ
عَوْجاً مُتَعَلِّقٌ بعُوجُوا لَا بِعَوِّجوا؛ يَقُولُ: عُوجُوا مُشَارِكِينَ لَا مُتَفاذِّين مُتكارِهين، كَمَا يتكارَهُ صَاحِبُ النَّحْبِ عَلَى قَضَائِهِ. وَمَا لَهُ عَلَى أَصحابه تَعْويجٌ وَلَا تَعْرِيجٌ أَي إِقامة. وَيُقَالُ: عاجَ فُلَانٌ فرسَه إِذا عَطَف رأْسه؛ وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيدٍ:
فَعَاجُوا عَلَيْهِ مِنْ سَوَاهِم ضُمَّر
__________
(2).
قوله [أي تعويج] وقوله [وضع التعويج] الذي في الصحاح أَي تعريج وضع التعريج.

(2/333)


وَيُقَالُ: نَاقَةٌ عَوْجاءُ إِذا عَجِفَتْ فاعْوَجَّ ظَهْرُهَا. وَنَاقَةٌ عائجةٌ: لَيِّنَةُ الانعِطاف؛ وعاجٌ مِذْعانٌ لَا نَظِيرَ لَهَا فِي سُقُوطِ الْهَاءِ كَانَتْ فَعْلًا أَو فاعِلًا ذَهَبَتْ عَيْنُهُ؛ قَالَ الأَزهري، وَمِنْهُ قَوْلُ الشاعر:
تَقُدُّ بِيَ المَوْماةَ عاجٌ كأَنها
والعَوْجاءُ: الضامِرةُ مِنَ الإِبل؛ قَالَ طَرفة:
بِعَوْجاءَ مِرْقالٍ تَرُوحُ وتَغْتَدي
وَقَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
عَهِدْنا بِهَا، لَوْ تُسْعِفُ العُوجُ بالهَوَى، ... رِقاقَ الثَّنايا، واضِحاتِ المَعاصِم
قِيلَ فِي تَفْسِيرِهِ: العُوجُ الأَيام، وَيُمْكِنُ أَن يَكُونَ مِنْ هَذَا لأَنها تَعُوجُ وتعطِف. وَمَا عُجْتُ مِنْ كَلَامِهِ بِشَيْءٍ أَي مَا بالَيْتُ وَلَا انتفعْتُ، وَقَدْ ذُكِرَ عُجْت فِي الْيَاءِ. والعاجُ: أَنياب الفِيَلَة، وَلَا يسمَّى غَيْرُ النَّاب عَاجًا. والعَوّاجُ: بَائِعُ العَاجِ؛ حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ. وَفِي الصِّحَاحِ: والعاجُ عظمُ الْفِيلِ، الْوَاحِدَةُ عاجَة،. وَيُقَالُ لِصَاحِبِ الْعَاجِ: عَوَّاجٌ. وَقَالَ شِمْرٌ: يُقَالُ للمَسَك عاجٌ؛ قَالَ: وأَنشدني ابْنُ الأَعرابي:
وَفِي العاجِ والحِنَّاء كفُّ بَنانِها، ... كشَحْم القَنا، لَمْ يُعْطِها الزّندَ قادِح
أَراد بشَحْمِ القَنا دَوَابَّ يُقَالُ لَهَا الحُلَكُ، وَيُقَالُ لَهَا بناتُ النَّقا، يُشَبَّه بِهَا بنانُ الجَواري للينِها ونَعْمتِها. قَالَ الأَزهري: وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا قَالَ شَمِرٌ فِي الْعَاجِ إِنه المَسَك مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ مَرْفُوعٍ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لثَوْبان: اشتَرِ لَفَاطِمَةَ سِوارَينِ مِنْ عاجٍ
؛ لَمْ يُرِدْ بالعاجِ مَا يُخْرَطُ مِنْ أَنياب الفِيَلَة لأَن أَنيابها مَيْتَةٌ، وإِنما العاجُ الذَّبْلُ، وهو ظهر السِّلَحْفاةِ [السُّلَحْفاةِ] البَحْرِيَّةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَانَ لَهُ مُشْطٌ مِنَ العاجِ
؛ العاجُ: الذَّبْلُ؛ وَقِيلَ: شَيْءٌ يُتَّخذ مِنْ ظَهْرِ السُّلَحْفاة الْبَحْرِيَّةِ؛ فأَما العاجُ الَّذِي هُوَ للفِيل فنَجِسٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَطَاهِرٌ عِنْدَ أَبي حَنِيفَةَ؛ قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: المَسَك مِنَ الذَّبْلِ وَمِنَ العاجِ كَهَيْئَةِ السِّوار تَجْعَلُهُ المرأَة فِي يَدَيْهَا فَذَلِكَ المَسَك، قَالَ: والذَّبْلُ الْقَرْنُ «1»، فإِذا كَانَ مِنْ عاجٍ، فَهُوَ مَسَك وعاجٌ ووَقْفٌ، فإِذا كَانَ مِنْ ذَبْلٍ، فَهُوَ مَسَكٌ لَا غَيْرُ؛ وَقَالَ الْهُذَلِيُّ:
فجَاءتْ كخاصِي العَيرِ، لَمْ تَحْلَ عاجَةً، ... وَلَا جاجَةٌ مِنْهَا تَلُوحُ عَلَى وَشْمِ
فالعاجَةُ: الذَّبْلَةُ. والجاجَةُ: خَرَزة لَا تُسَاوِي فَلْساً. وعاجٍ عاجٍ: زَجْرٌ لِلنَّاقَةِ، ينوَّن عَلَى التَّنْكِيرِ، وَيُكْسَرُ غَيْرَ مُنَوَّنٍ عَلَى التَّعْرِيفِ؛ قَالَ الأَزهري: يُقَالُ لِلنَّاقَةِ فِي الزَّجْرِ: عاجِ، بِلَا تَنْوِينٍ، فإِن شِئْتَ جَزَمْتَ، عَلَى توهُّم الْوُقُوفِ. يُقَالُ: عَجْعَجْتُ بِالنَّاقَةِ إِذا قُلْتُ لَهَا عاجِ عاجِ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَيُقَالُ لِلنَّاقَةِ عاجٍ وجاهٍ، بِالتَّنْوِينِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
كأَنِّي لَمْ أَزْجُرْ، بعاجٍ، نَجِيبَةً، ... وَلَمْ أَلْقَ، عَنْ شَحْطٍ، خَليلًا مُصافِيا
قَالَ الأَزهري: قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ فِيمَا قرأْت بخطِّه: كُلُّ صَوْتٍ تُزْجَرُ بِهِ الإِبل فإِنه يَخْرُجُ مَجْزُومًا، إِلّا أَن يَقَعَ فِي قَافِيَةٍ فيحرَّك إِلى الْخَفْضِ، تَقُولُ فِي زَجْرِ الْبَعِيرِ: حَلْ حَوْبْ، وَفِي زَجْرِ السَّبُعِ: هَجْ هَجْ، وجَهْ جَهْ، وجاهْ جاهْ؛ قَالَ: فإِذا حَكَيْتَ ذَلِكَ قُلْتَ لِلْبَعِيرِ: حَوْبْ أَو حَوْبٍ، وَقُلْتَ لِلنَّاقَةِ: حَلْ أَو حَلٍ؛ وأَنشد:
أَقُولُ لِلنَّاقَةِ قَوْلي للجَمَلْ، ... أَقول: حَوْبٍ ثُمَّ أُثْنِيها بحَلْ
__________
(1).
قوله [القرن] هكذا في الأَصل.

(2/334)


فَخَفَضَ حَوْبْ ونَوَّنه عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلى تَنْوِينِهِ؛ وَقَالَ آخَرُ:
قُلْتُ لَهَا: حَلٍ، فَلَمْ تَحَلْحَلِ
وَقَالَ آخَرُ:
وجَمَلٍ قُلْتُ لَهُ: جاهٍ جاهْ، ... يَا وَيْلَهُ مِنْ جَمَلٍ، مَا أَشقاهْ
وَقَالَ آخَرُ:
سَفَرَتْ، فَقُلْتُ لَهَا: هَج، فتَبَرْقَعَتْ
وَقَالَ شِمْرٌ: قَالَ زَيْدِ بْنِ كَثْوَةَ، مِنْ أَمثالهم: الأَيام عُوجٌ رَوَاجِع، يُقَالُ ذَلِكَ عِنْدَ الشَّماتةِ، يَقُولُهَا المَشْمُوتُ بِهِ أَو تُقال عَنْهُ، وَقَدْ تُقال عِنْدَ الْوَعِيدِ والتهدُّد؛ قَالَ الأَزهري: عُوجٌ هَاهُنَا جَمْعُ أَعْوَج وَيَكُونُ جَمْعًا لِعَوْجاء، كَمَا يُقَالُ أَصْوَر وصُور، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ جَمْعَ عَائِجٍ فكأَنه قَالَ: عُوُج عَلَى فُعُل، فخفَّفه كَمَا قَالَ الأَخطل:
فَهُمْ بالبَذْلِ لَا بُخْلٌ وَلَا جُودُ
أَراد لَا بُخُل وَلَا جُوُدُ؛ وَقَوْلُ بَعْضِ السعْديِّين أَنشده يَعْقُوبُ:
يَا دارَ سَلْمَى بَينَ ذاتِ العُوجِ
يَجُوزُ أَن يَكُونَ مَوْضِعًا، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ عَنَى جَمْعَ حِقْفٍ أَعْوَج أَو رَمْلَة عَوْجاء. وعُوجٌ: اسْمُ رَجُلٍ؛ قَالَ اللَّيْثُ: عُوجُ بْنُ عُوقٍ رَجُلٌ ذُكِرَ مِنْ عِظَمِ خَلْقِه شَناعَةٌ، وذُكِرَ أَنه كَانَ وُلِدَ فِي مَنْزِلِ آدَمَ فَعَاشَ إِلى زَمَنِ مُوسَى، عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وأَنه هَلَكَ عَلَى عَدَّانِ [عِدَّانِ] مُوسَى، صَلَوَاتُ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ، وَذَكَرَ أَنَّ عُوجَ بنَ عُوق كَانَ يَكُونُ مَعَ فَراعنة مِصْرَ، وَيُقَالُ: كَانَ صَاحِبَ الصَّخْرَةِ أَراد أَن يُلحِقَها «1» عَلَى عَسْكَرِ مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَهُوَ الَّذِي قَتَلَهُ مُوسَى، صَلَوَاتُ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ. والعَوْجاءُ: اسْمُ امرأَة. والعَوْجاءُ: أَحدُ أَجْبُلِ طَيِّئٍ سُمِّي بِهِ لأَن هَذِهِ المرأَة صُلِبَتْ عَلَيْهِ، وَلَهَا حَدِيثٌ؛ قَالَ عَمْرِو بْنِ جُوَيْنٍ الطَّائِيِّ، وَبَعْضُهُمْ يَرْوِيهِ لِامْرِئِ الْقَيْسِ:
إِذا أَجَأٌ تَلَفَّعَتْ بشِعابِها ... عَلَيَّ، وأَمْسَت بالعَماءِ مُكلَّلَهْ
وأَصْبَحَتِ العَوْجَاءُ يَهْتَزُّ جِيدُها، ... كَجِيدِ عَرُوسٍ أَصْبَحَتْ مُتَبَذِّلَهْ
وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
إِنْ تَأْتني، وَقَدْ مَلأْتُ أَعْوَجا، ... أُرْسِلُ فِيهَا بَازِلًا سَفَنَّجَا
قَالَ: أَعْوَج هُنَا اسْمُ حَوْض. والعَوْجاء: القَوْسُ. وَرَجُلٌ أَعْوَجُ بَيِّنُ العَوَجِ أَي سَيءُ الخُلُق. ابْنُ الأَعرابي: فُلَانٌ مَا يَعُوجُ عَنْ شَيْءٍ أَي مَا يَرْجِعُ عَنْهُ.
عوهج: العَمْهَجُ والعَوْهَجُ: الطَّوِيلَةُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ؛ قَالَ البُشْتيُّ: العَوْهَج الحَيَّةُ فِي قَوْلِ رؤْبة:
حَصْبُ الغُوَاة العَوْهَجَ المَنْسوسا
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَهَذَا تَصْحِيفٌ دَلَّك عَلَى أَن صَاحِبَهُ أَخذ عَرَبِيَّتَه مِنْ كُتب سَقيمَة، وأَنه كَاذِبٌ فِي دَعْوَاهُ الْحِفْظَ وَالتَّمْيِيزَ، والحَيَّةُ يُقَالُ لَهُ العَوْمَجُ، بِالْمِيمِ، وَمَنْ قَالَ العَوْهَجُ، فَهُوَ جَاهِلٌ أَلكنُ، وَهَكَذَا رَوَى الرُّوَاةُ بَيْتَ رُؤْبَةَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي تَرْجَمَةٍ عمج.
عيج: العَيْجُ: شبهُ الاكْتِرَاث؛ وأَنشد:
وَمَا رأَيتُ بِهَا شَيْئًا أَعِيجُ بِهِ، ... إِلَّا الثُّمامَ، وإِلَّا مَوْقِدَ النارِ
__________
(1).
هكذا في الأَصل ولعلها يُلقيها.

(2/335)


تَقُولُ: عاجَ بِهِ يَعيجُ عَيْجُوجَةً، فَهُوَ عَائِجٌ بِهِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: مَا عاجَ بِقَوْلِهِ عَيجاً وعَيْجُوجَة: لَمْ يَكْتَرِثْ لَهُ أَو لَمْ يصدِّقه؛ وَمَا عاجَ بِالْمَاءِ عَيْجاً: لَمْ يَرْوَ لِمُلُوحَتِه، وَقَدْ يُستعمل فِي الواجِب. وَشَرِبْتُ شَرْبَةً مَاءً مِلْحاً فَمَا عِجْتُ بِهِ أَي لَمْ أَنتفع بِهِ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
وَلَمْ أَرَ شَيْئًا بعدَ لَيْلَى أَلَذُّهُ، ... وَلَا مَشرَباً أَرْوَى بِهِ فَأَعِيجُ
أَي أَنتفع بِهِ. وَمَا عاجَ بالدَّوَاءِ عَيْجاً أَي مَا انتَفَع؛ تَقُولُ: تَناوَلْتُ دَوَاءً فَمَا عِجْتُ بِهِ أَي لَمْ أَنتفِعْ بِهِ. وَمَا عاجَ بِهِ عَيْجاً: لَمْ يَرْضَه. وَمَا أَعيجُ مِنْ كَلَامِهِ بِشَيْءٍ أَي مَا أَعبَأُ بِهِ. قَالَ: وَبَنُو أَسَدٍ يَقُولُونَ: مَا أَعُوجُ بِكَلَامِهِ أَي مَا أَلتفِتُ إِليه، أَخَذوه مِنْ عُجْتُ النَّاقَةَ؛ ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ مَا يَعِيجُ بقَلْبي شَيْءٌ مِنْ كَلَامِكَ. وَيُقَالُ: مَا عِجْتُ بخَبرِ فُلَانٍ وَلَا أَعِيجُ بِهِ أَي لَمْ أَشْتَفِ بِهِ وَلَمْ أَسْتَيْقِنْهُ: وعاجَ يَعِيجُ إِذا انْتَفَعَ بِالْكَلَامِ وَغَيْرِهِ. وَيُقَالُ: مَا عِجْتُ مِنْهُ بِشَيْءٍ. والعَيْجُ: المَنْفَعة. أَبو عَمْرٍو: العِياجُ الرُّجوع إِلى مَا كنتَ عَلَيْهِ. وَيُقَالُ: مَا أَعِيجُ بِهِ عُوُوجاً «1»؛ وَقَالَ: مَا أَعِيجُ بِهِ عُيُوجاً أَي مَا أَكْتَرِث لَهُ وَلَا أُباليهِ.

فصل الغين المعجمة
غبج: غَبَجَ الماءَ يَغْبَجُه: جَرَعَه جَرْعاً مُتَدَارَكًا، وَهِيَ الغُبْجة.
غذج: غَذَجَ الماءَ يَغْذِجُه غَذْجاً: جَرعَه، قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَلَا أَدري مَا صحتها.
غسلج: الغَسْلَجُ: نَبَاتٌ مِثْلُ القَفْعاء تَرْتَفِعُ قَدْرَ الشِّبْرِ، لَهَا ورَقة لَزِجَة وزَهْرَة كَزَهْرَة المَرْوِ الجَبَلي؛ حَكَاهُ أَبو حنيفة.
غلج: غَلَجَ الفرسُ يَغْلِجُ غَلْجاً وغَلَجاناً: خَلَطَ العَنَق بالهَمْلَجَة. وَفَرَسٌ مِغْلَجٌ: وَقِيلَ: فَرَسٌ مِغْلَجٌ إِذا جَرَى جَرْيًا لَا يَخْتَلِطُ فِيهِ. وغَلَجَ الحمارُ غَلْجاً: عَدَا. وَحِمَارٌ مِغْلَجٌ: شَلَّالٌ لِلْعانة؛ وأَنشد:
سَفْواء مَرْخاء تُباري مِغْلَجَا
والتَّغَلُّجُ: البَغْيُ. وَغُصْنُ أُغْلُوجٌ: ناعِم. والغُلُجُ: الشَّبَابُ الحسن.
غلمج: الأَزهري فِي الرُّبَاعِيِّ: يُقَالُ هُوَ غُلامِجُكَ أَي غُلامُك، وغُلامِشُكَ، مثلُه.
غمج: غَمَجَ الماءَ يَغْمِجُه، غَمْجاً وغَمِجَه، بِالْكَسْرِ، غَمْجاً: جَرَعَه جَرْعاً مُتَتَابِعًا. والغَمْجَةُ والغُمْجَةُ: الجُرْعَة. وفَصيل غَمِجٌ: يَلْهَزُ أُمَّهُ. وتَغَامَجَ بَيْنَ أَرْفاغِ أُمِّه: لَهَزَها؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
غُمْجٌ غَمَالِيجُ غَمَلَّجَاتُ
غملج: عَدْوٌ غَمْلَجٌ: مُتدارِك؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ يَصِفُ الرَّعْدَ وَالْبَرْقَ:
فَأَسْأَدُ الليلَ إِرْقاصاً وزَفْزَفَةً، ... وغارَةً ووَسِيجاً غَمْلَجاً رَتِجَا
والغَمْلَجُ والغَمَلَّجُ: الَّذِي لَا يَسْتَقِيمُ عَلَى وَجْهٍ وَاحِدٍ يُحْسِنُ ثُمَّ يُسِيءُ، وَهُوَ الْمُخَلِّطُ. والغَمْلَجُ: الَّذِي فِي خَلْقه خَبْل واضْطِراب؛ ابْنُ الأَعرابي:
__________
(1).
قوله [مَا أَعيج بِهِ عُوُوجًا] هكذا في الأَصل.

(2/336)


يُقَالُ رَجُلٌ غَمْلَج وغَمَلَّج وغِمْلِيج وغُمْلُوج وغِمْلاج وغُمَالِج إِذا كَانَ مَرَّة قارِئاً ومَرَّة شَاطِرًا، وَمَرَّةً سَخِيّاً وَمَرَّةً بَخِيلًا، وَمَرَّةً شُجَاعاً وَمَرَّةً جَباناً، وَمَرَّةً حسَن الْخُلُقِ ومرَّة سَيِّئَه، لَا يَثْبُتُ عَلَى حَالَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهُوَ مَذْمُومٌ مَلُومٌ عِنْدَ الْعَرَبِ؛ قَالَ: وَيُقَالُ للمرأَة غَمْلَج وغَمَلَّج وغِمْلِيجَة وغُمْلُوجة؛ وأَنشد:
أَلا لَا تَغُرَّنَّ امْرَأً عُمَرِيَّةٌ ... عَلَى غَمْلَجٍ، طَالَتْ وتَمَّ قَوَامُها
عُمَرِيَّة: ثِيابٌ مَصْبُوغَةٌ؛ وَقَالَ أَبو نُخَيْلَة يَصِفُ نَاقَةً تَعْدو فِي خَرْقٍ وَاسِعٍ:
تُغْرِقُهُ طَوْراً بِشَدٍّ تُدْرِجُهُ، ... وَتَارَةً يُغْرِقُها غَمَلَّجُهْ
قَالَ: الغَمَلَّجُ الخَرْق الْوَاسِعُ. والغَمَلَّج: الطَّوِيلُ الْمُسْتَرْخِي. وَبَعِيرٌ غَمَلَّج: طَوِيلُ العنُق فِي غِلَظ وتَقَاعُسٍ. وَمَاءٌ غَمَلَّج: مُرٌّ غَلِيظٌ. والغُمْلُوجُ والغِمْلِيجُ: الْغَلِيظُ الْجَسِيمُ الطَّوِيلُ؛ يُقَالُ: وَلَدَتْ فُلَانَةُ غُلَامًا فَجَاءَتْ بِهِ أَمْلَجَ غِمْلِيجاً؛ حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي عَنْ الْمَسْرُوحِيِّ؛ قَالَ: وأَكثر كَلَامِ الْعَرَبِ غُمْلُوجٌ، وإِنما غِمْلِيجٌ عَنِ الْمَسْرُوحِيِّ وَحْدَهُ. والأَمْلَجُ: الأَصْفَر الَّذِي لَيْسَ بأَسود وَلَا أَبيض، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. أَبو حَنِيفَةَ: شَجَرٌ غُمَالِجٌ قَدْ أَسرع النَّبَاتَ وَطَالَ. والغُمَالِجُ: نَبَاتٌ عَلَى شَكْلٍ الذَّآنِين يَنْبُتُ فِي الرَّبِيعِ؛ قَالَ:
عَدْوَ الغَوَاني تَجْتَني الغُمَالِجَا
وَقَصَبٌ غُمَالِجٌ: ريَّان؛ قَالَ جَنْدَلُ بْنُ الْمُثَنَّى يَدْعُو عَلَى زَرْعِ إِنسان:
أَرْسِلْ إِلى زَرْعِ الخَبِيِّ الوَالِجِ، بَيْنَ أَناخين الحَصَادِ الهائجِ ... «1»، وبَيْنَ خُرْفَنْجِ النَّباتِ البَاهِجِ،
فِي غُلَوَاء القَصَب الغُمَالِجِ، ... مِنَ الدَّبى ذَا طَبَق أَفَايِجِ
والغُمْلُوج: الغُصْنُ النَّابِتُ يَنْبُتُ فِي الظلِّ؛ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هُوَ الْغُصْنُ النَّاعِمُ مِنَ النَّبَاتِ؛ وأَنشد لهِميان بْنِ قُحَافَةَ:
مَشْيَ العَذَارَى تَجْتَني الغَمالِجَا
أَراد الغَمَالِيجَ فاضْطرَّ فَحَذَفَ. وَرَجُلٌ غَمْلَجٌ، بِالْغَيْنِ، إِذا كَانَ ناعماً.
غمهج: الأَزهري: أَنشد لهِميان بْنِ قُحَافَةَ يَصِفُ إِبلًا فِيهَا فَحْلُهَا:
تَتْبَعُ قَيدُوماً، لَهَا، غُماهِجا، ... رَحْبَ اللَّبَان، مُدْمَجاً هُجاهِجا
الغُمَاهِجُ: الضَّخْمُ السَّمِينُ، وَيُقَالُ عُمَاهج، بِالْعَيْنِ، بمعْناه؛ وَقَالَ:
فِي غُلَوَاءِ القَصَب الغُمَاهِجِ
غنج: امرأَة غَنِجَة: حسَنة الدَّلّ. وغُنْجُها وغُناجُها: شَكْلُها، الأَخيرة عَنْ كُرَاعٍ، وَهُوَ الغُنْجُ والغُنُجُ، وَقَدْ غَنِجَتْ وتَغَنَّجَتْ، فَهِيَ مِغْناجٌ وغَنِجَة؛ وَقِيلَ: الغُنْجُ مَلاحَة العَينين. وَفِي حَدِيثِ الْبُخَارِيِّ فِي تَفْسِيرِ العَرِبَةِ:
هِيَ الغَنِجَةُ.
الغُنْجُ فِي الْجَارِيَةِ: تَكَسُّرٌ وتَدَلُّلٌ. والأُغْنُوجَة: مَا يُتَغَنَّجُ بِهِ؛ قَالَ أَبو ذؤَيب:
لَوَى رأْسَه عَني، ومالَ بِوُدِّهِ ... أَغانِيج خَوْدٍ، كَانَ فينَا يَزُورُها
__________
(1).
قوله [بين أَناخين] هكذا في الأَصل.

(2/337)


أَبو عَمْرٍو: الغِنَاجُ دُخَان النُّؤورِ الَّذِي تَجْعَلُهُ الْوَاشِمَةُ عَلَى خُضْرَتِهَا لِتَسْوَدَّ، وَهُوَ الغُنْجُ أَيضاً. وغُنَجَةُ، معرِفة، بِغَيْرِ أَلف ولامٍ: القُنفُذَة، لَا تَنْصَرِفُ. وَهُذَيْلٌ تَقُولُ: غَنَجٌ عَلَى شَنَجٍ؛ الغَنَجُ الرَّجُلُ؛ وَقِيلَ: الغَنَجُ، بِالتَّحْرِيكِ: الشَّيْخُ، فِي لُغَةِ هُذَيْلٍ. والشَّنَجُ: الْجَمَلُ الثَّقِيلُ. ومِغْنَج: أَبو دُغَةَ. والغَوْنَجُ: الْجَمَلُ السَّرِيعُ؛ عَنْ كُرَاعٍ، قَالَ: وَلَا أَعرفها عن غيره.
غنتج: قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي تَرْجَمَةِ ضَعَا:
فَوَلَدَتْ أَعْثَى ضَروطاً غَنْتَجَا
قَالَ: الغَنْتَجُ الثقيل الأَحمق.
غوج: جَمَل غَوْجٌ: عَرِيضُ الصَّدْرِ. وفرَس غَوْجُ اللَّبان أَي وَاسِعُ جِلْدَةِ الصَّدْرِ؛ وَقِيلَ: سَهْلُ المِعْطَف. وفرسٌ غَوْجٌ مَوْجٌ؛ غَوْجٌ: جَوَادٌ، ومَوْجٌ إِتْباعٌ؛ وَقِيلَ: هُوَ الطَّوِيلُ القَصَب؛ وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يَنْثَنِي يَذْهَبُ ويَجِيءُ؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: هُوَ الْوَاسِعُ جِلْد الصَّدْرِ، قَالَ: وَلَا يَكُونُ كَذَلِكَ إِلا وَهُوَ سَهْلُ المِعْطَف؛ وأَنشد اللَّيْثُ:
بَعِيدُ مَسافِ الخَطْوِ غَوْجٌ شَمَرْدَلٌ، ... يُقَطِّعُ أَنْفاسَ المَهَارى تَلاتِلُهْ
وَقَالَ أَبو وَجْزة:
مُقَارِب حِينَ يَحْزَوْزِي عَلَى جَدَدٍ، ... رِسْلٍ بِمُغْتَلِجَاتِ الرَّمْلِ غَوَّاج
وَقَالَ النَّضْرُ: الغَوْجُ اللَّيِّنُ الأَعْطاف مِنَ الخيْل، وَجَمْعُ غَوجٍ غُوْجٌ، كَمَا يُقَالُ جَارِيَةٌ خَوْدٌ، وَالْجَمْعُ خُودٌ. وتَغَوَّجَ الرَّجُلُ فِي مِشْيته: تثنَّى وتعطَّف وتمايَل. غَاجَ يَغُوجُ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
عَشِيَّةَ قامَتْ بالفِنَاء، كأَنَّها ... عَقِيلَةُ نَهْبٍ، تُصْطَفَى وتَغُوجُ
أَي تَتَعَرَّضُ لِرَئِيسِ الْجَيْشِ لِيَتَّخِذَهَا لِنَفْسِهِ. وَرَجُلٌ غَوْجٌ: مُسْترخٍ مِنَ النُّعاسِ.

فصل الفاء
فثج: ناقةٌ فاثِجٌ: سَمِينَةٌ حَائِلٌ؛ وَقِيلَ: سَمِينَةٌ كَوْماء وإِن لَمْ تَكُنْ حَائِلًا. الأَصمعي: الفاثِجُ والفاسِجُ: الْحَامِلُ مِنَ النُّوق؛ وَقِيلَ: هِيَ النَّاقَةُ الَّتِي لَقِحَت وحَسُنت؛ وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي لَقِحَت فَسَمِنَتْ وَهِيَ فتيَّة؛ وَقِيلَ: هِيَ الْفَتِيَّةُ اللَّاقِح؛ وَقَالَ هِمْيَانُ بْنُ قُحَافَةَ:
يَظَلُّ يَدْعُو نِيبَها الضَّماعِجا؛ ... والبَكَراتِ اللُّقَّحَ الفَواثِجَا
وَيُرْوَى الفَواسِجا. وفَثَجَ الماءَ الحارَّ بِالْمَاءِ الْبَارِدِ فَثْجاً: كَسَر بِهِ حَرَّه. وماءٌ لَا يُفْثَجُ وَلَا يُنْكَسُ أَي لَا يُنزَح. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: مَاءٌ لَا يُفْثَجُ أَي لَا يُبْلَغ غَوْره، وَقَوْلُهُمْ: بِئْرٌ لَا تُفْثَجُ، وَفُلَانٌ بَحْرٌ لَا يُفْثَجُ. وأَفْثَجَ الرَّجُلُ: أَعْيا وانْبَهَر، وَحَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي: أُفْثِج، عَلَى صِيغَةِ فِعْلِ الْمَفْعُولِ. الْكِسَائِيُّ: غَدَا الرجلُ حَتَّى أَفْثَجَ وأَفْثَى إِذا أَعْيا وانْبَهَرَ. أَبو عَمْرٍو: فَثَجَ إِذا نَقَصَ في كل شيء.
فجج: الفَجُّ الطَّرِيقُ الْوَاسِعُ بَيْنَ جَبَلين؛ وَقِيلَ: فِي جبَل أَو فِي قُبُلِ جَبَل، وَهُوَ أَوسع مِنَ الشِّعْبِ. الفَجُّ: المَضْرِب الْبَعِيدُ، وَقِيلَ: هُوَ الشِّعْب الْوَاسِعُ بَيْنَ الجبَلين، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: هُوَ مَا انْخَفَضَ مِنَ الطرُق،

(2/338)


وَجَمْعُهُ فِجاج وأَفِجَّةٌ، الأَخيرة نادرة؛ قال جندل ابن الْمُثَنَّى الحارِثِي:
يَجِئْنَ مِنْ أَفِجَّةٍ مَناهِجِ
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ
؛ قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: الفَجُّ الطَّرِيقُ الْوَاسِعُ فِي الجبَل. وَكُلُّ طَرِيقٍ بَعُد، فَهُوَ فَجٌّ. وَيُقَالُ: افْتَجَّ فُلَانٌ افْتِجاجاً إِذا سَلَكَ الفِجاجَ. وَفِي حَدِيثِ الْحَجِّ:
وَكُلُّ فِجاجِ مكَّة مَنْحَرٌ
، هُوَ جَمْعُ فَجٍّ، وَهُوَ الطَّرِيقُ الْوَاسِعُ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
أَنه قَالَ لِعُمَرَ: مَا سلكتَ فَجّاً إِلا سَلَكَ الشَّيْطَانُ فَجّاً غَيْرَهُ
؛ وفَجُّ الرَّوْحاء سَلَكَه النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِلى بَدْرٍ، وعامَ الْفَتْحِ وَالْحَجِّ. ووادٍ إِفْجِيجٌ: عَمِيقٌ، يَمَانِيَّةٌ، وَبَعْضُهُمْ يَجْعَلُ كلَّ وادٍ إِفْجِيجاً، وَرُبَّمَا سُمي بِهِ الثِّنْيُ فِي الجبَل. والإِفْجِيجُ: الْوَادِي الْوَاسِعُ، وَهُوَ مَعْنَى الفَجِّ. ابْنُ شُمَيْلٍ، الفَجُّ كأَنه طَرِيقٌ، قَالَ: وَرُبَّمَا كَانَ طَرِيقًا بَيْنَ جَبَلين أَو فَأْوَيْن، ويَنْقادُ ذَلِكَ يَوْمَيْنِ أَو ثَلَاثَةً إِذا كَانَ طَرِيقًا أَو غَيْرَ طَرِيقٍ، وإِن يَكُنْ طَرِيقًا، فَهُوَ أَرِيضٌ كَثِيرُ العُشْب والكَلإِ. والفَجُّ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ: تفريجُك بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ، يُقَالُ: فاجَّ الرجلُ يُفاجُّ فِجاجاً ومُفاجَّةً إِذا باعَد إِحْدى رِجْلَيْهِ مِنَ الأُخرى لِيَبُولَ؛ وأَنشد:
لَا تَمْلإِ الحَوْضَ فِجاجٌ، دونَهُ، ... إِلا سِجالٌ رُذُمٌ يَعْلُونَهُ
والفَجَجُ فِي القَدَمَين: تباعُد مَا بَيْنَهُمَا، وَهُوَ أَقبح مِنَ الفَحَج؛ وَقِيلَ: الفَجَجُ فِي الإِنسان تباعُد الرُّكْبَتَيْنِ، وَفِي الْبَهَائِمِ تباعُد العُرْقُوبَينِ. فَجَّ فَجَجاً، وَهُوَ أَفَجُّ بَيِّنُ الفَجَجِ. وفَجَّ رِجْليه وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ يَفُجُّهُما فَجّاً: فَتَحَهُ وباعَدَ مَا بَيْنَهُمَا؛ وفاجَّ: كَذَلِكَ. وَقَدْ فَجَجْتُ رِجْلَيَّ أَفُجُّهُما وفَجَوْتُهُما إِذا وسَّعت بَيْنَهُمَا. والفَجَجُ أَقبح مِنَ الفَحَجِ؛ يُقَالُ: هُوَ يَمْشِي مُفاجّاً وَقَدْ تَفاجَّ. ابْنُ الأَعرابي: الأَفَجُّ والفَنْجَلُ مَعًا المُتباعِد الفَخِذين الشَّدِيدُ الفَجَجٍ، وَمِثْلُهُ الأَفْجَى؛ وأَنشد:
اللهُ أَعطانِيك غيرَ أَحْدَلا، ... وَلَا أَصَكَّ، أَو أَفَجَّ فَنْجَلا
وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ إِذا بَالَ تَفاجَّ حَتَّى نَأْوِي لَهُ
:
التَّفاجُّ: المُبالغة فِي تفريج ما بين الرجلين، وَهُوَ مِنَ الفَجِّ الطَّرِيقِ، وَمِنْهُ حَدِيثُ
أُم مَعْبَد: فتفاجَّت عَلَيْهِ ودرَّت واجْتَرَّتْ
؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عُبادة الْمَازِنِيِّ: فركِب الْفَحْلَ فتَفاجَّ للبوْل
؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
حِينَ سُئل عَنْ بَنِي عَامِرٍ، فَقَالَ: جَمَل أَزْهَر مُتَفاجٌ
؛ أَراد أَنه مُخْصِب فِي مَاءٍ وَشَجَرٍ، فَهُوَ لَا يَزَالُ يَبُول لِكَثْرَةِ أَكله وَشُرْبِهِ. وَرَجُلٌ مُفِجُّ السَّاقَيْنِ إِذا تَبَاعَدَتْ إِحداهما مِنَ الأُخرى. وَفِيمَا سَبَّ بِهِ حَجْلُ بن شكل الحَرِثَ بْنَ مُصَرِّفٍ بَيْنَ يَدَي النُّعمان: إِنه لَمُفِجُّ الساقَين قَعْوُ الأَلْيَتَيْن. وقَوْسٌ فَجَّاء: ارْتَفَعَتْ سِيَتُها فَبَانَ وَتَرُها عَنْ عَجْسِها؛ وَقِيلَ: قَوْسٌ فَجَّاءُ ومُنْفَجَّةٌ: بانَ وَتَرُها عَنْ كَبِدها. وفَجَّ قَوْسَه، وَهُوَ يَفُجُّها فَجّاً: رَفَعَ وَتَرَها عَنْ كَبِدِها مِثْلُ فَجَوْتُها، وَكَذَلِكَ فَجَأَ قَوْسَه. الأَصمعي: مِنَ القِياسِ الفَجَّاء والمُنْفَجَّة والفَجْواء والفارِجُ والفَرْجُ: كُلُّ ذَلِكَ الْقَوْسِ الَّتِي يَبِين وَتَرُها عَنْ كَبِدِها، وَهِيَ بَيِّنَةُ الفَجَجِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
لَا فَجَجٌ يُرَى بِهَا وَلَا فَجا
وأَفَجَّ الظَّلِيمُ: رَمَى بصَوْمِهِ. والنَّعامة تَفِجُ

(2/339)


إِذا رَمَتْ بصَوْمِها. وَقَالَ ابْنُ القِرِّيَّةِ: أَفجَّ إِفْجاجَ النَّعامة، وأَجْفل إِجْفالَ الظَّلِيم؛ وأَفَجَّتِ النَّعامة، كَذَلِكَ. والفِجاجُ: الظَّلِيم يَبيض وَاحِدَةً؛ قَالَ:
بَيْضاء مِثْل بَيْضَة الفِجاجِ
وحافِرٌ مُفِجٌّ: مُقَبَّبٌ وَقاحٌ، وَهُوَ مَحْمُودٌ. وفَجَّ الْفَرَسُ وَغَيْرُهُ: هَمَّ بالعَدْوِ. والفِجُّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ: مَا لَمْ يَنْضَج. وفَجاجَتُه: نَهاءَتُهُ وقِلَّة نُضْجِه. وبِطِّيخٌ فِجٌّ إِذا كَانَ صُلباً غَيْرَ نَضِيج. وَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ: الثِّمَارُ كُلُّهَا فِجَّةٌ فِي الرَّبِيعِ حِينَ تَنْعَقِدُ حَتَّى يُنْضِجها حَرُّ القَيْظِ أَي تَكُونُ نِيئَةً. والفِجُّ: النِّيءُ. الصِّحَاحُ: الفِجُّ، بِالْكَسْرِ، البِطِّيخ الشامِيُّ الَّذِي تُسَمِّيهُ الفُرْس الهِنْدي. وَكُلُّ شَيْءٍ مِنَ البِطِّيخ وَالْفَوَاكِهِ لَمْ يَنضَج، فَهُوَ فِجٌّ. ابْنُ الأَعرابي: الفُجُجُ الثُّقلاء مِنَ النَّاسِ. ابْنُ سِيدَهْ: والفَجَّان عودُ الكِباسَة، قَالَ: وَقَضَيْنَا بأَنه فَعْلان لِغَلَبَةِ بَابِ فَعْلان عَلَى بَابِ فَعَّالٍ؛ أَلا تَرَى إِلى قَوْلِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
للوفد القائلين له: نحن بَنُو غَيَّان، فَقَالَ: أَنتم بَنُو رَشْدانَ؟
فَحَمَلَهُ عَلَى باب [غ وي] وَلَمْ يَحْمِلْهُ عَلَى بَابِ [غ ي ن] لغَبلَة زِيَادَةِ الأَلف وَالنُّونِ. وَرَجُلٌ فَجْفَجٌ وفُجافِجٌ وفَجْفاج: كَثِيرُ الْكَلَامِ والفَخْر بِمَا لَيْسَ عِنْدَهُ؛ وَقِيلَ: هُوَ الْكَثِيرُ الْكَلَامِ والصِّياح والجَلَبة؛ وَقِيلَ: هُوَ الْكَثِيرُ الْكَلَامِ بِلَا نِظام؛ وَقِيلَ: هُوَ المُجَلِّبُ الصَّيَّاح، والأُنثى بِالْهَاءِ، وَفِيهِ فَجْفَجَة؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدَةَ لأَبي عارِم الْكِلَابِيِّ فِي صِفَةِ بَخِيل:
أَغْنَى ابنُ عَمْرٍو عَنْ بخِيلٍ فَجْفاجْ، ... ذِي هَجْمَةٍ يُخْلِفُ حاجاتِ الرَّاجْ
شُحْم نَوَاصِيها، عِظام الإِنْتَاجْ، ... مَا ضَرَّها مَسُّ زمانٍ سَحَّاجْ
وَفِي حَدِيثِ
عُثْمَانَ: أَن هَذَا الفَّجْفاج لَا يَدْرِي أَين اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
؛ هُوَ المِهْذار المِكْثار مِنَ القَوْل؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَيُرْوَى البَجْباج، وَهُوَ بِمَعْنَاهُ أَو قَرِيبٌ مِنْهُ. وأَفَجَّ الرجلُ أَي أَسرع.
فحج: الْفَحَجُ: تَبَاعُدُ مَا بَيْنَ أَوساط السَّاقَينِ فِي الإِنسان وَالدَّابَّةِ؛ وَقِيلَ: تباعُدُ مَا بَيْنَ الفَخِذَين؛ وَقِيلَ: تباعُد مَا بَيْنَ الرِّجْلَيْنِ، وَالنَّعْتُ أَفْحَجُ، والأُنثى فَحْجاء؛ وَقَدْ فَحِجَ فَحَجاً وفَحْجَة، الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه بَالَ فَلَمَّا فَحَّجَ رِجْليه
أَي فَرَّقَهُما. والأَفْحَجُ: الَّذِي فِي رِجْليه اعْوِجاجٌ. وَرَجُلٌ أَفْحَجُ بَيِّنُ الفَحَج: وَهُوَ الَّذِي تَتَدانَى صُدُور قَدَمَيْه وتَتباعَد عَقِباه وتَتَفَحَّجُ ساقاهُ؛ وَفِي الْحَدِيثِ فِي صِفَةِ الدَّجَّال:
أَعْوَر أَفْحَج.
وَحَدِيثِ الَّذِي يُخَرِّب الْكَعْبَةَ:
كأَني بِهِ أَسْوَدَ أَفْحَجَ يَقْلَعُها حَجَراً حَجَراً
؛ ودابَّة فَحْجاء، وتَفَحَّجَ وانْفَحَجَ. والفَحْج، بِالتَّسْكِينِ: مِشْيَة الأَفْحَج. والتَّفَحُّجُ، مِثْلُ التَّفَشُّجِ: وَهُوَ أَن يُفَرِّج بَيْنَ رِجْلَيه إِذا جَلَسَ، وَكَذَلِكَ التَّفْحِيجُ مِثْلُ التَّفْشِيج. وأَفْحَجَ الرجلُ حَلُوبتَه إِذا فَرَّجَ مَا بَيْنَ رِجْلَيها لِيَحْلُبَها. ابْنُ سِيدَهْ: والفَحْجَل الأَفْحَجُ، زِيدَت اللَّامُ فِيهِ كَمَا قِيلَ: عَدَدٌ طَيْسٌ وطَيْسَلٌ أَي كَثِيرٌ، ولِذَكَر النَّعَامِ هَيْق وهَيْقَل، قَالَ: وَلَا يَعْرف سِيبَوَيْهِ اللَّامَ زَائِدَةً إِلا فِي عَبْدَل. وفَحْوَج: اسْمٌ.

(2/340)


والفُحْجُ: بَطْنٌ، اسْمُ أَبيهم فحوج.
فخج: الفَخَجُ: الطَّرْمَذَة؛ وَقَدْ فَخَجَه وفَخَجَ بِهِ. والفَخَجُ: مبايَنة إِحدى الْفَخِذَيْنِ للأُخرى، وأَكثر ذَلِكَ فِي الإِبل، وَقَدْ فَخِجَ فَخَجاً، وَهُوَ أَفْخَجُ.
فخدج: فَخْدَج: اسْمُ شَاعِرٍ.
فدج: الفَوْدَجُ: الهَوْدَج، وَقِيلَ: هُوَ أَصغر مِنَ الهَودَج، وَالْجَمْعُ الفَوادِج والهَوادِج. وفَوْدَج العَروسِ: مَرْكَبُها. وَقَالَ الْيَزِيدِيُّ: الفَودَجُ شَيْءٌ يَتَّخِذُه أَهل كِرْمان، وَالَّذِي يَتَّخِذُهُ الأَعراب هَودَج. وَنَاقَةٌ وَاسِعَةُ الفَودَج أَي وَاسِعَةُ الأَرْفاغِ. والفَوْدَجان: مَوْضِعٌ «2»؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
لَهُ عَلَيْهنَّ، بالخَلْصاء مَرْتَعِهِ، ... فالفَوْدَجَيْنِ، فَجَنْبَيْ واحِفٍ، صَخَبُ
فرج: الفَرْجُ: الخَلَلُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ، وَالْجَمْعُ فُرُوجٌ، لَا يكسَّر عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ يَصِفُ الثَّوْرَ:
فانْصاعَ مِنْ فَزَعٍ، وسَدَّ فُرُوجَهُ، ... غُبْرٌ ضَوارٍ، وافِيانِ وأَجْدَعُ
فُروجه: مَا بَيْنَ قَوَائِمِهِ. سَدَّ فُرُوجَه أَي مَلأَ قَوَائِمَهُ عَدْواً كأَن العَدْوَ سَدَّ فُروجَه ومَلأَها. وَافِيَانِ: صَحِيحَانِ. وأَجْدَع: مَقْطُوعُ الأُذُن. والفُرْجَة والفَرْجَة: كالفَرْج؛ وَقِيلَ: الفُرْجَة الخَصاصَة بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ. ابْنُ الأَعرابي: فَتَحات الأَصابع يُقَالُ لَهَا التَّفارِيجُ، وَاحِدُهَا تِفْراجٌ «3»، وخُرُوق الدَّرابِزِينِ يُقَالُ لَهَا التَّفارِيجُ والحُلْفُق. النَّضْرُ: فَرْجُ الْوَادِي مَا بَيْنَ عُدْوَتَيْهِ، وَهُوَ بطْنُه، وفَرْجُ الطَّرِيقِ مِنْهُ وفُوْهَتُه. وفَرْج الجبَل: فَجُّه؛ قَالَ:
مُتَوَسِّدِين زِمامَ كُلِّ نَجِيبةٍ، ... ومُفَرَّجٍ، عَرِقِ المَقَذِّ، مُنَوَّقِ
وَهُوَ الوَساعُ المُفَرَّجُ الَّذِي بَانَ مِرْفَقُه عَنْ إِبطِه. والفُرْجَة، بِالضَّمِّ: فُرْجَة الْحَائِطِ وَمَا أَشبهه، يُقَالُ: بَيْنَهُمَا فُرْجَة أَي انْفِراج. وَفِي حَدِيثِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ:
وَلَا تَذَرُوا فُرُجات الشَّيْطَانِ
؛ جَمْعُ فُرْجَة، وَهُوَ الخَلَلُ الَّذِي يَكُونُ بَيْنَ المُصَلِّينَ فِي الصُّفُوف، فأَضافها إِلى الشَّيْطَانِ تَفظِيعاً لشأْنها، وحَمْلًا عَلَى الِاحْتِرَازِ مِنْهَا؛ وَفِي رِوَايَةٍ: فُرُجَ الشَّيْطَانِ، جَمْعُ فُرْجَة كَظُلْمَة وظُلَم. والفَرْجَة: الرَّاحة مِنْ حُزْن أَو مَرَض؛ قَالَ أُمية بْنُ أَبي الصَّلْتِ:
لَا تَضِيقَنَّ في الأُمور، فقد تُكْشَفُ ... غَمَّاؤُها بِغَيْرِ احْتِيالِ
رُبَّما تَكْرَهُ النُّفُوسُ من الأمْرِ ... لَهُ فَرْجَةٌ، كَحَلِّ العِقالِ
ابْنُ الأَعرابي: فُرْجَة اسْمٌ، وفَرْجَةٌ مَصْدَرٌ. والفَرْجَة: التَّفَصِّي مِنَ الهَمِّ؛ وَقِيلَ: الفَرْجَة فِي الأَمر؛ والفُرْجَة، بِالضَّمِّ، فِي الْجِدَارِ وَالْبَابِ، والمعنَيان مُتَقارِبان؛ وَقَدْ فَرَج لَهُ يَفْرِج فَرْجاً وفَرْجَة. التَّهْذِيبُ: وَيُقَالُ مَا لِهَذَا الغَمِّ مِنْ فَرْجَة وَلَا فُرْجَة وَلَا فِرْجَة. الْجَوْهَرِيُّ: الفَرَجُ مِنَ الْغَمِّ، بِالتَّحْرِيكِ. يُقَالُ: فَرَّجَ اللَّهُ غَمَّك تَفْريجاً، وَكَذَلِكَ فَرَجَ اللَّهُ عَنْكَ غمَّك يَفْرِج، بِالْكَسْرِ. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ
__________
(2).
قوله [والفودجان موضع] هكذا في الأَصل بالنون. وعبارة القاموس وشرحه: والفودجات؛ هكذا في نسختنا، بالتاء المثناة في الآخر، والصواب الفودجان مثنى؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ إِلى آخر ما هنا انتهى. ولكن في معجم البلدان لياقوت والفودجات، بضم الفاء وفتح الدال وبالتاء: موضع، وأنشد الشطر الثاني من البيت موافقاً لما قاله.
(3).
قوله [واحدها تفراج] عبارة القاموس جمع تفرجة كزبرجة.

(2/341)


ابن جَعْفَرٍ: ذَكَرَتْ أُمُّنا يُتْمَنا وجَعَلَتْ تُفَرحُ لَهُ
؛ قَالَ أَبو مُوسَى: هَكَذَا وَجَدْتُهُ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، قَالَ: وَقَدْ أَضرب الطَّبَرَانِيُّ عَنْ هَذِهِ اللَّفْظَةِ فَتَرَكَهَا مِنَ الْحَدِيثِ، قَالَ: فإِن كَانَتْ بِالْحَاءِ، فَهُوَ مِنْ أَفرَحَه إِذا غَمَّه وأَزال عَنْهُ الفَرَحَ، وأَفْرَحَه الدَّيْن إِذا أَثْقَله، وإِن كَانَتْ بِالْجِيمِ، فَهُوَ مِنَ المُفْرَجِ الَّذِي لَا عَشِيرة لَهُ، فكأَنَّ أُمَّهُم أَرادتْ أَن أَباهم تُوُفِّيَ وَلَا عَشِيرَةَ لَهُمْ، فَقَالَ
النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: أَتَخافِينَ العَيْلة وأَنا وَلِيُّهُم؟
والفَرْجُ: الثَّغْرُ المَخُوف، وَهُوَ مَوْضِعُ الْمَخَافَةِ؛ قَالَ:
فَغَدَت، كِلا الفَرْجَينِ تَحْسَبُ أَنَّه ... مَولى المَخافة: خَلْفُها وأَمامُها
وَجَمْعُهُ فُرُوج، سُمِّي فَرْجاً لأَنه غَيْرُ مَسْدُود. وَفِي حَدِيثِ
عُمَر: قَدِمَ رَجُلٌ مِنْ بَعْضِ الفُرُوجِ
؛ يَعْنِي الثُّغُور، وَاحِدُهَا فَرْج. أَبو عُبَيْدَةَ: الفَرْجانِ السِّنْد وخُراسانُ، وَقَالَ الأَصمعي: سِجِسْتانُ وخُراسانُ؛ وأَنشد قَوْلَ الْهُذَلِيِّ:
عَلَى أَحَدِ الفَرْجَيْنِ كانَ مُؤَمَّرِي
وَفِي عَهْدِ الحجَّاج: اسْتَعْمَلْتُك عَلَى الفَرْجَين والمِصْرَينِ؛ الفَرْجانِ: خُراسانُ وسِجِسْتانُ، والمِصْرانِ: الكُوفة والبَصْرَة [البِصْرَة]. والفَرْجُ: العَوْرَة. والفَرْجُ: شِوارُ الرَّجُلِ والمرأَة، وَالْجَمْعُ فُرُوج. والفَرْجُ: اسْمٌ لِجَمْعِ سَوآت الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ والفِتْيان وَمَا حَوالَيْها، كُلُّهُ فَرْج، وَكَذَلِكَ مِنَ الدَّوابِّ وَنَحْوِهَا مِنَ الخَلْق. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَالْحافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحافِظاتِ
؛ وَفِيهِ: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ*
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: أَراد عَلَى فُروجِهِم يُحافِظون، فَجَعَلَ اللَّامَ بِمَعْنَى عَلَى، وَاسْتَثْنَى الثَّانِيَةَ مِنْهَا، فَقَالَ: إِلا عَلَى أَزواجِهم. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذِهِ حِكَايَةُ ثَعْلَبٍ عَنْهُ قَالَ: وَقَالَ مُرَّةُ: عَلَى مِن قَوْلِهِ: إِلا عَلَى أَزواجِهم؛ مِنْ صِلةِ مَلُومِينَ، وَلَوْ جَعَلَ اللَّامَ بِمَنْزِلَةِ الأَول لَكَانَ أَجود. وَرَجُلٌ فَرِجٌ: لَا يَزَالُ ينكشِف فَرْجُه. وفَرِجَ، بِالْكَسْرِ، فَرَجاً. وَفِي حَدِيثِ الزُّبَيْرِ:
أَنه كَانَ أَجْلَعَ فَرِجاً
؛ الفَرِجُ: الَّذِي يَبْدو فَرْجُه إِذا جَلَس، وينكَشِف. والفَرْجُ: مَا بَيْنَ اليَدَيْن وَالرِّجْلَيْنِ. وجَرَتِ الدَّابة مِلْءَ فُرُوجِها، وَهُوَ مَا بَيْنَ الْقَوَائِمِ، وَاحِدُهَا فَرْج؛ قَالَ:
وأَنت إِذا اسْتَدْبَرْتَهُ، سَدَّ فَرْجَه ... بِضافٍ فُوَيْقَ الأَرْض، ليْسَ بأَعْزَلِ
وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
شُعَبُ العِلافِيَّات بَيْنَ فُرُوجِهِمْ، ... والمُحْصَناتُ عَوازِبُ الأَطْهارِ
العِلافِيَّاتُ، رِحالٌ مَنْسُوبَةٌ إِلى عِلافٍ، رَجُلٌ مِنْ قُضاعةَ. والفُرُوج جَمْعُ فَرْج، وَهُوَ مَا بَيْنَ الرِّجلين، يُرِيدُ أَنهم آثَرُوا الغَزْوَ عَلَى أَطهار نِسَائِهِمْ؛ وكلُّ فُرْجَةٍ بَيْنَ شَيْئَيْنِ، فَهُوَ فَرْجٌ كُلُّهُ، كَقَوْلِهِ:
إِلَّا كُمَيْتاً كالقَناةِ وضابِئاً، ... بالفَرْجِ بَيْنَ لَبانِه ويَدِهْ
جَعَلَ مَا بَيْنَ يَدَيْهِ فَرْجاً؛ وَقَالَ إمرؤُ الْقَيْسِ:
لَهَا ذَنَبٌ مِثلُ ذَيْلِ العَروسِ، ... تَسُدُّ بِهِ فَرْجَها مِن دُبُرْ
أَراد مَا بَيْنَ فَخِذَي الفَرَسِ ورِجْلَيْها. وَفِي حَدِيثِ
أَبي جَعْفَرٍ الأَنصاري: فَمَلأْتُ مَا بَيْنَ فُروجي
، جَمْعُ فَرْجٍ، وَهُوَ مَا بَيْنَ الرِّجْلَيْنِ. يُقَالُ لِلْفَرَسِ: مَلأَ فَرْجَه وفُرُوجَه إِذا عَدا وأَسْرَع بِهِ. وسُمِّي

(2/342)


فَرْجُ المرأَة وَالرَّجُلِ فَرْجاً لأَنه بَيْنَ الرِّجْلين. وفُروجُ الأَرض: نواحِيها. وَبَابٌ مَفْرُوجٌ: مُفَتَّجٌ. ورجلٌ أَفْرَجُ الثَّنايا وأَفْلَجُ الثَّنايا، بِمَعْنًى وَاحِدٍ. والأَفْرَجُ: الْعَظِيمُ الأَلْيَتَيْنِ لَا تَكادان تَلْتقيان، وَهَذَا فِي الحَبَشِ. رَجُلٌ أَفْرَجُ وامرأَة فَرْجاءُ بَيِّنا الفَرَج؛ وَقَدْ فَرِجَ فَرَجاً. والمُفَرَّجُ كالأَفْرَجِ. والفُرُجُ والفِرْجُ، بِالْكَسْرِ: الَّذِي لَا يَكْتُمُ السِّرَّ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأُرى الفُرُجَ، بِضَمِّ الفاءِ وَالرَّاءِ، والفِرْجَ لُغَتَيْن؛ عَنْ كُرَاعٍ. وقَوْسٌ فُرُجٌ وفارِجٌ وفَرِيجٌ: مُنَفَّجَةُ السِّيَتَيْنِ، وَقِيلَ: هِيَ النَّاتِئَة عَنِ الوَتَرِ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي بانَ وَتَرُها عَنْ كَبِدِها. والفَرَجُ: انْكِشافُ الكَرْب وذهابُ الغَمِّ. وَقَدْ فَرَجَ اللَّهُ عَنْهُ وفَرَّجَ فانْفَرَجَ وتَفَرَّجَ. وَيُقَالُ: فَرَجَه اللَّهُ وفَرَّجه؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
يَا فارِجَ الهَمِّ وكشَّاف الكُرَبْ
وَقَوْلُ أَبي ذؤَيب:
فإِني صَبَرْتُ النَّفْسَ بَعْدَ ابنِ عَنْبَسٍ، ... وَقَدْ لَجَّ، مِنْ ماءِ الشُّؤُونِ، لَجُوجُ
لِيُحْسَبَ جَلْداً، أَو لِيُخْبَرَ شامِتٌ، ... وللشَّرِّ، بَعْدَ القارِعاتِ، فُرُوجُ
يَقُولُ: إِني صَبَرْتُ عَلَى رُزْئي بِابْنِ عَنْبَسٍ لأُحْسَبَ جَلْداً أَو لِيُخْبَر شامتٌ بتَجَلُّدي فَيَنْكَسِرَ عَني؛ وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ قَوْلُهُ فُرُوجٌ، جَمْعُ فَرْجة عَلَى فُروج كَصَخْرةٍ وصُخُور، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مَصْدَرًا لفَرَجَ يَفْرِجُ أَي تَفَرُّجٌ وَانْكِشَافٌ. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ لِلْمُشْطِ النحِيتُ والمُفَرَّجُ والمِرْجَلُ؛ وأَنشد ثَعْلَبٌ لِبَعْضِهِمْ يَصِفُ رَجُلًا شَاهَدَ الزُّورَ:
فَاتَهُ المَجْدُ والعَلاءُ، فأَضْحَى ... يَنْقُصُ الحَيْسَ بالنَّحِيتِ المُفَرَّج «1»
التَّهْذِيبُ: وَفِي حَدِيثِ
عَقِيلٍ: أَدْرِكُوا القومَ عَلَى فَرْجَتِهم
أَي عَلَى هَزيمَتِهم، قَالَ: ويُرْوى بِالْقَافِ والحاءِ. والفَريجُ: الظَّاهِرُ البارِزُ المُنْكَشِفُ، وَكَذَلِكَ الأُنثى؛ قَالَ أَبو ذؤَيب يَصِفُ دُرَّةً:
بكَفَّيْ رَقاحِيٍّ يُريدُ نَماءَها، ... لِيُبْرِزَها للبَيْعِ، فَهْيَ فَريجُ
كَشَفَ عَنْ هَذِهِ الدُّرَّة غِطاءَها لِيَراها النَّاسُ. وَرَجُلٌ نِفْرِجٌ ونِفْرِجَةٌ ونِفْراجٌ ونِفْرِجاءُ، مَمْدُودٌ: يَنْكَشِفُ عِنْدَ الْحَرْبِ. ونِفْرِجٌ ونِفْرِجةٌ، وتِفْرِجٌ وتِفْرِجَةٌ: ضَعِيفٌ جَبانٌ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
تِفْرِجَةُ القَلْبِ قَلِيلُ النَّيْلِ، ... يُلْقَى عَليه نِيدِلانُ [نِيدُلانُ] اللَّيْلِ
أَو أَنشد:
تِفْرِجَةُ القَلْبِ بَخِيلٌ بالنَّيل، ... يُلْقى عليه النِّيدُلانُ [النِّيدِلانُ] بِاللَّيْلِ
وَيُرْوَى نِفْرِجةٌ. والنِّفْرِجُ: القَصَّارُ. وامرأَة فُرُجٌ: مُتَفَضِّلَةٌ فِي ثوبٍ، يَمانِيةٌ، كَمَا تَقُولُ: أَهل نَجْد فُضُلٌ. ومَرَةٌ فَريجٌ: قَدْ أَعْيَتْ مِنْ الْوِلَادَةِ. وناقَةٌ فَريجٌ: كالَّة، شُبِّهَتْ بالمرأَة الَّتِي قَدْ أَعيت مِنَ الْوِلَادَةِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذَا قَوْلُ كُرَاعٍ، وَقَالَ مُرَّةُ: الفَريجُ مِنَ الإِبل الَّذِي قَدْ أَعْيا وأَزْحَفَ. وَنَعْجَةٌ فَريجٌ إِذا ولَدت فانفَرَج وَرِكاها؛ أَنشده
__________
(1).
قوله [ينقص الحيس] كذا في الأَصل، ومثله في شرح القاموس.

(2/343)


أَبو عَمْرٍو مُسْتَشْهِدًا بِهِ عَلَى مخخ:
أَمْسى حَبيبٌ كالفَريجِ رائِخا
والمُفرَجُ: الحَمِيلُ الَّذِي لَا وَلَدَ لَهُ، وَقِيلَ: الَّذِي لَا عَشِيرَةَ لَهُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والمُفْرَجُ: القَتِيل يُوجَد فِي فَلاةٍ مِنَ الأَرض. وَفِي الْحَدِيثِ:
العَقْلُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ عامَّةً
؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا يُتْرَك فِي الإِسلام مُفْرَجٌ
؛ يَقُولُ: إِن وُجِدَ قَتِيلٌ لَا يُعرف قَاتِلُهُ وُدِيَ مِنْ بَيْتِ مَالِ الإِسلام وَلَمْ يُترك، وَيُرْوَى بالحاءِ وَسَيُذْكَرُ فِي مَوْضِعِهِ. وَكَانَ الأَصمعي يَقُولُ: هُوَ مُفْرَحٌ، بالحاءِ، ويُنْكِر قولَهم مُفْرَجٌ، بِالْجِيمِ؛ وَرَوَى أَبو عُبَيْدٍ عَنِ جَابِرٍ الجعْفِيّ: أَنه هُوَ الرَّجُلُ الَّذِي يَكُونُ فِي الْقَوْمِ مِنْ غَيْرِهِمْ فحقَّ عَلَيْهِمْ أَن يَعْقِلوا عَنْهُ؛ قَالَ: وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ يَقُولُ: يُرْوَى بِالْجِيمِ والحاءِ، فَمَنْ قَالَ مُفْرَج، بِالْجِيمِ، فَهُوَ الْقَتِيلُ يُوجَد بأَرض فَلاة، وَلَا يَكُونُ عِنْدَهُ قَرْيةٌ، فَهُوَ يُودى مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَلَا يَبْطُلُ دَمُه، وَقِيلَ: هُوَ الرَّجُلُ يَكُونُ فِي الْقَوْمِ مِنْ غَيْرِهِمْ فَيَلْزَمُهُمْ أَن يَعْقِلوا عَنْهُ، وَقِيلَ: هُوَ الْمُثْقَلُ بِحَقِّ دِيَةٍ أَو فِداءٍ أَو غُرم. والمَفْروجُ: الَّذِي أَثقله الدَّيْنُ «2». وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: المُفْرَج أَن يُسْلِمَ الرَّجُلُ وَلَا يُوالي أَحداً، فإِذا جنى جِنَايَةً كَانَتْ جِنايَتُه عَلَى بَيْت الْمَالِ لأَنه لَا عاقِلة لَهُ؛ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ الَّذِي لَا دِيوانَ لَهُ. ابْنُ الأَعرابي: المُفْرَج الَّذِي لَا مَالَ لَهُ، والمُفْرَج الَّذِي لَا عَشِيرَةَ لَهُ. وَيُقَالُ: أَفْرَجَ القومُ عَنْ قَتِيلٍ إِذا انْكَشَفُوا، وأَفْرَجَ فُلَانٌ عَنْ مَكَانِ كَذَا وَكَذَا إِذا حلَّ بِهِ وَتَرَكَهُ، وأَفْرَجَ النَّاسُ عَنْ طَرِيقِهِ أَي انْكَشَفُوا. وفَرَجَ فاهُ: فَتَحَهُ للموْتِ؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جؤَية:
صِفْرِ المَباءَة ذِي هَرْسَيْنِ [هِرْسَيْنِ] مُنْعَجِفٍ، ... إِذا نَظَرْتَ إِلَيْه قُلْتَ: قَدْ فَرَجا
والفَرُّوجُ: الفَتِيُّ مِنْ وَلَدِ الدُّجاج، وَالضَّمُّ فِيهِ لُغَةٌ، رَوَاهُ اللِّحْيَانِيُّ. وفَرُّوجة الدُّجاجةِ تُجْمَعُ فَراريجَ، يُقَالُ: دُجاجة مُفْرِجٌ أَي ذَاتُ فَراريجَ. والفَرُّوجُ، بِفَتْحِ الفاءِ: القَباءُ، وَقِيلَ: الفَرُّوج قَباءٌ فِيهِ شَقٌّ مِنْ خَلْفِه. وَفِي الْحَدِيثِ:
صَلَّى بِنَا النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَلَيْهِ فَرُّوجٌ مِنْ حَريرٍ.
وفَرُّوج: لَقَبُ إِبراهيم بْنِ حَوْرانَ؛ قَالَ بَعْضُ الشعراءِ يَهْجُوه:
يُعَرِّضُ فَرُّوجُ بنُ حَوْرانَ بِنْتَه، ... كَمَا عُرِّضَتْ للمُشْتَرينَ جَزُورُ
لَحى اللهُ فَروجاً، وخَرَّبَ دارَه ... وأَخْزى بَنِي حَوْرانَ خِزْيَ حَمِير
وفَرَجٌ وفرَّاجٌ ومُفَرِّجٌ أَسماء. وبنو مُفْرِجٍ: بطن.
فربج: افْرَنْبَجَ جِلْدُ الحَمَلِ: شُوِي فَيَبِسَتْ أَعاليه، وَكَذَلِكَ إِذا أَصابه ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ شَيٍّ، وَهُوَ مَصْدَرُ شَوَيْتُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ عَناقاً شَواها وأَكل مِنْهَا:
فآكُلُ مِنْ مُفْرَنْبِجٍ بَيْنَ جلدها
فرتج: الفِرْتاجُ: سِمَةٌ مِنْ سِماتِ الإِبل حَكَاهُ أَبو عُبَيْدٍ وَلَمْ يَحِلَّ هَذِهِ السمةَ. وفِرْتاجٌ: مَوْضِعٌ، وَقِيلَ: مَوْضِعٌ فِي بِلَادِ طيِّئٍ؛ أَنشد سِيبَوَيْهِ:
أَلم تَسَلي فَتُخْبِرَكِ الرُّسومُ، ... عَلَى فِرْتاجَ، والطَّلَلُ القَديمُ؟
__________
(2).
قوله [وَالْمَفْرُوجُ الَّذِي أَثقله الدَّيْنُ] مقتضى ذكره هنا أَنه بالجيم. قال في شرح القاموس: وصوابه بالحاء، وتقدم للمصنف في هذه المادة في شرح حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جعفر ما يؤخذ منه ذلك. وكذا يؤخذ من القاموس في مادة فرج.

(2/344)


وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
قلتُ لِحَجْنٍ وأَبي العَجَّاجِ: ... أَلا الحَقا بِطَرَفَيْ فِرْتاجِ
فرزج: الفَيْرُوزَجُ: ضَرْبٌ مِنَ الأَصباغِ.
فسج: الفاسِجُ مِنَ الإِبل: اللَّاقِحُ، وَقِيلَ: اللاقحُ مَعَ سِمَنٍ، وَقِيلَ: هِيَ الحائِل السَّمِينَةُ، وَالْجَمْعُ فَواسِجُ وفُسَّجٌ؛ قَالَ:
والبَكَراتِ الفُسَّجَ العَطامِسا
والفاسِجَةُ مِنَ الإِبل: الَّتِي ضَرَبَها الفَحْل قَبْلَ أَوانِها؛ فَسَجَتْ تَفْسُجُ فُسوجاً. النَّضْرُ: الفاسِجُ الَّتِي حَمَلَتْ فَزَمَّت بأَنْفِها واسْتَكْبَرَتْ؛ أَبو عَمْرٍو: وَهِيَ السَّريعة الشابَّةُ؛ اللَّيْثُ: هِيَ الَّتِي أَعْجَلَها الفحْلُ فَضَرَبَ قَبْلَ وقْتِ المَضْرَبِ؛ وَقَالَ فِي الشاءِ: وَهِيَ فِي النُّوقِ أَعْرَفُ عِنْدَ الْعَرَبِ. الأَصمعي: الفاسِجُ والفاشِجُ: الْعَظِيمَةُ مِنَ الإِبل، قَالَ: وَبَعْضُ الْعَرَبِ يَقُولُ هُمَا الْحَامِلُ؛ وأَنشد:
تَخْدي بِهَا كلُّ خَنُوفٍ فاسِج
فشج: فَشَجَتِ الناقةُ وتَفَشَّجَتْ وانْفَشَجَتْ: تَفاجَّتْ وتَفَرْشَحَتْ لِتُحْلَبَ أَو تَبُولَ؛ وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: تفَشَّجَتْ ثُمَّ بالَتْ
، يَعْنِي النَّاقَةَ؛ هَكَذَا رَوَاهُ الْخَطَّابِيُّ، وَرَوَاهُ الْحُمَيْدِيُّ: فَشَجَّتْ، بِتَشْدِيدِ الْجِيمِ، وَالْفَاءُ زَائِدَةٌ لِلْعَطْفِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن أَعرابيّاً دَخَلَ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ففَشَجَ فبالَ
؛ قَالَ: وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ فَشَّجَ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الفَشْجُ تَفْريجُ مَا بَيْنَ الرِّجْلَيْنِ دُونَ التَّفاجِّ؛ قَالَ الأَزهري: رَوَاهُ أَبو عُبَيْدٍ بِتَشْدِيدِ الشِّينِ. والتَّفْشِيجُ: أَشدُّ مِنَ الفَشْجِ، وَهُوَ تَفْرِيجُ مَا بَيْنَ الرِّجْلَيْنِ. الْجَوْهَرِيُّ: فَشَجَ فبالَ أَي فرَّجَ بَيْنَ رِجْلَيْهِ، وَكَذَلِكَ فَشَّجَ تَفْشِيجاً. والتَّفَشُّجُ مِثْلُ التَّفَحُجِ. وتَفَشَّجَ الرَّجُلُ: تَفَحَّجَ. اللَّيْثُ: التَّفَشُّجُ: التَّفَحُّجُ على النار.
فضج: انْفَضَجَتِ القُرْحةُ: انْفَتَحَت. وانْفَضَجَ بَطْنُهُ: اسْتَرْخَتْ مَراقُّهُ. وكلُّ مَا عَرُضَ كالمَشْدُوخِ، فَقَدَ انْفَضَجَ؛ ابْنُ الأَعرابي: رَجُلٌ عِفْضَاجٌ ومِفْضاجٌ، وَهُوَ العظيمُ البَطْن المُسْتَرْخِيهِ. وَفِي حَدِيثِ
عَمْرو بْنِ الْعَاصِ أَنه قَالَ لِمُعَاوِيَةَ: لَقَدْ تَلافَيْتُ أَمْرَكَ وَهُوَ أَشدُّ انْفِضاجاً مِنْ حُقِّ الكَهْوَلِ
أَي أَشدُّ اسْتِرْخاءً وضَعْفاً من بين العَنْكبوتِ. وتَفَضَّجَ بَدَنُهُ بِالشَّحْمِ: تَشَقَّقَ، وَهُوَ أَن يأْخذ مأْخذه فَتَنْشَقَّ عُرُوقُ اللَّحمِ فِي مداخِلِ الشحْم بَيْنَ المَضابِع. وتَفَضَّجَ عَرَقاً: سَالَ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
بَعْدَ وأَما بدنُهُ تَفَضَّجا «1»
شَمِرٌ: يُقَالُ قَدِ انْفَضَجَتِ الدلْوُ، بِالْجِيمِ، إِذا سَالَ مَا فِيهَا مِنَ الْمَاءِ. وانْفَضَجَ فُلَانٌ بالعَرقِ إِذا سَالَ بِهِ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
ومُنْفَضِجاتٍ بالحَمِيمِ، كأَنَّما ... نُضِحَتْ لُبُودُ سُرُوجِها بِذِنابِ
قَالَ: وَيُقَالُ بِالْخَاءِ أَيضاً انْفَضَخَتْ؛ يَعْنِي الدَّلْوَ. وَيُقَالُ: انْفَضَجَتْ سُرَّتُه إِذا انفتحتْ. وَكُلُّ شَيْءٍ تَوَسَّعَ، فَقَدْ تَفَضَّجَ؛ وَقَالَ الْكُمَيْتُ:
يَنْفَضِجُ الجُودُ مِنْ يَدَيْهِ، كَمَا ... يَنْفَضِجُ الجَودُ، حِين يَنسَكِبُ
__________
(1).
قوله [بعد وأما إلخ] كذا بالأَصل.

(2/345)


وَقَالَ ابْنُ أَحمر:
أَلم تَسْمَعْ بفاضِجَةِ الدِّيارا «1»
حَيْثُ انْفَضَجَ واتَّسَعَ؛ وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: انْفَضَجَ الأُفُقُ إِذا تَبَيَّنَ. وَفُلَانٌ يَتَفَضَّجُ عَرَقاً إِذا عَرِقتْ أُصُولُ شَعَرِهِ ولم يَبْتَلَّ.
فلج: فِلْجُ كلِّ شَيءٍ: نِصْفُه. وفَلَج الشيءَ بَيْنَهُمَا يَفْلِجُه، بِالْكَسْرِ، فَلْجاً: قَسَمَه بنِصْفَيْنِ. والفَلْجُ: القَسْمُ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: أَنه بَعَثَ حُذَيْفَةَ وعثمانَ بنَ حُنَيفٍ إِلى السّوادِ فَفَلَجَا الجِزْيةَ عَلَى أَهْلِهِ
؛ الأَصمعي: يَعْنِي قَسَماها، وأَصْلُه مِنَ الفِلْج، وَهُوَ المِكْيَالُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ الفالِجُ، قَالَ: وإِنما سُمِّيَتِ القِسْمةُ بالفَلْجِ لأَن خَرَاجَهُمْ كَانَ طَعَامًا. شَمِرٌ: فَلَّجْتُ المالَ بَيْنَهُمْ أَي قَسَمْتُه؛ وَقَالَ أَبو دُوَادَ:
فَفَرِيقٌ يُفَلِّجُ اللَّحْمَ نِيئاً، ... وفَرِيقٌ لِطابِخِيهِ قُتارُ
وَهُوَ يُفَلِّج الأَمر أَي يَنْظُرُ فِيهِ ويُقَسِّمُه ويُدَبِّرهُ. الْجَوْهَرِيُّ: فَلَجْتُ الشَّيْءَ بَيْنَهُمْ أَفْلِجُه، بِالْكَسْرِ، فَلْجاً إِذا قَسَّمْتَهُ. وفَلَجْتُ الشَّيْءَ فِلْجَيْنِ أَي شَقَقْتُه نِصفين، وَهِيَ الفُلُوجُ؛ الْوَاحِدُ فَلْجٌ وفِلْجٌ. وفَلَجْتُ الجِزْيَةَ عَلَى الْقَوْمِ إِذا فَرَضْتَهَا عَلَيْهِمْ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: هُوَ مأْخوذ مِنَ القَفِيز الفالِجِ. وفَلَجْتُ الأَرضَ لِلزِّرَاعَةِ؛ وَكُلُّ شَيْءٍ شَقَقْتَه، فَقَدَ فَلَجْتَه. والفَلُّوجَةُ: الأَرض المُصْلَحَةُ لِلزَّرْع، وَالْجَمْعُ فَلالِيجُ، وَمِنْهُ سُمِّيَ موضعٌ فِي الفُرات فَلُّوجةَ. وتَفَلَّجَتْ قدَمه: تَشَقَّقَتْ. والفَلْجُ والفَالِجُ: الْبَعِيرُ ذُو السنامَين، وَهُوَ الَّذِي بَيْنَ البُخْتيِّ والعَرَبيِّ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَن سَنَامَهُ نِصفان، وَالْجَمْعُ الفَوالِجُ. وَفِي الصِّحَاحِ: الفَالِجُ الْجَمَلُ الضَّخْمُ ذُو السَّنَامَيْنِ يَحْمِلُ مِنَ السِّنْدِ لِلْفِحْلَة. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ فالِجاً تَرَدَّى فِي بِئْرٍ
، هُوَ الْبَعِيرُ ذُو السَّنَامَيْنِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَن سَنَامَيْهِ يَخْتَلِفُ مَيْلُهما. والفالِجُ: رِيحٌ يأْخذ الإِنسان فَيَذْهَبُ بشقِّه، وَقَدْ فُلِجَ فَالِجاً، فَهُوَ مَفْلُوجٌ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: لأَنه ذَهَبَ نِصْفُهُ، قَالَ: وَمِنْهُ قِيلَ لشُقَّةِ الْبَيْتِ فَلِيجَةٌ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: الفالِجُ داءُ الأَنبياء
؛ هُوَ داءٌ مَعْرُوفٌ يُرَخِّي بعضَ الْبَدَنِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهُوَ أَحد مَا جَاءَ مِنْ الْمَصَادِرِ عَلَى مِثَالِ فَاعِلٍ. والمَفْلُوجُ: صَاحِبُ الفالِجِ، وَقَدْ فُلِجَ. والفَلَجُ: الفَحَجُ فِي السَّاقَينِ، وَقَالَ: وأَصل الفَلْجِ النِّصفُ مِنْ كُلِّ شيءٍ، وَمِنْهُ يُقَالُ: ضَرَبَه الفالِجُ فِي السَّاقَينِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: كُرٌّ بِالْفَالِجِ وَهُوَ نِصْفُ الكُرِّ الْكَبِيرِ. وأَمْرٌ مُفَلَّجٌ: لَيْسَ بِمُسْتقِيمٍ عَلَى جهتِهِ. والفَلَجُ: تباعُدُ القَدَمَينِ أُخُراً. ابْنُ سِيدَهْ: الفَلَجُ تَباعُدُ مَا بَيْنَ السَّاقَيْنِ. وفَلَجُ الأَسنان: تباعُدٌ بَيْنَهَا؛ فَلِجَ فَلَجاً، وَهُوَ أَفْلَجُ، وثَغْرٌ مُفَلَّجٌ أَفْلَجُ، والفَلَجُ بَيْنَ الأَسنان. وَرَجُلٌ أَفْلَجُ إِذا كَانَ فِي أَسْنانِه تَفَرُّقٌ، وَهُوَ التَّفْلِيجُ أَيضاً. التَّهْذِيبُ: والفَلَجُ فِي الأَسنان تَبَاعُدُ مَا بَيْنَ الثَّنَايَا والرَّباعِيات خِلْقةً، فإِن تُكُلِّفَ، فَهُوَ التفليجُ. وَرَجُلٌ أَفْلَجُ الأَسنانِ وامرأَة فَلْجاءُ الأَسنانِ، قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الأَسنان، والأَفلج أَيضاً مِنَ الرِّجَالِ: الْبَعِيدُ مَا بَيْنَ الثديين.
__________
(1).
قوله [قال ابْنُ أَحمر أَلم تَسْمَعْ إلخ] كذا بالأَصل.

(2/346)


وَرَجُلٌ مُفَلَّجُ الثَّنَايَا أَي مُنْفَرِجُها، وَهُوَ خِلَافُ المُتراصِّ الأَسنان، وَفِي صِفَتِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
أَنه كَانَ مُفَلَّجَ الأَسنانِ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
أَفْلَجَ الأَسنانِ.
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه لَعَنَ المُتَفَلِّجاتِ للحُسْنِ
، أَي النساءَ اللَّاتِي يَفْعَلْنَ ذَلِكَ بأَسنانهن رَغْبَةً فِي التَّحْسِينِ. وفَلَجُ الساقَيْنِ: تُبَاعِدُ مَا بَيْنَهُمَا. والفَلَجُ: انقِلابُ الْقَدَمِ عَلَى الوَحْشِيّ وَزَوَالُ الكَعْبِ. وَقِيلَ: الأَفْلَجُ الَّذِي اعْوِجاجُه فِي يَدَيْهِ، فإِن كَانَ فِي رِجْلَيْهِ، فَهُوَ أَفْحَجُ. وَهَنٌ أَفْلَجُ: متباعِدُ الأَسْكَتَيْنِ. وفَرسٌ أَفْلَجُ: مُتَبَاعِدُ الحَرْقَفَتَيْنِ، وَيُقَالُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ: فَلِجَ فَلَجاً وفَلَجةً، عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وأَمْرٌ مُفَلَّجٌ: لَيْسَ عَلَى اسْتِقامةٍ. والفِلْجةُ: القِطْعةُ مِنَ البِجادِ. والفَلِيجةُ أَيضاً: شُقَّة مِنْ شُقَقِ الخِباء، قَالَ الأَصمعي: لَا أَدري أَين تَكُونُ هِيَ؟ قَالَ عَمْرُو بْنُ لَجَإٍ:
تَمَشَّى غيرَ مُشْتمِلٍ بِثَوْبٍ، ... سِوى خَلِّ الفَلِيجةِ بالخِلالِ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَوْلُ سَلْمَى بْنِ المُقْعَد الهُذَليِّ:
لَظَلَّتْ عَلَيْهِ أُمُّ شِبْلٍ كأَنَّها، ... إِذا شَبِعَتْ مِنْهُ، فَلِيجٌ مُمَدَّدُ
يَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد فَلِيجَةً مُمَدَّدَةً، فَحَذَفَ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مِمَّا يُقَالُ بِالْهَاءِ وَغَيْرِ الْهَاءِ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنَ الْجَمْعِ الَّذِي لَا يُفَارِقُ وَاحِدَهُ إِلا بِالْهَاءِ. والفَلْجُ: الظَّفَرُ والفَوْزُ؛ وَقَدْ فَلَجَ الرجلُ عَلَى خَصْمِه يَفْلُجُ فَلْجاً. وَفِي الْمَثَلِ: مَنْ يَأْتِ الحَكَمَ وَحْدَه يَفْلُجْ. وأَفْلَجَه اللَّهُ عَلَيْهِ فَلْجاً وفُلُوجاً، وفَلَجَ القومَ وَعَلَى القومِ يَفْلُجُ ويَفْلِجُ فَلْجاً وأَفْلَجَ: فازَ. وفَلَجَ سَهْمُه وأَفْلَجَ: فَازَ. وَهُوَ الفُلْجُ، بِالضَّمِّ. والسهْمُ الفالِجُ: الفائِزُ. وفَلَجَ بحُجَّتِه وَفِي حُجَّتِهِ يَفْلُجُ فُلْجاً وفَلْجاً وفَلَجاً وفُلُوجاً، كَذَلِكَ؛ وأَفْلَجَه عَلَى خَصْمِه: غَلَّبَه وفَضَّلَه. وفالَجَ فُلَانًا فَفَلَجَه يَفْلُجُه: خاصَمه فخصَمَه وغَلَبَه. وأَفْلَجَ اللهُ حُجَّتَهُ: أَظْهَرها وقَوَّمَها، وَالِاسْمُ مِنْ جَمِيعِ ذَلِكَ الفُلْجُ والفَلَجُ، يُقَالُ: لِمَنِ الفُلْجُ والفَلَجُ؟ وَرَجُلٌ فالِجٌ فِي حُجَّته وفَلْجٌ، كَمَا يُقَالُ: بالِغٌ وبَلْغٌ، وثابتٌ وثَبْتٌ. والفَلْجُ: أَن يَفْلُجَ الرجلُ أَصحابَه يَعْلُوهم ويَفُوتُهُمْ. وأَنا مِنْ هَذَا الأَمر فالِجُ بنُ خَلاوةَ أَي بِريءٌ؛ فالِجٌ: اسْمُ رَجُلٍ، وَهُوَ فَالِجُ بْنُ خَلاوةَ الأَشجعي؛ وَذَلِكَ أَنه قِيلَ لِفَالِجِ بْنِ خَلاوةَ يَوْمَ الرَّقَمِ لَمَّا قَتَلَ أُنَيْسٌ الأَسْرى: أَتَنْصُرُ أُنَيْساً؟ فَقَالَ: إِنِّي مِنْهُ بَرِيءٌ. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا وَقَعَ فِي أَمر قَدْ كَانَ مِنْهُ بِمَعْزِلٍ: كنتَ مِنْ هَذَا فالِجَ بنَ خَلاوةَ يَا فَتَى. الأَصمعي: أَنا مِنْ هَذَا فَالِجُ بْنُ خَلَاوَةَ أَي أَنا مِنْهُ بَرِيءٌ؛ وَمِثْلُهُ: لَا ناقةَ لِي فِي هَذَا وَلَا جَمَلَ؛ رَوَاهُ شَمِرٌ لِابْنِ هَانِئٍ، عَنْهُ. والفَلَجُ، بِالتَّحْرِيكِ: النَّهْرُ، وَقِيلَ: النَّهْرُ الصَّغِيرُ، وَقِيلَ: هُوَ الْمَاءُ الْجَارِي؛ قَالَ عُبَيْدٌ:
أَو فَلَجٌ بِبَطْنِ وادٍ ... للماءِ، مِنْ تَحْتِه، قَسِيبُ
الْجَوْهَرِيُّ: وَلَوْ رُوِيَ فِي بُطونِ وادٍ، لاستقامَ وَزْنُ الْبَيْتِ، وَالْجَمْعُ أَفْلاجٌ؛ وَقَالَ الأَعشى:
فَمَا فَلَجٌ يَسْقِي جَداوِلَ صَعْنَبَى، ... لَهُ مَشْرَعٌ سَهْلٌ إِلى كلِّ مَوْرِدِ

(2/347)


الْجَوْهَرِيُّ: والفَلْج نَهْرٌ صَغِيرٌ؛ قَالَ الْعَجَّاجِ:
فَصَبِّحا عَيْناً رِوًى وفَلْجا
قَالَ: والفَلَجُ؛ بِالتَّحْرِيكِ، لُغَةٌ فِيهِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنشاده:
تَذَكَّرا عَيْناً رِوًى وفَلَجا
بِتَحْرِيكِ اللَّامِ؛ وَبَعْدَهُ:
فَراحَ يَحْدُوها وباتَ نَيْرَجا
النَّيْرَجُ: السَّرِيعَةُ؛ وَيُرْوَى:
تَذَكَّرا عَيْناً رَواءً فَلَجا
يَصِفُ حِمَارًا وأُتُناً. والماءٌ الرِّوى: العَذْبُ، وَكَذَلِكَ الرَّواءُ، وَالْجَمْعُ أَفْلاجٌ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
بِعَيْنَيَّ ظُعْنُ الحَيِّ، لمَّا تَحَمَّلُوا ... لَدى جانِبِ الأَفْلاجِ، منْ جَنْبِ تَيْمَرا
وَقَدْ يُوصَفُ بِهِ، فَيُقَالُ: مَاءٌ فَلَجٌ وَعَيْنٌ فَلَج، وَقِيلَ: الفَلَجُ الْمَاءُ الْجَارِي مِنَ الْعَيْنِ؛ قَالَهُ اللَّيْثُ وأَنشد:
تذكَرا عَيْنًا رَواءً فَلَجا
وأَنشد أَبو نَصْرٍ:
تذكَّرا عَيْنَا رِوًى وفَلَجا
والرِّوى: الْكَثِيرُ. والفُلُجُ: الساقِيةُ الَّتِي تَجْري إِلى جَمِيعِ الحائطِ. والفُلْجانُ: سَوَاقِي الزَّرْع. والفَلَجاتُ: المَزارِعُ؛ قَالَ:
دَعُوا فَلَجاتِ الشامِ، قدْ حَالَ دُونَها ... طِعانٌ، كأَفْواهِ المخاضِ الأَوارِكِ
وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي الْحَاءِ. والفَلُّوجةُ: الأَرض الطيِّبَةُ البَيْضاءُ المُسْتَخْرَجةُ للزراعةِ. والفَلَجُ: الصُّبْحُ؛ قَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ:
عَنِ القَرامِيصِ بأَعْلى لاحِبٍ ... مُعَبَّدٍ، مِنْ عَهْدِ عادٍ، كالفَلَجْ
وانْفَلَجَ الصبْحُ: كانْبَلَجَ. والفالِجُ والفِلْجُ: مِكيالٌ ضَخْمٌ مَعْرُوفٌ؛ وَقِيلَ: هُوَ القَفِيز، وأَصله بالسُّرْيانية فَالْغَاءُ، فعُرِّب؛ قَالَ الْجَعْدِيُّ يَصِفُ الْخَمْرَ:
أُلْقِيَ فِيهَا فِلْجانِ مِنْ مِسْكِ دارِينَ، ... وفِلْجٌ مِنْ فُلْفُلٍ ضَرِمِ
قال سيبويه: الفِلْج [الفَلْج] الصِّنْفُ مِنَ النَّاسِ؛ يُقَالُ: الناسُ فِلْجانِ أَي صِنْفانِ مِنْ داخلٍ وَخَارِجٍ؛ قال السيرافي: الفَلْجُ [الفِلْجُ] الَّذِي هُوَ الصِّنْفُ والنِّصْفُ مُشْتَقٌّ مِنَ الفِلْجِ الَّذِي هُوَ القَفِيزُ، فالفِلج عَلَى هَذَا الْقَوْلِ عَرَبِيٌّ، لأَن سِيبَوَيْهِ إِنما حَكَى الْفَلْجَ عَلَى أَنه عَرَبِيٌّ، غَيْرُ مُشْتَقٍّ مِنْ هَذَا الأَعجمي؛ وَقَوْلُ ابْنِ طُفَيْلٍ:
تَوَضَّحْنَ فِي عَلْياء قَفْرٍ كأَنَّها ... مَهارِقُ فَلُّوجٍ، يُعارِضْنَ تاليَا
ابْنُ جَنَبَةَ: الفَلُّوجُ الكاتِبُ. والفَلْجُ والفُلْجُ: القَمْرُ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِن المُسْلِم، مَا لَمْ يَغْشَ دَنَاءَةً يَخْشَعُ لَهَا إِذا ذُكِرَتْ وتُغْري بِهِ لِئامَ النَّاسِ، كالياسِرِ الفالِجِ
؛ الياسِرُ: المُقامِرُ؛ والفالِجُ: الغالبُ فِي قِمارِه. وَقَدْ فَلَجَ أَصحابَه وَعَلَى أَصحابِه إِذا غَلَبَهم. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَيُّنا فَلَجَ فَلَجَ أَصحابه.
وَفِي حَدِيثِ
سَعْدٍ: فأَخذْتُ سَهْمي الفالِجَ
أَي القامِرَ الغالبَ، قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ السهمَ الَّذِي سَبَقَ بِهِ فِي النِّضال. وفي حديث
مَعْنِ ابن يزيدَ: بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وخاصَمْتُ إِليه فَأَفْلَجَني
أَي حَكَمَ لِي وغَلَّبَني

(2/348)


عَلَى خَصْمِي. وفَلالِيجُ السَّوادِ: قُراها، الْوَاحِدَةُ فَلُّوجةٌ. وفَلْجٌ: اسْمُ بَلَدٍ، وَمِنْهُ قِيلٌ لِطَرِيقٍ يأْخذ مِنْ طَرِيقِ الْبَصْرَةِ إِلى الْيَمَامَةِ: طريقُ بَطْنِ فَلْجٍ. ابْنُ سِيدَهْ: وفَلْجٌ مَوْضِعٌ بَيْنَ البَصْرةِ وضَرِيَّةَ مُذَكَّرٌ، وَقِيلَ: هُوَ وَادٍ بِطَرِيقِ الْبَصْرَةِ إِلى مَكَّةَ، بِبَطْنِهِ مَنازِلُ لِلْحَاجِّ، مَصْرُوفٌ؛ قَالَ الأَشْهَبُ بْنُ رُمَيْلَة:
وإِنَّ الَّذِي حانَتْ بِفَلْجٍ دِماؤُهُمْ ... هُمُ القَوْمُ، كُلُّ القَوْمِ، يَا أُمَّ خالِدِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: النَّحْوِيُّونَ يَسْتَشْهِدُونَ بِهَذَا الْبَيْتِ عَلَى حَذْفِ النُّونِ مِنَ الَّذِينَ لِضَرُورَةِ الشِّعْرِ، والأَصل فِيهِ وإِن الَّذِينَ؛ كَمَا جَاءَ فِي بَيْتِ الأَخطل:
أَبَني كُلَيْبٍ، إِنَّ عَمَّيَّ اللَّذا ... قَتَلا المُلُوكَ، وفَكَّكا الأَغْلالا
أَراد اللَّذَانِ، فَحَذَفَ النُّونَ ضَرُورَةً. والإِفْلِيجُ: مَوْضِعٌ. والفَلُّوجةُ: قَرْيَةٌ مِنْ قُرى السَّوادِ. وفَلُّوجٌ: مَوْضِعٌ. والفَلَجُ: أَرض لِبَنِي جَعْدَةَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ قَيْسٍ مِنْ نَجْدٍ. وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ فَلَجٍ؛ هُوَ بِفَتْحَتَيْنِ، قَرْيَةٌ عَظِيمَةٌ مِنْ نَاحِيَةِ الْيَمَامَةِ وَمَوْضِعٌ بِالْيَمَنِ مِنْ مَسَاكِنَ عادٍ؛ وَهُوَ بِسُكُونِ اللَّامِ، وادٍ بَيْنَ البَصْرةِ وحِمَى ضَرِيَّةَ. وفالِجٌ: اسْمٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
مَنْ كانَ أَشْرَكَ فِي تَفَرُّقِ فالِجٍ، ... فَلَبُونُه جَرِبَتْ مَعاً وأَغَدَّتِ
فنج: الفَنَجُ: إِعْرابُ الفَنَك، وَهُوَ دابَّة يُفْتَرى بِجِلْدِهِ أَي يُلْبَسُ مِنْهُ فِراءٌ. ابْنُ الأَعرابي: الفُنُجُ الثُّقَلَاءِ مِنَ الرِّجَالِ.
فنزج: الفَنْزَجَةُ والفَنْزَجُ: النَّزَوانُ، وَقِيلَ: هُوَ اللَّعِبُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ الدَّسْتْبَنْدْ؛ يَعْنِي بِهِ رَقْصَ المجوسِ، وَفِي الصِّحَاحِ: رَقْصُ العَجَمِ إِذا أَخذ بَعْضُهُمْ يَدَ بَعْضٍ وَهُمْ يَرْقُصونَ؛ وأَنشد قَوْلَ الْعَجَّاجِ:
عَكْفَ النَّبيطِ يَلْعَبُونَ الفَنْزجا
قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: هِيَ لُعْبَةٌ لَهُمْ تُسَمَّى بَنْجَكانْ بِالْفَارِسِيَّةِ، فعُرِّب، وَفِي الصِّحَاحِ هُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ: بَنْجَهْ. ابْنُ الأَعرابي: الفَنْزَجُ لَعِبُ النَّبيطِ إِذا بَطِروا، وَقِيلَ: هِيَ الأَيامُ المُسْتَرَقَةُ فِي حِسابِ الفُرْسِ.
فهج: الفَيْهَجُ: مِنْ أَسماء الخَمْرِ، وَقِيلَ: هُوَ مِنْ صِفاتِها؛ قَالَ:
أَلا يَا اصْبِحاني فَيْهَجاً جَيْدَرِيَّةً ... بماءِ سَحابٍ، يَسْبِقُ الحَقَّ باطِلي
جَيْدَرِيَّة: مَنْسُوبَةٌ إِلى قَرْيَةٍ بِالشَّامِ يُقَالُ لَهَا جَيْدَرٌ، وَقِيلَ: مَنْسُوبَةٌ إِلى جَدَرٍ مَوْضِعٌ هُنَالِكَ أَيضاً، نَسَباً عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، وَقِيلَ: الفَيْهَجُ الخَمْرُ فارسيٌّ مُعَرَّبٌ. وَالْحَقُّ: الموتُ. والباطِلُ: اللَّهْو، وَقِيلَ: الفَيْهَجُ الْخَمْرُ الصَّافِيَةُ. ابْنُ الأَنباري: الفَيْهَجُ اسْمٌ مُخْتَلَقٌ لِلْخَمْرِ، وَكَذَلِكَ القِنْديدُ وأُمُّ زنْبَقٍ؛ وَقِيلَ: الفَيْهَجُ مَا تُكالُ بِهِ الْخَمْرُ، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ؛ وَاسْتُشْهِدَ بِقَوْلِهِ:
أَلا يَا اصْبِحِينا فَيْهَجاً جَدَرِيَّةً
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ لِمَعْبَدِ بْنِ سَعْنَةً، وَصَوَابُ إِنشاده: أَلا يَا اصْبِحاني، لأَنه يخاطِبُ صاحِبَيْهِ؛ وَقَبْلَهُ:
أَلَا يَا اصْبِحاني قَبْلَ لَوْمِ العَواذِلِ، ... وقَبْلَ وداعٍ، مِنْ زُنَيْبةَ، عاجِلِ
قَالَ: وجَدرِيَّة مَنْسُوبَةٌ إِلى جَدَرَ، قرية بالشام.

(2/349)


فوج: الفائِجُ والفَوْجُ: القَطِيعُ مِنَ النَّاسِ، وَفِي الصِّحَاحِ: الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: هَذَا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ
؛ قِيلَ: إِن مَعْنَاهُ هَذَا الفَوْجَ هُمْ أَتباعُ الرُّؤساء، وَالْجَمْعُ أَفْواجٌ وأَفاوِجُ وأَفاويجُ، وحكى سيبويه فُؤُوج. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْواجاً
؛ قَالَ أَبو الْحَسَنِ: أَي جماعاتٍ كَثِيرَةً بعدَ أَنْ كَانُوا يَدْخُلُونَ وَاحِدًا وَاحِدًا وَاثْنَيْنِ اثْنَيْنِ صَارَتِ الْقَبِيلَةُ تَدْخُلُ بأَسْرِها فِي الإِسلام. والفائِج: مِنْ قَوْلِكَ مَرَّ بِنَا فائِجُ وليمةِ فلانٍ أَي فَوْجٌ مِمَّنْ كَانَ فِي طَعَامِهِ. والإِفاجةُ: الإِسْراعُ والعَدْوُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ يَصِفُ نَعْجَةً:
لَا تَسْبِقُ الشيْخَ إِذا أَفاجا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الرَّجَزُ لأَبي مُحَمَّدٍ الْفَقْعَسِيِّ؛ وَقَبْلَهُ:
أَهْدى خلِيلي نَعْجَةً هِمْلاجا، ... مَا يَجِدُ الرَّاعِي بِهَا لَماجا
قَالَ: والأَصل فِي الهِمْلاجِ أَنه البِرْذَوْنُ، والهَمْلَجةُ سَيْرُهُ، فَاسْتَعَارَهُ لِلنَّعْجَةِ. وَيُقَالُ: مَا ذُقْتُ عِنْدَهُ لَماجاً أَي شَيْئًا، قَالَ: وَالْمَشْهُورُ فِي رَجَزِهِ: أَعْطَى عقالٌ نَعْجَةً؛ وَهُوَ اسْمُ رَجُلٍ. وَفِي حَدِيثِ
كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ: يَتَلَقّاني الناسُ فَوْجاً فَوْجاً
؛ ابْنُ الأَثير: الفَوْجُ الْجَمَاعَةُ مِنَ الناسِ، والفَيْجُ مِثْلُهُ، وَهُوَ مُخَفَّفٌ مِنَ الفَيِّجِ، وأَصله الْوَاوُ، يُقَالُ: فاجَ يَفُوجُ، فَهُوَ فَيِّجٌ مِثْلُ هانَ يَهُونُ، فَهُوَ هَيِّنٌ، ثُمَّ يُخَفَّفَانِ، فَيُقَالُ: فَيْجٌ وهَيْنٌ. والفائجةُ مِنَ الأَرض: مُتَّسَعُ ما بين كل مُرتَفِعَيْنِ مِنْ غِلَظ أَو رَمْلٍ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي فَيْجٍ أَيضاً. وناقةٌ فائجٌ: سَمِينَةٌ، وَقِيلَ: هِيَ حَائِلٌ سَمِينَةٌ، والمعروف فائِجٌ. وفاجَ المِسْكُ: سَطَعَ، وفاجَ كَفاحَ؛ قَالَ أَبو ذؤَيب:
عَشِيَّةَ قامَتْ فِي الفِناءِ كأَنَّها ... عَقِيلةُ سَبْيٍ، تُصْطَفَى وتَفوجُ
وصُبَّ عَلَيْهَا الطِّيبُ، حَتَّى كأَنها ... أَسِيٌّ، عَلَى أُمِّ الدِّماغِ، حَجِيجُ
فيج: الفَيْجُ والفِيجُ: الانْتِشارُ. وأَفاجَ القومُ فِي الأَرض: ذَهَبُوا وانْتَشَرُوا. وأَفاجَ فِي عَدْوِه: أَبطأَ؛ وأَنشد:
لَا تَسْبِقُ الشيْخَ إِذا أَفاجا
وَهَذَا أَورده الْجَوْهَرِيُّ فِي تَرْجَمَةِ فوج شَاهِدًا عَلَى الإِفاجة: الإِسْراعِ والعَدْوِ. والفَيْجُ: الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ؛ قَالَ الأَزهري: أَصله فَيِّجٌ مِنْ فاجَ يَفُوجُ، كَمَا يُقَالُ: هَيِّنٌ مِنْ هانَ يَهُونُ، ثُمَّ يُخَفَّفُ فَيُقَالُ هَيْنٌ. والفَيْجُ: رَسُولُ السُّلْطَانِ عَلَى رِجْلِه؛ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يَسْعَى بِالْكُتُبِ، وَالْجَمْعُ فُيُوجٌ؛ وَقَوْلُ عَدِيٍّ:
أَمْ كَيْفَ جُزْتَ فُيُوجاً، حَوْلَهُمْ حَرَسٌ، ... ومَرْبَضاً، بابُه، بالشَّكِّ، صَرَّارُ؟
قِيلَ: الفُيُوجُ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ السِّجْنَ وَيَخْرُجُونَ يَحْرُسونَ. الْجَوْهَرِيُّ فِي تَرْجَمَةِ فوج: والفَيْجُ فَارِسِيٌّ معرَّب، وَالْجَمْعُ فُيُوجٌ، وَهُوَ الَّذِي يَسْعَى عَلَى رِجْلَيْهِ. وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ الفَيْجِ، وَهُوَ المُسْرعُ فِي مَشْيِه الَّذِي يَحْمِلُ الأَخبار مِنْ بَلَدٍ إِلى بَلَدٍ. وفاجَتِ الناقةُ بِرِجْلَيْهَا تَفِيجُ: نَفَحَتْ بِهِمَا مِنْ خَلْفِها؛ وَنَاقَةٌ فَيَّاجةٌ: تَفِيجُ بِرِجْلَيْهَا؛ قَالَ:
ويَمْنَحُ الفَيَّاجَةَ الرَّفُودا
الأَصمعي: الفوائِجُ مُتَّسَعُ مَا بَيْنَ كلِّ مرتفعين من غِلَظٍ أَو رمْلٍ، وَاحِدَتُهَا فائِجةٌ. أَبو عَمْرٍو: الفائِجُ

(2/350)


البِساطُ الواسِعُ مِنَ الأَرض؛ قَالَ حُمَيْدٌ الأَرقط:
إِلَيْكَ، رَبّ الناسِ ذِي المَعارِجِ، ... يَخْرُجْنَ مِنْ نَخْلة ذِي مَضارِجِ،
مِنْ فائِجٍ أَفْيَجَ بَعْدَ فائِجِ
وَقَالَ:
باتَتْت تُداعي قِرَباً أَفائِجَا
أَفائِجُ وأَفاوِيجُ: جَمْعُ أَفْواجٍ؛ أَي باتَتْ تُداعِي قِرَب الماءِ فَوْجاً فَوْجًا قَدْ رَكِبَتْ رُؤوسها. ابْنُ شُمَيْلٍ: الْفَائِجَةُ كَهَيْئَةِ الْوَادِي بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ أَو بَيْنَ الأَبْرَقَينِ كَهَيْئَةِ الخَلِيفِ، إِلّا أَنها أَوسَعُ، وَجَمْعُهَا فَوائِجُ.

فصل القاف
قبج: القَبْجُ: الحَجَلْ. والقَبْجُ: الكَرَوانُ، معرَّب، وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ كبْجْ؛ مُعَرَّبٌ لأَن الْقَافَ وَالْجِيمَ لَا يَجْتَمِعَانِ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ، والقَبْجةُ تَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ والأُنثى حَتَّى تَقُولَ يَعْقُوبٌ، فَيُخْتَصُّ بِالذَّكَرِ، لأَن الْهَاءَ إِنما دَخَلَتْهُ عَلَى أَنه الْوَاحِدُ مِنَ الْجِنْسِ، وَكَذَلِكَ النَّعَامَةُ حَتَّى تَقُولَ ظليمٌ، والنحلةُ حَتَّى تَقُولَ يَعْسُوبٌ، والدُّرّاجةُ حَتَّى تَقُولَ حَيْقُطانٌ، والبُومةُ حَتَّى تَقُولَ صَدًى أَو فَيّادٌ، والحُبارَى حَتَّى تَقُولَ خَرَبٌ، وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ. والقَبْجُ: جَبَلٌ بِعَيْنِهِ؛ قَالَ:
لَوْ زاحَمَ القَبْجَ لأَضْحى مائلا
قزعج: المُقَزْعَجُ «2»: الطَّوِيلُ؛ عَنْ كراع.
قطج: أَبو عَمْرٍو: القَطْجُ إِحْكام فتل القَطاجِ [القِطاجِ]، وَهُوَ قَلْسُ السَّفِينةِ. وَيُقَالُ: قَطَجَ إِذا اسْتَقَى مِنَ الْبِئْرِ بالقَطاج، وَاللَّهُ أَعلم.
قنج: التَّهْذِيبُ: استُعْمِلَ مِنْهُ قِنَّوْجٌ، وَهُوَ مَوْضِعٌ فِي بلد الهند.
قنفج: القِنْفِجُ القُنْفُجُ: الأَتان الْقَصِيرَةُ الْعَرِيضَةُ.

فصل الكاف
كأج: التَّهْذِيبُ: أَهمله اللَّيْثُ، وَرَوَى أَبو الْعَبَّاسِ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، قَالَ: كأَجَ الرجلُ إِذا زَادَ حُمْقُه. والكِئاجُ: الفَدامةُ والحَماقةُ.
كثج: التَّهْذِيبُ: كَثَجَ الرجلُ إِذا أَكلَ مِنَ الطَّعَامِ مَا يَكفيه. ابْنُ السِّكِّيتِ: كَثَجَ مِنَ الطَّعَامِ إِذا امْتارَ فأَكثر، فَهُوَ يَكْثِجُ. ابْنُ سِيدَهْ: كَثَجَ مِنَ الطَّعَامِ إِذا أَكْثَرَ مِنْهُ حَتَّى يَمْتَلِئَ. والكَيْذَجُ: الترابُ.
كجج: الكُجَّةُ، بِالضَّمِّ وَالتَّشْدِيدِ: لُعْبَةٌ لِلصِّبْيَانِ؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: هُوَ أَن يأْخذ الصبيُّ خَزَفَةً فَيُدَوِّرُهَا وَيَجْعَلُهَا كأَنها كُرةٌ ثُمَّ يَتَقَامَرُونَ بِهَا. وكَجَّ الصبيُّ: لَعِبَ بالكُجَّةِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: في كُلِّ شيءٍ قِمارٌ حَتَّى فِي لَعِب الصِّبْيَانِ بالكُجَّةِ
، حَكَاهُ الْهَرَوِيُّ فِي الْغَرِيبَيْنِ. التَّهْذِيبُ: وَتُسَمَّى هَذِهِ اللُّعْبَةُ فِي الْحَضَرِ بِاسْمَيْنِ: الخِرْقَةُ يُقَالُ لَهَا التُّونُ، والآجُرَّةُ يقال لها البُكْسةُ.
كدج: الأَزهري: أَهمله اللَّيْثُ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: كَدَجَ الرجلُ إِذا شَرِبَ مِنَ الشَّرابِ كِفايَتَه.
كذج: الكَذَجُ: حِصْنٌ مَعْرُوفٌ، وَجَمْعُهُ كَذَجاتٌ، وَفِي أَواخر تَرْجَمَةِ كَثَجَ: والكَيْذَجُ التُّرَابُ؛ عَنْ كُرَاعٍ. التَّهْذِيبُ: أُهملت وُجُوهُ الْكَافِ وَالْجِيمِ وَالذَّالِ إِلَّا الكَذَجَ بِمَعْنَى المأْوى، وهو معرّب.
__________
(2).
قوله [المقزعج] عبارة شرح القاموس: المقرعج كمسرهد. هكذا بالراء في النسخ وفي اللسان بالزاي.

(2/351)


كرج: الكُرَّجُ: الَّذِي يُلْعَبُ بِهِ، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ كُرَهْ. اللَّيْثُ: الكُرَّجُ دَخيلٌ معرَّب لَا أَصل لَهُ فِي الْعَرَبِيَّةِ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
لَبِسْتُ سِلاحي، والفَرَزْدَقُ لُعْبةٌ، ... عَلَيْهَا وِشاحَا كُرَّجٍ وجَلاجِلُهْ
وَقَالَ:
أَمْسى الفَرزْدَقُ فِي جَلاجِلِ كُرَّجٍ، ... بَعْدَ الأُخَيطِلِ، ضَرَّةً لِجَرِيرِ
اللَّيْثُ: الكُرَّجُ يُتَّخَذُ مِثلَ المُهْرِ يُلعب عَلَيْهِ. وتَكَرَّجَ الطَّعامُ إِذا أَصابه الكَرَجُ. ابْنُ الأَعرابي: كَرِجَ الشيءُ إِذا فَسَدَ، قَالَ: والكارِجُ الخُبزُ المُكَرَّجُ، يُقَالُ: كَرِجَ الخُبْزُ وأَكْرَجَ وكَرَّجَ وتَكَرَّجَ أَي فَسَدَ وعَلاهُ خُضْرةٌ. والكَرَجُ: مَوْضِعٌ. التَّهْذِيبُ: الْكَرَجُ اسْمُ كُورَةٍ معروفة.
كربج: الكُرْبَجُ والكُرْبُجُ: الحانوتُ، وَقِيلَ: هُوَ مَوْضِعٌ كَانَتْ فِيهِ حانُوتٌ مَوْرودة؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَعَلَّ الْمَوْضِعَ إِنما سُمِّيَ بِذَلِكَ، وأَصله بِالْفَارِسِيَّةِ كُرْبُقْ، قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَالْجَمْعُ كَرابِجةٌ، أُلحقوا الْهَاءَ لِلْعُجْمَةِ، قَالَ: وَهَكَذَا وُجِدَ أَكثر هَذَا الضَّرْبِ مِنَ الأَعجمي، وَرُبَّمَا قَالُوا كرابِجَ، وَيُقَالُ لِلْحَانُوتِ: كُرْبُجٌ وكُرْبُقٌ وقُرْبُقٌ، والله أَعلم.
كسج: الكَوْسَجُ: الأَثَطُّ، وَفِي الْمُحْكَمِ: الَّذِي لَا شعَر عَلَى عارِضَيْه، وَقَالَ الأَصمعي: هُوَ النَّاقِصُ الأَسنان، مُعَرَّبٌ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: أَصله بِالْفَارِسِيَّةِ كُوسَهْ. والكَوْسَجُ: سَمَكَةٌ فِي الْبَحْرِ تأْكل النَّاسَ، وَهِيَ اللُّخْمُ، وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: سَمَكَةٌ فِي الْبَحْرِ لَهَا خُرْطومٌ كالمِنْشارِ. التَّهْذِيبُ: الْكَافُ وَالسِّينُ وَالْجِيمُ مُهْمَلَةٌ غَيْرُ الكَوْسَجِ، قَالَ: وَهُوَ مُعَرَّبٌ لَا أَصل لَهُ فِي الْعَرَبِيَّةِ.
كسبج: الكُسْبُجُ: الكُسْبُ بِلُغَةِ أَهل السواد.
كلج: أَهمله اللَّيْثُ، وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الكُلُجُ الأَشِدّاءُ مِنَ الرِّجالِ. والكَلَجُ الضَّبِّيُّ: كَانَ رَجُلًا شُجَاعًا. ابْنُ الأَعرابي: الكَيْلَجةُ مِكْيالٌ، وَالْجَمْعُ كَيالِجُ وكيالِجةٌ أَيضاً، وَالْهَاءُ للعجمة.
كمج: أَهمله اللَّيْثُ؛ وَرُوِيَ هَذَا الْبَيْتُ لِطَرَفَةَ:
وبِفَخْذِي بَكْرَةٌ مَهْرِيَّةٌ، ... مِثْلُ دِعْصِ الرَّمْلِ مُلْتَفُّ الكَمَجْ
قِيلَ: الكَمَجُ طَرَفُ مَوْصِلِ الفَخِذِ في العَجُزِ.
كنفج: الكُنافِجُ: الْكَثِيرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أَنشدني أَعرابي بالصَّمَانِ:
تَرْعى منَ الصَّمَّانِ رَوْضاً آرِجا، ... ورُغُلًا باتَتْ بِهِ لوَاهِجا،
والرِّمْثَ مِنْ أَلْوادِه الكُنافِجا
وَقَالَ شَمِرٌ: الكُنافِجُ السَّمِينُ المُمْتَلِئُ. وسُنْبُلٌ كُنافِجٌ: مُكْتَنِزٌ. ابْنُ سِيدَهْ: وَقِيلَ هُوَ الْغَلِيظُ النَّاعِمُ؛ قَالَ جَنْدَلُ بْنُ الْمُثَنَّى:
يَفْرُكُ حَبَّ السُّنْبُلِ الكُنافِجِ
كيج: الكِياجُ: الفَدامةُ والحَماقةُ.

فصل اللام
لبج: لَبَجَه بِالْعَصَا: ضَرَبَه؛ وَقِيلَ: هُوَ الضَّرْبُ المتتابِعُ فِيهِ رَخاوةٌ. ولَبَجَ البعيرُ بنفْسِه: وَقَعَ عَلَى الأَرض؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ:
لمَّا رأَى نَعْمانَ حَلَّ بكِرْفِئٍ ... عَكَرٍ، كَمَا لَبَجَ النُّزولَ الأَرْكُبُ

(2/352)


أَراد: نَزَلَ هَذَا السَّحابُ كَمَا ضَرَبَ هؤلاءِ الأَرْكُبُ بأَنفسهم لِلنُّزُولِ، فالنُّزُولَ مَفْعُولٌ لَهُ. ولُبِجَ بالبعيرِ والرَّجُلِ، فَهُوَ لَبيجٌ: رَمَى عَلَى الأَرض بِنَفْسِهِ مِنْ مَرَضٍ أَو إِعْياءٍ؛ قَالَ أَبو ذؤَيب:
كأَنَّ ثِقالَ المُزْنِ، بَيْنَ تُضارُعٍ ... وشَابَةَ، بَرْكٌ مِنْ جُذَامَ لَبِيجُ
وبَرْكٌ لَبيجٌ: وَهُوَ إِبل الحيِّ كُلِّهم إِذا أَقامَتْ حَوْلَ البُيوت بارِكةً كالمَضْروب بالأَرض، وأَنشد بَيْتَ أَبي ذؤَيب. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: اللَّبيجُ المُقِيمُ. ولَبَجَ بنفسِهِ الأَرضَ فنَامَ أَي ضَرَبها بِهَا. أَبو عُبَيْدٍ: لُبِجَ بِفُلَانٍ إِذا صُرِعَ بِهِ لَبْجاً. وَيُقَالُ: لَبَجَ بِهِ الأَرضَ أَي رَمَاهُ. ولَبَجْتُ بِهِ الأَرضَ مِثْلَ لَبَطْتُ إِذا جَلَدْتَ بِهِ الأَرضَ. ولُبِجَ بِالرَّجُلِ ولُبِطَ بِهِ إِذا صُرِعَ وسَقَطَ مِنْ قِيامٍ. وَفِي حَدِيثِ
سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ: لَمَّا أَصابَه عامرُ بْنُ ربيعةَ بعَيْنِهِ فَلُبِجَ بِهِ حَتَّى مَا يَعْقِلُ
أَي صُرِعَ بِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
تَبَاعَدَتْ شَعُوبُ مِنْ لَبَجٍ فعاشَ أَياماً
؛ هُوَ اسْمُ رَجُلٍ. واللَّبَجُ: الشجاعةُ، حَكَاهُ الزَّمَخْشَرِيُّ. واللَّبَجَةُ واللُّبْجةُ: حَدِيدَةٌ «1» ذاتُ شُعَبٍ كأَنها كَفٌّ بأَصابعها، تَتَفَرَّجُ فَيُوضَعُ فِي وَسَطِهَا لَحْمٌ، ثُمَّ تُشَدُّ إِلى وَتِدٍ فإِذا قبَضَ عَلَيْهَا الذئبُ التَبَجَتْ فِي خَطْمِهِ، فَقَبَضَتْ عَلَيْهِ وصَرَعَتْهُ، وَالْجَمْعُ اللَّبَجُ واللُّبَجُ. والتَبَجَتِ اللُّبْجَةُ فِي خَطْمِه: دَخَلَتْ وعَلِقَتْ.
لجج: اللَّيْثُ: لَجَّ فُلَانٌ يَلِجُّ ويَلَجُّ، لُغَتَانِ؛ وَقَوْلُهُ:
وَقَدْ لَجَجْنا فِي هَوَاكِ لَجَجا
قَالَ: أَراد لَجَاجاً فَقَصَره؛ وأَنشد:
وَمَا العَفْوُ إِلَّا لامْرِئٍ ذِي حَفِيظةٍ، ... مَتَى يُعْفَ عَنْ ذَنْبِ امرئِ السَّوْءِ يَلْجَجِ
ابْنُ سِيدَهْ: لَجِجْتُ فِي الأَمرِ أَلَجُّ ولَجَجْتُ أَلِجُّ لَجَجاً ولجَاجاً ولَجاجَةً، واسْتَلْجَجْتُ: ضَحِكْتُ؛ قَالَ:
فإِنْ أَنا لَمْ آمُرْ، وَلَمْ أَنْهَ عَنْكُما، ... تَضاحَكْتُ حَتَّى يَسْتَلِجَّ ويَسْتَشري
ولَجَّ فِي الأَمر: تمَادى عَلَيْهِ وأَبَى أَن يَنْصَرِفَ عَنْهُ، وَالْآتِي كَالْآتِي، وَالْمَصْدَرُ كَالْمَصْدَرِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذا اسْتَلَجَّ أَحدُكم بيمينِهِ فإِنه آثَمُ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الكَفَّارةِ
، وَهُوَ اسْتَفْعَلَ مِنَ اللَّجاجِ. وَمَعْنَاهُ أَن يَحْلِفَ عَلَى شيءٍ وَيَرَى أَن غَيْرَهُ خَيْرٌ مِنْهُ، فَيُقِيمُ عَلَى يَمِينِهِ وَلَا يَحْنَثُ فَذَاكَ آثَمُ؛ وَقِيلَ: هُوَ أَن يَرَى أَنه صادقٌ فِيهَا مُصيبٌ، فَيَلِجُّ فِيهَا وَلَا يُكَفِّرها؛ وَقَدْ جَاءَ فِي بَعْضِ الطُّرُقِ:
إِذا اسْتَلْجَجَ أَحدكم
، بإِظهار الإِدغام، وَهِيَ لُغَةُ قُرَيْشٍ، يُظْهِرُونَهُ مَعَ الْجَزْمِ؛ وَقَالَ شَمِرٌ: مَعْنَاهُ أَن يَلِجَّ فِيهَا وَلَا يُكَفِّرَهَا وَيَزْعُمَ أَنه صَادِقٌ؛ وَقِيلَ: هُوَ أَن يَحْلِفَ وَيَرَى أَنَّ غَيْرَهَا خَيْرٌ مِنْهَا، فَيُقِيمُ للبِرِّ فِيهَا وَيَتْرُكُ الكفَّارة، فإِن ذَلِكَ آثَمُ لَهُ مِنَ التَّكْفِيرِ والحِنْثِ، وإِتْيانِ مَا هُوَ خَيْرٌ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ أَي يُلِجُّهُمْ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فَلَا أَدري أَمِنَ الْعَرَبِ سَمِعَ يُلِجُّهُمْ أَم هُوَ إِدْلال مِنَ اللِّحْيَانِيِّ وتجاسُر؟ قَالَ: وإِنما قُلْتُ هَذَا لأَني لَمْ أَسمع أَلْجَجْتُه. ورجلٌ لَجوجٌ ولَجُوجةٌ، الْهَاءُ لِلْمُبَالَغَةِ، ولُجَجةٌ مِثْلُ هُمزة أَي لَجُوجٌ، والأُنثى لَجُوجٌ؛ وقول أَبي
__________
(1).
قوله [واللبجة واللبجة حديدة] زاد في القاموس: لبجة، بضمتين.

(2/353)


ذُؤَيْبٍ:
فإِني صَبَرْتُ النَّفْسَ بعدَ ابنِ عَنْبَسٍ، ... فَقَدَ لَجَّ مِنْ ماءِ الشُّؤُون لَجُوجُ
أَراد: دَمْعٌ لَجُوجٌ، وَقَدْ يُستعمل فِي الْخَيْلِ؛ قَالَ:
مِنَ المُسْبَطِرّاتِ الجِيادِ طِمِرَّةٌ ... لَجُوجٌ، هَواها السَّبْسَبُ المُتماحِلُ
والمُلاجَّةُ: التَّمَادِي فِي الخُصومةِ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
دَلْوُ عِراكٍ لَجَّ بِي مَنِينُها
فَسَّرَهُ فَقَالَ: لَجَّ بِي أَي ابْتُلِيَ بِي، وَيَجُوزُ عِنْدِي أَن يُرِيدَ: ابْتُلِيتُ أَنا بِهِ، فَقَلَب. ومِلْجاجٌ كَلَجُوجٍ؛ قَالَ مُلَيْحٌ:
مِنَ الصُّلْبِ مِلْجاجٌ يُقَطِّعُ رَبْوَها ... بُغامٌ، ومَبْنِيُّ الحَصيرين أَجْوَفُ «2»
ولُجَّةُ البَحْر: حَيْثُ لَا يُدْرَكُ قَعْرُه. ولُجُّ الْوَادِي: جانبُه. ولُجُّ البحرِ: عُرْضُه؛ قَالَ: ولُجُّ البحرِ الماءُ الْكَثِيرُ الَّذِي لَا يُرَى طرَفاه، وَذَكَرَ ابْنُ الأَثير فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ: وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ رَكِبَ الْبَحْرَ إِذا التَجَّ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ
أَي تَلاطَمَتْ أَمْواجُه؛ والتَجَّ الأَمرُ إِذا عَظُمَ واخْتَلَطَ. ولُجَّةُ الأَمرِ: مُعْظَمُه. ولُجَّةُ الماءِ، بِالضَّمِّ: مُعْظَمُه، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ مُعْظَمَ الْبَحْرِ، وَكَذَلِكَ لُجَّةُ الظَّلامِ، وَجَمْعُهُ لُجٌّ ولُجَجٌ ولِجاجٌ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
وكيفَ بِكم يَا عَلْوُ أَهلًا، ودُونَكمْ ... لِجاجٌ، يُقَمِّسْنَ السَّفِينَ، وَبِيدُ؟
واسْتَعارَ حِماسُ بْنُ ثامِلٍ اللُّجَّ لِلَيْلٍ، فَقَالَ:
ومُسْتَنْبِحٍ فِي لُجِّ لَيْلٍ، دَعَوْتُه ... بِمَشْبُوبَةٍ فِي رأْسِ صَمْدٍ مُقابِلِ
يَعْنِي مُعْظَمَه وظُلَمَه. ولُجُّ اللَّيْلِ: شِدَّةُ ظُلْمَتِهِ وَسَوَادِهِ: قَالَ الْعَجَّاجُ يَصِفُ اللَّيْلَ:
ومُخْدِرُ الأَبْصارِ أَخْدَرِيُّ ... لُجٌّ، كأَنَّ ثِنْيَه مَثْنِيُ
أَي كأَنَّ عِطْفَ الليلِ معطوفٌ مَرَّة أُخرى، فَاشْتَدَّ سوادُ ظُلْمَتِه. وبحرٌ لُجاجٌ ولُجِّيٌّ: واسعُ اللُّجِّ واللُّجُّ: السَّيْفُ، تَشْبِيهًا بِلُجِّ الْبَحْرِ. وَفِي حَدِيثِ
طَلْحَةَ بْنِ عبيد: إِنهم أَدْخلوني الحَشَّ وقَرَّبُوا فَوَضَعوا اللُّجَّ عَلَى قَفَيَ
؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَظنُّ أَنَّ السَّيْفَ إِنما سمِّيَ لُجّاً فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَحْدَهُ. قَالَ الأَصمعي: نُرى أَن اللُّجَّ اسْمٌ يُسَمَّى بِهِ السيفُ، كَمَا قَالُوا الصَّمْصامةُ وَذُو الفَقار وَنَحْوُهُ؛ قَالَ: وَفِيهِ شَبَهٌ بلُجَّةِ الْبَحْرِ فِي هَوْلِهِ؛ وَيُقَالُ: اللُّجُّ السيف بلغة طيِّئ؛ وَقَالَ شَمِرٌ: قَالَ بَعْضُهُمْ: اللُّجُّ السَّيْفُ بِلُغَةِ هُذَيْل وطَوائِفَ مِنَ الْيَمَنِ؛ وَقَالَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ: كَانَ للأَشْتَر سَيْفٌ يُسَمِّيهِ اللُّجَّ واليَمَّ؛ وأَنشد لَهُ:
مَا خانَنِي اليَمُّ فِي مَأْقِطٍ ... وَلَا مَشْهَدٍ، مُذْ شَدَدْتُ الإِزارا
وَيُرْوَى: مَا خَانَنِي اللُّجُّ. وَفُلَانٌ لُجَّةٌ واسِعةٌ، عَلَى التَّشْبِيهِ بِالْبَحْرِ فِي سَعته. وأَلَجَّ القومُ ولَجَّجُوا: رَكِبُوا اللُّجَّة. والتَجَّ المَوْجُ: عَظُمَ. ولَجَّجَ القومُ إِذا وقَعُوا فِي اللُّجَّة. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فِي بَحْرٍ لُجِّيٍ
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: يُقَالُ بَحْرٌ لُجِّيّ ولِجِّيّ، كَمَا يُقَالُ سُخْرِيٌّ وسِخْرِيٌّ، ويقال:
__________
(2).
قوله [الحصيرين] كذا بالأَصل.

(2/354)


هَذَا لُجُّ الْبَحْرِ ولُجَّةُ الْبَحْرِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ اللُّجّةُ الْجَمَاعَةُ الْكَثِيرَةُ كَلُجَّةِ الْبَحْرِ، وَهِيَ اللُّجُّ. ولَجَّجَتِ السَّفينةُ أَي خاضَتِ اللُّجَّةَ، والتجَّ الْبَحْرُ التِجاجاً، والتَجَّتِ الأَرضُ بالسَّرابِ: صَارَ فِيهَا مِنْهُ كاللُّجِّ. والتجَّ الظلامُ: التَبَسَ وَاخْتَلَطَ. واللَّجّةُ: الصَّوْتُ؛ وأَنشد لِذِي الرُّمَّةِ:
كأَنَّنا، والقِنانُ القُودُ تَحْمِلُنا، ... مَوْجُ الفُراتِ إِذا التَجَّ الدَّيامِيمُ
أَبو حَاتِمٍ: الْتَجَّ صَارَ لَهُ كاللُّجَج مِنَ السَّرابِ. وَسَمِعْتُ لَجَّةَ النَّاسِ، بِالْفَتْحِ، أَي أَصواتهم وصخَبهم؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
فِي لَجّةٍ أَمْسِكْ فُلاناً عَنْ فُلِ
ولَجَّةُ الْقَوْمِ: أَصواتهم. واللَّجّةُ واللَّجْلَجَةُ: اختِلاطُ الأَصواتِ. والتجَّت الأَصوات: ارْتَفَعَتْ فَاخْتَلَطَتْ. وَفِي حَدِيثِ
عِكْرِمة: سَمِعْتُ لَهُمْ لَجّة بآمِينَ
، يَعْنِي أَصوات المصلِّين. واللَّجّةُ: الجلَبَةُ. وأَلَجَّ القومُ إِذا صَاحُوا؛ وَقَدْ تَكُونُ اللَّجّة فِي الإِبل؛ وَقَالَ أَبو مُحَمَّدٍ الحَذْلَمِيُّ:
وجَعَلَتْ لَجَّتُها تُغَنِّيهْ
يَعْنِي أَصواتها كأَنها تُطْرِبُه وتَسْتَرْحِمُه لِيُورِدَهَا الْمَاءَ، وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ لَخَّتُها. ولَجَّ القومُ وأَلَجُّوا: اخْتَلَطَتْ أَصواتهم. وأَلَجَّتِ الإِبلُ وَالْغَنَمُ إِذا سمعتَ صوتَ رَواعِيها وضَواغِيها. وَفِي حَدِيثِ الحُدَيْبيةِ:
قَالَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو: قَدْ لَجَّتِ القَضيَّةُ بَيْنِي وَبَيْنَكَ
أَي وَجَبَتْ؛ قَالَ هَكَذَا جَاءَ مَشْرُوحًا، قَالَ: وَلَا أَعرف أَصله. والْتَجَّتِ الأَرضُ: اجْتَمَعَ نَبْتُهَا وطالَ وكثُرَ، وَقِيلَ: الأَرض المُلْتَجّةُ الشديدةُ الخُضْرةِ، التفَّتْ أَو لَمْ تَلْتَفَّ. وأَرض بقْلُها مُلْتَجٌّ، وَعَيْنٌ مُلْتَجَّةٌ، وكأَنَّ عَيْنَه لُجَّةٌ أَي شديدةُ السوادِ؛ وَعَيْنٌ مُلتَجَّةٌ، وإِنه لشديدُ التجاجِ الْعَيْنِ إِذا اشتَدَّ سوادُها. والأَلَنْجَجُ واليَلَنْجَجُ: عودُ الطيبِ، وَقِيلَ: هُوَ شَجَرٌ غيرُهُ يُتَبَخَّرُ بِهِ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: إِن قِيلَ لَكَ إِذا كَانَ الزَّائِدُ إِذا وَقَعَ أَوّلًا لَمْ يَكُنْ للإِلحاق، فَكَيْفَ أَلحقوا بِالْهَمْزَةِ فِي أَلَنْجَجٍ، وَبِالْيَاءِ فِي يَلَنْجَجٍ؟ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ الإِلحاق ظُهُورُ التَّضْعِيفِ؛ قِيلَ: قَدْ عُلم أَنهم لا يُلحقون بالزائد في أَوَّل الْكَلِمَةِ إِلَّا أَن يَكُونَ مَعَهُ زَائِدٌ آخَرُ، فَلِذَلِكَ جَازَ الإِلحاق بِالْهَمْزَةِ وَالْيَاءِ فِي أَلَنْجَجٍ ويَلَنْجَجٍ، لمَّا انضم إِلى الهمزة والياءِ النونُ. والأَلَنْجُوجُ واليَلَنْجُوجُ: كالأَلنجج. وَالْيَلَنْجَجُ: عُودٌ يُتبخر بِهِ، وَهُوَ يَفَنْعَلٌ وأَفَنْعَلٌ؛ قَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْر:
لَا تَصْطَلي النارَ إِلا مِجْمَراً أَرِجاً، ... قَدْ كَسَّرَتْ مِنْ يَلَنْجُوجٍ لَهُ رقَصا
وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: عُود يَلَنْجُوجٌ وأَلَنْجُوجٌ وأَلَنْجيجٌ فَوُصِفَ بِجَمِيعِ ذَلِكَ، وَهُوَ عُودٌ طَيِّبُ الرِّيحِ. واللَّجْلجةُ: ثِقَلُ اللِّسانِ، ونَقْصُ الكلامِ، وأَن لَا يَخْرُجَ بَعْضَهُ فِي أَثر بَعْضٍ. وَرَجُلٌ لَجْلاجٌ وَقَدْ لَجْلَجَ وتَلَجْلَجَ. وَقِيلَ لأَعرابي: مَا أَشدُّ البردِ؟ قَالَ: إِذا دَمَعَتِ العَيْنان وَقَطَرَ المَنْخران ولَجْلَجَ اللِّسان؛ وَقِيلَ: اللَّجْلاجُ الَّذِي يجولُ لِسَانُهُ فِي شِدْقه. التَّهْذِيبُ: اللَّجلاجُ الَّذِي سَجِيَّةُ لِسَانِهِ ثِقَلُ الكلامِ ونَقْصُه. اللَّيْثُ: اللَّجْلَجةُ أَن يَتَكَلَّمَ الرَّجُلُ بِلِسَانٍ غَيْرِ بَيِّنٍ؛ وأَنشد:
ومَنْطِقٍ بِلِسانٍ غيرِ لجْلاجِ
واللَّجْلَجةُ والتَّلَجْلُج: التَّرَدُّدُ فِي الْكَلَامِ.

(2/355)


ولَجْلَجَ اللُّقْمةَ فِي فِيهِ: أَدارَها مِنْ غَيْرِ مَضْغٍ وَلَا إِساغةٍ. ولَجْلَجَ الشيءَ فِي فِيهِ: أَدارَه. وتَلَجْلَجَ هُوَ، وَرُبَّمَا لَجْلَجَ الرجلُ اللُّقْمةَ فِي الْفَمِ فِي غَيْرِ مَوْضِع؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
يُلَجْلِجُ مُضْغةً فِيهَا أَنِيضٌ ... أَصَلَّتْ، فهْيَ تَحْتَ الكَشْحِ داءُ
الأَصمعي: أَخذتَ هَذَا الْمَالَ فأَنت لَا تردُّه وَلَا تأْخذه كَمَا يُلَجلِجُ الرَّجُلُ اللقمةَ فَلَا يَبْتَلِعُها وَلَا يُلْقِيهَا. الْجَوْهَرِيُّ: يُلَجْلِجُ اللقمةَ فِي فِيهِ أَي يردِّدها فِيهِ لِلمَضْغِ. ابْنُ شُمَيْلٍ: اسْتَلَجّ فُلَانٌ مَتاعَ فُلَانٍ وتَلَجَّجَه إِذا ادَّعاه. أَبو زَيْدٍ، يُقَالُ: الحَقُّ أَبْلَجُ والباطلُ لَجْلَج أَي يُرَدَّدُ مِنْ غَيْرِ أَن يَنْفُذ، واللَّجْلَجُ: المخْتَلِطُ الَّذِي لَيْسَ بِمُسْتَقِيمٍ، والأَبْلَجُ: المُضِيءُ المُستقيمُ. وَفِي
كِتَابِ عُمَرُ إِلى أَبي مُوسَى: الفَهْمَ الفَهْمَ فِيمَا تَلَجْلَجَ فِي صَدْرِكَ مِمَّا لَيْسَ فِي كِتَابٍ وَلَا سُنَّة
أَي تَرَدَّدَ فِي صَدْرِك وقَلِقَ وَلَمْ يَسْتَقِرَّ؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: الكَلِمةُ مِنَ الحِكْمَةِ تَكُونُ فِي صَدْرِ المُنافِقِ، فَتَلَجْلَجُ حَتَّى تَخْرُجَ «1» إِلى صَاحِبِهَا
أَي تَتَحَرَّكُ فِي صَدْرِهِ وتَقْلَقُ حَتَّى يَسْمَعَها المؤْمن فيأْخذَها ويَعِيَها؛ وأَراد تَتَلَجْلَجُ فَحَذَفَ تَاءَ الْمُضَارَعَةِ تَخْفِيفًا. وتَلَجْلَجَ بالشيءِ: بادَرَ. ولَجْلَجَه عَنِ الشَّيْءِ: أَداره ليأْخذه مِنْهُ. وبَطْنُ لُجَّان: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ قَالَ الرَّاعِي:
فَقُلْتُ والحَرَّةُ السَّوْداءُ دونَهُم، ... وبَطْنُ لُجَّانَ لِمَا اعْتادَني ذِكَري
لحج: اللَّحَجُ: مِنْ بُثُور الْعَيْنِ شِبْهُ اللَّخَصِ إِلا أَنه مِنْ تَحْت وَمِنْ فَوْقٍ. واللَّحَجُ: الغَمَصُ. واللُّحْجُ: غارُ الْعَيْنِ الَّذِي نَبَتَ عَلَيْهِ الحاجبُ. ولَحِجَتْ عينُه؛ وَقَالَ الشمَّاخ:
بِخَوْصاوَيْنِ فِي لُحْجٍ كَنينِ
واللُّحْجُ: كلُّ ناتٍ مِنَ الجَبَل يَنْخَفِضُ مَا تَحْتَهُ. واللُّحْجُ: الشَّيْءُ يكون في الوادي نحو الدَّحْلِ فِي أَسْفَلِه وَفِي أَسفل الْبِئْرِ وَالْجَبَلِ، كأَنه نَقْبٌ، وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ أَلْحاجٌ، لَمْ يكسَّر عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ. وأَلْحاجُ الْوَادِي: نَواحِيه وأَطْرافُه، وَاحِدُهَا لُحْجٌ، وَيُقَالُ لِزَوايا الْبَيْتِ: الأَلحاجُ والأَدْحالُ وَالْجَوَازِي «2» والحَراسِمُ والأَخْصامُ والأَكْسارُ والمَزْوِيَّاتُ. ولَحْيٌ أَلْحَجُ: مُعْوَجٌّ؛ وَقَدْ لَحِجَ لَحَجاً. وَقَدْ لَحِجَ بَيْنَهُمْ شَرٌّ: نَشِبَ. ولَحِجَ بالمَكانِ: نَشِبَ فِيهِ ولَزِمَه. ولَحِجَ الشيءُ إِذا ضاقَ. والمَلاحِجُ: المضايِقُ. والمَلاحِيجُ: الطُّرُق الضَّيِّقةُ فِي الجبالِ، وَرُبَّمَا سُمِّيت المَحاجمُ مَلاحِجَ. واللَّحْج، مجزومٌ: المَيْلُ. والتَحَجُوا إِلى كَذَا وَكَذَا: مالُوا. وأَلحَجَهُم إِليه: أَمالَهم؛ وَقَوْلُ رُؤْبَةَ:
أَو يُلْحِجُ الأَلْسُنَ مِنْهَا مَلْحَجَا
أَي يَقُولُ فِينَا فتَمِيلُ عَنِ الحسَنِ إِلى القَبيح، وَنَسَبَهُ الأَزهري لِلْعَجَّاجِ. وتَلَحَّجَ عَلَيْهِ الأَمْرَ ولَحْوَجه: أَظْهَرَ غَيْرَ مَا فِي نفسِه. ولَحَّجْتُ عَلَيْهِ الخبَر تَلْحيجاً إِذا خَلَطْتَه عَلَيْهِ وأَظْهَرْتَ غيرَ مَا فِي نفسِك، وَكَذَلِكَ لَحْوَجْتُ عَلَيْهِ الخبرَ، وَفَرَّقَ الأَزهريّ بَيْنَهُمَا، فَقَالَ: لَحْوَجْتُ عَلَيْهِ الْخَبَرَ: خَلَطْتُه، ولَحَّجَهُ تَلْحيجاً:
__________
(1).
قوله [حتى تخرج] هذا ما بالأَصل والذي في نسخة يوثق بها من النهاية على إصلاح بها تسكن بدل تخرج.
(2).
قوله [والجوازي] كذا بالأَصل ومثله شرح القاموس.

(2/356)


أَظهر غَيْرَ مَا فِي نَفْسِهِ؛ وخِطّةٌ مَلْحُوجَةٌ: مُخَلَّطةٌ عَوْجاءُ. الْجَوْهَرِيُّ: لَحِجَ السيفُ وَغَيْرُهُ، بِالْكَسْرِ، يَلْحَجُ لَحَجاً أَي نَشِبَ فِي الغِمْدِ فَلَمْ يَخْرُجْ مِثْلَ لَصِبَ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَوْمَ بَدْرٍ: فَوَقَعَ سَيْفُهُ فَلَحِجَ
أَي نَشِبَ فِيهِ. يُقَالُ: لَحِجَ فِي الأَمر يَلْحَجُ إِذا دَخَلَ فِيهِ ونَشِبَ. وَمَكَانٌ لَحِجٌ أَي ضَيِّقٌ. والمُلْتَحَجُ: الملْجَأُ مِثْلُ المُلْتَحَدِ. وَقَدِ التَحَجَه إِلى ذَلِكَ الأَمْرِ أَي أَلجأَهُ والْتَحَصَه إِليه. وأَتى فلانٌ فُلَانًا فَلَمْ يَجِدْ عِنْدَهُ مَوْئِلًا وَلَا مُلْتَحَجاً أَي لَمْ يَجِدْ عِنْدَهُ مَلْجَأً؛ وأَنشد:
حُبَّ الضَّريكِ تِلادَ المالِ زَرَّمَه ... فَقْرٌ، وَلَمْ يَتَّخِذْ فِي الناسِ مُلْتَحَجا
ولَحَجه بِالْعَصَا إِذا ضَرَبَهُ بِهَا. ولَحَجَه بعَيْنِه. ولَحْجٌ: اسْمُ مَوْضِعٍ.
لخج: الأَزهري: قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: اللَّخَجُ أَسْوَأُ الغَمَصِ، تَقُولُ: عَيْنٌ لَخِجَةٌ: لَزِقَةٌ بالغَمَصِ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: هَذَا عِنْدِي شَبِيهٌ بِالتَّصْحِيفِ، وَالصَّوَابُ لَخِخَتْ عينُه بخاءَيْن، ولحِحَتْ بحاءَيْن إِذا الْتَصَقَتْ مِنَ الغَمَصِ؛ قَالَ: قَالَ ذَلِكَ ابْنُ الأَعرابي وَغَيْرُهُ، وأَما اللَّخَجُ فَإِنَّهُ غَيْرُ مَعْرُوفٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، قَالَ: وَلَا أَدري مَا هُوَ.
لذج: لَذَجَ الماءَ فِي حَلْقِه، عَلَى مِثَالِ ذَلَجَ، لُغَةٌ فِيهِ أَي جَرَعَه، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي مَوْضِعِهِ.
لزج: اللَّزَجُ: مَصْدَرُ الشَّيْءِ اللَّزِجِ. ولَزِجَ الشيءُ أَي تَمَطَّطَ وتمدَّدَ. ابْنُ سِيدَهْ: لزِجَ الشيءُ لَزَجاً ولُزُوجةً وتَلَزَّجَ عَلَيْكَ، وَشَيْءٌ لَزِجٌ مُتَلَزِّجٌ، ولَزِجَ بِهِ أَي غَرِيَ بِهِ. وَيُقَالُ للطعامِ أَو الطِّيب إِذا صَارَ كالخِطْميِّ: قَدْ تَلَزَّجَ. وتَلَزَّجَ رأْسُه أَيضاً إِذا غسَلَه فَلَمْ يُنْقِ وسَخَه. وأَكلت شَيْئًا لزِجَ بإِصْبَعِي يَلْزَجُ أَي عَلِقَ. وَزَبِيبَةٌ لَزِجةٌ. والتَّلَزُّجُ: تَتَبُّعُ البُقُولِ والرِّعْيِ الْقَلِيلِ مِنْ أَوله وَفِي آخِرِ مَا يَبْقَى. والتَّلَزُّجُ: تَتَبُّع الدابّةِ البُقُولَ؛ قَالَ رُؤْبَةُ يَصِفُ حِماراً وأَتاناً:
وفَرَغا مِنْ رَعْيِ مَا تَلَزَّجا
تَلَزَّجا: تتَّبعا الكلأَ وطَلباه. تَلَزَّجَ: فِعْلُ المِسْحَلِ والأَتانِ، زَادَ الْجَوْهَرِيُّ: لأَن النَّبَاتَ إِذا أَخَذَ فِي اليُبْسِ غَلُظَ ماؤُه فَصَارَ كلُعاب الخِطْمِيِّ. وتَلَزَّجَ البَقْلُ إِذا كَانَ لَدْناً فَمَالَ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ. وتَلَزَّجَ النباتُ: تَلَجَّنَ.
لعج: اللَّاعِجُ: الهَوى المُحْرِقُ، يُقَالُ: هَوًى لاعِجٌ، لحُرْقَةِ الفُؤَادِ مِنَ الحُبّ. ولَعَجَ الحُبُّ والحُزْنُ فُؤَادَهُ يَلْعَجُ لَعْجاً: اسْتَحَرَّ فِي الْقَلْبِ. ولَعَجَه لَعْجاً: أَحْرَقَه. ولَعَجَه الضَّرْبُ: آلمَه وأَحْرَق جِلْده. واللَّعْجُ: أَلَمُ الضرْبِ، وكُلُّ مُحْرِقٍ، وَالْفِعْلُ كَالْفِعْلِ؛ قَالَ عبدُ مَنافِ بنُ رِبْعٍ الهُذَليّ:
مَاذَا يَغِيرُ ابْنَتَيْ رِبْعٍ عَويلُهُما؟ ... لَا تَرْقُدانِ، وَلَا بُؤْسَى لِمنْ رَقَدا
إِذا تَأَوَّب نَوْحٌ قامَتا مَعَهُ، ... ضَرْباً أَلِيما بِسِبْتٍ يَلْعَجُ الجِلِدا
يَغِيرُ: بِمَعْنَى يَنْفَعُ. والسِّبْتُ: جُلودُ البَقَر المَدْبُوغةُ. واللَّعْجُ: الحُرْقةُ؛ قَالَ إِياسُ بْنُ سَهْمٍ الهُذَليّ:
تَرَكْنَكَ مِنْ عَلاقتهِنَّ تَشْكو، ... بهِنَّ مِنَ الجَوى، لَعْجاً رَصِينا

(2/357)


والْتَعَجَ الرجلُ إِذا ارتَمَضَ مِنْ هَمٍّ يُصيبُه. قَالَ الأَزهري: وسمعتُ أَعْرابيّاً مِنْ بَنِي كُلَيْبٍ يَقُولُ: لَمَّا فتح أَبو سعيد القَرْمَطِيُّ هَجَرَ، سَوَّى حِظاراً مِنْ سَعَفِ النَّخْل، وملأَه مِنَ النساءِ الهَجَرِيّات، ثُمَّ أَلْعَجَ النارَ فِي الحِظارِ فاحْتَرَقْنَ. والمُتَلَعِّجَةُ: الشَّهْوى مِنَ النِّسَاءِ؛ والمُتَوَهِّجةُ: الحارَّةُ المَكانِ.
لفج: اللُّفْجُ «1»: مَجْرى السَّيْلِ. وأَلْفَجَ الرّجُلُ: أَفْلَسَ. وأَلْفَجَ الرَّجلُ: لَزِقَ بالأَرضِ مِنْ كَرْبٍ أَو حاجةٍ. وَقِيلَ: المُلْفَجُ الَّذِي يُحْوَجُ إِلى أَن يَسْأَلَ مَن لَيْسَ لِذَلِكَ بأَهْلٍ؛ وَقِيلَ: المُلْفَجُ الَّذِي أَفْلَسَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ.
وَجَاءَ رَجُلٌ إِلى الْحَسَنِ، فَقَالَ: أَيُدالِكُ الرجُلُ امْرَأَتَه؟ أَي يُماطِلُها بمَهْرِها، قَالَ: نَعَمْ إِذا كَانَ مُلْفَجاً
، وَفِي رِوَايَةٍ:
لَا بأْس بِهِ إِذا كَانَ مُلْفَجاً
أَي يُماطِلُها بمَهْرِها إِذا كَانَ فَقِيرًا. قَالَ ابْنُ الأَثير: المُلْفِجُ، بِكَسْرِ الْفَاءِ، أَيضاً: الَّذِي أَفْلَسَ وَعَلَيْهِ الدَّيْنُ. وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ:
أَطْعِمُوا مُلْفَجِيكُمْ
، المُلْفَجُ، بِفَتْحِ الْفَاءِ: الْفَقِيرُ. ابْنُ دُرَيْدٍ: أَلْفَجَ، فَهُوَ مُلْفَجٌ، وَهَذَا أَحد مَا جَاءَ عَلَى أَفْعَلَ، فَهُوَ مُفْعَلٌ وَهُوَ نَادِرٌ مُخَالِفٌ لِلْقِيَاسِ الْمَوْضُوعِ. وَقَدِ اسْتَلْفَجَ؛ قَالَ:
ومُسْتَلْفِجٍ يَبْغِي المَلاجِئَ نفسَه، ... يعوذُ بِجَنْبَيْ مَرْخةٍ وجَلائِل «2»
وأَلْفَجَ الرجلُ، فَهُوَ مُلْفَجٌ، إِذا ذَهَبَ مالُه. أَبو عُبَيْدٍ: المُلْفَجُ المُعْدِمُ الَّذِي لَا شَيْءَ لَهُ؛ وأَنشد:
أَحْسابُكُم فِي العُسْرِ والإِلْفاجِ، ... شِيبَتْ بعَذْبٍ طَيِّبِ المِزاجِ
فَهُوَ مُلْفَجٌ، بِفَتْحِ الْفَاءِ. ابْنُ الأَعرابي: كَلَامُ الْعَرَبِ أَفْعَلَ، فَهُوَ مُفْعِلٌ إِلا ثَلَاثَةَ أَحرف: أَلْفَجَ فَهُوَ مُلْفَجٌ، وأَحْصَنَ فَهُوَ مُحْصَنٌ، وأَسْهَبَ فَهُوَ مُسْهَبٌ، فَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ جاءَت بِالْفَتْحِ نوادِر؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
جاريةٌ شَبَّتْ شَباباً عُسْلُجا، ... فِي حَجْرِ مَنْ لَمْ يَكُ عَنْهَا مُلْفَجا
أَبو زَيْدٍ: أَلْفَجَني إِلى ذَلِكَ الاضطرارُ إِلْفاجاً. أَبو عمرو: اللَّفْجُ الذُّلُّ.
لمج: اللَّمْجُ: الأَكلُ بأَطرافِ الفمِ. ابْنُ سِيدَهْ: لَمَجَ يَلْمُجُ لَمْجاً: أَكلَ، وَقِيلَ: هُوَ الأَكلُ بأَدْنى الفَمِ؛ قَالَ لَبِيدٌ يَصِفُ عَيراً:
يَلْمُجُ البارِضَ لَمْجاً فِي النَّدى، ... مِنْ مَرابِيعِ رِياضٍ ورِجَلْ
قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: قَالَ أَبو زَيْدٍ: لَا أَعرف اللَّمْجَ إِلَّا فِي الْحَمِيرِ، قَالَ: وَهُوَ مِثْلُ اللَّمْسِ أَو فَوْقَه. واللَّماجُ: الذَّواقُ. ورجُل لَمِجٌ: ذَوَّاقٌ، عَلَى النَّسَبِ. وَمَا ذَاقَ لمَاجاً أَي مَا يؤْكل، وَقَدْ يُصْرَفُ فِي الشَّرَابِ. وَمَا تَلَمَّجَ عِنْدَهُمْ بلَماجٍ ولَمُوجٍ ولُمْجةٍ أَي مَا أَكَل. وَمَا لَمَّجوا ضيفَهم بِلَماجٍ أَي مَا أَطْعَمُوه شَيْئًا. واللَّميجُ: الْكَثِيرُ الأَكلِ. واللَّميجُ: الْكَثِيرُ الجِماعِ. واللامِجُ: الْكَثِيرُ الجماعِ. والمالِجُ: الراضِعُ. التَّهْذِيبُ: واللَّمْجُ تناوُلُ الحَشيش بأَدْنى الفَمِ. أَبو عَمْرٍو: التَّلَمُّجُ مِثْلُ التَلَمُّظِ. ورأَيته يَتَلَمَّجُ
__________
(1).
قوله [اللفج] كذا بالأَصل مضبوطاً.
(2).
قوله [الملاجئ نفسه] كذا بالأَصل مضبوطاً؛ وبهامش الأَصل بخط السيد مرتضى: وقرأت في شرح أَبي سعيد السكري لعبد مَنَافِ بْنُ رِبْعٍ الْهُذَلِيُّ: ومستلفج يبغي الملاجي لنفسه.

(2/358)


بالطعامِ أَي يَتَلَمَّظُ. وَقَوْلُهُمْ: مَا ذُقْتُ شَماجاً وَلَا لَماجاً، وَمَا تَلَمَّجْتُ عِنْدَهُ بِلَماجٍ، وَهُوَ أَدنى مَا يؤْكل، أَي مَا ذُقْتُ شَيْئًا؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
أَعْطى خَلِيلي نَعْجَةً هِمْلاجا ... رَجاجةً، إِنَّ لَهُ رَجاجا
مَا يَجِدُ الراعِي بِهَا لَماجا، ... لَا تَسْبِق الشيخَ إِذا أَفاجا
واللُّمْجَةُ: مَا يُتَعَلَّلُ بِهِ قَبْلَ الغِذاءِ. وَقَدْ لمَّجْتُه ولَهَّنْتُه، بِمَعْنًى وَاحِدٍ. ولَمَّجَ الرجلَ: عَلَّله بِشَيْءٍ قَبْلَ الغِذاء، وَهُوَ مِمَّا رُدَّ بِهِ عَلَى أَبي عُبَيْدٍ فِي قَوْلِهِ لمَجْتُهُم. ومَلامِجُ الإِنسانِ: مَلاغِمُه وَمَا حَوْلَ فِيهِ؛ قَالَ:
رأَتْه شَيْخًا حَثِرَ المَلامِجِ
ولَمَجَ أُمّه ومَلَجَها إِذا رضَعَها. ولَمَجَ المرأَةَ: نكَحَها. وَذَكَرَ أَعرابي رَجُلًا، فَقَالَ: مَا لَهُ لَمَجَ أُمَّه؟ فَرَفَعُوهُ إِلى السُّلْطَانِ، فَقَالَ: إِنما قُلْتُ: مَلَجَ أُمه، فخَلَّى سبيلَه. وَقَالُوا: سَميجٌ لَميجٌ وسَمِجٌ لَمِجٌ وسَمْجٌ لَمْجٌ، إِتباع.
لنج: التَّهْذِيبُ: الأَلَنْجُوجُ واليَلَنْجُوجُ: عُودٌ جيِّد. اللِّحْيَانِيُّ: يُقَالُ عودٌ أَلَنْجُوجٌ ويَلَنْجيجٌ ويَلَنْجُوجٌ ويَلَنْجُوجِيٌّ، وَهُوَ عودٌ طَيِّبُ الريحِ؛ وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: هُوَ الَّذِي يُتَبَخَّرُ بِهِ.
لهج: لَهِجَ بالأَمرِ لَهَجاً، ولَهْوَجَ، وأَلْهَجَ كِلَاهُمَا: أُولِعَ بِهِ واعْتادَه، وأَلْهَجْتُه بِهِ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ مُلْهَجٌ بِهَذَا الأَمْر أَي مُولَعٌ بِهِ؛ وأَنشد:
رَأْساً بِتَهْضاضِ الرُّؤوسِ مُلْهَجا
واللَّهَجُ بِالشَّيْءِ: الوُلوعُ بِهِ. واللَّهْجَةُ واللَّهَجَةُ: طَرَفُ اللِّسان. واللَّهْجةُ واللَّهَجةُ: جَرْسُ الكلامِ، والفتحُ أَعلى. وَيُقَالُ: فُلَانٌ فصيحُ اللَّهْجَةِ واللَّهَجةِ، وَهِيَ لُغَتُهُ الَّتِي جُبِلَ عَلَيْهَا فاعتادَها ونشأَ عَلَيْهَا. الْجَوْهَرِيُّ: لَهِجَ، بِالْكَسْرِ، بِهِ يَلْهَجُ لَهَجاً إِذا أُغْريَ بِهِ فَثابرَ عَلَيْهِ. واللَّهْجةُ: اللِّسَانُ، وَقَدْ يُحَرَّكُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا مِنْ ذِي لَهْجةٍ أَصدَقَ مِنْ أَبي ذَرٍّ.
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
أَصْدَق لَهْجةً مِنْ أَبي ذَرٍّ
؛ قَالَ: اللَّهْجةُ اللِّسَانُ. ولَهَّجْتُ القومَ تَلْهِيجاً إِذا لَهَّنْتَهم وسَلَّفْتَهم. والْهاجَّ اللبنُ الْهِيجاجاً: خَثَرَ حَتَّى يَخْتَلِطَ بعضُه بِبَعْضٍ وَلَمْ تَتِمَّ خُثورَتُه. وَكَذَلِكَ كَلُّ مُخْتَلِطٍ. والْهاجَّتْ عينُه: اخْتَلَطَ بِهَا النُّعاسُ. والفَصِيلُ يَلْهَجُ أُمَّه إِذا تَناوَل ضَرْعها يَمْتَصُّه. ولَهِجَتِ الفِصالُ: أَخَذَتْ فِي شُرب اللَّبَنِ. ولَهِجَ الفَصيلُ بأُمّه يَلْهَجُ إِذا اعتادَ رَضاعَها، فَهُوَ فَصِيلٌ لاهِجٌ، وَفَصِيلٌ راغِلٌ لاهِجٌ بأُمّه. وأَلْهَجَ الرجُلُ: لَهِجَتْ فِصالُه برَضاعِ أُمّهاتِها فيَعْمَلُ عِنْدَ ذَلِكَ أَخِلَّةً يَشُدُّها فِي الأَخْلافِ لِئَلَّا يَرْتَضِعَ الفَصيلُ. وأَلْهَج الفَصيلَ: جعلَ فِي فِيهِ خِلالًا فشدَّه لئلَّا يَصِلَ إِلى الرَّضاع؛ قَالَ الشمَّاخ:
رَعَى بارِضَ الوَسْمِيِّ، حَتَّى كأَنما ... يَرى بِسَفَى البُهْمَى أَخِلَّةَ مُلْهِجِ
وَهَذِهِ أَفْعَل الَّتِي لإِعْدام الشَّيْءِ وسَلْبه. أَبو مَنْصُورٍ: المُلْهِجُ الرَّاعِي الَّذِي لَهِجَتْ فِصالُ إِبله بأُمهاتها، فَاحْتَاجَ إِلى تَفْلِيكِها وإِجْرارِها. يُقَالُ: أَلْهَجَ الرَّاعِي صاحبُ الإِبل، فَهُوَ مُلْهِجٌ، وَهُوَ التفليكُ أَن يَجْعَل الرَّاعِيَ مِنَ الهُلْبِ مِثْلَ فَلْكَةِ المِغزَلِ، ثُمَّ يُثْقَبَ لسانُ الفَصيلِ فيُجْعَل فِيهِ لِئَلَّا يَرْضَعَ. والإِجْرارُ: أَن يُشَقَّ لسانُ الْفَصِيلِ لِئَلَّا يَرْضَعَ وَهُوَ

(2/359)


البَدْحُ أَيضاً، وأَما الخَلُّ فَهُوَ أَن يأْخذ خِلالًا فَيَجْعَلَهُ فَوْقَ أَنف الْفَصِيلِ يُلْزِقُه بِهِ، فإِذا ذَهب يَرْضَعُ خِلْفَ أُمّه أَوجعَها طَرَفُ الخِلالِ فزَبَنَتْه عَنْ نَفْسِهَا؛ وَلَا يُقَالُ: أَلْهَجْتُ الفَصيلَ، إِنما يُقَالُ: أَلْهَجَ الرَّاعِي إِذا لَهِجَتْ فِصالُه، وَبَيْتُ الشَّمَّاخِ حُجَّةٌ لِمَا وَصَفْتُهُ؛ قَالَ يَصِفُ حِمَارَ وَحْشٍ رَعى بارِضَ الوسمِيِّ، وَهُوَ أَوَّل النبْتِ حَتَّى بَسَقَ وطالَ، فرَعَى البُهْمَى فَصَارَ سَفاها كأَخِلَّةِ المُلْهِج، فَتَرَكَ رعْيَها؛ قَالَ الأَزهري: هَكَذَا أَنشده الْمُنْذِرِيُّ وَذَكَرَ أَنه عَرَضَهُ عَلَى أَبي الْهَيْثَمِ، قَالَ: والمُلْهِجُ الَّذِي لَهِجَتْ فِصالُه بالرَّضاعِ؛ يَقُولُ رَعَى العَيْرُ بارِضَ الوَسْمِيّ أَوّل مَا نَبَتَ إِلى أَن يَبِسَ سَفى بارِض البُهْمَى، كَرهَه ليُبْسِه، وشَبَّه شَوْكَ السَّفى لمَّا يَبِسَ بالأَخِلَّةِ الَّتِي تُجْعَلُ فوقَ أُنوفِ الفِصالِ، ويُغْرى بِهَا، قَالَ: وفسَّر الباهليُّ البيتَ كَمَا وَصَفْتُهُ. الأُمَوِيُّ: لَهَّجْتُ القومَ إِذا عَلَّلْتَهم قَبْلَ الغِذاءِ بِلُهْنة يَتَعَلَّلُونَ بِهَا، وَهِيَ اللُّهْجةُ والسُّلْفةُ واللُّمْجَةُ. وَتَقُولُ الْعَرَبُ: سَلِّفُوا ضَيْفَكم ولَمِّجُوه ولَهِّجوه ولَمِّكُوه وعَسِّلوه وشَمِّجوه وعَيِّروه وسَفِّكُوه ونَشِّلوه وسَوِّدوه «3»، بِمَعْنًى وَاحِدٍ. ولَهَّجَ القومَ: أَطْعَمَهُم شَيْئًا يَتَعَلَّلُونَ بِهِ قَبْلَ الْغِذَاءِ. والمُلْهاجُّ مِنَ اللَّبَنِ: الَّذِي خَثُرَ حَتَّى اختَلط بعضُه بِبَعْضٍ وَلَمْ تَتِمَّ خُثورَتُه، وَكَذَلِكَ كَلُّ مختلِطٍ. وأَمْرُ بَنِي فلانٍ مُلْهاجٌّ، عَلَى الْمَثَلِ. وأَيقظني حِينَ الْهاجَّتْ عَيْني أَي حِينِ اخْتَلطَ النُّعاسُ بِهَا. ولَهْوَجَ الشيءَ: خَلَطه. ولَهْوَجَ الأَمْرَ: لَمْ يُحْكِمْه وَلَمْ يُبْرِمْه. ابْنُ السِّكِّيتِ: طعامٌ مُلَهْوَجٌ ومُلَغْوَسٌ وَهُوَ الذي لم يُنْضَجْ؛ وأَنشد الْكِلَابِيُّ:
خَيْرُ الشِّواءِ الطَّيِّبُ المُلَهْوَجْ، ... قَدْ هَمَّ بالنُّضْجِ، ولمَّا يَنْضَجْ
وَشِوَاءٌ مُلَهْوَجٌ إِذا لَمْ يُنْضَجْ. ولَهْوَجَ اللحمَ: لَمْ يُنْعِمْ شَيَّه؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
وكُنْتُ إِذا لاقَيْتُها، كَانَ سِرُّنا ... وَمَا بَيْنَنَا، مثلَ الشّواءِ المُلَهْوَجِ
وَقَالَ الْعَجَّاجُ:
والأَمْرُ، مَا رامَقْتَه مُلَهْوَجا، ... يُضْوِيكَ، مَا لَمْ تَجْنِ مِنْهُ مُنْضَجا
ولَهْوَجْتُ اللحمَ وتَلَهْوَجْتُه إِذا لَمْ تُنْعِمْ طَبْخَه. وثَرْمَلَ الطعامَ إِذا لَمْ يُنْضِجْه صانِعُه، وَلَمْ يَنْفُضْه مِنَ الرَّمادِ إِذ مَلَّه، ويُعتَذَرُ إِلى الضيفِ، فَيُقَالُ: قَدْ رَمَّلْنا لكَ العملَ، وَلَمْ نَتَنَوَّقْ فِيهِ للعجلةِ. وتَلَهْوَجَ الشيءَ: تَعَجَّلَه؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
لَوْلَا الإِلهُ، وَلَوْلَا سَعْيُ صاحِبنا، ... تَلَهْوَجُوها، كَمَا نَالُوا مِنَ العِيَرِ «4»
لهمج: طريقٌ لَهْمَجٌ ولَهْجَمٌ: موطوءٌ مُذَلَّلٌ مُنْقادٌ. واللَّهْمَجُ: السابقُ السريعُ؛ قَالَ هِمْيَانُ:
ثُمَّتَ يُرْعِيها لَهَا لَهامِجا
وَيُقَالُ: تَلَهْمَجَه إِذا ابْتَلَعَهُ، كأَنه مأْخوذ مِنَ النَّهمةِ، ومِن تَلَمَّجَه «5».
لوج: لاجَ الشيءَ لَوْجاً: أَداره فِي فِيهِ. واللَّوْجاءُ: الحاجةُ؛ عَنِ ابْنُ جِنِّي؛ يُقَالُ: مَا فِي صَدْرِهِ حَوْجاءُ وَلَا لوجاءُ إِلَّا قَضَيْتُها. اللحياني:
__________
(3).
قوله [وعسلوه وعيروه وسودوه] كذا بالأَصل، ومثله شرح القاموس.
(4).
قوله [العير] كذا بالأَصل مضبوطاً ومثله شرح القاموس.
(5).
قوله [مِنَ النَّهِمَةِ وَمِنْ تَلَمَّجَهُ] كذا بالأَصل المنقول من خط المؤلف ونص شرح القاموس من اللهمة أو من تلمجه كذا في اللسان.

(2/360)


مَا لِي فِيهِ حَوْجاءُ وَلَا لَوْجاءُ، وَلَا حُوَيجاءُ وَلَا لُوَيجاءُ، كِلَاهُمَا بالمَدِّ، أَي مَا لِي فِيهِ حاجةٌ. غَيْرُهُ: مَا لِي عَلَيْهِ حِوَجٌ وَلَا لِوَجٌ.

فصل الميم
مأج: أَبو عُبَيْدٍ: المأْجُ الماءُ المِلْحُ؛ قَالَ ابْنُ هَرْمَةَ:
فإِنك كالقَريحَةِ، عامَ تُمْهَى، ... شَرُوبُ الماءِ، ثُمَّ تَعُودُ مَأْجا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ مَاجَا، بِغَيْرِ هَمْزٍ، لأَن الْقَصِيدَةَ مُرْدَفَةٌ بأَلف؛ وقبلَهُ:
نَدِمْتُ فَلَمْ أُطِقْ رَدّاً لشِعْري، ... كَمَا لَا يَشْعَبُ الصَّنَعُ الزُّجَاجَا
والقَريحةُ: أَولُ مَا يُسْتَنْبَطُ مِنَ الْبِئْرِ. وأُمِيهَتِ البئرُ إِذا أَنْبَطَ الحافِرُ فِيهَا الْمَاءُ. ابْنُ سِيدَهْ: مَأَجَ يَمْأَجُ مُؤُوجةً؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
بِأَرْضٍ هِجانِ اللَّوْنِ وَسْمِيَّةِ الثَّرى، ... غَداةَ نَأَتْ عنها المُؤُوجةُ والبَحْرُ
وَفِي التَّهْذِيبِ: مَؤُجَ يَمْؤُجُ مُؤُوجةً، فَهُوَ مَأْجٌ. والمَأْجُ: الأَحْمَقُ المُضْطَرِبُ كأَن فِيهِ ضَوًى.
متج: أَبو السَّمَيْدَعِ: سِرْنا عَقَبةً مَتُوجاً أَي بَعِيدَةً، قَالَ: وَسَمِعْتُ مُدْرِكاً ومُبْتكراً الجَعْفَرِيَّيْنِ يَقُولَانِ: سِرْنا عَقَبةً مَتُوجاً ومَتُوحاً ومَتُوخاً أَي بَعِيدَةً، فإِذا هِيَ ثَلَاثُ لغات.
مثج: مُثِجَ بِالشَّيْءِ: غُذِّي بِهِ؛ وَبِذَلِكَ فسَّر السكريُّ قَوْلَ الأَعلم:
والحِنْطِئُ الحِنْطِيُّ يُمْثَجُ ... بالعَظِيمةِ والرَّغائِبْ
وَقِيلَ: يُمْثَجُ يُخْلَطُ. التَّهْذِيبِ: يُقَالُ مَثَجَ البئرَ إِذا نَزَحَها.
مجج: مَجَّ الشرابَ والشيءَ مِن فِيهِ يَمُجُّه مَجّاً ومَجَّ بِهِ: رَماه؛ قَالَ رَبيعةُ بْنُ الجَحْدَرِ الهُذَليّ:
وطَعْنةِ خَلْسٍ، قَدْ طَعَنْتُ، مُرِشّةٍ ... يَمُجُّ بِهَا عِرْقٌ، مِنَ الجَوْفِ، قالِسُ
أَراد يَمُجُّ بدَمِها؛ وخصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الماءَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
ويَدْعُو بِبَرْدِ الماءِ، وَهُوَ بَلاؤُه، ... وإِنْ مَا سَقَوْه الماءَ، مَجَّ وغَرْغَرا
هَذَا يَصِفُ رَجُلًا بِهِ الكَلَبُ، والكَلِبُ إِذا نَظَرَ إِلى الْمَاءِ تَخَيَّل لَهُ فِيهِ مَا يَكْرَهُه فَلَمْ يَشْرَبْهُ. ومَجَّ بَرِيقِهِ يَمُجُّه إِذا لفَظَه. وانْمَجَّتْ نُقْطَةٌ مِنَ الْقَلَمِ: تَرَشَّشَتْ. وَشَيْخٌ ماجٌّ: يَمُجُّ رِيقَه وَلَا يستطيعُ حَبْسَه مِنْ كُثْره. وَمَا بَقِيَ فِي الإِناء إِلَّا مَجَّةٌ أَي قَدْرُ مَا يُمَجُّ. والمُجاجُ: مَا مَجَّه مِنْ فِيهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَخذ مِنَ الدَّلْوِ حُسْوةَ مَاءٍ، فمجَّها فِي بِئْرٍ ففاضَت بِالْمَاءِ الرَّواءِ.
شَمِرٌ: مَجَّ الماءَ مِنَ الفمِ صَبَّه مِنْ فَمِهِ قَرِيبًا أَو بَعِيدًا، وَقَدْ مَجَّه؛ وَكَذَلِكَ إِذا مَجَّ لُعابَه، وَقِيلَ: لَا يَكُونُ مَجّاً حَتَّى يُباعِدَ بِهِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ فِي المَضْمضةِ لِلصَّائِمِ: لَا يَمُجُّه وَلَكِنْ يشرَبُه، فإِنَّ أَوَّلَه خَيْرُه
؛ أَراد المَضْمَضة عِنْدَ الإِفطار أَي لَا يُلقيه مِنْ فِيهِ فَيَذْهَبُ خُلُوفُه، وَمِنْهُ حَدِيثُ
أَنس: فمَجَّه فِي فِيهِ
؛ وَفِي حَدِيثِ
مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ: عَقَلْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَجَّةً مَجَّها فِي بِئْرٍ لَنَا.
والأَرضُ

(2/361)


إِذا كَانَتْ رَيَّا مِنَ النَّدَى، فَهِيَ تمجُّ الْمَاءَ مَجّاً. وَفِي حَدِيثِ
الْحَسَنِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: الأُذُنُ مَجَّاجةٌ وللنَّفْسِ حَمْضَةٌ
؛ مَعْنَاهُ أَن لِلنَّفْسِ شَهْوَةً فِي استماعِ الْعِلْمِ والأُذنُ لَا تَعِي مَا تَسْمَعُ، وَلَكِنَّهَا تُلْقِيهِ نِسْيَانًا، كَمَا يُمَجُّ الشيءُ مِنَ الْفَمِ. والمُجاجةُ: الرِّيقُ الَّذِي تَمُجُّهُ مِنْ فِيكَ. ومُجاجةُ الشيءِ: عُصارَتُه. ومُجاجُ الجَرادِ: لُعابُه. ومُجاجُ فمِ الْجَارِيَةِ: رِيقُها. ومُجاجُ الْعِنَبِ: مَا سالَ مِنْ عَصِيرِهِ. وَيُقَالُ لِمَا سالَ مِنْ أَفواهِ الدَّبَى: مُجاجٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وَمَاءٌ قَديم عَهْدُه، وكأَنَّه ... مُجاجُ الدَّبَى، لاقَتْ بهاجِرةٍ دَبَى «1»
وَفِي رِوَايَةٍ:
لَاقَتْ بِهِ جِرة دَبَى.
ومُجاجُ النحلِ: عَسَلُها، وَقَدْ مَجَّتْه تَمُجُّه؛ قَالَ:
وَلَا مَا تَمُجُّ النَّحْلُ مِنْ مُتَمَنِّعٍ، ... فَقَدْ ذُقْتُه مُسْتَطْرَفاً وصَفا لِيا
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يأْكُلُ القِثَّاءَ بالمُجاجِ
أَي بالعَسَلِ، لأَن النَّحْلَ تمُجُّه. الرِّيَاشِيُّ: المَجاجُ العُرْجُونُ؛ وأَنشد:
بِقابِلٍ لَفَّتْ عَلَى المَجاجِ
قَالَ: القابِلُ الفَسِيلُ؛ قَالَ: هَكَذَا قُرئَتْ، بِفَتْحِ الْمِيمِ، قَالَ: وَلَا أَدري أَهو صَحِيحٌ أَم لَا؟ وَيُقَالُ لِلْمَطَرِ: مُجاجُ المُزْنِ، وللعَسلِ: مُجاجُ النَّحْلِ، ابْنُ سِيدَهْ: ومُجاجُ المُزْنِ مَطَرُه. والماجُّ مِنَ الناسِ والإِبل: الَّذِي لَا يستطيعُ أَن يُمْسِكَ رِيقَه مِنَ الكِبَر. والماجُّ: الأَحمقُ الَّذِي يَسيلُ لُعابُه؛ يُقَالُ: أَحمق ماجٌّ لِلَّذِي يَسِيلُ لُعَابُهُ؛ وَقِيلَ: هُوَ الأَحمق مَعَ هَرَمٍ، وَجَمْعُ الماجِّ مِنَ الإِبلِ مَجَجةٌ، وَجَمْعُ الماجِّ مِنَ النَّاسِ ماجُّونَ، كِلَاهُمَا عَنِ ابْنِ الأَعرابي، والأُنثى مِنْهُمَا بِالْهَاءِ. والماجُّ: الْبَعِيرُ الَّذِي قَدْ أَسَنَّ وسالَ لُعابه. والماجُّ: النَّاقَةُ الَّتِي تَكْبَرُ حَتَّى تَمُجَّ الماءَ مِنْ حَلْقِها. أَبو عَمْرٍو: المَجَجُ بُلوغُ العِنَبِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تَبِعِ العِنَبَ حَتَّى يَظْهَرَ مَجَجُه
أَي بُلوغُه. مَجَّجَ العِنَبُ يُمَجِّجُ «2» إِذا طابَ وَصَارَ حُلْواً. وَفِي حَدِيثِ
الخُدْرِيِّ: لَا يَصْلُحُ السلَفُ فِي الْعِنَبِ وَالزَّيْتُونِ وأَشباهِ ذَلِكَ حَتَّى يُمَجِّجَ
؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ الدَّجال:
يُعَقِّلُ الكَرْمُ ثُمَّ يُكَحِّبُ ثُمَّ يُمَجِّجُ.
والمَجَجُ: اسْترخاءُ الشِّدْقينِ نَحْوَ مَا يَعْرضُ لِلشَّيْخِ إِذا هَرِمَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه رأَى فِي الكعبةِ صورةَ إِبراهيم، فَقَالَ: مُروا المُجَّاجَ يُمَجْمِجُون عَلَيْهِ
؛ المُجّاجُ جَمْعُ ماجٍّ، وَهُوَ الرجلُ الهَرِمُ الَّذِي يَمُجُّ رِيقَه وَلَا يَسْتَطِيعُ حَبْسَه. والمَجْمَجَةُ: تَغْييرُ الكِتابِ وإِفْسادُه عَمَّا كُتِبَ. وَفِي بَعْضِ الْكُتُبِ:
مَرُّوا المَجّاجَ
، بِفَتْحِ الْمِيمِ، أَي مُروا الْكَاتِبَ يُسَوِّدُه، سمِّي بِهِ لأَنَّ قَلَمَهُ يَمُجُّ المِدادَ. والمَجُّ والمُجاجُ: حَبٌّ كالعَدَسِ إِلا أَنه أَشدّ اسْتِدَارَةً مِنْهُ. قَالَ الأَزهري: هَذِهِ الْحَبَّةُ الَّتِي يُقَالُ لَهَا الماشُ، وَالْعَرَبُ تُسَمِّيهِ الخُلَّر والزِّنَّ. أَبو حَنِيفَةَ: المَجَّةُ حَمْضَةٌ تُشْبِهُ الطَّحْماءَ غَيْرَ أَنها أَلطف وأَصغر. والمُجُّ: سَيْفٌ مِنْ سُيوفِ الْعَرَبِ، ذَكَرَهُ ابْنُ الْكَلْبِيِّ. والمُجُّ: فَرْخُ الحَمامِ كالبُجِّ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: زَعَمُوا ذَلِكَ وَلَا أَعرف صِحَّتَهُ. وأَمَجَّ الفَرَسُ: جَرى جَرْياً شديداً؛ قال:
__________
(1).
قوله [وماء قديم إلخ] كذا بالأَصل مضبوطاً. وقوله: [وفي رواية إلخ] كذا فيه أَيضاً.
(2).
قوله [مجج العنب يمجج] هذا الضبط وجد بنسخة من النهاية يظن بها الصحة، ومقتضى ضبط القاموس المجج، بفتحتين، أَنْ يَكُونَ فِعْلُهُ مِنَ باب تعب. قوله [والمجاج حب] ضبط في الأَصل مجاج، بضم الميم.

(2/362)


كأَنَّما يَسْتَضْرِمانِ العَرْفَجا، ... فَوْقَ الجُلاذِيِّ إِذا مَا أَمْجَجا
أَراد: أَمَجَّ، فأَظهر التَّضْعِيفَ لِلضَّرُورَةِ. الأَصمعي: إِذا بَدأَ الفَرَسُ يَعدو قَبْلَ أَن يَضْطَرِمَ جَرْيُه، قِيلَ: أَمَجَّ إِمْجاجاً. ابْنُ الأَعرابي: المُجُجُ السُّكارى، والمُجُجُ: النَّحْل. وأَمَجَّ الرجلُ إِذا ذهبَ فِي البِلادِ. وأَمَجَّ إِلى بلدِ كَذَا: انْطَلَقَ. ومَجْمَجَ الكِتابَ: خَلَّطَه وأَفسَدَه. اللَّيْثُ: المَجْمَجَةُ تَخْليطُ الكِتابِ وإِفْسادُه بِالْقَلَمِ. ومَجْمَجْتُ الكِتابَ إِذا ثَبَّجْتَه وَلَمْ تُبَيِّنِ الحروفَ. ومَجْمَجَ الرجلُ فِي خَبرِه: لَمْ يُبَيِّنْهُ. ولَحْمٌ مُمَجْمَجٌ: كَثِيرٌ. وكَفَلٌ مُتَمَجْمِجٌ: رَجْراجٌ «1» إِذا كَانَ يَرْتَجُّ مِنَ النَّعْمةِ؛ وأَنشد:
وكَفَلٍ رَيَّانَ قَدْ تَمَجْمَجا
وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا كَانَ مُسْتَرْخِياً رَهِلًا: مَجْماجٌ؛ قَالَ أَبو وجْزَةَ:
طالَتْ عَلَيْهِنَّ طُولًا غَيرَ مَجْماجِ
ورجلٌ مَجْماجٌ كَبَجْباجٍ: كثيرُ اللَّحْمِ غَلِيظُهُ. وَقَالَ شُجَاعٌ السُّلَمِيُّ: مَجْمَجَ بِي وبَجْبَجَ إِذا ذهَبَ بِكَ فِي الْكَلَامِ مَذهَباً عَلَى غَيْرِ الاستِقامة وردّكَ مِنْ حَالٍ إِلى حَالٍ. ابْنُ الأَعرابي: مَجَّ وبَجَّ، بِمَعْنًى وَاحِدٍ.
محج: مَحَجَ الأَديمَ يَمْحَجُه مَحْجاً: دَلَكَه لِيَمْرُنَ. والمَحْجُ: مَسْحُ شَيْءٍ عَنْ شَيْءٍ حَتَّى ينالَ المَسْحُ جِلْدَ الشَّيْءِ لِشِدَّةِ مَسْحِكَ، وَنَحْوِ ذَلِكَ. والرِّيحُ تَمْحَجُ الأَرضَ مَحْجاً: تَذْهَبُ بِالتُّرَابِ حَتَّى تتناوَلَ مِنْ أَرُومةِ العَجَاجِ؛ قَالَ العَجَّاجُ:
ومَحْجُ أَرْواحٍ يُبارِينَ الصَّبا، ... أَغْشَيْنَ مَعرُوفَ الدِّيارِ التَّيْرَبَا
وَيُرْوَى التَّوْرَبا، وَكِلَاهُمَا التُّرَابُ. ومَحَجَ المرأَةَ يَمْحَجُها مَحْجاً نَكَحَها، وَكَذَلِكَ مَخَجَها. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: اخْتَصَمَ شَيْخانِ غَنَوِيٌّ وباهِليٌّ، فَقَالَ أَحدهما لِصَاحِبِهِ: الكاذِبُ مَحَجَ أُمَّه، فَقَالَ الْآخَرُ: انْظُرُوا مَا قَالَ لِي: الْكَاذِبُ مَحَجَ أُمَّه أَي ناكَ أُمَّه؛ فَقَالَ لَهُ الْغَنَوِيُّ: كَذَبَ مَا قُلْتُ لَهُ هَكَذَا، وَلَكِنِّي قُلْتُ: مَلَجَ أُمَّه أَي رَضَعها. ابْنُ الأَعرابي: المَحَّاجُ الكذَّابُ؛ وأَنشد:
ومَحَّاجٌ إِذا كَثُرَ التَّجَنِّي
قَالَ الأَزهري: فَمَحَجَ، عِنْدَ ابْنِ الأَعرابي، لَهُ مَعْنَيَانِ: أَحدهما الجِماعُ، وَالْآخَرُ الكَذِبُ. ومَحَجَ مَحْجاً: أَسرَعَ. ومَحَجَ العُودَ مَحْجاً: قَشَرَهُ. ومَحَجَ الدَّلْوَ مَحْجاً: خَضْخَضَها كمَخَجَها؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ؛ قَالَ:
قَدْ صَبَّحَتْ قَلَمَّساً هَمُوما، ... يَزِيدُها مَحْجُ الدِّلا جُمُوما
وَيُرْوَى: مَخْجُ الدِّلا، وَهِيَ أَعرفُ وأَشهر. وماحَجَه: ماطَله. ومَحَجَ اللبنَ ومَخَجَه إِذا مَخَضَه. ابْنُ سِيدَهْ: ومِحاجٌ ومَحاجِ: اسْمُ فَرسٍ مَعْرُوفَةٍ مِنْ خَيْلِ الْعَرَبِ؛ قَالَ:
اقْدُمْ مَحاجِ، إِنه يَومٌ نُكُرْ، ... مِثْلي عَلَى مِثْلِكَ يَحْمِي ويَكُرْ
ومَحاجٌ: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ أَنشد ثعلب:
__________
(1).
قوله [وكفل متمجمع: رجراج إلخ] كذا بالأَصل. وعبارة القاموس: وكفل ممجمج كمسلسل مرتج وقد تمجمج.

(2/363)


لَعَنَ اللهُ بَطْنَ لَقْفٍ مَسِيلًا ... ومَحاجاً، فَلَا أُحِبُّ مَحاجَا
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ يَكُونُ مَحاجٌ مَفْعَلًا كالمَقالِ والمَقامِ، فَيَكُونُ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْبَابِ. وَقَالَ ابْنُ الأَثير فِي كِتَابِهِ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ: المَحَجَّةُ جادَّةُ الطريقِ، مَفْعَلَةٌ مِنَ الحَجِّ القَصْدِ، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ، وَجَمْعُهَا المَحاجُّ، بِتَشْدِيدِ الْجِيمِ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: ظَهَرَتْ مَعالِمُ الجَوْرِ وتُرِكَتْ مَحاجُّ السُّنَنِ
، وَقَدْ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي موضعه.
مخج: مَخَجَ المرأَة يَمْخَجُها مَخْجاً: نكَحها. ومَخَجَ بِالدَّلْوِ وَغَيْرِهَا مَخْجاً، ومَخَجَها: خَضْخَضَها، وَقِيلَ: جَذَب بِهَا ونَهَزَها حتى تمتلىء؛ قَالَ: قَدْ
صَبَّحَتْ قَلَمَّساً هَمُوما، ... يَزِيدُها مَخْجُ الدِّلا جُمُوما
وَكَذَلِكَ تَمَخَّجَها وتماخَجَها. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: تَمَخَّجْتُ الماءَ إِذا حَرَّكْتَهُ: قَالَ:
صَافِي الجِمامِ لَمْ تَمَخَّجْه الدِّلا
أَي لَمْ تَمْخُضْه «2» الدِّلاء. الأَصمعي: مَخَجَ البئرَ ومَخَضَها، بِمَعْنًى وَاحِدٍ. ومَخَجَ الْبِئْرَ يَمْخَجُها مَخْجاً: أَلَحَّ عَلَيْهَا فِي الغَرْب؛ وَبِهِ فسَّرَ ابْنُ الأَعرابي قَوْلَهُ:
يَزيدُها مخجُ الدِّلا جُموما
وأَنشد يَعْقُوبُ:
تَرَى الغُلامَ اليافِعَ الحَزَوَّرا، ... يَمْخَجُ بالدَّلْوِ، وقد تَغَشْمَرا
مدج: اللَّيْثُ: مُدَّجٌ سَمَكَةٌ بَحْرِيَّةٌ، قَالَ: وأَحْسَبُهُ مُعَرَّباً؛ وأَنشد أَبو الْهَيْثَمِ فِي المدَّجِ:
يُغْني أَبا ذَرْوَةَ عَنْ حانُوتِها، ... عَنْ مُدَّجِ السُّوقِ وأَنْزَرُوتِها
وَقَالَ: مُدَّجٌ سَمَكٌ اسْمُهُ متور «3». وأَنْزَرُوتِها: يُرِيدُ عَنْزَرُوتِها. وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ مُدَجِّجٍ، هُوَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ الْجِيمِ الْمَكْسُورَةِ، وادٍ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ لَهُ ذِكْرٌ فِي حَدِيثِ الهجرة.
مذحج: مَذْحِجٌ مِثَالُ مَسْجِدٍ: أَبو قَبِيلَةٍ مِنَ الْيَمَنِ وَهُوَ مَذحِجُ بْنُ يُحابِرَ بْنِ مالكِ بْنُ زَيْدِ بنِ كهْلانَ بْنِ سبإٍ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: الْمِيمُ مِنْ نَفْسِ الْكَلِمَةِ.
مرج: المَرْجُ: الْفَضَاءُ، وَقِيلَ: المَرْجُ أَرضٌ ذاتُ كَلإٍ تَرْعَى فِيهَا الدوابُّ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: أَرضٌ واسعةٌ فِيهَا نَبْتٌ كَثِيرٌ تَمْرُجُ فِيهَا الدوابُّ، وَالْجَمْعُ مُروجٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
رَعَى بِهَا مَرْجَ رَبيعٍ مَمْرَجا
وَفِي الصِّحَاحِ: المَرْجُ الْمَوْضِعُ الَّذِي تَرعى فِيهِ الدوابُّ. ومَرَجَ الدابَّةَ يَمْرُجُها إِذا أَرسلَها تَرعى فِي الْمَرْجِ. وأَمْرَجَها: تَرَكَهَا تَذْهَبُ حَيْثُ شَاءَتْ، وَقَالَ الْقُتَيْبِيُّ: مَرَجَ دَابَّتَهُ خَلَّاها، وأَمْرَجَها: رَعاها. وإِبلٌ مَرَجٌ إِذا كَانَتْ لَا رَاعِيَ لَهَا وَهِيَ تَرْعَى. وَدَابَّةٌ مَرَجٌ، لَا يُثَنَّى وَلَا يُجْمَعُ؛ وأَنشد:
فِي رَبْرَبٍ مَرَجٍ ذَواتِ صَياصِي
وَفِي الْحَدِيثِ وَذَكَرَ خَيْلَ المُرابِطِ، فَقَالَ:
طَوَّلَ لَهَا فِي مَرْجٍ
؛ المَرْجُ: الأَرضُ الواسعةُ ذاتُ نباتٍ كَثِيرِ تَمْرُجُ فِيهَا الدوابُّ أَي تُخَلَّى تَسْرَحُ مُخْتَلِطَةً حَيْثُ شَاءَتْ. والمَرَجُ، بِالتَّحْرِيكِ: مَصْدَرُ قَوْلِكَ
__________
(2).
قوله [تمخضه] بتثليث الخاء من المضارع كما في القاموس.
(3).
قوله [مُدَّجٌ سَمَكٌ اسْمُهُ متور] كذا بالأَصل. وعبارة القاموس: مدّج كقبر، سمكة بحرية وتسمى المشق انتهى. وشكل فيه مشق بشد الشين.

(2/364)


مَرِجَ الْخَاتَمُ فِي إِصْبَعِي، وَفِي الْمُحْكَمِ: فِي يَدِي، مَرَجاً أَي قَلِقَ، ومَرَجَ، وَالْكَسْرُ أَعلى مِثْلَ جَرِجَ؛ ومَرِجَ السهمُ، كَذَلِكَ. وأَمْرَجَه الدَّمُ إِذا أَقْلَقَه حَتَّى يَسْقُطَ. وَسَهْمٌ مَرِيجٌ: قَلِقٌ. والمَرِيجُ: المُلْتَوي الأَعْوَجُ. ومَرِجَ الأَمرُ مَرَجاً، فَهُوَ مارِجٌ ومَرِيجٌ: الْتَبَسَ واخْتلَط. وَفِي التَّنْزِيلِ: فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ
؛ يَقُولُ: فِي ضلالٍ؛ وَقَالَ أَبو إِسحاق: فِي أَمرٍ مُخْتَلِفٍ مُلْتَبِسٍ عَلَيْهِمْ، يَقُولُونَ لِلنَّبِيِّ: صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَرَّةً ساحِرٌ، ومرَّة شاعِرٌ، وَمَرَّةً مُعَلّمٌ مجنونٌ، وَهَذَا الدَّلِيلُ عَلَى أَن قَوْلَهُ مرِيجٌ: مُلْتَبِس عَلَيْهِمْ، وَرُوِيَ
عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَيْفَ أَنتم إِذا مَرِجَ الدينُ فَظَهَرَتِ الرَّغْبَةُ، وَاخْتَلَفَ الأَخَوَانِ، وحُرِّقَ البيتُ العتِيقُ؟
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
أَنه قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ: كَيْفَ أَنت إِذا بَقِيتَ فِي حُثالةٍ مِنَ النَّاسِ، قَدْ مَرِجَتْ عُهُودُهم وأَماناتُهم؟
أَي اخْتَلَطَتْ؛ وَمَعْنَى قَوْلِهِ مَرِجَ الدينُ: اضْطَرَبَ والتَبَسَ المَخْرَجُ فِيهِ، وَكَذَلِكَ مَرَجُ العُهُودِ: اضْطِرابُها وقِلَّةُ الْوَفَاءِ بِهَا؛ وأَصل المَرَجِ القَلَقُ. وأَمْرٌ مَرِيجٌ أَي مختلِطٌ. وغُصْن مَرِيجٌ: مُلْتَوٍ مُشْتبك، قَدِ الْتَبَسَتْ شَناغيبه؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:
فَجالَتْ فالتَمَسْتُ بِهِ حَشاها، ... فَخَّرَ كأَنه غُصنٌ مَرِيجُ
وَفِي التَّهْذِيبِ: خُوطٌ مَرِيجٌ أَي غُصنٌ لَهُ شُعَبٌ قِصارٌ قَدِ الْتَبَسَتْ. ومَرَجَ أَمْرَه يَمْرُجُه. ضَيَّعه. وَرَجُلٌ مِمْراجٌ: يَمْرُجُ أُمورَه وَلَا يُحْكِمُها. ومَرِجَ العَهْدُ والأَمانةُ والدِّينُ: فَسَدَ؛ قَالَ أَبو دُواد:
مَرِجَ الدِّينُ، فأَعْدَدْتُ لَهُ ... مُشْرِفَ الحارِكِ مَحْبُوكَ الكَتَدْ
وأَمْرَجَ عَهْدَهُ: لَمْ يَفِ بِهِ. ومَرِجَ الناسُ: اخْتَلَطُوا. ومَرِجَتْ أَماناتُ النَّاسِ: فَسَدَتْ. ومَرِجَ الدِّينُ والأَمرُ: اخْتَلَطَ واضْطَرَبَ؛ وَمِنْهُ الهَرْجُ والمَرْجُ. وَيُقَالُ: إِنما يَسْكُنُ المَرْجُ لأَجل الهَرْجِ، ازْدِواجاً لِلْكَلَامِ. والمَرَجُ: الفِتْنَةُ المُشْكِلةُ. والمَرَجُ: الفسادُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَيْفَ أَنتم إِذا مَرِجَ الدِّينُ؟
أَي فسَدَ وقَلِقَتْ أَسبابُه. والمَرْجُ الخَلْطُ. ومَرَجَ اللَّهُ البحرَيْنِ العذْبَ والمِلْحَ: خَلَطَهما حَتَّى الْتَقَيَا. الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ
؛ يَقُولُ: أَرْسَلَهُما ثُمَّ يلتقيانِ بَعْدُ، وَقِيلَ: خَلَّاهما ثُمَّ جَعَلَهُمَا لَا يَلْتَبِسُ ذَا بِذَا، قَالَ: وَهُوَ كَلَامٌ لَا يَقُولُهُ إِلَّا أَهل تِهامَةَ، وأَما النَّحْوِيُّونَ فَيَقُولُونَ أَمْرَجْتُه وأَمْرَجَ دابَّتَه؛ وَقَالَ الزّجَّاج: مَرَجَ خَلَطَ؛ يَعْنِي البحرَ المِلحَ والبحرَ العَذْبَ، وَمَعْنَى لَا يَبْغِيَانِ أَي لَا يَبْغِي المِلحُ عَلَى الْعَذْبِ فَيَخْتَلِطُ. ابْنُ الأَعرابي: المَرْجُ الإِجْرَاءُ، ومنه قوله مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ*
أَي أَجراهُما؛ قَالَ الأَخفش: وَيَقُولُ قومٌ: أَمْرَجَ البحرينِ مِثْلَ مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ، فَعَلَ وأَفْعَلَ، بِمَعْنًى. والمارِجُ: الخِلْطُ. والمارِجُ: الشُّعْلةُ السَّاطِعَةُ ذاتُ اللَّهَبِ الشَّديد. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ
؛ قِيلَ: مَعْنَاهُ الخِلْطُ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ الشُّعْلةُ، كُلُّ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الكاهِل والغارِبِ؛ وَقِيلَ: المارِجُ اللَّهَبُ المُختَلِطُ بسَوادِ النارِ؛ الْفَرَّاءُ: المارِجُ هَاهُنَا نارٌ دونَ الحِجابِ مِنْهَا هَذِهِ الصَّواعِقُ وبُرِئ جِلْدُهُ مِنْهَا: أَبو عُبَيْدٍ: مِنْ مارِجٍ مِنْ خِلْطٍ مِنْ نارٍ. الْجَوْهَرِيُّ: مارِجٍ مِنْ نارٍ
،

(2/365)


نَارٌ لَا دُخَانَ لَهَا خَلَقَ مِنْهَا الْجَانَّ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: خُلِقتِ الْمَلَائِكَةُ مِنْ نورٍ وخُلِقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ
؛ مارِجُ النَّارِ: لَهَبُها الْمُخْتَلِطُ بِسَوَادِهَا. وَرَجُلٌ مَرّاجٌ: يَزيدُ فِي الحديثِ؛ وَقَدْ مَرَجَ الكَذِبَ يَمْرُجُه مَرْجاً. وأَمْرَجَتِ الناقةُ، وَهِيَ مُمْرِجٌ إِذا أَلْقَتْ ولَدَها بعد ما صارَ غِرْساً ودَماً، وَفِي الْمُحْكَمِ: إِذا أَلقت ماءَ الفحل بعد ما يَكُونُ غِرْساً وَدَمًا؛ وَنَاقَةٌ مِمْراجٌ إِذا كَانَ ذَلِكَ عادتَها. ومَرَجَ الرجلُ المرأَةَ مَرْجاً: نَكَحَها. رَوَى ذَلِكَ أَبو الْعَلَاءِ يَرْفَعُهُ إِلى قُطْرُب، وَالْمَعْرُوفُ هَرَجَها يَهْرُجُها. والمَرْجانُ: اللُّؤْلُؤُ الصِّغارُ أَو نحوُه، وَاحِدَتُهُ مَرْجانةٌ، قَالَ الأَزهري: لَا أَدري أَرُباعِيٌّ هُوَ أَم ثُلاثِيٌّ؛ وأَورده فِي رُبَاعِيِّ الْجِيمِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: المَرْجانُ البُسَّذُ، وَهُوَ جَوهَرٌ أَحمر، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَالَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنه صِغَارُ اللؤْلُؤِ كَمَا ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ؛ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ حُجْر:
أَذُودُ القَوافيَ عَنِّي ذِيادا، ... ذِيادَ غُلامٍ جَرِيٍّ جِيادا
«1»
فأَعْزِلُ مَرْجانَها جانِباً، ... وآخُذُ مِنْ دُرِّها المُسْتَجادا
وَيُقَالُ: إِنَّ هَذَا الشِّعْرَ لِامْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ حُجْر الْمَعْرُوفِ بالذائِدِ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: المَرْجانُ بَقْلةٌ رِبْعِيَّةٌ تَرْتَفع قِيسَ الذراعِ، لَهَا أَغْصان حُمْرٌ وَوَرَقٌ مُدَوَّرٌ عَرِيضٌ كَثِيفٌ جِدًّا رَطْبٌ رَوٍ، وَهِيَ مَلْبَنَةٌ، والواحِدُ كالواحدِ. ومَرْجُ الخُطَباء: مَوْضِعٌ بخُراسان. ومَرْجُ راهِطٍ بالشامِ؛ وَمِنْهُ يَوْمُ المَرْجِ لِمَرْوان بنِ الْحَكَمِ عَلَى الضحّاكِ بْنِ قَيْسٍ الفِهْريّ. ومَرْجُ القَلَعَةِ، بِفَتْحِ اللَّامِ: مَنْزِلٌ بِالْبَادِيَةِ. ومَرْجَةُ والأَمْراجُ: مَوْضِعانِ؛ قَالَ السُّلَيْكُ بْنُ السُّلَكةِ:
وأَذْعَرَ كَلّاباً يَقُودُ كِلابَهُ، ... ومَرْجةُ لمَّا اقْتَبِسْها بِمقْنَبِ
وَقَالَ أَبو الْعِيَالِ الهُذَلي:
إِنّا لَقِينا بَعْدَكم بدِيارِنا، ... مِنْ جانِبِ الأَمْراجِ، يَوْمًا يُسْأَلُ
أَراد يُسأَلُ عنه.
مزج: المَزْجُ: خَلْطُ المِزاجِ بِالشَّيْءِ. ومَزْجُ الشرابِ: خَلْطُه بِغَيْرِهِ. ومِزاجُ الشرابِ: مَا يُمْزَجُ بِهِ. ومَزَجَ الشيءَ يَمْزُجُه مَزْجاً فامْتَزَجَ: خَلَطَه. وشرابٌ مَزْجٌ: مَمْزُوجٌ. وكلُّ نَوْعَيْنِ امْتَزَجا، فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ مِزْجٌ ومِزاجٌ. ومِزاجُ البدَنِ: مَا أُسِّسَ عَلَيْهِ مِنْ مِرَّةٍ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: ومِزاجُ الجِسْمِ مَا أُسِّس عَلَيْهِ الْبَدَنُ مِنَ الدَّمِ والمِرّتَيْنِ والبَلْغَمِ. والمِزْجُ والمَزْجُ: العَسَلُ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: الشَّهْدُ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
فجاءَ بِمِزْجٍ لَمْ يَرَ النَّاسُ مِثلَهُ؛ ... هُوَ الضَّحْكُ، إِلَّا أَنه عَمَلُ النَّحْلِ
قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: سمِّي مِزْجاً لِأَنه مِزاجُ كلِّ شرابٍ حُلْوٍ طُيِّبَ بِهِ، وسَمَّى أَبو ذُؤَيْبٍ الماءَ الذي تُمْزَجُ
__________
(1).
قوله [جريّ جيادا] كذا بالأَصل. والذي في مادة [ذود] من القاموس غويّ جرادا.

(2/366)


بِهِ الْخَمْرُ مِزْجاً. لأَن كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الخمرِ وَالْمَاءِ يُمازِجُ صاحِبَه؛ فَقَالَ:
بِمزْجٍ مِنَ العَذْب، عَذْبِ السَّراةِ، ... يُزَعْزِعُه الرِّيحُ، بعدَ المَطَرْ
ومَزَّجَ السُّنبُلُ وَالْعِنَبُ: اصْفَرَّ بَعْدَ الْخُضْرَةِ. وَفِي التَّهْذِيبِ: لَوَّنَ مِنْ خُضْرة إِلى صُفْرَةٍ. وَرَجُلٌ مَزَّاجٌ ومُمَزِّجٌ: لَا يثبتُ عَلَى خُلُقٍ، إِنما هُوَ ذُو أَخْلاق، وَقِيلَ: هُوَ المُخَلِّطُ الكَذّاب؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: وأَنشد لِمَدْرَجِ الرِّيح:
إِني وَجَدْتُ إِخاءَ كلِّ مُمَزِّجٍ ... مَلِقٍ، يَعُودُ إِلى المَخانةِ والقِلَى
والمِزْجُ اللَّوْزُ المُرُّ. قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: لَا أَدري مَا صحتُه، وَقِيلَ: إِنما هُوَ المَنْج. والمَوْزَجُ: الخُفُّ؛ فارسيٌّ مُعَرَّبٌ، وَالْجَمْعُ مَوازِجةٌ، أَلْحقُوا الْهَاءَ لِلْعُجْمَةِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَكَذَا وُجِدَ أَكثر هَذَا الضَّرْبِ الأَعجمي مُكَسَّراً بِالْهَاءِ، فِيمَا زَعَمَ سِيبَوَيْهِ، والمَوْزَجُ مُعَرَّبٌ وأَصله بِالْفَارِسِيَّةِ مُوزَهْ، وَالْجَمْعُ المَوازِجَةُ مِثْلُ الجَوْرَبِ والجَوارِبةِ، وَالْهَاءُ لِلْعُجْمَةِ، وإِن شئتَ حَذَفْتَهَا؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ امرأَةً نَزَعَتْ خُفَّها أَو مَوْزَجَها فَسَقَتْ بِهِ كَلْباً.
ابْنُ شُمَيْلٍ: يَسأَلُ السَّائِلُ، فَيُقَالُ: مَزِّجُوهُ أَي أَعْطُوه شَيْئًا؛ وأَنشد:
وأَغْتَبِقُ الماءَ القَراحَ وأَنْطَوِي، ... إِذا الماءُ أَمْسى لِلْمُزَلَّجِ ذَا طَعْمِ «1»
وَقَوْلُ الْبَرِيقِ الْهُذَلِيِّ:
أَلمْ تَسْلُ عَنْ لَيْلى، وَقَدْ ذهَبَ الدَّهْرُ، ... وَقَدْ أُوحِشَتْ مِنْهَا الموازِجُ والحَضْرُ «2»
؟ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَظُنُّ المَوازِجَ مَوْضِعاً، وكذلك الحَضْرُ.
مشج: المَشْجُ والمَشِجُ والمشَجُ والمَشِيجُ: كُلُّ لَوْنينِ اخْتلَطا، وَقِيلَ: هُوَ مَا اخْتَلَطَ مِنْ حُمْرَةٍ وَبَيَاضٍ، وَقِيلَ: هُوَ كُلُّ شَيْئَيْنِ مُخْتَلِطَيْنِ، وَالْجَمْعُ أَمْشاجٌ مِثْلَ يَتيمٍ وأَيْتامٍ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْهُذَلِيِّ: سيطَ بِهِ مَشِيجُ. ومَشَجْتُ بَيْنهما مَشْجاً: خَلَطْتُ؛ والشيءُ مَشيجٌ؛ ابْنُ سِيدَهْ: والمَشِيجُ اخْتِلاطُ مَاءِ الرَّجُلِ والمرأَة؛ هَكَذَا عَبَّرَ عَنْهُ بِالْمَصْدَرِ وَلَيْسَ بِقَوِيٍّ؛ قَالَ: والصحيحُ أَن يُقَالَ: المَشِيج مَاءُ الرَّجُلِ يَخْتَلِطُ بماءِ المرأَة. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ نَبْتَلِيهِ
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: الأَمْشاجُ هِيَ الأَخْلاطُ: ماءُ الرجلِ وَمَاءُ المرأَةِ والدمُ والعَلَقَة، وَيُقَالُ لِلشَّيْءِ مِنْ هَذَا: خِلْطٌ مَشِيجٌ كَقَوْلِكَ خَلِيطٌ ومَمْشُوجٌ، كَقَوْلِكَ مَخْلُوطٌ مُشِجَتْ بِدمٍ، وَذَلِكَ الدمُ دمُ الحيضِ. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: الأَمشاجُ الأَخلاطُ؛ يُرِيدُ الأَخْلاطَ النطفةَ «3» لأَنها مُمْتَزِجةٌ مِنْ أَنواعٍ، وَلِذَلِكَ يُولَدُ الإِنسان ذَا طَبائعَ مُخْتَلِفةٍ؛ وَقَالَ الشَّمَّاخُ:
طَوَتْ أَحْشاءَ مُرْتِجَةٍ لِوَقْتٍ ... عَلَى مَشَجٍ، سُلالتهُ مَهِينُ
وَقَالَ الْآخَرُ:
فَهُنَّ يَقذِفْنَ مِنَ الأَمْشاجِ، ... مِثْلَ بُزولِ اليَمْنَةِ الحجاجِ «4»
وَقَالَ أَبو إِسْحَاقَ: أَمْشاجٌ أَخْلاطٌ مِنْ مَنِيٍّ وَدَمٍ، ثُمَّ يُنْقَلُ مِنْ حالٍ إِلى حالٍ. وَيُقَالُ: نُطْفةٌ أَمْشاجٌ لِمَاءِ الرَّجُلِ يَخْتَلِطُ بِمَاءِ المرأَةِ ودَمِها. وَفِي الْحَدِيثِ فِي
__________
(1).
قَوْلِهِ [وأغتبق الماء إلخ] كذا بالأَصل، ولا شاهد فيه كما لا يخفى.
(2).
قوله [أوحشت إلخ] في معجم ياقوت: أقفرت منها الموازج فالحضر.
(3).
قوله [يريد الأَخلاط النطفة] عبارة شرح القاموس: يريد النطفة.
(4).
قوله [مثل إلخ] كذا بالأَصل.

(2/367)


صِفَةِ الْمَوْلُودِ:
ثُمَّ يَكُونُ مَشِيجاً أَربعين لَيْلَةً
؛ المَشِيجُ: المختلِطُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَخْلوطٍ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ومَحَطَ الأَمْشاجَ مِنْ مَسارِبِ الأَصْلابِ
؛ يُرِيدُ المنيَّ الَّذِي يَتولَّدُ مِنْهُ الجَنِينُ. والأَمْشاجُ: أَخْلاطُ الكَيْمُوساتِ الأَربعِ، وَهِيَ: المِرارُ الأَحمرُ والمِرارُ الأَسْودُ والدمُ وَالْمَنِيُّ؛ أَراد بالمَشْجِ اخْتِلاطَ الدمِ بِالنُّطْفَةِ، هَذَا أَصله؛
وَعَنِ الْحَسَنُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: أَمْشاجٍ
؛ قَالَ: نَعَمْ وَاللَّهِ إِذا اسْتَعْجَلَ مشَج خَلْقَهُ مِنْ نُطْفَةٍ.
ابْنُ سِيدَهْ: وأَمْشاجُ البدَنِ طَبائِعهُ، وَاحِدُهَا مَشْجٌ ومَشَجٌ ومَشِجٌ؛ عَنْ أَبي عُبَيْدَةَ. وَعَلَيْهِ أَمْشاجُ غُزولٍ أَي داخِلةٌ بعضُها فِي بَعْضٍ؛ يَعْنِي البُرود فِيهَا أَلوانُ الغُزُولِ. الأَصمعي: أَمْشاجُ وأَوشاجُ غُزولٍ داخلٌ بعضُها فِي بَعْضٍ؛ وقولُ زهَير بْنِ حَرام الْهُذَلِيِّ:
كأَنَّ النَّصْلَ والفُوقَيْنِ مِنْهَا، ... خِلالَ الرِّيشِ، سِيطَ بِهِ مَشِيجُ
وَرَوَاهُ الْمُبَرِّدُ:
كأَنَّ المَتْنَ والشَّرْجَينِ مِنْهُ، ... خِلافَ النصْلِ، سِيطَ بِهِ مَشيجُ
أَراد بالمتْنِ مَتْنَ السَّهْمِ. والشَّرْجَينِ: حَرْفَيِ الفُوقِ، وَهُوَ فِي الصِّحَاحِ: سيطَ بِهِ المَشِيجُ؛ وَرَوَاهُ أَبو عُبَيْدَةَ:
كأَنَّ الرِّيشَ والفُوقَيْنِ مِنْهَا، ... خِلالَ النصْلِ، سِيطَ به المَشيجُ
معج: المَعْجُ: سُرعةُ المَرّ. وَرِيحٌ مَعُوجٌ: سريعةُ المَرّ؛ قَالَ أَبو ذؤَيب:
تُكَرْكِرُه نَجْدِيَّةٌ، وتَمُدّهُ ... مُسَفْسِفةٌ، فَوقَ التُّرابِ، مَعُوجُ
ومَعَجَ السَّيْلُ يَمْعَجُ: أَسْرَعَ؛ وقَولُ ساعِدةَ بْنِ جُؤَيَّةَ:
مُسْتأْرِضاً بَينَ أَعْلى اللِّيثِ أَيْمَنَهُ ... إِلى شَمَنْصِيرَ، غَيْثاً مُرْسَلًا مَعِجا «1»
إِنما هُوَ عَلَى النَّسَبِ أَي ذُو مَعْجٍ. ومَعَجَ فِي الجَرْيِ يَمْعَجُ مَعْجاً: تَفَنَّنَ. وَقِيلَ: المَعْجُ أَن يَعْتَمِدَ الفَرَسُ عَلَى إِحدى عُضادَتَي العنانِ، مَرَّةً فِي الشِّقِّ الأَيمَنِ وَمَرَّةً فِي الشِّقِّ الأَيسر. وفرسٌ مِمْعَجٌ: كَثِيرُ المَعْجِ. وَحِمَارٌ مَعَّاجٌ ومَعُوجٌ: يَسْتَنُّ فِي عَدْوِه يَمِينًا وَشِمَالًا. ومَعَجَتِ الناقةُ مَعْجاً: سارتْ سَيراً سَهْلًا؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
مِنَ المُنْطياتِ المَوْكِبَ المَعْجَ، بَعْدَ ما ... يُرَى فِي فُرُوعِ المُقْلَتَيْنِ نُضُوبُ
أَي تَسِيرُ هَذَا السير الشديد بعد ما تَغُور عَيْنَاهَا مِنَ الإِعْياء والتعَب. ومَعَجَ فِي سَيْرِهِ إِذا سارَ فِي كُلِّ وَجْهٍ، وَذَلِكَ مِنَ النَّشاطِ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ يَصِفُ الْعِيرَ:
غَمْرَ الأَجارِيِّ مِسَحّاً مِمْعَجا
ومَرَّ يَمْعَجُ أَي مَرَّ مَرًّا سَهْلًا. وَفِي حَدِيثِ
مُعَاوِيَةَ: فمَعَجَ البحرُ مَعْجَةً تَفَرَّقَ لَهَا السُّفُنُ
أَي ماجَ واضْطَرَبَ. والمَعْجُ: هُبُوبُ الرِّيحِ فِي لينٍ. والرِّيحُ تَمْعَجُ فِي النَّبَاتِ: تَقْلِبُه يَمِينًا وَشِمَالًا؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
أَو نَفْحة مِنْ أَعالي حَنْوةٍ مَعَجَتْ ... فِيهَا الصَّبا مَوْهِناً، والرَّوضُ مَرْهُومُ
__________
(1).
قوله [بين أعلى] كذا بالأَصل هنا. وفي معجم ياقوت: بين بطن؛ وكذا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنَ هذا الكتاب.

(2/368)


ومَعَجَ الرجلُ جارِيَتَه يَمْعَجُها إِذا نَكَحَهَا. ومَعَجَ المُلْمُولَ فِي المكْحُلةِ إِذا حَرَّكَه فِيهَا. ومَعَجَ الفَصِيلُ ضَرْعَ أُمِّه يَمْعَجُه مَعْجاً: لَهَزَه وقلَّبَ فَاهُ فِي نواحِيهِ لِيَتَمَكَّنَ فِي الرَّضاع؛ قَالَ عُقْبَةُ بْنُ غَزوان: فعَلَ ذَلِكَ فِي مَعْجَةِ شَبابه وعلوة «2» شَبَابِهِ، وعُنْفُوانِه، وَقَالَ غَيْرُهُ: فِي مَوْجةِ شَبابه، بِمَعْنَاهُ.
مغج: مَغَجَ الفَصِيلُ أُمَّه يَمْغَجُها مَغْجاً: لَهَزَها. الأَزهري: عَنْ أَبي عَمْرٍو: مَغَجَ إِذا عَدَا، ومَغَجَ إِذا سارَ، قَالَ: وَلَمْ أَسمع مَغَجَ لغيره.
مفج: رَجُلٌ ثَفاجةٌ مَفَاجةٌ: أَحْمَقُ مائقٌ. وَفِي حَدِيثِ بَعْضِهِمْ:
أَخذني الشُّراةُ فرأَيتُ مُساوِراً قَدِ ارْبَدَّ وجْهُه، ثُمَّ أَوْمأَ بالقَضيب إِلى دَجَاجَةٍ كَانَتْ تَتبَخْتَرُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَقَالَ: تسَمَّعي يَا دجاجةُ، تَعَجَّبي يَا دَجاجةُ، ضَلَّ عليٌّ واهْتَدى مَفاجةٌ.
وَقَدْ مَفَجَ وثَفَجَ إِذا حَمُقَ، حَكَى ذَلِكَ الْهَرَوِيُّ فِي الْغَرِيبَيْنِ.
ملج: مَلَجَ الصبيُّ أُمه يَمْلُجُها مَلْجاً ومَلِجَها إِذا رضَعَها، وأَمْلَجَتْه هِيَ. وَقِيلَ: المَلْجُ تناوُلُ الشَّيْءِ، وَفِي الصِّحَاحِ: تناوُلُ الثدْي بأَدْنى الْفَمِ. وَرَجُلٌ مَلْجانُ مَصَّانُ: يَرْضَعُ الإِبلَ والغنَم مِنْ ضُروعِها وَلَا يَحْلُبُها لِئَلَّا يُسْمَع، وَذَلِكَ مِنْ لُؤْمه. وامْتَلَجَ الفصيلُ مَا فِي الضَّرْع: امْتصَّه. والإِملاجُ: الإِرْضاعُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تُحَرِّمُ الإِمْلاجةُ وَلَا الإِمْلاجَتانِ
؛ يَعْنِي أَن تُمِصَّه هِيَ لَبَنَها؛ وَفِي النِّهَايَةِ: لَا تُحَرِّمُ المَلْجةُ والمَلْجَتانِ، قَالَ: المَلْجُ المَصُّ، والمَلْجةُ المرّةُ، والإِمْلاجةُ المرَّة أَيضاً مِن أَمْلَجَتْه أُمُّه أَي أَرْضَعَتْهُ؛ يَعْنِي أَن المَصَّةَ والمَصَّتَينِ لَا يُحَرِّمان مَا يُحَرِّمُه الرضاعُ الكامِلُ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
فجَعَلَ مالكُ بْنُ سِنانٍ يَمْلُجُ الدمَ بِفِيهِ مِنْ وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ ازْدَرَدَه
أَي مَصَّه ثُمَّ ابْتَلَعَه؛ ومنه حديث
عمرو ابن سَعِيدٍ، قَالَ لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوانَ يَوْمَ قتلَه: أُذَكِّرُكَ مَلْجَ فُلانةَ
، يَعْنِي امرأَة كَانَتْ أَرضعتهما. والمَلِيجُ: الرَّضِيعُ. والمَلِيجُ: الجَلِيلُ مِنَ الناسِ أَيضاً. ومَلَجَ المرأَةَ: نَكَحَها كَلَمَجَها. والمُلْجُ: السُّمْرُ مِنَ الناسِ؛ وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: أَسودُ أَمْلَجُ، وَهُوَ اللَّعِسُ. والأَمْلَجُ: الأَصفر الَّذِي لَيْسَ بأَسودَ وَلَا أَبيض، وَهُوَ بَيْنَهُمَا؛ يُقَالُ: ولدَت فلانةُ غُلَامًا فَجَاءَتْ بِهِ أَمْلَجَ أَي أَصْفَرَ لَا أَبيضَ وَلَا أَسْودَ. والأَمْلَجُ: ضَرْبٌ مِنَ العَقاقِير سمِّي بِذَلِكَ للَوْنِه. أَبو زَيْدٍ: والمُلْجُ نَوى المُقْلِ، وَجَمْعُهُ أَمْلاجٌ؛ غَيْرُهُ: والمُلْجُ نَوَاةُ المُقْلةِ. ومَلَجَ الرجلُ إِذا لاكَ المُلْجَ. والأُمْلُوجُ: نَوَى المُقْلِ مِثْلَ المُلْجِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
طَهْفَةَ: أَن رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، دَخَلَ عَلَيْهِ قَوْمٌ يَشْكُونَ القحطَ، وَفِي نُسْخَةٍ: وفْدٌ مِنَ الْيَمَنِ، فَقَالَ قائلهُم: سَقَطَ الأُمْلُوجُ وماتَ العُسْلُوجُ
؛ وَقِيلَ: الأُمْلُوجُ وَرَقٌ مِنْ أَوراق الشَّجَرِ كَالْعِيدَانِ، لَيْسَ بِعَرِيضٍ كَوَرَقِ الطَّرْفاء والسرْو، وَالْجَمْعُ الأَمالِيجُ، حَكَاهُ الْهَرَوِيُّ فِي الْغَرِيبَيْنِ. والأُملُوجُ: الْغُصْنُ النَّاعِمُ؛ وَقِيلَ: هُوَ العِرْقُ مِنْ عُرُوقِ الشجَر يُغْمَسُ فِي الثَّرَى لِيَلِينَ؛ وَقِيلَ: هُوَ ضَرْبٌ مِنَ النَّبَاتِ وَرَقُهُ كَالْعِيدَانِ. وَفِي رِوَايَةٍ:
سَقَطَ الأُملوج مِنَ البِكارةِ
، هُوَ جَمْعُ بَكْرٍ، وَهُوَ الفَتيُّ السَّمِينُ مِنَ الإِبل، أَي سَقَطَ عَنْهَا ما علاها
__________
(2).
قوله [وعلوة] كذا في الأَصل بمهملة، وفي شرح القاموس بغين معجمة. ونص القاموس في مادة غلو: والغلواء، بالضم وفتح اللام ويسكن: الغلوّ وأَوّل الشباب وسرعته كالغلوان بالضم.

(2/369)


مِنَ السِّمَنِ برَعْيِ الأُمْلُوج، فسَمَّى السِّمَنَ نفسَه أُمْلُوجاً عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِعَارَةِ، قَالَ ابْنُ الأَثير: قَالَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ. والمُلُجُ: الجِداءُ الرُّضَّعُ. والمالَجُ: الَّذِي يُطَيَّن بِهِ، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ.
منج: المَنْجُ: إِعرابُ المَنْك، وَهُوَ دَخِيلٌ فِي الْعَرَبِيَّةِ، وَهُوَ حَبٌّ إِذا أُكِلَ أَسْكَرَ آكِلَه وغَيَّرَ عَقْلَهُ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هُوَ اللَّوْزُ الصِّغار، وَقَالَ مُرَّةُ: الْمَنْجُ شَجَرٌ لَا وَرَقَ لَهُ، نَبَاتُهُ قُضْبان خُضْر فِي خُضْرَةِ الْبَقْلِ، سُلْبٌ عارِيةٌ يُتخذ مِنْهَا السِّلالُ.
مهج: المُهْجَةُ: دَمُ الْقَلْبِ، ولا بقاء للنَّفْسِ بعد ما تُراقُ مُهْجَتُها، وَقِيلَ: المُهْجَةُ الدَّمُ؛ وَحُكِيَ عَنْ أَعرابي أَنه قَالَ: دَفَنْتُ مُهْجَتَه «1» أَي دمَه؛ وَيُقَالُ: خَرَجَت مُهْجَتُه أَي روحُه. وَقِيلَ: المُهْجةُ خالِصُ النفْسِ؛ قَالَ أَبو كَبِيرٍ:
يَكْوي بِهَا مُهَجَ النُّفوسِ، كأَنما ... يَسْقِيهمُ بالبابِلِيِّ المُمْقِرِ
الأَزهري: بَذَلْتُ لَهُ مُهْجَتي أَي بَذَلْتُ لَهُ نَفْسِي وخالِصَ مَا أَقْدِر عَلَيْهِ. ومُهْجةُ كُلِّ شَيْءٍ: خالِصُه. والماهِجُ والأُمْهُجُ والأُمْهُجانُ: كلُّه اللَّبَنُ الْخَالِصُ مِنَ الْمَاءِ، مُشْتَقٌّ مِنْ ذَلِكَ؛ قَالَ:
وعَرَّضوا المجلِسَ مَحْضاً ماهِجا
وَقِيلَ: هُوَ اللَّبَنُ الرَّقِيقُ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ. ولَبن أُمْهُجانٌ إِذا سَكَنَتْ رَغْوته وخَلَص وَلَمْ يخثُر. وَلَبَنٌ ماهِجٌ إِذا رقَّ؛ وَلَبَنٌ أُمْهوجٌ مِثله؛ وَمِنْهُ مُهْجة نفسِه: خَالِصُ دمِه. وشحْمٌ أُمْهُجٌ، بِالضَّمِّ، أَي رَقِيقٌ. ابْنُ سِيدَهْ: شَحْمٌ أُمْهُجٌ نِيءٌ، وَهُوَ مِنَ الأَمثلة الَّتِي لَمْ يَذْكُرْهَا سِيبَوَيْهِ. قَالَ ابْنُ جِنِّي: قَدْ حُظر فِي الصِّفَةِ أُفْعُلٌ، وَقَدْ يُمكِن أَن يَكُونَ مَحْذُوفًا مِنْ أُمْهُوجٍ كأُسْكوبٍ، قَالَ: وَوَجَدْتُ بِخَطِّ أَبي عَلِيٍّ عَنِ الْفَرَّاءِ: لَبَنٌ أُمْهوجٌ، فَيَكُونُ أُمْهج هَذَا مَقْصُورًا، هَذَا قَوْلُ ابْنِ جِنِّي. أَبو عَمْرٍو: مَهَجَ إِذا حَسُن وجهُه بَعْدَ عِلَّةٍ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأُمْهوجٌ وأُمْهُجانٌ نِيءٌ كأُمْهُج.
موج: المَوْجُ: مَا ارْتَفَعَ مِنَ الْمَاءِ فَوْقَ الْمَاءِ، وَالْفِعْلُ ماجَ الموجُ، وَالْجَمْعُ أَمْواج؛ وَقَدْ ماجَ البحرُ يموجُ مَوْجاً ومَوَجاناً ومُؤُوجاً، وتَموَّج: اضطرَبَت أَمواجُه. ومَوْجُ كلِّ شَيْءٍ وموَجانُه: اضطرابُه. والمُؤُوجُ: مُؤُوجُ الدَّاغِصَةِ. ومُؤُوجُ السِّلْعَة: تَموُّرٌ بَيْنَ الْجِلْدِ وَالْعَظْمِ. ابْنُ الأَعرابي: ماجَ يَموج إِذا اضطرَب وتحَيَّر. ورجلٌ مَؤُوجٌ: مائجٌ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
وكلُّ صاحٍ ثَمِلًا مَؤُوجا
والناسُ يَموجون، وماجَ الناسُ: دَخَلَ بعضُهم فِي بَعْضٍ. وَمَاجَ أَمْرُهم: مَرِجَ. وفرَسٌ غَوْجٌ مَوْجٌ إِتْباع «2» أَي جَوَاد، وَقِيلَ: هُوَ الطويلُ القَصَبِ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يَنْثَني فيَذهبُ ويجيءُ.
ميج: التَّهْذِيبُ، ابْنُ الأَعرابي: ماجَ فِي الأَمْر إِذا دَارَ فِيهِ. قَالَ: والمَيْجُ الاختلاطُ.
__________
(1).
قوله [دفنت مهجته] قال في شرح القاموس بعد حكاية الأَعرابي نقلًا عن الصحاح: هكذا في النسخ، ووجدت في هامشه أنه تصحيف، والذي ذكره ابن قتيبة وغيره في هذا: دفقت مهجته، بالفاء والقاف؛ قلت: ومثله في نسخ الأَساس، وهو مجاز.
(2).
قوله [غوج موج إتباع] سبق في مادة غوج: وَفَرَسٌ غَوْجٌ مَوْجٌ؛ غَوْجٌ جواد، وموج اتباع.

(2/370)


فصل النون
نأج: نائِجاتُ الهامِ: صوائحُها. والنَّئِيج: الصَّوت. ونأَجَ البُومُ يَنْأَجُ نأْجاً: صَاحَ، وَكَذَلِكَ الإِنسان؛ وَهُوَ أَحْزَنُ مَا يَكُونُ مِنَ الدُّعاء وأَضْرَعُه وأَخْشَعُه. ورجلٌ نَأْآجٌ: رَفِيعُ الصَّوْتِ. ونَأَجَ الثَّورُ يَنْئِج ويَنْأَجُ نأْجاً ونُؤَاجاً: صاحَ. وَثَوْرٌ نَأْآجٌ: كَثِيرُ النَّأْجِ. والنَّأْجُ والنَّئِيجُ: السُّرعة. والنَّأْآج: السَّرِيعُ. وريحٌ نَؤُوجٌ: شَدِيدَةُ المَرِّ. وَرَجُلٌ نَأْآج إِذا تَضَرَّعَ فِي دُعَائِهِ. ونأَجَ إِلى اللَّهِ يَنْأَجُ أَي تضرَّعَ فِي الدُّعَاءِ؛ وأَنشد:
وَلَا يَغُرَّنَّكَ قَوْلُ النُّؤَّجِ، ... الخالجِينَ القَوْلَ كلَّ مَخْلَجِ
وَقَالَ الْعَجَّاجُ فِي الْهَامِ:
واتَّخَذَتْهُ النَّائجاتُ مَنْأَجَا
وَالنَّائِجَاتُ: الرِّياح الشَّديدة الهُبُوب. وَفِي الْحَدِيثِ:
ادعُ رَبَّكَ بأَنْأَجِ مَا تَقْدِرُ عَلَيْهِ
؛ أَي بأَبلَغ مَا يَكُونُ مِنَ الدُّعاء واضْرَعْ. ونَأَجَت الريحُ تَنأَج نَئيجاً: تَحَرّكَتْ، فَهِيَ نَؤُوج، وَلَهَا نئِيجٌ أَي مَرٌّ سريعٌ مَعَ صَوْت، وَتَقُولُ مِنْهُ: نُئِجَ القومُ؛ قال الشاعر:
وتُنْأَجُ الرُّكْعبانُ كلَّ منْأَجِ، ... بِهِ نَئِيجُ كلِّ ريحٍ سَيْهَجِ
ونَأَجَتِ الرِّيحُ الموضعَ: مَرَّتْ عَلَيْهِ مَرًّا شَدِيدًا؛ قَالَ أَبو حيَّة النُّمَيْرِيُّ:
إِلّا خوالِدَ أَشْباهاً، بَقِينَ ... عَلَى رَيبِ الحَوادِثِ، فِي مَرْكُوَّة جَدَدِ «1»
ونَأَجَ فِي الأَرض يَنْأَجُ نُؤُوجاً إِذا ذَهَبَ، وَفِي التَّهْذِيبِ: ونَأَجَ الْخَبَرُ أَي ذَهَبَ فِي الأَرض. ونَأَج الأَمرَ: أَخَّرَه، ونأَجَت الإِبِلُ فِي سَيْرِهَا؛ وأَنشد ابْنُ السِّكِّيتِ:
قَدْ عَلِم الأَحْماءُ والأَزاوِيجْ ... أَنْ لَيْسَ عنْهُنَّ حديثٌ مَنْؤُوجْ
قَالَ: المَنْؤُوجُ المعطوف.
نبج: النبَّاجُ: الشديدُ الصَّوت. وَرَجُلٌ نَبَّاجٌ. ونَبَّاحٌ: شديدُ الصَّوت، جَافِي الْكَلَامِ. وَقَدْ نَبَج يَنْبِجُ نَبيجاً؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
بأَسْتاهِ نَبَّاجِينَ شُنْجِ السَّواعد
وَيُقَالُ أَيضاً للضَّخْم الصوتِ مِنَ الكِلاب؛ إِنه لَنَبَّاجٌ ونُباجُ الْكَلْبِ ونَبِيجُه ونَبْجُه، لُغَةٌ فِي النُّباح. وكلْبٌ نُبَاجِيٌّ: ضَخْم الصَّوْتِ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وإِنه لَشَدِيدُ النُّباجِ والنُّباحِ. وأَنْبَجَ الرجلُ إِذا خَلَّطَ فِي كَلَامِهِ. والنَّبَّاجُ: الْمُتَكَلِّمُ بالحُمْق. والنبَّاجُ: الكَذَّابُ، هَذِهِ عَنْ كُرَاعٍ. والنَّبْج: ضَرْبٌ مِنَ الضَّرْطِ. والنَّبَّاجة: الاسْتُ؛ يُقَالُ: كَذَبَتْ نَبَّاجَتُك إِذا حَبَق. والنُّباجُ، بِالضَّمِّ: الرُّدامُ. ونَبَجَت القَبَجَةُ، وَهُوَ دخيلٌ، إِذا خَرَجَتْ مِنْ جُحْرها. قَالَ أَبو تُرَابٍ: سأَلت مُبْتَكراً عَنِ النُّباج، فقال:
__________
(1).
قوله [إلا خوالد إلخ] كذا بالأَصل، ولا شاهد فيه.

(2/371)


لَا أَعْرِفُ النُّباج إِلا الضُّراطَ. والأَنْبِجاتُ، بِكَسْرِ الْبَاءِ: المُرَبَّباتُ مِنَ الأَدْوية؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: أَظنُّه مُعَرَّباً. والنَّبْج: نَبَاتٌ. والأَنْبَجُ: حَمْل شَجَرٍ بالهِنْد يُرَبَّبُ بِالْعَسَلِ عَلَى خِلْقة الخَوْخِ مُحَرَّف الرأْس، يُجْلَب إِلى الْعِرَاقِ فِي جَوفهِ نَوَاةٌ كَنَوَاةِ الخَوْخ، فَمِنْ ذَلِكَ اشْتَقُّوا اسمَ الأَنْبِجَاتِ الَّتِي تُربَّبُ بِالْعَسَلِ مِنَ الأُتْرُجّ والإِهْلِيلَج وَنَحْوِهِ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: شَجَرُ الأَنْبَج كَثِيرٌ بأَرْض الْعَرَبِ مِنْ نَوَاحِي عُمان، يُغْرَس غَرْساً، وَهُوَ لَوْنَانِ: أَحدُهما ثمرَتُه فِي مِثْلِ هَيْئَةِ اللَّوز لَا يَزَالُ حُلْواً مِنْ أَوَّلِ نَبَاتِهِ، وآخَرُ فِي هَيْئَةِ الإِجَّاصِ يَبْدُو حامِضاً ثُمَّ يَحْلو إِذا أَيْنَع، وَلَهُمَا جَمِيعًا عَجْمة وريحٌ طيِّبة ويُكْبس الحامِضُ مِنْهُمَا، وَهُوَ غَضٌّ فِي الجِباب حَتَّى يُدْرِك فَيَكُونُ كأَنه المَوْز فِي رَائِحَتِهِ وطَعْمه، ويَعْظُم شجَرُه حَتَّى يكونَ كشَجَرِ الجَوْزِ، وورَقهُ كوَرَقهِ، وإِذا أَدْرَك فالحُلْو مِنْهُ أَصْفَر والمُزُّ مِنْهُ أَحمر. أَبو عَمْرٍو: النَّابِجَةُ والنَّبِيجُ كَانَ مِنْ أَطْعِمة العَرَب فِي زَمَنِ المَجاعة، يُخَاضُ الوَبَرُ بِاللَّبَنِ ويُجْدَح؛ قَالَ الْجَعْدِيُّ يَذْكُرُ نِسَاءً:
تَرَكْنَ بَطالَةً، وأَخَذْنَ جِذًّا، ... وأَلْقَيْنَ المَكاحِلَ للنَّبيج
ابْنُ الأَعرابي: الجِذُّ والمِجَذُّ طَرَفُ المِرْوَدِ؛ قَالَ الْمُفَضَّلُ: الْعَرَبُ تَقُولُ للمِخْوَضِ المِجْدَحَ والمِزْهَفَ والنَّبَّاجَ. ونَبَجَ إِذا خاضَ سَويقاً أَو غَيْرَهُ. ومَنْبِجٌ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: الْمِيمُ فِي مَنْبِجٍ زَائِدَةٌ بِمَنْزِلَةِ الأَلف لأَنها إِنما كثُرت مَزِيدَةً أَولَّا، فَمَوْضِعُ زِيَادَتِهَا كَمَوْضِعِ الأَلف، وَكَثْرَتُهَا كَكَثْرَتِهَا إِذا كَانَتْ أَوَّلًا فِي الِاسْمِ وَالصِّفَةِ، فإِذا نَسَبْتَ إِليه فَتَحْتَ الْبَاءَ، قُلْتَ: كِساءٌ مَنْبَجَانيٌّ، أَخرجوه مُخْرَجَ مَخْبرانيّ ومَنظرانيّ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: كِسَاءٌ مَنْبَجاني مَنْسُوبٌ إِليه، عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ. وعَجِينٌ أَنْبَجانٌ أَي مُدْرِكٌ مُنْتَفِخٌ «1»، وَلَمْ يأْت عَلَى هَذَا الْبِنَاءِ إِلا حَرْفَانِ: يومُ أَرْوَنانٍ «2» وَعَجِينٌ أَنبجان؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَهَذَا الْحَرْفُ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، قَالَ: وَسَمَاعِي بِالْجِيمِ عَنْ أَبي سَعِيدٍ وأَبي الْغَوْثِ وَغَيْرِهِمَا. ابْنُ الأَعرابي: أَنْبَجَ الرجلُ جَلَسَ عَلَى النِّباج، وَهِيَ الإِكام العاليةُ؛ وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: نَبَجَ إِذا قَعَدَ عَلَى النَّبَجةِ، وَهِيَ الأَكمَةُ. والنُّبُجُ: الغَرَائِرُ السُّودُ. النِّباجُ وَهُمَا نِباجانِ «3»: نِباجُ ثَيْتَلَ، ونِباجُ ابن عامرٍ. الْجَوْهَرِيُّ: والنِّباجُ قَرية بِالْبَادِيَةِ أَحياها عبدُ اللهِ بنُ عَامِرٍ. الأَزهري: وَفِي بِلَادِ الْعَرَبِ نِباجانِ، أَحدهما عَلَى طَرِيقِ الْبَصْرَةِ، يُقَالُ لَهُ نِباجُ بَنِي عامرٍ وَهُوَ بِحذاء فَيْدَ، والنِّباجُ الآخرُ نِباجُ بَنِي سَعْدٍ بالقَرْيَتَيْن. وَفِي الْحَدِيثِ:
ائْتُوني بِأَنْبِجانيَّةِ أَبي جَهمِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: الْمَحْفُوظُ بِكَسْرِ الْبَاءِ، ويُروى بِفَتْحِهَا. يُقَالُ: كِسَاءٌ أَنْبِجانيٌّ، مَنْسُوبٌ إِلى مَنْبِج الْمَدِينَةِ الْمَعْرُوفَةِ، وَهِيَ مَكْسُورَةُ الْبَاءِ، فَفُتِحَتْ فِي النَّسَبِ وأُبدلت الْمِيمُ هَمْزَةً، وَقِيلَ: إِنها مَنْسُوبَةٌ إِلى مَوْضِعٍ اسْمُهُ أَنْبِجان، وَهُوَ أَشبه لأَن الأَوّل فِيهِ تَعَسُّفٌ، وَهُوَ كِسَاءٌ يُتخذ مِنَ الصُّوفِ لَهُ خَمْلٌ ولا عَلَم له،
__________
(1).
قوله [منتفخ] هو في الأَصل بالخاء والجيم وعليه لفظ معاً انتهى.
(2).
قوله [يوم أَرونان] في مادة رون من القاموس ويوم أَرونان مضافاً ومنعوتاً صعب وسهل ضد. انتهى.
(3).
قوله [النباج وهما إلخ] كذا بالأَصل ولعله والنباج نباجان.

(2/372)


وَهِيَ مِنْ أَدون الثِّيَابِ الْغَلِيظَةِ، وإِنما بَعَثَ الْخَمِيصَةَ إِلى أَبي جَهْمٍ لأَنه كَانَ أَهْدَى لِلنَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الخَمِيصَةَ ذَاتَ الأَعْلام، فَلَمَّا شَغَلَتْهُ فِي الصَّلَاةِ قَالَ: رُدُّوها عَلَيْهِ وائْتُوني بأَنْبِجانِيَّتِه، وإِنما طَلَبها لِئَلَّا يُؤَثِّر رَدُّ الهديَّةِ فِي قَلْبِهِ؛ قَالَ: وَالْهَمْزَةُ فِيهَا زَائِدَةٌ فِي قول.
نبهرج: النَّبَهْرَجُ: كالبَهْرَجِ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ.
نتج: النِّتاجُ: اسْمٌ يَجْمع وضْعَ جميعِ البهائِمِ؛ قَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ فِي النَّاقَةِ وَالْفَرَسِ، وَهُوَ فِيمَا سِوى ذَلِكَ نَتج، والأَول أَصح؛ وَقِيلَ: النِّتاجُ فِي جَمِيعِ الدَّوابِّ، والوِلادُ فِي الْغَنَمِ، وإِذا وَليَ الرجلُ نَاقَةً ماخِضاً ونِتاجَها حَتَّى تَضَعَ، قِيلَ: نَتَجها نَتْجاً. يُقَالُ: نَتَجْتُ الناقةَ «1» أَنْتِجُها إِذا وَلِيتَ نَتاجَها، فأَنا ناتِجٌ، وَهِيَ مَنْتُوجةٌ؛ وَقَالَ ابْنُ حِلِّزةَ:
لَا تَكْسَعِ الشَّوْلَ بأَغبارِها، ... إِنك لَا تَدْرِي مَنِ الناتجُ
وَقَدْ قَالَ الْكُمَيْتُ بَيْتًا فِيهِ لَفْظٌ لَيْسَ بالمُسْتَفِيضِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، وَهُوَ قَوْلُهُ:
لِيَنْتَتِجُوها فِتْنَةً بعدَ فِتْنَةٍ
وَالْمَعْرُوفُ مِنَ الكلامِ ليَنْتِجُوها. التَّهْذِيبُ عَنِ اللَّيْثِ: لَا يُقَالُ نَتَجَتِ الشاةُ إِلا أَن يَكُونَ إِنسان يَلي نَتاجَها، وَلَكِنْ يُقَالُ: نُتِجَ القومُ إِذا وضَعَتْ إِبلُهم وشاؤُهم؛ قَالَ: وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: أَنْتَجَتِ الناقَةُ إِذا وضَعَتْ؛ وَقَالَ الأَزهري: هَذَا غَلَطٌ، لَا يُقَالُ أَنْتَجَتْ بِمَعْنَى وَضَعَتْ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
كَمَا تُنْتَجُ البَهيمةُ بَهِيمَةً جَمْعاءَ
أَي تَلِدُ؛ قَالَ: يُقَالُ نُتِجَتِ الناقةُ إِذا وَلَدَتْ، فَهِيَ مَنْتُوجةٌ، وأَنْتَجَتْ إِذا حَملت، فَهِيَ نَتُوجٌ، قَالَ: وَلَا يُقَالُ مُنْتِجٌ. ونَتَجْتُ الناقةَ أَنْتِجُها إِذا ولَّدْتَها. والناتِجُ للإِبل: كَالْقَابِلَةِ لِلنِّسَاءِ. وَفِي حَدِيثِ الأَقرع والأَبرص:
فأُنْتِجَ هذانِ، ووَلَّدَ هَذَا
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: كَذَا جَاءَ فِي الرِّوَايَةِ أُنْتِجَ، وإِنما يُقَالُ نُتِجَ، فأَما أَنْتَجَتْ، فَمَعْنَاهُ إِذا حمَلَت وَحَانَ نَتَاجُها؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
أَبي الأَحوص: هَلْ تَنْتِج إِبلَك صِحاحاً آذانُها؟
أَي تُوَلِّدها وتَلي نَتاجَها. أَبو زَيْدٍ: أَنْتَجَتِ الفرسُ، فَهِيَ نُتوجٌ ومُنْتِجٌ إِذا دَنَا وِلادُها وَعَظُمَ بَطْنُهَا. وَقَالَ يَعْقُوبُ: إِذا ظَهَرَ حَمْلُهَا؛ قَالَ: وَكَذَلِكَ النَّاقَةُ، وَلَا يُقَالُ مُنْتِجٌ، قَالَ: وإِذا وَلَدَتِ الناقةُ مِنْ تَلْقَاءِ نَفْسِهَا وَلَمْ يلِ نَتَاجَها، قِيلَ: قَدِ انْتَتَجَتْ، وحاجَى بِهِ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ فَجَعَلَهُ لِلنَّخْلِ، فَقَالَ أَنشده ابْنِ الأَعرابي:
إِنَّ لنَا مِن مالِنا جِمالا؛ ... مِنْ خَيْرِ مَا تَحْوي الرجالُ مَالَا،
نَحْلُبُها [نَحْلِبُها] غُزْراً وَلَا بِلالا ... بِهِنَّ، لَا عَلًا وَلَا نِهالا،
يُنْتَجْن كلَّ شتْوةٍ أَجْمالا
يَقُولُ: هِيَ بَعْلٌ لَا تَحْتَاجُ إِلى الْمَاءِ. وَقَدْ نَتَجَها نَتْجاً ونَتَاجاً ونُتِجَتْ. وأَما أَحمد بْنُ يَحْيَى فَجَعَلَهُ مِنْ بَابِ مَا لَا يُتكلم بِهِ إِلا عَلَى الصِّيغَةِ الْمَوْضُوعَةِ لِلْمَفْعُولِ؛ الْجَوْهَرِيُّ: نُتِجَتِ الناقةُ، عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، تُنْتَجُ نَتَاجاً، وَقَدْ نَتَجَها أَهلُها نَتْجاً؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
وَقَالَ المُذَمِّرُ للناتِجينَ: ... مَتَى ذُمِّرَتْ قَبْلِيَ الأَرْجُلُ؟
__________
(1).
قوله [نتجت الناقة إلخ] هو من باب ضرب كما في المصباح. والنتاج، بالفتح: المصدر، وبالكسر: الاسم، كما في هامش نسخ القاموس نقلًا عن عاصم.

(2/373)


والنَّتُوجُ مِنَ الْخَيْلِ وجميعِ الحَافِرِ: الحَامِلُ، وَقَدْ أَنْتَجَتْ؛ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: نَتَجَتْ، وَهُوَ قَلِيلٌ. اللَّيْثُ: النَّتُوجُ الحامِلُ مِنَ الدوابِّ؛ فَرَسٌ نَتُوجٌ وأَتانٌ نَتوج: فِي بَطْنِهَا وَلَدٌ قَدِ اسْتَبَانَ؛ وَبِهَا نِتاجٌ أَي حَمل، قَالَ: وَبَعْضٌ يَقُولُ للنَّتوج مِنَ الدَّوَابِّ: قَدْ نَتَجَتْ بِمَعْنَى حَمَلَتْ، وَلَيْسَ بِعَامٍّ. ابْنُ الأَعرابي: نُتِجَتِ الفرسُ والناقةُ: ولَدت، وأُنْتِجَتْ: دَنا وِلادُها، كِلَاهُمَا فِعْلُ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ؛ وَقَالَ: لَمْ أَسمع نَتَجَت وَلَا أَنْتَجَتْ عَلَى صِيغَةِ فِعْلِ الْفَاعِلِ؛ وَقَالَ كُرَاعٌ: نُتِجَتِ الفَرَسُ، وَهِيَ نَتُوجٌ، لَيْسَ فِي الْكَلَامِ فُعِلَ وَهِيَ فَعُولٌ إِلا هَذَا، وَقَوْلُهُمْ: بُتِلَتِ النخلةُ عَنْ أُمِّها وَهِيَ بَتُولٌ إِذا أُفْرِدَت؛ وَقَالَ مُرَّةُ: أَنْتَجَتِ الناقةُ وَهِيَ نتُوجٌ إِذا ولَدت، لَيْسَ فِي الْكَلَامِ أَفْعَلَ وَهِيَ فَعُولٌ إِلا هَذَا، وَقَوْلُهُمْ: أَخْفَدَتِ الناقةُ وَهِيَ خَفُودٌ إِذا أَلقت وَلَدَهَا قَبْلَ أَن يَتِمَّ، وأَعَقَّتِ الفرسُ وَهِيَ عَقُوقٌ إِذا لَمْ تَحْمِلُ، وأَشَصَّتِ الناقةُ وَهِيَ شَصُوصٌ إِذا قلَّ لِبَنُهَا؛ وناقةٌ نَتِيجٌ: كَنَتُوجٍ، حَكَاهَا كُرَاعٌ أَيضاً. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: إِذا نَأَتِ الجَبْهةُ نَتَّجَ الناسُ ووَلَّدوا واجْتُنِيَ أَوَّلُ الكَمْأَةِ، هَكَذَا حَكَاهُ نتَّج، بِتَشْدِيدِ التَّاءِ، يَذْهَبُ فِي ذَلِكَ إِلى التَّكْثِيرِ. وَبِالنَّاقَةِ نِتاجٌ أَي حَمْلٌ. وأَنْتَجَ القومُ: نُتِجَتْ إِبلهم وشاؤُهم. وأَنْتَجَتِ الناقةُ: وَضَعَتْ مِنْ غَيْرِ أَن يَلِيَهَا أَحد. وَالرِّيحُ تُنْتِجُ السحابَ: تَمْريه حَتَّى يَخْرُجَ قَطْرُهُ. وَفِي الْمَثَلِ: إِن العَجْزَ وَالتَّوَانِيَ تَزاوَجا فأَنْتَجا الفَقْر. يُونُسُ: يُقَالُ لِلشَّاتَيْنِ إِذا كَانَتَا سِنًّا وَاحِدَةً: هُمَا نَتيجةٌ، وَكَذَلِكَ غنمُ فُلَانٍ نَتائِجُ أَي فِي سِنٍّ وَاحِدَةٍ. ومَنْتِجُ الناقةِ: حَيْثُ تُنْتَجُ فِيهِ، وأَتَتِ الناقةُ عَلَى مَنْتِجِها أَي الوقتِ الَّذِي تُنْتَجُ فِيهِ، وَهُوَ مَفْعِلٌ، بكسر العين.
نثج: التَّهْذِيبُ ابْنُ الأَعرابي: المِنْثَجَةُ الِاسْتُ، سُمِّيَتْ مِنْثَجةً لأَنها تَنْثِجُ أَي تُخرج مَا فِي الْبَطْنِ. غَيْرُهُ: وَيُقَالُ لأَحد العِدْلَيْنِ إِذا اسْتَرْخَى: قَدِ اسْتَنْثَجَ؛ قَالَ هِمْيانُ:
يَظَلُّ يَدْعُو نِيبَه الضَّماعِجا، ... بِصَفْنَةٍ تزقِي هدِيراً نَاتِجَا
أَي مُسْتَرْخِيًا؛ وَاللَّهُ أَعلم.
نجج: نَجَّتِ القُرْحَةُ تَنِجُّ، بِالْكَسْرِ، نَجًّا ونَجِيجاً: رَشَحَت؛ وَقِيلَ: سالَتْ بِمَا فِيهَا. الأَصمعي: إِذا سَالَ الجُرْح بِمَا فِيهِ، قِيلَ: نَجَّ يَنِجُّ نَجِيجاً؛ قَالَ القَطِران:
فإِنْ تَكُ قُرْحةٌ خَبُثَتْ ونَجَّتْ، ... فإِنَّ اللَّهَ يَفعل مَا يَشاء
وَهَذَا الْبَيْتُ أَورده الْجَوْهَرِيُّ مَنْسُوبًا لِجَرِيرٍ، وَنَبَّهَ عَلَيْهِ ابنُ بَرِّي فِي أَماليه أَنه للقَطِران، كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ سِيدَهْ. يُقَالُ: خَبُثَتِ القُرْحة إِذا فسَدت وأَفْسَدت مَا حَولها؛ يُريد أَنها، وإِن عَظُمَ فسَادُها. فاللهُ قادرٌ عَلَى إِبْرَائِها. وَفِي حَدِيثِ
الْحَجَّاجِ: سأَحْمِلُك عَلَى صَعْبٍ حَدْباءَ «2» حِدْبارٍ يَنِجُّ ظهرُها
أَي يسيلُ قَيْحاً، وَكَذَلِكَ الأُذُن إِذا سَالَ مِنْهَا الدَّمُ والقَيْحُ. وأُذُنٌ نَجَّةٌ: رافِضةٌ بِمَا لَا يُوَافِقُها مِنَ الْحَدِيثِ. وَيُقَالُ: جَاءَ بِأَدْبَرَ يَنِجُّ ظهرُه. ونَجَّ الشيءَ مِنْ فِيهِ نَجًّا: كمجَّه.
__________
(2).
قوله [صعب حدباء] كذا ضبط صعب في الأَصل بالتنوين، وكذا فيما بأيدينا من النهاية هنا وفي حدبر.

(2/374)


ونَجْنَجَ فِي رأْيه وتَنَجْنَجَ: اضطرَبَ. وتَنَجْنَجَ لحمُه «1» أَي كَثُرَ واسترخَى. ونَجْنَجَ أَمْرَه إِذا ردَّد أَمْرَه وَلَمْ يُنَفِّذْه؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
حَتَّى إِذا لَمْ يَجِدْ وَغْلًا ونَجْنَجَها ... مَخافةَ الرَّمْيِ، حَتَّى كلُّها هِيمُ
والنَّجْنَجَةُ: التَّحْرِيكُ وَالتَّقْلِيبُ. وَيُقَالُ: نَجْنِجْ أَمْرَك فلَعَلَّك تَجِدُ إِلى الخُرُوج سَبيلًا. ونَجْنَجَ إِذا هَمَّ بالأَمْرِ وَلَمْ يَعْزِم عَلَيْهِ. اللَّيْثُ: النَّجْنَجةُ الجَوْلَةُ عِنْدَ الفَزْعةِ؛ وَقَالَ الْعَجَّاجُ:
ونَجْنَجَتْ بالخَوْف مَن تَنَجْنَجا
أَبو تُرَابٍ: قَالَ بعضُ غَنيٍّ: يُقَالُ لجْلَجْتُ اللُّقْمة ونَجْنَجْتها إِذا حَرَّكْتَها فِي فِيك وردَّدْتَها فَلَمْ تَبْتَلِعْها. شُجَاعٌ السّلَمي: مَجْمَجَ بِي ونَجْنَجَ إِذا ذَهَب بكَ فِي الْكَلَامِ مَذْهباً عَلَى غَيْرِ الاسْتِقامة، وردَّكَ مِنْ حالٍ إِلى حالٍ. ابْنُ الأَعرابي: مَجَّ ونَجَّ، بِمَعْنًى وَاحِدٍ؛ وَقَالَ أَوس:
أُحاذِرُ نَجَّ الخَيلِ فَوْقَ سَراتِها، ... ورَبًّا غَيُوراً، وَجْهُه يتمَعَّر
نَجَّتُها: إِلْقاؤُها زَوالَها «2» عَنْ ظُهُورِهَا. ونَجْنَجَ الرجُلَ: حَرَّكَه. ونَجْنَجَه عَنِ الأَمر: كَفَّه؛ قَالَ:
فَنَجْنَجَها عَنْ ماءِ حَلْيَةَ، بعد ما ... بَدَا حاجِبُ الإِشْراق، أَو كَادَ يُشْرِقُ
والنَّجْنَجَةُ: الحَبس عَنِ المَرْعى. ونَجْنَجَ إِبلَه نَجْنَجَةً إِذا رَدَّهَا عَنِ الْمَاءِ. الْجَوْهَرِيُّ: نَجْنَجَ إِبِلَه إِذا ردَّها عَلَى الحَوض؛ وأَنشد بَيْتَ ذِي الرُّمَّةِ:
حَتَّى إِذا لَمْ يَجِدْ وَغْلًا ونَجنَجَها
والنَّجْنَجَةُ: تَرْديدُ الرأْي. ونَجْنَجت عيْنُه غَارَتْ. واليَنْجُوجُ والأَنجُوجُ: الْعُودُ الَّذِي يُتبَخَّرُ بِهِ؛ قَالَ أَبو دُوَادٍ:
يَكْتَبِينَ الأَنْجُوجَ فِي كَبَّةِ المَشْتَى، ... وبُلْهٌ أَحْلامُهُنَّ وِسامُ
وَفِي حَدِيثِ
سَلْمَانَ: أُهْبِطَ آدَمُ مِنَ الْجَنَّةِ وَعَلَيْهِ إِكْلِيلٌ، فَتحاتَّ مِنْهُ عودُ الأَنْجُوج
؛ هُوَ لُغَةٌ فِي الْعُودُ الَّذِي يُتَبَخَّر بِهِ، وَالْمَشْهُورُ فِيهِ أَلَنْجوج ويَلَنْجُوج وأَلَنْجَج، والأَلف وَالنُّونُ زَائِدَتَانِ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
مَجامِرُهُمُ الأَلَنْجوج
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: كأَنه يَلِجُّ فِي تَضَوُّعِ رائحتهِ، وَهُوَ انتشارُها.
نحج: النَّحْج: كِنَايَةٌ عَنِ النكاح، والخاء لغة.
نخج: نَخَجَ السيلُ فِي سَنَدِ الْوَادِي يَنْخِج نَخْجاً: صدَمه. ونَخَجَ الرجلُ المرأَة ينخُجُها «3» نَخْجاً: نَكَحَهَا. والنَّخَّاجةُ: الرشّاحةُ. والنَّخْج: أَن تَضَع المرأَةُ السِّقاءَ عَلَى رُكْبَتَيها ثُمَّ تَمْخُضه؛ وَقِيلَ: النَّخْج أَن تأْخذَ اللبنَ وَقَدْ رابَ، فتَصُبَّ لَبَنًا حَلِيبًا، فتخرُجَ الزُّبْدة فَشْفاشةً لَيْسَتْ لَهَا صلابةٌ. ابْنُ السِّكِّيتِ: والنَّخِيجَةُ زُبْدٌ رَقيقٌ يَخرُجُ مِنَ السِّقاء إِذا حُمِل عَلَى بَعير بَعْدَ مَا نُزِعَ زُبْدُه الأَول، فيُمْخَض فيخرُجُ منه زُبْدٌ رقيق. وَقَالَ غَيْرُهُ: هُوَ النَّخيجُ، بِغَيْرِ هاءٍ. وفُلانٌ ميمونُ
__________
(1).
قوله [وتنجنج لحمه إلخ] تبع الجوهري فيه. والذي في القاموس هو غلط، وإِنما هو تبجبج، بباءين انتهى. وفي شرحه أَصل الردّ للهروي في الغريبين.
(2).
هكذا في الأَصل.
(3).
قوله [ينخجها] ضبط في الأَصل كما ترى وهو مقتضى صنيع المجد. وأما نخج السيل، فضبط فيه المضارع، بالكسر، وصرح به شارح القاموس وقد سوى بينهما المجد في الإِطلاق.

(2/375)


الْعَرِيكَةِ والنخيجةِ وَالطَّبِيعَةِ، بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَيُقَالُ: النَّجْخَةُ، بِتَقْدِيمِ الْجِيمِ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَلَا أَدري مَا صِحَّتُهُ. ونَخَجَ الدَّلوَ فِي الْبِئْرِ نَخْجاً ونَخَجَ بِهَا: حَرَّكَها فِي الْمَاءِ لِتَمْتلئَ، لُغَةٌ فِي مَخَجَهَا، إِذا خَضْخَضَها، وَزَعَمَ يَعْقُوبُ أَن نونَ نَخْجٍ بَدَلٌ مِنْ مِيمِ مَخْجٍ.
ندج: فِي حَدِيثِ
الزُّبَير: وقَطَع أُنْدُوجَ سَرْجِه
أَي لِبْدَه؛ قَالَ أَبو مُوسَى: هَكَذَا وَجَدْتُهُ بِالنُّونِ، قَالَ ابْنُ الأَثير: وأَحسَبُه بِالْبَاءِ.
نرج: النَّيْرَجُ والنَّوْرَجُ والنُّورَجُ، الأَخيرة يَمَانِيَةٌ وَلَا نَظِيرَ لَهُ: كلُّ ذَلِكَ المِدْوَسُ الَّذِي يُداسُ بِهِ الطَّعَامُ، حَدِيدًا كَانَ أَو خَشَبًا، وأَقْبَلَت الوَحْشُ والدَّوابُّ نَيْرَجاً، وَهِيَ تَعْدو نَيْرَجاً: وَهِيَ سرعةٌ فِي تردُّدٍ. وكلُّ سَرِيعٍ: نَيْرَجٌ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
ظَلَّ يُبارِيها وظَلَّت نَيْرَجا
وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: النَوْرَجُ السرابُ. والنَّوْرَجُ: سِكَّة الحَرَّاث. والنِّيرَجُ: أُخَذٌ تُشْبِه السِّحْرَ، وَلَيْسَتْ بِحَقِيقَتِهِ، وَلَا كالسِّحْر، إِنما هُوَ تَشْبِيهٌ وَتَلْبِيسٌ. وريحٌ نَيْرَجٌ ونَوْرَجٌ: عاصِفٌ. وامرأَةٌ نَيْرَجٌ: دَاهِيَةٌ مُنكرة.
نزج: ابْنُ الأَعرابي: نَزَجَ إِذا رَقَصَ. غَيْرُهُ: النَّيزَجُ جَهازُ المرأَةِ إِذا كَانَ نازِيَ البَظْر طَويلَه؛ وأَنشد:
بذاكَ أَشْفِي النَّيْزَجَ الخِجاما
نسج: النَّسْجُ: ضَمُّ الشَّيْءِ إِلى الشَّيْءِ، هَذَا هُوَ الأَصلُ. نَسَجه يَنْسِجُه نَسْجاً فانْتَسَجَ ونَسَجت الريحُ الترابَ تَنْسِجُه نَسْجاً: سَحَبَتْ بعضَه إِلى بَعْضٍ. والريحُ تَنْسِج التُّرَابَ إِذا نَسَجت المَوْرَ والجَوْلَ عَلَى رُسومها «1». وَالرِّيحُ تَنْسِجُ الماءَ إِذا ضَرَبَتْ مَتْنَه فانْتَسَجَتْ لَهُ طرائِقُ كالحُبُكِ. ونَسَجَت الريحُ الرَّبْعَ إِذا تَعاوَرَتْه رِيحانِ طُولًا وعَرْضاً، لأَن الناسِجَ يَعترِضُ النَّسِيجَةَ فيُلْحِمُ مَا أَطالَ مِنَ السَّدَى. ونَسَجَت الريحُ الماءَ: ضَرَبَتْه فانْتَسَجت فِيهِ طَرائِقُ؛ قَالَ زُهَيْرٌ يَصِفُ وَادِيًا:
مُكَلَّلٌ بعَمِيمِ النَّبْتِ، تَنْسِجُه ... رِيحٌ خَريقٌ، لِضاحي مائِهِ حُبُك
ونَسَجت الريحُ الوَرقَ والهَشيمَ: جَمَعَتْ بعضَه إِلى بَعْضٍ؛ قَالَ حُميد بْنُ ثَوْرٍ:
وعادَ خُبَّازٌ يُسَقِّيه النَّدى ... ذُراوَةً، تَنْسِجُه الهُوجُ الدُّرُجْ
والنَّسْج مَعْرُوفٌ، ونَسَجَ الحائِكُ الثوبَ يَنْسِجُه ويَنْسُجُه نَسْجاً، مِن ذَلِكَ لأَنه ضَمَّ السَّدَى إِلى اللُّحْمة، وَهُوَ النَّسّاجُ، وحِرْفَته النِّساجَة، وَرُبَّمَا سُمِّي الدَّرَّاعُ نَسَّاجاً. وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: فَقَامَ فِي نِساجةٍ مُلْتَحِفاً بها
؛ هي ضَرْبٌ مِنَ المَلاحِف مَنسوجة، كأَنها سُمِّيت بِالْمَصْدَرِ. وَقَالُوا فِي الرَّجُلِ الْمَحْمُودِ: هُوَ نَسِيجُ وحْدِه؛ وَمَعْنَاهُ أَن الثوبَ إِذا كَانَ كَرِيمًا لَمْ يُنْسَجْ عَلَى مِنْوالِه غيرُه لِدِقَّتِه، وإِذا لَمْ يَكُنْ كَرِيمًا نَفِيساً دَقِيقاً عُمِلَ عَلَى مِنْوالِه سَدَى عِدَّةِ أَثوابٍ؛ وَقَالَ ثَعْلَبٌ: نَسيجُ وَحْدِه الَّذِي لَا يُعْمَلُ عَلَى مِثَالِهِ مِثْلُه؛ يُضْرَبُ مَثَلًا لِكُلِّ مَنْ بُولِغَ فِي مَدْحِه، وَهُوَ كَقَوْلِكَ: فُلَانٌ واحدُ عصرِه وقَرِيعُ قَومِه، فنَسيجُ وَحْدِه أَي لَا نظيرَ لَهُ فِي عِلم أَو غَيره،
__________
(1).
قوله [على رسومها] كذا بالأَصل، وعبارة الأَساس: ومن المجاز الريح تنسج رسم الدار، والتراب والرمل والماء إِذا ضربته فَانْتَسَجَتْ لَهُ طَرَائِقُ كَالْحُبُكِ.

(2/376)


وأَصلُه فِي الثَّوْبِ لأَنَّ الثوبَ الرفيعَ لَا يُنْسَجُ عَلَى مِنوالِه. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: مَنْ يَدُلُّني عَلَى نَسيجِ وَحْدِه؟
يُريدُ رَجُلًا لَا عَيْب فِيهِ، وَهُوَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، وَلَا يُقَالُ إِلّا فِي الْمَدْحِ. وَفِي حَدِيثِ
عائشةَ أَنها ذَكَرَتْ عُمَرَ تَصِفُه، فَقَالَتْ: كَانَ واللهِ أَحْوَذِيّاً نَسِيجَ وَحْدِه
؛ أَرادت: أَنه كَانَ مُنْقَطِعَ القَرِينِ. والموضِعُ مَنْسِجٌ ومَنْسَجٌ. الأَزهري: مِنْسَجُ الثَّوْبِ، بِكَسْرِ الْمِيمِ، ومَنْسِجه حَيْثُ يُنْسَج، حَكَاهُ عَنْ شَمِرٍ. ابْنُ سِيدَهْ: والمِنْسَجُ والمِنْسِج، بِكَسْرِ الْمِيمِ، كلُّه: الْخَشَبَةُ والأَداة الْمُسْتَعْمَلَةُ فِي النِّساجة الَّتِي يُمَدُّ عَلَيْهَا الثَّوْبُ للنَّسْج؛ وَقِيلَ: المِنْسجُ، بِالْكَسْرِ، لَا غَيْرَ: الحَفُّ خَاصَّةً. ونَسَجَ الكذَّابُ الزُّورَ: لَفَّقَه. ونَسَج الشاعرُ الشِّعْر: نَظَمَه. والشاعرُ يَنْسِجُ الشِّعْر، والكذَّابُ يَنْسِجُ الزُّورَ، ونَسَجَ الغَيْثُ النباتَ، كلُّه عَلَى المَثَل. ونسَجَت الناقةُ فِي سيرِها تَنْسِجُ، وَهِيَ نَسُوجٌ: أَسْرَعَتْ نَقْلَ قوائِمِها؛ وَقِيلَ: النَّسُوجُ مِنَ الإِبل الَّتِي لَا يَثْبُت حِملُها وَلَا قَتَبُها عَلَيْهَا إِنما هُوَ مضطرِبٌ. وَنَاقَةٌ نَسُوجٌ وَسُوجٌ: تَنْسِج وتَسِجُ فِي سَيرها، وَهُوَ سُرعة نَقْلِها قَوائمَها. ومِنْسَجُ الدَّابَّةِ، بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ السِّينِ، ومَنْسِجُه: أَسْفَلُ مِنْ حارِكه، وَقِيلَ: هُوَ مَا بَيْنَ العُرْف وَمَوْضِعِ اللِّبْد؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
مُسْتَقْبِل الرِّيحِ يَجري فَوقَ مَنْسِجِه، ... إِذا يُراعُ اقْشَعَرَّ الكَشْحُ والعَضُد
أَراد: اقْشَعَرَّ الكَشحُ والعَضُدُ مِنْهُ. التَّهْذِيبُ: والمِنْسَجُ المُنْتَبِرُ مِنْ كَاثِبَةِ الدَّابَّةِ عِنْدَ مُنْتَهَى مَنْبِت العُرْف تحتَ القَرَبوس المقَدَّم؛ وَقِيلَ: سُمِّي مِنْسَجَ الفَرَسِ لأَن عَصَبَ العُنُق يَجيء قِبَلَ الظَّهْر، وعَصَبُ الظَّهْر يذهبُ قِبَلَ العُنُق فيَنْسِجُ عَلَى الكَتِفَين. أَبو عُبَيْدٍ: المَنْسِجُ والحارِك مَا شَخَص مِنْ فُروع الكَتِفَين إِلى أَصل العُنُق إِلى مُسْتوى الظَّهر، والكاهِلُ خَلْف المَنْسِج. وَفِي الْحَدِيثِ:
بَعَث رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، زيدَ بنَ حَارِثَةَ إِلى جُذامَ، فأَوّلُ مَنْ لَقِيهم رجُلٌ عَلَى فَرَسٍ أَدْهَم كَانَ ذَكرُه عَلَى مَنْسج فرَسِه
؛ قَالَ: المَنْسِجُ مَا بَيْنَ مَغْرِز العُنُق إِلى مُنْقَطَع الحارِك فِي الصُّلْب؛ وَقِيلَ: المَنْسِجُ والحاركُ والكاهِلُ مَا شَخَص مِنْ فُرُوعِ الكتِفَين إِلى أَصل العُنُق؛ وَقِيلَ: هُوَ، بِكَسْرِ الْمِيمِ، للفَرَس بِمَنْزِلَةِ الكاهِلِ مِنَ الإِنسان، والحارِك مِنَ الْبَعِيرِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
رجالٌ جاعِلو أَرماحِهِم عَلَى مَناسِجِ خُيُولِهِمْ
، هِيَ جَمْعُ المَنْسِج. ابْنُ شُمَيْلٍ: النَّسُوجُ مِنَ الإِبل الَّتِي تقدِّم جَهازَها إِلى كاهِلِها لِشِدَّةِ سَيرها. ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: النُّسُج السَّجَّادات.
نشج: النَّشِيج: الصَّوت. والنَّشِيج: أَشدُّ البُكاء، وَقِيلَ: هِيَ مَأَقَةٌ يَرْتَفِعُ لَهَا النفَسُ كالفُؤَاق. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: النَّشِيجُ مِثْلُ البُكاء للصبيِّ إِذا رَدَّدَ صوتَه فِي صدرِه وَلَمْ يُخْرجه. وَفِي حَدِيثُ
عُمَرَ، رَحِمَهُ اللَّهُ: أَنه صَلَّى الفجرَ بِالنَّاسِ فقَرأَ سُورَةَ يُوسُفَ، حَتَّى إِذا جَاءَ ذِكرُ يُوسُفَ بَكى حَتَّى سُمِعَ نَشِيجُه خَلْفَ الصُّفوف
؛ والفعْلُ مِنْ ذَلِكَ كلِّه نَشَجَ يَنْشِجُ. وَفِي حَدِيثِهِ الآخرِ:
فنَشَجَ حَتَّى اختَلَفَتْ أَضلاعُه.
وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ تَصِفُ أَباها، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: شَجِيّ النَّشِيجِ
؛ أَرادت أَنه كَانَ يُحْزِنُ مَن يَسْمَعُهُ يَقرأُ. أَبو عُبَيْدٍ: النَّشِيجُ مِثْلُ بُكاءِ

(2/377)


الصبيِّ إِذا ضُرِبَ فَلَمْ يُخْرِجْ بكاءَه وردَّدَه فِي صدرِه، وَلِذَلِكَ قِيلَ لِصَوت الْحِمَارِ: نَشِيج. ابْنُ الأَعرابي: النَّشِيجُ مِنَ الفَمِ، والخَنِينُ والنَّخِيرُ مِنَ الأَنْفِ. ونَشَجَ الْبَاكِي يَنْشِجُ نَشْجاً ونَشِيجاً إِذا غُصَّ بالبُكاءِ فِي حَلقِه مِنْ غَيْرِ انْتِحابٍ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: وَهُوَ إِذا غَصَّ البُكاءَ فِي حَلْقِه عِنْدَ الفَزْعة. وَفِي حَدِيثِ وَفاةِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
فَنَشَجَ الناسُ يَبْكُونَ
؛ النَّشِيجُ: صوتٌ مَعَهُ تَوَجُّعٌ وبُكاءٌ كَمَا يُرَدِّدُ الصبيُّ بُكاءَه ونَحيبَه فِي صدرِه. والطَّعْنَة تَنْشِجُ عِنْدَ خُرُوجِ الدَّمِ: تَسْمَعُ لَهَا صَوتاً فِي جَوفِها، والقِدْرُ تَنْشِجُ عِنْدَ الغَلَيانِ. وعَبْرةٌ نُشُجٌ: لَهَا نَشِيجٌ. والحِمار يَنْشِجُ نَشِيجاً عِنْدَ الفَزَعِ؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: هُوَ صَوتُ الحِمارِ، مِن غَيْرِ أَن يَذكُرَ فزَعاً. ونَشَجَ الحمارُ بصوتِه نَشِيجاً: ردَّدَه فِي صَدرِه؛ وَكَذَلِكَ نَشَجَ الزِّقُّ والحُبُّ والقِدرُ إِذا غَلى مَا فِيهِ حَتَّى يُسْمَع لَهُ صوتٌ. والضِّفْدَعُ يَنْشِجُ إِذا رَدَّد نَقْنَقَتَه؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ يَصِفُ ماءَ مَطَر:
ضَفادِعُه غَرْقَى، رِواءٌ كأَنها ... قِيانُ شُروبٍ، رَجْعُهنَّ نَشِيج
أَي رَجْعُ الضَّفادِع، وَقَدْ يَجوز أَن يكونَ رَجْعَ القِيانِ. ونَشَجَ المُطَرِّبُ يَنْشِجُ نَشِيجاً: جاشَتْ بِهِ «2»؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ يَصِفُ قُدوراً:
لَهُنَّ نَشِيجٌ بالنَّشِيلِ، كأَنها ... ضَرائِرُ حِرْمِيٍّ، تَفاحَش غارُها
والنَّشِيجُ: مَسِيلُ الْمَاءِ «3» وَالْجَمْعُ أَنْشاج. أَبو عَمْرٍو: الأَنْشاجُ مَجاري الماءِ، وَاحِدُهَا نَشَجٌ، بِالتَّحْرِيكِ؛ وأَنشد شِمْرٌ:
تَأَبَّدَ لأْيٌ مِنهمُ فَعُتائِدُهْ، ... فَذُو سَلَمٍ أَنْشاجُه، فسَواعِدُهْ
والنَّشِيجُ: صَوتُ الْمَاءِ يَنْشِجُ، ونُشُوجُه فِي الأَرض أَن يُسْمَعَ لَهُ صوتٌ؛ قَالَ هِمْيَانُ:
حَتَّى إِذا مَا قَضَتِ الحَوائِجا، ... ومَلأَتْ حُلَّابُها الخَلانِجا
مِنْهَا، وثَمُّوا الأَوْطُبَ النَّواشِجا
ثَمُّوا: أَصْلَحوا. والنُّوشَجانُ: قَبِيلَةٌ أَو بلدٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأُراه فارسيّاً.
نضج: نَضِجَ اللحمُ قَدِيداً وشِواءً، والعِنبُ والتَّمْرُ والثَمَرُ يَنْضَجُ نُضْجاً ونَضْجاً أَي أَدرَكَ. والنُّضْجُ: الِاسْمُ. يُقَالُ: جادَ نُضْجُ هَذَا اللحمِ، وَقَدْ أَنْضَجَه الطاهِي وأَنْضَجَه إِبّانُه، فَهُوَ مُنْضَجٌ ونَضِيجٌ وناضِجٌ، وأَنْضَجْتُه أَنا، وَالْجَمْعُ نِضاجٌ؛ قَالَ النَّمِر يَصِفُ الدَّجاج:
وَلَا يَنْفَعْنَني إِلّا نِضاجا
وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فَتَرَكَ صِبْيَةً صِغاراً مَا يُنْضِجُون كُراعاً
أَي مَا يَطْبُخون كُراعاً لعَجْزهم وصِغَرِهم؛ يَعْنِي لَا يَكْفُون أَنفُسَهم خدمةَ مَا يأْكُلونه فَكَيْفَ غَيْرُهُ؟ وَفِي رِوَايَةٍ:
مَا تَسْتَنْضِجُ كُراعاً
؛ والكُراع: يَدُ الشاةِ. وَمِنْهُ حَدِيثُ
لُقْمَانَ: قريبٌ مِنْ نَضِيج، بَعيدٌ مِنْ نِيءٍ
؛ النضِيجُ: المَطْبُوخ، فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، أَراد أَنه يأْخُذُ مَا طُبخ لإِلْفِه المنزلَ وطُول مُكْثِه فِي الْحَيِّ، وأَنه لَا يأْكل النِّيء كَمَا يأْكلُ مَن أَعْجَلَه الأَمرُ عَنْ إِنضاج مَا اتَّخذَ، وَكَمَا يأْكل مَن غزا واصطاد.
__________
(2).
قوله: جاشت به: هكذا في الأَصل. وفي سائر المعاجم: نشج المُطرِبُ فصَلَ بين الصوتين ومدّ؛ وقد يكون سقط شيء من كلام المؤلف.
(3).
قوله [والنشيج مسيل الماء] كذا بالأَصل.

(2/378)


قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَاسْتَعْمَلَ أَبو حَنِيفَةَ الإِنْضاج فِي البَرْد فِي كِتَابِهِ المَوْسوم بِالنَّبَاتِ: المَهْروء الَّذِي قَدْ أَنضَجه البَرْدُ، قَالَ: وَهَذَا غَرِيبٌ إِذ الإِنضاج إِنما يَكُونُ فِي الْحَرِّ، فَاسْتَعْمَلَهُ هُوَ فِي البردِ. وَرَجُلٌ نَضِيجُ الرأْي: مُحْكَمُه، عَلَى المَثَلِ. وَفُلَانٌ لَا يُنْضِجُ الكُراعَ أَي أَنه ضَعيفٌ لَا غَناءَ عِنْدَهُ. ونَضِجَت الناقةُ بِوَلَدِهَا ونَضَّجَتْه، وَهِيَ مُنَضِّجٌ: جاوَزَت الحَقَّ بِشَهْرٍ وَنَحْوِهِ وَلَمْ تُنْتَج أَي زادَتْ عَلَى وقتِ الْوِلَادَةِ؛ قَالَ حُميد بْنُ ثَوْرٍ:
وصَهْباء مِنْهَا كالسَّفينة، نَضَّجَتْ ... بِهِ الحَمْلَ، حَتَّى زادَ شَهْراً عَديدُها
ونوقٌ مُنَضِّجات؛ قَالَ عُوَيف القَوافي يَصِف بَعِيرًا لَهُ تأَخَّرتْ ولادتُه عَنْ حِينِه بِشَهْرٍ أَو قِراب شَهْرٍ:
هُوَ ابنُ مُنَضِّجاتٍ، كُنَّ قِدْماً ... يَزِدْن عَلَى العَدِيدِ، قِرابَ شَهْرِ
وَلَمْ يَكُ بابنِ كاشِفة الضَّواحِي، ... كأَنَّ غُرُورَها أَعْشارُ قِدْر
والمُنَضِّجة: الَّتِي تأَخَّرَتْ وِلادتُها عَنْ حِينِ الْوِلَادَةِ شَهْرًا، وَهُوَ أَقْوَى للوَلدِ. والضَّواحي: النَّواحي مِنَ الْجَسَدِ. وغُرورُ الجِلْدِ وَغَيْرِهِ: مَكاسِرُه، وَاحِدُهُ غَرٌّ. الأَصمعي: إِذا حَمَلَت الناقةُ فجازَت السَّنَةَ مِنْ يومَ لَقِحَتْ، قِيلَ: أَدْرَجَتْ ونَضَّجَتْ، وَقَدْ جَازَتِ الحَقَّ، وحَقُّها الوقتُ الَّذِي ضُرِبَتْ فِيهِ، وَيُقَالُ لَهَا: مِدْراج ومُنْضِجٌ؛ وأَنشد الْمُبَرِّدُ لِلطِّرِمَّاحِ:
أَنْضَجَتْه عشرينَ يَوماً ونِيلَتْ، ... حينَ نِيلَتْ، يَعارَةً فِي العِراض
«1»
سوفَ تُدْنِيكَ مِنْ لَمِيسَ سَبَنْداةٌ، ... أَمارَتْ بالبَولِ ماءَ الكِراض
قَالَ: أَنْضَجَتْه عِشْرِينَ يَوْمًا، إِنما يُريد بعدَ الحَولِ مِنْ يومَ حَمَلتْ، فَلَا يَخرُجُ الوَلدُ إِلا مُحْكَماً؛ كَمَا قَالَ الْحُطَيْئَةُ:
لأَدْماء مِنْهَا كالسَّفينةِ، نَضَّجَتْ ... بِهِ الحَولَ، حَتَّى زادَ شَهْرًا عَدِيدُها «2»
قَالَ الأَزهري: مَا ذُكِرَ فِي بَيْتِ الحُطَيئة مِنَ التَّنْضِيجِ هُوَ كَمَا فَسَّرَهُ الْمُبَرِّدُ، وأَما بَيْتُ الطِّرِمَّاحِ فَمَعْنَاهُ غيرُ مَا ذَهَبَ إِليه، لأَنَّ مَعْنَاهُ فِي بَيْتِهِ صِفةُ الناقةِ نفسِها بالقُوَّة، لَا قُوَّة وَلدِها؛ أَراد أَنَّ الفَحْلَ ضَرَبَها يَعارةً لأَنها كَانَتْ نجِيبةً، فضَنَّ بِهَا صاحبُها لنجابَتِها عَنْ ضِرابِ الفحلِ إِياها، فَعَارَضَهَا فحلٌ فضَرَبَها فأَرْتَجَتْ عَلَى مائِهِ عِشْرِينَ يَوْمًا، ثُمَّ أَلْقَتْ ذَلِكَ الماءَ قبلَ أَن يُثقِلَها الحَمْلُ فَتذهب مُنَّتُها، وروَى الرُّواةُ البيتَ: [أَضْمَرَتْه عِشْرِينَ يَوْمًا] لَا أَنْضَجَتْه، فإِن رُوِيَ أَنضَجته، فَمَعْنَاهُ أَنَّ ماءَ الفَحلِ نَضِجَ فِي رحِمِها فِي عِشْرِينَ يَوْمًا، ثُمَّ رَمَتْ بِهِ كَمَا تَرْمِي بوَلَدِها التَّمامِ الخَلْقِ وبَقِيَ لَهَا مُنَّتُها؛ وَقَالَ الشَّمَّاخُ:
وأَشْعَث قَدْ قدَّ السِّفارُ قَمِيصَه، ... وَحَرُّ السَّوَاءِ بِالْعَصَا غيرُ مُنْضِج
وَقَدِ اسْتَعْمَلَ ثَعْلَبٌ نَضَّجته فِي المرأَة؛ وَقَالَ فِي قَوْلِهِ:
تَمَطَّتْ بِهِ أُمُّه فِي النِّفاسِ، ... فَلَيْسَ بِيَتْنٍ وَلَا تَوْأَم
يُرِيدُ أَنها زَادَتْ عَلَى تِسْعَةِ أَشهر حَتَّى نَضَّجَتْه. ونَضَّجَت الناقةُ بِلَبَنِها إِذا بَلَغَتِ الْغَايَةَ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأُراه وَهَماً، إِنما هُوَ نَضَّجَت بوَلَدِها.
__________
(1).
قوله [أَنضجته إلخ] هكذا في الأَصل بتقديم هَذَا الْبَيْتَ عَلَى مَا بعده، والذي في الصحاح في مادة كرض وفي شرح القاموس في مادة يعر وكرض تقديم الثاني على الأَول.
(2).
قوله [لأَدماء] الذي في الصحاح وصهباء.

(2/379)


نعج: النَّعْجَة: الأُنثى مِنَ الضأْن والظِّباءِ والبقرِ الوَحْشِيّ والشَّاءِ الجَبَليّ، وَالْجَمْعُ نِعاجٌ ونَعَجات، والعربُ تَكْني بِالنَّعْجَةِ وَالشَّاةِ عَنِ المرأَة، وَيُسَمُّونَ الثَّوْرَ الوحْشِيَّ شَاةً؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَلَا يُقَالُ لِغَيْرِ البَقَرِ مِنَ الوَحْشِ نِعاج؛ وَفِي التَّنْزِيلِ فِي قصَّة دَاوُدَ، عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وقولِ أَحدِ المَلَكَينِ اللَّذَينِ احْتكَما إِليه: إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ
؛ وقرأَ الْحَسَنُ: وَلِيَ نِعجة وَاحِدَةٌ، فَعَسَى أَن يَكُونَ الكسرُ لُغَةً. ونِعاجُ الرَّمْلِ: هِيَ البَقَرُ، وَاحِدَتُهَا نَعجة؛ قَالَ الْفَارِسِيُّ: العربُ تُجْرِي الظباءَ مُجْرى المَعَزِ، والبَقَرُ مُجرى الضأْنِ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ أَبي ذُؤيب:
وَعَادِيَةٍ تُلْقي الثيابَ كأَنها ... تُيوسُ ظِباءٍ، مَحْصها وانبِتارها
فَلَوْ أَجْرَوا الظِّباءَ مُجْرى الضأْنِ، لقالَ: كِباشُ ظِباءٍ؛ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنهم يُجْرون البقرَ مُجْرى الضأْنِ قولُ ذِي الرُّمَّةِ:
إِذا مَا رَآهَا راكِبُ الضِّيفِ، لَمْ يزلْ ... يَرَى نَعْجةً فِي مَرْتَعٍ، فيُثِيرُها
موَلَّعَة خَنْساء لَيْسَتْ بنَعْجةٍ، ... يُدَمِّنُ أَجْوافَ المِياهِ وَقِيرُها
فَلَمْ يَنْفِ المَوصوفَ بذاتِه الَّذِي هُوَ النَّعْجةُ، وَلَكِنَّهُ نَفَاهُ بالوَصْفِ؛ وَهُوَ قَوْلُهُ:
يُدَمِّنُ أَجواف الْمِيَاهِ وَقِيرُها
يَقُولُ: هِيَ نَعْجَةٌ وحَشِيَّةٌ لَا إِنْسِيَّةٌ تأْلَفُ أَجوافَ المياهِ أَولادُها، وَذَلِكَ نُصْبةُ الضأْنِيَّة وصِفَتُها لأَنها تأْلَفُ المِياهَ، وَلَا سِيَّما وَقَدْ خَصَّها بالوَقِيرِ، وَلَا يَقَعُ الوقِيرُ إِلَّا عَلَى الْغَنَمِ الَّتِي فِي السَّواد والحَضَرِ والأَريافِ. وناقةٌ ناعِجةٌ: يُصادُ عَلَيْهَا نِعاجُ الوحْشِ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَهِيَ مِنَ المَهْرِيّة؛ وَاسْتَعَارَهُ نَافِعُ بنُ لَقِيطٍ الفَقْعَسِيّ للبَقَرِ الأَهْليّ فَقَالَ:
كالثَّوْرِ يُضْرَبُ أَن تَعافَ نِعاجُه؛ ... وجَبَ العِيافُ، ضَرَبْتَ أَو لَمْ تَضْرِبِ
ونَعِجَ الرجلُ نَعَجاً، فَهُوَ نَعِجٌ: أَكلَ لحمَ ضأْن فثَقُلَ عَلَى قَلْبِهِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
كأَنّ القومَ عُشُّوا لَحْمَ ضأْنٍ، ... فهُمْ نَعِجُونَ قَدْ مَالَتْ طُلاهمْ
يُرِيدُ أَنهم قَدِ اتَّخَموا مِنْ كَثْرَةِ أَكلِهم الدَّسَمَ فمالَتْ طُلاهُم، والطُّلى: الأَعْناقُ، والنَّعَجُ: الابيضاضُ الخالصُ، ونَعِجَ اللَّوْنُ الأَبيضُ يَنْعَجُ نَعَجاً ونُعوجاً، فَهُوَ نَعِجٌ: خَلَص بَيَاضُهُ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ يصفُ بَقَرَ الْوَحْشِ:
فِي نَعِجاتٍ مِنْ بَياضٍ نَعِجَا، ... كَمَا رَأَيْت فِي المُلاءِ البَرْدَجا
يُقَالُ: نَعِجَ يَنْعَجُ نَعَجاً مِثْلَ صَخِبَ يَصْخَبُ صَخَباً، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: نَعَجَ يَنْعُجُ نَعَجاً مِثْلَ طَلَبَ يَطْلُبُ طَلَباً. وامرأَة ناعِجةٌ: حسنَةُ اللَّونِ. وجمَلٌ ناعِجٌ: حَسنُ اللَّونِ مُكَرَّمٌ، والأُنثى بِالْهَاءِ؛ وَقِيلَ: الناعِجةُ البَيْضاءُ مِنَ الإِبلِ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي يُصادُ عَلَيْهَا نِعاجُ الوحشِ، وَهِيَ النَّواعِجُ؛ وَفِي شِعْرُ خُفافِ بنِ نُدْبَةَ:
والنَّاعِجات المُسْرِعات للنَّجا
يَعْنِي الخِفافَ مِنَ الإِبِلِ، وَقِيلَ: الحِسانَ الأَلوَانِ. وأَرضٌ ناعِجةٌ: مستويةٌ سهلةٌ مُكرمةٌ لِلنَّبَاتِ تُنْبِتُ الرِّمْثَ. والنَّواعِجُ والناعجاتُ مِنَ الإِبِلِ:

(2/380)


البيضُ الكريمةُ. وجَمَلٌ ناعِجٌ وناقةٌ ناعجةٌ. والنَّعْجُ: ضَرْبٌ مِنْ سَيرِ الإِبِلِ، وَقَدْ نَعَجَت الناقةُ نَعْجاً؛ وأَنشد:
يَا رَبِّ رَبِّ القُلُصِ النَّواعِجِ
والنَّواعِجُ مِنَ الإِبلِ: السِّراعُ؛ وَقَدْ نَعَجَت الناقةُ فِي سِيرها، بِالْفَتْحِ: أَسْرَعَت، لُغَةٌ فِي مَعَجَت. ونَعِجَت الإِبلُ تَنْعَجُ: سَمِنَتْ. وأَنْعَجَ القومُ إِنْعاجاً: نَعِجَتْ إِبِلُهُم أَي سَمِنتْ. قَالَ الأَزهري: قَالَ أَبو عَمْرو: وَهُوَ فِي شِعْر ذِي الرُّمَّةِ؛ قَالَ شَمِرٌ: نَعِجَتْ إِذا سَمِنَتْ حَرْفٌ غريبٌ، قَالَ: وفتَّشْتُ شِعْرَ ذِي الرُّمَّة فَلَمْ أَجِدْ هَذِهِ الْكَلِمَةَ فِيهِ. قَالَ الأَزهري: نَعِجَ بِمَعْنَى سَمِنَ حرفٌ صحيحٌ، ونظرَ إِليَّ أَعرابيٌّ كَانَ عهدُه بِي، وأَنا ساهِمُ الوجهِ، ثُمَّ رَآنِي وَقَدْ ثابَتْ إِليَّ نَفْسِي؛ فَقَالَ لِي: نَعِجْتَ أَيا فلانُ بعد ما رأَيتُك كالسَّعَفِ الْيَابِسِ؛ أَراد سَمِنْتَ وصَلَحْتَ. والنَّعَجُ: السِّمَنُ؛ يُقَالُ: قَدْ نَعِجَ هَذَا بَعدي أَي سَمِنَ. والنَّعَجُ: أَن يَرْبُوَ ويَنتفِخَ، وَقِيلَ: النَّهَجُ مِثلهُ. ومَنْعَجٌ، بِالْفَتْحِ «1»: موضع.
نفج: نَفَجَ الأَرنَبُ إِذا ثارَ؛ ونَفَجَت، وَهُوَ أَوْحَى عَدْوِها. وأَنْفَجَها الصائدُ: أَثارها مِنْ مَجْثَمِها؛ وَفِي حَدِيثِ
قَيْلةَ: فانْتَفَجَتْ مِنْهُ الأَرنبُ
أَي وَثَبَتْ. ونَفَجْتُه أَنا: أَثَرْتُه فثارَ مِنْ جُحْرِه؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
فانْتَفَجْنا أَرنباً
أَي أَثَرْناها؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
أَنه ذَكر فِتْنَتَين فَقَالَ: مَا الأُولى عِنْدَ الْآخِرَةِ إِلا كَنَفْجةِ أَرنبٍ
أَي كَوَثْبَتِه مِنْ مَجْثَمِه؛ يُريدُ تقليلَ مُدَّتِهَا. ابْنُ سِيدَهْ: نَفَجَ اليَرْبوعُ يَنْفِجُ ويَنْفُجُ نُفوجاً، وانْتَفَجَ: عَدَا. وأَنْفَجَه الصائدُ واسْتَنْفَجَه: اسْتَخْرَجَهُ، الأَخيرة عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
يَسْتَنْفِجُ الخِزّانَ مِنْ أَمْكائها
وكلُّ مَا ارتَفَعَ: فَقَدْ نَفَجَ وانْتَفَجَ وتَنَفَّجَ. ونَفَجَه هُوَ يَنْفُجُه نَفْجاً ونَفَجَت الفَرُّوجةُ مِنْ بَيْضَتِها أَي خرجَتْ. ونَفَجَ ثَدْيُ المرأَةِ قميصَها إِذا رَفَعَهُ. ورجلُ مُنْتَفِجُ الجَنْبينِ؛ وبعيرٌ مُنْتَفِجٌ إِذا خرجَتْ خواصِرُه. وَانْتَفَجَ جَنْبا الْبَعِيرِ: ارْتَفعا؛ وَفِي حَدِيثِ أَشراط السَّاعَةِ:
انْتِفاج الأَهِلَّةِ
؛ رُوِيَ بِالْجِيمِ، مِن انتفَج جَنْبا الْبَعِيرِ إِذا ارْتَفَعَا وعظُما خِلْقةً. ونَفَجْتُ الشيءَ فانْتفج أَي رفَعتُه وعظَّمْتُه. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: نافِجاً حِضْنَيهِ
، كَنَّى بِهِ عَنِ التعاظُم والتكبُّر والخُيَلاء. ونَوافجُ المِسْك؛ معرَّبةٌ «2». ونَفَجَ السِّقاءَ نَفْجاً: مَلأَه؛ وَقَوْلُهُ:
فأَعْجَلَتْ شَنَّتَها أَن تُنْفَجا
يَعْنِي أَن تُمْلأَ مَاءً لِتُنْقى وتُغْسَلَ قَبْلَ أَن يُسْتَقى بِهَا؛ وَقِيلَ: أَعْجَلَتْ عَنْ أَن يُزادَ فِيهَا ماءٌ يُوَسِّعُها ويَرْفَعُها. وصوتٌ نافجٌ: جافٍ غليظٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
تسمعُ لِلأَعبُدِ زَجْراً نافِجا، ... مِنْ قِيلِهم: أَيا هَجاً أَيا هَجا
__________
(1).
قوله [ومنعج بالفتح إلخ] عبارة القاموس ومنعج كمجلس: موضع، ووهم الجوهري في فتحه إلى آخره. وفي ياقوت أَن المشهور أَنه كمجلس. وقد روي كمقعد.
(2).
قوله [ونوافج المسك إلخ] عبارة القاموس وشرحه والنافجة: وعاء المسك، معرب عن نافه. قال شيخنا: ولذلك جزم بعضهم بفتح فائها، وزعم صاحب المصباح أَنها عربية.

(2/381)


وَقِيلَ: أَراد بالزجْرِ النَّافِجِ الَّذِي يَنْفُجُ الإِبِلَ حَتَّى تتوسَّع فِي مَراتِعِها وَلَا تَجتَمع؛ وَيُقَالُ للإِبل الَّتِي يَرِثُها الرجلُ فتكثُرُ بِهَا إِبِلُه: نافِجةٌ؛ وَكَانَتِ العربُ تَقُولُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لِلرَّجُلِ إِذا وُلِدَتْ لَهُ بنتٌ: هَنِيئًا لَكَ النافجةُ أَي المُعَظِّمَةُ لِمالِك، وَذَلِكَ أَنه يُزَوِّجُها فيأْخُذ مَهْرَها مِنَ الإِبِلِ، فيَضُمُّها إِلى إِبِلِه فيَنْفُجُها أَي يَرْفَعُها ويُكَثِّرُها. والنَّفْجُ: اسمُ مَا نُفِجَ بِهِ. وَرَجُلٌ نَفَّاجٌ إِذا كَانَ صاحبَ فَخْرٍ وكِبْرٍ؛ وَقِيلَ: نَفَّاجٌ يَفْخَرُ بِمَا لَيْسَ عِنْدَهُ، وَلَيْسَتْ بالعالِية؛ وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: إِنَّ هَذَا البَجْباجَ النفَّاجَ لَا يَدْرِي مَا اللَّهُ
؛ النفَّاجُ: الَّذِي يَتَمَدَّحُ بِمَا لَيْسَ فِيهِ مِنْ الانْتِفاج الارتفاعِ. ورجلٌ نفَّاجٌ: ذُو نَفْجٍ، يَقُولُ مَا لَا يَفعلُ، ويَفتخِر بِمَا لَيْسَ لَهُ وَلَا فِيهِ. وامرأَةٌ نُفُجُ الحقِيبةِ إِذا كَانَتْ ضخْمةَ الأَرْدافِ والمَأْكَمِ؛ وأَنشد:
نُفُج الحَقيبةِ بَضَّة المُتَجَرَّدِ
وَفِي الْحَدِيثِ فِي صِفَةِ الزُّبَيْرِ:
كَانَ نُفُجَ الحَقِيبةِ
أَي عظيمَ العَجُزِ، وَهُوَ بِضَمِّ النُّونِ وَالْفَاءِ. والنِّفاجةُ: رُقْعَةٌ مُرَبَّعةٌ تَحْتَ كُمِّ الثوبِ. وتَنَفَّجَت الأَرنبُ: اقشعَرَّتْ، يَمَانِيَةٌ، وَكُلُّ مَا اجْتالَ: فَقَدِ انْتَفَجَ. والنوافِجُ: مُؤَخَّراتُ الضُّلوعِ، واحدُها نافجٌ ونافجةٌ، وتُسَمَّى الدَّخارِيصُ التنافيجَ لأَنها تَنْفُجُ الثوبَ فتُوَسِّعُه. وَيُقَالُ: مَا الَّذِي اسْتَنْفَجَ غضَبَكَ؟ أَي أَظْهَرَهُ وأَخرجه. ابْنُ الأَعرابي: النِّفِّيجُ، بِالْجِيمِ: الَّذِي يَجِيءُ أَجنبيّاً فيدخُل بَيْنَ القَومِ ويُسْمِلُ بَيْنَهُمْ ويُصلِحُ أَمْرَهم؛ وَقَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: النِّفِّيجُ الَّذِي يَعْترضُ بَيْنَ الْقَوْمِ، لَا يُصْلِحُ وَلَا يُفْسِد. ونَفَجَت الريحُ: جَاءَتْ بَغْتَةً؛ وَقِيلَ: النافِجةُ كلُّ رِيحٍ تَبْدَأُ بشدَّةٍ؛ وَقِيلَ أَوّلُ كلِّ رِيحٍ تَبْدأُ بشدَّةٍ؛ قَالَ الأَصمعي: وأُرى فِيهَا بَرْداً. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: رُبَّمَا انْتَفَجَتِ الشَّمالُ عَلَى الناس بعد ما يَنامون، فتَكادُ تُهلِكُهم بالقُرِّ مِنْ آخرِ لَيْلتِهم، وَقَدْ كَانَ أَوَّلُ لَيْلتِهم دَفِيئاً. والنافجةُ: أَوَّلُ شَيْءٍ يَبْدَأُ بشدَّةٍ؛ تَقُولُ: نَفَجَت الريحُ إِذا جَاءَتْ بقُوَّةٍ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ ظَلِيمًا:
يَرْقَدُّ فِي ظِلِّ عَرَّاصٍ، ويَطْرده ... حَفِيفُ نافِجَةٍ، عُثْنُونُها حَصِبُ
قَالَ شِمْرٌ: النافجةُ مِنَ الرياحِ الَّتِي لَا تَشْعُر حَتَّى تَنْتَفِجَ عَلَيْكَ؛ وانتِفاجُها: خروجُها عاصِفةً عَلَيْكَ، وأَنت غافلٌ، قَالَ: وَقَدْ تُسَمَّى السحابةُ الكثيرةُ المطرِ بِذَلِكَ، كَمَا يسمَّى الشيءُ باسمِ غيرهِ لكونهِ مِنْهُ بسببٍ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
راحَتْ لَهُ، فِي جُنُوحِ الليلِ، نافجةٌ، ... لَا الضَّبُّ ممتنعٌ مِنْهَا، وَلَا الوَرَلُ
ثُمَّ قَالَ:
يَسْتَخرجُ الحَشَراتِ الخُشْنَ رَيِّقُها، ... كأَنَّ أَرْؤُسَها فِي مَوْجِه الخَشَلُ
وَفِي حَدِيثِ المُستضعفَينَ بِمَكَّةَ:
فنَفَجَتْ بِهِمُ الطريقُ
أَي رمَتْ بِهِمْ فَجْأَةً. والنَّفِيجةُ: القَوسُ، وَهِيَ شَطيبةٌ مِنْ نَبْعٍ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَلَمْ يعرِفْه أَبو سَعِيدٍ بِالْحَاءِ؛ وَقَالَ مُلَيح الهُذَلي:
أَناخُوا مُعِيداتِ الوَجِيفِ، كأَنها ... نفائجُ نَبْعٍ، لَمْ تُرَيَّعْ، ذَوابِلُ

(2/382)


وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنه كَانَ يَحْلُبُ لأَهْلِه بَعِيرًا، فَيَقُولُ: أُنْفِجُ أَم أُلْبِدُ؟
الإِنفاجُ: إِبانةُ الإِناء عَنِ الضَّرْعِ عِنْدَ الحَلْبِ حَتَّى تَعْلُوَه الرَّغوةُ، والإِلْبادُ: إِلصاقُه بالضَّرْعِ حَتَّى لَا تكونَ له رَغْوةٌ.
نفرج: التَّهْذِيبُ فِي الرُّبَاعِيِّ: عَنِ ابْنِ الأَعرابي: رجلٌ نِفرِجةٌ ونِفْراجَةٌ أَي جبانٌ ضعيفٌ.
نهج: طريقٌ نَهْجٌ: بَيِّنٌ واضِحٌ، وَهُوَ النَّهْجُ؛ قَالَ أَبو كَبِيرٍ:
فأَجَزْتُه بأَفَلَّ تَحْسَبُ أَثْرَهُ ... نَهْجاً، أَبانَ بِذِي فَريغٍ مَخْرَفِ
والجمعُ نَهجاتٌ ونُهُجٌ ونُهوجٌ؛ قَالَ أَبو ذؤَيب:
بِهِ رُجُماتٌ بينهنَّ مَخارِمٌ ... نُهوجٌ، كلَبَّاتِ الهَجائِنِ، فِيحُ
وطُرُقٌ نَهْجَةٌ، وسبيلٌ مَنْهَجٌ: كَنَهْجٍ. ومَنْهَجُ الطريقِ: وضَحُه. والمِنهاجُ: كالمَنْهَجِ. وَفِي التَّنْزِيلِ: لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً
.
وأَنهَجَ الطريقُ: وضَحَ واسْتَبانَ وَصَارَ نَهْجاً واضِحاً بَيِّناً؛ قَالَ يزيدُ بنُ الخَذَّاقِ الْعَبْدِيُّ:
وَلَقَدْ أَضاءَ لَكَ الطريقُ، وأَنْهَجَتْ ... سُبُلُ المَكارِمِ، والهُدَى تُعْدِي
أَي تُعِينُ وتُقَوِّي. والمِنهاجُ: الطريقُ الواضِحُ. واسْتَنْهَجَ الطريقُ: صَارَ نَهْجاً. وَفِي حَدِيثِ
الْعَبَّاسِ: لَمْ يَمُتْ رسولُ الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى تَرَكَكُم عَلَى طريقٍ ناهِجةٍ
أَي واضحةٍ بَيِّنَةٍ. ونَهَجْتُ الطريقَ: أَبَنْتُه وأَوضَحتُه؛ يُقَالُ: اعْمَلْ عَلَى مَا نَهَجْتُه لَكَ. ونَهَجتُ الطريقَ: سَلَكتُه. وفلانٌ يَستَنهِجُ سبيلَ فلانٍ أَي يَسلُكُ مَسلَكَه. والنَّهْجُ: الطريقُ المستقيمُ. ونَهَجَ الأَمْرُ وأَنهَجَ، لُغتانِ، إِذا وضَحَ. والنَّهَجةُ: الرَّبْوُ يَعْلو الإِنسانَ والدابَّةَ، قَالَ اللَّيْثُ: وَلَمْ أَسمَعْ مِنْهُ فِعلًا. وَقَالَ غَيْرُهُ: أَنهَجَ يُنْهِجُ إِنهاجاً، ونَهَجْتُ أَنهِجُ نَهْجاً، ونهِجَ الرجلُ نَهَجاً، وأَنْهَجَ إِذا انْبَهَرَ حَتَّى يَقَعَ عَلَيْهِ النَّفَسُ مِنَ البُهْرِ، وأَنهَجَه غيرُه. يُقَالُ: فلانٌ يَنْهَجُ فِي النفَسِ، فَمَا أَدري مَا أَنهَجَه. وأَنهَجتُ الدابَّةَ: سِرْت عَلَيْهَا حَتَّى انْبَهَرَتْ. وَفِي حَدِيثِ قُدومِ المُسْتَضعَفِينَ بِمَكَّةَ:
فنَهِجَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى قَضى.
النَّهَجُ، بِالتَّحْرِيكِ، والنَّهِيجُ: الرَّبْوُ، وتواتُرُ النَّفَسِ مِنْ شدَّةِ الحركةِ، وأَفعَلَ مُتَعَدٍّ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ الله عنه: فضَرَبَه حَتَّى أُنْهِجَ
أَي وَقَعَ عَلَيْهِ الرَّبْوُ؛ يَعْنِي عُمَرَ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: فَقَادَنِي وإِني لأَنْهَجُ.
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه رأَى رَجُلًا يَنْهَجُ
أَي يَرْبو مِنَ السِّمَن ويَلْهَثُ. وأَنْهَجَتِ الدابةُ: صارتْ كَذَلِكَ. وضَرَبَه حَتَّى أَنْهَجَ أَي انْبَسَط، وَقِيلَ: بَكى. ونَهَجَ الثوبُ ونَهُجَ، فَهُوَ نَهِجٌ، وأَنهَجَ: بَلِيَ وَلَمْ يَتَشَقَّقْ؛ وأَنْهَجَه البِلى، فَهُوَ مُنْهَجٌ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: أَنْهَجَ فِيهِ البِلى: اسْتَطار؛ وأَنشد:
كالثوبِ أَنْهَجَ فِيهِ البِلى، ... أَعْيا عَلَى ذِي الحِيلَةِ الصانِع «3»
وَلَا يُقَالُ: نَهَجَ الثوبُ، وَلَكِنْ نَهِجَ. وأَنْهَجْتُ الثوبَ، فَهُوَ مُنْهَجٌ أَي أَخْلَقْتُه. أَبو عبيد: المُنْهَج
__________
(3).
قوله [كالثوب إلخ] كذا بالأَصل. والشطر الأَول منه غير موزون ولعل الأَصل إذ أَنهج.

(2/383)


الثوبُ الَّذِي أَسرعَ فِيهِ البِلَى. الْجَوْهَرِيُّ: أَنْهَجَ الثوبُ إِذا أَخذ فِي البِلى؛ قَالَ عبدُ بَنِي الحَسْحاسِ:
فَمَا زَالَ بُرْدي طَيِّباً مِنْ ثِيابِها ... إِلى الحَوْلِ، حَتَّى أَنْهَجَ البُرْدُ بَالِيَا
وَفِي شِعْرِ مازِنٍ:
حَتَّى آذَنَ الجِسْمُ بالنَّهْجِ
وَقَدْ نَهِجَ الثوبُ والجسمُ إِذا بَليَ. وأَنْهَجَه البِلى إِذا أَخْلَقَهُ. الأَزهري: نَهِجَ الإِنسانُ والكلبُ إِذا رَبَا وانْبَهَرَ يَنْهَجُ نَهَجاً. قَالَ ابْنُ بُزُرْجَ: طَرَدْتُ الدابةَ حَتَّى نَهَجَتْ، فَهِيَ ناهِجٌ، فِي شِدَّةِ نَفَسِها، وأَنْهَجْتُها أَنا، فَهِيَ مُنْهَجَةٌ. ابْنُ شُمَيْلٍ: إِن الكلبَ لَيَنْهَجُ مِنَ الحَرِّ، وَقَدْ نَهِجَ نَهْجَةً. وَقَالَ غيرُه: نَهِجَ الفرَسُ حِينَ أَنْهَجْتُه أَي رَبا حِينَ صَيَّرتُه إِلى ذَلِكَ.
نوج: ابْنُ الأَعرابي: ناجَ يَنُوجُ إِذا رَاءَى بِعَمَلِه. والنَّوْجةُ: الزَّوْبعةُ مِنَ الرِّيَاحِ.
نينلج: النِّينَلَجُ «1»: حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي وَلَمْ يُفَسِّرْهُ؛ وأَنشد:
جاءتْ بِهِ مِنَ اسْتِها سفَنَّجا، ... سَوْداء، لَمْ تَخْطُطْ له نِينَيْلَجا

فصل الهاء
هبج: هَبَجَ يَهْبِجُ هَبْجاً: ضَرَبَ ضَرْباً مُتَتابعاً فِيهِ رَخاوةٌ، وَقِيلَ: الهَبْجُ الضَّربُ بالخَشَبِ كَمَا يُهْبَجُ الكلبُ إِذا قُتِلَ. وهَبَجَه بِالْعَصَا: ضَرَبَ مِنْهُ حَيْثُ مَا أَدْرَكَ، وَقِيلَ: هُوَ الضَّربُ عامَّةً. وهَبَجَه بِالْعَصَا هَبْجاً: مَثْلَ حَبَجَه حَبْجاً أَي ضَرَبه. والكلبُ يُهْبَجُ: يُقْتَلُ. وظَبْيٌ هَبِيجٌ: لَهُ جُدَّتانِ فِي جَنْبَيهِ بَيْنَ شَعْرِ بَطْنِه وظهرهِ، كأَنه قَدْ أُصيبَ هُنَالِكَ. وهَبِجَ وَجهُ الرجلِ، فَهُوَ هَبِجٌ: انتفَخَ وتقبَّضَ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبل:
لَا سافِرُ النَّيِّ مَدْخولٌ وَلَا هَبِجٌ، ... عارِي العِظامِ، عَلَيْهِ الوَدْعُ منظومُ «2»
وتَهَبَّجَ كَهَبِجَ. الْجَوْهَرِيُّ: الهَبَجُ كالوَرَمِ، يَكُونُ فِي ضرعِ الناقةِ، تَقُولُ: هَبَّجَه تَهْبيجاً فَتَهَبَّجَ أَي وَرَّمَه فَتَوَرَّمَ. والهَبَجُ فِي الضَّرْعِ: أَهْوَنُ الوَرَمِ، قَالَ: والتَّهْبِيجُ شِبْهُ الوَرَمِ فِي الجسدِ، يُقَالُ: أَصبَحَ فلانٌ مُهَبَّجاً أَي مُوَرَّماً. ورجلٌ مُهَبَّجٌ: ثقيلُ النَّفْس. والهَوْبَجَةُ: الأَرضُ المُرتفِعةُ فِيهَا حَصًى، وَقِيلَ: هُوَ الْمَوْضِعُ الْمُطْمَئِنُّ مِنَ الأَرض. وأَصَبْنا هَوْبَجَةً مِنْ رِمْثٍ إِذا كَانَ كَثِيرًا فِي بَطنِ وادٍ. الأَزهري: الهَوْبجةُ بطنٌ مِنَ الأَرض؛ قَالَ: وَلَمَّا أَراد أَبو مُوسَى حَفْرَ رَكَايَا الحَفَرِ، قَالَ: دُلُّوني عَلَى مَوضع بئرٍ يُقْطَعُ بِهِ هَذِهِ الفلاةُ، قَالُوا: هَوْبَجَةٌ تُنْبِتُ الأَرْطَى بَيْنَ فَلْجٍ وفُلَيجٍ، فَحَفَرَ الحَفَرَ، وَهُوَ حَفَرُ أَبي مُوسَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَصْرَةِ خَمْسَةُ أَميالٍ «3». الهَوْبَجَةُ: بَطنٌ مِنَ الأَرضِ مُطمئنّ، وَقَالَ النَّضْرُ: الهَوْبَجَةُ أَن يُحْفَرَ فِي مناقِع الماءِ ثِمادٌ يُسيلُونَ
__________
(1).
قوله [النينلج] هكذا في الأَصل مضبوطاً، وبهامشه ما نصه: الصواب النيلنج، بالكسر: وَهُوَ دُخَانُ الشَّحْمِ يُعَالَجُ به الوشم ليخضر؛ قال المجد: كتبه محمد مرتضى والذي في البيت نينيلجا.
(2).
قوله [لا سافر الني إلخ] كذا بالأَصل هنا. وأنشده شارح القاموس في مادة سفر هكذا: لَا سَافِرُ اللَّحْمِ مَدْخُولٌ وَلَا هَبِجٌ كَاسِي الْعِظَامِ لطيف الكشح مهضوم
(3).
قوله [خمسة أميال] في ياقوت خمس ليال.

(2/384)


إِليها الماءَ فَتَمْتَلئُ، فيَشْربون مِنْهَا وتَعِينُ تِلْكَ الثِّمادُ إِذا جُعِلَ فِيهَا الماءُ.
هبرج: الهَبْرَجُ: الثَّوْرُ، وَهُوَ أَيضاً المُسِنُّ مِنَ الظِّباءِ. والهَبْرَجَةُ: اختلاطٌ فِي الْمَشْيِ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ «1»:
يَتْبَعْنَ ذَيَّالًا مُوشًّى هَبْرَجا
الهَبْرَجُ والمُوَشَّى واحدٌ؛ قَالَ أَبو نَصْرٍ: سأَلت الأَصمعي مَرَّةً: أَي شيءٍ هَبْرَجٌ؟ قَالَ: يُخَلِّطُ فِي مَشْيه. الأَصمعي أَيضاً: الهَبْرَجُ المُخْتالُ الذيَّالُ، الطويلُ الذَّنَبِ.
هجج: اللِّيْثُ: هجَّجَ البعيرُ يُهَجِّجُ إِذا غارَتْ عَيْنُه فِي رأْسِه مِنْ جُوعٍ أَو عَطشٍ أَو إِعْياءٍ غَيْرَ خِلْقةٍ؛ قَالَ:
إِذا حِجَاجا مُقْلَتَيْها هَجَّجا
الأَصمعي: هَجَّجَتْ عَينُه: غارَتْ؛ وَقَالَ الْكُمَيْتُ:
كأَنَّ عُيُونَهُنَّ مُهَجِّجات، ... إِذا راحَتْ مِنَ الأُصُلِ الحَرُور
وعَينٌ هاجَّةٌ أَي غائرةٌ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَما قولُ ابْنةِ الخُسِّ حِينَ قيلَ لَهَا: بِمَ تَعْرِفِينَ لِقاحَ ناقتِك؟ فَقَالَتْ: أَرى العينَ هَاجَ، والسنامَ رَاجٍّ، وتَمْشي فَتَفاجّ؛ فإِما أَن يكونَ عَلَى هَجَّتْ وإِن لَمْ يُستعمَلْ، وإِما أَنها قَالَتْ هَاجًّا، إِتْبَاعًا لِقَوْلِهِمْ رَاجًّا، قَالَ: وَهُمْ مِمَّنْ يَجْعلون للإِتْباع حُكْماً لَمْ يَكُنْ قَبْلَ ذَلِكَ، وَقَالَتْ: هَاجًّا، فذكَّرتْ عَلَى إِرادة العُضْوِ أَو الطَّرْفِ، وإِلَّا فَقَدَ كَانَ حُكْمُها أَن تَقُولَ هاجَةً؛ ومِثلُه قولُ الآخرِ:
والعَينُ بالإِثْمِدِ الحارِيِّ مَكْحُولُ
عَلَى أَن سِيبَوَيْهِ إِنما يَحْملُ هَذَا عَلَى الضَّرُورَةِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: ولَعَمْري إِنَّ فِي الإِتْباع أَيضاً لَضرورةً تُشْبهُ ضرورةَ الشِّعر. ورَجلٌ هَجاجَةٌ: أَحْمَقُ؛ قَالَ الْشَّاعِرُ:
هَجَاجةٌ مُنْتَخَبُ الفُؤَادِ، ... كأَنَّه نَعامةٌ فِي وادِي
شَمِرٌ: هَجَاجَةٌ أَي أَحَمَقُ، وَهُوَ الَّذِي يَسْتَهِجُّ عَلَى الرأْي، ثُمَّ يَرْكَبُه، غَوِيَ أَم رَشِدَ، واستهاجُه: أَن لَا يُؤَامِرَ أَحداً ويَرْكَبَ رأْيه؛ وأَنشد:
مَا كَانَ يَرْوِي فِي الأُمورِ صَنِيعَةً، ... أَزمانَ يَرْكَبُ فيكَ أُمَّ هَجَاجِ
والهَجاجةُ: الهَبْوَةُ الَّتِي تَدْفِنُ كلَّ شيءٍ بالترابِ، والعَجاجةُ: مِثلُها. وركِبَ فلانٌ هَجاجَ، غيرَ مُجْرًى، وهَجاجِ، مَبنيّاً عَلَى الْكَسْرِ مِثْلَ قَطامِ: ركِبَ رأْسَه؛ قَالَ المُتَمَرِّس بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الصُّحاريُّ:
وأَشْوَس ظَالِمٌ أَوْجَيْتُ عنِّي، ... فأَبْصَرَ قَصْدَه بَعْدَ اعْوِجاجِ
تَرَكْتُ بِهِ نُدُوباً باقِياتٍ، ... وبايَعَني عَلَى سِلْمٍ دُماجِ
فَلَا يَدَعُ اللِّئامُ سبيلَ غَيٍّ، ... وَقَدْ رَكِبُوا، عَلَى لَوْمي، هَجاجِ
قَوْلُهُ: أَوْجَيْت أَي مَنَعْت وكَفَفْت. والنُّدُوب: الآثارُ، واحدُها نَدْبٌ. والدُّماجُ، بِضَمِّ الدَّالِ: الصُّلْحُ الَّذِي يُرادُ بِهِ قطْعُ الشَّرِّ. وهَجَاجَيْك هاهنا وهاهنا أَي كُفّ. اللِّحْيَانِيُّ: يُقَالُ
__________
(1).
قوله [قال العجاج إلخ] عبارة القاموس وشرحه. والهبرج: الموشى من الثياب. قال العجاج إلخ.

(2/385)


للأَسدِ والذِّئب وَغَيْرِهِمَا، فِي التَّسْكِينِ: هَجَاجَيْكَ وهَذَاذَيْكَ، عَلَى تَقْدِيرِ الْاثْنَيْنِ؛ الأَصمعي: تَقُولُ لِلنَّاسِ إِذا أَرَدْتَ أَن يَكُفُّوا عَنِ الشَّيْءِ: هَجَاجَيْكَ وهَذَاذَيْكَ. شَمِرٌ: النَّاسُ هَجاجَيْكَ ودَوَالَيْكَ أَي حَوَالَيْكَ؛ قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: قولُ شَمِرٍ النَّاسُ هُجَاجيك فِي مَعْنَى دَوَالَيْكَ باطلٌ، وَقَوْلُهُ مَعْنَى دَوَالَيْكَ أَي حَوَالَيْكَ كَذَلِكَ باطلٌ؛ بَلْ دَوَالَيْكَ فِي مَعْنَى التَّداوُل، وحَوَالَيْكَ تثنيةُ حَوْلك. تَقُولُ: النَّاسُ حَوْلَكَ وَحَوْلَيْكَ وَحَوَالَيْكَ؛ قَالَ: فأَما رَكِبُوا فِي أَمرهم هَجاجَهم أَي رأْيهم الَّذِي لَمْ يُرَوُّوا فِيهِ. وهَجاجَيْهم تَثْنِيَةٌ. قال الأَزهري: أُرى أَن أَبا الْهَيْثَمِ نَظَرَ فِي خَطِّ بَعْضِ مَنْ كَتَبَ عَنْ شَمِرٍ مَا لَمْ يَضبِطْه، وَالَّذِي يُشْبِهُ أَن شَمِرًا قَالَ: هَجاجَيْك مِثْلُ دَوَالَيْك وحَوالَيْك، أَراد أَنه مِثْلُهُ فِي التَّثْنِيَةِ لَا فِي الْمَعْنَى. وهَجِيجُ النَّارِ: أَجِيجُها، مُثْلَ هَراقَ وأَراقَ. وهَجَّتِ النارُ تَهُجُّ هَجّاً وهَجِيجاً إِذا اتَّقَدَتْ وسمعتَ صوتَ اسْتِعَارِهَا. وهَجَّجَها هُوَ، وهَجَّ البيتَ يَهُجُّه هَجّاً: هَدَمه؛ قَالَ:
أَلا مَنْ لِقَبْرٍ لَا تَزَالُ تَهُجُّه ... شَمالٌ، ومِسْيافُ العَشِيِّ جَنُوبُ؟
ابْنُ الأَعرابي: الهُجُجُ الغُدْران. والهَجِيجُ: الخَطُّ فِي الأَرض؛ قَالَ كُراع: هُوَ الْخَطُّ الَّذِي يَخُطُّ فِي الأَرض لِلْكَهَانَةِ، وَجَمْعُهُ هُجَّانٌ؛ قَالَ بَعْضُهُمْ: أَصابنا مَطَرٌ سَالَتْ مِنْهُ الهُجَّان؛ وَقِيلَ: الهَجِيجُ الشَّقُّ الصَّغِيرُ فِي الْجَبَلِ، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ. ووادٍ هَجِيجٌ وإِهْجِيجٌ: عَمِيقٌ، يَمَانِيَةٌ، فَهُوَ عَلَى هَذَا صِفَةٌ. وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: الهَجِيجُ والإِهْجِيجُ وادٍ عَمِيقٌ، فكأَنه عَلَى هَذَا اسْمٌ. وهَجْهَجَ الرجلَ: رَدَّه عَنْ كُلِّ شَيْءٍ. وَالْبَعِيرُ يُهاجُّ فِي هَدِيرِهِ. يُرَدِّدُهُ. وَفَحْلٌ هَجْهاجٌ، فِي حِكَايَةِ شدَّة هَدِيرِهِ، وهَجْهَجَ الفحلُ فِي هَدِيرِهِ. وهَجْهَجَ السبُعَ، وهَجْهَجَ بِهِ: صَاحَ بِهِ وَزَجَرَهُ ليَكُفَّ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
أَو ذُو زَوائِدَ لَا يُطافُ بأَرضِه، ... يَغْشَى المُهَجْهِجَ كالذَّنُوبِ المُرْسَلِ
يَعْنِي الأَسد يُغْشَى مُهَجْهِجاً بِهِ فَيَنْصَبُّ عَلَيْهِ مُسرعاً فَيَفْتَرِسُهُ. اللِّيْثُ: الهَجْهَجةُ حِكَايَةُ صَوْتِ الرَّجُلِ إِذا صَاحَ بالأَسد. الأَصمعي: هَجْهَجْتُ بِالسَّبُعِ وهَرَّجْتُ بِهِ، كِلَاهُمَا إِذا صِحْتَ بِهِ؛ وَيُقَالُ لِزَاجِرِ الأَسد: مُهَجْهِجٌ ومُهَجْهِجةٌ. وهَجْهَجَ بِالنَّاقَةِ وَالْجَمَلِ: زَجَرَهُمَا، فَقَالَ لَهُمَا: هِيجْ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
أَمْرَقْتُ مِنْ جَوْزِه أَعْناقَ ناجِيَةٍ ... تَنْجُو، إِذا قَالَ حادِيها لَهَا: هِيجِ
قَالَ: إِذا حَكَوْا ضاعَفوا هَجْهجَ كَمَا يضاعفونَ الوَلْوَلَةَ مِنَ الوَيل، فَيَقُولُونَ وَلْوَلَتِ المرأَةُ إِذا أَكثرت مِنْ قَوْلِ الوَيْل. غَيْرُهُ: هَجْ فِي زَجْرِ النَّاقَةِ؛ قَالَ جَنْدل:
فَرَّجَ عَنْهَا حَلَقَ الرَّتائِجِ ... تَكَفُّحُ السَّمائِم الأَواجِجِ،
وقِيلُ: عاجٍ؛ وأَيا أَياهِجِ
فَكَسَرَ الْقَافِيَةَ. وإِذا حَكَيْتَ قُلْتَ: هَجْهَجْتُ بِالنَّاقَةِ. الْجَوْهَرِيُّ: هَجْهَجَ زجرٌ لِلْغَنَمِ، مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ «1»؛ قَالَ الرَّاعِي وَاسْمُهُ عُبيد بْنُ الحُصَين يَهْجُو عَاصِمَ بْنَ قَيْسٍ النُّمَيريّ ولَقَبُه الحَلالُ:
وعَيَّرَني، تِلكَ، الحَلالُ، وَلَمْ يَكُنْ ... ليَجعَلَها لابن الخَبيثةِ خالِقُهْ
__________
(1).
قوله [مبني على الفتح إلخ] قال المجد مبني على السكون، وغلط الجوهري في بنائه على الفتح، وإِنما حركه الشاعر للضرورة انتهى.

(2/386)


وَلَكِنَّمَا أَجْدَى وأَمتَعَ جَدُّه ... بِفِرْقٍ يُخَشِّيهِ، بِهَجْهَجَ، ناعِقُه
وَكَانَ الحَلالُ قَدْ مَرَّ بإِبل لِلرَّاعِي فعَيَّره بِهَا، فَقَالَ فِيهِ هَذَا الشِّعْرَ. والفِرْق: الْقَطِيعُ مِنَ الْغَنَمِ. ويخشِّيه: يفزِعه. وَالنَّاعِقُ: الرَّاعِي؛ يُرِيدُ أَن الحَلالَ صَاحِبُ غَنَمٍ لَا صَاحِبُ إِبل، وَمِنْهَا أَثْرَى، وأَمتَع جَدُّه بِالْغَنَمِ وَلَيْسَ لَهُ سِوَاهَا، يَقُولُ لَهُ: فلِمَ تُعَيِّرُني إِبلي، وأَنت لَمْ تَمْلِكْ إِلَّا قَطِيعًا مِنْ غَنَمٍ؟ اللِّحْيَانِيُّ: مَاءٌ هُجَهِجٌ لَا عَذْب وَلَا مِلْحٌ. وَيُقَالُ: ماءُ زَمْزَمَ هُجَهِجٌ. والهَجْهَجَةُ: صوتُ الكُرْدِ عِنْدَ الْقِتَالِ. وظَلِيمٌ هَجْهاجٌ وهُجاهِجٌ: كَثِيرُ الصَّوْتِ، والهَجْهاجُ: النَّفور، وَهُوَ أَيضاً الْجَافِي الأَحمق. والهَجْهاجُ أَيضاً: المُسِنُّ. والهَجْهاجُ والهَجْهاجَةُ: الْكَثِيرُ الشَّرِ الْخَفِيفُ الْعَقْلِ. أَبو زَيْدٍ: رَجُلٌ هَجْهاجةٌ، وَهُوَ الَّذِي لَا عَقْلَ لَهُ وَلَا رأْي. وَرَجُلٌ هَجْهاج: طَوِيلٌ، وَكَذَلِكَ الْبَعِيرُ: قَالَ حُمَيد بْنُ ثَوْرٍ:
بَعِيدُ العَجْبِ، حينَ تَرى قَراهُ ... مِنَ العِرْنِينِ، هَجْهاجٌ جُلالُ
وَيَوْمٌ هَجْهاج: كَثِيرُ الرِّيحِ شَدِيدُ الصَّوْتِ؛ يَعْنِي الصَّوْتَ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ عَنِ الرِّيحِ. والهَجْهَجُ: الأَرض الجَدْبَةُ الَّتِي لَا نباتَ بِهَا، وَالْجَمْعُ هَجاهج؛ قَالَ:
فجِئتُ كالعَوْدِ النَّزِيعِ الهادِجِ، ... قُيِّدَ فِي أَرامِل العَرافِجِ،
فِي أَرضِ سَوْءٍ جَدْبَةٍ هَجاهِجِ
جَمْعٌ عَلَى إِرادة الْمَوَاضِعِ. وهَجْ هَجْ، وهَجٍ هَجٍ، وهَجَا هَجَا: زَجْرٌ للكلبِ، وأَورد الأَزهري هَذِهِ الْكَلِمَاتِ، قَالَ: يُقَالُ للأَسد وَالذِّئْبِ وَغَيْرِهِمَا فِي التَّسْكِينِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ يُقَالُ هَجَا هَجَا للإِبل؛ قَالَ هِمْيان:
تَسْمَعُ للأَعْبُدِ زجْراً نافِجَا، ... من قِيلِهم: أَيا هَجا أَيا هَجا
قَالَ الأَزهري: وإِن شِئْتَ قُلْتَهُمَا مَرَّةً وَاحِدَةً؛ وَقَالَ الْشَّاعِرُ:
سَفَرَتْ فقلتُ لَهَا: هَجٍ فتَبَرْقَعَتْ، ... فذَكَرْتُ، حِينَ تَبَرْقَعَتْ ضَبَّارا «1»
وضَبَّار: اسْمُ كَلْبٍ، وَرَوَاهُ اللِّحْيَانِيُّ: هَجِي. الأَزهري: وَيُقَالُ فِي مَعْنَى هَجْ هَجْ: جَهْ جَهْ، عَلَى الْقَلْبِ. وَيُقَالُ: سَيْرٌ هَجَاجٌ: شَدِيدٌ؛ قَالَ مُزاحمٌ العُقَيْلِيُّ:
وتَحْتي مِنْ بَناتِ العِيدِ نِضْوٌ، ... أَضَرَّ بنِيِّه سَيْرٌ هَجاجُ
الْجَوْهَرِيُّ: هَجْ، مُخَفَّفٌ، زَجْرٌ لِلْكَلْبِ يسكَّن وَيُنَوَّنُ كَمَا يُقَالُ: بَخْ وبَخٍ، وَوَجَدْتُ فِي حَوَاشِي بَعْضِ نُسَخِ الصِّحَاحِ: المُسْتَهِجُّ الَّذِي يَنْطِقُ فِي كُلِّ حَقٍّ وَبَاطِلٍ.
هدج: الهَدْجُ والهَدَجانُ: مَشيٌ رُوَيْدٌ فِي ضَعْفٍ. والهَدَجانُ: مِشيَةُ الشَّيْخِ وَنَحْوُ ذَلِكَ. وهَدَجَ الشيخُ فِي مِشْيته يَهْدِجُ هَدْجاً وهَدَجاناً
__________
(1).
قوله [ضبارا] قال شارح القاموس كذا وجدته بخط أَبي زكريا. ومثله بخط الأَزهري. وأَورده أَيضاً ابْنُ دُرَيْدٍ فِي الْجَمْهَرَةِ، وَكَذَلِكَ هُوَ فِي كِتَابِ المعاني، غير أن في نسخة الصحاح هبارا بالهاء انتهى. وقد استشهد الجوهري بالبيت في هـ ب ر على أن الهبار القرد الكثير الشعر، لا على أنه اسم كلب، وتبعه صاحب اللسان هناك. قال الشارح قال الصاغاني: والرواية ضبارا، بالضاد المعجمة، وهو اسم كلب، والبيت للحارث بن الخزرج الخفاجي وبعده:
وتزينت لتروعني بجمالها ... فكأنما كسي الحمار خمارا
فخرجت أعثر في قوادم جُبَّتِي ... لَوْلَا الْحَيَاءُ أَطَرْتُهَا إحضارا

(2/387)


وهِداجاً: قارَبَ الخَطْوَ وأَسرع مِنْ غَيْرِ إِرادة؛ قَالَ الحُطَيْئة:
ويأْخُذُه الهُداجُ، إِذا هَداه ... ولِيدُ الحَيِّ، فِي يَدِه الرِّداءُ
وَقَالَ الأَصمعي: الهَدَجانُ مُداركة الخَطْو، وأَنشد:
هَدَجاناً لَمْ يَكُنْ مِنْ مِشْيَتي، ... هَدَجانَ الرَّأْلِ خَلْفَ الهَيْقَتِ
أَراد الْهَيْقَةَ فصيَّر هاءَ التأْنيث تَاءً فِي الْمُرُورِ عَلَيْهَا:
مُزَوْزِياً لمَّا رَآهَا زَوْزَتِ «2»
وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: هَدَجَ إِذا اضْطَرَبَ مَشْيُه مِنَ الكِبَر، وَهُوَ الهُداجُ. وَفِي حَدِيثِ
عليٍّ: إِلى أَنِ ابْتَهَج بِهَا الصَّغِيرُ وهَدَج إِليها الْكَبِيرُ.
الهَدَجان، بِالتَّحْرِيكِ: مِشْية الشَّيْخِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
فإِذا هُوَ شَيْخٌ يَهْدِجُ.
وقِدْرٌ هَدُوجٌ: سَرِيعَةُ الغَلَيان. وهَدَج الظَّلِيمُ يَهْدِجُ هَدَجاناً واسْتَهْدَجَ، وَهُوَ مَشْيٌ وسَعْيٌ وَعَدْوٌ، كُلُّ ذَلِكَ إِذا كَانَ فِي ارْتِعَاشٍ، فَهُوَ هَدَّاجٌ وهَدَجْدَجٌ؛ وأَنشد:
والمُعْصِفاتِ لَا يَزَلْنَ هُدَّجا
وَقَالَ الْعَجَّاجُ يَصِفُ الظَّلِيمَ:
أَصَكَّ نَغْضاً لَا يَني مُسْتَهْدَجا «3»
وَيُرْوَى: مُسْتَهدِجا، أَي عَجْلانَ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: مُسْتَهْدِجا أَي مُسْتَعْجِلًا أَي أُفْزِعَ فَمَرَّ. والهَدَجْدَجُ: الظَّلِيمُ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لَهدَجانِه فِي مَشْيِهِ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
لِهَدَجْدَجٍ جَرِبٍ مَساعِرُه، ... قَدْ عادَها شَهْرًا إِلى شَهْرِ
وإِنما قَالَ جَرِب، لأَن ذَلِكَ الْمَوْضِعَ مِنَ النَّعَامِ لَا رِيشَ عَلَيْهِ. وهَدَجتِ الناقةُ وتَهَدَّجت: حَنَّتْ عَلَى وَلَدِهَا، وَهِيَ نَاقَةٌ مِهْداجٌ، وَالْاسْمُ الهَدَجةُ، وَكَذَلِكَ الرِّيحُ الَّتِي لَهَا حَنِينٌ. وهَدَجَتِ الريحُ هَدْجاً أَي حَنَّت وَصَوَّتَتْ؛ وَرِيحٌ مِهْداج. وَيُقَالُ لِلرِّيحِ الحَنُونِ: لَهَا هَدَجةٌ مِهْداجٌ؛ قَالَ أَبو وَجْزَة السَّعْدي يَصِفُ حُمُرَ الْوَحْشِ:
مَا زِلْنَ يَنْسُبْنَ وَهْناً كلَّ صادِقةٍ، ... باتتْ تُباشِرُ عُرْماً غيرَ أَزواجِ
حَتَّى سَلَكْنَ الشَّوى منهنَّ فِي مَسَكٍ، ... مِنْ نَسْلِ جَوَّابَةِ الآفاقِ مِهْداجِ
لأَن الرِّيحَ تَسْتَدِرُّ السحابَ وتُلْقِحُه فيُمْطِر، فَالْمَاءُ مِنْ نَسْلِهَا. وَقَالَ يَعْقُوبُ: المِهْداجُ هُنَا مِنَ الهَدَجةِ، وَهُوَ حَنِينِ النَّاقَةِ عَلَى وَلَدِهَا. والمَسَكُ: الأَسْوِرَةُ مِنَ الذَّبْلِ، شَبَّه بِهَا الشَّعَر الَّذِي فِي قَوَائِمِ الحُمُر. وَقَوْلُهُ: مِنْ نَسْلِ جَوَّابة الْآفَاقِ؛ يُرِيدُ الرِّيحَ. يَعْنِي أَن الْمَاءَ مِنْ نَسْلِ الرِّيحِ لأَنها الْجَالِبَةُ لَهُ حِينَ يَعْصُر السحابَ الريحُ، وَهَذَا وَصْفُ الْحُمُرِ لَمَّا أَتت فِي طلابِ الْمَاءِ لَيْلًا، وأَنها أَثارت القَطا فصاحَتْ: قَطَا قَطَا، فَجَعَلَهَا صَادِقَةً لِكَوْنِهَا خَبَّرَتْ بِاسْمِهَا كَمَا يُقَالُ: أَصدقُ مِنَ القَطا. وَقَوْلُهُ: تُبَاشِرُ عُرْماً؛ عَنَى بِهِ بيضَها. والأَعْرَمُ: الَّذِي فِيهِ نُقَطُ بَيَاضٍ وَنُقَطُ سَوَادٍ، وَكَذَلِكَ بَيْضُ القَطا. وَقَوْلُهُ: غَيْرَ أَزواج؛ يُرِيدُ أَن بَيْضَ الْقَطَا أَفراد وَلَا يَكُونُ أَزواجاً. والهَدَجةُ: رَزَمةُ النَّاقَةِ وحَنِينُها عَلَى وَلَدِهَا. وناقة
__________
(2).
قوله [مزوزياً إلخ] هكذا هو في الأَصل، وإن صحت روايته هكذا ففيه خرم.
(3).
قوله [أَصك إلخ] ويروى أسك بالسين المهملة وصدره: واستبدلت رسومه سفنجا كما أنشده المؤلف في نغض.

(2/388)


هَدُوجٌ ومِهْداجٌ. وتَهَدُّجُ الصَّوْتِ: تَقَطُّعه فِي ارْتِعَاشٍ. والتَّهَدُّج: تَقَطُّعُ الصَّوْتِ. وتَهَدَّجوا عَلَيْهِ وتَثانَوا عَلَيْهِ: أَظهروا أَلطافه. وهَدَّاجٌ: اسْمُ قَائِدِ الأَعشى. والهَوْدَجُ: مِن مَراكب النِّسَاءِ مُقَبَّبٌ وَغَيْرُ مُقَبَّب، وَفِي الْمُحْكَمِ: يُصْنَعُ مِنَ العِصِيِّ ثُمَّ يُجْعَلُ فَوْقَهُ الْخَشَبُ فيُقَبَّبُ. وهَدَّجتِ الناقةُ: ارْتَفَعَ سَنامُها وضَخُمَ فَصَارَ عَلَيْهَا مِنْهُ شِبْهُ الهَوْدَج. وَبَنُو هَدَّاجٍ: حَيٌّ. وهَدَّاجٌ: اسْمُ رَبِيعَةَ بْنِ صَيْدَح. وهَدَّاج: اسْمُ فَرَسِ رَبِيعَةَ بْنِ صَيْدَحٍ. وهَدَّاج: اسْمُ فَرَسٍ كَانَ لِبَاهِلَةَ؛ وأَنشد الأَصمعي لِلْحَارِثِيَّةِ تَرْثِي مَنْ قُتل مِنْ قَوْمِهَا فِي يَوْمٍ كَانَ لِبَاهِلَةَ عَلَى بَنِي الْحَرْثِ ومُرادٍ وخَثْعَم:
شَقِيقٌ وحَرْمِيٌّ أَراقا دِماءَنا، ... وفارِسُ هَدَّاجٍ أَشابَ النَّواصِيا
أَرادت بِشَقِيقٍ وحَرْمِيٍّ شقيقَ بنَ جَزْءِ بْنِ رِياحٍ الباهِليَّ وحَرْمِيَّ بْنَ ضَمْرة النَّهْشَليَّ.
هرج: الهَرْجُ: الِاخْتِلَاطُ؛ هَرَجَ النَّاسُ يَهْرِجُون، بِالْكَسْرِ، هَرْجاً مِنَ الِاخْتِلَاطِ أَي اخْتَلَطُوا. وأَصل الهَرْج: الْكَثْرَةُ فِي الْمَشْيِ والاتساعُ. والهَرْجُ: الْفِتْنَةُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ. والهَرْجُ: شدَّة الْقَتْلِ وَكَثْرَتُهُ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ هَرْج
أَي قِتَالٌ وَاخْتِلَاطٌ؛ وَرُوِيَ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ قَيْسِ الأَشعري أَنه قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: أَتعلم الْأَيْامَ الَّتِي ذَكَرَ رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِيهَا الهَرْجَ؟ قَالَ: نَعَمْ، تَكُونُ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ، يُرْفَعُ الْعِلْمُ وَيَنْزِلُ الْجَهْلُ وَيَكُونُ الهَرْجُ
، قَالَ أَبو مُوسَى: الهَرْجُ بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ الْقَتْلُ. وَفِي حَدِيثِ أَشراط السَّاعَةِ:
يَكُونُ كَذَا وَكَذَا ويكثُر الهَرْجُ، قِيلَ: وَمَا الهَرْجُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الْقَتْلُ
؛ وَقَالَ ابنُ قَيْس الرُّقَيَّاتِ أَيامَ فِتْنَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ:
ليتَ شِعْري أَأَوّلُ الهَرْجِ هَذَا، ... أَم زمانٌ مِنْ فتنةٍ غيرِ هَرْجِ؟
يَعْنِي أَأَوّل الْهَرْجِ الْمَذْكُورِ فِي الْحَدِيثِ هَذَا، أَم زَمَانٌ مِنْ فِتْنَةٍ سِوَى ذَلِكَ الْهَرْجِ؟ اللِّيْثُ: الهَرْج الْقِتَالُ وَالِاخْتِلَاطُ، وأَصلُ الهَرْج الكثرةُ فِي الشَّيْءِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ فِي الْجِمَاعِ: بَاتَ يَهْرِجُها ليلتَه جَمْعاء. والهَرْجُ: كَثْرَةُ النِّكَاحِ. وَقَدْ هَرَجَها يَهْرُجُها ويَهْرِجها هَرْجاً إِذا نَكَحَهَا. وَفِي حَدِيثِ صِفَةِ أَهل الْجَنَّةِ:
إِنما هُمْ هَرْجاً مَرْجاً
؛ الهَرْجُ: كَثْرَةُ النِّكَاحِ. وَمِنْهُ حَدِيثُ
أَبي الدَّرْدَاءِ: يَتهارَجُون تهارُجَ الْبَهَائِمِ
أَي يَتَسَافَدُونَ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا خَرَّجه أَبو مُوسَى وشَرَحَه وأَخرجه الزَّمَخْشَرِيُّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَقَالَ: أَي يَتَساوَرُونَ. والتَّهارُج: التَّنَاكُحُ والتسافُدُ. والهَرْجُ: كَثْرَةُ الْكَذِبِ وَكَثْرَةُ النَّوْمِ. وهَرَج القومُ يَهْرِجُون فِي الْحَدِيثِ إِذا أَفْضَوا بِهِ فأَكثروا. وهَرَج النومَ يَهْرِجُه: أَكثره؛ قَالَ:
وحَوْقَلٍ سِرْنا بِهِ وَنَامَا، ... فَمَا دَرى إِذ يَهْرِجُ الأَحْلاما،
أَيَمَناً سِرْنا بِهِ أَمْ شَاما؟
والهَرْج: شَيْءٌ تَرَاهُ فِي النَّوْمِ وَلَيْسَ بِصَادِقٍ. وهَرَجَ يَهْرِجُ هَرْجاً: لَمْ يُوقِنْ بالأَمر. وهَرِجَ الرجلُ: أَخذه البُهْرُ مِنْ حَرٍّ أَو مَشْي. وهَرِجَ الْبَعِيرُ، بِالْكَسْرِ، يَهْرَجُ هَرَجاً: سَدِرَ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ وَكَثْرَةِ الطلاءِ بالقَطِرانِ وثِقَلِ الحِمْل؛ قَالَ الْعَجَّاجُ يَصِفُ الْحِمَارَ والأَتان:
ورَهِبَا مِنْ حَنْذِه أَن يَهْرَجا

(2/389)


وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: لأَكونَنَّ فِيهَا مثلَ الجَمَل الرَّداح يُحْمَلُ عَلَيْهِ الحِمْلُ الثقيلُ فَيَهْرَجُ فَيَبْرُك، وَلَا يَنْبَعِثُ حَتَّى يُنْحَر
أَي يَتَحَيَّرُ ويَسْدَرُ. وَقَدْ أَهْرَجَ بعيرُه إِذا وَصَلَ الْحَرُّ إِلى جَوْفِهِ. وَرَجُلٌ مُهْرِجٌ إِذا أَصاب إِبلَه الجرَبُ، فَطُلِيَتْ بِالْقَطِرَانِ فَوَصَلَ الحرُّ إِلى جَوْفِهَا؛ وأَنشد:
عَلَى نَارِ جِنٍّ يَصْطَلُونَ كأَنها ... طَلَاهَا «1» بِالْغِيبَةِ مُهْرِجُ
قَالَ الأَزهري: رأَيت بَعِيرًا أَجرب هُنِئَ بالخضْخاضِ فَهَرَجَ وَمَاتَ. الأَصمعي: يُقَالُ هَرَّجَ بعيرَه إِذا حَمَلَ عَلَيْهِ فِي السَّيْرِ فِي الْهَاجِرَةِ. وهَرَّجَ بِالسَّبْعِ: صَاحَ بِهِ وَزَجَرَهُ؛ قَالَ رؤْبة:
هَرَّجْتُ فارْتَدَّ ارْتِدادَ الأَكْمَهِ، ... فِي غائلاتِ الحائِر المُتَهْتِهِ
قَالَ شَمِرٌ: المُتَهْتِهُ الَّذِي تَهْتَهَ فِي الْبَاطِلِ أَي تَرَدَّد فِيهِ. وَيُقَالُ للفَرَس: مَرَّ يَهْرِجُ وإِنه لَمِهْرَجٌ وهَرَّاج إِذا كَانَ كَثِيرَ الْجَرْيِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: فَذَلِكَ حِينَ استَهْرَجَ لَهُ الرأْيُ
أَي قَوِيَ وَاتَّسَعَ. وهَرَجَ الفرسُ يَهْرِجُ هَرْجاً، وَهُوَ مِهْراجٌ، وَهُوَ مِهْرَجٌ وهَرَّاجٌ إِذا اشْتَدَّ عَدْوُه؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
غَمْرَ الأَجارِيِّ مِسَحّاً مِهْرَجا
وَقَالَ الْآخَرُ:
مِنْ كلِّ هَرَّاجٍ نَبِيلٍ مَحْزِمُه
التَّهْذِيبِ: ابْنُ مُقْبل يَصِفُ فَرَسًا:
هَرْج الوَليدِ بخَيْطٍ مُبْرَمٍ خَلَقٍ، ... بينَ الرَّواجِبِ، فِي عُودٍ مِنَ العُشَرِ
قَالَ: شَبَّهَهُ بخُذْرُوف الْوَلِيدِ فِي دُرُورِ عَدْوِه. وهَرَّجْتُ الْبَعِيرَ تَهْريجاً وأَهْرَجْتُه أَيضاً إِذا حَمَلْتُ عَلَيْهِ فِي السَّيْرِ فِي الْهَاجِرَةِ حَتَّى سَدِرَ. وهَرَّجَ النبيذُ فُلَانًا إِذا بَلَغَ مِنْهُ فانْهَرَجَ وانْهَكَّ. وَقَالَ خَالِدُ بْنُ جَنْبَةَ: بابٌ مَهْرُوجٌ، وَهُوَ الَّذِي لَا يُسَدُّ يَدْخُلُهُ الْخَلْقُ، وَقَدْ هَرَجَه الإِنسان يَهْرِجُه أَي تَرَكَهُ مَفْتُوحًا. والهِرْجُ: الضَّعِيفُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ؛ قَالَ أَبو وَجْزَة:
والكَبْشُ هِرْجٌ إِذا نَبَّ العَتُودُ لَهُ، ... زَوْزَى بأَلْيَتِه للذُّلِّ، واعْتَرَفا
هردج: الهَرْدَجةُ: سرعةُ الْمَشْيِ.
هزج: الهَزَجُ: الخِفَّة وسُرعةُ وَقْعِ الْقَوَائِمِ ووضعِها. صَبِيٌّ هَزِجٌ وَفَرَسٌ هَزِجٌ؛ قَالَ النَّابِغَةُ الجَعْدي يَنْعَتُ فَرَسًا:
غَدا هَزِجاً طَرِباً قلبُه، ... لَغِبْنَ، وأَصْبَحَ لَمْ يَلْغَبِ
والهَزَجُ: الفَرَحُ. والهَزَجُ: صوتٌ مُطْرِبٌ؛ وَقِيلَ: صَوْتٌ فِيهِ بَحَحٌ؛ وَقِيلَ: صَوْتٌ دَقِيقٌ مَعَ ارْتِفَاعٍ. وكلُّ كلامٍ مُتقارِبٍ مُتدارِك: هَزَجٌ، وَالْجَمْعُ أَهزاج. والهَزَجُ: نَوْعٌ مِنْ أَعاريض الشِّعْرِ، وَهُوَ مَفَاعِيلُنْ مَفَاعِيلُنْ، عَلَى هَذَا الْبِنَاءِ كُلُّهُ أَربعة أَجزاء، سمِّي بِذَلِكَ لِتُقَارِبِ أَجزائه، وَهُوَ مُسَدَّس الأَصل، حَمْلًا عَلَى صَاحِبَيْهِ فِي الدَّائِرَةِ، وَهُمَا الرَّجَزُ وَالرَّمَلُ إِذ تَرْكِيبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنَ وَتَدٍ مَجْمُوعٍ وَسَبَبَيْنِ خَفِيفَيْنِ. وهَزَّجَ: تَغَنَّى؛ قَالَ يَزِيدُ بْنُ الأَعور الشَّيْبي:
__________
(1).
كذا بياض بالأصل.

(2/390)


كأَنَّ شَنّاً هَزَجاً، وشَنَّا ... قَعْقَعةً، مُهَزِّجٌ تَغَنَّى
وتَهَزَّج: كهَزَّجَ. والهَزَج: مِنَ الأَغانيِّ وَفِيهِ تَرَنُّم؛ وَقَدْ هَزِجَ، بِالْكَسْرِ، وتَهَزَّج؛ قَالَ الْشَّاعِرُ:
كأَنها جاريةٌ تَهَزَّجُ
وَقَالَ أَبو إِسْحَاقَ: التَّهَزُّج تردُّدُ التَّحْسِينِ فِي الصَّوْتِ؛ وَقِيلَ: التَّهَزُّج صَوْتٌ مُطَوَّل غَيْرُ رَفِيعٍ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
كأَنَّ صوتَ حَلْيِها المُناطِقِ ... تَهَزُّجُ الرياحِ بالعَشارِقِ
ورَعْدٌ مُتَهَزِّج: مُصَوِّت. وَقَدْ هَزَّجَ الصوتَ. ورَعْدٌ هَزِجٌ بِالصَّوْتِ؛ وأَنشد:
أَجَشُّ مُجَلْجِلٌ، هَزِجٌ مُلِثٌّ، ... تُكَرْكِرُه الجَنائِبُ فِي السِّدادِ
وعُودٌ هَزِجٌ، ومُغَنٍّ هَزِجٌ: يُهَزِّجُ الصوتَ تَهْزيجاً. والهَزَجُ: تَدَارَكُ الصَّوْتِ فِي خِفَّة وَسُرْعَةٍ؛ يُقَالُ: هُوَ هَزِجُ الصَّوْتِ هُزامِجُه أَي مُدارِكه. قَالَ: وَلَيْسَ الهَزَجُ مِنَ التَّرَنُّم فِي شَيْءٍ؛ وَقَالَ عَنْتَرَةَ:
وكأَنما تَنْأَى بجانِبِ دَفِّها الوَحْشِيِّ، ... مِنْ هَزِجِ العَشِيِّ، مُؤَوِّمِ
يَعْنِي ذُبَابًا لِطَيَرَانِهِ تَرَنُّمٌ، فَالنَّاقَةُ تَحْذَرُ لَسْعَهُ إِيَّاهَا. وتَهَزَّجت الْقَوْسُ إِذا صَوَّتَتْ عِنْدَ إِنْباضِ الرَّمْيِ عَنْهَا؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
لَمْ يَعِبْ رَبُّها وَلَا الناسُ مِنْهَا، ... غيرَ إِنذارها عَلَيْهِ الحَمِيرَا
بأَهازيجَ من أَغانِيِّها الجُشْشِ، ... وإِتباعِها النَّحِيبَ الزَّفِيرَا
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَدبر الشَّيْطَانُ وَلَهُ هَزَج، وَفِي رِوَايَةٍ: وَزَجٌ.
الهَزَجُ: الرَّنَّة. والوَزَجُ: دُونَهُ، وَقَدِ اسْتَعْمَلَ ابْنُ الأَعرابي الهَزَجَ فِي مَعْنَى العُواءِ؛ وأَنشد بَيْتَ عَنْتَرَةَ:
وكأَنما تنأَى بِجَانِبِ دفِّها الوحشيِّ، ... مِنْ هَزِج العشيِّ، مؤَوّمِ
هِرٍّ جَنِيبٍ، كلَّما عَطَفَتْ لَهُ ... غَضْبَى، اتَّقاها بِالْيَدَيْنِ وبالفَمِ
قَالَ: هَزِجٌ كَثِيرُ العُواء بِاللَّيْلِ، وَوَضَعَ العَشِيَّ مَوْضِعَ اللَّيْلِ لِقُرْبِهِ مِنْهُ، وأَبدل هِرًّا مِنْ هَزِجٍ؛ وَرَوَاهُ الشَّيْبَانِيُّ يَنْأَى، وهِرٌّ عِنْدَهُ رُفِعَ فَاعِلٌ لينأَى. ومَرَّ هَزيجٌ مِنَ اللَّيْلِ كهَزيعٍ. الْجَوْهَرِيُّ: الهَزَجُ صَوْتُ الرعل والذِّبَّانِ.
هزلج: الهَزَلَّجُ: الظَّلِيم السَّرِيعُ؛ وَقَدْ هَزْلَجَ هَزْلَجَةً، وَقِيلَ: كلُّ سُرْعة هَزْلَجة. والهِزْلاجُ: السَّرِيعُ. وَذِئْبٌ هِزْلاجٌ: سَرِيعٌ خَفِيفٌ؛ قَالَ جَنْدَلُ بْنُ المُثَنَّى الْحَارِثِيُّ:
يَتْرُكْنَ بالأَمالِس السَّمارِجِ ... للطَّيرِ، واللَّغاوِسِ الهَزالجِ
التَّهْذِيبِ: وأَنشَدَ الأَصمعي لهِمْيان:
تُخْرِجُ مِنْ أَفواهها هَزالِجا
قَالَ: والهَزَالِجُ السِّراعُ مِنَ الذِّئَابِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
للطيرِ واللغاوسِ الْهَزَالِجِ
وَقَوْلُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُطَيْر:
هُدْلُ المَشافِرِ، أَيْديها مُوَثَّقَةٌ، ... دُفْقٌ، وأَرجُلُها زُجٌّ هَزاليجُ

(2/391)


فَسَّرَهُ ابْنُ الأَعرابي فَقَالَ: سَرِيعَةٌ خَفِيفَةٌ. وَقَالَ كُرَاعٌ: الهِذْلاجُ السريعُ، مُشْتَقٌّ مِنَ الهَزَجِ، وَاللَّامُ زَائِدَةٌ، وَهَذَا قَوْلٌ لَا يُلتفت إِليه.
هزمج: الهَزْمَجَة: كَلَامٌ مُتَتَابِعٌ. والهَزْمَجَةُ: اخْتِلَاطُ الصَّوْتِ. وَصَوْتٌ هُزامِجٌ: مُخْتَلِطٌ؛ وأَنشد الأَصمعي:
أَزامِجاً وزَجَلًا هُزامِجا
والهُزامِجُ: أَدنى مِنَ الرُّغاء. والهُزامِجُ، بِالضَّمِّ: الصَّوْتُ المُتدارِك، بِزِيَادَةِ الميم.
هلج: الهَلْجُ: مَا لَمْ يُوقَنْ بِهِ مِنَ الأَخبار. هَلَجَ يَهْلِجُ هَلْجاً إِذا أَخبر بِمَا لَا يُؤْمَنُ بِهِ. والهَلْجُ: شيءٌ تَرَاهُ فِي نَوْمِكَ مِمَّا لَيْسَ برُؤْيا صَادِقَةٍ. والهَلْجُ: أَخفُّ النَّوْمِ. والهالِجُ: الْكَثِيرُ الأَحلام بِلَا تَحْصِيلٍ. والهُلْجُ فِي النَّوْمِ: الأَضْغاثُ. والهَلِيلِجُ والإِهْلِيلَجُ والإِهْلِيلِجَة: عِقِّيرٌ مِنَ الأَدوية مَعْرُوفٌ، وَهُوَ مُعَرَّبٌ. الْجَوْهَرِيُّ: وَلَا تَقُلْ هَلِيلِجةٌ. قَالَ الْفَرَّاءُ: وَهُوَ بِكَسْرِ اللَّامِ الأَخيرة، قَالَ: وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الإِيادي عَنْ شَمِرٍ؛ وَقِيلَ: هُوَ الإِهْلِيلَجُ، بِفَتْحِ اللَّامِ الأَخيرة؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: وَلَيْسَ فِي الْكَلَامِ إِفْعِيلِل، بِالْكَسْرِ، وَلَكِنْ إِفْعِيلَل مِثْلَ إِهْلِيلَج وإِبرِيْسَم وإِطْرِيفَل.
هلبج: الهِلْباجُ والهِلْباجةُ والهُلَبِجُ والهُلابِجُ: الأَحمق الَّذِي لَا أَحمق مِنْهُ، وَقِيلَ: هُوَ الوَخِمُ الأَحمق المائِقُ الْقَلِيلُ النَّفْعِ الأَكُولُ الشَّرُوب، زَادَ الأَزهري: الثَّقِيلُ مِنَ النَّاسِ. وَيُقَالُ للَّبن الخاثِر: هِلْباجَة أَيضاً. ولَبَنٌ هِلْباجٌ وهُلَبِجٌ: خَاثِرٌ. قَالَ خلفٌ الأَحْمَرُ: سأَلت أَعرابياً عَنِ الهِلْباجة فَقَالَ: هُوَ الأَحمقُ الضَّخمُ الفَدْمُ الأَكُولُ الَّذِي ... الَّذِي ... الَّذِي ... ، ثُمَّ جَعَلَ يَلْقَانِي بَعْدَ ذَلِكَ فَيَزِيدُ فِي التَّفْسِيرِ كلَّ مَرَّةٍ شَيْئًا، ثُمَّ قَالَ لِي بَعْدَ حِينٍ وأَراد الْخُرُوجَ: هُوَ الَّذِي جَمَعَ كلَّ شَرٍّ.
همج: هَمَجَتِ الإِبلُ مِنَ الْمَاءِ تَهْمُجُ هَمْجاً، وَهِيَ هامِجةٌ: شَرِبَتْ مِنْهُ فَاشْتَكَتْ عَنْهُ؛ وَهِيَ إِبِلٌ هَوامِجٌ. والهَمَجُ: جَمْعُ هَمَجَةٍ، وَهِيَ ذُبَابٌ صَغِيرٌ كَالْبَعُوضِ يَسْقُطُ عَلَى وُجُوهِ الْغَنَمِ والحُمُرِ وأَعينها. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ الله تعالى عنه: سُبْحَانَ مَنْ أَدْمَجَ قَوَائِمَ الذَّرَّة والهَمَجَةِ
؛ هِيَ وَاحِدَةُ الْهَمَجِ ذبابٌ صَغِيرٌ يَسْقُطُ عَلَى وُجُوهِ الإِبل وَالْغَنَمِ وَالْحَمِيرِ وأَعينها؛ وَقِيلَ: الهَمَجُ صِغَارُ الدَّوَابِّ. اللَّيْثُ: الهَمَجُ كلُّ دُودٍ يَنْفَقِئُ عَنْ ذباب أَو بَعُوض، ويقال لرُذالَة النَّاسِ: هَمَجٌ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: والهَمَجُ البَعُوضُ وَالذُّبَابُ. والهَمَجُ، فِي كَلَامِ الْعَرَبِ: أَصله الْبَعُوضُ، الْوَاحِدَةُ هَمَجة، ثُمَّ يُقَالُ لِرِذَالِ النَّاسِ: هَمَجٌ هامِجٌ؛ قَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: الهَمَجُ الْجُوعُ، وَبِهِ سمِّي الْبَعُوضُ لأَنه إِذا جَاعَ عَاشَ، وإِذا شَبِعَ مَاتَ. والهَمَجُ: الجوعُ. وهَمَجَ إِذا جَاعَ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
قَدْ هَلَكَتْ جارَتُنا مِنَ الهَمَجْ، ... وإِن تَجُعْ تأْكلْ عَتُوداً أَو بَذَجْ
والهَمَجُ: الرَّعاعُ مِنَ النَّاسِ؛ وَقِيلَ: هُمُ الأَخلاط، وَقِيلَ: هُمُ الهَمَلُ الَّذِينَ لَا نِظَامَ لَهُمْ. وَكُلُّ شَيْءٍ تُرِكَ بَعْضُهُ يَموجُ فِي بَعْضٍ، فَهُوَ هامجٌ. وَقَالُوا: هَمَجٌ هامِجٌ، فإِما أَن يَكُونَ عَلَى ذَلِكَ، وإِما أَن يَكُونَ عَلَى الْمُبَالَغَةِ؛ قَالَ الحارثُ بْنُ حِلِّزَةَ:
يَتْرُكُ مَا رَقَّحَ مِنْ عَيْشِه، ... يَعِيثُ فِيهِ هَمَجٌ هامِجُ

(2/392)


وَقَوْلُهُمْ: هَمَجٌ هامِجٌ، تَوْكِيدٌ لَهُ كَقَوْلِكَ: لَيْلٌ لائِلٌ. وَيُقَالُ للرَّعاع مِنَ النَّاسِ الحَمْقَى: إِنما هُمْ هَمَجٌ هامِج؛ وَقَوْلُ أَبي مُحْرِز المُحارِبي:
قَدْ هَلَكَتْ جَارَتُنَا مِنَ الهَمَج
قَالُوا: سُوءُ التَّدْبِيرِ فِي الْمَعَاشِ؛ وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ الله عَنْهُ: وسائرُ الناسِ هَمَجٌ رَعاعٌ
؛ شَبَّه عليٌّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، رَعاعَ النَّاسِ بِالْبَعُوضِ. والهَمَجُ: رُذالُ النَّاسِ. وَيُقَالُ لأُشابَة النَّاسِ الَّذِينَ لَا عُقُولَ لَهُمْ وَلَا مُرُوءَةَ: هَمَجٌ هَامِجٌ. وقومٌ هَمَجٌ: لَا خَيْرَ فِيهِمْ؛ قَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ:
هَمِيجٌ تَعَلَّلَ عَنْ خادِلٍ، ... نَتِيجُ ثلاثٍ، بَغِيضُ الثَّرَى
يَعْنِي الْوَلَدُ نَتِيجُ ثَلَاثٍ بَغِيضٌ. وَرَجُلٌ هَمَجٌ وهَمَجة: أَحمق، والأُنثى بِالْهَاءِ لَا غَيْرُ، وجمعُ الهَمَج أَهْماجٌ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
فِي مُرْشِقاتٍ لَسْنَ بالأَهْماج
أَبو سَعِيدٍ: الهَمَجةُ مِنَ النَّاسِ الأَحمق الَّذِي لَا يَتَمَاسَكُ، والهَمَجُ: جَمْعُ الهَمَجة. والهَمَجة: الشَّاةُ الْمَهْزُولَةُ؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
كأَنَّ ابْنةَ السَّهْمِيِّ، يَومَ لقِيتُها ... مُوَشَّحَةً بالطُّرَّتَيْنِ، هَمِيجُ
قَالُوا: ظبيةٌ ذُعِرَتْ مِنَ الهَمَج. وَيُقَالُ لِلنَّعْجَةِ إِذا هَرِمَتْ: هَمَجَةٌ وعَشَمةٌ. والهَمَجةُ: النَّعْجَةُ. والهَمِيجُ مِنَ الظِّبَاءِ: الَّذِي لَهُ جُدَّتانِ عَلَى ظَهْرِهِ سِوَى لَوْنِهِ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا فِي الأُدْمِ مِنْهَا، يَعْنِي البِيضَ، وَكَذَلِكَ الأُنثى بِغَيْرِ هاءِ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي لَهَا جُدَّتانِ فِي طُرَّتَيْها؛ وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي هَزَلَها الرَّضاعُ؛ وَقِيلَ: هِيَ الفَتِيَّةُ الحَسَنةُ الْجِسْمِ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ يَصِفُ ظَبْيَةً:
موشَّحة بالطُّرَّتَينِ هَمِيجُ
وَمَعْنَى قَوْلِهِ هَمِيجُ: هِيَ الَّتِي أَصابها وَجَعٌ فذَبُلَ وجهُها. يُقَالُ: اهْتَمَجَ وَجْهُه أَي ذَبُلَ. والهَمِيجُ: الخَمِيصُ الْبَطْنِ. واهْتَمَجَتْ نفْسُ الرَّجُلِ: ضَعُفَتْ مِنْ جُهْدٍ أَو حَرٍّ؛ واهْتَمَجَ الرجلُ نفْسُه. وأَهْمَجَ الفرسُ إِهْماجاً فِي جَرْيه، فَهُوَ مُهْمِج ثُمَّ أَلْهَبَ فِي ذَلِكَ، وَذَلِكَ إِذا اجْتَهَدَ فِي عَدْوِه. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: يَكُونُ ذَلِكَ فِي الْفَرَسُ وَغَيْرُهُ مِمَّا يَعْدُو؛ وأَنشد شَمِرٌ لأَبي حَيَّةَ النُّمَيري:
وقلتُ لطِفْلة مِنهنَّ، لَيسَتْ ... بِمِتْفال، وَلَا هَمْجَى الكَلامِ
قَالَ: يُرِيدُ الشَّرارَةَ والسَّمَاجَةَ. قَالَ: وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الإِهْماجُ والإِسْماجُ. وهَمَجَتِ الإِبلُ مِنَ الماءِ تَهْمُجُ هَمْجاً، بِالتَّسْكِينِ، إِذا شَرِبَتْ دَفْعَةً وَاحِدَةً حَتَّى رَوِيَتْ.
همرج: الهَمْرَجَةُ والهَمْرَجُ: الِالْتِبَاسُ وَالِاخْتِلَاطُ. وَقَدْ هَمْرَجَ عَلَيْهِ الخبرَ هَمْرَجَةً: خَلَّطَه عَلَيْهِ. وَقَالُوا: الغُولُ هَمْرَجةٌ مِنَ الْجِنِّ. والهَمْرَجَة: الْخِفَّةُ والسُّرْعة. وَوَقَعَ القومُ فِي هَمَرَّجة أَي اخْتِلَاطٍ؛ قَالَ:
بَيْنَا كَذَلِكَ، إِذ هاجتْ هَمَرَّجَةٌ
والهَمَرَّجُ: الِاخْتِلَاطُ وَالْفِتْنَةُ. الْجَوْهَرِيُّ: الهَمْرَجةُ الِاخْتِلَاطُ فِي الْمَشْيِ.
هملج: الهِمْلاجُ: مَنَ الْبَرَاذِينِ وَاحِدُ الهَمالِيج، وَمَشْيُهَا الهَمْلَجَة، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ. والهَمْلَجَة والهِمْلاجُ: حُسْنُ سَيْرِ الدَّابَّةِ فِي سُرْعة؛ وَقَدْ هَمْلَجَ. والهِمْلاجُ:

(2/393)


الحَسَنُ السَّيْرِ فِي سُرْعَة وبَخْتَرَةٍ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
يُحْسِنُ فِي مَنْحاتِه الهَمالِجا، ... يُدْعى هَلُمَّ داجِناً مُدامِجَا
الهَمالِجُ: جَمْعُ الهَمْلَجة فِي السَّيْرِ أَي أَنَّ هَذَا الْبَعِيرَ السَّانيَ يُحْسِنُ الْمَشْيَ بَيْنَ الْبِئْرِ وَالْحَوْضِ. وَدَابَّةٌ هِمْلاج: وَاحِدُ الهَمالِيج، الذَّكَرُ والأُنثى فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
عَهْدِي بِهِمْ يومَ بَابِ القَرْيتَينِ، وَقَدْ ... زالَ الهَمالِيجُ بالفُرْسانِ واللُّجُمِ
وهِمْلاجُ الرجلِ: مَرْكَبُه وَنَحْوُ ذَلِكَ. وأَمرٌ مُهَمْلَجٌ: مُنْقاد. وأَمرٌ مُهَمْلَجٌ: مُذَلَّلٌ؛ وَقَالَ الْعَجَّاجُ:
قَدْ قَلَّدُوا أَمرَهمُ المُهَمْلَجا
ابْنُ الأَعرابي: شَاةٌ هِمْلاجٌ لَا مُخَّ فِيهَا؛ وأَنشد:
أَعْطَى خَلِيلي نَعْجةً هِمْلاجَا ... رَجاجةً، إِنَّ لَهَا رَجاجا
والرَّجاجةُ: الضَّعِيفَةُ الَّتِي لَا نِقْيَ لَهَا. وَرِجَالٌ رَجاجٌ: ضُعَفاء.
هوج: الهَوَجُ كالهَوَكِ: الحُمْقُ؛ هَوِجَ هَوَجاً، فَهُوَ أَهْوَجُ، والأُنثى هَوْجاء، والهَوَجُ مَصْدَرُ الأَهْوَجِ، وَهُوَ الأَحمق. وأَهْوَجَه: وَجَدَهُ أَهْوَجَ. والأَهْوَجُ: الشُّجَاعُ الَّذِي يَرْمِي بِنَفْسِهِ فِي الْحَرْبِ، عَلَى التَّشْبِيهِ بِذَلِكَ. والأَهْوَجُ: المُفْرِطُ الطُّول مَعَ هَوَج، وَيُقَالُ للطُّوال إِذا أَفرط فِي طُولِهِ: أَهْوَجُ الطُّول. وَرَجُلٌ أَهْوَجُ بَيِّنُ الهَوَجِ أَي طَوِيلٌ، وَبِهِ تَسَرُّعٌ وحُمْقٌ. وَفِي حَدِيثِ
عُثْمَانَ: هَذَا الأَهْوَجُ البَجْباجُ.
الأَهْوَجُ: المُسْرِعُ إِلى الأُمور كَمَا يَتَّفِقُ، وَقِيلَ: الأَحمق الْقَلِيلُ الْهِدَايَةِ؛ وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: أَما وَاللَّهِ لَئِنْ شَاءَ لَتَجِدَنَّ الأَشعثَ أَهْوَجَ جَرِيئاً.
والهَوْجاءُ مِنَ الإِبل النَّاقَةُ الَّتِي كأَن بِهَا هَوَجاً مِنْ سُرْعتها، وَكَذَلِكَ بَعِيرٌ أَهْوَجُ؛ قَالَ أَبو الأَسود:
عَلَى ذاتِ لَوْثٍ أَو بأَهْوَجَ دَوْسَرٍ ... صَنِيعٍ نَبيل، يَمْلأُ الرَّحْلَ كاهِلُهْ
وَرِيحٌ هَوْجاء: متدارِكة الهُبوب كأَن بِهَا هَوَجاً؛ وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي تَحْمِلُ المُورَ وتجرُّ الذَّيل. والهَوْجاء: الرِّيح الَّتِي تَقْلَعُ الْبُيُوتَ، وَالْجَمْعُ هُوجٌ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: هِيَ الشَّدِيدَةُ الهُبوب مِنْ جَمِيعِ الرِّيَاحِ؛ قَالَ ابْنُ الأَحمر:
وَلِهَتْ عَلَيْهِ كلُّ مُعْصِفَةٍ ... هَوْجاء، لَيْسَ للُبِّها زَبْرُ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَنشده سِيبَوَيْهِ بِرَفْعِ هَوْجَاءَ عَلَى أَنه وَصَفٌ لِكُلٍّ، وأَنث الشَّاعِرُ الْوَصْفَ حَمْلًا عَلَى الْمَعْنَى إِذِ الْكُلُّ هُنَا رِيحٌ، وَالرِّيحُ أُنثى؛ وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ*؛ وضَرْبةٌ هَوْجاءُ هَجَمَتْ عَلَى الْجَوْفِ. والهَوْجاء: مِنْ صِفَةِ النَّاقَةِ خَاصَّةً، وَلَا يُقَالُ: جَمَلٌ أَهْوَجُ، قَالَ: وَهِيَ النَّاقَةُ السَّرِيعَةُ لَا تَتَعاهَدُ مَواطِئَ مَناسِمِها مِنَ الأَرض. أَبو عَمْرٍو: فِي فُلَانٍ عَوَجٌ وهَوَجٌ، بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَفِي حَدِيثِ
مَكْحُولٍ: مَا فَعَلْتَ فِي تِلْكَ الهَاجةِ؟
يُرِيدُ الْحَاجَةَ لأَن مَكْحُولًا كَانَ فِي لِسَانِهِ لُكْنةٌ، وَكَانَ مِنْ سَبْي كابُلَ، قَالَ: أَو هُوَ عَلَى قَلْبِ الْحَاءِ هاء.
هيج: هاجَتِ الأَرضُ تَهِيجُ هِياجاً، وهاجَ الشيءُ يَهِيج هَيْجاً وهِياجاً وهَيَجاناً، واهْتاجَ، وتَهَيَّجَ: ثَارَ لِمَشَقَّةٍ

(2/394)


أَو ضَرَرٍ. تَقُولُ هَاجَ بِهِ الدَّمُ وهاجَه غيرُه وهَيَّجَه. يتعدَّى وَلَا يتعدَّى. وهَيَّجَه وهايَجَه، بِمَعْنًى؛ وَقَوْلُهُ:
إِذا تَغَنَّى الحمامُ الوُرْقُ هَيَّجَني، ... وَلَوْ تَعَزَّيْتُ عَنْهَا، أُمَّ عَمَّارِ
اكْتَفَى فِيهِ بِالْمُسَبَّبِ الَّذِي هُوَ التَّهْيِيجُ مِن السَّبَبِ الَّذِي هُوَ التَّذْكِيرُ، لأَنه لمَّا قَالَ هَيَّجني، دلَّ عَلَى ذَكَّرني فَنَصَبَهَا بِهِ. وشيءٌ هَيُوجٌ عَلَى التعدِّي، والأُنثى هَيُوجٌ أَيضاً؛ قَالَ الرَّاعِي:
قَلَى دِينَه واهْتاجَ للشَّوْقِ، إِنها ... عَلَى الشَّوْقِ، إِخوانَ العَزاءِ، هَيُوجُ
ومِهْياج كَهَيُوج. وأَهاجَتِ الريحُ النبتَ: أَيبسته. وَيَوْمُ الهِياج: يَوْمُ الْقِتَالِ. وتَهايَجَ الفَريقان إِذا تَوَاثَبَا لِلْقِتَالِ. وهاجَ الشَّرُّ بَيْنَ الْقَوْمِ «2». والهَيْجُ والهِياجُ والهَيْجا والهَيْجاءُ: الْحَرْبُ، بِالْمَدِّ وَالْقَصْرِ، لأَنها مَوْطِنُ غَضَبٍ. وفي الحديث:
لَا يَنْكَلُ فِي الهَيجاء
أَي لَا يتأَخر فِي الْحَرْبِ؛ وَمِنْهُ قَصِيدُ كَعْبٍ:
مِنْ نَسْجِ داودَ فِي الهَيجا سَرابيلُ
وَقَالَ لَبِيدٌ:
وأَرْبَدُ فارِسُ الهَيْجا، إِذا مَا ... تَقَعَّرَتِ المَشاجِرُ بالفِئامِ
وَقَالَ آخَرُ:
إِذا كانتِ الهَيْجاءُ وانْشَقَّتِ العَصا، ... فحَسْبُكَ والضَّحَّاكَ سيفٌ مُهَنَّدُ
وَتَقُولُ: هَيَّجْتُ الشَّرَّ بَيْنَهُمْ. وهاجَ الإِبلَ هَيْجاً: حَرَّكَهَا بِاللَّيْلِ إِلى الْمَوْرِدِ والكلإِ. والمِهْياجُ مِنَ الإِبل: الَّتِي تَعْطَشُ قَبْلَ الإِبل. وهاجتِ الإِبلُ إِذا عَطِشَتْ. والمِلْواحُ مِثْلُ المِهْياج. وهاجَ هائجُه: اشْتَدَّ غَضَبُهُ وَثَارَ. وهَدَأَ هائِجُه: سَكَنَتْ فَوْرَتُه. وَفِي حَدِيثِ الاعتِكاف:
هَاجَتِ السماءُ فَمُطِرْنا
أَي تَغَيَّمَتْ وَكَثُرَتْ رِيحُهَا. وَفِي حَدِيثِ الْمُلَاعَنَةِ:
رأَى مَعَ امرأَته رَجُلًا فَلَمْ يَهِجْه
أَي لَمْ يُزْعِجْهُ وَلَمْ يُنَفِّره. وهَيَّجْتُ النَّاقَةَ فَانْبَعَثَتْ، وَيُقَالُ: هِجْتُه فهاجَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
هِيْهِ، وإِن هِجْناكَ، يَا ابنَ الأَطْولِ
وَنَاقَةٌ مِهْياجٌ أَي نَزُوعٌ إِلى وَطَنها. والهائجُ: الفَحْلُ الَّذِي يَشْتَهِي الضِّرابَ. وهاجَ الفَحْلُ يَهيجُ هِياجاً وهُيوجاً وهَيَجاناً واهْتاجَ: هَدَرَ وأَراد الضِّرابَ. وفحْلٌ هِيَّجٌ: هَائِجٌ، مثَّل بِهِ سِيبَوَيْهِ وَفَسَّرَهُ السِّيرَافِيُّ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ هِيَّخٌ، بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، وَلَمْ يُفَسِّرْهُ أَحد؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهُوَ خطأٌ، وَفِي حَدِيثِ الدِّيات:
وإِذا هاجَتِ الإِبلُ رَخُصَتْ ونَقَصَتْ قِيمَتُهَا.
هاجَ الفحلُ إِذا طَلَبَ الضِّرابَ، وَذَلِكَ مِمَّا يُهْزِلُه فَيَقِلَّ ثمنُه. والهاجَةُ: النَّعْجَةُ الَّتِي لَا تَشْتَهِي الْفَحْلِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهُوَ عِنْدِي عَلَى السَّلْبِ كأَنها سُلِبَتِ الهِياجَ. والهَيْجُ: الرِّيحُ الشَّدِيدَةُ. والهَيْجُ: الصُّفْرة. والهَيْجُ: الجَفاف. والهَيْجُ: الحَركة. والهَيْجُ: الْفِتْنَةُ. والهَيْجُ: هَيَجَانُ الدَّمِ أَو الْجِمَاعِ أَو الشَّوْقِ. وهاجَ البقلُ هِياجاً، فَهُوَ هَائِجٌ «3» وهَيْجٌ: يَبِسَ واصفرَّ وَطَالَ، فَهُوَ هَائِجٌ. وَفِي التَّنْزِيلِ: ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا*
؛ وأَرض هَائِجَةٌ: يَبِسَ بَقْلُها أَو
__________
(2).
يريد أَنه يقال: هاج الشر بين القوم أي ثار.
(3).
قوله [فهو هائج] كذا بالأَصل، وهو مستدرك مع ما قبله.

(2/395)


اصفرَّ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
تَصْرَعُها مَرَّةً وتَعْدِلُها أُخرى حَتَّى تَهيجَ
أَي تَيْبَسَ وتَصْفَرَّ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثِ:
كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأَمر بغُصْنٍ فقُطِعَ أَو كَانَ مَقْطُوعًا قَدْ هاجَ ورَقهُ
؛ وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ: لَا يَهِيجُ عَلَى التَّقْوَى زَرْعُ قَوْمٍ
؛ أَراد: من عمل لله عَمَلًا لَمْ يَفْسُدْ عَمَلُهُ وَلَمْ يَبْطُلْ، كَمَا يَهِيجُ الزَّرْعُ فَيَهْلِكُ. وهاجتِ الأَرضُ هَيْجاً وهَيَجاناً: يَبِسَ بَقْلُهَا. وأَهْيَجها: وجَدَها هَائِجَةَ النَّبَاتِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
وأَهْيَجَ الخَلْصَاءَ مِنْ ذاتِ البُرَقْ
وَيُقَالُ: يومُنا يومُ هَيْجٍ أَي يَوْمُ غَيْمٍ ومطرٍ. ويومُنا يومُ هَيْجٍ أَيضاً أَي يَوْمُ رِيحٍ؛ قَالَ الرَّاعِي:
ونارِ وَدِيقَةٍ، فِي يومِ هَيْجٍ ... مِنَ الشِّعْرَى، نَصَبْتُ لَهُ الحَنِينا
وَيُرْوَى: يَوْمِ رِيحٍ. الأَصمعي: يُقَالُ لِلسَّحَابِ أَوّل مَا يَنْشَأُ: هاجَ لَهُ هَيْجٌ حَسَنٌ؛ وأَنشد لِلرَّاعِي:
تُراوِحُها رَواغَةُ كلِّ هَيْجٍ، ... وأَرْواحٌ أَطَلْنَ بِهَا الحَنِينا
والهاجَةُ: الضِّفْدَعَة الأُنثى وَالنَّعَامَةُ، وَالْجَمْعُ هاجاتٌ، وَتَصْغِيرُهَا بِالْوَاوِ وَالْيَاءِ هُوَيْجَةٌ، وَيُقَالُ هُيَيْجة، وجمعُ الهاجَةِ هاجاتٌ. وهِيجِ، كَسْرٌ بِغَيْرِ تَنْوِينٍ: مِن زَجْرِ النَّاقَةِ خَاصَّةً؛ قَالَ:
تَنْجُو إِذا قَالَ حادِيها لها: هِيجِ

فصل الواو
وأج: «1»:
وتج: المُوَتَّجُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
تَحُلُّ الشَّجا، أَو تَجْعَلُ الرملَ دُونَهُ، ... وأَهْلي بأَطْرَافِ اللِّوَى فالمُوَتَّجِ
وثج: الوَثِيجُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ: الكثيفُ؛ وَقَدْ وَثُجَ الشيءُ، بِالضَّمِّ، وَثَاجَة، وأَوثَجَ، واسْتَوْثَجَ، وأَرض مُوثِجَةٌ: وَثُجَ كلَؤُها. النَّضْرُ: الوَثِيجَةُ الأَرض الْكَثِيرَةُ الشَّجَرِ المُلْتَفَّةُ الشَّجَرِ. وَيُقَالُ: بَقْل وَثِيج وكَلأٌ وَثِيجٌ وَمَكَانٌ وَثِيجٌ: كَثِيرُ الكلإِ. وَفَرَسٌ وَثِيجٌ: قويٌّ؛ وَقِيلٌ: مُكْتَنِز. والوَثاجَةُ: كثرةُ اللَّحْمِ. والوَثارَةُ: كَثْرَةُ الشَّحْمِ، قَالَ: وَهُوَ الضَّخْمُ فِي الْحَرْفَيْنِ جَمِيعًا. ووَثُجَ الْفَرَسُ وَالْبَعِيرُ وَثاجَةً: كَثُرَ لَحْمُهُ، وَفِي التَّهْذِيبِ: وَهُوَ اكْتِنازُه؛ وَقَالَ الْعَجَاجُ يَصِفُ جَيْشًا:
بِلَجِبٍ مثلِ الدَّبى، أَو أَوثَجا
واسْتَوْثَجَتِ المرأَةُ: ضَخُمَتْ وتمَّت، وَفِي التَّهْذِيبِ: وتَمَّ خَلْقُها. واسْتَوْثَجَ الشيءُ، وَهُوَ نَحْوٌ مَنِ التَّمَامِ؛ يُقَالُ: اسْتَوثَجَ نَبتُ الأَرض إِذا عَلِقَ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ وتمَّ. والمُوتَثِجةُ: الأَرض الْكَثِيرَةُ الكلإِ. واسْتَوْثَجَ المالُ: كَثُرَ. واسْتَوْثَجَ مِنَ الْمَالِ وَاسْتَوْثَقَ إِذا اسْتَكْثَرَ مِنْهُ؛ وَيُقَالُ: أَوْثِجْ لَنَا مِنْ هَذَا الطَّعَامِ. شَمِرٌ عَنْ بَاهِلِيٍّ: مِنَ الثِّيَابِ المَوْثُوجُ، وَهُوَ الرِّخْوُ الغَزْلِ والنَّسْجِ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: المُسْتَوْثِجُ الْكَثِيرُ الْمَالِ. ووَثُجَ النبتُ: طَالَ وكَثُفَ؛ قَالَ هِمْيان:
مِنْ صِلِّيانٍ ونَصِيًّا واثِجا
__________
(1).
زاد في القاموس الوأج، بفتح الواو وسكون الهمزة، وقد تحرك في الشعر: الجوع الشديد.

(2/396)


وجج: الوَجُّ: عِيدانٌ يُتبخر بِهَا، وَفِي التَّهْذِيبِ: يُتَداوَى بِهَا؛ قَالَ الأَزهري: مَا أُراه عَرَبِيًّا مَحْضًا؛ وَقِيلَ: الوَجُّ ضَرْب من الأَدوية، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ. والوَجُّ: خَشَبَةُ الفَدَّانِ. ووَجٌّ: مَوْضِعٌ بِالْبَادِيَةِ، وَقِيلَ: هِيَ بَلَدٌ بِالطَّائِفِ، وَقِيلَ: هِيَ الطَّائِفُ؛ قَالَ أَبو الهِنْدِيِّ وَاسْمُهُ عَبْدُ الْمُؤْمِنِ بْنُ عَبْدِ الْقُدُّوسِ:
فإِن تُسْقَ مِنْ أَعْنابِ وَجٍّ فإِننا ... لَنَا العَيْنُ تَجْرِي، مِنْ كَسِيسٍ وَمِنْ خَمْرِ
الكَسِيسُ: نَبِيذُ التَّمْرِ؛ وَقَالَ:
لَحاها اللهُ صابِئَةً بِوَجٍّ، ... بمكةَ أَو بأَطْرَافِ الحَجُونِ
وأَنشد ابْنُ دُرَيْدٍ:
صَبَحْتُ بِهَا وَجّاً، فَكَانَتْ صَبِيحَةً ... عَلَى أَهل وَجٍّ، مثلَ راغِيةِ البَكْرِ
وَفِي الْحَدِيثِ:
صَيْدُ وَجٍّ وعِضاهُه حرامٌ مُحَرَّمٌ
؛ قَالَ: هُوَ مَوْضِعٌ بِنَاحِيَةِ الطَّائِفِ وَيُحْتَمَلُ أَن يَكُونَ حَرّمه فِي وَقْتٍ مَعْلُومٍ ثُمَّ نُسِخَ. وَفِي حَدِيثِ
كَعْبٍ: أَن وَجًّا مُقَدَّسٌ، مِنْهُ عَرَجَ الربُّ إِلى السَّمَاءِ
؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن آخِرَ وَطْأَةٍ وَطِئَها اللهُ بِوَجٍ
، قَالَ: وَجٌّ هُوَ الطَّائِفُ، وأَراد بالوطأَة الغَزاةَ هَاهُنَا، وَكَانَتْ غَزْوَةُ الطَّائِفِ آخِرَ غَزَوَاتِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ابْنُ الأَعرابي: الوَجُّ السُّرعة. والوُجُجُ: النَّعَامُ السَّرِيعَةُ العَدْوِ؛ وَقَالَ طَرَفَةُ:
وَرِثَتْ فِي قَيسَ مَلْقَى نُمْرُقٍ، ... ومَشَتْ بَيْنَ الحَشايَا مَشْيَ وَجّ
وقيل: الوَجُّ القَطا.
ودج: الوَدَجُ: عِرْقٌ مُتَّصِلٌ «1». الْجَوْهَرِيُّ: الوَدَجُ والوِدَاجُ عِرْقٌ فِي العُنق، وَهُمَا وَدَجانِ، وَفِي الْمُحْكَمِ: الوَدَجانِ عِرْقَانِ مُتَّصِلَانِ مِنَ الرأْس إِلى السَّحْرِ، وَالْجَمْعُ أَوْداج؛ غَيْرُهُ: وَهِيَ عُرُوقٌ تَكْتَنِفُ الحُلْقُوم فإِذا فُصِدَ وُدِّجَ، وَقِيلَ: الأَوداجُ مَا أَحاط بِالْحَلْقِ مِنَ الْعُرُوقِ، وَقِيلَ: هِيَ عُرُوقٌ فِي أَصل الأُذنين يَخْرُجُ مِنْهَا الدَّمُ، وَقِيلَ: الوَدَجان عِرْقَانِ غَلِيظَانِ عَرِيضَانِ عَنْ يَمِينِ ثُغْرَةِ النَّحْرِ وَيَسَارِهَا، والوَريدانِ بِجَنْبِ الوَدَجَيْن، فَالْوَدَجَانِ مِنَ الْجَدَاوِلِ الَّتِي تَجْرِي فِيهَا الدِّمَاءُ، وَالْوَرِيدَانِ النَّبْضُ والنَّفَس. وَفِي حَدِيثِ الشُّهَدَاءِ:
أَوْداجُهم تَشْخُبُ دَمًا
، قِيلَ: هِيَ مَا أَحاط بِالْعُنُقِ مِنَ الْعُرُوقِ الَّتِي يَقْطَعُهَا الذَّابِحُ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
كُلُّ مَا أَفْرَى الأَودَاجَ
؛ وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ:
فَانْتَفَخَتْ أَوْداجُه.
والتَّوْدِيجُ فِي الدَّوَابِّ كَالْفَصْدِ فِي النَّاسِ. وَيُقَالُ: دِجْ دابَّتَك أَي اقْطَعْ وَدَجَها، وهُوَ لَها كَالْفَصْدِ للإِنسان. ووَدَجَه وَدْجاً ووِدَاجاً ووَدَّجَه: قَطَعَ وَدَجَه؛ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَسَّانَ:
فأَمَّا قولُكَ: الخُلَفاءُ مِنَّا، ... فهمْ مَنَعُوا وَرِيدَكَ مِن وِداجِ
ووَدَجَ بَيْنَ الْقَوْمِ وَدْجاً: أَصلح. وفلانٌ وَدَجِي إِلى فُلَانٍ أَي وَسِيلَتِي وَسَبَبِي. والوَدَجَانِ: الأَخَوان،
__________
(1).
قوله [الودج عرق متصل] عبارة المصباح الودج، بفتح الدال والكسر لغة: عرق الأَخدع الذي يقطعه الذابح فلا يبقى معه حياة. ويقال في الجسد عرق واحد حيثما قطع مات صاحبه، وله في كل عضو اسم، فهو في العنق الودج والوريد أيضاً، وفي الظهر النياط وهو عرق ممتد فيه، والأَبهر وهو عرق مستبطن الصُّلْبِ وَالْقَلْبِ مُتَّصِلٌ بِهِ، والوتين في البطن، والنسا في الفخذ، والأَبجل في الرجل، والأَكحل في اليد، والصافن في الساق.

(2/397)


وَيُقَالُ للأَخوين: هُمَا وَدَجانِ؛ قال زيدُ الخيل:
فقُبِّحْتُمُ مِنْ وَافِدَيْنِ اصْطَفَيْتُما، ... وَمِنْ وَدَجَيْ حَرْبٍ، تَلَقَّحُ، حائِلِ «2»
أَراد بوَدَجَيْ حَرْبٍ أَخَوَيْ حَرْب، وَيُقَالُ: بِئْسَ وَدَجَا حَرْب هُمَا ابْنُ شُمَيْلٍ: المُوَادَجَةُ المُسَاهَلَةُ والمُلايَنةُ وحُسن الخلُق وَلِينُ الْجَانِبِ. وَوَدَجٌ: موضع.
وسج: الوَسْجُ والوَسِيجُ: ضَرْب مِنْ سَيْرِ الإِبل. وَسَجَ البعيرُ يَسِجُ وَسْجاً ووَسِيجاً، وَقَدْ وَسَجَتِ الناقةُ تَسِجُ وَسْجاً ووَسِيجاً ووَسَجاناً، وَهِيَ وَسُوجٌ: أَسرعت، وَهُوَ مَشْيٌ سَرِيعٌ، وأَوسَجْتُه أَنا: حَمَلْتُه عَلَى الوَسْجِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
والعِيسُ، مِنْ عاسِجٍ أَو واسِجٍ خَبَباً، ... يُنْحَزْنَ مِنْ جانِبَيْها، وَهِيَ تَنْسَلِبُ
وَبَعِيرٌ وَسَّاجٌ كَذَلِكَ. وَقَوْلُهُ يُنْحَزْنَ: يُركَلْنَ بالأَعْقابِ. والانسلابُ: المَضاءُ. والعَسْجُ: سَيْرٌ فَوْقَ الوَسْجِ. النَّضْرُ والأَصمعي: أَول السَّيْرِ الدَّبِيبُ ثُمَّ العَنَقُ ثُمَّ التَّزَيُّدُ ثُمَّ الذَّمِيلُ ثم العَسْجُ والوَسْجُ.
وشج: وَشَجَتِ العُروقُ والأَغصان: اشْتَبَكَتْ، وكلُّ شَيْءٍ يَشْتَبِكُ. وَشَجَ يَشِجُ وَشْجاً ووَشِيجاً، فَهُوَ واشِجٌ: تَدَاخُلٌ وتَشابك والْتَفَّ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
إِلى عِرْقِ الثَّرَى وَشَجَتْ عُرُوقي، ... وَهَذَا الموتُ يَسْلُبُني شَبابي
والوَشِيجُ: شَجَرُ الرِّمَاحِ، وَقِيلَ: هُوَ مَا نَبَتَ مِنَ القَنا والقَصَب مُعْتَرِضًا؛ وَفِي الْمُحْكَمِ: مُلْتَفّاً دَخَلَ بعضُه بَعْضًا، وَقِيلَ: سمِّيت بِذَلِكَ لأَنه تَنْبُتُ عروقُها تَحْتَ الأَرض، وَقِيلَ: هِيَ عامَّة الرِّماح وَاحِدَتُهَا وَشِيجَةٌ، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ القَنا أَصْلَبُه؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
والقَراباتُ بَيْنَنَا واشِجاتٌ، ... مُحْكَماتُ القُوَى بعَقْدٍ شَدِيدِ
وَفِي حَدِيثِ
خُزَيْمَة: وأَفْنَتْ أُصُولَ الوَشِيج
؛ قِيلَ: هُوَ مَا الْتَفَّ مِنَ الشَّجَرِ؛ أَراد أَن السَّنَةَ أَفنت أُصولها إِذ لَمْ يَبْقَ فِي الأَرض ثَرًى. والوَشِيجَة: عِرْق الشَّجَرِ؛ قَالَ عَبِيدُ بْنُ الأَبرص:
وَلَقَدْ جَرَى لهُمُ، فَلَمْ يَتَعَيَّفُوا، ... تَيْسٌ قَعِيدٌ كالوَشِيجَةِ أَعْضَبُ
شَبَّهَ التَّيْسَ مِنْ ضُمْرِه بِهَا. والقَعِيدُ: مَا مرَّ مِنَ الْوَحْشِ مِنْ وَرَائِكَ، فإِن جَاءَ مِنْ قُدَّامك، فَهُوَ النَّطِيح والجَابِهُ، وإِن جَاءَ مِنْ عَلَى يَمِينِكَ، فَهُوَ السَّانِحُ، وإِن جَاءَ مِنْ عَلَى يَسَارِكَ، فَهُوَ البارِحُ؛ وَقَبْلَهُ وَهُوَ أَوّل الْقَصِيدَةِ:
نُبِّئْتُ أَن بَنِي جَدِيلَةَ أَوْعَبُوا ... نُفَرَاءَ مِنْ سَلْمَى لَنَا، وتَكَتَّبُوا
وَصَفَ قَوْمًا خَرَجُوا مِنْ عُقْرِ دَارِهِمْ لِحَرْبِ بَنِي أَسد فَاسْتَقْبَلَهُمْ هَذَا التَّيْسُ الأَعْضَبُ، وَهُوَ الْمَكْسُورُ أَحد قَرْنَيْهِ، فَلَمْ يَتَعَيَّفُوا أَي لَمْ يَزْجُروا فَيَعْلَمُوا أَن الدَّائِرَةَ عَلَيْهِمْ، لأَن التَّيْسَ الأَعضب أَتاهم مِنْ خَلْفِهِمْ يَسُوقُهُمْ وَيَطْرُدُهُمْ، وَشَبَّهَ هَذَا التَّيْسَ أَعني تَيْسَ الظِّبَاءِ بِعِرْقِ شَجَرَةٍ لضُمْره. وأَوعَبوا: جَمَعُوا. والنُّفَراء: جَمْعُ نَفِير. والوَشائِجُ: عُرُوقُ الأُذنين، وَاحِدَتُهَا وَشِيجَةٌ.
__________
(2).
قوله [فقبحتم إلخ] هو هكذا في الأَصل.

(2/398)


والوَشِيجَةُ: لِيفٌ يُفْتَلُ ثُمَّ يُشْبَكُ بَيْنَ خَشَبَتَيْنِ يُنْقَلُ بِهِمَا البُرُّ المَحْصود، وَكَذَلِكَ مَا أَشبهها مِنْ شَبَكَةٍ بَيْنَ خَشَبَتَيْنِ، فَهِيَ وَشِيجَةٌ، مِثْلُ الكَسِيح وَنَحْوِهِ. النَّضْرُ: وَشَجَ مَحْمِلَه إِذا شَبكه بِقِدٍّ أَو شَريط لِئَلَّا يَسْقُطَ مِنْهُ شَيْءٌ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: وتمكنتْ مِنْ سُوَيْداءِ قُلُوبهم وَشِيجَةٌ خَيْفيَّة
؛ الْوَشِيجَةُ: عِرْقُ الشَّجَرَةِ، وَلِيفٌ يُفْتَلُ ثُمَّ يُشَدُّ بِهِ مَا يُحْمَلُ. ووَشِجَتِ العُرُوق والأَغصان: اشْتَبَكَتْ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَلِيٍّ: ووَشَّجَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَزواجها
أَي خَلَطَ وأَلَّفَ، يُقَالُ وَشَّجَ اللَّهُ بَيْنَهُمْ تَوْشِيجاً. ورَحِمٌ واشِجةٌ ووَشِيجَةٌ: مُشْتَبِكَةٌ مُتَّصِلَةٌ، الأَخيرة عَنْ يَعْقُوبَ؛ وأَنشد:
تَمُتُّ بأَرْحامٍ، إِليكَ، وَشِيجَةٍ، ... وَلَا قُرْبَ بالأَرْحامِ، مَا لَمْ تُقَرَّب
وَقَدْ وَشَجَتْ بِكَ قرابةُ فُلَانٍ، وَالِاسْمُ الوَشِيجُ، وَقَدْ وَشَّجَها اللَّهُ تَوْشِيجاً. والواشِجة: الرَّحِمُ الْمُشْتَبِكَةُ الْمُتَّصِلَةُ. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: لَهُمْ وَشِيجةٌ فِي قَوْمِهِمْ ووَلِيجَة أَي حَشْوٌ. وأَمر مُوَشَّجٌ: مُداخَلٌ بعضُه فِي بَعْضٍ مشتبِكٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
حَالًا بحالٍ يَصْرِفُ المُوَشَّجا
وَلَقَدْ وَشَجَتْ فِي قَلْبِهِ أُمورٌ وهُمُومٌ، وَعَلَيْهِ أَوشاجُ غُزُولٍ أَي أَلوان دَاخِلَةٌ بَعْضُهَا فِي بَعْضٍ، يَعْنِي الْبُرُودَ فِيهَا أَلوان الغُزُول. والوَشيجُ: ضَرْبٌ مِنَ النَّبَاتِ، وَهُوَ مِنَ الجَنْبَةِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
وملَّ مَرْعاها الوَشِيجَ البَرْوَقا
وَلَجَ: ابْنُ سِيدَهْ: الوُلُوجُ الدخولُ. وَلَجَ البيتَ وُلُوجاً ولِجَةً، فأَما سِيبَوَيْهِ فَذَهَبَ إِلى إِسقاط الْوَسَطِ، وأَما مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ فذهب إِلى أَنه مُتَعَدٍّ بِغَيْرِ وَسَطٍ؛ وَقَدْ أَولَجَه. والمَوْلَجُ: المَدْخَلُ. والوِلاجُ: الْبَابُ. والوِلاجُ: الْغَامِضُ مِنَ الأَرض وَالْوَادِي، وَالْجَمْعُ وُلُجٌ ووُلُوجٌ، الأَخيرة نَادِرَةٌ لأَن فِعالًا لَا يُكسَّر عَلَى فُعول، وَهِيَ الوَلَجَةُ، وَالْجَمْعُ وَلَجٌ. ابْنُ الأَعرابي: وِلاجُ الْوَادِي «1» مَعَاطِفُهُ، وَاحِدَتُهَا وَلَجَةٌ، وَالْجَمْعُ الوُلُجُ؛ وأَنشد لِطُرَيْحٍ يَمْدَحُ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ:
أَنتَ ابنُ مُسْلَنْطِحِ البِطاحِ، وَلَمْ ... تَعْطِفْ عَلَيْكَ الحُنِيُّ والوُلُجُ
لَوْ قلتَ للسَّيْلِ: دَعْ طَريقَكَ، والمَوْجُ ... عَلَيْهِ كالهَضْبِ يَعْتَلِجُ،
لارْتَدَّ أَوْ ساخَ، أَو لكانَ لَهُ ... فِي سائرِ الأَرضِ، عنكَ، مُنْعَرَجُ
وَقَالَ: الحُنِيُّ والوُلُجُ الأَزِقَّةُ. والوُلُجُ: النَّواحي. والوُلُجُ: مَغارِفُ العسلِ. والوَلَجَةُ، بِالتَّحْرِيكِ: مَوْضِعٌ أَو كَهْف يَسْتَتِرُ فِيهِ المارَّةُ مِنْ مَطَرٍ أَو غَيْرِهِ، وَالْجَمْعُ وَلَجٌ وَأَولاجٌ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: إِياكم والمُناخَ عَلَى ظَهْرِ الطَّرِيقِ فإِنه مَنْزِلُ الوالِجَةِ
، يَعْنِي السِّبَاعَ وَالْحَيَّاتِ، سمِّيت والِجَةً لِاسْتِتَارِهَا بِالنَّهَارِ فِي الأَوْلاجِ، وَهُوَ مَا وَلَجْتَ فِيهِ مِنْ شِعْب أَو كهف وغيرهما.
__________
(1).
قوله [ولاج الوادي إلخ] بكسر الواو، وقوله واحدتها ولجة، أي بالتحريك، وقوله والجمع ولج أي جمع ولاج، بالكسر: ولج بضمتين، هكذا يفهم من شرح القاموس ومن سياق عبارة المؤلف المارة قريباً.

(2/399)


والوَلَجُ والوَلَجَةُ: شَيْءٌ يَكُونُ بَيْنَ يَدَيْ فِناء الْقَوْمِ، فإِما أَن يَكُونَ مِنْ بَابِ حِقٍّ وحِقَّةٍ أَو مِنْ بَابِ تَمْر وتَمْرَةٍ. ووِلاجَا الخَلِيَّة: طَبَقاها مِنْ أَعلاها إِلى أَسفلها، وَقِيلَ: هُوَ بَابُهَا، وَكُلُّهُ مِنَ الدُّخُولِ. وَرَجُلٌ خَرّاجٌ وَلّاجٌ، وخَرُوجٌ وَلُوجٌ؛ قَالَ:
قَدْ كنتُ خَرَّاجاً وَلُوجاً صَيْرَفاً، ... لَمْ تَلْتَحِصْني حَيْصَ بَيْصَ لَحَاصِ
وَرِجْلٌ خُرَجَةٌ وُلَجَةٌ، مِثْلَ هُمَزَة، أَي كَثِيرُ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ. ووَلِيجةُ الرَّجُلِ: بِطانَتُه وَخَاصَّتُهُ ودِخْلَتُه؛ وَفِي التَّنْزِيلِ: وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: الوَلِيجَة البِطانَةُ، وَهِيَ مأْخوذة مِنْ وَلَجَ يَلِجُ وُلُوجاً وَلِجَةً إِذا دَخَلَ أَي وَلَمْ يَتَّخِذُوا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْكَافِرِينَ دَخِيلَةَ مَوَدّةٍ؛ وَقَالَ أَيضاً: ولِيجةً. كلُّ شَيْءٍ أَولَجْته فِيهِ وَلَيْسَ مِنْهُ، فَهُوَ وَلِيجَة؛ وَالرَّجُلُ يَكُونُ فِي الْقَوْمِ وَلَيْسَ مِنْهُمْ، فَهُوَ وَلِيجَة فِيهِمْ، يَقُولُ: وَلَا يَتَّخِذُوا أَولياء لَيْسُوا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ دُونَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
فإِن القَوافي يَتَّلِجْنَ مَوالِجاً، ... تَضايَقُ عَنْهَا أَنْ تَوَلَّجَها الإِبَرْ
وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الوَليجَة الْبِطَانَةُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، قَالَ سِيبَوَيْهِ: إِنما جَاءَ مَصْدَرُهُ وُلُوجاً، وَهُوَ مِنْ مَصَادِرَ غَيْرِ الْمُتَعَدِّي، عَلَى مَعْنَى وَلَجْتُ فِيهِ، وأَولَجَه: أَدخله. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: أَقَرَّ بالبَيْعَةِ وادَّعى الوَلِيجةَ
؛ وَلِيجة الرجلِ: بِطانَتُه ودُخلاؤه وَخَاصَّتُهُ. واتَّلَجَ مَوالِج، عَلَى افْتَعَل، أَي دَخَلَ مَداخل. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: أَن أَنساً كَانَ يَتَوَلَّجُ عَلَى النِّسَاءِ وهنَّ مُكَشَّفاتُ الرؤوس
أَي يَدْخُلُ عَلَيْهِنَّ، وَهُوَ صَغِيرٌ، وَلَا يَحْتَجِبْنَ مِنْهُ. التَّهْذِيبُ: وَفِي نَوَادِرِهِمْ: وَلَّجَ مالَه تَوْلِيجاً إِذا جَعَلَهُ فِي حَيَاتِهِ لِبَعْضِ وَلَده، فتسامعَ الناسُ بِذَلِكَ فانْقَدَعُوا عَنْ سُؤَالِهِ. والوالِجةُ: وَجَعٌ يأْخذ الإِنسان. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ*
:
أَي يَزِيدُ مِنْ هَذَا فِي ذَلِكَ وَمِنْ ذَلِكَ فِي هَذَا. وَفِي حَدِيثِ
أُمِّ زَرْع: لَا يُولِجُ الكَفَّ ليَعْلَمَ البَثَ
أَي لَا يُدْخِلُ يَدَهُ فِي ثَوْبِهَا لِيَعْلَمَ مِنْهَا مَا يسوءُه إِذا اطَّلَعَ عَلَيْهِ، تَصِفُهُ بِالْكَرَمِ وَحُسْنِ الصُّحْبَةِ، وَقِيلَ: إِنها تَذُمُّهُ بأَنه لَا يَتَفَقَّدُ أَحوال الْبَيْتِ وأَهله. والوُلوجُ: الدُّخُولُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
عُرِضَ عليَّ كلُّ شَيْءٍ تُولَجُونَه
، بِفَتْحِ اللَّامِ، أَي تُدْخَلُونه وَتَصِيرُونَ إِليه مِنْ جَنَّةٍ أَو نَارٍ. والتَّوْلَجُ: كِنَاسُ الظَّبْيِ أَو الْوَحْشِ الَّذِي يَلِجُ فِيهِ، التَّاءُ فِيهِ مُبْدَلَةٌ مِنَ الْوَاوِ، والدَّولَجُ لُغَةٌ فِيهِ، دَالُهُ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ بَدَلٌ مِنْ تَاءٍ، فَهُوَ عَلَى هَذَا بَدَلٌ مِنْ بَدَلٍ، وعَدَّه كُراعٌ فَوْعَلًا؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَيْسَ بِشَيْءٍ؛ وأَنشد يَعْقُوبُ:
وبادَرَ العُفْر تَؤُمُّ الدَّولَجَا
الْجَوْهَرِيُّ: قَالَ سِيبَوَيْهِ التَّاءَ مُبْدَلَةُ مِنَ الْوَاوِ، وَهُوَ فَوْعَل لأَنك لَا تَجِدُ فِي الْكَلَامِ تَفْعَلٌ اسْمًا، وفَوعَل كَثِيرٌ؛ وَقَالَ يَصِفُ ثَوْرًا تَكَنَّسَ فِي عِضاه، وَهُوَ لِجَرِيرٍ يَهْجُو البَعِيثَ:
قَدْ غَبَرَتْ أُمُّ البَعِيث حَجِجَا، ... عَلَى السَّوايا مَا تَحُفُّ الهَوْدَجا،
فوَلَدتْ أَعْثَى ضَرُوطاً عُنْبُجا،

(2/400)


كأَنه ذِيخٌ إِذا مَا مَعَجا، ... مُتَّخِذاً فِي ضَعَواتٍ تَوْلَجا
غَبَرَت: بَقِيَتْ. والسَّوايا: جَمْعُ سَوِيَّة، وَهُوَ كِسَاءٌ يُجْعَلُ عَلَى ظَهْرِ الْبَعِيرِ، وَهُوَ مِنْ مَرَاكِبِ الإِماء. وَقَوْلُهُ: مَا تَحُفُّ الهودَجا أَي مَا تُوَطِّئُهُ مِنْ جَوَانِبِهِ وتَفْرُشُ عَلَيْهِ تَجْلِسُ عَلَيْهِ. والذِّيخُ: ذَكَر الضِّباع. والأَعْثى: الْكَثِيرُ الشَّعْرُ. والعُنْبُجُ: الثَّقِيلُ الوَخِمُ. ومَعَجَ: نَفَشَ شَعْرَهُ. والضَّعَواتُ: جَمْعُ ضَعَةٍ لنبتٍ مَعْرُوفٍ. وَقَدِ اتَّلَجَ الظَّبْيُ فِي كِنَّاسِهِ وأَتْلَجَه فِيهِ الحَرُّ أَي أَوْلَجه. وشَرٌّ تالِجٌ والِجٌ؛ اللَّيْثُ: جَاءَ فِي بَعْضِ الرُّقَى: أَعوذ بَاللَّهِ مِنْ شرِّ كلِّ تالِجٍ ومالِجٍ
وَنَجَ: الوَنَجُ: المِعْزَفُ، وَهُوَ المِزْهَرُ والعُودُ، وَقِيلَ: هُوَ ضَرْبٌ مِنَ الصَّنْجِ ذُو الأَوتار وَغَيْرُهُ، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ أَصله وَنَهْ، وَالْعَرَبُ قَالَتْ: الوَنُّ، بتشديد النون.
وَهَجَ: يَوْمٌ وَهِجٌ ووَهْجانٌ: شَدِيدُ الْحَرِّ؛ وَلَيْلَةٌ وَهِجةٌ ووَهْجانةٌ، كَذَلِكَ، وَقَدْ وَهَجا وَهْجاً ووَهَجاناً ووَهَجاً وتَوَهُّجاً. والوَهَجُ والوَهْجُ والوَهَجانُ والتَّوَهُّجُ: حَرَارَةُ الشَّمْسِ وَالنَّارِ مِنْ بَعِيدٍ. ووَهَجانُ الْجَمْرِ: اضْطِرَامُ تَوَهُّجِه؛ وأَنشد:
مُصْمَقِرُّ الْهَجِيرِ ذُو وَهَجَانِ
والوَهْجُ، بِالتَّسْكِينِ: مَصْدَرُ وَهَجَتِ النَّارُ تَهِجُ وَهْجاً ووَهَجاناً إِذا اتَّقَدت. وَقَدْ تَوَهَّجَتِ النارُ ووَهَجَتْ تَوَهَّجُ: تَوَقَّدَتْ، ووَهَّجْتُها أَنا. وَلَهَا وَهِيج أَي تَوَقُّد، وأَوْهَجْتُها أَنا؛ وَفِي الْمُحْكَمِ: ووَهَجْتُها أَنا. والمُتَوَهِّجةُ مِنَ النِّسَاءِ: الحارَّةُ المَتاع. والوَهَجُ والوَهِيجُ: تَلأْلُؤُ الشَّيْءِ وتَوَقُّدُه. وتَوَهَّجَ الْجَوْهَرُ: تلأْلأَ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
كأَنَّ ابْنَةَ السَّهْمِيِّ دُرَّةُ غائصِ، ... لَهَا، بَعْدَ تَقْطِيعِ النُّبُوحِ، وَهِيجُ
وَيُرْوَى: دُرَّة قَامِسٌ. وَيُقَالُ لِلْجَوْهَرِ إِذا تلأْلأَ: يَتَوَهَّجُ. وَنَجْمٌ وَهَّاجٌ: وَقَّادٌ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَجَعَلْنا سِراجاً وَهَّاجاً
؛ قِيلَ: يَعْنِي الشَّمْسَ. وَوَهَجُ الطِّيب ووَهِيجُه: انتشارُه وأَرَجُهُ. وتَوَهَّجَتْ رَائِحَةُ الطيب أَي توقدت.
وَيَجَ: الوَيْجُ: خَشَبَةُ الْفَدَّانِ، عُمانِيَّة؛ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الوَيْجُ الْخَشَبَةُ الطَّوِيلَةُ الَّتِي بَيْنَ الثَّوْرَيْنِ، وَاللَّهُ أَعلم.

فصل الياء
يَأْجَجَ: الأَصمعي: فِي الْحَدِيثِ ذَكَرَ يَأْجَج؛ التَّهْذِيبُ: يَأْجِجُ، مَهْمُوزٌ مَكْسُورُ الْجِيمِ الأُولى: مَكَانٌ مِنْ مَكَّةَ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَميال، وَكَانَ مِنْ مَنَازِلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، فَلَمَّا قَتَلَهُ الْحَجَّاجُ أَنزله المُجَذَّمِينَ فَفِيهِ المُجَّذَّمونَ؛ قَالَ الأَزهري: قَدْ رأَيتهم؛ وإِياها أَراد الشَّمَّاخُ بِقَوْلِهِ:
كأَني كَسَوتُ الرَّحْلَ أَحْقَبَ قارِحاً، ... مِنَ اللاءِ مَا بَيْنَ الجَنَابِ فَيَأْجَجِ
ابْنُ سِيدَهْ: يَأْجَجُ، مَفْتُوحُ الْجِيمِ، مَصْرُوفٌ مُلْحَقٌ بجَعْفَرٍ، حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ، قَالَ: وإِنما نَحْكُمُ عَلَيْهِ أَنه رُبَاعِيٌّ لأَنه لَوْ كَانَ ثُلَاثِيًّا لأُدغم، فأَما مَا رَوَاهُ أَصحاب

(2/401)


الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِهِمْ يَأْجِجُ، بِالْكَسْرِ، فَلَا يَكُونُ رُبَاعِيًّا لأَنه لَيْسَ فِي الْكَلَامِ مِثْلَ جَعْفَرٍ، فَكَانَ يَجِبُ عَلَى هَذَا أَن لَا يَظْهَرَ، لَكِنَّهُ شَاذٌّ مُوَجَّهٌ عَلَى قَوْلِهِمْ: بَجِجَتْ عَيْنُه وقَطِطَ شَعَرُه؛ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا أُظهر فِيهِ التَّضْعِيفَ، وإِلَّا فَالْقِيَاسُ مَا حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ. وياجِ وأَياجِج: مِنْ زَجْرِ الإِبل؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
فَرَّجَ عَنْهَا حَلَقَ الرَّتائِجِ، ... تَكَفُّحُ السَّمائم الأَواجِجِ
وقِيلُ: يَاجٍ وَأَيا أَياجِجِ ... عاتٍ منَ الزَّجْرِ، وقِيلُ: جاهِجِ
يَرَجَ: اليارَجُ مِنْ حَلْيِ الْيَدَيْنِ، فَارِسِيٌّ. وَفِي التَّهْذِيبِ: اليارَجانُ، كأَنه فَارِسِيٌّ، وَهُوَ مِنْ حَلْيِ الْيَدَيْنِ. غَيْرُهُ: الإِيارَجَةُ دَوَاءٌ، وَهُوَ مَعْرُوفٌ.

(2/402)


ح: قَالَ الْخَلِيلُ: الْحَاءُ حَرْفٌ مَخْرَجُهُ مِنَ الْحَلْقِ، وَلَوْلَا بُحَّةٌ فِيهِ لأَشبه الْعَيْنَ، وَقَالَ: وَبَعْدَ الْحَاءِ الْهَاءُ وَلَمْ يأْتَلفا فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ أَصلية الْحُرُوفِ، وَقَبُحَ ذَلِكَ عَلَى أَلسنة الْعَرَبِ لِقُرْبِ مَخْرَجَيْهِمَا، لأَن الْحَاءَ فِي الْحَلْقِ بِلِزْقِ الْعَيْنِ، وَكَذَلِكَ الْحَاءُ وَالْهَاءُ، وَلَكِنَّهُمَا يَجْتَمِعَانِ فِي كَلِمَتَيْنِ، لِكُلِّ وَاحِدٍ مَعْنًى عَلَى حِدَةٍ؛ كَقَوْلِ لَبِيدٍ:
يَتمادَى فِي الَّذِي قلتُ لَهُ، ... وَلَقَدْ يَسْمَعُ قَوْلي: حَيَّ هَلْ
وَكَقَوْلِ الْآخَرِ: هَيْهَاهُ وحَيَهلَه، وإِنما جَمَعَهَا مِنْ كَلِمَتَيْنِ: حَيَّ كَلِمَةٌ عَلَى حِدَةٍ وَمَعْنَاهُ هلمَّ، وَهَلْ حِثِّيثَى، فَجَعَلَهُمَا كَلِمَةً وَاحِدَةً؛ وَكَذَلِكَ مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: إِذا ذُكِرَ الصَّالِحُونَ، فحيَّهَلًا بعُمَرَ يَعْنِي إِذا ذُكِرُوا، فَأْتِ بِذِكْرِ عُمَرَ. قَالَ: وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: الحَيْهَلَةُ شَجَرَةٌ، قَالَ: وسأَلنا أَبا خَيْرَةَ وأَبا الدُّقَيْشِ وعدَّةً مِنَ الأَعراب عَنْ ذَلِكَ، فَلَمْ نَجِدْ لَهُ أَصلًا ثَابِتًا نَطَقَ بِهِ الشُّعَرَاءُ، أَو رِوَايَةً مَنْسُوبَةً مَعْرُوفَةً، فَعَلِمْنَا أَنها كَلِمَةٌ مُوَلَّدَةٌ وُضِعَتْ للمُعاياةِ. قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: حَيَّهَلا بَقْلَةٌ تُشْبِه الشُّكاعَى، يُقَالُ: هَذِهِ حَيَّهَلا، كَمَا تَرَى، لَا تُنَوَّنُ فِي حيَّ وَلَا فِي هَلَا، الْيَاءُ مِنْ حَيَّ شَدِيدَةٌ والأَلف مِنْ هَلَا مَنْقُوصَةٌ مِثْلُ خَمْسَةَ عَشَرَ. وَقَالَ اللَّيْثُ: قُلْتُ لِلْخَلِيلِ: مَا مِثْلُ هَذَا مِنَ الْكَلَامِ أَن يُجْمَعَ بَيْنَ كَلِمَتَيْنِ فَتَصِيرَ مِنْهُمَا كَلِمَةٌ؟ قَالَ: قَوْلُ الْعَرَبِ عَبْدَ شَمْسٍ وَعَبْدَ قَيْسٍ، عَبْدٌ كَلِمَةٌ وَشَمْسٌ كَلِمَةٌ؛ فَيَقُولُونَ: تَعَبْشَمَ الرَّجُلُ وتَعَبْقَسَ، وَرَجُلٌ عَبْشَمِيٌّ وعَبْقَسِيٌّ. وَرُوِيَ عَنِ الْفَرَّاءِ أَنه قَالَ: لَمْ نَسْمَعْ بأَسماءِ بُنِيَتْ مِنْ أَفعال إِلَّا هَذِهِ الأَحرف: الْبَسْمَلَةُ وَالسَّبْحَلَةُ وَالْهَيْلَلَةُ وَالْحَوْقَلَةُ؛ أَراد أَنه يُقَالُ: بَسْمَلَ إِذا قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ، وَحَوْقَلَ إِذا قَالَ: لَا حَوْلَ وَلَا قوَّة إِلا بِاللَّهِ، وَحَمْدَلَ إِذا قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وجَعْفَلَ جَعْفَلَةً مِنْ جُعِلْتُ فِدَاءَكَ، والحَيْعَلَةُ مِنْ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ. قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: هَذِهِ الثَّلَاثَةُ أَحرف أَعني حَمْدَلَ وجَعْفَلَ وحَيْعَلَ عَنْ غَيْرِ الْفَرَّاءِ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَنباري: فُلَانٌ يُبَرْقِل عَلَيْنَا، ودَعْنا مِنَ التَّبَرْقُلِ، وَهُوَ أَن يَقُولَ وَلَا يَفْعَلَ، ويَعِدَ وَلَا يُنْجِز، أُخذ مِنَ البَرْقِ والقَوْل.

(2/403)


باب الهمزة
أحح: أَحّ: حِكَايَةً تَنَحْنَحَ أَو تَوَجَّعَ. وأَحَّ الرجلُ: رَدَّدَ التَّنَحْنُحَ فِي حَلْقِهِ، وَقِيلَ: كأَنه تَوَجُّعٌ مَعَ تَنَحْنُح. والأُحاحُ، بِالضَّمِّ: العَطَشُ. والأُحاحُ: اشْتِدَادُ الْحَرِّ، وَقِيلَ: اشْتِدَادُ الْحُزْنِ أَو العَطش. وَسَمِعْتُ لَهُ أُحاحاً وأَحِيحاً إِذا سَمِعْتُهُ يَتَوَجَّعُ مِنْ غَيْظٍ أَو حُزْنٍ؛ قَالَ:
يَطْوي الحَيازِيمَ عَلَى أُحاحِ
والأُحَّة: كالأُحاحِ. والأُحاحُ والأَحِيحُ والأَحِيحَةُ: الْغَيْظُ والضِّغْنُ وَحَرَارَةُ الْغَمِّ؛ وأَنشد:
طَعْناً شَفَى سَرائر الأُحاحِ
الْفَرَّاءُ: فِي صَدْرِهِ أُحاحٌ وأَحِيحَةٌ مِنَ الضِّغْن، وَكَذَلِكَ مِنَ الْغَيْظِ وَالْحِقْدِ، وَبِهِ سُمِّيَ أُحَيْحَةُ بْنُ الجُلاحِ، وَهُوَ اسْمُ رَجُلٍ مِنَ الأَوْسِ، مصغَّر. وأَحَّ الرجلُ يَؤُحُّ أَحّاً: سَعَلَ؛ قَالَ رؤْبة بْنُ الْعَجَّاجِ يَصِفُ رَجُلًا بَخِيلًا إِذا سُئِلَ تَنَحْنَحَ وسَعَلَ:
يَكادُ مِنْ تَنَحْنُحٍ وأَحِّ، ... يَحْكي سُعالَ النَّزِقِ الأَبَحِ
وأَحَّ القومُ يَئِحُّونَ أَحّاً إِذا سَمِعْتَ لَهُمْ حَفِيفًا عِنْدَ مَشْيِهِمْ، وَهَذَا شاذٌّ.
أزح: أَزَحَ يأْزِحُ أُزُوحاً وتَأَزَّحَ: تَباطَأَ وتَخَلَّف وتَقَبَّضَ وَدَنَا بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ؛ وأَنشد الأَزهري:
جَرَى ابنُ لَيْلى جَرْيَةَ السَّبُوحِ، ... جِرْيَةَ لَا كابٍ وَلَا أَزُوحِ
وَيُرْوَى: أَنُوحِ. وَرَجُلٌ أَزُوحٌ: مُتَقَبِّضٌ دَاخِلٌ بَعْضُهُ فِي بَعْضٍ. والأَزُوحُ مِنَ الرِّجَالِ: الَّذِي يستأْخر عَنِ الْمَكَارِمِ، والأَنُوحُ مِثْلُهُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَزُوحٌ أَنُوحٌ لَا يَهَشُّ إِلى النَّدَى، ... قَرى مَا قَرى للضّرْسِ بَيْنَ اللَّهازِم
الْجَوْهَرِيُّ: الأَزُوحُ الْمُتَخَلِّفُ. التَّهْذِيبُ: الأَزُوحُ الثَّقِيلُ الَّذِي يَزْحَرُ عِنْدَ الحمْل، وَقَالَ شَمِرٌ: الأَزوحُ كالمُتَقاعِس عَنِ الأَمر؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
وَلَمْ أَكُ عِنْدَ مَحْمِلها أَزُوحاً، ... كَمَا يَتقاعَسُ الفَرَسُ الحَزَوَّرْ
يَصِفُ حِمالَةً احْتَمَلَهَا. الأَصمعي: أَزَحَ الإِنسانُ وَغَيْرُهُ يَأْزِحُ أُزُوحاً وأَرَزَ يَأْرِزُ أُرُوزاً إِذا تقبَّض وَدَنَا بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ، وأَزَحَتْ قَدَمُه إِذا زلَّت، وَكَذَلِكَ أَزَحَتْ نعلُه؛ قَالَ الطِّرِمَّاح يَصِفُ ثَوْرًا وَحْشِيًّا:
تَزِلُّ عَنِ الأَرضِ أَزْلامُه، ... كَمَا زَلَّتِ القَدَمُ الآزِحَه
أشح: التَّهْذِيبُ: أَبو عَدْنَانَ: أَشِحَ الرجلُ يَأْشَحُ، وَهُوَ رَجُلٌ أَشْحانُ أَي غَضْبَانُ؛ قَالَ الأَزهري: هَذَا حَرْفٌ غَرِيبٌ وأَظن قولَ الطِّرِمَّاح مِنْهُ:
عَلَى تُشْحَةٍ مِنْ ذائدٍ غيرِ واهِنِ
أَراد على أُشْحةٍ، فقلبت الْهَمْزَةَ تَاءً، كَمَا قِيلَ: تُراث وَوُرَّاثٌ، وتُكْلان وأُكْلان؛ وأَصله أُراث أَي عَلَى غَضَبٍ، مِنْ أَشِحَ يَأْشَحُ.
أفح: أَفِيحٌ، مَوْضِعٌ «2» قَرِيبٌ مِنْ بِلَادِ مَذْحِجٍ؛ قَالَ تَمِيمُ بْنُ مُقْبِل:
وَقَدْ جَعَلْنَ أَفِيحاً عَنْ شَمائِلها، ... بانتْ مَناكِبُه عَنْهَا، وَلَمْ تَبِنِ
__________
(2).
قوله [أَفيح موضع] ضبطه المجد بوزن أمير وزبير.

(2/404)


أكح: الأَوْكَحُ: التُّرَابُ، عَلَى فَوْعَلٍ، عِنْدَ كُرَاعٍ، وَقِيَاسُ قَوْلِ سِيبَوَيْهِ أَن يَكُونَ أَفْعَل.
أمح: الأَزهري: قَالَ فِي النَّوَادِرِ: أَمَحَ الجُرْحُ يأْمِحُ أَمَحاناً ونَبَذَ وأَزَّ وذَرِبَ ونَتَعَ ونَبَغَ إِذا ضَرَب بوجع.
أنح: أَنَحَ يَأْنِحُ أَنْحاً وأَنِيحاً وأُنُوحاً: وَهُوَ مِثْلُ الزَّفِيرِ يَكُونُ مِنَ الْغَمِّ وَالْغَضَبِ والبِطْنَةِ والغَيْرَةِ، وَهُوَ أَنُوح؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
سَقَيْتُ بِهِ دارَها إِذْ نَأَتْ، ... وصَدَّقَتِ الخالَ فينَا الأَنُوحا
الْخَالُ: المتكبِّر. وَفَرَسٌ أَنُوحٌ إِذا جَرَى فَزَفَر؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
جِرْيَةَ لَا كابٍ وَلَا أَنُوحِ
والأُنُوحُ: مِثْلُ النَّحِيطِ، قَالَ الأَصمعي: هُوَ صَوْتٌ مَعَ تَنَحْنُح. وَرَجُلٌ أَنُوحٌ: كَثِيرُ التَّنَحْنُحِ. وأَنَحَ يَأْنِحُ أَنْحاً وأَنِيحاً وأُنوحاً إِذا تأَذَّى وزَحَر مِن ثقلٍ يَجِدُهُ مِن مَرَضٍ أَو بُهْرٍ، كأَنه يَتَنَحْنَحُ وَلَا يُبِينُ، فَهُوَ آنِحٌ. وَقَوْمٌ أُنَّحٌ مِثْلُ رَاكِعٍ ورُكَّع؛ قَالَ أَبو حَيَّة النُّمَيْرِيُّ:
تَلاقَيْتُهُمْ يَوْماً عَلَى قَطَرِيَّةٍ، ... وللبُزْلِ، مِمَّا فِي الخُدورِ، أَنِيحُ
يَعْنِي مِنْ ثِقَلِ أَردافهن. والقَطَرِيَّة: يُرِيدُ بِهَا إِبلًا مَنْسُوبَةً إِلى قَطَرٍ، مَوْضِعٍ بِعَمَّانَ؛ وَقَالَ آخَرُ:
يَمْشِي قَلِيلًا خَلْفَها ويَأْنِحُ
وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ قَطَرِيِّ بْنِ الفُجاءَة قَالَ يَصِفُ نِسْوَةً: ثِقَالُ الأَرداف قَدْ أَثقلت البُزْلَ فَلَهَا أَنِيحٌ فِي سَيْرِهَا؛ وَقَبْلَهُ:
ونِسْوَةِ شَحْشاحٍ غَيُورٍ نَهَبْنَه، ... عَلَى حَذَرٍ يَلْهُونَ، وَهْوَ مُشِيحُ
والشَّحْشاحُ والشَّحْشَحُ: الغَيُور. والمُشِيحُ: الجادُّ فِي أَمره، والحَذِرُ أَيضاً. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: أَنه رأَى رَجُلًا يَأْنِحُ بِبَطْنِهِ
أَي يُقِلُّه مُثْقَلًا بِهِ مِنَ الأُنُوحِ، وَهُوَ صَوْتٌ يُسْمَعُ مِنَ الْجَوْفِ مَعَهُ نَفَسٌ وبُهْرٌ ونَهِيجٌ، يَعْتَري السمينَ مِنَ الرِّجَالِ. والآنِحُ، عَلَى مِثَالِ فاعِلٍ، والأَنُوحُ والأَنَّاحُ، هَذِهِ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ: الَّذِي إِذا سُئل تَنَحْنَحَ بُخلًا، وَالْفِعْلُ كَالْفِعْلِ، وَالْمَصْدَرُ كَالْمَصْدَرِ، وَالْهَاءُ فِي كُلِّ ذَلِكَ لُغَةٌ أَو بَدَلٌ، وَكَذَلِكَ الأُنَّحُ، بِالتَّشْدِيدِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
كَزُّ المُحَيَّا أُنَّحٌ إِرْزَبُ
وَقَالَ آخَرُ:
أَراكَ قَصِيراً ثائِرَ الشَّعْرِ أُنَّحاً، ... بَعِيدًا عَنِ الخيراتِ والخُلُقِ الجَزْلِ
التَّهْذِيبُ فِي تَرْجَمَةٍ أَزح: الأَزُوحُ مِنَ الرِّجَالِ الَّذِي يستأْخر عَنِ الْمَكَارِمِ، والأَنُوحُ مِثْلُهُ؛ وأَنشد:
أَزُوحٌ أَنُوحٌ لَا يَهَشُّ إِلى النَّدَى، ... قَرى مَا قَرى للضّرْسِ بَيْنَ اللَّهازِمِ
أيح: أَيْحَى: كَلِمَةٌ «1» تُقَالُ لِلرَّامِي إِذا أَصاب، فإِذا أَخطأَ قِيلَ: بَرْحَى. الأَزهري فِي آخِرِ حَرْفِ الْحَاءِ فِي اللَّفِيفِ: أَبو عَمْرٍو: يُقَالُ لِبَيَاضِ الْبَيْضَةِ الَّتِي تؤْكل: الآحُ، وَلِصُفْرَتِهَا: الماحُ، والله أَعلم.

فصل الباء
بجح: البَجَحُ: الفَرَحُ، بَجِحَ بَجَحاً «2»، وبَجَحَ يَبْجَحُ وابْتَجَحَ: فَرِحَ؛ قال:
__________
(1).
قوله [أُيحى كلمة إلخ] بفتح الهمزة وكسرها مع فتح الحاء فيهما. وآح، بكسر الحاء غير منوّن: حكاية صوت الساعل. ويقال لمن يكره الشيء: آح بكسر الحاء وفتحها بلا تنوين فيهما كما في القاموس.
(2).
قوله [بجح بجحاً إلخ] بابه فرح ومنع انتهى. قاموس.

(2/405)


ثُمَّ اسْتَمرَّ بِهَا شَيْحانُ مُبْتَجِحٌ ... بالبَيْنِ عَنْكَ بِمَا يَرْآك شَنْآنا
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: بَجِحَ بِالشَّيْءِ، وبَجَحَ بِهِ أَيضاً، بِالْفَتْحِ: لُغَةٌ ضَعِيفَةٌ فِيهِ. وتَبَجَّحَ: كابْتَجَحَ. وَرَجُلٌ بَجَّاحٌ. وأَبْجَحَه الأَمْرُ وبَجَّحَه: أَفرحه. وَفِي حَدِيثِ
أُمِّ زَرْع؛ وبَجَّحَني فَبَجَحْتُ
أَي فَرَّحَني فَفرِحْت، وَقِيلَ: عَظَّمني فعَظُمَتْ نَفْسِي عِنْدِي. وبَجَّحْتُه أَنا تَبْجِيحاً فَتَبَجَّحَ أَي أَفرحته فَفَرِح. وَرَجُلٌ باجٍحٌ: عَظِيمٌ مِنْ قومٍ بُجَّحٍ وبُجْحٍ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
عَلَيْكَ سَيْبُ الخُلفاءِ البُجَّحِ
وتَبَجَّحَ بِهِ: فَخَرَ. وَفُلَانٌ يَتَبَجَّحُ عَلَيْنَا ويَتَمَجَّحُ إِذا كَانَ يَهْذي بِهِ إِعجاباً، وَكَذَلِكَ إِذا تَمَزَّحَ بِهِ. اللِّحْيَانِيُّ: فُلَانٌ يَتَبَجَّحُ ويَتَمَجَّح أَي يَفْتَخِرُ وَيُبَاهِي بشيءٍ مَا، وَقِيلَ: يَتَعَظَّمُ، وَقَدْ بَجِحَ يَبْجَحُ؛ قَالَ الرَّاعِي:
وَمَا الفَقْرُ عَنْ أَرضِ العَشِيرةِ ساقَنا ... إِليكَ، ولكنَّا بِقُرباكَ نَبْجَحُ
بحح: البُحَّة والبَحَحُ والبَحاحُ والبُحُوحةُ والبَحاحةُ: كلُّه غِلَظٌ فِي الصَّوْتِ وخُشُونة، وَرُبَّمَا كَانَ خِلْقَةً. بَحَّ يَبَحُّ «1» ويَبُحُّ: كَذَا أَطلقه أَهل التَّجْنِيسِ وحَلَّه ابنُ السِّكِّيتِ فَقَالَ: بَحِحْتَ، بِالْكَسْرِ، تَبَحُّ بَحَحاً. وَفِي الْحَدِيثِ:
فأَخَذَتِ النبيَّ، صلى الله عليه وَسَلَّمَ، بُحَّةٌ
؛ البُحَّةُ، بِالضَّمِّ: غِلَظٌ فِي الصَّوْتِ. يُقَالُ: بَحَّ يَبُحُّ بُحوحاً، وإِن كَانَ مِنْ دَاءٍ، فَهُوَ البُحاحُ. وَرَجُلٌ أَبَحُّ بَيِّنُ البَحَحِ إِذا كَانَ ذَلِكَ فِيهِ خِلْقَةً. قَالَ الأَزهري: البَحَحُ مَصْدَرُ الأَبَحِّ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأُرى اللحياني حَكَى بَحَحْتَ تَبْحَحُ، وَهِيَ نَادِرَةٌ لأَن مِثْلَ هَذَا إِنما يُدْغَمُ وَلَا يُفَكُّ، وَقَالَ: رَجُلٌ أَبَحُّ وَلَا يُقَالُ باحٌّ؛ وامرأَة بَحَّاءُ وبَحَّة؛ وَفِي صَوْتِهِ بُحَّة، بِالضَّمِّ. وَيُقَالُ: مَا زِلْتُ أَصِيحُ حَتَّى أَبَحَّني ذَلِكَ. قَالَ الأَزهري: بحِحْتُ أَبَحُّ هِيَ اللُّغَةُ الْعَالِيَةُ، قَالَ: وبَحَحْتُ، بِالْفَتْحِ، أَبَحُّ، لُغَةٌ؛ وَقَوْلُ الجعْدي يَصِفُ الدِّينَارَ:
وأَبَحَّ جُنْدِيٍّ، وثاقِبةٍ ... سُبِكَتْ، كَثاقِبةٍ مِنَ الجَمْرِ
أَراد بالأَبَحِّ: دِينَارًا أَبَحَّ فِي صَوْتِهِ. جُنْدِيّ: ضُرِبَ بأَجْنادِ الشَّامِ. وَالثَّاقِبَةُ: سَبِيكَة مِنْ ذَهَبٍ تَثْقُبُ أَي تَتَّقِدُ. والبَحَحُ فِي الإِبل: خُشُونة وحَشْرَجةٌ فِي الصَّدْرِ. بَعِيرٌ أَبَحُّ وعودٌ أَبَحُّ: غَلِيظُ الصَّوْتِ. والبَمُّ يُدْعى الأَبَحَّ لِغِلَظِ صَوْتِهِ. وشَحِيحٌ بَحِيحٌ، إِتباع، وَالنُّونُ أَعلى، وَسَنَذْكُرُهُ. والبُحُّ: جَمْعُ أَبَحّ. والبُحُّ: القِداحُ الَّتِي يُسْتَقْسَمُ بِهَا؛ قَالَ خُفافُ بنُ نُدْبَةَ السُّلَمِيُّ:
إِذا الحَسْناءُ لَمْ تَرْحَضْ يَدَيْها، ... وَلَمْ يُقْصَرْ لَهَا بَصَرٌ بِسِتْرِ
قَرَوْا أَضْيافَهُمْ رَبَحاً بِبُحٍّ، ... يَعِيشُ بفَضْلِهِنَّ الحَيُّ سُمْرِ
هُمُ الأَيْسارُ، إِنْ قَحَطَتْ جُمادى، ... بكلِّ صَبِيرِ غاديةٍ وقَطْرِ
قَالَ: وَالصَّبِيرُ مِنَ السَّحَابِ الَّذِي يَصِيرُ بَعْضُهُ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاً، وَيُرْوَى: يَجِيءُ بفضلهم المَشّ أَي المَسح. أَراد بالبُحِّ القِداحَ الَّتِي لَا أَصوات لَهَا. والرَّبح، بِفَتْحِ الرَّاءِ: الشَّحْمُ. وكِسْرٌ أَبَحُّ: كَثِيرُ المُخِّ؛ قَالَ:
وعاذِلَةٍ هَبَّتْ بليلٍ تَلُومُني، ... وَفِي كَفِّها كِسْرٌ أَبَحُّ رَذُومُ
__________
(1).
قوله [بح يبح إلخ] بابه فرح ومنع كما في القاموس. ووجد يبح بضم الباء بضبط الأَصل والنهاية وعليه فيكون من باب قعد أَيضاً.

(2/406)


ردوم: يَسِيلُ وَدَكُه. الْفَرَّاءُ: البَحْبَحِيُّ الْوَاسِعُ فِي النَّفَقَةِ، الْوَاسِعُ فِي الْمَنْزِلِ. وتَبَحْبَحَ فِي المجدِ أَي أَنه فِي مَجْدٍ وَاسِعٍ. وَجَعَلَ الْفَرَّاءُ التَّبَحْبُحَ مِن الباحَة، وَلَمْ يَجْعَلْهُ مِنَ الْمُضَاعَفِ. وَيُقَالُ: الْقَوْمُ فِي ابْتِحاحٍ أَي فِي سَعَةٍ وخِصْب. والأَبَحُّ: مِنْ شُعراء هُذَيْل ودُهاتهم. والبُحْبوحةُ: وَسَطُ المَحَلَّةِ. وبُحْبوحةُ الدَّارِ: وَسَطُهَا؛ قَالَ جَرِيرٌ:
قَوْمِي تَمِيمٌ، هُمُ القومُ الَّذِينَ هُمُ، ... يَنْفُونَ تَغْلِبَ عَنْ بُحْبوحةِ الدارِ
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: مَن سَرَّه أَن يَسْكُن بُحْبُوحة الْجَنَّةِ فَلْيَلْزَمِ الجماعَةَ، فإِن الشيطان مع الواحد، وَهُوَ مِنَ الِاثْنَيْنِ أَبعد
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: أَراد بُحْبُوحَةَ الْجَنَّةِ وَسَطَهَا. قَالَ: وبُحْبُوحة كُلِّ شَيْءٍ وَسَطُهُ وَخِيَارُهُ. وَيُقَالُ: قَدْ تَبَحْبَحْتُ فِي الدَّارِ إِذا تَوَسَّطْتَها وَتَمَكَّنْتَ مِنْهَا. والتَّبَحْبُح: التَّمَكُّنُ فِي الْحُلُولِ والمُقامِ. وَقَدْ بَحْبَحَ وتَبَحْبَحَ إِذا تَمَكَّنَ وَتَوَسَّطَ الْمَنْزِلَ وَالْمُقَامَ؛ قَالَ: وَمِنْهُ حَدِيثُ غِنَاءِ الأَنصارية:
وأَهْدى لَهَا أَكْبُشاً، ... تَبَحْبَحُ فِي المِرْبَدِ
وزَوْجُكِ فِي النَّادِي، ... ويَعْلَمُ مَا فِي غَدِ «1»
أَي مُتَمَكِّنَةً فِي المِربَد، وَهُوَ الْمَوْضِعُ. وَفِي حَدِيثِ خُزَيْمَةَ: تَفَطَّرَ اللِّحاءُ وتَبَحْبَحَ الحَياءُ
أَي اتَّسَعَ
الْغَيْثُ وَتَمَكَّنَ مِنَ الأَرض. قَالَ الأَزهري: وَقَالَ أَعرابي فِي امرأَة ضَرَبَهَا الطَّلْقُ: تَرَكْتُهَا تَبَحْبَحُ عَلَى أَيدي الْقَوَابِلِ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: زَعَمَ الْكِسَائِيُّ أَنه سَمِعَ رَجُلًا مِنْ بَنِي عَامِرٍ يَقُولُ: إِذا قِيلَ لَنَا أَبَقِيَ عِندكم شَيْءٌ؟ قُلْنَا: بَحْباحِ أَي لَمْ يَبْقَ. وَذَكَرَ الأَزهري: والبَحَّاءُ فِي الْبَادِيَةِ رابيةٌ تُعرف بِرَابِيَةِ البَحَّاءِ؛ قَالَ كَعْبٌ:
وظَلَّ سَراةُ القومِ تُبْرِم أَمرَه، ... بِرابِيَةِ البَحَّاءِ، ذاتِ الأَيايِلِ
بدح: البَدْحُ: ضَرْبُكَ بِشَيْءٍ فِيهِ رَخاوَة كَمَا تأْخذ بِطِّيخَةً فَتَبْدَحُ بِهَا إِنساناً. وبَدَحَه بِالْعَصَا وكَفَحَه بَدْحاً وكَفْحاً: ضَرَبَهُ بِهَا. وبَدَحَه بأَمر: مِثْلُ بَدَهه؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي لأَبي دُوادٍ الإِيادِيِّ:
بالصَّرْمِ مِنْ شَعْثاءَ، والحَبْلِ ... الَّذِي قَطَعَتْه بَدْحا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بِالصَّرْمِ مُتَعَلِّقَةٌ بِقَوْلِهِ [أَبقيت] فِي الْبَيْتِ الَّذِي قَبْلَهُ، وَهُوَ:
فَزَجَرْتُ أَوَّلَها، وَقَدْ ... أُبْقِيتُ، حِينَ خَرَجْنَ، جُنْحا
وَقِيلَ: إِن قَوْلَهُ بَدْحاً، بِمَعْنَى قَطْعاً، وَيُرْوَى: بَرْحاً أَي تَبْرِيحًا وَتَعْذِيبًا؛ يُرِيدُ أَنه زَجَرَ عَلَى مَحْبُوبَتِهِ بِالْبَارِحِ وَالسَّانِحِ فَلَمْ يَكُنْ مِنْهَا وَصْلٌ لِحَبْلِهِ؛ أَلا تَرَى قَوْلَهُ قَبْلَ الْبَيْتِ:
بَرَحَتْ عَلَيَّ بِهَا الظِّباءُ، ... ومَرَّتِ الغِرْبانُ سَنْحا
بَرَحَتْ: مِن البارِح. وسَنَحَتْ: مِن السانحِ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: بَدْحاً أَي عَلَانِيَةً. والبَدْحُ: الْعَلَانِيَةُ. والبَدْحُ مِنْ قَوْلِهِمْ بَدَح بِهَذَا الأَمر أَي بَاحَ بِهِ. وَفِي حَدِيثِ
أُم سَلَمَةَ لِعَائِشَةَ: قَدْ جَمَعَ القرآنُ ذَيْلَكِ فَلَا تَبْدَحيه
أَي لَا تُوَسِّعِيه بِالْحَرَكَةِ وَالْخُرُوجِ. وَيُرْوَى بِالنُّونِ، وسيأْتي ذِكْرُهُ فِي مَوْضِعِهِ. وبَدَح الشيءَ يَبْدَحُه بَدْحاً: رَمى بِهِ. وتَبادَحُوا: تَرامَوْا بِالْبِطِّيخِ والرُّمَّان وَنَحْوَ ذَلِكَ
__________
(1).
قوله [وزوجك في النادي] كذا بالأَصل.

(2/407)


عَبَثًا. وتَبادَحُوا بالكُرينَ: تَرامَوْا. وَفِي حَدِيثِ
بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: كَانَ أَصحاب مُحَمَّدٍ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَتَمازَحُون ويَتَبادَحُون بِالْبِطِّيخِ، فإِذا جاءَت الْحَقَائِقُ كَانُوا هُمُ الرجالَ
، أَي يترامَون بِهِ؛ يُقَالُ: بَدَحَ يَبْدَحُ إِذا رَمَى. والبِدْحُ، بِالْكَسْرِ: الْفَضَاءُ الْوَاسِعُ، وَالْجَمْعُ بُدُوحٌ وبِداحٌ. والبَداحُ، بِالْفَتْحِ: المُتَّسِعُ مِنَ الأَرض، وَالْجَمْعُ بُدُحٌ مِثْلَ قَذال وقُذُل. والبِداحُ، بِالْكَسْرِ: الأَرض اللَّيِّنة الْوَاسِعَةُ. الأَصمعي: البَداحُ، عَلَى لَفْظِ جَناح، الأَرض اللَّيِّنَةُ الْوَاسِعَةُ؛ والبَداحُ والأَبْدَحُ والمَبْدوحُ: مَا اتَّسَعَ مِنَ الأَرض، كَمَا يُقَالُ الأَبْطَحُ والمَبْطُوحُ؛ وأَنشد:
إِذا عَلا دَوِّيَّه المَبْدُوحا
رواه بالباء؛ وبُدْحةُ الجار: ساحَتُها. وتَبَدَّحَتِ الناقةُ: تَوَسَّعَتْ وَانْبَسَطَتْ؛ قَالَ:
يَتْبَعْنَ شَدْوَ رَسْلَةٍ تَبَدَّحُ
وَقِيلَ: كُلُّ مَا تَوَسَّع، فَقَدْ تَبَدَّح. الأَزهري عَنْ أَبي عَمْرٍو: الأَبْدَحُ الْعَرِيضُ الجَنْبَيْن مِنَ الدَّوَابِّ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
حَتَّى تُلاقِي ذاتَ دَفٍّ أَبْدَحِ، ... بِمُرْهَفِ النَّصْلِ، رَغِيبِ المَجْرَحِ
وبَدَحَتِ المرأَةُ تَبْدَحُ بُدُوحاً، وتَبَدَّحَتْ: حَسُنَ مَشْيُها، ومَشَتْ مِشْيَةً فِيهَا تَفَكُّكٌ؛ وَقَالَ الأَزهري: هُوَ جِنْسٌ مِنْ مِشْيَتها، وَقَالَ: التَّبَدُّح حُسْنُ مِشْيَةِ المرأَة؛ وأَنشد:
يَبْدَحْنَ فِي أَسْوُقٍ خُرْسٍ خَلاخِلُها
وبَدَحَ لسانَه بَدْحاً: شَقَّه، وَالذَّالُ الْمُعْجَمَةُ لُغَةٌ. وتَبَدَّحَ السحابُ: أَمطر. والبَدْحُ: عَجْزُ الرَّجُلِ عَنْ حَمالةٍ يَحملها. بَدَحَ الرجلُ عَنْ حَمالته، والبعيرُ عَنْ حِمْلِه يَبْدَحُ بَدْحاً: عَجَزَا عَنْهُمَا؛ وأَنشد:
إِذا حَمَلَ الأَحْمالَ لَيْسَ بِبادِحٍ
وبَدَحَني الأَمرُ: مِثْلَ فَدَحَني. وَقَالَ الأَصمعي فِي كِتَابِهِ فِي الأَمثال يَرْوِيهِ أَبو حَاتِمٍ لَهُ: يُقَالُ: أَكلَ مالَه بأَبْدَحَ ودُبَيْدَح؛ قَالَ الأَصمعي: إِنما أَصله دُبَيْحٌ، وَمَعْنَاهُ أَنه أَكله بِالْبَاطِلِ، وَرَوَاهُ ابْنُ السِّكِّيتِ: أَخذ مالَه بأَبْدَحَ ودُبَيْدَح؛ يُضْرَبُ مَثَلًا للأَمر الَّذِي يَبْطُلُ وَلَا يَكُونُ، وكلُّهم قَالَ: دُبَيْدَح، بِفَتْحِ الدَّالِّ الثَّانِيَةِ. أَبو عَمْرٍو: يُقَالُ ذَبَحه وبَذَحه، ودَبَحه وبَدَحه، وَمِنْهُ سمِّي بُدَيْحٌ المغَنِّي، كَانَ إِذا غَنَّى قَطَعَ غِناءَ غَيْرِهِ بحُسنِ صَوْتِهِ.
بذح: البَذْحُ: الشَّقُّ؛ بَذَح لسانَه. وَفِي التَّهْذِيبِ: بَذَحَ لسانَ الْفَصِيلِ بَذْحاً: فَلَقَهُ أَو شَقَّهُ لئلَّا يَرْتَضِعَ. والبَذْحُ: مَوْضِعُ الشَّقِّ، وَالْجَمْعُ بُذُوحٌ؛ قَالَ:
لأَعْلِطَنَّ حَرْزَماً بِعَلْطِ ... بِلِيتِهِ، عِنْدَ بُذوحِ الشَّرْطِ
قَالَ الأَزهري: وَقَدْ رأَيت مِنَ العُرْبانِ مَنْ يَشُقُّ لِسَانَ الْفَصِيلِ اللّاهِج بِثَنَايَاهُ فَيَقْطَعُهُ، وَهُوَ الإِحْزَاز عِنْدَ الْعَرَبِ. أَبو عَمْرٍو: أَصابه بَذْحٌ فِي رِجْلِهِ أَي شَقٌّ، وَهُوَ مِثْلُ الذَّبْح، وكأَنه مَقْلُوبٌ. وَفِي رِجل فُلَانٍ بُذُوحٌ أَي شُقوق. وتَبَذَّح السحابُ: أَمطر.
برح: بَرِحَ بَرَحاً وبُرُوحاً: زَالَ. والبَراحُ: مَصْدَرُ قَوْلِكَ بَرِحَ مكانَه أَي زَالَ عَنْهُ وَصَارَ فِي

(2/408)


البَراحِ. وَقَوْلُهُمْ: لَا بَراحَ، مَنْصُوبٌ كَمَا نُصِبَ قَوْلُهُمْ لَا رَيْبَ، وَيَجُوزُ رَفْعُهُ فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ لَيْسَ؛ كَمَا قَالَ سعدُ بنُ ناشِبٍ فِي قَصِيدَةٍ مَرْفُوعَةٍ:
مَنْ فَرَّ عَنْ نِيرانِها، ... فأَنا ابنُ قَيْسٍ لَا بَراحُ
قَالَ ابْنُ الأَثير: الْبَيْتُ لِسَعْدِ بْنِ مَالِكٍ يُعَرِّضُ بِالْحَرَثِ بْنِ عَبَّاد، وَقَدْ كَانَ اعْتَزَلَ حَرْبَ تَغْلِبَ وبكرٍ ابْنَيْ وَائِلٍ؛ وَلِهَذَا يَقُولُ:
بِئْسَ الخَلائِفُ بَعْدَنا: ... أَولادُ يَشْكُرَ واللِّقاحُ
وأَراد بِاللَّقَاحِ بَنِي حَنِيفَةَ، سُمُّوا بِذَلِكَ لأَنهم لَا يَدِينُونَ بِالطَّاعَةِ لِلْمُلُوكِ، وَكَانُوا قَدِ اعْتَزَلُوا حَرْبَ بَكْرٍ وتَغْلِبَ إِلَّا الفِنْدَ الزِّمَّانِيَّ. وتَبَرَّح: كَبَرِحَ؛ قَالَ مُلَيحٌ الهُذَليُّ:
مَكَثْنَ عَلَى حاجاتِهنَّ، وَقَدْ مَضَى ... شَبابُ الضُّحَى، والعِيسُ مَا تَتَبَرَّحُ
وأَبْرَحَه هُوَ. الأَزهري: بَرِحَ الرجلُ يَبْرَحُ بَراحاً إِذا رامَ مِنْ مَوْضِعِهِ. وَمَا بَرِحَ يَفْعَلُ كَذَا أَي مَا زَالَ، وَلَا أَبْرَحُ أَفعل ذَاكَ أَي لَا أَزال أَفعله. وبَرِحَ الأَرضَ: فارَقَها. وَفِي التَّنْزِيلِ: فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي
؛ وَقَوْلُهُ تَعَالَى: لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ
أَي لَنْ نَزالَ. وحَبِيلُ بَراحٍ: الأَسَدُ كأَنه قَدْ شُدّ بِالْحِبَالِ فَلَا يَبْرَح، وَكَذَلِكَ الشجاعُ. والبَراحُ: الظُّهُورُ وَالْبَيَانُ. وبَرِحَ الخَفاء وبَرَحَ، الأَخيرة عَنِ ابْنِ الأَعرابي: ظَهَر؛ قَالَ:
بَرَحَ [بَرِحَ] الخَفاءُ فَمَا لَدَيَّ تَجَلُّدٌ
أَي وَضَحَ الأَمر كأَنه ذَهَبَ السِّرُّ وَزَالَ. الأَزهري: بَرِحَ الخَفاء مَعْنَاهُ زَالَ الخَفاءُ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ ظَهَرَ مَا كَانَ خَافِيًا وَانْكَشَفَ، مأْخوذ مِنْ بَراحِ الأَرض، وَهُوَ الْبَارِزُ الظَّاهِرُ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ ظَهَرَ مَا كُنْتُ أُخْفِي. وَجَاءَ بِالْكُفْرِ بَراحاً أَي بَيِّناً. وَفِي الْحَدِيثِ:
جَاءَ بِالْكُفْرِ بَراحاً
أَي جِهاراً، مِنْ بَرِحَ الخَفاءُ إِذا ظَهَرَ، وَيُرْوَى بِالْوَاوِ. وجاءَنا بالأَمر بَراحاً أَي بَيِّناً. وأَرض بَراح: وَاسِعَةٌ ظَاهِرَةٌ لَا نَبَاتَ فِيهَا وَلَا عُمرانَ. والبَراح، بِالْفَتْحِ: المُتَّسِع مِنَ الأَرض لَا زَرْعَ فِيهِ وَلَا شَجَرَ. وبَراحُ وبَراحِ: اسْمٌ لِلشَّمْسِ، مَعْرِفَةٌ مِثْلَ قَطامِ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِانْتِشَارِهَا وَبَيَانِهَا؛ وأَنشد قُطْرُبٌ:
هَذَا مُقامُ قَدَمَيْ رَباحِ، ... ذَبَّبَ حَتَّى دَلَكَتْ بَراحِ
بَراحِ يَعْنِي الشَّمْسَ. وَرَوَاهُ الْفَرَّاءُ: بِراحِ، بِكَسْرِ الْبَاءِ، وَهِيَ بَاءُ الْجَرِّ، وَهُوَ جَمْعُ رَاحَةٍ وَهِيَ الْكَفُّ أَي اسْتُريحَ مِنْهَا، يَعْنِي أَن الشَّمْسَ قَدْ غَرَبَتْ أَو زَالَتْ فهم يضعون راحاتهم على عُيُونِهِمْ، يَنْظُرُونَ هَلْ غَرَبَتْ أَو زَالَتْ. وَيُقَالُ لِلشَّمْسِ إِذا غَرَبَتْ: دَلَكَتْ بَراحِ يَا هَذَا، عَلَى فَعالِ: الْمَعْنَى: أَنها زَالَتْ وبَرِحَتْ حِينَ غَرَبَتْ، فَبَراحِ بِمَعْنَى بَارِحَةٍ، كَمَا قَالُوا لِكَلْبِ الصيدِ: كَسابِ بِمَعْنَى كاسِبَة، وَكَذَلِكَ حَذامِ بِمَعْنَى حاذِمَة. وَمَنْ قَالَ: دَلَكَتِ الشمسُ بِراحِ، فَالْمَعْنَى: أَنها كَادَتْ تَغْرُبُ؛ قَالَ: وَهُوَ قَوْلُ الْفَرَّاءِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَهَذَانِ الْقَوْلَانِ، يَعْنِي فَتْحَ الْبَاءِ وَكَسْرَهَا، ذَكَرَهُمَا أَبو عُبَيْدٍ والأَزهريُّ والهَرَوِيُّ وَالزَّمَخْشَرِيُّ وَغَيْرُهُمْ مِنْ مُفَسِّرِي اللُّغَةِ وَالْغَرِيبِ، قَالَ: وَقَدْ أَخذ بعضُ المتأَخرين القولَ الثَّانِيَ عَلَى الْهَرَوِيِّ، فَظَنَّ أَنه قَدِ انْفَرَدَ بِهِ، وخطَّأَه فِي ذَلِكَ، وَلَمْ يَعْلَمْ أَن غَيْرَهُ مِنَ الأَئمة قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ ذَهَبَ إِليه؛ وَقَالَ الغَنَوِيُّ:

(2/409)


بُكْرَةَ حَتَّى دَلَكَتْ بِراحِ
يَعْنِي بِرَائِحٍ، فأَسقط الْيَاءَ، مِثْلَ جُرُف هارٍ وَهَائِرٍ. وَقَالَ الْمُفَضَّلُ: دَلَكَتْ بَراحِ وبَراحُ، بِكَسْرِ الْحَاءِ وَضَمِّهَا؛ وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: دَلَكَتْ بِراحٍ، مَجْرُورٌ منوَّن، وَدَلَكَتْ بَراحُ، مَضْمُومٌ غَيْرُ مُنَوَّنٍ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
حِينَ دلكتْ بَراحِ.
ودُلوك الشَّمْسِ: غُرُوبُهَا. وبَرَّحَ بِنَا فُلَانٌ تَبْريحاً، وأَبْرَحَ، فَهُوَ مُبَرِّحٌ بِنَا ومُبْرِحٌ: آذَانَا بالإِلحاح، وَفِي التَّهْذِيبِ: آذَاكَ بإِلحاح الْمَشَقَّةِ، وَالِاسْمُ البَرْحُ والتَّبْريحُ، وَيُوصَفُ بِهِ فَيُقَالُ: أَمر بَرْحٌ؛ قَالَ:
بِنَا والهَوَى بَرْحٌ عَلَى مَنْ يُغالِبُه
وَقَالُوا: بَرْحٌ بارِحٌ وبَرْحٌ مُبْرِحٌ، عَلَى الْمُبَالَغَةِ، فإِن دَعَوْتَ بِهِ، فَالْمُخْتَارُ النَّصْبُ، وَقَدْ يُرْفَعُ؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
أَمُنْحَدِراً تَرْمِي بِكَ العِيسُ غُرْبَةً؟ ... ومُصْعِدَةً؟ بَرْحٌ لِعَيْنَيْكَ بارِحُ
يَكُونُ دُعَاءً وَيَكُونُ خَبَرًا. والبَرْحُ: الشَّرُّ وَالْعَذَابُ الشَّدِيدُ. وبرَّحَ بِهِ: عَذَّبَهُ. وَالتَّبَارِيحُ: الشَّدَائِدُ، وَقِيلَ: هِيَ كُلَفُ الْمَعِيشَةِ فِي مَشَقَّةٍ. وتَبارِيحُ الشَّوْق: تَوَهُّجُه. وَلَقِيتُ مِنْهُ بَرْحاً بارِحاً أَي شِدَّةً وأَذىً؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
لَقِينَا مِنْهُ البَرْحَ
أَي الشِّدَّةَ؛ وَفِي حَدِيثِ أَهل النَّهْرَوانِ:
لَقُوا بَرْحاً
؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَجَدَّكَ هَذَا، عَمْرَك اللهَ كُلَّمَا ... دَعاكَ الهَوَى؟ بَرْحٌ لِعَيْنَيْكَ بارِحُ
وَضَرَبَهُ ضَرْبًا مُبَرِّحاً: شَدِيدًا، وَلَا تَقُلْ مُبَرَّحاً. وَفِي الْحَدِيثِ:
ضَرْباً غَيْرَ مُبَرِّح
أَي غَيْرَ شاقٍّ. وَهَذَا أَبْرَحُ عَلَيَّ مِنْ ذَاكَ أَي أَشق وأَشدّ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
أَنيناً وشَكْوَى بالنهارِ كَثِيرَةً ... عَلَيَّ، وَمَا يأْتي بِهِ الليلُ أَبْرَحُ
وَهَذَا عَلَى طَرْحِ الزَّائِدِ، أَو يَكُونُ تَعَجُّبًا لَا فِعْلَ لَهُ كأَحْنَك الشاتَين. والبُرَحاءُ: الشِّدَّة وَالْمَشَقَّةُ، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ شِدَّةَ الحُمَّى؛ وبُرَحايا، فِي هَذَا الْمَعْنَى. وبُرَحاءُ الحُمَّى وَغَيْرِهَا: شِدَّة الأَذى. وَيُقَالُ لِلْمَحْمُومِ الشَّدِيدِ الحُمَّى: أَصابته البُرَحاءُ. الأَصمعي: إِذا تمدَّدَ المحمومُ للحُمَّى، فَذَلِكَ الْمُطَوَّى، فإِذا ثَابَ عَلَيْهَا، فَهِيَ الرُّحَضاءُ، فإِذا اشْتَدَّتِ الْحُمَّى، فَهِيَ البُرَحاءُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
بَرَّحَتْ بِيَ الْحُمَّى
أَي أَصابني مِنْهَا البُرَحاءُ، وَهُوَ شِدتُها. وَحَدِيثُ الإِفْكِ:
فأَخذه البُرَحاءُ
؛ هو شَدَّةُ الْكَرْبِ مِنْ ثِقَلِ الوَحْيِ. وَفِي حَدِيثِ قَتْلِ أَبي رَافِعٍ الْيَهُودِيِّ:
بَرَّحَتْ بِنَا امرأَته بالصِّياح.
وَتَقُولُ: بَرَّحَ بِهِ الأَمرُ تَبْريحاً أَي جَهَدَه، وَلَقِيتُ مِنْهُ بَناتِ بَرْحٍ وبَني بَرْحٍ. والبِرَحِينَ والبُرَحِينَ، بِكَسْرِ الْبَاءِ وَضَمِّهَا، والبَرَحِينَ أَي الشَّدَائِدُ وَالدَّوَاهِي، كأَن وَاحِدَ البِرَحِينَ بِرَحٌ، وَلَمْ يَنْطِقْ بِهِ إِلا أَنه مُقَدَّرٌ، كأَن سَبِيلُهُ أَن يَكُونَ الْوَاحِدُ بِرَحة، بالتأْنيث، كَمَا قَالُوا: دَاهِيَةً ومُنْكَرَة، فَلَمَّا لَمْ تَظْهَرِ الْهَاءُ فِي الْوَاحِدِ جَعَلُوا جَمْعَهُ بِالْوَاوِ وَالنُّونِ، عِوَضًا مِنَ الْهَاءِ الْمُقَدَّرَةِ، وَجَرَى ذَلِكَ مَجْرَى أَرضٍ وأَرَضِينَ، وإِنما لَمْ يَسْتَعْمِلُوا فِي هَذَا الإِفرادَ، فَيَقُولُوا: بِرَحٌ، وَاقْتَصَرُوا فِيهِ عَلَى الْجَمْعِ دُونَ الإِفراد مِنْ حَيْثُ كَانُوا يَصِفُونَ الدَّوَاهِيَ بِالْكَثْرَةِ وَالْعُمُومِ وَالِاشْتِمَالِ وَالْغَلَبَةِ؛ وَالْقَوْلُ فِي الفِتْكَرِينَ والأَقْوَرِينَ كَالْقَوْلِ فِي هَذِهِ؛ وَلَقِيتُ مِنْهُ بَرْحاً بارِحاً، ولقيتُ مِنْهُ ابنَ بَرِيحٍ، كَذَلِكَ؛ والبَرِيحُ: التَّعَبُ أَيضاً؛ وأَنشد:
بِهِ مَسِيحٌ وبَرِيحٌ وصَخَبْ
والبَوارِحُ: شِدَّةُ الرِّيَاحِ مِنَ الشَّمَالِ فِي الصَّيْفِ دُونَ الشِّتَاءِ، كأَنه جَمْعُ بارِحَة، وَقِيلَ: الْبَوَارِحُ الرِّيَاحُ

(2/410)


الشَّدَائِدُ الَّتِي تَحْمِلُ التُّرَابَ فِي شِدَّةِ الهَبَواتِ، وَاحِدُهَا بارِحٌ، وَالْبَارِحُ: الرِّيحُ الْحَارَّةُ فِي الصَّيْفِ. وَالْبَوَارِحُ: الأَنْواءُ، حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ عَنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ ورَدَّه عَلَيْهِمْ. أَبو زَيْدٍ: البَوارِحُ الشَّمالُ فِي الصَّيْفِ خَاصَّةً؛ قَالَ الأَزهري: وَكَلَامُ الْعَرَبِ الَّذِينَ شَاهَدْتُهُمْ عَلَى مَا قَالَ أَبو زَيْدٍ، وَقَالَ ابْنُ كُناسَة: كُلُّ رِيحٍ تَكُونُ فِي نُجُوم القَيْظ، فَهِيَ عِنْدَ الْعَرَبِ بَوارِحُ، قَالَ: وأَكثر مَا تَهُبُّ بنُجُوم الْمِيزَانِ وَهِيَ السَّمائِم؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
لَا بَلْ هُوَ الشَّوْقُ مِنْ دارٍ تَخَوَّنَها ... مَرًّا سَحابٌ، ومَرًّا بارِحٌ تَرِبُ
فَنَسَبَهَا إِلى التُّرَابِ لأَنها قَيْظِيَّة لَا رِبْعِيَّة. وبَوارِحُ الصَّيْفِ: كُلُّهَا تَرِبَة. والبارِحُ مِنَ الظِّباءِ وَالطَّيْرِ: خلافُ السَّانح، وَقَدْ بَرَحَتْ تَبْرُحُ «2» بُرُوحاً؛ قَالَ:
فَهُنَّ يَبْرُحْنَ لَهُ بُرُوحا، ... وَتَارَةً يأْتِينَه سُنُوحا
وَفِي الْحَدِيثِ:
بَرَحَ ظَبْيٌ
؛ هُوَ مِنَ الْبَارِحِ ضِدُّ السَّانِحِ. والبارِحُ: مَا مَرَّ مِنَ الطَّيْرِ وَالْوَحْشِ مِنْ يَمِينِكَ إِلى يَسَارِكَ، وَالْعَرَبُ تَتَطَيَّرُ بِهِ لأَنه لَا يُمَكِّنُك أَن تَرْمِيَهُ حَتَّى تَنْحَرِفَ، وَالسَّانِحُ: مَا مرَّ بَيْنَ يَدَيْكَ مِنْ جِهَةِ يَسَارِكَ إِلى يَمِينِكَ، وَالْعَرَبُ تَتَيَمَّنُ بِهِ لأَنه أَمكن لِلرَّمْيِ وَالصَّيْدِ. وَفِي الْمَثَلِ: مَنْ لِي بالسَّانح بَعْدَ البارِحِ؟ يُضرب لِلرَّجُلِ يُسِيءُ الرجلَ، فَيُقَالُ لَهُ: إِنه سَوْفَ يُحْسِنُ إِليك، فَيَضْرِبُ هَذَا الْمَثَلَ؛ وأَصل ذَلِكَ أَن رَجُلًا مَرَّتْ بِهِ ظِباءٌ بارِحَةٌ، فَقِيلَ لَهُ: سَوْفَ تَسْنَحُ لَكَ، فَقَالَ: مَنْ لِي بِالسَّانِحِ بَعْدَ الْبَارِحِ؟ وبَرَحَ الظَّبْيُ، بِالْفَتْحِ، بُرُوحاً إِذا ولَّاك مَيَاسِرَهُ، يَمُرُّ مِنْ مُيَامِنِكَ إِلى مَيَاسِرِكَ؛ وَفِي الْمَثَلِ: إِنما هُوَ كبارِحِ الأُرْوِيِّ قَلِيلًا مَا يُرى؛ يُضْرَبُ ذَلِكَ لِلرَّجُلِ إِذا أَبطأَ عَنِ الزِّيَارَةِ، وَذَلِكَ أَن الأُرْوِيّ يَكُونُ مَسَاكِنُهَا فِي الْجِبَالِ مِنْ قِنانِها فَلَا يَقْدِرُ أَحد عَلَيْهَا أَن تَسْنَحَ لَهُ، وَلَا يَكَادُ النَّاسُ يَرَوْنَها سانِحةً وَلَا بارِحةً إِلَّا فِي الدُّهُورِ مَرَّةً. وقَتَلُوهم أَبْرَحَ قتلٍ أَي أَعجبه؛ وَفِي حَدِيثِ
عِكْرِمَةَ: أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَهَى عَنِ التَّوْلِيهِ والتَّبْرِيح
؛ قَالَ: التَّبْرِيحُ قَتْلُ السَّوْءِ لِلْحَيَوَانِ مِثْلَ أَن يُلْقَى السَّمَكُ عَلَى النَّارِ حَيًّا، وَجَاءَ التَّفْسِيرُ مُتَّصِلًا بِالْحَدِيثِ؛ قَالَ شَمِرٌ: ذَكَرَ ابْنُ الْمُبَارَكِ هَذَا الْحَدِيثَ مَعَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ كَرَاهَةِ إِلقاء السَّمَكَةِ إِذا كَانَتْ حَيَّةً عَلَى النَّارِ وَقَالَ: أَما الأَكل فتؤْكل وَلَا يُعْجِبُنِي، قَالَ: وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَن إِلقاء الْقَمْلِ فِي النَّارِ مِثْلُهُ؛ قَالَ الأَزهري: ورأَيت الْعَرَبَ يَمْلأُون الوِعاءَ مِنَ الْجَرَادِ وَهِيَ تَهْتَشُّ فِيهِ، وَيَحْتَفِرُونَ حُفْرَة فِي الرَّمْلِ وَيُوقِدُونَ فِيهَا ثُمَّ يَكُبُّونَ الْجَرَادَ مِنَ الْوِعَاءِ فِيهَا، ويُهِيلُون عَلَيْهَا الإِرَةَ المُوقَدَةَ حَتَّى تَمُوتَ، ثُمَّ يَسْتَخْرِجُونَهَا ويُشَرِّرُونها فِي الشَّمْسِ، فإِذا يَبِسَتْ أَكلوها. وأَصلُ التَّبْرِيحِ: المشقَّةُ وَالشِّدَّةُ. وبَرَّحَ بِهِ إِذا شَقَّ عَلَيْهِ. وَمَا أَبْرَحَ هَذَا الأَمرَ أَي مَا أَعجبه قَالَ الأَعشى:
أَقولُ لَهَا، حِينَ جَدَّ الرَّحيلُ: ... أَبْرَحْتِ رَبّاً، وأَبرَحْتِ جَارَا
أَي أَعْجَبْتِ وبالغتِ؛ وَقِيلَ: مَعْنَى هَذَا الْبَيْتِ أَبْرَحْتِ أَكْرَمْتِ أَي صادَفْتِ كَرِيمًا؛ وأَبرَحَه بِمَعْنَى أَكرمه وَعَظَّمَهُ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: بَرْحَى لَهُ ومَرْحى لَهُ إِذا تَعَجَّبَ مِنْهُ، وأَنشد بَيْتَ الأَعشى وَفَسَّرَهُ، فَقَالَ: مَعْنَاهُ أَعْظَمْتِ رَبّاً؛ وَقَالَ آخَرُونَ: أَعجَبتِ رَبّاً،
__________
(2).
قوله [وقد برحت تبرح] بابه نصر، وكذا برح بمعنى غضب. وأَما بمعنى زال ووضح فمن باب سمع كما في القاموس.

(2/411)


وَيُقَالُ: أَكْرمت مِنْ رَبٍّ، وَقَالَ الأَصمعي: أَبرَحْتِ بالَغْتِ. وَيُقَالُ: أَبرَحْتَ لُؤْماً وأَبرَحْتَ كَرَماً أَي جِئْتَ بأَمرٍ مُفْرِطٍ. وأَبرَحَ فلانٌ رَجَلًا إِذا فضَّله؛ وَكَذَلِكَ كُلُّ شَيْءٍ تُفَضِّلُه. وبَرَّحَ اللهُ عَنْهُ أَي فَرَّج اللَّهُ عَنْهُ؛ وإِذا غَضِبَ الإِنسان عَلَى صَاحِبِهِ، قِيلَ: مَا أَشَدَّ مَا بَرَحَ عَلَيْهِ وَالْعَرَبُ تَقُولُ: فَعَلْنَا البارِحَةَ كَذَا وَكَذَا لِلَّيلَةِ الَّتِي قَدْ مَضَتْ، يُقَالُ ذَلِكَ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ، وَيَقُولُونَ قَبْلَ الزَّوَالِ: فَعَلْنَا اللَّيْلَةَ كَذَا وَكَذَا؛ وَقَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
تَبَلَّغَ بارِحِيَّ كَراه فِيهِ
قَالَ بَعْضُهُمْ: أَراد النَّوْمَ الَّذِي شَقَّ عَلَيْهِ أَمره لِامْتِنَاعِهِ مِنْهُ، وَيُقَالُ: أَراد نومَ اللَّيْلَةِ البارِحَةِ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: مَا أَشبه اللَّيْلَةَ بِالْبَارِحَةِ أَي مَا أَشْبه اللَّيْلَةَ الَّتِي نَحْنُ فِيهَا بِاللَّيْلَةِ الأُولى الَّتِي قَدْ بَرِحَتْ وَزَالَتْ وَمَضَتْ. والبارِحَةُ: أَقربُ لَيْلَةٍ مَضَتْ؛ تَقُولُ: لَقِيتُهُ البارِحَةَ، وَلَقِيتُهُ البارِحَةَ الأُولى، وَهُوَ مَنْ بَرِحَ أَي زَالَ، وَلَا يُحَقَّرُ؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: حُكِيَ عَنْ أَبي زَيْدٍ أَنه قَالَ: تَقُولُ مُذْ غُدْوَةٍ إِلى أَن تَزُولَ الشَّمْسُ: رأَيت الليلةَ فِي مَنَامِي، فإِذا زَالَتْ، قُلْتَ: رأَيتُ البارِحَةَ؛ وَذَكَرَ السِّيرَافِيُّ فِي أَخبار النُّحَاةِ عَنْ يُونُسَ، قَالَ: يَقُولُونَ كَانَ كَذَا وَكَذَا الليلةَ إِلى ارْتِفَاعِ الضُّحَى، وإِذا جَاوَزَ ذَلِكَ، قَالُوا: كَانَ البارِحَةَ. الْجَوْهَرِيُّ: وبَرْحَى، عَلَى فَعلى، كَلِمَةٌ تُقَالُ عِنْدَ الخطإِ فِي الرَّمي، ومَرْحَى عِنْدَ الإِصابة؛ ابْنُ سِيدَهْ: وَلِلْعَرَبِ كَلِمَتَانِ عِنْدَ الرَّمْيِ: إِذا أَصاب قَالُوا: مَرْحَى، وإِذا أَخطأَ قَالُوا: بَرْحى. وقولٌ بَرِيحٌ: مُصَوَّبٌ بِهِ؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:
أَراه يُدافِعُ قَوْلًا بَرِيحا
وبُرْحةُ كُلِّ شَيْءٍ: خِيارُه؛ وَيُقَالُ: هَذِهِ بُرْحَةٌ مِنَ البُرَحِ، بِالضَّمِّ، لِلنَّاقَةِ إِذا كَانَتْ مِنْ خِيَارِ الإِبل؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: يُقَالُ لِلْبَعِيرِ هُوَ بُرْحَة مِنَ البُرَحِ؛ يُرِيدُ أَنه مِنْ خِيَارِ الإِبل. وابنُ بَرِيح، وأُمُّ بَرِيحٍ: اسمٌ لِلْغُرَابِ معرفةٌ، سمِّي بِذَلِكَ لِصَوْتِهِ؛ وهُنَّ بناتُ بَرِيحٍ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ أَن يَقُولَ ابنُ بَرِيح، قَالَ: وَقَدْ يُستعمل أَيضاً فِي الشِّدَّة، يُقَالُ: لَقِيتُ مِنْهُ ابنَ بَريحٍ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
سَلا القلبُ عَنْ كُبْراهما بعدَ صَبْوَةٍ، ... ولاقَيْتَ مِنْ صُغْراهما ابنَ بَرِيحِ
وَيُقَالُ فِي الْجَمْعِ: لَقِيتُ مِنْهُ بناتِ بَرْحٍ وبَني بَرْحٍ. ويَبْرَحُ: اسْمُ رَجُلٍ؛ وَفِي حَدِيثِ
أَبي طَلْحَةَ: أُحب أَموالي إِليّ بَيْرَحَاءُ
؛ ابْنُ الأَثير: هَذِهِ اللَّفْظَةُ كَثِيرًا مَا تَخْتَلِفُ أَلفاظ المحدِّثين فِيهَا فَيَقُولُونَ: بَيرَحاء، بِفَتْحِ الْبَاءِ وَكَسْرِهَا، وَبِفَتْحِ الرَّاءِ وَضَمِّهَا، وَالْمَدِّ فِيهِمَا، وَبِفَتْحِهِمَا وَالْقَصْرِ، وَهُوَ اسْمُ مَالٍ وَمَوْضِعٍ بِالْمَدِينَةِ، قَالَ: وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي الْفَائِقِ: إِنها فَيْعَلٌ مِنَ الْبَرَاحِ، وَهِيَ الأَرض الظاهرة.
بربح: بَرْبَحٌ: موضع.
برقحة: البرقحة «1»
بطح: البَطْحُ: البَسْطُ. بَطَحه عَلَى وَجْهِهِ يَبطَحُه بَطْحاً أَي أَلقاه عَلَى وَجْهِهِ فانْبَطَح. وتَبَطَّحَ فُلَانٌ إِذا اسْبَطَرَّ عَلَى وَجْهِهِ مُمْتَدًّا عَلَى وَجْهِ الأَرض؛ وَفِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ:
بُطِحَ لَهَا بقاعٍ
أَي أُلقي صَاحِبُهَا عَلَى وَجْهِهِ لتطأَه. والبَطْحاءُ: مَسِيلٌ فِيهِ دُقاقُ الحَصى. الجوهري:
__________
(1).
زاد في القاموس البرقحة، بِفَتْحِ الْبَاءِ وَسُكُونِ الرَّاءِ المهملة، وفتح القاف والحاء: وهي قبح الوجه.

(2/412)


الأَبْطَحُ مَسِيل واسِع فِيهِ دُقاقُ الحَصى. ابْنُ سِيدَهْ: وَقِيلَ بَطْحاءُ الْوَادِي تُرَابٌ لَيِّنٌ مِمَّا جَرَّتْه السُّيُولُ، وَالْجَمْعُ بَطْحاواتٌ وبِطاحٌ. يُقَالُ: بِطاحٌ بُطَّحٌ، كَمَا يُقَالُ أَعوامٌ عُوَّمٌ، فإِن اتَّسَعَ وعَرُضَ، فَهُوَ الأَبطَحُ، وَالْجَمْعُ الأَباطِحُ، كسَّروه تَكْسِيرَ الأَسماء، وإِن كَانَ فِي الأَصل صِفَةً لأَنه غَلَبَ كالأَبْرَقِ والأَجْرَع فَجَرَى مَجْرَى أَفْكَل؛ وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: أَنه أَول من بَطَحَ المسجدَ، وَقَالَ: ابْطَحُوه مِنَ الْوَادِي الْمُبَارَكِ
، أَي أَلقَى فِيهِ البَطْحاءَ، وَهُوَ الْحَصَى الصِّغار. قَالَ ابْنُ الأَثير: وبَطْحاءُ الْوَادِي وأَبْطَحُه حَصاه اللَّيِّنُ فِي بَطْنِ المَسِيل؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثِ:
أَنه، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، صلَّى بالأَبْطَح
؛ يَعْنِي أَبْطَح مَكَّةَ، قَالَ: هُوَ مَسِيلُ وَادِيهَا. الْجَوْهَرِيُّ: والبَطِيحَةُ والبَطْحاءُ مِثْلُ الأَبْطَحِ، وَمِنْهُ بَطْحاءُ مَكَّةَ. أَبو حَنِيفَةَ: الأَبْطَحُ لَا يُنْبِتُ شَيْئًا إِنما هُوَ بَطْنُ المَسِيل النَّضِرِ. الأَبْطَحُ: بَطْنُ المَيْثاء والتَّلْعَةِ وَالْوَادِي، وَهُوَ البَطْحاءُ، وَهُوَ التُّرَابُ السَّهْلُ فِي بُطُونِهَا مِمَّا قَدْ جَرَّته السُّيُولُ؛ يُقَالُ: أَتينا أَبْطَحَ الْوَادِي فَنِمْنَا عَلَيْهِ، وبَطْحاؤُه مِثْلُهُ، وَهُوَ تُرَابُهُ وَحَصَاهُ السَّهْلُ اللَّيِّنُ. أَبو عَمْرٍو: البَطِحُ رَمْلٌ فِي بَطْحاءَ، وسمِّي الْمَكَانُ أَبْطَحَ لأَنَّ الْمَاءَ يَنْبَطِح فِيهِ أَي يَذْهَبُ يَمِينًا وَشِمَالًا. والبَطِحُ: بِمَعْنَى الأَبْطَحِ؛ وَقَالَ لَبِيدٌ:
يَزَعُ الهَيَامَ عَنِ الثَّرَى ويَمُدُّه ... بَطِحٌ يُهايِلُه عَنِ الكُثْبانِ
وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ عُمَرُ أَوَّلَ مَنْ بَطَحَ الْمَسْجِدَ، وَقَالَ: ابْطَحُوه مِنَ الْوَادِي الْمُبَارَكِ، وَكَانَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، نَائِمًا بالعَقِيقِ، فَقِيلَ: إِنك بِالْوَادِي الْمُبَارَكِ
؛ قَوْلُهُ: بَطَحَ الْمَسْجِدَ أَي أَلقى فِيهِ الْحَصَى ووَثَّرَه بِهِ. ابْنُ شُمَيْلٍ: بَطْحاءُ الْوَادِي وأَبطَحُه حَصَاهُ السَّهْلُ اللَّيِّنُ فِي بَطْنِ الْمُسِيلِ. واسْتَبْطَحَ الْوَادِي وانْبَطَحَ فِي هَذَا الْمَكَانِ أَي اسْتَوْسَعَ فِيهِ. وتَبَطَّح الْمَكَانُ وَغَيْرُهُ: انْبَسَطَ وانتصبَ؛ قَالَ:
إِذا تَبَطَّحْنَ عَلَى المَحامِلِ، ... تَبَطُّحَ البَطِّ بِجَنْبِ الساحِلِ
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الزُّبَيْرِ وَبِنَاءِ الْبَيْتِ: فأَهابَ بالناسِ إِلى بَطْحِه
أَي تَسْوِيَتِهِ. وتَبَطَّحَ السَّيلُ: اتَّسع فِي البَطْحاءِ؛ وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: سَالَ سَيْلًا عَرِيضًا؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وَلَا زالَ، مِنْ نَوْءِ السِّماكِ عَلَيْكُمَا ... ونَوْءِ الثُّرَيَّا، وابِلٌ مُتَبَطِّحُ
الأَزهري: وَفِي النَّوَادِرِ: البُطاحُ مَرَضٌ يأْخذ مِنَ الحُمَّى؛ وَرَوِيَ عَنِ ابْنِ الأَعرابي أَنه قَالَ: البُطاحِيُّ مأْخوذ مِنَ البُطاحِ، وَهُوَ الْمَرَضُ الشَّدِيدُ. وبَطْحاءُ مَكَّةَ وأَبْطَحُها: مَعْرُوفَةٌ، لانْبِطاحِها، ومِنًى مِنَ الأَبْطَحِ، وقُرَيشُ البِطاحِ: الَّذِينَ يَنْزِلُونَ أَباطِحَ مَكَّةَ وبَطْحاءَها، وقريشُ الظَّواهر: الَّذِينَ يَنْزِلُونَ مَا حَوْلَ مَكَّةَ؛ قَالَ:
فَلَوْ شَهِدَتْني مِنْ قُرَيْشٍ عِصابَةٌ، ... قُرَيْشِ البِطاحِ، لَا قُرَيشِ الظواهِر.
الأَزهري ابْنُ الأَعرابي: قُرَيْشُ الْبِطَاحِ هُمُ الَّذِينَ يَنْزِلُونَ الشِّعْبَ بَيْنَ أَخْشَبَيْ مَكَّةَ، وقريشُ الظَّوَاهِرِ الَّذِينَ يَنْزِلُونَ خارجَ الشِّعْب، وأَكرمُهما قُرَيْشُ الْبِطَاحِ. وَيُقَالُ: بَيْنَهُمَا بَطْحةٌ بَعِيدَةٌ أَي مَسَافَةٌ؛ وَيُقَالُ: هُوَ بَطْحةُ رَجُلٍ، مِثْلَ قَوْلِكَ قامَةُ رَجُلٍ. والبَطِيحَة: مَا بَيْنَ واسطَ والبَصْرة، وَهُوَ مَاءٌ مُسْتَنْقِع لَا يُرَى طَرَفَاهُ مِنْ سَعَته، وَهُوَ مَغِيضُ

(2/413)


مَاءِ دِجْلَة والفُرات، وَكَذَلِكَ مَغايِضُ مَا بَيْنَ بَصْرَةَ والأَهْواز. والطَّفُّ: ساحلُ البَطِيحةِ، وَهِيَ البَطائِحُ. والبُطْحانُ وبُطاحُ: مَوْضِعٌ. وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ بُطاحٍ، هُوَ بِضَمِّ الباءِ وَتَخْفِيفِ الطَّاءِ: مَاءٌ فِي دِيَارٍ بَنِي أَسد، وَبِهِ كَانَتْ وَقْعَةُ أَهل الرِّدة. وبَطائِحُ النَّبَطِ بَيْنَ العِراقَيْنِ. الأَزهري: بُطاحٌ مَنْزِلٌ لِبَنِي يَربوع، وَقَدْ ذَكَرَهُ لَبِيدٌ فَقَالَ:
تَرَبَّعَتِ الأَشْرافُ، ثُمَّ تَصَيَّفَتْ ... حِساءَ البُطاحِ، وانْتَجَعْنَ السَّلائِلا
وبُطْحانُ: مَوْضِعٌ بِالْمَدِينَةِ. وبُطْحانَى: مَوْضِعٌ آخَرُ فِي دِيَارِ تَمِيمٍ، ذَكَرَهُ الْعَجَّاجُ:
أَمْسى جُمانٌ كالدَّهِينِ مُضَرَّعا ... بِبُطْحانَ «2» ... قبلتين مُكَنَّعا
جُمان: اسْمُ جَمَلِهِ. مُكَنَّعاً أَي خَاضِعًا، وَكَذَلِكَ المُضَرَّعُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ كِمامُ أَصحاب النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بُطْحاً
أَي لازِقةً بالرأْس غَيْرَ ذَاهِبَةٍ فِي الْهَوَاءِ. والكِمامُ: جُمَعُ كُمَّةٍ، وَهِيَ الْقَلَنْسُوَةُ؛ وَفِي حَدِيثِ الصَّداق:
لَوْ كُنْتُمْ تَغرِفُون مِنْ بَطْحانَ مَا زِدْتُمْ
؛ بَطْحان، بِفَتْحِ الْبَاءِ: اسْمُ وَادِي الْمَدِينَةِ وإِليه يُنْسَبُ البَطْحانِيُّونَ، وأَكثرهم يَضُمُّ الْبَاءَ، قَالَ ابْنُ الأَثير: وَلَعَلَّهُ الأَصح.
بقح: البَقِيحُ: البَلَحُ، عَنْ كُرَاعٍ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَسْتُ مِنْهُ عَلَى ثِقَةٍ.
بلح: البَلَحُ: الخَلالُ، وَهُوَ حَمْلُ النَّخْلِ مَا دَامَ أَخضر صِغاراً كحِصرِم الْعِنَبِ، وَاحِدَتُهُ بَلَحة. الأَصمعي: البَلَحُ هُوَ السَّيابُ. وَقَدْ أَبْلَحَتِ النَّخْلَةُ إِذا صَارَ مَا عَلَيْهَا بَلَحاً. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الزُّبَيْرِ: ارْجِعُوا، فَقَدْ طابَ البَلَحُ
؛ ابْنُ الأَثير: هُوَ أَول مَا يُرْطِبُ البُسْرُ، والبَلَحُ قَبْلَ البُسْر لأَن أَوَّل التَّمْرِ طَلْعٌ ثُمَّ خَلالٌ ثُمَّ بَلَحٌ ثُمَّ بُسْر ثُمَّ رُطَب ثُمَّ تَمْر. والبَلَحِيَّاتُ: قَلَائِدُ تُصْنَعُ مِنَ البَلَح، عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. والبُلَحُ: طَائِرٌ أَعظم مِنَ النَّسْر أَبْغَثُ اللَّوْنِ مُحْتَرِقُ الرِّيش، يُقَالُ: إِنه لَا تَقَعُ رِيشَةٌ مِنْ رِيشِهِ فِي وَسَطِ رِيشِ سَائِرِ الطَّائِرِ إِلا أَحرقته؛ وَقِيلَ: هُوَ النَّسْر الْقَدِيمُ الهَرِمُ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: البُلَحُ طَائِرٌ أَكبر مِنَ الرَّخَم، وَالْجَمْعُ بِلْحانٌ وبُلْحانٌ. والبُلُوحُ: تَبَلُّدُ الْحَامِلِ مِنْ تَحْتِ الحَمْلِ مِنْ ثِقَلِه، وَقَدْ بَلَحَ يَبْلَحُ بُلُوحاً، وبَلَّحَ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ يَصِفُ النَّمْلَ حِينَ يَنْقُلُ الحَبَّ فِي الحَرّ:
وبَلَح النملُ بِهِ بُلُوحا
وَيُقَالُ: حَمَلَ عَلَى الْبَعِيرِ حَتَّى بَلَح؛ أَبو عُبَيْدٍ: إِذا انْقَطَعَ مِنَ الإِعياء فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى التحرُّك، قِيلَ: بَلَحَ. والبالِحُ والمُبالِحُ: الْمُمْتَنِعُ الغالبُ؛ قَالَ:
ورَدَّ عَلَيْنَا العَدْلُ مِنْ آلِ هاشِمٍ ... حَرائِبَنا، مِنْ كلِّ لِصٍّ مُبالِح
وبالَحَهُمْ: خَاصَمَهُمْ حَتَّى غَلَبَهُمْ وَلَيْسَ بِمُحِقٍّ. وبَلَحَ عليَّ وبَلَّحَ أَي لَمْ أَجد عِنْدَهُ شَيْئًا. الأَزهري: بَلَح مَا عَلَى غَريمي إِذا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ شَيْءٌ. وبَلَحَ الغَريمُ إِذا أَفلس. وبَلَحَتِ الْبِئْرُ تَبْلَحُ بُلوحاً، وَهِيَ بالِحٌ: ذَهَبَ ماؤُها. وبَلَحَ الماءُ بُلُوحاً إِذا ذَهَبَ، وَبِئْرٌ بَلُوحٌ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
وَلَا الصَّمارِيدُ البِكاءُ البُلْحُ
ابْنُ بُزُرجٍ: البَوالِحُ مِنَ الأَرَضين الَّتِي قَدْ عُطِّلَتْ فَلَا تُزْرَعُ وَلَا تُعْمَر. والبالِحُ: الأَرض التي لا
__________
(2).
كذا بياض بأَصله.

(2/414)


تَنْبُتُ شَيْئًا؛ وأَنشد:
سَلا لِي قُدُورَ الحارِثِيَّةِ: مَا تَرَى؟ ... أَتَبْلَحُ أَم تُعْطِي الوَفاءَ غَرِيمَها؟
التَّهْذِيبُ: بَلَحَتْ خَفارَتُه إِذا لَمْ يفِ؛ وقال بِشْرُ ابْنُ أَبي خَازِمٍ:
أَلا بَلَحَتْ خَفَارَةُ آلِ لأْيٍ، ... فَلَا شَاةً تَرُدُّ، وَلَا بَعيرا
وبَلَح الرجلُ بِشَهَادَتِهِ يَبْلَح بَلْحاً: كَتَمَهَا. وبَلَحَ بالأَمر: جَحَده. قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: اسْتَبق رَجُلَانِ فَلَمَّا سَبَقَ أَحدهما صَاحِبَهُ تَبالَحا أَي تَجَاحَدَا. والبَلْحةُ والبَلْجة: الِاسْتُ، عَنْ كُرَاعٍ، وَالْجِيمُ أَعلى وَبِهَا بدأَ. وبَلَحَ الرَّجُلُ بُلُوحاً أَي أَعيا؛ قَالَ الأَعشى:
واشْتَكى الأَوْصالَ مِنْهُ وبَلَحْ
وبَلَّحَ تَبْليحاً مِثْلَهُ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا يَزَالُ الْمُؤْمِنُ مُعْنِقاً صَالِحًا مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا، فإِذا أَصاب دَمًا حَرَامًا بَلَّح
؛ بَلَّح أَي أَعيا؛ وَقَدْ أَبْلَحَه السيرُ فانْقُطِع بِهِ؛ يُرِيدُ وَقُوعَهُ فِي الْهَلَاكِ بإِصابة الدَّمِ الْحَرَامِ، وَقَدْ تُخَفَّفُ اللَّامُ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
اسْتَنْفَرْتهم فَبَلَحُوا عليَ
أَي أَبَوْا، كأَنهم أَعْيَوا عَنِ الخُروج مَعَهُ وإِعانته؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ فِي الَّذِي يَدْخُلُ الْجَنَّةَ آخِرَ الناسِ، يُقَالُ لَهُ:
اعْدُ مَا بَلَغَتْ قَدَمَاكَ، فَيَعْدُو حَتَّى إِذا مَا بَلَّح
؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
عليَّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فِي الْفِتَنِ: إِن مِنْ وَرَائِكُمْ فِتَنًا وَبَلَاءً مُكْلِحاً ومُبْلِحاً
أَي مُعْيياً.
بلدح: بَلْدَحَ الرجُلُ: أَعْيا وبَلَّدَ. وبَلْدَحٌ: اسْمُ مَوْضِعٍ. وَفِي الْمَثَلِ الَّذِي يُرْوى لنَعامَةَ الْمُسَمَّى بَيْهَسَ: لَكِنَّ عَلَى بَلْدَحَ قومٌ عَجْفَى؛ عَنى بِهِ البُقْعَة. وَهَذَا الْمَثَلُ يُقَالُ فِي التَّحَزُّن بالأَقارب، قَالَهُ نَعامة لَمَّا رأَى قَوْمًا فِي خِصْب وأَهلَه فِي شِدَّةٍ؛ الأَزهري: بَلْدَحٌ بَلَدٌ بِعَيْنِهِ. وبَلْدَحَ الرجلُ وتَبَلْدَحَ: وعَدَ وَلَمْ يُنْجِزْ عِدَتَه. وَرَجُلٌ بَلَنْدَحٌ: لَا يُنْجِزُ وعْداً؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
إِني إِذا عَنَّ مِعَنٌّ مِتْيَحُ ... ذُو نَخْوَةٍ، أَو جَدِلٌ بَلَنْدَحُ
أَو كَيْذُبانٌ مَلَذَانٌ مِمْسَحُ
والبَلَنْدَحُ: السَّمِينُ الْقَصِيرُ، قَالَ:
دِحْوَنَّةٌ مُكَرْدَسٌ بَلَنْدَحُ، ... إِذا يُرادُ شَدُّه يُكَرْمِحُ
قَالَ الأَزهري: والأَصل بَلْدَحٌ، وَقِيلَ: هُوَ الْقَصِيرُ مِنْ غَيْرِ أَن يُقَيِّدَ بِسِمَنٍ. والبَلَنْدَحُ: الفَدْمُ الثَّقِيلُ الْمُنْتَفِخُ لَا يَنْهَضُ لِخَيْرٍ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
يَا سَلْم أُلْقِيتِ عَلَى التَّزَحْزُحِ، ... لَا تَعْدِلِيني بامْرِئٍ بَلَنْدَحِ،
مُقَصِّرِ الهَمِّ قَرِيبِ المَسْرَحِ، ... إِذا أَصابَ بِطْنَةً لَمْ يَبْرَحِ،
وعَدَّها رِبْحاً، وإِن لَمْ يَرْبَحِ
قَالَ: قَرِيبُ المَسرح أَي لَا يَسْرَحُ بإِبله بِعِيدًا، إِنما هُوَ قُرْبَ بَابِ بَيْتِهِ يَرْعَى إِبله. وابْلَنْدَحَ المكانُ: عَرُضَ وَاتَّسَعَ؛ وأَنشد ثَعْلَبٌ:
قَدْ دَقَّتِ المَرْكُوَّ حَتَّى ابْلَنْدَحا
أَي عَرُضَ. والمركوُّ: الْحَوْضُ الْكَبِيرُ. وبَلْدَحَ الرجلُ إِذا ضَرَبَ بِنَفْسِهِ إِلى الأَرض، وَرُبَّمَا قَالُوا بَلْطَحَ. وابْلَنْدَحَ الحوضُ: انْهَدَمَ. الأَزهري: ابْلَنْدَحَ الحوضُ إِذا اسْتَوَى بالأَرض مِنْ دَقِّ الإِبل إِياه.

(2/415)


بنح: الأَزهري خَاصَّةً: رَوَى أَبو الْعَبَّاسِ عَنِ ابْنِ الأَعرابي قَالَ: البُنُحُ العَطايا؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: كأَنه فِي الأَصل مُنُحٌ جَمْعُ المَنيحَة، فَقَلَبَ الْمِيمَ بَاءً، وقال: البُنُحُ.
بوح: البَوْحُ: ظُهُورُ الشَّيْءِ. وباحَ الشيءُ: ظَهَرَ. وباحَ به بَوْحاً وبُؤُوحا وبُؤُوحَةً: أَظهره. وباحَ مَا كَتَمْتُ، وباحَ بِهِ صاحبُه، وباحَ بِسِرِّه: أَظهره. ورجل بَؤُوحٌ بِمَا فِي صَدْرِهِ وبَيْحانُ وبَيِّحانُ بِمَا فِي صَدْرِهِ، مُعَاقَبَةٌ وأَصلها الْوَاوُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِلَّا أَن يَكُونَ كُفْراً بَواحاً
أَي جِهاراً، وَيُرْوَى بِالرَّاءِ وَقَدْ تَقَدَّمَ. وأَباحَه سِرًّا فَبَاحَ بِهِ بَوْحاً: أَبَثَّه إِياه فَلَمْ يَكْتُمه؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
إِلا أَن يَكُونَ مَعْصِيَةً بَواحاً
أَي جِهاراً. يُقَالُ: باحَ الشيءَ وأَباحَه إِذا جَهَرَ بِهِ. وبُوحُ: الشمسُ، مَعْرِفَةٌ مُؤَنَّثٌ، سمِّيت بِذَلِكَ لِظُهُورِهَا، وَقِيلَ: يُوحُ، بِيَاءٍ بِنُقْطَتَيْنِ. وأَبَحْتُك الشَّيْءَ: أَحللته لَكَ. وأَباحَ الشيءَ: أَطلقه. والمُباحُ: خِلَافُ الْمَحْظُورِ. والإِباحةُ: شِبْهُ النُّهْبَى. وَقَدِ اسْتَبَاحَهُ أَي انْتَهَبَه، واسْتَباحوهم أَي استأْصلوهم. وَفِي الْحَدِيثِ:
حَتَّى يَقْتُلَ مُقاتِلَتَكم ويَسْتبِيحَ ذَرَارِيكم
أَي يَسبيهم وبَنِيهم وَيَجْعَلُهُمْ لَهُ مُبَاحًا أَي لَا تَبِعَة عَلَيْهِ فِيهِمْ؛ يُقَالُ: أَباحَه يُبِيحُه واسْتباحه يَسْتبيحه؛ قَالَ عَنْتَرَةُ:
حَتَّى اسْتَباحُوا آلَ عَوْفٍ عَنْوَةً ... بالمَشْرَفِيِّ، وبالوَشِيجِ الذُّبَّلِ
والباحةُ: باحةُ الدَّارِ، وَهِيَ سَاحَتُهَا. وَالْبَاحَةُ: عَرْصة الدَّارِ، وَالْجَمْعُ بُوحٌ، وبُحْبُوحة الدَّارِ، مِنْهَا؛ وَيُقَالُ: نَحْنُ فِي باحَة الدَّارِ، وَهِيَ أَوسطها، وَلِذَلِكَ قِيلَ: تَبَحْبَحَ فِي المَجْدِ أَي أَنه فِي مَجْدٍ وَاسِعٍ؛ قَالَ الأَزهري: جَعَلَ الْفَرَّاءُ التَّبَحْبُح مِنَ الْبَاحَةِ وَلَمْ يَجْعَلْهُ مِنَ الْمُضَاعَفِ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
لَيْسَ لِلنِّسَاءِ مِنْ بَاحَةِ الطَّرِيقِ شَيْءٌ
أَي وَسَطِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
نَظِّفُوا أَفْنِيَتكم وَلَا تَدَعُوها كباحَة الْيَهُودِ.
وَالْبَاحَةُ: النَّخْلُ الْكَثِيرُ، حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي عَنْ أَبي صَارِمٍ البَهْدَلي مِنْ بَنِي بَهْدَلة؛ وأَنشد:
أَعْطى فأَعطاني يَداً، وَدَارًا، ... وَبَاحَةً خَوَّلها عَقَارا
يَدًا: يَعْنِي جَمَاعَةَ قَوْمِهِ وأَنصاره، وَنُصِبَ عَقاراً عَلَى الْبَدَلِ مِنْ بَاحَةٍ، فتَفَهَّمْ. والبُوحُ: الفَرْجُ، وَفِي مَثَلِ الْعَرَبِ: ابْنُك ابنُ بُوحِك يَشْرَبُ مِنْ صَبُوحِك؛ قِيلَ: مَعْنَاهُ الفَرْج، وَقِيلَ: النَّفْس، ويقال للوَطْء. وَفِي التَّهْذِيبِ: ابنُ بُوحِك أَي ابْنُ نَفْسك لَا مَنْ يُتَبَنَّى؛ ابْنُ الأَعرابي: البُوحُ النَّفْسُ، قَالَ: وَمَعْنَاهُ ابْنُكَ مَنْ وَلَدْتَهُ لَا مَن تَبَنَّيته، وَقَالَ غَيْرُهُ: بُوح فِي هَذَا الْمَثَلِ جَمْعُ بَاحَةِ الدَّارِ؛ الْمَعْنَى: ابْنُكَ مَنْ وَلَدْتَهُ فِي بَاحَةِ دَارِكَ، لَا مَنْ وُلِدَ فِي دَارِ غَيْرِكَ فَتَبَنَّيْتَهُ. وَوَقَعَ الْقَوْمُ فِي دُوكَةٍ وبُوحٍ أَي فِي اخْتِلَاطٍ فِي أَمرهم. وباحَهم: صَرَعهم. وَتَرَكَهُمْ بَوْحى أَي صَرْعى؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي.
بيح: بَيَّحَ بِهِ: أَشْعَره سِرًّا. والبِياحُ، بِكَسْرِ الْبَاءِ مُخَفَّفٌ: ضَرْبٌ مِنَ السَّمَكِ صغارٌ أَمثالُ شِبْرٍ، وَهُوَ أَطيب السَّمَكِ؛ قَالَ:
يَا رُبَّ شَيْخٍ مِنْ بَنِي رَباحِ، ... إِذا امْتَلا البَطْنُ مِنَ البِياحِ،
صاحَ بليلٍ أَنْكَرَ الصِّياحِ
وَرُبَّمَا فُتِحَ وَشُدِّدَ. والبَيَّاحة: شَبَكَةُ الْحُوتِ.

(2/416)


وَفِي الْحَدِيثِ:
أَيُّما أَحَبُّ إِليك كَذَا أَو كَذَا أَو بِياحٌ مُرَبَّبٌ
؛ هُوَ ضَرْبٌ مِنَ السَّمَكِ، وَقِيلَ: الْكَلِمَةُ غَيْرُ عَرَبِيَّةٍ. والمُرَبَّبُ: الْمَعْمُولُ بالصِّباغِ. وبَيْحانُ: اسْمٌ، والله أَعلم.

فصل التاء
تحتح: التحتحة «1»
ترح: التَّرَحُ: نَقِيضُ الْفَرَحِ. وَقَدْ تَرِحَ تَرَحاً وتَتَرَّح وتَرَّحَه الأَمرُ تَتْريحاً أَي أَحْزَنه؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
شَمْطاء أَعْلى بَزِّها مُطَرَّحُ، ... قَدْ طالَ مَا تَرَّحَها المُتَرِّحُ
أَي نَغَّصَها المَرْعَى؛ وَالِاسْمُ التَّرْحَة، الأَزهري عَنْ ثَعْلَبٍ؛ ابْنُ الأَعرابي أَنشده:
يَتْبَعْنَ شَدْوَ رَسْلَةٍ تَبَدَّحُ، ... يَقُودُها هادٍ وعَيْنٌ تَلْمَحُ،
قَدْ طالَ مَا تَرَّحَها المُتَرِّحُ
أَي نَغَّصَها المَرْعى:
وَرَوَى الأَزهري بإِسناده عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبي طَالِبٍ، قَالَ: نَهَانِي رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ لِبَاسِ القَسِّيِّ المُتَرَّحِ، وأَن أَفترِشَ حِلْسَ دَابَّتِي الَّذِي يَلِي ظَهْرَهَا، وأَن لَا أَضع حِلْسَ دَابَّتِي عَلَى ظَهْرِهَا حَتَّى أَذكر اسْمَ اللَّهِ، فإِنَّ عَلَى كلِّ ذِرْوَةٍ شَيْطَانًا، فإِذا ذَكَرْتُمُ اسْمَ اللَّهِ ذَهَبَ.
وَيُقَالُ: عَقِيبَ كلِّ فَرْحةٍ تَرْحَةٌ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا مِنْ فَرْحَة إِلا وَمَعَهَا تَرْحَةٌ.
قَالَ ابْنُ الأَثير: التَّرَحُ ضِدُّ الْفَرَحِ، وَهُوَ الْهَلَاكُ وَالِانْقِطَاعُ أَيضاً. والتَّرْحَة: الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ. والتَّرِحُ: الْقَلِيلُ الْخَيْرِ؛ قَالَ أَبو وَجْزَة السَّعدِي يَمْدَحُ رَجُلًا:
يُحَيُّونَ فَيَّاضَ النَّدَى مُتَفَضِّلًا، ... إِذا التَّرِحُ المَنَّاعُ لَمْ يَتَفَضَّل
ابنُ مُناذِر: والتَّرَحُ الهُبوط، وَمَا زِلْنا مُنْذ الليلةِ فِي تَرَحٍ؛ وأَنشد:
كأَنَّ جَرْسَ القَتَبِ المُضَبَّبِ، ... إِذا انْتُحِي بالتَّرَحِ المُصَوَّبِ
قَالَ: وَالِانْتِحَاءُ أَن يَسْقُطَ هَكَذَا، وَقَالَ بِيَدِهِ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ «2»، وَهُوَ فِي السُّجُودِ أَن يُسْقط جَبينَه إِلى الأَرض ويَشُدَّه وَلَا يَعْتَمِدَ عَلَى رَاحَتَيْهِ، وَلَكِنْ يَعْتَمِدُ عَلَى جَبِينِهِ؛ قَالَ الأَزهري: حَكَى شَمِرٌ هَذَا عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ بَعْضِ الْعَرَبِ؛ قَالَ شَمِرٌ: وَكُنْتُ سأَلت ابنَ مُناذِرٍ عَنِ الِانْتِحَاءِ فِي السُّجُودِ فَلَمْ يَعْرِفْهُ؛ قَالَ: فَذَكَرْتُ لَهُ مَا سَمِعْتُ فَدَعَا بِدَوَاتِهِ وَكَتَبَهُ بِيَدِهِ. والتَّرَحُ: الفقرُ؛ قَالَ الهُذَلي:
كُسِرْتَ عَلَى شَفا تَرَحٍ ولُؤْمٍ، ... فأَنتَ عَلَى دَرِيسِكَ مُسْتَمِيتُ
وَنَاقَةٌ مِتْرَاحٌ: يُسْرِعُ انقطاعُ لَبَنِهَا، وَالْجَمْعُ المَتاريحُ.
تسح: التُّسْحَة: الحَرَد والغضبُ؛ عَنْ كُرَاعٍ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أُحقها.
تشح: الأَزهري خَاصَّةً أَنشد للطِّرِمّاحِ يَصِفُ ثَوْرًا:
مَلًا بَائِصًا، ثُمَّ اعْتَرَتْهُ حَمِيَّةٌ ... عَلَى تُشْحةٍ، مِنْ ذائدٍ غيرِ واهِن
قَالَ: وَقَالَ أَبو عَمْرٍو فِي قَوْلِهِ عَلَى تُشْحة: عَلَى جِدٍّ وحَمِيَّة؛ قَالَ الأَزهري: أَظنّ التُّشْحَةَ فِي الأَصل أُشْحة، فَقُلِبَتِ الْهَمْزَةُ وَاوًا ثُمَّ قُلِبَتْ تَاءً كَمَا قالوا تُراث
__________
(1).
زاد في القاموس: التحتحة الحركة، وصوت حركة السيل، وما يتتحتح مِنْ مَكَانِهِ أَي مَا يَتَحَرَّكُ.
(2).
هكذا في الأَصل.

(2/417)


وتَقْوى؛ قَالَ شَمِرٌ: أَشِحَ يَأْشَحُ إِذا غَضِبَ، وَرَجُلٌ أَشْحَانُ أَي غَضْبَانُ؛ قَالَ الأَزهري: وأَصل تُشْحة أُشْحة من قولك أَشِحَ.
تفح: التَّفْحَة: الرَّائحة الطَّيِّبَةُ. والتُّفَّاحُ: هَذَا الثَّمَرُ مَعْرُوفٌ، وَاحِدَتُهُ تُفَّاحة، ذُكِرَ عَنْ أَبي الْخَطَّابِ أَنها مُشْتَقَّةٌ مِنَ التَّفْحة؛ الأَزهري: وَجَمْعُهُ تَفَافِيحُ، وَتَصْغِيرُ التُّفَّاحَةِ الْوَاحِدَةِ تُفَيْفِيحَة. والمَتْفَحَةُ: الْمَكَانُ الَّذِي يَنْبُتُ فِيهِ التُفَّاحُ الْكَثِيرُ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هُوَ بأَرض الْعَرَبِ كَثِيرٌ. والتُّفَّاحة: رأْس الْفَخْذِ والوَرِك؛ عَنْ كُرَاعٍ، وَقَالَ: هُمَا تُفَّاحَتان.
تيح: تاحَ الشيءُ يَتِيحُ: تَهَيَّأَ؛ قَالَ:
تاحَ لَهُ بعدَك حِنْزابٌ وَأَى
وأُتِيح لَهُ الشيءُ أَي قُدِّرَ أَو هُيِّئَ لَهُ؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:
أُتِيحَ لَها أُقَيْدِر ذُو حَشِيفٍ، ... إِذا سامتْ عَلَى المَلَقاتِ سَامَا
وأَتاحه اللهُ: هَيَّأَه. وأَتاحَ اللَّهُ لَهُ خَيْرًا وَشَرًّا. وأَتاحه لَهُ: قَدَّره لَهُ. وتاحَ لَهُ الأَمرُ: قدرَ عَلَيْهِ؛ قَالَ اللَّيْثُ: يُقَالُ وَقْعَ فِي مَهْلَكَةٍ فتاحَ لَهُ رجلٌ فأَنقذه، وأَتاح اللَّهُ لَهُ مَنْ أَنقذه. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَبِي حَلَفْتُ لأُتيحَنَّهم فِتْنَةً تَدَعُ الْحَلِيمَ مِنْهُمْ حَيْرانَ.
وأَمرٌ مِتْياحٌ: مُتاحٌ مُقَدَّرٌ، وقَلْبٌ مِتْيَحٌ؛ قَالَ الرَّاعِي:
أَفي أَثَرِ الأَظْعانِ عينُكَ تَلْمَحُ؟ ... نَعَمْ لاتَ هَنَّا، إِنَّ قَلْبَكَ مِتْيَحُ
قَوْلُهُ: لَاتَ هنَّا أَي لَيْسَ هُنَا حينُ تَشَوُّق. وَرَجُلٌ مِتْيَحٌ: لَا يَزَالُ يَقَعُ فِي بَلِيَّةٍ. ورجلٌ مِتْيَحٌ: يَعْرِضُ فِي كُلِّ شيءٍ وَيَدْخُلُ فِيمَا لَا يَعْنِيهِ، والأُنثى بِالْهَاءِ؛ قَالَ الأَزهري: وَهُوَ تَفْسِيرُ قَوْلِهِمْ بِالْفَارِسِيَّةِ [أَنْدَرُونَسْت] وَقَالَ:
إِن لنا لَكَنَّه ... مِبَقَّةً مِفَنَّه
مِتْيَحَةً مِعَنَّه
وَكَذَلِكَ تَيِّحَان وتَيَّحان؛ قَالَ سَوَّارُ بنُ المُضَرَّبِ السَّعْدِي:
بذَبِّي اليومَ، عَنْ حَسَبي، بِمَالِي، ... وزَبُّوناتِ أَشْوَسَ تَيِّحان
وَلَا نَظِيرَ لَهُ إِلَّا فَرَسٌ سَيِّبانُ وسَيَّبانُ، وَرَجُلٌ هَيِّبانُ وهَيَّبانُ إِذا تَمَايَلَ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: مَعْنَى زبُّونات دَفُوعات، وَاحِدَتُهَا زبُّونة، يَعْنِي بِذَلِكَ أَحْسابه وَمَفَاخِرَهُ أَي تَدْفَعُ غيرَها، وَالْبَاءَ فِي قَوْلِهِ بذبِّي مُتَعَلِّقَةٌ بِقَوْلِهِ بَلَانِي فِي الَّذِي قَبْلَهُ، وَهُوَ:
لَخَبَّرها ذَوو أَحْسابِ قَوْمِي ... وأَعْدائي، فكلٌّ قَدْ بَلَانِي
أَي خَبَرَني قَوْمِي فَعَرَفُوا مِنِّي صِلَةَ الرَّحِمِ وَمُوَاسَاةَ الْفَقِيرِ وحِفْظَ الجِوار، وَكَوْنِي جَلْداً صَابِرًا عَلَى مُحَارَبَةِ أَعدائي ومُضْطَلِعاً بنكايتهم. وناحَ فِي مِشْيَته إِذا تَمَايَلَ. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: التَّيِّحان والتَّيَّحانُ الطَّوِيلُ؛ وَقَالَ الأَزهري: رَجُلٌ تَيِّحانٌ يَتَعَرَّضُ لِكُلِّ مَكْرُمَةٍ وأَمر شَدِيدٍ؛ وَقَالَ الْعَجَّاجُ:
لَقَدْ مُنُوا بتَيِّحانٍ سَاطِي
وَقَالَ غَيْرُهُ:
أُقَوِّم دَرْءَ قومٍ تَيِّحان
الأَزهري: فَرَسٌ تَيِّحانٌ شَدِيدٌ الْجَرْيِ، وَفَرَسٌ تَيَّاحٌ: جَوَاد، وَفَرَسٌ مِتْيَح وتَيَّاح وتَيِّحانٌ: يَعْتَرِضُ فِي مَشْيِهِ نَشاطاً وَيَمِيلُ عَلَى قُطْرَيْه؛ وتاحَ فِي مِشْيَتِهِ. التَّهْذِيبُ: ابْنُ الأَعرابي: المِتْيَحُ والنِّفِّيحُ والمِنْفَحُ،

(2/418)


بِالْحَاءِ: الدَّاخِلُ مَعَ الْقَوْمِ لَيْسَ شأْنه شأْنهم. ابْنُ الأَعرابي: التَّاحِي البُسْتَانيان «3».

فصل الثاء
ثحثح: الثَّحْثَحَةُ: صوتٌ فِيهِ بُحَّة عِنْدَ اللَّهاةِ؛ وأَنشد:
أَبَحُّ مُثَحْثِحٌ صَحِلُ الثَّحِيحِ
أَبو عَمْرٍو: قَرَبٌ ثَحْثَاح شديد مثل حَثْحاثٍ.
ثعجح: قَالَ أَبو تُرَابٍ: سَمِعْتُ عُتَيِّر بْنَ عرْوة الأَسديّ يَقُولُ: اثْعَنْجَح المطرُ بِمَعْنَى اثْعَنْجَر إِذا سَالَ وَكَثُرَ وَرَكِبَ بَعْضُهُ بَعْضًا، فَذَكَرْتُهُ لِشِمْرٍ فَاسْتَغْرَبَهُ حِينَ سَمِعَهُ وَكَتَبَهُ؛ وأَنشدته فِيهِ مَا أَنشدني عُتَيِّرٌ لِعَدِيِّ ابن عَلِيٍّ الغاضِريِّ فِي الْغَيْثِ:
جَوْنٌ تَرَى فِيهِ الرَّوايا دُلَّحا، ... كأَنَّ حَنَّاناً وبَلْقاً صَرَّحا
فِيهِ إِذا مَا جُلْبُه تَكَلَّحا، ... وسَحَّ سَحّاً ماؤُه فاثْعَنْجَحا
حَكَاهُ الأَزهري وَقَالَ عَنْ هَذَا الْحَرْفِ وَمَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ من بَابِ رُبَاعِيِّ الْعَيْنِ مِنْ كِتَابِهِ: هَذِهِ حُرُوفٌ لَا أَعرفها وَلَمْ أَجد لَهَا أَصلًا فِي كُتُبِ الثِّقَاتِ الَّذِينَ أَخذوا عَنِ الْعَرَبِ الْعَارِبَةِ مَا أَودعوا كُتُبَهُمْ، وَلَمْ أَذكرها وأَنا أُحقها وَلَكِنِّي ذَكَرْتُهَا اسْتِنْدَارًا لَهَا وَتَعَجُّبًا مِنْهَا، وَلَا أَدري مَا صِحَّتُهَا وَلَمْ أَذْكُرْهَا أَنا هُنَا مَعَ هَذَا الْقَوْلِ إِلَّا لئلَّا يُحْتَاجَ إِلى الْكَشْفِ عَنْهَا فَيُظَنُّ بِهَا مَا لَمْ يُنْقَلْ فِي تَفْسِيرِهَا، وَاللَّهُ أَعلم.
ثلطح: ابْنُ سِيدَهْ: رَجُلٌ ثِلْطِحٌ «4»: هَرِمٌ ذاهبُ الأَسْنَانِ.

فصل الجيم
جبح: جَبَحُوا بِكِعَابِهِمْ وجَبَخُوا «5» بِهَا: رَمَوْا بِهَا لِيَنْظُرُوا أَيها يَخْرُجُ فَائِزًا. والجَبْحُ والجُبْحُ والجِبْحُ: حَيْثُ تُعَسِّلُ النحلُ إِذا كَانَ غَيْرَ مَصْنُوعٍ، وَالْجَمْعُ أَجْبُحٌ وجُبُوحٌ وجِباحٌ، وَفِي التَّهْذِيبِ: وأَجْباحٌ كَثِيرَةٌ؛ وَقِيلَ: هِيَ مَوَاضِعُ النَّحْلِ فِي الْجَبَلِ وَفِيهَا تُعَسِّلُ؛ قَالَ الطِّرِمَّاح يُخَاطِبُ ابْنَهُ: وإِن كنتَ عِنْدِي أَنتَ أَحْلَى مِنَ الجَنَى، جَنَى النَّحلِ، أَضْحَى واتِناً بينَ أَجْبُحِ واتِناً: مُقِيمًا؛ وَقِيلَ هِيَ حِجَارَةُ الْجَبَلِ، وَالْوَاحِدُ كَالْوَاحِدِ، وَالْخَاءُ الْمُعْجَمَةُ لغة.
جحح: جحَّ الشيءَ يَجُحُّه جَحّاً: سَحَبه، يَمَانِيَةٌ. والجُحُّ عِنْدَهُمْ: كُلُّ شَجَرٍ انْبَسَطَ عَلَى وَجْهِ الأَرض، كأَنهم يُرِيدُونَ انْجَحَّ عَلَى الأَرض أَي انْسَحَب. والجُحُّ: صِغَارُ الْبِطِّيخِ وَالْحَنْظَلِ قَبْلَ نُضْجِه، وَاحِدَتُهُ جُحَّة، وَهُوَ الَّذِي تُسَمِّيهِ أَهل نَجْدٍ الحَدَجَ. الأَزهري: جَحَّ الرجلُ إِذا أَكل الجُحَّ؛ قَالَ: وَهُوَ الْبِطِّيخُ المُشَنَّجُ. وأَجَحَّتِ السَّبُعةُ وَالْكَلْبَةُ، فَهِيَ مُجِحٌّ: حَمَلَتْ فأَقْرَبَتْ وعَظُمَ بَطْنُهَا؛ وَقِيلَ: حَمَلَتْ فأَثْقَلَتْ. وَقَدْ يُقْتاسُ أَجَحَّتْ للمرأَة كَمَا يُقْتاسُ حَبِلَتْ لِلسَّبُعَةِ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه مَرَّ بامرأَة مُجِحٍّ فسَأَل عَنْهَا فَقَالُوا: هَذِهِ أَمة لِفُلَانٍ؛ فَقَالَ: أَيُلِمُّ بِهَا؟ فَقَالُوا: نَعَمْ؛ قَالَ: لقد هَمَمْتُ أَن أَلعنه لَعْنًا يَدْخُلُ مَعَهُ فِي قَبْرِهِ، كَيْفَ يَسْتَخْدِمُهُ وَهُوَ لَا يَحِلُّ لَهُ؟ أَو كَيْفَ يُوَرِّثه وَهُوَ لَا يَحِلُّ لَهُ؟
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: المُحِجُ
__________
(3).
قوله [التاحي البستانيان] أَي خادم البستان كما في القاموس، وحق ذكره في المعتل.
(4).
قوله [ثلطح] ضبطه شارح القاموس كزبرج.
(5).
قوله [جبحوا بكعابهم وجبخوا] ظاهر إطلاق القاموس أنه من باب كتب.

(2/419)


الْحَامِلُ المُقْرِب؛ قَالَ: وَوَجْهُ الْحَدِيثِ أَن يَكُونَ الْحَمْلُ قَدْ ظَهَرَ بِهَا قَبْلَ أَن تُسبى، فَيَقُولُ: إِن جَاءَتْ بِوَلَدٍ وَقَدْ وَطِئَهَا بَعْدَ ظُهُورِ الْحَمْلِ لَمْ يَحِلَّ لَهُ أَن يَجْعَلَهُ مَمْلُوكًا، لأَنه لَا يَدْرِي لَعَلَّ الَّذِي ظَهَرَ لَمْ يَكُنْ ظُهُورُ الْحَمْلِ مِنْ وَطْئِهِ، فإِن المرأَة رُبَّمَا ظَهَرَ بِهَا الْحَمْلُ ثُمَّ لَا يَكُونُ شَيْئًا حَتَّى يَحْدُثَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَيَقُولُ: لَا يَدْرِي لَعَلَّهُ وَلَدُهُ؛ وَقَوْلُهُ أَو كَيْفَ يُوَرِّثُهُ؟ يَقُولُ: لَا يَدْرِي لَعَلَّ الْحَمْلَ قَدْ كَانَ بِالصِّحَّةِ قَبْلَ السِّباء فَكَيْفَ يُوَرِّثُهُ؟ وَمَعْنَى الْحَدِيثِ: أَنه نَهَى عَنِ وَطْءِ الْحَوَامِلِ حَتَّى يَضَعْنَ، كَمَا قَالَ يَوْمَ أُوطاسٍ: أَلا لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ، وَلَا حائلٌ حَتَّى تُسْتَبْرَأَ بِحَيْضَةٍ؛ قَالَ أَبو زَيْدٍ: وَقَيْسٌ كُلُّهَا تَقُولُ لِكُلِّ سَبُعة، إِذا حَمَلَتْ فأَقْرَبَتْ وَعَظُمَ بَطْنُهَا، قَدْ أَجَحَّتْ، فَهِيَ مُجِحٌّ؛ وَقَالَ اللَّيْثُ: أَجَحَّتِ الكلبةُ إِذا حَمَلَتْ فأَقْرَبَتْ؛ وَكَلْبَةٌ مُجِحٌّ، وَالْجَمْعُ مَجاحُّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن كَلْبَةً كَانَتْ فِي بَنِي إِسرائيل مُجِحّاً، فَعَوَى جِراؤُها فِي بَطْنِهَا
، ويُرْوى مُجِحَّة بِالْهَاءِ عَلَى أَصل التأْنيث، وأَصل الإِجْحاح للسباع.
جحجح: الجَحْجَحُ: بَقْلَة تَنْبُتُ نِبْتَةَ الجَزَر، وَكَثِيرٌ مِنَ الْعَرَبِ مَن يُسَمِّيهَا الحِنْزابَ. والجُحْجُحُ أَيضاً: الكَبْش؛ عَنْ كُرَاعٍ. والجَحْجَحُ: السَّيِّدُ السَّمْحُ؛ وَقِيلَ: الْكَرِيمُ، وَلَا تُوصَفُ بِهِ المرأَة؛ وَفِي حَدِيثِ سَيْفِ بْنُ ذِي يَزَنٍ:
بِيضٌ مَغالِبَةٌ غُلْبٌ جَحاجِحةٌ «1»
.
جَمْعُ جَحْجاح، وَهُوَ السَّيِّدُ الْكَرِيمُ، وَالْهَاءُ فِيهِ لتأْكيد الْجَمْعِ. وجَحْجَحَتِ المرأَة: جاءَت بجَحْجاح. وجَحْجَح الرجلُ: ذَكَرَ جَحْجاحاً مِنْ قَوْمِهِ؛ قَالَ:
إِنْ سَرَّكَ العِزُّ، فَجَحْجِحْ بجُشَمْ
وَجَمْعُ الجَحْجَاحِ جَحاجِحُ؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
مَاذَا بِبَدْرٍ، فالعَقَنْقَلِ، ... مِنْ مَرازِبَةٍ جَحاجِحْ؟
وإِن شِئْتَ جَحاجِحة وإِن شِئْتَ جَحاجيح، وَالْهَاءُ عِوَضٌ مِنَ الْيَاءِ الْمَحْذُوفَةِ لَا بُدَّ مِنْهَا أَو مِنَ الْيَاءِ وَلَا يَجْتَمِعَانِ. الأَزهري: قَالَ أَبو عَمْرٍو: الجَحْجَحُ الفَسْلُ مِنَ الرِّجَالِ؛ وأَنشد:
لَا تَعْلَقي بجَحْجَحٍ حَيُوسِ، ... ضَيِّقةٍ ذراعُه يَبُوسِ
وجَحْجَح عَنْهُ: تأَخر. وجَحْجَح عَنْهُ: كَفَّ، مقلوبٌ من جَحْجَحَ أَو لُغَةٌ فِيهِ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
حَتَّى رأَى رأْيَهُمُ فَجَحْجَحا
والجَحْجَحَةُ: النُّكُوصُ، يُقَالُ: حَملوا ثُمَّ جَحجَحُوا أَي نَكَصُوا. وَفِي حَدِيثِ
الْحَسَنِ وَذَكَرَ فِتْنَةَ ابْنِ الأَشعث فَقَالَ: وَاللَّهِ إِنها لَعُقُوبَةٌ فَمَا أَدري أَمُسْتَأْصِلة أَم مُجَحجِحة؟
أَي كَافَّةٌ. يُقَالُ: جَحْجَحْتُ عَلَيْهِ وحَجْحَجْتُ، وَهُوَ مِنَ الْمَقْلُوبِ. وجَحْجَح الرجلُ: عَدَّدَ وَتَكَلَّمَ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
مَا وَجَدَ العَدّادُ، فِيمَا جَحْجَحا، ... أَعَزَّ مِنْهُ نَجْدَةً، وأَسمَحا
والجَحْجَحَةُ: الهلاك.
جدح: المِجْدَحُ: خَشَبَةٌ فِي رأْسها خَشَبَتَانِ مُعْتَرِضَتَانِ؛ وَقِيلَ: المِجْدَحُ مَا يُجْدَحُ بِهِ، وَهُوَ خَشَبَةٌ طَرَفُهَا ذُو جوانب. والجَدْحُ والتَجْدِيحُ: الخَوْضُ بالمِجْدَح يكون
__________
(1).
قوله [بيض مغالبة] كذا بالأصل هنا، ومثله في النهاية. وفي مادة غ ل ب منها: بيض مرازبة، وكل صحيح المعنى

(2/420)


ذَلِكَ فِي السَّوِيقِ وَنَحْوِهِ. وكلُّ مَا خُلِطَ، فَقَدْ جُدِحَ. وجَدَحَ السويقَ وَغَيْرَهُ، واجْتَدَحَه: لَتَّه وشَرِبَه بالمِجْدَح. وشرابٌ مُجَدَّحٌ أَي مُخَوَّضٌ، وَاسْتَعَارَهُ بَعْضُهُمْ لِلشَّرِّ فَقَالَ:
أَلم تَعْلَمِي يَا عصْم، كَيْفَ حَفِيظَتي ... إِذا الشَّرُّ خاضَتْ، جانِبيهِ، المَجادِحُ؟
الأَزهري عَنِ اللَّيْثِ: جَدَحَ السويقَ فِي اللَّبَنِ وَنَحْوِهِ إِذا خَاضَهُ بالمِجْدَح حَتَّى يَخْتَلِطَ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
انْزِلْ فاجْدَحْ لَنَا
؛ الجَدْحُ: أَن يحرَّك السويقُ بِالْمَاءِ ويُخَوَّضَ حَتَّى يَسْتَوي وَكَذَلِكَ اللَّبَنُ وَنَحْوُهُ. قَالَ ابْنُ الأَثير: والمِجْدَحُ عُودٌ مُجَنَّحُ الرَّأْس يُساطُ بِهِ الأَشْرِبةُ وَرُبَّمَا يَكُونُ لَهُ ثَلَاثُ شُعَب؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: جَدَحُوا بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ شِرْباً وَبِيئًا
أَي خَلَطُوا. وجَدَّحَ الشيءَ خَلَطَه؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
فنَحا لَهَا بِمُدَلَّقَيْنِ، كأَنما ... بِهِمَا مِنَ النَّضْحِ المُجَدَّحِ أَيْدَعُ
عَنَى بالمُجَدَّح الدَّمَ المحرَّك. يَقُولُ: لَمَّا نَطَحَهَا حَرَّك قَرْنَهُ فِي أَجوافها. والمَجْدُوحُ: دَم كَانَ يُخْلَطُ مَعَ غَيْرِهِ فَيُؤْكَلُ فِي الجَدْب، وَقِيلَ: المَجْدُوحُ دَمُ الفَصيد كَانَ يُسْتَعْمَلُ فِي الجَدْب فِي الْجَاهِلِيَّةِ؛ قَالَ الأَزهري: المَجْدُوح مِنْ أَطعمة الْجَاهِلِيَّةِ؛ كَانَ أَحدهم يَعْمِدُ إِلى النَّاقَةِ فتُفْصَدُ لَهُ ويأْخذ دَمَهَا فِي إِناء فَيَشْرَبُهُ. ومَجادِيحُ السَّمَاءِ: أَنواؤُها، يُقَالُ: أَرسلت السماءُ مَجادِيحَها؛ قَالَ الأَزهري: المِجْدَحُ فِي أَمر السَّمَاءِ، يُقَالُ: تَرَدُّدُ رَيِّق الْمَاءِ فِي السَّحَابِ؛ وَرَوَاهُ عَنِ اللَّيْثِ، وَقَالَ: أَمّا مَا قَالَهُ اللَّيْثُ فِي تَفْسِيرِ الْمَجَادِيحِ: إِنها تَردُّد رَيِّق الْمَاءِ فِي السَّحَابِ فَبَاطِلٌ، وَالْعَرَبُ لَا تَعْرِفُهُ.
وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنه خَرَجَ إِلى الِاسْتِسْقَاءِ فصَعِدَ المِنْبَر فَلَمْ يَزِدْ عَلَى الِاسْتِغْفَارِ حَتَّى نَزَلَ، فَقِيلَ لَهُ: إِنك لَمْ تَسْتَسْقِ فَقَالَ: لَقَدِ اسْتَسْقَيْتُ بمَجاديح السَّمَاءِ.
قَالَ ابْنُ الأَثير: الْيَاءُ زَائِدَةٌ للإِشباع، قَالَ: وَالْقِيَاسُ أَن يَكُونَ وَاحِدُهَا مِجْداح، فأَما مِجْدَح فَجَمْعُهُ مَجادِحُ؛ وَالَّذِي يُرَادُ مِنَ الْحَدِيثِ أَنه جَعَلَ الِاسْتِغْفَارَ اسْتِسْقَاءً بتأَوّل قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً؛ وأَراد عُمَرُ إِبطال الأَنْواءِ والتكذيبَ بِهَا لأَنه جَعَلَ الِاسْتِغْفَارَ هُوَ الَّذِي يُسْتَسْقَى بِهِ، لَا الْمَجَادِيحَ والأَنواء الَّتِي كَانُوا يَسْتَسْقُونَ بِهَا. والمَجاديحُ: وَاحِدُهَا مِجْدَحٌ، وَهُوَ نَجْمٌ مِنَ النُّجُومِ كَانَتِ الْعَرَبُ تَزْعُمُ أَنها تُمْطَرُ بِهِ كَقَوْلِهِمُ الأَنْواء، وَهُوَ المُجْدَحُ أَيضاً «1»، وَقِيلَ: هُوَ الدَّبَرانُ لأَنه يَطْلُع آخِرًا وَيُسَمَّى حادِيَ النُّجوم؛ قَالَ دِرْهَمُ بْنُ زَيْدٍ الأَنْصاري:
وأَطْعُنُ بالقومِ شَطْرَ المُلوكِ، ... حَتَّى إِذا خَفَقَ المِجْدَحُ
وَجَوَابُ إِذا خَفَقَ الْمِجْدَحُ فِي الْبَيْتِ الَّذِي بَعْدَهُ، وَهُوَ:
أَمَرْتُ صِحابي بأَنْ يَنْزِلوا، ... فنامُوا قَلِيلًا، وَقَدْ أَصْبَحوا
وَمَعْنَى قَوْلِهِ: وأَطعُن بِالْقَوْمِ شَطْرَ الْمُلُوكِ أَي أَقصد بِالْقَوْمِ نَاحِيَتَهُمْ لأَن الْمُلُوكَ تُحِبُّ وِفادَتَه إِليهم؛ وَرَوَاهُ أَبو عَمْرٍو: وأَطْعَنُ، بِفَتْحِ الْعَيْنِ؛ وَقَالَ أَبو أُسامة: أَطعُن بِالرُّمْحِ، بِالضَّمِّ، لَا غَيْرُ، وأَطعُن بِالْقَوْلِ، بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ؛ وَقَالَ أَبو الْحَسَنِ: لَا وَجْهَ لِجَمْعِ مَجاديح إِلا أَن يَكُونَ مِنَ بَابِ طَوَابِيقَ فِي الشذوذ أَو يكون
__________
(1).
قوله [وهو المجدح أَيضاً] أَي بضم الميم كما صرح به الجوهري.

(2/421)


جمعَ مِجْداحٍ، وَقِيلَ: المِجْدَحُ نَجْمٌ صَغِيرٌ بَيْنَ الدَّبَرانِ وَالثُّرَيَّا، حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي؛ وأَنشد:
باتتْ وظَلَّتْ بأُوامٍ بَرْحِ، ... يَلْفَحُها المِجْدَحُ أَيَّ لَفْحِ
تَلُوذُ مِنْهُ بِجَناء الطَّلْحِ، ... لَهَا زِمَجْرٌ فوقَها ذُو صَدْحِ
زِمَجْرٌ: صوتٌ، كَذَا حَكَاهُ بِكَسْرِ الزَّايِ، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: أَراد زَمْجَرٌ، فسكَّن، فَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَن يَكُونَ زَمَجْرٌ، إِلا أَن الرَّاجِزَ لَمَّا احْتَاجَ إِلى تَغْيِيرِ هَذَا الْبِنَاءِ غَيَّرَهُ إِلى بِنَاءٍ مَعْرُوفٍ، وَهُوَ فِعَلٌّ كسِبَطْرٍ وقِمَطْرٍ، وَتَرَكَ فَعْلَلًا، بِفَتْحِ الْفَاءِ، لأَنه بِنَاءٌ غَيْرُ مَعْرُوفٌ، لَيْسَ فِي الْكَلَامِ مِثْلَ قَمْطَرٍ، بِفَتْحِ الْقَافِ. قَالَ شَمِرٌ: الدَّبَرانُ يُقَالُ لَهُ المِجْدَحُ وَالتَّالِي وَالتَّابِعُ، قَالَ: وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَدْعُو جَناحَي الْجَوْزَاءِ المِجْدَحَين، وَيُقَالُ: هِيَ ثَلَاثَةُ كَوَاكِبَ كالأَثافي، كأَنها مِجْدَحٌ لَهُ ثَلَاثُ شُعَبٍ يُعتبر بِطُلُوعِهَا الحَرُّ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَهُوَ عِنْدَ الْعَرَبِ مِنَ الأَنْواء الدَّالَّةِ عَلَى الْمَطَرِ، فَجَعَلَ عُمَرُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، الِاسْتِغْفَارَ مُشْبِهًا للأَنْواء مُخَاطَبَةً لَهُمْ بِمَا يَعْرِفُونَهُ، لَا قَوْلًا بالأَنْواء، وَجَاءَ بِلَفْظِ الْجَمْعِ لأَنه أَراد الأَنْواء جَمِيعًا الَّتِي يَزْعُمُونَ أَن مِنْ شأْنها الْمَطَرُ. وجِدِحْ: كجِطِحْ، سيأْتي ذكره.
جرح: الجَرْح: الفعلُ: جَرَحه يَجْرَحُه جَرْحاً: أَثَّرَ فِيهِ بِالسِّلَاحِ؛ وجَرَّحَه: أَكثر ذَلِكَ فِيهِ؛ قَالَ الْحُطَيْئَةُ:
مَلُّوا قِراه، وهَرَّتْه كلابُهُمُ، ... وجَرَّحُوه بأَنْيابٍ وأَضْراسِ
وَالِاسْمُ الجُرْح، بِالضَّمِّ، وَالْجَمْعُ أَجْراح وجُرُوحٌ وجِراحٌ؛ وَقِيلَ: لَمْ يَقُولُوا أَجْراح إِلا مَا جَاءَ فِي شِعْرٍ، وَوَجَدْتُ فِي حَوَاشِي بَعْضِ نُسَخِ الصِّحَاحِ الْمَوْثُوقِ بِهَا: قَالَ الشَّيْخُ، وَلَمْ يسمِّه، عَنَى بِذَلِكَ قَوْلَهُ «1»:
وَلَّى، وصُرِّعْنَ، مِنْ حيثُ التَبَسْنَ بِهِ، ... مُضَرَّجاتٍ بأَجْراحٍ، ومَقْتُولِ
قَالَ: وَهُوَ ضَرُورَةٌ كَمَا قَالَ مِنْ جِهَةِ السَّمَاعِ. والجِراحَة: اسْمُ الضَّرْبَةِ أَو الطَّعْنَةِ، وَالْجَمْعُ جِراحاتٌ وجِراحٌ، عَلَى حَدِّ دِجاجَة ودِجاج، فإِما أَن يَكُونَ مكسَّراً عَلَى طَرْحِ الزَّائِدِ، وإِما أَن يَكُونَ مِنْ الْجَمْعِ الَّذِي لَا يُفَارِقُ وَاحِدَهُ إِلا بِالْهَاءِ. الأَزهري: قَالَ اللَّيْثُ الجِراحَة الْوَاحِدَةُ مِنْ طَعْنَةٍ أَو ضَرْبَةٍ؛ قَالَ الأَزهري: قَوْلُ اللَّيْثِ الْجِرَاحَةُ الْوَاحِدَةُ خطأٌ، وَلَكِنْ جُرْحٌ وجِراحٌ وجِراحة، كَمَا يُقَالُ حِجَارَةٌ وجِمالة وحِبالة لِجَمْعِ الحَجَرِ والجَمَل وَالْحَبْلِ. وَرَجُلٌ جَريح مِنْ قَوْمٍ جَرْحى، وامرأَة جَريح، وَلَا يُجْمَعُ جَمْعَ السَّلَامَةِ لأَن مُؤَنَّثَهُ لَا تَدْخُلُهُ الْهَاءُ، ونِسْوة جَرْحى كَرِجَالٍ جَرْحى. وجَرَّحَه: شُدِّد لِلْكَثْرَةِ. وجَرَحَه بِلِسَانِهِ: شَتَمَهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
لَا تَمْضَحَنْ عِرْضي، فإِني ماضِحُ ... عِرْضَك، إِن شَاتَمْتَنِي، وقادِحُ
فِي ساقِ مَنْ شاتَمَني، وجارِحُ
وَقَوْلُ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: العَجْماءُ جَرْحُها جُبار
؛ فَهُوَ بِفَتْحِ الْجِيمِ لَا غَيْرُ عَلَى الْمَصْدَرِ؛ وَيُقَالُ: جَرَح الحاكمُ الشاهدَ إِذا عَثر مِنْهُ عَلَى مَا تَسْقُطُ بِهِ عَدَالَتُهُ مِن كَذِبٍ وَغَيْرِهِ؛ وَقَدْ قِيلَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْحَاكِمِ، فَقِيلَ: جَرَحَ الرجلَ غَضَّ شَهَادَتَهُ؛ وَقَدِ اسْتُجْرحَ الشاهدُ. والاستجراحُ: النقصانُ وَالْعَيْبُ وَالْفَسَادُ، وهو مِنه،
__________
(1).
قوله [عنى بذلك قوله] أي قول عبدة بن الطبيب كما في شرح القاموس.

(2/422)


حَكَاهُ أَبو عُبَيْدٍ قَالَ: وَفِي خُطْبَةِ
عَبْدِ الْمَلِكِ: وَعَظْتُكم فَلَمْ تَزْدادُوا عَلَى الْمَوْعِظَةِ إِلا اسْتِجْرَاحًا
أَي فَسَادًا؛ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ إِلا مَا يُكْسِبُكُم الجَرْحَ وَالطَّعْنَ عَلَيْكُمْ؛ وَقَالَ ابْنُ عَوْن: اسْتَجْرَحَتْ هَذِهِ الأَحاديثُ؛ قَالَ الأَزهري: وَيُرْوَى عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ أَنه قَالَ: كَثُرَتْ هَذِهِ الأَحاديث واسْتَجْرَحَتْ أَي فَسَدَت وقلَّ صِحاحُها، وَهُوَ اسْتَفْعَل مِنْ جَرَح الشاهدَ إِذا طَعَنَ فِيهِ ورَدَّ قَوْلَهُ؛ أَراد أَن الأَحاديث كَثُرَتْ حَتَّى أَحوجت أَهل الْعِلْمِ بِهَا إِلى جَرْحِ بَعْضِ رُوَاتِهَا، ورَدِّ رِوَايَتِهِ. وجَرَح الشيءَ واجْتَرَحَه: كَسَبه؛ وَفِي التَّنْزِيلِ: وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ
.
الأَزهري: قَالَ أَبو عَمْرٍو: يُقَالُ لإِناث الْخَيْلِ جَوارِحُ، وَاحِدَتُهَا جارِحَة لأَنها تُكسب أَربابَها نِتاجَها؛ وَيُقَالُ: مَا لَهُ جارِحَة أَي مَا لَهُ أُنثى ذاتُ رَحِمٍ تَحْمِلُ؛ وَمَا لَهُ جَارِحَةٌ أَي مَا لَهُ كاسِبٌ. وجَوارحُ الْمَالِ: مَا وَلَد؛ يُقَالُ: هَذِهِ الْجَارِيَةُ وَهَذِهِ الْفَرَسُ وَالنَّاقَةُ والأَتان مِنْ جَوَارِحِ الْمَالِ أَي أَنها شابَّة مُقْبِلَة الرَّحِم وَالشَّبَابُ يُرجَى وَلدُها. وَفُلَانٌ يَجْرَحُ لِعِيَالِهِ ويَجْتَرِحُ ويَقْرِشُ ويَقْتَرِشُ، بِمَعْنًى؛ وَفِي التَّنْزِيلِ: أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ
؛ أَي اكْتَسَبُوهَا. فلان جارحُ أَهلِه وجارِحَتُهم أَي كاسِبُهم. وَالْجَوَارِحُ مِنَ الطَّيْرِ وَالسِّبَاعِ وَالْكِلَابِ: ذواتُ الصَّيْدِ لأَنها تَجْرَحُ لأَهلها أَي تَكْسِبُ لَهُمُ، الْوَاحِدَةُ جَارِحَةٌ؛ فَالْبَازِيُّ جَارِحَةٌ، وَالْكَلْبُ الضَّارِي جَارِحَةٌ؛ قَالَ الأَزهري: سمِّيت بِذَلِكَ لأَنها كواسِبُ أَنفُسِها مِن قَوْلِكَ: جَرَح واجْترَح؛ وفي التنزيل: يَسْئَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ
؛ قَالَ الأَزهري: فِيهِ مَحْذُوفٌ، أَراد اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وأُحِلَّ لَكُمْ صيدُ مَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ، فَحُذِفَ لأَن فِي الْكَلَامِ دَلِيلًا عَلَيْهِ. وجَوارِحُ الإِنسان: أَعضاؤُه وعَوامِلُ جَسَدِهِ كَيَدَيْهِ وَرِجَلَيْهِ، وَاحِدَتُهَا جَارِحَةٌ. لأَنهن يَجْرَحْن الْخَيْرَ وَالشَّرَّ أَي يَكْسِبْنَهُ. وجَرَح لَهُ مِنْ مَالِهِ: قطَع لَهُ مِنْهُ قِطْعَةً؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، ورَدَّ عَلَيْهِ ثعلبٌ ذَلِكَ فَقَالَ: إِنما هُوَ جَزَح، بِالزَّايِ، وَكَذَلِكَ حَكَاهُ أَبو عُبَيْدٍ. وَقَدْ سَمَّوْا جَرَّاحاً، وكَنَوْا بأَبي الجَرَّاح.
جردح: الأَزهري فِي النَّوَادِرِ: يُقَالُ جَرادِحُ مِنَ الأَرض وجرادِحَة، وَهِيَ إِكامُ الأَرض. وغلامٌ مُجَرْدَحُ الرأْس.
جَزَحَ: الجَزْحُ: الْعَطِيَّةُ. جَزَحَ لَهُ جَزْحاً: أَعطاه عَطَاءً جَزِيلًا، وَقِيلَ: هُوَ أَن يُعْطِي وَلَا يُشاوِرَ أَحداً، كَالرَّجُلِ يَكُونُ لَهُ شَرِيكٌ فَيَغِيبُ عَنْهُ فيُعْطِي مِنْ مَالِهِ وَلَا يَنْتَظِرُهُ. وجَزَحَ لِي مِنْ مَالِهِ يَجْزَحُ جَزْحاً: أَعطاني مِنْهُ شَيْئًا؛ وأَنشد أَبو عَمْرٍو لِتَمِيمِ بْنِ مُقْبِل:
وإِني، إِذا ضَنَّ الرَّفُودُ بِرِفْدِه، ... لَمُخْتَبِطٌ، مِنْ تالدِ المالِ، جازِحُ
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: جَازِحٌ أَي قَاطِعٌ أَي أَقطع لَهُ مِنْ مَالِي قِطْعَةً؛ وَهَذَا الْبَيْتُ أَورد الْجَوْهَرِيُّ عَجُزَهُ:
وإِني لَهُ، مِنْ تالدِ المالِ، جازِحُ
وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ [لَمُخْتَبِطٌ مِنْ تَالِدِ الْمَالِ] كَمَا أَورده الأَزهري وَابْنُ سِيدَهْ وَغَيْرُهُمَا، وَاسْمُ الْفَاعِلِ جازِحٌ؛ وأَنشد أَبو عُبيدة لعَدِيِّ بْنِ صُبْحٍ يَمْدَحُ بَكَّاراً:
مَا زِلْتَ مِنْ ثَمَرِ الأَكارِمِ تُصْطَفَى، ... مِنْ بينِ واضِحةٍ وقَرْمٍ واضِحِ

(2/423)


حَتَّى خُلِقْتَ مُهَذَّباً، تَبْني الْعُلَى، ... سَمْحَ الخَلائقِ، صَالِحًا مِنْ صالِحِ
يَنْمِي بِكَ الشَّرَفُ الرفيعُ، وتَتَّقِي ... عَيْبَ المَذَمَّة، بالعَطاءِ الجازِحِ
وجَزَحَ الشجرةَ: ضَرَبَهَا ليَحُتَّ وَرَقَها. وجِزِحْ: زَجْرٌ للعَنْزِ المُتَصَعِّبَة عِنْدَ الحَلْب، مَعْنَاهُ: قِرِّي.
جَطَحَ: تَقُولُ الْعَرَبُ لِلْغَنَمِ، وَقَالَ الأَزهري لِلْعَنْزِ إِذا استَصْعَبَتْ عِنْدَ الْحَلْبِ: جِطِحْ أَي قَرِّي فتَقِرُّ، بِلَا اشْتِقَاقِ فعْلٍ، وَقَالَ كُرَاعٌ: جِطِّحْ، بشَدِّ الطَّاءِ، وَسُكُونِ الْحَاءِ بَعْدَهَا، زَجْرٌ للجَدْيِ والحَمَلِ؛ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: جِدِحْ، فكأَنَّ الدَّالَ دَخَلَتْ عَلَى الطَّاءِ أَو الطَّاءَ عَلَى الدَّالِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ جدح.
جَلِحَ: الجَلَحُ: ذهابُ الشَّعْرِ مِنْ مُقَدَّم الرأْس، وَقِيلَ: هُوَ إِذا زَادَ قَلِيلًا عَلَى النَّزَعَة. جَلِحَ، بِالْكَسْرِ، جَلَحاً، والنعتُ أَجْلَحُ وجَلْحاء، وَاسْمُ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ الجَلَحَة. والجَلَحُ: فَوْقَ النَّزَعِ، وَهُوَ انْحِسار الشَّعْرِ عَنْ جَانِبَيِ الرأْس، وأَوّله النَّزَعُ ثُمَّ الجَلَحُ ثُمَّ الصَّلَعُ. أَبو عُبَيْدٍ: إِذا انحَسَر الشَّعْرُ عَنْ جَانِبَيِ الْجَبْهَةِ، فَهُوَ أَنْزَعُ، فإِذا زَادَ قَلِيلًا، فَهُوَ أَجْلَح، فإِذا بَلَغَ النصفَ وَنَحْوَهُ، فَهُوَ أَجْلى، ثُمَّ هُوَ أَجْلَه، وجمعُ الأَجْلَح جُلْح وجُلْحانٌ. والجَلَحةُ: انْحِسارُ الشَّعْرِ، ومُنْحَسِرُه عَنْ جَانِبَيِ الْوَجْهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن اللَّهَ لَيُؤَدِّي الْحُقُوقَ إِلى أَهلها حَتَّى يَقْتَصَّ لِلشَّاةِ الجَلْحاءِ مِنَ الشَّاةِ القَرْناءِ نَطَحَتْها.
قَالَ الأَزهري: وَهَذَا يُبَيِّنُ أَن الجَلْحاء مِنَ الشَّاءِ وَالْبَقَرِ بِمَنْزِلَةِ الجَمَّاء الَّتِي لَا قَرْنَ لَهَا؛ وَفِي حَدِيثِ الصَّدَقَةِ:
لَيْسَ فِيهَا عَقْصاء وَلَا جَلْحاء
؛ هِيَ الَّتِي لَا قَرْنَ لَهَا. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وعَنْز جَلْحاء جَمَّاء عَلَى التَّشْبِيهِ بجَلَحِ الشَّعْرِ؛ وعمَّ بَعْضُهُمْ بِهِ نَوْعَيِ الْغَنَمِ، فَقَالَ: شَاةٌ جَلْحاءٌ كجَمَّاء، وَكَذَلِكَ هِيَ مِن الْبَقَرِ، وَقِيلَ: هِيَ مِنَ الْبَقَرِ الَّتِي ذَهَبَ قَرْنَاهَا آخِرًا، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ لأَنه كَانْحِسَارِ مُقَدَّم الشَّعْرِ. وَبَقَرٌ جُلْح: لَا قُرُونَ لَهَا؛ قَالَ قَيْسُ بْنَ عَيزارة «2» الْهُذَلِيَّ:
فَسَكَّنْتَهم بالمالِ، حَتَّى كأَنهم ... بَواقِرُ جُلْحٌ سَكَّنَتْها المَراتِعُ
وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ عَنْ هَذَا الْبَيْتِ: قَالَ الْكِسَائِيُّ أَنشدني ابْنُ أَبي طَرْفة، وأَورد الْبَيْتَ. وقَرْيَةٌ جَلْحاء: لَا حِصْنَ لَهَا، وقُرًى جُلْحٌ. وَفِي حَدِيثِ
كَعْبٍ: قَالَ اللَّهُ لرُومِيَّةَ: لأَدَعَنَّكِ جَلْحاء
أَي لَا حِصْنَ عَلَيْكِ. والحُصُون تُشْبِهُ الْقُرُونَ، فإِذا ذَهَبَتِ الْحُصُونُ جَلِحَتِ القُرَى فَصَارَتْ بِمَنْزِلَةِ الْبَقَرَةِ الَّتِي لَا قَرْنَ لَهَا. وَفِي حَدِيثِ
أَبي أَيوب: مَنْ بَاتَ عَلَى سَطْحٍ أَجْلح فَلَا ذِمَّةَ لَهُ
؛ هُوَ السَّطْحُ الَّذِي لَا قَرْنَ لَهُ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: يُرِيدُ الَّذِي لَيْسَ عَلَيْهِ جِدَارٌ وَلَا شَيْءَ يَمْنَعُ مِنَ السُّقُوطِ. وأَرضٌ جَلْحاء: لَا شَجَرَ فِيهَا. جَلِحَتْ جَلَحاً وجُلِحَتْ، كِلَاهُمَا: أُكِلَ كَلَؤُها. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: جُلِحَتِ الشَّجَرَةُ: أُكِلَتْ فُرُوعُهَا فَرُدَّت إِلى الأَصل وَخَصَّ مَرَّةً بِهِ الجَنْبةَ. ونباتٌ مَجْلوحٌ: أُكل ثُمَّ نَبَتَ. والثُّمامُ المَجْلوحُ والضَّعَةُ المَجْلوحَة: الَّتِي أُكلت ثُمَّ نَبَتَتْ، وَكَذَلِكَ غَيْرُهَا مِنَ الشَّجَرِ؛ قَالَ يُخَاطِبُ نَاقَتَهُ:
أَلا ازْحَمِيهِ زَحْمةً فَرُوحِي، ... وجاوِزي ذَا السَّحَمِ المَجْلوحِ،
وكَثْرَةَ الأَصْواتِ والنُّبُوحِ
__________
(2).
قوله [قَالَ قَيْسُ بْنُ عَيْزَارَةَ] قال شارح القاموس: تتبعت شعر قيس هذا فلم أجده في ديوانه انتهى.

(2/424)


والمَجْلوح: المأْكولُ رأْسه. وجَلَح المالُ الشجرَ يَجْلَحُه جَلْحاً، بِالْفَتْحِ، وجَلَّحَه: أَكله، وَقِيلَ: أَكل أَعلاه، وَقِيلَ: رَعَى أَعاليه وقَشَرَه. وَنَبَتٌ إِجْلِيحٌ: جُلِحَتْ أَعاليه وأُكِلَ. والمُجَلَّح: المأْكولُ الَّذِي ذَهَبَ فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ شَيْءٌ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبل يَصِفُ القَحْط:
أَلم تَعْلَمِي أَنْ لَا يَذُمُّ فُجاءَتي ... دَخِيلي، إِذا اغْبَرَّ العضاهُ المُجَلَّحُ
أَي الَّذِي أُكل حَتَّى لَمْ يُترك مِنْهُ شَيْءٌ، وَكَذَلِكَ كَلأٌ مُجَلَّح. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي شَرْحِ هَذَا الْبَيْتِ: دَخِيلُه دُخْلُلُه وَخَاصَّتُهُ، وَقَوْلُهُ: فُجاءتي، يُرِيدُ وَقْتَ فُجَاءَتِي. وَاغْبِرَارُ الْعِضَاهِ: إِنما يَكُونُ مِنَ الْجَدْبِ، وأَراد بِقَوْلِهِ أَن لَا يَذُمُّ: أَنه لَا يُذَمُّ، فَحَذَفَ الضَّمِيرَ عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: أَفَلا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا، تَقْدِيرُهُ أَنه لَا يَرْجِعُ. والمُجَلِّحُ: الْكَثِيرُ الأَكل؛ وَفِي الصِّحَاحِ: الرَّجُلُ الْكَثِيرُ الأَكل. وَنَاقَةٌ مُجالِحة: تأْكل السَّمُرَ والعُرْفُط، كَانَ فِيهِ وَرَقٌ أَو لَمْ يَكُنْ. والمَجاليح مِنَ النَّحْلِ والإِبل: اللَّوَاتِي لَا يُبَالِينَ قُحوطَ الْمَطَرِ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: أَنشد أَبو عَمْرٍو:
غُلْبٌ مَجالِيحُ عِنْدَ المَحْلِ كُفْأَتُها، ... أَشْطانُها فِي عِذابِ البحرِ تَسْتَبِقُ
الْوَاحِدَةُ مِجْلاح ومُجالِحٌ. والمُجالِحُ أَيضاً مِنَ النُّوق: الَّتِي تَدِرُّ فِي الشِّتَاءِ، وَالْجَمْعُ مَجالِيحُ؛ وضَرْع مُجالِحٌ، مِنْهُ، وُصِفَ بِصِفَةِ الْجُمْلَةِ، وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي الشَّاءِ. والمِجْلاحُ والمُجَلِّحَةُ: الْبَاقِيَةُ اللَّبَنِ عَلَى الشِّتَاءِ، قلَّ ذَلِكَ مِنْهَا أَو كَثُرَ، وَقِيلَ: المُجالِحُ الَّتِي تَقْضِمُ عِيدَانَ الشَّجَرِ الْيَابِسِ فِي الشِّتَاءِ إِذا أَقْحَطت السنَةُ وتَسْمَنُ عَلَيْهَا فَيَبْقَى لَبَنُهَا؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وسنَة مُجَلِّحة: مُجْدِبة. والمَجالِيح: السِّنُونَ الَّتِي تَذْهَبُ بِالْمَالِ. وَنَاقَةٌ مِجْلاحٌ: جَلْدَةٌ عَلَى السَّنَةِ الشَّدِيدَةِ فِي بَقَاءِ لَبَنِهَا؛ وَقَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
المانِحُ الأُدْمَ والخُورَ الهِلابَ، إِذا ... مَا حارَدَ الخُورُ، واجْتَثَّ المَجالِيحُ
قَالَ: الْمَجَالِيحُ الَّتِي لَا تُبَالِي الْقُحُوطَ. والجالِحةُ والجَوالِحُ: مَا تطاير من رؤُوس النَّبَاتِ فِي الرِّيحِ شِبْه الْقُطْنِ؛ وَكَذَلِكَ مَا أَشبهه مِنْ نَسْجِ الْعَنْكَبُوتِ وقِطَعِ الثَّلْجِ إِذا تَهَافَتَ. والأَجْلَح: الهَوْدَجُ إِذا لَمْ يَكُنْ مُشْرِفَ الأَعْلى؛ حَكَاهُ ابْنُ جِنِّي عَنْ خَالِدِ بْنِ كُلْثُومٍ، قَالَ: وَقَالَ الأَصمعي هُوَ الْهَوْدَجُ الْمُرَبَّعُ؛ وأَنشد لأَبي ذُؤَيْبٍ:
إِلّا تكنْ ظُعْناً تُبْنى هَوادِجُها، ... فإِنهن حِسانُ الزِّيِّ أَجْلاحُ
قَالَ ابْنُ جِنِّي: أَجْلاحٌ جَمْعُ أَجْلَح، وَمِثْلُهُ أَعْزَلُ وأَعْزال، وأَفْعَلُ وأَفعالٌ قَلِيلٌ جِدًّا؛ وَقَالَ الأَزهري: هَوْدَجٌ أَجْلَح لَا رأْس لَهُ، وَقِيلَ: لَيْسَ لَهُ رأْس مُرْتَفِعٌ. وأَكَمَةٌ جَلْحاء إِذا لَمْ تَكُنْ مُحَدَّدة الرأْس. والتَّجْلِيحُ: السيرُ الشَّدِيدُ. ابْنُ شُمَيْلٍ: جَلَّحَ عَلَيْنَا أَي أَتى عَلَيْنَا. أَبو زَيْدٍ: جَلَّحَ عَلَى الْقَوْمِ تَجْلِيحًا إِذا حَمَلَ عَلَيْهِمْ. وجَلَّحَ فِي الأَمر: رَكِبَ رأْسه. والتَّجْلِيحُ: الإِقدام الشَّدِيدُ وَالتَّصْمِيمُ فِي الأَمر والمُضِيُّ؛ قَالَ بِشْرُ بْنُ أَبي خَازِمٍ:
ومِلْنا بالجِفارِ إِلى تَميمٍ، ... عَلَى شُعُثٍ مُجَلِّحَةٍ عِتاقِ

(2/425)


والجُلاحُ، بِالضَّمِّ مُخَفَّفًا: السيلُ الجُرافُ. وَذِئْبٌ مُجَلِّحٌ: جَريءٌ، والأُنثى بِالْهَاءِ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
عَصافيرٌ وذِبَّانٌ ودُودٌ، ... وأَجْرٍ مِنْ مُجَلِّحَةِ الذِّئابِ
وَقِيلَ: كلُّ ماردٍ مُقْدِم عَلَى شيءٍ مُجَلِّح. والتَّجْليحُ: المكاشَفةُ فِي الْكَلَامِ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ؛ وأَما قَوْلُ لَبِيدٍ:
فكنَّ سَفِينها، وضَرَبْنَ جَأْشاً، ... لِخَمْسٍ فِي مُجَلِّحَةٍ أَرُومِ
فإِنه يَصِفُ مَفَازَةً متكشفة بِالسَّيْرِ. وجالَحْتُ الرجلَ بالأَمر إِذا جَاهَرْتَهُ بِهِ. والمُجالَحَة: المُكاشَفة بِالْعَدَاوَةِ. والمُجالِحُ: المُكابِرُ. والمُجالَحة: المُشارَّة مِثْلُ المُكالحةِ. وجَلَّاحٌ والجُلاحُ وجُلَيْحة: أَسماء؛ قَالَ اللَّيْثُ: وجُلاحٌ اسْمُ أَبي أُحَيْحة بْنِ الجُلاح الْخَزْرَجِيِّ. وجَلِيحٌ: اسْمٌ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ وَالْكَاهِنِ: يَا جَلِيحُ أَمرٌ نجِيحٌ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: جَلِيح اسْمُ رَجُلٍ قَدْ نَادَاهُ. وَبَنُو جُلَيْحة: بَطْنٌ مِنَ الْعَرَبِ. والجَلْحاءُ: بَلَدٌ مَعْرُوفٌ، وَقِيلَ هُوَ مَوْضِعٌ عَلَى فَرْسَخَيْنِ مِنَ الْبَصْرَةِ. وجَلْمَح رأْسَه أَي حَلَقَه، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ.
جَلْبَحَ: الجِلْبِحُ مِنَ النِّسَاءِ: الْقَصِيرَةُ؛ وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الجِلْبِحُ الْعَجُوزُ الدَّمِيمَةُ؛ قَالَ الضَّحَّاكُ الْعَامِرِيُّ:
إِني لأَقْلِي الجِلْبِحَ الْعَجُوزَا، ... وأَمِقُ الفَتِيَّةَ العُكْمُوزا
جَلْدَحَ: الجَلْدَحُ: المُسِنُّ مِنَ الرِّجَالِ. والجَلَنْدَحُ: الثَّقِيلُ الوَخِمُ. والجُلُنْدُحةُ والجُلَندَحة: الصُّلْبة مِنَ الإِبل. وَنَاقَةٌ جُلَنْدَحة: شَدِيدَةٌ. الأَزهري: رَجُلٌ جَلَنْدَحٌ وجَلَحْمَد إِذا كَانَ غَلِيظًا ضَخْماً. ابْنُ دُرَيْدٍ: الجُلادِحُ الطَّوِيلُ، وَجَمْعُهُ جَلادِحُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
مِثل الفَلِيقِ العُلْكُمِ الجُلادِحِ
جَمَحَ: جَمَحَتِ المرأَةُ تَجْمَحُ جِماحاً مِنْ زَوْجِهَا: خَرَجَتْ مِنْ بَيْتِهِ إِلى أَهلها قَبْلَ أَن يُطَلِّقَهَا، وَمِثْلُهُ طَمَحَتْ طِماحاً؛ قَالَ:
إِذا رأَتني ذاتُ ضِغْنٍ حَنَّتِ، ... وجَمَحَتْ مِنْ زوجِها وأَنَّتِ
وفرسٌ جَمُوح إِذا لَمْ يَثْنِ رأْسَه. وجَمَحَ الفرسُ بِصَاحِبِهِ جَمْحاً وجِماحاً: ذَهَبَ يَجْرِي جَرْيًا غَالِبًا واعْتَزَّ فارسَه وَغَلَبَهُ. وَفَرَسٌ جامِحٌ وجَمُوحٌ، الذَّكَرُ والأُنثى فِي جَمُوح سَوَاءٌ؛ وَقَالَ الأَزهري عِنْدَ النَّعْتَيْنِ: الذَّكَرُ والأُنثى فِيهِ سَوَاءٌ؛ وَكُلُّ شيءٍ مَضَى لِشَيْءٍ عَلَى وَجْهِهِ، فَقَدْ جَمَحَ بِهِ، وَهُوَ جَمُوح؛ قَالَ:
إِذا عَزَمْتُ عَلَى أَمرٍ جَمَحْتُ بِهِ، ... لَا كَالَّذِي صَدَّ عَنْهُ، ثُمَّ لَمْ يُنِبِ
والجَمُوحُ مِنَ الرِّجَالِ: الَّذِي يَرْكَبُ هَوَاهُ فَلَا يُمْكِنُ رَدُّه؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
خَلَعْتُ عِذاري جامِحاً، لَا يَرُدُّني، ... عَنِ البِيضِ أَمثالِ الدُّمَى، زَجْرُ زاجِرِ
وجَمَحَ إِليه أَي أَسرع. وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
لَوَلَّوْا إِليه وَهُمْ يَجْمَحُون
؛ أَي يُسْرعون؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: يُسْرِعُونَ إِسراعاً لَا يَرُدُّ وُجوهَهم شيءٌ، ومِن هَذَا قِيلَ: فَرَسٌ جَمُوحٌ، وَهُوَ الَّذِي إِذا حَمَلَ لَمْ يَرُدَّه اللِّجَامُ. وَيُقَالُ: جَمَحَ وطَمَحَ إِذا أَسرع وَلَمْ يَرُدَّ وجهَه شيءٌ. قَالَ الأَزهري: فَرَسٌ جَمُوح لَهُ مَعْنَيَانِ: أَحدهما يُوضَعُ

(2/426)


مَوْضِعَ الْعَيْبِ وَذَلِكَ إِذا كَانَ مِنْ عَادَتِهِ رُكُوبُ الرأْس، لَا يُثْنِيهِ رَاكِبُهُ، وَهَذَا مِنَ الجِماحِ الَّذِي يُرَدُّ مِنْهُ بِالْعَيْبِ، وَالْمَعْنَى الثَّانِي فِي الْفَرَسِ الجَمُوح أَن يَكُونَ سَرِيعًا نَشِيطًا مَرُوحاً، وَلَيْسَ بِعَيْبٍ يُردّ مِنْهُ، وَمَصْدَرُهُ الجُمُوح؛ وَمِنْهُ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
جَمُوحاً مَرُوحاً، وإِحْضارُها ... كَمَعْمَعةِ السَّعَفِ المُوقَدِ
وإِنما مَدَحَهَا فَقَالَ:
وأَعْدَدْتُ لِلحَربِ وَثَّابةً، ... جَوَادَ المَحَثَّةِ والمُرْوَدِ
ثُمَّ وَصَفَهَا فَقَالَ: جَمُوحاً مَرُوحاً أَو سَبُوحاً أَي تُسْرع بِرَاكِبِهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه جَمَحَ فِي أَثَرِه
أَي أَسْرع إِسراعاً لَا يَرُدُّه شَيْءٌ. وجَمَحَتِ السَّفِينَةُ تَجْمَحُ جُمُوحاً: تَرَكَتْ قَصْدَها فَلَمْ يَضْبِطْها الملَّاحون. وجَمَحُوا بكِعابِهم: كَجَبَحُوا. وتَجامَح الصبيانُ بالكِعابِ إِذا رَمَوْا كَعْباً بكَعْب حَتَّى يُزِيلَهُ عَنْ مَوْضِعِهِ. والجَمامِيحُ: رؤُوس الحَلِيِّ والصِّلِّيانِ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: مثل رؤُوس الحَلِيِّ والصِّلِّيان وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَخْرُجُ عَلَى أَطرافه شِبْهُ السُّنْبُلِ، غَيْرَ أَنه لَيِّنٌ كأَذْنابِ الثَّعَالِبِ، وَاحِدَتُهُ جُمَّاحَة. والجُمَّاح: شيءٌ يُتَّخَذُ مِنَ الطِّينِ الحُرِّ أَو التَّمْرِ والرَّمادِ فَيُصَلَّبُ وَيَكُونُ فِي رأْس المِعْراضِ يُرْمَى بِهِ الطَّيْرُ؛ قَالَ:
أَصابتْ حَبَّةَ القَلبِ، ... فَلَمْ تُخْطِئْ بِجُمَّاحِ
وَقِيلَ: الجُمَّاحُ تَمْرَةٌ تُجْعَلُ عَلَى رأْس خَشَبَةٍ يَلْعَبُ بِهَا الصِّبْيَانُ، وَقِيلَ: هُوَ سَهْمٌ أَو قَصَبة يُجْعَلُ عَلَيْهَا طِينٌ ثُمَّ يُرْمَى بِهِ الطَّيْرُ؛ قَالَ رُقَيْعٌ الوالِبِيُّ:
حَلَقَ الحوادثُ لِمَّتي، فَتَرَكْن لِي ... رأْساً يَصِلُّ، كأَنه جُمَّاحُ
أَي يُصَوِّتُ مِنِ امِّلاسِه؛ وَقِيلَ: الجُمَّاحُ سهمٌ صَغِيرٌ بِلَا نَصْلٍ مُدَوَّرُ الرأْس يَتَعَلَّمُ بِهِ الصِّبيانُ الرَّمْيَ، وَقِيلَ: بَلْ يَلْعَبُ بِهِ الصِّبْيَانُ يَجْعَلُونَ عَلَى رأْسه تَمْرَةً أَو طِينًا لِئَلَّا يَعْقِرَ؛ قَالَ الأَزهري: يُرْمَى بِهِ الطَّائِرُ فَيُلْقِيهِ وَلَا يَقْتُلُهُ حَتَّى يأْخذه رَامِيهِ؛ وَرَوَتِ العربُ عَنْ رَاجِزٍ مِنَ الْجِنِّ زَعَمُوا:
هَلْ يُبْلِغَنِّيهمْ إِلى الصَّباحْ ... هَيْقٌ، كأَنَّ رأْسَه جُمَّاحْ
قَالَ الأَزهري: وَيُقَالُ لَهُ جُبَّاحٌ أَيضاً؛ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الجُمَّاح سَهْمُ الصَّبِيُّ يُجْعَلُ فِي طَرَفِهِ تَمْرًا مَعْلوكاً بقَدْرِ عِفاصِ الْقَارُورَةِ لِيَكُونَ أَهْدَى لَهُ، أَمْلَسُ وَلَيْسَ لَهُ رِيشٌ، وَرُبَّمَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَيضاً فُوقٌ، قَالَ: وَجَمْعُ الجُمَّاحِ جَمامِيحُ وجَمامِحُ، وإِنما يَكُونُ الجَمامِحُ فِي ضَرُورَةِ الشَّعْرِ كَقَوْلِ الحُطَيْئة:
بِزُبِّ اللِّحَى جُرْدِ الخُصَى كالجَمامِحِ
فأَما أَن يُجْمَعَ الجُمَّاحُ عَلَى جَمامِحَ فِي غَيْرِ ضَرُورَةِ الشَّعْرِ فَلَا، لأَن حَرْفَ اللِّينِ فِيهِ رَابِعٌ، وإِذا كَانَ حَرْفُ اللِّينِ رَابِعًا فِي مِثْلِ هَذَا كَانَ أَلفاً أَو وَاوًا أَو يَاءً، فَلَا بُدَّ مِنْ ثَبَاتِهَا يَاءً فِي الْجَمْعِ وَالتَّصْغِيرِ عَلَى مَا أَحكَمَتْه صِناعةُ الإِعراب، فإِذاً لَا مَعْنَى لِقَوْلِ أَبي حَنِيفَةَ فِي جَمْعِ جُمَّاح جَمامِيحُ وجَمامِحُ، وإِنما غَرَّهُ بَيْتُ الْحُطَيْئَةِ وَقَدْ بيَّنا أَنه اضْطِرَارٌ. الأَزهري: الْعَرَبُ تُسَمِّي ذَكَر الرَّجلِ جُمَيْحاً ورُمَيْحاً، وتُسَمِّي هَنَ المرأَةِ شُرَيْحاً، لأَنه مِنَ الرَّجُلِ يَجْمَحُ فَيَرْفَعُ رأْسه، وَهُوَ مِنْهَا يَكُونُ مَشْرُوحًا أَي مَفْتُوحًا. ابْنُ الأَعرابي: الجُمَّاح الْمُنْهَزِمُونَ مِنَ الْحَرْبِ، وأَورد

(2/427)


ابْنُ الأَثير فِي هَذَا الْفَصْلِ مَا صُورَتُهُ: وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: فَطَفِقَ يُجَمِّحُ إِلى الشَّاهِدِ النَّظَرَ
أَي يُدِيمُهُ مَعَ فَتْحِ الْعَيْنِ، قَالَ: هَكَذَا جَاءَ فِي كِتَابِ أَبي مُوسَى وكأَنه، وَاللَّهُ أَعلم، سَهْوٌ، فإِن الأَزهري وَالْجَوْهَرِيَّ وَغَيْرَهُمَا ذَكَرُوهُ فِي حَرْفِ الْحَاءِ قَبْلَ الْجِيمِ، وَفَسَّرُوهُ بِهَذَا التَّفْسِيرِ وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ؛ قَالَ: وَلَمْ يَذْكُرْهُ أَبو مُوسَى فِي حَرْفِ الْحَاءِ. وَقَدْ سَمَّوْا جَمَّاحاً وجُمَيْحاً وجُمَحاً: وَهُوَ أَبو بَطْنٍ مِنْ قُرَيْشٍ.
جملح: جَمْلَحَ رأْسَه: حَلَقَه.
جنح: جَنَحَ إِليه «3» يَجْنَحُ ويَجْنُحُ جُنُوحاً، واجْتَنحَ: مالَ، وأَجْنَحَه هُوَ؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
فَمَرَّ بالطيرِ مِنْهُ فاحِمٌ كَدِرٌ، ... فِيهِ الظِّباءُ وَفِيهِ العُصْمُ أَجْناحُ
إِنما هُوَ جَمْعُ جَانِحٍ كَشَاهِدٍ وأَشهاد، وأَراد مَوائِلَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَرِضَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَجَدَ خِفَّةً فاجْتَنحَ عَلَى أُسامة حَتَّى دَخَلَ الْمَسْجِدَ
أَي خَرَجَ مَائِلًا مُتَّكِئًا عَلَيْهِ. وَيُقَالُ: أَقمت الشَّيْءَ فَاسْتَقَامَ. واجْتَنَحْتُه أَي أَمَلته فَجَنَحَ أَي مَالَ. وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها
؛ أَي إِن مَالُوا إِليك «4» فَمِلْ إِليها، والسِّلْمُ: المُصالحة، وَلِذَلِكَ أُنثت؛ وَقَوْلُ أَبي النَّجْمِ يَصِفُ السَّحَابَ:
وسَحَّ كلُّ مُدْجنٍ سَحَّاحِ، ... يَرْعُدُ في بِيضِ [بَيضِ] الذُّرَى جُنَّاحِ
قَالَ الأَصمعي: جُنَّاح دَانِيَةٌ مِنَ الأَرض، وَقَالَ غَيْرُهُ: جُنَّاح مَائِلَةٌ عَنِ الْقَصْدِ. وجَنَحَ الرجلُ واجْتَنَحَ: مَالَ عَلَى أَحد شقَّيه وَانْحَنَى فِي قَوْسِه. وجُنُوح اللَّيْلِ: إِقباله. وجَنَحَ الظلامُ: أَقْبلَ الليلُ. وجَنَحَ الليلُ يَجْنَحُ جُنُوحاً: أَقبل. وجُنْحُ اللَّيْلِ وجِنْحُه: جانِبُه، وَقِيلَ: أَوَّله، وَقِيلَ: قِطْعَةٌ مِنْهُ نَحْوَ النِّصْفِ، وجُنْحُ الظَّلَامِ وجِنْحُه لُغَتَانِ، ويقال: كأَنه جُنْحُ [جِنْحُ] لَيْلٍ يُشَبَّه بِهِ العَسْكَرُ الْجَرَّارُ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذا اسْتَجنح الليلُ فاكْفِتُوا صِبيانكم
؛ الْمُرَادُ فِي الْحَدِيثِ أَوَّل اللَّيْلِ. وجِنْحُ الطَّرِيقِ «5»: جَانِبُهُ؛ قَالَ الأَخْضَر بْنُ هُبَيْرة الضَّبّي:
فَمَا أَنا يومَ الرَّقْمَتَيْنِ بِناكِلٍ، ... وَلَا السيفُ إِن جَرَّدْتُه بكَلِيلِ
وَمَا كنتُ ضَغَّاطاً، ولكنَّ ثَائِرًا ... أَناخَ قَلِيلًا، عِنْدَ جِنْحِ سَبيلِ
وجِنْحُ الْقَوْمِ: ناحيتُهم وكَنَفُهم؛ وَقَالَ:
فَبَاتَ بِجِنْحِ القومِ حَتَّى إِذا بَدَا ... لَهُ الصُّبْحُ، سَامَ القومَ إِحدى المَهالكِ
وجَناحُ الطَّائِرِ: مَا يَخْفِق بِهِ فِي الطَّيَرَانِ، وَالْجَمْعُ أَجْنِحة وأَجْنُحٌ. وجَنَحَ الطائرُ يَجْنَحُ جُنُوحاً إِذا كَسَرَ مِن جَناحَيْه ثُمَّ أَقبل كَالْوَاقِعِ اللَّاجِئِ إِلى مَوْضِعٍ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
تَرَى الطيرَ العِتاقَ يَظَلْنَ مِنْهُ ... جُنُوحاً، إِنْ سَمِعْنَ لَهُ حَسِيسا
وجَناحا الطَّائِرِ: يَدَاهُ. وجَناحُ الإِنسان: يَدُه. ويد الإِنسان: جَناحاه. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ
؛ أَي أَلِنْ لَهُمَا جانِبَكَ. وَفِيهِ: وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ
؛ قال
__________
(3).
قوله [جنح إِليه إلخ] بابه منع وضرب ونصر كما في القاموس.
(4).
قوله [مالوا إليك] هكذا في الأَصل والأَمر سهل.
(5).
قوله [وجنح الطريق إلخ] هذا وما بعده بكسر الجيم لا غير، كما هو ضبط الأَصل. ومفاد الصحاح والقاموس وفي المصباح: وجنح الليل، بضم الجيم وكسرها، ظلامه واختلاطه، ثم قال: وجنح الطريق، بالكسر، جانبه.

(2/428)


الزَّجَّاجُ: مَعْنَى جَناحك العَضُدُ، وَيُقَالُ الْيَدُ كلُّها جَناحٌ، وَجَمْعُهُ أَجْنِحة وأَجْنُحٌ، حَكَى الأَخيرة ابْنُ جِنِّي وَقَالَ: كَسَّرُوا الجَناحَ وَهُوَ مذكَّر عَلَى أَفْعُلٍ، وَهُوَ مِنْ تَكْسِيرِ المؤَنث لأَنهم ذَهَبُوا بالتأْنيث إِلى الرِّيشَة، وَكُلُّهُ رَاجِعٌ إِلى مَعْنَى المَيْل لأَن جَناحَ الإِنسان وَالطَّائِرِ فِي أَحد شِقَّيْه. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحتها لِطَالِبِ الْعِلْمِ
أَي تَضَعُهَا لِتَكُونَ وِطاءً لَهُ إِذا مَشَى؛ وَقِيلَ: هُوَ بِمَعْنَى التَّوَاضُعِ لَهُ تَعْظِيمًا لحقِّه؛ وَقِيلَ: أَراد بِوَضْعِ الأَجنحة نزولَهم عِنْدَ مَجَالِسِ الْعِلْمِ وتَرْكَ الطَّيَرَانِ؛ وَقِيلَ: أَراد إِظلالهم بِهَا؛ وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ:
تُظِلُّهم الطيرُ بأَجنحتها.
وجَناحُ الطَّائِرِ: يَدُه. وجَنَحَه يَجْنِحُه جَنْحاً: أَصاب جَناحَه. الأَزهري: وَلِلْعَرَبِ أَمثال فِي الجَناح، مِنْهَا قَوْلُهُمْ فِي الرَّجُلِ إِذا جَدَّ فِي الأَمر وَاحْتَفَلَ: رَكِبَ فلانٌ جَناحَيْ نَعامة؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
فَمَنْ يَسْعَ أَو يَرْكَبْ جَناحَيْ نَعامةٍ، ... لِيُدْرِكَ مَا قَدَّمْتَ بالأَمْسِ، يُسْبَق
وَيُقَالُ: رَكِبَ القومُ جَناحَيِ الطَّائِرِ إِذا فَارَقُوا أَوطانهم؛ وأَنشد الفرَّاء:
كأَنما بِجَناحَيْ طائِرٍ طَارُوا
وَيُقَالُ: فُلَانٌ فِي جَنَاحَيْ طَائِرٍ إِذا كَانَ قَلِقاً دَهِشاً، كَمَا يُقَالُ: كأَنه عَلَى قَرْن أَعْفَر، وَيُقَالُ: نَحْنُ عَلَى جَناح سَفَر أَي نُرِيدُ السَّفَرَ، وَفُلَانٌ فِي جنَاح فُلَانٍ أَي فِي ذَراهُ وَكَنَفِهِ؛ وأَما قَوْلُ الطِّرِمَّاحِ:
يَبُلُّ بمَعْصورٍ جَناحَيْ ضَئِيلَةٍ ... أَفاوِيقَ، مِنْهَا هَلَّةٌ ونُقُوعُ
فإِنه يُرِيدُ بالجَناحين الشَّفَتَيْنِ، وَيُقَالُ: أَراد بِهِمَا جَناحَيِ اللَّهاةِ والحَلْقِ. وجَناحا العَسْكَرِ: جَانِبَاهُ. وجَناحا الْوَادِي: مَجْرَيانِ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ. وجَناحُ الرَّحَى: ناعُورُها. وجَناحا النَّصْلِ: شَفْرَتاه. وجَناحُ الشَّيْءِ: نَفْسُه؛ وَمِنْهُ قَوْلُ عَدِيِّ بْنِ زَيْدٍ:
وأَحْوَرُ العينِ مَرْبُوبٌ، لَهُ غُسَنٌ، ... مُقَلَّدٌ مِنْ جَناحِ الدُّرِّ تِقْصارا
وَقِيلَ: جَناحُ الدُّرِّ نَظْمٌ مِنْهُ يُعَرَّضُ. وكلُّ شَيْءٍ جَعَلْتَهُ فِي نِظامٍ، فَهُوَ جَناحٌ. والجَوانح: أَوائل الضُّلُوع تَحْتَ التَّرَائِبِ مِمَّا يَلِي الصَّدْرَ، كَالضُّلُوعِ مِمَّا يَلِي الظَّهْرَ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِجُنُوحِهَا عَلَى الْقَلْبِ، وَقِيلَ: الْجَوَانِحُ الضُّلُوع القِصارُ الَّتِي فِي مُقَدَّمِ الصدرِ، وَالْوَاحِدَةُ جَانِحَةٌ؛ وَقِيلَ: الْجَوَانِحُ مِنَ الْبَعِيرِ وَالدَّابَّةِ مَا وَقَعَتْ عَلَيْهِ الْكَتِفُ وَهُوَ مِنِ الإِنسان الدَّئيُّ، وَهِيَ مَا كَانَ مِنْ قِبَلِ الظَّهْرِ وَهِيَ سِتٌّ: ثَلَاثٌ عَنْ يَمِينِكَ وَثَلَاثٌ عَنْ شِمَالِكَ؛ قَالَ الأَزهري: جَوانِحُ الصَّدْرِ مِنَ الأَضلاع المتصلة رُؤُوسها فِي وَسَطِ الزَّوْرِ، الْوَاحِدَةُ جَانِحَةٌ؛ وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: كَانَ وَقِيذَ الجَوانِح
، هِيَ الأَضلاع مِمَّا يَلِي الصَّدْرَ. وجُنِحَ البعيرُ: انْكَسَرَتْ جَوانِحُه مِنِ الحِمْل الثَّقِيلِ. وجَنَحَ البعيرُ يَجْنَحُ جُنُوحاً: انْكَسَرَ أَوَّلُ ضُلُوعه مِمَّا يَلِي الصَّدْرَ. وَنَاقَةٌ مُجْتَنِحَة الجَنْبَينِ: وَاسِعَتُهُمَا. وجَنَحَتِ الإِبلُ: خَفَضَتْ سَوالِفَها فِي السَّيْرِ، وَقِيلَ: أَسرعت. ابْنُ شُمَيْلٍ: الاجْتِناحُ فِي النَّاقَةِ كأَنَّ مُؤَخَّرَها يُسْنَدُ إِلى مُقَدَّمها مِنْ شِدَّةِ انْدِفَاعِهَا بحَفْزِها رِجْلَيْهَا إِلى صَدْرِهَا؛ وَقَالَ شَمِرٌ: اجْتَنَحَتِ النَّاقَةُ فِي سَيْرِهَا إِذا أَسرعت؛ وأَنشد:
مِنْ كلِّ وَرْقاء لَهَا دَفٌّ قَرِحْ، ... إِذا تَبادَرْنَ الطريقَ تَجْتَنِحْ

(2/429)


وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: المُجْتَنِحُ مِنَ الْخَيْلِ الَّذِي يَكُونُ حُضْرُه وَاحِدًا لأَحَدِ شِقَّيْه يَجْتَنِحُ عَلَيْهِ أَي يَعْتَمِدُهُ فِي حُضْره؛ وَالنَّاقَةُ الْبَارِكَةُ إِذا مَالَتْ عَلَى أَحد شِقَّيْهَا يُقَالُ: جَنَحَتْ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
إِذا مالَ فوقَ الرَّحْلِ، أَحْيَيْتِ نَفْسَه ... بذكراكِ، والعِيسُ المَراسِيلُ جُنَّحُ
وجَنَحَتِ السَّفِينَةُ تَجْنَحُ جُنُوحاً: انْتَهَتْ إِلى الْمَاءِ الْقَلِيلِ فَلَزِقَتْ بالأَرض فَلَمْ تَمْضِ. واجْتَنَحَ الرجلُ فِي مَقْعَده عَلَى رَحْلِهِ إِذا انْكَبَّ عَلَى يَدَيْهِ كالمُتَّكِئ عَلَى يدٍ وَاحِدَةٍ. الأَزهري: الرَّجُلُ يَجْنَحُ إِذا أَقبل عَلَى الشَّيْءِ يَعْمَلُهُ بِيَدَيْهِ وَقَدْ حَنَى عَلَيْهِ صَدْرَهُ؛ وَقَالَ لَبِيدٌ:
جُنُوحَ الهَالِكِيّ عَلَى يديهِ، ... مُكِبّاً يَجْتَلِي نُقَبَ النِّصالِ
وَرَوَى
أَبو صَالِحِ السَّمَّانُ عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ أَن رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَمَرَ بالتَّجَنُّحِ فِي الصَّلَاةِ، فشَكا ناسٌ إِلى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الضَّعْفَةَ فأَمَرَهم أَن يستعينوا بالرُّكَبِ
؛ وَفِي رِوَايَةٍ:
شَكَا أَصحاب رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الاعتمادَ فِي السُّجُودِ فَرَخَّصَ لَهُمْ أَن يستعينوا بمرافقهم على رُكَبهم.
قَالَ شَمِرٌ: التَّجَنُّحُ والاجْتِناحُ كأَنه الِاعْتِمَادُ فِي السُّجُودِ عَلَى الْكَفَّيْنِ، والادِّعامُ عَلَى الرَّاحَتَيْنِ وَتَرْكُ الِافْتِرَاشِ لِلذِّرَاعَيْنِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ أَن يَرْفَعَ سَاعِدَيْهِ فِي السُّجُودِ عَنِ الأَرض وَلَا يَفْتَرِشَهُمَا، وَيُجَافِيهِمَا عَنْ جَانِبَيْهِ وَيَعْتَمِدُ عَلَى كَفَّيْهِ فيصيرَان لَهُ مِثْلَ جَناحَيِ الطَّائِرِ؛ قَالَ ابْنُ شُمِيلٍ: جَنَحَ الرَّجُلُ عَلَى مِرْفَقَيْه إِذا اعْتَمَدَ عَلَيْهِمَا وَقَدْ وَضَعَهُمَا بالأَرض أَو عَلَى الْوِسَادَةِ يَجْنَحُ جُنُوحاً وجَنْحاً. والمَجْنَحة: قِطْعَةُ أَدَمٍ تُطرح عَلَى مُقَدَّم الرَّحْلِ يَجْتَنِحُ الرَّاكِبُ عَلَيْهَا. والجُناح، بِالضَّمِّ: الْمَيْلُ إِلى الإِثم، وَقِيلَ: هُوَ الإِثم عَامَّةً. والجُناحُ: مَا تُحُمِّلَ مِنَ الهَمِّ والأَذى؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
ولاقَيْتُ، مِنْ جُمْلٍ وأَسبابِ حُبِّها، ... جُناحَ الَّذِي لاقَيْتُ مِنْ تِرْبِها قَبْلُ
قَالَ: وأَصل ذَلِكَ مِنَ الجُناح الَّذِي هُوَ الإِثم. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما عَرَّضْتُمْ بِهِ
؛ الجُناح: الْجِنَايَةُ والجُرْمُ؛ وأَنشد قَوْلَ ابْنِ حِلِّزَةَ:
أَعَلينا جُناحُ كِنْدَةَ، أَن يَغْنَمَ ... غازيهمُ، وَمِنَّا الجَزاءُ؟
وَصَفَ كِنْدَةَ بأَنهم غَزَوْكم فَقَتَلُوكُمْ وتُحَمِّلوننا جزاءَ فِعْلِهِمْ أَي عِقَابَ فِعْلِهِمْ، وَالْجَزَاءُ يَكُونُ ثَوَابًا وَعِقَابًا؛ وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ: لَا جُناحَ عَلَيْكُمْ
أَي لَا إِثم عَلَيْكُمْ وَلَا تَضْيِيقَ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ فِي مَالِ الْيَتِيمِ: إِني لأَجْنَحُ أَن آكُلَ مِنْهُ
أَي أَرى الأَكل مِنْهُ جُناحاً وَهُوَ الإِثم؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقَدْ تَكَرَّرَ الجُناحُ فِي الْحَدِيثِ، فأَين وَرَدَ فَمَعْنَاهُ الإِثم وَالْمَيْلُ. وَيُقَالُ: أَنا إِليك بحُناحٍ أَي مُتَشَوِّقٌ، كَذَا حُكِيَ بِضَمِّ الْجِيمِ؛ وأَنشد:
يَا لَهْفَ هِنْدٍ بعدَ أُسْرَةِ واهِبٍ، ... ذَهَبُوا، وكنتُ إِليهمُ بجُناحِ
بِالضَّمِّ، أَي مُتَشَوِّقاً. وجَنَحَ الرجلُ يَجْنَحُ جُنُوحاً: أَعطى بِيَدِهِ. ابْنُ شُمِيلٍ: جَنَحَ الرجلُ إِلى الحَرورِيَّة، وجَنَحَ لَهُمْ إِذا تَابَعَهُمْ وَخَضَعَ لَهُمْ. وجَناحٌ: اسْمُ رَجُلٍ، وَاسْمُ ذِئْبٍ؛ قَالَ:
مَا راعَني إِلَّا جَناحٌ هَابِطًا، ... عَلَى البُيوتِ، قَوْطَه العُلابِطا

(2/430)


وجَنَّاحٌ: اسْمُ رَجُلٍ. وجَنَّاحٌ: اسْمُ خِباءٍ مِنْ أَخبيتهم؛ قَالَ:
عَهْدي بجَنَّاحٍ إِذا مَا اهْتَزَّا، ... وأَذْرَتِ الريحُ تُراباً نَزَّا،
أَنْ سَوْفَ تَمْضِيهِ، وَمَا ارْمَأَزَّا
وَتُمْضِيهِ: تمضي عليه.
جنبح: الجُنْبُحُ: الْعَظِيمُ، وَقِيلَ: الجُنْبُخُ، بالخاء.
جوح: الجَوْحُ: الِاسْتِئْصَالُ، مِنَ الاجْتِياح. جاحَتهم السَّنة جَوحاً وجِياحة وأَجاحَتهم واجتاحَتْهم: استأْصلت أَموالهم، وَهِيَ تَجُوحُهم جَوْحاً وجِياحة، وَهِيَ سَنَة جَائِحَةٌ: جَدْبة؛ وجُحْتُ الشيءَ أَجُوحه. وفي الحديث:
إِن أَبي يُرِيدُ أَن يَجْتاحَ مَالِيَ
أَي يستأْصله ويأْتي عَلَيْهِ أَخذاً وإِنفاقاً؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: قَالَ الْخَطَابِيُّ: يُشْبِهُ أَن يَكُونَ مَا ذَكَرَهُ مِنِ اجْتِياح وَالِدِهِ مالَه، أَن مِقْدَارَ مَا يَحْتاجُ إِليه فِي النَّفَقَةِ شَيْءٌ كَثِيرٌ لَا يَسَعُه مالُه، إِلا أَن يَجتاحَ أَصلَه، فَلَمْ يُرَخِّصْ لَهُ فِي تَرْكِ النَّفَقَةِ عَلَيْهِ، وَقَالَ لَهُ:
أَنتَ ومالُك لأَبيك
، عَلَى مَعْنَى أَنه إِذا احْتَاجَ إِلى مَالِكَ أَخذ مِنْهُ قَدْرَ الْحَاجَةِ، وإِذا لَمْ يَكُنْ لَكَ مَالٌ وَكَانَ لَكَ كَسْبٌ لَزِمَكَ أَن تَكْتَسِبَ وَتُنْفِقَ عَلَيْهِ؛ فأَما أَن يَكُونَ أَراد بِهِ إِباحة مَالِهِ لَهُ حَتَّى يَجْتاحَه، ويأْتي عَلَيْهِ إِسرافاً وَتَبْذِيرًا فَلَا أَعلم أَحداً ذَهَبَ إِليه؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
أَعاذَكُم اللهُ مِنْ جَوْحِ الدَّهْرِ.
واجْتاحَ العَدُوُّ مالَه: أَتى عَلَيْهِ. والجَوْحةُ وَالْجَائِحَةُ: الشِّدَّةُ وَالنَّازِلَةُ الْعَظِيمَةُ الَّتِي تَجتاح المالَ مِنْ سَنَةٍ أَو فِتْنَةٍ. وَكُلُّ مَا استأْصله: فَقَدْ جاحَه واجْتاحَه. وجاحَ اللهُ مَالَهُ وأَجاحَه، بِمَعْنًى، أَي أَهلكه بِالْجَائِحَةِ. الأَزهري عَنْ أَبي عُبَيْدٍ: الْجَائِحَةُ الْمُصِيبَةُ تَحُلُّ بِالرَّجُلِ فِي مَالِهِ فتَجْتاحُه كُلَّه؛ قال ابن شمل: أَصابتهم جَائِحَةٌ أَي سَنَة شَدِيدَةٌ اجْتَاحَتْ أَموالهم، فَلَمْ تَدَعْ لهم وِجاحاً [وَجاحاً]، والوِجاحُ [الوَجاحُ]: بَقِيَّةُ الشَّيْءِ مِنْ مَالٍ أَوْ غَيْرِهِ. ابْنُ الأَعرابي: جاحَ يَجوحُ جَوْحاً إِذا هَلَكَ مالُ أَقربائه. وجاحَ يَجُوح إِذا عَدَل عَنِ المَحَجَّة إِلى غَيْرِهَا؛ وَنَزَلَتْ بِفُلَانٍ جائِحة مِنَ الجَوائِح.
وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنه نَهَى عَنْ بَيْعِ السِّنين ووَضَعَ الجَوائِح
؛ وَفِي رِوَايَةٍ:
أَنه أَمر بِوَضْعِ الجَوائح
؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
ليْسَتْ بِسَنْهاءٍ وَلَا رُجَّبِيَّةٍ، ... وَلَكِنْ عَرايا فِي السِّنين الجَوائح
وَرَوَى الأَزهري عَنِ الشَّافِعِيِّ، قَالَ: جِماعُ الجَوائح كلُّ مَا أَذهب الثمرَ أَو بعضَها مِنْ أَمر سَماوِيٍّ بِغَيْرِ جِنَايَةِ آدَمِيٍّ، قَالَ: وإِذا اشْتَرَى الرَّجُلُ ثَمَرَ نخل بعد ما يحلُّ بَيْعُهُ فأُصيب الثَّمَرُ بعد ما قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي لَزِمَهُ الثَّمَنُ كُلُّهُ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَى الْبَائِعِ وَضْعُ مَا أَصابه مِنَ الْجَائِحَةِ عَنْهُ؛ قَالَ: وَاحْتَمَلَ أَمره بِوَضْعِ الْجَوَائِحِ أَن يَكُونَ حَضًّا عَلَى الْخَيْرِ لَا حَتْمًا، كَمَا أَمر بِالصُّلْحِ عَلَى النِّصْفِ؛ وَمِثْلُهُ أَمره بِالصَّدَقَةِ تَطَوُّعًا فإِذا خَلَّى البائعُ بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَبَيْنَ الثَّمَرِ فأَصابته جَائِحَةٌ، لَمْ يُحْكَمْ عَلَى الْبَائِعِ بأَن يَضَعَ عَنْهُ مَنْ ثَمَنِهِ شَيْئًا؛ وَقَالَ ابْنُ الأَثير: هَذَا أَمر نَدْبٍ وَاسْتِحْبَابٍ عِنْدَ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ، لَا أَمر وُجُوبٍ؛
وَقَالَ أَحمد وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَصحاب الْحَدِيثِ: هُوَ لَازِمٌ يُوضَعُ بِقَدْرِ مَا هَلَكَ
؛
وَقَالَ مَالِكٌ: يُوضَعُ فِي الثُّلُثِ فَصَاعِدًا
أَي إِذا كَانَتِ الْجَائِحَةُ فِي دُونِ الثُّلُثِ، فَهُوَ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي، وإِن كَانَ أَكثر فَمِنْ مَالِ الْبَائِعِ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَالْجَائِحَةُ تَكُونُ بالبَرَدِ يَقَعُ مِنَ السَّمَاءِ إِذا عَظُم حَجْمُه فَكَثُرَ ضَرَرُهُ، وَتَكُونُ بالبَرَد المُحْرِق أَو الْحَرِّ المُفْرِط حَتَّى يَبْطُلَ الثَّمَنُ؛ قَالَ شَمِرٌ: وَقَالَ إِسحاق: الْجَائِحَةُ إِنما هِيَ آفَةٌ تَجْتَاحُ الثَّمَرَ

(2/431)


سماويةٌ، وَلَا تَكُونُ إِلا فِي الثِّمَارِ فَيُخَفَّفُ الثُّلُثُ عَلَى الَّذِينَ اشْتَرَوْه؛ قَالَ: وأَصل الْجَائِحَةِ السَّنة الشَّدِيدَةُ تَجْتَاحُ الأَموال، ثُمَّ يُقَالُ: اجْتَاحَ العَدُوُّ مالَ فُلَانٍ إِذا أَتى عَلَيْهِ. أَبو عَمْرٍو: الجَوْحُ الْهَلَاكُ. الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ جَحَا: الْجَائِحُ الْجَرَادُ، عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وجَوْحانُ: اسْمٌ. ومَجاحٌ: مَوْضِعٌ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
لَعَنَ اللهُ بَطْنَ قُفٍّ مَسِيلًا، ... ومَجاحاً، فَلَا أُحِبُّ مَجاحا
قَالَ: وإِنما قَضَيْنَا عَلَى مَجَاحٍ أَن أَلفه وَاوٌ، لأَن الْعَيْنَ، وَاوًا، أَكثر مِنْهَا يَاءً، وَقَدْ يَكُونُ مَحاج فَعالًا فَيَكُونُ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْبَابِ فَنَذْكُرُهُ فِي موضعه.
جيح: جاحَهم اللَّهُ جَيْحاً وَجَائِحَةً: دَهَاهُمْ، مَصْدَرٌ كَالْعَاقِبَةِ. وجَيْحان: وَادٍ مَعْرُوفٌ؛ وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ سَيْحان وجَيْحان، وَهُمَا نَهْرَانِ بِالْعَوَاصِمِ عِنْدَ أَرض المَصِيصَةِ وطَرَسُوس.

فصل الحاء
حدح: امرأَة حُدُحَّةٌ: قَصِيرَةٌ كحُدْحُدَة.
حرِح: الحِرُ، مُخَفَّفٌ، وأَصله حِرْحٌ، فَحُذِفَ عَلَى حَدِّ الْحَذْفِ فِي شَفَةٍ، وَالْجَمْعُ أَحْراح لَا يُكَسَّرُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ؛ قَالَ:
إِني أَقُود جَمَلًا مِمْراحا، ... ذَا قُبَّة مُوقَرَةٍ أَحْراحا
وَيُرْوَى: مملوءَة، وَقَالُوا: حِرَةٌ؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:
جُراهِمةٌ لَهَا حِرَةٌ وَثيلٌ
أَبو الْهَيْثَمِ: الحِرُّ حِرُ المرأَة، مشدَّد الرَّاءِ كأَنَّ الأَصلَ حِرْحٌ، فَثَقُلَتِ الْحَاءُ الأَخيرة مَعَ سُكُونِ الرَّاءِ، فَثَقَّلُوا الرَّاءَ وَحَذَفُوا الْحَاءَ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ جمعُهم الحِرَّ أَحْراحاً؛ وَقَدْ حَرِحَ الرجلُ «1»، وَيُقَالُ: حَرَحْتُ المرأَةَ إِذا أَصبتَ حِرَها، وَهِيَ مَحْروحة، وَاسْتَثْقَلَتِ الْعَرَبُ حَاءً قَبْلَهَا حَرْفٌ سَاكِنٌ، فَحَذَفُوهَا وَشَدَّدُوا الرَّاءَ. أَبو زَيْدٍ: مِنْ أَمثالهم: احْمِلْ حِرَكَ أَوْ دَعْ؛ قَالَتْهُ امرأَة أَدَلَّتْ عَلَى زَوْجِهَا عِنْدَ الرَّحِيلِ، تَحُثُّه عَلَى حَمْلِهَا وَلَوْ شاءَت لَرَكِبَتْ؛ وأَنشد:
كلُّ امرئٍ يَحْمِي حِرَهْ: ... أَسْوَدَهُ وأَحْمَرَهْ،
والشَّعَراتِ المُنْفِذاتِ مَشْفَرَهْ «2»
وَفِي حَدِيثِ أَشراط السَّاعَةِ:
يُسْتَحَلُّ الحِرُ وَالْحَرِيرُ
؛ هَكَذَا ذَكَرَهُ أَبو مُوسَى فِي حَرْفِ الْحَاءِ وَالرَّاءِ، وَقَالَ: الحِرُ، بِتَخْفِيفِ الرَّاءِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُشَدِّدُ الرَّاءَ وَلَيْسَ بِجَيِّدٍ، وَعَلَى التَّخْفِيفِ يَكُونُ فِي حَرِحَ، وَقَدْ رُوِيَ بِالْخَاءِ وَالزَّايِ، وَهُوَ ضَرْبٌ مِنْ ثِيَابِ الإِبْرَيْسَم مَعْرُوفٌ، وَقَالُوا: حِرُونَ كَمَا قَالُوا فِي جَمْعِ الْمَنْقُوصِ لِدُون ومِئُونَ، وَالنِّسْبَةُ إِليه حِرِيٌّ، وإِن شِئْتَ حِرَحِيّ، فَتَفْتَحَ عَيْنَ الْفِعْلِ كَمَا فَتَحُوهَا فِي النِّسْبَةِ إِلى يَدٍ وغَدٍ، قَالُوا: غَدَوِيٌّ ويَدَوِيّ، وإِن شِئْتَ قُلْتَ: حَرِحٌ كَمَا قَالُوا رَجُلٌ سَتِهٌ، وَرَجُلٌ حَرِحٌ: يُحِبُّ الأَحْراحَ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: هُوَ عَلَى النَّسَبِ.
حنح: حِنْحْ، مُسَكَّنٌ: زَجْرٌ للغنم.

فصل الدال
دبح: دَبَّحَ الرجلُ: حَنَى ظَهْرَهُ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والتَّدْبيح: تَنْكِيسُ الرأْس فِي الْمَشْيِ. والتَّدْبيح فِي الصَّلَاةِ: أَن يطأْطئ رأْسه وَيَرْفَعَ عَجُزَهُ؛ وقيل:
__________
(1).
قوله [وقد حرح الرجل] أي أولع بالمرأة، وبابه فرح. وقوله: ويقال حرحت المرأة إلخ بابه منع، كما في القاموس.
(2).
قوله [والشعرات المنفذات إلخ] هكذا في الأَصل.

(2/432)


يَبْسُطُ ظَهْرَهُ ويطأْطِئُ رأْسه فَيَكُونُ رأْسه أَشد انْحِطَاطًا مِنْ أَليتيه؛ وَفِي الْحَدِيثِ
:
أَنه نَهَى أَن يُدَبِّح الرجلُ فِي الرُّكُوعِ كَمَا يُدَبِّحُ الْحِمَارَ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: مَعْنَاهُ يطأْطئ رأْسه فِي الرُّكُوعِ حَتَّى يَكُونَ أَخفض مِنْ ظَهْرِهِ؛ ابْنُ الأَعرابي: التَّدْبيح خَفْضُ الرأْس وَتَنْكِيسُهُ؛ وأَنشد أَبو عَمْرٍو الشَّيْباني:
لَمَّا رَأَى هِراوَةً ذاتَ عُجَرْ، ... دَبَّحَ واسْتَخْفى وَنَادَى: يَا عُمَرْ
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: دَبَّح طأْطأَ رأْسه فَقَطْ، وَلَمْ يَذْكُرْ هَلْ ذَلِكَ فِي مَشْيٍ أَو مَعَ رَفْعِ عَجُزٍ؛ ودَبَّح: ذلَّ، الأَخيرة عَنِ ابْنِ الأَعرابي. الأَزهري: دَبَّح الرَّجُلُ ظَهْرَهُ إِذا ثَنَاهُ فَارْتَفَعَ وَسَطُهُ كأَنه سَنام، قَالَ الأَزهري: رَوَاهُ اللَّيْثُ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ، وَهُوَ تَصْحِيفٌ، وَالصَّحِيحُ بِالْمُهْمَلَةِ. ابْنُ شُمَيْلٍ: رَمْلَةٌ مُدَبِّحة أَي حَدْباء، ورمالٌ مَدابِحُ. ابْنُ الأَعرابي: مَا بِالدَّارِ دِبِّيحٌ وَلَا دِبِّيجٌ، بِالْحَاءِ وَالْجِيمِ، وَالْحَاءُ أَفصحهما؛ وَرَوَاهُ أَبو عُبَيْدٍ: مَا بِالدَّارِ دِبِّيج، بِالْجِيمِ، قَالَ الأَزهري: مَعْنَاهُ مَنْ يَدِبّ؛ وَقِيلَ: دِبِّيحٌ مَعْنَاهُ مَا بِهَا مَنْ يُدَبِّح. وَقَالَ أَبو عَدْنَانَ: التَّدْبيح تَدْبيحُ الصِّبْيَانِ إِذا لَعِبُوا، وَهُوَ أَن يُطَأْمِنَ أَحدُهم ظَهْرَهُ لِيَجِيءَ الْآخَرُ يَعْدُو مِنْ بَعِيدٍ حَتَّى يَرْكَبَهُ. والتَّدْبيحُ: التطأْطؤ؛ يُقَالُ: دَبّح لِي حَتَّى أَركبك. والتَّدْبيح أَيضاً: تَدْبيحُ الكَمْأَةِ وَهُوَ أَن تَنْفَتِحَ عَنْهَا الأَرضُ وَلَا تَصْلَع أَي لَا تَظْهَرَ. الغَنَوِيُّ: دَبَّح الْحِمَارُ إِذا رُكِبَ وَهُوَ يَشْتَكِي ظَهْرَهُ مِنْ دَبَرِه، فَيُرْخِي قوائمَه ويُطَأْمِنُ ظَهْرَهُ وعَجُزَه مِنَ الأَلم.
دحح: الدَّحُّ: شِبْه الدَّسِّ. دَحَّ الشيءَ يَدُحُّه دَحّاً: وَضَعَهُ عَلَى الأَرض ثُمَّ دَسَّهُ حَتَّى لَزِقَ بِهَا؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ فِي وَصْفِ قُتْرة الصَّائِدِ:
بَيْتاً خَفِيّاً فِي الثَّرى مَدْحُوحا
وَقَالَ غَيْرُهُ: مَدحوحاً مُوَسَّعاً؛ وَقَدْ دَحَّه أَي وَسَّعَه؛ يَعْنِي قُتْرة الصَّائِدِ؛ وَقَالَ شَمِرٌ: دَحَّ فلانٌ فُلَانًا يَدُحُّه دَحّاً ودَحاه يَدْحُوه إِذا دَفَعَهُ وَرَمَى بِهِ، كَمَا قَالُوا: عَراه وعَرَّه إِذا أَتاه. ودَحَّ فِي الثَّرى بَيْتًا إِذا وَسَّعَهُ، وَيُنْشِدُ بَيْتَ أَبي النَّجْمِ أَيضاً [ومَدْحُوحاً] أَي مُسَوّىً؛ وَقَالَ نَهْشَل:
فَذَلِكَ شِبْهُ الضَّبِّ، يومَ رأَيته ... عَلَى الجُحْرِ، مُنْدَحّاً خَصيباً ثمائلُهْ
وَفِي حَدِيثِ
عَطَاءٍ: بَلَغَنِي أَن الأَرض دُحَّت مِنْ تَحْتِ الْكَعْبَةِ
، وَهُوَ مِثلُ دُحِيَتْ. وَفِي حَدِيثِ
عُبَيْدِ اللَّهِ ابن نَوْفَلٍ وَذَكَرَ سَاعَةَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ: فَنَامَ عُبَيْدُ اللَّهِ فَدُحَّ دَحَّةً
؛ الدَّحُّ: الدَّفْعُ وإِلصاق الشَّيْءِ بالأَرض، وَهُوَ مِنْ قَرِيبِ الدَّسِّ. والدَّحُّ: الضَّرْبُ بِالْكَفِّ مَنْشُورَةً أَيَّ طوائِف الْجَسَدِ أَصابت، وَالْفِعْلُ كَالْفِعْلِ. ودَحَّ فِي قَفَاهُ يَدُحُّ دَحّاً ودُحُوحاً، وَهُوَ شَبِيهٌ بالدَّعِّ؛ وَقِيلَ: هُوَ مِثْلُ الدَّعِّ سَوَاءً. وفَيشَلَةٌ دَحُوحٌ؛ قَالَ:
قَبِيحٌ بالعَجوزِ، إِذا تَغَدَّتْ ... مِنَ البَرْنيِّ واللَّبَنِ الصَّريحِ،
تَبَغِّيها الرجالَ، وَفِي صَلاها ... مَواقِعُ كلِّ فَيْشَلَةٍ دَحُوحِ
والدُّحُحُ: الأَرضون الْمُمْتَدَّةُ. وَيُقَالُ: انْدَحَّتِ الأَرض كَلأً انْدِحاحاً إِذا اتَّسَعَتْ بالكَلإِ؛ قَالَ: وانْدَحَّتْ خَواصِرُ الْمَاشِيَةِ انْدِحاحاً إِذا تَفَتَّقَتْ مِنْ أَكل الْبَقْلِ. ودَحَّ الطعامُ بطنَه يَدُحُّه إِذا ملأَه حَتَّى يَسْتَرْسِلَ إِلى أَسفل. واندَحَّ بطنُه انْدِحاحاً: اتَّسَعَ.

(2/433)


وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ لأُسامة بطْنٌ مُنْدَحٌ
أَي مُتَّسِعٌ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَما انْدَحَّ بَطْنُهُ فَصَوَابُهُ أَن يُذكر فِي فَصْلِ نَدح؛، لأَنه مِنْ مَعْنَى السَّعة لَا مِن مَعْنَى القِصَرِ؛ وَمِنْهُ المُنْتَدَح أَيضاً: الأَرض الْوَاسِعَةُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: لِي عَنْ هَذَا الأَمر مَنْدوحة ومُنْتَدَحٌ أَي سَعَة؛ قَالَ: وَمِمَّا يَدُلُّكَ عَلَى أَن الْجَوْهَرِيَّ وهَمَ فِي جَعْلِهِ انْدَحَّ فِي هَذَا الْفَصْلِ، كونُه قَدِ اسْتَدْرَكَهُ أَيضاً فَذَكَرَهُ فِي فَصْلِ نَدَحَ، قَالَ: وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَوَزْنُهُ افْعَلَّ مِثْلُ احْمَرَّ، وإِذا جَعَلْتَهُ مِنْ فَصْلِ دَحَحَ فَوَزْنُهُ انْفَعَلَ، مِثْلُ انْسَلَّ انْسِلالًا، وَكَذَلِكَ انْدَحَّ انْدِحاحاً، وَالصَّوَابُ هُوَ الأَول، وَهَذَا الْفَصْلُ لَمْ يَنْفَرِدِ الْجَوْهَرِيُّ بِذِكْرِهِ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ، بَلْ ذَكَرَهُ الأَزهري وَغَيْرُهُ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ؛ وَقَالَ أَعرابي: مُطِرْنا لِلَيْلَتَيْنِ بَقِيَتَا فانْدَحَّتِ الأَرض كَلأً. ودَحَّها يَدُحُّها دَحّاً إِذا نَكَحَهَا. وَرَجُلٌ دَحْدَحٌ ودِحْدِح ودَحْداح ودَحْداحَة ودُحادِحٌ ودُحَيْدِحَة: قَصِيرٌ غَلِيظُ الْبَطْنِ؛ وامرأَة دَحْدَحَة ودَحْداحَة؛ وَكَانَ أَبو عَمْرٍو قَدْ قَالَ: الذَّحْذاح، بِالذَّالِ: الْقَصِيرُ، ثُمَّ رَجَعَ إِلى الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، قَالَ الأَزهري: وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: حَكَى اللِّحْيَانِيُّ أَنه بِالدَّالِ وَالذَّالِ مَعًا، وَكَذَلِكَ ذَكَرَهُ أَبو زَيْدٍ؛ قَالَ: وأَما أَبو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ فإِنه تَشَكَّكَ فِيهِ وَقَالَ: هُوَ بِالدَّالِ أَو بِالذَّالِ. وَقَالَ اللَّيْثُ: الدَّحْداحُ والدَّحْداحَة مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ: الْمُسْتَدِيرُ المُلَمْلَم؛ وأَنشد:
أَغَرَّكِ أَنني رجلٌ جَلِيدٌ ... دُحَيْدِحَةٌ، وأَنكِ عَلْطَمِيسُ؟
وَفِي صِفَةِ أَبْرَهَة صَاحِبِ الْفِيلِ: كَانَ قَصِيرًا حادِراً دَحْداحاً: هُوَ الْقَصِيرُ السَّمِينُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
الْحَجَّاجِ قَالَ لِزَيْدِ بْنِ أَرْقَم: إِن مُحَمَّدِيَّكم هَذَا الدَّحداح.
وَحَكَى ابْنُ جِنِّي: دَوْدَح وَلَمْ يُفَسِّرْهُ، وَكَذَلِكَ حَكَى: دِحٍ دِحْ، قَالَ: وَهُوَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ مِثَالٌ لَمْ يَذْكُرْهُ سِيبَوَيْهِ، وَهُمَا صَوْتَانِ: الأَول مِنْهُمَا منوّنٌ دِحٍ، وَالثَّانِي غَيْرُ مُنَوَّنٍ دِحْ، وكأَنَّ الأَول نُوِّنَ للأَصل وَيُؤَكِّدُ ذَلِكَ قولُهم فِي مَعْنَاهُ: دِحٍ دِحٍ، فَهَذَا كصَهٍ صَهٍ فِي النَّكِرَةِ، وصَهْ صَهْ فِي الْمَعْرِفَةِ فَظَنَّتْهُ الرواةُ كَلِمَةً وَاحِدَةٍ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَمِنْ هُنَا قُلْنَا إِن صَاحِبَ اللُّغَةِ إِن لَمْ يَكُنْ لَهُ نَظَرٌ، أَحال كَثِيرًا مِنْهَا وَهُوَ يَرَى أَنه عَلَى صَوَابٍ، وَلَمْ يُؤْتَ مِنْ أَمانته وإِنما أُتِيَ مِنْ مَعْرِفَتِهِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَمَعْنَى هَذِهِ الْكَلِمَةِ فِيمَا ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ أَبو بَكْرٍ: قَدْ أَقررت فَاسْكُتْ؛ وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ حَبِيبٍ أَن دِحٍ دِحٍ دُوَيِّبَّة صَغِيرَةٌ، قَالَ: وَيُقَالُ هُوَ أَهْوَنُ عَلَيَّ مِنْ دِحٍ دِحٍ. وَحَكَى الْفَرَّاءُ: تَقُولُ الْعَرَبُ: دَحَّا مَحَّا؛ يُرِيدُونَ: دَعْها مَعْها. وَذَكَرَ الأَزهري فِي الْخُمَاسِيِّ: دِحِنْدِحٌ دُوَيْبَّة، وَكَتَبَهَا مَخْلُوطَةً، كَذَا قَالَ. وَرَوَى ثَعْلَبٌ: يُقَالُ هُوَ أَهونُ عَليَّ مِنْ دِحِنْدِحٍ، قَالَ فإِذا قِيلَ: إِيشْ دِحِنْدِحٌ قَالَ: لا شيء.
درح: رَجُلٌ دِرْحايَة: كَثِيرُ اللَّحْمِ قَصِيرٌ سَمِينٌ ضَخْمُ الْبَطْنِ لَئِيمُ الْخِلْقَةِ، وَهُوَ فِعْلايَة مُلْحَقٌ بِجِعْظارة؛ قَالَ الراجز:
إِمّا تَرَيْني رَجُلًا دِعْكايَهْ ... عَكَوَّكاً، إِذا مَشَى دِرْحايَهْ
تَحْسِبُني لَا أُحْسِنُ الحُدايَهْ، ... أَيا يَهٍ أَيا يَهٍ أَيا يَهْ
الأَزهري: الدَّرِحُ الهَرِمُ التامُّ، وَمِنْهُ قِيلَ: نَاقَةٌ دِرْدِحٌ لِلْهَرِمَةِ المُسِنَّة.
دربح: دَرْبَح الرجلُ: حَنَى ظَهْرَهُ، عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. ودَرْبَح: تَذَلَّلَ، عَنْ كُرَاعٍ، وَالْخَاءُ أَعرف،

(2/434)


وسَوَّى يعقوبُ بَيْنَهُمَا. قَالَ الأَصمعي: قَالَ لِي صَبِيٌّ مِنْ أَعراب بَنِي أَسَد: دَلْبِحْ أَي طَأْطِئْ ظهرَك، قال: ودَرْبَحَ مثله.
دردح: الأَزهري: الدِّرْدِحَة مِنَ النِّسَاءِ الَّتِي طُولُهَا وعَرْضُها سَوَاءٌ، وَجَمْعُهَا الدَّرادِحُ؛ قَالَ أَبو وَجْزَة:
وإِذْ هيَ كالبَكْر الهِجانِ، إِذا مَشَتْ، ... أَبَى، لَا يُماشيها القِصارُ الدَّرادِحُ
وَقِيلَ لِلْعَجُوزِ: دِرْدِحٌ، والدِّرْدِحُ: المُسِنّ، وَقِيلَ: المسنُّ الَّذِي ذَهَبَتْ أَسنانه. وَشَيْخٌ دِرْدِحٌ، بِالْكَسْرِ، أَي كَبِيرٌ. والدِّرْدِحُ مِنَ الإِبل: الَّتِي تأَكلت أَسنانها وَلَصِقَتْ بِحَنَكِهَا مِنَ الكِبَر. الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ عَلْهَزَ: نابٌ عِلْهِزٌ ودِرْدِحٌ: هِيَ الَّتِي فِيهَا بَقِيَّةٌ وقد أَسَنَّتْ «3».
دلح: الدَّلْحُ: مَشْيُ الرَّجُلِ بِحِمْلِه وَقَدْ أَثقله. دَلَحَ الرجلُ بِحِمْلِهِ يَدْلَحُ دَلْحاً: مَرَّ بِهِ مُثْقَلًا، وَذَلِكَ إِذا مَشَى بِهِ غَيْرَ مُنْبَسِطِ الخَطْوِ لِثِقْلِهِ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ الْبَعِيرُ. الأَزهري: الدالِحُ الْبَعِيرُ إِذا دَلَحَ، وَهُوَ تَثاقُلُه فِي مَشْيِهِ مِنْ ثِقَلِ الحِمْلِ. وتَدالَحَ الرَّجُلَانِ الحِمْلَ بَيْنَهُمَا تَدالُحاً أَي حَمَلَاهُ بَيْنَهُمَا. وتَدالَحا العِكْمَ إِذا أَدخلا عُوداً فِي عُرَى الجُوالِق، وأَخذا بطَرَفَيِ العُود فَحَمَلَاهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن سلمان وأَبا الدَّرْدَاءِ اشْتَرَيَا لَحْمًا فتَدالَحاه بَيْنَهُمَا عَلَى عودٍ
أَي طَرَحَاهُ عَلَى عُودٍ، وَاحْتَمَلَاهُ آخِذَيْن بِطَرَفَيْهِ. وَنَاقَةٌ دَلُوحٌ: مُثْقَلة حِمْلًا أَو مُوقَرَة شَحْمًا، دَلَحَتْ تَدْلَحُ دَلْحاً ودَلَحاناً. الأَزهري: السَّحَابَةُ تَدْلَح فِي مَسِيرِهَا مِنْ كَثْرَةِ مَائِهَا كأَنها تَتَحَرَّكُ انْخِزالًا. وَفِي الْحَدِيثِ:
كُنَّ النساءُ يَدْلَحْنَ بالقِرَب عَلَى ظُهُورِهِنَّ فِي الغَزْوِ
؛ الْمُرَادُ أَنهن كُنَّ يَسْتقين الْمَاءَ ويَسْقين الرجالَ، هُوَ مِنْ مَشْيِ المُثْقَل بالحمْلِ. وَسَحَابَةٌ دَلُوحٌ وَدَالِحَةٌ: مُثْقَلة بِالْمَاءِ كَثِيرَةُ الْمَاءِ، وَالْجَمْعُ دُلُحٌ مِثْلُ قَدُومٍ وقُدُمٍ، ودالِح ودُلَّحٌ مِثْلُ رَاكِعٍ ورُكَّع؛ وَفِي حَدِيثِ
عَليٍّ وَوَصْفِ الملائكةَ فَقَالَ: مِنْهُمْ كَالسَّحَابِ الدُّلَّحِ
، جَمْعُ دالِحٍ؛ وَسَحَابٌ دوالِحُ؛ قَالَ البَعِيثُ:
وَذِي أُشُرٍ كالأُقْحُوانِ، تَشُوفُه ... ذِهابُ الصَّبا، والمُعْصِراتُ الدَّوالِحُ
ودَوْلَحُ: اسْمُ امرأَة. وَفَرَسٌ دُلَحٌ: يَختالُ بِفَارِسِهِ وَلَا يُتْعِبُه؛ قَالَ أَبو دُواد:
وَلَقَدْ أَغْدُو بطِرْفٍ هَيْكَلٍ، ... سَبِطِ العُذْرَة، مَيَّاحٍ دُلَحْ
الأَزهري عَنِ النَّضْرِ: الدَّلاحُ مِنَ اللَّبَنِ الَّذِي يَكْثُرُ ماؤُه حَتَّى تَتَبَيَّنَ شُبْهته. ودَلَحْتُ القومَ ودَلَحْتُ لَهُمْ: وَهُوَ نَحْوٌ مِنْ غُسالة السِّقَاءِ فِي الرِّقَّة أَرَقّ مِنَ السَّمارِ.
دلبح: دَلْبَح الرجلُ: حَنَى ظَهْرَهُ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. الأَزهري: قَالَ أَعرابُ بَنِي أَسَدٍ: دَلْبِحْ أَي طَأْطِئْ ظهرَك، ودَرْبَحَ مثلُه.
دمح: دَمَّح الرجلُ ودَبَّحَ: طأْطأَ رأْسه؛ عَنْ أَبي عُبَيْدٍ. ودَمَّح: طأْطأَ ظَهْرَهُ وحَناه، وَالْخَاءُ لُغَةٌ، كِلَاهُمَا عَنْ كُرَاعٍ وَاللِّحْيَانِيِّ؛ وفي ترجمة ضب:
خُتاعَةُ ضَبٍّ دَمَّحَتْ فِي مَغارَةٍ
رَوَاهُ أَبو عَمْرٍو: دَمَّحَتْ، بِالْحَاءِ، أَي أَكَبَّتْ.
دنح: دَنَّحَ الرجلُ: طَأْطَأَ رأْسه. ودَنَّحَ: ذَلَّ؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ الأَعرابي. قَالَ ابن دُرَيْدٍ: الدِّنْحُ
__________
(3).
زاد في القاموس: الدردح، بالكسر: المولع بالشيء.

(2/435)


لَا أَحسبها عَرَبِيَّةً صَحِيحَةً: عِيدٌ مِنْ أَعياد النَّصَارَى، وتكلمت به العرب.
دَوَحَ: الدَّوْحةُ: الشَّجَرَةُ الْعَظِيمَةُ الْمُتَّسِعَةُ مِنْ أَيّ الشَّجَرِ كَانَتْ، وَالْجَمْعُ دَوْحٌ، وأَدْواحٌ جَمْعُ الْجَمْعِ؛ وَقَوْلُ الرَّاعِي:
غَداةً، وحَوْلَيَّ الثَّرَى فوقَ مَتْنِه، ... مَدَبُّ الأَتِيِّ، والأَراكُ الدَّوائِحُ
وَيُقَالُ: داحَت الشَّجَرَةُ تَدُوحُ إِذا عَظُمَتْ، فَهِيَ دَائِحَةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَمْ مِنْ عَذْقٍ دَوّاحٍ فِي الْجَنَّةِ لأَبي الدَّحْداح؟
الدَّوَّاح: الْعَظِيمُ الشَّدِيدُ العُلُوِّ، وكلُّ شَجَرَةٍ عَظِيمَةٍ دَوْحةٌ؛ والعَذْق، بِالْفَتْحِ: النَّخْلَةُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ الرُّؤْيَا:
فأَتينا عَلَى دَوْحة عَظِيمَةٍ
أَي شَجَرَةٍ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
ابْنِ عُمَرَ: أَن رَجُلًا قَطَعَ دَوْحةً مِنَ الحَرَم فأَمره أَن يُعْتِقَ رَقَبَةً.
قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الدَّوائح العِظامُ، وَالْوَاحِدَةُ دَوْحة، وكأَنه جمعُ دَائِحَةٍ وإِن لَمْ يُتكلم بِهِ. والدَّوْحة: المِظَلَّة الْعَظِيمَةُ؛ يُقَالُ: مِظَلَّة دَوْحةٌ. والدَّوْحُ، بِغَيْرِ هَاءٍ: الْبَيْتُ الضَّخْمُ الْكَبِيرُ مِنَ الشعَر؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وداحَ بطنُه: عَظُم واسْتَرْسَل إِلى أَسْفَل؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
فأَصْبَحُوا حَوْلَكَ قَدْ داحُوا السُّرَرْ، ... وأَكَلُوا المَأْدُومَ مِنْ بعدِ القَفَرْ
أَي قَدْ داحَتْ سُرَرُهم. وانْداحَ بطنُه: كَداحَ. وَبَطْنٌ مُنْداحٌ: خَارِجٌ مُدَوَّر، وَقِيلَ: مُتَّسِعٌ دانٍ مِنَ السِّمَن. ودَوَّحَ مَالَهُ: فَرَّقَه كدَيَّحَه. والدَّاحُ: نَقْشٌ يُلَوَّحُ بِهِ لِلصِّبْيَانِ يُعَلَّلونَ بِهِ؛ يُقَالُ: الدُّنْيَا داحةٌ. التَّهْذِيبُ عَنْ أَبي عَبْدِ اللَّهِ المَلْهوف عَنْ أَبي حَمْزَةَ الصُّوفيّ أَنه أَنشده:
لَوْلَا حُبَّتي داحَهْ، ... لَكَانَ الموتُ لِي راحَهْ
قَالَ فَقُلْتُ لَهُ: مَا دَاحَهْ؟ فَقَالَ: الدُّنْيَا؛ قَالَ أَبو عَمْرٍو: هَذَا حَرْفٌ صَحِيحٌ فِي اللُّغَةِ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ أَحمد بْنِ يَحْيَى؛ قَالَ: وَقَوْلُ الصِّبْيَانِ الدَّاحُ، منه.
دَيَحَ: دَيَّحَ فِي بَيْتِهِ: أَقام. ودَيَّحَ مَالَهُ: فرَّقه كدَوَّحه. والدَّيْحانُ: الْجَرَادُ؛ عَنْ كُراع، لَا يُعرف اشْتِقَاقُهُ، وَهُوَ عِنْدُ كُرَاعٍ فَيْعالٌ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهُوَ عندنا فَعْلان.

فصل الذال المعجمة
ذأح: ذَأَحَ السِّقاءَ ذَأْحاً: نفخه؛ عن كراع.
ذبح: الذَّبْحُ: قَطْعُ الحُلْقُوم مِنْ باطنٍ عِنْدَ النَّصِيل، وَهُوَ مَوْضِعُ الذَّبْحِ مِنَ الحَلْق. والذَّبْحُ: مَصْدَرُ ذَبَحْتُ الشَّاةَ؛ يُقَالُ: ذَبَحه يَذْبَحُه ذَبْحاً، فَهُوَ مَذْبوح وذَبِيح مِنْ قَوْمِ ذَبْحَى وذَباحَى، وَكَذَلِكَ التَّيْسُ وَالْكَبْشُ مِنْ كِباشٍ ذَبْحَى وذَباحَى. والذَّبِيحة: الشَّاةُ الْمَذْبُوحَةُ. وَشَاةٌ ذَبِيحة، وذَبِيحٌ مِنْ نِعاج ذَبْحَى وذَباحَى وذَبائح، وَكَذَلِكَ النَّاقَةُ، وإِنما جاءَت ذَبِيحَةٌ بِالْهَاءِ لِغَلَبَةِ الِاسْمِ عَلَيْهَا؛ قَالَ الأَزهري: الذَّبِيحَةُ اسْمٌ لِمَا يُذْبَحُ مِنَ الْحَيَوَانِ، وأُنث لأَنه ذَهَبَ بِهِ مَذْهَبَ الأَسماء لَا مَذْهَبَ النَّعْتِ، فإِن قُلْتَ: شَاةٌ ذَبيحٌ أَو كَبْشٌ ذَبِيحٌ أَو نَعْجَةٌ ذَبِيحٌ لَمْ تَدْخُلْ فِيهِ الْهَاءُ لأَن فَعِيلًا إِذا كَانَ نَعْتًا فِي مَعْنَى مَفْعُولٍ يذكَّر، يُقَالُ: امرأَة قَتِيلٍ وكفٌّ خَضِيبٍ؛ وَقَالَ الأَزهري: الذَّبِيحُ الْمَذْبُوحُ، والأُنثى ذَبِيحَةٌ وإِنما جَاءَتْ بِالْهَاءِ لِغَلَبَةِ الِاسْمِ عَلَيْهَا.

(2/436)


وَفِي حَدِيثِ الْقَضَاءِ:
مَنْ وَليَ قَاضِيًا «1» فكأَنما ذُبِحَ بِغَيْرِ سِكِّينٍ
؛ مَعْنَاهُ التَّحْذِيرُ مِنْ طَلَبِ الْقَضَاءِ والحِرصِ عَلَيْهِ أَي مَنْ تَصَدَّى لِلْقَضَاءِ وَتَوَلَّاهُ فَقَدْ تَعَرَّضَ لِلذَّبْحِ فَلْيَحْذَرْهُ؛ وَالذَّبْحُ هَاهُنَا مَجَازٌ عَنِ الْهَلَاكِ فإِنه مِنْ أَسْرَعِ أَسبابِه، وَقَوْلُهُ: بِغَيْرِ سِكِّينٍ، يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ: أَحدهما أَن الذَّبْحَ فِي العُرْف إِنما يَكُونُ بِالسِّكِّينِ، فَعُدِلَ عَنْهُ لِيُعْلَمَ أَن الَّذِي أَراد بِهِ مَا يُخافُ عَلَيْهِ مِنْ هَلَاكِ دِينِهِ دُونَ هَلَاكِ بَدَنِهِ، وَالثَّانِي أَن الذَّبْحَ الَّذِي يَقَعُ بِهِ رَاحَةُ الذَّبِيحَةِ وَخَلَاصُهَا مِنَ الأَلم إِنما يَكُونُ بِالسِّكِّينِ، فإِذا ذُبِحَ بِغَيْرِ السِّكِّينِ كَانَ ذَبْحُهُ تَعْذِيبًا لَهُ، فَضُرِبَ بِهِ الْمَثَلُ لِيَكُونَ أَبلغَ فِي الحَذَرِ وأَشَدَّ فِي التَّوَقِّي مِنْهُ. وذَبَّحَه: كذَبَحَه، وَقِيلَ: إِنما ذَلِكَ لِلدَّلَالَةِ عَلَى الْكَثْرَةِ؛ وَفِي التَّنْزِيلِ: يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ*
؛ وَقَدْ قُرِئَ: يَذْبَحُون أَبناءَكم؛ قَالَ أَبو إِسحاق: الْقِرَاءَةُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهَا بِالتَّشْدِيدِ، وَالتَّخْفِيفُ شَاذٌّ، وَالْقِرَاءَةُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهَا بِالتَّشْدِيدِ أَبلغ لأَن يُذَبِّحُون لِلتَّكْثِيرِ، ويَذْبَحُون يَصْلُح أَن يَكُونَ لِلْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، وَمَعْنَى التَّكْثِيرِ أَبلغ. والذِّبْحُ: اسْمُ مَا ذُبِحَ؛ وَفِي التَّنْزِيلِ: وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ
؛ يَعْنِي كَبْشَ إِبراهيم، عَلَيْهِ السَّلَامُ. الأَزهري: مَعْنَاهُ أَي بِكَبْشٍ يُذْبَحُ، وَهُوَ الْكَبْشُ الَّذِي فُدِيَ بِهِ إِسماعيلُ بْنُ خَلِيلِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا وَسَلَّمَ. الأَزهري: الذِّبْحُ مَا أُعِدَّ للذَّبْح، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الذَّبِيح وَالْمَذْبُوحِ. والذِّبْحُ: الْمَذْبُوحُ، هُوَ بِمَنْزِلَةِ الطِّحْن بِمَعْنَى الْمَطْحُونِ، والقِطْفِ بِمَعْنَى المَقْطُوف؛ وَفِي حَدِيثِ الضَّحِيَّةِ:
فَدَعَا بِذِبْحٍ فذَبَحَه
؛ الذَّبْحُ، بِالْكَسْرِ: مَا يُذْبَحُ مِنَ الأَضاحِيّ وَغَيْرِهَا مِنَ الْحَيَوَانِ، وَبِالْفَتْحِ الْفِعْلُ مِنْهُ. واذَّبَحَ القومُ: اتَّخَذُوا ذَبِيحَةً، كَقَوْلِكِ اطَّبَخُوا إِذا اتَّخَذُوا طَبِيخًا. وَفِي حَدِيثِ
أُمِّ زَرْع: فأَعطاني مِنْ كُلِّ ذَابِحَةٍ زَوْجاً
؛ هَكَذَا فِي رِوَايَةٍ أَي أَعطاني مِنْ كُلِّ مَا يَجُوزُ ذَبْحُه مِنَ الإِبل وَالْبَقْرِ وَالْغَنَمِ وَغَيْرِهَا، وَهِيَ فَاعِلَةٌ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ، وَالرِّوَايَةُ الْمَشْهُورَةُ بِالرَّاءِ وَالْيَاءِ مِنَ الرَّوَاحِ. وذَبائحُ الْجِنِّ: أَن يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ الدَّارَ أَو يَسْتَخْرِجَ مَاءَ الْعَيْنِ وَمَا أَشبهه فَيَذْبَحُ لَهَا ذَبِيحَةً للطِّيَرَة؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَهَى عَنْ ذَبَائِحِ الْجِنِّ؛ كَانُوا إِذا اشْتَرَوْا دَارًا أَو اسْتَخْرَجُوا عَيْنًا أَو بَنَوْا بُنياناً ذَبَحُوا ذَبِيحَةً، مَخَافَةَ أَن تُصِيبَهُمُ الْجِنُّ فأُضيفت الذَّبَائِحُ إِليهم لِذَلِكَ
؛ مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنهم يَتَطَيَّرُونَ إِلى هَذَا الْفِعْلِ، مَخَافَةَ أَنهم إِن لَمْ يَذْبَحُوا أَو يُطْعِمُوا أَن يُصِيبَهُمْ فِيهَا شَيْءٌ مِنَ الْجِنِّ يُؤْذِيهِمْ، فأَبطل النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هَذَا وَنَهَى عَنْهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كلُّ شَيْءٍ فِي الْبَحْرِ مَذْبوحُ
أَي ذَكِيّ لَا يَحْتَاجُ إِلى الذَّبْحِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي الدَّرْدَاءِ: ذَبْحُ الخَمْرِ المِلْحُ والشمسُ والنِّينانُ
؛ النِّينان: جَمْعُ نُونٍ، وَهِيَ السَّمَكَةُ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَذِهِ صِفَةُ مُرِّيٍّ يُعْمَلُ فِي الشَّامِ، يؤْخذ الخَمْرُ فَيُجْعَلُ فِيهِ الْمِلْحُ وَالسَّمَكُ وَيُوضَعُ فِي الشَّمْسِ، فَتَتَغَيَّرُ الْخَمْرُ إِلى طَعْمِ المُرِّيِّ، فَتَسْتَحِيلُ عَنْ هَيْئَتِهَا كَمَا تَسْتَحِيلُ إِلى الخَلِّيَّة؛ يَقُولُ: كَمَا أَن الْمَيْتَةَ حَرَامٌ وَالْمَذْبُوحَةَ حَلَالٌ فَكَذَلِكَ هَذِهِ الأَشياء ذَبَحَتِ الخَمْرَ فَحَلَّتْ، وَاسْتَعَارَ الذَّبْحَ للإِحْلال. والذَّبْحُ فِي الأَصل: الشَّقُّ. والمِذْبَحُ: السِّكِّينُ؛ الأَزهري: المِذْبَحُ: مَا يُذْبَحُ بِهِ الذَّبِيحَةُ مِنْ شَفْرَة وَغَيْرِهَا. والمَذْبَحُ: مَوْضِعُ الذَّبْحِ مِنَ الحُلْقوم. والذَّابحُ: شَعْرٌ يَنْبُتُ بَيْنَ النَّصِيل والمَذْبَح.
__________
(1).
قوله [من ولي قاضياً إلخ] كذا بالأَصل والنهاية.

(2/437)


والذُّباحُ والذِّبَحَةُ والذُّبَحَةُ: وَجَع الحَلْق كأَنه يَذْبَحُ، وَلَمْ يُعْرَفِ الذَّبْحَة بِالتَّسْكِينِ «2» الَّذِي عَلَيْهِ الْعَامَّةُ. الأَزهري: الذِّبَحَة، بِفَتْحِ الْبَاءِ، دَاءٌ يأْخذ فِي الحَلقِ وَرُبَّمَا قَتَلَ؛ يُقَالُ أَخذته الذُّبَحة والذِّبَحة. الأَصمعي: الذُّبْحةُ، بِتَسْكِينِ الْبَاءِ: وَجَعٌ فِي الْحَلْقِ؛ وأَما الذُّبَحُ، فَهُوَ نَبْتٌ أَحمر. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَوى أَسْعَدَ بنَ زُرَارَة فِي حَلْقِه مِنَ الذِّبْحة [الذُّبْحة]؛ وَقَالَ: لَا أَدَعُ فِي نَفْسِي حَرَجاً مِنْ أَسْعَدَ
؛ وَكَانَ أَبو زَيْدٍ يَقُولُ: الذِّبَحَةُ والذُّبَحة لِهَذَا الدَّاءِ، وَلَمْ يَعْرِفْهُ بِإِسْكَانِ الْبَاءِ؛ وَيُقَالُ: كَانَ ذَلِكَ مِثْلَ الذِّبْحة عَلَى النَّحْر؛ مَثَلٌ يُضْرَبُ لِلَّذِي تِخالُه صَدِيقًا فإِذا هُوَ عَدُوٌّ ظَاهِرُ الْعَدَاوَةِ؛ وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: الذِّبْحَة قَرْحة تَخْرُجُ فِي حَلْقِ الإِنسان مِثْلَ الذِّئْبَةِ الَّتِي تأْخذ الْحِمَارِ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه عَادَ البَرَاءَ بْنَ مَعْرُور وأَخذته الذُّبَحة فأَمر مَن لَعَطَه بِالنَّارِ
؛ الذُّبَحة: وَجَعٌ يأْخذ فِي الْحَلْقِ مِنَ الدَّمِ، وَقِيلَ: هِيَ قَرْحَة تَظْهَرُ فِيهِ فَيَنْسَدُّ مَعَهَا وَيَنْقَطِعُ النفَس فَتَقْتُل. والذَّبَاح: الْقَتْلُ أَيّاً كَانَ. والذِّبْحُ: الْقَتِيلُ. والذَّبْحُ: الشَّق. وَكُلُّ مَا شُقَّ، فَقَدْ ذُبِح؛ قَالَ مَنْظُورُ بْنُ مَرْثَدٍ الأَسَدِيُّ:
يَا حَبَّذا جاريةٌ مِنْ عَكِّ ... تُعَقِّدُ المِرْطَ عَلَى مِدَكِّ،
شِبْه كثِيبِ الرَّمْلِ غَيْرَ رَكِّ، ... كأَنَّ بَيْنَ فَكِّها والفَكِّ،
فَأْرَةَ مِسْكٍ، ذُبِحَتْ فِي سُكِ
أَي فُتِقَتْ، وَقَوْلُهُ: غَيْرُ رَكِّ، لأَنه خالٍ مِنَ الْكَثِيبِ. وَرُبَّمَا قَالُوا: ذَبَحْتُ الدَّنَّ أَي بَزَلْتُه؛ وأَما قَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ فِي صِفَةِ خَمْرٍ:
إِذا فُضَّتْ خَواتِمُها وبُجَّتْ، ... يُقَالُ لَهَا: دَمُ الوَدَجِ الذَّبيح
فإِنه أَراد الْمَذْبُوحَ عَنْهُ أَي الْمَشْقُوقَ مِنْ أَجله، هَذَا قَوْلُ الْفَارِسِيِّ؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ أَيضاً:
وسِرْبٍ تَطَلَّى بالعبيرِ كأَنه ... دماءُ ظِباءٍ، بالنُّحورِ، ذَبِيحُ
ذَبِيحٌ: وَصْفٌ لِلدِّمَاءِ، وَفِيهِ شَيْئَانِ: أَحدهما وَصْفُ الدَّمِ بأَنه ذَبِيحٌ، وإِنما الذَّبِيحُ صَاحِبُ الدَّمِ لَا الدَّمُ، وَالْآخِرُ أَنه وَصَفَ الْجَمَاعَةَ بِالْوَاحِدِ؛ فأَما وَصْفُهُ الدَّمَ بِالذَّبِيحِ فإِنه عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ أَي كأَنه دِمَاءُ ظِباء بالنُّحور ذبيح ظباؤُه، ثُمَّ حُذِفَ الْمُضَافُ وَهُوَ الظِّبَاءُ فَارْتَفَعَ الضَّمِيرُ الَّذِي كَانَ مَجْرُورًا لِوُقُوعِهِ مَوْقِعَ الْمَرْفُوعِ الْمَحْذُوفِ لِمَا اسْتَتَرَ فِي ذَبِيحٍ، وأَما وَصْفُهُ الدِّمَاءَ وَهِيَ جَمَاعَةٌ بِالْوَاحِدِ فلِأَن فَعِيلًا يُوصَفُ بِهِ الْمُذَكَّرُ والمؤَنث وَالْوَاحِدُ وَمَا فَوْقَهُ عَلَى صُورَةٍ وَاحِدَةٍ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
دَعْها فَمَا النَّحْوِيُّ مِنْ صَديقِها
وقال تَعَالَى: إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ. والذَّبِيحُ: الَّذِي يَصْلُح أَن يُذْبَحَ للنُّسُك؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
تُهْدَى إِليه ذِراعُ البَكْرِ تَكْرِمَةً، ... إِمَّا ذَبِيحاً، وإِمَّا كانَ حُلَّاما
وَيُرْوَى حلَّانا. والحُلَّانُ: الجَدْيُ الَّذِي يُؤْخَذُ مِنْ بَطْنِ أُمه حَيًّا فَيُذْبَحُ، وَيُقَالُ: هُوَ الصَّغِيرُ مِنْ أَولاد الْمَعِزِ؛ ابْنُ بَرِّيٍّ: عَرَّضَ ابنُ أَحمر فِي هَذَا الْبَيْتِ بِرَجُلٍ كَانَ يَشْتِمه وَيَعِيبُهُ يُقَالُ لَهُ سُفْيَانُ، وَقَدْ ذكره
__________
(2).
قوله [وَلَمْ يُعْرَفِ الذَّبْحَةُ بِالتَّسْكِينِ] أي مع فتح الذال. وأما بضمها وكسرها مع سكون الباء وكسرها وفتحها فمسموعة كالذباح بوزن غراب وكتاب كما في القاموس.

(2/438)


فِي أَوّل الْمَقْطُوعِ فَقَالَ:
نُبِّئْتُ سُفْيانَ يَلْحانا ويَشْتِمنا، ... واللهُ يَدْفَعُ عنَّا شَرَّ سُفْيانا
وتذابحَ القومُ أَي ذبَحَ بعضُهم بَعْضًا. يُقَالُ: التَّمادُح التَّذابُحُ. والمَذْبَحُ: شَقٌّ فِي الأَرض مِقْدارُ الشِّبْر وَنَحْوِهِ. يُقَالُ: غادَرَ السَّيْلُ فِي الأَرض أَخاديدَ ومَذابحَ. والذَّبائِحُ: شُقُوقٌ فِي أُصول أَصابع الرِّجْل مِمَّا يَلِي الصَّدْرَ، وَاسْمُ ذَلِكَ الدَّاءِ الذُّباحُ، وَقِيلَ: الذُّبَّاح، بِالضَّمِّ وَالتَّشْدِيدِ. والذُّباحُ: تَحَزُّز وتَشَقُّق بَيْنَ أَصابع الصِّبْيَانِ مِنَ التُّرَابِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: مَا دُونَهُ شَوْكَةٌ وَلَا ذُباح، الأَزهري عَنِ ابْنِ بُزُرْج: الذُّبَّاحُ حَزٌّ فِي بَاطِنِ أَصابع الرِّجْل عَرْضاً، وَذَلِكَ أَنه ذَبَحَ الأَصابع وَقَطَعَهَا عَرْضاً، وَجَمْعَهُ ذَبابيحُ؛ وأَنشد:
حِرٌّ هِجَفٌّ مُتَجافٍ مَصْرَعُهْ، ... بِهِ ذَبابِيحُ ونَكْبٌ يَظْلَعُهْ
وَكَانَ أَبو الْهَيْثَمِ يَقُولُ: ذُباحٌ، بِالتَّخْفِيفِ، وَيُنْكِرُ التَّشْدِيدَ؛ قَالَ الأَزهري: وَالتَّشْدِيدُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ أَكثر، وَذَهَبَ أَبو الْهَيْثَمِ إِلى أَنه مِنَ الأَدواء الَّتِي جَاءَتْ عَلَى فُعَال. والمَذَابِحُ: مِنَ الْمَسَايِلِ، وَاحِدُهَا مَذْبَح، وَهُوَ مَسِيل يَسِيلُ فِي سَنَدٍ أَو عَلَى قَرارِ الأَرض، إِنما هُوَ جريُ السَّيْلِ بَعْضِهِ عَلَى أَثر بَعْضٍ، وعَرْضُ المَذْبَحِ فِتْرٌ أَو شِبْرٌ، وَقَدْ تَكُونُ المَذابح خِلْقَةً فِي الأَرض الْمُسْتَوِيَةِ لَهَا كَهَيْئَةِ النَّهْرِ يَسِيلُ فِيهِ ماؤُها فَذَلِكَ المَذْبَحُ، والمَذَابِحُ تَكُونُ فِي جَمِيعِ الأَرض فِي الأَودية وَغَيْرِ الأَودية وَفِيمَا تواطأَ مِنَ الأَرض؛ والمَذْبَحُ مِنَ الأَنهار: ضَرْبٌ كأَنه شَقٌّ أَو انْشَقَّ. والمَذَابِحُ: المحاريبُ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ للقَرابين. والمَذْبَحُ: المِحْرَابُ والمَقْصُورة وَنَحْوُهُمَا؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
لَمَّا كَانَ زَمَنُ المُهَلَّب أُتِيَ مَرْوانُ بِرَجُلٍ ارْتَدَّ عَنِ الإِسلام وكَعْبٌ شَاهِدٌ، فَقَالَ كَعْبٌ: أَدْخِلوه المَذْبَحَ وَضَعُوا التَّوْرَاةَ وحَلِّفوه بِاللَّهِ
؛ حَكَاهُ الهَرَوِيُّ فِي الغَريبَيْنِ؛ وَقِيلَ: المَذابحُ الْمَقَاصِيرُ، وَيُقَالُ: هِيَ الْمَحَارِيبُ وَنَحْوُهَا. ومَذَابحُ النَّصَارَى: بيُوتُ كُتُبهم، وَهُوَ المَذْبَح لِبَيْتِ كُتُبِهِمْ. وَيُقَالُ: ذَبَحْتُ فَأْرَة المِسْكِ إِذا فَتَقْتَهَا وأَخرجت مَا فِيهَا مِنَ الْمِسْكِ؛ وأَنشد شِعْرَ مَنْظُورُ بْنُ مَرْثَدٍ الأَسَدِيِّ:
فَأْرَةَ مِسْكٍ ذُبِحَتْ فِي سُكِ
أَي فُتِقَتْ فِي الطِّيبِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ سُكُّ المِسْك. وتُسمَّى المقاصيرُ فِي الْكَنَائِسِ: مَذابِحَ ومَذْبَحاً لأَنهم كَانُوا يَذْبَحُونَ فِيهَا القُرْبانَ؛ وَيُقَالُ: ذَبَحَتْ فَلَانًا لِحْيَتُه إِذا سَالَتْ تَحْتَ ذَقَنه وَبَدَا مُقَدَّمُ حَنكه، فَهُوَ مَذْبُوحٌ بِهَا؛ قَالَ الرَّاعِي:
مِنْ كلِّ أَشْمَطَ مَذْبُوحٍ بِلِحْيَتِه، ... بادِي الأَداةِ عَلَى مَرْكُوِّهِ الطَّحِلِ
يَصِفُ قَيِّمَ الْمَاءِ مَنَعَه الوِرْدَ. وَيُقَالُ: ذَبَحَتْه العَبْرَةُ أَي خَنَقَتْه. والمَذْبَحُ: مَا بَيْنَ أَصل الفُوق وَبَيْنَ الرِّيش. والذُّبَحُ: نباتٌ «1» لَهُ أَصل يُقْشَرُ عَنْهُ قِشرٌ أَسودُ فَيَخْرُجُ أَبيض، كأَنه خَرَزَة بيضاءُ حُلْو طَيِّبٌ يُؤْكَلُ، وَاحِدَتُهُ ذُبَحَةٌ وذِبَحَةٌ؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ عَنْ الْفَرَّاءِ؛ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ أَيضاً: قَالَ أَبو عَمْرٍو الذِّبَحة شَجَرَةٌ تَنْبُتُ عَلَى سَاقٍ نَبتاً كالكُرَّاث، ثُمَّ يَكُونُ لَهَا زَهْرة صَفْرَاءُ، وأَصلها مثلُ الجَزَرة، وَهِيَ حُلْوة وَلَوْنُهَا أَحمر. والذُّبَحُ: الجَزَر البَرِّيُ
__________
(1).
قوله [والذبح نبات إلخ] كصرد وعنب، وقوله: والذبح الجزر إلخ كصرد فقط كما في القاموس.

(2/439)


وَلَهُ لَوْنٌ أَحمر؛ قَالَ الأَعشى فِي صِفَةِ خَمْرٍ:
وشَمولٍ تَحْسِبُ العَيْنُ، إِذا ... صَفَقَتْ فِي دَنِّها، نَوْرَ الذُّبَحْ
وَيُرْوَى: بُرْدَتها لَوْنُ الذُّبَحْ. وَبُرْدَتُهَا: لَوْنُهَا وأَعلامها، وَقِيلَ: هُوَ نَبَاتٌ يأْكله النَّعَامُ. ثَعْلَبٌ: الذُّبَحَة والذُّبَحُ هُوَ الَّذِي يُشبه الكَمأَةَ؛ قَالَ: وَيُقَالُ لَهُ الذِّبْحَة والذِّبَحُ، وَالضَّمُّ أَكثر، وَهُوَ ضَربٌ مِنَ الكمأَة بِيضٌ؛ ابْنُ الأَثير: وَفِي شِعْرِ كَعْبِ بْنِ مُرَّة:
إِني لأَحْسِبُ قولَه وفِعالَه ... يَوْمًا، وإِن طَالَ الزمانُ، ذُباحا
قَالَ: هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ. والذُّباحُ: الْقَتْلُ، وَهُوَ أَيضاً نَبْتٌ يَقْتُل آكِلَهُ، وَالْمَشْهُورُ فِي الرِّوَايَةِ رِيَاحًا. والذُّبَحُ والذُّباحُ: نَبَاتٌ مِنَ السَّمِّ؛ وأَنشد:
ولَرُبَّ مَطْعَمَةٍ تكونُ ذُباحا «1»
وَقَالَ رُؤْبَةُ:
يَسْقِيهمُ، مِنْ خِلَلِ الصِّفاحِ، ... كأْساً من الذِّيفان والذُّباحِ
وَقَالَ الأَعشى:
ولكنْ ماءُ عَلْقَمَةٍ بسَلْعٍ، ... يُخاضُ عَلَيْهِ مَنْ عَلَقِ الذُّباحِ
وَقَالَ آخَرُ:
إِنما قولُكَ سَمٌّ وذُبَحْ
وَيُقَالُ: أَصابه مَوْتٌ زُؤام وذُواف وذُباحٌ؛ وأَنشد لَبِيدٌ:
كأْساً مِنَ الذِّيفانِ والذُّباحِ
وَقَالَ: الذُّباحُ الذُّبَحُ؛ يُقَالُ: أَخذهم بَنُو فُلَانٍ بالذُّباحِ أَي ذَبَحُوهم. والذُّبَحُ أَيضاً: نَوْرٌ أَحمر. وحَيَّا اللَّهُ هَذِهِ الذُّبَحة أَي هَذِهِ الطَّلْعَةَ. وسَعْدٌ الذَّابِحُ: مَنْزِلٌ مِنْ مَنَازِلِ الْقَمَرِ، أَحد السُّعُودِ، وَهُمَا كَوْكَبَانِ نَيِّرَان بَيْنَهُمَا مقدارُ ذِراعٍ فِي نَحْر وَاحِدٍ، مِنْهُمَا نَجْمٌ صَغير قريبٌ مِنْهُ كأَنه يَذْبَحُهُ، فَسُمِّيَ لِذَلِكَ ذَابِحًا؛ وَالْعَرَبُ تَقُولُ: إِذا طَلَعَ الذَّابِحُ انْحَجَر النَّابِحُ. وأَصلُ الذَّبْح: الشَّق؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
كأَنَّ عَينَيَّ فِيهَا الصَّابُ مَذْبُوحُ
أَي مَشْقُوقٌ مَعْصُورٌ. وذَبَّح الرجلُ: طأْطأَ رأْسه لِلرُّكُوعِ كَدبَّحَ، حَكَاهُ الْهَرَوِيُّ فِي الْغَرِيبَيْنِ، وَالْمَعْرُوفُ الدَّالُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه نَهَى عَنِ التَّذْبِيحِ فِي الصَّلَاةِ
، هَكَذَا جَاءَ فِي روايةٍ، وَالْمَشْهُورُ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ؛ وَحَكَى الأَزهري عَنِ اللَّيْثِ، قَالَ:
جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه نَهَى عَنْ أَن يُذَبِّحَ الرجلُ فِي صِلَاتِهِ كَمَا يُذَبِّحُ الحمارُ
، قَالَ: وقوله أَن يُذَبِّحَ، هو أَن يطأْطئ رأْسه فِي الرُّكُوعِ حَتَّى يَكُونَ أَخفض مِنْ ظَهْرِهِ؛ قَالَ الأَزهري: صحَّف اللَّيْثُ الْحَرْفَ، وَالصَّحِيحُ فِي الْحَدِيثِ:
أَن يدبِّح الرَّجُلُ فِي الصَّلَاةِ
، بِالدَّالِ غَيْرَ مُعْجَمَةٍ كَمَا رَوَاهُ أَصحاب أَبي عُبَيْدٍ عَنْهُ فِي غَرِيبِ الْحَدِيثِ، وَالذَّالُ خطأٌ لَا شَكَّ فِيهِ. والذَّابح: مِيسَمٌ عَلَى الحَلْق فِي عُرْض العُنُق. وَيُقَالُ للسِّمَةِ: ذابحٌ.
ذحح: الذَّحُّ: الشَّقُّ، وَقِيلَ: الدَّقُّ، كِلَاهُمَا عَنْ كُرَاعٍ. وَرَجُلٌ ذُحْذُحٌ وذَحْذَاحٌ: قَصِيرٌ، وَقِيلَ: قَصِيرٌ عَظِيمُ الْبَطْنِ، والأُنثى بِالْهَاءِ؛ قَالَ يَعْقُوبُ: ولمَّا دُخِلَ برأْس الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، على يزيد بن
__________
(1).
قوله [ولرب مطعمة إلخ] صدره كما في الأَساس [واليأس مما فات يعقب راحة] والشعر للنابغة.

(2/440)


مُعَاوِيَةَ، حَضَرَهُ فَقِيهٌ مِنْ فُقَهَاءِ الشَّامِ فَتَكَلَّمَ فِي الْحُسَيْنِ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وأَعْظَمَ قَتْلَه، فَلَمَّا خَرَجَ قَالَ يَزِيدُ: إِنَّ فَقِيهَكُمْ هَذَا لذَحْذاحٌ؛ عَابَهُ بالقِصَرِ وعِظَمِ البَطْنِ حِينَ لَمْ يَجِدْ مَا يَعِيبُه بِهِ؛ قَالَ الأَزهري: قَالَ أَبو عَمْرٍو: الذَّحاذِحُ القِصارُ مِنَ الرِّجَالِ، وَاحِدُهُمْ ذَحْذاحٌ؛ قَالَ: ثُمَّ رَجَعَ إِلى الدَّالِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ، والذَّحْذَحةُ: تقارُبُ الخَطْو مَعَ سُرْعَته. وذَحْذَحَتِ الرِّيحُ التُّرَابَ: سَفَتْه.
ذذح: الذَّوْذَحُ: الَّذِي يَقْضِي شَهْوَتَهُ قَبْلَ أَن يَصِلَ إِلى المرأَة.
ذرح: ذَرَّحَ الشيءَ فِي الرِّيحِ: كذَرَّاه؛ عَنْ كُرَاعٍ. وذَرَّحَ الزعفرانَ وَغَيْرَهُ فِي الماءِ تَذْريحاً: جُعِلَ فِيهِ مِنْهُ شَيْئًا يَسِيرًا. وأَحْمَرُ ذَرِيحيٌّ: شَدِيدُ الْحُمْرَةِ؛ قَالَ:
مِنَ الذَّرِيحِيَّاتِ جَعْداً آرِكا «1»
وَقَدِ اسْتُشْهِدَ بِهَذَا الْبَيْتِ عَلَى مَعْنًى آخَرَ. والذَّرِيحِيَّاتُ مِنَ الإِبل: مَنْسُوبَاتٌ إِلى فَحْلٍ يُقَالُ لَهُ ذَرِيحٌ؛ وأَنشد الْبَيْتَ الْمَذْكُورَ. والمُذَرَّحُ مِنَ اللَّبَنِ: المَذِيقُ الَّذِي أُكْثِرَ عَلَيْهِ مِنَ الْمَاءِ. وذَرَّحَ إِذا صَبَّ فِي لَبَنِهِ مَاءً لِيَكْثُرَ. أَبو زَيْدٍ: المَذِيقُ والضَّيْحُ والمُذَرَّحُ والذَّرَاحُ والذُّلاحُ والمُذَرَّقُ، كلُّه: مِنَ اللَّبَنِ الَّذِي مُزِجَ بِالْمَاءِ. أَبو عَمْرٍو: ذَرَّحَ إِذا طَلَى إِداوته الْجَدِيدَةَ بِالطِّينِ لتَطِيبَ رائحتُها؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: مَرَّخَ إِداوته، بِهَذَا الْمَعْنَى. والذَّرِيحة: الهَضْبَة. والذَّرِيحُ. الهِضابُ. والذَّرَحُ: شَجَرٌ تُتَّخَذُ مِنْهَا الرِّحالة. وَبَنُو ذَرِيح: قومٌ، وَفِي التَّهْذِيبِ: بَنُو ذَرِيح مِنْ أَحياء الْعَرَبِ. وأَذْرُحُ: مَوْضِعٌ؛ وَفِي حَدِيثِ الحَوْض:
بَيْنَ جَنْبَيْه كَمَا بَيْنَ جَرْباءَ وأَذْرُحَ
، بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَضَمِّ الرَّاءِ وَحَاءٍ مُهْمَلَةٍ، قَرْيَةٌ بِالشَّامِ وَكَذَلِكَ جَرْباءُ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُمَا قَرْيَتَانِ بِالشَّامِ بَيْنَهُمَا مَسِيرَةُ ثَلَاثِ لَيَالٍ. والذُّراحُ والذَّرِيحة والذُّرَحْرَحَة والذُّرَحْرَحُ والذُّرُحْرُحُ والذُّرَّحْرَحُ والذُّرُّوحَة والذُّرُّوحُ، رَوَاهَا كُرَاعٌ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، كُلُّ ذَلِكَ: دُوَيْبَّة أَعظم مِنَ الذُّبَابِ شَيْئًا، مُجَزَّعٌ مُبَرْقَشٌ بحُمْرة وَسَوَادٍ وَصُفْرَةٍ، لَهَا جَنَاحَانِ تَطِيرُ بِهِمَا، وَهُوَ سَمٌّ قَاتِلٌ، فإِذا أَرادوا أَن يَكْسِروا حَدَّ سَمِّه خَلَطُوهُ بالعَدَسِ فَيَصِيرُ دَوَاءً لِمَنْ عضَّه الكَلبُ الكَلِبُ: وَالْجَمْعُ ذُرَّاحٌ «2» وذَرَارِيحُ؛ قَالَ:
فَلَمَّا رأَتْ أَن لَا يُجِيبَ دُعاءَها، ... سَقَتْه، عَلَى لَوْحٍ، دِماءَ الذَّرارِح
الأَزهري عَنِ اللِّحْيَانِيِّ: الذُّرْنُوح لُغَةٌ فِي الذِّرِّيح. والذُّرَحْرَحُ أَيضاً: السَّمُّ الْقَاتِلُ؛ قَالَ:
قَالَتْ لَهُ: وَرْياً، إِذا تَنَحْنَحْ، ... يَا ليتَه يُسْقَى عَلَى الذُّرَحْرَحْ
وَطَعَامٌ مُذَرَّح: مَسْمُوم، وَفِي التَّهْذِيبِ: طَعَامٌ مَذْرُوح. وذَرَحَ طعامَه إِذا جَعَلَ فِيهِ الذَّراريح؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَاحِدُ الذَّرارِيح ذُرَحْرَحٌ وَلَيْسَ عِنْدَهُ فِي الْكَلَامِ فُعُّول بِوَاحِدَةٍ، وَكَانَ يَقُولُ سَبُّوح قَدُّوس، بفتح
__________
(1).
قوله [جعداً] أَنشده الجوهري ضخماً.
(2).
قوله [والجمع ذرّاح] كذا بالأَصل بهذا الضبط، والذي يظهر أَنه تحريف عن ذرارح، بدليل الشاهد وإن ثبت في شرح القاموس حيث قال: والجمع ذرّاح كما في اللسان، قال أبو حاتم: الذراريح الوجه، وإنما يقال ذرارح في الشعر انتهى.

(2/441)


أَولهما. وذُرَحْرَحٌ فُعَلْعَلٌ، بِضَمِّ الْفَاءِ وَفَتْحِ الْعَيْنَيْنِ، فإِذا صغَّرتَ حَذَفْتَ اللَّامَ الأُولى، وَقُلْتَ ذُرَيْرِحٌ، لأَنه لَيْسَ فِي الْكَلَامِ فَعْلَعٌ إِلَّا حَدْرَدٌ. الأَزهري عَنْ أَبي عَمْرٍو: الذَراريح تَنْبَسِطُ عَلَى الأَرض، حُمْرٌ، وَاحِدَتُهَا ذَرِيحةٌ.
ذقح: الأَزهري خَاصَّةً قَالَ فِي نَوَادِرِ الأَعراب: فُلَانٌ مُتَذَقِّحٌ لِلشَّرِّ ومُتَفَقِّحٌ ومُتَنَقِّح ومُتَقَذِّذ ومُتَزَلِّم ومُتَشَذِّبٌ ومُتَحَذِّفٌ ومُتَلَقِّحٌ، بمعنى واحد.
ذوح: الذَّوْحُ: السَّوْق الشَّدِيدُ وَالسَّيْرُ الْعَنِيفُ؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ الْهُذَلِيُّ يَصِفُ ضَبْعًا نَبَشَتْ قَبْرًا:
فذاحَتْ بالوَتائرِ، ثُمَّ بَدَّتْ ... يدَيها، عندَ جانِبِهِ، تَهِيلُ
قَوْلُهُ: فَذَاحَتْ أَي مَرَّتْ مَرًّا سَرِيعًا. وَالْوَتَائِرُ: جَمْعُ وَتِيرة، الطَّرِيقَةُ مِنَ الأَرض. وبَدَّتْ: فَرَّقت. وذاحَ إِبله يَذُوحها ذَوْحاً: جَمَعَهَا وَسَاقَهَا سَوْقًا عَنِيفًا، وَلَا يُقَالُ ذَلِكَ فِي الْإِنْسِ، إِنما يُقَالُ فِي الْمَالِ إِذا حَازَهُ. وذاحَتْ هِيَ: سَارَتْ سَيْرًا عَنِيفًا. وَذَاحَهُ ذَوْحاً وذوَّحَه: فرَّقه. وذَوَّح إِبله وَغَنَمَهُ: بدَّدها؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
أَلا ابْشِري بالبيعِ والتَّذْوِيحِ ... فأَنتِ مالُ الشَّوهِ والقُبُوحِ
وَكُلُّ مَا فرَّقه، فَقَدْ ذَوَّحَه؛ وأَنشد الأَزهري:
عَلَى حَقِّنا فِي كلِّ يومٍ تُذَوِّحُ
ذيح: ابْنُ الأَثير فِي حَدِيثِ
عَليٍّ: كَانَ الأَشعثُ ذَا ذَيْحٍ
؛ الذَّيحُ: الكِبْرُ.

فصل الراء المهملة
ربح: الرِّبْح والرَّبَحُ «3» والرَّباحُ: النَّماء فِي التَّجْر. ابْنُ الأَعرابي: الرِّبْحُ والرَّبَحُ مِثْلُ البِدْلِ والبَدَلِ، وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: مِثْلُ شِبْهٍ وشَبَهٍ، هُوَ اسْمُ مَا رَبِحَه. ورَبِحَ فِي تِجَارَتِهِ يَرْبَحُ رِبْحاً ورَبَحاً ورَباحاً أَي اسْتَشَفَّ؛ وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِلرَّجُلِ إِذا دَخَلَ فِي التِّجَارَةِ: بالرَّباح والسَّماح. الأَزهري: رَبِحَ فلانٌ ورابَحْته، وَهَذَا بيعٌ مُرْبِحٌ إِذا كَانَ يُرْبَحُ فِيهِ؛ وَالْعَرَبُ تَقُولُ: رَبِحَتْ تِجَارَتُهُ إِذا رَبِحَ صاحبُها فِيهَا. وَتِجَارَةٌ رابحةٌ: يُرْبَحُ فِيهَا. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ
؛ قَالَ أَبو إِسحاق: مَعْنَاهُ مَا رَبِحُوا فِي تِجَارَتِهِمْ، لأَن التِّجَارَةَ لَا تَرْبَحُ، إِنما يُرْبَحُ فِيهَا وَيُوضَعُ فِيهَا، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: قَدْ خَسِرَ بيعُك ورَبِحَتْ تجارتُك؛ يُرِيدُونَ بِذَلِكَ الِاخْتِصَارَ وسَعَة الْكَلَامِ؛ قَالَ الأَزهري: جَعَلَ الْفِعْلَ لِلتِّجَارَةِ، وَهِيَ لَا تَرْبَحُ وإِنما يُربح فِيهَا، وَهُوَ كَقَوْلِهِمْ: لَيْلٌ نَائِمٌ وَسَاهِرٌ أَي يُنام فِيهِ ويُسْهَر؛ قَالَ جَرِيرٌ:
ونِمْتُ وَمَا ليلُ المَطِيِّ بنائِم
وقوله: فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ
؛ أَي مَا رَبِحوا فِي تِجَارَتِهِمْ، وإِذا رَبِحُوا فِيهَا فَقَدْ رَبحَتْ، وَمِثْلُهُ: فإِذا عَزَمَ الأَمْرُ، وإِنما يُعْزَمُ عَلَى الأَمْرِ وَلَا يَعْزِمُ الأَمْرُ، وَقَوْلُهُ: وَالنَّهارَ مُبْصِراً* أَي يُبْصَر فِيهِ، ومَتْجَرٌ رابِحٌ ورَبيح لِلَّذِي يُرْبَحُ فِيهِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي طَلْحَةَ: ذَاكَ مَالٌ رابِحٌ
أَي ذُو رِبْح كَقَوْلِكَ لابِنٌ وتامِرٌ، قَالَ: وَيُرْوَى بِالْيَاءِ. وأَرْبَحْته عَلَى سِلْعَتِه أَي أَعطيته رِبحاً، وَقَدْ أَرْبحَه
__________
(3).
قوله [الربح إلخ] ربح ربحاً وربحاً كعلم علماً وتعب تعباً كما في المصباح وغيره.

(2/442)


بِمَتَاعِهِ، وأَعطاه مَالًا مُرابَحة أَي عَلَى الرِّبْحِ بَيْنَهُمَا، وبعتُ الشيءَ مُرابَحَةً. وَيُقَالُ: بِعْتُه السِّلْعَةَ مُرابَحَة عَلَى كُلِّ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ درهمٌ، وَكَذَلِكَ اشْتَرَيْتُهُ مُرابَحة، وَلَا بُدَّ مِنْ تَسْمِيَةِ الرِّبْح. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه نَهَى عَنْ ربْح مَا لَمْ يُضْمَن
؛ ابْنُ الأَثير: هُوَ أَن يَبِيعَ سِلْعَةً قَدِ اشْتَرَاهَا وَلَمْ يَكُنْ قَبَضَهَا بِربْح، وَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ وَلَا يَحِلُّ الرِّبْح لأَنها فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ الأَوَّل وَلَيْسَتْ مِنْ ضَمَانِ الثَّانِي، فَرِبْحُها وخَسارتُها للأَوَّل. والرَّبَحُ: مَا اشْتُرِيَ مِنَ الإِبل لِلتِّجَارَةِ. والرَّبَحُ: الفصالُ، وَاحِدُهَا رابِحٌ. والرَّبَحُ: الفَصِيلُ، وَجَمْعُهُ رِباحٌ مِثْلُ جَمَل وجِمال. والرَّبَحُ: الشَّحْم؛ قَالَ خُفَافُ بْنُ نُدْبَة:
قَرَوْا أَضيافَهم رَبَحاً بِبُحٍّ، ... يَعِيشُ بفضلِهِنَّ الحَيُّ، سُمْرِ
البُحُّ: قِداحُ المَيْسر؛ يَعْنِي قِدَاحًا بُحّاً مِنْ رَزَانَتِهَا. والرَّبَحُ هُنَا يَكُونُ الشَّحْمَ وَيَكُونُ الفِصالَ، وَقِيلَ: هِيَ مَا يَرْبَحون مِنَ المَيْسِر؛ الأَزهري: يَقُولُ أَعْوَزَهم الكِبارُ فَتَقَامَرُوا عَلَى الفِصال. وَيُقَالُ: أَرْبَحَ الرجلُ إِذا نَحر لِضيفانه الرَّبَحَ، وَهِيَ الفُصْلان الصِّغَارُ، يُقَالُ: رَابِحٌ ورَبَحٌ مِثْلُ حَارِسٍ وحَرَسٍ؛ قَالَ: وَمَنْ رَوَاهُ رُبَحاً، فَهُوَ وَلَدُ النَّاقَةِ؛ وأَنشد:
قَدْ هَدِلَتْ أَفواه ذِي الرُّبُوحِ
وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي تَرْجَمَةِ بَحَحَ فِي شَرْحِ بَيْتِ خُفافِ بْنِ نُدْبَة، قَالَ ثَعْلَبٌ: الرَّبَحُ هَاهُنَا جَمْعُ رَابِحٍ كخادم خَدَم، وَهِيَ الْفِصَالُ. والرُّبَحُ: مِنْ أَولاد الْغَنَمِ، وَهُوَ أَيضاً طَائِرٌ يُشْبِهُ الزَّاغ؛ قَالَ الأَعشى:
فَتَرَى القومَ نَشاوَى كلَّهم، ... مِثْلَمَا مُدَّتْ نِصاحاتُ الرُّبَحْ
وَقِيلَ: الرَّبَحُ، بِفَتْحِ أَوله، طَائِرٌ يُشْبِهُ الزَّاغَ؛ عَنْ كُرَاعٍ. والرُّبَحُ والرُّبَّاحُ، بِالضَّمِّ وَالتَّشْدِيدِ جَمِيعًا: القِرْد الذَّكَرُ، قَالَهُ أَبو عُبَيْدٍ فِي بَابِ فُعَّال؛ قَالَ بِشْرُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ:
وإِلْقَةٌ تُرْغِثُ رُبَّاحَها، ... والسهلُ والنَّوْفَلُ والنَّضْرُ
الإِلْقة هَاهُنَا القِرْدَة. ورُبَّاحها: وَلَدُهَا. وتُرغِثُ: تُرْضِع. وَالسَّهْلُ: الْغُرَابُ. وَالنَّوْفَلُ: الْبَحْرُ. وَالنَّضْرُ: الذَّهَبُ؛ وَقَبْلَهُ:
تَبَارَكَ اللَّهُ وَسُبْحَانَهُ، ... مَنْ بِيَدَيْهِ النَّفْعُ والضَّرُّ
مَنْ خَلْقُه فِي رِزْقِهِ كلُّهم: ... الذِّيخُ والتَّيْتَلُ والغُفْرُ
وساكِنُ الجَوِّ إِذا مَا عَلا ... فِيهِ، ومَنْ مَسْكَنُه القَفْرُ
والصَّدَعُ الأَعْصَمُ فِي شاهِقٍ، ... وجأْبَةٌ مَسْكَنُها الوَعْرُ
والحَيَّةُ الصَّمَّاءُ فِي جُحْرِها، ... والتَّتْفُلُ الرائغُ والذَّرُّ
الذِّيخُ: ذَكَرُ الضِّبَاعِ. والتَّيتل: المُسِنُّ مِنَ الوُعُول. والغُفْر: وَلَدُ الأُرْوِيَّة، وَهِيَ الأُنثى مِنَ الْوُعُولِ أَيضاً. والأَعْصَم: الَّذِي فِي يَدَيْهِ بَيَاضٌ. والجَأْبَةُ: بَقَرَةُ الْوَحْشِ، وإِذا قُلْتَ: جَأْبَةُ المِدْرَى، فَهِيَ الظَّبْيَةُ. والتَّتْفُل: وَلَدُ الثَّعْلَبِ. ورأَيت فِي حَوَاشِي نُسْخَةٍ مِنْ حَوَاشِي ابْنِ بَرِّيٍّ بِخَطِّ سَيِّدِنَا الإِمام الْعَلَّامَةِ الرَّاوِيَةِ الْحَافِظِ رَضِيِّ الدِّينِ الشَّاطِبِيِّ، وَفَّقَهُ اللَّهُ، وإِليه

(2/443)


انْتَهَى عِلْمُ اللُّغَةِ فِي عَصْرِهِ نَقْلًا وَدِرَايَةً وَتَصْرِيفًا؛ قَالَ أَول الْقَصِيدَةِ:
الناسُ دَأْباً فِي طِلابِ الثَّرَى، ... فكلُّهمْ مِنْ شأْنِه الخَتْرُ
كأَذؤُبٍ تَنْهَسُها أَذؤُبٌ، ... لَهَا عُواءٌ، وَلَهَا زَفْرُ
تَراهُمُ فَوْضَى، وأَيْدِي سَبَا، ... كلٌّ لَهُ، فِي نَفْسِهِ، سِحْرُ
تَبَارَكَ اللَّهُ وَسُبْحَانَهُ ...
وَقَالَ: بِشْرُ بْنُ المُعْتَمِر النَّضْرِيٌّ أَبو سَهْلٍ كَانَ أَبرص، وَهُوَ أَحد رُؤَسَاءِ المتَكلمين، وَكَانَ رَاوِيَةً نَاسِبًا لَهُ الأَشعار فِي الِاحْتِجَاجِ لِلدِّينِ وَفِي غَيْرِ ذَلِكَ، وَيُقَالُ إِن لَهُ قَصِيدَةً فِي ثَلَاثِمِائَةِ وَرَقَةٍ احْتَجَّ فِيهَا، وَقَصِيدَةً فِي الْغُولِ؛ قَالَ: وَذَكَرَ الْجَاحِظُ أَنه لَمْ يَرَ أَحداً أَقوى عَلَى المُخَمَّس الْمُزْدَوِجِ مِنْهُ؛ وَهُوَ الْقَائِلُ:
إِن كنتَ تَعْلَمُ ما تقول ... وَمَا أَقولُ، فأَنتَ عالِمْ
أَو كنتَ تَجْهَلُ ذَا وذاك، ... فكنْ لأَهلِ العلمِ لازِمْ
وَقَالَ: هَذَا مِنْ مُعْجَمِ الشُّعَرَاءِ للمَرْزُبانيِّ. الأَزهري: قَالَ اللَّيْثُ: رُبَّاحٌ اسْمٌ لِلْقِرْدِ، قَالَ: وَضَرْبٌ مِنَ التَّمْرِ يُقَالُ لَهُ زُبُّ رُبَّاحٍ؛ وأَنشد شَمِرٌ للبَعِيث:
شَآمِيَةٌ زُرْقُ العُيون، كأَنها ... رَبابِيحُ تَنْزُو، أَو فُرارٌ مُزَلَّمُ
قَالَ ابْنُ الأَعرابي: الرُّبَّاحُ القِرْدُ، وَهُوَ الهَوْبَرُ والحَوْدَلُ، وَقِيلَ: هُوَ وَلَدُ الْقِرْدِ، وَقِيلَ: الجَدْيُ، وَقِيلَ: الرُّبَّاحُ الْفَصِيلُ، والحاشيةُ الصَّغِيرُ الضَّاوِيّ؛ وأَنشد:
حَطَّتْ بِهِ الدَّلْوُ إِلى قَعْرِ الطَّوِي، ... كأَنما حَطَّتْ برُبَّاحٍ ثَني
قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: كَيْفَ يَكُونُ فَصِيلًا صَغِيرًا، وَقَدْ جَعَلَهُ ثَنِيّاً، وَالثَّنِيُّ ابْنُ خَمْسِ سِنِينَ؟ وَأَنْشَدَ شَمِرٌ لِخِداش بْنِ زُهَيْرٍ:
ومَسَبُّكم سُفْيانَ ثُمَّ تُرِكْتُم، ... تَتَنَتَّجونَ تَنَتُّجَ الرُّبّاحِ
والرَّبَاحُ: دُوَيبَّة مِثْلُ السِّنَّوْر؛ هَكَذَا فِي الأَصل الَّذِي نُقِلَتْ مِنْهُ. وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي الْحَوَاشِي: قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الرَّبَاحُ أَيضاً دُوَيبَّة كَالسِّنَّوْرِ يُجْلَبُ مِنْهُ الْكَافُورُ، وَقَالَ: هَكَذَا وَقَعَ فِي أَصلي، قَالَ: وَكَذَا هُوَ فِي أَصل الْجَوْهَرِيِّ بِخَطِّهِ، قَالَ: وَهُوَ وَهَمٌ، لأَن الْكَافُورَ لَا يُجْلَبُ مِنْ دَابَّةٍ، وإِنما هُوَ صَمْغُ شَجَرٍ بِالْهِنْدِ. ورَباحٌ: مَوْضِعٌ هُنَاكَ يُنْسَبُ إِليه الْكَافُورُ، فَيُقَالُ كَافُورٌ رَباحِيٌّ، وأَما الدُّوَيْبَّةُ الَّتِي تُشْبِهُ السِّنَّوْرَ الَّتِي ذُكِرَ أَنها تُجْلَبُ لِلْكَافُورِ فَاسْمُهَا الزَّبادة، وَالَّذِي يُجْلَبُ مِنْهَا مِنَ الطِّيبِ لَيْسَ بِكَافُورٍ، وإِنما يُسَمَّى بَاسْمِ الدَّابَّةِ، فَيُقَالُ لَهُ الزَّبادة؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَالزَّبَادَةُ الَّتِي يُجْلَبُ مِنْهَا الطِّيبُ أَحسبها عَرَبِيَّةً، قَالَ: وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ: والرَّباح دويبَّة، قَالَ: والرَّباحُ أَيضاً بَلَدٌ يُجْلَبُ مِنْهُ الْكَافُورُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَهَذَا مِنْ زِيَادَةِ ابْنِ الْقَطَّاعِ وَإِصْلَاحِهِ، وَخَطُّ الْجَوْهَرِيِّ بِخِلَافِهِ. وزُبُّ الرُّبَّاح: ضَرْبٌ مِنَ التَّمْرِ. والرَّبَاحُ: بَلَدٌ يُجْلَبُ مِنْهُ الْكَافُورُ. ورَبَاحٌ: اسْمٌ؛ ورَبَاح فِي قَوْلِ الشَّاعِرُ:
هَذَا مَقامُ قَدَمَيْ رَباحِ
اسْمُ ساقٍ. والمُرَبِّحُ: فرسُ الحرث بْنِ دُلَفٍ. والرُّبَحُ:

(2/444)


الْفَصِيلُ كأَنه لُغَةٌ فِي الرُّبَع، وأَنشد بَيْتَ الأَعشى:
مِثْلَمَا مُدَّت نِصاحاتُ الرُّبَحْ
قِيلَ: إِنه أَراد الرُّبَعَ، فَأَبدل الْحَاءَ مِنَ الْعَيْنِ. والرَّبَحُ: مَا يَرْبَحون مِنَ المَيْسِر.
رجح: الرَّاجِحُ: الوازِنُ. ورَجَحَ الشيءَ بِيَدِهِ: رَزَنه ونَظر مَا ثِقْلُه. وأَرْجَحَ الميزانَ أَي أَثقله حَتَّى مَالَ. وأَرْجَحْتُ لِفُلَانٍ ورَجَّحْت تَرْجيحاً إِذا أَعطيته راجِحاً. ورَجَح الشيءُ يَرْجَحُ ويَرْجِحُ ويَرْجُحُ رُجوحاً ورَجَحاناً ورُجْحاناً، ورَجَح الْمِيزَانُ يَرْجَحُ ويَرْجِحُ ويَرْجُحُ رُجْحاناً: مَالَ. وَيُقَالُ: زِنْ وأَرْجِحْ، وأَعْطِ راجِحاً. ورَجَحَ فِي مجلِسه يَرْجُح: ثَقُل فَلَمْ يَخِفَّ، وَهُوَ مَثَل. والرَّجَاحة: الحِلم، عَلَى المَثَل أَيضاً، وَهُمْ مِمَّنْ يَصِفُونَ الحِلم بالثِّقَل كَمَا يَصِفُونَ ضِدَّهُ بالخِفَّة والعَجَل. وَقَوْمٌ رُجَّحٌ ورُجُحٌ ومَراجِيحُ ومَراجِحُ: حُلَماءُ؛ قَالَ الأَعشى:
مِنْ شَبابٍ تَراهُمُ غَيرَ مِيلٍ، ... وكُهولًا مَراجِحاً أَحْلاما
وَاحِدُهُمْ مِرْجَحٌ ومِرْجاح؛ وَقِيلَ: لَا وَاحِدَ للمَراجِح وَلَا المَراجِيح مِنْ لَفْظِهَا. والحِلْمُ الراجِحُ: الَّذِي يَزِنُ بِصَاحِبِهِ فَلَا يُخِفُّه شَيْءٌ. وناوَأْنا قَوْمًا فَرَجَحْناهم أَي كُنَّا أَوْزَنَ مِنْهُمْ وأَحلم. وراجَحْته فَرَجَحْته أَي كنتُ أَرْزَنَ مِنْهُ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَقَوْمٌ مَراجِيحُ فِي الحِلم. وأَرْجَحَ الرجلَ: أَعطاه راجِحاً. وامرأَة رَجاحٌ وراجِحٌ: ثَقِيلَةُ العَجيزة مِنْ نِسْوَةٍ رُجَّح؛ قَالَ:
إِلى رُجَّح الأَكفالِ، هِيفٍ خُصُورُها، ... عِذابِ الثَّنَايَا، رِيقُهُنَّ طَهُورُ
الأَزهري: وَيُقَالُ لِلْجَارِيَةِ إِذا ثَقُلَتْ روادفُها فَتَذَبْذَبَتْ: هِيَ تَرْتَجِحُ عَلَيْهَا؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
ومَأْكَماتٍ يَرْتَجِحْنَ رُزَّما
وجمعُ المرأَة الرَّجاح رُجُح، مِثْلُ قَذال وقُذُل؛ قَالَ رؤْبة:
ومِنْ هَوايَ الرُّجُحُ الأَثائِثُ
وجِفانٌ رُجُحٌ: مَلأَى مُكْتَنِزة؛ قَالَ أُمَيَّة بنُ أَبي الصَّلْتِ:
إِلى رُجُحٍ مِنَ الشِّيزَى، مِلاءٍ ... لُبابَ البُرِّ، يُلْبَكُ بالشِّهادِ
وَقَالَ الأَزهري: مَمْلُوءَةٌ مِنَ الزُّبْدِ وَاللَّحْمِ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
وَإذا شَتَوْا، عادَتْ عَلَى جِيرانهم ... رُجُحٌ يُوَفِّيها مَرابِعُ كُومُ
أَي قِصَاعٌ يملؤُها نُوق مَرابع. وكتائبُ رُجُحٌ: جَرَّارة ثَقِيلَةٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
بكتائبٍ رُجُحٍ تَعَوَّدَ كَبْشُها ... نَطْحَ الكِباشِ، كأَنهنَّ نُجُومُ
ونَخِيلٌ مَراجِيحُ إِذا كَانَتْ مَوَاقِيرَ؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
نَخْلُ القُرَى شالَتْ مَراجِيحُه ... بالوِقْرِ، فانْزالَتْ بأَكْمامِها
انْزَالَتْ: تَدَلَّتْ أَكمامها حِينَ ثَقُلَتْ ثِمَارُهَا. وَقَالَ اللَّيْثُ: الأَراجِيحُ الفَلَواتُ كأَنها تَتَرَجَّحُ بِمَنْ سَارَ فِيهَا أَي تُطَوِّحُ بِهِ يَمِينًا وَشِمَالًا؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
بِلالٍ أَبي عَمْرٍو، وَقَدْ كَانَ بَيْنَنَا ... أَراجيحُ، يَحْسِرْنَ القِلاصَ النَّواجِيا

(2/445)


أَي فَيافٍ تَرَجَّحُ برُكْبانها. والأُرْجُوحَة والمَرْجُوحة: الَّتِي يُلْعَبُ بِهَا، وَهِيَ خَشَبَةٌ تؤْخذ فَيُوضَعُ وَسَطُهَا عَلَى تَلٍّ، ثُمَّ يَجْلِسُ غلامٌ عَلَى أَحد طَرَفَيْهَا وغلامٌ آخَرُ عَلَى الطَّرَفِ الْآخَرِ، فَتَرَجَّحُ الْخَشَبَةُ بِهِمَا وَيَتَحَرَّكَانِ، فَيَمِيلُ أَحدهما بِصَاحِبِهِ الْآخَرِ. وتَرَجَّحَتِ الأُرْجُوحة بِالْغُلَامِ أَي مَالَتْ. وَيُقَالُ لِلْحَبْلِ الَّذِي يُرْتَجَحُ بِهِ: الرُّجَّاحةُ والنُّوَّاعةُ والنُّوَّاطةُ والطُّوَّاحةُ. وأَراجِيحُ الإِبل: اهْتِزَازُهَا فِي رَتَكانِها، وَالْفِعْلُ الارْتِجاحُ؛ قَالَ:
عَلَى رَبِذٍ سَهْوِ الأَراجِيحِ مِرْجَمِ
قَالَ أَبو الْحَسَنِ: وَلَا أَعرف وَجْهَ هَذَا لأَن الِاهْتِزَازَ وَاحِدٌ والأَراجيح جَمْعٌ، وَالْوَاحِدُ لَا يُخْبَرُ بِهِ عَنِ الْجَمْعِ، وَقَدِ ارْتَجَحَتْ. وَنَاقَةٌ مِرْجاحٌ، وبعير مِرْجاحٌ. والمِرْجاحُ مِنَ الإِبل: ذُو الأَرَاجِيح. والتَّرَجُّحُ: التَّذَبْذُبُ بَيْنَ شَيْئَيْنِ عامٌّ فِي كُلِّ مَا يشبهه.
رحح: عَيش رَحْرَاح أَي وَاسِعٌ. والرَّحَحُ: انبساطُ الْحَافِرِ فِي رِقَّةٍ. أَبو عَمْرٍو: الأَرَحُّ الْحَافِرُ الْعَرِيضُ والمَصْرُورُ المُتَقَبِّضُ، وَكِلَاهُمَا عَيْبٌ؛ قَالَ:
لَا رَحَحٌ فِيهَا، وَلَا اصْطِرارُ، ... وَلَمْ يُقَلِّبْ أَرْضَها البَيْطارُ
يَعْنِي لَا فِيهَا عِرَضٌ مُفْرِط وَلَا انْقِبَاضٌ وضِيق، وَلَكِنَّهُ وَأْبٌ، وَذَلِكَ مَحْمُودٌ؛ وَقِيلَ: الرَّحَحُ سَعَةُ فِي الْحَافِرِ، وَهُوَ مَحْمُودٌ لأَنه خِلَافُ المُصْطَرّ، وإِذا انْبَطح جِدًّا، فَهُوَ عَيْبٌ. والرَّحَحُ: عِرَضُ القَدَمِ فِي رِقَّةٍ أَيضاً وَهُوَ أَيضاً فِي الْحَافِرِ عَيْبٌ. وقَدَمٌ رَحَّاء: مُسْتَوِيَةُ الأَخْمَصِ بِصَدْرِ القَدَم حَتَّى لَا يَمَسَّ الأَرضَ. وَرَجُلٌ أَرَحُّ أَي لَا أَخْمَصَ لِقَدَمَيْهِ كأَرْجُلِ الزِّنْجِ؛ اللَّيْثُ: الرَّحَحُ انبساطُ الْحَافِرِ وعِرَضُ الْقَدَمِ وَكُلُّ شَيْءٍ كَذَلِكَ، فَهُوَ أَرَحُّ، والوَعِلُ المُنْبَسِطُ الظِّلْف أَرَحُّ؛ قَالَ الأَعشى:
فَلَوْ أَنَّ عِزَّ الناسِ فِي رأْسِ صَخْرةٍ ... مُلَمْلَمَةٍ، تُعْيي الأَرَحَّ المُخَدَّما
لأَعْطاك ربُّ الناسِ مِفتاحَ بابِها، ... وَلَوْ لَمْ يكنْ بابٌ، لأَعْطاك سُلَّما
أَراد بالأَرَحِّ الوَعِلَ، وبالمُخَدَّمِ الأَعْصَمَ مِنَ الوُعُول، كأَنه الَّذِي فِي رِجْلَيْهِ خَدَمَة، وعَنَى الوَعِلَ الْمُنْبَسِطَ الظِّلْفِ؛ يَصِفُهُ بِانْبِسَاطِ أَظلافه. الأَزهري: الأَرَحّ مِنَ الرِّجَالِ الَّذِي يَسْتَوِي بَاطِنُ قَدَمَيْهِ حَتَّى يَمَسَّ جميعُه الأَرضَ، وامرأَة رَحَّاءُ القَدمين؛ وَيُسْتَحَبُّ أَن يَكُونَ الرجلُ خَمِيصَ الأَخْمَصَينِ، وَكَذَلِكَ المرأَة. وَبَعِيرٌ أَرَحُّ: لاصِقُ الخُفِّ بالخُفِّ، وخُفٌّ أَرَحُّ كَمَا يُقَالُ: حَافِرٌ أَرَحُّ؛ وكِرْكِرَة رَحَّاء: وَاسِعَةٌ. وشيءٌ رَحْراحٌ أَي فِيهِ سَعة ورِقَّة. وعَيْشٌ رَحْراحٌ أَي وَاسِعٌ. وجَفْنة رَحَّاء وَاسِعَةٌ كَرَوْحاء عَرِيضَةٌ لَيْسَتْ بقَعِيرة، وَالْفِعْلُ مِنْ ذَلِكَ: رَحَّ يَرَحُّ. ابْنُ الأَعرابي: الرُّحُحُ الْجِفَانُ الْوَاسِعَةُ. وطَسْتٌ رَحْراحٌ: مُنْبَسِطٌ لَا قَعْرَ لَهُ، وَكَذَلِكَ كلُّ إِناءٍ نَحْوُهُ. وإِناءٌ رَحْرحٌ ورَحْراحٌ ورَحْرَحانُ ورَهْرَهٌ ورَهْرَهانُ: وَاسِعٌ قَصِيرُ الْجِدَارِ؛ قَالَ:
ليْستْ بأَصْفارٍ لمنْ ... يَعْفُو، وَلَا رُحٌّ رَحارِحْ
وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: قَصْعة رَحْرَحٌ ورَحْرَحانِيَّة، وَهِيَ

(2/446)


المنبسِطة فِي سَعَةٍ. وَقَالَ الأَصمعي: رَحْرَحَ الرجلُ إِذا لَمْ يُبَالِغْ قَعْرَ مَا يُرِيدُ كالإِناء الرَّحْراح؛ وَفِي الْحَدِيثِ
فِي صِفَةِ الْجَنَّةِ وبُحْبُوحَتها: رَحْرَحانِيَّةٌ
أَي وَسَطُها فَيَّاحٌ واسِع، والأَلف وَالنُّونُ زِيدَتَا لِلْمُبَالَغَةِ؛ وَفِي حَدِيثِ
أَنس: فأُتِيَ بِقَدَحٍ رَحْراحٍ فَوَضَعَ فِيهِ أَصابعه
؛ الرَّحْراحُ: الْقَرِيبُ القَعْر مَعَ سَعة فِيهِ. قَالَ: وعَرَّضَ «1» لِي فلانٌ تَعْريضاً إِذا رَحْرَحَ بِالشَّيْءِ وَلَمْ يُبَيِّن. وتَرَحْرَحَتِ الفرسُ إِذا فَحَّجَتْ قَوَائِمَهَا لِتَبُولَ. وَحَافِرٌ أَرَحُّ: مُنْفَتِحٌ فِي اتِّسَاعٍ، وَالِاسْمُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ الرَّحَحُ والرَّحَّةُ: الْحَيَّةُ إِذا انْطَوَتْ. وَيُقَالُ: رَحْرَحْتُ عَنْهُ إِذا سَتَرْتَ دُونَهُ. ورَحْرَحانُ: اسْمُ وادٍ عَرِيضٍ فِي بِلَادِ قَيْسٍ. وَقِيلَ: رَحْرَحانُ مَوْضِعٌ، وَقِيلَ: اسْمُ جَبَلٍ قَرِيبٍ مِنْ عُكاظَ؛ وَمِنْهُ يَوْمٌ رَحْرَحان لِبَنِي عَامِرٍ عَلَى بَنِي تَمِيمٍ؛ قَالَ عَوْفُ بْنُ عَطِيَّةَ التَّمِيمِيُّ:
هَلَّا فَوارِسَ رَحْرَحانَ هَجَوْتُمُ ... «2» عُشَراً، تَناوَحُ فِي سَرارةِ وَادِي
يَقُولُ: لَهُمْ مَنْظَر وَلَيْسَ لَهُمْ مَخْبَرٌ؛ يُعَيِّرُ بِهِ لَقِيطَ بْنِ زُرارة، وَكَانَ قَدِ انهزم يومئذ.
ردح: الرَّدْحُ والتَّرْديحُ، بَسْطُك الشَّيْءَ بالأَرض حَتَّى يَسْتَوِيَ، وَقِيلَ: إِنما جَاءَ التَّرْدِيحُ فِي الشِّعْرِ. الأَزهري: الرَّدْحُ بَسْطُكَ الشَّيْءَ فَيَسْتَوِي ظَهْرُه بالأَرض كَقَوْلِ أَبي النَّجْمِ:
بيتَ حُتُوفٍ مُكْفأً مَرْدُوحا
وَهَذَا الْبَيْتُ أَورده الْجَوْهَرِيُّ: مُكْفَحاً مَرْدُوحا، وَقَالَ: هُوَ لأَبي النَّجْمِ يَصِفُ بَيْتَ الصَّائِدِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ بيتَ بِالنَّصْبِ عَلَى مَعْنَى سَوَّى بيتَ حُتوف، قَالَ: ومُكْفَحاً غلطٌ وَصَوَابُهُ مُكْفأ، والمُكْفأُ: المُوسَّعُ فِي مُؤَخِّرِهِ؛ وَقَبْلَهُ:
فِي لَجَفٍ، غَمَّدَهُ الصَّفِيحا ... تَلْجيفُه، للمَيِّتِ، الضَّرِيحا
قَالَ: واللَّجَفُ حَفِيرٌ لَيْسَ بِمُسْتَقِيمٍ، وغَمَّده الصَّفِيحُ لِئَلَّا يُصِيبَهُ الْمَطَرُ. وَالصَّفِيحُ: جَمْعُ صَفِيحة الْحَجَرُ الْعَرِيضُ، قَالَ: وَقَدْ يَجِيءُ فِي الشِّعْرِ مُرْدَحًا مِثْلَ مَبْسُوطٍ ومُبْسَطٍ. وامرأَة رَدَاحٌ ورَدَاحَة ورَدُوحٌ: عَجْزاء ثَقِيلَةُ الأَوراك تامَّة الخَلْق، وَقَالَ الأَزهري: ضَخْمَةُ الْعَجِيزَةِ والمَآكِم؛ وَقَدْ رَدُحَتْ رَداحَةً، وَكَذَلِكَ نَاقَةٌ رَداحٌ، وكَبْشٌ رَدَاحٌ: ضَخْم الأَلْيَة؛ قَالَ:
ومَشَى الكُماةُ إِلى الكماةِ، ... وقُرِّبَ الكبشُ الرَّداحْ
ودوْحةٌ رَداحٌ: عَظِيمَةٌ. وجَفْنة رَداح: عَظِيمَةٌ، وَالْجَمْعُ رُدُحٌ؛ قَالَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبي الصَّلْت:
إِلى رُدُحٍ مِنَ الشِّيزَى، مِلاءٍ ... لُبابَ البُرِّ، يُلْبَكُ بالشِّهادِ
وكتيبة رَداحٌ: صخمةٌ مُلَمْلَمَة كَثِيرَةُ الفُرْسان ثَقِيلَةُ السَّيْرِ لِكَثْرَتِهَا؛ قَالَ لَبِيدٌ يَصِفُ كَتِيبَةً:
ومِدْرَهِ الكَتِيبةِ الرَّدَاحِ
وَرُوِيَ
عَنْ عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَنه قَالَ: إِنَّ مِنْ ورائِكم أُموراً مُتَماحِلةً رُدُحاً، وبَلاءً مُكْلِحاً مُبْلِحاً
؛ فَالْمُتَمَاحِلَةُ: المُتطاوِلة. والرُّدُحُ: الْعَظِيمَةُ؛ يَعْنِي الْفِتَنَ، جمعُ رَداحٍ، وَهِيَ الْفِتْنَةُ الْعَظِيمَةُ. وَرَوِيَ حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِن مِنْ وَرَائِكُمْ فِتَنًا
__________
(1).
قوله [قال وعرَّض إلخ] ليس من عبارة ابن الأَثير.
(2).
قوله [هجوتم] كذا بالأَصل والصحاح، والذي في معجم ياقوت هجوتهم انتهى.

(2/447)


مُرْدِحة
؛ قَالَ: والمُرْدِحُ لَهُ مَعْنَيَانِ: أَحدهما المُثْقِلُ، وَالْآخَرُ المُغَطِّي عَلَى الْقُلُوبِ، مِنْ أَرْدَحْت الْبَيْتَ إِذا أَرسلتَ رُدْحَتَه، وَهِيَ سُتْرة فِي مؤَخر الْبَيْتِ، قَالَ: وَمَنْ رواه فتناً رُدَّحاً، فهي جَمْعُ الرَّادِحَة، وَهِيَ الثِّقالُ الَّتِي لَا تَكَادُ تَبْرَحُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ فِي الْفِتَنِ: لأَكُوننَّ فِيهَا مِثْلَ الجَمل الرَّدَاح
أَي الثَّقِيلُ الَّذِي لَا انْبِعَاثَ لَهُ. والرَّادحة فِي بَيْتِ الطِّرِمَّاح:
هُوَ الغَيْثُ للمُعْتَفِين، المُفِيضُ ... بفضلِ مَوائِدِه الرادِحهْ
قَالَ: هِيَ الْعِظَامُ الثِّقَالُ. وَمَائِدَةٌ رَادِحَةٌ: وَهِيَ الْعَظِيمَةُ الْكَثِيرَةُ الْخَيْرِ؛ وَرُوِيَ
عَنْ أَبي مُوسَى أَنه ذَكَرَ الْفِتَنَ فَقَالَ: وَبَقِيَتِ الرَّداحُ الْمُظْلِمَةُ الَّتِي مَن أَشْرَفَ لَهَا أَشْرَفَتْ لَهُ
؛ أَراد الْفِتْنَةَ الثَّقِيلَةَ الْعَظِيمَةَ. وَفِي حَدِيثِ
أُمِّ زَرْع: عُكُومُها رَداحٌ وَبَيْتُهَا فَيَاح
؛ العُكُومُ: الأَحمالُ المُعَدَّلَة. وَالرَّدَاحُ: الثَّقِيلَةُ الْكَثِيرَةُ الْحَشْوِ مِنَ الأَثاثِ والأَمتعة. والرَّدَاحةُ والرِّداحةُ: دِعامة بَيْتٍ هِيَ مِنْ حِجَارَةٍ فَيُجْعلُ عَلَى بَابِهِ حَجَرٌ يُقَالُ لَهُ السَّهْمُ، والمُلْسِنُ يَكُونُ عَلَى الْبَابِ، وَيَجْعَلُونَ لَحْمة السَّبُع فِي مُؤَخر الْبَيْتِ، فإِذا دَخَلَ السَّبُعُ فَتَنَاوَلَ اللَّحْمَةَ سَقَطَ الْحَجْرُ عَلَى الْبَابِ فَسَدّه. والرُّدْحة: سُتْرة فِي مُؤَخَّرِ الْبَيْتِ، وَقِيلَ: قِطْعَةٌ تُدْخَلُ فِيهِ؛ رَدَحَه يَرْدَحُه رَدْحاً، وأَرْدَحَه؛ وَقَالَ الأَزهري: هِيَ قِطْعَةٌ تُدْخَلُ فِيهَا بَنِيقة تُزَادُ فِي الْبَيْتِ؛ وأَنشد الأَصمعي:
بيتَ حُتُوفٍ أُرْدِحَتْ حَمائِرُهْ
قَالَ: ورُدْحة بَيْتِ الصَّائِدِ وقُتْرَتُه حِجَارَةٌ يَنْصِبُهَا حَوْلَ بَيْتِهِ، وَهِيَ الحَمائر، وَاحِدَتُهَا حِمارَة. ورَدَحَ البيتَ بِالطِّينِ يَرْدَحُه رَدْحاً، وأَرْدَحه: كاثَفَه عَلَيْهِ؛ قَالَ حُمَيْدٌ الأَرْقَطُ يَصِفُ صَائِدًا:
بِناءُ صَخْرٍ مُرْدَحٍ بِطينِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ بناءَ، بِالنَّصْبِ، لأَن قَبْلَهُ:
أَعَدَّ فِي مُحْتَرَسٍ كَنِينِ
الأَزهري: الرُّدْحِيُّ الكاسُورُ، وَهُوَ بَقَّالُ القُرَى. ورَدَحَ بِالْمَكَانِ: أَقام بِهِ. ورَدَحَه: صَرَعَه. ورُدَيْحٌ ورَدْحانُ: اسمان.
رزح: الرَّازِحُ والمِرْزاحُ مِنَ الإِبل: الشَّدِيدُ الهُزال الَّذِي لَا يَتَحَرَّكُ، الْهَالِكُ هُزالًا، وَهُوَ الرَّازِمُ أَيضاً، وَالْجَمْعُ رَوازِحُ ورُزَّحٌ ورَزْحَى ورَزاحَى ومَرازِيحُ. رَزَحَ يَرْزَحُ رَزْحاً ورَزاحاً ورُزُوحاً: سَقَطَ مِنَ الإِعياءِ هُزالًا؛ وَقَدْ رَزَحَتِ الناقةُ تَرْزَحُ رُزُوحاً ورَزَّحْتُها أَنا تَرْزِيحاً؛ وَقَوْلُهُمْ رَزَحَ فلانٌ مَعْنَاهُ ضَعُف وَذَهَبَ مَا فِي يَدِهِ، وأَصله مِنْ رَزاحِ الإِبل إِذا ضَعُفَتْ ولَصِقَتْ بالأَرض فَلَمْ يَكُنْ بِهَا نُهوض؛ وَقِيلَ: رَزَحَ أُخِذَ مِنَ المَرْزَحِ، وَهُوَ الْمُطْمَئِنُّ مِنَ الأَرض، كأَنه ضَعُفَ عَنِ الِارْتِقَاءِ إِلى مَا عَلَا مِنْهَا. والمِرْزَحُ: الصوتُ، صِفَةٌ غَالِبَةٌ. ورَزَحَ العنبَ وأَرْزَحه إِذا سَقَطَ فَرَفَعَهُ. والمِرْزَحَة: الْخَشَبَةُ الَّتِي يُرفع بِهَا. والمِرْزَحُ، بِالْكَسْرِ: الْخَشَبُ يُرْفَعُ بِهِ الْكَرْمُ عَنِ الأَرض، وَفِي التَّهْذِيبِ: يُرْفَعُ بِهَا الْعِنَبُ إِذا سَقَطَ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ. والمِرْزَحُ: مَا اطمأَنَّ مِنَ الأَرض؛ قَالَ الطرمَّاح:
كأَنَّ الدُّجَى دونَ البلادِ مُوَكَّلٌ، ... يَنِمُّ بِجَنْبَيْ كلِّ عُلْوٍ ومِرْزَحِ
ورِزاحٌ: اسْمُ رَجُلٍ. والمَرْزَحُ: المَقْطَعُ الْبَعِيدُ.

(2/448)


والمِرْزِيحُ: الشَّدِيدُ الصَّوْتِ «1»؛ وأَنشد لِزِيَادٍ المِلْقَطيّ:
ذَرْ ذَا ولكنْ تَبَصَّرْ، هَلْ تَرَى ظُعُناً ... تُحْدَى لساقَتِها بالدَّوِّ مِرْزِيحُ؟
وَالسَّاقَةُ: جَمْعُ سَائِقٍ، كالباعة جمع بائع.
رسح: الرَّسَحُ: خِفَّةُ الأَلْيَتَين وَلُصُوقُهُمَا. رَجُلٌ أَرْسَحُ بَيِّنُ الرَّسَح: قَلِيلُ لَحْمِ الْعَجُزِ وَالْفَخِذَيْنِ، وامرأَة رَسْحاءُ؛ وَقَدْ رَسِحَ رَسَحاً. وَفِي حَدِيثِ الْمُلَاعَنَةِ:
إِن جَاءَتْ بِهِ أَرْسَحَ، فَهُوَ لِفُلَانٍ
؛ الأَرْسَحُ: الَّذِي لَا عَجُزَ لَهُ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تَسْتَرْضِعُوا أَولادكم الرُّسْحَ وَلَا العُمْشَ، فإِن اللَّبَنَ يُورثُ الرَّسَحَ
؛ اللَّيْثُ: الرَّسَحُ أَن لَا يَكُونَ للمرأَة عَجِيزَةٌ، وَقَدْ رَسِحَتْ رَسَحاً، وَهِيَ الزَّلَّاء والمِزْلاجُ. والأَرْسَحُ: الذِّئْبُ، لِذَلِكَ، وَكُلُّ ذِئْبٍ أَرْسَحُ لأَنه خَفِيفُ الوَرِكَينِ، وَقِيلَ لامرأَةٍ مِنَ الْعَرَبِ: مَا بالُنا نراكُنَّ رُسْحاً؟ فَقَالَتْ: أَرْسَحَتْنا نارُ الزَّحْفَتَينِ. وَقِيلَ للسِّمْع الأَزَلِّ: أَرْسَحُ. والرَّسْحاءُ: الْقَبِيحَةُ مِنَ النِّسَاءِ، وَالْجَمْعُ رُسْحٌ.
رشح: الرَّشْحُ: نَدَى العَرَقِ عَلَى الجَسَدِ. يُقَالُ: رَشَحَ فلانٌ عَرَقاً؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: يُقَالُ أَرْشَحَ عَرَقاً وتَرَشَّحَ عَرَقاً، بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَقَدْ رَشَحَ يَرْشَحُ رَشْحاً ورَشَحاناً: نَدِيَ بالعَرَق. والرَّشِيحُ: العَرَق. والرَّشْحُ: العَرَقُ نَفْسُهُ؛ قَالَ ابن مُقْبِل:
يَخْدِي بِديباجَتَيْهِ الرَّشْحُ مُرْتَدِع
وَفِي حَدِيثِ الْقِيَامَةِ:
حَتَّى يَبْلُغَ الرَّشْحُ آذانَهم
؛ الرَّشْحُ: العَرَق لأَنه يَخْرُجُ مِنَ الْبَدَنِ شَيْئًا فَشَيْئًا كَمَا يَرْشَحُ الإِناءُ المُتَخَلْخِلُ الأَجزاء. والمِرْشَحُ والمِرْشَحَة: الْبِطَانَةُ الَّتِي تَحْتَ لِبْدِ السَّرْج، سمِّيت بِذَلِكَ لأَنها تُنَشِّفُ الرَّشْح؛ يَعْنِي العَرَق؛ وَقِيلَ: هِيَ مَا تَحْتَ المِيثَرَة. وَبِئْرٌ رَشُوحٌ: قَلِيلَةُ الْمَاءِ، ورَشَحَ النِّحْيُ بِمَا فِيهِ كَذَلِكَ. ورَشَّحَتِ الأُمُّ وَلَدَهَا بِاللَّبَنِ الْقَلِيلِ إِذا جَعَلَتْهُ فِي فِيهِ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ حَتَّى يَقْوَى عَلَى المَصِّ، وَهُوَ الرَّشِيحُ. ورَشَحَتِ الناقةُ وَلَدَها ورَشَّحَتْه وأَرْشَحَتْهُ: وَهُوَ أَن تَحُكَّ أَصل ذَنَبِهِ وَتَدْفَعَهُ برأْسها وتُقَدِّمه وتَقِفَ عَلَيْهِ حَتَّى يَلْحَقَهَا وتُزَجِّيه أَحياناً أَي تُقَدِّمه وَتَتْبَعُهُ، وَهِيَ راشِحٌ ومُرْشِحٌ ومُرَشِّحٌ، كُلُّ ذَلِكَ عَلَى النَّسَبِ. وتَرَشَّحَ هُوَ إِذا قَوِيَ عَلَى الْمَشْيِ مَعَ أُمه. وأَرْشَحَتِ الناقةُ والمرأَة، وَهِيَ مُرْشِحٌ إِذا خَالَطَهَا وَلَدَهَا وَمَشَى مَعَهَا وَسَعَى خَلْفَهَا وَلَمْ يُعَنِّها؛ وَقِيلَ: إِذا قَوِيَ وَلَدُ النَّاقَةِ، فَهِيَ مُرْشِحٌ وَوَلَدُهَا راشِحٌ، وَقَدْ رَشَح رُشُوحاً؛ قَالَ أَبو ذؤَيب، وَاسْتَعَارَهُ لِصِغَارِ السَّحَابِ:
ثَلَاثًا، فلما اسْتُحِيلَ الجَهامُ، ... واسْتَجْمَعَ الطِّفْلُ فِيهِ رُشوحا
وَالْجَمْعُ رُشَّحٌ؛ قَالَ:
فَلَمَّا انْتَهى نِيُّ المَرابيعِ، أَزْمَعَتْ ... جُفُوفاً، وأَولادُ المَصاييفِ رُشَّحُ
وَكُلُّ مَا دَبَّ عَلَى الأَرض مِنْ خَشاشها: راشِحٌ. قَالَ الأَصمعي: إِذا وَضَعَتِ النَّاقَةُ وَلَدَهَا، فَهُوَ شَليل، فإِذا قَوِيَ ومَشَى، فَهُوَ رَاشِحٌ وأُمه مُرْشِحٌ، فإِذا ارْتَفَعَ عَنِ الرَّاشِح، فَهُوَ خالٌ. والتَّرَشُّحُ والتَّرْشِيحُ: لَحْسُ الأُمِّ مَا عَلَى طِفْلها مِنَ النُّدُوَّةِ حِينَ تَلِدُه؛ قَالَ:
أُمُّ الظِّبا تُرَشِّحُ الأَطفالا
__________
(1).
قوله [والمرزيح الشديد الصوت] هذه عبارة الجوهري، قال المجد: والمرزيح، بالكسر، الصوت لا شديده.

(2/449)


والتَّرْشِيحُ أَيضاً: التَّرْبِيَةُ وَالتَّهْيِئَةُ لِلشَّيْءِ. ورُشِّحَ للأَمر: رُبِّيَ لَهُ وأُهِّل؛ وَيُقَالُ: فُلَانٌ يُرَشَّح لِلْخِلَافَةِ إِذا جُعِل وَلِيَّ الْعَهْدِ. وَفِي حَدِيثِ
خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ: أَنه رَشَّحَ وَلده لِوِلَايَةِ الْعَهْدِ
أَي أَهَّله لَهَا. وَفُلَانٌ يُرَشَّحُ لِلْوِزَارَةِ أَي يُرَبَّى ويُؤَهَّل لَهَا. ورَشَّحَ الغيثُ النباتَ: رَبَّاه؛ قَالَ كُثَيِّرٌ:
يُرَشِّحُ نَبْتاً ناعِماً، ويَزينُه ... نَدًى، ولَيالٍ بعدَ ذاكَ طَوالِقُ
والاسْتِرْشاحُ كَذَلِكَ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
يُقَلِّبُ أَشْباهاً كأَنَّ ظُهورَها، ... بمُسْتَرْشَحِ البُهْمى، مِنَ الصَّخْرِ، صَرْدَحُ
أَي بِحَيْثُ رَشَّحَتِ الأَرضُ البُهْمَى؛ يَعْنِي رَبَّتها وبَلَغت بِهَا. وَفِي حَدِيثِ
ظَبْيانَ: يأْكلون حَصيدَها ويُرَشِّحُون خَضِيدَها
؛ الْخَضِيدُ: الْمَقْطُوعُ مِنْ شَجَرِ الثَّمَرِ. وتَرْشِيحُهم لَهُ: قيامُهم عَلَيْهِ وإِصلاحهم لَهُ إِلى أَن تَعُودَ ثَمَرَتُهُ تَطْلُع كَمَا يُفْعل بِشَجَرِ الأَعناب وَالنَّخِيلِ. والرَّشِيحُ: مَا عَلَى وَجْهَ الأَرض مِنَ النَّبَاتِ. وَيُقَالُ: بَنُو فُلَانٍ يَسْتَرْشِحُونَ البقلَ أَي يَنْتَظِرُونَ أَن يَطُولَ فَيَرعَوْه. ويَسْتَرْشِحُونَ البُهْمَى: يُرَبُّونه ليَكْبُرَ، وَذَلِكَ الْمَوْضِعُ مُسْتَرْشَح؛ وَتَقُولَ: لَمْ يَرْشَحْ لَهُ بِشَيْءٍ إِذا لَمْ يُعْطِه شَيْئًا. والرَّاشِحُ والرَّواشِحُ: جِبَالٌ تَنْدى فَرُبَّمَا اجْتَمَعَ فِي أُصولها مَاءٌ قَلِيلٌ، فإِن كَثُرَ سُمِّي وَشَلًا، وإِن رأَيته كالعَرَق يَجْرِي خِلالَ الحجارة سُمّي راشِحاً.
رصح: الرَّصَحُ: لُغَةٌ فِي الرَّسَح؛ رَجُلٌ أَرْصَحُ وامرأَة رَصْحاء. وَرَوَى ابْنُ الفَرَج عَنْ أَبي سَعِيدٍ الضَّرِيرِ أَنه قَالَ: الأَرْصَحُ والأَرْصَعُ والأَزَلُّ واحدٌ. وَيُقَالُ: الرَّصَعُ قُرْبُ مَا بَيْنَ الوَرِكَيْنِ، وَكَذَلِكَ الرَّصَحُ والرَّسَحُ والزَّلَلُ. وَفِي حَدِيثِ اللِّعَانِ:
إِن جاءَت بِهِ أُرَيْصِحَ
؛ هُوَ تَصْغِيرُ الأَرْصَحِ، وَهُوَ النَّاتئُ الأَلْيَتين؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَيَجُوزُ بِالسِّينِ، هَكَذَا قَالَ الهَرَوِيُّ، وَالْمَعْرُوفُ فِي اللُّغَةِ أَن الأَرْصَحَ والأَرْسَح هُوَ الْخَفِيفُ لَحْمِ الأَلْيَتين، وَرُبَّمَا كَانَتِ الصَّادُ بَدَلًا مِنَ السِّينِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي موضعه.
رضح: رَضَحَ رأْسَه بِالْحَجَرِ يَرْضَحُه رَضْحاً: رَضَّه. والرَّضْحُ: مِثْلُ الرَّضْخ، وَهُوَ كَسْرُ الْحَصَى أَو النَّوَى؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
بكلِّ وَأْبٍ للحَصَى رَضَّاحِ، ... لَيْسَ بمُصْطَرٍّ وَلَا فِرْشاحِ
الوَأْبُ: الشَّدِيدُ القَوِيُّ، وَهُوَ يَصِفُ حَافِرًا؛ تَقْدِيرُهُ بِكُلِّ حَافِرٍ وَأْبٍ رَضَّاح لِلْحَصَى. والمُصْطَرّ: الضَّيِّقُ. والفِرْشاحُ: المُنْبَطِحُ. ورَضَح النواةَ يَرْضَحُها رَضْحاً: كَسَرَها بِالْحَجَرِ. ونَوًى رَضِيحٌ: مَرْضُوحٌ، وَاسْمُ الْحَجَرِ المِرْضاحُ «1»، وَالْخَاءُ لُغَةٌ ضَعِيفَةٌ؛ قَالَ:
خَبَطْناهم بكلِّ أَرَحَّ لأْمٍ، ... كمِرْضاحِ النَّوى عَبْلٍ وَقاحِ
المِرْضاحُ: الْحَجَرُ الَّذِي يُرْتَضَحُ بِهِ النَّوى أَي يُدَقُّ. والرَّضِيح: النَّوَى الْمَرْضُوحُ. والرُّضْحُ، بِالضَّمِّ: النَّوَى الْمَرْضُوحُ. ونَوى الرَّضْح: مَا نَدَرَ مِنْهُ؛ قَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ الأَنصاري:
وتَرْعَى الرَّضْحَ والوَرَقا
وَتَقُولُ: رَضَحْتُ الحَصَى فَتَرَضَّحَ؛ قَالَ جِرانُ العَوْدِ:
يَكادُ الحَصَى مِنْ وَطْئِها يَتَرَضَّحُ
والرَّضْحَةُ: النَّوَاةُ الَّتِي تَطِيرُ مِنْ تَحْتِ الحجر. وبلغنا
__________
(1).
قوله [واسم الحجر المرضاح] كالمرضحة، بكسر الميم، كما في شرح القاموس.

(2/450)


رَضْحٌ مِنْ خَبَرٍ أَي يَسِيرٌ مِنْهُ. والرَّضْحُ أَيضاً: القليل من العطية.
رفح: الأَزهري خَاصَّةً: قَالَ أَبو حَاتِمٍ: مِنْ [قُرُونِ] الْبَقَرِ الأَرْفَحُ، وَهُوَ الَّذِي يَذْهَبُ قَرْنَاهُ قِبَلَ أُذنيه فِي تَبَاعُدِ مَا بَيْنَهُمَا، قَالَ: والأَرْفى الَّذِي تأْتي أُذناه عَلَى قَرْنَيْهِ. ابْنُ الأَثير: وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ إِذا رَفَّحَ إِنساناً قَالَ: بَارَكَ اللَّهُ عَلَيْكَ
؛ أَراد رَفَّأَ، أَي دَعَا لَهُ بالرِّفاء، فأَبدل الْهَمْزَةَ حَاءً، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: رَقَّحَ، بِالْقَافِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، لمَّا تَزَوَّجَ أُم كُلْثُومٍ بِنْتَ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: رَفِّحُوني
؛ أَي قُولُوا لِي مَا يُقَالُ لِلْمُتَزَوِّجِ؛ ذَكَرَهُ ابْنُ الأَثير فِي تَرْجَمَةِ رفح، بالفاء.
رقح: التَّرْقِيح والتَّرَقُّحُ: إِصلاح المعيشة؛ قَالَ الحرثُ بْنُ حِلِّزَة:
يَتْرُكُ مَا رَقَّحَ مِنْ عَيْشِه، ... يَعِيثُ فِيهِ هَمَجٌ هامِجُ
وتَرَقَّح لِعِيَالِهِ: كَسَبَ وَطَلَبَ وَاحْتَالَ، هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والتَّرَقُّح: الِاكْتِسَابُ. وتَرْقِيحُ الْمَالِ: إِصلاحه وَالْقِيَامُ عَلَيْهِ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ رَقاحِيُّ مَالٍ؛ والرَّقاحِيّ: التَّاجِرُ الْقَائِمُ عَلَى مَالِهِ الْمُصْلِحُ لَهُ؛ قَالَ أَبو ذؤَيب يَصِفُ دُرَّةً:
بِكَفَّيْ رَقاحيٍّ يُريد نَماءَها، ... فيُبْرِزُها لِلْبَيْعِ، فَهِيَ قَرِيحُ
يَعْنِي: بَارِزَةً ظَاهِرَةً، وَالِاسْمُ الرَّقاحةُ. وَيُقَالُ: إِنه ليُرَقِّحُ مَعِيشَتَهُ أَي يُصْلِحُهَا. والرَّقاحةُ: الكَسْبُ وَالتِّجَارَةُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ فِي تَلْبِيَةِ بَعْضِ أَهل الْجَاهِلِيَّةِ: جِئْنَاكَ للنَّصاحة وَلَمْ نأْت للرَّقاحة. وَفِي حَدِيثِ الْغَارِ:
وَالثَّلَاثَةُ الَّذِينَ أَوَوْا إِليه حَتَّى كَثُرَتْ وارْتَقَحَتْ
؛ أَي زادتْ، مِنَ الرَّقاحة الكَسْبِ وَالتِّجَارَةِ. وتَرْقِيحُ الْمَالِ: إِصلاحُه والقيامُ عَلَيْهِ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ إِذا رَقَّح إِنساناً
؛ يُرِيدُ رَفَّأَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الرَّاءِ والفاء.
ركح: الرُّكْحُ، بِالضَّمِّ، مِنَ الْجَبَلِ: الرُّكْنُ أَو النَّاحِيَةُ المُشْرِفة عَلَى الْهَوَاءِ؛ وَقِيلَ: هُوَ مَا عَلَا عَنِ السَّفْح وَاتَّسَعَ. ابْنُ الأَعرابي: رُكْحُ كلِّ شَيْءٍ جانبُه. والرُّكْحُ أَيضاً: الفِناءُ، وَجَمْعُهُ أَرْكاحٌ ورُكُوحٌ؛ قَالَ أَبو كَبِيرٍ الْهُذَلِيُّ:
وَلَقَدْ نُقِيمُ، إِذا الخُصُومُ تَنافَدُوا ... أَحْلامَهم، صَعَرَ الخَصِيمِ المُجْنِفِ
حَتَّى يَظَلَّ كأَنه مُتَثَبِّتٌ، ... بِرُكُوحِ أَمْعَزَ ذِي رُيُودٍ مُشْرِفِ
قَالَ: مَعْنَاهُ يَظَلُّ مِنْ فَرَقِ أَن يَتَكَلَّمَ فُيخْطِئَ ويَزِلَّ كأَنه يَمْشِي بِرُكْحِ جبلٍ، وَهُوَ جَانِبُهُ وَحَرْفُهُ، فَيَخَافُ أَن يَزِلَّ ويَسْقُط. ورُكْحة الدَّارِ ورُكْحُها: سَاحَتُهَا؛ وتَرَكَّح فِيهَا: تَوَسَّع. وَيُقَالُ: إِن لِفُلَانٍ سَاحَةً يَتَرَكَّحُ فِيهَا أَي يَتَوَسَّعُ. وَفِي النَّوَادِرِ: تَركَّحَ فُلَانٌ فِي الْمَعِيشَةِ إِذا تَصَرَّفَ فِيهَا. وتَرَكَّحَ بِالْمَكَانِ: تَلَبَّثَ. ورَكَحَ السَّاقِي عَلَى الدَّلْوِ إِذا اعْتَمَدَ عَلَيْهَا نَزْعاً. والرَّكْحُ: الاعتمادُ؛ وأَنشد الأَصمعي:
فَصادَفَتْ أَهْيَفَ مثلَ القِدْحِ، ... أَجْرَدَ بالدَّلْوِ شَديدَ الرَّكْحِ
والرُّكْحَة: البقيَّة مِنَ الثَّرِيدِ تَبْقَى فِي الجَفْنَة. وجَفْنَةٌ مُرْتَكِحَة: مُكْتَنِزة بِالثَّرِيدِ. ورَكَح إِلى الشَّيْءِ رُكُوحاً: رَكَنَ وأَنابَ؛ قال:

(2/451)


رَكَحْتُ إِليها بعدَ ما كنت مُجْمِعاً ... على وا «2» .... ها، وانْسَبْتُ بالليل فائزا
وأَرْكَحَ إِليه: اسْتَنَدَ إِليه. وأَرْكَحْتُ إِليه: لجأْت إِليه؛ يُقَالُ: أَرْكَحْتُ ظَهْرِي إِليه أَي أَلجأْت ظَهْرِي إِليه. والرُّكُوح إِلى الشَّيْءِ: الركونُ إِليه. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ قَالَ لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: مَا أُحب أَن أَجعل لَكَ عِلَّةً تَرْكَحُ إِليها
أَي تَرْجِعُ وتلجأُ إِليها؛ يقال: رَكَحْتُ إِليه وأَرْكَحْتُ وارْتَكَحْتُ؛ وأَرْكَحَ إِلى غِنًى، مِنْهُ عَلَى الْمَثَلِ. والمِرْكاحُ مِنَ الرِّحال والسُّروج: الَّذِي يتأَخر فَيَكُونُ مَرْكَبُ الرجلِ عَلَى آخِرَةِ الرَّحْل؛ قَالَ:
كأَنَّ فَاهُ، واللجامُ شاحِي، ... شَرْجا غَبِيطٍ سَلِسٍ مِرْكاحِ
الْجَوْهَرِيُّ: سَرْجٌ مِركاحٌ إِذا كَانَ يتأَخر عَنْ ظَهْرِ الْفَرَسِ، وَكَذَلِكَ الرَّحْلُ إِذا تأَخر عَنْ ظَهْرِ الْبَعِيرِ. ابْنُ سِيدَهْ: والرُّكْحُ أَبيات النَّصَارَى، وَلَسْتُ مِنْهَا عَلَى ثِقَةٍ. والرَّكْحاءُ: الأَرض الْغَلِيظَةُ الْمُرْتَفِعَةُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا شُفْعَة فِي فِناء وَلَا طَرِيقٍ وَلَا رُكْحٍ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الرُّكْحُ، بِالضَّمِّ، نَاحِيَةُ الْبَيْتِ مِنْ وَرَائِهِ كأَنه فضاء لا بناء فيه؛ قَالَ القُطامِيُّ:
أَما تَرَى مَا غَشِيَ الأَرْكاحا؟ ... لَمْ يَدَعِ الثَّلْجُ لَهُمْ وَجاحا
الأَركاح: الأَفنية. والوَجاح: السَّيْرُ، بِفَتْحِ الْوَاوِ وَضَمِّهَا وَكَسْرِهَا. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الرُّكْحُ جَمْعُ رُكْحةٍ مِثْلُ بُسْر وبُسْرَة، وَلَيْسَ الرُّكْحُ وَاحِدًا، والأَرْكاحُ جَمْعُ رُكْحٍ لَا رُكْحةٍ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
أَهلُ الرُّكْحِ أَحق برُكْحِهم
؛ وَقَالَ ابْنُ مَيَّادَةَ:
ومُضَبَّر عَرِد الزِّجاجِ، كأَنه ... إِرَمٌ لِعادَ، مُلَزَّزُ الأَرْكاحِ
أَراد بعَرِدِ الزِّجاج أَنيابه. وإِرَمٌ: قَبْرٌ عَلَيْهِ حِجَارَةٌ. وَمُضَبَّرٌ: يَعْنِي رأْساً كأَنه قَبْرٌ. والأَرْكاحُ: الأَساسُ والأَركان وَالنَّوَاحِي؛ قَالَ وَرَوَى بَعْضُهُمْ شِعْرَ الْقُطَامِيِّ:
أَلا تَرَى مَا غَشِيَ الأَرْكاحا؟
قَالَ: وَهِيَ بُيُوتُ الرُّهْبان؛ قَالَ الأَزهري: وَيُقَالُ لَهَا الأُكَيْراحُ، قَالَ: وَمَا أُراها عربيَّة.
رمح: الرُّمْحُ: مِنَ السِّلَاحِ مَعْرُوفٌ، وَاحِدُ الرِّماحِ، وَجَمْعُهُ أَرْماح؛ وَقِيلَ لأَعرابي: مَا النَّاقَةُ القِرْواح؟ قَالَ: الَّتِي كأَنها تَمْشِي عَلَى أَرماح؛ والكثيرُ: رِماحٌ. وَرَجُلٌ رَمَّاحٌ: صَانِعٌ للرِّماح مُتَّخِذٌ لَهَا وحِرْفته الرِّماحة. وَرَجُلٌ رامِحٌ ورَمَّاح: ذُو رُمْح مِثْلُ لابنٍ وتامِرٍ، وَلَا فِعْلَ لَهُ. ورَمَحه يَرْمَحُه رَمْحاً: طَعَنَهُ بالرُّمْح، فَهُوَ رامِح. وَفِي الْحَدِيثِ:
السلطانُ ظِلُّ اللَّهِ ورُمْحُه
؛ اسْتَوْعَبَ بِهَاتَيْنِ الْكَلِمَتَيْنِ نَوْعَيْ مَا عَلَى الْوَالِي لِلرَّعِيَّةِ: أَحدهما الِانْتِصَافُ مِنَ الظَّالِمِ والإِعانة، لأَن الظِّلَّ يُلجأُ إِلَيْهِ مِنَ الْحَرَارَةِ وَالشِّدَّةِ، وَلِهَذَا قَالَ فِي تَمَامِهِ يأْوي إِليه كلُّ مَظْلُومٍ؛ وَالْآخَرُ إِرهاب الْعَدُوِّ لِيَرْتَدِعَ عَنْ قَصْدِ الرَّعِيَّةِ وأَذاهم فيأْمنوا بِمَكَانِهِ مِنَ الشَّرِّ، وَالْعَرَبُ تَجْعَلُ الرُّمْح كِنَايَةً عَنِ الدَّفْعِ وَالْمَنْعِ؛ وَقَوْلُ طُفَيْلٍ الغَنَوِيّ: بِ
رَمَّاحةٍ تَنْفِي التُّراب، كأَنها ... هِراقَةُ عَقٍّ، مِنْ شُعَيْبى مُعَجّلِ «3»
قِيلَ فِي تَفْسِيرِهِ: رَمَّاحة طَعْنة بالرُّمْح، وَلَا أَعرف
__________
(2).
كذا في بياض بالأصل.
(3).
قوله [من شعيبى إلخ] كذا بالأَصل.

(2/452)


لِهَذَا مَخْرَجاً إِلا أَن يَكُونَ وَضَعَ رَمَّاحةً موضعَ رَمْحَةٍ الَّذِي هُوَ المرَّة الْوَاحِدَةُ مِنَ الرَّمْحِ. وَيُقَالُ لِلثَّوْرِ مِنَ الْوَحْشِ: رامِحٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أُراه لِمَوْضِعِ قَرْنِهِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وكائنْ ذَعَرْنا مِنْ مَهاةٍ ورامِحٍ، ... بلادُ العِدَى ليستْ لَهُ ببلادِ «1»
وثورٌ رامِحٌ: لَهُ قَرْنَانِ. والسِّماكُ الرامِحُ: أَحد السِّماكَيْن، وَهُوَ مَعْرُوفٌ مِنَ الْكَوَاكِبِ قُدَّامَ الفَكَّةِ، لَيْسَ مِنْ مَنَازِلِ الْقَمَرِ، سمِّي بِذَلِكَ لأَن قُدَّامه كَوْكَبًا كأَنه لَهُ رُمْحٌ، وَقِيلَ لِلْآخَرِ: الأَعْزَلُ، لأَنه لَا كَوْكَبَ أَمامه، والرامِحُ أَشدُّ حُمْرَةً سُمِّيَ رامِحاً لِكوكب أَمامه تَجْعَلُهُ الْعَرَبُ رُمْحَه؛ وَقَالَ الطِّرِمَّاحُ:
مَحاهُنَّ صَيِّبُ نَوْءِ الرَّبيع، ... مِنَ الأَنْجُمِ العُزْلِ والرامِحَهْ
والسِّماكُ الرامحُ لَا نَوْء لَهُ إِنما النَّوْءُ للأَعْزَل. الأَزهري: الرَّامِحُ نَجْمٌ فِي السَّمَاءِ يُقَالُ لَهُ السِّماك المِرْزَمُ. وأَخذَتِ البُهْمَى وَنَحْوُهَا مِنَ الْمَرَاعِي رماحَها: شَوَّكَتْ فَامْتَنَعَتْ عَلَى الرَّاعِيَةِ. وأَخذت الإِبل رماحَها: حَسُنَتْ فِي عَيْنِ صَاحِبِهَا، فَامْتَنَعَ لِذَلِكَ مِنْ نَحْرِهَا؛ يُقَالُ ذَلِكَ إِذا سَمِنَتْ أَو درَّت، وَكُلُّ ذَلِكَ عَلَى الْمَثَلِ. الأَزهري: إِذا امْتَنَعَتِ البُهْمَى وَنَحْوُهَا مِنَ المَراعي فَيَبِسَ سَفاها، قِيلَ: أَخذت رِماحَها؛ ورِماحُها سَفاها اليابِسُ. وَيُقَالُ لِلنَّاقَةِ إِذا سَمِنَتْ: ذاتُ رُمْح، والنُّوقُ السِّمانُ ذواتُ رِماح، وَذَلِكَ أَن صَاحِبَهَا إِذا أَراد نَحْرَهَا نَظَرَ إِلى سِمَنها وَحُسْنِهَا، فَامْتَنَعَ مِنْ نَحْرِهَا نَفَاسَةً بِهَا لِمَا يَرُوقُه مِنْ أَسْنِمتها؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْفَرَزْدَقِ:
فَمَكَّنْتُ سَيْفِي مِنْ ذَواتِ رِماحِها، ... غِشاشاً، وَلَمْ أَحْفِلْ بُكاءَ رِعائِيا
يَقُولُ: نَحَرْتُهَا وأَطعمتها الأَضياف، وَلَمْ يَمْنَعْنِي مَا عَلَيْهَا مِنَ الشُّحُومِ عَنْ نَحْرِهَا نَفَاسَةً بِهَا. وأَخذ الشيخُ رُمَيْحَ أَبي سَعْدٍ: اتَّكَأَ عَلَى الْعَصَا مِنْ كِبَره، وأَبو سَعْدٍ أَحدُ وَفْدِ عَادٍ، وَقِيلَ: هُوَ لُقْمَانُ الْحَكِيمُ؛ قَالَ:
إِمَّا تَرَيْ شِكَّتِي رُمَيْحَ أَبي ... سَعْدٍ، فَقَدْ أَحْمِلُ السِّلاحَ مَعا
وَقِيلَ: أَبو سَعْدٍ كُنْيَةُ الكِبَرِ. وَجَاءَ كأَنَّ عَيْنَيْهِ فِي رُمحين: وَذَلِكَ مِنَ الْخَوْفِ والفَرَق وشدَّة النَّظَرِ، وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ مِنَ الْغَضَبِ أَيضاً. وَذُو الرُّمَيْح: ضَرْبٌ مِنَ الْيَرَابِيعِ طَوِيلُ الرِّجْلَيْنِ فِي أَوساط أَوْظِفَته، فِي كُلِّ وَظِيف فضْلُ ظُفُر، وَقِيلَ: هُوَ كُلُّ يَرْبوعٍ، ورُمْحُه ذَنَبُه. ورِماحُ الْعَقَارِبِ: شَوْلاتُها. ورِماحُ الْجِنِّ: الطاعونُ: أَنشد ثَعْلَبٌ:
لَعَمْرُكَ، مَا خَشِيتُ عَلَى أُبَيٍّ ... رِماحَ بَنِي مُقَيِّدَةِ الحِمارِ،
ولكنِّي خَشِيتُ عَلَى أُبَيٍّ ... رِماحَ الجِنِّ، أَو إِيَّاكَ حارِ «2»
يَعْنِي ببَني مُقَيَّدَة الْحِمَارِ: الْعَقَارِبَ، وإِنما سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَن الحَرَّةَ يُقَالُ لَهَا: مُقَيِّدة الْحِمَارِ؛ قَالَ النَّابِغَةِ:
أَواضِع البيتِ فِي سَوْداءَ مُظْلِمَةٍ، ... تُقَيِّدُ العَيْرَ، لَا يَسْرِي بِهَا السَّارِي
__________
(1).
قوله [بلاد العدى] كذا بالأَصل، ومثله في الصحاح. والذي في الأَساس: بلاد الورى.
(2).
قوله [أو إياك حار] كذا بالأَصل هنا ومثله في مادة حمر، وأَنشده في الأَساس [أَو أَنزال جار] وقال: الأَنزال أصحاب الحمر دون الخيل.

(2/453)


وَالْعَقَارِبُ تَأْلَفُ الحَرَّة. وَذُو الرُّمْحَين، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَحسبه جَدَّ عُمَرَ ابن أَبي رَبِيعَةَ؛ قَالَ القُرَشِيُّون: سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه قاتَلَ بِرُمْحَيْنِ، وَقِيلَ: سُمِّيَ بِذَلِكَ لِطُولِ رُمْحِهِ. وَابْنُ رُمْح: رَجُلٌ مِنْ هُذَيْلٍ، وإِياه عَنَى أَبو بُثَيْنة الهُذَليُّ بِقَوْلِهِ:
وَكَانَ القومُ مِنْ نَبْلِ ابنِ رُمْحٍ، ... لَدَى القَمْراءِ، تَلْفَحُهم سَعِيرُ
وَيُرْوَى ابْنُ رَوْحٍ. وذاتُ الرِّماحِ: فَرَسٌ لأَحَدِ بَنِي ضَبَّة، وَكَانَتْ إِذا ذُعِرَتْ تَباشَرَتْ بَنُو ضَبَّة بالغُنْمِ؛ وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ شَاعِرُهُمْ:
إِذا ذُعِرَتْ ذاتُ الرِّماحِ جَرَتْ لَنَا ... أَيامِنُ، بالطَّيْرِ الكثيرِ غَنائِمُهْ
ورَمَح الفرسُ والبغلُ وَالْحِمَارُ وكلُّ ذِي حَافِرٍ يَرْمَحُ رَمْحاً: ضَرَبَ بِرِجْلِهِ، وَقِيلَ: ضَرَبَ بِرِجْلَيْهِ جَمِيعًا، وَالِاسْمُ الرِّماحُ؛ يُقَالُ: أَبْرَأُ إِليك مِنَ الجِماحِ والرِّماحِ؛ وَهَذَا مِنْ بَابِ الْعُيُوبِ الَّتِي يُرَدُّ الْمَبِيعُ بِهَا. الأَزهري: وَرُبَّمَا اسْتُعِيرَ الرَّمْحُ لِذِي الخُفّ؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:
بِطَعْنٍ كَرَمْحِ الشَّوْلِ أَمْسَتْ غَوارِزاً ... جَواذِبُها، تَأْبَى عَلَى المُتَغَبِّر
وَقَدْ يُقَالُ: رَمَحَتِ الناقة؛ وهي رَمُوحٌ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
تُشْلِي الرَّمُوحَ، وهيَ الرَّمُوحُ، ... حَرْفٌ كأَنَّ غُبْرَها مَمْلُوحُ
ورَمَحَ الجُنْدَبُ يَرْمَحُ: ضَرَبَ الحَصَى بِرِجْلِهِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
ومَجْهُولةٍ مِنْ دونِ مَيَّةَ لَمْ تَقِلْ ... قَلُوصِي بِهَا، والجُنْدَبُ الجَوْنُ يَرْمَحُ
والرَّمَّاحُ: اسْمُ ابْنِ مَيَّادة الشَّاعِرِ. وَكَانَ يُقَالُ لأَبي بَراءٍ عَامِرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ كِلَابٍ: مُلاعِبُ الأَسِنَّةِ، فَجَعَلَهُ لبيدٌ مُلاعِبَ الرِّماحِ لِحَاجَتِهِ إِلى الْقَافِيَةِ؛ فَقَالَ يَرْثِيهِ، وَهُوَ عَمُّهُ:
قُوما تَنُوحانِ مَعَ الأَنْواحِ، ... وأَبِّنا مُلاعِبَ الرِّماحِ،
أَبا بَراءٍ مِدْرَهَ الشِّياحِ، ... فِي السَّلَبِ السُّودِ، وَفِي الأَمْساحِ
وَبِالدَّهْنَاءِ نِقْيانٌ طُوَالٌ يُقَالُ لَهَا: الأَرماحُ. وذكَر الرجلِ: رُمَيْحُه، وفرجُ المرأَة: شُرَيْحها.
رنح: التَّرَنُّحُ: تَمَزُّزُ الشَّرَابِ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. ورَنَّحَ الرجلُ وَغَيْرُهُ وتَرَنَّح: تَمَايَلَ مِنَ السُّكْرِ وَغَيْرِهِ. وتَرَنَّح إِذا مَالَ وَاسْتَدَارَ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ يَصِفُ كَلْبَ صَيْدٍ طَعَنَهُ الثَّوْرُ الْوَحْشِيُّ بِقَرْنِهِ، فَظَلَّ الْكَلْبُ يَسْتَدِيرُ كَمَا يَسْتَدِيرُ الْحِمَارُ الَّذِي قَدْ دَخَلَتِ النُّعَرة فِي أَنفه، والنُّعَرُ ذُبَابٌ أَزرق يَتَتَبَّع الحُمُر ويَلْسَعُها، والغَيْطَلُ شَجَرٌ، الْوَاحِدَةُ غَيْطَلة «1»:
فَظَلَّ يُرَنِّحُ فِي غَيْطَلٍ، ... كَمَا يَسْتَدِيرُ الحِمارُ النَّعِرْ
وَقِيلَ: رُنِّح بِهِ إِذا دِيرَ بِهِ كالمَغْشِيِّ عَلَيْهِ. وَفِي حَدِيثِ
الأَسود بْنِ يَزِيدَ: أَنه كَانَ يَصُومُ فِي الْيَوْمِ الشَّدِيدِ الحَرِّ الَّذِي إِن الجَمَل الأَحمر ليُرَنَّح فِيهِ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ
أَي يُدارُ بِهِ ويختلِط؛ يُقَالُ: رُنِّح فلانٌ تَرْنِيحاً إِذا اعْتَرَاهُ وَهْنٌ فِي عِظَامِهِ مِنْ ضَرْب أَو فَزَع أَو سُكْر؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: رَنَّحه الشرابُ، ومَن رَوَاهُ يُرِيح، بِالْيَاءِ، أَراد يَهْلِك مِن أَراحَ الرجلُ إِذا مَاتَ، وسيأْتي ذِكْرُهُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
يَزِيدَ الرَّقاشِيِّ: المريضُ يُرَنَّحُ والعَرَق مِنْ جبينه
__________
(1).
قوله [ويلسعها والغيطل إلخ] هكذا في الأَصل بهذا الترتيب.

(2/454)


يَتَرَشَّحُ.
ورُنِّحَ عَلَى فُلَانٍ تَرْنِيحاً، ورُنِّحَ فُلَانٌ عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ إِذا غُشِيَ عَلَيْهِ وَاعْتَرَاهُ وَهْنٌ فِي عِظَامِهِ وضَعْفٌ فِي جَسَدِهِ عِنْدَ ضَرْبٍ أَو فَزَعٍ، حَتَّى يَغْشاه كالمَيْدِ، وَتَمَايَلَ فَهُوَ مُرَنَّحٌ، وقد يكون ذلك من هَمٍّ وحُزْنٍ؛ قَالَ:
تَرَى الجَلْدَ مَغْمُورًا يَمِيدُ مُرَنَّحاً، ... كأَنَّ بِهِ سُكْراً، وإِن كَانَ صاحِيا
وَقَالَ الطِّرِمَّاحُ:
وناصِرُكَ الأَدْنَى عَلَيْهِ ظَعِينةٌ ... تَمِيدُ، إِذا اسْتَعْبَرْتَ، مَيْدَ المُرَنَّحِ
وَقَوْلُهُ:
وَقَدْ أَبِيتُ جَائِعًا مُرَنَّحا
هُوَ مِنْ هَذَا. الأَزهري: والمَرْنَحَة صدرُ السَّفِينَةِ. قَالَ: والدَّوطِيرَة كَوْثَلُها، والقَبُّ رأْسُ الدَّقَل، والقَرِيَّةُ خَشَبَةٌ مُرَبَّعَةٌ عَلَى رأْس القَبِّ. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَرْثِ: أَنه كَانَ إِذا نَظَرَ إِلى مالك ابن أَنس قَالَ: أَعوذ بَاللَّهِ مِنْ شَرِّ مَا تَرَنَّح لَهُ
أَي تحرَّك لَهُ وَطَلَبه. والمُرْنَحُ: ضَرْبٌ «1» مِنَ العُود مِنْ أَجوده يُسْتَجْمَرُ بِهِ، وَهُوَ اسْمٌ وَنَظِيرُهُ المُخْدَعُ.
روح: الرِّيحُ: نَسِيم الْهَوَاءِ، وَكَذَلِكَ نَسيم كُلِّ شَيْءٍ، وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ؛ وَفِي التَّنْزِيلِ: مَثَلِ رِيحٍ فِيها صِرٌّ أَصابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ
؛ هُوَ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ فَعْلٌ، وَهُوَ عِنْدَ أَبي الْحَسَنِ فِعْلٌ وفُعْلٌ. والرِّيحةُ: طَائِفَةٌ مِنَ الرِّيح؛ عَنْ سِيبَوَيْهِ، قَالَ: وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَدُلَّ الْوَاحِدُ عَلَى مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْجَمْعُ، وَحَكَى بَعْضُهُمْ: رِيحٌ ورِيحَة مَعَ كَوْكَبٍ وكَوكَبَةٍ وأَشعَر أَنهما لُغَتَانِ، وَجَمْعُ الرِّيح أَرواح، وأَراوِيحُ جَمْعُ الْجَمْعِ، وَقَدْ حُكِيَتْ أَرْياحٌ وأَرايِح، وَكِلَاهُمَا شَاذٌّ، وأَنكر أَبو حَاتِمٍ عَلَى عُمارة بْنِ عَقِيلٍ جمعَه الرِّيحَ عَلَى أَرْياح، قَالَ فَقُلْتُ لَهُ فِيهِ: إِنما هُوَ أَرْواح، فَقَالَ: قَدْ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ
؛ وإِنما الأَرْواحُ جمعُ رُوح، قَالَ: فَعَلِمْتُ بِذَلِكَ أَنه لَيْسَ مِمَّنْ يؤْخذ عَنْهُ. التَّهْذِيبُ: الرِّيح ياؤُها وَاوٌ صُيِّرت يَاءً لِانْكِسَارِ مَا قَبْلَهَا، وَتَصْغِيرُهَا رُوَيْحة، وَجَمْعُهَا رِياحٌ وأَرْواحٌ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الرِّيحُ وَاحِدَةُ الرِّياح، وَقَدْ تُجْمَعُ عَلَى أَرْواح لأَن أَصلها الْوَاوُ وإِنما جاءَت بِالْيَاءِ لِانْكِسَارِ مَا قَبْلَهَا، وإِذا رَجَعُوا إِلى الْفَتْحِ عَادَتْ إِلى الْوَاوِ كَقَوْلِكَ: أَرْوَحَ الماءُ وتَرَوَّحْتُ بالمِرْوَحة؛ وَيُقَالُ: رِيحٌ ورِيحَة كَمَا قَالُوا: دارٌ ودارَةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
هَبَّتْ أَرواحُ النَّصْر
؛ الأَرْواحُ جَمْعُ رِيح. وَيُقَالُ: الرِّيحُ لآِل فُلَانٍ أَي النَّصْر والدَّوْلة؛ وَكَانَ لِفُلَانٍ رِيحٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ يَقُولُ إِذا هَاجَتِ الرِّيح: اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رِياحاً وَلَا تَجْعَلْهَا رِيحًا
؛ الْعَرَبُ تَقُولُ: لَا تَلْقَحُ السحابُ إِلَّا مِنْ رِيَاحٍ مُخْتَلِفَةٍ؛ يُرِيدُ: اجْعَلْها لَقاحاً لِلسَّحَابِ وَلَا تَجْعَلْهَا عَذَابًا، وَيُحَقِّقُ ذَلِكَ مجيءُ الْجَمْعِ فِي آيَاتِ الرَّحمة، وَالْوَاحِدِ فِي قِصَصِ الْعَذَابِ: كالرِّيح العَقِيم؛ ورِيحاً صَرْصَراً. وَفِي الْحَدِيثِ:
الرِّيحُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ
أَي مِنْ رَحْمَتِهِ بِعِبَادِهِ. ويومٌ راحٌ: شَدِيدُ الرِّيح؛ يَجُوزُ أَن يَكُونَ فَاعِلًا ذَهَبَتْ عَيْنُهُ، وأَن يَكُونَ فَعْلًا؛ وَلَيْلَةٌ راحةٌ. وَقَدْ راحَ يَراحُ رَيْحاً إِذا اشْتَدَّتْ رِيحُه. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَجُلًا حَضَرَهُ الْمَوْتُ، فَقَالَ لِأَولاده: أَحْرِقوني ثُمَّ
__________
(1).
قوله [والمرنح ضرب إلخ] كذا ضبط بالأَصل، بضم الميم وَسُكُونِ الرَّاءِ وَفَتْحِ النُّونِ مخففة. ويؤيده قوله: وَهُوَ اسْمٌ، وَنَظِيرُهُ الْمُخْدَعُ، إذ المخدع بهذا الضبط، اسم للخزانة. وضبط المجد المرنح كمعظم، وبهامش شارحه المرنح كمعظم كما في منتهى الأرب والأوقيانوس.

(2/455)


انْظُرُوا يَوْمًا رَاحًا فأَذْرُوني فِيهِ
؛ يومٌ راحٌ أَي ذُو رِيح كَقَوْلِهِمْ: رجلٌ مالٌ. ورِيحَ الغَدِيرُ وغيرُه، عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ: أَصابته الرِّيحُ، فَهُوَ مَرُوحٌ؛ قَالَ مَنْظُور بنُ مَرْثَدٍ الأَسَدِيُّ يَصِفُ رَماداً:
هَلْ تَعْرِفُ الدارَ بأَعْلى ذِي القُورْ؟ ... قَدْ دَرَسَتْ غيرَ رَمادٍ مَكْفُورْ
مُكْتَئِبِ اللَّوْنِ مَرُوحٍ مَمْطُورْ
القُور: جُبَيْلات صِغَارٌ، وَاحِدُهَا قارَة. وَالْمَكْفُورُ: الَّذِي سَفَتْ عَلَيْهِ الريحُ الترابَ، ومَرِيح أَيضاً؛ وَقَالَ يَصِفُ الدَّمْعَ:
كأَنه غُصْنٌ مَرِيح مَمْطُورْ
مِثْلُ مَشُوب ومَشِيب بُنِيَ عَلَى شِيبَ. وغُصْنٌ مَرِيحٌ ومَرُوحٌ: أَصابته الرِّيحُ؛ وَكَذَلِكَ مَكَانٌ مَريح ومَرُوحٌ، وَشَجَرَةٌ مَرُوحة ومَريحة: صَفَقَتْها الريحُ فأَلقت وَرَقَهَا. وراحَتِ الريحُ الشيءَ: أَصابته؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ يَصِفُ ثَوْرًا:
ويَعُوذ بالأَرْطَى، إِذا مَا شَفَّهُ ... قَطْرٌ، وراحَتْهُ بَلِيلٌ زَعْزَعُ
وراحَ الشجرُ: وجَدَ الريحَ وأَحَسَّها؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ؛ وأَنشد:
تَعُوجُ، إِذا مَا أَقْبَلَتْ نَحْوَ مَلْعَبٍ، ... كَمَا انْعاجَ غُصْنُ البانِ راحَ الجَنائبا
وَيُقَالُ: رِيحَتِ الشجرةُ، فَهِيَ مَرُوحة. وَشَجَرَةٌ مَرُوحة إِذا هبَّت بِهَا الرِّيحُ؛ مَرُوحة كَانَتْ فِي الأَصل مَرْيوحة. ورِيحَ القومُ وأَراحُوا: دَخَلُوا فِي الرِّيحِ، وَقِيلَ: أَراحُوا دَخَلُوا فِي الرِّيحِ، ورِيحُوا: أَصابتهم الريحُ فجاحَتْهم. والمَرْوَحة، بِالْفَتْحِ: المَفازة، وَهِيَ الْمَوْضِعُ الَّذِي تَخْترقُه الرِّيحُ؛ قَالَ:
كأَنَّ رَاكِبَهَا غُصْنٌ بمَرْوَحةٍ، ... إِذا تَدَلَّتْ بِهِ، أَو شارِبٌ ثَمِلُ
وَالْجَمْعُ المَراوِيح؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَقِيلَ: إِنه تَمَثَّلَ بِهِ، وَهُوَ لِغَيْرِهِ قَالَهُ وَقَدْ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ فِي بَعْضِ الْمَفَاوِزِ فأَسرعت؛ يَقُولُ: كأَنَّ رَاكِبَ هَذِهِ النَّاقَةِ لِسُرْعَتِهَا غُصْنٌ بِمَوْضِعٍ تَخْتَرِقُ فِيهِ الرِّيحُ، كَالْغُصْنِ لَا يَزَالُ يَتَمَايَلُ يَمِينًا وَشِمَالًا، فَشَبَّهَ رَاكِبَهَا بِغُصْنٍ هَذِهِ حَالُهُ أَو شارِبٍ ثَمِلٍ يتمايلُ مِنْ شِدَّةِ سُكْرِهِ، وَقَوْلُهُ إِذا تَدَلَّتْ بِهِ أَي إِذا هَبَطَتْ بِهِ مِنْ نَشْزٍ إِلى مُطَمْئِنٍ، وَيُقَالُ إِن هَذَا الْبَيْتَ قَدِيمٌ. وراحَ رِيحَ الرَّوْضَةَ يَراحُها، وأَراح يُريحُ إِذا وَجَدَ رِيحَهَا؛ وَقَالَ الهُذَليُّ:
وماءٍ ورَدْتُ عَلَى زَوْرَةٍ، ... كمَشْيِ السَّبَنْتَى يَراحُ الشَّفِيفا
الْجَوْهَرِيُّ: راحَ الشيءَ يَراحُه ويَرِيحُه إِذا وجَدَ رِيحَه، وأَنشد الْبَيْتَ [وماءٍ ورَدتُ] قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هُوَ لصَخرْ الغَيّ، والزَّوْرةُ هَاهُنَا: الْبُعْدُ؛ وَقِيلَ: انْحِرَافٌ عَنِ الطَّرِيقِ. وَالشَّفِيفُ: لَذْعُ الْبَرْدِ. والسَّبَنْتَى: النَّمِرُ. والمِرْوَحَةُ، بِكَسْرِ الْمِيمِ: الَّتِي يُتَرَوَّحُ بِهَا، كُسِرَتْ لأَنها آلَةٌ؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هِيَ المِرْوَحُ، وَالْجَمْعُ المَرَاوِحُ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
فَقَدْ رأَيتهم يَتَرَوَّحُون فِي الضُّحَى
أَي احْتَاجُوا إِلى التَّرْويحِ مِنَ الحَرِّ بالمِرْوَحة، أَو يَكُونُ مِنَ الرَّوَاحِ: العَودِ إِلى بُيُوتِهِمْ، أَو مِنْ طَلَب الرَّاحَةِ. والمِرْوَحُ والمِرْواحُ: الَّذِي يُذَرَّى بِهِ الطعامُ فِي الرِّيحِ.

(2/456)


وَيُقَالُ: فُلَانٌ بِمَرْوَحةٍ أَي بمَمَرِّ الريحِ. وَقَالُوا: فُلَانٌ يَميلُ مَعَ كُلِّ رِيحٍ، عَلَى الْمَثَلِ؛ وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: ورَعاعُ الهَمَج يَميلون مَعَ كلِّ رِيحٍ.
واسْتَرْوح الغصنُ: اهتزَّ بِالرِّيحِ. ويومٌ رَيِّحٌ ورَوْحٌ ورَيُوحُ: طَيِّبُ الرِّيحِ؛ ومكانٌ رَيِّحٌ أَيضاً، وعَشِيَّةٌ رَيِّحةٌ ورَوْحَةٌ، كَذَلِكَ. اللَّيْثُ: يَوْمٌ رَيِّحٌ وَيَوْمٌ راحٌ: ذُو رِيحٍ شَدِيدَةٍ، قَالَ: وَهُوَ كَقَوْلِكَ كَبْشٌ صافٍ، والأَصل يَوْمٌ رَائِحٌ وَكَبْشٌ صَائِفٌ، فَقَلَبُوا، وَكَمَا خَفَّفُوا الحائِجةَ، فَقَالُوا حَاجَةٌ؛ وَيُقَالُ: قَالُوا صافٌ وراحٌ عَلَى صَوِفٍ ورَوِحٍ، فَلَمَّا خَفَّفُوا اسْتَنَامَتِ الْفَتْحَةُ قَبْلَهَا فَصَارَتْ أَلفاً. ويومٌ رَيِّحٌ: طَيِّبٌ، وَلَيْلَةٌ رَيِّحة. وَيَوْمٌ راحٌ إِذا اشتدَّت رِيحُهُ. وَقَدْ راحَ، وَهُوَ يرُوحُ رُؤُوحاً وَبَعْضُهُمْ يَراحُ، فإِذا كَانَ الْيَوْمُ رَيِّحاً طَيِّباً، قِيلَ: يومٌ رَيِّحٌ وَلَيْلَةٌ رَيِّحة، وَقَدْ راحَ، وَهُوَ يَرُوحُ رَوْحاً. والرَّوْحُ: بَرْدُ نَسِيم الرِّيحِ؛ وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: كَانَ الناسُ يَسْكُنُونَ الْعَالِيَةَ فيحضُرون الجمعةَ وَبِهِمْ وَسَخٌ، فإِذا أَصابهم الرَّوْحُ سَطَعَتْ أَرواحهم فيتأَذى بِهِ الناسُ، فأُمروا بِالْغُسْلِ
؛ الرَّوْح، بِالْفَتْحِ: نَسِيمُ الرِّيحِ، كَانُوا إِذا مَرَّ عَلَيْهِمُ النسيمُ تَكَيَّفَ بأَرْواحِهم، وحَمَلها إِلى النَّاسِ. وَقَدْ يَكُونُ الرِّيحُ بِمَعْنَى الغَلَبة وَالْقُوَّةِ؛ قَالَ تَأَبَّط شَرًّا، وَقِيلَ سُلَيْكُ بنُ سُلَكَةَ:
أَتَنْظُرانِ قَلِيلًا رَيْثَ غَفْلَتِهمْ، ... أَو تَعْدُوانِ، فإِنَّ الرِّيحَ للعادِي
وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ
؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقِيلَ الشِّعْرُ لأَعْشى فَهْمٍ، مِنْ قَصِيدَةٍ أَولها:
يَا دارُ بينَ غُباراتٍ وأَكْبادِ، ... أَقْوَتْ ومَرَّ عَلَيْهَا عهدُ آبادِ
جَرَّتْ عَلَيْهَا رياحُ الصيفِ أَذْيُلَها، ... وصَوَّبَ المُزْنُ فِيهَا بعدَ إِصعادِ
وأَرَاحَ الشيءَ إِذا وجَد رِيحَه. والرائحةُ: النَّسِيمُ طيِّباً كَانَ أَو نَتْناً. وَالرَّائِحَةُ: ريحٌ طَيِّبَةٌ تَجِدُهَا فِي النَّسِيمِ؛ تَقُولُ لِهَذِهِ الْبَقْلَةِ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ. ووَجَدْتُ رِيحَ الشَّيْءِ وَرَائِحَتَهُ، بِمَعْنًى. ورِحْتُ رَائِحَةً طَيِّبَةً أَو خَبِيثَةً أَراحُها وأَرِيحُها وأَرَحْتُها وأَرْوَحْتُها: وَجَدْتُهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ أَعانَ عَلَى مُؤْمِنٍ أَو قَتَلَ مُؤْمِنًا لَمْ يُرِحْ رائحةَ الْجَنَّةِ
، مِنْ أَرَحْتُ، وَلَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ مِنْ رِحْتُ أَراحُ؛ وَلَمْ يَرِحْ تَجْعَلُهُ مِنْ راحَ الشيءَ يَرِيحُه. وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مِنْ قَتَلَ نَفْسًا مُعاهدةً لَمْ يَرِحْ رائحةَ الْجَنَّةِ
أَي لَمْ يَشُمَّ رِيحَهَا؛ قَالَ أَبو عَمْرٍو: هُوَ مِنْ رِحْتُ الشيءَ أَرِيحه إِذا وجَدْتَ ريحه؛ وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: إِنما هُوَ لَمْ يُرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، مِن أَرَحْتُ الشَّيْءَ فأَنا أُرِيحه إِذا وجدت ريحه، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ؛ وَقَالَ الأَصمعي: لَا أَدري هُوَ مِن رِحْتُ أَو مِنْ أَرَحْتُ؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: أَرْوَحَ السبُعُ الريحَ وأَراحها واسْتَرْوَحَها وَاسْتَرَاحَهَا: وَجَدَها؛ قَالَ: وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ راحَها بِغَيْرِ أَلف، وَهِيَ قَلِيلَةٌ. واسْتَرْوَحَ الفحلُ وَاسْتَرَاحَ: وَجَدَ رِيحَ الأُنثى. وراحَ الفرسُ يَراحُ رَاحَةً إِذا تَحَصَّنَ أَي صَارَ فَحْلًا؛ أَبو زَيْدٍ: رَاحَتِ الإِبلُ تَراحُ رَائِحَةً؛ وأَرَحْتُها أَنا. قَالَ الأَزهري: قَوْلُهُ تَرَاحُ رَائِحَةً مَصْدَرٌ عَلَى فَاعِلَةٍ؛ قَالَ: وَكَذَلِكَ سَمِعْتُهُ مِنَ الْعَرَبِ، وَيَقُولُونَ: سمعتُ راغِيةَ الإِبل وثاغِيةَ الشَّاءِ أَي رُغاءَها وثُغاءَها. والدُّهْنُ المُرَوَّحُ: المُطَيَّبُ؛ ودُهْن مُطَيَّب مُرَوَّحُ الرائحةِ، ورَوِّحْ دُهْنَكَ بِشَيْءٍ تَجْعَلُ فِيهِ طِيبًا؛ وذَرِيرَةٌ مُرَوَّحة: مُطَيَّبة، كَذَلِكَ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه أَمرَ بالإِثْمِد المُرَوَّحِ عِنْدَ النَّوْمِ
؛

(2/457)


وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَهَى أَن يَكْتَحِلَ المُحْرِمُ بالإِثْمِدِ المُرَوَّح
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: المُرَوَّحُ المُطَيَّبُ بِالْمِسْكِ كأَنه جُعل لَهُ رائحةٌ تَفُوحُ بَعْدَ أَن لَمْ تَكُنْ لَهُ رَائِحَةٌ، وَقَالَ: مُرَوَّحٌ، بِالْوَاوِ، لأَن الياءَ فِي الرِّيحِ وَاوٌ، وَمِنْهُ قِيلَ: تَرَوَّحْتُ بالمِرْوَحة. وأَرْوَحَ اللحمُ: تَغَيَّرَتْ رَائِحَتُهُ، وَكَذَلِكَ الماءُ؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ وَغَيْرُهُ: أَخذتْ فِيهِ الرِّيحُ وتَغَيَّر. وَفِي حَدِيثِ
قَتَادةَ: سُئِل عَنِ الْمَاءِ الَّذِي قَدْ أَروَحَ، أَيُتَوَضَّأُ مِنْهُ؟ فَقَالَ: لَا بأْس.
يُقَالُ: أَرْوَحَ الماءُ وأَراحَ إِذا تَغَيَّرَتْ رِيحُهُ؛ وأَراح اللحمُ أَي أَنْتَنَ. وأَرْوَحَنِي الضَّبُّ: وَجَدَ رِيحِي؛ وَكَذَلِكَ أَرْوَحَني الرجلُ. وَيُقَالُ: أَراحَني الصيدُ إِذا وجَدَ رِيحَ الإِنْسِيِّ. وَفِي التَّهْذِيبِ: أَرْوَحَنِي الصيدُ إِذا وَجَدَ ريحَك؛ وَفِيهِ: وأَرْوَحَ الصيدُ واسْتَرْوَحَ وَاسْتَرَاحَ إِذا وَجَدَ رِيحَ الإِنسان؛ قَالَ أَبو زَيْدٍ: أَرْوَحَنِي الصيدُ والضبُّ إِرْواحاً، وأَنْشاني إِنشاءً إِذا وَجَدَ ريحَك ونَشْوَتَك، وَكَذَلِكَ أَرْوَحْتُ مِنْ فُلَانٍ طِيباً، وأَنْشَيْتُ مِنْهُ نَشْوَةً. والاسْتِرْواحُ: التَّشَمُّمُ. الأَزهري: قَالَ أَبو زَيْدٍ سَمِعْتُ رَجُلًا مِنْ قَيْس وَآخَرَ مِنْ تَمِيمٍ يَقُولَانِ: قَعَدْنا فِي الظِّلِّ نَلْتَمِسُ الراحةَ؛ والرَّوِيحةُ وَالرَّاحَةُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وراحَ يَرَاحُ رَوْحاً: بَرَدَ وطابَ؛ وَقِيلَ: يومٌ رائحٌ وَلَيْلَةٌ رائحةٌ طيبةُ الرِّيحِ؛ يُقَالُ: رَاحَ يومُنا يَرَاحُ رَوْحاً إِذا طابَت رِيحهُ؛ وَيَوْمٌ رَيِّحٌ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
مَحَا طَلَلًا، بَيْنَ المُنِيفَةِ والنَّقا، ... صَباً راحةٌ، أَو ذُو حَبِيَّيْنِ رائحُ
وَقَالَ الْفَرَّاءُ: مكانٌ راحٌ ويومٌ راحٌ؛ يُقَالُ: افْتَحِ البابَ حَتَّى يَراحَ البيتُ أَي حَتَّى يَدْخُلَهُ الرِّيحُ؛ وَقَالَ:
كأَنَّ عَيْنِي، والفِراقُ مَحْذورْ، ... غُصْنٌ مِنَ الطَّرْفاءِ، راحٌ مَمْطُورْ
والرَّيْحانُ: كلُّ بَقْل طَيِّب الرِّيحِ، وَاحِدَتُهُ رَيْحانة؛ وَقَالَ:
بِرَيْحانةٍ مِنْ بَطْنِ حَلْيَةَ نَوَّرَتْ، ... لَهَا أَرَجٌ، مَا حَوْلها، غيرُ مُسْنِتِ
وَالْجَمْعُ رَياحين. وَقِيلَ: الرَّيْحانُ أَطراف كُلِّ بَقْلَةٍ طَيِّبَةِ الرِّيحِ إِذا خَرَجَ عَلَيْهَا أَوائلُ النَّوْر؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذا أُعْطِيَ أَحدُكم الرَّيْحانَ فَلَا يَرُدَّه
؛ هُوَ كُلُّ نَبْتٍ طَيِّبِ الرِّيحِ مِنْ أَنواع المَشْمُوم. والرَّيْحانة: الطَّاقةُ مِنَ الرَّيحان؛ الأَزهري: الرَّيْحَانُ اسْمٌ جَامِعٌ لِلرَّيَاحِينِ الطَّيِّبَةِ الرِّيحِ، والطاقةُ الواحدةُ: رَيْحانةٌ. أَبو عُبَيْدٍ: إِذا طَالَ النبتُ قِيلَ: قَدْ تَرَوَّحتِ البُقُول، فَهِيَ مُتَرَوِّحةٌ. وَالرَّيْحَانَةُ: اسْمٌ للحَنْوَة كالعَلَمِ. والرَّيْحانُ: الرِّزْقُ، عَلَى التَّشْبِيهِ بِمَا تَقَدَّمَ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ
أَي رَحْمَةٌ وَرِزْقٌ؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَاهُ فَاسْتِرَاحَةٌ وبَرْدٌ، هَذَا تَفْسِيرُ الرَّوْح دُونَ الرَّيْحَانِ؛ وَقَالَ الأَزهري فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: قَوْلُهُ فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ
، مَعْنَاهُ فَاسْتِرَاحَةٌ وَبَرْدٌ وَرَيْحَانٌ وَرِزْقٌ؛ قَالَ: وَجَائِزٌ أَن يَكُونَ رَيحانٌ هُنَا تحيَّة لأَهل الْجَنَّةِ، قَالَ: وأَجمع النَّحْوِيُّونَ أَن رَيْحاناً فِي اللُّغَةِ مِنْ ذَوَاتِ الْوَاوِ، والأَصل رَيْوَحانٌ «2» فَقُلِبَتِ الْوَاوُ يَاءً وأُدغمت فِيهَا الْيَاءُ الأُولى فَصَارَتِ الرَّيَّحان، ثُمَّ خُفِّفَ كَمَا قَالُوا: مَيِّتٌ ومَيْتٌ، وَلَا يَجُوزُ فِي الرَّيحان التَّشْدِيدُ إِلَّا عَلَى بُعْدٍ لأَنه قَدْ زيد
__________
(2).
قوله [والأَصل ريوحان] في المصباح، أصله ريوحان، بياء ساكنة ثم واو مفتوحة، ثم قال وقال جماعة: هُوَ مِنْ بَنَاتِ الْيَاءِ وهو وزان شيطان، وليس تغيير بدليل جمعه على رياحين مثل شيطان وشياطين.

(2/458)


فِيهِ أَلف وَنُونٌ فخُفِّف بِحَذْفِ الْيَاءِ وأُلزم التَّخْفِيفَ؛ وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَصل ذَلِكَ رَيْوَحان، قُلِبَتِ الْوَاوُ يَاءً لِمُجَاوَرَتِهَا الْيَاءَ، ثُمَّ أُدغمت ثُمَّ خُفِّفَتْ عَلَى حَدِّ مَيْتٍ، وَلَمْ يُسْتَعْمَلْ مشدَّداً لِمَكَانِ الزِّيَادَةِ كأَنَّ الزِّيَادَةَ عِوَضٌ مِنَ التَّشْدِيدِ فَعْلاناً عَلَى الْمُعَاقَبَةِ «1» لَا يَجِيءُ إِلا بَعْدَ اسْتِعْمَالِ الأَصل وَلَمْ يُسْمَعْ رَوْحان. التَّهْذِيبُ: وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ
؛ عَلَى قِرَاءَةِ مَنْ ضَمَّ الرَّاءَ، تَفْسِيرُهُ: فَحَيَاةٌ دَائِمَةٌ لَا مَوْتَ مَعَهَا، وَمَنْ قَالَ فَرَوْحٌ فَمَعْنَاهُ: فاستراحة، وأَما قوله: وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ
؛ فَمَعْنَاهُ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ، قَالَ: كَذَلِكَ قَالَ الْمُفَسِّرُونَ؛ قَالَ: وَقَدْ يَكُونُ الرَّوْح بِمَعْنَى الرَّحْمَةِ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: لَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ
أَي مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ؛ سَمَّاهَا رَوْحاً لأَن الرَّوْحَ والراحةَ بِهَا؛ قَالَ الأَزهري: وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ فِي عِيسَى: وَرُوحٌ مِنْهُ
أَي رَحْمَةٌ مِنْهُ، تَعَالَى ذِكْرُهُ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: سُبْحَانَ اللَّهِ ورَيْحانَه؛ قَالَ أَهل اللُّغَةِ: مَعْنَاهُ واسترزاقَه، وَهُوَ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ مِنَ الأَسماء الْمَوْضُوعَةِ مَوْضِعَ الْمَصَادِرِ، تَقُولُ: خَرَجْتُ أَبتغي رَيْحانَ اللَّهِ؛ قَالَ النَّمِرُ بنُ تَوْلَب:
سلامُ الإِله ورَيْحانُه، ... ورَحْمَتُه وسَماءٌ دِرَرْ
غَمَامٌ يُنَزِّلُ رِزْقَ العبادِ، ... فأَحْيا البلادَ، وطابَ الشَّجَرْ
قَالَ: وَمَعْنَى قَوْلِهِ وَرَيْحَانُهُ: وَرِزْقُهُ؛ قَالَ الأَزهري: قَالَهُ أَبو عُبَيْدَةَ وَغَيْرُهُ؛ قَالَ: وَقِيلَ الرَّيْحان هَاهُنَا هُوَ الرَّيْحانُ الَّذِي يُشَمّ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: سُبْحَانَ اللَّهِ ورَيْحانَه نَصَبُوهُمَا عَلَى الْمَصْدَرِ؛ يُرِيدُونَ تَنْزِيهًا لَهُ وَاسْتِرْزَاقًا. وَفِي الْحَدِيثِ:
الْوَلَدُ مِنْ رَيْحانِ اللَّهِ.
وَفِي الْحَدِيثِ:
إِنكم لتُبَخِّلُون «2» وتُجَهِّلُون وتُجَبِّنُونَ وإِنكم لَمِنْ رَيْحانِ اللَّهِ
؛ يَعْنِي الأَولادَ. وَالرَّيْحَانُ يُطْلَقُ عَلَى الرَّحْمَةِ وَالرِّزْقِ وَالرَّاحَةِ؛ وَبِالرِّزْقِ سُمِّيَ الْوَلَدُ رَيْحاناً. وَفِي الْحَدِيثِ:
قَالَ لِعَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أُوصيك بِرَيْحانَتَيَّ خَيْرًا قَبْلَ أَن يَنهَدَّ رُكناك؛ فَلَمَّا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: هَذَا أَحدُ الرُّكْنَيْنِ، فَلَمَّا مَاتَتْ فَاطِمَةُ قَالَ: هَذَا الرُّكْنُ الْآخَرُ
؛ وأَراد بِرَيْحَانَتَيْهِ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحانُ
؛ قِيلَ: هُوَ الوَرَقُ؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: ذُو الوَرَق والرِّزقُ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: العَصْفُ ساقُ الزرعِ والرَّيْحانُ ورَقهُ. وراحَ مِنْكَ مَعْرُوفًا وأَرْوَحَ، قَالَ: والرَّواحُ والراحةُ والمُرايَحةُ والرَّوِيحَةُ والرَّواحة: وِجْدَانُك الفَرْجَة بَعْدَ الكُرْبَة. والرَّوْحُ أَيضاً: السُّرُورُ والفَرَحُ، وَاسْتَعَارَهُ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، لِلْيَقِينِ فَقَالَ:
فباشِرُوا رَوْحَ الْيَقِينِ
؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنه أَراد الفَرْحة وَالسُّرُورَ اللَّذَيْنِ يَحْدُثان مِنَ الْيَقِينِ. التَّهْذِيبُ عَنِ الأَصمعي: الرَّوْحُ الِاسْتِرَاحَةُ مِنْ غَمِّ الْقَلْبِ؛ وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الرَّوْحُ الفَرَحُ، والرَّوْحُ؛ بَرْدُ نَسِيمِ الرِّيحِ. الأَصمعي: يُقَالُ فُلَانٌ يَراحُ لِلْمَعْرُوفِ إِذا أَخذته أَرْيَحِيَّة وخِفَّة. والرُّوحُ، بِالضَّمِّ، فِي كَلَامِ الْعَرَبِ: النَّفْخُ، سُمِّيَ رُوحاً لأَنه رِيحٌ يَخْرُجُ مِنَ الرُّوحِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ فِي نَارٍ اقْتَدَحَها وأَمر صَاحِبَهُ بِالنَّفْخِ فِيهَا، فَقَالَ:
__________
(1).
قوله [فعلاناً على المعاقبة إلخ] كذا بالأَصل وفيه سقط ولعل التقدير وكون أصله روحاناً لا يصح لأن فعلاناً إلخ أَو نحو ذلك.
(2).
قوله [إنكم لتبخلون إلخ] معناه أن الولد يوقع أباه في الجبن خوفاً من أن يقتل، فيضيع ولده بعده، وفي البخل إبقاء على ماله، وفي الجهل شغلًا به عن طلب العلم. والواو في وإنكم للحال، كأنه قال: مع أنكم من ريحان الله أي من رزق الله تعالى. كذا بهامش النهاية.

(2/459)


فقلتُ لَهُ: ارْفَعْها إِليك، وأَحْيِها ... برُوحكَ، واجْعَله لَهَا قِيتَةً قَدْرا
أَي أَحيها بِنَفْخِكَ وَاجْعَلْهُ لَهَا؛ الْهَاءُ للرُّوحِ، لأَنه مُذَكَّرٌ فِي قَوْلِهِ: وَاجْعَلْهُ، وَالْهَاءُ الَّتِي فِي لَهَا لِلنَّارِ، لأَنها مُؤَنَّثَةٌ. الأَزهري عَنِ ابْنِ الأَعرابي قَالَ: يُقَالُ خَرَجَ رُوحُه، والرُّوحُ مُذَكَّرٌ. والأَرْيَحِيُّ: الرَّجُلُ الْوَاسِعُ الخُلُق النَّشِيطُ إِلى الْمَعْرُوفِ يَرْتاح لِمَا طَلَبْتَ ويَراحُ قَلْبُه سُرُورًا. والأَرْيَحِيُّ: الَّذِي يَرْتاح للنَّدى. وَقَالَ اللَّيْثُ: يُقَالُ لِكُلِّ شَيْءٍ وَاسِعٍ أَرْيَحُ؛ وأَنشد:
ومَحْمِل أَرْيَح جَحاحِي
قَالَ: وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ وَمَحْمِلٌ أَرْوَح، وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَ قَدْ ذمَّه لأَن الرَّوَحَ الِانْبِطَاحُ، وَهُوَ عَيْبٌ فِي المَحْمِلِ. قَالَ: والأَرْيَحِيُّ مأْخوذ مِنْ راحَ يَرَاحُ، كَمَا يُقَالُ للصَّلْتِ المُنْصَلِتِ: أَصْلَتِيٌّ، وللمُجْتَنِبِ: أَجْنَبِيٌّ، وَالْعَرَبُ تَحْمِلُ كَثِيرًا مِنَ النَّعْتِ عَلَى أَفْعَلِيّ فَيَصِيرُ كأَنه نِسْبَةٌ. قَالَ الأَزهري: وَكَلَامُ الْعَرَبِ تَقُولُ رَجُلٌ أَجْنَبُ وجانِبٌ وجُنُبٌ، وَلَا تَكَادُ تَقُولُ أَجْنَبِيٌّ. وَرَجُلٌ أَرْيَحِيٌّ: مُهْتَزٌّ للنَّدى وَالْمَعْرُوفِ وَالْعَطِيَّةِ واسِعُ الخُلُق، وَالِاسْمُ الأَرْيَحِيَّة والتَّرَيُّح؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَن التَّرَيُّح مَصْدَرُ تَريَّحَ، وَسَنَذْكُرُهُ؛ وَفِي شِعْرِ النَّابِغَةِ الْجَعْدِيِّ يَمْدَحُ ابْنَ الزُّبَيْرِ:
حَكَيْتَ لَنَا الصِّدِّيقَ لَمَّا وَلِيتَنا، ... وعُثمانَ والفارُوقَ، فارْتاحَ مُعْدِمُ
أَي سَمَحَت نفسُ المُعْدِم وسَهُلَ عَلَيْهِ البَذل. يُقَالُ: رِحْتُ لِلْمَعْرُوفِ أَراحُ رَيْحاً وارْتَحْتُ أَرْتاحُ ارْتِياحاً إِذا مِلْتَ إِليه وأَحببته؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: أَرْيَحِيٌّ إِذا كَانَ سَخِيًّا يَرْتاحُ للنَّدَى. وراحَ لِذَلِكَ الأَمر يَراحُ رَواحاً ورُؤُوحاً، وَرَاحًا وَرَاحَةً وأَرْيَحِيَّةً ورِياحةً: أَشْرَق لَهُ وفَرِحَ بِهِ وأَخَذَتْه لَهُ خِفَّةٌ وأَرْيَحِيَّةٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
إِنَّ البخيلَ إِذا سأَلْتَ بَهَرْتَه، ... وتَرَى الكريمَ يَراحُ كالمُخْتالِ
وَقَدْ يُستعارُ لِلْكِلَابِ وَغَيْرِهَا؛ أَنشد اللِّحْيَانِيُّ:
خُوصٌ تَراحُ إِلى الصِّياحِ إِذا غَدَتْ ... فِعْلَ الضِّراءِ، تَراحُ للكَلَّابِ
وَيُقَالُ: أَخذته الأَرْيَحِيَّة إِذا ارْتَاحَ للنَّدَى. وراحتْ يَدُه بِكَذَا أَي خَفَّتْ لَهُ. وَرَاحَتْ يَدُهُ بِالسَّيْفِ أَي خَفَّتْ إِلى الضَّرْبِ بِهِ؛ قَالَ أُمَيَّةُ بنُ أَبي عائذ الْهُذَلِيُّ يَصِفُ صَائِدًا:
تَراحُ يَداه بِمَحْشُورة، ... خَواظِي القِداحِ، عِجافِ النِّصال
أَراد بِالْمَحْشُورَةِ نَبْلَا، للُطْفِ قَدِّها لأَنه أَسرع لَهَا فِي الرَّمْيِ عَنِ الْقَوْسِ. وَالْخَوَاظِي: الْغِلَاظُ الْقِصَارُ. وأَراد بِقَوْلِهِ عِجَافِ النِّصَالِ: أَنها أُرِقَّتْ. اللَّيْثُ: راحَ الإِنسانُ إِلى الشَّيْءِ يَراحُ إِذا نَشِطَ وسُرَّ بِهِ، وَكَذَلِكَ ارتاحَ؛ وأَنشد:
وزعمتَ أَنَّك لَا تَراحُ إِلى النِّسا، ... وسَمِعْتَ قِيلَ الكاشِحِ المُتَرَدِّدِ
والرِّياحَة: أَن يَراحَ الإِنسانُ إِلى الشَّيْءِ فيَسْتَرْوِحَ ويَنْشَطَ إِليه. وَالِارْتِيَاحُ: النَّشَاطُ. وارْتاحَ للأَمر: كراحَ؛ وَنَزَلَتْ بِهِ بَلِيَّةٌ فارْتاحَ اللهُ لَهُ برَحْمَة فأَنقذه مِنْهَا؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
فارْتاحَ رَبي، وأَرادَ رَحْمَتي، ... ونِعْمَةً أَتَمَّها فتَمَّتِ
أَراد: فَارْتَاحَ نَظَرَ إِليَّ وَرَحِمَنِي. قَالَ الأَزهري: قَوْلُ

(2/460)


رُؤْبَةَ فِي فِعْلِ الْخَالِقِ قَالَهُ بأَعرابيته، قَالَ: وَنَحْنُ نَسْتَوْحِشُ مِنْ مِثْلِ هَذَا اللَّفْظِ لأَن اللَّهَ تَعَالَى إِنما يُوصَفُ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ، وَلَوْلَا أَن اللَّهَ، تَعَالَى ذِكْرُهُ، هَدَانَا بِفَضْلِهِ لِتَمْجِيدِهِ وَحَمْدِهِ بِصِفَاتِهِ الَّتِي أَنزلها فِي كِتَابِهِ، مَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَهَا أَو نَجْتَرِئَ عَلَيْهَا؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فأَما الْفَارِسِيُّ فَجَعَلَ هَذَا الْبَيْتَ مِنْ جَفَاءِ الأَعراب، كَمَا قَالَ:
لَا هُمَّ إِن كنتَ الَّذِي كعَهْدِي، ... وَلَمْ تُغَيِّرْكَ السِّنُونَ بَعْدِي
وَكَمَا قَالَ سالمُ بنُ دارَةَ:
يَا فَقْعَسِيُّ، لِمْ أَكَلْتَه لِمَهْ؟ ... لَوْ خافَكَ اللهُ عَلَيْهِ حَرَّمَهْ،
فَمَا أَكلتَ لَحْمَه وَلَا دَمَهْ
والرَّاحُ: الخمرُ، اسْمٌ لَهَا. والراحُ: جَمْعُ رَاحَةٍ، وَهِيَ الكَفُّ. وَالرَّاحُ: الارْتِياحُ؛ قال الجُمَيحُ ابنُ الطَّمَّاح الأَسَدِيُّ:
ولَقِيتُ مَا لَقِيَتْ مَعَدٌّ كلُّها، ... وفَقَدْتُ راحِي فِي الشَّبابِ وَخَالِي
والخالُ: الِاخْتِيَالُ والخُيَلاءُ، فَقَوْلُهُ: وَخَالِي أَي وَاخْتِيَالِي. والراحةُ: ضِدُّ التَّعَبِ. واسْتراحَ الرجلُ، مِنَ الرَّاحَةِ. والرَّواحُ وَالرَّاحَةُ مِن الِاسْتِرَاحَةِ. وأَراحَ الرَّجُلُ وَالْبَعِيرُ وَغَيْرُهُمَا، وَقَدْ أَراحَني، ورَوَّح عَنِّي فَاسْتَرَحْتُ؛ وَيُقَالُ: مَا لِفُلَانٍ فِي هَذَا الأَمر مِنْ رَواح أَي مِنْ رَاحَةٍ؛ وَوَجَدْتُ لِذَلِكَ الأَمر رَاحَةً أَي خِفَّةً؛ وأَصبح بَعِيرُكَ مُرِيحاً أَي مُفِيقاً؛ وأَنشد ابْنُ السِّكِّيتِ:
أَراحَ بَعْدَ النَّفَسِ المَحْفُوزِ، ... إِراحةَ الجِدَايةِ النَّفُوزِ
اللَّيْثُ: الرَّاحَةُ وِجْدانُك رَوْحاً بَعْدَ مَشَقَّةٍ، تَقُولُ: أَرِحْني إِراحةً فأَسْتَريحَ؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: أَراحهُ إِراحةً وَرَاحَةً، فالإِراحةُ المصدرُ، والراحةُ الِاسْمُ، كَقَوْلِكَ أَطعته إِطاعة وَطَاعَةً وأَعَرْتُه إِعَارَةً وعارَةً. وَفِي الْحَدِيثِ:
قَالَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِمُؤَذِّنِهِ بِلَالٍ: أَرِحْنا بِهَا
أَي أَذّن لِلصَّلَاةِ فنَسْتَريحَ بأَدائها مِنَ اشْتِغَالِ قُلُوبِنَا بِهَا؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقِيلَ كَانَ اشْتِغَالُهُ بِالصَّلَاةِ رَاحَةً لَهُ، فإِنه كَانَ يَعُدُّ غَيْرَهَا مِنَ الأَعمال الدُّنْيَوِيَّةِ تَعَبًا، فَكَانَ يَسْتَرِيحُ بِالصَّلَاةِ لِمَا فِيهَا مِنْ مُنَاجَاةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلِهَذَا قَالَ:
وقُرَّة عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ
، قَالَ: وَمَا أَقرب الرَّاحَةَ مِنْ قُرَّة الْعَيْنِ. يُقَالُ: أَراحَ الرجلُ واسْتراحَ إِذا رَجَعَتْ إِليه نَفْسُهُ بَعْدَ الإِعياء؛ قَالَ: وَمِنْهُ حَدِيثُ
أُمِّ أَيْمَنَ أَنها عَطِشَتْ مُهاجِرَةً فِي يَوْمٍ شَدِيدِ الْحَرِّ فَدُلِّيَ إِليها دَلْوٌ مِنَ السَّمَاءِ فَشَرِبَتْ حَتَّى أَراحتْ.
وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: أَراحَ الرجلُ اسْتراحَ وَرَجَعَتْ إِليه نَفْسُهُ بَعْدَ الإِعياء، وَكَذَلِكَ الدَّابَّةُ؛ وأَنشد:
تُرِيحُ بَعْدَ النَّفَسِ المَحْفُوزِ
أَي تَسترِيحُ. وأَراحَ: دَخَلَ فِي الرِّيح. وأَراحَ إِذا وَجَدَ نَسِيمَ الرِّيحِ. وأَراحَ إِذا دَخَلَ فِي الرَّواحِ. وأَراحَ إِذا نَزَلَ عَنْ بَعِيرِهِ لِيُرِيحه وَيُخَفِّفَ عَنْهُ. وأَراحه اللَّهُ فاستَراحَ، وأَراحَ تَنَفَّسَ؛ وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ يَصِفُ فَرَسًا بسَعَةِ المَنْخَرَيْنِ:
لَهَا مَنْخَرٌ كوِجارِ السِّباع، ... فَمِنْهُ تُريحُ إِذا تَنْبَهِرْ
وأَراحَ الرجلُ: ماتَ، كأَنه استراحَ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ: أَراحَ بَعْدَ الغَمِّ والتَّغَمْغُمِ «3» وَفِي حَدِيثِ
الأَسود بْنِ يَزِيدَ: إِن الْجَمَلَ الأَحمر لَيُرِيحُ فِيهِ مِنَ الْحَرِّ
؛ الإِراحةُ هاهنا: الموتُ
__________
(3).
قوله [والتغمغم] في الصحاح ومثله بهامش الأَصل والتغمم.

(2/461)


وَالْهَلَاكُ، وَيُرْوَى بِالنُّونِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. والتَّرْوِيحةُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ: سمِّيت بِذَلِكَ لِاسْتِرَاحَةِ الْقَوْمِ بَعْدَ كُلِّ أَربع رَكَعَاتٍ؛ وَفِي الْحَدِيثِ: صَلَاةُ التَّرَاوِيحِ؛ لأَنهم كَانُوا يَسْتَرِيحُونَ بَيْنَ كُلِّ تَسْلِيمَتَيْنِ. وَالتَّرَاوِيحُ: جَمْعُ تَرْوِيحة، وَهِيَ الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ مِنَ الرَّاحَةِ، تَفْعِيلة مِنْهَا، مِثْلُ تَسْلِيمَةٍ مِنَ السَّلام. والراحةُ: العِرْس لأَنها يُسْتراح إِليها. وراحةُ الْبَيْتِ: ساحتُه. وراحةُ الثَّوْبِ: طَيُّه. ابْنُ شُمَيْلٍ: الرَّاحَةُ مِنَ الأَرض: المستويةُ، فِيهَا ظُهورٌ واسْتواء تُنْبِتُ كَثِيرًا، جَلَدٌ مِنَ الأَرض، وَفِي أَماكن مِنْهَا سُهُولٌ وجَراثيم، وَلَيْسَتْ مِنَ السَّيْل فِي شَيْءٍ وَلَا الْوَادِي، وَجَمْعُهَا الرَّاحُ، كَثِيرَةُ النَّبْتِ. أَبو عُبَيْدٍ: يُقَالُ أَتانا فُلَانٌ وَمَا فِي وَجْهِهِ رائحةُ دَمٍ مِنَ الفَرَقِ، وَمَا فِي وَجْهِهِ رائحةُ دَمٍ أَي شَيْءٌ. وَالْمَطَرُ يَسْتَرْوِحُ الشجرَ أَي يُحْييه؛ قَالَ:
يَسْتَرْوِحُ العِلمُ مَنْ أَمْسَى لَهُ بَصَرٌ ... وَكَانَ حَيّاً كَمَا يَسْتَرْوِحُ المَطَرُ
والرَّوْحُ: الرَّحْمَةُ؛ وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ
أَبي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: الريحُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ تأْتي بِالرَّحْمَةِ وتأْتي بالعذاب، فإِذا رأَيتموها فَلَا تَسُبُّوها واسأَلوا مِنْ خيرها، واستعذوا بِاللَّهِ مِنْ شرِّها
؛ وَقَوْلُهُ: مِنْ رَوْحِ اللَّهِ أَي مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ، وَهِيَ رَحْمَةٌ لِقَوْمٍ وإِن كَانَ فِيهَا عَذَابٌ لِآخَرِينَ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ
؛ أَي مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ، وَالْجَمْعُ أَرواحٌ. والرُّوحُ: النَّفْسُ، يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ، وَالْجَمْعُ الأَرواح. التَّهْذِيبُ: قَالَ أَبو بَكْرٍ بنُ الأَنْباريِّ: الرُّوحُ والنَّفْسُ وَاحِدٌ، غَيْرَ أَن الرُّوحَ مُذَكَّرٌ وَالنَّفْسَ مُؤَنَّثَةٌ عِنْدَ الْعَرَبِ. وَفِي التنزيل: وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي
؛ وتأْويلُ الرُّوحِ أَنه مَا بِهِ حياةُ النفْس.
وَرَوَى الأَزهري بِسَنَدِهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ
؛ قَالَ: إِن الرُّوح قَدْ نَزَلَ فِي الْقُرْآنِ بِمَنَازِلَ، وَلَكِنْ قُولُوا كَمَا قَالَ اللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ: قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا.
وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَن الْيَهُودَ سأَلوه عَنِ الرُّوحِ فأَنزل اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.
وَرُوِيَ عَنِ الْفَرَّاءِ أَنه قَالَ فِي قَوْلِهِ: قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي
؛ قَالَ: مِنْ عِلم رَبِّي أَي أَنكم لَا تَعْلَمُونَهُ؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: والرُّوح هُوَ الَّذِي يَعِيشُ بِهِ الإِنسان، لَمْ يُخْبِرِ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ أَحداً مِنْ خَلْقِهِ وَلَمْ يُعْطِ عِلْمَه الْعِبَادَ. قَالَ: وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي*
؛ فَهَذَا الَّذِي نَفَخَه فِي آدَمَ وَفِينَا لَمْ يُعْطِ عِلْمَهُ أَحداً مِنْ عِبَادِهِ؛ قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبا الْهَيْثَمِ يَقُولُ: الرُّوحُ إِنما هُوَ النَّفَسُ الَّذِي يَتَنَفَّسُهُ الإِنسان، وَهُوَ جارٍ فِي جَمِيعِ الْجَسَدِ، فإِذا خَرَجَ لَمْ يَتَنَفَّسْ بَعْدَ خُرُوجِهِ، فإِذا تَتامَّ خروجُه بَقِيَ بَصَرُهُ شَاخِصًا نَحْوَهُ، حَتَّى يُغَمَّضَ، وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ [جَانَ] قَالَ: وَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي قِصَّةِ مَرْيَمَ، عَلَيْهَا السَّلَامُ: فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا
؛ قَالَ: أَضافَ الروحَ المُرْسَلَ إِلى مَرْيَمَ إِلى نَفْسه كَمَا تَقُولُ: أَرضُ اللَّهِ وَسَمَاؤُهُ، قَالَ: وَهَكَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى لِلْمَلَائِكَةِ: فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي*
؛ وَمِثْلُهُ: وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ
؛ والرُّوحُ فِي هَذَا كُلِّهِ خَلْق مِنْ خَلْق اللَّهِ لَمْ يُعْطِ عِلْمَهُ أَحداً؛ وَقَوْلُهُ تَعَالَى: يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ أَن الرُّوح الوَحْيُ أَو أَمْرُ النُّبُوَّةِ؛ ويُسَمَّى القرآنُ رُوحًا. ابْنُ الأَعرابي: الرُّوحُ الفَرَحُ. والرُّوحُ: الْقُرْآنُ. والرُّوح: الأَمرُ. والرُّوح: النَّفْسُ. قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ «1»:
__________
(1).
قَوْلَهُ [قال أبو العباس] هكذا في الأَصل.

(2/462)


وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ ويُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ
؛ قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: هَذَا كُلُّهُ مَعْنَاهُ الوَحْيُ، سمِّي رُوحاً لأَنه حَيَاةٌ مِنْ مَوْتِ الْكُفْرِ، فَصَارَ بِحَيَاتِهِ لِلنَّاسِ كالرُّوح الَّذِي يَحْيَا بِهِ جسدُ الإِنسان؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ الرُّوح فِي الْحَدِيثِ كَمَا تكرَّر فِي الْقُرْآنِ وَوَرَدَتْ فِيهِ عَلَى مَعَانٍ، وَالْغَالِبُ مِنْهَا أَن الْمُرَادَ بالرُّوح الَّذِي يَقُومُ بِهِ الجسدُ وَتَكُونُ بِهِ الْحَيَاةُ، وَقَدْ أُطلق عَلَى الْقُرْآنِ وَالْوَحْيِ وَالرَّحْمَةِ، وَعَلَى جِبْرِيلَ فِي قَوْلِهِ: الرُّوحُ الْأَمِينُ
؛ قَالَ: ورُوحُ القُدُس يذكَّر وَيُؤَنَّثُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
تَحابُّوا بِذِكْرِ اللَّهِ ورُوحِه
؛ أَراد مَا يَحْيَا بِهِ الْخَلْقُ وَيَهْتَدُونَ فَيَكُونُ حَيَاةً لَكُمْ، وَقِيلَ: أَراد أَمر النبوَّة، وَقِيلَ: هُوَ الْقُرْآنُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: الرُّوحُ خَلْقٌ كالإِنْسِ وَلَيْسَ هُوَ بالإِنس،
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ ملَك فِي السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، وَجْهُهُ عَلَى صُورَةِ الإِنسان وَجَسَدُهُ عَلَى صُورَةِ الْمَلَائِكَةِ
؛ وَجَاءَ فِي التَّفْسِيرِ: أَن الرُّوحَ هَاهُنَا جِبْرِيلُ؛ ورُوحُ اللَّهِ: حكمُه وأَمره. والرُّوحُ: جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ.
وَرَوَى الأَزهري عَنْ أَبي الْعَبَّاسِ أَحمد بْنِ يَحْيَى أَنه قَالَ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا
؛ قَالَ: هُوَ مَا نَزَلَ بِهِ جِبْرِيلُ مِنَ الدِّين فَصَارَ تَحْيَا بِهِ النَّاسُ
أَي يَعِيشُ بِهِ النَّاسُ؛ قَالَ: وكلُّ مَا كَانَ فِي الْقُرْآنِ فَعَلْنا، فَهُوَ أَمره بأَعوانه، أَمر جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَمَلَائِكَتِهِ، وَمَا كَانَ فَعَلْتُ، فَهُوَ مَا تَفَرَّد بِهِ؛ وأَما قَوْلُهُ: وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ*
، فَهُوَ جِبْرِيلُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ. والرُّوحُ: عِيسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ. والرُّوحُ: حَفَظَةٌ عَلَى الْمَلَائِكَةِ الحفظةِ عَلَى بَنِي آدَمَ، وَيُرْوَى أَن وُجُوهَهُمْ مِثْلُ وُجُوهِ الإِنس. وَقَوْلُهُ: تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ
؛ يَعْنِي أُولئك. والرُّوحانيُّ مِنَ الخَلْقِ: نحوُ الْمَلَائِكَةِ مِمَّنْ خَلَقَ اللهُ رُوحاً بِغَيْرِ جَسَدٍ، وَهُوَ مِنْ نَادِرِ مَعْدُولِ النَّسَبِ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: حَكَى أَبو عُبَيْدَةَ أَن الْعَرَبَ تَقُولُهُ لِكُلِّ شَيْءٍ كَانَ فِيهِ رُوحٌ مِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْجِنِّ؛ وَزَعَمَ أَبو الْخَطَّابِ أَنه سَمِعَ مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ فِي النِّسْبَةِ إِلى الْمَلَائِكَةِ وَالْجِنِّ رُوحانيٌّ، بِضَمِّ الرَّاءِ، وَالْجَمْعُ روحانِيُّون. التَّهْذِيبُ: وأَما الرُّوحاني مِنَ الْخَلْقِ فإِنَ
أَبا دَاوُدَ المَصاحِفِيَّ رَوَى عَنِ النَّضْر فِي كِتَابِ الْحُرُوفِ المُفَسَّرةِ مِنْ غَرِيبِ الْحَدِيثِ أَنه قَالَ: حَدَّثَنَا عَوْفٌ الأَعرابي عَنْ وَرْدانَ بْنِ خَالِدٍ قَالَ: بَلَغَنِي أَن الْمَلَائِكَةَ مِنْهُمْ رُوحانِيُّون، وَمِنْهُمْ مَن خُلِقَ مِنَ النُّورِ، قَالَ: وَمِنَ الرُّوحانيين جِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ وإِسرافيل، عَلَيْهِمُ السَّلَامُ
؛ قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: والرُّوحانيون أَرواح لَيْسَتْ لَهَا أَجسام، هَكَذَا يُقَالُ؛ قَالَ: وَلَا يُقَالُ لِشَيْءٍ مِنَ الْخَلْقِ رُوحانيٌّ إِلا للأَرواح الَّتِي لَا أَجساد لَهَا مِثْلَ الْمَلَائِكَةِ وَالْجِنِّ وَمَا أَشبههما، وأَما ذَوَاتُ الأَجسام فَلَا يُقَالُ لَهُمْ رُوحانيون؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا الْقَوْلُ فِي الرُّوحانيين هُوَ الصَّحِيحُ الْمُعْتَمَدُ لَا مَا قَالَهُ ابْنُ المُظَفَّر أَنَّ الرُّوحانيّ الَّذِي نُفِخَ فِيهِ الرُّوح. وَفِي الْحَدِيثِ:
الْمَلَائِكَةُ الرُّوحانِيُّونَ
، يُرْوَى بِضَمِّ الرَّاءِ وَفَتْحِهَا، كَأَنه نُسِبَ إِلى الرُّوح أَو الرَّوْح، وَهُوَ نَسِيمُ الرِّيحِ، والأَلف وَالنُّونُ مِنْ زِيَادَاتِ النَّسَبِ، وَيُرِيدُ بِهِ أَنهم أَجسام لَطِيفَةٌ لَا يُدْرِكُهَا الْبَصَرُ. وَفِي حَدِيثِ
ضِمامٍ: إِني أُعالج مِنْ هَذِهِ الأَرواح
؛ الأَرواح هَاهُنَا: كِنَايَةٌ عَنِ الْجِنِّ سمُّوا أَرواحاً لِكَوْنِهِمْ لَا يُرَوْنَ، فَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الأَرواح. وَمَكَانٌ رَوْحانيٌّ، بِالْفَتْحِ، أَي طَيِّب. التَّهْذِيبُ: قَالَ شَمرٌ: والرِّيحُ عِنْدَهُمْ قَرِيبَةٌ مِنَ الرُّوح كَمَا قَالُوا: تِيهٌ وتُوهٌ؛ قَالَ أَبو الدُّقَيْش: عَمَدَ مِنَّا رَجُلٌ إِلى قِرْبَةٍ فملأَها مِنَ

(2/463)


رُوحِه أَي مِنْ رِيحِه ونَفَسِه. والرَّواحُ: نقيضُ الصَّباح، وَهُوَ اسْمٌ لِلْوَقْتِ، وَقِيلَ: الرَّواحُ العَشِيُّ، وَقِيلَ: الرَّواحُ مِنْ لَدُن زَوَالِ الشَّمْسِ إِلى اللَّيْلِ. يُقَالُ: رَاحُوا يَفْعَلُونَ كَذَا وَكَذَا ورُحْنا رَواحاً؛ يَعْنِي السَّيْرَ بالعَشِيِّ؛ وَسَارَ الْقَوْمُ رَواحاً وراحَ القومُ، كَذَلِكَ. وتَرَوَّحْنا: سِرْنا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَو عَمِلْنا؛ وأَنشد ثَعْلَبٌ:
وأَنتَ الَّذِي خَبَّرْتَ أَنك راحلٌ، ... غَداةَ غَدٍ، أَو رائحٌ بهَجِيرِ
وَالرَّوَاحُ: قَدْ يَكُونُ مَصْدَرَ قَوْلِكَ راحَ يَرُوحُ رَواحاً، وَهُوَ نَقِيضُ قَوْلِكَ غَدَا يَغْدُو غُدُوًّا. وَتَقُولُ: خَرَجُوا بِرَواحٍ مِنَ العَشِيِّ ورِياحٍ، بِمَعْنًى. وَرَجُلٌ رائحٌ مِنْ قَوْمٍ رَوَحٍ اسْمٌ للجمع، ورَؤُوحٌ مِن قَوْمٍ رُوحٍ، وَكَذَلِكَ الطَّيْرُ. وَطَيْرٌ رَوَحٌ: مُتَفَرِّقَةٌ؛ قَالَ الأَعشى:
مَا تَعِيفُ اليومَ فِي الطيرِ الرَّوَحْ، ... مِنْ غُرابِ البَيْنِ، أَو تَيْسٍ سَنَحْ
وَيُرْوَى: الرُّوُحُ؛ وَقِيلَ: الرَّوَحُ فِي هَذَا الْبَيْتِ: الْمُتَفَرِّقَةُ، وَلَيْسَ بِقَوِيٍّ، إِنما هِيَ الرَّائِحَةُ إِلى مَوَاضِعِهَا، فَجُمِعَ الرَّائِحِ عَلَى رَوَحٍ مِثْلُ خَادِمٍ وخَدَمٍ؛ التَّهْذِيبُ: فِي هَذَا الْبَيْتِ قِيلَ: أَراد الرَّوَحةَ مِثْلَ الكَفَرَة والفَجَرة، فَطَرَحَ الْهَاءَ. قَالَ: والرَّوَحُ فِي هَذَا الْبَيْتِ الْمُتَفَرِّقَةُ. وَرَجُلٌ رَوَّاحٌ بالعشي، عن اللحياني: كَرَؤُوح، وَالْجَمْعُ رَوَّاحُون، وَلَا يُكَسَّر. وَخَرَجُوا بِرِياحٍ مِنَ الْعَشِيِّ، بِكَسْرِ الراءِ، ورَواحٍ وأَرْواح أَي بأَول. وعَشِيَّةٌ: راحةٌ؛ وَقَوْلُهُ:
وَلَقَدْ رأَيتك بالقَوادِمِ نَظْرَةً، ... وعليَّ، مِنْ سَدَفِ العَشِيِّ، رِياحُ
بِكَسْرِ الرَّاءِ، فَسَّرَهُ ثَعْلَبٌ فَقَالَ: مَعْنَاهُ وَقْتٌ. وَقَالُوا: قومُك رائحٌ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ حَكَاهُ عَنِ الْكِسَائِيِّ قَالَ: وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا فِي الْمَعْرِفَةِ؛ يَعْنِي أَنه لَا يُقَالُ قَوْمٌ رائحٌ. وراحَ فلانٌ يَرُوحُ رَواحاً: مِنْ ذَهَابِهِ أَو سَيْرِهِ بِالْعَشِيِّ. قَالَ الأَزهري: وَسَمِعْتُ الْعَرَبَ تَسْتَعْمِلُ الرَّواحَ فِي السَّيْرِ كلَّ وَقْتٍ، تَقُولُ: راحَ القومُ إِذا سَارُوا وغَدَوْا، وَيَقُولُ أَحدهم لِصَاحِبِهِ: تَرَوَّحْ، وَيُخَاطِبُ أَصحابه فَيَقُولُ: تَرَوَّحُوا أَي سِيرُوا، وَيَقُولُ: أَلا تُرَوِّحُونَ؟ وَنَحْوُ ذَلِكَ مَا جَاءَ فِي الأَخبار الصَّحِيحَةِ الثَّابِتَةِ، وَهُوَ بِمَعْنَى المُضِيِّ إِلى الْجُمُعَةِ والخِفَّةِ إِليها، لَا بِمَعْنَى الرَّواح بِالْعَشِيِّ. فِي الْحَدِيثِ:
مَنْ راحَ إِلى الْجُمُعَةِ فِي السَّاعَةِ الأُولى
أَي مَنْ مَشَى إِليها وَذَهَبَ إِلى الصَّلَاةِ وَلَمْ يُرِدْ رَواحَ آخِرِ النَّهَارِ. وَيُقَالُ: راحَ القومُ وتَرَوَّحُوا إِذا سَارُوا أَيَّ وَقْتٍ كَانَ. وَقِيلَ: أَصل الرَّواح أَن يَكُونَ بَعْدَ الزَّوَالِ، فَلَا تَكُونُ السَّاعَاتُ الَّتِي عدَّدها فِي الْحَدِيثِ إِلَّا فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَهِيَ بَعْدَ الزَّوَالِ كَقَوْلِكَ: قَعَدْتُ عِنْدَكَ سَاعَةً إِنما تُرِيدُ جُزْءًا من الزمان، وإِن لَمْ يَكُنْ سَاعَةً حَقِيقَةً الَّتِي هِيَ جُزْءٌ مِنْ أَربعة وَعِشْرِينَ جُزْءًا مَجْمُوعُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وإِذا قَالَتِ الْعَرَبُ: رَاحَتِ الإِبل تَرُوحُ وتَراحُ رَائِحَةً، فَرواحُها هَاهُنَا أَن تأْوِيَ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ إِلى مُراحِها الَّذِي تَبِيتُ فِيهِ. ابْنُ سِيدَهْ: والإِراحةُ رَدُّ الإِبل وَالْغَنَمِ مِنَ العَشِيِّ إِلى مُرَاحها حَيْثُ تأْوي إِليه لَيْلًا، وَقَدْ أَراحها رَاعِيهَا يُرِيحُها. وَفِي لُغَةٍ: هَراحَها يُهْرِيحُها. وَفِي حَدِيثِ
عُثْمَانَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: رَوَّحْتُها بِالْعَشِيِّ
أَي رَدَدْتُها إِلى المُراحِ. وسَرَحَتِ الْمَاشِيَةُ بِالْغَدَاةِ وراحتْ بالعَشِيِّ أَي رَجَعَتْ. وَتَقُولُ: افْعَلْ ذَلِكَ فِي سَراحٍ ورَواحٍ أَي فِي يُسرٍ بِسُهُولَةٍ؛ والمُراحُ: مأْواها

(2/464)


ذَلِكَ الأَوانَ، وَقَدْ غَلَبَ عَلَى مَوْضِعِ الإِبل. والمُراحُ، بِالضَّمِّ: حَيْثُ تأْوي إِليه الإِبل وَالْغَنَمُ بِاللَّيْلِ. وَقَوْلُهُمْ: مَا لَهُ سارِحةٌ وَلَا رائحةٌ أَي شَيْءٌ؛ وراحتِ الإِبلُ وأَرَحْتُها أَنا إِذا رددتُها إِلى المُراحِ؛ وَفِي حَدِيثِ سَرِقَة الْغَنَمِ:
لَيْسَ فِيهِ قَطْعٌ حَتَّى يُؤْوِيَهُ المُراح
؛ المُراحُ، بِالضَّمِّ: الْمَوْضِعُ الَّذِي تَرُوحُ إِليه الْمَاشِيَةُ أَي تأْوي إِليه لَيْلًا، وأَما بِالْفَتْحِ، فَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي يَرُوحُ إِليه الْقَوْمُ أَو يَروحُونَ مِنْهُ، كالمَغْدَى الْمَوْضِعُ الَّذِي يُغْدَى مِنْهُ. وَفِي حَدِيثِ
أُمِّ زَرْعٍ: وأَراحَ عَلَيَّ نَعَماً ثَرِيّاً
أَي أَعطاني، لأَنها كَانَتْ هِيَ مُراحاً لِنَعَمِه، وَفِي حَدِيثِهَا أَيضاً:
وأَعطاني مِنْ كُلِّ رَائِحَةٍ زَوْجاً
أَي مِمَّا يَرُوحُ عَلَيْهِ مِنْ أَصناف الْمَالِ أَعطاني نَصِيبًا وصِنْفاً، وَيُرْوَى: ذابِحةٍ، بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَالْبَاءِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي طَلْحَةَ: ذَاكَ مالٌ رائحٌ
أَي يَرُوحُ عَلَيْكَ نَفْعُه وثوابُه يَعْنِي قُرْبَ وُصوله إِليه، وَيُرْوَى بِالْبَاءِ وَقَدْ تَقَدَّمَ. والمَراحُ، بِالْفَتْحِ: الْمَوْضِعُ الَّذِي يَرُوحُ مِنْهُ الْقَوْمُ أَو يَرُوحُون إِليه كالمَغْدَى مِنَ الغَداةِ؛ تَقُولُ: مَا تَرَكَ فلانٌ مِنْ أَبيه مَغدًى وَلَا مَراحاً إِذا أَشبهه فِي أَحوالِه كُلِّهَا. والتَّرْوِيحُ: كالإِراحةِ؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: أَراحَ الرَّجُلُ إِراحةً وإِراحاً إِذا رَاحَتْ عَلَيْهِ إِبلُه وَغَنَمُهُ وَمَالُهُ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلّا بَعْدَ الزَّوَالِ؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
كأَنَّ مَصاعِيبَ، زُبَّ الرُّؤُوسِ، ... فِي دارِ صِرْمٍ، تُلاقي مُرِيحا
يُمْكِنُ أَن يَكُونَ أَراحتْ لُغَةً فِي رَاحَتْ، وَيَكُونَ فَاعِلًا فِي مَعْنَى مَفْعُولٍ، وَيُرْوَى: تُلاقي مُرِيحاً أَي الرجلَ الَّذِي يُرِيحُها. وأَرَحْتُ عَلَى الرَّجُلِ حَقَّه إِذا رَدَدْتَهُ عَلَيْهِ؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
أَلا تُرِيحي عَلَيْنَا الحقَّ طَائِعَةً، ... دونَ القُضاةِ، فقاضِينا إِلى حَكَمِ
وأَرِحْ عَلَيْهِ حَقَّه أَي رُدَّه. وَفِي حَدِيثِ
الزُّبَيْرِ: لَوْلَا حُدُودٌ فُرِضَتْ وفرائضُ حُدَّتْ تُراحُ عَلَى أَهلها
أَي تُرَدُّ إِليهم وأَهلُها هُمُ الأَئمة، وَيَجُوزُ بِالْعَكْسِ وَهُوَ أَن الأَئمة يردُّونها إِلى أَهلها مِنَ الرَّعِيَّةِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَائِشَةَ: حَتَّى أَراحَ الحقَّ عَلَى أَهله.
ورُحْتُ القومَ رَوْحاً ورَواحاً ورُحْتُ إِليهم: ذَهَبْتُ إِليهم رَواحاً أَو رُحْتُ عِنْدَهُمْ. وراحَ أَهلَه ورَوَّحَهم وتَرَوَّحَهم: جَاءَهُمْ رَواحاً. وَفِي الْحَدِيثِ:
عَلَى رَوْحةٍ مِنَ الْمَدِينَةِ
أَي مِقْدَارِ رَوْحةٍ، وَهِيَ المرَّة مِنَ الرَّواح. والرَّوائح: أَمطار العَشِيّ، واحدتُها رَائِحَةٌ، هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَقَالَ مُرَّةُ: أَصابتنا رائحةٌ أَي سَماء. وَيُقَالُ: هُمَا يَتَراوحان عَمَلًا أَي يَتَعَاقَبَانِهِ، ويَرْتَوِحان مثلُه؛ وَيُقَالُ: هَذَا الأَمر بَيْنَنَا رَوَحٌ ورِوَحٌ وعِوَرٌ إِذا تَراوَحُوه وتَعاوَرُوه. والمُراوَحَةُ: عَمَلانِ فِي عَمَل، يُعْمَلُ ذَا مَرَّةً وَذَا مَرَّةً؛ قَالَ لَبِيدٌ:
ووَلَّى عامِداً لَطَياتِ فَلْجٍ، ... يُراوِحُ بينَ صَوْنٍ وابْتِذالِ
يَعْنِي يَبْتَذِل عَدْوَه مَرَّةً وَيَصُونُ أُخرى أَي يكُفُّ بَعْدَ اجْتِهَادٍ. والرَّوَّاحةُ: القطيعُ «2» من الغنم. ورَواحَ الرجلُ بَيْنَ جَنْبَيْهِ إِذا تَقَلَّبَ مِنْ جَنْب إِلى جَنْب؛ أَنشد يَعْقُوبُ:
إِذا اجْلَخَدَّ لَمْ يَكَدْ يُراوِحُ، ... هِلْباجةٌ حَفَيْسَأٌ دُحادِحُ
__________
(2).
قوله [والرواحة القطيع إلخ] كذا بالأَصل بهذا الضبط.

(2/465)


وراوَحَ بَيْنَ رِجْلَيْهِ إِذا قَامَ عَلَى إِحداهما مرَّة وَعَلَى الأَخرى مَرَّةً. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَانَ يُراوِحُ بَيْنَ قَدَمَيْهِ مِنْ طُولِ الْقِيَامِ
أَي يَعْتَمِدُ عَلَى إِحداهما مَرَّةً وَعَلَى الأُخرى مَرَّةً ليُوصِلَ الراحةَ إِلى كلٍّ مِنْهُمَا؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
ابْنِ مَسْعُودٍ: أَنه أَبْصَرَ رَجُلًا صَافًّا قَدَمَيْهِ، فَقَالَ: لَوْ راوَحَ كَانَ أَفضلَ
؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: كَانَ ثابتٌ يُراوِحُ بَيْنَ جَبْهَتِه وقَدَمَيه
أَي قَائِمًا وَسَاجِدًا، يَعْنِي فِي الصَّلَاةِ؛ وَيُقَالُ: إِن يَدَيْهِ لتَتراوَحانِ بِالْمَعْرُوفِ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: لتَتَراحانِ بِالْمَعْرُوفِ. وَنَاقَةٌ مُراوِحٌ: تَبْرُكُ مِنْ وَرَاءِ الإِبل؛ الأَزهري: وَيُقَالُ لِلنَّاقَةِ الَّتِي تبركُ وراءَ الإِبلِ: مُراوِحٌ ومُكانِفٌ، قَالَ: كَذَلِكَ فَسَّرَهُ ابْنُ الأَعرابي فِي النَّوَادِرِ. والرَّيِّحةُ مِنَ الْعِضَاهِ والنَّصِيِّ والعِمْقَى والعَلْقى والخِلْبِ والرُّخامَى: أَن يَظْهَر النبتُ فِي أُصوله الَّتِي بَقِيَتْ مِنْ عامِ أَوَّلَ؛ وَقِيلَ: هُوَ مَا نَبَتَ إِذا مسَّه البَرْدُ مِنْ غَيْرِ مَطَرٍ، وَحَكَى كُرَاعٌ فِيهِ الرِّيحة عَلَى مِثَالِ فِعْلَة، وَلَمْ يَحْكِ مَنْ سِواه إِلَّا رَيِّحة عَلَى مِثال فَيِّحة. التَّهْذِيبُ: الرَّيِّحة نَبَاتٌ يَخْضَرُّ بعد ما يَبِسَ ورَقُه وأَعالي أَغصانه. وتَرَوَّحَ الشجرُ وراحَ يَراحُ: تَفَطَّرَ بالوَرَقِ قَبْلَ الشِّتَاءِ مِنْ غَيْرِ مَطَرٍ، وَقَالَ الأَصمعي: وَذَلِكَ حِينَ يَبْرُدُ اللَّيْلُ فَيَتَفَطَّرُ بِالْوَرَقِ مِنْ غَيْرِ مَطَرٍ؛ وَقِيلَ: تَرَوَّحَ الشَّجَرُ إِذا تَفَطَّرَ بوَرَقٍ بَعْدَ إِدبار الصَّيْفِ؛ قَالَ الرَّاعِي:
وخالَفَ المجدَ أَقوامٌ، لَهُمْ وَرَقٌ ... راحَ العِضاهُ بِهِ، والعِرْقُ مَدْخولُ
وَرَوَى الأَصمعي:
وخادَعَ المجدُ أَقواماً لَهُمْ وَرِقٌ
أَي مَالٌ. وخادَعَ: تَرَكَ، قَالَ: وَرَوَاهُ أَبو عَمْرٍو: وخادَعَ الحمدَ أَقوام أَي تَرَكُوا الْحَمْدَ أَي لَيْسُوا مِنْ أَهله، قَالَ: وَهَذِهِ هِيَ الرِّوَايَةُ الصَّحِيحَةُ. قَالَ الأَزهري: والرَّيِّحة الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّيْثُ هِيَ هَذِهِ الشَّجَرَةُ الَّتِي تَتَرَوَّحُ وتَراحُ إِذا بَرَدَ عَلَيْهَا الليلُ فتتفطرُ بِالْوَرَقِ مِنْ غَيْرِ مَطَرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْعَرَبَ تسمِّيها الرَّيِّحة. وتَرَوُّحُ الشَّجَرِ: تَفَطُّره وخُروجُ وَرَقِهِ إِذا أَوْرَق النبتُ فِي اسْتِقْبَالِ الشِّتَاءِ، قَالَ: وراحَ الشَّجَرُ يَراحُ إِذا تَفَطَّرَ بِالنَّبَاتِ. وتَرَوَّحَ النبتُ وَالشَّجَرُ: طَالَ. وتَرَوَّحَ الماءُ إِذا أَخذ رِيحَ غَيْرِهِ لِقُرْبِهِ مِنْهُ. وتَرَوَّحَ بالمِرْوَحةِ وتَرَوَّحَ أَي راحَ مِنَ الرَّواحِ. والرَّوَحُ، بِالتَّحْرِيكِ: السَّعَةُ؛ قَالَ المتنخل الهُذَليّ:
لكنْ كبيرُ بنُ هِنْدٍ، يومَ ذَلِكُمُ، ... فُتْخُ الشَّمائل، فِي أَيْمانِهِم رَوَحُ
وَكَبِيرُ بْنُ هِنْدٍ: حيٌّ مِنْ هُذَيْلٍ. وَالْفُتُخُ: جَمْعُ أَفْتَخَ، وَهُوَ اللَّيِّنُ مَفْصِلِ اليدِ؛ يُرِيدُ أَن شَمَائِلَهُمْ تَنْفَتِخُ لشدَّة النَّزْعِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: فِي أَيمانهم رَوَح؛ وَهُوَ السَّعَة لشدَّة ضَرْبِهَا بِالسَّيْفِ، وَبَعْدَهُ:
تَعْلُو السُّيوفُ بأَيْدِيهِم جَماجِمَهُم، ... كَمَا يُفَلَّقُ مَرْوُ الأَمْعَز الصَّرَحُ
والرَّوَحُ: اتساعُ مَا بَيْنَ الْفَخِذَيْنِ أَو سَعَةٌ فِي الرِّجْلَيْنِ، وَهُوَ دُونَ الفَحَج، إِلَّا أَن الأَرْوح تتباعَدُ صدورُ قَدَمَيْهِ وتَتَدانى عَقِباه. وَكُلُّ نَعَامَةٍ رَوْحاء؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
وزَفَّتِ الشَّوْلُ مِنْ بَرْدِ العَشِيِّ، كَمَا ... زَفَّ النَّعامُ إِلى حَفَّانِه الرُّوحِ
وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنه كَانَ أَرْوَحَ كأَنه راكبٌ وَالنَّاسُ يمشونَ
؛ الأَروَحُ: الَّذِي تَتَدَانَى

(2/466)


عَقِباه وَيَتَبَاعَدُ صَدْرَا قَدَمَيْهِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
لكأَنِّي أَنْظُرُ إِلى كِنانةَ بْنِ عبدِ يالِيلَ قَدْ أَقبلَ يضرِبُ دِرْعُه رَوْحَتَيْ رِجْلَيْهِ.
والرَّوَحُ: انقلابُ القَدَمِ عَلَى وَحْشِيِّها؛ وَقِيلَ: هُوَ انْبِسَاطٌ فِي صَدْرِ الْقَدَمِ. وَرَجُلٌ أَرْوَحُ، وَقَدْ رَوِحَتْ قَدَمُه رَوَحاً، وَهِيَ رَوْحاءُ. ابْنُ الأَعرابي: فِي رِجْلِهِ رَوَحٌ ثُمَّ فَدَحٌ ثُمَّ عَقَلٌ، وَهُوَ أَشدّها؛ قَالَ اللَّيْثُ: الأَرْوَحُ الَّذِي فِي صَدْرِ قَدَمَيْهِ انْبِسَاطٌ، يَقُولُونَ: رَوِحَ الرجلُ يَرْوَحُ رَوَحاً. وَقَصْعَةٌ رَوْحاءُ: قَرِيبَةُ القَعْر، وإِناءٌ أَرْوَحُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه أُتيَ بقدحٍ أَرْوَحَ
أَي مُتَّسع مَبْطُوحٍ. واسْتراحَ إِليه أَي اسْتَنامَ، وَفِي الصِّحَاحِ: واسْتَرْوَحَ إِليه أَي اسْتَنَامَ. والمُسْتَراحُ: المَخْرَجُ. والرَّيْحانُ: نَبْتٌ مَعْرُوفٌ؛ وَقَوْلُ الْعَجَّاجِ:
عالَيْتُ أَنْساعِي وجَلْبَ الكُورِ، ... عَلَى سَراةِ رائحٍ مَمْطُورِ
يُرِيدُ بالرائِح: الثورَ الْوَحْشِيَّ، وَهُوَ إِذا مُطِرَ اشتدَّ عَدْوُه. وَذُو الرَّاحَةِ: سَيْفٌ كَانَ لِلْمُخْتَارِ بْنِ أَبي عُبَيْد. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي فِي قَوْلِهِ دَلَكَتْ بِراحِ، قَالَ: مَعْنَاهُ استُريح مِنْهَا؛ وَقَالَ فِي قَوْلِهِ:
مُعاوِيَ، مَنْ ذَا تَجْعَلُونَ مَكانَنا، ... إِذا دَلَكَتْ شمسُ النهارِ بِراحِ
يَقُولُ: إِذا أَظلم النَّهَارُ واسْتُريحَ مِنْ حَرِّهَا، يَعْنِي الشَّمْسَ، لِمَا غَشِيَهَا مِنْ غَبَرة الْحَرْبِ فكأَنها غَارِبَةٌ؛ كَقَوْلِهِ:
تَبْدُو كَواكِبُه، والشمسُ طالعةٌ، ... لَا النُّورُ نُورٌ، وَلَا الإِظْلامُ إِظْلامُ
وَقِيلَ: دَلَكَتْ بِرَاحٍ أَي غَرَبَتْ، والناظرُ إِليها قَدْ تَوَقَّى شُعاعَها بِرَاحَتِهِ. وَبَنُو رَواحةَ: بطنٌ. ورِياحٌ: حَيٌّ مِنْ يَرْبُوعٍ. ورَوْحانُ: مَوْضِعٌ. وَقَدْ سَمَّتْ رَوْحاً ورَواحاً. والرَّوْحاءُ: مَوْضِعٌ، وَالنَّسَبُ إِليه رَوْحانيٌّ، عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ: الْجَوْهَرِيُّ: ورَوْحاء، ممدود، بلد.
ريح: الأَرْيَحُ: الواسعُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. والأَرْيَحِيُّ: الواسعُ الخُلُق المنبسِطُ إِلى الْمَعْرُوفِ، وَالْعَرَبُ تَحْمِلُ كَثِيرًا مِنَ النَّعْتِ عَلَى أَفْعَليٍّ كأَرْيَحِيٍّ وأَحْمَرِيّ، وَالِاسْمُ الأَرْيَحِيَّةُ. وأَخَذَتْه لِذَلِكَ أَرْيَحيَّة أَي خِفَّةٌ وهَشَّةٌ؛ وَزَعَمَ الْفَارِسِيُّ أَنَّ يَاءَ أَرْيَحيَّة بَدَلٌ مِنَ الْوَاوِ، فإِن كَانَ هَذَا فَبَابُهُ رُوحٌ. وَالْحَدِيثُ
المَرْوِيُّ عَنْ جَعْفَرٍ: ناوَلَ رَجُلًا ثَوْبًا جَدِيدًا فَقَالَ: اطْوِه عَلَى رَاحَتِهِ
أَي طَيِّه الأَوّلِ. والرَّياحُ، بِالْفَتْحِ: الرَّاحُ، وَهِيَ الْخَمْرُ، وكلُّ خَمْرٍ رَياحٌ وراحٌ، وَبِذَلِكَ عُلم أَن أَلفها مُنْقَلِبَةٌ عَنْ يَاءٍ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
كأَنَّ مَكاكِيَّ الجِواء، غُدَيَّةً، ... نَشاوى، تَساقَوْا بالرِّياحِ المُفَلْفَلِ «1»
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: سمِّيت رَاحًا لأَن صَاحِبَهَا يَرْتاحُ إِذا شَرِبَهَا، وَذَلِكَ مَذْكُورٌ فِي رُوحٍ. وأَرْيَحُ: مَوْضِعٌ بِالشَّامِ؛ قَالَ صَخْر الغَيّ يَصِفُ سَيْفًا:
فَلَوْتُ عَنْهُ سُيُوفَ أَرْيَحَ، إِذ ... باءَ بِكَفِّي، فَلَمْ أَكَدْ أَجِدُ
وأَورد الأَزهري هَذَا الْبَيْتَ، فَقَالَ: قَالَ الْهُذَلِيُّ:
فَلَوتُ عَنْهُ سُيُوفَ أَرْيحَ، حَتَّى ... باءَ كَفِّي، وَلَمْ أَكد أَجد
__________
(1).
في معلقة إمرئ القيس: [صبِحنَ سُلافاً مِنْ رحيقٍ مُفَلفل]

(2/467)


وَقَالَ: أَرْيَحُ حَي مِنَ اليمنِ. باءَ كَفِّي لَهُ مَباءَةً أَي مَرجِعاً. وَكَفِّي: مَوْضِعُ؛ نَصْبٍ لَمْ أَكد أَجد لعِزَّته. والأَرْيَحِيُّ: السيفُ، إِما أَن يَكُونَ مَنْسُوبًا إِلى هَذَا الْمَوْضِعِ الَّذِي بِالشَّامِ، وإِما أَن يَكُونَ لِاهْتِزَازِهِ؛ قَالَ:
وأَرْيَحِيّاً عَضْباً وَذَا خُصَلٍ، ... مُخْلَوْلِقَ المَتْنِ، سابِحاً نَزِقا
وأَرِيحاءُ وأَرْيَحاءُ: بَلَدٌ، النَّسَبُ إِليه أَرْيَحِيٌّ، وَهُوَ مِنْ شَاذِّ مَعْدُولِ النَّسَبِ. وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ الرِّيحِ والرِّياحِ، وأَصلها الْوَاوُ وَقَدْ ذُكِرَتْ فِي رَوَحَ، والله أَعلم.

فصل الزاي
زحح: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ
؛ زُحْزِحَ أَي نُحِّيَ وبُعِّدَ. وزَحَّ الشيءَ يَزُحُّه زَحّاً: جَذَبَهُ فِي عَجَلَة. وزَحَّه يَزُحُّه زَحّاً، وزَحْزَحه فتَزَحْزَحَ: دَفَعه ونَحَّاه عَنْ مَوْضِعِهِ فَتَنَحَّى وباعَدَه مِنْهُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
يَا قابِضَ الرُّوحِ عَنْ جِسْمٍ عَصَى زَمَناً، ... وغافِرَ الذَّنْبِ، زَحْزِحْنِي عَنِ النارِ
وَيُقَالُ: هُوَ بِزَحْزَحٍ عَنْ ذَلِكَ أَي ببُعْدٍ مِنْهُ. الأَزهري: قَالَ بَعْضُهُمْ هَذَا مكرَّر مِنْ بَابِ الْمُعْتَلِّ، وأَصله مِنْ زاحَ يَزيحُ إِذا تأَخَّر؛ قَالَ: وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيدٍ:
زاحَ عَنْ مِثْلِ مَقامِي وزَحَلْ
وَمِنْهُ يُقَالُ: زاحتْ عِلَّتُهُ وأَزَحْتُها، وَقِيلَ: هُوَ مأْخوذ مَنْ الزَّوْحِ، وَهُوَ السَّوْقُ الشَّدِيدُ، وَكَذَلِكَ الذَّوْحُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ زَحْزَحَه اللهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَريفاً
؛ زَحْزَحَهُ أَي نَحَّاه عَنْ مَكَانِهِ وَبَاعَدَهُ مِنْهُ. يَعْنِي بَاعَدَهُ عَنِ النَّارِ مَسَافَةً تُقطع فِي سَبْعِينَ سَنَةً، لأَنه كُلَّمَا مَرَّ خَرِيفٌ فَقَدِ انْقَضَتْ سَنَةٌ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَلِيٍّ: أَنه قَالَ لِسُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ لَمَّا حَضَرَهُ بَعْدَ فَرَاغَهِ مِنَ الجَمَلِ: تَزَحْزَحْتَ وتَرَبَّصْتَ فَكَيْفَ رأَيتَ اللهَ صَنَع
؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ: كَانَ إِذا فَرَغَ مِنَ الْفَجْرِ لَمْ يَتَكَلَّمْ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وإِن زُحْزِحَ
أَي وإِن أُريد تَنْحِيَتُهُ عَنْ ذَلِكَ وأُزْعِجَ وحُمِلَ عَلَى الْكَلَامِ. والزَّحْزاحُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ:
يُوعِدُ خَيْراً، وَهُوَ بالزَّحْزاحِ
وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ الزَّحْزاحُ هُنَا اسْمًا مِنَ التَّزَحْزُحِ أَي التَّبَاعُدِ والتَّنَحِّي. وتَزَحْزَحْتُ عَنِ الْمَكَانِ وتَحَزْحَزْتُ، بِمَعْنًى واحد.
زرح: زَرَحَه بالرُّمحِ: شَجَّه؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْد: لَيْسَ بِثَبَتٍ. والزَّرْوَحُ: الرَّابِيَةُ الصَّغِيرَةُ؛ وَقِيلَ: الأَكَمَةُ المنبسِطةُ، وَالْجَمْعُ الزَّراوِحُ؛ ابْنُ شُمَيْلٍ: الزَّراوِحُ مِنَ التِّلال منبسِطٌ لَا يُمْسِكُ الماءَ، رأْسُهُ صَفاةٌ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وتَرْجاف «1» أَلْحِيها، إِذا مَا تَنَصَّبَتْ، ... عَلَى رافِعِ الآلِ، التِّلالُ الزَّراوِحُ
قَالَ: والحَزاوِرُ مِثْلُهَا، وسيأْتي ذِكْرُهُ. الأَزهري: ابْنُ الأَعرابي: الزُّرَّاحُ النَّشِيطُو الْحَرَكَاتِ. والزَّرْوَحَةُ: مِثْلُ السَّرْوَعةِ يَكُونُ من الرَّمَل وغيره.
زقح: ابْنُ سِيدَهْ: زَقَحَ القِرْدُ زَقْحاً: صَوَّتَ؛ عَنْ كراع.
زلح: الزَّلْحُ: الباطلُ. وزَلَحَ الشيءَ يَزْلَحُه زَلْحاً، وتَزَلَّحه: تَطَعَّمَه.
__________
(1).
هكذا في الأَصل.

(2/468)


وخُبْزَةٌ زَلَحْلَحَة، كَذَلِكَ «1». والزُّلُحُ: مِنْ قَوْلِكَ قَصْعَةٌ زَلَحْلَحَة أَي مُنْبَسِطَةً لَا قَعْرَ لَهَا، وَقِيلَ: قَرِيبَةُ الْقَعْرِ؛ قَالَ:
ثُمَّتَ جاؤُوا بقِصاعٍ مُلْسِ، ... زَلَحْلَحاتٍ ظاهراتِ اليُبْسِ،
أُخِذْنَ فِي السُّوق بفَلْسِ فَلْسِ
قَالَ: وَهِيَ كَلِمَةٌ عَلَى فَعْلَلٍ، أَصله ثُلَاثِيٌّ أُلحق بِبِنَاءِ الْخُمَاسِيِّ. وَذَكَرَ ابْنُ شُمَيْلٍ عَنْ أَبي خَيْرَةَ أَنه قَالَ: الزَّلَحْلَحاتُ فِي بَابِ القِصاع، وَاحِدَتُهَا زَلَحْلَحَةٌ، وَرَوَى ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي أَنه قَالَ: الزُّلُحُ الصِّحافُ الْكِبَارُ، حَذَفَ الزِّيَادَةَ فِي جَمْعِهَا. ووادٍ زَلَحْلَحٌ: غيرُ عَمِيق.
زلنقح: الأَزهري: الزَّلَنْقَحُ السَّيِءُ الخُلُقِ.
زمح: الزُّمَّحُ مِنَ الرِّجَالِ: الضعيفُ، وَقِيلَ: الْقَصِيرُ الدَّمِيمُ، وَقِيلَ: اللَّئِيمُ. والزُّمَّحُ والزَّوْمَحُ مِنَ الرِّجَالِ: الأَسودُ القبيحُ الشَّرِيرُ؛ وأَنشد شَمِرٌ:
وَلَمْ تَكُ شِهْدارةَ الأَبْعَدين، ... وَلَا زُمَّحَ الأَقْرَبين الشَّرِيرا
وَقِيلَ: الزُّمَّحُ الْقَصِيرُ السَّمْجُ الخِلْقَة السَّيِءُ الأَدَمُّ المَشْؤُوم. والزِّمَحْنُ والزِّمَحْنةُ: السيِءُ الخُلْق. والزَّامِحُ: الدُّمَّلُ، اسمٌ كالكاهِلِ والغارِبِ، لأَنَّا لَمْ نَجِدْ لَهُ فِعْلًا. والزُّمَّاحُ: طِينٌ يُجْعَلُ عَلَى رأْس خَشَبَةٍ يُرْمَى بِهَا الطَّيْرُ، وأَنكرها بَعْضُهُمْ وَقَالَ: إِنما هُوَ الجُمَّاحُ. والزُّمَّاحُ: طَائِرٌ كَانَ يَقِفُ بِالْمَدِينَةِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ عَلَى أُطُمٍ فَيَقُولُ شَيْئًا، وَقِيلَ: كَانَ يَسْقُطُ فِي بَعْضِ مَرابِدِ الْمَدِينَةِ فيأْكل تَمْره، فَرَمَوْه فَقَتَلُوهُ فَلَمْ يأْكل أَحد مِنْ لَحْمِهِ إِلا مَاتَ؛ قَالَ:
أَعَلى العهدِ أَصْبَحَتْ أُمُّ عَمْرٍو، ... ليتَ شِعْرِي أَم غَالَهَا الزُّمَّاحُ؟
الأَزهري: الزُّمَّاحُ طَائِرٌ كَانَتِ الأَعراب تَقُولُ إِنه يأْخذ الصَّبِيَّ مِنْ مَهْدِه. وزَمَّحَ الرجلُ إِذا قَتَلَ الزُّمَّاحَ، وَهُوَ هَذَا الطَّائِرُ الَّذِي يأْخذ الصبي.
زنح: أَبو خَيْرَةَ: إِذا شَرِبَ الرجلُ الْمَاءَ فِي سُرْعةِ إِساغةٍ، فَهُوَ التَّزْنِيحُ؛ قَالَ الأَزهري: وَسَمَاعِيٌّ مِنَ الْعَرَبِ التَّزَنُّحُ. يُقَالُ: تَزَنَّحْتُ الماءَ تَزَنُّحاً إِذا شَرِبْتَهُ مَرَّةً بَعْدَ أُخرى. وتَزَنَّح الرَّجُلُ إِذا ضَايَقَ إِنساناً فِي مُعَامَلَةٍ أَو دَيْن. وزَنَحه يَزْنَحُه زَنْحاً: دَفَعه. وَفِي حَدِيثِ
زِيَادٍ: قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ السَّائِبِ: فَزَنَجَ شيءٌ، أَقبل، طويلُ العُنُقِ، فَقُلْتُ: مَا أَنتَ؟ فَقَالَ: أَنا النَّقَّادُ ذُو الرَّقَبة
، قَالَ: لَا أَدري مَا زَنَجَ، لَعَلَّهُ بِالْحَاءِ؛ والزَّنْحُ: الدفعُ، كأَنه يُرِيدُ هجومَ هَذَا الشَّخْصِ وإِقبالَه، وَيُحْتَمَلُ أَن يَكُونَ زَلَج، بِاللَّامِ وَالْجِيمِ، وَهُوَ سرعةُ ذهاب الشيء ومُضِيُّه؛ وقيل: هُوَ بِالْحَاءِ بِمَعْنَى سَنَحَ وعَرَضَ. والتَّزَنُّحُ: التَّفَتُّحُ فِي الْكَلَامِ ورَفْعُ الإِنسان نفْسَه فَوْقَ قَدْرِه؛ قَالَ أَبو الغَريبِ:
تَزَنّحُ بِالْكَلَامِ عليَّ جَهْلًا ... كأَنك ماجدٌ مِنْ أَهلِ بَدْرِ
والتَّزَنُّحُ فِي الْكَلَامِ: فَوْقَ الهَذْرِ. والزُّنُح: المكافئونَ عَلَى الْخَيْرِ وَالشَّرِّ «2».
__________
(1).
قوله [وخبزة زلحلحة كذلك] كذا بالأَصل. وفي القاموس: والزلحلح الخفيف الجسم، والوادي الغير العميق، وبالهاء الرقيقة من الخبز. وقوله والزلح أي بضمتين: القصاع الكبار، جمع زلحلحة، حذفت الزيادة من جمعها.
(2).
زاد المجد: الزنوح، كرسول: الناقة السريعة، والمزانحة الممادحة.

(2/469)


زوح: التَّهْذِيبِ: الزَّوْحُ تَفْرِيقُ الإِبل، وَيُقَالُ: الزَّوْحُ جَمْعُها إِذا تَفَرَّقَتْ؛ والزَّوْحُ: الزَّوَلانُ. شَمِرٌ. زاحَ وزاخَ، بِالْحَاءِ وَالْخَاءِ، بِمَعْنًى وَاحِدٍ إِذا تَنَحَّى؛ وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيدٍ:
لَوْ يقومُ الفِيلُ أَو فَيَّالُه، ... زاحَ عَنْ مثلِ مَقامي وزَحَلْ
قَالَ: وَمِنْهُ زاحتْ علَّته، وأَزَحْتُها أَنا. وزاحَ الشيءَ زَوْحاً، وأَزاحَه: أَزاغه عَنْ مَوْضِعِهِ ونَحَّاه. وزاحَ هُوَ يَزُوحُ، وزاحَ الرجلُ زَوْحاً: تَبَاعَدَ. والزَّواحُ: الذهابُ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ: وأَنشد:
إِني زعيمٌ يَا نُوَيْقَةُ، ... إِنْ نَجَوْتِ مِنَ الزَّواحْ
زيح: زاحَ الشيءُ يَزيحُ زَيْحاً وزُيُوحاً وزِيُوحاً وزَيَحاناً، وانْزاحَ: ذَهَبَ وَتَبَاعَدَ؛ وأَزَحْتُه وأَزاحَه غيرُه. وَفِي التَّهْذِيبِ: الزَّيْحُ ذهابُ الشَّيْءِ، تَقُولُ: قَدْ أَزَحْتُ عِلَّتَهُ فزاحتْ، وَهِيَ تَزيحُ؛ وَقَالَ الأَعْشى:
وأَرْمَلَةٍ تَسْعَى بشُعْثٍ، كأَنها ... وإِياهمُ، رُبْدٌ أَحَثَّتْ رِئالَها
هَنَأْنا، فَلَمْ تَمْنُنْ عَلَيْنَا، فأَصْبَحتْ ... رَخيَّةَ بالٍ، قَدْ أَزَحْنا هُزالَها
ابْنُ بَرِّيٍّ: قَوْلُهُ: هنأْنا أَي أَطعمنا. والشعْثُ: أَولادُها. والرُّبْدُ: النعامُ. والرُّبْدَةُ: لَوْنُهَا. والرِّئالُ: جَمْعُ رَأْلٍ، وَهُوَ فَرْخُ النَّعَامِ. وَفِي حَدِيثِ
كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ: زاحَ عَنِّي الباطلُ
أَي زَالَ وَذَهَبَ. وأَزاحَ الأَمرَ: قضاه.

فصل السين
سبح: السَّبْحُ والسِّباحة: العَوْمُ. سَبَحَ بِالنَّهْرِ وَفِيهِ يَسْبَحُ سَبْحاً وسِباحةً، وَرَجُلٌ سابِحٌ وسَبُوح مِنْ قَوْمٍ سُبَحاء، وسَبَّاحٌ مِنْ قَوْمٍ سَبَّاحين؛ وأَما ابْنُ الأَعرابي فَجَعَلَ السُّبَحاء جَمْعَ سَابِحٍ؛ وَبِهِ فُسِّرَ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
وماءٍ يَغْرَقُ السُّبَحاءُ ... فِيهِ، سَفِينتُه المُواشِكةُ الخَبُوبُ
قَالَ: السُّبَحاءُ جَمْعُ سابِحٍ. وَيَعْنِي بِالْمَاءِ هُنَا السَّرابَ. والمُواشِكةُ: الجادَّةُ فِي سَيْرِهَا. والخَبُوب، مِنَ الخَبَب فِي السَّيْرِ؛ جَعَلَ النَّاقَةَ مِثْلَ السَّفِينَةِ حِينَ جَعَلَ السَّرابَ كَالْمَاءِ. وأَسْبَح الرجلَ فِي الْمَاءِ: عَوَّمَه؛ قَالَ أُمية:
والمُسْبِحُ الخُشْبَ، فوقَ الماءِ سَخَّرَها، ... فِي اليَمِّ جَرْيَتُها، كأَنها عُوَمُ
وسَبْحُ الفَرَسِ: جَرْيُه. وَفَرَسٌ سَبُوحٌ وسابِحٌ: يَسْبَحُ بِيَدَيْهِ فِي سَيْرِهِ. والسَّوابِحُ: الْخَيْلُ لأَنها تَسْبَح، وَهِيَ صِفَةٌ غَالِبَةٌ. وَفِي حَدِيثِ
الْمِقْدَادِ: أَنه كَانَ يَوْمَ بدرٍ عَلَى فَرَسٍ يُقَالُ لَهُ سَبْحَة
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ فَرَسٌ سابِحٌ إِذا كَانَ حسنَ مَدِّ الْيَدَيْنِ فِي الجَرْي؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
لَقَدْ كانَ فِيهَا للأَمانةِ موضِعٌ، ... وللعَيْنِ مُلْتَذٌّ، وللكَفِّ مَسْبَحُ
فَسَّرَهُ فَقَالَ: مَعْنَاهُ إِذا لمسَتها الْكَفُّ وَجَدَتْ فِيهَا جَمِيعَ مَا تُرِيدُ. وَالنُّجُومُ تَسْبَحُ فِي الفَلَكِ سَبْحاً إِذا جَرَتْ فِي دَوَرانها. والسَّبْحُ: الفَراغُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلًا
؛ إِنما يَعْنِي بِهِ فَرَاغًا طَوِيلًا وتَصَرُّفاً؛ وَقَالَ اللَّيْثُ: مَعْنَاهُ فَرَاغًا لِلنَّوْمِ؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: مُنْقَلَباً طَوِيلًا؛ وَقَالَ المُؤَرِّجُ: هُوَ الفَراغ والجَيئَة وَالذَّهَابُ؛ قَالَ أَبو الدُّقَيْش: وَيَكُونُ

(2/470)


السَّبْحُ أَيضاً فَرَاغًا بِاللَّيْلِ؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: يَقُولُ لَكَ فِي النَّهَارِ مَا تَقْضِي حَوَائِجَكَ؛ قَالَ أَبو إِسحاق: مَنْ قرأَ سَبْخاً فَمَعْنَاهُ قَرِيبٌ مِنَ السَّبْح، وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: مَنْ قرأَ سَبْحاً فَمَعْنَاهُ اضْطِرَابًا وَمَعَاشًا، وَمَنْ قرأَ سَبْخاً أَراد رَاحَةً وَتَخْفِيفًا للأَبدان. قَالَ ابنُ الفَرَج: سَمِعْتُ أَبا الجَهْم الجَعْفَرِيَّ يَقُولُ: سَبَحْتُ فِي الأَرض وسَبَخْتُ فِيهَا إِذا تَبَاعَدْتَ فِيهَا؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ
أَي يَجْرُونَ، وَلَمْ يَقُلْ تَسْبَحُ لأَنه وَصَفَهَا بِفِعْلِ مَنْ يَعْقِلُ؛ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: وَالسَّابِحاتِ سَبْحاً
؛ هِيَ النُّجُومُ تَسْبَحُ فِي الفَلَكِ أَي تَذْهَبُ فِيهَا بَسْطاً كَمَا يَسْبَحُ السابحُ فِي الْمَاءِ سَبْحاً؛ وَكَذَلِكَ السَّابِحُ مِنَ الْخَيْلِ يَمُدُّ يَدَيْهِ فِي الْجَرْيِ سَبْحاً؛ وَقَالَ الأَعشى:
كَمْ فيهمُ مِنْ شَطْبَةٍ خَيْفَقٍ، ... وسابِحٍ ذِي مَيْعَةٍ ضامِرِ
وَقَالَ الأَزهري فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَالسَّابِحاتِ سَبْحاً فَالسَّابِقاتِ سَبْقاً
؛ قِيلَ: السابحاتُ السُّفُنُ، والسابقاتُ الخيلُ، وَقِيلَ: إِنها أَرواح الْمُؤْمِنِينَ تَخْرُجُ بِسُهُولَةٍ؛ وَقِيلَ: الْمَلَائِكَةُ تَسْبَحُ بَيْنَ السَّمَاءِ والأَرض. وسَبَحَ اليَرْبُوعُ فِي الأَرض إِذا حَفَرَ فيها، وسَبَحَ فِي الْكَلَامِ إِذا أَكثر فِيهِ. والتَّسبيح: التَّنْزِيهُ. وَسُبْحَانَ اللَّهِ: مَعْنَاهُ تَنْزِيهًا لِلَّهِ مِنَ الصَّاحِبَةِ وَالْوَلَدِ، وَقِيلَ: تَنْزِيهُ اللَّهِ تَعَالَى عَنْ كُلِّ مَا لَا يَنْبَغِي لَهُ أَن يُوصَفَ، قَالَ: ونَصْبُه أَنه فِي مَوْضِعِ فِعْلٍ عَلَى مَعْنَى تَسْبِيحًا لَهُ، تَقُولُ: سَبَّحْتُ اللَّهَ تَسْبِيحًا لَهُ أَي نَزَّهْتُهُ تَنْزِيهًا، قَالَ: وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا
؛ قَالَ: مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَصْدَرِ؛ الْمَعْنَى أُسبِّح اللَّهَ تَسْبِيحًا. قَالَ: وَسُبْحَانَ فِي اللُّغَةِ تَنْزِيهُ اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ، عَنِ السُّوءِ؛ قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: رأَيت فِي الْمَنَامِ كأَنَّ إِنساناً فَسَّرَ لِي سُبْحَانَ اللَّهِ، فَقَالَ: أَما تَرَى الْفَرَسَ يَسْبَحُ فِي سُرْعَتِهِ؟ وَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ السرعةُ إِليه والخِفَّةُ فِي طَاعَتِهِ، وجِماعُ مَعْنَاهُ بُعْدُه، تَبَارَكَ وَتَعَالَى، عَنْ أَن يَكُونَ لَهُ مِثْلٌ أَو شَرِيكٌ أَو ندٌّ أَو ضِدٌّ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: زَعَمَ أَبو الْخَطَّابِ أَن سُبْحَانَ اللَّهِ كَقَوْلِكَ براءَةَ اللَّهِ أَي أُبَرِّئُ اللهَ مِنَ السُّوءِ بَرَاءَةً؛ وَقِيلَ: قَوْلُهُ سُبْحَانَكَ أَي أُنزهك يَا رَبِّ مِنْ كُلِّ سُوءٍ وأُبرئك.
وَرَوَى الأَزهري بإِسناده أَن ابْنَ الكَوَّا سأَل عَلِيًّا، رِضْوَانُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ، عَنْ سُبْحَانَ اللَّهِ، فَقَالَ: كَلِمَةٌ رَضِيَهَا اللَّهُ لِنَفْسِهِ فأَوصى بِهَا.
وَالْعَرَبُ تَقُولُ: سُبْحانَ مِن كَذَا إِذا تَعَجَّبَتْ مِنْهُ؛ وَزَعَمَ أَن قَوْلَ الأَعشى فِي مَعْنَى الْبَرَاءَةِ أَيضاً:
أَقولُ لمَّا جَاءَنِي فَخْرُه: ... سبحانَ مِن عَلْقَمَةَ الفاخِرِ
أَي بَرَاءَةً مِنْهُ؛ وَكَذَلِكَ تَسْبِيحُهُ: تَبْعِيدُهُ؛ وَبِهَذَا اسْتُدِلَّ عَلَى أَن سُبْحَانَ مَعْرِفَةٌ إِذ لَوْ كَانَ نَكِرَةً لَانْصَرَفَ. وَمَعْنَى هَذَا الْبَيْتِ أَيْضًا: الْعَجَبُ مِنْهُ إِذ يَفْخَرُ، قَالَ: وإِنما لَمْ يُنَوَّنْ لأَنه مَعْرِفَةٌ وَفِيهِ شَبَهُ التأْنيث؛ وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: إِنما امْتَنَعَ صَرْفُهُ لِلتَّعْرِيفِ وَزِيَادَةِ الأَلف وَالنُّونِ، وَتَعْرِيفُهُ كَوْنُهُ اسْمًا عَلَمًا لِلْبَرَاءَةِ، كَمَا أَن نَزالِ اسْمُ عَلَمٍ لِلنُّزُولِ، وشَتَّانَ اسْمُ عَلَمٍ لِلتَّفَرُّقِ؛ قَالَ: وَقَدْ جَاءَ فِي الشِّعْرِ سُبْحَانَ مُنَوَّنَةً نَكِرَةً؛ قَالَ أُمية:
سُبْحانَه ثُمَّ سُبْحاناً يَعُودُ لَهُ، ... وقَبْلَنا سَبَّح الجُودِيُّ والجُمُدُ
وَقَالَ ابْنُ جِنِّي: سُبْحَانَ اسْمُ عَلَمٍ لِمَعْنَى الْبَرَاءَةِ وَالتَّنْزِيهِ بِمَنْزِلَةِ عُثْمانَ وعِمْرانَ، اجْتَمَعَ فِي سُبْحَانَ التَّعْرِيفُ والأَلف وَالنُّونُ، وَكِلَاهُمَا عِلَّةٌ تَمْنَعُ مِنَ الصَّرْفِ. وسَبَّح الرجلُ: قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ؛ وَفِي التَّنْزِيلِ: كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ
؛ قَالَ رُؤْبَةُ:

(2/471)


سَبَّحْنَ واسْتَرْجَعْنَ مِن تَأَلُّهِ
وسَبَحَ: لُغَةً، حَكَى ثَعْلَبٌ سَبَّح تَسْبِيحًا وسُبْحاناً، وَعِنْدِي أَن سُبْحاناً لَيْسَ بِمَصْدَرِ سَبَّح، إِنما هُوَ مَصْدَرُ سَبَح، وَفِي التَّهْذِيبِ: سَبَّحْتُ اللَّهَ تَسْبِيحًا وسُبْحاناً بِمَعْنًى وَاحِدٍ، فَالْمَصْدَرُ تَسْبِيحٌ، وَالِاسْمُ سُبْحان يَقُومُ مَقَامَ الْمَصْدَرِ. وأَما قَوْلُهُ تَعَالَى: تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ
؛ قَالَ أَبو إِسحاق: قِيلَ إِن كُلَّ مَا خَلَقَ اللَّهُ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ، وإِن صَريرَ السَّقْف وصَريرَ الْبَابِ مِنَ التَّسْبِيحِ، فَيَكُونُ عَلَى هَذَا الخطابُ لِلْمُشْرِكِينَ وَحْدَهُمْ: وَلكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ
؛ وَجَائِزٌ أَن يَكُونَ تَسْبِيحُ هَذِهِ الأَشياء بِمَا اللَّهُ بِهِ أَعلم لَا نَفْقَه مِنْهُ إِلا مَا عُلِّمْناه، قَالَ: وَقَالَ قَوْمٌ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ
أَي مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا وَفِيهِ دَلِيلٌ أَن اللَّهَ، عَزَّ وَجَلَّ، خَالِقُهُ وأَن خَالِقَهُ حَكِيمٌ مُبَرَّأٌ مِنَ الأَسْواء وَلَكِنَّكُمْ، أَيها الْكُفَّارُ، لَا تَفْقَهُونَ أَثر الصَّنْعة فِي هَذِهِ الْمَخْلُوقَاتِ؛ قَالَ أَبو إِسحاق: وَلَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ لأَن الَّذِينَ خُوطِبُوا بِهَذَا كَانُوا مُقِرِّينَ أَن اللَّهَ خالقُهم وخالقُ السَّمَاءِ والأَرض وَمَنْ فِيهِنَّ، فَكَيْفَ يَجْهَلُونَ الخِلْقَة وَهُمْ عَارِفُونَ بِهَا؟ قَالَ الأَزهري: وَمِمَّا يَدُلُّكَ عَلَى أَن تَسْبِيحَ هَذِهِ الْمَخْلُوقَاتِ تَسْبِيحٌ تَعَبَّدَتْ بِهِ قولُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِلْجِبَالِ: يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ؛ وَمَعْنَى أَوِّبي سَبِّحي مَعَ دَاوُدَ النهارَ كلَّه إِلى اللَّيْلِ؛ وَلَا يَجُوزُ أَن يَكُونَ مَعْنَى أَمر اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِلْجِبَالِ بالتأْويب إِلا تَعَبُّداً لَهَا؛ وَكَذَلِكَ قَوْلِهِ تَعَالَى: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَسُجُودُ هَذِهِ الْمَخْلُوقَاتِ عِبَادَةٌ مِنْهَا لِخَالِقِهَا لَا نَفْقَهُها عَنْهَا كَمَا لَا نَفَقُهُ تَسْبِيحَهَا؛ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: وَإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ وَإِنَّ مِنْها لَما يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْماءُ وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ؛ وَقَدْ عَلِم اللهُ هُبوطَها مِنْ خَشْيَتِهِ وَلَمْ يُعَرِّفْنَا ذَلِكَ فَنَحْنُ نُؤْمِنُ بِمَا أُعلمنا وَلَا نَدَّعِي بِمَا لَا نُكَلَّف بأَفهامنا مِنْ عِلْمِ فِعْلِها كَيْفِيَّةً نَحُدُّها. وَمِنْ صِفَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: السُّبُّوحُ القُدُّوسُ؛ قَالَ أَبو إِسحاق: السُّبُّوح الَّذِي يُنَزَّه عَنْ كُلِّ سُوء، والقُدُّوسُ: المُبارَك، وَقِيلَ: الطَّاهِرُ؛ وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: سُبُّوحٌ قُدُّوس مِنْ صِفَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، لأَنه يُسَبَّحُ ويُقَدَّسُ، وَيُقَالُ: سَبُّوحٌ قَدُّوسٌ؛ قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ فِيهَا الضَّمُّ، قَالَ: فإِن فَتَحْتَهُ فَجَائِزٌ؛ هَذِهِ حِكَايَتُهُ وَلَا أَدري مَا هِيَ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: إِنما قَوْلُهُمْ سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْمَلَائِكَةِ وَالرُّوحِ؛ فَلَيْسَ بِمَنْزِلَةِ سُبْحان لأَن سُبُّوحاً قُدُّوساً صِفَةٌ، كأَنك قُلْتَ ذَكَرْتُ سُبُّوحاً قُدُّوساً فَنَصَبْتَهُ عَلَى إِضمار الْفِعْلِ الْمَتْرُوكِ إِظهاره، كأَنه خَطَرَ عَلَى بَالِهِ أَنه ذَكَره ذاكِرٌ، فَقَالَ سُبُّوحاً أَي ذَكرت سُبُّوحًا، أَو ذَكَره هُوَ فِي نَفْسِهِ فأَضمر مِثْلَ ذَلِكَ، فأَما رَفْعُه فَعَلَى إِضمار المبتدإِ وتَرْكُ إِظهارِ مَا يَرْفع كَتَرْكِ إِظْهَارِ مَا يَنْصِب؛ قَالَ أَبو إِسحاق: وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ بناءٌ عَلَى فُعُّول، بِضَمِّ أَوّله، غَيْرُ هَذَيْنِ الِاسْمَيْنِ الْجَلِيلَيْنِ وَحَرْفٌ آخَرُ «3» وَهُوَ قَوْلُهُمْ للذِّرِّيحِ، وَهِيَ دُوَيْبَّةٌ: ذُرُّوحٌ، زَادَهَا ابْنُ سِيدَهْ فَقَالَ: وفُرُّوجٌ، قَالَ: وَقَدْ يُفْتَحَانِ كَمَا يُفْتَحُ سُبُّوح وقُدُّوسٌ، رَوَى ذَلِكَ كُرَاعٌ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: كُلُّ اسْمٍ عَلَى فَعُّول فَهُوَ مَفْتُوحُ الأَول إِلَّا السُّبُّوحَ والقُدُّوسَ، فإِن الضَّمَّ فِيهِمَا
__________
(3).
قوله [وحرف آخر إلخ] نقل شارح القاموس عن شيخه قال: حكى الفهري عن اللحياني في نوادره اللغتين في قولهم ستوق وشبوط لضرب من الحوت وكلوب انتهى ملخصاً. قوله والفتح فيهما إلخ عبارة النهاية. وفي حديث الدعاء
سبوح قدّوس
يرويان بالفتح والضم، والفتح فيهما إِلى قوله والمراد بهما التنزيه.

(2/472)


أَكثر؛ وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: لَيْسَ فِي الْكَلَامِ فُعُّول بِوَاحِدَةٍ، هَذَا قَوْلُ الْجَوْهَرِيِّ؛ قَالَ الأَزهري: وَسَائِرُ الأَسماء تَجِيءُ عَلَى فَعُّول مِثْلَ سَفُّود وقَفُّور وقَبُّور وَمَا أَشبهها، وَالْفَتْحُ فِيهِمَا أَقْيَسُ، وَالضَّمُّ أَكثر اسْتِعْمَالًا، وَهُمَا مِنْ أَبنية الْمُبَالَغَةِ وَالْمُرَادُ بِهِمَا التَّنْزِيهُ. وسُبُحاتُ وجهِ اللَّهِ، بِضَمِّ السِّينِ وَالْبَاءِ: أَنوارُه وجلالُه وَعَظَمَتُهُ.
وَقَالَ جِبْرِيلُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: إِن لِلَّهِ دُونَ الْعَرْشِ سَبْعِينَ حِجَابًا لَوْ دَنَوْنَا مِنْ أَحدها لأَحرقتنا سُبُحاتُ وَجْهِ رَبِّنَا
؛ رَوَاهُ صَاحِبُ الْعَيْنُ، قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: سُبُحاتُ وَجْهِهِ نُورُ وَجْهِهِ. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
حجابُه النورُ والنارُ، لَوْ كَشَفَهُ لأَحْرقت سُبُحاتُ وَجْهِهِ كلَّ شَيْءٍ أَدركه بصَرُه
؛ سُبُحاتُ وَجْهِ اللَّهِ: جلالُه وَعَظَمَتُهُ، وَهِيَ فِي الأَصل جَمْعُ سُبْحة؛ وَقِيلَ: أَضواء وَجْهِهِ؛ وَقِيلَ: سُبُحاتُ الْوَجْهِ محاسنُه لأَنك إِذا رأَيت الحَسَنَ الوجهِ قُلْتَ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ تنزيهٌ لَهُ أَي سُبْحَانَ وَجْهِهِ؛ وَقِيلَ: سُبُحاتُ وَجْهِهِ كَلَامٌ مُعْتَرِضٌ بَيْنَ الْفِعْلِ وَالْمَفْعُولِ أَي لَوْ كَشَفَهَا لأَحرقت كُلَّ شَيْءٍ أَدركه بَصَرُهُ، فكأَنه قَالَ: لأَحرقت سُبُحاتُ اللَّهِ كُلَّ شَيْءٍ أَبصره، كَمَا تَقُولُ: لَوْ دَخَلَ المَلِكُ البلدَ لَقُتِلَ، والعِياذُ بِاللَّهِ، كلَّ مِنْ فِيهِ؛ قَالَ: وأَقرب مِنْ هَذَا كُلِّهِ أَن الْمَعْنَى: لَوِ انْكَشَفَ مِنْ أَنوار اللَّهِ الَّتِي تُحْجَبُ الْعِبَادُ عَنْهُ شَيْءٌ لأَهلك كلَّ مَنْ وَقَعَ عَلَيْهِ ذَلِكَ النورُ، كَمَا خَرَّ مُوسَى، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ السَّلَامُ، صَعِقاً وتَقَطَّعَ الجبلُ دَكّاً، لمَّا تَجَلَّى اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؛ وَيُقَالُ: السُّبُحاتُ مَوَاضِعُ السُّجُودِ. والسُّبْحَةُ: الخَرَزاتُ الَّتِي يَعُدُّ المُسَبَّحُ بِهَا تَسْبِيحَهُ، وَهِيَ كَلِمَةٌ مولَّدة. وَقَدْ يَكُونُ التَّسْبِيحُ بِمَعْنَى الصَّلَاةِ والذِّكر، تَقُولُ: قَضَيْتُ سُبْحَتي.
وَرُوِيَ أَن عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، جَلَدَ رَجُلَيْنِ سَبَّحا بَعْدَ الْعَصْرِ
أَي صَلَّيا؛ قَالَ الأَعشى:
وسَبِّحْ عَلَى حِينِ العَشِيَّاتِ والضُّحَى، ... وَلَا تَعْبُدِ الشيطانَ، واللهَ فاعْبُدا
يَعْنِي الصَّلَاةَ بالصَّباح والمَساء، وَعَلَيْهِ فُسِّرَ قَوْلُهُ: فَسُبْحانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ
؛ يأْمرهم بِالصَّلَاةِ فِي هَذَيْنِ الوَقتين؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: حِينَ تُمْسُونَ الْمَغْرِبُ وَالْعَشَاءُ، وَحِينَ تُصْبِحُونَ صَلَاةُ الْفَجْرِ، وَعَشِيًّا الْعَصْرُ، وَحِينَ تُظْهِرُونَ الأُولى. وَقَوْلُهُ: وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ
أَي وصَلِّ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَلَوْلا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ
؛ أَراد مِنَ الْمُصَلِّينَ قَبْلَ ذَلِكَ، وَقِيلَ: إِنما ذَلِكَ لأَنه قَالَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ: لَا إِله إِلَّا أَنت سُبْحَانَكَ إِني كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ. وَقَوْلُهُ: يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لَا يَفْتُرُونَ
؛ يُقَالُ: إِن مَجْرَى التَّسْبِيحِ فِيهِمْ كمَجرى النَّفَسِ مِنَّا لَا يَشْغَلُنا عَنِ النَّفَسِ شَيْءٌ. وَقَوْلُهُ: أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلا تُسَبِّحُونَ
أَي تَسْتَثْنَوْنَ، وَفِي الِاسْتِثْنَاءِ تعظيمُ اللَّهِ والإِقرارُ بأَنه لَا يَشَاءُ أَحدٌ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ، فَوَضَعَ تَنْزِيهَ اللَّهِ مَوْضِعَ الِاسْتِثْنَاءِ. والسُّبْحةُ: الدُّعَاءُ وصلاةُ التَّطَوُّعِ والنافلةُ؛ يُقَالُ: فَرَغَ فلانٌ مِنْ سُبْحَته أَي مِنْ صَلَاتِهِ النَّافِلَةِ، سمِّيت الصَّلَاةُ تَسْبِيحًا لأَن التَّسْبِيحَ تَعْظِيمُ اللَّهِ وَتَنْزِيهُهُ مِنْ كلِّ سُوءٍ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وإِنما خُصت النَّافِلَةُ بالسُّبْحة، وإِن شَارَكَتْهَا الْفَرِيضَةُ فِي مَعْنَى التَّسْبِيحِ، لأَن التَّسْبِيحَاتِ فِي الْفَرَائِضِ نوافلُ، فَقِيلَ لِصَلَاةِ النَّافِلَةِ سُبْحة لأَنها نَافِلَةٌ كَالتَّسْبِيحَاتِ والأَذكار فِي أَنها غَيْرُ وَاجِبَةٍ؛ وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ السُّبْحة فِي الْحَدِيثِ كَثِيرًا فَمِنْهَا:
اجْعَلُوا صَلَاتَكُمْ مَعَهُمْ سُبْحَةً
أَي نَافِلَةً، وَمِنْهَا:
كُنَّا إِذا نَزَلْنَا مَنْزِلًا لَا نُسَبِّحُ حَتَّى نَحُلَّ الرِّحال
؛ أَراد صَلَاةَ الضُّحَى، بِمَعْنَى أَنهم كَانُوا مَعَ اهْتِمَامِهِمْ بِالصَّلَاةِ لَا يُبَاشِرُونَهَا حَتَّى يَحُطُّوا الرِّحَالَ ويُريحوا الجمالَ

(2/473)


رِفْقًا بِهَا وإِحساناً. والسُّبْحَة: التطوُّع مِنَ الذِّكر وَالصَّلَاةِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقَدْ يُطْلَقُ التَّسْبِيحُ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ أَنواع الذِّكْرِ مَجَازًا كَالتَّحْمِيدِ وَالتَّمْجِيدِ وَغَيْرِهِمَا. وسُبْحَةُ اللَّهِ: جلالُه. وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلًا
أَي فَرَاغًا لِلنَّوْمِ، وَقَدْ يَكُونُ السَّبْحُ بِاللَّيْلِ. والسَّبْحُ أَيضاً: النَّوْمُ نَفْسُهُ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الْمُلَقَّبُ بِنَفْطَوَيْهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ*
أَي سَبِّحْهِ بأَسمائه وَنَزِّهْهُ عَنِ التَّسْمِيَةِ بِغَيْرِ مَا سمَّى بِهِ نَفْسَهُ، قَالَ: وَمَنْ سَمَّى اللَّهَ تَعَالَى بِغَيْرِ مَا سَمَّى بِهِ نَفْسَهُ، فَهُوَ مُلْحِدٌ فِي أَسمائه، وكلُّ مَنْ دَعَاهُ بأَسمائه فَمُسَبِّح لَهُ بِهَا إِذ كَانَتْ أَسماؤُه مَدَائِحَ لَهُ وأَوصافاً؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها، وَهِيَ صِفَاتُهُ الَّتِي وَصَفَ بِهَا نَفْسَهُ، وَكُلُّ مَنْ دَعَا اللَّهَ بأَسمائه فَقَدْ أَطاعه وَمَدَحَهُ ولَحِقَه ثوابُه.
وَرُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: مَا أَحدٌ أَغْيَرَ مِنَ اللَّهِ وَلِذَلِكَ حَرَّمَ الفواحشَ، وَلَيْسَ أَحدٌ أَحبَّ إِليه المَدْحُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى.
والسَّبْحُ أَيضاً: السُّكُونُ. والسَّبْحُ: التقَلُّبُ وَالِانْتِشَارُ فِي الأَرض والتَّصَرُّفُ فِي الْمَعَاشِ، فكأَنه ضِدٌّ. وَفِي حَدِيثِ الْوُضُوءِ:
فأَدخل إصْبُعَيْه السَّبَّاحَتَيْنِ فِي أُذنيه
؛ السَّبَّاحةُ والمُسَبِّحةُ: الإِصبع الَّتِي تَلِي الإِبهام، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَنها يُشَارُ بِهَا عِنْدَ التَّسْبِيحِ. والسَّبْحَةُ، بِفَتْحِ السِّينِ: ثَوْبٌ مِنْ جُلُود، وَجَمْعُهَا سِباحٌ؛ قَالَ مَالِكُ بْنُ خَالِدٍ الْهُذَلِيُّ:
وسَبَّاحٌ ومَنَّاحٌ ومُعْطٍ، ... إِذا عادَ المَسارِحُ كالسِّباحِ
وصحَّف أَبو عُبَيْدَةَ هَذِهِ الْكَلِمَةَ فَرَوَاهَا بِالْجِيمِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: لَمْ يَذْكُرْ، يَعْنِي الْجَوْهَرِيَّ، السَّبْحَة، بِالْفَتْحِ، وَهِيَ الثِّيَابُ مِنَ الْجُلُودِ، وَهِيَ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا التَّصْحِيفُ، فَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: هِيَ السُّبْجة، بِالْجِيمِ وَضَمِّ السِّينِ، وَغَلِطَ فِي ذَلِكَ، وإِنما السُّبْجَة كِسَاءٌ أَسود، وَاسْتَشْهَدَ أَبو عُبَيْدَةَ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِهِ بِقَوْلِ مَالِكٍ الْهُذَلِيِّ:
إِذا عَادَ الْمَسَارِحُ كَالسِّبَاجِ
فصحَّف الْبَيْتَ أَيضاً، قَالَ: وَهَذَا الْبَيْتُ مِنْ قَصِيدَةٍ حَائِيَّةٍ مَدَحَ بِهَا زهيرَ بنَ الأَغَرِّ اللِّحْيَانِيَّ، وأَوَّلها:
فَتًى مَا ابنُ الأَغَرِّ، إِذا شَتَوْنا، ... وحُبَّ الزَّادُ فِي شَهْرَيْ قُماحِ [قِماحِ]
وَالْمَسَارِحُ: الْمَوَاضِعُ الَّتِي تَسْرَحُ إِليها الإِبل، فَشَبَّهَهَا لمَّا أَجدبت بِالْجُلُودِ المُلْسِ فِي عَدَمِ النَّبَاتِ، وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ سِيدَهْ فِي تَرْجَمَةِ سَبَجَ، بِالْجِيمِ، مَا صُوُرَتُهُ: والسِّباجُ ثِيَابٌ مِنْ جُلُودٍ، وَاحِدَتُهَا سُبْجَة، وَهِيَ بِالْحَاءِ أَعلى، عَلَى أَنه أَيضاً قَدْ قَالَ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ: إِن أَبا عُبَيْدَةَ صحَّف هَذِهِ الْكَلِمَةَ وَرَوَاهَا بِالْجِيمِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ آنِفًا، وَمِنَ الْعَجَبِ وُقُوعُهُ فِي ذَلِكَ مَعَ حِكَايَتِهِ عَنْ أَبي عُبَيْدَةَ أَنه وَقَعَ فِيهِ، اللَّهُمَّ إِلا أَن يَكُونَ وَجَدَ نَقْلًا فِيهِ، وَكَانَ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنه لَوْ وَجَدَ نَقْلًا فِيهِ أَن يَذْكُرَهُ أَيضاً فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ عِنْدَ تَخْطِئَتِهِ لأَبي عُبَيْدَةَ وَنِسْبَتِهِ إِلى التَّصْحِيفِ لِيَسْلَمَ هُوَ أَيضاً مِنَ التُّهْمَةِ وَالِانْتِقَادِ. أَبو عَمْرٍو: كساءٌ مُسبَّح، بِالْبَاءِ، قَوِيٌّ شَدِيدٌ، قَالَ: والمُسَبَّحُ، بِالْبَاءِ أَيضاً، المُعَرَّضُ، وَقَالَ شَمِرٌ: السِّباحُ، بِالْحَاءِ، قُمُصٌ لِلصِّبْيَانِ مِنْ جُلُودٍ؛ وأَنشد:
كأَنَّ زوائِدَ المُهُراتِ عَنْهَا ... جَواري الهِنْدِ، مُرْخِيةَ السِّباحِ
قَالَ: وأَما السُّبْجَة، بِضَمِّ السِّينِ وَالْجِيمِ، فَكِسَاءٌ أَسود. والسُّبْحَة: الْقِطْعَةُ مِنَ الْقُطْنِ. وسَبُوحةُ، بِفَتْحِ السِّينِ مُخَفَّفَةً: البلدُ الحرامُ، وَيُقَالُ:

(2/474)


وادٍ بِعَرَفَاتٍ؛ وَقَالَ يَصِفُ نُوقَ الْحَجِيجِ:
خَوارِجُ مِنْ نَعْمانَ، أَو مِنْ سَبُوحةٍ ... إِلى البيتِ، أَو يَخْرُجْنَ من نَجْدِ كَبْكَبِ
سجح: السَّجَحُ: لِينُ الخَدِّ. وخَدٌّ أَسْجَحُ: سهلٌ طَوِيلٌ قَلِيلُ اللَّحْمِ وَاسِعٌ؛ وَقَدْ سَجِحَ سَجَحاً وسَجاحةً. وخُلُقٌ سَجِيح: لَيِّنٌ سَهْلٌ؛ وَكَذَلِكَ المِشْيةُ، بِغَيْرِ هَاءٍ، يُقَالُ: مَشى فُلَانٌ مَشْيًا سُجُحاً وسَجِيحاً. ومِشْيةٌ سُجُحٌ أَي سَهْلَةٌ؛ وَوَرَدَ فِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يُحَرِّضُ أَصحابه عَلَى الْقِتَالِ: وامْشُوا إِلى الْمَوْتِ مِشْيةً سُجُحاً
؛ قَالَ حَسَّانُ:
دَعُوا التَّخاجُؤَ، وامْشُوا مِشْيَةً سُجُحاً، ... إِنَّ الرجالَ ذَوُو عَصْبٍ وتَذْكِيرِ
قَالَ الأَزهري: هُوَ أَن يَعْتَدِلَ فِي مَشْيِهِ وَلَا يتمايَل فِيهِ تَكَبُّراً. ووجهٌ أَسْجَحُ بَيِّنُ السَّجَحِ أَي حَسَنٌ مُعْتَدِلٌ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
لَهَا أُذُنٌ حَشْرٌ وذِفْرَى أَسِيلةٌ، ... ووجهٌ، كَمِرآةِ الغَرِيبةِ، أَسْجَحُ
وأَورد الأَزهري هَذَا الْبَيْتَ شَاهِدًا عَلَى لِينِ الْخَدِّ، وأَنشده: [وخدٍّ كَمِرْآةِ الْغَرِيبَةِ] قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: خَصَّ مِرْآةَ الْغَرِيبَةِ، وَهِيَ الَّتِي لَمْ تتَزوَّج فِي قَوْمِهَا، فَلَا تَجِدُ فِي نِسَاءِ ذَلِكَ الْحَيِّ مَنْ يُعْنى بِهَا ويُبَيِّن لَهَا مَا تَحْتَاجُ إِلى إِصلاحه مِنْ عَيْبٍ وَنَحْوِهِ، فَهِيَ مُحْتَاجَةٌ إِلى مِرْآتِهَا الَّتِي تَرَى فِيهَا مَا يُنْكِرُه فِيهَا مَنْ رَآهَا، فَمِرْآتُهَا لَا تَزَالُ أَبداً مَجْلُوَّة؛ قَالَ: وَالرِّوَايَةُ الْمَشْهُورَةُ فِي الْبَيْتِ [وخَدّ كَمِرْآةِ الْغَرِيبَةِ]. الأَزهري: وَفِي النَّوَادِرِ يُقَالُ: سَجَحْتُ لَهُ بِشَيْءٍ مِنَ الْكَلَامِ وسَرَحْتُ وسَجَّحْتُ وسَرَّحْتُ وسَنَحْتُ وسَنَّحْتُ إِذا كان كلام فِيهِ تَعْرِيضٌ بِمَعْنًى مِنَ الْمَعَانِي. وسُجُحُ الطَّرِيقِ وسُجْحُه: مَحَجَّتُه لِسُهُولَتِهَا. وبَنَوْا بُيُوتَهُمْ عَلَى سُجُحٍ وَاحِدٍ وسُجْحةٍ واحدةٍ وعِذارٍ وَاحِدٍ أَي قدْرٍ وَاحِدٍ. وَيُقَالُ: خَلِّ لَهُ عَنْ سُجحِ الطَّرِيقِ، بِالضَّمِّ، أَي وَسَطه وسَنَنه. والسَّجِيحة والمَسْجُوحُ الخُلُق؛ وأَنشد:
هُنا وهَنَّا وَعَلَى المَسْجُوحِ
قَالَ أَبو الْحَسَنِ: هُوَ كالمَيْسُور والمَعْسُور وإِن لَمْ يَكُنْ لَهُ فِعْلٌ أَي إِنه مِنَ الْمَصَادِرِ الَّتِي جَاءَتْ عَلَى مِثَالِ مَفْعُولٍ. أَبو عُبَيْدٍ: السَّجِيحة السَّجِيَّة وَالطَّبِيعَةُ. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ رَكِبَ فُلَانٌ سَجِيحَةَ رأْسه، وَهُوَ مَا اخْتَارَهُ لِنَفْسِهِ مِنَ الرأْي فَرَكِبَهُ. والأَسْجَح مِنَ الرِّجَالِ: الحَسَنُ الْمُعْتَدِلُ. الأَزهري: قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الأَسْجَحُ الخَلْق الْمُعْتَدِلُ الْحَسَنُ. اللَّيْثُ: سَجَحَتِ الحمامةُ وسَجَعَت. قَالَ: وَرُبَّمَا قَالُوا مُزْجِح فِي مُسْجِحٍ كالأَسْدِ والأَزْدِ. والسَّجْحاء مِنَ الإِبل: التامَّة طُولًا وَعِظَمًا. والإِسْجاحُ: حُسْنُ الْعَفْوِ؛ وَمِنْهُ الْمَثَلُ السَّائِرُ فِي الْعَفْوِ عِنْدَ المَقْدُرَةِ [المَقْدِرَةِ]: مَلَكْتَ فأَسْجِحْ؛ وَهُوَ مرويٌّ عَنْ
عَائِشَةَ، قَالَتْهُ لِعَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَوْمَ الْجَمَلِ حِينَ ظَهَرَ عَلَى النَّاسِ، فَدَنا مِنْ هَوْدَجها ثُمَّ كَلَّمَهَا بِكَلَامٍ فأَجابته: مَلَكْتَ فأَسْجِحْ
أَي ظَفِرْتَ فأَحْسِنْ وقَدَرْتَ فَسَهِّلْ وأَحْسِنِ العَفْوَ؛ فَجَهَّزَها عِنْدَ ذَلِكَ بأَحْسَنِ الجِهاز إِلى الْمَدِينَةِ؛ وَقَالَهَا أَيضاً ابنُ الأَكْوَعِ فِي غَزْوَةِ ذِي قَرَدٍ: مَلَكْتَ فأَسْجِحْ؛ وَيُقَالُ: إِذا سأَلتَ فأَسْجِحْ أَي سَهِّلْ أَلفاظَكَ وارْفُقْ. ومِسْجَحٌ: اسْمُ رَجُلٍ. وسَجاحِ: اسْمُ المرأَة المُتَنَبِّئة، بِكَسْرِ الْحَاءِ، مِثْلُ حَذامِ وقَطامِ، وَهِيَ مِنْ بَنِي يَرْبُوعٍ؛ قَالَ:

(2/475)


عَصَتْ سَجاحِ شَبَثاً وقَيْسا، ... ولَقِيَتْ مِنَ النكاحِ وَيْسا،
قَدْ حِيسَ هَذَا الدِّينُ عِنْدِي حَيْسا
قَالَ الأَزهري: كَانَتْ فِي تَمِيمٍ امرأَة كَذَّابَةٌ أَيام مُسَيْلِمَةَ المُتَنَبِّئ فتَنَبَّأَتْ هِيَ أَيضاً، وَاسْمُهَا سَجاحِ، وَخَطَبَهَا مُسَيْلِمَةُ وتزوَّجته ولهما حديث مشهور.
سحح: السَّحُّ والسُّحُوحُ: هَمَّا سِمَنُ الشاةِ. سَحَّتِ الشاةُ وَالْبَقَرَةُ تَسِحُّ سَحّاً وسُحُوحاً وسُحُوحةً إِذا سَمِنَتْ غَايَةَ السِّمَن؛ وَقِيلَ: سَمِنَتْ وَلَمْ تَنْتَهِ الغايةَ؛ وَقَالَ: اللِّحْيَانِيُّ سَحَّتْ تَسُحُّ، بِضَمِّ السِّينِ؛ وَقَالَ أَبو مَعَدٍّ الكِلابيُّ: مهزولٌ ثُمَّ مُنْقٍ إِذا سَمِنَ قَلِيلًا ثُمَّ شَنُونٌ ثُمَّ سَمِينٌ ثُمَّ ساحٌّ ثُمَّ مُتَرَطِّمٌ، وَهُوَ الَّذِي انْتَهَى سِمَناً؛ وَشَاةٌ ساحَّةٌ وساحٌّ، بِغَيْرِ هَاءٍ، الأَخيرة عَلَى النَّسَبِ. قَالَ الأَزهري: قَالَ الْخَلِيلُ هَذَا مِمَّا يُحتج بِهِ أَنه قَوْلُ الْعَرَبِ فَلَا نَبْتَدِعُ فِيهِ شَيْئًا. وغنمٌ سِحاحٌ وسُحاحٌ: سِمانٌ، الأَخيرة مِنَ الْجَمْعِ الْعَزِيزِ كظُؤَارٍ ورُخالٍ؛ وَكَذَا رُوِيَ بَيْتُ ابْنِ هَرْمة:
وبَصَّرْتَني، بعدَ خَبْطِ الغَشُومِ، ... هَذِي العِجافَ، وَهَذِي السِّحاحا
والسِّحَاحُ والسُّحاحُ، بِالْكَسْرِ وَالضَّمِّ، وَقَدْ قِيلَ: شاةٌ سُحاحٌ أَيضاً، حَكَاهَا ثَعْلَبٌ. وَفِي حَدِيثِ
الزُّبَيْرِ: وَالدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَيَّ مِنْ مِنْحَةٍ ساحَّةٍ
أَي شَاةٍ مُمْتَلِئَةٍ سِمَناً، وَيُرْوَى: سَحْساحة، وَهُوَ بِمَعْنَاهُ؛ ولحمٌ ساحٌّ؛ قَالَ الأَصمعي: كأَنه مِنْ سِمَنِه يَصُبُّ الوَدَكَ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: مررتُ عَلَى جزورٍ ساحٍ
أَي سَمِينَةٍ؛ وَحَدِيثُ
ابْنِ مَسْعُودٍ: يَلْقَى شيطانُ الْمُؤْمِنِ شيطانَ الْكَافِرِ شَاحِبًا أَغْبَر مَهْزُولًا وَهَذَا ساحٌ
أَي سَمِينٌ؛ يَعْنِي شَيْطَانَ الْكَافِرِ. وَسَحَابَةٌ سَحُوحٌ، وسَحَّ الدَّمْعُ والمطرُ والماءُ يَسُحُّ سَحّاً وسُحُوحاً أَي سَالَ مِنْ فَوْقٍ واشتدَّ انصبابُه. وساحَ يَسِيحُ سَيْحاً إِذا جَرَى عَلَى وَجْهِ الأَرض. وعينٌ سَحْساحة: كَثِيرَةُ الصَّبِّ للدُّموع. وَمَطَرٌ سَحْسَحٌ وسَحْساحٌ: شَدِيدٌ يَسُحُّ جِدًّا يَقْشِرُ وجهَ الأَرض. وتَسَحْسَحَ الماءُ والشيءُ: سال. وانْسَحَّ إِبطُ الْبَعِيرِ عَرَقاً، فَهُوَ مُنْسَحُّ أَي انْصَبَّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
يمينُ اللَّهِ سَحَّاءُ لَا يَغِيضُها شيءٌ الليلَ والنهارَ
أَي دَائِمَةُ الصَّبِّ والهَطْلِ بِالْعَطَاءِ. يُقَالُ: سَحَّ يَسُحُّ سَحّاً، فَهُوَ ساحٌّ، وَالْمُؤَنَّثَةُ سَحَّاءُ، وَهِيَ فَعْلاءُ لَا أَفْعَلَ لَهَا، كهَطْلاء؛ وَفِي رِوَايَةٍ:
يَمِينُ اللَّهِ ملأَى سَحّاً
، بِالتَّنْوِينِ عَلَى الْمَصْدَرِ، وَالْيَمِينُ هَاهُنَا كِنَايَةٌ عَنْ مَحَلِّ عَطَائِهِ وَوَصَفَهَا بِالِامْتِلَاءِ لِكَثْرَةِ مَنَافِعِهَا، فَجَعَلَهَا كَالْعَيْنِ الثَّرَّةِ لَا يَغِيضُها الاستقاءُ وَلَا ينقُصُها الامْتِياحُ، وخَصَّ الْيَمِينَ لأَنها فِي الأَكثر مَظِنَّة لِلْعَطَاءِ عَلَى طَرِيقِ الْمَجَازِ والاتساعِ، والليلَ وَالنَّهَارَ مَنْصُوبَانِ عَلَى الظَّرْفِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ أَنه قَالَ لأُسامة حِينَ أَنْفَدَ جَيْشَه إِلى الشَّامِ: أَغِرْ عَلَيْهِمْ غارَةً سَحَّاءَ
أَي تَسُحُّ عَلَيْهِمُ البَلاءَ دَفْعَةً مِنْ غَيْرِ تَلَبُّثٍ. وَفَرَسٌ مِسَحٌّ، بِكَسْرِ الْمِيمِ: جَوادٌ سَرِيعٌ كأَنه يَصُبُّ الجَرْيَ صَبّاً، شُبِّه بِالْمَطَرِ فِي سُرْعَةِ انْصِبَابِهِ. وسَحَّ الماءَ وَغَيْرَهُ يَسُحُّه سَحّاً: صَبَّه صَبّاً مُتَتَابِعًا كَثِيرًا؛ قَالَ دُرَيْدُ بنُ الصِّمَّةِ:
ورُبَّةَ غارَةٍ أَوْضَعْتُ فِيهَا، ... كسَحِّ الخَزْرَجِيِّ جَرِيمَ تَمْرِ
مَعْنَاهُ أَي صَبَبْتُ عَلَى أَعدائي كَصَبِّ الخَزْرَجِيِّ جَرِيمَ التَّمْرِ، وَهُوَ النَّوَى. وحَلِفٌ سَحٌّ: مُنْصَبٌّ مُتَتَابِعٌ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
لَوْ نَحَرَتْ فِي بَيْتِهَا عَشْرَ جُزُرْ،

(2/476)


لأَصْبَحَتْ مِنْ لَحْمِهِنَّ تَعْتَذِرْ، ... بِحَلِفٍ سَحٍّ ودَمْعٍ مُنْهَمِرْ
وسَحَّ الماءُ سَحّاً: مَرَّ عَلَى وَجْهِ الأَرض. وَطَعْنَةٌ مُسَحْسِحةٌ: سَائِلَةٌ؛ وأَنشد:
مُسَحْسِحةٌ تَعْلُو ظُهورَ الأَنامِلِ
الأَزهري: الْفَرَّاءُ قَالَ: هُوَ السَّحَاحُ والإِيَّارُ واللُّوحُ والحالِقُ لِلْهَوَاءِ. والسُّحُّ والسَّحُّ: التَّمْرُ الَّذِي لَمْ يُنْضَح بِمَاءٍ، وَلَمْ يُجْمَعْ فِي وِعَاءٍ، وَلَمْ يُكْنَزْ، وَهُوَ مَنْثُورٌ عَلَى وَجْهِ الأَرض؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: السُّحُّ تَمْرٌ يَابِسٌ لَا يُكْنَز، لُغَةٌ يَمَانِيَّةٌ؛ قَالَ الأَزهري: وسَمعت البَحْرانِيِّينَ يَقُولُونَ لجِنْسٍ مِنَ القَسْبِ السُّح، وبالنِّباجِ عَيْنٌ يُقَالُ لَهَا عُرَيْفِجان تَسْقي نَخْلًا كَثِيرًا، وَيُقَالُ لِتَمْرِهَا: سُحُّ عُرَيْفِجانَ، قَالَ: وَهُوَ مِنْ أَجود قَسْبٍ رأَيت بِتِلْكَ الْبِلَادِ. وأَصاب الرجلَ لَيلَتَه سَحٌّ مثلُ سَجٍّ إِذا قَعَدَ مقاعِدَ رِقاقاً. والسَّحْسَحة والسَّحْسَحُ: عَرْصَة الدَّارِ وعَرْصَة المحَلَّة. الأَحمر: اذهبْ فَلَا أَرَيَنَّك بسَحْسَحِي وسَحايَ وحَرايَ وحَراتي وعَقْوتي وعَقاتي. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ نَزَلَ فلانٌ بسَحْسَحِه أَي بِنَاحِيَتِهِ وَسَاحَتِهِ. وأَرض سَحْسَحٌ: وَاسِعَةٌ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَلَا أَدري مَا صحتُها. وسَحَّه مائةَ سَوْطٍ يَسُحُّه سَحّاً أَي جَلَده.
سدح: السَّدْحُ: ذَبْحُك الشيءَ وبَسْطُكَه عَلَى الأَرض وَقَدْ يَكُونُ إِضْجاعَك للشيءِ؛ وَقَالَ اللَّيْثُ: السَّدْحُ ذَبْحُك الْحَيَوَانَ مَمْدُودًا عَلَى وَجْهِ الأَرض، وَقَدْ يَكُونُ إِضْجاعُك الشيءَ عَلَى وَجْهِ الأَرض سَدْحاً، نَحْوَ القِرْبة الْمَمْلُوءَةِ المَسْدوحة؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ يَصِفُ الْحَيَّةَ:
يأْخُذُ فِيهِ الحَيَّةَ النَّبُوحا، ... ثُمَّ يَبِيتُ عِنْدَهُ مَذْبُوحا،
مُشَدَّخَ الهامةِ أَو مَسْدُوحا
قَالَ الأَزهري: السَّدْحُ والسَّطْحُ وَاحِدٌ، أُبدلت الطَّاءُ فِيهِ دَالًا، كَمَا يُقَالُ: مَطَّ ومَدَّ وَمَا أَشبهه. وسَدَحَ الناقةَ سَدْحاً: أَناخها كسَطَحَها، فإِما أَن يَكُونَ لُغَةً، وإِما أَن يَكُونَ بدَلًا. وسادِحٌ: قَبِيلَةٌ أَو حَيٌّ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
وَقَدْ أَكثرَ الواشُونَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ، ... كَمَا لَمْ يَغِبْ، عَنْ عَيِّ ذُبيانَ، سادِحُ
وعَلَّق أَكثر بِبَيْنِي لأَنه فِي مَعْنَى سَعَى. وسَدَحه، فهو مَسْدُوحٌ وسَدِيحٌ: صَرَعه كسَطَحه. والسَّادِحةُ: السحابةُ الشَّدِيدَةُ الَّتِي تَصْرَعُ كلَّ شَيْءٍ. وانْسَدح الرجلُ: اسْتَلْقَى وفرَّج رِجْلَيْهِ. والسَّدْحُ: الصَّرْعُ بَطْحاً عَلَى الْوَجْهِ أَو إِلقاءً عَلَى الظَّهْرِ، لَا يَقَعُ قَاعِدًا وَلَا متكوِّراً؛ تَقُولُ: سَدَحه فانْسَدَح، فَهُوَ مَسْدوح وسَدِيحٌ؛ قَالَ خِداشُ بنُ زُهَيْرٍ:
بَيْنَ الأَراكِ وبينَ النَّخْلِ تَسْدَحُهُمْ ... زُرْقُ الأَسِنَّةِ، فِي أَكرافِها شَبَمُ
وَرَوَاهُ المُفَضَّل تَشْدَخُهم، بِالْخَاءِ وَالشِّينِ الْمُعْجَمَتَيْنِ، فَقَالَ لَهُ الأَصمعي: صَارَتِ الأَسنة كأَفْرَكُوباتٍ «4» تَشْدَخ الرؤوس، إِنما هُوَ تَسْدَحُهم، وَكَانَ الأَصمعي يَعِيبُ مَنْ يَرْوِيهِ تَشْدَخُهُمْ، وَيَقُولُ: الأَسنة لَا تَشْدَخ إِنما ذَلِكَ يَكُونُ بحَجَر أَو دَبُّوس أَو عمودٍ أَو نَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا لَا قَطْعَ لَهُ؛ وقبل هَذَا الْبَيْتُ:
قَدْ قَرَّت العينُ إِذ يَدْعُونَ خَيْلَهُمُ ... لكَي تَكُرَّ، وَفِي آذَانِهَا صَمَمُ
أَي يَطْلُبُونَ مِنْ خَيْلِهِمْ أَن تَكِرَّ فَلَا تُطِيعُهُمْ. وَفُلَانٌ سادِحٌ أَي مُخْصِبٌ.
__________
(4).
هكذا في الأَصل ولم نجد لهذه اللفظة أثراً في المعاجم.

(2/477)


وسَدَحَ القِرْبَة يَسْدَحُها سَدْحاً: ملأَها وَوَضْعَهَا إِلى جَنْبِهِ. وسَدَحَ بِالْمَكَانِ: أَقام. ابْنُ الأَعرابي: سَدَحَ بِالْمَكَانِ ورَدَحَ إِذا أَقام بِالْمَكَانِ أَو المَرْعى. وَقَالَ ابْنُ بُزُرْج: سَدَحَتِ المرأَةُ ورَدَحَتْ إِذا حَظِيَتْ عِنْدَ زَوْجِهَا ورُضِيَتْ.
سرح: السَّرْحُ: المالُ السَّائِمُ. اللَّيْثُ: السَّرْحُ المالُ يُسامُ فِي الْمَرْعَى مِنَ الأَنعام. سَرَحَتِ الماشيةُ تَسْرَحُ سَرْحاً وسُرُوحاً: سامتْ. وسَرَحها هُوَ: أَسامَها، يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى؛ قَالَ أَبو ذؤَيب:
وكانَ مِثْلَيْنِ: أَن لَا يَسْرَحُوا نَعَماً، ... حيثُ اسْتراحَتْ مَواشِيهم، وتَسْرِيحُ
تَقُولُ: أَرَحْتُ الماشيةَ وأَنْفَشْتُها وأَسَمْتُها وأَهْمَلْتُها وسَرَحْتُها سَرْحاً، هَذِهِ وَحْدَهَا بِلَا أَلف. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ
؛ قَالَ: يُقَالُ سَرَحْتُ الماشيةَ أَي أَخرجتها بالغَداةِ إِلَى الْمَرْعَى. وسَرَحَ المالُ نَفْسُهُ إِذا رَعَى بالغَداةِ إِلى الضُّحَى. والسَّرْحُ: المالُ السارحُ، وَلَا يُسَمَّى مِنَ الْمَالِ سَرْحاً إِلَّا مَا يُغْدَى بِهِ ويُراحُ؛ وَقِيلَ: السَّرْحُ مِنَ الْمَالِ مَا سَرَحَ عَلَيْكَ. يُقَالُ: سَرَحَتْ بِالْغَدَاةِ وراحتْ بالعَشِيِّ، وَيُقَالُ: سَرَحْتُ أَنا أَسْرَحُ سُرُوحاً أَي غَدَوْتُ؛ وأَنشد لِجَرِيرٍ:
وإِذا غَدَوْتَ فَصَبَّحَتْك تحِيَّةٌ، ... سَبَقَتْ سُرُوحَ الشَّاحِجاتِ الحُجَّلِ
قَالَ: والسَّرْحُ الْمَالُ الرَّاعِي. وَقَوْلُ أَبي المُجِيبِ وَوَصَفَ أَرضاً جَدْبَةً: وقُضِمَ شَجرُها والتَقى سَرْحاها؛ يَقُولُ: انْقَطَعَ مَرْعاها حَتَّى الْتَقَيَا فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ، وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ سُرُوحٌ. والمَسْرَحُ، بِفَتْحِ الْمِيمِ: مَرْعَى السَّرْح، وَجَمْعُهُ المَسارِحُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
إِذا عَادَ المَسارِحُ كالسِّباحِ
وَفِي حَدِيثِ
أُم زَرْعٍ: لَهُ إِبلٌ قليلاتُ المسارِحِ
؛ هُوَ جَمْعُ مَسْرَح، وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي تَسْرَحُ إِليه الماشيةُ بالغَداة للرَّعْيِ؛ قِيلَ: تَصِفُهُ بِكَثْرَةِ الإِطْعامِ وسَقْيِ الأَلبان أَي أَن إِبله عَلَى كَثْرَتِهَا لَا تَغِيبُ عَنِ الحيِّ وَلَا تَسْرَحُ فِي الْمَرَاعِي الْبَعِيدَةِ، وَلَكِنَّهَا بَارِكَةٌ بفِنائه ليُقَرِّب للضِّيفان مِنْ لَبَنِهَا وَلَحْمِهَا، خَوْفًا مِنْ أَن يَنْزِلَ بِهِ ضيفٌ، وَهِيَ بَعِيدَةٌ عَازِبَةٌ؛ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَن إَبله كَثِيرَةٌ فِي حَالِ بُرُوكِهَا، فإِذا سَرَحت كَانَتْ قَلِيلَةً لِكَثْرَةِ مَا نُحِرَ مِنْهَا فِي مَباركها للأَضياف؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
جَرِيرٍ: لَا يَعْزُب سارِحُها
أَي لَا يَبْعُدُ مَا يَسْرَحُ مِنْهَا إِذا غَدَت لِلْمَرْعَى. والسارحُ: يَكُونُ اسْمًا لِلرَّاعِي الَّذِي يَسْرَحُ الإِبل، وَيَكُونُ اسْمًا لِلْقَوْمِ الَّذِينَ لَهُمُ السَّرْحُ كالحاضِرِ والسَّامِر وَهُمَا جميعٌ. وَمَا لَهُ سارحةٌ وَلَا رَائِحَةٌ أَي مَا لَهُ شيءٌ يَرُوحُ وَلَا يَسْرَحُ؛ قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَقَدْ يَكُونُ فِي مَعْنَى مَا لَهُ قومٌ.
وَفِي كِتَابٍ كَتَبَهُ رسولُ الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لأُكَيْدِر دُومةِ الجَنْدَلِ: لَا تُعْدَلُ سارِحَتُكم وَلَا تُعَدُّ فارِدَتُكم.
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: أَراد أَن مَاشِيَتَهُمْ لَا تُصْرَفُ عَنْ مَرْعًى تُرِيدُهُ. يُقَالُ عَدَلْتُه أَي صَرَفْتُهُ، فَعَدَلَ أَي انْصَرَفَ. وَالسَّارِحَةُ: هِيَ الْمَاشِيَةُ الَّتِي تَسْرَحُ بِالْغَدَاةِ إِلى مَرَاعِيهَا. وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ:
وَلَا يُمْنَعُ سَرْحُكم
؛ السَّرْحُ والسارحُ وَالسَّارِحَةُ سَوَاءٌ: الْمَاشِيَةُ؛ قَالَ خَالِدُ بْنُ جَنْبَةَ: السَّارِحَةُ الإِبل وَالْغَنَمُ. قَالَ: وَالسَّارِحَةُ الدَّابَّةُ الْوَاحِدَةُ، قَالَ: وَهِيَ أَيضاً الْجَمَاعَةُ. والسَّرْحُ:

(2/478)


انْفِجَارُ الْبَوْلِ بَعْدَ احْتِبَاسِهِ. وسَرَّحَ عَنْهُ فانْسَرَحَ وتَسَرَّحَ: فَرَّجَ. وإِذا ضَاقَ شيءٌ فَفَرَّجْتَ عَنْهُ، قُلْتُ: سَرَّحْتُ عَنْهُ تَسْرِيحًا؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
وسَرَّحَتْ عَنْهُ، إِذا تَحَوَّبا، ... رَواجِبُ الجَوْفِ الصَّهِيلَ الصُّلَّبا
ووَلَدَتْه سُرُحاً أَي فِي سُهولة. وَفِي الدُّعَاءِ:
اللَّهُمَّ اجعَلْه سَهْلًا سُرُحاً.
وَفِي حَدِيثِ
الْفَارِعَةِ: أَنها رأَت إِبليس سَاجِدًا تَسِيلُ دُمُوعَهُ كسُرُحِ الجَنِينِ
؛ السُّرُحُ: السَّهْلُ. وإِذا سَهُلت وِلَادَةُ المرأَة، قِيلَ: وَلَدَتْ سُرُحاً. والسُّرُحُ والسَّرِيحُ: إِدْرارُ الْبَوْلِ بَعْدَ احْتِبَاسِهِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
الْحَسَنِ: يَا لَهَا نِعْمَةً، يَعْنِي الشَّرْبة مِنَ الْمَاءِ، تُشْرَبُ لَذَّةً وَتُخْرَجُ سُرُحاً
أَي سَهْلًا سَرِيعًا. والتسريحُ: التَّسْهِيلُ. وشيءٌ سَرِيحٌ: سَهْلٌ. وافْعَل ذَلِكَ فِي سَراحٍ وَرواحٍ أَي فِي سُهُولَةٍ. وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا فِي سَريح أَي فِي عَجَلة. وأَمرٌ سَرِيحٌ: مُعَجَّلٌ وَالِاسْمُ مِنْهُ السَّراحُ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: إِن خَيْرَك لَفِي سَرِيح، وإِن خَيْرَك لَسَريحٌ؛ وَهُوَ ضِدُّ الْبَطِيءِ. وَيُقَالُ: تَسَرَّحَ فلانٌ مِنْ هَذَا الْمَكَانِ إِذا ذَهَبَ وَخَرَجَ. وسَرَحْتُ مَا فِي صَدْرِي سَرْحاً أَي أَخرجته. وَسُمِّيَ السَّرْحُ سَرْحاً لأَنه يُسْرَحُ فيخرُجُ؛ وأَنشد:
وسَرَحْنا كلَّ ضَبٍّ مُكْتَمِنْ
والتسريحُ: إِرسالك رَسُولًا في حاجة سَراحاً. وسَرَّحْتُ فُلَانًا إِلى مَوْضِعِ كَذَا إِذا أَرْسلته. وتَسْرِيحُ المرأَة: تطليقُها. وَالِاسْمُ السَّراحُ، مِثْلُ التَّبْلِيغِ وَالْبَلَاغُ. وتَسْرِيحُ دَمِ العِرْقِ المفصود: إِرساله بعد ما يَسِيلُ مِنْهُ حِينَ يُفْصَد مَرَّةً ثَانِيَةً. وَسَمَّى اللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ، الطَّلَاقَ سَراحاً، فَقَالَ: وَسَرِّحُوهُنَّ سَراحاً جَمِيلًا
؛ كَمَا سَمَّاهُ طَلَاقًا مِنْ طَلَّقَ المرأَة، وَسَمَّاهُ الفِرَاقَ، فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَلفاظ تَجْمَعُ صَرِيحَ الطَّلَاقِ الَّذِي لَا يُدَيَّنُ فِيهَا المُطَلِّقُ بِهَا إِذا أَنكر أَن يَكُونَ عَنَى بِهَا طَلَاقًا، وأَما الْكِنَايَاتُ عَنْهَا بِغَيْرِهَا مِثْلَ الْبَائِنَةِ والبتَّةِ وَالْحَرَامِ وَمَا أَشبهها، فإِنه يُصَدَّق فِيهَا مَعَ الْيَمِينِ أَنه لَمْ يُرِدْ بِهَا طَلَاقًا. وَفِي الْمَثَلِ: السَّراحُ مِنَ النَّجاح؛ إِذا لَمْ تَقْدِرْ عَلَى قَضَاءِ حَاجَةِ الرَّجُلِ فأَيِّسْه فإِن ذَلِكَ عِنْدَهُ بِمَنْزِلَةِ الإِسعاف. وتَسْرِيحُ الشَّعر: إِرساله قَبْلَ المَشْطِ؛ قَالَ الأَزهري: تَسْرِيحُ الشَّعْرِ تَرْجِيلُهُ وَتَخْلِيصُ بَعْضِهِ مِنْ بَعْضٍ بِالْمُشْطِ؛ وَالْمُشْطِ يُقَالُ لَهُ: المِرجل والمِسرح، بِكَسْرِ الْمِيمِ. والمَسْرَحُ، بِفَتْحِ الْمِيمِ: الْمَرْعَى الَّذِي تَسْرَحُ فِيهِ الدَّوَابُّ لِلرَّعْيِ. وفرسٌ سَريح أَي عُرْيٌ، وَخَيْلٌ سُرُحٌ وناقةٌ سُرُحٌ ومُنْسَرِحة فِي سَيْرِهَا أَي سَرِيعَةٌ؛ قَالَ الأَعشى:
بجُلالةٍ سُرُحٍ، كأَنَّ بغَرْزِها ... هِرّاً، إِذا انتَعَل المَطِيُّ ظِلالَها
ومِشْيَةٌ سُرُحُ مِثْلُ سُجُح أَي سَهْلَةٌ. وانْسَرَحَ الرجلُ إِذا اسْتَلْقَى وفَرَّجَ بَيْنَ رِجْلَيْهِ: وأَما قَوْلُ حُمَيْد بْنِ ثَوْرٍ:
أَبى اللهُ إِلَّا أَنَّ سَرْحَةَ مالكٍ، ... عَلَى كلِّ أَفْنانِ العِضاهِ، تَرُوقُ
فإِنما كَنَّى بِهَا عَنِ امرأَة. قَالَ الأَزهري: الْعَرَبُ تَكْنِي عَنِ المرأَة بالسَّرْحةِ النَّابِتَةِ عَلَى الْمَاءِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
يَا سَرْحةَ الماءِ قَدْ سُدَّتْ موارِدُه، ... أَما إِليكِ طريقٌ غيرُ مسْدُودِ
لحائمٍ حامَ حَتَّى لَا حَراكَ بِهِ، ... مُحَلَّإٍ عَنْ طريقِ الوِرْدِ، مَرْدودِ
كَنَّى بالسَّرْحةِ النابتة على الماء عَنِ المرأَة لأَنها حينئذٍ

(2/479)


أَحسن مَا تَكُونُ؛ وسَرْحةٌ فِي قَوْلِ لَبِيدٌ:
لِمَنْ طَلَلٌ تَضَمَّنهُ أُثالُ، ... فَسَرْحةُ فالمَرانَةُ فالخَيالُ؟
هُوَ اسْمُ مَوْضِعٍ «5». والسَّرُوحُ والسُّرُحُ مِنَ الإِبل: السريعةُ الْمَشْيِ. وَرَجُلٌ مُنْسَرِحٌ: متجرِّد؛ وَقِيلَ: قَلِيلُ الثِّيَابِ خَفِيفٌ فِيهَا، وَهُوَ الْخَارِجُ مِنْ ثِيَابِهِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
مُنْسَرِحٌ إِلَّا ذَعاليب الخِرَقْ
والمُنْسَرِحُ: الَّذِي انْسَرَحَ عَنْهُ وَبَرُه. والمُنْسَرِحُ: ضربٌ مِنَ الشِّعْر لِخِفَّتِهِ، وَهُوَ جِنْسٌ مِنَ الْعُرُوضِ تَفْعِيلُهُ: مُسْتَفْعِلُنْ مَفْعُولَاتْ مُسْتَفْعِلُنْ سِتَّ مَرَّاتٍ. ومِلاطٌ سُرُحُ الجَنْبِ: مُنْسَرِحٌ لِلذَّهَابِ وَالْمَجِيءِ؛ يَعْنِي بِالْمِلَاطِ الكَتِفَ، وَفِي التَّهْذِيبِ: العَضُد؛ وَقَالَ كُرَاعٌ: هُوَ الطِّينُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَدري مَا هَذَا. ابْنُ شُمَيْلٍ: ابْنَا مِلاطَي الْبَعِيرِ هُمَا العَضُدانِ، قَالَ: وَالْمِلَاطَانِ مَا عَنْ يَمِينِ الكِرْكِرَةِ وَشَمَالِهَا. والمِسْرَحةُ: مَا يُسَرَّحُ بِهِ الشعَر والكَتَّان وَنَحْوُهُمَا. وَكُلُّ قِطْعَةٍ مِنْ خِرْقَةٍ مُتَمَزِّقَةٍ أَو دَمٍ سَائِلٍ مستطيل يابس، فهو وما أَشبهه سَرِيحة، وَالْجَمْعُ سَرِيحٌ وسَرائِحُ. والسَّريحة: الطَّرِيقَةُ مِنَ الدَّمِ إِذا كَانَتْ مُسْتَطِيلَةً؛ وَقَالَ لَبِيدٌ:
بلَبَّته سَرائِحُ كالعَصيمِ
قَالَ: والسَّريحُ السيرُ الَّذِي تُشَدُّ بِهِ الخَدَمَةُ فَوْقَ الرُّسْغ. والسَّرائح والسُّرُح: نِعالُ الإِبل؛ وَقِيلَ: سُيُورُ نِعالها، كلُّ سَيرٍ مِنْهَا سَريحة؛ وَقِيلَ: السُّيُورُ الَّتِي يُخْصَفُ بِهَا، وَاحِدَتُهَا سَرِيحة، والخِدامُ سُيُورٌ تُشَدُّ فِي الأَرْساغ، والسَّرائِحُ: تُشَدُّ إِلى الخَدَم. والسَّرْحُ: فِناءُ الْبَابِ. والسَّرْحُ: كُلُّ شَجَرٍ لَا شَوْكَ فِيهِ، وَالْوَاحِدَةُ سَرْحة؛ وَقِيلَ: السَّرْحُ كلُّ شَجَرٍ طَالَ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: السَّرْحةُ دَوْحة مِحْلالٌ واسِعةٌ يَحُلُّ تَحْتَهَا الناسُ فِي الصَّيْفِ، ويَبْتَنُون تَحْتَهَا الْبُيُوتَ، وَظِلُّهَا صَالِحٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فَيَا سَرْحةَ الرُّكْبانِ، ظِلُّك بارِدٌ، ... وماؤُكِ عَذْب، لَا يَحِلُّ لوارِدِ «6»
والسَّرْحُ: شَجَرٌ كِبَارٌ عِظَامٌ طِوالٌ لَا يُرْعَى وإِنما يَسْتَظِلُّ فِيهِ. وَيَنْبُتُ بنَجدٍ فِي السَّهْل والغَلْظ، وَلَا يَنْبُتُ فِي رَمْلٍ وَلَا جَبَلٍ، وَلَا يأْكله المالُ إِلَّا قَلِيلًا، لَهُ ثَمَرٌ أَصفر، وَاحِدَتُهُ سَرْحة، وَيُقَالُ: هُوَ الآءُ، عَلَى وَزْنِ العاعِ، يُشْبِهُ الزَّيْتُونَ، والآءُ ثمرةُ السَّرْح؛ قَالَ: وأَخبرني أَعرابي قَالَ: فِي السَّرْحة غُبْرَةٌ وَهِيَ دُونَ الأَثْلِ فِي الطُّولِ، ووَرَقُها صِغَارٌ، وَهِيَ سَبْطَة الأَفْنان. قَالَ: وَهِيَ مَائِلَةُ النِّبتة أَبداً ومَيلُها مِنْ بَيْنِ جَمِيعِ الشَّجَرِ فِي شِقّ الْيَمِينِ، قَالَ: وَلَمْ أَبْلُ عَلَى هَذَا الأَعرابي كَذِبًا. الأَزهري عَنِ اللَّيْثُ: السَّرْحُ شَجَرٌ لَهُ حَمْل وَهِيَ الأَلاءَة، وَالْوَاحِدَةُ سَرْحَةٌ؛ قَالَ الأَزهري: هَذَا غَلَطٌ لَيْسَ السَّرْحُ مِنَ الأَلاءَة فِي شَيْءٌ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: السَّرْحة ضَرْبٌ مِنَ الشَّجَرِ، مَعْرُوفَةٌ؛ وأَنشد قَوْلَ عَنْتَرَةُ:
بَطَلٌ، كأَنَّ ثِيابَه فِي سَرْحةٍ، ... يُحْذَى نِعالَ السِّبْتِ، لَيْسَ بتَوْأَمِ
يَصِفُهُ بِطُولِ الْقَامَةِ، فَقَدْ بيَّن لَكَ أَن السَّرْحَة مِنْ كِبَارِ الشَّجَرِ، أَلا تَرَى أَنه شَبَّهَ بِهِ الرَّجُلَ لِطُولِهِ، والأَلاء لَا سَاقَ لَهُ وَلَا طُولَ؟ وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ أَنه قال:
__________
(5).
قوله [هو اسم موضع] مثله في الجوهري وياقوت. وقال المجد: الصواب شرجة، بالشين والجيم المعجمتين. والحِبال، بكسر الحاء المهملة والباء الموحدة.
(6).
قوله [لا يحل لوارد] هكذا في الأَصل بهذا الضبط وشرح القاموس وانظره فلعله لا يمل لوارد.

(2/480)


إِنَّ بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا سَرْحةً لَمْ تُجْرَدْ وَلَمْ تُعْبَلْ، سُرَّ تَحْتَهَا سَبْعُونَ نَبِيًّا
؛ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَن السَّرْحةَ مِنْ عِظَامِ الشجر؛ ورواه ابن الأَثير: لم تُجْرَدْ وَلَمْ تُسْرَحْ، قَالَ: وَلَمْ تُسْرَحْ لَمْ يُصِبْهَا السَّرْحُ فيأْكل أَغصانها وَوَرَقِهَا، قَالَ: وَقِيلَ هُوَ مأْخوذ مَنْ لَفْظِ السَّرْحة، أَراد: لَمْ يؤْخذ مِنْهَا شَيْءٌ، كما يقال: شَجَرْتُ الشجرةَ إِذا أَخذتُ بعضَها. وَفِي حَدِيثِ
ظَبْيانَ: يأْكلون مُلَّاحها ويَرْعَوْنَ سِراحَها.
ابْنُ الأَعرابي: السَّرْحُ كِبارُ الذَّكْوانِ، والذَّكْوانُ شجرٌ حَسَنُ العَساليح. أَبو سَعِيدٍ: سَرَحَ السيلُ يَسْرَحُ سُرُوحاً وسَرْحاً إِذا جَرَى جَرْيًا سَهْلًا، فَهُوَ سيلٌ سارحٌ؛ وأَنشد:
ورُبَّ كلِّ شَوْذَبِيٍّ مُنْسَرِحْ، ... مِنَ اللباسِ، غيرَ جَرْدٍ مَا نُصِحْ «1»
والجَرْدُ: الخَلَقُ مِنَ الثِّيَابِ. وما نُصِحَ أَي مَا خِيطَ. والسَّرِيحةُ مِنَ الأَرض: الطَّرِيقَةُ الظَّاهِرَةُ الْمُسْتَوِيَةُ فِي الأَرض ضَيِّقةً؛ قَالَ الأَزهري: وَهِيَ أَكثر نبْتاً وَشَجَرًا مِمَّا حَوْلُهَا وَهِيَ مُشرفة عَلَى مَا حَوْلَهَا، وَالْجَمْعُ السَّرائح، فَتَرَاهَا مُسْتَطِيلَةً شَجِيرة وَمَا حَوْلَهَا قَلِيلُ الشَّجَرِ، وَرُبَّمَا كَانَتْ عَقَبة. وسَرائحُ السَّهْمِ: العَقَبُ الَّذِي عُقِبَ بِهِ؛ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هِيَ العَقَبُ الَّذِي يُدْرَجُ عَلَى اللِّيطِ، وَاحِدَتُهُ سَرِيحة. والسَّرائحُ أَيضاً: آثَارٌ فِيهِ كَآثَارِ النَّارِ. وسُرُحٌ: ماءٌ لَبَنِي عَجْلَانَ ذَكَرَهُ ابْنُ مُقْبِلٍ فَقَالَ:
قَالَتْ سُلَيْمَى ببَطْن القاعِ مِنْ سُرُحٍ
وسَرَحَه اللهُ وسَرَّحه أَي وَفَّقه اللَّهُ؛ قَالَ الأَزهري: هَذَا حَرْفٌ غَرِيبٌ سَمِعْتُهُ بِالْحَاءِ فِي الْمُؤَلِّفِ عَنِ الإِيادي. والمَسْرَحانِ: خشبتانِ تُشَدَّانِ فِي عُنُق الثَّوْرُ الَّذِي يُحْرَثُ بِهِ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. وسَرْحٌ: اسمٌ؛ قَالَ الرَّاعِي:
فَلَوْ أَنَّ حَقَّ الْيَوْمِ مِنْكُمْ أَقامَه، ... وإِن كَانَ سَرْحٌ قَدْ مَضَى فَتَسَرَّعا
ومَسْرُوحٌ: قَبِيلَةٌ. والمَسْرُوحُ: الشرابُ، حُكِيَ عَنْ ثَعْلَبٍ وَلَيْسَ مِنْهُ على ثقة. وسِرْحانُ الحَوْضِ: وَسَطُه. والسِّرْحانُ: الذِّئبُ، والجمع سَراحٍ «2» وسَراحِينُ وسَراحِي، بِغَيْرِ نونٍ، كَمَا يقالُ: ثَعَالِبٌ وثَعَالِي. قَالَ الأَزهري: وأَما السِّراحُ فِي جَمْعِ السِّرْحان فَغَيْرُ مَحْفُوظٍ عِنْدِي. وسِرْحانٌ: مُجْرًى مِنْ أَسماء الذِّئْبِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
وغارةُ سِرْحانٍ وتقريبُ تَتْفُلِ
والأُنثى بِالْهَاءِ وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ، وَقَدْ تُجْمَعُ هَذِهِ بالأَلف وَالتَّاءِ. والسِّرْحانُ والسِّيدُ الأَسدُ بِلُغَةِ هُذَيْلٍ؛ قَالَ أَبو المُثَلَّمِ يَرْثي صَخْر الغَيّ:
هَبَّاطُ أَوْدِيَةٍ، حَمَّالُ أَلْوِيَةٍ، ... شَهَّادُ أَنْدِيَةٍ، سِرْحانُ فِتْيانِ
وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ؛ وأَنشد أَبو الْهَيْثَمِ لطُفَيْلٍ:
وخَيْلٍ كأَمْثَالِ السِّراحِ مَصُونَةٍ، ... ذَخائِرَ مَا أَبقى الغُرابُ ومُذْهَبُ
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَقَدْ جَاءَ فِي شِعْرِ مالك بن الحرث الكاهلي:
ويوماً نَقْتُلُ الآثارَ شَفْعاً، ... فنَتْرُكُهمْ تَنُوبُهمُ السِّراحُ
شَفْعاً أَي ضِعف مَا قَتَلُوا وقِيسَ عَلَى ضِبْعانٍ وضِباعٍ؛
__________
(1).
قوله [وأَنشد ورب كل إلخ] حق هذا البيت أَن ينشد عند قوله فيما مر ورجل منسرح متجرد كما استشهد به في الأَساس على ذلك وهو واضح.
(2).
قوله [والجمع سراح] كثمان فيعرب منقوصاً كأنهم حذفوا آخره.

(2/481)


قَالَ الأَزهري: وَلَا أَعرف لَهُمَا نَظِيرًا. والسِّرْحانُ: فِعْلانٌ مَنْ سَرَحَ يَسْرَحُ؛ وَفِي حَدِيثِ الْفَجْرِ الأَول:
كأَنه ذَنَبُ السِّرْحانِ
؛ هُوَ الذِّئْبُ، وَقِيلَ: الأَسد. وَفِي الْمَثَلِ: سَقَط العَشاءُ»
بِهِ عَلَى سِرْحانٍ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: النُّونُ زَائِدَةٌ، وَهُوَ فِعْلانٌ وَالْجَمْعُ سَراحينُ؛ قَالَ الْكِسَائِيُّ: الأُنثى سِرْحانة. والسِّرْحالُ: السِّرْحانُ، عَلَى الْبَدَلِ عِنْدَ يَعْقُوبَ؛ وأَنشد:
تَرَى رَذايا الكُومِ فوقَ الخالِ ... عِيداً لكلِّ شَيْهمٍ طِمْلالِ،
والأَعْوَرِ العينِ مَعَ السِّرحالِ
وَفَرَسٌ سِرْياحٌ: سَرِيعٌ: قَالَ ابْنُ مُقْبل يَصِفُ الْخَيْلَ:
مِنْ كلِّ أَهْوَجَ سِرْياحٍ ومُقْرَبةٍ، ... نَفَّاتُ يَوْمَ لكال الورْدِ فِي الغُمَرِ «2»
قَالُوا: وإِنما خَصَّ الغُمَرَ وسَقْيَها فِيهِ لأَنه وَصَفَهَا بالعِتْق وسُبُوطة الخَدِّ وَلَطَافَةِ الأَفواه، كَمَا قَالَ:
وتَشْرَبُ فِي القَعْب الصَّغِيرِ، وإِن فُقِدْ، ... لمِشْفَرِها يَوْمًا إِلى الْمَاءِ تَنْقَدْ «3»
والسِّرْياحُ مِنَ الرِّجَالِ: الطويلُ. والسِّرياح: الجرادُ. وأُم سِرْياحٍ: امرأَةٌ، مُشْتَقٌّ مِنْهُ؛ قَالَ بَعْضُ أُمراء مَكَّةَ، وَقِيلَ هُوَ لدرَّاج بْنِ زُرْعة:
إِذا أُمُّ سِرياحٍ غَدَتْ فِي ظَعائِنٍ ... جَوَالِسَ نَجْداً، فاضتِ العينُ تَدْمَعُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَذَكَرَ أَبو عُمَرَ الزَّاهِدُ أَن أُم سِرْياح فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ كُنْيَةُ الْجَرَادَةِ. والسِّرياحُ: اسْمُ الْجَرَادِ. والجالسُ: الْآتِي نَجْداً.
سرتح: أَرض سِرتاحٌ: كَرِيمَةٌ.
سرجح: هُمْ عَلَى سُرْجُوحةٍ وَاحِدَةٍ إِذا اسْتَوَتْ أَخلاقهم.
سردح: السِّرْداحُ والسِّرْداحةُ: النَّاقَةُ الطَّوِيلَةُ، وَقِيلَ: الْكَثِيرَةُ اللَّحْمِ؛ قَالَ:
إِن تَرْكَبِ النَّاجِيَةَ السِّرْداحا
وَجَمْعُهَا السَّرادِحُ. والسِّرداحُ أَيضاً: جَمَاعَةُ الطَّلح، وَاحِدَتُهُ سِرْداحةٌ. والسِّرْداحُ: مكانٌ لَيِّنٌ يُنْبِتُ النَّجْمَةَ والنَّصِيَّ والعِجْلَة، وَهِيَ السَّرادِحُ؛ وأَنشد الأَزهري:
عَلَيْكَ سِرداحاً مِنَ السَّرادِحِ، ... ذَا عِجْلَة، وَذَا نَصِيٍّ واضِحِ
أَبو خَيْرَةَ: هِيَ أَماكن مُسْتَوِيَةٌ تُنْبِتُ العِضاهَ، وَهِيَ لَينة. وَفِي حَدِيثِ
جُهَيْشٍ: ودَيْمُومَةٍ سَرْدَحٍ
؛ قَالَ: السَّرْدَحُ الأَرض اللَّيِّنَةُ الْمُسْتَوِيَةُ؛ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: الصَّرْدَحُ، بِالصَّادِّ، هُوَ الْمَكَانُ الْمُسْتَوِي، فأَما بِالسِّينِ، فَهُوَ السِّرْداحُ وَهِيَ الأَرض اللَّيِّنَةُ. وأَرض سِرْداحٌ: بَعِيدَةٌ. والسِّرْداحُ: الضخْمُ؛ عَنِ السِّيرَافِيِّ وَفِي التَّهْذِيبِ؛ وأَنشد الأَصمعي:
وكأَني فِي فَحْمةِ ابنِ جَمِيرٍ، ... فِي نِقابِ الأُسامةِ السِّرْداحِ
الأُسامة: الأَسد. ونقابه: جلده. والسِّرْداح، مِنْ نَعْتِهِ: وَهُوَ الْقَوِيُّ الشديد التامُّ.
سطح: سَطَحَ الرجلَ وَغَيْرَهُ يَسطَحه، فَهُوَ مسْطوحٌ وسَطِيح: أَضْجَعَه وَصَرَعَهُ فَبَسَطَهُ عَلَى الأَرض. وَرَجُلٌ مَسْطُوحٌ وسَطِيحٌ: قَتيلٌ منبَسِطٌ؛ قَالَ اللَّيْثُ: السَّطِيحُ المَسْطُوحُ هُوَ الْقَتِيلُ: وأَنشد:
حَتَّى يَراه وَجْهها سَطِيحا
والسَّطِيح: الْمُنْبَسِطُ، وَقِيلَ: الْمُنْبَسِطُ الْبَطِيءُ الْقِيَامُ مِنَ الضَّعْفِ. والسَّطِيح: الَّذِي يُولَدُ ضَعِيفًا لَا يقدر
__________
(1).
قوله [وَفِي الْمَثَلِ سَقَطَ الْعَشَاءُ إلخ] قَالَ أَبو عُبَيْدٍ أَصْلُهُ أن رجلًا خرج يلتمس العشاء فوقع على ذئب فأكله انتهى. من الميداني.
(2).
يحرر هذا الشطر والبيت الذي بعده فلم نقف عليهما.
(3).
هكذا في الأَصل ولعله: وإن تُقد بمشفرها تَنقد.

(2/482)


عَلَى الْقِيَامِ وَالْقُعُودِ، فَهُوَ أَبداً مُنْبَسِطٌ. والسَّطِيح: الْمُسْتَلْقِي عَلَى قَفَاهُ مِنَ الزِّمَانَةِ. وسَطِيحٌ: هَذَا الْكَاهِنُ الذِّئْبيُّ، مِنْ بَنِي ذِئْب، كَانَ يَتَكَهَّنُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه كَانَ إِذا غَضِبَ قَعَدَ مُنْبَسِطًا فِيمَا زَعَمُوا؛ وَقِيلَ: سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيْنَ مَفَاصِلِهِ قَصَبٌ تَعْمِدُه، فَكَانَ أَبداً مُنْبَسِطًا مُنْسَطِحاً عَلَى الأَرض لَا يَقْدِرُ عَلَى قِيَامٍ وَلَا قُعُودٍ، وَيُقَالُ: كَانَ لَا عَظْمَ فِيهِ سِوَى رأْسه.
رَوَى الأَزهري بإِسناده عَنِ مَخْزُوم بْنِ هانئٍ الْمَخْزُومِيِّ عَنْ أَبيه: وأَتت لَهُ خَمْسُونَ وَمِائَةُ سَنَةٍ؛ قَالَ: لَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةَ الَّتِي وُلِدَ فِيهَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ارْتَجَسَ إِيوانُ كِسْرى وَسَقَطَتْ مِنْهُ أَربع عَشْرَةَ شُرْفةً، وخَمِدَتْ نَارُ فارِسَ وَلَمْ تَخْمَدْ قَبْلَ ذَلِكَ مِائَةَ عَامٍ، وَغَاضَتْ بُحَيْرَة ساوَةَ؛ ورأَى المُوبِذانُ إِبلًا صِعاباً تَقُودُ خَيْلًا عِراباً قَدْ قَطَعَتْ دِجْلَة وَانْتَشَرَتْ فِي بِلَادِهَا، فَلَمَّا أَصبح كِسْرَى أَفزعه مَا رأَى فَلَبِسَ تَاجَهُ وأَخبر مرازِبَتَه بِمَا رأَى، فَوَرَدَ عَلَيْهِ كِتَابٌ بِخُمُودِ النَّارِ؛ فَقَالَ المُوبِذانُ: وأَنا رأَيت فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ، وقَصَّ عَلَيْهِ رُؤْيَاهُ فِي الإِبل، فَقَالَ لَهُ: وأَيُّ شَيْءٍ يَكُونُ هَذَا؟ قَالَ: حَادَثَ مِنْ نَاحِيَةِ الْعَرَبِ. فَبَعَثَ كِسْرَى إِلى النُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ: أَنِ ابْعَثْ إِليَّ بِرَجُلٍ عَالِمٍ لِيُخْبِرَنِي عَمَّا أَسأَله؛ فَوَجَّه إِليه بِعَبْدِ المَسيح بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيلَة الغسَّانيّ، فأَخبره بِمَا رأَى؛ فَقَالَ: عَلِمَ هَذَا عِنْدَ خَالِيَ سَطِيح، قَالَ: فأْتِه وسَلْه وأْتنِي بِجَوَابِهِ؛ فَقَدِمَ عَلَى سَطِيح وَقَدْ أَشْفى عَلَى الْمَوْتِ، فأَنشأَ يَقُولُ:
أَصَمّ أَم يَسْمَعُ غِطرِيفُ اليَمنْ؟ ... أَم فادَ فازْلَمَّ بِهِ شَأْوُ العَنَنْ؟
يَا فاصِلَ الخُطَّةِ أَعْيَتْ مَنْ ومَنْ ... «1»، أَتاكَ شَيْخُ الحَيِّ مِنْ آلِ سَنَنْ
رسولُ قَيْلِ العُجْمِ يَسْري للوَسَنْ، ... وأُمُّه مِنْ آلِ ذِئْبِ بنِ حَجَنْ
أَبْيضُ فَضْفاضُ الرِّداءِ والبَدَنْ، ... تَجُوبُ بِي الأَرْضَ عَلَنْداةٌ شَزَنْ،
تَرْفَعُنِي وَجْناً وتَهْوِي بِي وَجَنْ ... «2»، حَتَّى أَتى عارِي الْجَآجِي والقَطَنْ،
لَا يَرْهَبُ الرَّعْدَ وَلَا رَيْبَ الزَّمَنْ، ... تَلُفُّهُ فِي الرِّيحِ بَوْغاءُ الدِّمَنْ
«3»
، كأَنما حُثْحِثَ مِنْ حِضْنَيْ ثَكَنْ «4»
قَالَ: فَلَمَّا سَمِعَ سَطِيحٌ شِعْرَهُ رَفَعَ رأْسه، فَقَالَ: عبدُ الْمَسِيحِ، عَلَى جَمَل مُسيح، إِلى سَطيح، وَقَدْ أَوْفى عَلَى الضَّريح، بَعَثَكَ مَلِكُ بَنِي سَاسَانَ، لِارْتِجَاسِ الإِيوان، وخُمُود النِّيرَانِ، ورُؤيا المُوبِذان، رَأَى إِبلًا صِعاباً، تَقُود خَيْلًا عِراباً، يَا عَبْدَ الْمَسِيحِ إِذا كَثُرَتِ التِّلاوَة، وبُعِثَ صَاحِبُ الهِراوة، وغاضَتْ بُحَيْرَة سَاوَةْ، فَلَيْسَ الشَّامَ لِسَطِيحٍ شَامًا «5»، يَمْلِكُ مِنْهُمْ مُلوكٌ ومَلِكات، عَلَى عددِ الشُّرُفاتِ، وَكُلُّ مَا هُوَ آتٍ آتٍ، ثُمَّ قُبِضَ سطيحٌ مَكَانَهُ، وَنَهَضَ عَبْدُ الْمَسِيحِ إِلى رَاحِلَتِهِ وَهُوَ يَقُولُ:
__________
(1).
قوله [يا فاصل إلخ] في بعض الكتب، بين هذين الشطرين، شطر، وهو: [وكاشف الكربة في الوجه الغضن].
(2).
قوله [ترفعني وجناً إلخ] الوجن، بفتح فسكون، وبفتحتين: الأَرض الغليظة الصلبة كالوجين، كأمير. ويروى وجناً، بضم الواو وسكون الجيم، جمع وجين انتهى. نهاية.
(3).
قوله [بَوْغَاءُ الدِّمَنْ] الْبَوْغَاءُ: التُّرَابُ الناعم. والدمن، جمع دمنة، بكسر الدال: ما تدمّن أي تجمع وتلبد، وَهَذَا اللَّفْظُ كَأَنَّهُ مِنَ المقلوب تقديره تَلُفُّهُ الرِّيحُ فِي بَوْغَاءِ الدمن، وَتَشْهَدُ لَهُ الرِّوَايَةُ الأَخرى: [تَلُفُّهُ الرِّيحُ بِبَوْغَاءِ الدِّمَنِ] انتهى. من نهاية ابن الأَثير.
(4).
قوله [كأَنما حثحث] أي حثّ وأسرع من حضني، تثنية حضن، بكسر الحاء: الجانب. وثكن، بمثلثة محركاً: جبل انتهى.
(5).
قوله [فَلَيْسَ الشَّامَ لِسَطِيحٍ شَامًا] هكذا في الأَصل وفي عبارة غيره فليست بابل للفرس مقاماً ولا الشام إلخ انتهى.

(2/483)


شَمِّرْ فإِنك، مَا عُمِّرْتَ، شِمِّيرُ ... لَا يُفْزِعَنَّك تَفْريقٌ وتَغْييرُ
إِن يُمْسِ مُلْكُ بَنِي ساسانَ أَفْرَطَهُمْ، ... فإِنَّ ذَا الدَّهْرَ أَطْوارٌ دَهارِيرُ
فَرُبَّما رُبَّما أَضْحَوا بمنزلةٍ، ... تَخافُ صَولَهُمُ أُسْدٌ مَهَاصِيرُ
مِنْهُمْ أَخُو الصَّرْحِ بَهْرام، وإِخْوَتُهُمْ، ... وهُرْمُزانٌ، وسابورٌ، وسَابُورُ
والناسُ أَوْلادُ عَلَّاتٍ، فَمَنْ عَلِمُوا ... أَن قَدْ أَقَلَّ، فمَهْجُورٌ ومَحْقُورُ
وَهُمْ بَنُو الأُمِّ لمَّا أَنْ رَأَوْا نَشَباً، ... فذاكَ بالغَيْبِ محفوظٌ ومنصورُ
والخيرُ والشَّرُّ مَقْرُونانِ فِي قَرَنٍ، ... فالخَيرُ مُتَّبَعٌ والشَّرُّ مَحْذورُ
فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى كِسْرَى أَخبره بِقَوْلِ سَطِيحٍ؛ فَقَالَ كِسْرَى: إِلى أَن يَمْلِكَ مِنَّا أَربعة عَشَرَ مَلِكًا تَكُونُ أُمور، فَمَلَكَ مِنْهُمْ عَشْرَةٌ فِي أَربع سِنِينَ، وَمَلَكَ الْبَاقُونَ إِلى زَمَنِ عُثْمَانَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا الْحَدِيثُ فِيهِ ذِكْرُ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ نُبُوَّةِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَبْلَ مَبْعَثِهِ، قَالَ: وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. وانْسَطَحَ الرجلُ: امتدَّ عَلَى قَفَاهُ وَلَمْ يَتَحَرَّكِ. والسَّطْحُ: سَطْحُك الشيءَ عَلَى وَجْهِ الأَرض كَمَا تَقُولُ فِي الْحَرْبِ: سَطَحُوهم أَي أَضْجَعُوهم عَلَى الأَرض. وتَسَطَّحَ الشيءُ وانْسَطَحَ: انْبَسَطَ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، قَالَ للمرأَة الَّتِي مَعَهَا الصِّبْيَانُ: أَطْعِمِيهم وأَنا أَسْطَحُ لَكِ
أَي أَبْسُطه حَتَّى يَبْرُدَ. والسَّطْحُ: ظَهْرُ الْبَيْتِ إِذا كَانَ مُسْتَوِيًا لِانْبِسَاطِهِ؛ مَعْرُوفٌ، وَهُوَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ أَعلاه، وَالْجَمْعُ سُطوح، وفعلُك التَّسطيحُ. وسَطَحَ البيتَ يَسْطَحُه سَطْحاً وسَطَّحه سوَّى سَطْحه. ورأَيت الأَرضَ مَساطِحَ لَا مَرْعَى بِهَا: شُبِّهَتْ بِالْبُيُوتِ الْمَسْطُوحَةِ. والسُّطَّاحُ مِنَ النَّبْتِ: مَا افْتَرَشَ فَانْبَسَطَ وَلَمْ يَسْمُ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. وسَطَحَ اللهُ الأَرضَ سَطْحاً: بَسَطَهَا. وتَسطِيحُ الْقَبْرِ: خِلَافُ تَسْنِيمِه. وأَنفٌ مُسَطَّحٌ: منبسِط جِدًّا. والسُّطَّاحُ، بِالضَّمِّ وَالتَّشْدِيدِ: نَبتَةٌ سُهْلِيَّة تَنسَطِح عَلَى الأَرض، وَاحِدَتُهُ سُطَّاحة. وَقِيلَ: السُّطَّاحة شَجَرَةٌ تَنْبُتُ فِي الدِّيَارِ فِي أَعطان الْمِيَاهِ مُتَسَطِّحَة، وَهِيَ قَلِيلَةٌ، وَلَيْسَتْ فِيهَا مَنْفَعَةٌ؛ قَالَ الأَزهري: والسُّطَّاحة بَقْلَةٌ تَرْعَاهَا الْمَاشِيَةُ ويُغْسَلُ بوَرَقِها الرؤوس. وسَطَحَ النَّاقَةَ: أَناخها. والسَّطيحة والسَّطيح: المَزادة الَّتِي مِنْ أَدِيمَيْن قُوبل أَحدُهما بِالْآخَرِ، وَتَكُونُ صَغِيرَةً وَتَكُونُ كَبِيرَةً، وَهِيَ مِنْ أَواني الْمِيَاهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ فِي بَعْضِ أَسفاره فَفَقَدوا الماءَ، فأَرْسَل عَلِيًّا وَفُلَانًا يَبْغِيان الْمَاءَ فإِذا هما بامرأَة بين سَطِيحَتَيْن
؛ قَالَ: السَّطِيحة المَزادة تَكُونُ مِنْ جِلْدَيْنِ أَو المَزادة أَكبر مِنْهَا. والمِسْطَحُ: الصَّفاة يحاط عليها بالحجارة فيجتمع فِيهَا الْمَاءُ؛ قَالَ الأَزهري: والمِسْطَحُ أَيضاً صَفِيحة عَرِيضَةٌ مِنَ الصَّخْر يُحَوَّط عَلَيْهَا لِمَاءِ السَّمَاءِ؛ قَالَ: وَرُبَّمَا خَلَقَ اللَّهُ عِنْدَ فَمِ الرَّكِيَّة صَفاةً مَلْساء مُسْتَوِيَةً فَيُحَوَّطُ عَلَيْهَا بِالْحِجَارَةِ وتُسْقَى فِيهَا الإِبلُ شِبْهَ الحَوْض؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الطِّرِمَّاح:
فِي جنبي مريٍّ ومِسْطَحِ «1»
__________
(1).
قوله [فِي جَنْبَيْ مَرِيٍّ وَمِسْطَحِ] كذا بالأَصل.

(2/484)


والمِسْطَحُ: كُوز ذُو جَنْبٍ وَاحِدٍ، يُتَّخَذُ لِلسَّفَرِ. والمِسْطَحُ والمِسْطَحَةُ: شِبْهُ مِطْهَرة لَيْسَتْ بمربعة، والمِسْطَحُ [المَسْطَحُ]، تُفْتَحُ مِيمُهُ وَتُكْسَرُ: مَكَانٌ مستوٍ يُبْسَطُ عَلَيْهِ التَّمْرُ وَيُجَفَّفُ ويُسَمَّى الجَرِينَ، يَمَانِيَةٌ. والمِسْطَحُ: حَصِيرٌ يُسَفُّ مِنْ خُوصِ الدَّوْم؛ وَمِنْهُ قَوْلُ تَمِيمِ بْنِ مُقْبِلٍ:
إِذا الأَمْعَزُ المَحْزُوُّ آضَ كأَنه، ... مِنَ الحَرِّ فِي حَدِّ الظَّهِيرَةِ، مِسْطَحُ
الأَزهري: قَالَ الْفَرَّاءُ هُوَ المِسْطَحُ «1» والمِحْوَرُ والشُّوبَقُ. والمِسْطَحُ: عمودٌ مِنْ أَعمِدَة الخِباءِ والفُسْطاط؛ وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّ حَمَلَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ لِلنَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كُنْتُ بَيْنَ جَارَتَيْنِ لِي فضربتْ إِحداهما الأُخرى بمسْطَح، فأَلقت جَنِينًا مَيِّتًا وَمَاتَتْ، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِدِيَةِ الْمَقْتُولَةِ عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاتِلَةِ؛ وَجَعَلَ فِي الْجَنِينِ غُرَّة
؛ وَقَالَ عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ النَّضْرِيُّ، وَفِي حَوَاشِي ابْنِ بَرِّيٍّ مَالِكِ بْنِ عَوْفٍ النَّضْرِيِّ:
تَعرَّضَ ضَيطارُو خُزاعَةَ دونَنا، ... وَمَا خَيرُ ضَيطارٍ يُقَلِّبُ مِسْطَحا
يَقُولُ: لَيْسَ لَهُ سِلَاحٌ يُقَاتِلُ بِهِ غَيْرَ مِسْطَح. والضَّيْطارُ: الضَّخْمُ الَّذِي لَا غَناءَ عِنْدَهِ. والمِسْطَحُ: الْخَشَبَةُ المُعَرَّضة عَلَى دِعامَتَيِ الكَرْم بالأُطُرِ؛ قَالَ ابْنُ شُمَيْل: إِذا عُرِّشَ الكَرْمُ، عُمِدَ إِلى دَعَائِمَ يَحْفِرُ لَهَا فِي الأَرض، لِكُلِّ دِعامةٍ شُعْبَتان، ثُمَّ تؤْخذ شُعْبَةٌ فتُعَرَّضُ عَلَى الدِّعامَتين، وتسمَّى هَذِهِ الْخَشَبَةُ الْمُعَرَّضَةُ المِسْطَح، وَيُجْعَلُ عَلَى المَساطِح أُطُرٌ مِنْ أَدناها إِلى أَقصاها؛ تُسَمَّى المَساطِحُ بالأُطُر مَساطِحَ.
سفح: السَّفْحُ: عُرْضُ الْجَبَلِ حَيْثُ يَسْفَحُ فِيهِ الماءُ، وَهُوَ عُرْضُه المضطجِعُ؛ وَقِيلَ: السَّفْح أَصل الْجَبَلِ؛ وَقِيلَ: هُوَ الْحَضِيضُ الأَسفل، وَالْجَمْعُ سُفوح؛ والسُّفوحُ أَيضاً: الصُّخُورُ اللَّيِّنَةُ الْمُتَزَلِّقَةُ. وسَفَح الدمعَ يَسْفَحُه سَفْحاً وسُفوحاً فَسَفَح: أَرسله؛ وسَفَح الدمعُ نفسُه سَفَحاناً؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
مُفَجَّعة، لَا دَفْعَ للضَّيْم عِنْدَهَا، ... سِوَى سَفَحانِ الدَّمع مِنْ كلِّ مَسفَح
ودُموعٌ سَوافِحُ، وَدَمْعٌ سَفُوحٌ سافِحٌ ومَسْفُوح. والسَّفْحُ لِلدَّمِ: كالصَّبّ. وَرَجُلٌ سَفَّاح لِلدِّمَاءِ: سَفَّاك. وسَفَحْتُ دَمَهُ: سَفَكته. وَيُقَالُ: بَيْنَهُمْ سِفاحٌ أَي سَفْك لِلدِّمَاءِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هِلَالٍ: فَقُتِلَ عَلَى رأْس الْمَاءِ حَتَّى سَفَحَ الدمُ الماءَ
؛ جَاءَ تَفْسِيرُهُ فِي الْحَدِيثِ:
أَنه غَطَّى الماءَ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَهَذَا لَا يُلَائِمُ اللُّغَةَ لأَن السَّفْحَ الصَّبُّ، فَيُحْتَمَلُ أَنه أَراد أَن الدَّمَ غَلَبَ الْمَاءَ فَاسْتَهْلَكَهُ، كالإِناء الْمُمْتَلِئِ إِذا صُبَّ فِيهِ شَيْءٌ أَثقل مِمَّا فِيهِ فإِنه يَخْرُجُ مِمَّا فِيهِ بِقَدْرِ مَا صُبَّ فِيهِ، فكأَنه مِنْ كَثْرَةِ الدَّمِ انْصَبَّ الْمَاءُ الَّذِي كَانَ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَخَلْفَهُ الدَّمُ. وسَفَحْتُ الماءَ: هَرَقْتُه. والتَّسافُحُ والسِّفاح والمُسافحة: الزِّنَا وَالْفُجُورُ؛ وَفِي التَّنْزِيلِ: مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ*
؛ وأَصل ذَلِكَ مِنَ الصبِّ، تَقُولُ: سافَحْته مُسافَحة وسِفاحاً، وَهُوَ أَن تُقِيمَ امرأَةٌ مَعَ رَجُلٍ عَلَى فُجُورٍ مِنْ غَيْرِ تَزْوِيجٍ صَحِيحٍ؛ وَيُقَالُ لِابْنِ البَغيِّ: ابنُ المُسافِحةِ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
أَوّلُه سِفاحٌ وآخرُه نِكاح
، وَهِيَ المرأَة تُسافِحُ رَجُلًا مُدَّةً، فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا اجْتِمَاعٌ عَلَى فُجُورٍ ثُمَّ يَتَزَوَّجُهَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَكَرِهَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ ذَلِكَ، وأَجازه أَكثرهم. والمُسافِحة: الْفَاجِرَةُ؛ وَقَالَ تَعَالَى: مُحْصَناتٍ غَيْرَ مُسافِحاتٍ
؛ وَقَالَ أَبو إِسحاق: المُسافِحة التي لا تمتنع
__________
(1).
قوله [هو المسطح إلخ] كذا بالأَصل، وفي القاموس: المسطح المحور، يبسط به الخبز. وقال في مادة شبق: الشوبق، بالضم، خشبة الخباز، معرب.

(2/485)


عَنِ الزِّنَا؛ قَالَ: وَسُمِّيَ الزِّنَا سِفاحاً لأَنه كَانَ عن غير عقد، كأَنه بِمَنْزِلَةِ الْمَاءِ المَسْفوح الَّذِي لَا يَحْبِسُهُ شَيْءٌ؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: سُمِّيَ الزِّنَا سَفَّاحًا لأَنه لَيْسَ ثَمّ حُرْمَةَ نِكَاحٍ وَلَا عَقْدَ تَزْوِيجٍ. وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَفَحَ مَنْيَتَه أَي دَفَقَها بِلَا حُرْمَةٍ أَباحت دَفْقَها؛ وَيُقَالُ: هُوَ مأْخوذ مِنْ سَفَحْت الْمَاءَ أَي صَبَبْتُهُ؛ وَكَانَ أَهل الْجَاهِلِيَّةِ إِذا خَطَبَ الرَّجُلُ المرأَة، قَالَ: أَنكحيني، فإِذا أَراد الزِّنَا، قَالَ: سَافِحِينِي. وَرَجُلٌ سَفَّاحٌ، مِعْطاء، مِنْ ذَلِكَ، وَهُوَ أَيضاً الْفَصِيحُ. وَرَجُلٌ سَفَّاح أَي قَادِرٌ على الكلام. والسَّفَّاح: لَقَبُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ أَوّل خَلِيفَةٍ مِنْ بَنِي الْعَبَّاسِ. وإِنه لمَسْفُوح العُنُق أَي طَوِيلُهُ غَلِيظُهُ. والسَّفِيحُ: الْكِسَاءُ الْغَلِيظُ. والسَّفِيحان: جُوالِقانِ كالخُرْج يُجْعَلَانِ عَلَى الْبَعِيرِ؛ قَالَ:
يَنْجُو، إِذا مَا اضْطَرَبَ السَّفِيحان، ... نَجاءَ هِقْلٍ جافِلٍ بفَيْحان
والسَّفِيحُ: قِدْحٌ مِنْ قِدَاحِ المَيسِر، مِمَّا لَا نَصِيبَ لَهُ؛ قَالَ طَرَفَةُ:
وجامِلٍ خَوَّعَ مِنْ نِيبهِ ... زَجْرُ المُعَلَّى، أُصُلًا، والسَّفيحْ
قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: السَّفِيحُ الرابعُ مِنَ القِداح الغُفْلِ الَّتِي لَيْسَتْ لَهَا فُرُوضٌ وَلَا أَنصباء وَلَا عَلَيْهَا غُرْم، وإِنما يُثَقَّلُ بِهَا الْقِدَاحِ اتِّقَاءَ التُّهْمَةِ؛ قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: يَدْخُلُ فِي قِدَاحِ الْمَيْسِرِ قِدَاحٌ يُتَكَثَّرُ بِهَا كَرَاهَةَ التُّهْمَةِ، أَولها المُصَدَّر ثُمَّ المُضَعَّفُ ثُمَّ المَنِيح ثُمَّ السَّفِيح، لَيْسَ لَهَا غُنْم وَلَا عَلَيْهَا غُرْم؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: يُقَالُ لِكُلِّ مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَا يُجْدي عَلَيْهِ: مُسَفِّحٌ، وَقَدْ سَفَّح تَسْفيحاً؛ شَبَّهَ بالقِدْح السَّفِيح؛ وأَنشد:
ولَطالَما أَرَّبْتُ غيرَ مُسَفِّحٍ، ... وكَشَفْتُ عَنْ قَمَعِ الذُّرى بحُسامِ
قَوْلُهُ: أَرَّبْتُ أَي أَحكمت، وأَصله مِنَ الأُرْبة وَهِيَ العُقدة وَهِيَ أَيضاً خَيْرُ نَصِيبٍ فِي الْمَيْسِرِ؛ وَقَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
وَلَا تُرَدُّ عَلَيْهِمْ أُرْبَةُ اليَسَرِ
وَنَاقَةٌ مسفوحةُ الإِبطِ أَي وَاسِعَةُ الإِبط؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
بمَسْفُوحةِ الْآبَاطِ عُرْيانةِ القَرى، ... نِبالٌ تَواليها، رِحابٌ جُنُوبُها
وَجَمَلٌ مَسْفُوح الضُّلُوعِ: لَيْسَ بكَّزِّها؛ وَقَوْلُ الأَعشى:
تَرْتَعِي السَّفْحَ فالكَثِيبَ، فذا قارٍ، ... فَرَوْضَ القَطا، فذاتَ الرِّئالِ
هُوَ اسْمُ مَوْضِعٍ بِعَيْنِهِ.
سقح: السَّقَحَة: الصَّلَعُ، يَمَانِيَةٌ. رَجُلٌ أَسْقَحُ، وَسَيُذْكَرُ فِي الصاد.
سلح: السِّلاحُ: اسْمٌ جَامِعٌ لِآلَةِ الْحَرْبِ، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ مَا كَانَ مِنَ الْحَدِيدِ، يُؤَنَّثُ ويذكَّر، وَالتَّذْكِيرُ أَعلى لأَنه يُجْمَعُ عَلَى أَسلحة، وَهُوَ جَمْعُ الْمُذَكَّرِ مِثْلُ حِمَارٍ وأَحمرة وَرِدَاءٍ وأَردية، وَيَجُوزُ تأْنيثه، وَرُبَّمَا خُصَّ بِهِ السَّيْفُ؛ قَالَ الأَزهري: وَالسَّيْفُ وَحْدَهُ يُسَمَّى سِلَاحًا؛ قَالَ الأَعشى:
ثَلَاثًا وشَهْراً، ثُمَّ صَارَتْ رَذِيَّةً ... طَلِيحَ سِفارٍ، كالسِّلاحِ المُقَرَّدِ
يَعْنِي السَّيْفَ وَحْدَهُ. وَالْعَصَا تسمَّى سِلَاحًا؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنُ أَحمر:
ولَسْتُ بعِرْنةٍ عَرِكٍ، سِلاحِي ... عَصًا مثقوبةٌ، تَقِصُ الحِمارا
وَقَوْلُ الطَّرِمَّاحِ يَذْكُرُ ثَوْرًا يَهُزُّ قَرْنَهُ لِلْكِلَابِ لِيَطْعَنَهَا بِهِ:
يَهُزُّ سِلاحاً لَمْ يَرِثْها كَلالةً، ... يَشُكُّ بِهَا مِنْهَا أُصولَ المَغابِنِ

(2/486)


إِنما عَنَى رَوْقَيْهِ، سمَّاهما سِلَاحًا لأَنه يَذُبُّ بِهِمَا عَنْ نَفْسِهِ، وَالْجَمْعُ أَسْلِحة وسُلُحُ وسُلْحانٌ. وتَسَلَّح الرجلُ: لَبِسَ السِّلاح. وَفِي حَدِيثِ
عُقْبة بْنِ مَالِكٍ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سَرِيَّة، فَسَلّحْتُ رَجُلًا مِنْهُمْ سَيْفًا
أَي جَعَلْتُهُ سِلاحَه؛ وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: لَمَّا أُتي بِسَيْفِ النُّعمان بْنِ الْمُنْذِرِ دَعَا جُبَيْرَ بْنَ مُطْعِم فسَلَّحه إِياه
؛ وَفِي حَدِيثِ
أُبَيٍّ قَالَ لَهُ: مَنْ سَلَّحك هذه القوسَ؟
قال طُفَيل: وَرَجُلٌ سَالِحٌ ذُو سِلَاحٍ كَقَوْلِهِمْ تامِرٌ ولابنٌ؛ ومُتَسَلِّح: لَابِسٌ السِّلَاحَ. والمَسْلَحة: قَوْمٌ ذُو سِلَاحٍ. وأَخذت الإِبلُ سِلاحَها: سَمِنَتْ؛ قَالَ النَّمِرُ بْنُ تَوْلَبٍ:
أَيامَ لَمْ تأْخُذْ إِليّ سِلاحَها ... إِبِلي بِجِلَّتها، وَلَا أَبْكارِها
وَلَيْسَ السِّلاح اسْمًا للسِّمَن، وَلَكِنْ لَمَّا كَانَتِ السَّمِينَةُ تَحْسُن فِي عَيْنِ صَاحِبِهَا فيُشْفِق أَن يَنْحَرَهَا، صَارَ السِّمَن كأَنه سِلَاحٌ لَهَا، إِذ رَفَعَ عَنْهَا النَّحْرَ. والمَسْلَحة: قَوْمٌ فِي عُدَّة بِمَوْضِعِ رَصَدٍ قَدْ وُكِّلوا بِهِ بإِزاء ثَغْر، وَاحِدُهُمْ مَسْلَحِيٌّ، وَالْجَمْعُ المَسالح؛ والمَسْلَحِيُّ أَيضاً: المُوَكَّلُ بِهِ والمُؤَمَّر. والمَسْلَحة: كالثَّغْر والمَرْقَب. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ أَدْنى مَسالِح فارسَ إِلى الْعَرَبِ العُذَيْب
؛ قَالَ بِشْرٌ:
بكُلِّ قِيادِ مُسْنِفةٍ عَنُودٍ، ... أَضَرَّ بِهَا المَسالِحُ والغِوارُ
ابْنُ شُمَيْلٍ: مَسْلَحة الجُنْد خَطَاطِيفُ لَهُمْ بَيْنَ أَيديهم يَنْفُضُونَ لَهُمُ الطَّرِيقَ، ويَتَجَسَّسُون خَبَرَ الْعَدُوِّ وَيَعْلَمُونَ عِلْمَهُمْ، لِئَلَّا يَهْجُم عَلَيْهِمْ، وَلَا يَدَعَون وَاحِدًا مِنَ الْعَدُوِّ يَدْخُلُ بِلَادَ الْمُسْلِمِينَ، وإِن جَاءَ جَيْشٌ أَنذروا الْمُسْلِمِينَ؛ وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ:
بَعَثَ اللَّهُ لَهُ مَسْلَحة يَحْفَظُونَهُ مِنَ الشَّيْطَانِ
؛ المَسلحة: الْقَوْمُ الَّذِينَ يَحْفَظُونَ الثُّغُورَ مِنَ الْعَدُوِّ، سُمُّوا مَسْلَحة لأَنهم يَكُونُونَ ذَوِي سِلَاحٍ، أَو لأَنهم يَسْكُنُونَ المَسْلَحة، وَهِيَ كَالثَّغْرِ والمَرْقَب يَكُونُ فِيهِ أَقوام يَرْقُبون العدوَّ لِئَلَّا يَطْرُقَهم عَلَى غَفْلة، فإِذا رأَوه أَعلموا أَصحابهم ليتأَهبوا لَهُ. والمَسالِحُ: مَوَاضِعُ الْمَخَافَةِ؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
تَذَكَّرْتُها وَهْناً، وَقَدْ حالَ دُونَهَا ... قُرى أَذْرَبِيجانَ: المَسالِحُ والجالُ
والسَّلْحُ: اسْمٌ لِذِي البَطْنِ، وَقِيلَ: لِمَا رَقَّ مِنْهُ مِنْ كُلِّ ذِي بَطْنٍ، وَجَمْعُهُ سُلُوح وسُلْحانٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ فَاسْتَعَارَهُ للوَطْواطِ:
كأَنَّ برُفْغَيْها سُلُوحَ الوَطاوِطِ
وأَنشد ابْنُ الأَعرابي فِي صِفَةِ رَجُلٍ:
مُمْتَلِئاً مَا تَحْتَهُ سُلْحانا
والسُّلاحُ، بِالضَّمِّ: النَّجْوُ؛ وَقَدْ سَلَح يَسْلَحُ سَلْحاً، وأَسْلَحه غيرُه، وغالَبَه السُّلاحُ، وسَلَّح الحشيشُ الإِبل وَهَذِهِ الْحَشِيشَةُ تُسَلِّح الإِبل تَسْلِيحًا. وَنَاقَةٌ سَالِحٌ: سَلَحَتْ مِنَ الْبَقْلِ وَغَيْرِهِ. والإِسْلِيحُ: شَجَرَةٌ تَغْزُر عَلَيْهَا الإِبل؛ قَالَتْ أَعرابية، وَقِيلَ لَهَا: مَا شجرةُ أَبيك؟ فَقَالَتْ: شَجَرَةٌ أَبي الإِسْلِيح، رَغْوَة وَصَرِيحٌ، وسَنام إِطْريح؛ وَقِيلَ: هِيَ بَقْلَةٌ مِنْ أَحرار الْبُقُولِ تَنْبُتُ فِي الشِّتَاءِ، تَسْلَح الإِبلُ إِذا اسْتَكْثَرَتْ مِنْهَا؛ وَقِيلَ: هِيَ عُشْبة تُشْبِهُ الجِرجِيرَ تَنْبُتُ فِي حُقُوف الرَّمْلِ؛ وَقِيلَ: هُوَ نَبَاتٌ سُهْلي يَنْبُتُ ظَاهِرًا وَلَهُ وَرَقَةٌ دَقِيقَةٌ لَطِيفَةٌ وسَنِفَة مَحْشُوَّة حَبّاً كَحَبِّ الخَشْخاش، وَهُوَ مِنْ نَبَاتِ

(2/487)


مَطَرِ الصَّيْفِ يُسْلِح الماشيةَ، وَاحِدَتُهُ إِسْلِيحة؛ قَالَ أَبو زِيَادٍ: منابتُ الإِسْلِيح الرَّمْلُ، وَهَمْزَةُ إِسْلِيح مُلْحِقة لَهُ بِبِنَاءِ قِطْمِير بِدَلِيلِ مَا انْضَافَ إِليها مِنْ زِيَادَةِ الْيَاءِ مَعَهَا، هَذَا مَذْهَبُ أَبي عَلَى؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: سأَلته يَوْمًا عَنْ تِجْفافٍ أَتاؤُه للإِلحاق بِبَابِ قِرْطاس، فَقَالَ: نَعَمْ، وَاحْتَجَّ فِي ذَلِكَ بِمَا انْضَافَ إِليها مِنْ زِيَادَةِ الأَلف مَعَهَا؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ أَن يَكُونَ مَا جَاءَ عَنْهُمْ مِنَ بَابِ أُمْلود وأُظْفور ملحقاً بعُسْلوج ودُمْلُوح، وأَن يَكُونَ إِطْريح وإِسْليح مُلْحَقًا بِبَابِ شِنْظير وخِنْزير، قَالَ: ويَبْعُد هَذَا عِنْدِي لأَنه يَلْزَمُ مِنْهُ أَن يكون بابُ إِعصار وإِنسام مُلْحَقًا ببابِ حِدْبار وهِلْقام، وبابْ إِفعال لَا يَكُونُ مُلْحَقًا، أَلا تُرَى أَنه فِي الأَصل لِلْمَصْدَرِ نَحْوَ إِكرام وإِنعام؟ وَهَذَا مَصْدَرُ فِعْلٍ غَيْرُ مُلْحَقٍ فَيَجِبُ أَن يَكُونَ الْمَصْدَرُ فِي ذَلِكَ عَلَى سَمْتِ فِعْلِهِ غَيْرَ مُخَالِفٍ لَهُ، قَالَ: وكأَنّ هَذَا وَنَحْوَهُ إِنما لَا يَكُونُ مُلْحَقًا مِنْ قِبَل أَن مَا زِيدَ عَلَى الزِّيَادَةِ الأُولى فِي أَوله إِنما هُوَ حَرْفُ لِينٍ، وَحَرْفُ اللِّينِ لَا يَكُونُ للإِلحاق، إِنما جيءَ بِهِ بِمَعْنًى، وَهُوَ امْتِدَادُ الصَّوْتِ بِهِ، وَهَذَا حَدِيثٌ غَيْرُ حَدِيثِ الإِلحاق، أَلا تَرَى أَنك إِنما تُقَابِلُ بالمُلْحَق الأَصلَ، وَبَابُ الْمَدِّ إِنما هُوَ الزِّيَادَةُ أَبداً؟ فالأَمران عَلَى مَا تَرَى فِي الْبُعْدِ غَايَتَانِ. والمَسْلَح: مَنْزِلٌ عَلَى أَربع مَنَازِلَ مِنْ مَكَّةَ. والمَسالح: مَوَاضِعُ، وَهِيَ غَيْرُ المَسالح الْمُتَقَدِّمَةِ الذِّكْرِ. والسَّيْلَحُون: مَوْضِعٌ، مِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُ الإِعراب فِي النُّونِ وَمِنْهُمْ مَنْ يُجْرِيهَا مَجْرَى مُسْلِمِينَ، وَالْعَامَّةُ تَقُولُ سالِحُون. اللَّيْثُ: سَيْلَحِين مَوْضِعٌ، يُقَالُ: هَذِهِ سَيْلَحُون وَهَذِهِ سيلحينُ، وَمِثْلُهُ صَرِيفُون وصَريفينُ؛ قَالَ: وأَكثر مَا يُقَالُ هَذِهِ سَيْلَحونَ ورأَيت سَيلحين، وَكَذَلِكَ هَذِهِ قِنَّسْرُونَ ورأَيت قِنَّسْرين. ومُسَلحة: مَوْضِعٌ: قَالَ:
لَهُمْ يومُ الكُلابِ، ويومُ قَيْسٍ ... أَراقَ عَلَى مُسَلَّحةَ المَزادا «2»
وسَلِيحٌ: قَبِيلَةٌ مِنَ الْيَمَنِ. وسَلاحِ: مَوْضِعٌ قَرِيبٌ مِنْ خَيْبَرَ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
حَتَّى تَكُونَ أَبعدَ مَسالِحهم سَلاح.
والسُّلَحُ: وَلَدُ الحَجَلِ مِثْلُ السُّلَك والسُّلَف، وَالْجَمْعُ سِلْحان؛ أَنشد أَبو عَمْرٍو لِجُؤَيَّةَ:
وتَتْبَعُه غُبْرٌ إِذا مَا عَدا عَدَوْا، ... كسِلْحانِ حَجْلى قُمْنَ حِينَ يَقومُ
وَفِي التَّهْذِيبِ: السُّلَحَة والسُّلَكَةُ فرخُ الحَجَل وَجَمْعُهُ سِلْحان وسِلْكان. وَالْعَرَبُ تُسَمِّي السِّماك الرامِحَ: ذَا السِّلاح، والآخرَ الأَعْزَلَ. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: السَّلَحُ مَاءُ السَّمَاءِ فِي الغُدْران وَحَيْثُمَا كَانَ؛ يُقَالُ: مَاءُ العِدّ وَمَاءُ السَّلَح؛ قَالَ الأَزهري: سَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُ لِمَاءِ السَّمَاءِ مَاءُ الكَرَع ولم أَسمع السلَح.
سلطح: الاسْلِنْطاحُ: الطُّول والعَرْضُ؛ يُقَالُ: قَدِ اسْلَنْطَح؛ قَالَ ابْنُ قَيْسِ الرُّقَيَّاتِ:
أَنتَ ابنُ مُسْلَنْطِحِ البِطاحِ، وَلَمْ ... تَعْطِفْ عَلَيْكَ الحُنِيُّ والوُلُجُ
قَالَ الأَزهري: الأَصل السَّلاطح، وَالنُّونُ زَائِدَةٌ. وَجَارِيَةٌ سَلْطَحة: عَرِيضَةٌ، والسُّلاطِحُ: الْعَرِيضُ؛ وأَنشد:
سُلاطِحٌ يُناطِحُ الأَباطِحا
والسَّلَنْطَحُ: الفَضاء الْوَاسِعُ، وَسَيُذْكَرُ فِي الصاد.
__________
(2).
قوله [أَراق عَلَى مُسَلَّحَةَ الْمَزَادَا] في ياقوت: [أَقام على مسلحة المزارا].

(2/488)


واسْلَنْطَحَ: وَقَعَ عَلَى ظَهْرِهِ كاسْحَنْطَرَ، وَسَنَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ. وَرَجُلٌ مُسْلَنْطِحٌ إِذا انْبَسَطَ. واسْلَنْطَحَ الْوَادِي: اتَّسَعَ. واسْلَنْطَحَ الشيءُ: طَالَ وعَرُضَ. واسْلَنْطَحَ: وَقَعَ عَلَى وَجْهِهِ كاسْحَنْطَرَ. والسَّلَوْطَحُ: مَوْضِعٌ بِالْجَزِيرَةِ مَوْجُودٌ فِي شِعْرِ جَرِيرٍ مُفَسَّراً عَنِ السُّكَّريّ؛ قَالَ:
جَرَّ الخليفةُ بالجُنُودِ وأَنْتُمُ، ... بَيْنَ السَّلَوْطَحِ والفُراتِ، فُلُولُ
سمح: السَّماحُ والسَّماحةُ: الجُودُ. سَمُحَ سَماحَةً «1» وسُمُوحة وسَماحاً: جَادَ؛ ورجلٌ سَمْحٌ وَامْرَأَةٌ سَمْحة مِنْ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ سِماح وسُمَحاء فِيهِمَا، حَكَى الأَخيرة الْفَارِسِيُّ عَنْ أَحمد بْنِ يَحْيَى. وَرَجُلٌ سَمِيحٌ ومِسْمَح ومِسْماحٌ: سَمْح؛ وَرِجَالٌ مَسامِيحُ وَنِسَاءٌ مَسامِيحُ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
غَلَبَ المَسامِيحَ الوَلِيدُ سَماحةً، ... وكَفى قُريشَ المُعضِلاتِ، وَسادَها
وَقَالَ آخَرُ:
فِي فِتْيَةٍ بُسُطِ الأَكُفِّ مَسامِحٍ، ... عندَ الفِضالِ نَدِيمُهم لَمْ يَدْثُرِ
وَفِي الْحَدِيثِ:
يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَسْمِحُوا لِعَبْدِي كإِسماحه إِلى عِبَادِي
؛ الإِسماح: لُغَةٌ فِي السَّماحِ؛ يُقَالُ: سَمَحَ وأَسْمَحَ إِذا جَادَ وأَعطى عَنْ كَرَمٍ وسَخاءٍ؛ وَقِيلَ: إِنما يُقَالُ فِي السَّخاء سَمَح، وأَما أَسْمَح فإِنما يُقَالُ فِي الْمُتَابَعَةِ وَالِانْقِيَادِ؛ وَيُقَالُ: أَسْمَحَتْ نَفْسُه إِذا انْقَادَتْ، وَالصَّحِيحُ الأَول؛ وسَمَح لِي فُلَانٌ أَي أَعطاني؛ وسَمَح لِي بِذَلِكَ يَسْمَحُ سَماحة. وأَسْمَح وسامَحَ: وافَقَني عَلَى الْمَطْلُوبِ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
لَوْ كنتَ تُعْطِي حِينَ تُسْأَلُ، سامَحَتْ ... لَكَ النَّفسُ، واحْلَولاكَ كلُّ خَليلِ
والمُسامَحة: المُساهَلة. وتَسامحوا: تَساهَلوا. وَفِي الْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ:
السَّماحُ رَباحٌ
أَي المُساهلة فِي الأَشياء تُرْبِحُ صاحبَها. وسَمَحَ وتَسَمَّحَ: فَعَلَ شَيْئًا فَسَهَّل فيه؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
ولكنْ إِذا مَا جَلَّ خَطْبٌ فسامَحَتْ ... بِهِ النفسُ يَوْمًا، كَانَ للكُرْه أَذْهَبا
ابْنُ الأَعرابي: سَمَح له بحاجته وأَسْمَح أَي سَهَّل لَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن ابْنَ عَبَّاسٍ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ شَرِبَ لَبَنًا مَحْضاً أَيَتَوَضَّأُ؟ قَالَ: اسْمَحْ يُسْمَحْ لَكَ
؛ قَالَ شَمِرٌ: قَالَ الأَصمعي مَعْنَاهُ سَهِّلْ يُسَهَّلْ لَكَ وَعَلَيْكَ؛ وأَنشد:
فَلَمَّا تنازعْنا الحديثَ وأَسْمَحتْ
قَالَ: أَسْمَحتْ أَسهلت وَانْقَادَتْ؛ أَبو عُبَيْدَةَ: اسْمَحْ يُسْمَحْ لَكَ بالقَطْع وَالْوَصْلِ جَمِيعًا. وَفِي حَدِيثِ
عَطَاءٍ: اسْمَحْ يُسْمَحْ بِكَ.
وَقَوْلُهُمْ:
الحَنِيفِيَّة السَّمْحة
؛ لَيْسَ فِيهَا ضِيقٌ وَلَا شِدَّةٌ. وَمَا كَانَ سَمْحاً، وَلَقَدْ سَمُحَ، بِالضَّمِّ، سَماحة وَجَادَ بِمَا لَدَيْهِ. وأَسْمَحَتِ الدَّابَّةُ بَعْدَ اسْتِصْعَابٍ: لَانَتْ وَانْقَادَتْ. وَيُقَالُ: سَمَّحَ الْبَعِيرُ بَعْدَ صُعوبته إِذا ذلَّ، وأَسْمَحتْ قَرُونَتُه لِذَلِكَ الأَمر إِذا أَطاعت وانقادت.
__________
(1).
قوله [سمح سماحة] نقل شارح القاموس عن شيخه ما نصه: المعروف في هذا الفعل أنه كمنع، وعليه اقتصر ابن القطاع وابن القوطية وجماعة. وسمح ككرم معناه: صار من أهل السماحة، كما في الصحاح وغيره، فاقتصار المجد على الضم قصور، وقد ذكرهما معاً الجوهري والفيومي وابن الأَثير وأرباب الأَفعال وأئمة الصرف وغيرهم.

(2/489)


وَيُقَالُ: أَسْمَحَتْ قَرِينتُه إِذا ذلَّ وَاسْتَقَامَ، وسَمَحَتِ النَّاقَةُ إِذا انْقَادَتْ فأَسرعت، وأَسْمَحَتْ قَرُونَتُه وسامحت كَذَلِكَ أَي ذَلَّتْ نَفْسُهُ وَتَابَعَتْ. وَيُقَالُ: فلانٌ سَمِيحٌ لَمِيحٌ وسَمْحٌ لَمْحٌ. والمُسامحة: المُساهَلة فِي الطِّعان والضِّراب والعَدْو؛ قَالَ:
وسامَحْتُ طَعْناً بالوَشِيجِ المُقَوَّم
وَتَقُولُ الْعَرَبُ: عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فإِن فِيهِ لَمَسْمَحاً أَي مُتَّسَعاً،. كَمَا قَالُوا: إِن فِيهِ لَمَندُوحةً؛ وَقَالَ ابْنُ مُقْبل:
وإِني لأَسْتَحْيِي، وَفِي الحَقِّ مَسْمَحٌ، ... إِذا جاءَ باغِي العُرْفِ، أَن أَتَعَذَّرا
قَالَ ابْنُ الْفَرَجِ حِكَايَةً عَنْ بَعْضِ الأَعراب قَالَ: السِّباحُ والسِّماحُ بُيُوتٌ مِنْ أَدَمٍ؛ وأَنشد:
إِذا كَانَ المَسارِحُ كالسِّماحِ
وعُودٌ سَمْح بَيِّنُ السَّماحةِ والسُّموحةِ: لَا عُقْدَة فِيهِ. وَيُقَالُ: ساجةٌ سَمْحة إِذا كَانَ غِلَظُها مُسْتَويَ النِّبْتَةِ وَطَرَفَاهَا لَا يُفُوتَانِ وَسَطَه، وَلَا جميعَ مَا بَيْنَ طَرَفَيْهِ مِنْ نِبْتته، وإِن اخْتَلَفَ طَرَفَاهُ وَتَقَارَبَا، فَهُوَ سَمْحٌ أَيضاً؛ قَالَ الشَّافِعِيُّ «1»: وكلُّ مَا اسْتَوَتْ نِبتته حَتَّى يَكُونَ مَا بَيْنَ طَرَفَيْهِ مِنْهُ لَيْسَ بأَدَقَّ مِنْ طَرَفَيْهِ أَو أَحدهما؛ فَهُوَ مِنَ السَّمْح. وتَسْمِيح الرُّمْحِ: تَثْقِيفُه. وَقَوْسٌ سَمْحَةٌ: ضِدُّ كَزَّةٍ؛ قَالَ صَخْرُ الغَيّ:
وسَمْحة مِنْ قِسِيِّ زارَةَ حَمْراءَ ... هَتُوفٍ، عِدادُها غَرِدُ
ورُمْحٌ مُسَمَّح: ثُقِّفَ حَتَّى لانَ. والتَّسْميح: السُّرعة؛ قَالَ:
سَمَّحَ واجْتابَ بِلَادًا قِيَّا
وَقِيلَ: التَّسْمِيحُ السَّيْرُ السَّهْلُ. وَقِيلَ: سَمَّحَ هَرَب.
سنح: السانِحُ: مَا أَتاكَ عَنْ يَمِينِكَ مِنْ ظَبْيٍ أَو طَائِرٍ أَو غَيْرِ ذَلِكَ، وَالْبَارِحُ: مَا أَتاك مِنْ ذَلِكَ عَنْ يَسَارِكَ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: سأَل يونُسُ رُؤْبةَ، وأَنا شَاهِدٌ، عَنِ السَّانِحِ وَالْبَارِحِ، فَقَالَ: السَّانِحُ مَا وَلَّاكَ مَيامنه، وَالْبَارِحُ مَا وَلَّاك ميَاسره؛ وَقِيلَ: السَّانِحُ الَّذِي يَجِيءُ عَنْ يَمِينِكَ فتَلِي ميَاسِرُه مَياسِرَك؛ قَالَ أَبو عَمْرٍو الشَّيباني: مَا جَاءَ عَنْ يَمِينِكَ إِلى يَسَارِكَ وَهُوَ إِذا وَلَّاك جَانِبَهُ الأَيسر وَهُوَ إِنْسِيُّه، فَهُوَ سَانِحٌ، وَمَا جَاءَ عَنْ يَسَارِكَ إِلى يَمِينِكَ وَولَّاك جَانِبَهُ الأَيمنَ وَهُوَ وَحْشِيُّه، فَهُوَ بارح؛ قال: والسانحُ أَحْسَنُ حَالًا عِنْدَهُمْ فِي التَّيَمُّن مِنَ الْبَارِحِ؛ وأَنشد لأَبي ذُؤَيْبٍ:
أَرِبْتُ لإِرْبَتِه، فَانْطَلَقْتُ ... أُرَجِّي لِحُبِّ اللِّقاءِ سَنِيحا
يُرِيدُ: لَا أَتَطَيَّرُ مِنْ سَانِحٍ وَلَا بَارِحٍ؛ وَيُقَالُ: أَراد أَتَيَمَّنُ بِهِ؛ قَالَ: وَبَعْضُهُمْ يَتَشَاءَمُ بِالسَّانِحِ؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ قَمِيئَة:
وأَشْأَمُ طَيْرِ الزاجِرِين سَنِيحُها
وَقَالَ الأَعشى:
أَجارَهُما بِشْرٌ من الموتِ، بعدَ ما ... جَرَى لَهُمَا طَيرُ السَّنِيحِ بأَشْأَمِ
بِشر هَذَا، هُوَ بِشْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَرْثَدٍ، وَكَانَ مَعَ المُنْذرِ بْنُ مَاءِ السَّمَاءِ يَتَصَيَّدُ، وَكَانَ فِي يَوْمِ بُؤْسِه الَّذِي يَقْتَلُ فِيهِ أَولَ مَنْ يَلْقَاهُ، وَكَانَ قَدْ أَتى فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ رَجُلَانِ مِنْ بَنِي عَمِّ بِشْرٍ، فأَراد الْمُنْذِرُ قَتْلَهُمَا، فسأَله بِشْرٌ فِيهِمَا فَوَهَبَهُمَا له؛ وقال رؤبة:
__________
(1).
قوله [قال الشافعي إلخ] لعله قال أبو حنيفة، كذا بهامش الأَصل.

(2/490)


فَكَمْ جَرَى مِنْ سانِحٍ يَسْنَحُ ... «1»، وبارحاتٍ لَمْ تَحْرُ تَبْرَحُ
بِطَيْرِ تَخْبِيبٍ، وَلَا تبرح
قَالَ شَمِرٌ: وَرَوَاهُ ابْنُ الأَعرابي تَسْنَحُ. قَالَ: والسُّنْحُ اليُمْنُ والبَرَكَةُ؛ وأَنشد أَبو زَيْدٍ:
أَقول، والطيرُ لَنَا سانِحٌ، ... يَجْرِي لَنَا أَيْمَنُه بالسُّعُود
قَالَ أَبو مَالِكٍ: السَّانِحُ يُتبرك بِهِ، والبارِحُ يُتشَاءَمُ بِهِ؛ وَقَدْ تَشَاءَمَ زُهَيْرٌ بِالسَّانِحِ، فَقَالَ:
جَرَتْ سُنُحاً، فقلتُ لَهَا: أَجِيزي ... نَوًى مَشْمولةً، فمتَى اللِّقاءُ؟
مَشْمُولَةٌ أَي شَامِلَةٌ، وَقِيلَ: مَشْمُولَةٌ أُخِذَ بِهَا ذاتَ الشِّمالِ. والسُّنُحُ: الظِّبَاءُ المَيامِين. والسُّنُح: الظِّبَاءُ المَشائيمُ؛ وَالْعَرَبُ تَخْتَلِفُ فِي العِيافَةِ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَتَيَمَّنُ بِالسَّانِحِ وَيَتَشَاءَمُ بِالْبَارِحِ؛ وأَنشد اللَّيْثُ:
جَرَتْ لكَ فِيهَا السانِحاتُ بأَسْعَد
وَفِي الْمَثَلِ: مَنْ لِي بالسَّانِحِ بَعْدَ البارِحِ. وسَنَحَ وسانَحَ، بِمَعْنًى؛ وأَورد بَيْتَ الأَعشى:
جَرَتْ لَهُمَا طيرُ السِّناحِ بأَشْأَمِ
وَمِنْهُمْ مَنْ يُخَالِفُ ذَلِكَ، وَالْجَمْعُ سَوانحُ. والسَّنيحُ: كَالسَّانِحِ؛ قَالَ:
جَرَى، يومَ رُحْنا عامِدينَ لأَرْضِها، ... سَنِيحٌ، فَقَالَ القومُ: مَرَّ سَنيحُ
وَالْجَمْعُ سُنُحٌ، قَالَ:
أَبِالسُّنُحِ الأَيامِنِ أَم بنَحْسٍ، ... تَمُرُّ بِهِ البَوارِحُ حِينَ تَجْرِي؟
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْعَرَبُ تَخْتَلِفُ فِي الْعِيَافَةِ؛ يَعْنِي فِي التَّيَمُّنِ بِالسَّانِحِ، وَالتَّشَاؤُمِ بِالْبَارِحِ، فأَهل نَجْدٍ يتيمنونَ بِالسَّانِحِ، كَقَوْلِ ذِي الرُّمَّةِ، وَهُوَ نَجْدِيٌّ:
خَلِيلَيَّ لَا لاقَيْتُما، مَا حَيِيتُما، ... مِنَ الطيرِ إِلَّا السَّانحاتِ وأَسْعَدا
وَقَالَ النَّابِغَةُ، وَهُوَ نَجْدِيٌّ فَتَشَاءَمَ بِالْبَارِحِ:
زَعَمَ البَوارِحُ أَنَّ رِحْلَتَنا غَداً، ... وبذاكَ تَنْعابُ الغُرابِ الأَسْوَدِ
وَقَالَ كُثَيِّرٌ، وَهُوَ حِجَازِيٌّ مِمَّنْ يَتَشَاءَمُ بِالسَّانِحِ:
أَقول إِذا مَا الطيرُ مَرَّتْ مُخِيفَةً: ... سَوانِحُها تَجْري، وَلَا أَسْتَثيرُها
فَهَذَا هُوَ الأَصل، ثُمَّ قَدْ يُسْتَعْمَلُ النَّجْدِيُّ لُغَةَ الْحِجَازِيِّ؛ فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ عَمْرِو بْنِ قَمِيئَةَ، وَهُوَ نَجْدِيٌّ:
فبِيني عَلَى طَيرٍ سَنِيحٍ نُحوسُه، ... وأَشْأَمُ طيرِ الزاجِرينَ سَنِيحُها
وسَنَحَ عليه يَسْنَحُ سُنُوحاً وسُنْحاً وسُنُحاً، وسَنَحَ لِي الظبيُ يَسْنَحُ سُنُوحاً إِذا مَرَّ مِنْ مَياسرك إِلى ميَامنك؛ حَكَى الأَزهري قَالَ: كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ امرأَة تَقُومُ بسُوقِ عُكاظَ فتنشدُ الأَقوالَ وتَضربُ الأَمثالَ وتُخْجِلُ الرجالَ؛ فَانْتُدِبَ لَهَا رَجُلٌ، فَقَالَتِ المرأَة مَا قَالَتْ، فأَجابها الرَّجُلُ:
أَسْكَتَاكِ جامِحٌ ورامِحُ، ... كالظَّبْيَتَيْنِ سانِحٌ وبارِحُ «2»
فَخَجِلَتْ وهَرَبَتْ. وسَنَح لِي رأْيٌ وشِعْرٌ يَسْنَحُ: عَرَضَ لِي أَو تَيَسَّرَ؛ وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ وَاعْتِرَاضِهَا بَيْنَ يَدَيْهِ فِي الصَّلَاةِ، قَالَتْ: أَكْرَهُ أَن أَسْنَحَه
أَي أَكره أَن أَستقبله بيديَّ في صلاته، مِن
__________
(1).
قوله [فكم جرى إلخ] كذا بالأَصل.
(2).
قوله [أسكتاك إلخ] هكذا في الأَصل.

(2/491)


سَنَحَ لِي الشيءُ إِذا عَرَضَ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ قَالَ لأُسامة: أَغِرْ عَلَيْهِمْ غَارَةً سَنْحاءَ
، مِن سَنَحَ لَهُ الرأْيُ إِذا اعْتَرَضَهُ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ، وَالْمَعْرُوفُ سَحَّاء، وَقَدْ ذُكِرَ فِي مَوْضِعِهِ؛ ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ سَنَحَ لَهُ سانحٌ فَسَنَحه عَمَّا أَراد أَي رَدَّه وَصَرَفَهُ. وسَنَحَ بِالرَّجُلِ وَعَلَيْهِ: أَخرجه أَو أَصابه بِشَرٍّ. وسَنَحْتُ بِكَذَا أَي عَرَّضْتُ ولَحَنْتُ؛ قَالَ سَوَّارُ بْنُ المُضَرّب:
وحاجةٍ دونَ أُخْرَى قَدْ سَنَحْتُ لَهَا، ... جَعَلْتُهَا، لِلَّتِي أَخْفَيتُ، عُنْوانا
والسَّنِيحُ: الخَيْطُ الَّذِي يُنْظَمُ فِيهِ الدرُّ قَبْلَ أَن يُنْظَمَ فِيهِ الدُّرُّ، فإِذا نُظِمَ، فَهُوَ عِقْد، وَجَمْعُهُ سُنُح. اللِّحْيَانِيُّ: خَلِّ عَنْ سُنُحِ الطريق وسُجُح الطَّرِيقِ، بِمَعْنًى وَاحِدٍ؛ الأَزهري: وَقَالَ بَعْضُهُمْ السَّنِيحُ الدُّرُّ والحَلْيُ؛ قال أَبو دواد يَذْكُرُ نِسَاءً:
وتَغَالَيْنَ بالسَّنِيحِ ولا يَسْأَلْنَ ... غِبَّ الصَّباحِ: مَا الأَخبارُ؟
وَفِي النَّوَادِرِ: يُقَالُ اسْتَسْنَحْته عَنْ كَذَا وتَسَنَّحْته وَاسْتَنْحَسْتُهُ عَنْ كَذَا وتَنَحَّسْته، بِمَعْنَى اسْتَفْحَصْتُهُ. ابْنُ الأَثير: وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ:
سَنَحْنَحُ اللَّيْلِ كأَني جِنِّي «1»
أَي لَا أَنام اللَّيْلَ أَبداً فأَنا مُتَيَقِّظٌ، وَيُرْوَى سَمَعْمَعُ، وسيأْتي ذِكْرُهُ فِي مَوْضِعِهِ؛ وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ: كَانَ منزلُه بالسُّنُح
، بِضَمِّ السِّينِ، قِيلَ: هُوَ مَوْضِعٌ بِعَوَالِي الْمَدِينَةِ فِيهِ مَنَازِلُ بَنِي الحرث بْنِ الخَزْرَج، وَقَدْ سَمَّتْ سُنَيْحاً وسِنْحاناً.
سنطح: التَّهْذِيبُ: السِّنْطاحُ مِنَ النُّوقِ الرَّحِيبةُ الفَرْج؛ وَقَالَ:
يَتْبَعْنَ سَمْحاءَ مِنَ السَّرادِحِ، ... عَيْهَلَةً حَرْفاً مِنَ السَّناطِحِ
سوح: السَّاحةُ: النَّاحِيَةُ، وَهِيَ أَيضاً فَضاء يَكُونُ بَيْنَ دُور الحَيِّ. وساحةُ الدَّارِ: باحَتُها، وَالْجَمْعُ ساحٌ وسُوحٌ وساحاتٌ، الأُولى عَنْ كُرَاعٍ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: مِثْلَ بَدَنةٍ وبُدْنٍ وخَشَبَةٍ وخُشْبٍ وَالتَّصْغِيرُ سُوَيْحَةٌ.
سيح: السَّيْحُ: الماءُ الظَّاهِرُ الْجَارِي عَلَى وَجْهِ الأَرض، وَفِي التَّهْذِيبِ: الْمَاءُ الظَّاهِرُ عَلَى وَجْهِ الأَرض، وجمعُه سُيُوح. وَقَدْ ساحَ يَسيح سَيْحاً وسَيَحاناً إِذا جَرَى عَلَى وَجْهِ الأَرض. وماءٌ سَيْحٌ وغَيْلٌ إِذا جَرَى عَلَى وَجْهِ الأَرض، وَجَمْعُهُ أَسْياح؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
لِتِسْعَةِ أَسياح وَسِيحِ الْعُمُرْ «2»
وأَساحَ فلانٌ نَهْرًا إِذا أَجراه؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
وَكَمْ لِلْمُسْلِمِينَ أَسَحْتُ بَحْري، ... بإِذنِ اللهِ مِنْ نَهْرٍ ونَهْرِ «3»
وَفِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ:
مَا سُقِي بالسَّيْح فَفِيهِ العُشْرُ
أَي الْمَاءُ الْجَارِي. وَفِي حَدِيثِ
الْبَرَاءِ فِي صِفَةِ بئرٍ: فَلَقَدْ أُخْرِجَ أَحدُنا بِثَوْبٍ مَخَافَةَ الْغَرَقِ ثُمَّ ساحتْ
أَي جَرَى مَاؤُهَا وَفَاضَتْ. والسِّياحةُ: الذَّهَابُ فِي الأَرض للعبادة والتَّرَهُّب؛ وساح فِي الأَرض يَسِيح سِياحةً وسُيُوحاً وسَيْحاً
__________
(1).
قوله [سنحنح إلخ] هو والسمعمع مما كرر عينه ولامه معاً، وهما من سنح وسمع؛ فالسنحنح: العرّيض الذي يسنح كثيراً، وأَضافه إِلى الليل، على معنى أَنه يكثر السنوح فيه لأَعدائه، والتعرّض لهم لجلادته كذا بهامش النهاية.
(2).
قوله [لتسعة أَسياح إلخ] هكذا في الأَصل.
(3).
قوله [أَسحت بحري] كذا بالأَصل وشرح القاموس، والذي في الأَساس أَسحت فيهم.

(2/492)


وسَيَحاناً أَي ذَهَبَ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا سِياحة فِي الإِسلام
؛ أَراد بالسِّياحة مفارقةَ الأَمصار والذَّهابَ فِي الأَرض، وأَصله مِنْ سَيْح الْمَاءِ الْجَارِي؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَراد مفارقةَ الأَمصار وسُكْنى البَراري وتَرْكَ شُهُودِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَاتِ؛ قَالَ: وَقِيلَ أَراد الَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي الأَرض بالشرِّ وَالنَّمِيمَةِ والإِفساد بَيْنَ النَّاسِ؛ وَقَدْ سَاحَ، وَمِنْهُ المَسيحُ بن مَرْيَمَ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ؛ فِي بَعْضِ الأَقاويل: كَانَ يَذْهَبُ فِي الأَرض فأَينما أَدركه الليلُ صَفَّ قَدَمَيْهِ وَصَلَّى حَتَّى الصَّبَاحَ؛ فإِذا كَانَ كَذَلِكَ، فَهُوَ مَفْعُولٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ. والمِسْياحُ الَّذِي يَسِيحُ فِي الأَرض بِالنَّمِيمَةِ وَالشَّرِّ؛ وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أُولئك أُمَّةُ الهُدى لَيْسُوا بالمَساييح وَلَا بالمَذاييع البُذُرِ
؛ يَعْنِي الَّذِينَ يَسِيحون فِي الأَرض بِالنَّمِيمَةِ وَالشَّرِّ والإِفساد بَيْنَ النَّاسِ، وَالْمَذَايِيعُ الَّذِينَ يُذِيعُونَ الْفَوَاحِشَ. الأَزهري: قَالَ شَمِرٌ: الْمَسَايِيحُ لَيْسَ مِنَ السِّياحة وَلَكِنَّهُ مِنَ التَّسْييح؛ والتَّسْييح فِي الثَّوْبِ: أَن تَكُونَ فِيهِ خُطُوطٌ مُخْتَلِفَةٌ لَيْسَتْ مِنْ نَحْوٍ وَاحِدٍ. وسِياحةُ هَذِهِ الأُمة الصيامُ ولُزُومُ الْمَسَاجِدِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: الْحامِدُونَ السَّائِحُونَ
؛ وَقَالَ تَعَالَى: سائِحاتٍ ثَيِّباتٍ وَأَبْكاراً
؛ السَّائِحُونَ وَالسَّائِحَاتُ: الصَّائِمُونَ؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: السَّائِحُونَ فِي قَوْلِ أَهل التَّفْسِيرِ وَاللُّغَةِ جَمِيعًا الصَّائِمُونَ، قَالَ: وَمَذْهَبُ الْحَسَنِ أَنهم الَّذِينَ يَصُومُونَ الْفَرْضَ؛ وَقِيلَ: إِنهم الَّذِينَ يُدِيمونَ الصيامَ، وَهُوَ مِمَّا فِي الْكُتُبِ الأُوَل؛ وَقِيلَ: إِنما قِيلَ لِلصَّائِمِ سَائِحٌ لأَن الَّذِي يَسِيحُ مُتَعَبِّدًا يَسِيحُ وَلَا زَادَ مَعَهُ إِنما يَطْعَمُ إِذا وُجِدَ الزَّادُ. وَالصَّائِمُ لَا يَطْعَمُ أَيضاً فَلِشَبَهِهِ بِهِ سُمِّيَ سَائِحًا؛
وَسُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ مَسْعُودٍ عَنِ السَّائِحِينَ، فَقَالَ: هُمُ الصَّائِمُونَ.
والسَّيْح: المِسْحُ المُخَطَّطُ؛ وَقِيلَ: السَّيْح مِسْح مُخَطَّطٌ يُسْتَتَرُ بِهِ ويُفْتَرَش؛ وَقِيلَ: السَّيْحُ العَباءَة المُخَطَّطة؛ وَقِيلَ: هُوَ ضَرْبٌ مِنَ البُرود، وَجَمْعُهُ سُيُوحٌ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
وإِني، وإِن تُنْكَرْ سُيُوحُ عَباءَتي، ... شِفاءُ الدَّقَى يَا بِكْرَ أُمِّ تَميمِ
الدَّقَى: البَشَمُ وعَباءَة مُسَيَّحة؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
مِنَ الهَوْذِ كَدْراءُ السَّراةِ، ولونُها ... خَصِيفٌ، كَلَوْنِ الحَيْقُطانِ المُسَيَّحِ
ابْنُ بَرِّيٍّ: الهَوْذُ جُمْعُ هَوْذَةٍ، وَهِيَ القَطاة. والسَّراة: الظَّهْرُ. والخَصِيفُ: الَّذِي يَجْمَعُ لَوْنَيْنِ بَيَاضًا وَسَوَادًا. وبُرْدٌ مُسَيَّح ومُسَيَّر: مُخَطَّطٌ؛ ابْنُ شُمَيْلٍ: المُسَيَّحُ مِنَ العَباء الَّذِي فِيهِ جُدَدٌ: وَاحِدَةٌ بَيْضَاءُ، وأُخرى سَوْدَاءُ لَيْسَتْ بِشَدِيدَةِ السَّوَادِ؛ وَكُلُّ عباءَة سَيْحٌ ومُسَيَّحَة، وَيُقَالُ: نِعْمَ السيْحُ هَذَا وَمَا لَمْ يَكُنْ جُدَد فإِنما هُوَ كِسَاءٌ وَلَيْسَ بِعَبَاءٍ. وجَرادٌ مُسَيَّحٌ: مُخَطَّطٌ أَيضاً؛ قَالَ الأَصمعي: المُسَيَّح مِنَ الْجَرَادِ الَّذِي فِيهِ خُطُوطٌ سُودٌ وَصُفْرٌ وَبِيضٌ، وَاحِدَتُهُ مُسَيَّحة؛ قَالَ الأَصمعي: إِذا صَارَ فِي الْجَرَادِ خُطوط سُودٌ وصُفْر وَبِيضٌ، فَهُوَ المُسَيَّحُ، فإِذا بَدَا حَجْمُ جَناحه فذلك الكُتْفانُ [الكِتْفانُ] لأَنه حِينَئِذٍ يُكَتِّفُ المَشْيَ، قَالَ: فإِذا ظَهَرَتْ أَجنحته وَصَارَ أَحمر إِلى الغُبْرة، فَهُوَ الغَوْغاءُ، الْوَاحِدَةُ غَوْغاءَة، وَذَلِكَ حِينَ يموجُ بَعْضُهُ فِي بَعْضٍ وَلَا يَتَوَجَّهُ جِهَةً وَاحِدَةً، قَالَ الأَزهري: هَذَا فِي رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ بَحْرٍ. الأَزهري: والمُسَيَّحُ مِنَ الطَّرِيقِ المُبَيَّنُ شَرَكُه، وإِنما سَيَّحَه كثرةُ شَرَكه، شُبِّه بِالْعَبَاءِ المُسَيَّح؛ وَيُقَالُ لِلْحِمَارِ الْوَحْشِيِّ: مُسَيَّحٌ لجُدَّة تَفْصِلُ بَيْنَ بَطْنِهِ وَجَنْبِهِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

(2/493)


تَهاوَى بيَ الظَّلْماءَ حَرْفٌ، كأَنها ... مُسَيَّحُ أَطرافِ العَجيزة أَسْحَمُ «4»
يَعْنِي حِمَارًا وَحْشِيًّا شَبَّهَ النَّاقَةَ بِهِ. وانْساحَ الثوبُ وَغَيْرُهُ: تَشَقَّقَ، وَكَذَلِكَ الصُّبْحُ. وَفِي حَدِيثِ الْغَارِ:
فانْساحت الصَّخْرَةُ
أَي انْدَفَعَتْ وَاتَّسَعَتْ؛ وَمِنْهُ ساحَة الدَّارِ، وَيُرْوَى بِالْخَاءِ وَبِالصَّادِ. وانْساحَ البطنُ: اتَّسَعَ وَدَنَا مِنَ السِّمَنِ. التَّهْذِيبُ، ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ للأَتان قَدِ انْساحَ بَطْنُهَا وانْدالَ انْسِياحاً إِذا ضَخُمَ وَدَنَا مِنَ الأَرض. وانْساحَ بالُه أَي اتَّسَعَ؛ وَقَالَ:
أُمَنِّي ضميرَ النَّفْسِ إِياك، بعد ما ... يُراجِعُني بَثِّي، فَيَنْساحُ بالُها
وَيُقَالُ: أَساحَ الفَرَسُ ذكَره وأَسابه إِذا أَخرجه مِنْ قُنْبِه. قَالَ خَلِيفَةُ الحُصَيْني: وَيُقَالُ سَيَّبه وسَيَّحه مِثْلُهُ. وَسَاحَ الظِّلُّ أَي فاءَ. وسَيْحٌ: مَاءٌ لِبَنِي حَسَّان بْنِ عَوْف؛ وَقَالَ:
يَا حَبَّذا سَيْحٌ إِذا الصَّيْفُ الْتَهَبْ
وسَيْحانُ: نَهْرٌ بِالشَّامِ؛ وَفِي الْحَدِيثِ ذكْرُ سَيْحانَ، هُوَ نَهْرٌ بالعَواصِم مِنْ أَرض المَصِيصَةِ قَرِيبًا مِنْ طَرَسُوسَ، وَيُذْكَرُ مَعَ جَيْحانَ. وساحِينُ: نَهْرٌ بِالْبَصْرَةِ. وسَيْحُونُ: نهر بالهند.

فصل الشين
شبح: الشَّبَحُ: مَا بَدَا لَكَ شخصُه مِنَ النَّاسِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْخَلْقِ. يُقَالُ: شَبَحَ لَنَا أَي مَثَلَ؛ وأَنشد:
رَمَقْتُ بِعَيْنِي كلَّ شَبْحٍ وحائلٍ
الشَّبْحُ والشَّبَحُ: الشَّخْصُ، وَالْجَمْعُ أَشباح وشُبوح. وَقَالَ فِي التَّصْرِيفِ: أَسماءُ الأَشباحِ «5» وَهُوَ مَا أَدركته الرُّؤْيَةُ والحِسُّ. والشَّبْحانُ: الطويلُ. وَرَجُلٌ شَبْحُ الذِّرَاعَيْنِ، بِالتَّسْكِينِ، ومَشْبُوحُهما أَي عَرِيضُهُمَا. وَفِي صِفَةِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
أَنه كَانَ مَشْبُوحَ الذِّرَاعَيْنِ
أَي طويلَهما، وَقِيلَ: عَرِيضُهُمَا؛ وَفِي رِوَايَةٍ:
كَانَ شَبْح الذِّرَاعَيْنِ
؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
إِلى كُلِّ مَشْبُوحِ الذِّراعَيْنِ، تُتَّقَى ... بِهِ الحربُ، شَعْشاعٍ وأَبيضَ فَدْغَمِ
تَقُولُ مِنْهُ: شَبُحَ الرَّجُلُ، بِالضَّمِّ. وشَبَّحَ الشيءَ: عَرَّضَه، وتشْبِيحُه: تَعْرِيضُهُ. وشَبَحْتُ العُود شَبْحاً إِذا نَحَتَّه حَتَّى تُعَرِّضَه. وَيُقَالُ: هَلَكَ أَشْباحُ مَالِهِ إِذا هَلَكَ مَا يُعْرَف مِنْ إِبله وَغَنَمِهِ وَسَائِرِ مَوَاشِيهِ؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
وَلَا تَذْهَبُ الأَحْسابُ مِنْ عُقْرِ دارِنا، ... ولكنَّ أَشباحاً مِنَ المالِ تَذْهَبُ
والمَشْبُوح: الْبَعِيدُ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ. والشَّبْحُ: مَدُّك الشيءَ بَيْنَ أَوتاد، أَو الرجلَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ، والمضروبُ يُشْبَحُ إِذا مُدَّ للجَلْدِ. وشَبَحَه يَشْبَحُه: مَدَّه لِيَجْلِدَهُ. وشَبَحه: مَدَّه كَالْمَصْلُوبِ؛ وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَرَّ بِبِلَالٍ وَقَدْ شُبِحَ فِي الرَّمْضاءِ
أَي مُدَّ فِي الشَّمْسِ عَلَى الرَّمْضَاءِ ليُعَذَّبَ؛ وَفِي حَدِيثِ الدَّجَّالِ:
خذوه
__________
(4).
قوله [تهاوى بي] الذي في الأَساس: به. وقوله: أسحم، الذي فيه أصحر، وكل صحيح.
(5).
قوله [أسماء الأَشباح إلخ] عبارة الأَساس: الأَسماء ضربان: أسماء الأَشباح، وهي التي أَدركتها الرؤية والحس، وأسماء الأَعمال، وهي التي لا تدركها الرؤية ولا الحس، وهو كقولهم أسماء الأَعيان وأسماء المعاني.

(2/494)


فاشْبَحُوه
؛ وَفِي رِوَايَةٍ:
فشُجُّوه.
وشَبَحَ يَدَيْهِ يَشْبَحُهما: مدَّهما؛ يُقَالُ: شَبَحَ الدَّاعِي إِذا مَدَّ يَدَهُ لِلدُّعَاءِ؛ وَقَالَ جَرِيرٌ:
وَعَلَيْكَ مِنْ صَلَواتِ رَبِّكَ، كلما ... شَبَحَ الحَجِيجُ المُبْلِدُون، وَغَارُوا «1»
وتَشَبَّح الحِرْباءُ عَلَى العُود: امْتَدَّ؛ والحِرباءُ تَشَبَّحَ عَلَى الْعُودِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَنَزَعَ سَقْفَ بَيْتِي شَبْحَةً شَبْحَةً
أَي عُودًا عُودًا. وَكِسَاءٌ مُشَبَّح: قَوِيٌّ شَدِيدٌ. وَشَبَحَ لَكَ الشيءُ: بَدَا. وشَبَح رأْسَه شَبْحاً: شَقَّه، وَقِيلَ: هُوَ شَقُّك أَيَّ شيء كان.
شجح: قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي تَرْجَمَةِ عَقَقَ عِنْدَ قَوْلِ الْجَوْهَرِيِّ: والعَقْعَقُ طَائِرٌ معروف وَصَوْتُهُ العَقْعَقة؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ رَوَى ثَعْلَبٌ عَنْ إِسْحَاقَ الْمَوْصِلِيِّ أَن العَقْعَقَ يُقَالُ لَهُ الشَّجَحَى «2».
شحح: الشُّحُّ والشَّحُّ: البُخْلُ، وَالضَّمُّ أَعلى؛ وَقِيلَ: هُوَ الْبُخْلُ مَعَ حِرْصٍ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
إِياكم والشُّحَ
الشُّحُّ أَشدُّ الْبُخْلِ، وَهُوَ أَبلغ فِي الْمَنْعِ مِنَ الْبُخْلِ؛ وَقِيلَ: الْبُخْلُ فِي أَفراد الأُمور وَآحَادِهَا، وَالشُّحُّ عَامٌّ؛ وَقِيلَ: الْبُخْلُ بِالْمَالِ، وَالشُّحُّ بِالْمَالِ وَالْمَعْرُوفِ؛ وَقَدْ شَحَحْتَ تَشُحُّ وشَحِحْتَ، بِالْكَسْرِ، وَرَجُلٌ شَحيحٌ وشَحاحٌ مِنْ قومٍ أَشِحَّةٍ وأَشِحَّاء وشِحَاح؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: أَفْعِلَةٌ وأَفْعِلاءُ إِنما يَغْلِبانِ عَلَى فَعِيل اسْمًا كأَرْبِعَةٍ وأَرْبِعاءَ، وأَخْمِسة وأَخْمِساءَ، وَلَكِنَّهُ قَدْ جَاءَ مِنَ الصِّفَةِ هَذَا وَنَحْوُهُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ
أَي خَاطَبُوكُمْ أَشدَّ مخاطبةٍ وَهُمْ أَشِحَّةٌ عَلَى الْمَالِ وَالْغَنِيمَةِ؛ الأَزهري: نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ مِنَ الْمُنَافِقِينَ كَانُوا يُؤْذُونَ الْمُسْلِمِينَ بأَلسنتهم فِي الأَمر، ويَعُوقُونَ عِنْدَ الْقِتَالِ، ويَشِحُّون عِنْدَ الإِنفاق عَلَى فُقَرَاءِ المسلمين؛ والخيرُ: المالُ هاهنا. وَنَفْسٌ شَحَّة: شَحِيحة؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
لسانُك مَعْسُولٌ، ونَفْسُك شَحَّةُ، ... وَعِنْدَ الثُّرَيَّا مِنْ صَدِيقِك مالُكا
وأَنتَ امْرُؤٌ خِلْطٌ، إِذا هِيَ أَرسَلَتْ ... يَمينُك شَيْئًا، أَمْسَكَتْه شِمالُكا
وتَشاحُّوا فِي الأَمر وَعَلَيْهِ: شَحَّ بِهِ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ وتَبادروا إِليه حَذَرَ فَوْتِه؛ وَيُقَالُ: هُمَا يَتَشاحّان عَلَى أَمر إِذا تَنَازَعَاهُ، لَا يُرِيدُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَن يَفُوتَهُ، وَالنَّعْتُ شَحِيح، وَالْعَدَدُ أَشِحَّةٌ. وتَشاحَّ الخَصْمانِ فِي الجَدَلِ، كَذَلِكَ، وَهُوَ مِنْهُ؛ وَمَاءٌ شَحَاحٌ: نَكِدٌ غيرُ غَمْرٍ، مِنْهُ أَيضاً؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
لَقِيَتْ نَاقَتِي بِهِ وبِلَقْفٍ ... بَلَداً مُجْدِباً، وَمَاءً شَحاحا
وزَنْدٌ شَحاحٌ: لَا يُورِي كأَنه يَشِحُّ بِالنَّارِ؛ قَالَ ابْنِ هَرْمَة:
وإِني وتَرْكي نَدَى الأَكْرَمِين، ... وقَدْحِي بِكَفِّيَ زَنْداً شَحاحا
كتارِكَةٍ بَيْضَها بالعَراء، ... ومُلْبِسَةٍ بَيْضَ أُخْرَى جَناحا
__________
(1).
قوله [الحجيج المبلدون إلخ] الذي في الأَساس الحجيج مبلدين إلخ. قال: وغاروا هبطوا غور تهامة.
(2).
قوله [يقال له الشجحى] كذا بضبط الأَصل. ونقل هذه العبارة شارح القاموس مستدركاً بها على المجد، لكن المجد ذكره في ش ج ج بجيمين، فقال: والشججى كجمزى أي محرّكاً: العقعق، وذكره في المعتل، فقال: والشجوجى الطويل، ثم قال والعقعق؛ وضبط بالشكل بفتح الشين والجيمين وسكون الواو مقصوراً.

(2/495)


يُضْرَبُ مَثَلًا لِمَنْ تَرَكَ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ الِاهْتِمَامُ بِهِ والجِدُّ فِيهِ، وَاشْتَغَلَ بِمَا لَا يَلْزَمُهُ وَلَا مَنْفَعَةَ لَهُ فِيهِ. وشَحِحْت بِكَ وَعَلَيْكَ سَوَاءٌ ضَنَنْتُ، عَلَى الْمَثَلِ. وَفُلَانٌ يُشاحُّ على فلان أَي يَضِنُّ بِهِ. وأَرضٌ شَحاحٌ: تسيلٌ مِنْ أَدْنى مَطَرَةٍ كأَنها تَشِحُّ عَلَى الْمَاءِ بِنَفْسِهَا؛ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الشِّحاحُ شِعابٌ صِغَارٌ لَوْ صَبَبْتَ فِي إِحداهن قِرْبة أَسالته، وَهُوَ مِنَ الأَول. وأَرضٌ شَحاحٌ: لَا تَسيل إِلّا مِنْ مَطَرٍ كَثِيرٍ «1». وأَرضٌ شَحْشَحٌ، كَذَلِكَ. والشُّحُّ: حِرْصُ النَّفْسِ عَلَى مَا مَلَكَتْ وَبُخْلُهَا بِهِ، وَمَا جَاءَ فِي التَّنْزِيلِ مِنَ الشُّحِّ، فَهَذَا مَعْنَاهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ*
؛ وَقَوْلُهُ: وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَ
؛ قَالَ الأَزهري فِي قَوْلِهِ: وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ*
؛ أَي مَنْ أَخرج زَكَاتَهُ وَعَفَّ عَنِ الْمَالِ الَّذِي لَا يَحِلُّ لَهُ، فَقَدْ وُقِيَ شُحَّ نَفْسِهِ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
بَرِئَ مِنَ الشُّحِّ مَنْ أَدَّى الزَّكَاةَ وقَرَى الضَّيْفَ وأَعطى فِي النَّائِبَةِ
؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن تَتَصَدَّقَ وأَنت شَحِيح صَحيح تَأْمُلُ الْبَقَاءَ وتَخْشى الْفَقْرَ
؛ وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: أَن رَجُلًا قَالَ لَهُ: إِني شَحِيح، فَقَالَ: إِن كَانَ شُحُّكَ لَا يَحْمِلُكَ عَلَى أَن تأْخذ مَا لَيْسَ لَكَ فَلَيْسَ بشُحِّكَ بأْسٌ
؛ فِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: قَالَ لَهُ رَجُلٌ: مَا أُعْطِي مَا أَقْدِرُ عَلَى مَنْعِهِ، قال: ذاك البخلُ، والشح أَن تأْخذ مَالَ أَخيك بِغَيْرِ حَقِّهِ.
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ أَنه قَالَ: الشُّحُّ مَنْعُ الزَّكَاةِ وإِدخال الْحَرَامِ.
وشَحَّ بِالشَّيْءِ وَعَلَيْهِ يَشِحُّ، بِكَسْرِ الشِّينِ، قَالَ: وَكَذَلِكَ كُلُّ فَعِيل مِنَ النُّعُوتِ إِذا كَانَ مُضَاعَفًا عَلَى فَعَلَ يَفْعِل، مِثْلَ خَفِيفٍ ودَفِيف وعَفِيف، وَقَالَ بَعْضُ الْعَرَبِ: تَقُولُ شَحَّ يَشِحُّ، وَقَدْ شَحِحْتَ تَشَحُّ، وَمِثْلُهُ ضَنَّ يَضَنُّ، فَهُوَ ضَنِينُ، وَالْقِيَاسُ هُوَ الأَول ضَنَّ يَضِنُّ، وَاللُّغَةُ الْعَالِيَةُ ضَنَّ يَضَنُّ. والشَّحْشَحُ والشَّحْشاحُ: الْمُمْسِكُ الْبَخِيلُ؛ قَالَ سَلَمَةُ ابن عَبْدِ اللَّهِ العَدَوِيّ:
فَرَدَّدَ الهَدْرَ وَمَا أَن شَحْشَحا
أَي مَا بَخِلَ بِهَدِيرِهِ؛ وَبَعْدَهُ:
يميلُ عَلْخَدَّيْنِ ميْلًا مُصْفَحا
أَي يَمِيلُ عَلَى الخَدَّين، فَحَذَفَ. والشَّحْشَحُ والشَّحْشاحُ: الْمُوَاظِبُ عَلَى الشَّيْءِ الْجَادُّ فِيهِ الْمَاضِي فِيهِ. والشَّحْشَحُ يَكُونُ لِلذَّكَرِ والأُنثى؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
كأَنَّ المَطايا ليلةَ الخِمْسِ عُلِّقَتْ ... بوَثَّابةٍ، تَنْضُو الرَّواسِمَ، شَحْشَحِ
والشَّحْشَحُ والشَّحْشاحُ: الغَيُورُ وَالشُّجَاعُ أَيضاً. وفلاةٌ شَحْشَحٌ: وَاسِعَةٌ بَعِيدَةُ مَحْلٌ لَا نَبْتٌ فِيهَا؛ قَالَ مُلَيْح الهُذَليُّ:
تَخْدِي إِذا مَا ظَلامُ الليلِ أَمْكَنها ... مِنَ السُّرَى، وفلاةٌ شَحْشَحٌ جَرَدُ
والشَّحْشَحُ والشَّحْشاح أَيضاً: القويُّ. وَخَطِيبٌ شَحْشح وشَحْشاحٌ: ماضٍ، وَقِيلَ: هُمَا كُلُّ ماضٍ فِي كَلَامٍ أَو سَيْر؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
لَدُنْ غَدْوةً، حَتَّى إِذا امْتَدَّتِ الضُّحَى، ... وحَثَّ القَطِينَ الشَّحْشحانُ المُكَلَّفُ
يَعْنِي الْحَادِيَ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: أَنه رأَى رَجُلًا يَخطُبُ، فَقَالَ: هَذَا الْخَطِيبُ الشَّحْشَحُ
، هُوَ الْمَاهِرُ بِالْخُطْبَةِ الْمَاضِي فِيهَا. ورجل شَحْشَحٌ: سَيِءُ الخُلُق؛ وقال
__________
(1).
قوله [لَا تَسِيلُ إِلَّا مِنْ مَطَرٍ كثير] لا منافاة بينه وبين ما قبله، فهو من الأَضداد كما في القاموس.

(2/496)


نُصَيْبٌ:
نُسَيَّةُ شَحْشاحٍ غَيُورٍ يَهَبْنَه، ... أَخِي حَذَرٍ يَلْهُونَ، وَهْوَ مُشِيحُ «1»
وَحِمَارٌ شَحْشَحٌ: خَفِيفٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ سَحْسَح؛ قَالَ حُميد:
تَقَدَّمَها شَحْشَحٌ جائزٌ ... لماءٍ قَعِيرٍ، يُريدُ القِرَى
جَائِزٌ: يَجُوزُ إِلى الْمَاءِ. وشَحْشَحَ الْبَعِيرُ فِي الهَدْر: لَمْ يُخَلِّصْه؛ وأَنشد بَيْتَ سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْعَدَوِيِّ. وشَحْشَحَ الطائرُ: صَوَّت؛ قَالَ مُلَيْحٌ الْهُذَلِيُّ:
مُهْتَشَّةٌ لدَلِيجِ الليلِ، صادقةٌ ... وَقْعَ الهَجِيرِ، إِذا مَا شَحْشَحَ الصُّرَدُ
وَغُرَابٌ شَحْشَحٌ: كَثِيرُ الصَّوْتِ. وشَحْشَحَ الصُّرَدُ إِذا صَاتَ. والشَّحْشحة: الطيرانُ السَّرِيعُ؛ يُقَالُ: قَطاة شَحْشَحٌ أَي سريعة.
شدح: المَشْدَحُ: مَتَاعُ المرأَة؛ قَالَ الأَغْلَبُ:
وَتَارَةً يَكُدُّ، إِنْ لَمْ يَجْرَحِ ... عُرْعُرَةَ المُتْكِ، وكَيْنَ المَشْدَحِ
وَهُوَ المَشْرَحُ بِالرَّاءِ. وانْشَدَحَ الرجلُ انْشِداحاً: اسْتَلْقَى وفَرَّجَ رِجْلَيْهِ. وَنَاقَةٌ شَوْدَحٌ: طَوِيلَةٌ عَلَى وَجْهِ الأَرض؛ قَالَ الطِّرِمَّاح:
قَطَعْتُ إِلى معروفِه مُنْكَراتِها، ... بفَتْلاءِ أَمْرارِ الذِّراعَيْنِ شَوْدَحِ
وَيُقَالُ: لَكَ عَنْ هَذَا الأَمر مُشْتَدَحٌ ومُرْتَدَحٌ ومُرْتَكَحٌ ومَشْدَح وشُدْحَةٌ وبُدْحةٌ ورُكْحَةٌ ورُدْحةٌ وفُسْحة، بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وكَلأٌ شادِحٌ وسادِحٌ ورادِحٌ أَي واسع كثير.
شذح: نَاقَةٌ شَوْذَحٌ: طَوِيلَةٌ؛ عَنْ كُرَاعٍ حَكَاهَا فِي باب فَوْعَلٍ.
شرح: الشَّرْحُ والتَّشْريح: قَطْعُ اللَّحْمِ عَنِ الْعُضْوِ قَطْعاً، وَقِيلَ: قَطْعُ اللَّحْمِ عَلَى الْعَظْمِ قَطْعًا، والقِطْعَةُ مِنْهُ شَرْحة وشَرِيحة، وَقِيلَ: الشَّرِيحةُ القِطعةُ مِنَ اللَّحْمِ المُرَقَّقَةُ. ابْنُ شُمَيْلٍ: الشَّرْحة مِنَ الظِّباء الَّذِي يُجاء بِهِ يابِساً كَمَا هُوَ، لَمْ يقَدَّدْ؛ يُقَالُ: خُذْ لَنَا شَرْحة مِنَ الظِّباء، وَهُوَ لَحْمٌ مَشْرُوح؛ وَقَدْ شَرَحْتُه وشَرَّحْتُه؛ والتَّصْفِيفُ نَحْوٌ مِنَ التَّشْريح، وَهُوَ تَرْقِيقُ البَضْعة مِنَ اللَّحْمِ حَتَّى يَشِفَّ مِنْ رِقَّتِه ثُمَّ يُلْقَى عَلَى الجَمْر. والشَّرْحُ: الكَشْفُ؛ يُقَالُ: شَرَحَ فُلَانٌ أَمره أَي أَوضحه، وشَرَح مسأَلة مُشْكِلَةً: بَيَّنها، وشَرَح الشيءَ يَشْرَحُه شَرْحاً، وشَرَّحَه: فَتَحَهُ وبَيَّنَه وكَشَفه. وَكُلُّ مَا فُتح مِنَ الْجَوَاهِرِ، فَقَدْ شُرِحَ أَيضاً. تَقُولُ: شَرَحْتُ الغامِضَ إِذا فَسَّرْته؛ وَمِنْهُ تَشْريحُ اللَّحْمِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
كَمْ قَدْ أَكلتُ كَبِداً وإِنْفَحهْ، ... ثُمَّ ادَّخَرْتُ أَلْيَةً مُشَرَّحه
وَكُلُّ سَمِينٍ مِنَ اللَّحْمِ مُمْتَدٌّ، فَهُوَ شَرِيحة وشَرِيح. وشَرَح اللهُ صدرَه لِقَبُولِ الْخَيْرِ يَشْرَحه شَرْحاً فانْشَرح: وَسَّعَه لِقَبُولِ الْحَقِّ فاتَّسَع. وَفِي التَّنْزِيلِ: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ
.
وَفِي حَدِيثِ
الْحَسَنِ، قَالَ لَهُ عَطَاءٌ: أَكان الأَنبياءُ يَشْرَحُون إِلى الدُّنْيَا مَعَ عِلْمِهِمْ بِرَبِّهِمْ؟ فَقَالَ لَهُ: نَعَمْ إِن لِلَّهِ تَرائك فِي خَلْقِه
؛ أَراد: كَانُوا يَنْبَسِطُونَ إِليها ويَشْرَحُونَ صدورَهم وَيَرْغَبُونَ في اقتنائها
__________
(1).
قوله [وقال نصيب نسية إلخ] الذي تقدم في مادة أنح، وَقَالَ أَبُو حَيَّةَ النُّمَيْرِيُّ: ونسوة إلخ. وقوله أخي حذر: الذي تقدم على حذر.

(2/497)


رَغْبَةً وَاسِعَةً. والمَشْرَحُ: مَتَاعُ المرأَة؛ قَالَ:
قَرِحَتْ عَجِيزَتُها ومَشْرَحُها، ... مِنْ نَصِّها دَأْباً عَلَى البُهْرِ
وَرُبَّمَا سُمِّيَ شُرَيْحاً، وأُراه عَلَى تَرْخِيمِ التَّصْغِيرِ. والمَشْرَحُ: الرَّاشِقُ الاسْتُ «1» وشَرَحَ جَارِيَتَهُ إِذا سَلَقها عَلَى قَفَاهَا ثُمَّ غَشِيَها؛ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:
كَانَ أَهل الْكِتَابِ لَا يأْتون نِسَاءَهُمْ إِلّا عَلَى حَرْفٍ وَكَانَ هَذَا الْحَيُّ مِنْ قُرَيْشٍ يَشْرَحون النساءَ شَرْحاً
؛ شَرَحَ جَارِيَتَهُ إِذا وَطِئَهَا نَائِمَةً عَلَى قَفَاهَا. والمَشْرُوحُ: السَّرابُ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ، وَالسِّينُ لُغَةٌ. قَالَ أَبو عَمْرٍو: قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ لِفَتَاهُ: أَبْغِني شارِحاً فإِنَّ أَشاءَنا مُغَوَّسٌ وإِني أَخاف عَلَيْهِ الطَّمْلَ؛ قَالَ أَبو عَمْرٍو: الشَّارِحُ الْحَافِظُ، والمُغَوَّسُ المُشَنَّخُ؛ قَالَ الأَزهري: تَشْنِيخُ النَّخْلِ تَنْقِيحُه مِنَ السُّلَّاء. والأَشاءُ: صِغارُ النَّخْلِ؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: الشَّرْحُ الْحِفْظُ، والشَّرْح الْفَتْحُ، والشَّرْح الْبَيَانُ، والشَّرْح الفَهْم، والشَّرْحُ الاقْتِضاضُ للأَبكار؛ وشاهدُ الشَّارِحِ بِمَعْنَى الْحَافِظِ قولُ الشَّاعِرِ:
وَمَا شاكرٌ إِلّا عصافيرُ قريةٍ، ... يقومُ إِليها شارِحٌ فَيُطيرُها
والشارحُ فِي كَلَامِ أَهل الْيَمَنِ: الَّذِي يَحْفَظُ الزَّرْعَ مِنَ الطُّيُورِ وَغَيْرِهَا. وشُرَيْحٌ ومِشْرَحُ بْنُ عاهانَ: اسْمَانِ. وَبَنُو شُرَيح: بَطْنٌ. وشَراحِيلُ: اسْمٌ، كأَنه مُضَافٌ إِلى إِيل، وَيُقَالُ شَراحِينُ أَيضاً بإِبدال اللَّامِ نُونًا، عَنْ يعقوب.
شردح: ابْنُ الأَعرابي: رَجُلٌ شِرْداحُ القَدَمِ إِذا كَانَ عريضها غليظها.
شرنفح: الشرنفح «2»
شطح: شطح «3»
شفح: المشفح «4»
شرمح: الشَّرْمَحُ والشَّرْمَحِيُّ مِنَ الرِّجَالِ: الْقَوِيُّ الطَّوِيلُ؛ وأَنشد الأَخفش:
وَلَا تَذْهَبَنْ عيناكَ فِي كُلِّ شَرْمَحٍ طُوالٍ، ... فإِنَّ الأَقْصَرِينَ أَمازِرُهْ «5»
التَّهْذِيبِ: وَهُمُ الشَّرامِحُ، وَيُقَالُ: شَرامِحة. والشَّرْمَحة مِنَ النِّسَاءِ: الطَّوِيلَةُ الْخَفِيفَةُ الْجِسْمِ؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: هِيَ الطَّوِيلَةُ الْجِسْمِ؛ وأَنشد:
والشَّرْمَحاتُ عِنْدَهَا قُعُودُ
يَقُولُ: هِيَ طَوِيلَةٌ حَتَّى إِن النِّسَاءَ الشَّرامِحَ ليَصِرْنَ قُعوداً عِنْدَهَا بالإِضافة إِليها، وإِن كُنَّ قَائِمَاتٍ. والشَّرَمَّحُ: كالشَّرْمَحِ؛ قَالَ:
أَظَلَّ عَلَيْنَا، بَعْدَ قَوْسَيْنِ، بُرْدَه، ... أَشَمُّ طويلُ الساعِدَيْن شَرَمَّحُ
شفلح: الشَّفَلَّح: الحِرُ الْغَلِيظُ الْحُرُوفِ الْمُسْتَرْخِي. والشَفَلَّح أَيضاً: الْغَلِيظُ الشَّفَةِ المُسْتَرْخِيها، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ الرِّجَالِ الْوَاسِعُ الْمَنْخَرَيْنِ الْعَظِيمُ الشَّفَتَيْنِ، وَمِنَ النِّسَاءِ: الضَّخْمةُ الإِسْكَتَينِ الْوَاسِعَةُ المَتاع؛ وأَنشد أَبو الْهَيْثَمِ:
لَعَمْرُ الَّتِي جاءتْ بِكُمْ مِنْ شَفَلَّحٍ، ... لَدَى نَسَيَيْها ساقِطَ الاسْتِ أَهْلَبا
__________
(1).
قوله [والمشرح الراشق الاست] كذا بالأَصل.
(2).
زاد في القاموس، والشرداح، بكسر فسكون: الرجل اللحيم الرخو، والطويل العظيم من الإِبل والنساء انتهى. قال الشارح: ومثله السرداح، بالسين المهملة، كما تقدم. وزاد المجد أيضاً الشرنفح، أي بفتح الشين والراء وسكون النون وفتح الفاء: الخفيف القدمين. وزاد أيضاً شطح، بكسر أوله وثانيه المشدد: زجر للعريض من أولاد المعز؛ وزاد أيضاً المشفح كمعظم: المحروم الذي لا يصيب شيئاً.
(3).
زاد في القاموس، والشرداح، بكسر فسكون: الرجل اللحيم الرخو، والطويل العظيم من الإِبل والنساء انتهى. قال الشارح: ومثله السرداح، بالسين المهملة، كما تقدم. وزاد المجد أيضاً الشرنفح، أي بفتح الشين والراء وسكون النون وفتح الفاء: الخفيف القدمين. وزاد أيضاً شطح، بكسر أوله وثانيه المشدد: زجر للعريض من أولاد المعز؛ وزاد أيضاً المشفح كمعظم: المحروم الذي لا يصيب شيئاً.
(4).
زاد في القاموس، والشرداح، بكسر فسكون: الرجل اللحيم الرخو، والطويل العظيم من الإِبل والنساء انتهى. قال الشارح: ومثله السرداح، بالسين المهملة، كما تقدم. وزاد المجد أيضاً الشرنفح، أي بفتح الشين والراء وسكون النون وفتح الفاء: الخفيف القدمين. وزاد أيضاً شطح، بكسر أوله وثانيه المشدد: زجر للعريض من أولاد المعز؛ وزاد أيضاً المشفح كمعظم: المحروم الذي لا يصيب شيئاً.
(5).
قَوْلُهُ [فَإِنَّ الأَقصرين أَمَازِرُهُ] يريد أَمازرهم أي أَقوياءهم قلوباً كما يأتي في مزر.

(2/498)


وشَفَةٌ شَفَلَّحة: غَلِيظَةٌ. ولِثَة شَفَلَّحة: كَثِيرَةُ اللَّحْمِ عَرِيضَةٌ. ابْنُ شُمَيْلٍ: الشَّفَلَّح شِبْه القِثَّاء يَكُونُ عَلَى الكَبَر. والشَّفَلَّحُ: ثَمَرُ الكَبَر إِذا تَفَتَّحَ، وَاحِدَتُهُ شَفَلَّحة، وإِنما هَذَا تَشْبِيهٌ. والشَّفَلَّح: شَجَرٌ؛ عَنْ كُرَاعٍ وَلَمْ يُحَلِّه «1».
شقح: الشَّقْحةُ والشُّقْحة: البُسْرَة الْمُتَغَيِّرَةُ إِلى الحُمْرة؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ عَلَى حيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ حُلَّةٌ شُقَحِيَّة
أَي حَمْرَاءُ. الأَصمعي: إِذا تَغَيَّرَتِ البُسْرة إِلى الحُمْرة، قِيلَ: هَذِهِ شُقْحة. وَقَدْ أَشْقَحَ النخلُ، قَالَ: وَهُوَ فِي لُغَةِ أَهل الْحِجَازِ الزَّهْوُ. وأَشْقَحَ النخل: أَزْهَى. وأَشْقَحَ البُسْرُ وشَقَّح: لَوَّنَ واحْمَرَّ واصْفَرَّ، وَقِيلَ: إِذا اصْفَرَّ وَاحْمَرَّ، فَقَدْ أَشْقَح؛ وَقِيلَ: هُوَ أَن يَحْلُوَ. وشَقَّحَ النخلُ: حَسُنَ بأَحماله، وَكَذَلِكَ التَّشْقِيح، ونُهي عَنْ بَيْعِهِ قَبْلَ أَن يُشَقِّح؛ وَفِي حَدِيثِ الْبَيْعِ:
نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ حَتَّى يُشَقِّحَ
؛ هُوَ أَن يَحْمَرّ أَو يَصْفَرّ. يُقَالُ: أَشْقَحت البُسْرَة وشَقَّحَتْ إِشْقاحاً وتَشْقِيحاً؛ أَبو حَاتِمٍ: يُقَالُ للأَحْمَر الأَشْقَر: إِنه لأَشْقَحُ؛ وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ التَّشْقِيحُ فِي غَيْرِ النَّخْلِ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
كَبانِيةٍ، أَوتادُ أَطْناب بَيْتِها ... أَراكٌ، إِذا صاقتْ بِهِ المَرْدُ شَقَّحا
فَجَعَلَ التَّشْقِيحَ فِي الأَراك إِذا تلوَّن ثَمَرُهُ. والشَّقِيح: النَّاقِهُ مِنَ الْمَرَضِ، وَلِذَلِكَ قِيلَ: فُلَانٌ قبيحٌ شَقِيحٌ. والشَّقْحُ: رَفْعُ الْكَلْبِ رِجْلَهُ لِيَبُولَ. والشَّقْحة: ظَبْيَة الكلْبةِ «2»، وَقِيلَ: مَسْلَكُ القَضيب مِنْ ظَبْيَتِها؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: يُقَالُ لِحَياءِ الكَلْبَةِ ظَبْيَةٌ وشَقْحةٌ، وَلِذَوَاتِ الْحَافِرِ وَظْبَة. والشُّقَّاحُ: اسْتُ الْكَلْبِ. وأَشْقاحُ الْكِلَابِ أَدبارُها، وَقِيلَ: أَشْداقُها. وَيُقَالُ: شاقَحْتُ فُلَانًا وشاقَيْتُه وباذَيْتُه إِذا لاسَنْتَه بالأَذِيَّة. والشَّقْحُ: الكَسْرُ. وشَقَح الشيءَ: كَسَرَه شَقْحاً. وشَقَحَ الجَوْزة شَقْحاً: اسْتَخْرَجَ مَا فِيهَا. ولأَشْقَحَنَّه شَقْح الجَوْزة بالجَنْدَلِ أَي لأَكْسِرَنه، وَقِيلَ: لأَسْتَخْرجَنَّ جَمِيعَ مَا عِنْدَهُ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: قُبْحاً لَهُ وشُقْحاً وقَبْحاً لَهُ وشَقْحاً كِلَاهُمَا إِتباع، وَقِيلَ: هُمَا وَاحِدٌ. وقَبيح شَقيح. قَالَ الأَزهري: وَلَا تَكَادُ الْعَرَبُ تَقُولُ الشُّقْح مِنَ القُبْح؛ وقَبُحَ الرجلُ وشَقُحَ قَباحةً وشَقاحةً. وَقَدْ أَومأَ سِيبَوَيْهِ إِلى أَن شَقِيحاً لَيْسَ بإِتباع، فَقَالَ: وَقَالُوا شَقِيحٌ وَدَمِيمٌ، وَجَاءَ بالقَباحة والشَّقاحة. قَالَ أَبو زَيْدٍ: شَقَحَ اللهُ فُلَانًا وقَبَحَه، فَهُوَ مَشْقُوحٌ، مِثْلُ قَبَحه اللَّهُ، فَهُوَ مَقْبُوحٌ. والشَّقْحُ: البُعْدُ. والشَّقْحُ: الشُّحُّ. وَفِي حَدِيثِ
عَمَّار: سَمِعَ رَجُلًا يَسُبُّ عائشة، فقال له بعد ما لكَزَه لَكَزاتٍ: أَأَنت تَسُبُّ حَبِيبة رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ اقْعُدْ مَنْبُوحاً مَقْبُوحاً مَشْقُوحاً
المَشْقُوحُ الْمَكْسُورُ أَو المُبْعَدُ؛ وَفِي حَدِيثِهِ الْآخَرِ:
قَالَ لأُم سَلَمة: دَعِي هَذِهِ المَقْبوحة المَشْقوحة
؛ يَعْنِي بِنْتَهَا زينبَ، وأَخذها مِنْ حَجْرها وَكَانَتْ طِفْلةً.
__________
(1).
قوله [ولم يحله] قد حلاه المجد، فقال: والشفلح شجرة لساقها أَربعة أَحرف، إن شئت ذبحت بكل حرف شاة، وثمرته كرأس زنجي.
(2).
قوله [والشقحة ظبية الكلبة] كذا بالأَصل، بالظاء المعجمة المفتوحة، وهي فرج الكلبة، كما في الصحاح في فصل الظاء المعجمة من المعتل. وقال المجد: هنا الشقحة حياء الكلبة، وبالضم: طبيتها انتهى. قال الشارح: وَقِيلَ مَسْلَكُ الْقَضِيبِ مِنْ طبيتها انتهى. والطاء مهملة متناً وشرحاً لكنها في نسخ الطبع مضبوطة بالشكل بضمة.

(2/499)


والشُّقَّاحُ: نَبتُ الكَبَر.
شلح: الشَّلْحاء: السَّيْفُ بِلُغَةِ أَهل الشَّحْر وَهِيَ بأَقصى الْيَمَنِ. ابْنُ الأَعرابي: الشُّلْحُ السيوفُ الحِدادُ؛ قَالَ الأَزهري: مَا أُرَى الشَّلْحاءَ والشُّلْحَ عَرَبِيَّةً صَحِيحَةً، وَكَذَلِكَ التَّشْلِيح الَّذِي يَتَكَلَّمُ بِهِ أَهل السَّوَادِ، سَمِعْتُهُمْ يَقُولُونَ: شُلِّحَ فلانٌ إِذا خَرَجَ عَلَيْهِ قُطَّاع الطَّرِيقِ فَسَلَبُوهُ ثِيَابَهُ وعَرَّوْه، قَالَ: وأَحْسِبُها نَبَطِيَّة. وَفِي الْحَدِيثِ:
الحاربُ المُشَلِّح
؛ هُوَ الَّذِي يُعَرِّي الناسَ ثِيَابَهُمْ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير عَنِ الْهَرَوِيِّ: هِيَ لُغَةٌ سَوادِيَّة؛ وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فِي وَصْفِ الشُّراة: خَرَجُوا لُصُوصاً مُشَلِّحين
؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ أَما قَوْلُ الْعَامَّةِ شَلَّحه فَلَا أَدري ما اشتقاقه.
شنح: الأَزهري، اللَّيْثُ: الشَّناحِيُّ يُنْعَتُ بِهِ الْجَمَلُ فِي تَمَامِ خَلْقه؛ وأَنشد:
أَعَدُّوا كلَّ يَعْمَلةٍ ذَمُولٍ، ... وأَعْيَسَ بازِلٍ قَطِمٍ شَناحِي
الأَصمعي: الشَّناحِيُّ الطَّوِيلُ، وَيُقَالُ: هُوَ شَناحٌ، كَمَا تَرَى. ابْنُ الأَعرابي قَالَ: الشُّنُح الطِّوالُ. والشُّنُحُ: السُّكارَى. ابْنُ سِيدَهْ: الشَّناحُ والشَّناحِيُّ «1» والشَّناحِيَةُ مِنَ الإِبل: الطويلُ الْجَسِيمُ، والأُنثى شَناحِيَةٌ لَا غَيْرُ. وبَكْرٌ شَناحٍ: وَهُوَ الفَتِيُّ مِنَ الإِبل، وبَكْرَةٌ شَناحِيةٌ. وَرَجُلٌ شَناحٍ وشَناحِيةٌ: طَوِيلٌ، حُذِفَتِ الْيَاءُ مِنْ شَناحٍ مَعَ التَّنْوِينِ لِاجْتِمَاعِ السَّاكِنَيْنِ. وصَقْرٌ شانِحٌ: متطاوِلٌ فِي طَيَرَانِهِ؛ عَنِ الزَّجَّاجِ، قَالَ: وَمِنْهُ اشْتِقَاقُ الطَّوِيلِ، قَالَ: وَلَسْتُ مِنْهَا عَلَى ثِقَةٍ».
شيح: الشِّيحُ والشائِحُ والمُشِيحُ: الجادُّ والحَذِرُ. وشَايَح الرجلُ: جدَّ فِي الأَمر؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ الْهُذَلِيُّ يَرْثِي رَجُلًا مِنْ بَنِي عَمِّهِ وَيَصِفُ مَوَاقِفَهُ فِي الْحَرْبِ:
وزَعْتَهُمُ، حَتَّى إِذا مَا تَبَدَّدُوا ... سِراعاً، ولاحَتْ أَوْجُهٌ وكُشُوحُ،
بَدَرْتَ إِلى أُولاهُمُ فَسَبَقْتَهُمْ، ... وشايَحْتَ قبلَ اليومِ، إِنكَ شِيحُ
وَقَالَ الأَفْوه:
وبرَوْضةِ السُّلَّانِ مِنَّا مَشْهَدٌ، ... والخيلُ شائحةٌ، وَقَدْ عَظُمَ الثُّبَى
وأَشاحَ: مِثْلُ شايَحَ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
قُبًّا أَطاعتْ راعِياً مُشِيحا، ... لَا مُنْفِشاً رِعْياً، وَلَا مُرِيحا
القُبُّ: الضَّامِرَةُ. والمُنْفِشُ: الَّذِي يَتْرُكُهَا لَيْلًا تَرْعَى. والمُرِيحُ: الَّذِي يُريحها عَلَى أَهلها. وَفِي حَدِيثِ:
سَطِيحٍ عَلَى جَمَل مُشِيح
أَي جَادٍّ مُسْرِع؛ الْفَرَّاءُ: المُشِيح عَلَى وَجْهَيْنِ: المُقْبِلُ إِليك، وَالْمَانِعُ لِمَا وَرَاءَ ظَهْرِهِ. ابْنُ الأَعرابي: والإِشاحةُ الحَذَرُ؛ وأَنشد لأَوْسٍ:
فِي حَيْثُ لَا تَنْفَعُ الإِشاحةُ مِنْ ... أَمْرٍ لِمَنْ قَدْ يُحاوِلُ البِدَعا
والإِشاحةُ: الحَذَر وَالْخَوْفُ لِمَنْ حَاوَلَ أَن يَدْفَعَ الْمَوْتَ، ومحاوَلَتُه دَفْعَه بِدْعةٌ؛ قَالَ: وَلَا يَكُونُ الحَذِرُ بِغَيْرِ جِدٍّ مُشِيحاً؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
__________
(1).
قوله [الشناحيّ] بزيادة الياء للتأكيد لا للنسب. وقوله والشناحية بتخفيف الياء انتهى. القاموس وشرحه.
(2).
زاد المجد شوّح على الأَمر تشويحاً: أنكر، انتهى. مع زيادة من الشرح.

(2/500)


تُشِيحُ عَلَى الفَلاةِ، فَتَعْتَليها ... بنَوْعِ القَدْرِ، إِذ قَلِقَ الوَضِينُ
أَي تُدِيمُ السَّيْرَ. والمُشِيحُ: المُجِدُّ؛ وَقَالَ ابْنُ الإِطْنابَة:
وإِقْدامي عَلَى المَكْرُوهِ نَفْسِي، ... وضَرْبي هامةَ البَطَلِ المُشِيحِ
وأَشاحَ عَلَى حَاجَتِهِ وشايَحَ مُشَايَحَةً وشِياحاً. والشِّياحُ: الحِذارُ والجِدُّ فِي كُلِّ شَيْءٍ. وَرَجُلٌ شَائِحٌ: حَذِرٌ. وشايَحَ وأَشاحَ، بِمَعْنَى حَذِرَ؛ وَقَالَ أَبو السَّوْداء العِجْلي:
إِذا سَمِعْنَ الرِّزَّ مِنْ رَباحِ، ... شايَحْنَ مِنْهُ أَيَّما شِياحِ
أَي حَذَرٍ. وشايَحْنَ: حَذِرْنَ. والرِّزُّ: الصَّوْتُ. ورَباح: اسْمُ رَاعٍ؛ وَتَقُولُ: إِنه لَمُشِيحٌ حازِمٌ حَذِرٌ؛ وأَنشد:
أَمُرُّ مُشِيحاً مَعِي فِتْيَةٌ، ... فَمِنْ بينِ مُودٍ، وَمِنْ خاسِرِ
وَالشَّائِحُ: الغَيُورُ، وَكَذَلِكَ الشَّيْحانُ لحَذَرِه عَلَى حُرَمِه؛ وأَنشد المُفَضَّل:
لمَّا اسْتَمَرَّ بِهَا شَيْحانُ مُبْتَجِحٌ، ... بالبَيْنِ عَنْكَ بِهَا يَرْآكَ شَنْآنا «1»
الأَزهري: شايَحَ أَي قَاتَلَ؛ وأَنشد:
وشايَحْتَ قبلَ الْيَوْمِ، إِنك شِيحُ
والشَّيْحانُ: الطويلُ الحَسَن الطُّولِ؛ وأَنشد شَمِرٌ:
مُشِيحٌ فوقَ شَيْحانٍ، ... يَدِرُّ، كأَنه كَلْبُ
قَالَ شَمِرٌ: ورُوِي فَوْقَ شِيحانٍ، بِكَسْرِ الشِّينِ. الأَزهري: قَالَ خَالِدُ بْنُ جَنْبَة: الشَّيْحانُ الَّذِي يَتَهَمَّسُ عَدْواً؛ أَراد السُّرْعَةَ. ابْنُ الأَعرابي: شَيَّحَ إِذا نَظَرَ إِلى خَصْمِه فَضَايَقَهُ. وأَشاحَ بِوَجْهِهِ عَنِ الشَّيْءِ: نَحَّاه. وَفِي صِفَتِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم،
إِذا غَضِبَ أَعْرَضَ وأَشاحَ
؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: أَعرض بِوَجْهِهِ وأَشاحَ أَي جَدَّ فِي الإِعراض. قَالَ: والمُشِيحُ الجادُّ؛ قَالَ وأَقرأَنا لِطَرَفَةَ:
أَدَّتِ الصنعةُ فِي أَمتُنِها، ... فهيَ، مِنْ تحتُ، مُشِيحَاتُ الحُزُمْ
يَقُولُ: جَدَّ ارتفاعُها فِي الحُزُم؛ وَقَالَ: إِذا ضمَّ وَارْتَفَعَ حِزَامُهُ، فَهُوَ مُشيح، وإِذا نَحَّى الرجلُ وجهَه عَنْ وَهَجٍ أَصابه أَو عَنْ أَذًى، قِيلَ: قَدْ أَشاح بِوَجْهِهِ؛ وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بشِقِّ تَمْرَةٍ، ثُمَّ أَعرض وأَشاح
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: المُشِيح الحَذِرُ والجادُّ فِي الأَمر، وَقِيلَ: الْمُقْبِلُ إِليك الْمَانِعُ لِمَا وَرَاءَ ظَهْرِهِ، فَيَجُوزُ أَن يَكُونَ أَشاحَ أَحدَ هَذِهِ الْمَعَانِي أَي حَذِرَ النارَ كأَنه يَنْظُرُ إِليها، أَو جَدَّ عَلَى الإِيصاء بِاتِّقَائِهَا، أَو أَقبل إِليك بِخِطَابِهِ. التَّهْذِيبُ، اللَّيْثُ: إِذا أَرْخَى الفَرَسُ ذَنَبَه قِيلَ: قَدْ أَشاح بِذَنَبِهِ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أَظن الصَّوَابَ أَساحَ، بِالسِّينِ، إِذا أَرْخاه، وَالشِّينُ تَصْحِيفٌ. وَهُمْ فِي مَشِيحَى ومَشْيُوحاءَ مِنْ أَمرهم أَي اخْتِلَاطٌ. والمَشْيُوحاء: أَن يَكُونَ الْقَوْمُ فِي أَمر يَبْتَدِرُونه. قَالَ شَمِرٌ: المُشِيحُ لَيْسَ مِنَ الأَضداد، إِنما هِيَ كَلِمَةٌ جاءَت بمعْنَيَين. والشِّيحُ: ضَرْبٌ مِنْ بُرودِ الْيَمَنِ، يُقَالُ لَهُ الشِّيح والمُشِيحُ، وَهُوَ الْمُخَطَّطُ؛ قَالَ الأَزهري: لَيْسَ فِي الْبُرُودِ وَالثِّيَابِ شِيحٌ وَلَا مُشَيَّحٌ، بِالشِّينِ مُعْجَمَةً مِنْ فَوْقُ، وَالصَّوَابُ السِّيحُ والمُسَيَّحُ، بِالسِّينِ وَالْيَاءِ
__________
(1).
قوله [لما استمر إلخ] الذي تقدم في بجح: ثم استمر.

(2/501)


فِي بَابِ الثِّيَابِ، وَقَدْ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي مَوْضِعِهِ. والشِّيحُ: نَبَاتٌ سُهْلِيٌّ يُتَّخَذُ مِنْ بَعْضِهِ المَكانِسُ، وَهُوَ مِنَ الأَمْرار، لَهُ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ وَطَعْمٌ مُرٌّ، وَهُوَ مَرْعًى لِلْخَيْلِ والنَّعَم ومَنابتُه القِيعانُ والرِّياض؛ قَالَ:
فِي زَاهِرِ الرَّوْضِ يُغَطِّي الشِّيحا
وَجَمْعُهُ شِيحانٌ؛ قَالَ:
يَلُوذُ بشِيحانِ القُرَى من مُسَفَّةٍ [مُسِفَّةٍ] ... شَآمِيَةٍ، أَو نَفْحِ نَكْباءَ صَرْصَرِ
وَقَدْ أَشاحت الأَرضُ. والمَشْيُوحاءُ: الأَرض الَّتِي تُنْبِت الشِّيح، يُقُصَرُ وَيُمَدُّ؛ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ إِذا كَثُرَ نَبَاتُهُ بِمَكَانٍ قِيلَ: هَذِهِ مَشْيُوحاء. وَنَاقَةٌ شَيْحانة أَي سريعة.

فصل الصاد
صبح: الصُّبْحُ: أَوّل النَّهَارِ. والصُّبْحُ: الفجر. والصَّباحُ: نقيص المَساء، وَالْجَمْعُ أَصْباحٌ، وَهُوَ الصَّبيحةُ والصَّباحُ والإِصْباحُ والمُصْبَحُ؛ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: فالِقُ الْإِصْباحِ
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: إِذا قِيلَ الأَمْسَاء والأَصْباح، فَهُوَ جَمْعُ المَساء والصُّبْح، قَالَ: وَمِثْلُهُ الإِبْكارُ والأَبْكارُ؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
أَفْنَى رِياحاً وذَوِي رِياحِ، ... تَناسُخُ الإِمْساءِ والإِصْباحِ
يُرِيدُ بِهِ المَساء والصُّبْحَ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: تَقُولُ العربُ إِذا تَطَيَّرُوا مِنَ الإِنسان وَغَيْرِهِ: صباحُ اللَّهِ لَا صَباحُك قَالَ: وإِن شِئْتَ نصبتَ. وأَصْبَحَ القومُ: دَخَلُوا فِي الصَّباح، كَمَا يُقَالُ: أَمْسَوْا دَخَلُوا فِي الْمَسَاءِ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
أَصْبِحُوا بالصُّبحِ فإِنه أَعظم للأَجر
أَي صَلُّوهَا عِنْدَ طُلُوعِ الصُّبْح؛ يُقَالُ: أَصْبَحَ الرَّجُلُ إِذا دَخَلَ فِي الصُّبْح؛ وَفِي التَّنْزِيلِ: وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ وَبِاللَّيْلِ
؛ وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: أَصْبَحْنا وأَمْسَينا أَي صِرْنَا فِي حِينِ ذَاكَ، وأَما صَبَّحْنا ومَسَّيْنا فَمَعْنَاهُ أَتيناه صَباحاً وَمَسَاءً؛ وَقَالَ أَبو عَدْنَانَ: الْفَرْقُ بَيْنَ صَبَحْنا وصَبَّحْنا أَنه يُقَالُ صَبَّحْنا بَلَدُ كَذَا وَكَذَا، وصَبَّحْنا فُلَانًا، فَهَذِهِ مُشَدَّدة، وصَبَحْنا أَهلَها خَيْرًا أَو شَرًّا؛ وَقَالَ النَّابِغَةُ:
وصَبَّحَه فَلْجاً فَلَا زَالَ كَعْبُه، ... عَلَى كلِّ مَنْ عَادَى مِنَ الناسِ، عَالِيًا
وَيُقَالُ: صَبَّحَه بِكَذَا ومسَّاه بِكَذَا؛ كُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ؛ وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ يُنَبَّه مِنْ سِنَةِ الغَفْلة: أَصْبِحْ أَي انْتَبِهْ وأَبْصِرْ رُشْدَك وَمَا يُصْلِحُك؛ وَقَالَ رُؤْبَةَ:
أَصْبِحْ فَمَا مِنْ بَشَرٍ مَأْرُوشِ
أَي بَشَرٍ مَعِيبٍ. وَقَوْلُ اللَّهِ، عَزَّ مِنْ قَائِلٍ: فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ
أَي أَخذتهم الهَلَكة وَقْتَ دُخُولِهِمْ فِي الصَّبَاحِ. وأَصْبَحَ فُلَانٌ عَالِمًا أَي صَارَ. وصَبَّحك اللَّهُ بِخَيْرٍ: دُعاء لَهُ. وصَبَّحْته أَي قُلْتُ لَهُ: عِمْ صَباحاً؛ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَلَا يُرادُ بالتشديد هاهنا التَّكْثِيرُ. وصَبَّحَ القومَ: أَتاهم غُدْوَةً وأَتيتهم صُبْحَ خامِسةٍ كَمَا تَقُولُ لِمُسْيِ خامسةٍ، وصِبْحِ خَامِسَةٍ، بِالْكَسْرِ، أَي لِصَباحِ خَمْسَةِ أَيام. وَحَكَى سِيبَوَيْهِ: أَتيته صَباحَ مَساءَ؛ مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَبْنِيهِ كَخَمْسَةَ عَشَرَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُضِيفُهُ إِلا فِي حَدِّ الْحَالِ أَو الظَّرْفِ، وأَتيته صَباحاً وَذَا صَباحٍ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: لَا يُسْتَعْمَلُ إِلَّا ظَرْفًا، وَهُوَ ظَرْفٌ غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ، قَالَ: وَقَدْ جَاءَ فِي لُغَةٍ لِخَثْعَم اسْمًا؛ قال

(2/502)


أَنس ابنُ نُهَيْكٍ:
عَزَمْتُ عَلَى إِقامةِ ذِي صباحٍ، ... لأَمْرٍ مَا يُسَوَّدُ مَا يَسُودُ
وأَتيته أُصْبُوحةَ كُلِّ يَوْمٍ وأُمْسِيَّةَ كلِّ يَوْمٍ. قَالَ الأَزهري: صَبَحْتُ فُلَانًا أَتيته صَبَاحًا؛ وأَما قَوْلُ بُجَيْر بْنِ زُهير المزنيِّ، وَكَانَ أَسلم:
صَبَحْناهمْ بأَلفٍ مِنْ سُلَيْمٍ، ... وسَبْعٍ مِنْ بَنِي عُثمانَ وَافَى
فَمَعْنَاهُ أَتيناهم صَباحاً بأَلف رَجُلٍ مِنْ سُليم؛ وَقَالَ الرَّاجِزُ:
نحْنُ صَبَحْنا عَامِرًا فِي دارِها ... جُرْداً، تَعادَى طَرَفَيْ نَهارِها
يُرِيدُ أَتيناها صَبَاحًا بِخَيْلٍ جُرْد؛ وَقَوْلُ الشَّمَّاخ:
وتَشْكُو بعَيْنٍ مَا أَكَلَّ رِكابَها، ... وقيلَ المُنادِي: أَصْبَحَ القومُ أَدْلِجِي
قَالَ الأَزهري: يسأَل السَّائِلُ عَنْ هَذَا الْبَيْتِ فَيَقُولُ: الإِدلاج سَيْرُ اللَّيْلِ، فَكَيْفَ يَقُولُ: أَصبح الْقَوْمُ، وَهُوَ يأْمر بالإِدلاج؟ وَالْجَوَابُ فِيهِ: أَن الْعَرَبَ إِذا قَرُبَتْ مِنَ الْمَكَانِ تُرِيدُهُ، تَقُولُ: قَدْ بَلَغْنَاهُ، وإِذا قَرَّبَتْ لِلسَّارِي طلوعَ الصُّبْحِ وإِن كَانَ غَيْرَ طَالِعٍ، تَقُولُ: أَصْبَحْنا، وأَراد بِقَوْلِهِ أَصبح القومُ: دَنَا وقتُ دُخُولِهِمْ فِي الصَّبَاحِ؛ قَالَ: وإِنما فَسَّرْتُهُ لأَن بَعْضَ النَّاسِ فَسَّرَهُ عَلَى غَيْرِ مَا هُوَ عَلَيْهِ. والصُّبْحة والصَّبْحة: نَوْمُ الْغَدَاةِ. والتَّصَبُّحُ: النَّوْمُ بِالْغَدَاةِ، وَقَدْ كَرِهَهُ بَعْضُهُمْ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه نَهَى عَنِ الصُّبْحة
وَهِيَ النَّوْمُ أَوّل النَّهَارِ لأَنه وَقْتُ الذِّكر، ثُمَّ وَقْتُ طَلَبِ الْكَسْبِ. وَفُلَانٌ يَنَامُ الصُّبْحة والصَّبْحة أَي يَنَامُ حِينَ يُصْبح، تَقُولُ مِنْهُ: تَصَبَّح الرجلُ،؛ وَفِي حَدِيثِ
أُم زَرْعٍ أَنها قَالَتْ: وَعِنْدَهُ أَقول فَلَا أُقَبَّح وأَرْقُدُ فأَتَصَبَّحُ
؛ أَرادت أَنها مَكفِيَّة، فَهِيَ تَنَامُ الصُّبْحة. والصُّبْحة: مَا تَعَلَّلْتَ بِهِ غُدْوَةً. والمِصْباحُ مِنَ الإِبل: الَّذِي يَبْرُك فِي مُعَرَّسه فَلَا يَنْهَض حَتَّى يُصبح وإِن أُثير، وَقِيلَ: المِصْبَحُ والمِصْباحُ مِنَ الإِبل الَّتِي تُصْبِحُ فِي مَبْرَكها لَا تَرْعَى حَتَّى يَرْتَفِعَ النَّهَارُ؛ وَهُوَ مِمَّا يُسْتَحَبُّ مِنَ الإِبل وَذَلِكَ لقوَّتها وَسِمَنِهَا؛ قَالَ مُزَرِّد:
ضَرَبْتُ لَهُ بالسيفِ كَوْماءَ مِصْبَحاً، ... فشُبَّتْ عَلَيْهَا النارُ، فَهِيَ عَقِيرُ
والصَّبُوحُ: كُلُّ مَا أُكل أَو شُرِبَ غُدْوَةً، وَهُوَ خِلَافُ الغَبُوقِ. والصَّبُوحُ: مَا أَصْبَحَ عِنْدَهُمْ مِنْ شَرَابِهِمْ فَشَرِبُوهُ، وَحَكَى الأَزهري عَنِ اللَّيْثِ: الصَّبُوحُ الْخَمْرُ؛ وأَنشد:
وَلَقَدْ غَدَوْتُ عَلَى الصَّبُوحِ، مَعِي ... شَرْبٌ كِرامٌ مَنْ بَنِي رُهْمِ
والصَّبُوحُ مِنَ اللَّبَنِ: مَا حُلب بِالْغَدَاةِ. والصَّبُوحُ والصَّبُوحةُ: النَّاقَةُ الْمَحْلُوبَةُ بِالْغَدَاةِ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. حُكِيَ عَنِ الْعَرَبِ: هَذِهِ صَبُوحِي وصَبُوحَتي. والصَّبْحُ: سَقْيُكَ أَخاك صَبُوحاً مِنْ لَبَنٍ. والصَّبُوح: مَا شُرِبَ بِالْغَدَاةِ فَمَا دُونَ الْقَائِلَةِ وفعلُكَ الإِصطباحُ؛ وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: الصَّبُوح اللَّبَنُ يُصْطَبَحُ، وَالنَّاقَةُ الَّتِي تُحْلَبُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ: صَبُوح أَيضاً؛ يقال: هذه النَّاقَةُ صَبُوحِي وغَبُوقِي؛ قَالَ: وأَنشدنا أَبو لَيْلَى الأَعرابي:
مَا لِيَ لَا أَسْقِي حُبيْباتي ... صَبائِحي غَبَائقي قَيْلاتي؟
والقَيْلُ: اللَّبَنُ الَّذِي يُشْرَبُ وَقْتَ الظَّهِيرَةِ. واصْطَبَحَ القومُ: شَرِبُوا الصَّبُوحَ.

(2/503)


وصَبَحَه يَصْبَحُه صَبْحاً، وصَبَّحَه: سَقَاهُ صَبُوحاً، فَهُوَ مُصْطَبحٌ؛ وَقَالَ قُرْطُ بْنُ التُّؤْم اليَشكُري:
كَانَ ابنُ أَسماءَ يَعْشُوه ويَصْبَحُه ... مِنْ هَجْمةٍ، كفَسِيلِ النَّخْل، دُرَّارِ
يَعشوه: يَطْعَمُهُ عَشَاءً. والهَجْمة: الْقِطْعَةُ مِنَ الإِبل. ودُرَّار: مِنْ صِفَتِهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
وَمَا لَنَا صَبِيٌّ يَصْطَبِحُ
أَي لَيْسَ لَنَا لَبَنٌ بِقَدْرِ مَا يَشْرَبُهُ الصَّبِيُّ بُكْرَة مِنَ الجَدْب وَالْقَحْطِ فَضْلًا عَنِ الْكَثِيرِ، وَيُقَالُ: صَبَحْتُ فُلَانًا أَي نَاوَلْتُهُ صَبُوحاً مِنْ لَبَنٍ أَو خَمْرٍ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ طَرَفَةَ:
مَتَّى تَأْتِنِي أَصبَحْكَ كأْساً رَوِيَّةً
أَي أَسقيك كأْساً؛ وَقِيلَ: الصَّبُوحُ مَا اصْطُبِحَ بِالْغَدَاةِ حَارًّا. وَمِنْ أَمثالهم السَّائِرَةِ فِي وَصْفِ الْكَذَّابِ قَوْلُهُمْ: أَكْذَبُ مِنَ الآخِذِ الصَّبْحانِ؛ قَالَ شَمِرٌ: هَكَذَا قَالَ ابْنُ الأَعرابي، قَالَ: وَهُوَ الحُوَارُ الَّذِي قَدْ شَرِبَ فَرَوِيَ، فإِذا أَردت أَن تَسْتَدِرَّ بِهِ أُمه لَمْ يَشْرَبْ لِرِيِّه دِرَّتها، قَالَ: وَيُقَالُ أَيضاً: أَكذب مِنَ الأَخِيذِ الصَّبْحانِ؛ قَالَ أَبو عَدْنَانَ: الأَخِيذُ الأَسيرُ. والصَّبْحانُ: الَّذِي قَدِ اصْطَبَحَ فَرَوِيَ؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: هُوَ رَجُلٌ كَانَ عِنْدَ قَوْمٍ فصَبَحُوه حَتَّى نَهَض عَنْهُمْ شَاخِصًا، فأَخذه قَوْمٌ وَقَالُوا: دُلَّنا عَلَى حَيْثُ كُنْتَ، فَقَالَ: إِنما بِتُّ بالقَفْر، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذ قَعَدَ يَبُولُ، فَعَلِمُوا أَنه بَاتَ قَرِيبًا عِنْدَ قَوْمٍ، فَاسْتَدَلُّوا بِهِ عَلَيْهِمْ واسْتَباحوهم، والمصدرُ الصَّبَحُ، بِالتَّحْرِيكِ. وَفِي الْمَثَلِ: أَعن صَبُوحٍ تُرَقِّق؟ يُضْرَبُ مَثَلًا لِمَنْ يُجَمْجِمُ وَلَا يُصَرِّح، وَقَدْ يُضْرَبُ أَيضاً لِمَنْ يُوَرِّي عَنِ الخَطْب الْعَظِيمِ بِكِنَايَةٍ عَنْهُ، وَلِمَنْ يُوجِبُ عَلَيْكَ مَا لَا يَجِبُ بِكَلَامٍ يُلَطِّفُهُ؛ وأَصله أَن رَجُلًا مِنَ الْعَرَبِ نَزَلَ بِرَجُلٍ مِنَ الْعَرَبِ عِشاءً فغَبَقَه لَبَناً، فَلَمَّا رَويَ عَلِقَ يُحَدِّثُ أُمَّ مَثْواه بِحَدِيثٍ يُرَقِّقه، وَقَالَ فِي خِلال كَلَامِهِ: إِذا كَانَ غَدًا اصْطَبَحْنَا وَفَعَلْنَا كَذَا، فَفَطِنَ لَهُ المنزولُ عَلَيْهِ وَقَالَ: أَعن صَبُوح تُرَقِّق؟ وَرُوِيَ عَنِ الشَّعْبيِّ أَنَّ رَجُلًا سأَله عَنْ رَجُلٍ قَبَّل أُم امرأَته، فَقَالَ لَهُ الشَّعْبِيُّ: أَعن صَبُوحٍ تُرَقِّقُ؟ حَرُمَتْ عَلَيْهِ امرأَته؛ ظَنَّ الشَّعْبِيُّ أَنه كَنَّى بِتَقْبِيلِهِ إِياها عَنْ جِمَاعِهَا؛ وَقَدْ ذُكِرَ أَيضاً فِي رَقَقَ. وَرَجُلٌ صَبْحانُ وامرأَة صَبْحَى: شُرْبًا الصَّبُوحَ مِثْلَ سَكْرَانَ وسَكْرَى. وَفِي الْحَدِيثِ
أَنه سُئِلَ: مَتَى تحلُّ لَنَا الْمَيْتَةُ؟ فَقَالَ: مَا لَمْ تَصْطَبِحُوا أَو تَغْتَبِقُوا أَو تَحْتَفُّوا بَقْلًا فشأْنكم بِهَا
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: مَعْنَاهُ إِنما لَكُمْ مِنْهَا الصَّبُوحُ وَهُوَ الْغَدَاءُ، والغَبُوقُ وَهُوَ العَشاء؛ يَقُولُ: فَلَيْسَ لَكُمْ أَن تَجْمَعُوهُمَا مِنَ الْمَيْتَةِ؛ قَالَ: وَمِنْهُ قَوْلُ سَمُرة لِبَنِيهِ: يَجْزي مِنَ الضَّارُورةِ صَبُوحٌ أَو غَبُوقٌ؛ قَالَ الأَزهري وَقَالَ غَيْرُ أَبي عُبَيْدٍ: مَعْنَاهُ لِمَا سُئِلَ: مَتَى تَحِلُّ لَنَا الْمَيْتَةُ؟ أَجابهم فَقَالَ: إِذا لَمْ تَجِدُوا مِنَ اللَّبَنِ صَبُوحاً تَتَبَلَّغونَ بِهِ وَلَا غَبُوقاً تَجْتزِئون بِهِ، وَلَمْ تَجِدُوا مَعَ عَدَمكم الصَّبُوحَ والغَبُوقَ بَقْلَةً تأْكلونها ويَهْجأُ غَرْثُكم حلَّت لَكُمُ الْمَيْتَةُ حِينَئِذٍ، وَكَذَلِكَ إِذا وَجَدَ الرَّجُلُ غَدَاءً أَو عَشَاءً مِنَ الطَّعَامِ لَمْ تحلَّ لَهُ الْمَيْتَةُ؛ قَالَ: وَهَذَا التَّفْسِيرُ وَاضِحٌ بَيِّنٌ، وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ. وصَبُوحُ النَّاقَةِ وصُبْحَتُها: قَدْرُ مَا يُحْتَلَب مِنْهَا صُبْحاً. وَلَقِيَتْهُ ذاتَ صَبْحة وَذَا صبُوحٍ أَي حِينَ أَصْبَحَ وَحِينَ شَرِبَ الصَّبُوحَ؛ ابْنُ الأَعرابي: أَتيته ذاتَ الصَّبُوح وَذَاتَ الغَبُوق إِذا أَتاه غُدْوَةً وعَشِيَّةً؛ وَذَا صَباح وَذَا مَساءٍ وذاتَ الزُّمَيْنِ وذاتَ العُوَيمِ

(2/504)


أَي مُذْ ثَلَاثَةِ أَزمان وأَعوام. وصَبَحَ القومَ شَرًّا يَصْبَحُهم صَبْحاً: جاءَهم بِهِ صَباحاً. وصَبَحَتهم الخيلُ وصَبَّحَتهم: جاءَتهم صُبْحاً. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه صَبَّح خَيْبَر
أَي أَتاها صَبَاحًا؛ وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ:
كلُّ امرئٍ مُصَبَّحٌ فِي أَهله، ... والموتُ أَدْنى مِنْ شِراك نَعْلِه
أَي مَأْتيٌّ بِالْمَوْتِ صَبَاحًا لِكَوْنِهِ فِيهِمْ وَقْتَئِذٍ. وَيَوْمُ الصَّباح: يَوْمُ الْغَارَةِ؛ قَالَ الأَعشى:
بِهِ تُرْعَفُ الأَلْفُ، إِذ أُرْسِلَتْ ... غَداةَ الصَّباحِ، إِذا النَّقْعُ ثَارَا
يَقُولُ: بِهَذَا الْفَرَسِ يتقدَّم صاحبُه الأَلفَ مِنَ الْخَيْلِ يَوْمَ الْغَارَةِ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ إِذا نَذِرَتْ بِغَارَةٍ مِنَ الْخَيْلِ تَفْجَؤُهم صَباحاً: يَا صَباحاه يُنْذِرونَ الحَيَّ أَجْمَعَ بِالنِّدَاءِ الْعَالِي. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَمَّا نَزَلَتْ. وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ؛ صَعَّدَ عَلَى الصَّفَا، وَقَالَ: يَا صَبَاحَاهُ
هَذِهِ كَلِمَةٌ تَقُولُهَا الْعَرَبُ إِذا صَاحُوا لِلْغَارَةِ، لأَنهم أَكثر مَا يُغِيرون عِنْدَ الصَّبَاحِ، ويُسَمُّونَ يومَ الْغَارَةِ يَوْمَ الصَّباح، فكأَنَّ القائلَ يَا صَبَاحَاهُ يَقُولُ: قَدْ غَشِيَنا العدوُّ؛ وَقِيلَ: إِن الْمُتَقَاتِلِينَ كَانُوا إِذا جاءَ اللَّيْلُ يَرْجِعُونَ عَنِ الْقِتَالِ فإِذا عَادَ النَّهَارُ عَادُوا، فكأَنه يُرِيدُ بِقَوْلِهِ يَا صَبَاحَاهُ: قَدْ جاءَ وقتُ الصَّبَاحِ فتأَهَّبوا لِلْقِتَالِ. وَفِي حَدِيثِ
سَلَمة بْنِ الأَكْوَع: لَمَّا أُخِذَتْ لِقاحُ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نادَى: يَا صَباحاه
وصَبَح الإِبلَ يَصْبَحُها صَبْحاً: سَقَاهَا غُدْوَةً. وصَبَّحَ القومَ الماءَ: وَرَده بِهِمْ صَبَاحًا. والصَّابِحُ: الَّذِي يَصْبَح إِبلَه الماءَ أَي يَسْقِيهَا صَبَاحًا؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أَبي زُبَيْدٍ:
حِينَ لاحتَ للصَّابِحِ الجَوْزاء
وَتِلْكَ السَّقْية تُسَمِّيهَا الْعَرَبُ الصُّبْحَةَ، وَلَيْسَتْ بِنَاجِعَةٍ عِنْدَ الْعَرَبِ، ووقتُ الوِرْدِ المحمودِ مَعَ الضَّحاء الأَكبر. وَفِي حَدِيثِ
جَرِيرٍ: وَلَا يَحْسِرُ صابِحُها
أَي لَا يَكِلُّ وَلَا يَعْيا، وَهُوَ الَّذِي يَسْقِيهَا صَبَاحًا لأَنه يُورِدُهَا مَاءً ظَاهِرًا عَلَى وَجْهِ الأَرض. قَالَ الأَزهري: والتَّصْبِيحُ عَلَى وُجُوهٍ، يُقَالُ: صَبَّحْتُ القومَ الماءَ إِذا سَرَيْتَ بِهِمْ حَتَّى تُورِدَهُمُ الماءَ صَبَاحًا؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
وصَبَّحْتُهم مَاءً بفَيْفاءَ قَفْرَةٍ، ... وَقَدْ حَلَّقَ النجمُ اليمانيُّ، فَاسْتَوَى
أَرادَ سَرَيْتُ بِهِمْ حَتَّى انتهيتُ بِهِمْ إِلى ذَلِكَ الْمَاءِ؛ وَتَقُولُ: صَبَّحْتُ الْقَوْمَ تَصْبِيحًا إِذا أَتيتهم مَعَ الصَّبَاحِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ عَنْتَرَةَ يَصِفُ خَيْلًا:
وغَداةَ صَبَّحْنَ الجِفارَ عَوابِساً، ... يَهْدِي أَوائِلَهُنَّ شُعْثٌ شُزَّبُ
أَي أَتينا الجِفارَ صَبَاحًا؛ يَعْنِي خَيْلًا عَلَيْهَا فُرْسانها؛ وَيُقَالُ صَبَّحْتُ القومَ إِذا سَقَيْتَهُمُ الصَّبُوحَ. والتَّصْبيح: الغَداء؛ يُقَالُ: قَرِّبْ إِليَّ تَصْبِيحِي؛ وَفِي حَدِيثِ الْمَبْعَثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، كَانَ يَتِيماً فِي حجْر أَبي طَالِبٍ، وَكَانَ يُقَرَّبُ إِلى الصِّبْيان تَصْبِيحُهم فَيَخْتَلِسُونَ ويَكُفّ
أَي يُقَرَّبُ إِليهم غَدَاؤُهُمْ؛ وَهُوَ اسْمٌ بُني عَلَى تَفْعِيل مِثْلَ التَرْعِيب للسَّنام المُقَطَّع، وَالتَّنْبِيتِ اسْمٌ لِمَا نَبَتَ مِنَ الغِراس، وَالتَّنْوِيرُ اسْمٌ لنَوْر الشَّجَرِ. والصَّبُوح: الغَداء، والغَبُوق: العَشاء، وأَصلهما فِي الشُّرْبِ ثُمَّ اسْتُعْمِلَا فِي الأَكل. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ تَصَبَّحَ بِسَبْعِ تَمراتِ عَجْوَة
، هُوَ تَفَعَّلَ مِنْ صَبَحْتُ القومَ إِذا سَقَيْتَهُمُ الصَّبُوحَ.

(2/505)


وصَبَّحْتُ، بِالتَّشْدِيدِ، لُغَةٌ فِيهِ. والصُّبْحةُ والصَّبَحُ: سَوَادٌ إِلى الحُمْرَة، وَقِيلَ: لَوْنٌ قَرِيبٌ إِلى الشُّهْبَة، وَقِيلَ: لَوْنٌ قَرِيبٌ مِنَ الصُّهْبَة، الذكَرُ أَصْبَحُ والأُنثى صَبْحاء، تَقُولُ: رَجُلٌ أَصْبَحُ وأَسَد أَصْبَح بَيِّنُ الصَّبَح. والأَصْبَحُ مِنَ الشَّعَر: الَّذِي يُخَالِطُهُ بَيَاضٌ بِحُمْرَةِ خِلْقَة أَيّاً كانَ؛ وَقَدِ اصْباحَّ. وَقَالَ اللَّيْثُ: الصَّبَحُ شِدَّةُ الْحُمْرَةِ فِي الشَّعَر، والأَصْبَحُ قَرِيبٌ مِنَ الأَصْهَب. وَرَوَى شَمِرٌ عَنْ أَبي نَصْرٍ قَالَ: فِي الشعَر الصُّبْحَة والمُلْحَة. وَرَجُلٌ أَصْبَحُ اللِّحْيَةِ: لِلَّذِي تَعْلُو شعرَه حُمْرةٌ، وَمِنْ ذَلِكَ قِيلَ: دَمٌ صُباحِيٌّ لشدَّة حُمْرَتِهِ؛ قَالَ أَبو زُبيد:
عَبِيطٌ صُباحِيٌّ مِنَ الجَوْفِ أَشْقَرا
وَقَالَ شَمِرٌ: الأَصْبَحُ الَّذِي يَكُونُ فِي سَوَادِ شَعْرِهِ حُمْرَةٌ؛ وَفِي حَدِيثِ الْمُلَاعَنَةِ:
إِن جاءَت بِهِ أَصْبَحَ أَصْهَبَ
؛ الأَصْبَحُ: الشَّدِيدُ حُمْرَةِ الشَّعْرِ، وَمِنْهُ صُبْحُ النَّهَارِ مُشْتَقٌّ مِنَ الأَصْبَح؛ قَالَ الأَزهري: ولونُ الصُّبْحِ الصَّادِقِ يَضْرِب إِلى الْحُمْرَةِ قَلِيلًا كأَنها لَوْنُ الشفَق الأَوّل فِي أَوَّل اللَّيْلِ. والصَّبَحُ: بَريقُ الْحَدِيدِ وَغَيْرِهِ. والمِصْباحُ: السِّرَاجُ، وَهُوَ قُرْطُه الَّذِي تَرَاهُ فِي القِنديل وَغَيْرِهِ، والقِراطُ لُغَةٌ، وَهُوَ قَوْلُ اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ: الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌ
.
والمِصْبَحُ: المِسْرَجة. واسْتَصْبَح بِهِ: اسْتَسْرَجَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فأَصْبِحي سِراجَك
أَي أَصْلِحيها. وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ فِي شُحوم الْمَيْتَةِ: ويَسْتَصْبِحُ بِهَا الناسُ
أَي يُشْعِلونَ بِهَا سُرُجَهم. وَفِي حَدِيثِ
يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ: كَانَ يَخْدُم بيتَ المقدِس نَهَارًا ويُصْبِحُ فِيهِ لَيْلًا
أَي يُسْرِجُ السِّراح. والمَصْبَح، بِالْفَتْحِ: مَوْضِعُ الإِصْباحِ ووقتُ الإِصْباح أَيضاً؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
بمَصْبَح الحمدِ وحيثُ يُمْسِي
وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَصل الْفِعْلِ قَبْلَ أَن يُزَادَ فِيهِ، وَلَوْ بُني عَلَى أَصْبَح لَقِيلَ مُصْبَح، بِضَمِّ الْمِيمِ؛ قَالَ الأَزهري: المُصْبَحُ الْمَوْضِعُ الَّذِي يُصْبَحُ فِيهِ، والمُمْسى الْمَكَانُ الَّذِي يُمْسَى فِيهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
قريبةُ المُصْبَحِ مِنْ مُمْساها
والمُصْبَحُ أَيضاً: الإِصباحُ؛ يُقَالُ: أَصْبَحْنا إِصباحاً ومُصْبَحاً؛ وَقَوْلُ النَّمِرِ بْنِ تَوْلَبٍ:
فأَصْبَحْتُ والليلُ مُسْتَحْكِمٌ، ... وأَصْبَحَتِ الأَرضُ بَحْراً طَما
فَسَّرَهُ ابْنُ الأَعرابي فَقَالَ: أَصْبَحْتُ مِنَ المِصْباحِ؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: شَبَّهَ البَرْقَ بالليل بالمِصْباح، وشدَّ ذَلِكَ قولُ أَبي ذؤَيب:
أَمِنْك بَرْقٌ أَبِيتُ الليلَ أَرْقُبُه؟ ... كأَنه، فِي عِراصِ الشامِ، مِصْباحُ
فَيَقُولُ النَّمِرُ بْنُ تَوْلَبٍ: شِمْتُ هَذَا الْبَرْقَ والليلُ مُسْتَحْكِم، فكأَنَّ البرقَ مِصْباح إِذ الْمَصَابِيحُ إِنما تُوقَدُ فِي الظُّلَم، وأَحسن مِنْ هَذَا أَن يَكُونَ البرقُ فَرَّج لَهُ الظُّلْمةَ حَتَّى كأَنه صُبْح، فَيَكُونُ أَصبحت حِينَئِذٍ مِنَ الصَّباح؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: مَعْنَاهُ أَصْبَحْتُ فَلَمْ أَشْعُر بالصُّبح مِنْ شِدَّةِ الْغَيْمِ؛ والشَّمَعُ مِمَّا يُصْطَبَحُ بِهِ أَي يُسْرَجُ بِهِ. والمِصْبَحُ والمِصْباحُ: قَدَحٌ كَبِيرٌ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. والمَصابيح: الأَقْداح الَّتِي يُصْطبح بِهَا؛ وأَنشد:
نُهِلُّ ونَسْعَى بالمَصابِيحِ وَسْطَها، ... لَهَا أَمْرُ حَزْمٍ لَا يُفَرَّقُ، مُجْمَعُ
ومَصابيحُ النُّجُومِ: أَعلام الْكَوَاكِبِ، وَاحِدُهَا مِصْباح. والمِصْباح: السِّنانُ العريضُ. وأَسِنَّةٌ صُباحِيَّةٌ،

(2/506)


كَذَلِكَ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: لَا أَدري إِلامَ نُسِبَ. والصَّباحةُ: الجَمال؛ وَقَدْ صَبُحَ، بِالضَّمِّ، يَصْبُح صَباحة. وأَما مِنَ الصَّبَح فَيُقَالُ صَبِحَ «2» يَصْبَحُ صَبَحاً، فَهُوَ أَصْبَحُ الشَّعَرِ. وَرَجُلٌ صَبِيحٌ وصُباحٌ، بِالضَّمِّ: جَمِيلُ، وَالْجَمْعُ صِباحٌ؛ وَافَقَ الَّذِينَ يَقُولُونَ فُعال الَّذِينَ يَقُولُونَ فَعِيل لاعتِقابهما كَثِيرًا، والأُنثى فِيهِمَا، بِالْهَاءِ، وَالْجَمْعُ صِباحٌ، وَافَقَ مُذَكَّرَهُ فِي التَّكْسِيرِ لِاتِّفَاقِهِمَا فِي الْوَصْفِيَّةِ؛ وَقَدْ صَبُحَ صَباحة؛ وَقَالَ اللَّيْثُ: الصَّبِيح الوَضِيءُ الْوَجْهِ. وَذُو أَصْبَحَ: مَلِكٌ مِنْ مُلُوكِ حِمْيَر «3» وإِليه تُنْسَبُ السِّياطُ الأَصْبَحِيَّة. والأَصْبَحِيُّ: السَّوْطُ. وصَباحٌ: حَيٌّ مِنَ الْعَرَبِ، وَقَدْ سَمَّتْ صُبْحاً وصَباحاً وصُبَيْحاً وصَبَّاحاً وصَبِيحاً ومَصْبَحاً. وَبَنُو صُباح: بُطُونٌ، بَطْنٌ فِي ضَبَّة وَبَطْنٌ فِي عَبْدِ القَيْس وَبَطْنٌ فِي غَنِيٍّ. وصُباحُ: حَيٌّ مِنْ عُذْرَة وَمِنْ عَبْدِ القَيْسِ. وصُنابِحُ: بَطْنٌ مِنْ مُراد.
صحح: الصُّحُّ والصِّحَّةُ «4». والصَّحاحُ: خلافُ السُّقْمِ، وذهابُ الْمَرَضِ؛ وَقَدْ صَحَّ فُلَانٌ مِنْ عِلَّتِهِ واسْتَصَحَّ؛ قَالَ الأَعشى:
أَمْ كَمَا قَالُوا سَقِيمٌ، فَلَئِنْ ... نَفَضَ الأَسْقامَ عَنْهُ، واسْتَصَحّ
لَيُعِيدَنْ لِمَعَدٍّ عَكْرَها، ... دَلَجَ الليلِ وتأْخاذَ المِنَحْ
يَقُولُ: لَئِنْ نَفَضَ الأَسْقامَ الَّتِي بِهِ وبَرَأَ مِنْهَا وصَحَّ، لَيُعِيدَنَّ لمَعَدٍّ عَطْفَها أَي كَرَّها وأَخْذَها المِنَحَ. وصَحَّحه اللَّهُ، فَهُوَ صَحِيح وصَحاح، بِالْفَتْحِ، وَكَذَلِكَ صَحِيحُ الأَديم وصَحاحُ الأَديم، بِمَعْنًى، أَي غَيْرُ مَقْطُوعٍ، وَهُوَ أَيضاً البراءَة مِنْ كُلِّ عَيْبٍ وَرَيْبٍ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
يُقاسِمُ ابنُ آدَمَ أَهلَ النَّارِ قِسْمَةً صَحاحاً
؛ يَعْنِي قابيلَ الَّذِي قَتَلَ أَخاه هَابِيلَ أَي أَنه يُقَاسِمُهُمْ قِسْمَةً صَحِيحَةً، فَلَهُ نِصْفُهَا وَلَهُمْ نِصْفُهَا؛ الصَّحاحُ، بِالْفَتْحِ: بِمَعْنَى الصَّحيح؛ يُقَالُ: دِرْهَم صَحِيحٌ وصَحاحٌ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ بِالضَّمِّ كطُوال فِي طَوِيلٍ، وَمِنْهُمْ مَن يَرْوِيهِ بِالْكَسْرِ وَلَا وَجْهَ لَهُ. وَحَكَى ابْنُ دُرَيْدٍ عَنْ أَبي عُبَيْدَةَ: كَانَ ذَلِكَ فِي صُحِّه وسُقْمه؛ قَالَ: وَمِنْ كَلَامِهِمْ: مَا أَقرب الصَّحاحَ مِنَ السَّقَم وَقَدْ صَحَّ يَصِحُّ صِحَّةً، وَرَجُلٌ صَحاحٌ وصَحيحٌ مِنْ قَوْمٍ أَصِحَّاءَ وصِحاحٍ فِيهِمَا، وامرأَة صَحِيحَةٌ مِنْ نِسوة صِحاح وصَحائِحَ. وأَصَّحَ الرجلُ، فَهُوَ مُصِحٌّ: صَحَّ أَهلُه وَمَاشِيَتُهُ، صَحِيحًا كَانَ هُوَ أَو مَرِيضًا. وأَصَحَّ القومُ أَيضاً، وَهُمْ مُصِحُّون إِذا كَانَتْ قَدْ أَصابت أَموالَهم عاهةٌ ثُمَّ ارْتَفَعَتْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا يُورِدُ المُمْرِضُ عَلَى المُصِحّ
؛ المُصِحُّ الَّذِي صَحَّتْ مَاشِيَتُهُ مِنَ الأَمراض وَالْعَاهَاتِ، أَي لَا يُورِدُ مَن إِبله مَرْضَى عَلَى مَن إِبله صِحاح وَيَسْقِيهَا مَعَهَا، كأَنه كَرِهَ ذَلِكَ أَن يَظْهَرَ «5» بِمَالِ المُصِح مَا ظَهَرَ بِمَالِ المُمْرِض، فَيَظُنُّ أَنها أَعْدَتها فيأْثم بِذَلِكَ؛ وَقَدْ
قَالَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا عَدْوى
؛ وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ:
لَا يورِدَنَّ ذُو عَاهَةٍ عَلَى مُصِحٍ
أَي أَن الَّذِي قَدْ مَرِضَتْ مَاشِيَتُهُ لَا يَسْتَطِيعُ أَن يُورِدَ عَلَى الَّذِي مَاشِيَتُهُ صِحاحٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
الصَّوْم مَصَحَّةٌ ومَصِحَّةٌ
، بِفَتْحِ الصَّادِ وَكَسْرِهَا، وَالْفَتْحُ أَعلى، أَي يصح عليه؛ هو
__________
(2).
قوله [فيقال صبح إلخ] أي من باب فرح، كما في القاموس.
(3).
قوله [مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ حِمْيَرٍ] من أَجداد الإِمام مالك بن أنس.
(4).
قوله [الصح والصحة] قال شارح القاموس: قد وردت مصادر على فعل، بالضم، وفعلة، بالكسر، في أَلفاظ هذا منها، وكالقل والقلة، والذل والذلة، قاله شيخنا
(5).
قوله [كَرِهَ ذَلِكَ أَنْ يَظْهَرَ] لفظ النهاية كره ذلك مخافة أن يظهر إلخ.

(2/507)


مَفْعَلة مِنَ الصِّحَّة الْعَافِيَةِ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ:
صُومُوا تَصِحُّوا.
والسَّفَر أَيضاً مَصَحَّة [مَصِحَّة]. وأَرض مَصَحَّة ومَصِحَّةٌ: بَرِيئَةٌ مِنَ الأَوْباء صَحِيحَةٌ لَا وَباءَ فِيهَا، وَلَا تَكْثُرُ فِيهَا العِلَلُ والأَسقامُ. وصَحاحُ الطَّرِيقِ: مَا اشتدَّ مِنْهُ وَلَمْ يَسْهُلْ وَلَمْ يُوطَأْ. وصَحاحُ الطريق: شدَّته؛ قَالَ ابْنُ مُقْبل يَصِفُ نَاقَةً:
إِذا واجَهَتْ وَجْهَ الطريقِ، تَيَمَّمَتْ ... صَحاحَ الطريقِ، عِزَّةً أَن تَسَهَّلا
وصَحَّ الشيءَ: جَعَلَهُ صَحِيحًا. وصَحَّحْتُ الكتابَ والحسابَ تَصْحِيحًا إِذا كَانَ سَقِيمًا فأَصلحت خطأَه. وأَتيتُ فُلَانًا فأَصْحَحْتُه أَي وَجَدْتُهُ صَحِيحًا. وَالصَّحِيحُ مِنَ الشِّعْر: مَا سَلِمَ مِنَ النَّقْصِ، وَقِيلَ: كُلُّ مَا يُمْكِنُ فِيهِ الزِّحافُ فَسَلِمَ مِنْهُ، فَهُوَ صَحِيحٌ؛ وَقِيلَ: الصَّحِيحُ كُلُّ آخِرِ نِصْفٍ يَسْلَمُ مِنَ الأَشياء الَّتِي تَقَعُ عِللًا فِي الأَعاريض وَالضُّرُوبِ وَلَا تَقَعُ فِي الْحَشْوِ. والصَّحْصَحُ والصَّحْصاحُ والصَّحْصَحان: كُلُّهُ مَا اسْتَوَى مِنَ الأَرض وجَرِدَ، وَالْجَمْعُ الصَّحاصِحُ. والصَّحْصَحُ: الأَرضُ الجَرْداءُ الْمُسْتَوِيَةُ ذاتُ حَصًى صِغار. وأَرض صَحاصِحُ وصَحْصَحانٌ: لَيْسَ بِهَا شَيْءٌ وَلَا شَجَرٌ وَلَا قَرَارٌ لِلْمَاءِ، قَالَ: وقلَّما تَكُونُ إِلَّا إِلى سَنَدِ وادٍ أَو جَبَلٍ قَرِيبٍ مِنْ سَنَدِ وادٍ؛ قَالَ: والصَّحْراءُ أَشدُّ اسْتِوَاءً مِنْهَا؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
تَراهُ بالصَّحاصِحِ السَّمالِقِ، ... كالسَّيفِ مِنْ جَفْنِ السِّلاحِ الدَّالِقِ
وَقَالَ آخَرُ:
وَكَمْ قَطَعْنا مِنْ نِصابِ عَرْفَجِ، ... وصَحْصَحانٍ قُذُفٍ مُخَرَّجِ،
بِهِ الرَّذايا كالسَّفِينِ المُخْرَجِ
ونِصابُ العَرْفَج: نَاحِيَتُهُ. والقُذُفُ: الَّتِي لَا مَرْتَعَ بِهَا. والمُخَرَّجُ: الَّذِي لَمْ يَصِبْهُ مَطَرٌ؛ أَرضٌ مُخَرَّجة. فَشَبَّهَ شُخُوصَ الإِبل الحَسْرَى بشُخُوصِ السُّفُن؛ وَيُقَالُ: صَحْصاحٌ؛ وأَنشد:
حيثُ ارْثَعَنَّ الوَدْقُ فِي الصَّحْصاحِ
وَفِي حَدِيثِ
جُهَيْشٍ: وكائِنْ قَطَعْنا إِليك مِنْ كَذَا وَكَذَا وتَنُوفةٍ صَحْصَحٍ
؛ والصَّحْصَحُ والصَّحْصحة والصَّحْصَحانُ: الأَرض الْمُسْتَوِيَةُ الْوَاسِعَةُ. والتَّنُوفةُ: البَرِّيَّةُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
ابْنِ الزُّبَيْرِ لَمَّا أَتاه قَتْلُ الضَّحَّاكِ، قَالَ: إِنَّ ثَعْلَبَ بْنَ ثَعْلَبٍ حَفَرَ بالصَّحْصحةِ، فأَخطأَت اسْتُه الحُفْرةَ
؛ وَهَذَا مَثَلٌ لِلْعَرَبِ تَضْرِبُهُ فِيمَنْ لَمْ يُصِبْ مَوْضِعَ حَاجَتِهِ، يَعْنِي أَن الضَّحَّاكَ طَلَبَ الإِمارة والتقدُّمَ فَلَمْ يَنَلْهَا. وَرَجُلٌ صُحْصُحٌ وصُحْصُوحٌ: يَتَتَبَّعُ دَقَائِقَ الأُمور فيُحْصِيها ويَعْلمُها؛ وَقَوْلُ مُلَيْحِ الْهُذَلِيِّ:
فَحُبُّكَ لَيْلى حِينَ يَدْنُو زَمانه، ... ويَلْحاكَ فِي لَيْلى العَرِيفُ المُصَحْصِحُ
قِيلَ: أَراد الناصِحَ، كأَنه المُصَحِّحُ فِكْرَهُ التَّضْعِيفَ. والتَّرَّهاتُ الصَّحاصِحُ «1»: هِيَ الْبَاطِلُ، وَكَذَلِكَ التُّرَّهَاتُ البَسابِسُ، وَهُمَا بالإِضافة أَجودُ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
وَمَا ذِكْرُه دَهْماءَ، بعدَ مَزارِها ... بنَجْرانَ، إِلَّا التُّرَّهاتُ الصَّحاصِحُ
وَيُقَالُ لِلَّذِي يأْتي بالأَباطيل: مُصَحْصِحٌ.
صدح: صَدَحَ الرجلُ يَصْدَحُ صَدْحاً وصُداحاً، وَهُوَ صَدَّاحٌ وصَدُوحٌ وصَيْدَحٌ: رَفَعَ صَوْتَهُ بِغِنَاءٍ أَو غَيْرِهِ. والقَيْنَةُ الصادحة: المغنية.
__________
(1).
قوله [والترهات الصحاصح إلخ] عبارة الجوهري: وَالتُّرَّهَاتُ الصَّحَاصِحُ هِيَ الْبَاطِلُ؛ هَكَذَا حَكَاهُ أَبو عُبَيْدٍ، وَكَذَلِكَ التُّرَّهَاتُ الْبَسَابِسُ، وَهُمَا بالإِضافة أجود عندي.

(2/508)


والصَّيْدَحُ والصَّدُوحُ والمِصْدَحُ: الصَّيَّاحُ. وصَدَحَ الطائرُ والغُرابُ والدِّيكُ يَصْدَحُ صَدْحاً وصُداحاً. صاحَ، وَاسْمُ الْفَاعِلِ مِنْهُ صَدَّاحٌ؛ قَالَ لَبِيدٌ يَرْثِي عامِرَ بنَ مَالِكِ بْنِ جَعْفَرٍ مُلاعِبَ الأَسِنَّة:
وفِتْيَةٍ كالرَّسَلِ القِماحِ، ... باكَرْتُهُمْ بِحُلَلٍ وراحِ،
وزَعْفَرانٍ كَدَمِ الأَذْباحِ، ... وقَيْنَةٍ ومِزْهَرٍ صَدَّاحِ
الرَّسَلُ: الْقِطْعَةُ مِنَ الإِبل. والقِماحُ: الرَّافِعَةُ رؤُوسها. والأَذْباحُ: جَمْعُ ذِبْحٍ، وَهُوَ مَا ذُبِحَ؛ وَقَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ:
مُطَوَّقة خَطْباء تَصْدَحُ كُلَّمَا ... دَنَا الصيفُ، وانْزاحَ الربيعُ فأَنجَما
والصَّدْحُ أَيضاً: شِدَّةُ الصَّوْتِ وحِدَّته وَالْفِعْلُ كَالْفِعْلِ، وَالْمَصْدَرُ كَالْمَصْدَرِ. والصَّدُوحُ والصَّيْداحُ: الشَّدِيدُ الصَّوْتِ؛ قَالَ:
وذُعِرَتْ مِنْ زاجرٍ وَحْواحِ، ... مُلازمٍ آثارَها، صَيْداحِ
والصَّيْدَحُ: الْفَرَسُ الشَّدِيدُ الصَّوْتِ. وصَدَحَ الحمارُ، وَهُوَ صَدُوحٌ: صَوَّتَ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
مُحَشْرِجاً ومَرَّةً صَدُوحا
وَقَالَ الأَزهري: قَالَ اللَّيْثُ الصَّدْحُ مِنْ شِدَّةِ صَوْتِ الدِّيكِ وَالْغُرَابِ وَنَحْوِهِمَا. وَحُكِيَ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: الصَّدَحُ الأَسْوَدُ، وَقَالَ: قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ الصَّدَحُ أَنْشَزُ مِنَ العُنَّاب قَلِيلًا وأَشدُّ حُمْرَةً، وحُمْرَتُه تَضْرِبُ إِلى السَّوَادِ. وَذَكَرَ الأَزهري: الصَّدْحانُ آكامٌ صِغارٌ صِلابُ الحجارة، واحدها صَدَحٌ. والصَّدْحةُ والصَّدَحةُ والصُّدْحةُ: خَرَزَةٌ يُسْتَعْطَفُ بِهَا الرِّجَالُ؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هِيَ خَرَزة تُؤَخِّذُ بِهَا النساءُ الرجالَ. والصَّدَحُ: حَجَرٌ عَرِيضٌ. وصَيْدَحُ: اسْمُ نَاقَةِ ذِي الرُّمَّةِ، وَفِيهَا يَقُولُ:
سَمِعْتُ: الناسُ يَنْتَجِعُونَ غَيْثاً، ... فقلتُ لِصَيْدَحَ: انْتَجِعِي بِلالا «1»
صرح: الصَّرَحُ والصَّرِيحُ والصَّراحُ والصِّراح والصُّراحُ، وَالْكَسْرُ أَفصح: المَحْضُ الخالصُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ؛ رَجُلٌ صَرِيحٌ وصُرَحاء، وَهِيَ أَعلى «2»، وَالِاسْمُ الصَّراحةُ والصُّرُوحةُ. وصَرُحَ الشيءُ: خَلُصَ. وَكُلُّ خَالِصٍ: صَريح. والصَّريحُ مِنَ الرِّجَالِ وَالْخَيْلِ: المَحْضُ، وَيُجْمَعُ الرِّجَالُ عَلَى الصُّرَحاء، وَالْخَيْلُ عَلَى الصَّرائح؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الصَّريح الرَّجُلُ الْخَالِصُ النِّسَبِ، وَالْجَمْعُ الصُّرَحاء؛ وَقَدْ صَرُحَ، بِالضَّمِّ، صَراحة وصُرُوحة؛ تقول: جَاءَ بَنُو تَمِيمٍ صَرِيحةً إِذا لَمْ يُخَالِطْهُمْ غَيْرُهُمْ؛ وَقَوْلُ الْهُذَلِيِّ:
وكَرَّمَ مَاءً صَريحا
أَي خَالِصًا، وأَراد بِالتَّكْرِيمِ التَّكْثِيرَ، قَالَ: وَهِيَ لُغَةٌ هُذَلِيَّةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
حَدِيثُ الْوَسْوَسَةِ ذَاكَ صَرِيحُ الإِيمان كَرَاهَتُكُمْ لَهُ صريحُ الإِيمان.
والصريحُ: الْخَالِصُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَهُوَ ضِدُّ الْكِنَايَةِ؛ يَعْنِي أَن صَرِيحَ الإِيمان هُوَ الَّذِي يَمْنَعُكُمْ مِنْ قَبُولِ مَا يُلْقِيهِ الشَّيْطَانُ فِي قُلُوبِكُمْ حَتَّى يَصِيرَ ذَلِكَ وَسُوسَةً لَا يَتَمَكَّنُ في قلوبكم،
__________
(1).
قوله [سمعت الناس إلخ] برفع الناس. هكذا ضبطه غير واحد. ووجدت بخط الجوهري: رأيت بدل سمعت، وهو خطأ، والصواب ما هنا فتأَمل؛ كذا بخط السيد مرتضى بهامش الأَصل.
(2).
قوله [رَجُلٌ صَرِيحٌ وَصُرَحَاءُ وَهِيَ أَعلى] كذا بالأَصل، ولعل فيه سقطاً. والأَصل: رجل صريح من قوم صرائح وصرحاء وهي أَعلى. وعبارة القاموس وشرحه: وهو أي الرجل الخالص النسب الصريح من قوم صرحاء، وهي أعلى، وصرائح.

(2/509)


وَلَا تطمئنُّ إِليه نُفُوسُكُمْ؛ وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَن الْوَسْوَسَةَ نَفْسَهَا صَرِيحُ الإِيمان لأَنها إِنما تَتَوَلَّدُ مِنْ فِعْلِ الشَّيْطَانِ وَتَسْوِيلِهِ فَكَيْفَ تَكُونُ إِيماناً صَريحاً؟ وصَريحٌ: اسْمُ فحلٍ مُنْجِبٍ؛ وَقَالَ أَوْسُ بْنِ غَلْفاء الهُجَيْمِي:
ومِرْكَضَةٍ صَرِيحيٍّ أَبوها، ... يُهانُ لَهَا الغُلامةُ والغُلامُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنشاده ومِرْكَضَةٌ صَرِيحِيٌّ، لأَن قَبْلَهُ:
أَعانَ عَلَى مِرَاسِ الحَرْبِ زَغْفٌ ... مُضاعَفَةٌ، لَهَا حَلَقٌ تُؤامُ
وَفَرَسٌ صريحٌ مِنْ خَيْلٍ صَرائِحَ؛ والصَّريحُ: فَحْلٌ مِنْ خَيْلِ الْعَرَبِ مَعْرُوفٍ؛ قَالَ طُفيل:
عَناجِيجُ فيهنَّ الصَّريحُ ولاحِقٌ، ... مَغاوِيرُ فِيهَا للأَرِيبِ مُعَقَّبُ
وَيُرْوَى مِنْ آلِ الصَّريح وأَعْوَجٍ، غَلَبَتِ الصِّفَةُ عَلَى هَذَا الْفَحْلِ فَصَارَتْ لَهُ اسْمًا. وأَتاه بالأَمر صُراحِيةً أَي خَالِصًا. وخَمْر صُراح وصُراحِية: خَالِصَةٌ. وكأْسٌ صُراحٌ: لَمْ تُشَبْ بِمَزْج؛ وَفِي حَدِيثِ
أُم مَعْبَدٍ:
دَعاها بِشاةٍ حائلٍ، فَتَحَلَّبَتْ ... لَهُ بصَرِيحٍ، ضَرَّةُ الشاةِ، مُزْبِدِ
أَي لَبَنٍ خَالِصٍ لَمْ يُمْذَقْ. والضَّرَّة: أَصل الضَّرْع. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: سُئِلَ مَتَى يَحِلُّ شِراءُ النَّخْلِ؟ قَالَ: حِينَ يُصَرِّحُ، قِيلَ: وَمَا التَّصْرِيحُ؟ قَالَ: حِينَ يَسْتَبين الحُلْوُ مِنَ المُرِّ
؛ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: هَكَذَا يُرْوَى ويُفَسر، وَالصَّوَابُ يُصَوِّحُ، بِالْوَاوِ، وَسَيُذْكَرُ فِي مَوْضِعِهِ. والصُّراحِيَّة: آنيةٌ لِلْخَمْرِ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَلَا أَدري مَا صِحَّتُهُ. والصَّرَح، بِالتَّحْرِيكِ: الأَبيض الْخَالِصُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ؛ قَالَ الْمُتَنَخِّلُ الْهُذَلِيُّ:
تَعْلُو السُّيُوفُ بأَيديهم جَماجِمَهم، ... كَمَا يُفَلَّقُ مَرْوُ الأَمْعَزِ الصَّرَحُ
وأَورد الأَزهري وَالْجَوْهَرِيُّ هَذَا الْبَيْتَ مُسْتَشْهِدًا بِهِ عَلَى الْخَالِصِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بالأَبيض. وأَبْيَضُ صَرَاحٌ، كَلَياحٍ: خالصٌ ناصعٌ. والصَّريحُ: اللَّبَنُ إِذا ذَهَبَتْ رَغْوَتُه. وَلَبَنٌ صَريح: سَاكِنُ الرَّغْوَةِ خَالِصٌ. وَفِي الْمَثَلِ: بَرَزَ الصريحُ بِجَانِبِ المَتْنِ؛ يُضْرَبُ هَذَا للأَمر الَّذِي وَضَحَ. وَنَاقَةٌ مِصْراح: قَلِيلَةُ الرَّغْوَةِ خَالِصَةُ اللَّبَنِ؛ الأَزهري: يُقَالُ لِلنَّاقَةِ الَّتِي لَا تُرَغِّي: مِصْراح يَفْتُرُ شَخْبُها وَلَا تُرَغِّي أَبداً. وَبَوْلٌ صَرِيحٌ: خَالِصٌ لَيْسَ عَلَيْهِ رَغْوَةٌ؛ قَالَ الأَزهري: يُقَالُ للَّبن وَالْبَوْلِ صَرِيحٌ إِذا لَمْ يَكُنْ فِيهِ رَغْوَةٌ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
يَسُوفُ مِنْ أَبْوالِها الصَّريحا
وصَرِيحُ النُّصْحِ: مَحْضُه. وَيَوْمٌ مُصَرِّحٌ أَي لَيْسَ فِيهِ سَحَابٌ؛ وَهُوَ فِي شِعْرِ الطِّرِمَّاح فِي قَوْلِهِ يَصِفُ ذِئْبًا:
إِذا امْتَلَّ يَهْوِي، قلتَ: ظِلُّ طَخاءةٍ، ... ذَرَى الرِّيحُ فِي أَعْقابِ يومٍ مُصَرِّحِ
امْتَلَّ: عَدَا. وطَخاءَة: سَحَابَةٌ خَفِيفَةٌ أَي ذَرَّاهُ الرِّيح فِي يَوْمٍ مُصْحٍ؛ شَبَّهَ الذِّئْبَ فِي عَدْوِهِ فِي الأَرض بِسَحَابَةٍ خَفِيفَةٍ فِي نَاحِيَةٍ مِنْ نَوَاحِي السَّمَاءِ. وصَرَّحَتِ الخَمْر تَصْرِيحًا: انْجَلَى زَبَدُها فَخَلَصَتْ، وَهُوَ التصريحُ؛ تَقُولُ: قَدْ صَرَّحَتْ مِنْ بَعْدِ تَهْدارٍ وإِزْبادٍ. وتَصَرَّحَ الزَّبَدُ عَنْهَا: انْجَلَى فَخَلَصَ؛

(2/510)


قَالَ الأَعشى:
كُمَيْتاً تَكَشَّفُ عَنْ حُمْرَةٍ، ... إِذا صَرَّحَتْ بعدَ إِزْبادِها
وانْصَرَحَ الحقُّ أَي بانَ، وكَذِبٌ صُرْحانٌ: خالِصٌ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَلَقِيتُهُ مُصارَحةً ومُقارَحةً وصُراحاً وصِراحاً وكِفاحاً بِمَعْنًى وَاحِدٍ إِذا لَقِيتَهُ مُوَاجَهَةً؛ قَالَ:
قَدْ كنتُ أَنْذَرْتُ أَخا مَنَّاحِ ... عَمْراً، وعَمْرٌو عُرْضةُ الصُّرَاحِ
وشَتَمْتُ فُلَانًا مُصارَحة وصُراحاً وصِراحاً أَي كِفاحا وَمُوَاجَهَةً، وَالِاسْمُ الصُّراحُ، بِالضَّمِّ. وكَذِبٌ صُراحِيَةٌ وصُراحِيٌّ وصُراحٌ: بَيِّنٌ يَعْرِفُهُ الناسُ. وَتَكَلَّمَ بِذَلِكَ صُراحاً وصِراحاً أَي جِهَارًا. وَيُقَالُ: جَاءَ بِالْكُفْرِ صُراحاً خَالِصًا أَي جِهَارًا؛ قَالَ الأَزهري: كأَنه أَراد صَريحاً. وصَرَّحَ فلانٌ بِمَا فِي نَفْسِهِ وصارَحَ: أَبداه وأَظهره؛ وأَنشد أَبو زِيَادٍ:
وإِني لأَكْنُو عَنْ قَذُورٍ بِغَيْرِهَا، ... وأُعْرِبُ أَحياناً بِهَا، فأُصارِحُ
أَمُنْحَدِراً تَرْمي بكَ العِيسُ غُرْبَةً، ... ومُصْعِدَة بَرْحٌ لعينيكَ بارِحُ؟
وَفِي الْمَثَلِ: صَرَّحَ الحقُّ عَنْ مَحْضِهِ أَي انْكَشَفَ. الأَزهري: وصَرَحَ الشيءَ وصَرَّحه وأَصْرَحه إِذا بَيَّنه وأَظهره؛ وَيُقَالُ: صَرَّحَ فلانٌ مَا فِي نَفْسِه تَصْرِيحًا إِذا أَبداه. والتصريحُ: خلافُ التَّعْرِيضِ؛ وَمِنْ أَمثال الْعَرَبِ: صَرَّحَتْ بِجِدَّان وجِلْدانَ «1» إِذا أَبدى الرجلُ أَقْصَى مَا يُرِيدُهُ. والصُّراحُ: اللَّبَنُ الرَّقِيقُ الَّذِي أُكْثِرَ ماؤُه فَتَرى فِي بَعْضِهِ سُمْرَة مِنْ مَائِهِ وخُضْرَةً. والصُّراحُ: عَرَق الدَّابَّةِ يَكُونُ فِي الْيَدِ؛ كَذَا حَكَاهُ كُرَاعٌ، بِالرَّاءِ، وَالْمَعْرُوفُ الصُّمَاحُ. والصَّرْحُ: بَيْتٌ وَاحِدٌ يُبْنى مُنْفَرِدًا ضَخْماً طَوِيلًا فِي السَّمَاءِ؛ وَقِيلَ: هُوَ القَصْرُ؛ وَقِيلَ: هُوَ كُلُّ بِنَاءٍ عَالٍ مرتفع؛ وفي التنزيل: نَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوارِيرَ
؛ وَالْجَمْعُ صُرُوحٌ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
عَلَى طُرُقٍ كنُحُورِ الظِّباءِ، ... تَحْسِبُ آرامَهُنَّ الصُّرُوحا
وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: يلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ
؛ قَالَ: الصَّرْحُ، فِي اللُّغَةِ، القَصْرُ والصَّحْنُ؛ يقال: هذه صَرْحةُ الدَّارِ وقارِعَتُها أَي سَاحَتُهَا وعَرْصَتُها؛ وَقَالَ بعضُ المُفَسرين: الصَّرْحُ بَلاطٌ اتُّخِذَ لَهَا مِنْ قَوارير. والصَّرْحُ: الأَرض المُمَلَّسةُ. والصَّرْحةُ: مَتْنٌ مِنَ الأَرض مُسْتَوٍ. والصَّرْحةُ مِنَ الأَرض: مَا اسْتَوَى وَظَهَرَ؛ يُقَالُ: هُمْ فِي صَرْحةِ المِرْبَدِ وصَرْحةِ الدَّارِ، وَهُوَ مَا اسْتَوَى وَظَهَرَ؛ وإِن لَمْ يَظْهَرْ، فَهُوَ صَرْحة بَعْدَ أَن يَكُونَ مُسْتَوِيًا حَسَنًا، قَالَ: وَهِيَ الصَّحْرَاءُ فِيمَا زَعَمَ أَبو أِسلم؛ وأَنشد لِلرَّاعِي:
كأَنها، حينَ فاضَ الماءُ واخْتَلَفَتْ، ... فَتْخاءُ، لاحَ لَهَا، بالصَّرْحةِ، الذِّيبُ
والصَّرْحةُ: مَوْضِعٌ. وصِرْواحُ: حِصْن بِالْيَمَنِ؛ أَمر سُلَيْمَانُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، الجنَّ فَبَنَوْه لِبَلْقِيسَ، وَهُوَ فِي الصِّحَاحِ معرَّف بالأَلف وَاللَّامِ. وَتَقُولُ: صَرَّحَتْ كَحْلُ أَي أَجْدَبَت وَصَارَتْ صَرِيحَةً أَي خَالِصَةً فِي الشدَّة؛ وَكَذَلِكَ تَقُولُ: صَرَّحَتِ السَّنَةُ إِذا ظَهَرَتْ جُدُوبَتُها؛ قَالَ سَلامة بنُ جَنْدل:
__________
(1).
قوله [صرحت بجدان وجلدان] الضمير في صرحت للقصة، وروي إعجام الدال وإهمالها، وانظر ياقوت والميداني.

(2/511)


قومٌ إِذا صَرَّحَتْ كَحْلٌ، بُيوتُهُمُ ... مَأْوَى الضُّيوفِ، ومأْوى كلِّ قُرْضوبِ «1»
القُرْضُوبُ: الفقيرُ. والصُّمارِحُ، بِالضَّمِّ: الخالصُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ. وَيُرْوَى الصُّمادِحُ، بِالدَّالِ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَلَا أَظنه مَحْفُوظًا.
صردح: الصَّرْدَحَةُ: الصَّحْرَاءُ الَّتِي لَا تَنْبُتُ، وَهِيَ غَلْظٌ مِنَ الأَرض مُسْتَوٍ. والصَّرْدَحُ: الْمَكَانُ الْمُسْتَوِي، والصِّرْداحُ مِثْلُهُ. والصَّرْدَحُ والصِّرْداحُ: المكانُ الصُّلْبُ؛ وَقِيلَ: الصَّرْدح الْمَكَانُ الْوَاسِعُ الأَمْلَسُ الْمُسْتَوِي؛ وَقِيلَ: الصِّرْداحُ الْفَلَاةُ الَّتِي لَا شَيْءَ فِيهَا؛ عَنْ كُرَاعٍ. ابْنُ شُمَيْلٍ: الصَّرادِحُ وَاحِدَتُهَا صَرْدَحة، وَهِيَ الصَّحْرَاءُ الَّتِي لَا شَجَرَ بِهَا وَلَا نَبْتَ، وَهِيَ غَلْظٌ مِنَ الأَرض، وَهِيَ مُسْتَوِيَةٌ. أَبو عَمْرٍو: الصَّرادِحُ الأَرضُ الْيَابِسَةُ الَّتِي لَا شَيْءَ بِهَا. وَفِي حَدِيثِ
أَنس: رأَيت الناسَ فِي إِمارة أَبي بَكْرٍ جُمِعوا فِي صَرْدَح يَنْفُذُهم البَصَرُ ويُسْمِعُهم الصوتُ
؛ الصَّرْدح: الأَرض الْمَلْسَاءُ، وَجَمْعُهَا صَرادِحُ. وضَرْبٌ صُرادِحِيٌّ وصُمادِحِيٌّ: شَدِيدٌ بَيِّنٌ.
صرطح: الصَّرْطَحُ: الْمَكَانُ الصُّلْبُ، وَكَذَلِكَ الصِّرْداحُ «2»، وَالسِّينُ لُغَةٌ.
صرفح: الصَّرَنْفَحُ: الشَّدِيدُ الْخُصُومَةِ وَالصَّوْتُ كالصَرَنْقَح، وصَرَّحَ ثَعْلَبٌ بأَن الْمَعْرُوفَ إِنما هُوَ بالفاء.
صرقح: الصَّرَنْقَحُ: الْمَاضِي الجَريء؛ وَقَالَ ثَعْلَبٌ: الصَّرَنْقَحُ الشَّدِيدُ الْخُصُومَةِ وَالصَّوْتِ، وأَنشد لِجَرانِ العَوْدِ فِي وَصْفِ نِسَاءٍ ذَكَرَهُنَّ فِي شِعْرٍ لَهُ فَقَالَ:
إِنَّ مِنَ النِّسْوانِ مَنْ هِيَ رَوْضةٌ، ... تَهِيجُ الرِّياضُ قُبْلَها، وتَصَوَّحُ
ومنهنَّ غُلٌّ مُقْفَلٌ، مَا يَفُكُّهُ ... مِنَ الناسِ إِلا الأَحْوَذِيُّ الصَّرَنْقَحُ
وَفِي التَّهْذِيبِ: إِلا الشَّحْشحانُ الصَّرَنْقَحُ؛ قَالَ شَمِرٌ: وَيُقَالُ صَرَنْقَحٌ وصَلَنْقَحٌ، بِالرَّاءِ وَاللَّامِ. والصَّرَنْقَحُ أَيضاً: الْمُحْتَالُ؛ الأَزهري: الصَّرَنْقَحُ مِنَ الرِّجَالِ الشَّدِيدُ الشَّكيمة الَّذِي لَهُ عزيمة لَا يُطْمَع فِيمَا عِنْدَهُ وَلَا يُخْدَعُ؛ وَقِيلَ: الصَّرَنْقَحُ الظريف.
صفح: الصَّفْحُ: الجَنْبُ. وصَفْحُ الإِنسان: جَنْبُه. وصَفْحُ كُلِّ شيءٍ: جَانِبُهُ. وصَفْحاه: جَانِبَاهُ. وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِنْجَاءِ:
حَجَرَين للصَّفْحَتين وحَجَراً للمَسْرُبةِ
أَي جَانِبَيِ المَخْرَج. وصَفْحُه: نَاحِيَتُهُ. وصَفْحُ الجبلِ: مُضْطَجَعُه، وَالْجَمْعُ صِفاحٌ. وصَفْحَةُ الرَّجُلِ: عُرْضُ وَجْهِهِ. وَنَظَرَ إِليه بصَفْحِ وَجْهِهِ وصُفْحِه أَي بعُرْضِه. وَفِي الْحَدِيثِ:
غيرَ مُقْنِعٍ رأْسَه وَلَا صافحٍ بِخَدّه
أَي غيرَ مُبْرِزٍ صَفْحةَ خَدِّه وَلَا مائلٍ فِي أَحد الشِّقَّيْن؛ وَفِي شِعْرِ عَاصِمِ بْنِ ثَابِتٍ:
تَزِلُّ عَنْ صَفْحتِيَ المَعابِلُ
أَي أَحد جانِبَي وَجْهَهُ. وَلَقِيَهُ صِفاحاً أَي اسْتَقْبَلَهُ بصَفْحِ وَجْهِهِ، هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وصَفْحُ السَّيْفِ وصُفْحُه: عُرْضُه، وَالْجَمْعُ أَصفاح. وصَفْحَتا السَّيْفِ: وَجْهَاهُ. وضَرَبه بِالسَّيْفِ مُصْفَحاً ومَصْفوحاً، عَنِ ابْنِ الأَعرابي
__________
(1).
قوله [مأوى الضيوف] أنشده الجوهري مأوى الضريك، والضريك والقرضوب واحد، فعلى ما أنشده المؤلف هنا يكون عطف القرضوب على الضيوف من عطف الخاص بخلافه على ما أنشده الجوهري.
(2).
قوله [وكذلك الصرداح إلخ] كذا بالأَصل بالدال المهملة، والذي في شرح القاموس المطبوع: وكذلك الصرطاح، والسين لغة.

(2/512)


أَي مُعَرَّضاً؛ وَضَرَبَهُ بصُفْح السَّيْفِ، وَالْعَامَّةُ تَقُولُ بصَفْحِ السَّيْفِ، مَفْتُوحَةً، أَي بعُرْضه؛ وَقَالَ الطِّرِمّاح:
فَلَمَّا تنَاهتْ، وَهِيَ عَجْلى كأَنها ... عَلَى حَرْفِ سيفٍ، حَدُّه غيرُ مُصْفَحِ
وَفِي حَدِيثِ
سَعْدِ بْنِ عُبادة: لَوْ وجدتُ مَعَهَا رَجُلًا لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ غيرَ مُصْفَحٍ [مُصْفِحٍ]
؛ يُقَالُ: أصْفَحه بِالسَّيْفِ إِذا ضَرَبَهُ بعُرْضه دونَ حَدِّه، فَهُوَ مُصْفِحٌ، وَالسَّيْفُ مُصْفَحٌ، يُرْوَيان مَعًا. وَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْخَوَارِجِ: لنضرِبَنَّكم بِالسُّيُوفِ غيرَ مُصْفَحات؛ يَقُولُ: نَضْرِبُكُمْ بِحَدِّهَا لَا بعُرْضها؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
بحيثُ مَناط القُرْطِ مِنْ غيرِ مُصْفَحٍ، ... أُجاذِبُه حَدَّ المُقَلَّدِ ضارِبُهْ «1»
وصَفَحْتُ فُلَانًا وأَصْفَحْته جَمِيعًا، إِذا ضَرَبْتَهُ بِالسَّيْفِ مُصْفِحاً [مُصْفَحاً] أَي بعُرْضه. وَسَيْفٌ مُصْفَح ومُصَفَّح: عَرِيضٌ؛ وَتَقُولُ: وَجْهُ هَذَا السَّيْفِ مُصْفَح أَي عَرِيضٌ، مِن أَصْفَحْتُه؛ قَالَ الأَعشى:
أَلَسْنا نحنُ أَكْرَمَ، إِن نُسِبْنا، ... وأَضْرَبَ بالمُهَنَّدَةِ الصِّفاحِ؟
يَعْنِي العِراض؛ وأَنشد:
وصَدْري مُصْفَحٌ للموتِ نَهْدٌ، ... إِذا ضاقتْ، عَنِ الموتِ، الصُّدورُ
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: المُصْفَحُ الْعَرِيضُ الَّذِي لَهُ صَفَحاتٌ لَمْ تَسْتَقِمْ عَلَى وَجْهٍ وَاحِدٍ كالمُصْفَحِ مِنَ الرؤوس، لَهُ جَوَانِبُ. وَرَجُلٌ مُصْفَح الْوَجْهِ: سَهْلُه حَسَنُه؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ: وصَفِيحةُ الْوَجْهِ: بَشَرَةُ جِلْدِهِ. والصَّفْحانِ والصَّفْحتانِ: الخَدَّان، وَهُمَا اللَّحْيانِ. والصَّفْحانِ مِنَ الكَتِف: مَا انْحَدَر عَنِ الْعَيْنِ «2» مِنْ جَانِبَيْهِمَا، وَالْجَمْعُ صِفاحٌ. وصَفْحَتا العُنُق: جَانِبَاهُ. وصَفْحَتا الوَرَقِ: وَجْهاه اللَّذَانِ يُكتبان. والصَّفِيحة: السَّيْفُ الْعَرِيضُ؛ وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الصَّفيحة مِنَ السُّيُوفِ العريضُ. وصَفائِحُ الرأْس: قبائِلُه، واحِدتُها صَفيحة. وَالصَّفَائِحُ: حِجَارَةٌ رِقاقٌ عِراض، وَالْوَاحِدُ كَالْوَاحِدِ. والصُّفَّاحُ، بِالضَّمِّ وَالتَّشْدِيدِ: العَرِيضُ؛ قَالَ: والصُّفَّاح مِنَ الْحِجَارَةِ كالصَّفائح، الْوَاحِدَةُ صُفَّاحة؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
وصُفَّاحةٍ مثلِ الفَنِيقِ، مَنَحْتُها ... عِيالَ ابنِ حَوْبٍ جَنَّبَتْه أَقارِبُه
شَبَّهَ النَّاقَةَ بالصُّفَّاحةِ لِصَلَابَتِهَا. وَابْنُ حَوْبٍ: رجلٌ مَجْهُودٌ مُحْتَاجٌ لأَن الحَوْبَ الجَهْدُ والشِّدَّة. ووَجْهُ كُلِّ شَيْءٍ عَرِيضٍ: صَفِيحةٌ. وَكُلُّ عَرِيضٍ مِنْ حِجَارَةٍ أَو لَوْحٍ وَنَحْوَهُمَا: صُفَّاحة، وَالْجَمْعُ صُفَّاحٌ، وصَفِيحةٌ وَالْجَمْعُ صَفَائِحُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ النَّابِغَةِ:
ويُوقِدْنَ بالصُّفَّاحِ نارَ الحُباحِبِ
قَالَ الأَزهري: وَيُقَالُ لِلْحِجَارَةِ الْعَرِيضَةِ صَفائح، وَاحِدَتُهَا صَفِيحة وصَفِيحٌ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
وصَفائِحاً صُمّاً، رَواسيها ... يُسَدِّدْنَ الغُضُونا
وصَفائح الْبَابِ: أَلواحه. والصُّفَّاحُ مِنَ الإِبل: الَّتِي عَظُمَتْ أَسْنِمَتُها فكادَ سنامُ النَّاقَةِ يأْخذ قَراها، جَمْعُهَا صُفَّاحاتٌ وصَفافيح. وصَفْحَة الرَّجُلِ: عُرْضُ صدرِه. والمُصَفَّحُ من الرؤوس الَّذِي ضُغِطَ مِنْ قِبَلِ
__________
(1).
قوله [بحيث مناك القرط إلخ] هكذا هو في الأَصل بهذا الضبط.
(2).
قوله [مَا انْحَدَرَ عَنِ الْعَيْنِ] هكذا في الأَصل وشرح القاموس، ولعله العنق.

(2/513)


صُدْغَيْه، فَطَالَ مَا بَيْنَ جَبْهَتِهِ وَقَفَاهُ؛ وَقِيلَ: المُصَفَّح الَّذِي اطمأَنَّ جَنْبَا رأْسه ونَتَأَ جَبِينُهُ فَخَرَجَتْ وَظَهَرَتْ قَمَحْدُوَتُه؛ قَالَ أَبو زَيْدٍ: مِنَ الرؤوس المُصْفَحُ إِصْفاحاً، وَهُوَ الَّذِي مُسِحَ جَنْبَا رأْسه ونَتَأَ جَبِينُهُ فَخَرَجَ وَظَهَرَتْ قَمَحْدُوَتُه، والأَرْأَسُ مثلُ المُصْفَحِ، وَلَا يُقَالُ: رُؤَاسِيّ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: فِي جَبْهَتِهِ صَفَحٌ أَي عِرَضٌ فَاحِشٌ؛ وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الحَنَفِيَّة: أَنه ذَكَرَ رَجُلًا مُصْفَحَ الرأْس
أَي عَرِيضُهُ. وتَصْفِيحُ الشَّيْءِ: جَعْلُه عَرِيضًا؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: رَجُلٌ مُصَفَّحُ الرأْس أَي عَرِيضُهَا. والمُصَفَّحاتُ: السُّيُوفُ الْعَرِيضَةُ، وَهِيَ الصَّفائح، وَاحِدَتُهَا صَفِيحةٌ وصَفيحٌ؛ وأَما قَوْلُ لَبِيدٌ يَصِفُ سَحَابًا:
كأَنَّ مُصَفَّحاتٍ فِي ذُراهُ، ... وأَنْواحاً عليهنَّ المَآلي
قَالَ الأَزهري: شبَّه الْبَرْقَ فِي ظُلْمَةِ السَّحَابِ بسيوفٍ عِراضٍ؛ وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: المُصَفَّحاتُ السُّيُوفُ لأَنها صُفِّحَتْ حِينَ طُبِعَتْ، وتَصْفِيحها تَعْرِيضُهَا ومَطُّها؛ وَيُرْوَى بِكَسْرِ الْفَاءِ، كأَنه شبَّه تَكَشُّفَ الْغَيْثِ إِذا لمَعَ مِنْهُ البَرْق فَانْفَرَجَ، ثُمَّ الْتَقَى بَعْدَ خُبُوِّه بِتَصْفِيحِ النِّسَاءِ إِذا صَفَّقْنَ بأَيديهن. والتَّصفيح مِثْلُ التَّصْفِيقِ. وصَفَّحَ الرجلُ بِيَدَيْهِ: صَفَّق. والتَّصْفيح لِلنِّسَاءِ: كَالتَّصْفِيقِ لِلرِّجَالِ؛ وَفِي حَدِيثِ الصَّلَاةِ:
التَّسْبِيحُ لِلرِّجَالِ وَالتَّصْفِيحُ لِلنِّسَاءِ
، وَيُرْوَى أَيضاً بِالْقَافِ؛ التَّصْفِيحُ وَالتَّصْفِيقُ وَاحِدٌ؛ يُقَالُ: صَفَّحَ وصَفَّقَ بِيَدَيْهِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ مِنْ ضَرْب صَفْحةِ الكفِّ عَلَى صَفْحَةِ الْكَفِّ الأُخرى، يَعْنِي إِذا سَهَا الإِمام نَبَّهَهُ المأْموم إِن كَانَ رَجُلًا قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ وإِن كَانَتِ امرأَة ضَرَبَتْ كَفَّهَا عَلَى كَفِّهَا الأُخرى عِوَضَ الْكَلَامِ؛ وَرَوَى بَيْتَ لَبِيدٍ:
كأَنَّ مُصَفِّحاتٍ فِي ذُراهُ
جَعَلَ المُصَفِّحات نِسَاءً يُصَفِّقْن بأَيديهن فِي مأْتَمٍ؛ شَبَّه صوتَ الرَّعْدِ بِتَصْفِيقِهِنَّ، ومَن رَوَاهُ مُصَفَّحاتٍ، أَراد بِهَا السُّيُوفَ الْعَرِيضَةَ؛ شَبَّهَ بَرِيقَ البَرْقِ بِبَرِيقِهَا. والمُصافَحةُ: الأَخذ بِالْيَدِ، والتصافُحُ مِثْلُهُ. وَالرَّجُلُ يُصافِحُ الرجلَ إِذا وَضَعَ صُفْحَ كَفِّهِ فِي صُفْح كَفِّهِ؛ وصُفْحا كَفَّيْهِمَا: وَجْهاهُما؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ المُصافَحَة عِنْدَ اللِّقاء، وَهِيَ مُفاعَلة مِنْ إِلصاق صُفْح الْكَفِّ بِالْكَفِّ وإِقبال الْوَجْهِ عَلَى الْوَجْهِ. وأَنْفٌ مُصَفَّحٌ: مُعْتَدِلُ القَصَبة مُسْتَوِيها بالجَبْهة. وصَفَحَ الكلبُ ذِرَاعَيْهِ لِلْعَظْمِ صَفْحاً يَصْفَحهما: نَصَبَهُمَا؛ قَالَ:
يَصْفَحُ للقِنَّةِ وَجْهاً جَأْبا، ... صَفْحَ ذِراعَيْهِ لعَظْمٍ كَلْبا
أَراد: صَفْحَ كَلْبٍ ذِرَاعَيْهِ، فَقَلَبَ؛ وَقِيلَ: هُوَ أَن يَبْسُطَهُمَا ويُصَيِّرَ الْعَظْمَ بَيْنَهُمَا ليأْكله؛ وَهَذَا الْبَيْتُ أَورده الأَزهري، قَالَ: وأَنشد أَبو الْهَيْثَمِ وَذَكَرَهُ، ثُمَّ قَالَ: وَصَفَ حَبْلًا عَرَّضه فَاتْلُهُ حَتَّى
فَتَلَهُ فَصَارَ لَهُ وَجْهَانِ، فَهُوَ مَصْفُوح أَي عَرِيضٌ، قَالَ: وقوله صَفْحَ ذِرَاعَيْهِ أَي كَمَا يَبْسُط الكلبُ ذِرَاعَيْهِ عَلَى عَرَقٍ يُوَتِّدُه عَلَى الأَرض بِذِرَاعَيْهِ يَتَعَرَّقه، وَنَصَبَ كَلْبًا عَلَى التَّفْسِيرِ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
صَفُوحٌ بخَدَّيْها إِذا طالَ جَرْيُها، ... كَمَا قَلَّبَ الكَفَّ الأَلَدُّ المُماحِكُ
عَنَى أَنها تَنْصِبُهُمَا وتُقَلِّبهما. وصَفَحَ القَومَ صَفْحاً: عَرَضَهم وَاحِدًا وَاحِدًا، وَكَذَلِكَ صَفَحَ وَرَقَ الْمُصْحَفِ. وتَصَفَّحَ الأَمرَ وصَفَحَه: نَظَرَ فِيهِ؛ قَالَ اللَّيْثُ: صَفَحْت وَرَقَ الْمُصْحَفِ صَفْحاً. وصَفَحَ القومَ وتَصَفَّحَهم: نَظَرَ إِليهم طَالِبًا لإِنسان. وصَفَحَ

(2/514)


وُجُوهَهم وتَصَفَّحَها: نَظَرَهَا مُتَعَرِّفاً لَهَا. وتَصَفَّحْتُ وُجوهَ الْقَوْمِ إِذا تأَمَّلْتَ وُجُوهَهُمْ تَنْظُرُ إِلى حِلاهم وصُوَرهم وتَتَعَرَّفُ أَمرهم؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
صَفَحْنا الحُمُولَ، للسَّلامِ، بنَظْرَةٍ، ... فَلَمَّ يَكُ إِلَّا وَمْؤُها بالحَواجِبِ
أَي تَصَفَّحْنا وُجُوهَ الرِّكاب. وتَصَفَّحْت الشَّيْءَ إِذا نَظَرْتَ فِي صَفَحاته. وصَفَحْتُ الإِبلَ عَلَى الحوضِ إِذا أَمررتها عَلَيْهِ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: نَاقَةٌ مُصَفَّحة ومُصَرّاة ومُصَوّاة ومُصَرَّبَةٌ، بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وصَفَحَتِ الشاةُ وَالنَّاقَةُ تَصْفَحُ صُفُوحاً: وَلَّى لَبَنُها، ابْنُ الأَعرابي: الصَّافِحُ النَّاقَةُ الَّتِي فَقَدَتْ وَلدَها فَغَرَزَتْ وَذَهَبَ لَبَنُهَا؛ وَقَدْ صَفَحَتْ صُفُوحاً. وصَفَح الرجلَ يَصْفَحُهُ صَفْحاً وأَصْفَحَه: سأَله فَمَنَعَهُ؛ قَالَ:
وَمَنْ يُكْثِرِ التَّسْآلَ يَا حُرّ، لَا يَزَلْ ... يُمَقَّتُ فِي عَينِ الصديقِ، ويُصْفَحُ
وَيُقَالُ: أَتاني فُلَانٌ فِي حَاجَةٍ فأَصْفَحْتُه عَنْهَا إِصْفاحاً إِذا طَلَبَهَا فمَنَعْتَه. وَفِي حَدِيثِ
أُم سَلَمَةَ: أُهْدِيَتْ لِي فِدْرَةٌ مِنْ لَحْمٍ، فَقُلْتُ لِلْخَادِمِ: ارْفَعِيهَا لِرَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإِذا هِيَ قَدْ صَارَتْ فِدْرَةَ حَجَر، فقصصتُ القِصَّةَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: لَعَلَّهُ وَقَفَ عَلَى بَابِكُمْ سَائِلٌ فأَصْفَحْتموه
أَي خَيَّبْتُموه. قَالَ ابْنُ الأَثير: يُقَالُ صَفَحْتُه إِذا أَعطيته، وأَصْفَحْتُه إِذا حَرَمْتَه. وصَفَحه عَنْ حَاجَتِهِ يَصْفَحُه صَفْحاً وأَصْفَحَه، كِلَاهُمَا: رَدَّه. وصَفَحَ عَنْهُ يَصْفَح صَفْحاً: أَعرض عَنْ ذَنْبِهِ. وَهُوَ صَفُوحٌ وصَفَّاحٌ: عَفُوٌّ. والصَّفُوحُ: الْكَرِيمُ، لأَنه يَصْفَح عَمَّنْ جَنى عَلَيْهِ. واستْصْفَحَه ذَنْبَهُ: اسْتَغْفَرَهُ إِياه وَطَلَبَ أَن يَصْفَحَ لَهُ عَنْهُ. وأَما الصَّفُوحُ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَمَعْنَاهُ العَفُوُّ؛ يُقَالُ: صَفَحْتُ عَنْ ذَنْبِ فُلَانٍ وأَعرضت عَنْهُ فَلَمْ أُؤَاخذْه بِهِ؛ وَضَرَبْتُ عَنْ فُلَانٍ صَفْحاً إِذا أَعرضت عَنْهُ وَتَرَكْتَهُ؛ فالصَّفُوحُ فِي صِفَةِ اللَّهِ: العَفُوُّ عَنْ ذُنُوبِ الْعِبَادِ مُعْرِضاً عَنْ مُجَازَاتِهِمْ بِالْعُقُوبَةِ تَكرُّماً. والصَّفُوحُ فِي نَعْتِ المرأَة: المُعْرِضَةُ صادَّةً هاجِرَةً، فأَحدهما ضدُّ الْآخَرِ. وَنُصِبَ قَوْلُهُ صَفْحاً فِي قَوْلِهِ: أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً؟
عَلَى الْمَصْدَرِ لأَن مَعْنَى قَوْلِهِ أَنُعْرِضُ «1» عَنْكُمُ الصَّفْحَ؛ وضَرْبُ الذِّكْرِ رَدُّه وكَفُّه؛ وَقَدْ أَضْرَبَ عَنْ كَذَا أَي كَفَّ عَنْهُ وَتَرَكَهُ؛ وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ تَصِفُ أَباها: صَفُوحُ عَنِ الْجَاهِلِينَ
أَي الصَّفْح والعفوِ والتَّجاوُزِ عَنْهُمْ؛ وأَصله مِنَ الإِعراض بصَفْحَة وَجْهِهِ كأَنه أَعرض بِوَجْهِهِ عَنْ ذَنْبِهِ. والصَّفُوحُ مِنْ أَبنية الْمُبَالَغَةِ. وَقَالَ الأَزهري فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً؟
الْمَعْنَى أَفَنُعْرِضُ عَنْ أَن نُذَكِّرَكم إِعراضاً مِنْ أَجل إِسرافكم عَلَى أَنفسكم فِي كُفْرِكُمْ؟ يُقَالُ صَفَح عَنِّي فلانٌ أَي أَعرض عَنْهُ مُوَلِّياً؛ وَمِنْهُ قَوْلُ كُثَيِّرٍ يَصِفُ امرأَة أَعرضت عَنْهُ:
صَفُوحاً فَمَا تَلْقاكَ إِلا بَخِيلةً، ... فَمَنْ مَلَّ مِنْهَا ذَلِكَ الوصلَ مَلَّتِ
وصَفَح الرجلَ يَصْفَحُه صَفْحاً: سَقَاهُ أَيَّ شَراب كَانَ وَمَتَى كَانَ. والمُصْفَحُ: المُمالُ عَنِ الْحَقِّ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
قلبُ الْمُؤْمِنِ مُصْفَحٌ عَلَى الْحَقِّ
أَي مُمالٌ عَلَيْهِ، كأَنه قَدْ جَعَلَ صَفْحَه أَي جَانِبَهُ عَلَيْهِ؛ وَفِي حَدِيثِ
حُذَيْفَةَ أَنه قَالَ: الْقُلُوبُ أَربعة: فقلبٌ أَغْلَفُ فَذَلِكَ قَلْبُ الْكَافِرِ، وَقَلْبٌ مَنْكُوسٌ فَذَلِكَ قَلْبٌ رَجَعَ إِلى الْكُفْرِ
__________
(1).
قوله [لأَن مَعْنَى قَوْلِهِ أَنُعْرِضُ إلخ] كذا بالأصل.

(2/515)


بعد الإِيمان، وقلب أَجْرَدُ مِثْلُ السِّراج يَزْهَرُ فَذَلِكَ قَلْبُ الْمُؤْمِنِ، وَقَلْبٌ مُصْفَحٌ اجْتَمَعَ فِيهِ النِّفَاقُ والإِيمان، فمَثَلُ الإِيمان فِيهِ كمَثَل بَقْلَةٍ يُمِدُّها الماءُ العذبُ، ومَثَل النِّفَاقِ فِيهِ كَمَثَلِ قَرْحة يُمِدُّها القَيْحُ والدمُ، وَهُوَ لأَيهما غَلَبَ
؛ المُصْفَحُ الَّذِي لَهُ وَجْهَانِ: يَلْقَى أَهلَ الْكُفْرَ بِوَجْهٍ وأَهل الإِيمان بِوَجْهٍ. وصَفْحُ كُلِّ شَيْءٍ: وَجْهُهُ وَنَاحِيَتُهُ، وَهُوَ مَعْنَى الْحَدِيثِ الْآخَرِ:
مِنْ شَرِّ الرِّجَالِ ذُو الْوَجْهَيْنِ، الَّذِي يأْتي هَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ وَهَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ وَهُوَ الْمُنَافِقُ.
وَجَعَلَ حذيفةُ قَلْبَ الْمُنَافِقِ الَّذِي يأَتي الْكُفَّارَ بِوَجْهٍ وأَهل الإَيمان بِوَجْهٍ آخَرَ ذَا وَجْهَيْنِ؛ قَالَ الأَزهري: وَقَالَ شَمِرٌ فِيمَا قرأْت بِخَطِّهِ: القلبُ المُصْفَحُ زَعَمَ خَالِدٌ أَنه المُضْجَعُ الَّذِي فِيهِ غِلٌّ الَّذِي لَيْسَ بِخَالِصِ الدِّينِ؛ وَقَالَ ابْنُ بُزُرْجٍ: المُصْفَحُ الْمَقْلُوبُ؛ يُقَالُ: قَلَبْتُ السَّيْفَ وأَصْفَحْتُه وصابَيْتُه؛ والمُصْفَحُ: المُصابَى الَّذِي يُحَرَّف عَلَى حَدِّهِ إِذا ضُرب بِهِ ويُمالُ إِذا أَرادوا أَن يَغْمِدُوه. وَيُقَالُ: صَفَح فُلَانٌ عَنِّي أَي أَعرض بوجه ووَلَّاني وَجْهَ قَفاه؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
ونادَيْتُ شِبْلًا فاسْتَجابَ، وَرُبَّمَا ... ضَمِنَّا القِرَى عَشْراً لِمَنْ لَا نُصافِحُ
وَيُرْوَى: ضَمِنَّا قِرَى عَشْرٍ لِمَنْ لَا نُصافِحُ؛ فَسَّرَهُ فَقَالَ: لِمَنْ لَا نُصَافِحُ أَي لِمَنْ لَا نَعْرِفُ، وَقِيلَ: للأَعداء الَّذِينَ لَا يَحْتَمِلُ أَن نُصافحهم. والمُصْفَحُ مِنْ سِهَامِ المَيْسر: السادسُ، وَيُقَالُ لَهُ: المُسْبِلُ أَيضاً؛ أَبو عُبَيْدٍ: مِنْ أَسماء قِدَاحِ المَيْسِر المُصْفَحُ والمُعَلَّى. وصَفْحٌ: اسْمُ رَجُلٍ مِنْ كَلْب بْنِ وَبْرَة، وَلَهُ حَدِيثٌ عِنْدَ الْعَرَبِ مَعْرُوفٌ؛ وأَما قَوْلُ بِشْرٍ:
رَضِيعَةُ صَفْحٍ بالجِباهِ مُلِمَّةٌ، ... لَهَا بَلَقٌ فوقَ الرُّؤوسِ مُشَهَّرُ «1»
فَهُوَ اسْمُ رَجُلٍ مِنْ كَلْبٍ جَاوَرَ قَوْمًا مِنْ بَنِي عَامِرٍ فَقَتَلُوهُ غَدْراً؛ يَقُولُ: غَدْرَتُكم بزَيْدِ بْنِ ضَباء الأَسَدِيّ أُخْتُ غَدْرَتكم بصَفْحٍ الكَلْبيِّ. وصِفاحُ نَعْمانَ: جِبَالٌ تُتاخِمُ هَذَا الْجَبَلَ وَتُصَادِفُهُ؛ ونَعْمانُ: جَبَلٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالطَّائِفِ؛ وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ الصِّفاحِ، بِكَسْرِ الصَّادِ وَتَخْفِيفِ الْفَاءِ، مَوْضِعٌ بَيْنَ حُنَين وأَنصابِ الحَرَم يَسْرَةَ الدَّاخِلِ إِلى مَكَّةَ. وملائكةُ الصَّفيح الأَعْلى: هُوَ مِنْ أَسماء السَّمَاءِ، وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ وَعَمَّارٍ: الصَّفِيحُ الأَعْلى من مَلَكُوته.
صقح: الصُّقْحةُ «2»: الصَّلَعةُ. وَرَجُلٌ أَصْقَحُ: أَصْلَعُ، يَمانِيةٌ.
صَلَحَ: الصَّلاح: ضِدُّ الْفَسَادِ؛ صَلَح يَصْلَحُ ويَصْلُح صَلاحاً وصُلُوحاً؛ وأَنشد أَبو زَيْدٍ:
فكيفَ بإِطْراقي إِذا مَا شَتَمْتَني؟ ... وَمَا بعدَ شَتْمِ الوالِدَيْنِ صُلُوحُ
وَهُوَ صَالِحٌ وصَلِيحٌ، الأَخيرة عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَالْجَمْعُ صُلَحاءُ وصُلُوحٌ؛ وصَلُح: كصَلَح، قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَلَيْسَ صَلُحَ بثَبَت. وَرَجُلٌ صَالِحٌ فِي نَفْسِهِ مِنْ قَوْمٍ صُلَحاء ومُصْلِح فِي أَعماله وأُموره، وَقَدْ أَصْلَحه اللَّهُ، وَرُبَّمَا كَنَوْا بِالصَّالِحِ عَنِ الشَّيْءِ الَّذِي هُوَ إِلى الْكَثْرَةِ كَقَوْلِ يَعْقُوبَ: مَغَرَتْ فِي الأَرض مَغْرَةٌ مِنْ مَطَرٍ؛ وَهِيَ مَطَرَةٌ صالحة، وكقول
__________
(1).
قوله [بالجباه] كذا بالأصل بهذا الضبط. وفي ياقوت الجباة، بفتح الجيم ونقط الهاء، والخراسانيون يروونه الجباه بكسر الجيم وآخره هاء محضة: وهو ماء بالشام بين حلب وتدمر.
(2).
قوله [الصقحة إلخ] كذا بالأصل بهذا الضبط. وعبارة المجد وشرحه: الصقح، محركة، الصلع، والنعت أصقح، وهي صقحاء والاسم الصقحة، محركة، والصقحة، بالضم، لغة يمانية.

(2/516)


بَعْضِ النَّحْوِيِّينَ، كأَنه ابْنُ جِنِّيٍّ: أُبدلت الْيَاءُ مِنَ الْوَاوِ إِبدالًا صَالِحًا. وَهَذَا الشَّيْءُ يَصْلُح لَكَ أَي هُوَ مِنْ بابَتِك. والإِصلاح: نَقِيضُ الإِفساد. والمَصْلَحة: الصَّلاحُ. والمَصلَحة وَاحِدَةُ الْمَصَالِحِ. والاسْتِصْلاح: نَقِيضُ الِاسْتِفْسَادِ. وأَصْلَح الشيءَ بَعْدَ فَسَادِهِ: أَقامه. وأَصْلَحَ الدَّابَّةَ: أَحسن إِليها فَصَلَحَتْ. وَفِي التَّهْذِيبِ: تَقُولُ أَصْلَحْتُ إِلى الدَّابَّةِ إِذا أَحسنت إِليها. والصُّلْحُ: تَصالُح الْقَوْمِ بَيْنَهُمْ. والصُّلْحُ: السِّلْم. وَقَدِ اصْطَلَحُوا وصالحوا واصَّلَحُوا وتَصالحوا واصَّالحوا، مُشَدَّدَةَ الصَّادِ، قَلَبُوا التَّاءَ صَادًا وأَدغموها فِي الصَّادِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَقَوْمٌ صُلُوح: مُتصالِحُون، كأَنهم وَصَفُوا بِالْمَصْدَرِ. والصِّلاحُ، بِكَسْرِ الصَّادِ: مَصْدَرُ المُصالَحةِ، وَالْعَرَبُ تُؤَنِّثُهَا، وَالِاسْمُ الصُّلح، يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ. وأَصْلَح مَا بَيْنَهُمْ وصالَحهم مُصالَحة وصِلاحاً؛ قَالَ بِشْرُ بْنُ أَبي خَازِمٍ:
يَسُومُونَ الصِّلاحَ بذاتِ كَهْفٍ، ... وَمَا فِيهَا لهمْ سَلَعٌ وقارُ
وَقَوْلُهُ: وَمَا فِيهَا أَي وَمَا فِي المُصالَحة، وَلِذَلِكَ أَنَّث الصِّلاح. وصَلاحِ وصَلاحٌ: مِنْ أَسماء مَكَّةُ، شَرَّفَهَا اللَّهُ تَعَالَى، يَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنْ الصُّلْح لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: حَرَماً آمِناً*؛ وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنَ الصَّلاحِ، وَقَدْ يُصْرَفُ؛ قَالَ حَرْبُ بْنُ أُمية يُخَاطِبُ أَبا مَطَرٍ الحَضْرَمِيَّ؛ وقيل هو للحرث بْنِ أُمية:
أَبا مَطَرٍ هَلُمَّ إِلى صَلاحٍ، ... فَتَكْفِيكَ النَّدَامَى مِنْ قُرَيْشِ
وتَأْمَنُ وَسْطَهُمْ وتَعِيشُ فِيهِمْ، ... أَبا مَطَرٍ، هُدِيتَ بخَيْرِ عَيْشِ
وتَسْكُنُ بَلْدَةً عَزَّتْ لَقاحاً، ... وتأْمَنُ أَن يَزُورَك رَبُّ جَيْشِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الشَّاهِدُ فِي هَذَا الشِّعْرِ صَرْفُ صَلَاحٍ؛ قَالَ: والأَصل فِيهَا أَن تَكُونَ مَبْنِيَّةً كَقَطَامِ. وَيُقَالُ: حَيٌّ لَقاحٌ إِذا لَمْ يَدينوا للمَلِك؛ قَالَ: وأَما الشَّاهِدُ عَلَى صلاحِ بِالْكَسْرِ مِنْ غَيْرِ صَرْف، فَقَوْلُ الْآخَرِ:
مِنَّا الَّذِي بصَلاحِ قامَ مُؤَذِّناً، ... لَمْ يَسْتَكِنْ لِتَهَدُّدٍ وتَنَمُّرِ
يَعْنِي خُبَيْبَ بنَ عَدِيٍّ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وصَلاحِ اسْمُ عَلَمٍ لِمَكَّةَ. وَقَدْ سمَّت العربُ صَالِحًا ومُصْلِحاً وصُلَيحاً. والصِّلْحُ: نَهْرٌ بمَيْسانَ.
صلنبح: الصلنباح «3»:
صلدح: الصَّلَوْدَحُ: الصُّلْبُ. والصَّلَنْدَحةُ «4»: الصُّلْبة. الأَزهري عَنِ اللَّيْثِ: الصَّلْدَحُ هُوَ الْحَجَرُ العريضُ؛ وَجَارِيَةٌ صَلْدَحة. ابْنُ دُرَيْدٍ: نَاقَةٌ جَلَنْدَحة شَدِيدَةٌ، وصَلَنْدَحة: صُلْبة، وَلَا يُوصَفُ بِهِمَا إِلا الإِناث.
صلطح: الصَّلْطَحة: الْعَرِيضَةُ مِنَ النِّسَاءِ. واصْلَنطَحت البَطْحاءٌ: اتَّسَعَتْ؛ قَالَ طُرَيْحٌ:
أَنتَ ابنُ مُصْلَنْطِح البِطاحِ، وَلَمْ ... تَعْطِفْ عَلَيْكَ الحُنِيُّ والوُلُجُ
يَمْدَحُهُ بأَنه مِنْ صَمِيم قُرَيْشٍ، وَهُمْ أَهل البَطْحاء. ونَصْلٌ مُصَلْطَحٌ: عَرِيضٌ. وَمَكَانٌ سُلاطِحٌ: عَرِيضٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ السَّاجِعِ: صُلاطِح بُلاطِح؛
__________
(3).
زاد المجد الصلنباح، أَي بكسرتين وسكون النون: سمك طويل.
(4).
قوله [والصلندحة] هذه بفتح الصاد وَضَمِّهَا مَعَ فَتْحِ اللَّامِ فيهما كما في القاموس وشرحه.

(2/517)


بُلَاطِحٌ إِتباعٌ. والصَّلَوْطَحُ: مَوْضِعٌ «1» قَالَ:
إنِّي بعَيْني إِذا أَمَّتْ حُمُولُهُمُ ... بَطْنَ الصَّلَوْطَحِ، لَا يَنْظُرْن مَنْ تَبِعا
صلقح: صَلْقَح الدَّرَاهِمَ «2»: قَلَّبَها. والصَّلاقِحُ: الدَّرَاهِمُ؛ عَنْ كُرَاعٍ وَلَمْ يَذْكُرْ وَاحِدَهَا. والصَّلَنْقَحُ: الصَّيَّاحُ، وَكَذَلِكَ الأُنثى، بِغَيْرِ هَاءٍ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنها لَصَلَنْقَحةُ الصَّوت صُمادِحِيَّة، فأَدخل الهاء.
صمح: صَمَحَتْه الشمسُ «3» تَصْمَحُه وتَصْمِحه صَمْحاً إِذا اشتدَّ عَلَيْهِ حَرُّها حَتَّى كادتْ تُذِيبُ دِماغَه؛ قَالَ أَبو زُبَيْدٍ الطَّائِيُّ:
مِنْ سَمُومٍ كأَنها لَفْحُ نارٍ، ... صَمَحَتْها ظَهيرةٌ غَرَّاءُ
اللَّيْثُ: صَمَحَه الصَّيْفُ إِذا كادَ يُذيبُ دِمَاغَهُ مِنْ شدَّة الْحَرِّ؛ وَقَالَ الطِّرِمَّاحُ يَصِفُ كَانِسًا من البقر:
يَذيلُ إِذا نَسَمَ الأَبْرَدانِ، ... ويُخْدِرُ بالصَّرَّةِ الصَّامِحه
والصَّرَّة: شِدَّةُ الْحَرِّ. والصَّامِحةُ: الَّتِي تُؤلم الدِّمَاغَ بِشِدَّةِ حَرِّهَا. وشمسٌ صَمُوحٌ: حَارَّةٌ مُتَغَيِّرَةٌ؛ قَالَ:
شمسٌ صَمُوحٌ وحَرُورٌ كالَّهَبْ
وَيَوْمٌ صَمُوحٌ وصامِحٌ: شَدِيدُ الْحَرِّ. والصُّماحُ: العَرَقُ الْمُنْتِنُ؛ وَقِيلَ: خُبْثُ الرَّائِحَةِ مِنَ العَرَقِ، والمَعْنَيان مُتَقَارِبَانِ. والصُّماحيُّ: مأَخوذ مِنَ الصُّماحِ، وَهُوَ الصُّنان؛ وأَنشد:
ساكناتُ العَقيقِ أَشهى، إِلى النَّفْسِ، ... مِنَ الساكناتِ دُورَ دِمَشْقِ
يَتَضَوَّعْنَ، لو تَضَمَّخْنَ بالمسكِ، ... صُماحاً، كأَنه رِيحُ مَرْقِ
المَرْقُ: الجِلْد الَّذِي لَمْ يَسْتَحكم دِباغُه، وَهُوَ الْإِهَابُ المُنْتِنُ؛ وأَنشد الأَصمعيّ فِي صِفَةِ مَاتِحٍ:
إِذَا بَدَا مِنْهُ صُماحُ الصَّمْحِ، ... وفاضَ عِطْفَاه بِمَاءِ سَمْحِ
والصُّماحُ: الكَيُّ؛ عَنْ كُرَاعٍ. أَبو عَمْرٍو: الأَصْمَحُ الَّذِي يَتَعَمَّدُ رؤوس الأَبطال بالنَّقْفِ وَالضَّرْبِ لِشَجَاعَتِهِ؛ قَالَ العَجَّاجُ:
ذوقِي، عُقَيْدُ، وَقْعَةَ السِّلاحِ، ... والدَّاءُ قَدْ يُطْلَبُ بالصُّماحِ
وَيُرْوَى يُبْرَأُ فِي تَفْسِيرِهِ. عُقَيْدُ: قَبِيلَةٌ مِنْ بَجيلة فِي بَكْرِ بنِ وَائِلٍ. وَقَوْلُهُ بالصُّماح أَي بالكَيّ؛ يَقُولُ: آخِرُ الدَّوَاءِ الكَيُّ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: والصُّماحُ أُخِذَ مِنْ قَوْلِهِمْ صَمَحَتْه الشمسُ إِذا آلَمَتْ دماغَه بِشِدَّةِ حَرِّها. والصِّمْحاءُ والصِّمْحاءَةُ والحِرْباءَةُ: الأَرض الْغَلِيظَةُ، وَجَمْعُهَا الصِّمْحاء والحِرْباء. وصَمَحَ يَصْمَحُ: غَلَّظَ لَهُ فِي مسأَلة وَنَحْوِهَا؛ قَالَ أَبو وجْزَة:
زِبَنُّونَ صَمَّاحُونَ رَكْزَ المُصامِح
يَقُولُ: مَنْ شادَّهم شادُّوه فَغَلَبُوهُ. وصَمَحْتُ فُلَانًا أَصْمَحه صَمْحاً إِذَا غَلَّظْت لَهُ فِي مسأَلة أَو غير
__________
(1).
قوله [والصلوطح موضع] ذكره المجد هنا وفي سلطح أيضاً بالسين كالمؤلف. وياقوت اقتصر عليه بالسين، وأنشد البيت بالسين، فقال: قال لقيط بن يعمر الأَزدي: إني بعيني إلخ ... وبعده: طوراً أراهم وطوراً لا أَبينهم إذا تواضع خدر ساعة لمعا
(2).
قوله [صلقح الدراهم إلخ] أورده المؤلف بالقاف، وأَورده المجد بالفاء، ونبه عليهما الشارح وزاد المجد الصلنقح أَي بالقاف كسفرجل الشديد الشكيمة أَو الظريف.
(3).
قوله [صمحته الشمس إلخ] بابه منع وضرب كما في القاموس.

(2/518)


ذَلِكَ، وصَمَحه بِالسَّوْطِ صَمْحاً: ضَرَبَهُ. وَحَافِرٌ صَمُوحٌ أَي شَدِيدٌ، وَقَدْ صَمَح صُمُوحاً؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
لَا يَتَشَكَّى الحافِرَ الصَّمُوحا، ... يَلْتَحْنَ وَجْهاً بِالْحَصَى مَلْتُوحا
وَقِيلَ: حَافِرٌ صَمُوح شَدِيدُ الوَقْع؛ عَنْ كُرَاعٍ. والصَّمَحْمَحُ والصَّمَحْمَحِيُّ مِنَ الرِّجَالِ: الشديدُ المُجْتَمِعُ الأَلواح، وَكَذَلِكَ الدَّمَكْمَكُ، قَالَ: وَهُوَ فِي السِّنِّ مَا بَيْنَ الثَّلَاثِينَ والأَربعين؛ وَقِيلَ: هُوَ الْقَصِيرُ، وَقِيلَ: الْغَلِيظُ الْقَصِيرُ، وَقِيلَ: الأَصلع، وَقِيلَ: المَحلوق الرأْس؛ عَنِ السِّيرَافِيِّ، والأُنثى مِنْ كُلِّ ذَلِكَ بِالْهَاءِ؛ قَالَ:
صَمَحْمَحةٌ لَا تَشْتَكِي الدهرَ رأْسها، ... وَلَوْ نَكَزَتْها حَيَّةٌ لأَبَلَّتِ
وَقَالَ ثَعْلَبٌ: رأْس صَمَحْمَحٌ أَي أَصْلَعُ غَلِيظٌ شَدِيدٌ، وَهُوَ فَعَلْعَلٌ، كُرِّرَ فِيهِ الْعَيْنُ وَاللَّامُ. وَبَعِيرٌ صَمَحْمَحٌ: شَدِيدٌ قَوِيٌّ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّيٍّ: الْحَاءُ الأُولى مِنْ صَمَحْمَحٍ زَائِدَةٌ، وَذَلِكَ أَنها فَاصِلَةٌ بَيْنَ الْعَيْنَيْنِ، وَالْعَيْنَانِ مَتَى اجْتَمَعَتَا فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ مَفْصُولًا بَيْنَهُمَا، فَلَا يَكُونُ الْحَرْفُ الْفَاصِلُ بَيْنَهُمَا إِلا زَائِدًا، نَحْوَ عَثَوْثَلٍ وعَقَنْقَلٍ وسُلالِمٍ وحَفَيْفَدٍ «1»، وَقَدْ ثَبَتَ أَن الْعَيْنَ الأُولى هِيَ الزَّائِدَةُ، فَثَبَتَ إِذاً أَن الْمِيمَ وَالْحَاءَ الأَوَّلَتَيْن فِي صَمَحْمَحٍ هُمَا الزَّائِدَتَانِ، وَالْمِيمُ وَالْحَاءُ الأَخيرتين هُمَا الأَصلِيتان، فَاعْرِفْ ذَلِكَ. وصَوْمَحٌ وصَوْمَحان: مَوْضِعٌ؛ قَالَ:
ويومٌ بالمَجَازةِ والكَلَنْدَى، ... ويومٌ بَيْنَ ضَنْكَ وصَوْمَحانِ
هَذِهِ كلها مواضع.
صمدح: الصُّمادِحُ والصُّمادِحِيُّ: الصُّلْب الشَّدِيدُ. وَصَوْتٌ صُمادِحٌ وصُمادِحِيٌّ وصَمَيْدَحٌ: شَدِيدٌ؛ قَالَ:
مَا لِي عَدِمْتُ صَوْتَها الصَّمَيْدَحا
وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الصُّمادِحُ الشديدُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ؛ وأَنشد:
فَشامَ فيها مُدْلِغاً صُمادِحا
وَرَجُلٌ صَمَيْدَحٌ: صُلْبٌ شَدِيدٌ. وَضَرْبٌ صُرَادِحِيٌّ وصُمادِحيٌّ: شَدِيدٌ بَيِّنٌ؛ أَبو عَمْرٍو: الصُّمادِحُ الْخَالِصُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. الأَزهري: سَمِعْتُ أَعرابيّاً يَقُولُ لنُقْبَةِ جَرَبٍ حَدَثَتْ بِبَعِيرٍ فشُكَّ فِيهَا أَبَثْر أَم جَرَبٌ: هَذَا خاقٌ صُمادِحٌ: الجَرَب. والصَّمَيْدَحُ: الْخِيَارُ «2»؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد بَيْتًا فِيهِ:
وسَطُوا الصَّمَيْدَحَ وايما «3»
وَنَبِيذٌ صُمادِحِيٌّ: قَدْ أَدْرَكَ وخَلَصَ.
صنبح: صُنابِح: اسْمٌ، وَهُوَ أَبو بَطْنٍ مِنْ الْعَرَبِ، مِنْهُمْ صَفْوانُ بْنُ عَسَّالٍ الصُّنابِحِيُّ صَحِبَ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ وَقِيلَ: صُنابِحُ بَطْنٌ مِنْ مُرادٍ.
صوح: تَصَوَّحَ البَقْلُ وصَوَّحَ: تَمّ يُبْسُه؛ وَقِيلَ: إِذا أَصابته آفَةٌ وَيَبِسَ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَدْ جَاءَ صَوَّحَ البَقْلُ غَيْرَ مُتَعَدٍّ بِمَعْنَى تَصَوَّح إِذا يَبِسَ؛ وَعَلَيْهِ قَوْلُ أَبي عَلِيٍّ البَصِير:
ولكنَّ البلادَ، إِذا اقْشَعَرَّتْ ... وصَوَّحَ نَبْتُها، رُعِيَ الهَشِيمُ
__________
(1).
قوله [وحفيفد] هكذا بالأصل والذي في شرح القاموس حفدفد.
(2).
قوله [والصميدح الخيار إلخ] كذا بالأَصل. ونقله شارح القاموس في المستدركات، لكن في القاموس الصميدح كسميدع: اليوم الحار انتهى.
(3).
هكذا بالأَصل.

(2/519)


وصَوَّحَتْه الريحُ: أَيْبَسَتْه؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وصَوَّحَ البَقْلَ نَأْآجٌ تَجِيءُ بِهِ ... هَيْفٌ يَمانِيةٌ، فِي مَرِّها نَكَبُ
وَقِيلَ: تَصَوَّحَ البقلُ إِذا يَبِسَ أَعلاه وَفِيهِ نُدُوَّةٌ؛ وأَنشد لِلرَّاعِي:
وحارَبَت الهَيْفُ الشَّمالَ، وآذَنَتْ ... مَذانِبُ، مِنْهَا اللَّدْنُ والمُتَصَوِّحُ
وتَصَوَّحَتِ الأَرضُ مِنَ اليُبْسِ وَمِنَ البَرْدِ: يَبِسَ نَباتُها. والانْصِياحُ: كالتَّصَوُّحِ. والصَّاحَةُ مِنَ الأَرض: الَّتِي لَا تُنْبِتُ شَيْئًا أَبداً. الأَصمعي: إِذا تَهَيَّأَ النباتُ لليُبْسِ قِيلَ: قَدِ اقْطارَّ، فإِذا يَبِسَ وانْشَقَّ قِيلَ: قَدْ تَصَوَّحَ؛ قَالَ الأَزهري: وتَصَوُّحُه مِنْ يُبْسِه زمانَ الحرِّ لَا مِنْ آفَةٍ تُصيبه. وَفِي الْحَدِيثِ:
نَهَى عَنْ بَيْعِ النَّخْلِ قَبْلَ أَن يُصَوِّحَ
أَي قَبْلَ أَن يَسْتَبِينَ صلاحُه وجَيِّدُه مِنْ رَديئه. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنه سُئِلَ مَتَى يَحِلُّ شِراءُ النَّخْلِ؟ فَقَالَ: حِينَ يُصَوِّحُ
، وَيُرْوَى بِالرَّاءِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ:
اللَّهُمَّ انْصاحتْ جِبالُنا
أَي تَشَققت وجَفَّتْ لِعَدَمِ الْمَطَرِ. يُقَالُ: صاحَه يَصُوحُه، فَهُوَ مُنْصاحٌ إِذا شَقَّه. وصَوَّحَ النباتُ إِذا يَبِسَ وتَشَقَّقَ؛ وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: فبادِرُوا العِلم مِنْ قَبْلِ تَصْوِيح نَبْتِه
؛ وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الزُّبَيْرِ: فَهُوَ يَنْصاحُ عَلَيْكُمْ بِوَابِلِ البَلايا
أَي يَنْشَقُّ عَلَيْكُمْ؛ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: ذَكَرَهُ الْهَرَوِيُّ بِالصَّادِ وَالْحَاءِ، قَالَ: وَهُوَ تَصْحِيفٌ. وانْصاحَ الثوبُ انْصِياحاً: تَشَقَّقَ مِنْ قِبَلِ نَفْسه؛ وَمِنْهُ قَوْلُ عَبيدٍ يَصِفُ مَطَرًا قَدْ ملأَ الوِهادَ والقَرارات:
فأَصْبَحَ الرَّوْضُ والقِيعانُ مُتْرَعَةً، ... مَا بَيْنَ مُرْتَتِقٍ مِنْهَا ومُنْصاحِ
قَالَ شَمِرٌ: وَرَوَاهُ ابْنُ الأَعرابي:
مِنْ بَيْنِ مُرْتَفِقٍ مِنْهَا ومُنْصاحِ
وفَسَّرَ: المُنْصاحُ الْفَائِضَ الْجَارِي عَلَى وَجْهِ الأَرض، قَالَ: والمُرْتَفِقُ الْمُمْتَلِئُ. والمُرْتَتِقُ مِنَ النَّبَاتِ: الَّذِي لَمْ يَخْرُجْ نَوْرُهُ وزَهْرُه مِنْ أَكمامه. والمُنْصاحُ: الَّذِي قَدْ ظَهَرَ زَهْرُه. وَقَوْلُهُ: مِنْهَا، يُرِيدُ مِنْ نَبْتِهَا فَحَذَفَ الْمُضَافَ وأَقام الْمُضَافَ إِليه مَقَامَهُ؛ قَالَ: وَرُوِيَ عَنْ أَبي تَمَّام الأَسَدِيِّ أَنه أَنشده:
مِنْ بَيْنِ مُرْتَفِقٍ مِنْهَا وَمِنْ طَاحِي
وَقَالَ: الطَّاحِي الَّذِي فاضَ وسالَ وَذَهَبَ. وتَصَايَحَ غِمْدُ السَّيْفِ إِذا تَشَقَّقَ. وَفِي النَّوَادِرِ: صَوَّحَتْه الشمسُ ولَوَّحَتْه وصَمَحَتْه إِذا أَذْوَتْهُ وآذَتْهُ. والتَّصَوُّحُ: التَّشقُّق فِي الشَّعَر وَغَيْرِهِ. وتَصَوُّحُ الشَّعَرِ: تشقُّقُه مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ وتَناثره؛ وَقَدْ صَوَّحَه الجُفُوفُ. وصُحْتُ الشيءَ فانْصاحَ أَي شَقَقْتُهُ فانشقَّ. وانْصاحَ الْقَمَرُ: اسْتَنَارَ. وانْصاحَ الفجرُ انْصِياحاً إِذا اسْتَنَارَ وأَضاءَ، وأَصله الِانْشِقَاقُ. والصُّوَّاحةُ، عَلَى تَقْدِيرِ فُعَّالة: مِنْ تَشَقُّقِ الصُّوف «1»؛ وَقَدْ صَوَّحه. والصُّوَاحُ: عَرَقُ الْخَيْلِ خَاصَّةً، وَقَدْ يُعَمُّ به؛ وأَنشد الأَصمعي:
جَلَبْنَ الخَيْلَ دامِيةً كُلاها، ... يُسَنُّ عَلَى سَنابِكِها الصُّواحُ
وَيُرْوَى يَسِيلُ؛ وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ:
تُسَنُّ عَلَى سَنابِكِها القُرُونُ
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن مُحَلِّم بنَ جُثامةَ اللَّيْثِيَّ قَتَلَ رَجُلًا يَقُولُ: لَا إِله إِلَّا اللَّهُ؛ فَلَمَّا مَاتَ هُوَ دفنوه فلفظته
__________
(1).
قوله [من تشقق الصوف] عبارة القاموس ما تشقق من الشعر.

(2/520)


الأَرض فأَلقته بَيْنَ صَوْحَيْنِ «1» فأَكلته السِّبَاعُ
؛ ابْنُ الأَعرابي: الصَّوْحُ، بِفَتْحِ الصَّادِ: الْجَانِبُ مِنَ الرأْس وَالْجَبَلِ؛ وَيُقَالُ: صُوحٌ لِوَجْهِ الْجَبَلِ الْقَائِمِ كأَنه حَائِطٌ، وَهُمَا لُغَتَانِ صَحِيحَتَانِ؛ وصُوحا الْوَادِي: حَائِطَاهُ وَيُفْرَدُ، فَيُقَالُ: صُوحٌ، وَوَجْهُ الْجَبَلِ الْقَائِمِ «2» تَرَاهُ كأَنه حَائِطٌ؛
وأَلْقَوْه بَيْنَ الصُّوحَيْنِ حَتَّى أَكلته السِّبَاعُ
أَي بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ، فأَما مَا أَنشده بَعْضُهُمْ:
وشِعْبٍ كَشَكِّ الثَّوْبِ شَكْسٍ طريقُه، ... مَدارِجُ صُوحَيْهِ عِذابٌ مَخاصِرُ
تَعَسَّفْتُهُ بالليْلِ، لَمْ يَهْدِني لَهُ ... دَلِيلٌ، وَلَمْ يَشْهَدْ لَهُ النَّعْتَ خابِرُ
فإِنما عَنَى فَماً قَبَّله، فَجَعَلَهُ كالشِّعْبِ لِصِغَرِهِ، ومَثَّلَه بشَك الثَّوْبِ، وَهِيَ طَرِيقَةُ خِيَاطَتِهِ، لِاسْتِوَاءِ مَنَابِتِ أَضراسه وَحُسْنِ اصْطِفَافِهَا وتَراصُفِها، وَجَعَلَ رِيقَه كَالْمَاءِ، وناحِيَتَيِ الأَضراس كصُوحَيِ الْوَادِي. وصُوحُ الْجَبَلِ: أَسفله. والصُّواحُ: الطَّلْعُ حِينَ يَجِفُّ فيتناثَرُ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. وصُوحانُ: اسْمٌ؛ قَالَ:
قَتَلَتْ عِلْباءَ وهِنْدَ الجَمَلِ، ... وابْناً لِصُوحانَ عَلَى دِينِ عَلِي
وَبَنُو صُوحانَ: مِنْ بَنِي عَبْدِ الْقَيْسِ. والصُّواحُ: الجِصُّ. الأَزهري عَنِ الْفَرَّاءِ قَالَ: الصُّواحِيُّ مأْخوذ مِنَ الصُّواحِ، وَهُوَ الجِصُّ؛ وأَنشد:
جَلَبْنا الخيلَ مِنْ تَثْلِيتَ، حَتَّى ... كأَنَّ عَلَى مَناسِجِها صُوَاحا
قَالَ: شَبَّه عَرَق الْخَيْلِ لَمَّا ابيضَّ بالصُّواح، وَهُوَ الجِصُّ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: فِي هَذَا الْبَيْتِ شَاهِدٌ عَلَى أَن الصُّواحَ الْعَرَقُ كَمَا ذَكَرَ الْجَوْهَرِيُّ، وَفِيهِ أَيضاً شَاهِدٌ عَلَى الجصِّ عَلَى مَا رَوَاهُ ابْنُ خَالَوَيْهِ هُنَا مَنْصُوبًا، وَالْبَيْتُ مَجْهُولُ الْقَائِلِ فَلِهَذَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي رِوَايَتِهِ؛ أَبو سَعِيدٍ: الصُّواحُ مِنَ اللَّبَنِ مَا غَلَبَ عَلَيْهِ الْمَاءُ، وَهُوَ الضَّياحُ والشَّهابُ؛ والصُّواحُ: النَّجْوَةُ مِنَ الأَرض «3». وصاحةُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ بِشْرُ بْنُ أَبي خَازِمٍ:
تَعَرُّضَ جأْبةِ المِدْرَى خَذُولٍ ... بصاحةَ، فِي أَسِرَّتِها السِّلامُ
وَقِيلَ: صاحةُ اسْمُ جَبَلٍ؛ وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ الصَّاحَةِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هِيَ بِتَخْفِيفِ الْحَاءِ هِضابٌ حُمْرٌ بِقُرْبِ عَقِيق الْمَدِينَةِ.
صيح: الصِّياحُ: الصوتُ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: صوتُ كُلِّ شَيْءٍ إِذا اشْتَدَّ. صاحَ يَصِيحُ صَيْحة وصِياحاً وصُياحاً، بِالضَّمِّ، وصَيْحاً وصَيَحاناً، بِالتَّحْرِيكِ، وصَيَّحَ: صَوَّتَ بأَقصى طَاقَتِهِ، يَكُونُ ذَلِكَ فِي النَّاسِ وَغَيْرِهِمْ؛ قَالَ:
وصاحَ غُرابُ البَيْنِ، وانْشَقَّتِ العَصا، ... كَمَا ناشَدَ الذَّمَّ الكَفِيلُ المُعاهِدُ
والمُصايَحَةُ والتصايُحُ: أَن يَصِيحَ القومُ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ. والصَّيْحَةُ: العذابُ، وأَصله مِنَ الأَوّل؛ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ*
؛ يَعْنِي بِهِ الْعَذَابَ؛ وَيُقَالُ: صِيحَ فِي آلِ فُلَانٍ إِذا هَلَكُوا. فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ*
أَي أَهلكتهم. والصَّيحةُ: الغارةُ إِذا فُوجِئَ الحيُّ بِهَا. والصائِحةُ: صَيْحَةُ المَناحةِ؛ يقال: ما
__________
(1).
قوله [فأَلقته بين صوحين] الذي في النهاية فألقوه.
(2).
قوله [وَوَجْهُ الْجَبَلِ الْقَائِمِ تَرَاهُ إلخ] عبارة الجوهري وَوَجْهُ الْجَبَلِ الْقَائِمِ تَرَاهُ كأنه حائط. وفي الحديث:
وألقوه بين الصوحين.
(3).
قوله [وَالصُّوَاحُ النَّجْوَةُ مِنَ الأَرض] أي ما ارتفع منها. وفي القاموس: والصواح الرخوة من الأَرض.

(2/521)


يَنْتَظِرُونَ إِلَّا مثلَ صَيْحةِ الحُبْلى أَي شَرًّا سَيعاجِلُهم؛ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ
؛ فَذَكَرَ الْفِعْلَ لأَن الصَّيْحَةَ مَصْدَرٌ أُريد بِهِ الصِّياحُ، وَلَوْ قِيلَ: أَخذت الَّذِينَ ظَلَمُوا الصيحةُ بالتأْنيث، كَانَ جَائِزًا يَذْهَبُ بِهِ إِلى لَفْظِ الصَّيْحة؛ وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
دَعْ عنكَ نَهْباً صِيحَ فِي حَجَراتِهِ، ... ولكنْ حَديثاً، مَا حديثُ الرَّواحِلِ؟
وَلَقِيتُهُ قَبْلَ كُلِّ صَيْح ونَفْرٍ؛ الصَّيْحُ: الصِّياحُ، وَالنَّفَرُ: التَّفَرُّقُ؛ وَكَذَلِكَ إِذا لَقِيتَهُ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ. وغَضِبَ مِنْ غَيْرِ صَيْحٍ وَلَا نَفْر أَي من غير شَيْءٍ صِيحَ بِهِ؛ قَالَ:
كذوبٌ مَحولٌ، يجعلُ اللهَ جُنَّةً ... لأَيْمانِه، مِنْ غَيْرِ صَيْحٍ ولا نَفْرِ
أَي مِنْ غَيْرِ قَلِيلٍ وَلَا كَثِيرٍ. وصاحَ العُنقُودُ يَصِيح إِذا اسْتَتَمَّ خروجُه مِنْ أَكِمَّته وَطَالَ، وَهُوَ فِي ذَلِكَ غَضٌّ؛ وَقَوْلُ رُؤْبَةَ:
كالكَرْم إِذ نادَى مِنَ الكافُورِ
إِنما أَراد صاحَ فِيمَا زَعَمَ أَبو حَنِيفَةَ فَلَمْ يَسْتَقِمْ لَهُ، فإِن كَانَ إِنما فرَّ إِلى نادَى مَنْ صاحَ لأَنه لَوْ قَالَ صاحَ مِنَ الْكَافُورِ لَكَانَ الجُزْءُ مَطْوِيّاً، فأَراد رُؤْبَةُ أَن يُسَلِّمَهُ مِنَ الطَيِّ فقال نادَى، فتم الجزء. وتَصَيَّحَ البقلُ والخَشَبُ والشَّعَرُ وَنَحْوُ ذَلِكَ: لُغَةٌ فِي تَصَوَّحَ تَشَقَّق ويَبِسَ. وصَيَّحَتْه الريحُ وَالْحَرُّ وَالشَّمْسُ: مِثْلُ صَوَّحَته؛ وأَنشد أَعرابي لِذِي الرُّمَّةِ:
وَيَوْمٌ مِنَ الجَوْزاءِ مُوتَقِدُ الحَصَى، ... تَكادُ صَياحِي العينِ مِنْهُ تَصَيَّحُ «4»
وتَصَيَّحَ الشيءُ: تَكَسَّرَ وَتَشَقَّقَ، وصَيَّحْتُه أَنا. وانْصاحَ الثوبُ: تَشَقَّقَ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ. وانْصاحَت الأَرض: تَغَطَّى بعضُها بِالنَّبَاتِ وَبَقِيَ بَعْضُهَا فَكَانَتْ كَالثَّوْبِ المُنْشَقِّ؛ قَالَ عُبَيْدٌ:
وأَمْسَتِ الأَرضُ والقِيعانُ مُثْرِيَةً، ... مِنْ بَينِ مُرْتَتِقٍ منها ومُنْصاحِ
وقد تقجم هَذَا الْبَيْتُ فِي صَوَحَ أَيضاً. والصَّيْحانيُّ: ضَرْبٌ مِنْ تَمْرِ الْمَدِينَةِ؛ قَالَ الأَزهري: الصَّيْحانيُّ ضَرْبٌ مِنَ التَّمْرِ أَسود صُلْبُ المَمْضَغَة، وَسُمِّيَ صَيْحانِيّاً لأَن صَيْحانَ اسْمُ كَبْشٍ كَانَ رُبِطَ إِلى نَخْلَةٍ بِالْمَدِينَةِ، فأَثمرت تَمْرًا صَيْحانِيّاً «5» فَنُسِبَ إِلى صَيْحانَ.

فصل الضاد
ضبح: ضَبَحَ العُودَ بِالنَّارِ يَضْبَحُه ضَبْحاً: أَحرق شَيْئًا مِنْ أَعاليه، وَكَذَلِكَ اللَّحْمُ وَغَيْرُهُ؛ الأَزهري: وَكَذَلِكَ حجارةُ القَدَّاحةِ إِذا طَلَعَتْ كأَنها مُتَحَرِّقةٌ مَضْبوحةٌ. وضَبَحَ القِدْحَ بِالنَّارِ: لَوَّحَه. وقِدْحٌ ضَبِيحٌ ومَضْبوحٌ: مُلَوَّح؛ قَالَ:
وأَصْفَرَ مَضْبوحٍ نَظَرْتُ حِوارَه ... عَلَى النارِ، واسْتَوْدَعْتُه كَفَّ مُجْمِدِ
أَصفر: قِدْحٌ، وَذَلِكَ أَن القِدْحَ إِذا كَانَ فِيهِ عَوَجٌ ثُقِّفَ بِالنَّارِ حَتَّى يَسْتَوِيَ. والمَضْبوحةُ: حِجَارَةُ القَدّاحَةِ الَّتِي كأَنها مُحْتَرِقَةٌ؛ قَالَ رُؤْبَةُ بْنُ الْعَجَّاجِ يَصِفُ أُتُناً وفَحْلَها:
يَدَعْنَ تُرْبَ الأَرضِ مَجْنُونَ الصِّيَقْ، ... والمَرْوَ ذَا القَدَّاحِ مَضْبُوحَ الفِلَقْ
__________
(4).
قوله [صياحي العين] هكذا في الأَصل.
(5).
قوله [فأثمرت تمراً صيحانياً] كذا بالأَصل ولفظ صيحانياً هنا لا حاجة إليه.

(2/522)


والصِّيَقُ: الغُبار. وَجُنُونُهُ: تَطَايُرُهُ. والمَضْبُوحُ: حَجَرُ الحَرَّة لِسَوَادِهِ. والضِّبْحُ: الرَّمادُ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ؛ الأَزهري: أَصله مِنْ ضَبَحته النَّارُ. وضَبَحَتْه الشمسُ وَالنَّارُ تَضْبَحُه ضَبْحاً فانْضَبَحَ: لَوَّحته وغيَّرته؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: وغَيَّرَتْ لونَه؛ قَالَ:
عُلِّقْتُها قبلَ انْضِباحِ لَوْني، ... وجُبْتُ لَمَّاعاً بعيدَ البَوْنِ
والانْضِباحُ: تَغَيُّرُ اللَّوْنِ؛ وَقِيلَ: ضَبَحَتْهُ النارُ غَيَّرَتْهُ وَلَمْ تُبَالِغْ فِيهِ؛ قَالَ مُضَرِّسٌ الأَسديُّ:
فَلَمَّا أَن تَلَهْوَجْنا شِواءً، ... بِهِ اللَّهَبانُ مَقْهوراً ضَبِيحا،
خَلَطْتُ لَهُمْ مُدامةَ أَذْرِعاتٍ ... بماءِ سَحابةٍ، خَضِلًا نَضُوحا
والمُلَهْوَجُ مِنَ الشِّوَاءِ: الَّذِي لَمْ يَتِمَّ نُضْجُه. واللَّهَبانُ: اتِّقادُ النَّارِ واشْتِعالُها. وانْضَبَحَ لونُه: تَغَيَّرَ إِلَى السَّوَادِ قَلِيلًا. وضَبَحَ الأَرنبُ والأَسودُ مِنَ الْحَيَّاتِ والبُومُ والصَّدَى والثعلبُ والقوسُ يَضْبَحُ ضُباحاً: صَوَّت؛ أَنشد أَبو حَنِيفَةَ فِي وَصْفِ قَوْسٍ:
حَنَّانةٌ مِنْ نَشَمٍ أَو تَوْلَبِ، ... تَضْبَحُ فِي الكَفِّ ضُباح الثَّعلبِ
قَالَ الأَزهري: قَالَ اللَّيْثَ الضُّباح، بِالضَّمِّ، صَوْتُ الثَّعَالِبِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
سَباريتُ يَخْلُو سَمْعُ مُجْتازِ رَكْبِها ... مِنَ الصوتِ، إِلا مِنْ ضُباحِ الثعالبِ
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الزُّبَيْرِ: قَاتَلَ اللهُ فُلَانًا ضَبَح ضَبْحَة الثَّعْلَبِ وقَبَعَ قَبْعةَ القُنْفُذِ
؛ قَالَ: والهامُ تَضْبَح أَيضاً ضُباحاً؛ وَمِنْهُ قَوْلُ العَجَّاج:
مِنْ ضابِحِ الهامِ وبُومٍ بَوَّام
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: لَا يَخْرُجَنَّ أَحدُكم إِلى ضَبْحةٍ بِلَيْلٍ
أَي صَيْحة يَسْمَعُهَا فَلَعَلَّهُ يُصِيبُهُ مَكْرُوهٌ، وَهُوَ مِنَ الضُّباحِ صَوْتُ الثَّعْلَبِ؛ وَيُرْوَى صَيْحَةً، بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتَهَا؛ وَفِي شِعْرِ أَبي طَالِبٍ:
فإِني والضَّوابحِ كلَّ يومٍ
جَمْعُ ضَابِحٍ. يُرِيدُ القَسَمَ بِمَنْ رَفَعَ صَوْتَهُ بِالْقِرَاءَةِ، وَهُوَ جَمْعٌ شَاذٌّ فِي صِفَةِ الْآدَمِيِّ كفَوارس. وضَبَحَ يَضْبَحُ ضَبْحاً وضُباحاً: نَبَحَ. والضُّباحُ: الصَّهيل. وضَبَحَت الخيلُ فِي عَدْوِها تَضْبَحُ ضَبْحاً: أَسْمَعَتْ مِنْ أَفواهها صَوْتًا لَيْسَ بِصَهِيلٍ وَلَا حَمْحَمَة؛ وَقِيلَ: تَضْبَحُ تَنْحِمُ، وَهُوَ صَوْتُ أَنفاسها إِذا عَدَوْنَ؛ قَالَ عَنْتَرَةُ:
والخيلُ تَعْلَمُ، حين تَضْبَحُ ... فِي حِياضِ الموتِ ضَبْحا «1»
وَقِيلَ: هُوَ سَيْرٌ، وَقِيلَ: هُوَ عَدْوٌ دُونَ التَّقْرِيبِ؛ وَفِي التَّنْزِيلِ: وَالْعادِياتِ ضَبْحاً
؛ كَانَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: هِيَ الْخَيْلُ تَضْبَحُ، وَكَانَ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ، يَقُولُ: هِيَ الإِبل؛ يَذْهَبُ إِلى وَقْعَةِ بَدْرٍ، وَقَالَ: مَا كَانَ مَعَنَا يَوْمَئِذٍ إِلَّا فَرَسٌ كَانَ عَلَيْهِ المِقْداد. والضَّبْح فِي الْخَيْلِ أَظهر عِنْدَ أَهل الْعِلْمِ؛
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا: مَا ضَبَحَتْ دَابَّةٌ قَطُّ إِلا كَلْبٌ أَو فَرَسٌ
؛ وَقَالَ بَعْضُ أَهل اللُّغَةِ: مِنَ جَعَلَهَا للإِبل جَعَلَ ضَبْحاً بِمَعْنَى ضَبْعاً؛ يُقَالُ: ضَبَحَت النَّاقَةُ فِي سَيْرِهَا وضَبَعَتْ إِذا مَدَّتْ ضَبْعَيها فِي السَّيْرِ؛ وَقَالَ أَبو إِسحاق: ضَبْحُ
__________
(1).
قوله [والخيل تعلم] كذا بالأَصل والصحاح. وأَنشده صاحب الكشاف؛ والخيل تكدح.

(2/523)


الْخَيْلِ صَوْتُ أَجوافها إِذا عَدَت؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: ضَبَحَتِ الخيلُ وضَبَعَتْ إِذا عَدَتْ، وَهُوَ السَّيْرُ؛ وَقَالَ فِي كِتَابِ الْخَيْلِ: هُوَ أَن يَمُدَّ الفرسُ ضَبْعَيْه إِذا عَدَا حَتَّى كأَنه عَلَى الأَرض طُولًا؛ يُقَالُ: ضَبَحَتْ وضَبَعَتْ؛ وأَنشد:
إِنَّ الجِيادَ الضَّابِحاتِ فِي العَدَدْ
وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ فِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: تَعِسَ عبدُ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ الَّذِي إِن أُعْطِيَ مَدَحَ وضَبَحَ، وإِن مُنع قَبَحَ وكَلَحَ، تَعِسَ فَلَا انْتَعَشَ وشِيكَ فَلَا انْتَقَش
؛ مَعْنَى ضَبَحَ: صَاحَ وَخَاصَمَ عَنْ مُعْطيه، وَهَذَا كَمَا يُقَالُ: فُلَانٌ يَنْبَحُ دُونَكَ، ذَهَبَ إِلى الِاسْتِعَارَةِ؛ وَقِيلَ: الضَّبْحُ الخَضِيعة تُسْمَعُ مِنْ جَوْفِ الْفَرَسِ؛ وَقِيلَ: الضَّبْحُ شدّةُ النَّفَس عِنْدَ العَدْو؛ وَقِيلَ: هُوَ الحَمْحَمة؛ وَقِيلَ: هُوَ كالبَحَحِ؛ وَقِيلَ: الضَّبْحُ فِي السَّيْرِ كالضَّبْعِ. وضُبَيْح ومَضْبوحٌ: اسْمَانِ.
ضحح: الضِّحُّ: الشَّمْسُ، وَقِيلَ: هُوَ ضَوْؤُهَا، وَقِيلَ: هُوَ ضَوْؤُهَا إِذا اسْتَمْكَنَ مِنَ الأَرض، وَقِيلَ: هُوَ قَرْنُها يُصِيبُكَ، وَقِيلَ: كلُّ مَا أَصابته الشَّمْسُ ضِحٌّ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا يَقْعُدَنَّ أَحدُكم بَيْنَ الضِّحِّ والظِّلِّ فإِنه مَقْعَدُ الشَّيْطَانِ
أَي نِصْفُهُ فِي الشَّمْسِ وَنِصْفُهُ فِي الظِّلِّ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ الحِرْباء:
غَدَا أَكْهَبَ الأَعلى وراحَ كأَنه، ... مِنَ الضِّحِّ واستقبالهِ الشمسَ، أَخْضَرُ
أَي وَاسْتِقْبَالِهِ عينَ الشَّمْسِ. الأَزهري: قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: الضِّحُّ نَقِيضُ الظِّلِّ، وَهُوَ نُورُ الشَّمْسِ الَّذِي فِي السَّمَاءِ عَلَى وَجْهِ الأَرض، وَالشَّمْسُ هُوَ النُّورُ الَّذِي فِي السَّمَاءِ يَطْلُعُ ويَغْرُب، وأَما ضَوْؤُهُ عَلَى الأَرض فضِحٌّ؛ قَالَ: وأَصله الضِّحْيُ فَاسْتَثْقَلُوا الْيَاءَ مَعَ سُكُونِ الْحَاءِ فَثَقَّلُوها، وَقَالُوا الضِّحُّ، قَالَ: وَمِثْلُهُ العبدُ القِنُّ أَصله قِنْيٌ، مِنَ القِنْيَةِ؛ وَمِنْ أَمثال الْعَرَبِ: جَاءَ بالضِّحِّ والرّيحِ. وضَحْضَحَ الأَمرُ إِذا تَبَيَّنَ؛ قَالَ الأَصمعي: هُوَ مثلُ الضَّحْضاح يَنْتَشِر عَلَى وَجْهِ الأَرض. وَرَوَى الأَزهري عَنْ أَبي الْهَيْثَمِ أَنه قَالَ: الضِّحُّ كَانَ فِي الأَصل الوِضْحُ، وَهُوَ نُورُ النِّهَارِ وضَوْءُ الشَّمْسِ، فَحُذِفَتِ الْوَاوُ وَزِيدَتْ حاءٌ مَعَ الْحَاءِ الأَصلية فَقِيلَ: الضِّحُّ؛ قَالَ الأَزهري: وَالصَّوَابُ أَن أَصله الضِّحْيُ مِن ضَحِيَتِ الشمسُ؛ قَالَ الأَزهري فِي كِتَابِهِ: وَكَذَلِكَ القِحَّةُ أَصلها الوِقْحَةُ فأُسقطت الْوَاوُ وبُدِّلت الْحَاءُ مَكَانَهَا فَصَارَتْ قِحَّة بحاءَين. وَجَاءَ فُلَانٌ بالضِّحِّ وَالرِّيحِ إِذا جَاءَ بِالْمَالِ الْكَثِيرِ؛ يعنون إِنما جَاءَ بِمَا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وجَرَت عَلَيْهِ الرِّيحُ يَعْنِي مِنَ الْكَثْرَةِ، وَمَنْ قَالَ: الضِّيح وَالرِّيحُ فِي هَذَا الْمَعْنَى فَلَيْسَ بِشَيْءٍ وَقَدْ أَخطأَ عِنْدَ أَكثر أَهل اللُّغَةِ، وإِنما قُلْنَا عِنْدَ أَكثر أَهل اللُّغَةِ لأَن أَبا زَيْدٍ قَدْ حَكَاهُ، وإِنما الضِّيحُ عِنْدَ أَهل اللُّغَةِ لُغَةٌ فِي الضِّحِّ الَّذِي هُوَ الضَّوْءُ وَسَيُذْكَرُ؛ وَفِي حَدِيثِ
أَبي خَيْثَمة: يَكُونُ رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي الضِّحِّ وَالرِّيحِ وأَنا فِي الظِّلِ
أَي يَكُونُ بَارِزًا لِحَرِّ الشَّمْسِ وَهُبُوبِ الرِّيَاحِ؛ قَالَ: والضِّحُّ ضَوْءُ الشَّمْسِ إِذا اسْتَمْكَنَ مِنَ الأَرض، وَهُوَ كالقَمْراء لِلْقَمَرِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا هُوَ أَصل الْحَدِيثِ وَمَعْنَاهُ، وَذَكَرَ الْهَرَوِيُّ فَقَالَ: أَراد كَثْرَةَ الْخَيْلِ وَالْجَيْشِ؛ ابْنُ الأَعرابي: الضِّحُّ مَا ضَحا لِلشَّمْسِ، والريحُ مَا نَالَتْهُ الريحُ. وَقَالَ الأَصمعي: الضِّحُّ الشَّمْسُ بِعَيْنِهَا؛ وأَنشد:
أَبيَض أَبْرَزَه للضِّحِّ راقِبُه، ... مُقَلَّد قُضُبَ الرَّيْحانِ مَفْغُوم
وَفِي حَدِيثِ
عَيَّاش بْنِ أَبي رَبِيعَةَ: لَمَّا هَاجَرَ أَقْسَمَتْ

(2/524)


أُمُّه بِالِلَّهِ لَا يُظِلُّها ظِلٌّ وَلَا تَزَالُ فِي الضِّحِّ وَالرِّيحِ حَتَّى يَرْجِعَ إِليها
؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
لَوْ مَاتَ كَعْبٌ عَنِ الضِّحِّ والريحِ لَوَرِثَه الزُّبَيْرُ
؛ أَراد: لَوْ مَاتَ عَمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَجَرَتْ عَلَيْهِ الرِّيحُ، كَنَى بِهِمَا عَنْ كَثْرَةِ الْمَالِ؛ وَكَانَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَدْ آخَى بَيْنَ الزُّبَيْرِ وَبَيْنَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَيُرْوَى عَنِ الضِّيح وَالرِّيحِ. والضِّحُّ: مَا بَرَزَ مِنَ الأَرض لِلشَّمْسِ. والضِّحُّ: البَراز الظاهرُ مِنَ الأَرض، وَلَا جَمْعَ لِكُلِّ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ. والضَّحْضَحُ والضَّحْضاحُ: الْمَاءُ الْقَلِيلُ يَكُونُ فِي الْغَدِيرِ وَغَيْرِهِ، والضَّحْلُ مِثْلُهُ، وَكَذَلِكَ المُتَضَحْضِحُ؛ وأَنشد شِمْرٌ لِسَاعِدَةَ بْنِ جُؤَيَّة:
واسْتَدْبَرُوا كلَّ ضَحْضاحٍ مُدَفِّئَةٍ، ... والمُحْصَناتِ وأَوزاعاً مِنَ الصِّرَمِ «1»
وَقِيلَ: هُوَ الْمَاءُ الْيَسِيرُ؛ وَقِيلَ: هُوَ مَا لَا غَرَقَ فِيهِ وَلَا لَهُ غَمْرٌ؛ وَقِيلَ: هُوَ الماءُ إِلى الْكَعْبَيْنِ إِلى أَنصاف السُّوقِ؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
يَحُشُّ رَعْداً كَهَدْرِ الفَحْلِ، يَتْبَعُه ... أُدْمٌ، تَعَطَّفُ حَوْلَ الفَحلِ، ضَحْضاحُ
قَالَ خَالِدُ بْنُ كُلْثوم: ضَحْضاحٌ فِي لُغَةِ هُذَيْلٍ كَثِيرٌ لَا يَعْرِفُهَا غَيْرُهُمْ؛ يُقَالُ: عِنْدَهُ إِبل ضَحْضاحٌ، قَالَ الأَصمعي: غَنَمٌ ضَحْضَاحٌ وإِبلٌ ضَحْضاحٌ كَثِيرَةٌ؛ وَقَالَ الأَصمعي: هِيَ الْمُنْتَشِرَةُ عَلَى وَجْهِ الأَرض؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
تُرَى بُيوتٌ، وتُرَى رِماحُ، ... وغَنَمٌ مُزَنَّمٌ ضَحْضاحُ
قَالَ: الأَصمعي: هُوَ الْقَلِيلُ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وأَراد هُنَا جَمَاعَةَ إِبل قَلِيلَةٍ. وَقَدْ تَضَحْضَحَ الماءُ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبل:
وأَظْهَر فِي عِلانِ رَقْدٍ، وسَيْلُه ... عَلاجِيمُ، لَا ضَحْلٌ وَلَا مُتَضَحْضِحُ «2»
وَمَاءٌ ضَحْضاحٌ أَي قَرِيبُ الْقَعْرِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي المِنْهال: فِي النَّارِ أَوديةٌ فِي ضَحْضاح
؛ شَبَّه قِلَّةَ النَّارِ بالضَّحْضاحِ مِنَ الْمَاءِ فَاسْتَعَارَهُ فِيهِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الَّذِي يُرْوَى فِي أَبي طَالِبٍ:
وَجَدْتُهُ فِي غَمَرَاتٍ مِنَ النَّارِ فأَخْرَجْتُه إِلى ضَحْضاحٍ
؛ وَفِي رِوَايَةٍ:
إِنه فِي ضَحْضاحٍ مِنْ نَارٍ يَغْلي مِنْهُ دِماغُه.
والضَّحْضاحُ فِي الأَصل: مَا رَقَّ مِنَ الْمَاءُ عَلَى وَجْهِ الأَرض مَا يَبْلُغُ الْكَعْبَيْنِ وَاسْتَعَارَهُ لِلنَّارِ. والضَّحْضَحُ والضَّحْضَحةُ والتَّضَحْضُحُ: جَرْيُ السَّراب. وضَحْضَحَ السَّراب وتَضَحْضَحَ إِذا تَرَقْرَقَ.
ضرح: الضَّرْحُ: التنحيةُ. وَقَدْ ضَرَحَه أَي نَحَّاهُ وَدَفَعَهُ، فَهُوَ مُضْطَرحٌ أَي رَمَى بِهِ فِي نَاحِيَةٍ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فَلَمَّا أَن أَتَيْنَ عَلَى أُضاخٍ، ... ضَرَحْنَ حَصاه أَشْتاتاً عِزِينا
وضَرَحَ عَنْهُ شَهَادَةَ الْقَوْمِ يَضْرَحُها ضَرْحاً: جَرَّحَها وأَلقاها عَنْهُ لِئَلَّا يَشْهَدُوا عَلَيْهِ بِبَاطِلٍ. والضَّرْحُ: أَن يُؤْخَذَ شَيْءٌ فَيُرْمَى بِهِ فِي نَاحِيَةٍ؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:
تَعْلُو السيوفُ بأَيديهم جَماجِمَهُمْ، ... كَمَا يُفَلِّقُ مَرْوَ الأَمْعَزِ الضَّرَحُ
أَراد الضَّرْح، فحرك للضرورة.
__________
(1).
قوله [واستدبروا] أي استاقوا. والضحضاح: الإِبل الكثيرة. والمدفئة ذات الدفء. والأَوزاع: الضروب المتفرقة، كما فسره صاحب الأَساس. والصرم جمع صرمة: القطعة من الإِبل نحو الثلاثين. فحينئذ حق البيت أن ينشد عند قوله الآتي قريباً وإِبل ضحضاح كثيرة.
(2).
قوله [وأَظهر في علان إلخ] أَي نزل السحاب في هذا المكان وقت الظهر.

(2/525)


واضْطَرَحُوا فُلَانًا: رَمَوْه فِي نَاحِيَةٍ، وَالْعَامَّةُ تَقُولُ: اطَّرَحُوه، يَظُنُّونَهُ مِنَ الطَّرْح، وإِنما هُوَ مِنَ الضَّرْح. قَالَ الأَزهري: وَجَائِزٌ أَن يَكُونَ اطَّرَحُوه افْتِعَالًا مِنَ الطَّرْح، قُلِبَتِ التَّاءُ طَاءً ثُمَّ أُدغمت الضَّادُ فِيهَا فَقِيلَ اطَّرَحَ. قَالَ المُؤَرِّجُ: وَفُلَانٌ ضَرَحٌ مِنَ الرِّجَالِ أَي فَاسِدٌ. وأَضْرَحْتُ فُلَانًا أَي أَفسدته. وأَضْرَحَ فلانٌ السُّوقَ حَتَّى ضَرَحَتْ ضُرُوحاً وضَرْحاً أَي أَكْسَدَها حَتَّى كَسَدَتْ. وقوسٌ ضَرُوحٌ: شَدِيدَةُ الحَفْزِ وَالدَّفْعِ لِلسَّهْمِ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. والضَّرُوحُ: الْفَرَسُ النَّفُوحُ بِرِجْلِهِ، وَفِيهَا ضِراحٌ، بِالْكَسْرِ. وضَرَحَتِ الدَّابَّةُ «1» بِرِجْلِهَا تَضْرَحُ ضَرْحاً وضِراحاً، الأَخيرة عَنْ سِيبَوَيْهِ، فَهِيَ ضَرُوحٌ؛ رَمَحَتْ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
وَفِي الدَّهاسِ مِضْبَرٌ ضَرُوحُ
وَقِيلَ: ضَرْحُ الْخَيْلِ بأَيديها ورَمْحُها بأَرجُلها. والضَّرْحُ والضَّرْجُ، بِالْحَاءِ وَالْجِيمِ: الشَّقُّ. وَقَدِ انْضَرَحَ الشيءُ وانْضَرَجَ إِذا انْشَقَّ. وَكُلُّ مَا شُقَّ، فَقَدْ ضُرِحَ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
ضَرَحْنَ البُرودَ عن تَرائِبِ حُرَّةٍ، ... وَعَنْ أَعْيُنٍ قَتَّلْنَنا كلَّ مَقْتَلِ
وَقَالَ الأَزهري: قَالَ أَبو عَمْرٍو فِي هَذَا الْبَيْتِ: ضَرَحْنَ البُرود أَي أَلقَين، وَمَنْ رَوَاهُ بِالْجِيمِ فَمَعْنَاهُ شَقَقْنَ، وَفِي ذَلِكَ تَغَايُرٌ. والضَّرِيحُ: الشَّقُّ فِي وَسَطِ الْقَبْرِ، واللحدُ فِي الْجَانِبِ؛ وَقَالَ الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ لحد: وَالضَّرِيحُ والضَّرِيحةُ مَا كَانَ فِي وَسَطِهِ، يَعْنِي الْقَبْرَ؛ وَقِيلَ: الضَّرِيحُ الْقَبْرُ كلُّه؛ وَقِيلَ: هُوَ قَبْرٌ بِلَا لَحْدٍ. والضَّرْحُ: حَفْرُكَ الضَّرِيحَ لِلْمَيِّتِ. وضَرَحَ الضَّرِيحَ لِلْمَيِّتِ يَضْرَحُه ضَرْحاً: حَفَرَ لَهُ ضَرِيحاً؛ قَالَ الأَزهري: سُمِّيَ ضَرِيحًا لأَنه يُشَقُّ فِي الأَرض شَقًّا. وَفِي حَدِيثِ دَفْنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
نُرْسِلُ إِلى اللَّاحِدِ وَالضَّارِحِ فأَيُّهما سَبَقَ تَرَكْنَاهُ
؛ وَفِي حَدِيثِ
سَطِيح: أَوْفَى عَلَى الضَّرِيح.
وَرَجُلٌ ضَريح: بَعِيدٌ، فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
عَصاني الفُؤادُ فأَسْلَمْتُهُ، ... وَلَمْ أَكُ مِمَّا عَناهُ ضَرِيحا
وَقَدْ ضَرَحَ: تَبَاعَدَ. وانضَرَحَ مَا بَيْنَ الْقَوْمِ: مِثْلُ انْضَرَجَ إِذا تَبَاعَدَ مَا بَيْنَهُمْ، وأَضرحه عَنْكَ أَي أَبعده. وَبَيْنِي وَبَيْنَهُمْ ضَرْحٌ أَي تباعُد ووحْشة. وضارَحْته ورامَيْته وسابَبْته وَاحِدٌ. وَقَالَ عَرَّام: نِيَّةٌ ضَرَحٌ وطَرَحٌ أَي بَعِيدَةٌ؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: ضَرَحَه وطَرَحه بِمَعْنًى وَاحِدٍ؛ وَقِيلَ: نِيَّةٌ نَزَحٌ ونَفَحٌ وطَوَحٌ وضَرَحٌ ومَصَحٌ وطَمَحٌ وطَرَحٌ أَي بَعِيدَةٌ؛ وأَحال ذَلِكَ عَلَى نَوَادِرِ الأَعراب. والانْضِراحُ: الِاتِّسَاعُ. والمَضْرَحِيُّ مِنَ الصُّقور: مَا طَالَ جَنَاحَاهُ وَهُوَ كَرِيمٌ؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: المَضْرَحِيُّ النَّسْرُ وَبِجَنَاحَيْهِ شِبْهُ طَرَفِ ذَنَبِ النَّاقَةِ وَمَا عَلَيْهِ مِنَ الهُلْبِ؛ قَالَ طَرَفَةُ:
كأَنَّ جَناحَيْ مَضْرَحِيٍّ تَكَنَّفا ... حِفافَيْهِ، شُكَّا فِي العَسِيبِ بِمِسْرَدِ
شبَّه ذَنَبَ النَّاقَةِ فِي طُولِهِ وضُفُوِّه بِجَنَاحَيِ الصَّقْرِ؛ وَقَدْ يُقَالُ لِلصَّقْرِ مَضْرَحٌ، بِغَيْرِ يَاءٍ؛ قَالَ:
كالرَّعْنِ وَافَاهُ القَطامُ المَضْرَحُ
والأَكثر المَضْرَحِيُّ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الأَجْدَلُ
__________
(1).
قوله [وضرحت الدابة إلخ] بابه منع وكتب كما في القاموس.

(2/526)


والمَضْرَحِيُّ والصَّقْرُ والقَطَامِيُّ واحِدٌ. والمَضْرَحِيُّ: الرَّجُلُ السَّيِّدُ السَّرِيُّ الْكَرِيمُ؛ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَكَمِ يَمْدَحُ مُعَاوِيَةَ:
بأَبْيَضَ مِنْ أُمَيَّةَ مَضْرَحِيٍّ، ... كأَنَّ جَبِينَه سَيْفٌ صَنِيعُ
وَمِنْ هَذِهِ الْقَصِيدَةِ:
أَتَتْكَ العِيسُ تَنْفَحُ فِي بُراها، ... تَكَشَّفُ عَنْ مَنَاكِبِهَا القُطُوعُ
وَرَجُلٌ مَضْرَحِيٌّ: عتيقُ النِّجارِ. والمَضْرَحِيُّ أَيضاً: الأَبيض مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. والمَضارِحُ: مَوَاضِعُ مَعْرُوفَةٌ. والضُّراحُ، بِالضَّمِّ: بَيْتٌ فِي السَّمَاءِ مُقابِلُ الْكَعْبَةِ فِي الأَرض؛ قِيلَ: هُوَ الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ؛ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
الضُّراحُ بَيْتٌ فِي السَّمَاءِ حِيالَ الْكَعْبَةِ
؛ وَيُرْوَى الضَّرِيح، وَهُوَ الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ مِنَ المُضارَحة، وَهِيَ الْمُقَابَلَةُ والمُضارَعة، وَقَدْ جَاءَ ذِكْرُهُ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ وَمُجَاهِدٍ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَمَنْ رَوَاهُ بِالصَّادِ فَقَدْ صحَّف. وضَراحٌ ومُضَرِّحٌ وضارِحٌ وضُرَيْحٌ ومَضْرَحِيٌّ: كُلُّهَا أَسماء.
ضيح: الضَّيْحُ والضَّيَاحُ: اللَّبَنُ الرَّقِيقُ الْكَثِيرُ الْمَاءِ؛ قَالَ خَالِدُ بْنُ مَالِكٍ الْهُذَلِيُّ:
يَظَلُّ المُصْرِمُونَ لَهُمْ سُجُوداً، ... وَلَوْ لَمْ يُسْقَ عندهُمُ ضَياحُ
وَفِي التَّهْذِيبِ: الضَّياحُ اللَّبَنُ الْخَاثِرُ يُصَبُّ فِيهِ الْمَاءُ ثُمَّ يُجَدَّحُ. وَقَدْ ضاحَه ضَيْحاً وضَيَّحه تَضْييحاً: مَزَجَهُ حَتَّى صَارَ ضَيْحاً؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: ضِحْتُه مُماتٌ وَكُلُّ دَوَاءٍ أَو سَمٍّ يُصَبّ فِيهِ الْمَاءُ ثُمَّ يُجَدَّح ضَياحٌ ومُضَيَّحٌ وَقَدْ تَضَيَّح. وضَيَّحْتُ الرجلَ: سقيتُه الضَّيْحَ؛ وَيُقَالُ: ضَيَّحْتُه فتَضَيَّحَ؛ الأَزهري عَنِ اللَّيْثِ: وَلَا يُسَمَّى ضَيَاحاً إِلا اللَّبَنُ. وتَضَيُّحه: تَزَيُّده. قَالَ: والضَّياحُ والضَّيْح عِنْدَ الْعَرَبِ أَن يُصَبَّ الماءُ عَلَى اللَّبَنِ حَتَّى يَرِقَّ، سَوَاءٌ كَانَ اللَّبَنُ حَلِيبًا أَو رَائِبًا؛ قَالَ: وَسَمِعْتُ أَعرابيّاً يَقُولُ: ضَوِّحْ لِي لُبَيْنَةً، وَلَمْ يَقُلْ ضَيِّحْ، قَالَ: وَهَذَا مِمَّا أَعلمتك أَنهم يُدْخِلُون أَحدَ حَرْفَي اللِّين عَلَى الْآخَرِ، كَمَا يُقَالُ حَيَّضَه وحَوَّضَه وتَوَّهَه وتَيَّهَه. الأَصمعي: إِذا كَثُرَ الْمَاءُ فِي اللَّبَنِ، فَهُوَ الضَّيْح والضيَّاحُ؛ وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: قَدْ ضَيَّحه مِنَ الضَّياحِ. وَفِي حَدِيثِ
عَمَّار؛ إِن آخِرَ شَرْبةٍ تَشْرَبُها ضَياحٌ
؛ الضَّيَاحُ والضَّيْحُ، بِالْفَتْحِ: اللَّبَنُ الْخَاثِرُ يُصَبُّ فِيهِ الْمَاءُ ثُمَّ يُخْلَطُ، رَوَاهُ يَوْمَ قُتِلَ بصِفِّينَ وَقَدْ جِيءَ بِلَبَنٍ فَشَرِبَهُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فسَقَتْه ضَيْحةً حامِضةً
أَي شَرْبَةً مِنَ الضَّيْح. وَجَاءَ بالريحِ والضِّيح؛ عَنْ أَبي زَيْدٍ؛ الضِّيح إِتباع للريحِ فإِذا أُفرد لَمْ يَكُنْ لَهُ مَعْنًى؛ وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: الْعَامَّةُ تَقُولُ جَاءَ بالضِّيح وَالرِّيحِ وَهَذَا مَا لَا يُعرف؛ وَقَالَ اللَّيْثُ: الضِّيح تَقْوِيَةٌ لِلَفْظِ الرِّيحِ؛ قَالَ الأَزهري: وَغَيْرُهُ لَا يُجِيز الضِّيح؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: مَعْنَى الضِّيح الشمسُ أَي إِنما جَاءَ بِمِثْلِ الشَّمْسِ وَالرِّيحِ فِي الْكَثْرَةِ؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الْعَامَّةُ تَقُولُ جَاءَ بالضِّيح وَالرِّيحِ وَلَيْسَ الضِّيحُ بِشَيْءٍ؛ وَفِي حَدِيثِ
كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ: لَوْ مَاتَ يَوْمَئِذٍ عَنِ الضِّيحِ وَالرِّيحِ لوَرِثه الزُّبير
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ، وَالْمَشْهُورُ الضِّحُّ، وَهُوَ ضَوْءُ الشَّمْسِ، قَالَ: وإِن صَحَّتِ الرِّوَايَةُ، فَهُوَ مَقْلُوبٌ مِنْ ضُحَى الشَّمْسِ، وَهُوَ إِشراقها؛ وَقِيلَ: الضِّيحُ قَرِيبٌ مِنَ الرِّيحِ.

(2/527)


وضاحَتِ البلادُ: خَلَتْ؛ وَفِي دُعَاءِ الِاسْتِسْقَاءِ:
اللَّهُمَّ ضَاحَتْ بلادُنا
أَي خَلَتْ جَدْباً. والمُتَضَيِّحُ: الَّذِي يَجِيءُ آخِرَ النَّاسِ فِي الوِرْدِ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ لَمْ يَقْبَلِ العُذْرَ مِمَّنْ تَنَصَّل إِليه، صَادِقًا كَانَ أَو كَاذِبًا، لَمْ يَرِدْ عَليَّ الحَوْضَ إِلا مُتَضَيِّحاً
؛ التَّفْسِيرُ لأَبي الْهَيْثَمِ حَكَاهُ الْهَرَوِيُّ فِي الْغَرِيبَيْنِ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَثير: مَعْنَاهُ أَي متأَخراً عَنِ الْوَارِدِينَ يَجِيءُ بَعْدَ مَا شَرِبُوا مَاءَ الْحَوْضِ إِلا أَقله، فَيَبْقَى كَدَرًا مُخْتَلِطًا بِغَيْرِهِ كَاللَّبَنِ الْمَخْلُوطِ بِالْمَاءِ؛ وأَنشد شَمِرٌ:
قَدْ علمتْ يَوْمَ وَرَدْنا سَيْحا، ... أَني كَفَيْتُ أَخَوَيْها المَيْحا،
فامْتَحَضا وسَقَّياني ضَيْحا
والمُتَضَيِّحُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ تَوْبَةُ: تَرَبَّعَ لَيْلِي بالمُضَيَّحِ فالحِمَى

فصل الطاء
طبح: المُطَبَّحُ، بِشَدِّ الْبَاءِ وَفَتْحِهَا: السَّمِينُ؛ عَنْ كُرَاعٍ.
طحح: الطَّحُّ: البَسْطُ. طَحَّه يَطُحُّه طَحًّا إِذا بَسَطَهُ فانْطَحَّ؛ قَالَ:
قَدْ رَكِبَتْ مُنْبَسِطاً مُنْطَحَّا، ... تَحْسَبُه تحتَ السَّرابِ المِلْحا
يَصِفُ خَرْقاً قَدْ عَلَاهُ السَّرَابُ. والطَّحُّ أَيضاً: أَن تَضَعَ عَقِبَك عَلَى شَيْءٍ ثُمَّ تَسْحَجَه؛ قَالَ الْكِسَائِيُّ: طَحَّانُ فَعْلانُ مِنَ الطَّحِّ، مُلْحَقٌ بِبَابِ فَعْلانَ وفَعْلى، وَهُوَ السَّحْجُ. ابْنُ الأَعرابي: الطُّحُحُ المَساحِجُ، والمِطَحَّة مِنَ الشَّاةِ مُؤَخَّرُ ظِلْفها، وَتَحْتَ الظِّلْف فِي مَوْضِعِ المِطَحَّةِ عُظَيم كالفَلَكَةِ؛ وَقَالَ أَحمد بْنُ يَحْيَى: يُقَالُ لهَنَةٍ مِثْلِ الفَلَكَةِ تَكُونُ فِي رِجْل الشَّاةِ تَسْحَجُ بِهَا: المِطَحَّةُ. وطَحْطَحَ الشيءَ فتَطَحْطَحَ: فَرَّقَهُ وَكَسَرَهُ إِهلاكاً. وطَحْطَحَ بِهِمْ طَحْطَحَةً وطِحْطاحاً، بِكَسْرِ الطَّاءِ، إِذا بَدَّدهم. اللَّيْثُ: الطَّحْطَحةُ تَفْرِيقُ الشَّيْءِ إِهلاكاً؛ وأَنشد:
فتُمْسِي نابِذاً سُلْطانَ قَسْرٍ، ... كضَوْءِ الشمسِ طَحْطَحه الغُرُوبُ
وَيُرْوَى طَخْطَخَهُ، بِالْخَاءِ؛ وَقَالَ رُؤْبَةُ:
طَحْطَحه آذِيُّ بَحْرٍ مِتْأَقِ
وَرَوَى أَبو الْعَبَّاسِ عَنِ عَمْرٍو عَنْ أَبيه قَالَ: يُقَالُ طَحْطَحَ فِي ضَحِكه وطَخْطَخَ وطَهْطَهَ وكَتْكَتَ وكَدْكَدَ وكَرْكَرَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَجَاءَنَا وَمَا عَلَيْهِ طِحْطِحةٌ: كَمَا تَقُولُ طِحْرِيَةٌ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. أَبو زَيْدٍ: مَا عَلَى رأْسه طِحْطِحة أَي مَا عليه شعرة.
طرح: ابْنُ سِيدَهْ: طَرَحَ بِالشَّيْءِ وطَرَحَه يَطْرَحُه طَرْحاً واطَّرَحَه وطَرَّحه: رَمَى بِهِ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
تَنَحَّ يَا عَسِيفُ عَنْ مَقامِها، ... وطَرِّح الدَّلْوَ إِلى غُلامِها
الأَزهري: والطِّرْحُ الشَّيْءُ المطروحُ لَا حَاجَةَ لأَحد فِيهِ. الْجَوْهَرِيُّ: وطَرَّحَه تَطْريحاً إِذا أَكثر مِنْ طَرْحه. وَيُقَالُ: اطَّرَحَه أَي أَبعده، وَهُوَ افْتَعله؛ وَشَيْءٌ طَريح وطُرَّحٌ: مَطْرُوحٌ. وطَرَحَ عَلَيْهِ مسأَلةً: أَلقاها، وَهُوَ مِثْلُ مَا تَقَدَّمَ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأُراه مولَّداً. والأُطْرُوحةُ: المسأَلة تَطْرَحُها. والطَّرَحُ، بِالتَّحْرِيكِ: البُعْدُ والمكانُ الْبَعِيدُ؛

(2/528)


قَالَ الأَعشى:
تَبْتَنِي الحمدَ وتَسْمُو للعُلى، ... وتُرَى نارُكَ مِنْ ناءٍ طَرَحْ
والطَّرُوحُ مِنَ الْبِلَادِ: البعيدُ. وَبَلَدٌ طَرُوحٌ: بَعِيدٌ. وطَرَحَتِ النَّوَى بِفُلَانٍ كلَّ مَطْرَح إِذا نأَتْ بِهِ. وطَرَحَ بِهِ الدهرُ كلَّ مَطْرَح إِذا نأَى عَنْ أَهله وَعَشِيرَتِهِ. ونِيَّةٌ طَرُوحٌ: بَعِيدَةٌ وَفِي التَّهْذِيبِ: نِيَّة طَرَحٌ أَي بَعِيدَةٌ. وَقَوْسٌ طَرُوحٌ مِثْلُ ضَرُوحٍ: شَدِيدَةُ الحَفْزِ لِلسَّهْمِ؛ وَقِيلَ: قَوْسٌ طَرُوحٌ بعيدةُ مَوْقِع السَّهْمِ يَبْعُد ذهابُ سَهْمِهَا؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هِيَ أَبعد القِياسِ مَوْقِعَ سَهْمٍ؛ قَالَ: تَقُولُ طَروحٌ مَرُوح، تُعَجِّلُ الظَّبْيَ أَن يَرُوح؛ وأَنشد:
وسِتِّينَ سَهْمًا صِيغةً يَثْرَبِيَّةً، ... وقَوْساً طَروحَ النَّبْلِ غيرَ لَباثِ
وسيأْتي ذِكْرُ المَرُوح. وَنَخْلَةٌ طَرُوحٌ: بَعِيدَةُ الأَعلى مِنَ الأَسفل، وَقِيلَ: طَوِيلَةُ العَراجين، وَالْجَمْعُ طُرُحٌ. وطَرْفٌ مِطْرَح: بَعِيدُ النَّظَرِ. وَفَحْلٌ مِطْرَحٌ: بَعِيدُ مَوْقِعِ الْمَاءِ فِي الرَّحِم. الأَزهري عَنِ اللِّحْيَانِيِّ قَالَ: قَالَتِ امرأَة مِنَ الْعَرَبِ: إِن زَوْجِي لَطَرُوح؛ أَرادت أَنه إِذا جَامَعَ أَحبل. ورُمْح مِطْرَحٌ: بَعِيدٌ طَوِيلٌ. وسَنامٌ إِطْرِيح: طَالَ ثُمَّ مَالَ فِي أَحد شِقَّيْهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ تِلْكَ الأَعرابية: شَجَرَةٌ أَبي الإِسْلِيح رَغْوةٌ وصَريح وسَنامٌ إِطْريح؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ، وَهُوَ الَّذِي ذَهَبَ طَرْحاً، بِسُكُونِ الرَّاءِ، وَلَمْ يُفَسِّرْهُ، وأَظنه طَرَحاً أَي بُعْداً لأَنه إِذا طَالَ تَبَاعَدَ أَعلاه مِنْ مَرْكَزِهِ. ابْنُ الأَعرابي: طَرِحَ الرجلُ إِذا سَاءَ خُلُقُه وطَرِحَ إِذا تَنَعَّمَ تَنَعُّماً وَاسِعًا. وطَرَّحَ الشيءَ: طَوّله، وَقِيلَ: رَفَعه وأَعلاه، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الْبِنَاءَ فَقَالَ: طَرَّح بِنَاءَهُ تَطْريحاً طوَّله جِدًّا؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَكَذَلِكَ طَرْمَح، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ. والتَّطْريح: بُعْدُ قَدْرِ الْفَرَسِ فِي الأَرض إِذا عَدَا. ومَشَى مُتَطَرِّحاً أَي مُتَسَاقِطًا؛ وَقَدْ سَمَّت مُطَرَّحاً وطَرَّاحاً وطُرَيحاً. وسَيْرٌ طُراحِيٌّ، بِالضَّمِّ، أَي بَعِيدٌ، وَقِيلَ: شَدِيدٌ؛ وأَنشد الأَزهري لمُزاحِم العُقَيْليِّ:
بسَيْرٍ طُراحِيٍّ تَرَى، مِنْ نَجائه، ... جُلُودَ المَهارَى، بالنَّدَى الجَوْنِ، تَنْبَعُ [تَنْبِعُ]
ومُطارَحة الْكَلَامِ مَعْرُوفٌ.
طرشح: الطَّرْشحةُ: استرخاءٌ؛ وقَد طَرْشَح، وَضَرَبَهُ حَتَّى طَرْشَحه؛ قَالَ أَبو زَيْدٍ: هَذَا الْحَرْفُ فِي كِتَابِ الجَمْهَرة لِابْنِ دُرَيْدٍ مَعَ غَيْرِهِ، وَمَا وَجَدْتُهُ لأَحد مِنَ الثِّقَاتِ، وَيَنْبَغِي لِلنَّاظِرِ أَن يَفْحَصَ عَنْهُ فَمَا وَجَدَهُ لإِمام مَوْثُوقٍ بِهِ أَلحقه بِالرُّبَاعِيِّ، وَمَا لَمْ يَجِدْهُ لِثِقَةٍ كَانَ مِنْهُ عَلَى رِيبة وحَذَرٍ.
طرمح: طَرْمَح البناءَ وَغَيْرَهُ: عَلَّاه وَرَفَعَهُ، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ؛ وَقَالَ يَصِفُ إِبلًا مَلأَها شَحْمًا عُشْبُ أَرض نَبَتَ بنَوْءِ الأَسَد:
طَرْمَحَ أَقْطارَها أَحْوَى لوالِدةٍ ... صَحْماءَ، والفَحْلُ للضِّرْغامِ يَنْتَسبُ
وَمِنْهُ سُمِّيَ الطِّرِمَّاح بنُ حَكِيمٍ الشَّاعِرُ؛ وسُمِّيَ الطِّرِمَّاحُ فِي بَنِي فُلَانٍ إِذا كَانَ عاليَ الذِّكْرِ وَالنَّسَبِ. أَبو زَيْدٍ يُقَالُ: إِنَّكَ لَطِرِمَّاح وإِنهما لَطرِمَّاحانِ، وَذَاكَ إِذا طَمَحَ فِي الأَمر. والطِّرِمَّاحُ: المرتفِع، وَهُوَ أَيضاً الطَّوِيلُ لَا يَكَادُ يُوجَدُ فِي الْكَلَامِ عَلَى مِثَالِ فِعِلَّالٍ إِلا هَذَا، وقولُهم: السِّجِلَّاط لِضَرْبٍ مِنَ

(2/529)


النَّبَاتِ؛ وَقِيلَ: هُوَ بِالرُّومِيَّةِ سِجِلَّاطُسْ، وَقَالُوا سِنِمَّار، وَهُوَ أَعجمي أَيضاً. والطِّرِمَّاحُ: الرَّافِعُ رأْسه زَهْواً؛ عَنْ أَبي العَمَيْثَلِ الأَعرابي. والطِّرِمَّاحُ والطُّرْمُوح: الطَّوِيلُ. والطُّرْحُومُ: نَحْوَ الطُّرْمُوحِ، قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: أَحسبه مقلوباً.
طفح: طَفَحَ الإِناءُ وَالنَّهْرُ يَطْفَحُ طَفْحاً وطُفُوحاً: امْتَلأَ وَارْتَفَعَ حَتَّى يَفِيضَ. وطَفَحه طَفْحاً وطَفَّحَه تَطْفِيحاً وأَطْفَحَه: مَلأَه حَتَّى ارْتَفَعَ. وطَفَحَ عَقْلُه: ارْتَفَعَ. ورأَيته طافِحاً أَي مُمْتَلِئًا. الأَزهري عَنْ أَبي عُبَيْدَةَ: الطافِحُ والدِّهاقُ والمَلآنُ وَاحِدٌ. قَالَ: والطافِحُ الْمُمْتَلِئُ الْمُرْتَفِعُ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلسَّكْرَانِ: طافِحٌ أَي أَن الشَّرَابَ قَدْ مَلأَه حَتَّى ارْتَفَعَ؛ وَمِنْهُ سَكرانُ طافِحٌ؛ وَيُقَالُ: طَفَحَ السَّكْرانُ فَهُوَ طافِحٌ؛ أَي مَلأَه الشرابُ؛ الأَزهري: يُقَالُ لِلَّذِي يَشْرَبُ الْخَمْرَ حَتَّى يَمْتَلِئَ سُكْراً: طافِحٌ. والطُّفاحَةُ: زَبَدُ القِدْرِ. وكلُّ مَا عَلَا: طُفاحةٌ كَزَبَدِ القِدْرِ وَمَا عَلَا مِنْهَا. واطَّفَحَ الطُّفاحةَ عَلَى وَزْنِ افْتَعَلَ: أَخذها؛ وأَنشد:
أَتَتْكُمُ الجَوْفاءُ جَوْعَى تَطَّفِحْ، ... طُفاحةَ الإِثْرِ، وطَوْراً تَجْتَدِحْ
وَقَالَ غَيْرُهُ: طُفَّاحةُ الْقَوَائِمِ «2» أَي سَرِيعَتُهَا؛ وَقَالَ ابْنُ أَحمر: طُفَّاحةُ الرِّجلَين مَيْلَعةٌ، سُرُحُ المِلاطِ، بعيدةُ القَدْرِ الأَصمعي: الطافِحُ الَّذِي يَعْدُو. وَقَدْ طَفَحَ يَطْفَحُ إِذا عَدا؛ وَقَالَ المُتَنَخِّلُ يَصِفُ الْمُنْهَزِمِينَ:
كَانُوا نَعائِمَ حَفَّانٍ مُنَفَّرةً، ... مُعْطَ الحُلُوقِ، إِذا مَا أُدْرِكُوا طَفَحُوا
أَي ذَهَبُوا فِي الأَرض يَعْدُونَ. وَالرِّيحُ تَطْفَحُ القُطْنَة: تَسْطَعُ بِهَا؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
مُمَزَّقاً فِي الرِّيح أَو مَطْفُوحا
واطْفَحْ عَني أَي اذهبْ عَنِّي. الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ طَحَفَ: وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ قَالَ كَذَا وَكَذَا غُفِرَ لَهُ، وإِن كَانَ عَلَيْهِ طِفاحُ الأَرض ذُنُوبًا
؛ وَهُوَ أَن تمتلئَ حَتَّى تَطْفَحَ أَي تَفيض؛ قَالَ: وَمِنْهُ أُخِذَ طُفاحةُ القِدر. وَيُقَالُ لِمَا تؤْخذ بِهِ الطُّفاحة: مِطْفَحة، وَهُوَ كِفْكِير بالفارسية.
طلح: الطَّلاحُ: نَقِيضُ الصَّلاح. والطالِحُ: خِلَافُ الصَّالِحِ. طَلَحَ يَطْلُح طَلاحاً: فَسَدَ. الأَزهري: قَالَ بَعْضُهُمْ رَجُلٌ طَالِحٌ أَي فَاسِدٌ لَا خَيْرَ فِيهِ. ابْنُ السِّكِّيتِ: الطَّلْحُ مَصْدَرُ طَلِحَ البعيرُ يَطْلَحُ طَلْحاً إِذا أَعيا وكَلَّ؛ ابْنُ سِيدَهْ: والطَّلْحُ والطَّلاحة الإِعياء وَالسُّقُوطُ مِنَ السَّفَرِ؛ وَقَدْ طَلَح طَلْحاً وطُلِحَ؛ وَبَعِيرٌ طَلْحٌ وطَلِيح وطِلْحٌ وطالِحٌ، الأَخيرة عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
عَرَضْنا فَقُلْنَا: إِيه سِلمٌ فَسَلَّمَتْ، ... كَمَا انْكَلَّ بالبَرْقِ الغَمامُ اللَّوائِحُ
وَقَالَتْ لَنَا أَبصارُهُنَّ تَفَرُّساً: ... فَتًى غيرُ زُمَّيْلٍ، وأَدْماءُ طالِحُ
يَقُولُ: لَمَّا سلَّمْنا عَلَيْهِنَّ بَدَتْ ثُغُورُهُنَّ كَبَرْقٍ فِي جَانِبِ غَمَامٍ، وَرَضِينَنَا فَقُلْنَ: فَتًى غيرُ زُمَّيْلٍ، وَجَمْعُ طِلْحٍ أَطْلاحٌ وطِلاحٌ، وَجَمْعُ طَلِيح طَلائِحُ وطَلْحَى، الأَخيرة عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ لأَنها بمعنى فاعلة،
__________
(2).
قوله [وَقَالَ غَيْرُهُ طُفَّاحَةُ الْقَوَائِمِ إلخ] عبارة القاموس وناقة طفاحة القوائم إلخ.

(2/530)


وَلَكِنَّهَا شُبِّهَتْ بِمَرِيضَةٍ، وَقَدْ يُقْتَاسُ ذَلِكَ لِلرَّجُلِ. الأَزهري عَنْ أَبي زَيْدٍ قَالَ: إِذا أَضمره الكَلالُ والإِعياءُ قِيلَ: طَلَحَ يَطْلَحُ طَلْحاً، قَالَ وَقَالَ شَمِرٌ: يُقَالُ سَارَ عَلَى النَّاقَةِ حَتَّى طَلَحَها وطَلَّحَها. وَحُكِيَ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: إِنه لَطَلِيحُ سَفَرٍ وطِلْحُ سَفَرٍ ورجيعُ سفر ورَذِيَّةُ سَفَرٍ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. قَالَ وَقَالَ اللَّيْثُ: بَعِيرٌ طَلِيح وَنَاقَةٌ طَلِيح. الأَزهري: أَطلحته أَنا وطَلَّحته حَسَرْتُه؛ وَيُقَالُ: نَاقَةٌ طَلِيحُ أَسفار إِذا جَهَدَها السيرُ وهَزَلها؛ وإِبل طُلَّحٌ وطَلائحُ. وَمِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ: راكبُ النَّاقَةِ طَلِيحانِ أَي والناقةُ، لَكِنَّهُ حَذَفَ الْمَعْطُوفَ لأَمرين: أَحدهما تَقَدُّمُ ذِكْرِ النَّاقَةِ، وَالشَّيْءُ إِذا تَقَدَّمَ دَلَّ عَلَى مَا هُوَ مِثْلُهُ؛ ومثلُه مِنْ حَذْفِ الْمَعْطُوفِ قولُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ أَي فَضَرَبَ فَانْفَجَرَتْ، فَحَذَفَ فَضَرَبَ، وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ فَقُلْنَا؛ وَكَذَلِكَ قَوْلُ التَّغْلَبي:
إِذا مَا الماءُ خالَطَها سَخِينا
أَي فَشَرِبْناها سَخِيناً، فإِن قُلْتَ: فَهَلَّا كَانَ التَّقْدِيرُ عَلَى حَذْفِ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ أَي الناقةُ وراكبُ الناقةِ طَليحانِ، قِيلَ لبُعْدِ ذَلِكَ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحدهما أَن الْحَذْفَ اتِّسَاعٌ، وَالِاتْسَاعُ بَابُهُ آخِرُ الْكَلَامِ وأَوسطُه، لَا صَدْرُهُ وأَوّله، أَلا تَرَى أَن مَنْ اتَّسَعَ بِزِيَادَةٍ كَانَ حَشْوًا أَو آخِرًا لَا يُجِيزُ زِيَادَتَهَا أَوّلًا؛ وَالْآخَرُ أَنه لو كان تقديره [النَّاقَةُ وَرَاكِبُ النَّاقَةِ طَلِيحَانِ] لَكَانَ قَدْ حُذِفَ حَرْفُ الْعَطْفِ وبَقَاء المعطوفِ بِهِ، وَهَذَا شَاذٌّ، إِنما حَكَى مِنْهُ أَبو عُثْمَانَ: أَكلت خُبْزًا سَمَكًا تَمْرًا؛ وَالْآخَرُ أَن يَكُونَ الْكَلَامُ مَحْمُولًا عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ أَي رَاكِبُ النَّاقَةِ أَحَدُ طَليحين، فَحَذَفَ الْمُضَافَ وأَقام الْمُضَافَ إِليه مَقَامَهُ. الأَزهري: المُطَّلِحُ فِي الْكَلَامِ البَهَّاتُ. والمُطَّلِحُ فِي الْمَالِ: الظالِمُ. والطِّلْحُ: القُرادُ، وَقِيلَ: هُوَ الْمَهْزُولُ؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
وَقَدْ لَوَى أَنْفَه، بِمشْفَرِها، ... طِلْحٌ قَراشِيمُ، شَاحِبٌ جَسَدُهْ
وَيُرْوَى: قَرَاشِينُ؛ وَقِيلَ: الطِّلْح الْعَظِيمُ مِنَ القِردان. الْجَوْهَرِيُّ: وَرُبَّمَا قِيلَ للقُراد طِلْح وطَلِيح؛ وَفِي قصيد كعب:
وجِلْدُها مِنْ أَطُومٍ لَا يُؤَيِّسُه ... طِلْحٌ، بضاحِيَةِ المَتْنَيْنِ، مَهزُولُ
أَي لَا يُؤَثِّرُ القُرادُ فِي جِلْدِهَا لمَلاسَته؛ وَقَوْلُ الْحُطَيْئَةِ:
إِذا نامَ طِلْحٌ أَشْعَثُ الرأْسِ خَلْفَها، ... هَداه لَهَا أَنفاسُها وزَفِيرُها
قِيلَ: الطِّلحُ هُنَا القُرادُ؛ وَقِيلَ: الرَّاعِي المُعْيي؛ يَقُولُ: إِن هَذِهِ الإِبل تَتَنَفَّسُ مِنَ البِطْنَة تَنَفُّساً شَدِيدًا فَيَقُولُ: إِذا نَامَ رَاعِيهَا عَنْهَا ونَدَّت تَنَفَّسَتْ فَوَقَعَ عَلَيْهَا وإِن بَعُدَتْ. الأَزهري: والطُّلُح التَّعِبون. والطُّلُح: الرُّعاةُ. الْجَوْهَرِيُّ: والطِّلْحُ، بِالْكَسْرِ، المُعْيِي مِنَ الإِبل وَغَيْرِهَا يَسْتَوي فِيهِ الذَّكَرُ والأُنثى، وَالْجَمْعُ أَطلاح؛ وأَنشد بَيْتَ الْحُطَيْئَةِ، وَقَالَ: قَالَ الْحُطَيْئَةُ يَذْكُرُ إِبلًا وَرَاعِيَهَا [إِذا نَامَ طِلحٌ أَشعثُ الرأْسِ] وَفِي حَدِيثِ إِسلام عُمَرَ:
فَمَا بَرِحَ يقاتلُهم حَتَّى طَلَح
أَي أَعيا؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ سَطِيح عَلَى جَمَلٍ طَلِيح أَي مُعْيٍ. والطَّلَحُ، بِالْفَتْحِ: النِّعْمةُ «3»؛ قَالَ الأَعشى:
كَمْ رأَينا مِنْ أُناسٍ هَلَكوا، ... ورأَينا المَلْكَ عَمْراً بِطَلَحْ
__________
(3).
قوله [والطلح، بالفتح: النعمة] عبارة المختار والقاموس والطلح، بالتحريك: النعمة.

(2/531)


قَاعِدًا يُجْبَى إِليه خَرْجُه، ... كلُّ مَا بينَ عُمَانٍ فالمَلَحْ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يُرِيدُ بِعَمْرٍو هَذَا عَمْرَو بْنَ هِنْدٍ؛ حَكَى الأَزهري عَنِ ابْنِ السِّكِّيتِ أَيضاً قَالَ: قِيلَ طَلَحٌ فِي بَيْتِ الأَعشى مَوْضِعٌ. قَالَ وَقَالَ غَيْرُهُ: أَتى الأَعشى عَمْرًا وَكَانَ مَسْكَنُهُ بِمَوْضِعٍ يُقَالُ لَهُ ذُو طَلَحٍ، وَكَانَ عَمْرٌو مَلِكًا نَاعِمًا فاجتزأَ الشَّاعِرُ بِذِكْرِ طَلَحٍ دَلِيلًا عَلَى النِّعْمَةِ، وَعَلَى طَرْح ذِي مِنْهُ، قَالَ: وَذُو طَلَح هُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْحُطَيْئَةُ، فَقَالَ وَهُوَ يُخَاطِبُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
مَاذَا تَقُولُ لأَفْراخٍ بِذِي طَلَحٍ، ... حُمْرِ الحواصِلِ، لَا ماءٌ وَلَا شجرُ؟
أَلْقَيْتَ كاسِبَهم فِي قَعْرِ مُظْلِمةٍ، ... فاغْفِرْ، عَلَيْكَ سلامُ اللَّهِ، يَا عُمَرُ
والطَّلْحُ، مَا بَقِيَ فِي الْحَوْضِ مِنَ الماءِ الكَدِرِ. والطَّلْحُ: شَجَرَةٌ حِجَازِيَّةٌ جَناتها كجَناةِ السَّمُرَةِ، وَلَهَا شَوْك أَحْجَنُ وَمَنَابِتُهَا بُطُونُ الأَودية؛ وَهِيَ أَعظم العِضاه شَوْكًا وأَصْلَبُها عُوداً وأَجودها صَمْغاً؛ الأَزهري: قَالَ اللَّيْثُ: الطَّلْحُ شجرُ أُمِّ غَيْلانَ وَوَصَفَهُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ، وَقَالَ: قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: الطَّلْحُ شَجَرَةٌ طَوِيلَةٌ لَهَا ظِلٌّ يَسْتَظِلُّ بِهَا النَّاسُ والإِبل، وَوَرَقُهَا قَلِيلٌ وَلَهَا أَغصان طِوالٌ عِظامٌ تُنَادِي السَّمَاءَ مِنْ طُولِهَا، وَلَهَا شَوْكٌ كَثِيرٌ مِنْ سُلَّاء النَّخْلِ، وَلَهَا سَاقٌ عَظِيمَةٌ لا تلتقي عليه يَدَا الرَّجُلِ، تأْكل الإِبل مِنْهَا أَكلًا كَثِيرًا، وَهِيَ أُم غَيْلانَ تَنْبُتُ فِي الْجَبَلِ، الْوَاحِدَةُ طَلْحَة؛ وأَنشد:
يَا أُمَّ غَيْلانَ لَقِيتِ شَرَّا، ... لَقَدْ فَجَعْتِ أَمِناً مُغْبَرَّا،
يَزُورُ بيتَ اللهِ فِيمَنْ مَرَّا، ... لاقَيْتِ نَجَّاراً يَجُرُّ جَرَّا،
بالفأْسِ لَا يُبْقِي عَلَى مَا اخْضَرَّا
يُقَالُ: إِنه لَيَجُرُّ بفأْسه جَرًّا إِذا كَانَ يَقْطَعُ كُلَّ شَيْءٍ مَرَّ بِهِ، وإِن كَانَ وَاضِعَهَا عَلَى عُنُقِه؛ وَقَالَ:
يَا أُمَّ غَيْلانَ، خُذِي شَرَّ القومْ، ... ونَبِّهِيهِ وامْنَعِي مِنْهُ النَّوْم
وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الطَّلْح أَعظم العِضاه وأَكثره وَرَقًا وأَشدَّه خُضْرة، وَلَهُ شَوْكٌ ضِخامٌ طِوالٌ وَشَوْكُهُ مِنْ أَقل الشَّوْكِ أَذًى، وَلَيْسَ لِشَوْكَتِهِ حَرَارَةٌ فِي الرِّجْل، وَلَهُ بَرَمَةٌ طَيِّبَةُ الرِّيحِ، ليس فِي العِضاه أَكثر صَمْغًا مِنْهُ وَلَا أَضْخَمُ، وَلَا يَنْبُتُ الطَّلْحُ إِلا بأَرض غَلِيظَةٍ شَدِيدَةٍ خِصبَة، وَاحِدَتُهُ طَلْحَة، وَبِهَا سُمِّيَ الرَّجُلُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وجَمْعُها، عِنْدَ سِيبَوَيْهِ، طلُوح كصَخْرة وصُخُور، وطِلاحٌ؛ قَالَ: شَبَّهُوهُ بقصْعَة وقِصاع يَعْنِي أَنَّ الْجَمْعَ الَّذِي هُوَ عَلَى فِعال إِنما هُوَ لِلْمَصْنُوعَاتِ كالجِرار والصِّحافِ، وَالِاسْمُ الدَّالُّ عَلَى الْجَمْعِ أَعني الَّذِي لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَاحِدِهِ إِلا هَاءُ التأْنيث إِنما هُوَ لِلْمَخْلُوقَاتِ نَحْوَ النَّخْلِ وَالتَّمْرِ، وإِن كَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الحَيِّزَيْنِ دَاخِلًا عَلَى الْآخَرِ؛ قَالَ:
إِني زَعِيمٌ يَا نُوَيْقةُ، ... إِن نَجَوْتِ مِنَ الزَّوَاحْ
أَن تَهْبِطِينَ بلادَ قَوْمٍ، ... يَرْتَعُونَ مِنَ الطِّلاحْ
وأَن هَاهُنَا يَجُوزُ أَن تَكُونَ أَن النَّاصِبَةَ لِلِاسْمِ مُخَفَّفَةً مِنْهَا غَيْرَ أَنه أَولاها الْفِعْلَ بِلَا فَصْلٍ. وجمعُ الطَّلح أَطْلاحٌ. وأَرض طَلِحَة: كَثِيرَةُ الطَّلْح عَلَى النَّسَبِ.

(2/532)


وإِبل طِلاحِيَّة وطُلاحِيَّة: تَرْعَى الطَّلْح. وطَلاحَى وطَلِحَة: تَشْتَكِي بطونَها مِنْ أَكل الطَّلْح؛ وَقَدْ طَّلِحَت طَلَحاً «1»؛ قَالَ الأَزهري: وَرَجُلٌ نِباطِيٌّ ونُباطِيّ: مَنْسُوبٌ إِلى النَّبَط؛ وأَنشد:
كَيْفَ تَرَى وَقْعَ طِلاحِيَّاتِها ... بالغَضَوِيَّاتِ، عَلَى عِلَّاتِها؟
وَيُرْوَى بالحَمَضِيَّاتِ؛ وأَنكر أَبو سَعِيدٍ: إِبل طَلاحَى إِذا أَكلت الطَّلْح؛ قَالَ: والطَّلاحَى هِيَ الكالَّةُ المُعْيِيَةُ؛ قَالَ: وَلَا يُمْرِضُ الطَّلْحُ الإِبلَ لأَن رَعْيَ الطَّلْح ناجعٌ فِيهَا، قَالَ: والأَراكُ لَا تَمْرَضُ عَنْهُ الإِبلُ؛ ابْنُ سِيدَهْ: والطَّلْحُ لُغَةٌ فِي الطَّلْع، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ
؛ فُسِّرَ بأَنه الطَّلْعُ وفُسِّرَ بأَنه المَوْزُ، قَالَ: وَهَذَا غَيْرُ مَعْرُوفٍ فِي اللُّغَةِ. الأَزهري: قَالَ أَبو إِسْحَاقَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ
؛ جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ أَنه شَجَرُ الْمَوْزِ، قَالَ: والطَّلْحُ شَجَرُ أُمِّ غَيْلان أَيضاً، قَالَ: وَجَائِزٌ أَن يَكُونَ عَنَى بِهِ ذَلِكَ الشَّجَرَ لأَن لَهُ نَوْراً طَيِّبَ الرَّائِحَةِ جِدًّا، فَخُوطِبُوا بِهِ ووُعِدُوا بِمَا يُحِبُّونَ مِثْلَهُ، إِلا أَن فَضْلَهُ عَلَى مَا فِي الدُّنْيَا كَفَضْلِ سَائِرِ مَا فِي الْجَنَّةِ عَلَى سَائِرِ مَا فِي الدُّنْيَا، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: أَعْجَبَهم طَلْحُ وَجٍّ وحُسْنُه، فَقِيلَ لَهُمْ: وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ
.
والطِّلاحُ: نَبْتٌ. وطَلْحَةُ الطَّلَحات: طَلْحَةُ ابن عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ خَلَفٍ الخُزاعي؛ ورأَيت فِي بَعْضِ حَوَاشِي نُسَخِ الصِّحَاحِ بِخَطِّ مَنْ يُوثَقُ بِهِ: الصَّوَابُ طَلْحَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَرِّيٍّ، رَحِمَهُ اللَّهُ؛ ذَكَرَ ابْنُ الأَعرابي فِي طَلْحةَ هَذَا أَنه إِنما سمِّي طَلْحة الطَّلَحَاتِ بِسَبَبِ أُمه، وَهِيَ صَفِيَّة بِنْتُ الْحَرْثِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ أَبي طَلْحَةَ؛ زَادَ الأَزهري: ابْنُ عَبْدِ مَنَافٍ، قَالَ: وأَخوها أَيضاً طَلْحَةُ بْنُ الْحَرْثِ فَقَدْ تكَنَّفَه هَؤُلَاءِ الطَّلَحَاتُ كَمَا تَرَى وَقَبْرُهُ بسِجِسْتانَ؛ وَفِيهِ يَقُولُ ابْنُ قَيس الرُّقَيَّاتِ:
رَحِمَ اللهُ أَعْظُماً دَفَنُوها ... بسِجِسْتانَ: طَلْحَةَ الطَّلَحاتِ
ابْنُ الأَثير قَالَ: وَفِي بَعْضِ الْحَدِيثِ ذِكْرُ طَلْحَةِ الطَّلحات، قَالَ: هُوَ رَجُلٌ مِنْ خُزاعة اسْمُهُ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ خَلَفٍ، قَالَ: وَهُوَ غَيْرُ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ التَّيْمِيّ الصَّحَابِيِّ، قِيلَ: إِنه جَمَعَ بَيْنَ مِائَةِ عَرَبِيٍّ وَعَرَبِيَّةٍ بالمَهْر وَالْعَطَاءِ الْوَاسِعَيْنِ فَوُلِدَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَلَدٌ فَسُمِّيَ طَلْحَةَ فأُضيف إِليهم. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنَ الطَّلَحات طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ الزُّهْرِيّ وَقَبْرُهُ بِالْمَدِينَةِ، وَمِنْهُمْ طَلْحَةُ بْنُ عُمَرَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْمَرٍ التَّيْمِيُّ، وَيُقَالُ لَهُ طَلْحَةُ الجُودِ، وَمِنْهُمْ طَلْحَةُ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، وَيُقَالُ لَهُ طَلْحَةُ الدَّرَاهِمِ؛ وَمَدَحَ سَحْبانُ وائلٍ الباهليُّ طلحةَ الطَّلَحاتِ، فَقَالَ:
يَا طَلْحُ، أَكرمَ مَنْ مَشَى ... حَسَباً، وأَعْطاهُمْ لِتالِدْ
منكَ العَطاءُ، فأَعْطِنِي، ... وعليَّ مَدْحُك فِي المَشاهِدْ
فَقَالَ لَهُ طَلْحَةُ: احْتَكِمْ، فَقَالَ: بِرْذَوْنَكَ الوَرْدَ وغُلامَكَ الخَبَّازَ وقَصْرَك الَّذِي بِمَكَانِ «2» كَذَا وَعَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ؛ فَقَالَ طَلْحَةُ: أفٍّ لَكَ سأَلتني على قدرك لم تسأَلني عَلَى قَدْرِي، لَوْ سأَلتني كُلَّ عَبْدٍ وَكُلَّ دَابَّةٍ وَكُلَّ قَصْرٍ لِي لأَعطيتك، وأَما طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ من الصحابة فتَيْمِيٌّ؛
__________
(1).
قوله [وقد طلحت طلحاً] كفرح فرحاً وزاد في القاموس كعنى أَيضاً.
(2).
قوله [وقصرك الذي بمكان إلخ] عبارة شرح القاموس: وقصرك الذي بزرنج، إِلى أَن قال: وإِنما سألتني على قدرك وقدر قبيلتك باهلة. والله لو سألتني كل فرس وقصر وغلام لي لأَعطيتكه. ثم أمر له بما سأل، وقال: والله ما رأيت مسألة محتكم ألأَم منها.

(2/533)


حَكَى الأَزهري عَنِ ابْنِ الأَعرابي قَالَ: كَانَ يُقَالُ لِطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ: طَلْحَةُ الْخَيْرِ، وَكَانَ مِنْ أَجواد الْعَرَبِ وَمِمَّنْ
قَالَ لَهُ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَوْمَ أُحُد: إِنه قَدْ أَوجَبَ.
رَوَى
الأَزهري بِسَنَدِهِ عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أَبيه قَالَ: سَمَّانِي النبي، صلى الله عليه وسلم، يَوْمَ أُحد: طَلْحَةَ الخَيْر، وَيَوْمَ غَزْوَةِ ذَاتِ العُشَيْرةِ: طَلْحَةَ الفَيَّاض، وَيَوْمَ حُنَيْن: طَلْحَةَ الجودِ.
والطُّلَيْحَتانِ: طُلَيْحَة بْنِ خُوَيْلِدٍ الأَسَدِيُّ وأَخُوه. وطَلْحٌ وَذُو طَلَحٍ وَذُو طُلُوح: أَسماء مواضع.
طلفح: الطَّلَنْفَحُ: الْخَالِي الجَوْف، وَيُقَالُ: المُعْيي التَّعِبُ؛ وَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي الحِرْمازِ:
ونُصْبِحُ بالغَداةِ أَتَرَّ شيءٍ، ... ونُمْسِي بالعَشِيِّ طَلَنْفَحِينا
وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ: إِذا ضَنُّوا عَلَيْكَ بالمُطَلْفَحَة فكُلْ رغيفَكَ
أَي إِذا بَخِلَ الأُمراء عَلَيْكَ بالرُّقاقة الَّتِي هِيَ مِنْ طَعَامِ المُتْرَفِين والأَغنياء، فاقْنَعْ بِرَغِيفِكَ. يُقَالُ: طَلْفَحَ الخُبْزَ وفَلْطَحَه إِذا رَقَّقَه وبَسَطه، وَقَالَ بَعْضُ المتأَخرين: أَراد بالمُطَلْفحَة الدراهمَ، والأَوّل أَشبه لأَنه قَابَلَهُ بالرغيف.
طمح: طَمَحَت المرأَة تَطْمَحُ طِماحاً، وَهِيَ طامحٌ: نَشَزَت بِبَعْلِهَا. والطِّماحُ مِثْلُ الجِماحِ. وطَمَحَت المرأَة مِثْلُ جَمَحَتْ، فَهِيَ طَامِحٌ، أَي تَطْمَح إِلى الرجال. في حَدِيثِ
قَيْلَةَ: كُنْتُ إِذا رأَيت رَجُلًا ذَا قِشْرٍ طَمَحَ بَصَرِي إِليه
أَي امتدَّ وَعَلَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَخَرَّ إِلى الأَرض فَطَمَحَت عَيْنَاهُ
«1».
الأَزهري عَنْ أَبي عَمْرٍو الشَّيباني: الطامحُ مِنَ النِّسَاءِ الَّتِي تُبْغِضُ زوجَها وَتَنْظُرُ إِلى غَيْرِهِ؛ وأَنشد:
بَغَى الوُدَّ مِنْ مَطْروفةِ العينِ طامِح
قَالَ: وطَمَحَت بِعَيْنِهَا إِذا رَمَتْ بِبَصَرِهَا إِلى الرَّجُلِ، وإِذا رَفَعَتْ بَصَرَهَا يُقَالُ: طَمَحَت. وامرأَة طَمَّاحة: تَكُرُّ بِنَظَرِهَا يَمِينًا وَشِمَالًا إِلى غَيْرِ زَوْجِهَا. وطَمَحَ بِبَصَرِهِ يَطْمَحُ طَمْحاً: شَخَصَ، وَقِيلَ: رَمَى بِهِ إِلى الشَّيْءِ. وأَطْمَحَ فلانٌ بَصَرَهُ: رَفَعَهُ. وَرَجُلٌ طَمّاح: بِعِيدُ الطَّرْفِ، وَقِيلَ: شَرِهٌ. وطَمَحَ بَصَرُه إِلى الشَّيْءِ: ارْتَفَعَ. وَفَرَسٌ طامِح الطَّرْفِ طامِحُ البَصر، وطَمُوحه مُرْتَفَعُهُ؛ يُقَالُ: فَرَسٌ فِيهِ طِماحٌ؛ وأَنشد الأَزهري لأَبي دُوادٍ:
طويلٌ طامِحُ الطَّرْفِ، ... إِلى مِقْرَعةِ الكلبِ
وطَمَحَ الفرسُ يَطْمَحُ طِماحاً وطُمُوحاً: رَفَعَ يَدَيْهِ؛ الأَزهري: يُقَالُ لِلْفَرَسِ إِذا رَفَعَ يَدَيْهِ قَدْ طَمَّحَ تَطْميحاً. وَكُلُّ مُرْتَفَعٍ مُفْرِط فِي تَكَبُّر: طامحٌ، وَذَلِكَ لِارْتِفَاعِهِ. والطَّماحُ: الكِبْرُ والفخرُ لِارْتِفَاعِ صَاحِبِهِ. وبَحْر طَمُوح الْمَوْجِ: مُرْتَفِعُهُ. وَبِئْرٌ طَمُوح الْمَاءِ: مرتفعةُ الجُمَّة، وَهُوَ مَا اجْتَمَعَ مِنْ مَائِهَا؛ أَنشد ثَعْلَبٌ فِي صِفَةِ بِئْرٍ:
عادِيَّة الجُولِ طَمُوح الجَمِّ، ... جِيبَتْ بجَوْفِ حَجَرٍ هِرْشَمِّ،
تُبْذَلُ للجارِ وَلِابْنِ العَمِّ، ... إِذا الشَّرِيبُ كَانَ كالأَصَمِّ،
وعَقَدَ اللِّمَّةَ كالأَجَمِ
__________
(1).
قوله [فطمحت عيناه] زاد في النهاية إلى السماء.

(2/534)


وطَمَّح بَوْلَه: بَالَهُ فِي الهواء. وطَمَّحَ ببوله وبالشيء: رَمَى بِهِ فِي الْهَوَاءِ؛ الأَزهري: إِذا رَمَيْتَ بِشَيْءٍ فِي الْهَوَاءِ قُلْتَ طَمَّحْتُ بِهِ تَطْميحاً. وطَمَح بِهِ: ذَهَب بِهِ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
قُوَيْرِحُ أَعْوامٍ، رَفيعٌ قَذالُه، ... يَظَلُّ بِبَزِّ الكَهْلِ والكَهْلِ يَطْمَحُ
قَالَ: يَطْمَحُ أَي يَجْرِي وَيَذْهَبُ بِالْكَهْلِ وبَزِّه. وطَمَح الرجلُ فِي السَّوْم إِذا اسْتَامَ بسِلْعَته وَتَبَاعَدَ عَنِ الْحَقِّ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وطَمَح أَي أَبْعَدَ فِي الطَّلَبِ. وطَمَحاتُ الدَّهْرِ: شَدَائِدُهُ؛ قَالَ الأَزهري: وَرُبَّمَا خُفِّفَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
بَاتَتْ هُمومي فِي الصَّدْرِ تَخْطاها ... طَمْحاتُ دَهْرٍ، مَا كنتُ أَدراها
سَكَّنَ الْمِيمَ ضَرُورَةً؛ قَالَ الأَزهري: مَا هَاهُنَا صِلَةٌ. وَبَنُو الطَّمَحِ: بُطَيْنٌ. والطَّمَّاحُ: مِنْ أَسماء الْعَرَبِ. والطَّمّاحُ: اسْمُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي أَسد بَعَثُوهُ إِلى قَيْصَرَ فَمَحَلَ بِامْرِئِ الْقَيْسِ حَتَّى سُمَّ؛ قَالَ الكُمَيْتُ:
وَنَحْنُ طَمَحْنا لِامْرِئِ القَيْسِ، بَعْدَ ما ... رَجا المُلْكَ بالطَّمّاحِ، نَكْباً عَلَى نَكْبِ
وأَبو الطَّمَحان القَيْنِيُّ: اسم شاعر.
طنح: طَنِحَت الإِبلُ طَنَحاً وطَنِخَتْ: بَشِمَتْ؛ وَقِيلَ: طَنِحَتْ، بِالْحَاءِ، سَمِنَتْ وطَنِخَتْ، بِالْخَاءِ مُعْجَمَةً، بَشِمَتْ؛ حَكَى ذَلِكَ الأَزهري عَنِ الأَصمعي، وَقَالَ: وَغَيْرُهُ يجعلهما واحداً.
طوح: طاحَ يَطُوحُ ويَطِيحُ طَوْحاً: أَشرف عَلَى الْهَلَاكِ، وَقِيلَ: هَلَكَ وَسَقَطَ أَو ذَهَبَ، وَكَذَلِكَ إِذا تَاهَ فِي الأَرض. وَالطَّائِحُ: الْهَالِكُ المُشْرِفُ عَلَى الْهَلَاكِ؛ وَكُلُّ شَيْءٍ ذَهَبَ وفَنيَ: فَقَدْ طاحَ يَطِيحُ طَوْحاً وطَيْحاً، لُغَتَانِ. وطَوَّحَه هُوَ وطَوَّحَ بِهِ: تَوَّهَه وَذَهَبَ بِهِ هَاهُنَا وَهَاهُنَا، فَتَطوَّح فِي الْبِلَادِ إِذا رَمَى بِنَفْسِهِ هَاهُنَا وَهَاهُنَا، أَو حَمَلهُ عَلَى رُكُوبِ مَفَازَةٍ يُخافُ فِيهَا هلاكُه؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
يُطَوِّحُ الْهَادِي بِهِ تَطْوِيحا
والطَّيْحُ: الْهَلَاكُ. والمُطَوَّحُ: الَّذِي طُوِّحَ بِهِ فِي الأَرض أَي ذُهِبَ بِهِ. وطَوَّحَه: بُعِثَ بِهِ إِلى أَرض لَا يَرْجِعُ مِنْهَا؛ قَالَ:
ولكنَّ البُعُوث جَرَتْ عَلَيْنَا، ... فَصِرْنا بَيْنَ تَطْوِيحٍ وغُرْمِ
وتَطَوَّحَ إِذا ذَهَبَ وَجَاءَ فِي الْهَوَاءُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ رَجُلًا عَلَى الْبَعِيرِ، فِي النَّوْمِ يتطوَّح أَي يَجِيءُ وَيَذْهَبُ فِي الْهَوَاءِ:
ونَشْوانَ مِنْ كأْسِ النُّعاسِ كأَنه، ... بحَبْلَينِ فِي مَشْطونَةٍ، يَتَطَوَّحُ
قَالَ سِيبَوَيْهِ فِي طاحَ يَطِيحُ: إِنه فَعِل يَفْعِل لأَن فَعَل يَفْعِلُ لا يكون في بنات الواو، كراهية الِالْتِبَاسِ بِبَنَاتِ الْيَاءِ، كَمَا أَن فَعَلَ يَفْعُل لَا يَكُونُ فِي بَنَاتِ الْيَاءِ، كَرَاهِيَةَ الِالْتِبَاسِ بِبَنَاتِ الْوَاوِ أَيضاً، فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ عَدَماً البَتَّةَ، وَوَجَدُوا فَعِل يَفْعِلُ فِي الصَّحِيحِ كَحَسِبَ يَحْسِبُ وأَخواتها، وَفِي الْمُعْتَلِّ كَوَلي يَلي وأَخواته حَمَلُوا طاح يَطِيحُ عَلَى ذَلِكَ، وَلَهُ نَظَائِرُ كَتَاهَ يَتِيه وماهَ يَمِيهُ، وَهَذَا كُلُّهُ فِيمَنْ لَمْ يَقُلْ إِلَّا طَوَّحه وتَوَّهَه، وماهَتِ الرَّكِيَّة مَوْهاً، وأَما مَن قَالَ طَيَّحَه وتَيَّهه وماهَتِ الرَّكِيَّةُ مَيْهاً فَقَدَ كُفِينا القولَ فِي لُغَتِهِ، لأَن طاحَ يَطِيحُ وأَخواته عَلَى هَذِهِ اللُّغَةِ مِنْ بَنَاتِ الْيَاءِ، كبَاع يَبيعُ وَنَحْوِهَا.

(2/535)


وطَوَّحَ بِثَوْبِهِ: رَمَى بِهِ فِي مَهْلَكة؛ وطَيَّح بِهِ مِثْلُهُ؛ الْفَرَّاءُ: يُقَالُ طَيَّحْتُه وطَوَّحْتُه وتَضَوَّعَ رِيحُه وتَضَيَّع، والمَياثِقُ والمواثِقُ. وطاحَ بِهِ فرسُه إِذا مَضَى يَطِيحُ طَيْحاً وَذَلِكَ كَذَهَابِ السَّهْمِ بِسُرْعَةٍ. وَيُقَالُ: أَين طُيِّحَ بِكَ؟ أَي أَين ذُهب بِكَ؟ قَالَ الجَعْدي يَذْكُرُ فَرَسًا:
يَطِيحُ بالفارِس المُدَجَّج، ذي الْقَوْنَسِ، ... حَتَّى يَغِيبَ فِي القَتَمِ القَتَمُ
الغُبار. أَبو سَعِيدٍ: أَصابت الناسَ طَيْحةٌ أَي أُمورٌ فَرَّقت بَيْنَهُمْ، وَكَانَ ذَلِكَ فِي زَمَنِ الطَّيْحةِ. ابْنُ الأَعرابي: أَطاحَ مالَه وطَوَّحه أَي أَهلكه. وطَوَّحَ بِالشَّيْءِ: أَلقاه فِي الْهَوَاءِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ فِي يَوْمِ اليَرْمُوك: فَمَا رُؤِيَ مَوْطِنٌ أَكثرُ قِحْفاً سَاقِطًا وَكَفًّا طَائِحَةً
أَي طَائِرَةً مِنْ مِعْصَمها. وطوَّحَ نفسَه: تَوَّهها. وتَطاوَح: تَرامَى. وطاوَحه: راماه؛ قَالَ:
فأَمَّا واحدٌ فكفَاكَ مِنِّي، ... فمَنْ لِيَدٍ تُطاوِحُها أَيادي؟
تُطاوِحُها أَي تُرَامِي بِهَا. والأَيادي: جَمْعُ أَيْدٍ الَّتِي هِيَ جُمَعُ يَدٍ أَي أَكفيك وَاحِدًا فإِذا كَثُرَتِ الأَيادِي فَلَا طَاقَةَ لِي بِهَا. وتَطاوحت بِهِمُ النَّوَى أَي تَرَامَتْ. والمَطاوِحُ: المَقاذِفُ. وطَوَّحَتْه الطَّوائِح: قَذَفَتْه القَواذِفُ. وَلَا يُقَالُ المُطَوِّحاتُ، وَهُوَ مِنَ النَّوادر كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ؛ عَلَى أَحد التأْويلين. وطَوَّح الشيءَ وطَيَّحه: ضيَّعه.
طيح: طاحَ طَيْحاً: تَاهَ، وطَيَّح نفْسَه. وطاحَ الشيءُ طَيْحاً: فَنيَ وَذَهَبَ. وأَطاحَه هُوَ: أَفناه وأَذهبه؛ أَنشد ابْنَ الأَعرابي:
نَضْرِبُهمْ، إِذا اللِّواءُ رَنَّقا، ... ضَرْباً يُطِيحُ أَذْرُعاً وأَسْوُقا
وأَنشد سِيبَوَيْهِ:
لِيُبْكَ يزيدٌ ضارِعٌ لخُصُومةٍ، ... ومُخْتبِطٌ مِمَّا تُطِيحُ الطَّوائِحُ
وَقَالَ: الطَّوَائِحُ، عَلَى حَذْفِ الزَّائِدِ أَو عَلَى النَّسَبِ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: أَوَّل الْبَيْتِ مَبْنِيٌّ عَلَى اطِّراح ذِكْرِ الْفَاعِلِ، فإِن آخِرَهُ قَدْ عُووِدَ فِيهِ الحديثُ عَلَى الْفَاعِلِ لأَن تَقْدِيرَهُ فِيمَا بعدُ ليَبْكِه مُخْتَبِطٌ مِمَّا تُطِيحُ الطَّوَائِحُ، فَدَلَّ قَوْلُهُ لِيُبْكَ عَلَى مَا أَراد مِنْ قَوْلِهِ لِيَبْكِ. والطَّائِحُ: المُشرِفُ عَلَى الْهَلَاكِ، وَالْفِعْلُ كَالْفِعْلِ. وطَوَّحَتْهم طَيْحاتٌ: أَهلكتهم خُطوبٌ. وَذَهَبَتْ أَموالُهم طَيْحاتٍ أَي مُتَفَرِّقَةً بَعِيدَةً. والمُطَيَّحُ: الْفَاسِدُ. وطَيَّحَ بِثَوْبِهِ: رمى به.

فصل الفاء
فتح: الفَتْحُ: نَقِيضُ الإِغلاقِ، فَتَحه يَفْتَحه فَتْحاً وافْتَتَحه وفتَّحَه فانْفَتَحَ وتَفَتَّحَ. الْجَوْهَرِيُّ: فُتِّحَت الأَبواب، شُدِّدَ لِلْكَثْرَةِ، فتَفَتَّحتْ هِيَ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ
، قُرِئَتْ بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ وَبِالْيَاءِ وَالتَّاءِ، أَي لَا تَصْعَدُ أَرواحُهم وَلَا أَعمالهم، لأَن أَعمال الْمُؤْمِنِينَ وأَرواحهم تَصْعَدُ إِلى السَّمَاءِ، قَالَ اللَّه تَعَالَى: إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ، وَقَالَ جلَّ ثَنَاؤُهُ: إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَبواب السَّمَاءِ أَبواب الْجَنَّةِ لأَن الْجَنَّةَ فِي السَّمَاءِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى

(2/536)


ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ، فكأَنه قَالَ: لَا تُفتح لَهُمْ أَبواب الْجَنَّةِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوابُ
، قَالَ أَبو عَلِيٍّ مَرَّةً: مَعْنَاهُ مُفَتَّحةً لَهُمُ الأَبوابُ مِنْهَا، وَقَالَ مَرَّةً: إِنما هُوَ مَرْفُوعٌ عَلَى الْبَدَلِ مِنَ الضَّمِيرِ الَّذِي فِي مُفَتَّحَةً. وَقَالَ: الْعَرَبُ تَقُولُ فُتِّحَت الجِنانُ، تُرِيدُ فُتِّحَت أَبوابُ الْجِنَانِ، قَالَ تَعَالَى: وَفُتِحَتِ السَّماءُ فَكانَتْ أَبْواباً
، واللَّهُ أَعلم. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ
، قَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَاهُ مَا يأْتيهم بِهِ اللَّه مِنْ مَطَرٍ أَو رِزْقٍ فَلَا يَقْدِرُ أَحد أَن يُمْسِكَهُ، وَمَا يُمْسِكُ مِنْ ذَلِكَ فَلَا يَقْدِرُ أَحد أَن يُرْسِلَهُ. والمِفْتَحُ، بِكَسْرِ الْمِيمِ، والمِفْتاحُ: مِفْتاحُ الْبَابِ وَكُلُّ مَا فُتِحَ بِهِ الشَّيْءُ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وكل مُسْتَغْلَق، قال سيبوبه: هَذَا الضَّرْبُ مِمَّا يُعْتَمَلُ مَكْسُورَ الأَول، كَانَتْ فِيهِ الْهَاءُ أَو لَمْ تَكُنْ، وَالْجَمْعُ مَفاتِيحُ ومَفاتح أَيضاً، قَالَ الأَخْفش: هُوَ مِثْلُ قَوْلِهِمْ أَماني وأَمانيّ، يُخَفَّفُ ويشدَّد، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ
، قَالَ الزَّجَّاجُ: جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ أَنه عَنَى قَوْلَهُ: إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحامِ وَما تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ، قَالَ: فَمَنِ ادَّعى أَنه يَعْلَمُ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْخَمْسِ فَقَدْ كَفَرَ بِالْقُرْآنِ لأَنه قَدْ خَالَفَهُ، وَفِي الْحَدِيثِ:
أُوتِيتُ مَفاتِيحَ الكَلِم
، وَفِي رِوَايَةٍ: مَفاتِحَ، هُمَا جَمْعُ مِفْتاح ومِفْتَح وَهُمَا فِي الأَصل مِمَّا يُتَوَصَّلُ بِهِ إِلى اسْتِخْرَاجِ المُغْلَقات الَّتِي يَتَعَذَّرُ الْوُصُولُ إِليها، فأَخبر أَنه أُوتي مَفَاتِيحَ الْكَلَامِ، وَهُوَ مَا يسَّر اللَّه لَهُ مِنَ الْبَلَاغَةِ وَالْفَصَاحَةِ، وَالْوُصُولِ إِلى غَوَامِضِ الْمَعَانِي وَبَدَائِعِ الْحِكَمِ وَمَحَاسِنِ الْعِبَارَاتِ، والأَلفاظ الَّتِي أُغلقت عَلَى غَيْرِهِ وَتَعَذَّرَتْ عَلَيْهِ، وَمَنْ كَانَ فِي يَدِهِ مَفَاتِيحُ شَيْءٍ مَخْزُونٍ سَهُلَ عَلَيْهِ الْوُصُولُ إِلَيْهِ. وبابٌ فُتُحٌ أَي واسِع مُفَتَّحٌ، وَفِي حَدِيثِ
أَبي الدَّرْدَاءِ: وَمَنْ يأْت بَابًا مُغْلَقاً يَجِدْ إِلى جَنْبِهِ بَابًا فُتُحاً
أَيْ وَاسِعًا، وَلَمْ يُرِد المفتوحَ، وأَراد بِالْبَابِ الفُتُحِ: الطَّلَب إِلى اللَّه والمسأَلة. وقارورةٌ فُتُحٌ: وَاسِعَةُ الرأْس بِلَا صِمامٍ وَلَا غِلاف، لأَنها تَكُونُ حِينَئِذٍ مَفْتُوحَةً، وَهُوَ فُعُلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ. والفَتْحُ: الْمَاءُ المُفَتَّحُ إِلى الأَرض ليُسقَى بِهِ. والفَتْحُ: الْمَاءُ الْجَارِي عَلَى وَجْهِ الأَرض، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ. الأَزهري: والفَتْحُ النَّهْرُ. وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ:
مَا سُقِيَ فَتْحًا وَمَا سُقِيَ بالفَتْح فَفِيهِ العُشْر
، الْمَعْنَى مَا فتِحَ إِليه ماءُ النَّهْرِ فَتْحاً مِنَ الزُّرُوعِ وَالنَّخِيلِ فَفِيهِ الْعُشْرُ. والفَتْحُ: الْمَاءُ يَجْرِي مِنْ عَيْنٍ أَو غَيْرِهَا. والمَفْتَحُ والمِفْتَح «2»: قَناةُ الْمَاءِ. وكلُّ مَا انْكَشَفَ عَنْ شَيْءٍ فَقَدِ انْفَتَحَ عَنْهُ وَتَفَتَّحَ. وتَفَتُّحُ الأَكَمة عَنِ النَّوْر: تَشَقُّقُها. والفَتْحُ: افْتِتَاحُ دَارِ الْحَرْبِ، وَجَمْعُهُ فُتُوحٌ. والفَتْحُ: النَّصْرُ. وَفِي حَدِيثِ الْحُدَيْبِيَةِ:
أَهو فَتْحٌ
أَي نَصْرٌ. واسْتَفْتَحْتُ الشيءَ وافْتَتَحْتُه، وَالِاسْتِفْتَاحُ: الِاسْتِنْصَارُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَانَ يَسْتَفْتِحُ بِصَعَالِيكِ الْمُهَاجِرِينَ
أَي يَسْتَنْصِرُ بِهِمْ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ
.
واسْتَفْتَحَ الفَتْحَ: سأَله. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: قَالَ أَبو جَهْلٍ يَوْمَ بَدْرٍ: اللَّهُمَّ انْصُرْ أَفضلَ الدِّينَيْنِ وأَحَقَّه بِالنَّصْرِ، فَقَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ
، قَالَ أَبو إِسحاق: مَعْنَاهُ إِن تَسْتَنْصِرُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ النَّصْرُ، قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مَعْنَاهُ: إِن تَسْتَقْضُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ القَضاءُ،
__________
(2). 1
قوله" والمفتح" ضبط بالأصل بفتح الميم وكسرها بمعنى مكان الفتح أَي الماء الجاري أَو آلته.

(2/537)


وَقَدْ جَاءَ التَّفْسِيرُ بِالْمَعْنَيَيْنِ جميعاً.
روي أَن أَبا جَهْلٍ قَالَ يَوْمَئِذٍ: اللَّهُمَّ أَقْطَعُنا لِلرَّحِمِ وأَفْسَدُنا لِلْجَمَاعَةِ فأَحِنْه اليومَ! فسأَل اللَّه أَن يَحْكُمَ بحَيْنِ مَنْ كَانَ كَذَلِكَ، فَنَصَرَ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَالَهُ هُوَ الحَيْنُ وأَصحابُه، وَقَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: إِن تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ، أَراد إِنْ تَسْتَقْضُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْقَضَاءُ
، وَقِيلَ
إِنه قَالَ: اللَّهُمَّ انْصُرْ أَحَبَّ الفِئَتَينِ إِليك
، فَهَذَا يَدُلُّ أَن مَعْنَاهُ إِن تَسْتَنْصِرُوا، وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ جَيِّدٌ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً
، قَالَ الزَّجَّاجُ: جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ قَضَيْنَا لَكَ قَضَاءً مُبِينًا أَي حَكَمْنَا لَكَ بإِظهار دِينِ الإِسلام وَبِالنَّصْرِ عَلَى عدوِّكَ، قَالَ الأَزهري: قَالَ قَتَادَةُ أَي قَضَيْنَا لَكَ قَضَاءً فِيمَا اخْتَارَ اللَّه لَكَ مِنْ مُهادَنةِ أَهل مَكَّةَ وَمُوَادِعَتِهِمْ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ، ابْنُ سِيدَهْ قَالَ: وأَكثر مَا جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ أَنه فَتْحُ الحُدَيْبية، وَكَانَتْ فِيهِ آيَةٌ عَظِيمَةٌ مِنْ آيَاتِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ هَذَا الْفَتْحُ عَنْ غير قتال شديد، قيل: إِنه كَانَ عَنْ تَرَاضٍ بَيْنَ الْقَوْمِ، وَكَانَتْ هَذِهِ الْبِئْرُ اسْتُقِيَ جميعُ مَا فِيهَا مِنَ الْمَاءِ حَتَّى نَزَحَتْ وَلَمْ يَبْقَ فِيهَا مَاءٌ، فَتَمَضْمَضَ رَسُولُ اللَّه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ مَجَّه فِيهَا فَدَرَّتِ البئرُ بِالْمَاءِ حَتَّى شَرِبَ جَمِيعُ مَنْ كَانَ مَعَهُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ
، قِيلَ عَنَى فَتْحَ مَكَّةَ، وَجَاءَ فِي التَّفْسِيرِ
أَنه نُعِيَتْ إِلَى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَفْسُه فِي هَذِهِ السُّورَةِ، فأُعْلِمَ أَنه إِذا جَاءَ فَتْحُ مَكَّةَ وَدَخَلَ النَّاسُ فِي الإِسلام أَفواجاً فَقَدْ قَرُبَ أَجله، فَكَانَ يَقُولُ: إِنه قَدْ نُعِيَتْ إِليَّ نَفْسِي فِي هَذِهِ السُّورَةِ، فأَمر اللَّه أَن يُكْثِرَ التَّسْبِيحَ وَالِاسْتِغْفَارَ.
الأَزهري: وَقَوْلُ اللَّه تَعَالَى: وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ
، قَالَ مُجَاهِدٌ: يَوْمُ الْفَتْحِ هَاهُنَا يَوْمُ الْقِيَامَةِ، وَكَذَلِكَ قَالَ قَتَادَةُ والكلبي،
وَقَالَ قَتَادَةُ: كَانَ أَصحاب رَسُولِ اللَّه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُونَ: إِنَّ لَنَا يَوْمًا أَوْشَكَ أَن نَسْتَرِيحَ فِيهِ ونَنْعَمَ، فَقَالَ الْكُفَّارُ: مَتَى هَذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ
وَقَالَ الْفَرَّاءُ: يَوْمُ الْفَتْحِ عَنَى بِهِ فَتْحَ مَكَّةَ، قَالَ الأَزهري: وَالتَّفْسِيرُ جَاءَ بِخِلَافِ مَا قَالَ، وَقَدْ نَفَعَ الكفارَ مِنْ أَهل مَكَّةَ إِيمانُهم يَوْمَ الْفَتْحِ، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: جَاءَ أَيضاً فِي قوله" وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْفَتْحُ
"
مَتَّى هَذَا الْحُكْمُ وَالْقَضَاءُ فأَعلم اللَّه أَن يَوْمَ ذَلِكَ الْفَتْحِ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانهم أَي مَا دَامُوا فِي الدُّنْيَا فَالتَّوْبَةُ مُعَرَّضة وَلَا تَوْبَةَ فِي الْآخِرَةِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
فَفَتَحْنَا أَبواب السَّمَاءِ
، أَي فأَجَبْنا الدُّعَاءَ. واسْتَفْتَحَ اللَّهَ عَلَى فلانٍ: سأَله النَّصْرَ عَلَيْهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ. والفَتَاحَةُ: النُّصْرَةُ. الْجَوْهَرِيُّ: الفُتاحة، بِالضَّمِّ، الحُكمُ. والفُتاحةُ والفِتاحةُ: أَن تَحْكُمَ بَيْنَ خَصْمَيْنِ، وَقِيلَ: الفُتاحة الْحُكُومَةُ، قَالَ الأَشْعَرُ الجُعْفِيُّ:
أَلا مَنْ مُبْلِغٌ عَمْراً رَسُولًا، ... فإِني عَنْ فُتاحَتِكم غَنِيٌ
الأَزهري: الفَتْحُ أَن تَحْكُمَ بَيْنَ قَوْمٍ يَخْتَصِمُونَ إِليك، كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ مُخْبِرًا عَنْ شُعَيْبٍ: رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ
.
الأَزهري: والفُتاح [الفِتاح] الْحُكُومَةُ. وَيُقَالُ لِلْقَاضِي: الفَتَّاحُ لأَنه يَفْتَحُ مَوَاضِعَ الْحَقِّ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا
، أَي اقْض بَيْنَنَا. وَفِي حَدِيثِ
الصَّلَاةِ: لَا يُفْتَحُ عَلَى الإِمام
، أَراد إِذا أُرتِجَ عَلَيْهِ فِي الْقِرَاءَةِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ لَا يَفْتَحُ لَهُ المأْموم مَا أُرْتِجَ عَلَيْهِ أَي لا يُلَقِّنُه، ويقال: أَراد بالإِمام السُّلْطَانَ، وبالفَتْحِ الحكمَ، أَي إِذا حَكَمَ بِشَيْءٍ فَلَا يُحْكَمُ بِخِلَافِهِ.

(2/538)


والفَتَّاحُ: الحاكِمُ، الأَزهري: الفَتَّاحُ فِي صِفَةِ اللَّه تَعَالَى الْحَاكِمُ، قَالَ: وأَهل الْيَمَنِ يَقُولُونَ لِلْقَاضِي الفَتَّاحُ، وَيَقُولُ أَحدهم لِصَاحِبِهِ: تَعَالَ حَتَّى أُفاتحكَ إِلى الفَتَّاح، وَيَقُولُ: افْتَحْ بَيْنَنَا أَي احْكُمْ، وَفِي التَّنْزِيلِ: وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ
.
وفاتَحه مُفاتحة وفِتاحاً: حَاكَمَهُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: مَا كُنْتُ أَدري مَا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا
، حَتَّى سَمِعْتُ بنتَ ذِي يَزَنَ تَقُولُ لِزَوْجِهَا: تعالَ أُفاتِحْكَ
أَي أُحاكمكَ، وَمِنْهُ: لَا تُفاتِحوا أَهل القَدَر أَي لَا تُحَاكِمُوهُمْ، وقيل: لا تَبْدَأُوهم بِالْمُجَادَلَةِ وَالْمُنَاظَرَةِ. وَفِي أَسماء اللَّه تَعَالَى الْحُسْنَى: الفَتَّاحُ، قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ الَّذِي يَفْتَحُ أَبواب الرِّزْقِ وَالرَّحْمَةِ لِعِبَادِهِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمْ، يُقَالُ: فَتَحَ الْحَاكِمُ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ إِذا فَصَلَ بَيْنَهُمَا. والفاتحُ: الْحَاكِمُ. والفَتَّاحُ مِن أَبنية الْمُبَالِغَةِ. وتَفَتَّحَ بِمَا عِنْدَهُ مِنْ مَالٍ أَو أَدب: تَطَاوَلَ بِهِ، وَهِيَ الفُتْحة، تَقُولُ: مَا هَذِهِ الفُتْحَةُ الَّتِي أَظهرتها وتَفَتَّحْتَ بِهَا عَلَيْنَا؟ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَلَا أَحسبه عَرَبِيًّا. وفاتَحَ الرجلَ: ساوَمَه وَلَمْ يُعْطِهِ شَيْئًا، فإِن أَعطاه، قِيلَ: فاتَكه، حَكَاهُ ابْنِ الأَعرابي. الأَزهري عَنِ ابْنِ بُزُرْجٍ: الفَتْحَى الرِّيحُ، وأَنشد:
أَكُلُّهُمُ، لَا بَارَكَ اللَّهُ فيهمُ! ... إِذا ذُكِرَتْ فَتْحَى، مِنَ البَيْع عاجِبُ
فَتْحَى عَلَى فَعْلَى. وَفَاتِحَةُ الشَّيْءِ: أَوَّله. وافتتاحُ الصَّلَاةِ: التَّكْبِيرَةُ الأَولى. وفَواتحُ الْقُرْآنِ: أَوائل السُّوَرِ، الْوَاحِدَةُ فَاتِحَةٌ. وأُم الْكِتَابِ يُقَالُ لَهَا: فَاتِحَةُ الْقُرْآنِ. وَالْفَتْحُ: أَن تَفْتَحَ عَلَى مَنْ يَسْتَقْرِئُكَ. والمَفْتَحُ: الخِزانة، الأَزهري: وكلُّ خِزَانَةٍ كَانَتْ لصِنْفٍ مِنَ الأَشياء، فَهِيَ مَفْتَحٌ، والمَفْتَحُ: الكَنز، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: مَا إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ
، قِيلَ: هِيَ الْكُنُوزُ وَالْخَزَائِنُ، قَالَ الزَّجَّاجُ: رُوِيَ أَن مَفَاتِحَهُ خَزَائِنُهُ. الأَزهري: وَالْمَعْنَى مَا إِن مَفَاتِحَهُ لتُنِيءُ العُصْبَةَ أَي تُمِيلُهُمْ مِنْ ثِقَلها.
وَرُوِيَ عَنْ أَبي صَالِحٍ: ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ
، قَالَ: مَا فِي الْخَزَائِنِ مِنْ مَالٍ تَنُوءُ بِهِ العُصْبةُ
، الأَزهري: والأَشبه فِي التَّفْسِيرِ أَن مَفَاتِحَهُ خَزَائِنُ مَالِهِ، واللَّهُ أَعلم بِمَا أَراد. وَقَالَ: قَالَ اللَّيْثُ: جَمْعُ المِفْتاح الَّذِي يُفتح بِهِ المِغْلاقُ مَفاتِيحُ، وَجَمْعُ المَفْتَح الخِزانةِ المَفاتِحُ،
وَجَاءَ فِي التَّفْسِيرِ أَيضاً أَن مَفَاتِحَهُ كَانَتْ مِنْ جُلُودٍ عَلَى مِقْدَارِ الإِصبع، وَكَانَتْ تُحْمَلُ عَلَى سَبْعِينَ بَغْلًا أَو سِتِّينَ
، قَالَ: وَهَذَا لَيْسَ بِقَوِيٍّ. وَرَوَى الأَزهري عَنْ أَبي رَزين قَالَ: مَفَاتِحُهُ خَزَائِنُهُ إِن كَانَ لَكَافِيًا مِفْتاحٌ وَاحِدٌ خَزائنَ الْكُوفَةِ إِنما مَفَاتِحُهُ الْمَالُ، وَفِي الْحَدِيثِ:
أُوتِيت مفاتيحَ خزائنِ الأَرض
، أَراد مَا سَهَّل اللَّهُ لَهُ ولأُمَّته مِنِ افْتِتَاحِ الْبِلَادِ الْمُتَعَذِّرَاتِ وَاسْتِخْرَاجِ الْكُنُوزِ الْمُمْتَنِعَاتِ. والفَتُوحُ مِنَ الإِبل: النَّاقَةُ الْوَاسِعَةُ الأَحاليل، وَقَدْ فَتَحَت «1» وأَفتَحَتْ، بِمَعْنًى. والنَّزُور: مِثْلُ الفَتُوح. وَفِي حَدِيثِ
أَبي ذَرٍّ: قَدْرَ حَلْبِ شاةٍ فَتُوحٍ
أَي وَاسِعَةِ الأَحاليل. والفَتْحُ: أَوَّل مَطَرِ الوَسْمِيِّ، وَقِيلَ: أَول الْمَطَرِ، وَجَمْعُهُ فَتُوحٌ، بِفَتْحِ الْفَاءِ، «2» قَالَ:
__________
(1). 1
قوله" وقد فتحت" من باب منع كما في القاموس.
(2). 2
قوله" وَجَمْعُهُ فَتُوحٌ، بِفَتْحِ الْفَاءِ" قال شارح القاموس أنكر ذلك شيخنا وشدّد فيه وقال: لا قائل به. ولا يعرف في العربية جمع فعل بالفتح على فعول بالفتح، بل لا يعرف في أوزان الجموع فعول بالفتح مطلقا.

(2/539)


كأَنّ تَحْتِي مُخْلِفاً قَرُوحا، ... رَعَى غُيُوثَ العَهْدِ والفَتُوحا
وَيُرْوَى جَمِيمَ العَهْدِ، وَهُوَ الفَتْحةُ أَيضاً. والفَتْحُ: الماءُ الْجَارِي فِي الأَنهار. وناقةٌ مَفاتِيحُ وأَيْنُقٌ مَفاتِيحاتٌ: سِمَانٌ، حَكَاهَا السِّيرَافِيُّ. والفَتْحُ: مُرَكَّبُ النَّصْلِ فِي السَّهْم، وَجَمْعُهُ فُتُوح. والفَتْحُ: جَنَى النَّبْعِ، وَهُوَ كأَنه الحَبَّةُ الْخَضْرَاءُ إِلَّا أَنه أَحمر حُلو مُدَحْرَجٌ يأْكله النَّاسُ. الأَزهري: فاتَحَ الرجلُ امرأَتَه إِذا جَامَعَهَا. وتَفاتَحَ الرَّجُلَانِ إِذا تَفاتَحا كَلَامًا بَيْنَهُمَا وتَخافَتا دُونَ النَّاسِ. والفُتْحَةُ: الفُرْجةُ فِي الشَّيْءِ. والفُتَاحةُ: طُوَيْرَة مُمَشَّقة بِحُمْرَةٍ «1». والفَتَّاح: طَائِرٌ أَسود يُكْثِرُ تَحْرِيكَ ذَنَبِهِ أَبيض أَصل الذَّنَبِ مِنْ تَحْتِهِ وَمِنْهَا أَحمر، وَالْجَمْعُ فَتاتِيحُ، وَلَا يُجْمَعُ بالأَلف وَالتَّاءِ.
فحح: فَحِيحُ الأَفْعَى: صوتُها مِنْ فِيهَا، والكَشِيشُ: صَوْتُهَا مِنْ جِلْدِهَا. الأَصمعي: تَفُحُّ وتَفِحُّ وتَحُفُّ، والحَفِيفُ مِنْ جَلْدِهَا والفَحِيح مِنْ فِيهَا. وفَحَّتِ الأَفْعَى تَفِحُّ وتَفُحُّ فَحّاً وفَحِيحاً، وَهُوَ صَوْتُهَا مِنْ فِيهَا شَبِيهٌ بالنَّفْخِ فِي نَضْنَضةٍ؛ وَقِيلَ: هُوَ تَحَكُّكُ جِلْدِهَا بعضِه بِبَعْضٍ، وَعَمَّ بَعْضُهُمْ بِهِ جَمِيعَ الْحَيَّاتِ؛ قَالَ:
يَا حَيَّ لَا أَفْرَقُ أَن تَفِحِّي، ... أَو أَن تَرَحِّي كَرَحَى المُرَحِّي
وَخَصَّ بِهِ بَعْضُهُمْ أُنثى الأَساود. وَكُلُّ مَا كَانَ مِنَ الْمُضَاعَفِ لَازِمًا فَالْمُسْتَقْبَلُ مِنْهُ يجيءُ عَلَى يَفْعِل، بِالْكَسْرِ، إِلَّا سَبْعَةَ أَحرف جَاءَتْ بِالضَّمِّ وَالْكَسْرِ، وهي: تَعُلُّ [تَعِلُ] وتَشُحُّ [تَشِحُ] وتَجُدُّ [تَجِدُّ] فِي الأَمر وتَصُدُّ أَي تَضِجُّ وتَجُمُّ [تَجِمُ] مِنَ الْجَمَامِ والأَفْعَى تَفُحُّ [تَفِحُ] والفرس تَشُبُّ [تَشِبُ]، وَمَا كَانَ مُتَعَدِّيًا فَمُسْتَقْبَلُهُ يجيءُ بِالضَّمِّ إِلَّا خَمْسَةَ أَحرف جَاءَتْ بِالضَّمِّ والكسر وهي: تَشُدُّه [تَشِدُّه] وتَعُلُّه [تَعِلُّه] ويَبُثُّ [يَبِثُ] الشيءَ ويَنُمُّ [يَنِمُ] الْحَدِيثَ ورَمَّ الشَّيْءَ يَرُمُّه [يَرِمُّه]. والفُحُحُ: الأَفاعِي، وفَحِيحُ الْحَيَّاتِ بَعْدَ الأَفْعَى «2» مِنْ أَصوات أَفواهها. وفَحَّ الرَّجُلُ فِي نَوْمِهِ يَفُحُّ فَحِيحاً وفَحْفَحَ: نَفَخَ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: هُوَ عَلَى التَّشْبِيهِ بِفَحِيح الأَفْعَى. والفَحْفَحَةُ: تَرَدُّد الصَّوْتِ فِي الحَلْق شَبِيهٌ بالبُحَّة. والفَحْفاحُ: الأَبَحُّ؛ زَادَ الأَزهري: مِنَ الرِّجَالِ. والفَحْفَحَة: الكلامُ؛ عَنْ كُرَاعٍ. وَرَجُلٌ فَحْفاحٌ: مُتكلم، وَقِيلَ: هُوَ الْكَثِيرُ الْكَلَامِ. ابْنُ الأَعرابي: فَحْفَحَ إِذا صَحَّحَ المودَّة وأَخلصها. وحَفْحَفَ إِذا ضَاقَتْ مَعِيشَتُهُ. والفَحْفاحُ: اسْمُ نَهْرٍ في الجنة.
فدح: الفَدْحُ: إِثقالُ الأَمرِ والحِمْلِ صاحبَه. فَدَحَه الأَمرُ والحِمْلُ والدَّينُ يَفْدَحُه فَدْحاً: أَثقله، فَهُوَ فَادِحٌ؛ وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ جُرَيج: أَن رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ أَن لَا يَتْرُكُوا فِي الإِسلام مَفْدُوحاً فِي فِداءٍ أَو عَقْل
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: هُوَ الَّذِي فَدَحَه الدَّين أَي أَثقله؛ وَفِي حَدِيثِ غَيْرِهِ: مُفْدَحاً. فأَما قَوْلُ بَعْضِهِمْ فِي الْمَفْعُولِ مُفْدَح فَلَا وَجْهَ لَهُ لأَنَّا لَا نَعْلَمُ أَفْدَحَ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ ذِي يَزَنَ: لكَشْفِكَ الكَرْبَ الَّذِي فَدَحَنا
أَي أَثقلنا. والفادِحةُ: النَّازِلَةُ؛ تَقُولُ: نَزَلَ بِهِ أَمرٌ فَادِحٌ إِذا غَالَهُ وبَهَظه. وَلَمْ يُسمع أَفْدَحه الدَّين مِمَّنْ يُوثَقُ بعربيته.
__________
(1). 1
قوله" والفتاحة طويرة" عبارة المجد والفتاحية، بزيادة ياء تحتية. قال الشارح: والذي في اللسان وغيره والفتاحة بدون ياء.
(2).
قوله [بعد الأَفعى] كذا بالأَصل.

(2/540)


فذح: تَفَذَّحت النَّاقَةُ وانْفَذَحَتْ إِذا تَفاجَّت لتبُول، وَلَيْسَتْ بثَبَتٍ؛ قَالَ الأَزهري: لَمْ أَسمع هَذَا الْحَرْفَ لِغَيْرِ ابْنِ دُرَيْدٍ، وَالْمَعْرُوفُ فِي كَلَامِهِمْ بِهَذَا الْمَعْنَى تَفَشَّجَتْ وتَفَشَّحَت، بالجيم والحاء.
فرح: الفَرَحُ: نَقِيضُ الحُزْن؛ وَقَالَ ثَعْلَبٌ: هُوَ أَن يَجِدَ فِي قَلْبِهِ خِفَّةً؛ فَرِحَ فَرَحاً، وَرَجُلٌ فَرِحٌ وفَرُحٌ وَمَفْرُوحٌ، عَنِ ابْنِ جِنِّي، وفَرحانُ مِنْ قَوْمٍ فَراحَى وفَرْحَى وامرأَةٌ فَرِحةٌ وفَرْحَى وفَرحانة؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَحُقُّه. والفَرَحُ أَيضاً: البَطَرُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَاهُ، وَاللَّهُ أَعلم: لَا تَفْرَحْ بِكَثْرَةِ الْمَالِ فِي الدُّنْيَا لأَن الَّذِي يَفْرَحُ بِالْمَالِ يَصْرِفُهُ فِي غَيْرِ أَمر الْآخِرَةِ؛ وَقِيلَ: لَا تَفْرَحْ لَا تَأْشَرْ، وَالْمَعْنَيَانِ مُتَقَارِبَانِ لأَنه إِذا سُرَّ رُبَّمَا أَشِرَ. والمِفْراحُ: الَّذِي يَفْرَحُ كُلَّمَا سَرَّه الدهرُ، وَهُوَ الْكَثِيرُ الفَرَح؛ وَقَدْ أَفْرَحه وفَرَّحَه. والفُرْحَة والفَرْحة: المَسَرَّة. وفَرِحَ بِهِ: سُرَّ. والفُرْحة أَيضاً: مَا تُعْطِيهِ المُفَرِّحَ لَكَ أَو تُثِيبُهُ بِهِ مكافأَة لَهُ. وَفِي حَدِيثِ التَّوْبَةِ:
للهُ أَشدُّ فَرَحاً بتوبةِ عَبْدِهِ
؛ الفَرَحُ هَاهُنَا وَفِي أَمثاله كِنَايَةٌ عَنِ الرِّضَا وَسُرْعَةِ الْقَبُولِ وَحُسْنِ الْجَزَاءِ لِتَعَذُّرِ إِطلاق ظَاهِرِ الْفَرَحِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى. وأَفْرَحه الشيءُ والدَّينُ: أَثقله؛ والمُفْرَحُ: المُثْقَلُ بالدَّين؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدَةَ لبَيْهَسٍ العُذْرِيّ:
إِذا أَنتَ أَكثرتَ الأَخِلَّاءَ، صادَفَتْ ... بِهِمْ حاجةٌ بعضَ الَّذِي أَنتَ مانِعُ
إِذا أَنتَ لَمْ تَبْرَحْ تُؤَدِّي أَمانةً، ... وتَحْمِلُ أُخْرَى، أَفْرَحَتْكَ الودائِعُ
وَرَجُلٌ مُفْرَحٌ: مُحْتَاجٌ مَغْلُوبٌ؛ وَقِيلَ: فَقِيرٌ لَا مَالَ لَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: لَا يُتْرَكُ فِي الإِسلام مُفْرَحٌ
أَي لَا يُتْرَكُ فِي أَخلافِ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى يُوَسَّعَ عَلَيْهِ ويُحْسَنَ إِليه؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: المُفْرَحُ الَّذِي قَدْ أَفْرَحه الدَّين والغُرْمُ أَي أَثقله وَلَا يَجِدُ قَضَاءَهُ؛ وَقِيلَ: أَثْقَلَ الدَّيْنُ ظَهْرَهُ. قَالَ الزُّهريُّ: كَانَ فِي الْكِتَابِ الَّذِي كَتَبَهُ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ والأَنصار: أَن لَا يَتْرُكُوا مُفْرَحاً حَتَّى يُعِينُوهُ عَلَى مَا كَانَ مِنَ عَقْل أَو فِداء؛ قَالَ: والمُفْرَحُ المَفْدُوحُ، وَكَذَلِكَ قَالَ الأَصمعي قَالَ: هُوَ الَّذِي أَثقله الدَّيْنُ؛ يَقُولُ: يُقْضَى عَنْهُ دينُه مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَلَا يُتْرَكُ مَدِيناً، وأَنكر قَوْلَهُمْ مُفْرَج، بِالْجِيمِ؛ الأَزهري: مَنْ قَالَ مُفْرَحٌ، فَهُوَ الَّذِي أَثقله الْعِيَالُ وإِن لَمْ يَكُنْ مُداناً. والمُفْرَح: الَّذِي لَا يُعرف لَهُ نَسَبٌ وَلَا وَلاءٌ، وَرَوَى بَعْضُهُمْ هَذِهِ بِالْجِيمِ. وأَفْرَحه: سَرَّه، يُقَالُ: مَا يَسُرُّني بِهَذَا الأَمر مُفْرِحٌ ومَفْرُوحٌ بِهِ، وَلَا تَقُلْ مَفْرُوحٌ. الأَزهري: يُقَالُ مَا يَسُرُّني بِهِ مَفْرُوحٌ ومُفْرِحٌ، فالمَفْرُوح الشَّيْءُ الَّذِي أَنا بِهِ أَفْرَحُ، والمُفْرِحُ الشَّيْءُ الَّذِي يُفْرِحُني؛ وَرُوِيَ عَنِ الأَصمعي: يُقَالُ مَا يَسُرُّني بِهِ مُفْرِحٌ وَلَا يَجُوزُ مَفْرُوح، قَالَ: وَهَذَا عِنْدَهُ مِمَّا تَلْحَنُ فِيهِ الْعَامَّةِ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَمِنْ قَالَ مُفْرَجٌ، فَهُوَ الَّذِي يُسْلِمُ وَلَا يوالي أَحداً فإِذا جنى جِنَايَةً كَانَتْ جِنَايَتُهُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ لأَنه لَا عَاقِلَةَ لَهُ. والتَفْريح: مِثْلُ الإِفراح؛ وَتَقُولُ: لَكَ عِنْدِي فَرْحةٌ إِن بَشَّرْتَني، وفُرْحةٌ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وأَفْرَحَه إِذا غَمَّه، وَحَقِيقَتُهُ أَزَلْتُ عَنْهُ الفَرَح كأَشْكَيْته إِذا أَزلت شَكْواه، والمُثْقَلُ بِالْحُقُوقِ مَغْمُومٌ مَكْرُوبٌ إِلى أَن يَخْرُجَ عَنْهَا، وَيُرْوَى بِالْجِيمِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ؛ وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ:

(2/541)


ذكرتْ أُمُّنا يُتْمَنا وَجَعَلَتْ تُفْرِحُ لَهُ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: قَالَ أَبو مُوسَى: كَذَا وَجَدْتُهُ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، قَالَ: وَقَدْ أَضْرَبَ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ هَذِهِ اللَّفْظَةِ فَتَرَكَهَا مِنَ الْحَدِيثِ، فإِن كَانَتْ بِالْحَاءِ، فَهُوَ مِنْ أَفْرَحَه إِذا غَمَّه وأَزال عَنْهُ الفَرَحَ وأَفْرَحَه الدَّينُ إِذا أَثقله، وإِن كَانَتْ بِالْجِيمِ، فَهُوَ مِنَ المُفْرَجِ الَّذِي لَا عَشِيرَةَ لَهُ، فكأَنها أَرادت أَن أَباهم تُوُفِّيَ وَلَا عَشِيرَةَ لَهُمْ، فَقَالَ
النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: أَتَخافِينَ العَيْلَةَ وأَنا وَلِيُّهم؟
والمُفْرَحُ: الْقَتِيلُ يُوجَدُ بَيْنَ الْقَرْيَتَيْنِ، وَرُوِيَتْ بِالْجِيمِ أَيضاً. وَرَوَى ابْنُ الأَعرابي: أَفْرَحَني الشيءُ سَرَّني وغَمَّني. والفُرْحانةُ «1»: الكَمْأَةُ الْبَيْضَاءُ؛ عَنْ كُرَاعٍ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ وَالَّذِي رَوَيْنَاهُ قُرْحَانُ، بِالْقَافِ، وَسَنَذْكُرُهُ. والمُفَرِّحُ: دَوَاءٌ مَعْرُوفٌ.
فرسح: الأَزهري عَنْ أَبي زَيْدٍ: الفِرْساحُ الأَرض الْعَرِيضَةُ الْوَاسِعَةُ؛ قَالَ الأَزهري: هَكَذَا أَقْرَأَنِيه الإِيادِيُّ ثُمَّ قَالَ شَمِرٌ: هَذَا تَصْحِيفٌ، وَالصَّوَابُ الفِرْشاح، بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ، مِنْ فَرْشَح فِي جِلْسَتِه. وفَرْسَح الرجلُ إِذا وَثَبَ وَثْباً مُتَقَارِبًا؛ قَالَ الأَزهري: هَذَا الْحَرْفُ مِنَ الجَمْهَرة وَلَمْ أَجده لأَحد مِنَ الثِّقَاتِ فلْيُفْحَصْ عنه.
فرشح: الفِرْشاحُ مِنَ النِّسَاءِ: الْكَبِيرَةُ السَّمِجَة، وَكَذَلِكَ هِيَ مِنَ الإِبل؛ قَالَ:
سَقَيْتُكمُ الفِرْشاحَ، نَأْياً لأُمِّكُمْ ... تَدِبُّونَ للمَوْلى دَبيبَ العَقارِب
والفِرْشاحُ مِنَ السَّحَابُ: الَّذِي لَا مَطَرَ فِيهِ. والفِرْشاحُ: الأَرض الْوَاسِعَةُ الْعَرِيضَةُ. وَحَافِرٌ فِرْشاحٌ: مُنْبَطِح؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ فِي صِفَةِ الْحَافِرِ:
بكُلِّ وَأْبٍ للحَصَى رَضَّاحِ، ... لَيْسَ بمُصْطَرٍّ وَلَا فِرْشاحِ
الوَأْبُ: المُقَعَّبُ الشَّدِيدُ. والمُصْطَرُّ: الضَّيِّق. وفَرْشَحَتِ النَّاقَةُ: تَفَحَّجَتْ للحَلْبِ وفَرْطَشَتْ لِلْبَوْلِ؛ قَالَ الأَزهري: هَكَذَا وَجَدْتُهُ فِي كِتَابِ، وَالصَّوَابُ فَطْرَشَتْ، إِلا أَن يَكُونَ مَقْلُوبًا. وفَرشحَ الرجلُ: وَثَبَ وَثْباً مُتَقَارِبًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْحَاءِ أَيضاً. والفَرْشَحة: أَن يَقْعُد مُسْتَرْخِيًا فَيُلْصِقَ فَخِذَيْهِ بالأَرض كالفَرْشَطَة سَوَاءٌ؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ أَن يَقْعُدَ وَيَفْتَحَ مَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الفَرْشَحة أَن يَفْرِشَ بَيْنَ رِجْلَيْهِ ويُباعِدَ إِحداهما مِنَ الأُخرى؛ وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: فَرْشَحَ الرجلُ فِي صَلَاتِهِ، وَهُوَ أَن يُفَحِّجَ بَيْنَ رِجْلَيْهِ جِدًّا وَهُوَ قَائِمٌ؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: أَنه كَانَ لَا يُفَرْشِحُ رِجْلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ وَلَا يُلْصِقُهما وَلَكِنْ بَيْنَ ذَلِكَ.
فرطح: رأْسٌ مُفَرْطَحٌ أَي عَرِيضٌ. وفَرْطَحَ القُرْصَ وفَلْطَحه إِذا بَسَطَهُ؛ وأَنشد لِرَجُلٍ مِنْ بَلْحَرِثِ بْنِ كَعْبٍ يَصِفُ حَيَّةً ذَكَرًا، وَهُوَ ابْنُ أَحمر البَجَلِيّ لَيْسَ الباهِليَّ:
خُلِقَتْ لَهازِمُه عِزِينَ، ورأْسُه ... كالقُرْصِ فُرْطِحَ مِنْ طَحِينِ شَعيرِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ فُلْطِح، بِاللَّامِ، قال: وكذلك أَنشد الآمِدِيّ؛ وَبَعْدَهُ:
ويُدِيرُ عَيناً للوَداعِ، كأَنها ... سَمْراءُ طاحتْ من نَقِيصِ بَريرِ
__________
(1).
قوله [والفرحانة] بضم الفاء بضبط الأَصل، وبفتحها بضبط المجد، واتفقا على ضبط القرحان بالقاف مضمومة.

(2/542)


وكأَنَّ شِدْقَيْهِ، إِذا اسْتَقْبَلْتَه، ... شِدْقا عَجُوزٍ مَضْمَضَتْ لطُهُورِ
وكل شيء عَرَّضْته فقد فَرْطَحْتَه.
فرقح: الفَرْقَحُ «1»: الأَرضُ المَلْساءُ.
فركح: الفَرْكَحة: تَباعُدُ مَا بَيْنَ الأَلْيَتَينِ؛ عَنْ كُرَاعٍ. والفِرْكاحُ: الرَّجُلُ الَّذِي ارْتَفَعَ مِذْرَوا اسْتِه وَخَرَجَ دُبُره، وَهُوَ المُفَرْكَحُ؛ وأَنشد:
جاءتْ به مُفَرْكَحاً فِرْكاحا
فسح: الفُساحةُ: السَّعةُ الواسعةُ «2» فِي الأَرض. والفُسْحةُ: السَّعةُ؛ فَسُحَ المكانُ فَساحةً وتَفَسَّحَ وانْفَسَحَ، وَهُوَ فَسِيحٌ وفُسُحٌ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: اللَّهُمَّ افْسَحْ لَهُ مُنْفَسَحاً «3» فِي عَدْلِك
أَي أَوسِع لَهُ سَعَةً فِي دَارِ عَدْلك يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ وَيُرْوَى: فِي عَدْنِك، بِالنُّونِ، يَعْنِي جنةَ عَدْنٍ. ومَجْلِسٌ فُسُحٌ، عَلَى فُعُل، وفُسْحُمٌ: وَاسِعٌ. وَبَلَدٌ فَسِيحٌ ومَفازة فَسِيحة وَمَنْزِلٌ فَسِيح أَي وَاسِعٌ. وَفِي حَدِيثِ
أُم زَرْع: وبيتُها فُساحٌ
أَي وَاسِعٌ. يُقَالُ: بَيْتٌ فَسيح وفُساح مِثْلُ طَويل وطُوال وَيُرْوَى فَيَّاح بِمَعْنَاهُ. وفَسَحَ لَهُ فِي الْمَجْلِسِ يَفْسَحُ فَسْحاً وفُسُوحاً وتَفَسَّح: وَسَّع لَهُ. وَفِي التَّنْزِيلِ: إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: قرأَها النَّاسُ تَفَسَّحُوا، بِغَيْرِ أَلف، وقرأَها الْحَسَنُ تَفاسَحُوا، بأَلف؛ قَالَ: وتَفاسَحُوا وتَفَسَّحُوا متقاربٌ فِي الْمَعْنَى مِثْلُ تَعَهَّدْتُه وتَعاهَدْتُه، وصَعَّرْتُ وصاعَرْتُ. والقومُ يَتَفَسَّحُون إِذا مَكَنُوا. وَرَجُلٌ فُسُحٌ وفُسْحُمٌ: وَاسِعُ الصَّدْرِ، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ. وَفِي صِفَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
فَسِيحُ مَا بَيْنَ المَنْكِبَينِ
أَي بَعِيدُ مَا بَيْنَهُمَا، يَصِفُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِسَعَةِ صَدْرِهِ. وأَمر فَسِيحٌ وفُسُحٌ: وَاسِعٌ، وَمَفَازَةٌ فُسُحٌ كَذَلِكَ. وَفِي هَذَا الأَمر فُسْحةٌ أَي سَعة. وانْفَسَح طَرْفُه إِذا لَمْ يَرُدُّهُ شَيْءٌ عَنْ بُعْدِ النَّظَرِ. قَالَ الأَزهري: سَمِعْتُ أَعرابيّاً مِنْ بَنِي عُقَيْل يُسَمَّى شَمْلَة يَقُولُ لخَرَّازٍ كَانَ يَخْرِزُ لَهُ قِرْبَةً فَقَالَ لَهُ: إِذا خَرَزْت فأَفْسِحِ الخُطى لِئَلَّا يَنْخَرِم الخَرْزُ، يَقُولُ باعِدْ بَيْنَ الخُرْزَتين. والفُسْحتانِ: مَا لَا شَعْرَ عَلَيْهِ مِنْ جانِبَي العَنْفَقَةِ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: فلانٌ ابنُ فُسْحُمٍ، وَقَالَ: نُرَى أَنه مِنَ الفُسْحةِ والانْفِساحِ، قَالَ: وَلَا أَدري مَا هَذَا. وانْفَسَحَ صدرُه: انشرحَ. قَالَ الأَصمعي: مُراحٌ مُنْفَسِحٌ إِذا كَثُرَتْ نَعَمُه، وَهُوَ ضِدُّ قَرِعَ المُراحُ. وَقَدِ انْفَسَح مُراحُهم إِذا كَثُرَتْ إِبلهم؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:
سَأُغْنِيكُمْ إِذا انْفَسَحَ المُراحُ
وَقَالَ الأَزهري فِي آخِرِ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ: وَجَمَلٌ مَفْسُوحُ الضُّلُوع بِمَعْنَى مَسْفُوحٍ يَسْفَح فِي الأَرض سَفْحاً؛ قَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ:
فَقَرَّبْتُ مَسْفوحاً لِرَحْلي، كأَنه ... قَرَى ضِلَعٍ، قَيْدامُها وصَعُودُها
فشح: تَفَشَّحتِ الناقةُ وانْفَشَحَتْ: تَفاجَّتْ؛ قَالَ:
إِنكِ لَوْ صاحَبْتِنا مَذِحْتِ، ... وحَكَّكِ الحِنْوانِ فانْفَشَحْتِ
__________
(1).
قوله [الفرقح] كذا بالأَصل بفاء فقاف، وفي القاموس بفاءين، ونبه عليه شارحه.
(2).
قوله [الفساحة السعة الواسعة] كذا بالأَصل ولعله الفساحة الساحة الواسعة.
(3).
قوله [منفسحاً] كذا بالأَصل. والذي في النهاية مفتسحاً.

(2/543)


وَرَوَى ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: فَشَحَ وفَشَجَ وفَشَّحَ وفَشَّجَ إِذا فَرَّجَ مَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ، بِالْحَاءِ وَالْجِيمِ.
فصح: الفَصاحةُ: البَيان؛ فَصُحَ الرجلُ فَصاحة، فَهُوَ فَصِيح مِنْ قَوْمٍ فُصَحاء وفِصاحٍ وفُصُحٍ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: كَسَّرُوهُ تَكْسِيرَ الِاسْمِ نَحْوُ قَضِيبٍ وقُضُب؛ وامرأَة فَصِيحةٌ مِنْ نِسوة فِصاحٍ وفَصائحَ. تَقُولُ: رَجُلٌ فَصِيح وَكَلَامٌ فَصِيح أَي بَلِيغ، وَلِسَانٌ فَصِيح أَي طَلْقٌ. وأَفْصَحَ الرجلُ القولَ، فَلَمَّا كَثُرَ وَعُرِفَ أَضمروا الْقَوْلَ وَاكْتَفَوْا بِالْفِعْلِ مِثْلُ أَحْسَنَ وأَسْرَعَ وأَبْطَأَ، وإِنما هُوَ أَحْسَنَ الشيءَ وأَسرعَ العملَ، قَالَ: وَقَدْ يَجِيءُ فِي الشِّعْرِ فِي وَصْفِ العُجْم أَفْصَحَ يُرِيدُ بِهِ بَيَانَ الْقَوْلِ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ؛ كَقَوْلِ أَبي النَّجْمِ:
أَعْجَمَ فِي آذانِها فَصِيحا
يَعْنِي صَوْتَ الْحِمَارِ أَنَّهُ أَعجم، وَهُوَ فِي آذَانِ الأُتُن فَصِيحٌ بَيِّنٌ. وفَصُح الأَعجميُّ، بِالضَّمِّ فَصاحة: تَكَلَّمَ بِالْعَرَبِيَّةِ وفُهِمَ عَنْهُ، وَقِيلَ: جَادَتْ لُغَتُهُ حَتَّى لَا يَلْحَنُ، وأَفْصَح كَلَامُهُ إِفْصاحاً. وأَفْصَح: تَكَلَّمَ بالفَصاحةِ؛ وَكَذَلِكَ الصَّبِيُّ؛ يُقَالُ: أَفْصَحَ الصبيُّ فِي مَنْطِقِه إِفْصاحاً إِذا فَهِمْتَ مَا يَقُولُ فِي أَوّل مَا يَتَكَلَّمُ. وأَفْصَحَ الأَغْتَمُ إِذا فَهِمْتَ كَلَامَهُ بَعْدَ غُتْمَتِه. وأَفْصَح عَنِ الشَّيْءِ إِفصاحاً إِذا بَيَّنه وكَشَفَه. وفَصُح الرجلُ وتَفَصَّح إِذا كَانَ عَرَبِيَّ اللِّسَانِ فَازْدَادَ فَصاحة؛ وَقِيلَ تَفَصَّح فِي كَلَامِهِ. وتَفاصَح: تكلَّف الفَصاحةَ. يُقَالُ: مَا كَانَ فَصِيحاً وَلَقَدْ فَصُحَ فَصاحة، وَهُوَ البَيِّنُ فِي اللِّسَانِ والبَلاغة. والتَّفَصُّحُ: اسْتِعْمَالُ الْفَصَاحَةِ، وَقِيلَ: التَّشَبُّه بالفُصَحاء، وَهَذَا نَحْوُ قَوْلِهِمْ: التَّحَلُّم الَّذِي هُوَ إِظهار الحِلْم. وَقِيلَ: جميعُ الْحَيَوَانِ ضَرْبَانِ: أَعجَمُ وفَصِيح، فَالْفَصِيحُ كلُّ نَاطِقٍ، والأَعجمُ كلُّ مَا لَا يَنْطِقُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
غُفِر لَهُ بِعَدَدِ كُلِّ فَصِيح وأَعْجَم
؛ أَراد بِالْفَصِيحِ بَنِي آدَمَ، وبالأَعجم الْبَهَائِمَ. والفَصِيحُ فِي اللُّغَةِ: الْمُنْطَلِقُ اللِّسَانِ فِي الْقَوْلِ الَّذِي يَعْرف جَيِّدَ الْكَلَامِ مِنْ رَدِيئِهِ، وَقَدْ أَفْصَح الكلامَ وأَفْصَحَ بِهِ وأَفْصَح عَنِ الأَمر. وَيُقَالُ: أَفْصِحْ لِي يَا فُلَانُ وَلَا تُجَمْجِمْ؛ قَالَ: وَالْفَصِيحُ فِي كَلَامِ الْعَامَّةِ المُعْرِبُ. وَيَوْمٌ مُفْصِح: لَا غَيْمَ فِيهِ وَلَا قُرَّ. الأَزهري: قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: هَذَا يومٌ فِصْحٌ كَمَا تَرَى إِذا لَمْ يَكُنْ فِيهِ قُرّ. والفِصْحُ: الصَّحْو مِنَ القُرّ، قَالَ: وَكَذَلِكَ الفَصْيَةُ، وَهَذَا يومٌ فَصْيةٌ كَمَا تَرَى، وَقَدْ أَفْصَيْنا مِنْ هَذَا القُرّ أَي خَرَجْنَا مِنْهُ. وَقَدْ أَفْصَى يومُنا وأَفْصَى القُرّ إِذا ذَهَبَ. وأَفصح اللبَنُ: ذَهَبَ اللِّبأُ عَنْهُ؛ والمُفْصِحُ مِنَ اللَّبَنِ كَذَلِكَ. وفَصُحَ اللَّبَنُ إِذا أُخِذَتْ عَنْهُ الرَّغْوةُ؛ قَالَ نَضْلَةُ السُّلَمِيُّ:
رَأَوْهُ فازْدَرَوْهُ، وَهْوَ خِرْق، ... ويَنْفَعُ أَهلَه الرجلُ القَبِيحُ
فَلَمْ يَخْشَوْا مَصالَتَه عَلَيْهِمْ، ... وَتَحْتَ الرَّغْوَةِ، اللبَنُ الفَصِيحُ
وَيُرْوَى: اللَّبَنُ الصَّرِيحُ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والرَّغوة، بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ. وأَفْصَحَتِ الشاةُ وَالنَّاقَةُ: خَلَصَ لَبَنُهما؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: أَفْصَحَتِ الشاةُ إِذا انْقَطَعَ لِبَؤُها وَجَاءَ اللبنُ بَعْدُ والفِصْحُ، وَرُبَّمَا سُمِّيَ اللَّبَنُ فِصْحاً وفَصِيحاً. وأَفْصَحَ البَوْلُ: كأَنه صَفا، حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي، قَالَ: وَقَالَ رَجُلٌ مِنْ غَنِيٍّ مَرِضَ: قَدْ أَفْصَحَ بَوْلِي اليومَ وَكَانَ أَمسِ مثلَ الحِنَّاء، وَلَمْ يُفَسِّرْهُ.

(2/544)


والفِصْحُ، بِالْكَسْرِ: فِطْرُ النصارَى، وَهُوَ عِيدٌ لَهُمْ. وأَفْصَحُوا: جَاءَ فِصْحُهم، وَهُوَ إِذا أَفْطَرُوا وأَكلوا اللَّحْمَ. وأَفْصَحَ الصُّبحُ: بَدَا ضوءُه وَاسْتَبَانَ. وكلُّ مَا وَضَحَ، فَقَدْ أَفْصَحَ. وكلُّ وَاضِحٍ: مُفْصِحٌ. وَيُقَالُ: قَدْ فَصَحَكَ الصُّبح أَي بَانَ لَكَ وغَلبَك ضوءُه، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: فَضَحَكَ، وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: فَصَحه الصبحُ هَجَمَ عَلَيْهِ. وأَفْصَح لَكَ فلانٌ: بَيَّن وَلَمْ يُجَمْجِمْ. وأَفْصَح الرَّجُلُ مِنْ كَذَا إِذا خَرَجَ مِنْهُ.
فضح: الفَضْحُ: فعلُ مُجَاوِزٌ مِنَ الْفَاضِحِ إِلى المَفْضُوح، وَالِاسْمُ الفَضِيحةُ، وَيُقَالُ للمُفْتَضِح: يَا فَضُوح؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
قومٌ، إِذا مَا رَهِبُوا الفَضائِحا ... عَلَى النساءِ، لَبِسُوا الصَّفائِحا
وَيُقَالُ: افْتَضَحَ الرجلُ يَفْتَضِحُ افْتِضاحاً إِذا رَكِبَ أَمراً سَيِّئاً فَاشْتُهِرَ بِهِ. وَيُقَالُ لِلنَّائِمِ وَقْتَ الصَّبَاحِ. فَضَحك الصُّبح فقُمْ مَعْنَاهُ أَن الصُّبح قَدِ اسْتَنَارَ وَتَبَيَّنَ حَتَّى بَيَّنك لِمَنْ يَراك وشَهَرَكَ. وَقَدْ يُقَالُ أَيضاً: فَصَحك الصُّبْحُ، بِالصَّادِ، ومعناهما مقارب؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن بِلَالًا أَتى ليُؤَذِّنَ بِالصُّبْحِ فَشَغَلَت عائشةُ بِلَالًا حَتَّى فَضَحَه الصُّبْحُ
أَي دَهَمَتْه فُضْحةُ الصُّبح، وَهِيَ بَيَاضُهُ؛ وَقِيلَ: فَضَحَه كَشَفَهُ وبَيَّنَه للأَعْيُن بِضَوْئِهِ، وَيُرْوَى بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ، وَهُوَ بِمَعْنَاهُ؛ وَقِيلَ مَعْنَاهُ: إِنه لِمَا تَبَيَّنَ الصُّبْحُ جِدًّا ظَهَرَتْ غَفْلَتُهُ عَنِ الْوَقْتِ فَصَارَ كَمَا يَفْتَضح بِعَيْبٍ ظَهَرَ مِنْهُ. وفضَحَ الشيءَ يَفْضَحُه فَضْحاً فافْتَضَح إِذا انْكَشَفَتْ مَسَاوِيهِ، وَالِاسْمُ الفَضاحَة والفُضُوحُ والفُضُوحَة والفَضِيحة. وَرَجُلٌ فَضَّاحٌ وفَضُوح: يَفْضَحُ الناسَ. وفَضَحَ القمرُ النجومَ: غَلَبَ ضوءُه ضوءَها فَلَمْ يَتَبَيَّنْ. وفَضَّحَ الصُّبْحُ وأَفْضَحَ: بَدَا. والأَفْضَحُ: الأَبيضُ، وَلَيْسَ بِشَدِيدِ الْبَيَاضِ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
فأَضْحَى لَهُ جُلْبٌ، بأَكنافِ شُرْمةٍ، ... أَجَشُّ سِماكِيٌّ مِنَ الوَبْلِ أَفْضَحُ
الأَجَشُّ: الَّذِي فِي رَعْدِهِ غِلَظٌ. والسِّماكِيّ: الَّذِي مُطِرَ بِنَوْءِ السِّماكِ. وشُرمة: مَوْضِعٌ بِعَيْنِهِ. وأَكنافها: نَوَاحِيهَا. والجُلْب: السحابُ. وَالِاسْمُ الفُضْحةُ؛ وَقِيلَ: الفُضْحة والفَضَحُ غُبْرَةٌ فِي طُحلةِ يُخَالِطُهَا لونٌ قَبِيحٌ يَكُونُ فِي أَلوان الإِبل وَالْحَمَامِ، وَالنَّعْتُ أَفْضَحُ وفَضْحاءُ، وَهُوَ أَفْضَحُ وَقَدْ فَضِحَ فَضَحاً. والأَفْضَحُ: الأَسد لِلَوْنِهِ، وَكَذَلِكَ الْبَعِيرُ، وَذَلِكَ مِنْ فَضَحِ اللونِ. قَالَ أَبو عَمْرٍو: سأَلت أَعرابيّاً عَنِ الأَفْضَح، فَقَالَ: هُوَ لَوْنُ اللَّحْمِ الْمَطْبُوخِ. وأَفْضَحَ البُسْرُ إِذا بَدَتِ الْحُمْرَةُ فِيهِ. وأَفْضَح النَّخْلُ: احمرَّ واصفرَّ؛ قَالَ أَبو ذؤَيب الْهُذَلِيُّ:
يَا هلْ رأَيتَ حُمُولَ الحَيِّ عادِيَةً، ... كَالنَّخْلِ، زَيَّنَها. يَنْعٌ وإِفْضاحُ
وَسُئِلَ بعضُ الْفُقَهَاءِ عَنْ فضِيح البُسْر، فَقَالَ: لَيْسَ بالفَضِيح وَلَكِنَّهُ الفَضُوح؛ أَراد أَنه يُسْكِر فَيَفضَحُ شَارِبَهُ إِذا سَكِرَ مِنْهُ. والفَضِيحة: اسْمٌ مِنْ هَذَا لكل أَمر سَيّءٍ يَشْهَرُ صاحبَه بِمَا يسوءُ.
فطح: الفَطَحُ: عِرَضٌ فِي وَسَطِ الرأْس والأَرْنَبةِ حَتَّى تَلْتَزِقَ بِالْوَجْهِ كَالثَّوْرِ الأَفْطَحِ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ يَصِفُ الهامة:
قَبْضاء لَمْ تُفْطَحْ وَلَمْ تُكَتَّلِ

(2/545)


وَرَجُلٌ أَفْطَحُ: عَرِيضُ الرأْس بَيِّنُ الفَطَحِ، والتَّفْطِيحُ مِثْلُهُ. ورأْس أَفْطَحُ ومُفَطَّحٌ: عَريض، وأَرْنَبَةٌ فَطْحاء. والأَفْطَحُ: الثَّوْرُ، لِذَلِكَ، صِفَةٌ غَالِبَةٌ. وَيُقَالُ: فَطَّحْتُ الحديدةَ إِذا عَرَّضْتها وسَوَّيتَها لمِسْحاة أَو مِعْزَقٍ أَو غَيْرِهِ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
هُوَ القَيْنُ وابنُ القَيْنِ، لَا قَيْنَ مثلُه ... لفَطْحِ المَساحي، أَو لجَدْلِ الأَداهِمِ
الْجَوْهَرِيُّ: فَطَحَه فَطْحاً جَعَلَهُ عَرِيضًا؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
مَفْطُوحةُ السِّيَتَيْنِ تُوبِعَ بَرْيُها، ... صَفْراءُ ذاتُ أَسِرَّةِ وسَفاسِقِ
وفَطَحَ العُودَ وَغَيْرَهُ يَفْطَحُه فَطْحاً، وفَطَّحَه: بَراه وعَرَّضَه؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
أَلْقَى عَلَى فَطْحائها مَفْطُوحا، ... غادَرَ جُرْحاً ومَضَى صحِيحا
قَالَ: يَعْنِي السَّهْمَ وَقَعَ فِي الرَّمِيَّةِ فَجَرَحها وَمَضَى وَهُوَ سَلِيمٌ. وعَنى بالفَطْحاءِ الْمَوْضِعَ الْمُنْبَسِطَ مِنْهَا كالفَريصة والصُّفْح. وفَطَحَ ظَهْرَهُ يَفْطَحُه فَطْحاً: ضَرَبَهُ بِالْعَصَا. والأَفْطَحُ: الحِرْباءُ الَّذِي تَصْهَر الشمسُ ظَهْرَهُ ولونَه فيَبْيَضُّ مِنْ حَمْوِها. وفُطِّحَ النخلُ: لُقِّحَ «4»؛ عن كراع.
فقح: الأَزهري: التَّفَقُّحُ التَّفَتُّح فِي الْكَلَامِ، وَمِنْهُمْ مَنْ عَمَّ فَقَالَ: التَفَقُّحُ التَّفَتُّح. وفَقَحَ الجِرْوُ وفَقَّحَ: وَذَلِكَ أَوّلَ مَا يَفْتَحُ عَيْنَيْهِ، وَهُوَ صَغِيرٌ؛ يُقَالُ: فَقَّحَ الجِرْوُ وجَصَّصَ إِذا فَتَحَ عَيْنَيْهِ، وصَأْصأَ إِذا لَمْ يَفْتَحْ عَيْنَيْهِ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَفِي حَدِيثِ
عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ أَنه تَنَصَّر بَعْدَ إِسلامه، فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: إِنا فَقَّحْنا وصَأْصأْتم
أَي وَضَحَ لَنَا الحقُّ وعَشِيتُمْ عَنْهُ؛ وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ أَي أَبْصَرْنا رُشْدَنا وَلَمْ تُبْصِرُوا، وَهُوَ مُسْتَعَارٌ. وفَقَّحَ الوَرْدُ إِذا تَفَتَّحَ. وفَقَّحَ الشجرُ: انْشَقَّتْ عُيونُ وَرَقه وَبَدَتْ أَطرافه. والفُقَّاحُ: عُشْبَةٌ نَحْوُ الأُقْحُوانِ فِي النباتِ والمَنْبِتِ، واحدته فُقَّاحة، وَهُوَ مِنْ نَبَاتِ الرَّمْلِ؛ وَقِيلَ: الفُقَّاح أَشدُّ انْضِمَامِ زَهْرِهِ مِنَ الأُقحوان يَلْزَقُ بِهِ التُّرَابُ كَمَا يَلْزَقُ بالتَّرِبةِ والحَمَصِيصِ؛ وَقِيلَ: فُقَّاح كُلِّ نَبْتٍ زَهْرُه حِينَ يَتَفَتَّحُ عَلَى أَيِّ لَوْنٍ كَانَ، وَاحِدَتُهُ فُقَّاحة؛ قَالَ عَاصِمُ بْنُ مَنْظُورٍ:
كأَنكَ فُقَّاحةُ نَوَّرَتْ، ... مَعَ الصُّبْحِ، فِي طَرَفِ الحائِر
وَقِيلَ: الفُقَّاحُ نَوْرُ الإِذْخِر. الأَزهري: الفُقَّاح مِنَ العِطْرِ وَقَدْ يُجْعَلُ فِي الدَّوَاءِ، يُقَالُ لَهُ فُقَّاح الإِذْخِر، وَالْوَاحِدَةُ فُقَّاحة، قَالَ: وَهُوَ مِنَ الْحَشِيشِ؛ وَقَالَ الأَزهري: هُوَ نَور الإِذْخِر إِذا تَفَتَّحَ بُرعومه. وكلُّ نَوْرٍ تَفَتَّحَ، فَقَدْ تَفَقَّح، وَكَذَلِكَ الوَرْدُ وَمَا أَشبهه مِنْ بَراعِيمِ الأَنوارِ. وتَفَقَّحَتِ الوَرْدَةُ: تَفَتَّحَتْ. وَعَلَى فُلَانٍ حُلَّةٌ فُقاحِيَّة: وَهِيَ عَلَى لَوْنِ الوَرْدِ حِينَ هَمَّ أَن يَتَفَتَّحَ. وامرأَة فُقَّاحٌ، بِغَيْرِ هَاءٍ؛ عَنْ كُرَاعٍ: حَسَنةُ الخَلْقِ حادِرَتُه. وفُقَّاحةُ اليَدِ وفَقْحَتُها: راحَتُها، يَمَانِيَةٌ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِاتِّسَاعِهَا. والفَقْحةُ: مِنْدِيلُ الإِحرام، كُلُّ ذَلِكَ بِلُغَتِهِمْ. والفَقْحةُ: مَعْرُوفَةٌ، قِيلَ: هِيَ حَلْقَةُ الدُّبُر، وَقِيلَ: الدُّبُرُ الْوَاسِعُ، وَقِيلَ: هِيَ الدُّبُر بجُمْعِها ثُمَّ كَثُرَ حَتَّى سُمِّيَ كلُّ دُبُرٍ فَقْحَةً؛ قَالَ جَرِيرٌ:
__________
(4).
قوله [وفطح النخل لقح] كذا يضبط بالأَصل، وفي القاموس: وفطح النخل لقح من باب فرح فيهما انتهى. ولا مانع منهما.

(2/546)


وَلَوْ وُضِعَتْ فِقاحُ بَنِي نُمَيْرٍ ... عَلَى خَبَثِ الحَدِيدِ، إِذاً لَذَابَا
وَالْجَمْعُ الفِقَاحُ: وَهُمْ يَتَفاقَحُون إِذا جَعَلُوا ظُهُورَهُمْ لِظُهُورِهِمْ، كَمَا تَقُولُ: يَتَقَابَلُونَ وَيَتَظَاهَرُونَ. وفَقَحَ الشيءَ يَفْقَحُه فَقْحاً: سَفَّهُ كَمَا يُسَفُّ الدواء، يمانية.
فلح: الفَلَح والفَلاحُ: الْفَوْزُ وَالنَّجَاةُ وَالْبَقَاءُ فِي النَّعِيمِ وَالْخَيْرِ؛ وَفِي حَدِيثِ
أَبي الدَّحْداحِ: بَشَّرَك اللَّهُ بِخَيْرٍ وفَلَحٍ
أَي بَقاءٍ وفَوْز، وَهُوَ مَقْصُورٌ مِنَ الْفَلَاحِ، وَقَدْ أَفلح. قَالَ اللَّهِ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ
أَي أُصِيرُوا إِلى الْفَلَاحِ؛ قَالَ الأَزهري: وإِنما قِيلَ لأَهل الْجَنَّةِ مُفْلِحون لِفَوْزِهِمْ بِبَقَاءِ الأَبَدِ. وفَلاحُ الدَّهْرِ: بقاؤُه، يُقَالُ: لَا أَفعل ذَلِكَ فَلاحَ الدَّهْرِ؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
وَلَكِنْ لَيْسَ فِي الدُّنْيَا فَلاحُ «1»
أَي بَقَاءٌ. التَّهْذِيبُ: عَنِ ابْنِ السِّكِّيتِ: الفَلَح والفَلاح الْبَقَاءُ؛ قَالَ الأَعشى:
وَلَئِنْ كُنَّا كقومٍ هَلَكُوا ... مَا لِحَيٍّ، يَا لَقَوْمٍ، مِنْ فَلَحْ «2»
وَقَالَ عَدِيٌّ:
ثُمَّ بعدَ الفَلاحِ والرُّشْدِ والأُمَّةِ، ... وارَتْهُمُ هُنَاكَ القُبورُ
والفَلَحُ والفَلاحُ: السَّحُورُ لِبَقَاءِ غَنائه؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
صَلَّيْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى خَشِينا أَن يَفُوتَنا الفَلَحُ أَو الفَلاحُ
؛ يَعْنِي السَّحُور.
أَبو عُبَيْدٍ فِي حَدِيثِهِ: حَتَّى خَشِينَا أَن يَفُوتَنَا الْفَلَاحُ
، قَالَ: وَفِي الْحَدِيثِ
قِيلَ: وَمَا الفَلاحُ؟ قَالَ السَّحُور
؛ قَالَ: وأَصل الفَلاح الْبَقَاءُ؛ وأَنشد للأَضْبَطِ بْنِ قُرَيْعٍ السَّعْدِيّ:
لكُلِّ هَمٍّ منَ الهُمُومِ سَعَهْ، ... والمُسْيُ والصُّبْحُ لَا فَلاحَ مَعهْ
يَقُولُ: لَيْسَ مَعَ كَرِّ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ بَقاءٌ، فَكأَنَّ مَعْنَى السَّحُور أَن بِهِ بَقَاءَ الصَّوْمِ. والفَلاحُ: الْفَوْزُ بِمَا يُغْتَبَطُ بِهِ وَفِيهِ صَلَاحُ الْحَالِ. وأَفْلَحَ الرجلُ: ظَفِرَ. أَبو إِسحاق فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ*
؛ قَالَ: يُقَالُ لِكُلِّ مَنْ أَصاب خَيْرًا مُفْلح؛ وَقَوْلُ عَبِيدٍ:
أَفْلِحْ بِمَا شِئْتَ، فقد يُبْلَغُ بالنَّوكِ، ... وَقَدْ يُخَدَّعُ الأَرِيبُ
وَيُرْوَى: فَقَدْ يُبْلَغ بالضَّعْفِ، مَعْنَاهُ: فُزْ واظْفَرْ؛ التَّهْذِيبُ: يَقُولُ: عِشْ بِمَا شِئْتَ مِنْ عَقْلٍ وحُمْقٍ، فَقَدْ يُرْزَقُ الأَحْمَقُ ويُحْرَمُ الْعَاقِلُ. اللَّيْثُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلى
أَي ظَفِرَ بالمُلْكِ مَنْ غَلَبَ. ومن أَلفاط الْجَاهِلِيَّةِ فِي الطَّلَاقِ: اسْتَفْلِحِي بأَمرِك أَي فَوْزِي بِهِ؛ وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ أَنه قَالَ: إِذا قَالَ الرَّجُلُ لامرأَته اسْتَفْلِحي بأَمرك فقَبِلَتْه فواحدةٌ بَائِنَةٌ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: مَعْنَاهُ اظْفَري بأَمرك وَفَوْزِي بأَمرك واسْتَبِدّي بأَمرك. وقومٌ أَفلاح: مُفْلِحُون فَائِزُونَ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: لَا أَعرف لَهُ وَاحِدًا؛ وأَنشد:
بادُوا فَلَمَّ تَكُ أُولاهُمْ كآخِرِهِمْ، ... وَهَلْ يُثَمّرُ أَفْلاحٌ بأَفْلاحِ؟
وَقَالَ: كَذَا رَوَاهُ ابْنُ الأَعرابي: فَلَمْ تك أُولاهم كآخرهم،
__________
(1).
قوله [وَلَكِنْ لَيْسَ فِي الدُّنْيَا إلخ] الذي في الصحاح: للدنيا، باللام.
(2).
قوله [يا لقوم] كذا بالأَصل والصحاح. وشرح القاموس بحذف ياء المتكلم.

(2/547)


وخَلِيقٌ أَن يَكُونَ: فَلَمْ تَكْ أُخراهم كأَوَّلهم، وَمَعْنَى قَوْلِهِ: وَهَلْ يُثمر أَفلاح بأَفلاح؛ أَي قَلَّمَا يُعْقِبُ السَّلَفُ الصَّالِحُ إِلَّا الخَلَفَ الصالحَ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: مَعْنَى هَذَا أَنهم كَانُوا مُتَوافِرِينَ مِنْ قَبْلُ، فَانْقَرِضُوا، فَكَانَ أَوّلُ عَيْشِهِمْ زِيَادَةً وَآخِرُهُ نُقْصَانًا وَذَهَابًا. التَّهْذِيبُ: وَفِي حَدِيثُ الأَذان:
حَيّ عَلَى الْفَلَاحِ؛ يَعْنِي هَلُمَّ عَلَى بَقَاءِ الْخَيْرِ
؛ وَقِيلَ: حَيَّ أَي عَجِّلْ وأَسْرِع عَلَى الْفَلَاحِ، مَعْنَاهُ إِلى الْفَوْزِ بِالْبَقَاءِ الدَّائِمِ؛ وَقِيلَ: أَي أَقْبِلْ عَلَى النَّجَاةِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَهُوَ مِنْ أَفْلَحَ، كَالنَّجَاحِ مِنْ أَنجَحَ، أَي هَلُمُّوا إِلى سَبَبِ الْبَقَاءِ فِي الْجَنَّةِ وَالْفَوْزِ بِهَا، وَهُوَ الصَّلَاةُ فِي الْجَمَاعَةِ. وَفِي حَدِيثِ الْخَيْلِ:
مَنْ رَبَطَها عُدَّةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ فإِنَّ شِبَعَها وجُوعَها ورِيَّها وظَمَأَها وأَرواثها وأَبوالها فَلاحٌ فِي موازينه يوم القيامة
أَي ظَفَرٌ وفَوزٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كُلُّ قَوْمٍ عَلَى مَفْلَحَةٍ مِنْ أَنفسهم
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: قَالَ الخَطَّابيُّ: مَعْنَاهُ أَنهم رَاضُونَ بِعِلْمِهِمْ يَغْتَبِطُون بِهِ عِنْدَ أَنفسهم، وَهِيَ مَفعلة مِنَ الفَلاح، وَهُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ*. والفَلْحُ: الشَّقُّ وَالْقَطْعُ. فَلَح الشيءَ يَفْلَحُه فَلْحاً: شَقَّه؛ قَالَ:
قَدْ عَلِمَتْ خَيْلُكَ أَني الصَّحْصَحُ، ... إِنَّ الحَدِيدَ بِالْحَدِيدِ يُفْلَحُ
أَي يُشَقُّ ويُقطع؛ وأَورد الأَزهري هَذَا الشِّعْرَ شَاهِدًا عَلَى فَلَحْتُ الحديث إِذا قَطَعْتَهُ. وفَلَحَ رأَسه فَلْحاً: شَقَّه. والفَلْحُ: مَصْدَرٌ فَلَحْتُ الأَرض إِذا شَقَقْتَهَا لِلزِّرَاعَةِ. وفَلَح الأَرضَ لِلزِّرَاعَةِ يَفْلَحُها فَلْحاً إِذا شَقَّهَا لِلْحَرْثِ. والفَلَّاح: الأَكَّارُ، وإِنما قِيلَ لَهُ فَلَّاحٌ لأَنه يَفْلَحُ الأَرضَ أَي يَشقها، وحِرْفَتُه الفِلاحة، والفِلاحةُ، بِالْكَسْرِ: الحِراثة؛ وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: اتَّقُوا اللَّهَ فِي الفَلَّاحينَ
؛ يَعْنِي الزَّرَّاعين الَّذِينَ يَفْلَحونَ الأَرض أَي يشقُّونها. وفَلَح شَفَته يَفْلَحها فَلْحاً: شَقَّهَا. والفَلَحُ: شَقٌّ فِي الشَّفَةِ السُّفْلَى، وَاسْمُ ذَلِكَ الشَّقِّ الفَلَحةُ مِثْلُ القَطَعةِ، وَقِيلَ: الفَلَحُ شَقٌّ فِي الشَّفَةِ فِي وَسَطِهَا دُونَ العَلَمِ؛ وَقِيلَ: هُوَ تَشَقُّق فِي الشَّفَةِ وضِخَمٌ وَاسْتِرْخَاءٌ كَمَا يُصِيبُ شِفاهَ الزِّنْجِ؛ رَجُلٌ أَفْلَحُ وامرأَة فَلْحاء؛ التَّهْذِيبُ: الفَلَحُ الشَّقُّ فِي الشَّفَةِ السُّفْلَى، فإِذا كَانَ فِي العُلْيا، فَهُوَ عَلَم؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
قَالَ رَجُلٌ لسُهَيلِ بْنِ عَمْرٍو: لَوْلَا شَيْءٌ يَسُوءُ رسولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لضَرَبْتُ فَلَحَتك
أَي مَوْضِعَ الفَلَح، وَهُوَ الشَّق فِي الشَّفَةِ السُّفْلَى. وَفِي حَدِيثِ
كَعْبٍ: المرأَة إِذا غَابَ عَنْهَا زَوْجُهَا تَفَلَّحَتْ وتَنَكَّبَتِ الزينةَ
أَي تشَقَّقَت وتَقَشَّفَت؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: قَالَ الْخَطَّابِيُّ: أُراه تَقَلَّحَتْ، بِالْقَافِ، مِنَ القَلَحِ، وَهُوَ الصُّفْرَة الَّتِي تَعْلُو الأَسنان؛ وَكَانَ عَنْتَرَةُ العَبْسِيُّ يُلَقَّبُ الفَلْحاءَ لفَلَحةٍ كَانَتْ بِهِ وإِنما ذَهَبُوا بِهِ إِلى تأْنيث الشَّفَة؛ قَالَ شُرَيْحُ بْنُ بُجَيْرِ بْنِ أَسْعَدَ التَّغْلَبيّ:
وَلَوْ أَن قَوْمي قومُ سَوْءٍ أَذِلَّةٌ، ... لأَخْرَجَني عَوْفُ بنُ عَوْفٍ وعِصْيَدُ
وعَنْتَرَةُ الفَلْحاءُ جاءَ مُلأَّماً، ... كأَنه فِنْدٌ، مِنْ عَمايَةَ، أَسْوَدُ
أَنث الصِّفَةَ لتأْنيث الِاسْمِ: قَالَ الشَّيْخُ ابْنُ بَرِّيٍّ: كَانَ شُرَيْحٌ قَالَ هَذِهِ الْقَصِيدَةَ بِسَبَبِ حَرْبٍ كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَنِي مُرَّة بْنِ فَزارةَ وعَبْسٍ. والفِنْدُ: الْقِطْعَةُ الْعَظِيمَةُ

(2/548)


الشَّخْصِ مِنَ الْجَبَلِ. وعَماية: جَبَلٌ عَظِيمٌ. والمُلأَّمُ: الَّذِي قد لَبِسَ لأْمَتَه، وهي الدِّرْعُ؛ قَالَ: وَذَكَرَ النَّحْوِيُّونَ أَن تأْنيث الْفَلْحَاءِ إِتباع لتأْنيث لَفْظِ عَنْتَرَةَ؛ كَمَا قَالَ الْآخَرُ:
أَبوكَ خَلِيفةٌ ولَدَتْه أُخْرى، ... وأَنتَ خلِيفَةٌ ذَاكَ الكَمالُ
ورأَيت فِي بَعْضِ حَوَاشِي نَسْخِ الأُصول الَّتِي نُقِلَتْ مِنْهَا مَا صُورَتُهُ فِي الْجَمْهَرَةِ لَابْنِ دُرَيْدٍ: عِصْيدٌ لَقَبُ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ أَو عُيَيْنَة بْنِ حِصْنٍ. وَرَجُلٌ مُتَفَلِّح الشَّفَة وَالْيَدَيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ: أَصابه فِيهِمَا تَشَقُّقٌ مِنَ البَرْد. وَفِي رِجْل فُلَانٍ فُلُوحٌ أَي شُقُوق، وَبِالْجِيمِ أَيضاً. ابْنُ سِيدَهْ: والفَلَحَة القَراح الَّذِي اشْتُقَّ لِلزَّرْعِ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ؛ وأَنشد لِحَسَّانَ:
دَعُوا فَلَحَاتِ الشَّأْمِ قَدْ حَالَ دُونَهَا ... طِعانٌ، كأَفْواهِ المَخاضِ الأَوارِكِ «1»
يَعْنِي المَزارِعَ؛ وَمَنْ رَوَاهُ فَلَجات الشأْم، بِالْجِيمِ، فَمَعْنَاهُ مَا اشْتُقَّ من الأَرض للديار، كُلُّ ذَلِكَ قَوْلُ أَبي حَنِيفَةَ. والفَلَّاحُ: المُكارِي؛ التَّهْذِيبُ: وَيُقَالُ للمُكاري فَلَّاحٌ، وإِنما قِيلَ الفَلَّاح تَشْبِيهًا بالأَكَّارِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ عَمْرِو بْنِ أَحْمَر الباهِلِيّ:
لَهَا رِطْلٌ تَكِيلُ الزَّيْتَ فِيهِ، ... وفَلَّاحٌ يسُوقُ لَهَا حِمارا
وفَلَحَ بِالرَّجُلِ يَفْلَحُ فَلْحاً، وَذَلِكَ أَن يَطْمَئِنَّ إِليك، فيقولَ لَكَ: بِعْ لِي عَبْدًا أَو مَتَاعًا أَو اشْتَرِهِ لِي، فتأْتي التُّجارَ فَتَشْتَرِيهِ بِالْغَلَاءِ وَتَبِيعُ بالوكْسِ وَتُصِيبُ مِنَ التَّاجِرِ، وَهُوَ الفَلَّاحُ. وفَلَحَ بِالْقَوْمِ وَلِلْقَوْمِ يَفْلَحُ فَلاحَةً: زَيَّنَ البيعَ وَالشِّرَاءَ لِلْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي. وفَلَّح بِهِمْ تَفْلِيحاً: مَكَرَ وَقَالَ غَيْرَ الْحَقِّ. التَّهْذِيبُ: والفَلْحُ النَّجْشُ، وَهُوَ زِيَادَةُ الْمُكْتَرِي لِيَزِيدَ غيرُه فيُغْريه. والتَّفْليحُ: الْمَكْرُ وَالِاسْتِهْزَاءُ، وَقَالَ أَعرابي: قَدْ فَلَّحوا بِهِ أَي مَكَرُوا بِهِ. والفَيْلَحانيُّ: تِينٌ أَسْوَدُ يَلِي الطُّبّارَ فِي الكِبَر، وَهُوَ يَتَقَلَّع إِذا بَلَغ، مُدَوَّرٌ شَدِيدُ السَّوَادِ، حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ، قَالَ: وَهُوَ جَيِّدُ الزَّبِيبِ؛ يَعْنِي بِالزَّبِيبِ يَابِسَهُ. وَقَدْ سَمَّت: أَفلَح وفُلَيْحاً ومُفْلِحاً.
فلطح: رأْس مُفَلْطَحٌ وفِلْطاحٌ: عريضٌ، وَمِثْلُهُ فِرْطاحٌ، بِالرَّاءِ. وكل شيء عَرَّضْتَه، فقد فَلْطَحْته وفَرْطَحْته؛ ابْنُ الفَرَج: فَرْطَح القُرْصَ وفَلْطَحه إِذا بَسَطَهُ؛ وأَنشد لِرَجُلٍ مِنْ بَلْحرِثِ بْنِ كَعْبٍ يَصِفُ حيَّةً:
خُلِقَتْ لَهازِمُه عِزِينَ، ورأْسُه ... كالقُرْصِ فُلْطِحَ مِنْ طَحِينِ شَعِيرِ
وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْبَيْتُ بِعَيْنِهِ فِي فَرْطَحَ، بِالرَّاءِ، وَذَكَرَهُ الأَزهري بِاللَّامِ. ابْنُ الأَعرابي: رَغِيفٌ مُفَلْطَحٌ: وَاسْعٌ؛ وَفِي حَدِيثِ الْقِيَامَةِ:
عَلَيْهِ حَسَكة مُفَلْطَحة لَهَا شَوْكَةٌ عَقِيفَةٌ.
المُفَلْطَحُ: الَّذِي فِيهِ عِرَضٌ وَاتِّسَاعٌ، وَذَكَرَ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي تَرْجَمَةِ فرطح قَالَ: هَذَا الحرف،
__________
(1).
قوله [كأَفواه المخاض] أَنشده في فلج، بالجيم، كأبوال المخاض. ثم إن قوله: مَا اشْتُقَّ مِنَ الأَرض للديار، كذا بالأَصل وشرح القاموس، لكنهما أَنشداه في الجيم شاهداً على أَن الفلجات المزارع. وعلى هذا، فمعنى الفلجات، بالجيم، والفلحات، بالحاء، واحد ولم نجد فرقاً بينهما إلا هنا.

(2/549)


أَعني قَوْلَهُ مُفَلْطَح، الصَّحِيحُ فِيهِ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ أَهل اللُّغَةِ أَنه مُفَلْطَحٌ، بِاللَّامِ. وَفِي الْخَبَرِ:
أَن الْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ مَرَّ عَلَى بَابِ ابْنِ هُبَيرة وَعَلَيْهِ القُرَّاء فَسَلَّم ثُمَّ قَالَ: مَا لِي أَراكم جُلوساً قَدْ أَحْفَيتم شوارِبكم وَحَلَقْتُمْ رؤوسكم وقَصَّرْتم أَكمامكم وفَلْطَحْتم نِعَالَكُمْ؟ أَما وَاللَّهِ لَوْ زَهِدْتُمْ فِيمَا عِنْدَ الْمُلُوكِ لَرَغِبُوا فِيمَا عِنْدَكُمْ، وَلَكِنَّكُمْ رَغِبْتُمْ فِيمَا عِنْدَهُمْ فَزَهِدُوا فِيمَا عِنْدَكُمْ، فَضَحْتم القُرَّاء فَضَحَكم اللَّهُ.
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: إِذا ضَنُّوا عَلَيْكَ بالمُفَلْطَحَة
قَالَ الْخَطَّابِيُّ: هِيَ الرُّقاقة الَّتِي قَدْ فُلْطِحَتْ أَي بُسِطَتْ، وَقَالَ غَيْرُهُ: هِيَ الدَّرَاهِمُ؛ وَيُرْوَى المُطَلْفَحة، وَقَدْ تَقَدَّمَ. وفِلْطاحُ: مَوْضِعٌ.
فلقح: «2»:
فنح: فَنَحَ الفرسُ مِنَ الْمَاءِ: شَرِبَ دُونَ الرِّيِّ؛ قَالَ:
والأَخْذُ بالغَبُوقِ والصَّبُوحِ، ... مُبَرِّداً، لِمِقْأَبٍ فَنُوحِ
المِقْأَبُ: الكثير الشُّرب.
فنطح: فُنْطُحٌ «3»: اسم.
فوح: الفَوْحُ: وِجْدانك الريحَ الطَّيِّبَةَ. فاحَتْ رِيحُ المسكِ تَفُوحُ وتَفِيحُ فَوْحاً وفَيْحاً وفُؤُوحاً وفَوَحاناً وفَيَحاناً: انْتَشَرَتْ رَائِحَتَهُ، وعمَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الرَّائِحَتَيْنِ مَعاً. وفاحَ الطِّيبُ يَفُوحُ فَوحاً إِذا تَضَوَّعَ؛ الْفَرَّاءُ: يُقَالُ فاحتْ رِيحُهُ وفاختْ، أَما فاختْ فَمَعْنَاهُ أَخذتْ بنفسِه، وفاحتْ دُونَ ذَلِكَ. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: الفَوْحُ مِنَ الرِّيحِ والفَوْخُ إِذا كَانَ لَهَا صَوْتٌ. وفَوْحُ الْحَرِّ: شِدَّةُ سُطوعِه؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
شِدَّةُ الحرِّ مِنْ فَوْحِ جهَنَّم
أَي شدَّةِ غَلَيانها وحَرِّها، وَيُرْوَى بِالْيَاءِ وَسَيُذْكَرُ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ يأْمرنا فِي فَوْح حَيْضِنا أَن نَأْتَزِرَ
أَي مُعْظَمِهِ وأَوّله. وأَفِحْ عَنْكَ مِنَ الظَّهِيرَةِ أَي أَقِمْ حَتَّى يَسْكُنَ حَرُّ النَّهَارِ ويَبْرُدَ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَسَنَذْكُرُ هَذِهِ الْكَلِمَةَ بَعْدَ هَذَا لأَن الْكَلِمَةَ وَاوِيَّةٌ وَيَائِيَّةٌ.
فيح: فاحَ الحرُّ يَفِيحُ فَيْحاً: سَطَعَ وهاجَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
شِدَّةُ القَيْظ مِنْ فَيْح جَهَنَّمَ
:
الفَيْح: سُطُوع الْحَرِّ وفَوَرانُه، وَيُقَالُ بِالْوَاوِ، وَقَدْ ذُكِرَ قَبْلَ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ؛ وَفَاحَتِ القِدْرُ تَفِيحُ وتَفُوحُ إِذا غَلَتْ، وَقَدْ أَخرجه مَخْرَجَ التَّشْبِيهِ أَي كأَنه نَارُ جَهَنَّمَ فِي حرِّها. وأَفِحْ عَنْكَ مِنَ الظَّهِيرَةِ أَي أَقم حَتَّى يَسْكُنَ عَنْكَ حَرُّ النَّهَارِ وَيَبْرُدَ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ أَرِقْ عَنْكَ مِنَ الظَّهِيرَةِ وأَهْرِقْ وأَهْرئ وأَنْجِ وبَخْبِخْ وأَفِحْ إِذا أَمرته بالإِبْرَاد. وفاحَتِ الرِّيحُ الطَّيِّبَةُ خَاصَّةً فَيْحاً وفَيَحاناً: سَطَعَت وأَرِجَتْ، وَخَصَّ اللِّحْيَانِيُّ بِهِ المِسْكَ؛ وَلَا يُقَالُ: فَاحَتْ رِيحٌ خَبِيثَةٌ إِنما يُقَالُ للطَّيِّبة، فَهِيَ تَفِيحُ. وَفَاحَتِ القِدْرُ وأَفَحْتُها أَنا: غَلَتْ. وفاحَ الدمُ فَيْحاً وفَيَحاناً، وَهُوَ فاحٍ: انْصَبَّ. وأَفاحَه: هَراقه؛ وَقَالَ أَبو حَرْب بْنُ عُقَيْلٍ الأَعْلَمُ جاهِليٌّ:
نَحْنُ قَتَلْنا المَلِكَ الجَحْجاحا، ... وَلَمْ نَدَعْ لسَارِحٍ مُراحا،
__________
(2).
زاد في القاموس: فلقح مَا فِي الإِناء: شَرِبَهُ أَو أَكله أجمع. ورجل فلقحي، أي كحضرمي، يضحك في وجوه الناس ويتفلقح أي يستبشر إليهم. (3). قوله [فنطح] كذا بضبط الأَصل كقنفذ. وكذا في بعض نسخ القاموس وفي بعضها كجعفر، نبه عليه الشارح.

(2/550)


إِلا دِياراً، أَو دَماً مُفاحا
الجَحْجَاح: العظيمُ السُّؤددِ والمُراحُ: الَّذِي تأْوي إِليه النَّعَم؛ أَراد لَمْ نَدَع لَهُمْ نَعَماً تَحْتَاجُ إِلى مُراح. وأَفاحَ الدماءَ أَي سَفَكَها. وشَجَّةٌ تَفِيحُ بِالدَّمِ: تَقْذِفُ. وَفَاحَتِ الشَّجَّةُ، فَهِيَ تَفِيحُ فَيْحاً: نَفَحَتْ بِالدَّمِ أَيضاً؛ وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ: مُلْكاً عَضُوضاً ودَماً مُفاحاً
أَي سَائِلًا؛ مُلْكٌ عَضُوضٌ يَنال الرعِيَّةَ مِنْهُ ظُلْمٌ وعَسْفٌ كأَنهم يُعَضُّونَ عَضّاً. وأَفَحْتُ الدَّمَ: أَسَلْتُه. والفَيْحُ والفَيَحُ: السَّعَةُ وَالِانْتِشَارُ. والأَفْيَحُ والفَيَّاحُ: كُلُّ مَوْضِعٍ وَاسِعٍ. بحرٌ أَفْيَحُ بَيِّنُ الفَيَحِ: واسعٌ، وفَيَّاحٌ، أَيضاً، بِالتَّشْدِيدِ. وَرَوْضَةٌ فَيْحاء: وَاسِعَةٌ، وَالْفِعْلُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ فاحَ يَفاحُ فَيْحاً، وَقِيَاسُهُ فَيِحَ يَفْيَحُ. ودارٌ فَيْحاءُ: وَاسِعَةٌ؛ وَفِي حَدِيثِ
أُمّ زَرْعٍ: وبَيتُها فَيَّاحٌ
أَي واسعٌ؛ رَوَاهُ أَبو عُبَيْدٍ مُشَدَّدًا؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: الصَّوَابُ التَّخْفِيفُ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
اتَّخَذَ رَبُّك فِي الْجَنَّةِ وَادِيًا أَفْيَحَ مِنْ مِسْكٍ
؛ كلُّ مَوْضِعٍ وَاسِعٍ يُقَالُ لَهُ أَفيَحُ وفَيَّاح. اللَّيْثُ: الفَيَحُ مَصْدَرُ الأَفْيَح، وَهُوَ كُلُّ مَوْضِعٍ وَاسِعٍ؛ أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ لَوْ مَلَكْتُ الدُّنْيَا لَفَيَّحْتُها فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ أَي أَنفَقْتُها وفرَّقتها فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ. وَرَجُلٌ فَيَّاح نَفَّاح: كَثِيرُ الْعَطَايَا؛ وإِنه لَجَواد فَيَّاحٌ وفَيَّاضٌ بِمَعْنًى. وَفَاحَتِ الغارَةُ تَفِيح: اتَّسَعَتْ. وفَيَاحِ مِثْلُ قطامِ: اسْمٌ لِلْغَارَةِ.، وَكَانَ يُقَالُ لِلْغَارَةِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فِيحِي فَيَاحِ، وَذَلِكَ إِذا دَفَعَتِ الخيلُ المُغِيرة فَاتَّسَعَتْ؛ وَقَالَ شَمِرٌ: فِيحِي أَي اتْسَعِي عَلَيْهِمْ وتَفَرَّقي؛ قَالَ غَنِيُّ بْنُ مَالِكٍ، وَقِيلَ هُوَ لأَبي السَّفَّاح السَّلُوليّ:
دَفَعْنا الخيلَ شَائِلَةً عَلَيْهِمْ، ... وقُلْنا بالضُّحى: فيحِي فَياحِ
الأَزهري: قَوْلُهُمْ لِلْغَارَةِ فِيحِي فَيَاحِ؛ الْغَارَةُ هِيَ الْخَيْلُ المُغِيرة تَصْبَح حَيّاً نَازِلِينَ، فإِذا أَغارت عَلَى نَاحِيَةٍ مِنَ الحَيِّ تَحَرَّزَ عُظْمُ الحَيِّ، لَجَأُوا إِلى وَزَرٍ يَلُوذون، وإِذا اتَّسِعُوا وَانْتَشَرُوا أَحْرَزوا الحَيَّ أَجمع؛ وَمَعْنَى فِيحِي انْتَشِرِي أَيتها الْخَيْلُ الْمُغِيرَةُ؛ وَقِيلَ: معْناه اتْسَعِي عَلَيْهِمْ يَا غَارَةُ وَخُذِيهِمْ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَسَمَّاهَا فَيَاحِ لأَنها جَمَاعَةٌ مؤَنثة خُرِّجَتْ مَخْرَج قَطَامِ وحَذَامِ وكَسَابِ وَمَا أَشبهها. وَالشَّائِلَةُ: الْمُرْتَفِعَةُ؛ يَعْنِي أَن أَذنابها ارْتَفَعَتْ، وإِنما تَرْتَفِعُ أَذنابها إِذا عُدَّتْ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى شِدَّةِ ظُهُورِهَا؛ كَمَا قَالَ المُفَضَّلُ البَكْرِي:
تَشُقُّ الأَرضَ شائلةَ الذُّنابَى، ... وهادِيها كأَنْ جِذعٌ سَحُوقُ
والفَيْحُ: خِصْبُ الرَّبِيعِ فِي سَعَةِ البلادِ، وَالْجَمْعُ فُيُوحٌ؛ قَالَ:
تَرْعَى السحابَ العَهْدَ والفُيُوحا
قَالَ الأَزهري: رَوَاهُ ابْنُ الأَعرابي: والفُتُوحا، بِالتَّاءِ؛ والفَتْحُ والفُتُوح مِنَ الأَمطار؛ قَالَ: وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي مَكَانِهِ «1» وَنَاقَةٌ فَيَّاحة إِذا كَانَتْ ضَخْمَة الضَّرْع غَزِيرَةَ اللَّبَنِ؛ قَالَ:
قَدْ نَمْنَحُ الفَيَّاحةَ الرَّفُودا، ... تَحْسِبُها خالِيةً صَعُودا
__________
(1).
قوله [وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي مَكَانِهِ] لكنه قال هناك جمعه فتوح، بفتح الفاء. وكتبنا عليه بالهامش إنكار محشي القاموس عليه، ويؤيده ضبط الفتوح هنا بضم الفاء مع المثناة الفوقية أو التحتية، وهو القياس. فلعل قوله هناك بفتح الفاء تحريف من الناسخ عن بضم الفاء.

(2/551)


وفَيْحَانُ: اسْمُ أَرض؛ قَالَ الرَّاعِي:
أَو رَعْلَةٌ مِنْ قَطا فَيْحانَ حَلَّأَها، ... عَنْ ماءِ يَثْرَبَةَ، الشُّبَّاكُ والرَّصَدُ
والفَيحَاءُ: حَساءٌ مَعَ تَوَابِلَ.

فصل القاف
قبح: القُبْحُ: ضِدَّ الحُسْنِ يَكُونُ فِي الصُّورَةِ؛ وَالْفِعْلُ قَبُحَ يَقْبُح قُبْحاً وقُبُوحاً وقُباحاً وقَباحةً وقُبوحة، وَهُوَ قَبِيحٌ، وَالْجَمْعَ قِباحٌ وقَباحَى والأُنْثَى قَبيحة، وَالْجَمْعُ قَبائِحُ وقِباحٌ؛ قَالَ الأَزهري: هُوَ نَقِيضُ الحُسْنِ، عَامٌّ فِي كُلِّ شَيْءٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تُقَبِّحُوا الوَجْهَ
؛ مَعْنَاهُ: لَا تَقُولُوا إِنه قَبِيحٌ فإِن اللَّهَ مُصَوِّرُهُ وَقَدْ أَحسن كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَه؛ وَقِيلَ: أَي لَا تَقُولُوا قَبَح اللهُ وَجْه فُلَانٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَقْبَحُ الأَسماء حَربٌ ومُرَّة
؛ هُوَ مِنْ ذَلِكَ، وإِنما كَانَ أَقبحها لأَن الْحَرْبَ مِمَّا يُتَفَاءل بِهَا وَتُكْرَهُ لِمَا فِيهَا مِنَ الْقَتْلِ وَالشَّرِّ والأَذى، وأَما مُرَّة فَلأَنه مِنَ المَرارة، وَهُوَ كَرِيهٌ بَغِيضٌ إِلى الطِّباع، أَو لأَنه كُنْيَةُ إِبليس، لَعَنَهُ اللَّهُ، وَكُنْيَتُهُ أَبو مُرَّةَ. وقَبَّحهُ اللَّهُ: صيَّره قَبيحاً؛ قَالَ الحُطَيئة:
أَرى لَكَ وَجْهاً قَبَّح اللهُ شَخْصَه ... فَقُبِّحَ مِنْ وَجْهٍ، وقُبِّحَ حاملُهْ
وأَقْبَح فُلَانٌ: أَتى بِقَبِيحٍ. واسْتَقْبَحه: رَآهُ قَبِيحًا. والاسْتِقْباح: ضِدَّ الِاسْتِحْسَانِ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: اقْبُحْ إِن كنتَ قابِحاً؛ وإِنه لقَبيح وَمَا هُوَ بقابِح فَوْقَ مَا قَبُحَ، قَالَ: وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ فِي هَذِهِ الْحُرُوفِ إِذا أَرادوا افْعَلْ ذَاكَ إِن كنتَ تُرِيدُ أَن تَفْعَلَ. وَقَالُوا: قُبْحاً لَهُ وشُقْحاً وقَبْحاً لَهُ وشَقْحاً، الأَخيرة إِتباع. أَبو زَيْدٍ: قَبَحَ اللهُ فُلَانًا قَبْحاً وَقُبُوحًا أَي أَقصاه وَبَاعَدَهُ من كُلِّ خَيْرٍ كقُبُوح الْكَلْبِ والخِنزير. وَفِي النَّوَادِرِ: المُقَابَحةُ والمُكابَحَة المُشَاتمة. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَيَوْمَ الْقِيامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ
أَي مِنَ المُبْعَدِين عَنْ كُلِّ خَيْرٍ؛ وأَنشد الأَزهري للجَعْدِيّ:
ولَيْسَت بشَوْهاءَ مَقْبُوحةٍ، ... تُوافي الدِّيارَ بِوجْهٍ غَبِرْ
قَالَ أُسَيْدٌ: المَقْبُوح الَّذِي يُرَدُّ ويُخْسَأُ. والمَنْبُوحُ: الَّذِي يُضْرَبُ لَهُ مَثَلُ الْكَلْبِ.
وَرُوِيَ عَنْ عَمَّار أَنه قَالَ لِرَجُلٍ نَالَ بِحَضْرَتِهِ مِنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: اسْكُتْ مَقْبُوحاً مَشْقُوحاً مَنبوحاً
؛ أَراد هَذَا الْمَعْنَى؛ أَبو عَمْرٍو: قَبَحتُ لَهُ وجهَه، مُخففة، وَالْمَعْنَى قلت له: قَبَحه الله وَهُوَ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَيَوْمَ الْقِيامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ
، أَي مِنَ المُبْعَدين الْمَلْعُونِينَ، وَهُوَ مِنَ القَبْح وَهُوَ الإِبعاد. وقَبَّحَ لَهُ وجهَه: أَنْكَرَ عَلَيْهِ مَا عَمِلَ؛ وقَبَّح عَلَيْهِ فِعْلَهُ تَقْبيحاً؛ وَفِي حَدِيثِ
أُمّ زَرْع: فَعِنْدَهُ أَقولُ فَلَا أُقَبَّح
أَي لَا يَرُدُّ عَلَيَّ قَوْلِي لِمَيْلِهِ إِليَّ وَكَرَامَتِي عَلَيْهِ؛ يُقَالُ: قَبَّحْتُ فُلَانًا إِذا قُلْتَ لَهُ قَبَحه اللَّهُ، مِنَ القَبْحِ، وَهُوَ الإِبعاد؛ وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: إِن مُنِع قَبَّحَ وكَلَحَ
أَي قَالَ لَهُ قَبَحَ اللَّهُ وَجْهَكَ وَالْعَرَبُ تَقُولُ: قَبَحَه اللهُ وأُمًّا زَمَعَتْ بِهِ أَي أَبعده اللَّهُ وأَبعد وَالِدَتَهُ. الأَزهري: القَبِيح طَرَفُ عَظْمِ المِرْفَقِ، والإِبرة عُظَيْم آخِرُ رأْسه كَبِيرٌ وَبَقِيَّتُهُ دَقِيقٌ مُلَزَّز بِالْقَبِيحِ؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: القَبيح طَرَفُ عَظْمِ العَضُدِ مِمَّا يَلِي

(2/552)


المِرْفَق بَيْنَ الْقَبِيحِ وَبَيْنَ إِبرة الذِّرَاعِ «1»، وإِبرة الذِّرَاعِ مِنْ عِنْدِهَا يَذرَعُ الذِّرَاعُ، وطَرَفُ عَظْمِ الْعَضُدِ الَّذِي يَلِي المَنْكِبَ يُسمَّى الحَسَنَ لِكَثْرَةِ لَحْمِهِ؛ والأَسفلُ القَبِيحَ؛ وقال الفراء: أَسلفُ العَضُدِ القبيحُ وأَعلاها الحسَنُ؛ وَقِيلَ: رأْس الْعَضُدِ الَّذِي يَلِي الذِّرَاعَ، وَهُوَ أَقل العِظام مُشاشاً ومُخًّا؛ وَقِيلَ: القَبِيحان الطَرَفانِ الدَّقِيقَانِ اللَّذَانِ في رؤُوس الذِّرَاعَيْنِ، وَيُقَالُ لِطَرَفِ الذِّرَاعِ الإِبرة؛ وَقِيلَ: الْقَبِيحَانِ مُلْتَقَى السَّاقَيْنِ وَالْفَخْذَيْنِ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
حَيْثُ تُلاقي الإِبْرَةُ القَبيحا
وَيُقَالُ لَهُ أَيضاً: القَباحُ «2»؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: يُقَالُ لِعَظْمِ السَّاعِدِ مِمَّا يَلِي النِّصْفَ مِنْهُ إِلى المِرْفَق: كِسْرُ [كَسْرُ] قَبيح؛ قَالَ:
وَلَوْ كنتَ عَيْراً، كنتَ عَيْرَ مَذَلَّةٍ، ... ولو كنتش كَسْراً [كِسْراً]، كنتَ كِسْرَ [كَسْرَ] قبيحِ
وإِنما هَجَاهُ بِذَلِكَ لأَنه أَقل العِظام مُشاشاً، وَهُوَ أَسرعُ العِظام انْكِسَارًا، وَهُوَ لَا يَنْجَبِرُ أَبداً، وَقَوْلُهُ: كَسْرَ قَبِيحٍ هُوَ مِنْ إِضافة الشَّيْءِ إِلى نَفْسِهِ لأَن ذَلِكَ الْعَظَمَ يُقَالُ لَهُ كَسْرٌ. الأَزهري: يُقَالُ قَبَحَ فلانٌ بَثْرَةً خَرَجَتْ بِوَجْهِهِ، وَذَلِكَ إِذا فَضَخَها ليُخْرج قَيْحَها، وَكُلُّ شَيْءٍ كَسَّرْتَهُ فَقَدْ قَبَحْته. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ قَدِ اسْتَكْمَتَ العُرُّ فاقْبَحْهُ، والعُرُّ: البَثْرة، واسْتِكْماتُه: اقْتِرَابُهُ لِلِانْفِقَاءِ. والقُبَّاحُ: الدُّبُّ «3» الهَرِمُ. والمَقابِحُ: مَا يُسْتَقْبَح مِنَ الأَخلاق، والمَمادِحُ: مَا يُسْتَحْسَنُ منها.
قحح: القُحُّ: الْخَالِصُ مِنَ اللُّؤْم والكَرَم وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ؛ يُقَالُ: لَئيم قُحٌّ إِذا كَانَ مُعْرِقاً فِي اللُّؤْمِ، وأَعرابي قُحٌّ وقُحاحٌ أَي مَحْضُ خَالِصٌ؛ وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَمْ يَدْخُلِ الأَمصار وَلَمْ يَخْتَلِطْ بأَهلها، وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ:
وعَرَبيَّةٌ قُحَّةٌ
، وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: قُحٌّ مَحْضٌ فَلَمْ يَخُصَّ أَعرابيّاً مِنْ غَيْرِهِ؛ وأَعراب أَقْحاحٌ، والأُنثى قُحَّةٌ، وَعَبْدٌ قُحٌّ: مَحْضٌ خَالِصٌ بَيِّنُ القَحاحة والقُحُوحةِ خَالِصُ العُبودة؛ وَقَالُوا: عَرَبِيٌّ كُحٌّ وَعَرَبِيَّةٌ كُحَّة، الْكَافُ فِي كُحٍّ بَدَلٌ مِنَ الْقَافِ فِي قُحٍّ لِقَوْلِهِمْ أَقْحاح وَلَمْ يَقُولُوا أَكحاح. يُقَالُ: فُلَانٌ مِنْ قُحّ الْعَرَبِ وكُحِّهم أَي مِنْ صِميمهم؛ قَالَ ذَلِكَ ابْنُ السِّكِّيتِ وَغَيْرُهُ. وَصَارَ إِلى قُحاحِ الأَمر أَي أَصله وَخَالِصِهِ. والقُحاح أَيضاً، بِالضَّمِّ: الأَصل؛ عَنْ كُرَاعٍ؛ وأَنشد:
وأَنتَ فِي المَأْرُوكِ مِنْ قُحاحِها
ولأَضْطَرَّنَّك إِلى قُحاحِك أَي إِلى جُهْدِك؛ وَحَكَى الأَزهري عَنِ ابْنِ الأَعرابي: لأَضْطَرَّنَّك إِلى تُرِّك وقُحاحِك أَي إِلى أَصلك. قَالَ: وَقَالَ ابْنُ بُزُرْجَ: وَاللَّهِ لَقَدْ وَقعْتُ بقُحَاحِ قُرِّك ووَقَعْتُ بقُرِّك؛ وَهُوَ أَن يَعْلَمَ عِلْمَهُ كُلَّهُ وَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْهُ. والقُحُّ: الْجَافِي مِنَ النَّاسِ كأَنه خَالِصٌ فِيهِ؛ قَالَ:
لَا أَبْتَغِي سَيْبَ اللئيمِ القُحِّ، ... يَكادُ مِنْ نَحْنَحةٍ وأُحِّ،
يَحْكي سُعالَ الشَّرِقِ الأَبَحِ
اللَّيْثُ: والقُحُّ أَيضاً الْجَافِي مِنَ الأَشياء حَتَّى إِنهم يَقُولُونَ للبِطِّيخة الَّتِي لَمْ تَنْضَجْ: قُحٌّ، وَقِيلَ: القُحُّ البطيخ
__________
(1).
قوله [بَيْنَ الْقَبِيحِ وَبَيْنَ إِبْرَةِ الذراع] هكذا بالأَصل ولعله بين المرفق وبين إبرة الذراع.
(2).
قوله [وَيُقَالُ لَهُ أَيضاً الْقَبَاحُ] كسحاب كما في القاموس.
(3).
قوله [والقباح الدب] بوزن رمان كما في القاموس.

(2/553)


آخِرَ مَا يَكُونُ؛ وَقَدْ قَحَّ يَقُحُّ قُحوحةً؛ قَالَ الأَزهري: أَخطأَ اللَّيْثُ فِي تَفْسِيرِ القُحِّ، وَفِي قَوْلِهِ لِلْبِطِّيخَةِ الَّتِي لَمْ تَنْضَجْ إِنها لَقُحٌّ وَهَذَا تَصْحِيفٌ، قَالَ: وَصَوَابُهُ الفِجُّ، بِالْفَاءِ وَالْجِيمِ. يُقَالُ ذَلِكَ لِكُلِّ ثَمَرٍ لَمْ يَنْضَجْ، وأَما القُحُّ، فَهُوَ أَصل الشَّيْءِ وَخَالِصُهُ، يُقَالُ: عَرَبِيٌّ قُحّ وَعَرَبِيٌّ مَحْضٌ وقَلْبٌ إِذا كَانَ خَالِصًا لَا هُجْنة فِيهِ. والقَحِيحُ: فوقَ الجَرْعِ.
قحقح: القَحْقَحةُ: تَرَدُّدُ الصَّوْتِ فِي الحَلْق، وَهُوَ شَبِيهٌ بالبُحَّةِ، وَيُقَالُ لضَحِك القِرْدِ: القَحْقَحة، وَلِصَوْتِهِ: الخَنْخَنة. والقُحْقُح، بِالضَّمِّ: الْعَظْمُ الْمُحِيطُ بالدُّبر؛ وَقِيلَ: هُوَ مَا أَحاط بالخَوْرانِ؛ وَقِيلَ: هُوَ مُلْتَقَى الْوَرِكَيْنِ مِنْ بَاطِنٍ؛ وَقِيلَ: هُوَ دَاخِلٌ بَيْنَ الْوَرِكَيْنِ، وهو مُطِيف بالخَوْرانِ، والخَوْرانُ بَيْنَ القُحْقُح والعُصْعُصِ؛ وَقِيلَ: هُوَ أَسفل العَجْبِ فِي طِباقِ الْوَرِكَيْنِ؛ وَقِيلَ: هُوَ الْعَظْمُ الَّذِي عَلَيْهِ مَغْرِزُ الذَّكَرِ مِمَّا يَلِي أَسفلَ الرَّكَبِ؛ وَقِيلَ: هُوَ فَوْقَ القَبِّ شَيْئًا؛ الأَزهري: القُحْقُحُ لَيْسَ مِنْ طَرَفٍ الصُّلْبِ فِي شَيْءٍ وَمُلْتَقَاهُ مِنْ ظَاهِرِ العُصْعُص، قَالَ: وأَعلى العُصْعُصِ العَجْبُ وأَسفلُه الذنَبُ؛ وَقِيلَ: القُحْقُحُ مُجْتَمَعُ الْوَرِكَيْنِ، والعُصْعُصُ طرفُ الصُّلْبِ الباطنُ، وَطَرَفُهُ الظاهرُ العَجْبُ، والخَوْرانُ هُوَ الدُّبُرُ. ابْنُ الأَعرابي: هُوَ القُحْقُح والفَنِيك والعِضْرِطُ وَالْحَرَاهُ «1» والبَوْصُ والنَّاقُ والعُكْوَةُ والعُزَيزى والعُصْعُصُ.
قدح: القَدَحُ مِنَ الْآنِيةِ، بالتحريك: واحد الأَقداحِ التي لِلشُّرْبِ، مَعْرُوفٌ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: يُرْوِي الرَّجُليْنِ وَلَيْسَ لِذَلِكَ وَقْتٌ؛ وَقِيلَ: هُوَ اسْمٌ يَجْمَعُ صِغَارَهَا وَكِبَارَهَا، وَالْجَمْعُ أَقْداح، ومُتَّخِذُها: قَدَّاحٌ، وصِناعَتُه: القِداحةُ. وقَدَحَ بالزَّنْدِ يَقْدَحُ قَدْحاً واقْتَدَح: رَامَ الإِيراءَ بِهِ. والمِقْدَحُ والمِقْداحُ والمِقْدَحَةُ والقَدَّاحُ، كُلُّهُ: الْحَدِيدَةُ الَّتِي يُقْدَحُ بِهَا؛ وَقِيلَ: القَدَّاحُ والقَدَّاحة الْحَجَرُ الَّذِي يُقْدَحُ بِهِ النَّارُ؛ وقَدَحْتُ النارَ. الأَزهري: القَدَّاحُ الْحَجَرُ الَّذِي يُورى مِنْهُ النَّارُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
والمَرْوَ ذَا القَدَّاحِ مَضْبُوحَ الفِلَقْ
والقَدْحُ: قَدْحُك بالزَّنْد وبالقَدَّاح لتُورِيَ؛ الأَصمعي: يُقَالُ لِلَّذِي يُضْرَبُ فَتَخْرُجُ مِنْهُ النَّارُ قَدَّاحة. وقَدَحْتُ فِي نَسَبِهِ إِذا طَعَنْتَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الجُلَيْح يَهْجُو الشَّمَّاخَ:
أَشَمَّاخُ لَا تَمْدَحْ بِعِرْضِكَ واقْتَصِدْ، ... فأَنتَ امْرٌؤٌ زَنْداكَ للمُتَقادِحِ
أَي لَا حَسَبَ لَكَ وَلَا نَسَب يَصِحُّ؛ مَعْنَاهُ: فأَنت مِثْلُ زَنْدٍ مِنْ شَجَرٍ مُتَقادِح أَي رِخْوِ الْعِيدَانِ ضَعِيفِهَا، إِذا حَرَّكَتْهُ الرِّيحُ حَكَّ بَعْضُهُ بَعْضًا فَالْتَهَبَ نَارًا، فإِذا قُدِحَ بِهِ لِمَنْفَعَةٍ لَمْ يُورِ شَيْئًا. قَالَ أَبو زَيْدٍ: وَمِنَ أَمثالهم: اقْدَحْ بِدِفْلى فِي مَرْخٍ؛ مَثَلٌ يُضْرَبُ لِلرَّجُلِ الأَريبِ الأَديب؛ قَالَ الأَزهري: وزِنادُ الدِّفْلى والمَرْخِ كَثِيرَةُ النَّارِ لَا تَصْلِدُ. وقَدَحَ الشيءُ فِي صَدْرِي: أَثَّر، مِنْ ذَلِكَ؛ وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: يَقْدَحُ الشكُّ فِي قَلْبِهِ بأَوَّلِ عارِضةٍ مِنْ شُبْهةٍ
؛ وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. واقْتَدَحَ الأَمرَ: دَبَّره وَنَظَرَ فِيهِ، وَالِاسْمُ القِدْحة؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ:
يَا قاتَلَ اللهُ وَرْداناً وقِدْحَتَه ... أَبْدى، لَعَمْرُكَ، مَا فِي النَّفْسِ، وَرْدانُ
__________
(1).
قوله [والحراه] كذا بأصله ولم نجده فيما بأيدينا من كتب اللغة.

(2/554)


وَرْدانُ: غُلَامٌ كَانَ لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَكَانَ حَصِيفاً، فَاسْتُشَارَهُ عَمْرٌو فِي أَمر عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وأَمر مَعَاوِيَةَ إِلى أَيهما يَذْهَبُ، فأَجابه وَرْدانُ بِمَا كَانَ فِي نَفْسِهِ، وَقَالَ لَهُ: الْآخِرَةُ مَعَ عَلِيٍّ وَالدُّنِيَا مَعَ مَعَاوِيَةَ وَمَا أُراك تَخْتَارُ عَلَى الدُّنِيَا، فَقَالَ عَمْرٌو هَذَا الْبَيْتَ؛ ومَن رَوَاهُ: وقَدْحَتَه؛ أَراد بِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً؛ وَكَذَلِكَ جَاءَ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَقَالَ ابْنُ الأَثير فِي شَرْحِهِ مَا قُلْنَاهُ، وَقَالَ: القِدْحةُ اسْمُ الضَّرْبِ بالمِقْدَحَةِ، والقَدْحةُ المَرَّة، ضَرَبَهَا مَثَلًا لِاسْتِخْرَاجِهِ بِالنَّظَرِ حقيقةَ الأَمرِ. وَفِي حَدِيثِ
حُذَيْفَةَ: يَكُونُ عَلَيْكُمْ أَمير لَوْ قَدَحْتُموه بشعرةٍ أَوْرَيْتُموه
أَي لَوِ اسْتَخْرَجْتُمْ مَا عنده لظهر لضعفه كَمَا يَستخرِجُ القادحُ النَّارَ مِنَ الزَّند فيُوري؛ فأَما قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:
لَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَ للناسِ قِدْحةَ ظُلْمة كَمَا جَعَلَ لَهُمْ قِدْحةَ نُورٍ
، فمشتقٌّ مِنِ اقْتِدَاحِ النَّارِ؛ وَقَالَ اللَّيْثُ فِي تَفْسِيرِهِ: القِدْحةُ اسْمٌ مُشْتُقٌّ مِنِ اقْتُدَاحِ النَّارِ بالزَّنْد؛ قَالَ الأَزهري وأَما قَوْلُ الشَّاعِرِ:
ولأَنْتَ أَطْيَشُ، حِينَ تَغْدُو سادِراً ... رَعِشَ الجَنانِ، مِنَ القَدُوحِ الأَقْدَحِ
فإِنه أَراد قَوْلَ الْعَرَبِ: هُوَ أَطيش مِنْ ذُباب؛ وَكُلُّ ذُباب أَقْدَحُ، وَلَا تَرَاهُ إِلا وكأَنه يَقْدَحُ بِيدَيْهِ؛ كَمَا قَالَ عَنْتَرَةُ:
هَزِجاً يَحُكُّ ذِراعَه بِذراعِه، ... قَدْحَ المُكِبِّ عَلَى الزِّنادِ الأَجْذَمِ
والقَدْحُ والقادحُ: أَكالٌ يَقَعُ فِي الشَّجَرِ والأَسنان. والقادحُ: العَفَنُ، وَكَلَاهُمَا صِفَةٌ غَالِبَةٌ. والقادحةُ: الدُّودَةُ الَّتِي تأْكل السِّنّ وَالشَّجَرَ؛ تَقُولُ: قَدْ أَسرعت فِي أَسنانه القَوادحُ؛ الأَصمعي: يُقَالُ وَقَعَ القادحُ فِي خَشَبَةِ بَيْتِهِ، يَعْنِي الآكِلَ؛ وَقَدْ قُدِحَ فِي السِّنِّ وَالشَّجَرَةِ، وقُدِحتا قَدْحاً، وقَدَح الدودُ فِي الأَسنان وَالشَّجَرِ قَدْحاً، وَهُوَ تَأَكُّل يَقَعُ فِيهِ. والقادحُ: الصَّدْعُ فِي العُود، والسَّوادُ الَّذِي يَظْهَرُ فِي الأَسنان؛ قَالَ جَمِيلٌ:
رَمَى اللهُ فِي عَيْنَيْ بُثَيْنَةَ بالقَذَى، ... وَفِي الغُرِّ مِنْ أَنيابها بالقَوادِحِ
وَيُقَالُ: عُود قَدْ قُدِحَ فِيهِ إِذا وَقَعَ فِيهِ القادحُ؛ وَيُقَالُ فِي مَثَل: صَدَقَني وَسْمُ قِدْحِه أَي قَالَ الحَقَّ؛ قَالَهُ أَبو زَيْدٍ. وَيَقُولُونَ: أَبْصِرْ وَسْمَ قِدْحِك أَي اعرِف نَفْسَك؛ وأَنشد:
ولكنْ رَهْطُ أُمِّكَ مِنْ شُيَيْمٍ، ... فأَبْصِرْ وَسْم قِدْحِكَ فِي القِداحِ
وقَدَحَ فِي عِرْض أَخيه يَقْدَحُ قَدْحاً: عَابَهُ. وقَدَحَ فِي ساقِ أَخيه: غَشَّه وعَمِلَ فِي شَيْءٍ يَكَرَهُهُ. الأَزهري عَنِ ابْنِ الأَعرابي: تَقُولُ فُلَانٌ يَفُتُّ فِي عَضُدِ فُلَانٍ ويَقْدَحُ فِي ساقِه؛ قَالَ: والعَضُدُ أَهل بَيْتِهِ، وساقُه: نَفْسُهُ. والقَديحُ: مَا يبقَى فِي أَسفل القِدْرِ فيُغْرَفُ بجَهْد؛ وَفِي حَدِيثِ
أُم زَرْعٍ: تَقْدَحُ قِدْراً وتَنْصِبُ أُخرى
أَي تَغْرِفُ؛ يُقَالُ: قَدَحَ القِدْرَ إِذا غَرَفَ مَا فِيهَا؛ وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: ثُمَّ قَالَ ادْعِي خابِزَةً فلْتَخْبِزْ مَعَكِ واقْدَحِي مِنْ بُرْمَتِكِ
أَي اغْرِفي. وقَدَحَ مَا فِي أَسفل القِدْرِ يَقْدَحُه قَدْحاً، فَهُوَ مَقْدُوحٌ وقَديحٌ، إِذا غَرَفَه بجَهْدٍ؛ قَالَ النَّابِغَةُ الذُّبْيانيّ:
يَظَلُّ الإِماءُ يَبْتَدِرْنَ قَديحَها، ... كَمَا ابْتَدَرَتْ كلبٌ مِياهَ قَراقِرِ
وَهَذَا الْبَيْتُ أَورده الْجَوْهَرِيُّ: فظَلَّ الإِماءُ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَصَوَابُهُ يَظَلُّ، بِالْيَاءِ كَمَا أَوردناه؛ وَقَبْلَهُ:

(2/555)


بَقِيَّة قِدْرٍ مِنْ قُدُورٍ تُوُورِثَتْ ... لآلِ الجُلاحِ، كابِراً بعدَ كابِرِ
أَي يَبْتَدِرُ الإِماءُ إِلى قَديح هَذِهِ القِدْر كأَنها مِلْكُهُمْ، كَمَا يَبْتَدِرُ كلبٌ إِلى مِيَاهِ قَراقِر لأَنه مَاؤُهُمْ؛ وَرَوَاهُ أَبو عُبَيْدَةَ: كَمَا ابْتَدَرَتْ سَعْدٌ، قَالَ: وقَراقِرُ هُوَ لسعدِ هُذَيْمٍ وَلَيْسَ لِكَلْبٍ. واقتِداحُ المَرَقِ: غَرْفُه. وَفِي الإِناء قَدْحةٌ وقُدْحة أَي غُرْفةٌ؛ وَقِيلَ: القَدْحة الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ مِنَ الْفِعْلِ. والقُدْحَةُ: مَا اقْتُدِحَ. يُقَالُ: أَعطني قُدْحَةً مِنْ مَرَقَتِكَ أَي غُرْفةً. وَيُقَالُ: يَبْذُلُ قَديحَ قِدْرِه يَعْنِي مَا غَرَفَ مِنْهَا؛ والقَديحُ: المَرَقُ. والمِقْدَحُ والمِقْدَحة: المِغْرَفَة؛ وَقَالَ جَرِيرٌ:
إِذا قِدْرُنا يَوْمًا عَنِ النارِ أُنْزِلَتْ، ... لَنَا مِقْدَحٌ مِنْهَا، وللجارِ مِقْدَحُ
ورَكِيٌّ قَدُوحٌ: تُغْتَرَفُ بِالْيَدِ. والقِدْحُ، بِالْكَسْرِ: السهمُ قَبْلَ أَن يُنَصَّلَ ويُراشَ؛ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: القِدْحُ العُودُ إِذا بَلَغَ فَشُذِّبَ عَنْهُ الغُصْنُ وقُطِعَ عَلَى مِقْدَارِ النَّبْل الَّذِي يُرَادُ مِنَ الطُّول والقِصَر؛ قَالَ الأَزهري: القِدْحُ قِدْحُ السَّهْمِ، وَجَمْعُهُ قِداح، وَصَانِعُهُ قَدَّاحٌ أَيضاً. وَيُقَالُ: قَدَحَ فِي القِدْحِ يَقْدَحُ وَذَلِكَ إِذا خَرَق فِي السَّهْمِ بسِنْخِ النَّصْل. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن عُمَرَ كَانَ يُقَوِّمُهم فِي الصَّفِّ كَمَا يُقَوِّمُ القَدَّاحُ القِدْحَ
؛ قَالَ: وأَوّل مَا يُقْطَع ويُقْضَبُ يُسَمَّى قِطْعاً، وَالْجَمْعُ القُطُوعُ، ثُمَّ يُبْرَى فيُسَمَّى بَرِيّاً وَذَلِكَ قَبْلَ أَن يُقَوَّمَ، فإِذا قُوِّمَ وأَنَى لَهُ أَن يُراشَ ويُنْصَلَ، فَهُوَ القِدْحُ، فإِذا رِيشَ ورُكِّبَ نَصْلُه فِيهِ صَارَ نَصْلًا؛ وقِدْحُ المَيْسِر، وَالْجَمْعُ أَقْدُحٌ وقِداحٌ وأَقاديحُ، الأَخيرة جَمْعُ الْجَمْعِ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ يَصِفُ إِبلًا:
أَمَّا أُولاتُ الذُّرَى مِنْهَا فعاصِبَةٌ، ... تَجُولُ، بَيْنَ مَناقِيها، الأَقادِيحُ
وَالْكَثِيرُ قِداحٌ. وَقَوْلُهُ فَعَاصِبَةٌ أَي مُجْتَمِعَةٌ. والذُّرى: الأَسْنِمة. وقُدُوحُ الرحْلِ: عِيدانُه، لَا وَاحِدَ لَهَا؛ قَالَ بِشْرُ بْنُ أَبي خَازِمٍ:
لَهَا قَرَدٌ، كجَثْوِ النَّمْل، جَعْدٌ، ... تَعَضُّ بِهَا العَراقِي والقُدُوحُ
وَحَدِيثُ
أَبي رَافِعٍ: كَنْتُ أَعْمَلُ الأَقْداحَ
، هُوَ جَمْعُ قَدَحٍ، وَهُوَ الَّذِي يؤْكل فِيهِ، وَقِيلَ: جَمْعُ قِدْحٍ، وَهُوَ السَّهْمُ الَّذِي كَانُوا يَسْتَقْسِمون أَو الَّذِي يُرْمى بِهِ عَنِ الْقَوْسِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِنه كَانَ يُسَوِّي الصُّفُوفِ حَتَّى يَدَعها مِثْلَ القِدْحِ أَو الرَّقِيمِ
أَي مِثْلَ السَّهْمِ أَو سَطْرِ الْكِتَابَةِ. وَحَدِيثُ
أَبي هُرَيْرَةَ: فَشَرِبْتُ حَتَّى اسْتَوَى بَطْنِي فَصَارَ كالقِدْح
أَي انتصبَ بِمَا حَصَلَ فِيهِ مِنْ اللَّبَنِ وَصَارَ كَالسَّهْمِ، بَعْدَ أَن كَانَ لَصِقَ بِظَهْرِهِ مِنَ الخُلُوِّ. وَحَدِيثُ
عُمَرَ: أَنه كَانَ يُطْعِمُ النَّاسَ عَامَ الرَّمادة، فَاتَّخَذَ قِدْحاً فِيهِ فَرْضٌ
، أَي أَخذ سَهْمًا وحَزَّ فِيهِ حَزًّا عَلَّمَهُ بِهِ، فَكَانَ يَغْمِزُ القِدْحَ فِي الثَّرِيدِ، فإِن لَمْ يَبْلُغْ موضعَ الحَزِّ لامَ صاحبَ الطَّعَامِ وعَنَّفَه. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تَجْعَلوني كَقَدَح الرَّاكَبِ
أَي لَا تُؤَخِّرُوني فِي الذِّكْرِ، لأَن الرَّاكَبَ يُعَلِّقُ قَدَحَه فِي آخِرِ رَحْلِه عِنْدَ فَرَاغِهِ مِنْ تَرْحاله وَيَجْعَلُهُ خَلْفَهُ؛ قَالَ حَسَّان:
كَمَا نِيطَ، خَلْفَ الراكبِ، القَدَحُ الفَرْدُ
وقَدَحْتُ العينَ إِذا أَخرجتَ مِنْهَا الماءَ الفاسِدَ. وقَدَحَتْ عينُه وقَدَّحتْ: غَارَتْ، فَهِيَ مُقَدِّحةٌ، وَخُيْلٌ مُقَدِّحةٌ: غَائِرَةُ الْعُيُونَ، ومُقَدَّحةٌ، عَلَى صِيغَةِ الْمَفْعُولِ: ضَامِرَةٌ كأَنها ضُمِّرَتْ، فُعِلَ ذَلِكَ بِهَا.

(2/556)


وقَدَّحَ فرسَه تَقْدِيحاً: ضَمَّره، فَهُوَ مُقَدَّحٌ. وقَدَحَ خِتامَ الْخَابِيةِ قَدْحاً: فَضَّه؛ قَالَ لَبِيدٌ:
أَغْلِي السِّباءَ بِكُلِّ أَدْكَنَ عاتِقٍ، ... أَو جَوْنةٍ قُدِحَتْ، وفُضَّ خِتامُها
والقَدَّاحُ: نَوْرُ النَّبَاتِ قَبْلَ أَن يَتَفَتَّح، اسْمٌ كالقَذَّاف. والقَدَّاحُ: الفِصْفِصَةُ الرَّطْبةُ، عِراقِيَّةٌ، الْوَاحِدَةُ قَدَّاحة؛ وَقِيلَ: هِيَ أَطراف النَّبَاتِ مِنَ الْوَرَقِ الغَضِّ؛ الأَزهري: القَدَّاحُ أَرْآدٌ رَخْصَةٌ مِنَ الفِصْفِصة. ودارَةُ القَدَّاح: موضع؛ عن كراع.
قذح: الأَزهري خَاصَّةً: قَالَ ابْنُ الفَرَج سَمِعْتُ خليفةَ الحُصَيْنيَّ قَالَ: يُقَالُ المُقاذَحةُ المُقاذَعة المُشاتَمة. وقاذَحَني فلانٌ وقابَحَني أَي شاتمني.
قرح: القَرْحُ والقُرْحُ، لُغَتَانِ: عَضُّ السِّلَاحِ وَنَحْوُهُ مِمَّا يَجْرَحُ الجسدَ وَمِمَّا يَخْرُجُ بِالْبَدَنِ؛ وَقِيلَ: القَرْحُ الآثارُ، والقُرْحُ الأَلَمُ؛ وَقَالَ يَعْقُوبُ: كأَنَّ القَرْحَ الجِراحاتُ بأَعيانها، وكأَنَّ القُرْحَ أَلَمُها؛ وَفِي حَدِيثِ أُحُدٍ:
بَعْدَ مَا أَصابهم القَرْحُ
؛ هُوَ بِالْفَتْحِ وَبِالضَّمِّ: الجُرْحُ؛ وَقِيلَ: هُوَ بِالضَّمِّ الِاسْمُ، وَبِالْفَتْحِ الْمَصْدَرُ؛ أَراد مَا نَالَهُمْ مِنَ الْقَتْلِ وَالْهَزِيمَةِ يَوْمَئِذٍ. وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: كُنَّا نَخْتَبِطُ بقِسيِّنا ونأْكلُ حَتَّى قَرِحَتْ أَشداقُنا
أَي تَجَرَّحَتْ مِنْ أَكل الخَبَطِ. وَرَجُلٌ قَرِحٌ وقَرِيحٌ: ذُو قَرْحٍ وَبِهِ قَرْحةٌ دَائِمَةٌ. والقَرِيحُ: الْجَرِيحُ مِنْ قَوْمٍ قَرْحَى وقَراحَى؛ وَقَدْ قَرَحه إِذا جَرَحه يَقْرَحُه قَرْحاً؛ قَالَ الْمُتَنَخِّلِ الْهُذَلِيِّ:
لَا يُسْلِمُونَ قَرِيحاً حَلَّ وَسْطَهُمُ، ... يومَ اللِّقاءِ، وَلَا يُشْوُونَ مَنْ قَرَحُوا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: مَعْنَاهُ لَا يُسْلِمُونَ مَنْ جُرِحَ مِنْهُمْ لأَعدائهم وَلَا يُشْوُونَ مَنْ قَرَحُوا أَي لَا يُخْطِئُون فِي رَمْيِ أَعدائهم. وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ
وقُرْحٌ؛ قَالَ وأَكثر الْقُرَّاءِ عَلَى فَتْحِ الْقَافِ، وكأَنَّ القُرْحَ أَلَمُ الجِراحِ، وكأَنَّ القَرْحَ الجِراحُ بأَعيانها؛ قَالَ: وَهُوَ مثلُ الوَجْدِ والوُجْد وَلَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ وجَهْدَهم. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: قَرِحَ الرجلُ «2» يَقْرَحُ قَرْحاً، وَقِيلَ: سمِّيت الْجِرَاحَاتُ قَرْحاً بِالْمَصْدَرِ، وَالصَّحِيحُ أَن القَرْحةَ الجِراحةُ، وَالْجَمْعُ قَرْحٌ وقُروح. وَرَجُلٌ مَقْروح: بِهِ قُرُوح. والقَرْحة: وَاحِدَةُ القَرْحِ والقُروح. والقَرْحُ أَيضاً: البَثْرُ إِذا تَرامَى إِلى فَسَادٍ؛ اللَّيْثُ: القَرْحُ جَرَبٌ شديد يأْخذ الفُصْلانَ فَلَا تَكَادُ تَنْجُو؛ وفَصِيل مَقْرُوح؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
يَحْكِي الفَصِيلَ القارِحَ المَقْرُوحا
وأَقْرَحَ القومُ: أَصاب مواشِيَهم أَو إِبلهم القَرْحُ. وقَرِحَ قلبُ الرَّجُلِ مِنَ الحُزْنِ، وَهُوَ مَثَلٌ بِمَا تقدَّم. قَالَ الأَزهري: الَّذِي قَالَهُ اللَّيْثُ مِنْ أَن القَرْحَ جَرَبٌ شديد يأْخذ الفُصْلانَ غَلَطٌ، إِنما القَرْحة داءٌ يأْخذ الْبَعِيرَ فَيَهْدَلُ مِشْفَرُه مِنْهُ؛ قَالَ البَعِيثُ:
ونحْنُ مَنَعْنا بالكُلابِ نِساءَنا، ... بضَرْبٍ كأَفْواهِ المُقَرِّحة الهُدْلِ
ابْنُ السِّكِّيتِ: والمُقَرِّحةُ الإِبل الَّتِي بِهَا قُروح فِي أَفواهها فَتَهْدَلُ مَشافِرُها؛ قَالَ: وإِنما سَرَقَ البَعِيثُ هَذَا الْمَعْنَى مِنْ عَمْرِو بْنِ شاسٍ:
وأَسْيافُهُمْ، آثارُهُنَّ كأَنها ... مَشافِرُ قَرْحَى، فِي مَبارِكِها، هُدْلُ
__________
(2).
قوله [وَقَالَ الزَّجَّاجُ قَرِحَ الرَّجُلُ إلخ] بابه تعب كما في المصباح.

(2/557)


وأَخذه الكُمَيْتُ فَقَالَ:
تُشَبِّهُ فِي الهامِ آثارَها، ... مَشافِرَ قَرْحَى، أَكَلْنَ البَرِيرا
الأَزهري: وقَرْحَى جَمْعُ قَرِيح، فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ. قُرِحَ البعيرُ، فَهُوَ مَقْرُوحٌ وقَرِيح، إِذا أَصابته القَرْحة. وقَرَّحَتِ الإِبلُ، فَهِيَ مُقَرِّحة. والقَرْحةُ لَيْسَتْ مِنَ الجَرَب فِي شَيْءٍ. وقَرِحَ جِلْدُهُ، بِالْكَسْرِ، يَقْرَحُ قَرَحاً، فَهُوَ قَرِحٌ، إِذا خَرَجَتْ بِهِ القُروح؛ وأَقْرَحه اللهُ. وَقِيلَ لِامْرِئِ الْقَيْسِ: ذُو القُرُوحِ، لأَن مَلِكَ الرُّومِ بَعَثَ إِليه قَمِيصًا مَسْمُومًا فَتَقَرَّحَ مِنْهُ جَسَدُهُ فَمَاتَ. وقَرَحه بِالْحَقِّ «1» قَرْحاً: رَمَاهُ بِهِ وَاسْتَقْبَلَهُ بِهِ. والاقتراحُ: ارتِجالُ الْكَلَامِ. والاقتراحُ: ابتداعُ الشَّيْءِ تَبْتَدِعُه وتَقْتَرِحُه مِنْ ذَاتِ نَفْسِك مِنْ غَيْرِ أَن تَسْمَعَهُ، وَقَدِ اقْتَرَحه فِيهِمَا. واقْتَرَحَ عَلَيْهِ بِكَذَا: تَحَكَّم وسأَل مِنْ غَيْرِ رَوِيَّة. واقْترح البعيرَ: رَكِبَهُ مِنْ غَيْرِ أَن يَرْكَبَهُ أَحد. واقْتُرِحَ السهمُ وقُرِحَ: بُدِئَ عَمَلُه. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ اقْتَرَحْتُه واجْتَبَيْتُه وخَوَّصْتُه وخَلَّمْتُه واخْتَلَمْتُه واسْتَخْلَصْتُه واسْتَمَيْتُه، كلُّه بِمَعْنَى اخْتَرْتُه؛ وَمِنْهُ يُقَالُ: اقْتَرَحَ عَلَيْهِ صوتَ كَذَا وَكَذَا أَي اخْتَارَهُ. وقَرِيحةُ الإِنسانِ: طَبِيعَتُه الَّتِي جُبِلَ عَلَيْهَا، وَجَمْعُهُا قَرائح، لأَنها أَول خِلْقَتِه. وقَرِيحةُ الشَّبابِ: أَوّلُه، وَقِيلَ: قَرِيحة كُلِّ شَيْءٍ أَوّلُه. أَبو زَيْدٍ: قُرْحةُ الشِّتاءِ أَوّلُه، وقُرْحةُ الرَّبِيعِ أَوّلُه، والقَرِيحة والقُرْحُ أَوّل مَا يَخْرُجُ مِنَ الْبِئْرِ حِينَ تُحْفَرُ؛ قَالَ ابْنُ هَرْمَةَ:
فإِنكَ كالقَريحةِ، عامَ تُمْهَى ... شَرُوبُ الماءِ، ثُمَّ تَعُودُ مَأْجا
المَأْجُ: المِلْحُ؛ وَرَوَاهُ أَبو عُبَيْدٍ بالقَرِيحة، وَهُوَ خطأٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ لِفُلَانٍ قَريحة جَيِّدة، يُرَادُ اسْتِنْبَاطُ الْعِلْمِ بِجَوْدَةِ الطَّبْعِ. وَهُوَ فِي قُرْحِ سِنِّه أَي أَوَّلِها؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: قُلْتُ لأَعرابي: كَمْ أَتى عَلَيْكَ؟ فَقَالَ: أَنا فِي قُرْحِ الثَّلَاثِينَ. يُقَالُ: فُلَانٌ فِي قُرْحِ الأَربعين أَي فِي أَوّلها. ابْنُ الأَعرابي: الاقتراحُ ابْتِدَاءُ أَوّل الشَّيْءِ؛ قَالَ أَوْسٌ:
عَلَى حِينَ أَن جدَّ الذَّكاءُ، وأَدْرَكَتْ ... قَرِيحةُ حِسْيٍ مِنْ شُرَيحٍ مُغَمِّم
يَقُولُ: حِينَ جدَّ ذَكَائِي أَي كَبِرْتُ وأَسْنَنْتُ وأَدركَ مِنِ ابْنِي قَريحةُ حِسْيٍ: يَعْنِي شِعْرَ ابْنِهِ شُرَيْحِ بْنِ أَوس، شَبَّهَهُ بماءٍ لَا يَنْقَطِعُ وَلَا يَغَضْغَضُ. مُغَمِّم أَي مُغْرِق. وقَرِيحُ السَّحَابِ: ماؤُه حِينَ يَنْزِلُ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبل:
وكأَنما اصْطَبَحَتْ قَرِيحَ سَحابةٍ
وَقَالَ الطِّرِّمَاحُ:
ظَعائنُ شِمْنَ قَرِيحَ الخَرِيف، ... مِنَ الأَنْجُمِ الفُرْغِ والذابِحَهْ
والقريحُ: السَّحَابُ أَوّلَ مَا ينشأُ. وَفُلَانٌ يَشْوِي القَراحَ أَي يُسَخِّنُ الماءَ. والقُرْحُ: ثَلَاثُ لَيَالٍ مِنْ أَوّل الشَّهْرِ. والقُرْحانُ، بِالضَّمِّ، مِنَ الإِبل: الَّذِي لَمْ يصبْه جَرَبٌ قَطُّ، وَمِنَ النَّاسِ: الَّذِي لَمْ يَمَسَّه القَرْحُ، وَهُوَ الجُدَرِيّ، وَكَذَلِكَ الِاثْنَانِ وَالْجَمْعُ وَالْمُؤَنَّثُ؛ إِبل قُرْحانٌ وصَبيٌّ قُرْحانٌ، وَالِاسْمُ القَرْحُ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَن أَصحاب رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى
__________
(1).
قوله [وقرحه بالحق إلخ] بابه منع كما في القاموس.

(2/558)


اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَدِمُوا مَعَهُ الشَّامَ وَبِهَا الطَاعُونُ، فَقِيلَ لَهُ: إِن مَعَكَ مِنْ أَصحاب رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قُرْحانٌ فَلَا تُدْخِلْهُمْ عَلَى هَذَا الطَّاعُونِ
؛ فَمَعْنَى قَوْلِهِمْ لَهُ قُرْحانٌ أَنه لَمْ يُصِبْهُمْ دَاءٌ قَبْلَ هَذَا؛ قَالَ شَمِرٌ: قُرْحانٌ إِن شِئْتَ نوّنتَ وإِن شئتَ لَمْ تُنَوِّنْ، وَقَدْ جَمَعَهُ بَعْضُهُمْ بِالْوَاوِ وَالنُّونِ، وَهِيَ لُغَةٌ مَتْرُوكَةٌ، وأَورده الْجَوْهَرِيُّ حَدِيثًا
عَنْ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، حِينَ أَراد أَن يَدْخُلَ الشَّامَ وَهِيَ تَسْتَعِرُ طَاعُونًا، فَقِيلَ لَهُ: إِن مَعَكَ مِنْ أَصحاب رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قُرْحانِينَ فَلَا تَدْخُلْها
؛ قَالَ: وَهِيَ لُغَةٌ مَتْرُوكَةٌ. قَالَ ابْنُ الأَثير: شَبَّهُوا السَّلِيمَ مِنَ الطَاعُونِ والقَرْحِ بالقُرْحان، وَالْمُرَادُ أَنهم لَمْ يَكُنْ أَصابهم قَبْلَ ذَلِكَ دَاءٌ. الأَزهري: قَالَ بَعْضُهُمُ القُرْحانُ مِنَ الأَضداد: رَجُلٌ قُرْحانٌ لِلَّذِي مَسَّهُ القَرْحُ، وَرَجُلٌ قُرْحانٌ لَمْ يَمَسَّه قَرْحٌ وَلَا جُدَرِيّ وَلَا حَصْبة، وكأَنه الْخَالِصُ مِنْ ذَلِكَ. والقُراحِيُّ والقُرْحانُ: الَّذِي لَمْ يَشْهَدِ الحَرْبَ. وَفَرَسٌ قارِحٌ: أَقامت أَربعين يَوْمًا مِنْ حَمْلِهَا وأَكثر حَتَّى شَعَّرَ ولَدُها. والقارحُ: الناقةُ أَوّلَ مَا تَحْمِلُ، وَالْجَمْعُ قَوارِحُ وقُرَّحٌ؛ وَقَدْ قَرَحَتْ تَقْرَحُ قُرُوحاً وقِراحاً؛ وَقِيلَ: القُرُوح فِي أَوّلِ مَا تَشُول بِذَنَبِهَا؛ وَقِيلَ: إِذا تَمَّ حَمْلُهَا، فَهِيَ قارِحٌ؛ وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي لَا تَشْعُرُ بلَقاحِها حَتَّى يَسْتَبِينَ حَمْلُهَا، وَذَلِكَ أَن لَا تَشُولَ بِذَنَبِهَا وَلَا تُبَشِّرَ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: هِيَ قارحٌ أَيام يَقْرَعُها الْفَحْلُ، فإِذا اسْتَبَانَ حَمْلُهَا فَهِيَ خَلِفة، ثُمَّ لَا تَزَالُ خَلِفة حَتَّى تَدْخُلَ فِي حَدِّ التَّعْشِيرِ. اللَّيْثُ: نَاقَةٌ قارحٌ وَقَدْ قَرَحَتْ تَقْرحُ قُرُوحاً إِذا لَمْ يَظُنُّوا بِهَا حَمْلًا وَلَمْ تُبَشِّرْ بِذَنَبِهَا حَتَّى يَسْتَبِينَ الْحَمْلُ فِي بَطْنِهَا. أَبو عُبَيْدٍ: إِذا تمَّ حملُ النَّاقَةِ وَلَمْ تُلْقِه فَهِيَ حِينَ يَسْتَبِينُ الْحَمْلُ بِهَا قَارِحٌ؛ وَقَدْ قَرَحَتْ قُرُوحاً. والتقريحُ: أَول نَبَاتِ العَرْفَج؛ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: التَّقْرِيحُ أَوّل شَيْءٍ يَخْرُجُ مِنْ الْبَقْلِ الَّذِي يَنْبُتُ فِي الحَبِّ. وتقريحُ الْبَقْلِ: نباتُ أَصله، وَهُوَ ظُهُورُ عُوده. قَالَ: وَقَالَ رَجُلٌ لِآخَرَ مَا مَطَرُ أَرضك؟ فَقَالَ: مُرَكِّكةٌ فِيهَا ضُرُوسٌ، وثَرْدٌ يَذُرُّ بَقْلُه وَلَا يُقَرِّحُ أَصلُه، ثُمَّ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: ويَنْبُتُ البقلُ حِينَئِذٍ مُقْتَرِحاً صُلْباً، وَكَانَ يَنْبَغِي أَن يَكُونَ مُقَرِّحاً إِلَّا أَن يَكُونَ اقْتَرَحَ لُغَةً فِي قَرَّحَ، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ قَوْلُهُ مُقْتَرِحاً أَي مُنْتصباً قَائِمًا عَلَى أَصله. ابْنُ الأَعرابي: لَا يُقَرِّحُ البقلُ إِلا مِنْ قَدْرِ الذِّرَاعِ مِنْ مَاءِ الْمَطَرِ فَمَا زَادَ، قَالَ: ويَذُرُّ البقلُ مِنْ مَطَرٍ ضَعِيفٍ قَدْرِ وَضَحِ الكَفِّ. والتقريحُ: التشويكُ. ووَشْمٌ مُقَرَّح: مُغَرَّز بالإِبرة. وتَقْرِيحُ الأَرض: ابْتِدَاءُ نَبَاتِهَا. وَطَرِيقٌ مَقْرُوح: قَدْ أُثِّرَ فِيهِ فَصَارَ مَلْحُوباً بَيِّناً مَوْطُوءًا. والقارحُ مِنْ ذِي الْحَافِرِ: بِمَنْزِلَةِ الْبَازِلِ مِنَ الإِبل؛ قَالَ الأَعشى فِي الفَرس:
وَالْقَارِحَ العَدَّا وَكُلَّ طِمِرَّةٍ، ... لَا تَسْتَطِيعُ يَدُ الطويلِ قَذالَها
وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ فِي الْحِمَارِ:
إِذا انْشَقَّتِ الظَّلْماءُ، أَضْحَتْ كأَنها ... وَأًى مُنْطَوٍ، بَاقِي الثَّمِيلَةِ، قارِحُ
وَالْجَمْعُ قَوارِحُ وقُرَّحٌ، والأُنثى قارحٌ وقارحةٌ، وَهِيَ بِغَيْرِ هَاءٍ أَعلى. قَالَ الأَزهري: وَلَا يُقَالُ قَارِحَةٌ؛ وأَنشد بَيْتَ الأَعشى: وَالْقَارِحُ العَدَّا؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
جاوَرْتُه، حِينَ لَا يَمْشِي بعَقْوَتِه، ... إِلا المَقانِيبُ والقُبُّ المَقارِيحُ

(2/559)


قَالَ ابْنُ جِنِّي: هَذَا مِنْ شَاذِّ الْجَمْعِ، يَعْنِي أَن يُكَسَّرَ فَاعِلٌ عَلَى مَفَاعِيلٍ، وَهُوَ فِي الْقِيَاسِ كأَنه جَمْعُ مِقْراح كمِذْكار ومَذاكير ومِئْناث وَمَآنِيثَ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمَعْنَى بَيْتِ أَبي ذؤَيب: أَي جَاوَرَتْ هَذَا المرثِيَّ حِينِ لَا يَمْشِي بِسَاحَةِ هَذَا الطَّرِيقِ الْمُخَوِّفِ إِلا المَقانِيبُ مِنَ الْخَيْلِ، وَهِيَ القُطُعُ مِنْهَا، والقُبُّ: الضُّمْرُ. وَقَدْ قَرَحَ الفرسُ يَقْرَحُ قُرُوحاً، وقَرِحَ قَرَحاً إِذا انْتَهَتْ أَسنانه، وإِنما تَنْتَهِي فِي خَمْسِ سِنِينَ لأَنه فِي السَّنَةِ الأُولى حَوْلِيّ، ثُمَّ جَذَعٌ ثُمَّ ثَنِيّ ثُمَّ رَباعٌ ثُمَّ قَارِحٌ، وَقِيلَ: هُوَ فِي الثَّانِيةِ فِلْوٌ، وَفِي الثَّالِثَةِ جَذَع. يُقَالُ: أَجْذَع المُهْرُ وأَثْنَى وأَرْبَعَ وقَرَحَ [قَرِحَ]، هَذِهِ وَحْدَهَا بِغَيْرِ أَلف. وَالْفَرَسُ قارحٌ، وَالْجَمْعُ قُرَّحٌ وقُرحٌ، والإِناثُ قَوارِح، وَفِي الأَسْنان بَعْدَ الثَّنايا والرَّباعِيات أَربعةٌ قَوارِحُ. قَالَ الأَزهري: وَمِنْ أَسنان الْفَرَسِ القارحانِ، وَهُمَا خَلْفَ رَباعِيَتَيْهِ العُلْيَيَيْنِ، وقارِحانِ خَلْفَ رَباعِيَتَيْه السُّفْلَيَيْن، وَكُلُّ ذِي حَافِرٍ يَقْرَحُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
وَعَلَيْهِمُ السالغُ والقارحُ
أَي الفرسُ الْقَارِحُ، وَكُلُّ ذِي خُفٍّ يَبْزُلُ وَكُلُّ ذِي ظِلْف يَصْلَغُ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: أَقْرَحَ، قَالَ: وَهِيَ لُغَةٌ رَدِيَّة. وقارِحُه: سنُّه الَّتِي قَدْ صَارَ بِهَا قَارِحًا؛ وَقِيلَ: قُرُوحه انْتِهَاءُ سِنِّهِ؛ وَقِيلَ: إِذا أَلقى الفرسُ أَقصى أَسنانه فَقَدْ قَرَحَ، وقُرُوحُه وقوعُ السِّنّ الَّتِي تَلِي الرَّباعِيَةَ، وَلَيْسَ قُرُوحه بِنَبَاتِهَا، وَلَهُ أَربع أَسنان يتحَوَّل مِنْ بَعْضِهَا إِلى بَعْضٍ: يَكُونُ جَذَعاً ثُمَّ ثَنِيّاً ثُمَّ رَباعِياً ثُمَّ قارِحاً؛ وَقَدْ قَرِحَ [قَرَحَ] نابُه. الأَزهري: ابْنُ الأَعرابي: إِذا سَقَطَتْ رَباعِيَةُ الْفَرَسِ ونبتَ مكانَها سِنٌّ، فهو رَباعٍ [رَباعٌ]، وَذَلِكَ إِذا اسْتَتَمَّ الرَّابِعَةَ، فإِذا حَانَ قُروحه سَقَطَتِ السِّن الَّتِي تَلِي رَباعِيَتَه ونَبَت مكانَها نابُه، وَهُوَ قارِحُه، وَلَيْسَ بَعْدَ القُرُوح سُقُوطُ سِنّ وَلَا نَباتُ سِنّ. قَالَ: وإِذا دَخَلَ الْفَرَسُ فِي السَّادِسَةِ وَاسْتَتَمَّ الْخَامِسَةَ فَقَدْ قَرِحَ. الأَزهري: القُرْحةُ الغُرَّة فِي وَسَطِ الجَبْهة. والقُرْحةُ فِي وَجْهِ الْفَرَسِ: مَا دُونَ الغُرَّةِ؛ وَقِيلَ: القُرْحةُ كُلُّ بَيَاضٍ يَكُونُ فِي وَجْهِ الْفَرَسِ ثُمَّ يَنْقَطِعُ قَبْلَ أَن يَبْلُغَ المَرْسِنَ، وَتُنْسَبُ القُرْحة إِلى خِلْقتها فِي الِاسْتِدَارَةِ وَالتَّثْلِيثِ وَالتَّرْبِيعِ وَالِاسْتِطَالَةِ وَالْقِلَّةِ؛ وَقِيلَ: إِذا صغُرت الغُرَّة، فَهِيَ قُرْحة؛ وأَنشد الأَزهري:
تُباري قُرْحةً مثلَ الوَتِيرةِ، ... لَمْ تَكُنْ مَغْدا
يَصِفُ فَرَسًا أُنثى. وَالْوَتِيرَةُ: الحَلْقَةُ الصَّغِيرَةُ يُتَعَلَّمُ عَلَيْهَا الطَّعْنُ وَالرَّمْيُ. والمَغْدُ: النَّتْفُ؛ أَخبر أَن قُرْحَتَها جِبِلَّة لَمْ تَحْدُثْ عَنْ عِلاجِ نَتْفٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
خَيْرُ الخَيْلِ الأَقْرَحُ المُحَجَّلُ
؛ هُوَ مَا كَانَ فِي جَبْهَتِهِ قُرحة، بِالضَّمِّ، وَهِيَ بَيَاضٌ يَسِيرٌ فِي وَجْهِ الْفَرَسِ دُونَ الْغِرَّةِ. فأَما الْقَارِحُ مِنَ الْخَيْلِ فَهُوَ الَّذِي دَخَلَ فِي السَّنَةِ الْخَامِسَةِ، وَقَدْ قَرِحَ يَقْرَحُ قَرَحاً، وأَقْرَحَ وَهُوَ أَقْرَحُ وَهِيَ قرْحاءُ؛ وَقِيلَ: الأَقْرَحُ الَّذِي غُرَّته مِثْلُ الدِّرْهَمِ أَو أَقل بَيْنَ عَيْنَيْهِ أَو فَوْقَهُمَا مِنَ الْهَامَةِ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: الغُرَّةُ مَا فَوْقَ الدِّرْهَمِ والقُرْحة قَدْرُ الدِّرْهَمِ فَمَا دُونَهُ؛ وَقَالَ النَّضْرُ: القُرْحة بَيْنَ عَيْنَيِ الْفَرَسِ مِثْلُ الدِّرْهَمِ الصَّغِيرِ، وَمَا كَانَ أَقْرَحَ، وَلَقَدْ قَرِحَ يَقْرَحُ قَرَحاً. والأَقْرَحُ: الصبحُ، لأَنه بَيَاضٌ فِي سَوَادٍ؛ قال ذو الرمة:
وسُوح، إِذا الليلُ الخُدارِيُّ شَقَّه ... عَنِ الرَّكْبِ، معروفُ السَّمَاوَةِ أَقْرَحُ

(2/560)


يَعْنِي الْفَجْرَ وَالصُّبْحَ. وَرَوْضَةٌ قَرْحاءُ: فِي وَسَطها نَوْرٌ أَبيضُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ رَوْضَةً:
حَوَّاءُ قَرْحاءُ أَشْراطِيَّةٌ، وكَفَتْ ... فِيهَا الذِّهابُ، وحَفَّتْها البَراعِيمُ
وَقِيلَ: القَرْحاءُ الَّتِي بَدَا نَبْتُها. والقُرَيْحاءُ: هَنَةٌ تَكُونُ فِي بَطْنِ الْفَرَسِ مِثْلُ رأْس الرجلِ؛ قَالَ: وَهِيَ مِنَ الْبَعِيرِ لَقَّاطةُ الحَصى. والقُرْحانُ: ضَرْبٌ مِنَ الكَمْأَةِ بيضٌ صِغارٌ ذواتُ رؤُوس كرؤُوس الفُطْرِ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
وأَوقَرَ الظَّهْرَ إِليَّ الْجَانِي، ... مِنْ كَمْأَةٍ حُمْرٍ، وَمِنْ قُرْحانِ
وَاحِدَتُهُ قُرْحانة، وَقِيلَ: وَاحِدُهَا أَقْرَحُ. والقَراحُ: الماءُ الَّذِي لَا يُخالِطه ثُفْلٌ مِنْ سَويق وَلَا غَيْرِهِ، وَهُوَ الماءُ الَّذِي يُشْرَبُ إِثْر الطَّعَامِ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
تُعَلِّلُ، وَهِيَ ساغِبةٌ، بَنِيها ... بأَنْفاسٍ مِنَ الشَّبِمِ القَراحِ
وَفِي الْحَدِيثِ:
جِلْفُ الخُبْزِ والماءِ القَراحِ
؛ هُوَ، بِالْفَتْحِ، الماءُ الَّذِي لَمْ يُخَالِطْهُ شيءٌ يُطَيَّب بِهِ كَالْعَسَلِ وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: القَريحُ الْخَالِصُ كالقَراح؛ وأَنشد قَوْلَ طَرَفَةَ:
مِنْ قَرْقَفٍ شِيبَتْ بماءٍ قَرِيح
وَيُرْوَى قَديح أَي مُغْتَرف، وَقَدْ ذُكِرَ. الأَزهري: القَريح الخالصُ؛ قَالَ أَبو ذؤَيب:
وإِنَّ غُلاماً، نِيلَ فِي عَهْدِ كاهِلٍ، ... لَطِرْفٌ، كنَصْلِ السَّمْهَريِّ، قَريحُ
نِيلَ أَي قُتِلَ. فِي عَهْد كاهِلٍ أَي وَلَهُ عَهْدٌ وَمِيثَاقٌ. والقَراح مِنَ الأَرضين: كُلُّ قِطْعَةٍ عَلَى حِيالِها مِنْ مَنَابِتِ النَّخْلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَالْجَمْعُ أَقْرِحة كقَذال وأَقْذِلة؛ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: القَراحُ الأَرض المُخَلَّصةُ لِزَرْعٍ أَو لِغَرْسٍ؛ وَقِيلَ: القَراحُ المَزْرَعة الَّتِي لَيْسَ عَلَيْهَا بناءٌ وَلَا فِيهَا شَجَرٌ. الأَزهري: القَراحُ مِنَ الأَرض البارزُ الظَّاهِرُ الَّذِي لَا شَجَرَ فِيهِ؛ وَقِيلَ: القَراحُ مِنَ الأَرض الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شَجَرٌ وَلَمْ تَخْتَلِطْ بِشَيْءٍ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: القِرْواحُ الفَضاءُ مِنَ الأَرض الَّتِي لَيْسَ بِهَا شجرٌ وَلَمْ يَخْتَلِطْ بِهَا شَيْءٌ؛ وأَنشد قَوْلَ ابْنِ أَحمر:
وعَضَّتْ مِنَ الشَّرِّ القَراحِ بمُعْظَمٍ «2»
والقِرْواحُ والقِرْياحُ والقِرْحِياءُ: كالقَراحِ؛ ابْنُ شُمَيْلٍ: القِرْواحُ جَلَدٌ مِنَ الأَرض وقاعٌ لَا يَسْتَمْسِكُ فِيهِ الماءُ، وَفِيهِ إِشرافٌ وظهرهُ مُسْتو وَلَا يَسْتَقِرُّ فِيهِ ماءٌ إِلا سَالَ عَنْهُ يَمِينًا وَشِمَالًا. والقِرْواحُ: يَكُونُ أَرضاً عَرِيضَةً وَلَا نَبْتَ فِيهِ وَلَا شَجَرَ، طينٌ وسَمالِقُ. والقِرْواحُ أَيضاً: الْبَارِزُ الَّذِي لَيْسَ يَسْتُرُهُ مِنَ السماءِ شيءٌ، وَقِيلَ: هُوَ الأَرض الْبَارِزَةُ لِلشَّمْسِ؛ قَالَ عَبيد:
فَمَنْ بنَجْوتِه كَمَنْ بعَقْوتِه، ... والمُسْتَكِنُّ كَمَنْ يَمْشِي بقِرْواحِ
وَنَاقَةٌ قِرْواحٌ: طَوِيلَةُ الْقَوَائِمِ؛ قَالَ الأَصمعي: قُلْتُ لأَعرابي: مَا النَّاقَةُ القِرْواحُ؟ قَالَ: الَّتِي كأَنها تَمْشِي عَلَى أَرماح. أَبو عَمْرٍو: القِرواح مِنَ الإِبل التي
__________
(2).
قوله [وعضت من الشر إلخ] صدره كما في الأَساس: [نأت عن سبيل الخير إلا أقله] ثم إنه لا شاهد فيه لما قبله، ولعله سقط بعد قوله وَلَمْ يَخْتَلِطْ بِهَا شَيْءٌ: والقراح الْخَالِصُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ.

(2/561)


تَعاف الشربَ مَعَ الكِبارِ فإِذا جاءَ الدَّهْداه، وَهِيَ الصِّغَارُ، شَرِبَتْ مَعَهُنَّ. وَنَخْلَةٌ قِرْواحٌ: مَلْساء جَرْداءُ طَوِيلَةٌ، وَالْجَمْعُ القَراويح؛ قَالَ سُوَيْدُ بنُ الصَّامِتِ الأَنصاري:
أَدِينُ، وَمَا دَيْني عَلَيْكُمْ بمَغْرَمٍ، ... وَلَكِنْ عَلَى الشُّمِّ الجِلادِ القَراوح
أَراد الْقَرَاوِيحَ، فَاضْطُرَّ فَحَذَفَ، وَهَذَا يَقُولُهُ مُخَاطِبًا لِقَوْمِهِ: إِنما آخُذ بدَيْنٍ عَلَى أَن أُؤَدِّيَه مِنْ مَالِي وَمَا يَرْزُقُ اللَّهُ مِنْ ثَمَرِهِ، وَلَا أُكلفكم قضاءَه عَنِّي. والشُّمُّ: الطِّوالُ مِنَ النَّخْلِ وَغَيْرِهَا. والجِلادُ: الصَّوَابِرُ عَلَى الحرِّ والعَطَشِ وَعَلَى الْبَرْدِ. والقَراوِحُ: جَمْعُ قِرْواح، وَهِيَ النَّخْلَةُ الَّتِي انْجَرَدَ كَرَبُها وَطَالَتْ؛ قَالَ: وَكَانَ حَقُّهُ الْقَرَاوِيحَ، فَحَذَفَ الْيَاءَ ضَرُورَةً؛ وَبَعْدَهُ:
وليستْ بسَنْهاءٍ، وَلَا رُجَّبِيَّةٍ، ... وَلَكِنْ عَرايا فِي السِّنينَ الجَوائِحِ
والسَّنْهاءُ: الَّتِي تَحْمِلُ سَنَةً وَتَتْرُكُ أُخرى. والرُّجَّبيَّةُ: الَّتِي يُبْنى تَحْتَهَا لِضَعْفِهَا؛ وَكَذَلِكَ هَضْبَةٌ قِرْواح، يَعْنِي مَلْسَاءَ جَرْدَاءَ طَوِيلَةً؛ قَالَ أَبو ذؤَيب:
هَذَا، ومَرْقَبَةٍ غَيْطاءَ، قُلَّتُها ... شَمَّاءُ، ضَحْيانةٌ للشمسِ، قِرْواحُ
أَي هَذَا قَدْ مَضَى لِسَبِيلِهِ ورُبَّ مَرْقبة. وَلَقِيَهُ مُقارَحةً أَي كِفاحاً وَمُوَاجَهَةً. والقُراحِيّ: الَّذِي يَلْتزم الْقَرْيَةَ وَلَا يَخْرُجُ إِلى الْبَادِيَةِ؛ وَقَالَ جَرِيرٌ:
يُدافِعُ عَنْكُمْ كلَّ يومِ عظيمةٍ، ... وأَنتَ قُراحيٌّ بسِيفِ الكَواظِمِ
وَقِيلَ: قُراحِيّ مَنْسُوبٌ إِلى قُراحٍ، وَهُوَ اسْمُ مَوْضِعٍ؛ قَالَ الأَزهري: هِيَ قَرْيَةٌ عَلَى شاطئِ الْبَحْرِ نَسَبَهُ إِليها الأَزهري. أَنت قُرْحانٌ مِنْ هَذَا الأَمر وقُراحِيّ أَي خَارِجٌ، وأَنشد بَيْتَ جَرِيرٍ [يُدَافِعُ عَنْكُمْ] وَفَسَّرَهُ، أَي أَنت خِلْوٌ مِنْهُ سَلِيمٌ. وَبَنُو قَريح: حِيٌّ. وقُرْحانُ: اسْمُ كَلْبٍ. وقُرْحٌ وقِرْحِياء: مَوْضِعَانِ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
وأَشْرَبْتُها الأَقْرانَ، حَتَّى أَنَخْتُها ... بقُرْحَ، وَقَدْ أَلْقَيْنَ كلَّ جَنِين
هَكَذَا أَنشده غَيْرُ مَصْرُوفٍ وَلَكَ أَن تَصْرِفَهُ؛ أَبو عُبَيْدَةَ: القُراحُ سِيفُ القَطِيفِ؛ وأَنشد لِلنَّابِغَةِ:
قُراحِيَّةٌ أَلْوَتْ بِلِيفٍ كأَنها ... عِفاءُ قَلُوصٍ، طارَ عَنْهَا تَواجِرُ
قَرْيَةٌ بِالْبَحْرَيْنِ «1». وتَواجِرُ: تَنْفُقُ فِي الْبَيْعِ لِحُسْنِهَا؛ وَقَالَ جَرِيرٌ:
ظَعائِنُ لَمْ يَدِنَّ مَعَ النَّصَارَى، ... وَلَمْ يَدْرينَ مَا سَمَكُ القُراحِ
وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ قُرْح، بِضَمِّ الْقَافِ وسكون الراء، وقد يجرّك فِي الشِّعْرِ: سُوقُ وَادِي القُرى صَلَّى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ، وبُنِيَ بِهِ مَسْجِدٌ؛ وأَما قَوْلُ الشَّاعِرِ:
حُبِسْنَ فِي قُرْحٍ وَفِي دارتِها، ... سَبْعَ لَيالٍ، غيرَ مَعْلوفاتِها
فَهُوَ اسْمُ وَادِي القُرى.
قردح: القُرْدُحُ والقَرْدَحُ: ضَرْبٌ مِنَ البُرُود. وقَرْدَحَ الرجلُ، أَقرَّ بِمَا يُطلب إِليه أَو يُطْلَبُ مِنْهُ. ابْنُ الأَعرابي: القَرْدَحَةُ الإِقرارُ عَلَى الضَّيْمِ، والصبرُ عَلَى الذُّلِّ. والمُقَرْدِحُ: الْمُتَذَلِّلُ الْمُتَصَاغِرُ؛ عَنِ ابن الأَعرابي.
__________
(1).
قوله [قرية بالبحرين]: يريد أَن قُراحيةً نسبة إِلى قراح، وهي قرية بالبحرين.

(2/562)


قَالَ: وأَوصى عبدُ اللَّهِ بنُ خَازِمٍ بَنِيه عِنْدَ مَوْتِهِ فَقَالَ: يَا بَنِيَّ إِذا أَصابتكم خُطَّة ضَيْم لَا تُطِيقون دَفْعَها فَقَرْدِحُوا لَهَا فإِن اضْطِرَابَكُمْ مِنْهُ أَشدّ لرُسُوخكم فِيهِ؛ ابْنُ الأَثير: لَا تَضْطَرِبُوا لَهُ فَيَزِيدُكُمْ خَبالًا. الفراءُ: القَرْدَعة والقَرْدَحة الذلُّ. وَقَالَ فِي الرُّبَاعِيِّ: القُرْدُحُ الضَّخْمُ مِنَ القِرْدان.
قرزح: القُرْزُحة مِنَ النِّسَاءِ: الدَّمِيمَةُ الْقَصِيرَةُ، وَالْجَمْعُ القَرازِح؛ قَالَ:
عَبْلَةُ لَا دَلُّ الخَوامِلِ دَلُّها، ... وَلَا زِيُّها زِيُّ القِباحِ القَرازِحِ
والقُرْزُحُ: ثوبٌ كَانَ نساءُ الأَعراب يَلْبَسْنَه. والقُرْزُحُ والقُرْزُوحُ: شَجَرٌ، وَاحِدَتُهُ قُرْزُحةٌ؛ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: القُرْزُحةُ شُجَيْرَةٌ جَعْدَة لَهَا حَبٌّ أَسود. والقُرْزُحَة: بَقْلَةٌ؛ عَنْ كُرَاعٍ، وَلَمْ يُحَلِّها، وَالْجَمْعُ قُرْزُحٌ. وقُرْزُحٌ: اسم فرس.
قزح: القِزْحُ: بِزْرُ الْبَصَلِ، شاميةٌ. والقِزْحُ والقَزْحُ: التابَلُ، وَجَمْعُهُمَا أَقْزاحٌ؛ وَبَائِعُهُ قَزَّاح. ابْنُ الأَعرابي: هُوَ القِزْحُ والقَزْحُ والفِحا والفَحا. والمِقْزَحةُ: نحوٌ مِنَ المِمْلَحة. وَالتَّقَازِيحُ: الأَبازير. وقَزَحَ القِدْرَ وقَزَّحها تَقْزِيحًا: جَعَلَ فِيهَا قِزْحاً وَطَرَحَ فِيهَا الأَبازيرَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن اللَّهَ ضَرَبَ مَطْعَم ابْنِ آدَمَ لِلدُّنْيَا مَثَلًا، وضَرَبَ الدُّنْيَا لمطْعَمِ ابْنِ آدَمَ مَثَلًا، وإِن قَزَّحه ومَلَّحه
أَي تَوْبَلَه، مِنَ القِزْح، وَهُوَ التابَلُ الَّذِي يُطرح فِي القِدْر كالكَمُّون والكُزْبَرَةِ وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَالْمَعْنَى: أَن المَطْعَمَ وإِن تَكَلَّفَ الإِنسان التَّنَوُّقَ فِي صَنْعَتِهِ وَتَطْيِيبِهِ فإِنه عَائِدٌ إِلى حَالٍ تُكره وَتُسْتَقْذَرُ، فَكَذَلِكَ الدُّنْيَا المَحْرُوصُ عَلَى عِمارَتِها وَنَظْمِ أَسبابها رَاجِعَةٌ إِلى خَرَابٍ وإِدبار. وإِذا جَعَلْتَ التَّوابلَ فِي القِدْرِ، قُلْتَ: فَحَّيْتُها وتَوْبَلْتُها وقَزَحْتُها، بِالتَّخْفِيفِ. الأَزهري: قَالَ أَبو زَيْدٍ قَزَحَت القِدْرُ تَقْزَحُ قَزْحاً وقَزَحاناً إِذا أَقْطَرَتْ مَا خَرَجَ مِنْهَا، ومَليح قَزيحٌ؛ فالمَلِيحُ مِنَ المِلْحِ والقَزيحُ مِنَ القِزْح. وقَزَّحَ الحديثَ: زَيَّنه وتَمَّمه مِنْ غَيْرِ أَن يَكْذِبَ فِيهِ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. والأَقْزاحُ، خُرْءُ الحَيَّات، وَاحِدُهَا قِزْحٌ. وقَزَحَ الكلبُ «1» بِبَوْلِهِ، وقَزِحَ يَقْزَحُ فِي اللُّغَتَيْنِ جَمِيعًا قَزْحاً، بِالْفَتْحِ، وقُزوحاً: بالَ، وَقِيلَ: رَفَعَ رِجْلَهُ وبالَ، وَقِيلَ: رَمَى بِهِ ورَشَّه، وَقِيلَ: هُوَ إِذا أَرسله دُفَعًا. وقَزَّحَ أَصلَ الشَّجَرَةِ: بَوَّلَه. والقازحُ: ذَكَرُ الإِنسان، صِفَةٌ غَالِبَةٌ. وقوسُ قُزَحَ: طَرَائِقُ متقوسةٌ تَبْدو فِي السماءِ أَيام الرَّبِيعِ، زَادَ الأَزهري: غِبَّ المَطر بِحُمْرَةٍ وصُفْرة وخُضْرة، وَهُوَ غَيْرُ مَصْرُوفٍ، وَلَا يُفْصَلُ قُزَحُ مِنْ قَوْسٍ؛ لَا يُقَالُ: تأَمَّلْ قُزَحَ فَمَا أَبْيَنَ قَوْسَهُ؛ وَفِي الْحَدِيثِ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: لَا تَقُولُوا قوسُ قُزَحَ فإِن قُزَحَ اسْمُ شَيْطَانٍ، وَقُولُوا: قَوْسُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
؛ قِيلَ: سُمِّيَ بِهِ لِتَسْوِيلِهِ لِلنَّاسِ وَتَحْسِينِهِ إِليهم الْمَعَاصِيَ مِنَ التَّقْزِيحِ، وَهُوَ التَّحْسِينُ؛ وَقِيلَ: مِنَ القُزَحِ، وَهِيَ الطَّرَائِقُ والأَلوان الَّتِي فِي الْقَوْسِ، الْوَاحِدَةُ قُزْحة، أَو مِنْ قَزَحَ الشيءُ إِذا ارْتَفَعَ، كأَنه كَرِهَ مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنَ عَادَاتِ الْجَاهِلِيَّةِ وأَن يُقَالَ قوسُ اللَّهِ «2» فَيُرْفَعَ قدرُها، كَمَا يُقَالُ بَيْتُ اللَّهِ،
__________
(1).
قوله [وقزح الكلب إلخ] بابه منع وسمع كما في القاموس.
(2).
قوله [وَأَنْ يُقَالَ قَوْسُ اللَّهِ] كذا في النهاية وبهامشها قال الجاحظ: كَأَنَّهُ كَرِهَ مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنَ عَادَاتِ الْجَاهِلِيَّةِ، وكأنه أحب أن يقال قوس الله إلخ.

(2/563)


وَقَالُوا: قوسُ اللَّهِ أَمانٌ مِنَ الْغَرَقِ؛ والقُزْحة: الطَّرِيقَةُ الَّتِي فِي تِلْكَ القَوس. الأَزهري: أَبو عَمْرٍو: القُسْطانُ قَوْسُ قُزَحَ. وَسُئِلَ أَبو الْعَبَّاسِ عَنْ صَرْفِ قُزَحَ، فَقَالَ: مَنْ جَعَلَهُ اسْمَ شَيْطَانٍ أَلحقه بزُحَل؛ وَقَالَ الْمُبَرِّدُ: لَا يَنْصَرِفُ زُحل لأَن فِيهِ الْعِلَّتَيْنِ: الْمَعْرِفَةَ وَالْعَدْلُ؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: وَيُقَالُ إِن قُزَحاً جَمْعُ قُزْحة، وَهِيَ خُطُوطٌ مِنْ صُفْرَةٍ وَحُمْرَةٍ وَخُضْرَةٍ، فإِذا كَانَ هَذَا، أَلحقته بِزَيْدٍ، قَالَ: وَيُقَالُ قُزَحُ اسْمُ مَلَكٍ مُوكَّل بِهِ، قَالَ؛ فإِذا كَانَ هَكَذَا أَلحقته بعُمر؛ قَالَ الأَزهري: وَعُمَرُ لَا يَنْصَرِفُ فِي الْمَعْرِفَةِ وَيَنْصَرِفُ فِي النَّكِرَةِ. الأَزهري: وقَوازِحُ الْمَاءِ نُفَّاخاته الَّتِي تَنْتَفِخُ فَتَذْهَبُ؛ قَالَ أَبو وَجْزَة:
لَهُمْ حاضِرٌ لَا يُجْهَلُونَ، وصارِخٌ ... كسَيْل الغَوادِي، تَرْتَمِي بالقَوازِحِ
وأَما قَوْلُ الأَعشى يَصِفُ رَجُلًا:
جَالِسًا فِي نَفَرٍ قَدْ يَئِسُوا ... فِي مَحيلِ القَدِّ مِنْ صَحْبٍ، قُزَحْ
فإِنه عَنى بقُزَحَ لَقَباً لَهُ، وَلَيْسَ بِاسْمٍ، وَقِيلَ: هُوَ اسْمٌ. وَالتَّقْزِيحُ: رأْسُ نَبْتٍ «3» أَو شجرةٍ إِذا تَشَعَّبَ شُعَباً مثلُ بُرْثُن الْكَلْبِ، وَهُوَ اسْمٌ كالتَّمْتِينِ والتَّنْبيتِ؛ وَقَدْ قَزَّحتْ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ خَلْفَ الشَّجَرَةِ المُقَزَّحة
؛ هِيَ الَّتِي تَشَعَّبَتْ شُعَباً كَثِيرَةً؛ وَقَدْ تَقَزَّح الشَّجَرُ وَالنَّبَاتُ؛ وَقِيلَ: هِيَ شَجَرَةٌ عَلَى صُورَةِ التِّين لَهَا أَغصان قِصارٌ في رؤوسها مِثْلَ بُرْثُن الْكَلْبِ؛ وَقِيلَ: أَراد بِهَا كُلَّ شَجَرَةٍ قَزَّحَت الكلابُ وَالسِّبَاعُ بأَبوالها عَلَيْهَا؛ يُقَالُ: قَزَّح الكلبُ بِبَوْلِهِ إِذا رَفَعَ رِجْلَهُ وَبَالَ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: مِنْ غَرِيبِ شَجَرِ البرِّ المُقَزَّحُ، وَهُوَ شَجَرٌ عَلَى صُورَةِ التِّينِ لَهُ غِصَنَة قِصار في رؤوسها مثلُ بُرْثُنِ الْكَلْبِ؛ وَمِنْهُ خَبَرُ
الشَّعْبي: كَرِهَ أَن يُصَلِّيَ الرَّجُلُ فِي الشَّجَرَةِ المُقَزَّحة وإِلى الشَّجَرَةِ المُقَزَّحة.
وقَزَّحَ العَرْفَجُ: وَهُوَ أَول نَبَاتِهِ. وقُزَحُ أَيضاً: اسْمُ جَبَلٍ بِالْمُزْدَلِفَةِ؛ ابْنُ الأَثير: وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ: أَنه أَتى عَلَى قُزَحَ وَهُوَ يَخْرِشُ بَعِيرَهُ بِمِحْجَنِه
؛ هُوَ القَرْنُ الَّذِي يَقِفُ عِنْدَهُ الإِمام بِالْمُزْدَلِفَةِ، وَلَا يَنْصَرِفُ لِلْعَدْلِ وَالْعِلْمِيَّةِ كعُمَرَ؛ قَالَ: وَكَذَلِكَ قَوْسُ قُزَحَ إِلا مَن جَعَلَ قُزَحَ مِنَ الطَّرَائِقِ، فَهُوَ جَمْعُ قُزْحةٍ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ آنِفًا.
قسح: القَسْحُ والقُساحُ والقُسوحُ: بَقَاءُ الْإِنْعَاظِ؛ وَقِيلَ: هُوَ شِدَّةُ الْإِنْعَاظِ ويُبْسُه. قَسَحَ يَقْسَحُ قُسوحاً، وأَقْسَحَ: كَثُر إنعاظُه، وَهُوَ قاسِحٌ وقُساحٌ ومَقْسُوحٌ، هَذِهِ حِكَايَةُ أَهل اللُّغَةِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَدري لِلَفْظِ مفعولٍ هُنَا وَجْهًا إِلا أَن يَكُونَ مَوْضُوعًا مَوْضِعَ فَاعِلٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: كانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا أَي آتِيًا. الأَزهري: إِنه لَقُساح مَقْسوح. وقاسَحَه: يابَسه. ورُمح قاسِحٌ: صُلْب شَدِيدٌ. والقُسوحُ: اليُبْسُ. وقَسَحَ الشيءُ قَساحةً وقُسوحةً إِذا صَلُبَ.
قفح: الأَزهري: قَفَح فلانٌ عَنِ الشَّيْءِ إِذا امْتَنَعَ عَنْهُ. وقَفَحَتْ نَفْسُه عَنِ الطَّعَامِ إِذا تَرَكَهُ؛ وأَنشد:
يَسُفُّ خُراطَةَ مَكْرِ الجِنابِ، ... حَتَّى تَرَى نَفْسَه قافِحَهْ
قَالَ شَمِرٌ: قافِحَةٌ أَي تَارِكَةٌ؛ قَالَ: والخُراطَة مَا انْخَرَطَ عِيدانُه وَوَرَقُهُ؛ وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: قَفَحْتُ الشَّيْءَ أَقْفَحُه إِذا اسْتَفَفْته.
__________
(3).
قوله [رأس نبت إلخ] عبارة القاموس شيء على رأْس نبت إلخ.

(2/564)


قلح: القَلَحُ والقُلاحُ: صُفْرة تَعْلُو الأَسنانَ فِي النَّاسِ وَغَيْرِهِمْ؛ وَقِيلَ: هُوَ أَن تَكْثُرَ الصُّفْرة عَلَى الأَسنان وتَغْلُظَ ثُمَّ تَسْوَدَّ أَو تخضَرّ؛ الأَزهري: وَهُوَ اللُّطاخُ الَّذِي يَلْزَقُ بِالثَّغْرِ؛ وَقَدْ قَلِحَ قَلَحاً، فَهُوَ قَلِحٌ وأَقْلَحُ، والمرأَةُ قَلْحاء وقَلِحَة، وَجَمْعُهَا قُلْحٌ؛ قَالَ الأَعشى:
قَدْ بَنَى اللُّؤْمُ عَلَيْهِمْ بَيْتَه، ... وفَشَا فِيهِمْ، مَعَ اللُّؤْم، القَلَحْ
قَالَ: ويُسَمَّى الجُعَلُ أَقْلَح؛ وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الأَقْلَح الجُعَل لقَذَرٍ فِي فِيهِ، صِفَةٌ غَالِبَةٌ؛ وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ لأَصحابه: مَا لِي أَراكم تَدْخُلُونَ عليَّ قُلْحاً؟
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: القَلَحُ صُفْرة فِي الأَسنان وَوَسَخٌ يَرْكَبُهَا مِنْ طُولِ تَرْكِ السِّوَاكِ. وَقَالَ شَمِرٌ: الحَبْرُ [الحِبْرُ] صُفْرة فِي الأَسنان فإِذا كَبُرَتْ وغَلُظَتْ وَاسْوَدَّتْ وَاخْضَرَّتْ، فَهُوَ القَلَح؛ وَالرَّجُلُ أَقْلَح، وَالْجَمْعُ قُلْحٌ، مِنْ قَوْلِهِمْ للمُتَوَسِّخ الثيابِ قِلْح، وَهُوَ حَثٌّ عَلَى اسْتِعْمَالِ السِّوَاكِ. وَفِي حَدِيثِ
كَعْبٍ: المرأَةُ إِذا غَابَ زَوْجُهَا تَقَلَّحَتْ
أَي تَوَسَّخَتْ ثيابُها وَلَمْ تَتَعَهَّدْ نَفْسَهَا وَثِيَابَهَا بِالتَّنْظِيفِ، وَيُرْوَى بِالْفَاءِ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. وقَلَّحَ الرجلَ وَالْبَعِيرَ: عَالَجَ قَلَحَهما؛ وَفِي الْمَثَلِ: عَوْدٌ يُقَلَّح أَي تُنَقَّى أَسنانه. وَهُوَ فِي مَذْهَبِهِ مِثْلُ مَرَّضْتُ الرجلَ إِذا قُمْتَ عَلَيْهِ فِي مَرَضِهِ. وقرّدْت الْبَعِيرَ: نَزَعْتَ عَنْهُ قُراده، وطَنَّيْتُه إِذا عَالَجْتَهُ مِنْ طَناهُ. وَرَجُلٌ مُقَلَّح: مُذَلَّل مجرَّب. وَفِي النَّوَادِرِ: تَقَلَّح فلانٌ البلادَ تَقَلُّحاً وتَرَقَّعَها؛ فالتَّرَقُّع فِي الخِصْب، والتَّقَلُّحُ فِي الجَدْب.
قلفح: ابْنُ دُرَيْدٍ: قَلْفَحَ مَا فِي الإِناء إِذا شربه أَجْمَع.
قمح: القَمْحُ: البُرُّ حِينَ يَجْرِي الدقيقُ فِي السُّنْبُل؛ وَقِيلَ: مِنْ لَدُنِ الإِنضاج إِلى الِاكْتِنَازِ؛ وَقَدْ أَقمَح السُّنْبُل. الأَزهري: إِذا جَرَى الدَّقِيقُ فِي السُّنْبُل تَقُولُ قَدْ جَرَى القَمْحُ فِي السُّنْبُلِ، وَقَدْ أَقْمَح البُرُّ. قَالَ الأَزهري: وَقَدْ أَنْضَجَ ونَضِج. والقَمْحُ: لُغَةٌ شَامِيَّةٌ، وأَهل الْحِجَازِ قَدْ تَكَلَّمُوا بِهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَرَضَ رسولُ اللَّهِ، صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، زكاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ بُرّ أَو صَاعًا مِنْ قَمْحٍ
؛ البُرُّ والقَمْحُ: هُمَا الْحِنْطَةُ، وأَو لِلشَّكِّ مِنَ الرَّاوِي لَا لِلتَّخْيِيرِ، وَقَدْ تكرَّر ذِكْرُ الْقَمْحِ فِي الْحَدِيثِ. والقَمِيحةُ: الجوارِشُ. والقمْحُ مَصْدَرُ قَمِحْتُ السويقَ. وقَمِحَ الشيءَ والسويقَ واقْتَمَحه: سَفَّه. واقْتَمَحه أَيضاً: أَحذه فِي رَاحَتِهِ فَلَطَعه. والاقتماحُ: أَخذ الشَّيْءِ فِي رَاحَتِكَ ثُمَّ تَقْتَمِحه فِي فِيكَ، وَالِاسْمُ القُمْحة كاللُّقْمة. والقُمْحةُ: مَا ملأَ فَمَكَ مِنَ الْمَاءِ. والقَمِيحة: السَّفوفُ مِنَ السَّوِيقِ وَغَيْرِهِ. والقُمْحةُ والقُمُّحانُ والقُمَّحانُ: الذَّرِيرة؛ وَقِيلَ: الزَّعْفَرَانُ؛ وَقِيلَ: الوَرْسُ؛ وَقِيلَ: زَبَدُ الْخَمْرِ؛ وَقِيلَ: طِيبٌ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
إِذا فُضَّتْ خواتِمُه، عَلاهُ ... يَبِيسُ القُمَّحانِ مِنَ المُدامِ
يَقُولُ: إِذا فَتَحَ رأْس الحُبّ مِنْ حِبابِ الْخَمْرِ الْعَتِيقَةِ رأَيت عَلَيْهَا بَيَاضًا يَتَغَشَّاها مثلَ الذَّرِيرَةِ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: لَا أَعلم أَحداً مِنَ الشُّعَرَاءِ ذَكَرَ القُمَّحانَ غَيْرُ النَّابِغَةِ؛ قَالَ: وَكَانَ النَّابِغَةُ يأْتي الْمَدِينَةَ ويُنْشِدُ بِهَا الناسَ ويَسْمَعُ مِنْهُمْ، وَكَانَتْ بِالْمَدِينَةِ جَمَاعَةُ الشُّعَرَاءِ؛ قَالَ: وَهَذِهِ رِوَايَةُ الْبَصْرِيِّينَ، وَرَوَاهُ غَيْرُهُمْ [عَلَاهُ يَبِيسُ القُمُّحان]. وتَقَمَّحَ الشرابَ: كَرِهَهُ لإِكثار مِنْهُ أَو عِيَافَةٍ لَهُ

(2/565)


أَو قِلَّةِ ثُفْلٍ فِي جَوْفِهِ أَو لِمَرَضٍ. والقامِحُ: الْكَارِهُ لِلْمَاءِ لأَيَّةِ عِلَّةٍ كَانَتْ. الْجَوْهَرِيُّ: وقَمَحَ البعيرُ، بِالْفَتْحِ، قُمُوحاً وقامَحَ إِذا رَفَعَ رأْسه عِنْدَ الْحَوْضِ وَامْتَنَعَ مِنَ الشُّرْبِ، فَهُوَ بَعِيرٌ قامِحٌ. يُقَالُ: شرِبَ فَتَقَمَّح وانْقَمَح بِمَعْنَى إِذا رقع رأْسه وَتَرَكَ الشُّرْبَ رِيًّا. وَقَدْ قامَحَتْ إِبلك إِذا وَرَدَتْ وَلَمْ تَشْرَبْ وَرَفَعَتْ رؤوسها مِنْ دَاءٍ يَكُونُ بِهَا أَو بَرْدٍ، وَهِيَ إِبل مُقامِحةٌ؛ أَبو زَيْدٍ: تَقَمَّحَ فُلَانٌ مِنَ الْمَاءِ إِذا شَرِبَ الْمَاءَ وَهُوَ مُتَكَارِهٌ؛ وَنَاقَةٌ مُقامِحٌ، بِغَيْرِ هَاءٍ، مِنْ إِبل قِماحٍ، عَلَى طَرْحِ الزَّائِدِ؛ قَالَ بِشْرُ بْنُ أَبي خَازِمٍ يَذْكُرُ سَفِينَةً وَرُكْبَانَهَا:
وَنَحْنُ عَلَى جَوانِبِها قُعُودٌ، ... نَغُضُّ الطَّرْفَ كالإِبِلِ القِماحِ
وَالِاسْمُ القُماح والقامِحُ. والمُقامِحُ أَيضاً مِنَ الإِبل: الَّذِي اشْتَدَّ عَطَشُهُ حَتَّى فَتَرَ لِذَلِكَ فُتُوراً شَدِيدًا. وَذَكَرَ الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ حُمَمِ الإِبل: إِذا أَكلت النَّوَى أَخذها الحُمامُ والقُماحُ؛ فأَما القُماحُ فإِنه يأْخذها السُّلاحُ ويُذْهب طِرْقها ورِسْلها ونَسْلها؛ وأَما الحُمامُ فسيأْتي فِي بَابِهِ. وشَهْرا قِماحٍ وقُماحٍ: شَهْرَا الْكَانُونِ لأَنهما يُكْرَهُ فِيهِمَا شُرْبُ الْمَاءِ إِلا عَلَى ثُفْلٍ؛ قَالَ مَالِكُ بْنُ خَالِدٍ الهُذَليّ:
فَتًى، مَا ابنُ الأَغَرِّ إِذا شَتَوْنا، ... وحُبَّ الزادُ فِي شَهْرَيْ قِماحِ
وَيُرْوَى: قُماح، وَهُمَا لُغَتَانِ، وَقِيلَ: سمِّيا بِذَلِكَ لأَن الإِبل فِيهِمَا تُقامِحُ عَنِ الْمَاءِ فَلَا تَشْرَبُهُ؛ الأَزهري: هُمَا أَشَدُّ الشِّتَاءِ بَرْداً سميا شَهْرَيْ قُماحٍ [قِماحٍ] لِكَرَاهَةِ كُلِّ ذِي كَبِدٍ شُرْبَ الْمَاءِ فِيهِمَا، ولأَن الإِبل لَا تَشْرَبُ فِيهِمَا إِلا تَعْذِيرًا؛ قَالَ شَمِرٌ: يُقَالُ لِشَهْرَيْ قُماح [قِماح]: شَيْبانُ ومِلْحان؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: سُمِّيَا شَهْرَيْ قُماحٍ [قِماحٍ] لأَن الإِبل إِذا وردَتْ آذَاهَا بَرْدُ الْمَاءِ فقامَحَتْ. وبعيرٌ مُقْمِحٌ: لَا يَكَادُ يَرْفَعُ بَصَرَهُ. والمُقْمَحُ: الذَّلِيلُ. وَفِي التَّنْزِيلِ: فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ
؛ أَي خَاشِعُونَ أَذلاء لَا يَرْفَعُونَ أَبصارهم. والمُقْمَحُ: الرَّافِعُ رأْسه لَا يَكَادُ يَضَعُهُ فكأَنه ضِدُّ. والإِقْماحُ: رَفْعُ الرأْس وَغَضُّ الْبَصَرِ: يُقَالُ: أَقْمَحَه الغُلّ إِذا تَرَكَ رأْسه مَرْفُوعًا مِنْ ضِيقِهِ. قَالَ الأَزهري: قَالَ اللَّيْثَ: القامِحُ والمُقامِحُ مِنَ الإِبل الَّذِي اشْتَدَّ عَطَشُهُ حَتَّى فَتَرَ. وَبَعِيرٌ مُقْمَحٌ، وَقَدْ قَمَح يَقْمَحُ مِنْ شِدَّةِ الْعَطَشِ قُموحاً، وأَقْمَحَه العطشُ، فَهُوَ مُقْمَحٌ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ
خَاشِعُونَ لَا يَرْفَعُونَ أَبصارهم؛ قَالَ الأَزهري: كُلُّ مَا قَالَهُ اللَّيْثُ فِي تَفْسِيرِ الْقَامِحِ والمُقامِح وَفِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ [فَهُمْ مُقْمَحُونَ]
فَهُوَ خطأٌ وأَهل الْعَرَبِيَّةِ وَالتَّفْسِيرِ عَلَى غَيْرِهِ. فأَما المُقامِح فإِنه رُوِيَ عَنِ الأَصمعي أَنه قَالَ: بَعِيرٌ مُقامِحٌ وَكَذَلِكَ النَّاقَةُ، بِغَيْرِ هَاءٍ، إِذا رَفَعَ رأْسه عَنِ الْحَوْضِ وَلَمْ يَشْرَبْ، قَالَ: وَجَمْعُهُ قِماحٌ، وأَنشد بَيْتَ بِشْرٍ يَذْكُرُ السَّفِينَةَ ورُكبانَها؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: قَمَحَ الْبَعِيرُ يَقْمَحُ قُموحاً، وقَمَه يَقْمَه قُموهاً إِذا رَفَعَ رأْسه وَلَمْ يَشْرَبِ الْمَاءَ؛ وَرُوِيَ عَنِ الأَصمعي أَنه قَالَ: التَّقَمُّح كراهةُ الشُّرْبِ. قَالَ: وأَما قَوْلُهُ تَعَالَى: فَهُمْ مُقْمَحُونَ
؛ فإِن سَلَمَةَ رُوِيَ عَنِ الْفَرَّاءِ أَنه قَالَ: المُقْمَحُ الْغَاضُّ بَصَرَهُ بَعْدَ رَفْعِ رأْسه؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: المُقْمَحُ الرَّافِعُ رأْسه الغاضُّ بَصَرَه. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ الله وجهه، قَالَ لَهُ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: سَتَقْدَمُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى أَنت وشِيعَتُك رَاضِينَ مَرْضِيِّين، ويَقْدَمُ عَلَيْكَ عَدُوُّك غِضاباً مُقْمَحين؛ ثُمَّ جَمَعَ يَدَهُ إِلى عُنُقِهِ يُرِيهِمْ كَيْفَ الإِقْماحُ
؛ الإِقماح: رَفْعُ الرأْس وَغَضُّ

(2/566)


الْبَصَرِ. يُقَالُ: أَقْمَحه الغُلّ إِذا تَرَكَهُ مَرْفُوعًا مِنْ ضِيقِهِ. وَقِيلَ: للكانونَيْنِ شُهِرَا قُماح [قِماح] لأَن الإِبل إِذا وَرَدَتِ الْمَاءَ فِيهِمَا تَرْفَعُ رؤُوسها لِشِدَّةِ بَرْدِهِ؛ قَالَ: وَقَوْلُهُ [فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ] هِيَ كِنَايَةٌ عَنِ الأَيدي لَا عَنِ الأَعناق، لأَن الغُلَّ يَجْعَلُ اليدَ تَلِي الذَّقَنَ والعُنُقَ، وَهُوَ مُقَارِبٌ لِلذَّقَنِ. قَالَ الأَزهري: وأَراد عَزَّ وَجَلَّ، أَن أَيديهم لَمَّا غُلَّتْ عِنْدَ أَعناقهم رَفَعَت الأَغلالُ أَذقانَهم ورؤُوسَهم صُعُداً كالإِبل الرافعة رؤوسها. قَالَ اللَّيْثُ: يُقَالُ فِي مَثَلٍ: الظَّمَأُ القامِح خَيْرٌ مِنَ الرِّيِّ الْفَاضِحِ؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا خِلَافُ مَا سَمِعْنَاهُ مِنَ الْعَرَبِ، وَالْمَسْمُوعُ مِنْهُمْ: الظمأُ الْفَادِحُ خَيْرٌ مِنَ الرِّيِّ الْفَاضِحِ؛ وَمَعْنَاهُ العطشُ الشَّاقُّ خَيْرٌ مِنْ رِيٍّ يفْضَحُ صَاحِبِهِ، وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ فِي قَوْلِ أُمِّ زَرْعٍ: وَعِنْدَهُ أَقول فَلَا أُقَبَّحُ وأَشرب فأَتَقَمَّحُ أَي أَرْوَى حَتَّى أَدَعَ الشربَ؛ أَرادت أَنها تَشْرَبُ حَتَّى تَرْوَى وتَرْفَعَ رأْسَها؛ وَيُرْوَى بِالنُّونِ. قَالَ الأَزهري: وأَصل التَّقَمُّح فِي الْمَاءِ، فَاسْتَعَارَتْهُ لِلَّبَنِ. أَرادت أَنها تَرْوَى مِنَ اللَّبَنِ حَتَّى تَرْفَعَ رأْسها عَنْ شُرْبِهِ كَمَا يَفْعَلُ الْبَعِيرُ إِذا كَرِهَ شُرْبَ الْمَاءِ. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: إِن فُلَانًا لَقَمُوحٌ لِلنَّبِيذِ أَي شَرُوب لَهُ وإِنه لَقَحُوفٌ لِلنَّبِيذِ. وَقَدْ قَمِحَ الشرابَ وَالنَّبِيذَ وَالْمَاءَ وَاللَّبَنَ واقْتَمَحه؛ وَهُوَ شُرْبُهُ إِياه؛ وقَمِحَ السويقَ قَمحاً، وأَما الْخُبْزُ وَالتَّمْرُ فَلَا يُقَالُ فِيهِمَا قَمِحَ إِنما يُقَالُ القَمْحُ فِيمَا يُسَفُّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَانَ إِذا اشْتَكَى تَقَمَّحَ كَفًّا مِنْ حَبَّة السَّوْدَاءِ.
يُقَالُ: قَمِحْتُ السويقَ، بِكَسْرِ الْمِيمِ «1»، إِذا اسْتَفَفْتَهُ. والقِمْحَى والقِمْحاة: الفَيْشة «2».
قنح: قَنَحَ يَقْنَحُ قَنْحاً، وتَقَنَّح: تكارَه عَلَى الشَّرَابِ بَعْدَ الرِّيِّ، والأَخيرة أَعلى. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: قَنَح مِنَ الشَّرَابِ يَقْنَح قَنْحاً: تَمَزَّزه. الأَزهري: تَقَنَّحْتُ مِنَ الشَّرَابِ تَقَنُّحاً، قَالَ: وَهُوَ الْغَالِبُ عَلَى كَلَامِهِمْ؛ وَقَالَ أَبو الصَّقْر: قَنَحْتُ أَقْنَحُ قَنْحاً. وَفِي حَدِيثِ
أُم زَرْعٍ: وَعِنْدَهُ أَقول فَلَا أُقَبَّحُ وأَشربُ فأَتَقَنَّح
أَي أَقطع الشُّرْبَ وأَتَمَهَّلُ فِيهِ؛ وَقِيلَ: هُوَ الشُّرْبُ بَعْدَ الرِّيِّ؛ قَالَ شَمِرٌ: سَمِعْتُ أَبا عُبَيْدٍ يسأَل أَبا عَبْدِ اللَّهِ الطُّوال النحويَّ عَنْ مَعْنَى قَوْلِهَا فأَتَقَنَّحُ، فَقَالَ أَبو عَبْدِ اللَّهِ: أَظنها تُرِيدُ أَشرب قَلِيلًا قَلِيلًا؛ قَالَ شَمِرٌ: فَقُلْتُ لَيْسَ التَّفْسِيرُ هَكَذَا، وَلَكِنَّ التَّقَنُّح أَن تشْرَبَ فوقَ الرِّيِّ، وَهُوَ حرفٌ رُوِيَ عَنْ أَبي زَيْدٍ. قَالَ الأَزهري: وَهُوَ كَمَا قَالَ شَمِرٌ، وَهُوَ التَّقَنُّح والتَّرَنُّح، سَمِعْتُ ذَلِكَ مِنْ أَعراب بَنِي أَسد. وقَنَحَ العُودَ وَالْغُصْنَ يَقْنَحُه قَنْحاً إِذا عَطَفَهُ حَتَّى يَصِيرَ كالصَّوْلجانِ، وَهُوَ القُنَّاحُ والقُنَّاحةُ. والقِنْحُ: اتِّخَاذُكَ قُنَّاحة تشُدُّ بِهَا عِضادَة بَابِكَ وَنَحْوَهَا، وَتُسَمِّيهَا الفُرْسُ: قَانِهْ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: حَكَاهُ صاحبُ الْعَيْنِ وَلَا أَدري كَيْفَ ذَلِكَ لأَن تَعْبِيرَهُ عَنْهُ لَيْسَ بِحَسَنٍ، قَالَ: وَعِنْدِي أَن القِنْح هَاهُنَا لُغَةٌ فِي القُنَّاح. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لدَرَوَنْدِ الْبَابِ النِّجافُ والنَّجْرانُ، ولمِتْرَسِه القُنَّاحُ، وَلِعَتَبَتِهِ النَّهْضةُ. الأَزهري: قنَحْتُ البابَ قَنْحاً، فَهُوَ مَقْنوح، وَهُوَ أَن تَنْحَتَ خَشَبَةً ثُمَّ ترفعَ البابَ بِهَا؛ تَقُولُ للنَّجار: اقْنَحْ بابَ دَارِنَا فَيَصْنَعُ ذَلِكَ، وَتِلْكَ الْخَشَبَةُ هِيَ القُنَّاحة؛ وَكَذَلِكَ كُلُّ خَشَبَةٍ تُدْخِلُها تَحْتَ أُخرى لِتُحَرِّكَهَا. الْجَوْهَرِيُّ: القُنَّاحة، بِالضَّمِّ مشدَّدة، مِفْتَاحٌ مُعْوَجٌّ طَوِيلٌ. وقَنَّحتُ البابَ إِذا أَصلحتَ ذَلِكَ عليه.
__________
(1).
قوله [بكسر الميم] وبابه سمع كما في القاموس.
(2).
زاد في القاموس القمحانة، بالكسر: ما بين القمحدوة إِلى نقرة القفا. وقمحه تقميحاً: دفعه بالقليل عن كثير يجب له انتهى. زاد في الأَساس كما يفعل الأمير الظالم بمن يغزو معه يرضخه أَدنى شيء ويستأثر عليه بالغنيمة.

(2/567)


قوح: قاحَ الجُرْحُ يَقُوح: انْتَبَرَ، وَسَيُذْكَرُ فِي الْيَاءِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: لأَن الْكَلِمَةَ يَائِيَّةٌ وَاوِيَّةٌ. وقاحَ البيتَ قَوْحاً وقَوَّحه: لُغَةٌ فِي حاقَه أَي كَنَسَهُ؛ عَنْ كُرَاعٍ. ابْنُ الأَثير: فِي الْحَدِيثِ:
إِن رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، احْتَجَمَ بالقاحةِ وَهُوَ صَائِمٌ
؛ هُوَ اسْمُ مَوْضِعٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ عَلَى ثَلَاثِ مَرَاحِلَ مِنْهَا، وَهُوَ مِنْ قَاحَةِ الدَّارِ أَي وَسَطِهَا مثل ساحتها وباحتها.
قيح: القَيْحُ: المِدَّةُ الْخَالِصَةُ لَا يُخَالِطُهَا دَمٌ؛ وَقِيلَ: هُوَ الصَّدِيدُ الَّذِي كأَنه الْمَاءُ وَفِيهِ شُكْلَةُ دَمٍ؛ قاحَ الجُرْحُ يَقِيحُ قَيْحاً، وأَقاحَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لأَنْ يَمْتَلئَ جوفُ أَحدكم قَيْحاً حَتَّى يَرِيَه خيرٌ لَهُ مِنْ أَن يَمْتَلِئَ شِعْرًا
؛ القَيْحُ: المِدَّة؛ وَقَدْ قَاحَتِ القَرْحةُ وتَقَيَّحَتْ، وقَيَّح الجُرْحُ وتَقَيَّح الجُرْحُ. وَيُقَالُ للجُرْحِ إِذا انْتَبَرَ: قَدْ تَقَوَّحَ. قَالَ: وَقَاحَ الجُرْحُ يَقِيحُ، وقَيَّح وأَقاح. ابْنُ الأَعرابي: أَقاحَ الرَّجُلُ إِذا صَمَّمَ عَلَى الْمَنْعِ بَعْدَ السُّؤَالِ. وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ
أَنه قَالَ: مَنْ ملأَ عَيْنَيْهِ مِنْ قاحةِ بَيْتٍ قَبْلَ أَن يُؤْذَنَ لَهُ فَقَدْ فَجَر.
قَالَ ابْنُ الْفَرَجِ: سَمِعْتُ أَبا المِقْدامِ السُّلَمِيَّ يَقُولُ: هذا باحةُ الجار وقاحَتُها؛ وَمَثَلُهُ: طِينٌ لازبٌ ولازقٌ، ونَبِيثة الْبِئْرِ ونَقِيثَتُها، وَقَدْ نَبَثَ عَنِ الأَمر ونَقَثَ، عَاقَبَتِ القافُ الْبَاءَ. ابْنُ زِيَادٍ: مَرَرْتُ عَلَى دَوْقَرَةٍ فرأَيت فِي قاحَتها دَعْلَجاً شَظِيظاً؛ قَالَ: قَاحَةُ الدَّارِ وَسَطُهَا، وَقَاحَةُ الدَّارِ سَاحَتُهَا. والدَّعْلج: الجُوالِقُ. والدَّوْقَرة: أَرض نَقِيَّةٌ بَيْنَ جِبَالٍ أَحاطت بِهَا. ابْنُ الأَعرابي: القُوحُ الأَرضون الَّتِي لَا تُنْبِتُ شَيْئًا، يُقَالُ: قاحةٌ وقُوحٌ مِثْلَ ساحةٍ وسُوحٍ، ولابةٍ ولُوبٍ، وقارةٍ وقُورٍ.

فصل الكاف
كبح: الكَبْحُ: كَبْحُك الدابةَ بِاللِّجَامِ. كَبَحَ الدابةَ يَكْبَحُها كَبْحاً وأَكْبَحَها، الأَخيرة عَنْ يَعْقُوبَ: جَذَبَهَا إِليه بِاللِّجَامِ وَضَرَبَ فَاهَا بِهِ كَيْ تَقِفَ وَلَا تَجْرِيَ. يُقَالُ: أَكْمَحْتها وأَكْفَحْتها وكَبَحْتُها، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هَذِهِ وَحْدَهَا عَنِ الأَصمعي بِلَا أَلف. وَفِي حَدِيثِ الإِفاضة مِنْ عَرَفَاتٍ:
وَهُوَ يَكْبَحُ راحلَته
، هُوَ مِنْ ذَلِكَ. كَبَحْتُ الدابةَ: إِذا جَذَبْتَ رأْسها إِليك وأَنت رَاكِبٌ وَمَنَعْتَهَا مِنَ الجِماحِ وَسُرْعَةِ السَّيْرِ. وكَبَحَه عَنْ حَاجَتِهِ كَبْحاً إِذا رَدَّه عَنْهَا. وكَبَحَ الحائطُ السهمَ إِذا أَصاب الحائطَ حِينَ رُمِيَ بِهِ ورَدَّه عَنْ وَجْهِهِ وَلَمْ يرْتَزَّ فِيهِ. قَالَ الأَزهري: وَقِيلَ لأَعرابي: مَا لِلصَّقْرِ يُحِبُّ الأَرنب مَا لَا يُحِبُّ الخَرَبَ؟ فَقَالَ: لأَنه يَكْبَحُ سَبَلَتَه بذَرْقِه فَيَرُدُّهُ؛ حَكَى ذَلِكَ الأَصمعي قَالَ: رأَيت صَقْرًا كأَنما صُبَّ عَلَيْهِ وِخافُ خِطْمِيٍّ يَعْنِي مِنْ ذَرْق الحُبارى. قَالَ: والكابحُ مَن اسْتَقْبَلَكَ مِمَّا يُتَطَيَّرُ مِنْهُ مِنْ تَيْسٍ وَغَيْرِهِ وَجَمْعُهُ كوابِحُ؛ قَالَ البَعِيثُ:
ومُغْتَدِيات بالنُّحوسِ كَوابِح
وكَبَحه بِالسَّيْفِ كَبْحاً: وَهُوَ ضَرْبٌ فِي اللَّحْمِ دُونَ الْعَظْمِ.
كتح: الكَتْحُ: دُونَ الكَدْحِ مِنَ الحَصَى وَالشَّيْءُ يُصِيبُ الْجِلْدَ فَيُؤَثِّرُ فِيهِ وَلَا يَبْلُغُ الكَدْحَ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ يَصِفُ الْحَمِيرَ:
يَكْتَحْنَ وَجْهاً بالحَصَى مَكْتُوحا، ... ومَرَّةً بحافرٍ مَكْبُوحا

(2/568)


وَقَالَ الْآخَرُ:
فأَهْوِنْ بذئبٍ يَكْتَحُ الريحُ باسْتِه
أَي يضربه الريح بالحصى؛ قال: وَمَنْ رَوَاهُ يَكْثَحُ، بِالثَّاءِ، فَمَعْنَاهُ يَكْشِفُ. وكَتَحَتْه الريحُ وكَثَحَتْه: سَفَتْ عَلَيْهِ الترابَ أَو نازَعَتْه ثوبَه. وكَتَح الدَّبى الأَرضَ: أَكلَ مَا عَلَيْهَا مِنَ نَبَاتٌ أَو شَجَرٌ؛ قَالَ:
لهُمْ أَشَدُّ عَلَيْكُمْ يومَ ذُلِّكُمُ ... مِنَ الكَواتِحِ، مِنْ ذَاكَ الدَّبى السُّودِ
وكتَحَه كَتْحاً: رَمَى جِسْمَهُ بِمَا أَثر فِيهِ، والطعامَ: أَكل مِنْهُ حَتَّى شبع.
كثح: الكَثْحُ: كَشَفَ الرِّيحُ الشيءَ عَنِ الشَّيْءِ. يُقَالُ مِنْهُ: كَثَحَتِ الريحُ الشيءَ كَثْحاً وكَثَّحَتْه كشَفته. قَالَ: وتَكَثَّحَ بِالتُّرَابِ وَبِالْحَصَى أَي تَضَرَّب بِهِ. والكَثْحُ: كَشْفُ الرَّجُلِ ثَوْبَهُ عَنِ اسْتِه، عَرَبِيٌّ صَحِيحٌ. وكَثَحَتْه الرِّيحُ: سَفَتْ عَلَيْهِ التُّرَابَ أَو نَازَعَتْهُ ثَوْبَهُ ككَتَحَتْه. وكَثَح الشيءَ: جَمَعَهُ وفرَّقه، ضِدٌّ. قَالَ المُفَضَّل: كَثَحَ مِنَ الْمَالِ مَا شَاءَ مثلُ كَسَحَ.
كحح: الكُحُّ: الْخَالِصُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ كالقُحِّ، والأُنثى كُحَّة كقُحَّة. وَعَبْدٌ كُحٌّ: خالصُ العُبودةِ. وعربيٌّ كُحٌّ وأَعراب أَكْحاحٌ إِذا كَانُوا خُلَصاءَ؛ وَزَعَمَ يَعْقُوبُ أَنَّ الْكَافَ فِي كُلِّ ذَلِكَ بَدَلٌ مِنَ الْقَافِ. والأَكَحُّ: الَّذِي لَا سِنَّ لَهُ. وأُمُّ كُحَّةَ: امرأَة نَزَلَتْ في شأْنها الفرائض.
كحكح: الكُحْكُحُ [الكِحْكِحُ] «3» مِنَ الإِبل وَالْبَقَرِ وَالشَّاءِ: الهَرِمةُ الَّتِي لَا تُمْسِكُ لُعابَها؛ وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي قَدْ أُكِلَتْ أَسْنانُها. والكُحْكُحُ [الكِحْكِحُ]: الْعَجُوزُ الْهَرِمَةُ، وَالنَّاقَةُ الهرمةُ؛ وناقة كُحْكُحٌ [كِحْكِحٌ] وقُحْقُحٌ وعَزُومٌ وعَوْزَمٌ إِذا هَرِمَت. والكُحُحُ: الْعَجَائِزُ الْهَرِمَاتُ؛ وأَنشد الأَزهري لِرَاجِزٍ يَذْكُرُ رَاعِيًا وَشَفَقَتَهُ عَلَى إِبله:
يَبكي عَلَى إثْرِ فَصيلٍ فِي بَحَرْ، ... والكُحْكُحِ [الكِحْكِحِ] اللِّطْلِطِ ذاتِ المُختَبَرْ
وإِذا أَسَنَّتِ الناقةُ وَذَهَبَتْ أَسنانها فَهِيَ: ضِرْزِمٌ ولِطْلِطٌ وكِحْكِحٌ وعِلْهِزٌ وهِرْهِرٌ ودِرْدِحٌ.
كدح: الكَدْح: الْعَمَلُ والسعيُ والكسبُ والخَدْشُ. والكَدْحُ: عَمَلُ الإِنسان لِنَفْسِهِ مِنْ خَيْرٍ أَو شَرٍّ. كَدَحَ يَكْدَحُ كَدْحاً وكَدَحَ لأَهله كَدْحاً: وَهُوَ اكْتِسَابُهُ بِمَشَقَّةٍ. الأَزهري: يَكْدَحُ لِنَفْسِهِ بِمَعْنَى يَسْعَى لِنَفْسِهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحاً
أَي ناصِبٌ إِلى رَبِّكَ نَصْباً؛ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: أَي تَسْعَى. قَالَ أَبو إِسحاق: الكَدْحُ فِي اللُّغَةِ السَّعْيُ والحِرْصُ والدُّؤُوبُ فِي الْعَمَلِ فِي بَابِ الدُّنْيَا وَبَابِ الْآخِرَةِ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
وَمَا الدَّهرُ إِلا تارَتانِ: فَمِنْهُمَا ... أَموتُ، وأُخْرى أَبْتَغي العَيْشَ أَكْدَحُ
أَي تَارَةً أَسعى فِي طَلَبِ الْعَيْشِ وأَدْأَبُ. وَيُقَالُ: هُوَ يَكْدَحُ فِي كَذَا أَي يَكُدّ. الْجَوْهَرِيُّ: يَكْدَحُ لِعِيَالِهِ ويَكْتَدِحُ أَي يَكْتَسِبُ لَهُمْ؛ قَالَ الأَغْلَبُ العِجْلِيُّ:
أَبو عِيَالٍ يَكْدَحُ المَكادِحا
والكَدْحُ بِالسِّنِّ: دُونَ الكَدْم بالأَسنان، وَالْفِعْلُ كَالْفِعْلِ؛ وَقِيلَ: الكَدْحُ قَشْرُ الْجِلْدِ يَكُونُ بِالْحَجَرِ وَالْحَافِرِ. وكَدَحَ جِلْدَه وكَدَّحه فَتَكَدَّحَ،
__________
(3).
قوله [الكحكح إلخ] كهدهد وزبرج ما في القاموس.

(2/569)


كِلَاهُمَا: خَدَّشَه فتَخَدَّشَ. وتَكَدَّحَ الجِلْدُ: تَخَدَّش. وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: مَنْ سأَل وَهُوَ غَنِيٌّ جاءَت مسأَلتُه يَوْمَ الْقِيَامَةِ خُدُوشاً أَو خُمُوشاً أَو كُدُوحاً فِي وَجْهِهِ.
ابْنُ الأَثير: الكُدُوحُ الخُدُوشُ. وكلُّ أَثَرٍ مِنْ خَدْشٍ أَو عَضٍّ فَهُوَ كَدْح؛ وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مَصْدَرًا سُمِّيَ بِهِ الأَثر، وأَصابه شَيْءٌ فكَدَحَ وَجْهَهُ. وَحِمَارٌ مُكَدَّحٌ: مُعَضَّضٌ. والكُدُوح: آثَارُ الْعَضِّ، وَاحِدُهَا كَدْحٌ، وعَمَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الأَثر. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الكُدُوح آثَارُ الخُدوش. وَكُلُّ أَثر مِنْ خَدْش أَو عَضٍّ فَهُوَ كَدْح؛ وَمِنْهُ قِيلَ لِلْحِمَارِ الْوَحْشِيِّ: مُكَدَّح لأَن الحُمُر يَعْضَضْنَه؛ وأَنشد:
يَمْشُونَ حَوْل مُكَدَّمٍ، قَدْ كَدَّحتْ ... مَتْنَيْهِ حَمْلُ حَناتِمٍ وقِلالِ
وكَدَح فلانٌ وَجْهَ فُلَانٍ إِذا عَمِلَ بِهِ مَا يَشِينُه. وكَدَحَ وجهَ أَمرِه إِذا أَفسده. وَبِهِ كَدْحٌ وكُدوح أَي خُدُوش؛ وَقِيلَ: الكَدْحُ أَكبر مِنَ الخَدْش. وَفِي الْحَدِيثِ:
فِي وَجْهِهِ كُدُوحٌ
أَي خُدُوشٌ. وَالتَّكْدِيحُ: التَّخْدِيشُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
المَسائلُ كُدُوحٌ يَكْدَحُ بِهَا الرَّجُلُ وَجْهَهُ.
وَوَقَعَ مِنَ السَّطْحِ فَتَكَدَّحَ أَي تَكَسَّر، وَتُبْدَلُ الْهَاءُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ. وكَدَحَ رأْسه بالمُشْطِ: فَرَّجَ شَعْرَهُ بِهِ. وكَوْدَحٌ: اسم.
كذح: كَذَحَتْه الريحُ: ككَتَحَتْه.
كرح: الأُكَيْراحُ «1»: بُيوتٌ وَمَوَاضِعُ تَخْرُجُ إِليها النَّصَارَى فِي بَعْضِ أَعيادهم، وَهُوَ مَعْرُوفٌ؛ قَالَ:
يَا دَيْرَ حَنَّةَ مِنْ ذاتِ الأُكَيْراحِ، ... مَنْ يَصْحُ عنكَ، فإِني لَسْتُ بِالصَّاحِي
قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: أَحسب أَن الْكَارِحَةَ وَالْكَارِخَةُ حَلْقُ الإِنسان أَو بَعْضُ مَا يَكُونُ فِي الْحَلْقِ منه.
كربح: الكَرْبَحة والكَرْمَحة: عَدْوٌ دُونَ الكَرْدَمة، وَلَا يُكَرْدِمُ إِلا الحمار والبغل.
كرتح: كَرْتَحه: صَرَعَه. وكَرْتَح في مشيه: أَسرع.
كردح: الأَصمعي: سَقَطَ مِنَ السَّطْحِ فَتَكَرْدَح أَي تَدَحْرَجَ. والكَرْدَحة: الإِسراع فِي العَدْو. والكَرْدَحة: مِنْ عَدْو الْقَصِيرِ الْمُتَقَارِبِ الخَطْو الْمُجْتَهِدِ فِي عَدْوه؛ وأَنشد:
يَمُرّ مَرَّ الريحِ لَا يُكَرْدِحُ
ابْنُ الأَعرابي: هُوَ سَعْيٌ فِي نَطٍّ، وَقَدْ كَرْدَحَ، وَهِيَ الكَرْدَحاءُ. والكَرْدَحة: عَدْوُ الْقَصِيرِ يُقَرْمِطُ ويُسْرع، وَكَذَلِكَ الكَرْتَحة والكَرْمَحة.
__________
(1).
قوله [الأكيراح] بصيغة تصغير جمع كرح، بالكسر، قال ياقوت نقلًا عن الخالدي: الأكيراح رستاق نزه بأرض الكوفة، وبيوت صغار تسكنها الرهبان الذين لا قلالي لهم. بالقرب منها ديران يقال لأَحدهما: دير عبد، وللآخر دير حنة، وهو موضع بظاهر الكوفة كثير البساتين والرياض وفيه يقول أَبو نواس: يا دير حنة إلخ، قَالَ أَبو سَعِيدٍ السُّكَّرِيُّ: رأيت الأكيراح، وهو على سبعة فراسخ من الحيرة، وقد وهم فيه الأَزهري فسماه الأكيراخ، بالخاء المعجمة؛ وفيه يقول بكر بن خارجة: دع البساتين من آس وتفاح واقصد إلى الشيح من ذات الأكيراح إلى الدساكر فالدير المقابلها لدى الأكيراح أو دير ابن وضاح منازل لم أزل حيناً ألازمها لزوم غادٍ إلى اللذات روّاح انتهى باختصار.

(2/570)


يُقَالُ: كرمَحْنا فِي آثَارِ الْقَوْمِ: عَدَوْنا عَدْوَ الْمُتَثَاقِلِ. وكَرْدَمَ الْحِمَارُ وكَرْدَح إِذا عَدَا عَلَى جَنْب وَاحِدٍ. والمُكَرْدَحُ: الْمُتَذَلِّلُ الْمُتَصَاغِرُ. والكِرْداحُ: المتقارِبُ الْمَشْيِ. وكَرْدَحه: صَرَعَهُ. والكُرادِحُ: القصير. وكِرْداحٌ: موضع.
كرمح: الكَرْمَحة والكَرْتَحة: عَدْوٌ دُونَ الكَرْدَمة. قَالَ أَبو عَمْرٍو: كَرْمَحْنا فِي آثَارِ الْقَوْمِ: عَدَوْنا عَدْوَ الْمُتَثَاقِلِ.
كسح: الكَسْحُ: الكَنْسُ؛ كَسَحَ البيتَ وَالْبِئْرَ يَكْسَحُه كَسْحاً: كَنَسه. والمِكْسَحة: المِكْنَسةُ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: هَذَا الضَّرْبُ مِمَّا يُعْتَمل مَكْسُورُ الأَوّل، كَانَتِ الْهَاءُ فِيهِ أَو لَمْ تَكُنْ. الْجَوْهَرِيُّ: المِكْسَحة مَا يُكْنَس بِهِ الثَّلْجُ وَغَيْرُهُ. والكُساحة مِثْلُ الكُناسة؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والكُساحة الكُناسة، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: كُساحةُ الْبَيْتِ مَا كُسِحَ مِنَ التُّرَابِ فأُلْقِيَ بعضُه عَلَى بَعْضٍ. والكُساحة: تُرَابٌ مَجْمُوعٌ كُسِحَ بالمِكْسَحِ. واكْتَسَح أَموالَهم: أَخذها كُلَّهَا؛ يُقَالُ: أَغاروا عَلَيْهِمْ فاكْتَسَحُوهم أَي أَخذوا مَالَهُمْ كُلَّهُ، وَيُقَالُ: أَتينا بَنِي فلان فاكْتَسَحْنا مالهم أَي لَمْ نُبْق لَهُمْ شَيْئًا؛ قَالَ المُفَضَّل: كَسَحَ وكَثَح بِمَعْنًى وَاحِدٍ. والكُساحُ: الزَّمانةُ فِي الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ وأَكثر مَا يُسْتَعْمَلُ فِي الرِّجْلَيْنِ. الأَزهري: الكَسَحُ ثِقَل فِي إِحدى الرِّجْلَيْنِ إِذا مَشَى جَرَّها جَرّاً. وكَسِحَ كَسَحاً، وَهُوَ أَكْسَحُ وكَسْحانُ وكَسِيحٌ ومكَسَّحٌ؛ وَقِيلَ: الأَكْسَحُ الأَعرجُ والمُقْعَدُ أَيضاً؛ قَالَ الأَعشى:
كُل وَضَّاحٍ كَريمٍ جَدُّه، ... وخَذولِ الرِّجْلِ، مِنْ غيرِ كَسَحْ
وَهَذَا الْبَيْتُ أَورده الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ وَابْنُ بَرِّيٍّ: بَيْنَ مَغْلُوبٍ نَبِيلٍ جَدُّهُ، وَقَالَ: هُوَ يَصِفُ قَوْمًا نَشاوى مَا بَيْنَ مَغْلُوبٍ قَدْ غَلَبَهُ السُّكْرُ، وخَذُولِ الرِّجْلِ مِنْ غَيْرِ كَسَح. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُرْوَى تَلِيلٍ خَدُّهُ، بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالدَّالِّ الْمُهْمَلَةِ. والكَسَحُ: دَاءٌ يأْخذ فِي الأَوراك فتَضْعُفُ لَهُ الرِّجْلُ. وَقَدْ كَسِحَ الرجلُ كَسَحاً إِذا ثَقُلَتْ إِحدى رِجْلَيْهِ فِي الْمَشْيِ، فإِذا مَشَى كأَنه يَكْسَحُ الأَرضَ أَي يَكْنُسُها، وَفِي حَدِيثِ
قَتَادَةَ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ: وَلَوْ نَشاءُ لَمَسَخْناهُمْ عَلى مَكانَتِهِمْ أَي جَعَلْنَاهُمْ كُسْحاً
يَعْنِي مُقْعَدين، جَمْعُ أَكْسَحَ كأَحْمر وحُمْرٍ. والأَكسح: المُقْعَدُ، وَالْفِعْلُ كَالْفِعْلِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: سُئِلَ عَنْ مَالِ الصَّدَقَةِ فَقَالَ: إِنها شَرُّ مَالٍ، إِنما هِيَ مَالُ الكُسْحانِ والعُورانِ
؛ هِيَ جَمْعُ الأَكْسَحِ، وَهُوَ المُقْعَد، وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنه كَرِهَ الصَّدَقَةَ إِلّا لأَهل الزَّمانَة؛ وأَنشد اللَّيْثُ للأَعشى:
وَلَقَدْ أَمْنَحُ مَنْ عادَيْتُه ... كلَّ مَا يَقْطَعُ مِنْ داءِ الكَسَحْ
قَالَ: وَيُرْوَى بِالشِّينِ. وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ: الكُساح مِنْ أَدواء الإِبل. جَمَلٌ مَكْسُوح: لَا يَمْشِي مِنْ شِدَّةِ الضَّلَع. قَالَ: وعُود مُكَسَّح ومُكَشَّح أَي مَقْشُور مُسَوًّى؛ قَالَ: وَمِنْهُ قَوْلُ الطِّرِمَّاح:
جُمالِيَّة تَغْتالُ فَضْلَ جَديلِها، ... شَناحٍ كَصَقْبِ الطائِفِيِّ المُكَسَّحِ
وَيُرْوَى الْمُكَشَّحُ بِالشِّينِ؛ أَراد بالشَّناحِي عُنُقَها لِطُولِهِ. والمُكاسَحة: المُشارَّة الشَّدِيدَةُ. وكَسَحَتِ الرِّيحُ الأَرضَ: قشرت عنها التراب.
كشح: الكَشْحُ: مَا بَيْنَ الْخَاصِرَةِ إِلى الضِّلَعِ الخَلف، وَهُوَ مِنْ لَدُن السُّرَّةِ إِلى المَتْن؛ قَالَ طَرَفَةُ:

(2/571)


وآلَيْتُ لَا يَنْفَكُّ كَشْحِي بِطانَةً ... لعَضْبٍ، رَقيقِ الشَّفْرَتَيْنِ، مُهَنَّدِ
قَالَ الأَزهري: هُمَا كَشْحانِ وَهُوَ موقِع السَّيْفِ مِنَ المُتَقَلَّد؛ وَفِي حَدِيثِ
سَعْدٍ: إِن أَميركم هَذَا لأَهْضَمُ الكَشْحَين
أَي دَقِيقُ الخَصْرين؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقِيلَ الكَشْحان جَانِبَا الْبَطْنِ مِنْ ظَاهِرٍ وَبَاطِنٍ وَهُمَا مِنَ الْخَيْلِ كَذَلِكَ؛ وَقِيلَ: الكَشْحُ مَا بَيْنَ الحَجَبَة إِلى الإِبط؛ وَقِيلَ: هُوَ الخَصْر؛ وَقِيلَ: هُوَ الْحَشَى، والكَشْحُ: أَحد جانِبَيِ الوِشاحِ؛ وَقِيلَ: إِن الكَشْحَ مِنَ الْجِسْمِ إِنما سُمِّيَ بِذَلِكَ لِوُقُوعِهِ عَلَيْهِ، وَجَمْعُ كُلِّ ذَلِكَ كُشوح لَا يُكَسَّر إِلَّا عَلَيْهِ؛ قَالَ أَبو ذؤَيب:
كأَنَّ الظّباءَ كُشُوحُ النِّساءِ، ... يَطْفون فوقَ ذَراه جُنوحا «1»
شَبَّهَ بياضَ الظِّبَاءِ بِبَيَاضِ الوَدَع. وكَشِحَ كَشَحاً: شَكا كَشْحَه. والكَشَحُ: دَاءٌ يُصِيبُ الكَشْحَ. وطَوى كَشْحَه عَلَى أَمر: اسْتَمَرَّ عَلَيْهِ؛ وَكَذَلِكَ الذَّاهِبُ الْقَاطِعُ الرَّحِمِ؛ قَالَ:
طَوى كَشْحاً خليلُك والجَناحا، ... لبَيْنٍ منكَ، ثُمَّ غَدا صُراحا
وَكَذَلِكَ إِذا عَادَاكَ وفاسَدَك، يُقَالُ: طَوَى كَشْحاً عَلَى ضِغْن إِذا أَضمره؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
وكانَ طَوى كَشْحاً عَلَى مُسْتكِنَّةٍ، ... فَلَا هُوَ أَبْداها، وَلَمْ يَتَجَمْجَمِ
والكاشِحُ: الْمُتَوَلِّي عَنْكَ بِوُدّه. وَيُقَالُ: طَوى فلانٌ كَشْحَه إِذا قَطَعَكَ وَعَادَاكَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الأَعشى:
وكانَ طَوى كَشْحاً وأَبَّ ليَذْهَبا
قَالَ الأَزهري: يَحْتَمِلُ قَوْلُهُ وَكَانَ طَوَى كَشْحاً أَي عَزَمَ عَلَى أَمر وَاسْتَمَرَّتْ عَزِيمَتُهُ. وَيُقَالُ: طَوَى كَشْحَهُ عَنْهُ إِذا أَعرض عَنْهُ. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: طويتُ كَشْحي عَلَى الأَمر إِذا أَضمرته وَسَتَرْتَهُ. والكاشحُ: العَدُوُّ المُبْغِضُ. وَالْكَاشِحُ: الَّذِي يُضْمِرُ لَكَ الْعَدَاوَةَ. يُقَالُ: كَشَحَ لَهُ بِالْعَدَاوَةِ وكاشَحه بِمَعْنًى. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَالْكَاشِحُ الْعَدُوُّ الباطنُ الْعَدَاوَةِ كأَنه يَطْوِيهَا فِي كَشْحه، أَو كأَنه يُوَلِّيك كَشْحَه ويُعْرِض عَنْكَ بِوَجْهِهِ، وَالِاسْمُ الكُشاحة. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَفضل الصَّدَقَةِ عَلَى ذِي الرَّحِم الكاشِحِ
؛ الْكَاشِحُ: العدوُّ الَّذِي يُضْمِرُ عَدَاوَتَهُ وَيَطْوِي عَلَيْهَا كَشْحه أَي بَاطِنَهُ. والكَشْحُ: الخَصْر. وَالَّذِي يَطْوي عَنْكَ كَشْحَه وَلَا يأْلفك. وَسُمِّيَ العدوُّ كَاشِحًا لأَنه وَلَّاك كَشْحَه وأَعرض عَنْكَ؛ وَقِيلَ: لأَنه يَخْبَأُ الْعَدَاوَةَ فِي كَشْحه وَفِيهِ كَبِدُه، والكَبِدُ بَيْتُ الْعَدَاوَةِ والبَغْضاء؛ وَمِنْهُ قِيلَ لِلْعَدُوِّ: أَسودُ الْكَبِدِ كأَنَّ العداوةَ أَحرقت الكَبِدَ؛ وكاشَحه بِالْعَدَاوَةِ مُكَاشَحَةً وكِشاحاً. قَالَ المُفَضَّل: الكاشحُ لِصَاحِبِهِ مَأْخُوذٌ مِنَ المِكْشاحِ، وَهُوَ الفأْس. والكُشاحة: المُقاطعة. وكَشَحَت الدابةُ إِذا أَدخلت ذَنَبَهَا بَيْنَ رِجْلَيْهَا؛ وأَنشد:
يأْوي، إِذا كَشَحتْ إِلى أَطْبائِها، ... سَلَبُ العَسِيبِ كأَنه ذُعْلُوقُ
الأَزهري: كَشَحَ عَنِ الماء إِذا أَدبر عنه. وكَشَحَ القومُ عَنِ الْمَاءِ وانْكَشَحوا إِذا ذَهَبُوا عَنْهُ وَتَفَرَّقُوا. وَرَجُلٌ مَكْشُوحٌ: وُسِمَ بالكِشاح فِي أَسفل الضُّلُوعِ. والكِشاحُ: سِمَةٌ فِي مَوْضِعِ الكَشْح.
__________
(1).
قَالَ أَبُو سَعِيدٍ السُّكَّرِيُّ جامع أشعار الهذليين: الكشح وشاح من ودع فأراد كأن الظباء في بياضها ودع يطفون فوق ذرى الماء وجنوح مائلة، شبه الظباء وقد ارتفعن في هذا السيل بكشوح النساء عليهن الودع، ثم قال: وكانت الأَوشحة تعمل من ودع أبيض انتهى. القاموس.

(2/572)


وكَشَحَ البعيرَ وكَشَّحَه: وَسَمَه هُنَالِكَ، التَّشْدِيدُ عَنْ كُرَاعٍ. والكَشْحُ: الكَيُّ بِالنَّارِ؛ وإِبل مُكَشَّحة ومُحَنَّبة «2». قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: والكَشَحُ، بِالتَّحْرِيكِ، دَاءٌ يُصِيبُ الإِنسانَ فِي كَشْحِه فيُكْوى. وَقَدْ كُشِحَ الرجلُ كَشْحاً إِذا كُوِيَ مِنْهُ، ومِنه سُمِّيَ المَكْشُوحُ الْمُرَادِيَّ. وكَشَحَ العُودَ كَشْحاً: قَشَرَهُ. ومَرَّ فلانٌ يَكْشَح القومَ ويَشُلُّهم ويَشْحَنُهم أَي يُفَرِّقُهم وَيَطْرُدُهُمْ.
كفح: المُكافَحةُ: مُصَادَفَةُ الْوَجْهِ بِالْوَجْهِ مفاجأَة. كَفَحه كَفْحاً وكافَحَه مُكافَحة وكِفاحاً: لَقِيَهُ مُوَاجَهَةً. وَلَقِيَهُ كَفْحاً ومكافَحةً وكِفاحاً أَي مُوَاجَهَةً، جَاءَ الْمَصْدَرُ فِيهِ عَلَى غَيْرِ لَفْظِ الْفِعْلِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهُوَ مَوْقُوفٌ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ مُطَّرِدٌ عِنْدَ غَيْرِهِ؛ وأَنشد الأَزهري فِي كِتَابِهِ:
أَعاذِل مَنْ تُكْتَبْ لَهُ النارُ يَلْقَها ... كِفاحاً، وَمَنْ يُكْتَبْ لَهُ الخُلْدُ يَسْعَدِ
والمُكافَحةُ فِي الْحَرْبِ: الْمُضَارَبَةُ تِلْقَاءَ الْوُجُوهِ. وَفِي الْحَدِيثِ
أَنه قَالَ لِحَسَّانَ: لَا تَزَالُ مُؤَيَّداً بِرُوحِ القُدُس مَا كافَحْتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ
؛ المُكافَحَةُ: الْمُضَارَبَةُ وَالْمُدَافَعَةُ تِلْقَاءَ الْوَجْهِ، وَيُرْوَى نافَحْتَ، وَهُوَ بِمَعْنَاهُ. وكَفَحه بِالْعَصَا كَفْحاً: ضَرَبَهُ بِهَا. الْفَرَّاءُ: أَكْفَحْته بِالْعَصَا أَي ضَرَبْتُهُ، بِالْحَاءِ. وَقَالَ شَمِرٌ: كَفَخْتُه، بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ. قَالَ الأَزهري: كَفَحْتُه بِالْعَصَا وَالسَّيْفِ إِذا ضَرَبْتَهُ مُوَاجَهَةً، صَحِيحٌ. وكَفَخْته بِالْعَصَا إِذا ضَرَبْتَهُ لَا غَيْرَ. وكَفِحَ عَنْهُ «3» كَفْحاً: جَبُنَ. وأَكْفَحْتُه عَنِّي أَي رددتُه وجَنَّبْته عَنِ الإِقدام عليَّ. الْجَوْهَرِيُّ: كافَحُوهم إِذا اسْتَقْبَلُوهُمْ فِي الْحَرْبِ بِوُجُوهِهِمْ لَيْسَ دُونَهَا تُرْسٌ وَلَا غَيْرُهُ. والكَفِيحُ: الكُفْؤ. والمُكافِحُ: الْمُبَاشِرُ بِنَفْسِهِ. وَفُلَانٌ يُكافِحُ الأُمور إِذا بَاشَرَهَا بِنَفْسِهِ. وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ:
إِن اللَّهَ كَلَّم أَباك كِفاحاً
أَي مُوَاجَهَةً لَيْسَ بَيْنَهُمَا حجابٌ وَلَا رَسُولٌ. وأَكْفَح الدَّابةَ إِكفاحاً: تَلَقَّى فَاهَا بِاللِّجَامِ يَضْرِبُهُ بِهِ لِيَلْتَقِمَهُ، وَهُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ لَقِيتُهُ كِفاحاً أَي اسْتَقْبَلْتُهُ كَفَّةَ كَفَّةَ. وكَفَحها بِاللِّجَامِ كَفْحاً: جَذَبَهَا. وَتَقُولُ فِي التَّقْبِيلِ: كافَحها كِفاحاً قَبَّلها غَفْلَةً وِجاهاً. وكَفَحَ المرأَة يَكْفَحُها وكافَحها: قَبَّلَهَا غَفْلَةً. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِني لأَكْفَحُها وأَنا صَائِمٌ
أَي أُواجهها بالقُبْلة. وكافَحَتْه أَي قَبَّلَتْه؛ قَالَ الأَزهري: وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ أَنه سُئِلَ: أَتُقَبِّل وأَنت صَائِمٌ؟ فَقَالَ: نَعَمْ وأَكْفَحُها
أَي أَتمكن مِنْ تَقْبِيلِهَا وأَستوفيه مِنْ غَيْرِ اخْتِلَاسٍ، مِن المُكافَحَة وَهِيَ مُصَادَفَةُ الْوَجْهِ، وَبَعْضُهُمْ يَرْويه: وأَقْحَفُها؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: فَمَنْ رَوَاهُ وأَكْفَحُها أَراد بالكَفْح اللقاءَ وَالْمُبَاشَرَةَ لِلْجِلْدِ، وكلُّ مَنْ وَاجَهْتَهُ وَلَقِيتَهُ كَفَّةَ كَفَّةَ، فَقَدْ كافَحْتَه كِفاحاً ومُكافحةً؛ قَالَ ابْنُ الرِّقاع:
يُكافِحُ لَوْحات الهَواجِرِ بالضُّحى، ... مكافَحَةً للمَنْخَرَيْنِ، وللفَمِ
قَالَ: وَمَنْ رَوَاهُ: وأَقْحَفُها أَراد شُرْبَ الرِّيقِ مِن قَحَفَ الرجلُ مَا فِي الإِناء إِذا شَرِبَ مَا فِيهِ. وكَفِيحُ المرأَة: زوجُها، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. وكَفَحْته كَفْحاً: كَلَوَّحْتُه.
__________
(2).
قوله [وإبل مكشحة ومحنبة] أي أصابها الكشح والحنب بالتحريك.
(3).
قوله [وكفح عنه إلخ] بابه سمع كما في القاموس.

(2/573)


وتَكَفَّحَتِ السمائمُ أَنْفُسُها: كَفَحَ بَعْضُهَا بَعْضًا؛ قَالَ جَنْدَلُ بْنُ المُثَنَّى الْحَارِثِيُّ:
فَرَّجَ عَنْهَا، حَلَقَ الرَّتائِجِ، ... تَكَفُّحُ السمائمِ الأَواجِجِ
أَراد الأَواجَّ فَفَكَّ التَّضْعِيفَ لِلضَّرُورَةِ؛ وَكَقَوْلِهِ:
تشْكُو الوَجَى مِنْ أَظْلَلٍ وأَظْلَلِ
أَراد مِنْ أَظَلَّ وأَظَلَّ. ابْنُ شُمَيْلٍ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ:
أَعْطَيْتُ مُحَمَّدًا كِفاحاً
أَي كَثِيرًا مِنَ الأَشياء فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. وَفِي النَّوَادِرِ: كَفْحةٌ مِنَ النَّاسِ وكَثْحَةٌ أَي جَمَاعَةٌ لَيْسَتْ بِكَثِيرَةٍ. وكَفَحَ الشيءَ وكَثَحه: كَشَفَ عَنْهُ غِطاءه ككَشَحَه. والأَكْفَحُ: الأَسودُ.
كلح: الكُلُوحُ: تَكَشُّرٌ فِي عُبوس؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الكُلُوحُ والكُلاحُ بُدُوُّ الأَسنان عِنْدَ العُبوس. كَلَحَ يَكْلَحُ كُلُوحاً وكُلاحاً وتَكَلَّحَ؛ وأَنشد ثَعْلَبٌ:
ولَوَى التَّكَلُّحَ، يَشْتَكي سَغَباً، ... وأَنا ابنُ بَدْرٍ قاتِلُ السَّغَبِ
التَّكَلُّحُ هُنَا يَجُوزُ أَن يَكُونَ مَفْعُولًا مِنْ أَجله وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مَصْدَرًا لِلَوَى لأَن لَوَى يَكُونُ فِي مَعْنَى تَكلَّحَ، وَقَدْ أَكلحه الأَمرُ؛ قَالَ لَبِيدٌ يَصِفُ السِّهَامَ:
رَقَمِيَّات عَلَيْهَا ناهِضٌ، ... تُكْلِحُ الأَرْوَقَ مِنْهَا والأَيَلّ
وَفِي التَّنْزِيلِ: تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيها كالِحُونَ
:
قَالَ أَبو إِسحاق: الكالحُ الَّذِي قَدْ قَلَصَتْ شَفَتُه عَنْ أَسنانه نَحْوَ مَا تَرَى من رؤوس الْغَنَمِ إِذا بَرَزَتِ الأَسنانُ وتَشَمَّرت الشِّفاه. والكُلاحُ، بِالضَّمِّ: السَّنَةُ المُجْدِبة؛ قَالَ لَبِيدٌ:
كانَ غِياثَ المُرْمِلِ المُمْتاحِ، ... وعِصْمةً فِي الزَّمَنِ الكُلاحِ
وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: إِن مِنْ وَرَائِكُمْ فِتَناً وبَلاءً مُكْلِحاً
أَي يُكْلِحُ الناسَ بشدَّته؛ الكُلُوحُ: العُبُوس. يُقَالُ: كَلَحَ الرجلُ وأَكْلَحه الهَمُّ ودهرٌ كالحٌ عَلَى المَثَل. وكَلاحِ معدولٌ: السَّنَةُ الشَّدِيدَةُ؛ قَالَ الأَزهري: وَدَهْرٌ كَالِحٌ وكُلاحٌ شَدِيدٌ؛ وأَنشد لِلَبِيدٍ:
وعِصْمةً فِي السَّنةِ الكُلاحِ
وَسَنَةٌ كَلاحِ، عَلَى فَعالِ بِالْكَسْرِ، إِذا كَانَتْ مُجْدِبة، قَالَ: وَسَمِعْتُ أَعرابيّاً يَقُولُ لِجَمَلٍ يَرْغو وَقَدْ كَشَر عَنْ أَنيابه: قَبَحَ اللَّهُ كَلَحَته يَعْنِي فَمَهُ؛ وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قَبَحَ اللهُ كَلَحَته يَعْنِي الْفَمَ وَمَا حَوْلَهُ. وَرَجُلٌ كَوْلَحٌ: قَبِيحٌ. والمكالَحة: المُشارَّةُ. وتَكَلَّحَ البرقُ: تَتابَعَ. وتَكَلَّحَ البرقُ تَكَلُّحاً: وَهُوَ دَوَامُ بَرْقِهِ واسْتِسْراره فِي الْغَمَامَةِ الْبَيْضَاءِ، وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِهِمْ: تَكَلَّحَ إِذا تَبَسَّمَ؛ وتَبَسَّمَ البرقُ مِثْلُهُ. قَالَ الأَزهري: وَفِي بَيْضَاءَ بَنِي جَذِيمةَ مَاءٌ يُقَالُ لَهُ كَلَحٌ، وَهُوَ شَروبٌ عَلَيْهِ نَخْلٌ بَعْلٌ قَدْ رَسَختْ عُرُوقُهَا فِي الْمَاءِ.
كلتح: الكَلْتَحةُ: ضَرْبٌ مِنَ المَشْي. وكَلْتَحٌ: اسْمٌ. وَرَجُلٌ كَلْتَحٌ: أَحمق.
كلدح: الكَلْدَحة: ضَرْبٌ مِنَ الْمَشْيِ. والكِلْدِح: الصُّلْب «1». والكِلْدِح: العجوز.
__________
(1).
قوله [والكلدح الصلب إلخ] كذا بضبط الأَصل بكسر الكاف والدال، وضبطه القاموس بفتحهما. ونبه شارحه على الضبطين انتهى.

(2/574)


كلمح: بِفِيهِ الكِلْحِمُ والكِلْمِحُ: الترابُ، وَسَيُذْكَرُ فِي كَلَحَمَ.
كنتح: رَجُلٌ كَنْتَح وكَنْثَحٌ، بِالتَّاءِ وَالثَّاءِ: وَهُوَ الأَحمق.
كنثح: رَجُلٌ كَنْتَح وكَنْثَحٌ، بِالتَّاءِ وَالثَّاءِ، وَهُوَ الأَحمق.
كنسح: الكِنْسِحُ «1»: أَصل الشَّيْءِ ومَعْدِنُه.
كمح: الكَمْحُ: رَدُّ الْفَرَسِ بِاللِّجَامِ. والكَمَحةُ: الراضَة. ابْنُ سِيدَهْ: كَمَحْتُ الدابةَ بِاللِّجَامِ كَمْحاً إِذا جَذَبْتَهُ إِليك ليَقِفَ وَلَا يَجْرِيَ. وأَكْمَحَه إِذا جَذَب عِنانَه حَتَّى يَنْتَصِبَ رأْسُه؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
تَمُورُ بضَبْعَيْها وتَرْمِي بِحَوْزِها، ... حِذاراً مِنَ الإِيعادِ، والرأْسُ مُكْمَحُ
وَيُرْوَى: تَمُوجُ ذِرَاعَاهَا، وَعَزَاهُ أَبو عُبَيْدٍ لِابْنِ مُقْبِلٍ، وَقَالَ: كَمَحه وأَكْمَحه وكَبَحه وأَكْبَحه بِمَعْنًى؛ وأَراد الشَّاعِرُ بِقَوْلِهِ الإِيعاد ضَرْبَه لَهَا بالسَّوْطِ، فَهِيَ تَجتَهِدُ فِي العَدْوِ لِخَوْفِهَا مِنْ ضَرْبِهِ ورأْسها مُكْمَحٌ، وَلَوْ تَرَكَ رأْسها لَكَانَ عَدْوُها أَشَدَّ. وأُكْمِحَ الرجلُ: رَفَعَ رأْسه مِنَ الزُّهُوّ كأُكْمِخَ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وَالْحَاءُ أَعلى؛ وَيُقَالُ: إِنه لَمُكْمَحٌ ومُكْبَحٌ أَي شَامِخٌ. وَقَدْ أُكْبِحَ وأُكْمِحَ إِذا كَانَ كَذَلِكَ. وأَكْمَحَتِ الزَّمَعَةُ إِذا مَا ابْيَضَّتْ وَخَرَجَ عَلَيْهَا مِثْلُ القُطْنِ، وَذَلِكَ الإِكْماحُ، والزَّمَعُ الأُبَنُ فِي مَخارِج الْعَنَاقِيدِ، ذَكَرَهُ عَنِ الطَّائِفِيِّ. الْجَوْهَرِيُّ: أَكْمَح الكرمُ إِذا تَحَرَّكَ للإِيراق. أَبو زَيْدٍ: الكَيْمُوحُ والكِيحُ التُّرابُ، قَالَ: الكِيحُ الترابُ والكَيْمُوحُ المُشْرِفُ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ احْثُ فِي فِيهِ الكَوْمَحَ يَعْنُون التراب؛ وأَنشد:
أُهْجُ القُلاحَ، واحْشُ فَاهَ الكَوْمَحا ... تُرْباً، فأَهْلٌ هُوَ أَن يُقَلَّحا
ابْنُ دُرَيْدٍ: الكوْمَحُ الرَّجُلُ الْمُتَرَاكِبُ الأَسنان فِي الْفَمِ حَتَّى كأَنَّ فَاهُ قَدْ ضَاقَ بأَسنانه. وَفَمٌ كَوْمَحٌ: ضَاقَ مِنْ كَثْرَةِ أَسنانه ووَرَمِ لِثاتِه. وَرَجُلٌ كَوْمَحٌ وكُومَحٌ: عَظِيمُ الأَلْيَتَيْنِ؛ قَالَ:
أَشْبَهه فَجَاءَ رِخْواً كَوْمَحا، ... وَلَمْ يَجِئْ ذَا أَلْيَتَيْنِ كَوْمحا
والكَوْمَحُ: الفَيْشَلَةُ. والكَوْمَحانِ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ يَصِفُ السَّحَابَ:
أَناخَ برَمْلِ الكَوْمَحَينِ إِناخةَ اليماني ... قِلاصاً، حَطَّ عنهنَّ أَكْوُرا
الأَزهري: الكَوْمَحانِ هُمَا حَبْلان مِنْ حِبَالِ الرَّمْلِ؛ وأَنشد البيت.
كوح: الأَزهري: كاوَحْتُ فُلَانًا مكاوَحةً إِذا قَاتَلْتَهُ فَغَلَبْتَهُ؛ ورأَيتهما يَتَكاوَحانِ، والمُكاوَحة أَيضاً فِي الْخُصُومَةِ وَغَيْرِهَا. ابْنُ الأَعرابي: أَكاحَ زَيْدًا وكَوَّحه إِذا غَلَبَهُ، وأَكاح زَيْدًا إِذا أَهلكه. ابْنُ سِيدَهْ: كاوَحه فكاحَه كَوْحاً: قَاتَلَهُ فَغَلَبَهُ. وكاحَه كَوْحاً: غَطَّه فِي مَاءٍ أَو تُرَابٍ. وكَوَّحَ الرجلَ: أَذَلَّه. وكَوَّحه: رَدَّه. الأَزهري: التكويحُ التَّغْلِيبُ؛ وأَنشد أَبو عَمْرٍو:
أَعْدَدْته للخَصْمِ ذِي التَّعَدِّي، ... كَوَّحْته مِنْكَ بدونِ الجَهْدِ
__________
(1).
قوله [الكنسح] هو والكنسيح بكسر فسكون، بمعنى كما في القاموس.

(2/575)


وكَوَّحَ الزِّمامُ البعيرَ إِذا ذَلَّله؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
إِذا رامَ بَغْياً أَو مِراحاً أَقامَه ... زِمامٌ، بمَثْناه خِشاشٌ مُكَوِّحُ
وَرَجَعَ إِلى كُوحه إِذا فَعَلَ شَيْئًا مِنَ الْمَعْرُوفِ ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ. والأَكْواحُ: نَوَاحِي الْجِبَالِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَسَنَذْكُرُهُ فِي كَيَحَ وإِنما ذَكَرْتُهُ هَاهُنَا لِظُهُورِ الْوَاوِ فِي التَّكْسِيرِ. الْجَوْهَرِيُّ: كاوَحْتُه إِذا شَاتَمْتَهُ وَجَاهَرْتَهُ. وتَكاوَحَ الرَّجُلَانِ إِذا تَمارَسا وتَعالَجا الشَّرَّ بَيْنَهُمَا.
كيح: ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ مَعَ كَوْحٍ فِي تَرْجَمَةٍ وَاحِدَةٍ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الكِيحُ والكاحُ عُرْضُ الْجَبَلِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: عُرْضُ الْجَبَلِ وأَغْلَظُه، وَقِيلَ: هُوَ سَفْحُه وسَفْحُ سَنَده، وَالْجَمْعُ أَكياح وكُيُوح؛ وَقَالَ الأَزهري: قَالَ الأَصمعي الكِيحُ ناحيةُ الْجَبَلِ؛ وَقَالَ رُؤْبَةُ:
عَنْ صَلدٍ مِنْ كِيحنا لَا تَكْلُمُهْ
قَالَ: وَالْوَادِي رُبَّمَا كَانَ لَهُ كِيحٌ إِذا كَانَ فِي حَرْفٍ غَلِيظٍ، فَحَرْفُهُ كِيحُه، وَلَا يُعَدُّ الكِيحُ إِلا مَا كَانَ مِنْ أَصلب الْحِجَارَةِ وأَخشنها. وكلُّ سَنَدِ جبلٍ غليظٍ: كِيحٌ؛ وإِنما كُوحُه خُشْنَتُه وغِلَظُه وَالْجَمَاعَةُ الكِيحة؛ وَقَالَ اللَّيْثُ: أَسنانٌ كِيحٌ؛ وأَنشد:
ذَا حَنَكٍ كِيحٍ كحَبِّ القِلْقِل
والكِيحُ: صُقْعُ الْحَرْفِ وصُقْعُ سَنَدِ الْجَبَلِ. وَفِي قِصَّةِ
يُونُسَ، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: فَوَجَدَهُ فِي كِيحٍ يُصَلِّي
؛ الكِيحُ، بِالْكَسْرِ، وَالْكَاحِ: سَفْحُ الجبل وسَنَدُه.

فصل اللام
لبح: الأَزهري: قَالَ ابْنُ الأَعرابي: اللَّبَحُ الشَّجَاعَةُ وَبِهِ سُمِّي الرَّجُلُ لَبَحاً؛ وَمِنْهُ الْخَبَرُ:
تباعدَتْ شَعُوبُ مِنْ لَبَحٍ فعاش أَياماً.
لتح: اللَّتْحُ: ضَرْبُ الْوَجْهِ وَالْجَسَدِ بِالْحَصَى حَتَّى يُؤَثِّرَ فِيهِ مِنْ غَيْرِ جَرْح شَدِيدٍ، قَالَ أَبو النَّجْمِ يَصِفُ عَانَةً طَرَدَهَا مِسْحَلُها وَهِيَ تَعْدُو وتُثير الْحَصَى فِي وَجْهِهِ:
يَلْتَحْنَ وَجْهًا بِالْحَصَى مَلْتوحا
ولَتَحه يَلْتَحُه ولَتَح عَيْنَهُ: ضَرَبَهَا ففقأَها. وَفُلَانٌ أَلْتَحُ شِعراً مِنْ فُلَانٍ أَي أَوقع عَلَى الْمَعْنَى. واللَّتْحانُ: الْجَائِعُ، والأُنثى لَتْحَى. واللَّتَحُ، بِالتَّحْرِيكِ: الجُوع. وَقَدْ لَتِحَ، بِالْكَسْرِ، فَهُوَ لَتْحانُ. ولَتَحها لَتْحاً إِذا نحكها وَجَامَعَهَا، وَهُوَ لاتحٌ وَهِيَ مَلْتُوحةٌ. وَرُوِيَ عَنْ أَبي الْهَيْثَمِ أَنه قَالَ: لَتَحْتُ فُلَانًا بِبَصَرِي أَي رَمَيْتُهُ، حَكَاهُ عَنْ أَبي الْحَسَنِ الأَعرابي الْكِلَابِيِّ وَكَانَ فَصِيحًا. الأَزهري عَنِ ابْنِ الأَعرابي: رَجُلٌ لاتحٌ ولُتاحٌ ولُتَحةٌ ولَتِحٌ إِذا كَانَ عَاقِلًا دَاهِيًا. وقومٌ لِتاحٌ: وَهُمُ الْعُقَلَاءُ مِنَ الرِّجَالِ الدُّهاةُ.
لجح: اللُّجْحُ، بِالْجِيمِ قَبْلَ الْحَاءِ بِالضَّمِّ: الشَّيْءُ يَكُونُ فِي الْوَادِي نحوٌ مَنِ الدَّحْلِ كاللُّحْجِ، وَيَكُونُ فِي أَسفل الْبِئْرِ وَالْجَبَلِ كأَنه نَقْبٌ؛ قَالَ شَمِرٌ:
بادٍ نواحِيهِ شَطُون اللُّجْحِ
قَالَ الأَزهري: وَالْقَصِيدَةُ عَلَى الْحَاءِ، قَالَ: وأَصله اللُّحْج، الْحَاءُ قبل الجيم، فقلب. ولُجْحُ الْعَيْنِ: كِفَّتُها كَلُحْجِها، وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ أَلْجاحٌ.

(2/576)


لحح: اللَّحَحُ فِي الْعَيْنِ: صُلاقٌ يُصِيبُهَا وَالْتِصَاقٌ؛ وَقِيلَ: هُوَ التزاقُها مِنْ وَجَعٍ أَو رَمَص؛ وَقِيلَ: هُوَ لزُوق أَجفانها لِكَثْرَةِ الدُّمُوعِ؛ وَقَدْ لَحِحَتْ عينُه تَلْحَحُ لَحَحاً، بإِظهار التَّضْعِيفِ، وَهُوَ أَحد الأَحرف الَّتِي أُخرجت عَلَى الأَصل مِنْ هَذَا الضَّرْبِ مُنَبِّهَةً عَلَى أَصلها وَدَلِيلًا عَلَى أَوّلية حَالِهَا والإِدغام لُغَةٌ؛ الأَزهري عَنِ ابْنِ السِّكِّيتِ قَالَ: كُلُّ مَا كَانَ عَلَى فَعِلَتْ سَاكِنَةِ التَّاءِ مِنْ ذَوَاتِ التَّضْعِيفِ، فَهُوَ مُدْغَمٌ، نَحْوَ صَمَّتِ المرأَةُ وأَشباهها إِلا أَحرفاً جَاءَتْ نَوَادِرَ فِي إِظهار التَّضْعِيفِ، وَهِيَ: لَحِحَتْ عينُه إِذا الْتَصَقَتْ، ومَشِشَت الدَّابَّةُ وصَكِكَت، وضَبِبَ البلدُ إِذا كَثُرَ ضَبابه، وأَلِلَ السِّقاءُ إِذا تَغَيَّرَتْ رِيحُهُ، وقَطِطَ شَعره. ولَحَّتْ عينُه كَلَخَّتْ: كَثُرَتْ دُمُوعُهَا وغَلُظَتْ أَجفانها. وَهُوَ ابْنُ عَمٍّ لَحٍّ، فِي النَّكِرَةِ بِالْكَسْرِ لأَنه نَعْتٌ لِلْعَمِّ؛ وَابْنُ عَمِّي لَحّاً فِي الْمَعْرِفَةِ أَي لازقُ النَّسَبِ مِنْ ذَلِكَ، وَنَصَبَ لَحًّا عَلَى الْحَالِ، لأَن مَا قَبْلَهُ مَعْرِفَةٌ، وَالْوَاحِدُ وَالِاثْنَانِ وَالْجَمْعُ والمؤَنث فِي هَذَا سَوَاءٌ بِمَنْزِلَةِ الْوَاحِدِ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُمَا ابْنَا عَمٍّ لَحٍّ ولَحًّا، وَهُمَا ابْنَا خَالَةٍ، وَلَا يُقَالُ: هُمَا ابْنَا خَالٍ لَحًّا، وَلَا ابْنَا عَمَّةٍ لَحًّا، لأَنهما مُفْتَرَقَانِ إِذ هُمَا رَجُلٌ وامرأَة، وإِذا لَمْ يَكُنِ ابْنُ الْعَمِّ لَحًّا وَكَانَ رَجُلًا مِنَ الْعَشِيرَةِ قُلْتُ: هُوَ ابْنُ عَمِّ الكلالةِ، وابنُ عَمٍّ كَلَالَةً. والإِلْحاحُ: مِثْلُ الإِلْحافِ. أَبو سَعِيدٍ: لَحَّت القرابةُ بَيْنَ فُلَانٍ وَبَيْنَ فُلَانٍ إِذا صَارَتْ لَحّاً، وكَلَّتْ تَكِلُّ كَلَالَةً إِذا تَبَاعَدَتْ. ومكانٌ لَحِحٌ لاحٌّ: ضَيِّقٌ، وَرُوِيَ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ. ووادٍ لاحٌّ: ضَيِّقٌ أَشِبٌ يَلْزَقُ بعضُ شَجَرِهِ بِبَعْضٍ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قِصَّةِ إِسماعيل، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وأُمِّه هاجَرَ: وإِسكان إِبراهيم إِياهما مَكَّةَ وَالْوَادِي يَوْمَئِذٍ لاحٌ
أَي ضَيِّقٌ مُلْتَفٌّ بِالشَّجَرِ وَالْحَجَرِ أَي كَثِيرِ الشَّجَرِ؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
بخَوْصاوَيْنِ فِي لِحَحٍ كَنِين
أَي فِي مَوْضِعٍ ضَيِّقٍ يَعْنِي مَقَرَّ عَيْنَيْ نَاقَتَهُ، وَرَوَاهُ شَمِرٌ:
وَالْوَادِي يَوْمَئِذٍ لاخٌ
، بِالْخَاءِ، وسيأْتي ذِكْرُهُ فِي مَوْضِعِهِ. وأَلَحَّ عَلَيْهِ بالمسأَلة وأَلَحَّ فِي الشَّيْءِ: كَثُرَ سؤالُه إِياه كَاللَّاصِقِ بِهِ. وَقِيلَ: أَلَحَّ عَلَى الشَّيْءِ أَقبل عَلَيْهِ لَا يَفْتُرُ عَنْهُ، وَهُوَ الإِلحاحُ، وَكُلُّهُ مِنَ اللُّزوق. وَرَجُلٌ مِلْحاحٌ: مُدِيمٌ لِلطَّلَبِ. وأَلَحَّ الرَّجُلُ عَلَى غَرِيمِهِ فِي التَّقَاضِي إِذا وَظَبَ. والمِلحاحُ مِنَ الرِّحَالِ: الَّذِي يَلْزَق بِظَهْرِ الْبَعِيرِ فَيَعَضُّه ويَعْقِره، وكذلك هو من الأَقْتاب وَالسُّرُوجِ. وَقَدْ أَلَحَّ القَتَبُ عَلَى ظَهْرِ الْبَعِيرِ إِذا عَقَرَهُ؛ قَالَ البَعِيثُ المُجاشِعِيُّ:
أَلَدُّ إِذا لاقيتُ قَوْمًا بخُطَّةٍ، ... أَلَحَّ عَلَى أَكْتافِهم قَتَبٌ عُقَرْ
ورَحى مِلْحاحٌ عَلَى مَا يَطْحَنُه. وأَلَحَّ السحابُ بِالْمَطَرِ: دَامَ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
دِيارٌ لسَلْمى عافِياتٌ بِذِي خالِ، ... أَلَحَّ عَلَيْهَا كلُّ أَسْحَمَ هَطَّالِ
وسحابٌ مِلْحاحٌ: دَائِمٌ. وأَلح السحابُ بِالْمَكَانِ: أَقام بِهِ مِثْلَ أَلَثَّ، وأَنشد بَيْتَ الْبَعِيثِ الْمُجَاشِعِيِّ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَصَفَ نَفْسَهُ بالحِذْق فِي الْمُخَاصَمَةِ وأَنه إِذا عَلِقَ بخَصْمٍ لَمْ يَنْفَصِلْ مِنْهُ حَتَّى يُؤَثِّرَ كَمَا يُؤَثِّرُ الْقَتْبُ فِي ظَهْرِ الدَّابَّةِ. وأَلَحَّت المَطِيُّ: كَلَّتْ فأَبطأَت. وكلُّ بَطِيءٍ: مِلْحاحٌ. وَدَابَّةٌ مُلِحٌّ إِذا بَرَك ثَبَتَ وَلَمْ يَنْبَعِثْ. وأَلَحَّت النَّاقَةُ وأَلَحَّ الْجَمَلُ إِذا لَزِمَا مَكَانَهُمَا

(2/577)


فَلَمْ يَبْرَحا كَمَا يَحْرُنُ الفرسُ؛ وأَنشد:
كَمَا أَلحَّتْ عَلَى رُكْبانِها الخُورُ
الأَصمعي: حَرَنَ الدابةُ وأَلَحَّ الجملُ وخَلأَتِ الناقةُ. والمُلِحُّ: الَّذِي يَقُومُ مِنَ الإِعياء فَلَا يَبْرَحُ. وأَجاز غيرُ الأَصمعي: وأَلحَّت الناقةُ إِذا خَلأَتْ؛ وأَنشد الْفَرَّاءُ لامرأَة دَعَتْ عَلَى زَوْجِهَا بَعْدَ كِبَرِهِ:
تقولُ: وَرْياً، كُلَّما تَنَحْنَحا، ... شَيْخاً، إِذا قَلَبْتَه تَلَحْلَحا
ولَحْلَح القومُ وتَلَحْلَحَ الْقَوْمُ: ثَبَتُوا مَكَانَهُمْ فَلَمْ يَبْرَحُوا؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
بحَيٍّ إِذا قِيلَ: اظْعَنُوا قَدْ أُتِيتُمُ، ... أَقامُوا عَلَى أَثقالهم، وتَلَحْلَحوا
يُرِيدُ أَنهم شُجْعان لَا يَزُولُونَ عَنْ مَوْضِعِهِمُ الَّذِي هُمْ فِيهِ إِذا قِيلَ لَهُمْ: أُتيتم، ثِقَةً مِنْهُمْ بأَنفسهم. وتَلَحْلَحَ عَنِ الْمَكَانِ: كَتَزَحْزَحَ، وَيَقُولُ الأَعرابي إِذا سُئِلَ: مَا فِعْلُ الْقَوْمِ؟ يَقُولُ تَلَحْلَحُوا أَي ثَبَتُوا؛ وَيُقَالُ: تَحَلْحَلُوا أَي تَفَرَّقُوا؛ قَالَ: وَقَوْلُهَا فِي الأُرجوزة تَلَحْلَحا، أَرادت تَحلْحَلا فَقُلِبَتْ، أَرادت أَن أَعضاءه قَدْ تَفَرَّقَتْ مِنَ الْكِبْرِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن نَاقَةَ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تَلَحْلَحَتْ عِنْدَ بَيْتِ أَبي أَيوبَ وَوَضَعَتْ جِرانَها
أَي أَقامت وَثَبَتَتْ وأَصله مِنْ قَوْلِكَ أَلَحَّ يُلِحُّ. وأَلَحَّت النَّاقَةُ إِذا بَرَكَت فَلَمْ تَبْرح مَكَانَهَا. وَفِي حَدِيثِ الْحُدَيْبِيَةِ:
فَرَكِبَ نَاقَتَهُ فزَجَرها الْمُسْلِمُونَ فأَلَحَّت
أَي لَزِمَتْ مَكَانَهَا، مِنْ أَلَحَّ عَلَى الشَّيْءِ إِذا لَزِمَهُ وأَصَرَّ عَلَيْهِ. وأَما التَّحَلْحُلُ: فَالتَّحَرُّكُ والذهابُ. وخُبْزةٌ لَحَّةُ ولَحْلَحةٌ ولَحْلَحٌ: يَابِسَةٌ؛ قَالَ:
حَتَّى اتَّقَتْنا بقُرَيْصٍ لَحْلَحِ، ... ومَذْقَةٍ كقُرْبِ كَبْشٍ أَمْلَحِ
لدح: اللَّدْحُ: الضَّرْبُ بِالْيَدِ. لَدَحَه يَلْدَحُه لَدْحاً: ضَرَبَهُ بِيَدِهِ؛ قَالَ الأَزهري: وَالْمَعْرُوفُ اللَّطْحُ وكأَن الطَّاءَ وَالدَّالَ تَعَاقَبَا فِي هَذَا الْحَرْفِ.
لزح: التَّلَزُّحُ: تَحَلُّب فَمِكَ مِنْ أَكل رمَّانة أَو إِجَّاصة تَشَهِّياً لذلك.
لطح: اللَّطْحُ: كاللَّطْخ إِذا جَفَّ وحُكَّ وَلَمْ يَبْقَ لَهُ أَثر. وَقَدْ لَطَحه ولَطَخه يَلْطَحُه لَطْحاً: ضَرَبَهُ بِيَدِهِ مَنْشُورَةً ضَرْبًا غَيْرَ شَدِيدٍ: الأَزهري: اللَّطْح كَالضَّرْبِ بِالْيَدِ. يُقَالُ مِنْهُ: لَطَحْتُ الرجلَ بالأَرض؛ قَالَ: وَهُوَ الضَّرْبُ لَيْسَ بِالشَّدِيدِ بِبَطْنِ الْكَفِّ وَنَحْوِهِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
ابْنِ عَبَّاسٍ: أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يَلْطَحُ أَفخاذ أُغَيْلِمة بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لَيْلَةَ المُزْدَلفة وَيَقُولُ: أَبَنِيَّ لَا تَرْمُوا جَمْرَةَ العَقَبة حَتَّى تطلُع الشَّمْسُ.
ابْنُ سِيدَهْ: ولَطَحَ بِهِ الأَرضَ يَلْطَحُها لَطْحاً: ضَرَبَ. الْجَوْهَرِيُّ: اللَّطْحُ مِثْلُ الحَطْءِ، وَهُوَ الضَّرْبُ اللَّيِّنُ عَلَى الظَّهْرِ بِبَطْنِ الْكَفِّ، قَالَ: وَيُقَالُ: لَطَحَ بِهِ إِذا ضَرَبَ بِهِ الأَرض.
لفح: لَفَحَتْه النارُ تَلْفَحُه لَفْحاً ولَفَحاناً: أَصابت وَجْهَهُ إِلَّا أَن النَّفْحَ أَعظم تأْثيراً مِنْهُ؛ وَكَذَلِكَ لَفَحَتْ وَجْهَهُ. وَقَالَ الأَزهري: لَفَحَتْه النارُ إِذا أَصابت أَعلى جَسَدِهِ فأَحرقته. الْجَوْهَرِيُّ: لَفَحَتْه النارُ والسَّمُومُ بحرِّها أَحرقته. وَفِي التَّنْزِيلِ: تَلْفَحُ

(2/578)


وُجُوهَهُمُ النَّارُ؛ قَالَ الزَّجَّاجُ فِي ذَلِكَ: تَلْفَحُ وتَنْفَحُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ إِلَّا أَن النَّفْحَ أَعظم تأْثيراً مِنْهُ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَمِمَّا يؤَيد قولَه قولُه تَعَالَى: وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذابِ رَبِّكَ. وَفِي حَدِيثِ الْكُسُوفِ:
تأَخَّرْتُ مَخافَة أَن يُصِيبَنِي مِنْ لَفْحها
؛ لَفْحُ النَّارِ: حَرُّها ووَهَجُها. والسَّمُوم تَلْفَحُ الإِنسانَ، ولَفَحَتْه السُّمُومُ لَفْحًا: قَابَلَتْ وَجْهَهُ. وأَصابه لَفْحٌ مِنْ سَمُوم وحَرُورٍ. الأَصمعي: مَا كَانَ مِنَ الرِّيَاحِ لَفْحٌ، فَهُوَ حَرٌّ، وَمَا كَانَ نَفْحٌ، فَهُوَ بَرْدٌ. ابْنُ الأَعرابي: اللَّفْحُ لِكُلِّ حارٍّ والنَّفْحُ لِكُلِّ بَارِدٍ؛ وأَنشد أَبو الْعَالِيَةِ:
مَا أَنتِ يَا بَغْدادُ إِلَّا سَلْحُ، ... إِذا يَهُبُّ مَطَرٌ أَو نَفْحُ،
وإِن جَفَفْتِ، فتُرابٌ بَرْحُ
بَرْحٌ: خَالِصٌ دَقِيقٌ. ولَفَحه بِالسَّيْفِ: ضَرَبَهُ بِهِ، لَفْحَةً: ضَرْبَةً خَفِيفَةً. واللُّفَّاحُ: نَبَاتٌ يَقْطِينِيٌّ أَصفر شَبِيهٌ بالباذنجانِ طَيِّبُ الرَّائِحَةِ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: لَا أَدري مَا صِحَّتُهُ. الْجَوْهَرِيُّ: اللُّفَّاح هَذَا الَّذِي يُشَمُّ شَبِيهٌ بالباذنجانِ إِذا اصْفَرَّ. ولَفَحَه: مَقْلُوبٌ عَنْ لَحَفَه، والله أَعلم.
لقح: اللِّقاحُ: اسْمُ مَاءِ الْفَحْلِ «2» مِنَ الإِبل وَالْخَيْلِ؛ وَرُوِيَ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنه سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ كَانَتْ لَهُ امرأَتان أَرضعت إِحداهما غُلَامًا وأَرضعت الأُخرى جَارِيَةً: هَلْ يتزوَّج الغلامُ الْجَارِيَةَ؟ قَالَ: لَا، اللِّقاح وَاحِدٌ
؛ قَالَ الأَزهري: قَالَ اللَّيْثَ: اللِّقاح اسْمٌ لِمَاءِ الْفَحْلِ فكأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَراد أَن مَاءَ الْفَحْلِ الَّذِي حَمَلَتَا مِنْهُ وَاحِدٌ، فَاللَّبَنُ الَّذِي أَرضعت كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مُرْضَعَها كَانَ أَصله مَاءَ الْفَحْلِ، فَصَارَ المُرْضَعان وَلَدَيْنِ لِزَوْجِهِمَا لأَنه كَانَ أَلْقَحهما. قَالَ الأَزهري: وَيُحْتَمَلُ أَن يَكُونَ اللِّقاحُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَعْنَاهُ الإِلْقاحُ؛ يُقَالُ: أَلْقَح الْفَحْلُ النَّاقَةَ إِلقاحاً ولَقاحاً، فالإِلقاح مَصْدَرٌ حَقِيقِيٌّ، واللَّقَاحُ: اسْمٌ لِمَا يَقُومُ مَقَامَ الْمَصْدَرِ، كَقَوْلِكَ أَعْطَى عَطاء وإِعطاء وأَصلح صَلاحاً وإِصلاحاً وأَنْبَت نَباتاً وإِنباتاً. قَالَ: وأَصل اللَّقاح للإِبل ثُمَّ اسْتُعِيرَ فِي النِّسَاءِ، فَيُقَالُ: لَقِحَت إِذا حَمَلَتْ، وَقَالَ: قَالَ ذَلِكَ شَمِرٌ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهل الْعَرَبِيَّةِ. واللَّقاحُ: مَصْدَرُ قَوْلِكَ لَقِحَتْ النَّاقَةُ تَلْقَحُ إِذا حَمَلَتْ، فإِذا اسْتَبَانَ حَمْلُهَا قِيلَ: اسْتَبَانَ لَقاحُها. ابْنُ الأَعرابي: نَاقَةٌ لاقِحٌ وقارِحٌ يَوْمَ تَحْمِلُ فإِذا اسْتَبَانَ حَمْلُهَا، فَهِيَ خَلِفَةٌ. قَالَ: وقَرَحتْ تَقرَحُ قُرُوحاً ولَقِحَتْ تَلْقَح لَقاحاً ولَقْحاً وَهِيَ أَيام نَتاجِها عَائِذٌ. وَقَدْ أَلقَح الفحلُ الناقةَ، ولَقِحَتْ هِيَ لَقاحاً ولَقْحاً ولَقَحاً: قَبِلْتُهُ. وَهِيَ لاقِحٌ مِنْ إِبل لوَاقِح ولُقَّحٍ، ولَقُوحٌ مِنْ إِبل لُقُحٍ. وَفِي الْمَثَلِ: اللَّقُوحُ الرِّبْعِيَّةُ مالٌ وطعامٌ. الأَزهري: واللَّقُوحُ اللَّبُونُ وإِنما تَكُونُ لَقُوحاً أَوّلَ نَتاجِها شَهْرَيْنِ ثُمَّ ثَلَاثَةَ أَشهر، ثُمَّ يَقَعُ عَنْهَا اسْمُ اللَّقوحِ فَيُقَالُ لَبُونٌ، وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: ثُمَّ هِيَ لَبُونٌ بَعْدَ ذَلِكَ، قَالَ: وَيُقَالُ نَاقَةٌ لَقُوحٌ ولِقْحَةٌ، وَجَمْعُ لَقُوحٍ: لُقُحٌ ولِقاحٌ ولَقائِحُ، وَمَنْ قَالَ لِقْحةٌ، جَمَعها لِقَحاً. وَقِيلَ: اللَّقُوحُ الحَلُوبة. والمَلْقوح
__________
(2).
قوله [اللِّقَاحُ اسْمُ مَاءِ الْفَحْلِ] صنيع القاموس، يفيد أَن اللقاح بهذا المعنى، بوزن كتاب، ويؤيده قول عاصم: اللقاح كسحاب مصدر، وككتاب اسم، ونسخة اللسان على هذه التفرقة. لكن في النهاية اللقاح، بالفتح: اسم ماء الفحل انتهى. وفي المصباح: والاسم اللقاح، بالفتح والكسر.

(2/579)


وَالْمَلْقُوحَةُ: مَا لَقِحَتْه هِيَ مِنَ الفحلِ؛ قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: تُنْتَجُ فِي أَوَّل الرَّبِيعِ فَتَكُونُ لِقاحاً واحدتُها لِقْحة ولَقْحةٌ ولَقُوحٌ، فَلَا تَزَالُ لِقاحاً حَتَّى يُدْبِرَ الصيفُ عَنْهَا. الْجَوْهَرِيُّ: اللِّقاحُ، بِكَسْرِ اللَّامِ. الإِبلُ بأَعيانها، الْوَاحِدَةُ لَقُوح، وَهِيَ الحَلُوبُ مِثْلُ قَلُوصٍ وقِلاصٍ. الأَزهري: المَلْقَحُ يَكُونُ مَصْدَرًا كاللَّقاحِ؛ وأَنشد:
يَشْهَدُ مِنْهَا مَلْقَحاً ومَنْتَحا
وَقَالَ فِي قَوْلِ أَبي النَّجْمِ:
وَقَدْ أَجَنَّتْ عَلَقاً مَلْقُوحَا
يَعْنِي لَقِحَتْه مِنَ الفَحل أَي أَخذته. وَقَدْ يُقَالُ للأُمَّهات: المَلاقِيحُ؛ وَنَهَى عَنْ أَولادِ المَلاقِيح وأَولاد المَضامِين فِي الْمُبَايَعَةِ لأَنهم كَانُوا يَتَبَايَعُونَ أَولاد الشَّاءِ فِي بُطُونِ الأُمهات وأَصلاب الْآبَاءِ. والمَلاقِيحُ فِي بُطُونِ الأُمهات، والمَضامِينُ فِي أَصلاب الْآبَاءِ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الْمَلَاقِيحُ مَا فِي الْبُطُونِ، وَهِيَ الأَجِنَّة، الْوَاحِدَةُ مِنْهَا مَلْقُوحة مِنْ قَوْلِهِمْ لُقِحَتْ كَالْمَحْمُومِ مِنْ حُمَّ والمجنونِ مِنْ جُنَّ؛ وأَنشد الأَصمعي:
إِنَّا وَجَدْنا طَرَدَ الهَوامِلِ ... خَيْرًا مِنَ التَّأْنانِ والمَسائِلِ
وعِدَةِ العامِ، وعامٍ قابلِ، ... مَلْقوحةً فِي بطنِ نابٍ حائِلِ
يَقُولُ: هِيَ مَلْقوحةٌ فِيمَا يُظْهِرُ لِي صاحبُها وإِنما أُمُّها حَائِلٌ؛ قَالَ: فالمَلْقُوح هِيَ الأَجِنَّة الَّتِي فِي بُطُونِهَا، وأَما الْمَضَامِينُ فَمَا فِي أَصلاب الفُحُول، وَكَانُوا يَبِيعُونَ الجَنينَ فِي بَطْنِ النَّاقَةِ وَيَبِيعُونَ مَا يَضْرِبُ الفحلُ فِي عَامِهِ أَو فِي أَعوام. وَرُوِيَ
عَنْ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنه قَالَ: لَا رِبا فِي الْحَيَوَانِ، وإِنما نَهَى عَنِ الْحَيَوَانِ عَنْ ثَلَاثٍ: عَنِ المَضامِين والمَلاقِيح وحَبَلِ الحَبَلَةِ؛ قَالَ سَعِيدٌ: فالملاقِيحُ مَا فِي ظُهُورِ الْجِمَالِ، وَالْمَضَامِينُ مَا فِي بُطُونِ الإِناث
، قَالَ المُزَنِيُّ: وأَنا أَحفظ أَن الشَّافِعِيَّ يَقُولُ الْمَضَامِينُ مَا فِي ظُهُورِ الْجِمَالِ، وَالْمَلَاقِيحُ مَا فِي بُطُونِ الإِناث؛ قَالَ الْمُزَنِيُّ: وأَعلمت بِقَوْلِهِ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ هِشَامٍ فأَنشدني شَاهِدًا لَهُ مِنْ شِعْرِ الْعَرَبِ:
إِنَّ المَضامِينَ، الَّتِي فِي الصُّلْبِ، ... ماءَ الفُحُولِ فِي الظُّهُورِ الحُدْبِ،
لَيْسَ بمُغْنٍ عَنْكَ جُهْدَ اللَّزْبِ
وأَنشد فِي الْمَلَاقِيحِ:
منيَّتي مَلاقِحاً فِي الأَبْطُنِ، ... تُنْتَجُ مَا تَلْقَحُ بَعْدَ أَزْمُنِ «1»
قَالَ الأَزهري: وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ. ابْنُ الأَعرابي: إِذا كَانَ فِي بَطْنِ النَّاقَةِ حَمْلٌ، فَهِيَ مِضْمانٌ وضامِنٌ وَهِيَ مَضامِينُ وضَوامِنُ، وَالَّذِي فِي بَطْنِهَا مَلْقوح ومَلْقُوحة، وَمَعْنَى الْمَلْقُوحِ الْمَحْمُولُ وَمَعْنَى اللَّاقِحِ الْحَامِلُ. الْجَوْهَرِيُّ: المَلاقِحُ الفُحولُ، الْوَاحِدُ مُلقِحٌ، والمَلاقِحُ أَيضاً الإِناث الَّتِي فِي بُطُونِهَا أَولادها، الْوَاحِدَةُ مُلْقَحة، بِفَتْحِ الْقَافِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه نَهَى عَنْ بَيْعِ الْمَلَاقِيحِ وَالْمَضَامِينِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: الْمَلَاقِيحُ جَمْعُ مَلْقوح، وَهُوَ جَنِينُ النَّاقَةِ؛ يُقَالُ: لَقِحَت الناقةُ وَوَلَدُهَا مَلْقُوحٌ بِهِ إِلَّا أَنهم اسْتَعْمَلُوهُ بِحَذْفِ الْجَارِ وَالنَّاقَةُ مَلْقُوحَةٌ، وإِنما نَهَى عَنْهُ لأَنه مِنْ بَيْعِ الغَرَر، وسيأْتي ذِكْرُهُ فِي الْمَضَامِينِ مُسْتَوْفًى.
__________
(1).
قوله [منيتي ملاقحاً إلخ] كذا بالأَصل.

(2/580)


واللِّقْحَةُ: النَّاقَةُ مِنْ حِينِ يَسْمَنُ سَنامُ وَلَدِهَا، لَا يَزَالُ ذَلِكَ اسْمَهَا حَتَّى يَمْضِيَ لَهَا سَبْعَةُ أَشهر ويُفْصَلَ وَلَدُهَا، وَذَلِكَ عِنْدَ طُلُوعِ سُهَيْل، وَالْجَمْعُ لِقَحٌ ولِقاحٌ، فأَما لِقَحٌ فَهُوَ الْقِيَاسُ، وأَما لِقاحٌ فَقَالَ سِيبَوَيْهِ كَسَّروا فِعْلَة عَلَى فِعالٍ كَمَا كسَّروا فَعْلَة عَلَيْهِ، حَتَّى قَالُوا: جَفْرَةٌ وجِفارٌ، قَالَ: وَقَالُوا لِقاحانِ أَسْودانِ جَعَلُوهَا بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِمْ إِبلانِ، أَلا تَرَى أَنهم يَقُولُونَ لِقاحة وَاحِدَةٌ كَمَا يَقُولُونَ قِطعة وَاحِدَةٌ؟ قَالَ: وَهُوَ فِي الإِبل أَقوى لأَنه لَا يُكَسَّر عَلَيْهِ شَيْءٌ. وَقِيلَ: اللِّقْحة واللَّقحة النَّاقَةُ الْحَلُوبُ الْغَزِيرَةُ اللَّبَنِ وَلَا يُوصَفُ بِهِ، وَلَكِنْ يُقَالُ لَقْحة فُلَانٍ وَجَمْعُهُ كَجَمْعِ مَا قَبْلَهُ؛ قَالَ الأَزهري: فإِذا جَعَلْتَهُ نَعْتًا قُلْتَ: نَاقَةٌ لَقُوحٌ. قَالَ: وَلَا يُقَالُ نَاقَةٌ لَقْحة [لِقْحة] إِلا أَنك تَقُولَ هذه لِقْحة [لَقْحة] فُلَانٍ؛ ابْنُ شُمَيْلٍ: يُقَالُ لِقْحةٌ ولِقَحٌ ولَقُوحٌ ولَقائح. واللِّقاحُ: ذَوَاتُ الأَلبان مِنَ النُّوقِ، وَاحِدُهَا لَقُوح ولِقْحة؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ:
مَنْ يكنْ ذَا لِقَحٍ راخِياتٍ، ... فَلِقاحِي مَا تَذُوقُ الشَّعِيرا
بَلْ حَوابٍ فِي ظِلالِ فَسِيلٍ، ... مُلِئَتْ أَجوافُهُنّ عَصِيرا
فَتَهادَرْنَ لِذاك زَمَانًا، ... ثُمَّ مُوِّتْنَ فكنَّ قُبُورا
وَفِي الْحَدِيثِ:
نِعْمَ المِنْحة اللِّقْحة
اللَّقْحَةُ، بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ: النَّاقَةُ الْقَرِيبَةُ الْعَهْدِ بالنَّتاج. وَنَاقَةٌ لاقِحٌ إِذا كَانَتْ حَامِلًا؛ وَقَوْلُهُ:
وَلَقَدْ تَقَيَّلَ صَاحِبِي مِنْ لَقْحةٍ [لِقْحةٍ] ... لَبناً يَحِلُّ، ولَحْمُها لَا يُطْعَمُ
عَنَى باللِّقْحة فِيهِ المرأَة المُرْضِعَة وَجَعَلَ المرأَة لِقْحة لِتَصِحَّ لَهُ الأُحْجِيَّة. وتَقَيَّلَ: شَرِبَ القَيْل، وَهُوَ شُربُ نِصْفِ النَّهَارِ؛ وَاسْتَعَارَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ اللَّقَحَ لإِنْباتِ الأَرضين المُجْدِبة؛ فَقَالَ يَصِفُ سَحَابًا:
لَقِحَ العِجافُ لَهُ لِسَابِعِ سبعةٍ، ... فَشَرِبْنَ بعدَ تَحَلُّؤٍ فَرَوِينا
يَقُولُ: قَبِلَتِ الأَرَضون ماءَ السَّحَابِ كَمَا تَقْبَلُ الناقةُ ماءَ الْفَحْلِ. وَقَدْ أَسَرَّت النَّاقَةُ لَقَحاً ولَقاحاً وأَخْفَتْ لَقَحاً ولَقاحاً؛ قَالَ غَيْلان:
أَسَرَّتْ لَقَاحاً، بعدَ ما كانَ راضَها ... فِراسٌ، وَفِيهَا عِزَّةٌ ومَياسِرُ
أَسَرَّتْ: كَتَمَتْ وَلَمْ تُبَشِّر بِهِ، وَذَلِكَ أَن النَّاقَةَ إِذا لَقِحَتْ شَالَتْ بِذَنْبِهَا وزَمَّت بأَنفها وَاسْتَكْبَرَتْ فَبَانَ لَقَحُها وَهَذِهِ لَمْ تَفْعَلْ مِنْ هَذَا شَيْئًا. ومَياسِرُ: لِينٌ؛ وَالْمَعْنَى أَنها تَضْعُفُ مَرَّةً وتَدِلُّ أُخرى؛ قَالَ:
طَوَتْ لَقَحاً مثلَ السِّرارِ، فَبَشَّرتْ ... بأَسْحَمَ رَيَّان العَشِيَّة، مُسْبَلِ
قَوْلُهُ: مِثْلَ السِّرار أَي مِثْلَ الْهِلَالِ فِي لَيْلَةِ السِّرار. وَقِيلَ: إِذا نُتِجَتْ بعضُ الإِبل وَلَمْ يُنْتَجْ بعضٌ فَوَضَعَ بعضُها وَلَمْ يَضَعْ بَعْضُهَا، فَهِيَ عِشارٌ، فإِذا نُتِجَت كلُّها ووضَعَت، فَهِيَ لِقاحٌ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا تَكَلَّمَ فأَشار بِيَدَيْهِ: تَلَقَّحتْ يَدَاهُ؛ يُشَبَّه بِالنَّاقَةِ إِذا شَالَتْ بِذَنْبِهَا تُرِي أَنها لاقِحٌ لِئَلَّا يَدْنُوَ مِنْهَا الفحلُ فَيُقَالُ تَلَقَّحتْ؛ وأَنشد:
تَلَقَّحُ أَيْدِيهم، كأَن زَبِيبَهُمْ ... زَبِيبُ الفُحولِ الصِّيدِ، وَهِيَ تَلَمَّحُ
أَي أَنهم يُشيرون بأَيديهم إِذا خَطَبُوا. والزبيبُ:

(2/581)


شِبْهُ الزَّبَدِ يَظْهَرُ فِي صامِغَي الخَطِيب إِذا زَبَّبَ شِدْقاه. وتَلَقَّحَت النَّاقَةُ: شَالَتْ بِذَنْبِهَا تُرِي أَنها لاقِحٌ وَلَيْسَتْ كَذَلِكَ. واللَّقَحُ أَيضاً: الحَبَلُ. يُقَالُ: امرأَة سَريعة اللَّقَحِ وَقَدْ يُستعمل ذَلِكَ فِي كُلِّ أُنثى، فإِما أَن يَكُونَ أَصلًا وإِما أَن يَكُونَ مُسْتَعَارًا. وَقَوْلُهُمْ: لِقاحانِ أَسودان كَمَا قَالُوا: قَطِيعَانِ، لأَنهم يَقُولُونَ لِقاحٌ وَاحِدَةٌ كَمَا يَقُولُونَ قَطِيعٌ وَاحِدٌ، وإِبل وَاحِدٌ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: واللِّقْحَةُ اللَّقُوحُ، وَالْجُمَعُ لِقَحٌ مِثْلُ قِرْبَة وقِرَبٍ. وَرُوِيَ
عَنْ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنه أَوصى عُمَّاله إِذ بَعَثَهُمْ فَقَالَ: وأَدِرُّوا لِقْحَةَ الْمُسْلِمِينَ
؛ قَالَ شَمِرٌ: قَالَ بَعْضُهُمْ أَراد بِلِقْحة الْمُسْلِمِينَ عَطَاءَهُمْ؛ قَالَ الأَزهري: أَراد بِلِقْحةِ المسلِمين دِرَّةَ الفَيْءِ والخَراج الَّذِي مِنْهُ عَطَاؤُهُمْ وَمَا فُرض لَهُمْ، وإِدْرارُه: جِبايَتُه وتَحَلُّبه، وجمعُه مَعَ العَدْلِ فِي أَهل الْفَيْءِ حَتَّى يَحْسُنَ حالُهُم وَلَا تَنْقَطِعَ مَادَّةُ جِبَايَتِهِمْ. وَتَلْقِيحُ النَّخْلِ: مَعْرُوفٌ؛ يُقَالُ: لَقَّحُوا نخلَهم وأَلقحوها. واللَّقاحُ: مَا تُلْقَحُ بِهِ النَّخْلَةُ مِنَ الفُحَّال؛ يُقَالُ: أَلْقَح القومُ النخْلَ إِلقاحاً ولَقَّحوها تَلْقِيحًا، وأَلْقَحَ النَّخْلَ بالفُحَّالةِ ولَقَحه، وَذَلِكَ أَن يَدَعَ الكافورَ، وَهُوَ وِعاءُ طَلْع النَّخْلِ، لَيْلَتَيْنِ أَو ثَلَاثًا بَعْدَ انْفِلَاقِهِ، ثُمَّ يأْخذ شِمْراخاً مِنَ الفُحَّال؛ قَالَ: وأَجودُه مَا عَتُقَ وَكَانَ مِنْ عَامِ أَوَّلَ، فيَدُسُّون ذَلِكَ الشِّمْراخَ فِي جَوْفِ الطَّلْعة وَذَلِكَ بقَدَرٍ، قَالَ: وَلَا يَفْعَلُ ذَلِكَ إِلا رَجُلٌ عَالِمٌ بِمَا يَفْعَلُ، لأَنه إِن كَانَ جَاهِلًا فأَكثر مِنْهُ أَحْرَقَ الكافورَ فأَفسده، وإِن أَقلَّ مِنْهُ صَارَ الكافورُ كثيرَ الصِّيصاء، يَعْنِي بِالصِّيصَاءِ مَا لَا نَوَى لَهُ، وإِن لَمْ يُفعل ذَلِكَ بِالنَّخْلَةِ لَمْ يُنْتَفَعْ بِطَلْعِهَا ذَلِكَ الْعَامَ؛ واللَّقَحُ: اسْمُ مَا أُخذَ مِنَ الفُحَّال ليُدَسَّ فِي الْآخَرِ؛ وَجَاءَنَا زَمَنُ اللَّقَاح أَي التلْقيحِ. وَقَدْ لُقِّحَتِ النخيلُ، وَيُقَالُ لِلنَّخْلَةِ الْوَاحِدَةِ: لُقِحتْ، بِالتَّخْفِيفِ، واسْتَلْقَحَتِ النخلةُ أَي آنَ لَهَا أَن تُلْقَح. وأَلْقَحَتِ الريحُ السحابةَ وَالشَّجَرَةَ وَنَحْوَ ذَلِكَ فِي كُلِّ شَيْءٍ يَحْمِلُ. واللَّواقِحُ مِنَ الرِّيَاحِ: الَّتِي تَحْمِلُ النَّدَى ثُمَّ تَمُجُّه فِي السَّحَابِ، فإِذا اجْتَمَعَ فِي السَّحَابِ صَارَ مَطَرًا؛ وَقِيلَ: إِنما هِيَ مَلاقِحُ، فأَما قَوْلُهُمْ لواقِحُ فَعَلَى حَذْفِ الزَّائِدِ؛ قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ
؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: قِيَاسُهُ مَلاقِح لأَن الرِّيحَ تُلْقِحُ السحابَ، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ عَلَى لَقِحَت، فَهِيَ لاقِح، فإِذا لَقِحَت فَزَكَتْ أَلْقَحت السحابَ فَيَكُونُ هَذَا مِمَّا اكْتُفِيَ فِيهِ بِالسَّبَبِ مِنَ الْمُسَبِّبِ، وضِدُّه قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى؛ فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ؛ أَي فإِذا أَردت قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ، فاكتفِ بالمُسَبَّب الَّذِي هُوَ الْقِرَاءَةُ مِنَ السَّبَبِ الَّذِي هُوَ الإِرادة؛ وَنَظِيرُهُ قَوْلُ اللَّهُ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ؛ أَي إِذا أَردتم الْقِيَامَ إِلى الصَّلَاةِ، هَذَا كُلُّهُ كَلَامُ ابْنِ سِيدَهْ؛ وَقَالَ الأَزهري: قرأَها حَمْزَةُ: وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ
، فَهُوَ بَيِّنٌ وَلَكِنْ يُقَالُ: إِنما الرِّيحُ مُلْقِحَة تُلْقِحُ الشَّجَرَ، فَقِيلَ: كَيْفَ لَوَاقِحُ؟ فَفِي ذَلِكَ مَعْنَيَانِ: أَحدهما أَن تَجْعَلَ الرِّيحَ هِيَ الَّتِي تَلْقَحُ بِمُرُورِهَا عَلَى التُّرَابِ وَالْمَاءِ فَيَكُونَ فِيهَا اللِّقاحُ فَيُقَالُ: رِيحٌ لاقِح كَمَا يُقَالُ نَاقَةٌ لَاقِحٌ وَيَشْهَدُ عَلَى ذَلِكَ أَنه وَصَفَ رِيحَ الْعَذَابِ بِالْعَقِيمِ فَجَعَلَهَا عَقِيمًا إِذ لَمْ تُلْقِحْ، وَالْوَجْهُ الْآخَرُ وَصْفُهَا باللَّقْح وإِن كَانَتْ تُلْقِح كَمَا قِيلَ ليلٌ نائمٌ وَالنَّوْمُ فِيهِ وسِرٌّ كَاتِمٌ، وَكَمَا قِيلَ المَبْرُوز والمحتوم فَجَعَلَهُ مَبْرُوزًا وَلَمْ يَقُلْ مُبْرِزاً، فَجَازَ مَفْعُولٌ لمُفْعِل كَمَا جَازَ فَاعِلٌ لمُفْعَل،

(2/582)


إِذ لَمْ يَزِدِ البناءُ عَلَى الْفِعْلِ كَمَا قَالَ: مَاءٌ دَافِقٌ؛ وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: لَوَاقِحُ حَوَامِلُ، وَاحِدَتُهَا لَاقِحٌ؛ وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: رِيحٌ لَاقِحٌ أَي ذَاتُ لَقَاحٍ كَمَا يُقَالُ دِرْهَمٌ وَازِنٌ أَي ذُو وَزْن، وَرَجُلٌ رَامِحٌ وَسَائِفٌ وَنَابِلٌ، وَلَا يُقَالُ رَمَحَ وَلَا سافَ وَلَا نَبَلَ، يُرادُ ذُو سَيْفٍ وَذُو رُمْح وَذُو نَبْلٍ؛ قَالَ الأَزهري: وَمَعْنَى قَوْلِهِ: أَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ
أَي حَوَامِلَ، جُعِلَ الرِّيحُ لَاقِحًا لأَنها تَحْمِلُ الْمَاءَ وَالسَّحَابَ وتقلِّبه وتصرِّفه، ثُمَّ تَسْتَدِرُّه فَالرِّيَاحُ لِوَاقِحُ أَي حَوَامِلُ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أَبي وَجْزَةَ:
حَتَّى سَلَكْنَ الشَّوَى مِنْهُنَّ فِي مَسَكٍ، ... مِنْ نَسْلِ جَوَّابةِ الآفاقِ، مِهْداجِ
سَلَكْنَ يَعْنِي الأُتُنَ أَدخلن شَوَاهُنَّ أَي قَوَائِمَهُنَّ فِي مَسَكٍ أَي فِيمَا صار كالمَسَكِ لأَيديها، ثُمَّ جَعَلَ ذَلِكَ الْمَاءَ مِنْ نَسْلِ رِيحٍ تَجُوبُ الْبِلَادَ، فَجَعَلَ الْمَاءَ لِلرِّيحِ كَالْوَلَدِ لأَنها حَمَلَتْهُ، وَمِمَّا يُحَقِّقُ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى:
هُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرياحَ نُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِه حَتَّى إِذا أَقَلّتْ سَحاباً ثِقالًا
أَي حَمَلَتْ، فَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى لَا يَحْتَاجُ إِلى أَن يَكُونَ لاقِحٌ بِمَعْنَى ذِي لَقْحٍ، وَلَكِنَّهَا تَحْمِلُ السَّحَابَ فِي الْمَاءِ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: رياحٌ لَواقِحُ وَلَا يُقَالُ ملاقِحُ، وَهُوَ مِنَ النَّوَادِرِ، وَقَدْ قِيلَ: الأَصل فِيهِ مُلْقِحَة، وَلَكِنَّهَا لَا تُلْقِحُ إِلا وَهِيَ فِي نَفْسِهَا لاقِحٌ، كأَن الرياحَ لَقِحَت بخَيْرٍ، فإِذا أَنشأَتِ السحابَ وَفِيهَا خيرٌ وَصَلَ ذَلِكَ إِليه. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَرِيحٌ لاقحٌ عَلَى النَّسَبِ تَلْقَحُ الشجرُ عَنْهَا، كَمَا قَالُوا فِي ضِدِّهِ عَقِيم. وحَرْب لاقحٌ: مَثَّلَ بالأُنثى الْحَامِلِ؛ وَقَالَ الأَعشى:
إِذا شَمَّرَتْ بالناسِ شَهْبَاءُ لاقحٌ، ... عَوانٌ شديدٌ هَمْزُها، وأَظَلَّتِ
يُقَالُ: هَمَزَتْه بِنَابٍ أَي عضَّتْه؛ وَقَوْلُهُ:
وَيْحَكَ يَا عَلْقَمةُ بنَ ماعِزِ ... هَلْ لَكَ فِي اللَّواقِحِ الجَوائِزِ؟
قَالَ: عَنَى باللَّواقح السِّياط لأَنه لصٌّ خَاطَبَ لِصّاً. وشَقِيحٌ لَقِيحٌ: إِتباع. واللِّقْحةُ واللَّقْحةُ: الغُراب. وَقَوْمٌ لَقَاحٌ وحَيٌّ لَقاحٌ لَمْ يدِينُوا لِلْمُلُوكِ وَلِمَ يُمْلَكُوا وَلَمْ يُصِبهم فِي الْجَاهِلِيَّةِ سِباءٌ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
لَعَمْرُ أَبيكَ والأَنْبَاءُ تَنْمِي، ... لَنِعْمَ الحَيُّ فِي الجُلَّى رِياحُ
أَبَوْا دِينَ المُلُوكِ، فَهُمْ لَقاحٌ، ... إِذا هِيجُوا إِلى حَرْبٍ، أَشاحوا
وَقَالَ ثَعْلَبٌ: الحيُّ اللَّقاحُ مُشْتَقٌّ مِنْ لَقاحِ الناقةِ لأَن النَّاقَةَ إِذا لَقِحتْ لَمْ تُطاوِع الفَحْلَ، وَلَيْسَ بِقَوِيٍّ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي مُوسَى ومُعاذٍ: أَما أَنا فأَتَفَوَّقُه تَفَوُّقَ اللَّقُوحِ
أَي أَقرؤه مُتَمَهِّلًا شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ بِتَدَبُّرٍ وَتَفَكُّرٍ، كاللَّقُوحِ تُحْلَبُ فُواقاً بَعْدَ فُواقٍ لِكَثْرَةِ لَبَنها، فإِذا أَتى عَلَيْهَا ثَلَاثَةُ أَشهر حُلِبتْ غُدْوَةً وَعَشِيًّا. الأَزهري: قَالَ شَمِرٌ وَتَقُولُ الْعَرَبُ: إِن لِي لَقْحَةً [لِقْحَةً] تُخْبرني عَنْ لِقاحِ النَّاسِ؛ يَقُولُ: نَفْسِي تُخْبِرُنِي فَتَصدُقني عَنْ نفوسِ النَّاسِ، إِن أَحببت لَهُمْ خَيْرًا أَحَبُّوا لِي خَيْرًا وإِن أَحببت لَهُمْ شَرًّا أَحبوا لِي شَرًّا؛ وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ كَثْوَة: الْمَعْنَى أَني أَعرف مَا يَصِيرُ إِليه لِقاح النَّاسِ بِمَا أَرى من لَقْحَتي [لِقْحَتي]، يُقَالُ عِنْدَ التأْكيد لِلْبَصِيرِ بخاصِّ أُمور النَّاسِ وعوامِّها. وَفِي حَدِيثِ رُقْية الْعَيْنِ:
أَعوذ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ

(2/583)


مُلْقِحٍ ومُخْبل
تَفْسِيرُهُ فِي الْحَدِيثِ:
أَن المُلْقِح الَّذِي يولَد لَهُ، والمُخْبِل الَّذِي لَا يولَدُ لَهُ
، مِن أَلْقَح الفحلُ الناقةَ إِذا أَولدها. وَقَالَ الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ صَمْعَر، قَالَ الشَّاعِرُ:
أَحَيَّةُ وادٍ نَغْرَةٌ صَمْعَرِيَّةٌ ... أَحَبُّ إِليكم، أَم ثَلاثٌ لَوَاقِحُ؟
قَالَ: أَراد باللَّواقِح العقارب.
لكح: لَكَحَه يَلْكَحُه لَكْحاً: ضَرَبَهُ بِيَدِهِ، وَهُوَ شَبِيهٌ بالوَكْزِ؛ قَالَ:
يَلْهَزُه طَوراً، وَطَوْرًا يَلكَحُه
وأَورد الأَزهري هَذَا غَيْرَ مُرْدَفٍ فَقَالَ:
يَلْهَزُهُ طَوْرًا، وَطَوْرًا يَلْكَحُ، ... حَتَّى تَراه مَائِلًا يُرَنَّحُ
لمح: لَمَحَ إِليه يَلْمَحُ لَمْحاً وأَلْمَحَ: اخْتَلَسَ النَّظَرَ؛ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَمَح نَظر وأَلمحَه هُوَ، والأَول أَصح. الأَزهري: أَلمحتِ المرأَةُ مِنْ وَجْهِهَا إِلماحاً إِذا أَمكنت مِنْ أَن تُلْمَحَ، تَفْعَلُ ذَلِكَ الحَسْناءُ تُرِي محاسِنها مَنْ يَتَصَدَّى لَهَا ثُمَّ تُخْفيها؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وأَلْمَحْنَ لَمْحاً مِنْ خُدودٍ أَسِيلةٍ ... رِواءٍ، خَلا مَا أَنْ تُشَفَّ المَعَاطِسُ
واللَّمْحَةُ: النَّظْرَةُ بالعَجَلةِ؛ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ
؛ قَالَ: كخَطْفَة بِالْبَصَرِ. ولَمَحَ البصَرُ ولَمَحه بِبَصَرِهِ، والتَّلْماحُ تَفْعالٌ مِنْهُ، ولَمَحَ البرقُ وَالنَّجْمُ يَلْمَحُ لَمْحاً ولَمَحاناً: كلمَع. وبَرْقٌ لامِحٌ ولَمُوحٌ ولَمَّاحٌ؛ قَالَ:
فِي عارِضٍ كَمُضِيءِ الصبحِ لَمَّاحِ
وَقِيلَ: لَا يَكُونُ اللَّمْحُ إِلا مِنْ بَعِيدٍ. الأَزهري: واللُّمَّاحُ الصُّقُورُ الذكِيَّةُ، قَالَهُ ابْنُ الأَعرابي. الْجَوْهَرِيُّ: لَمَحَه وأَلْمَحَه والتَمَحَه إِذا أَبصره بِنَظَرٍ خَفِيفٍ، وَالِاسْمُ اللَّمْحة. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَانَ يَلْمَحُ فِي الصَّلَاةِ وَلَا يَلْتَفِتُ.
ومَلامِحُ الإِنسان: مَا بَدَا مِنْ مَحاسِن وَجْهِهِ ومَساويه؛ وَقِيلَ: هُوَ مَا يُلْمَحُ مِنْهُ وَاحِدَتُهَا لَمْحةٌ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ وَلَمْ يَقُولُوا مَلْمَحة؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قَالَ ابْنُ جِنِّيٍّ اسْتَغْنَوْا بِلَمْحَة عَنْ وَاحِدِ مَلامِح؛ الْجَوْهَرِيُّ: تَقُولُ رأَيت لَمْحةَ الْبَرْقِ؛ وَفِي فُلَانٍ لَمْحة مِنْ أَبيه، ثُمَّ قَالُوا: فِيهِ مَلامِحُ مِنْ أَبيه أَي مَشابِهُ فَجَمَعُوهُ عَلَى غَيْرِ لَفْظِهِ، وَهُوَ مِنَ النَّوَادِرِ. وَقَوْلُهُمْ: لأُرِيَنَّك لَمْحاً باصِراً أَي أَمراً وَاضِحًا «2».
لوح: اللَّوْحُ: كلُّ صَفِيحة عَرِيضَةٍ مِنْ صَفَائِحِ الْخَشَبِ؛ الأَزهري: اللَّوْحُ صَفِيحَةٌ مِنْ صَفَائِحِ الْخَشَبِ، والكَتِف إِذا كُتِبَ عَلَيْهَا سُمِّيَتْ لَوْحاً. واللوحُ: الَّذِي يُكْتَبُ فِيهِ. وَاللَّوْحُ: اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ. وَفِي التَّنْزِيلِ: فِي لَوْحٍ
مَحْفُوظٍ؛ يَعْنِي مُسْتَوْدَع مَشِيئاتِ اللَّهِ تَعَالَى، وإِنما هُوَ عَلَى المَثَلِ. وكلُّ عَظْمٍ عَرِيضٍ: لَوْحٌ، وَالْجَمْعُ مِنْهُمَا أَلواحٌ، وأَلاوِيحُ جَمْعُ الْجَمْعِ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: لَمْ يُكَسَّرْ هَذَا الضَّرْبُ عَلَى أَفْعُلٍ كراهيةَ الضَّمِّ عَلَى الْوَاوِ [وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ:] وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: قِيلَ فِي التَّفْسِيرِ إِنهما كَانَا لَوْحَيْن، وَيَجُوزُ فِي اللُّغَةِ أَن يُقَالَ لِلَّوْحَيْنِ أَلواح، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ أَلواحٌ جمعَ أَكثر مِنِ اثْنَيْنِ. وأَلواحُ الْجَسَدِ: عظامُه مَا خَلَا قَصَبَ الْيَدَيْنِ، وَالرِّجْلَيْنِ، ويُقال: بَلِ الأَلواحُ مِنَ الْجَسَدِ كلُّ عَظْمٍ فيه عِرَضٌ.
__________
(2).
زاد المجد: الأَلمحي: مَن يلمح كثيراً.

(2/584)


والمِلْواحُ: الْعَظِيمُ الأَلواح؛ قَالَ:
يَتْبَعْنَ إِثْرَ بازِلٍ مِلْواحِ
وَبَعِيرٌ مِلْواحٌ وَرَجُلٌ مِلْواحٌ. ولَوْحُ الكَتِف: مَا مَلُسَ مِنْهَا عِنْدَ مُنْقَطَعِ غَيْرِهَا مِنْ أَعلاها؛ وَقِيلَ: اللوحُ الكَتفُ إِذا كُتِبَ عَلَيْهَا. واللَّوْحُ، واللُّوحُ أَعْلى: أَخَفُّ العَطَشِ، وعَمَّ بَعْضُهُمْ بِهِ جِنْسَ الْعَطَشِ؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: اللُّوحُ سُرْعَةُ الْعَطَشِ. وَقَدْ لاحَ يَلُوحُ لَوْحاً ولُواحاً ولُؤُوحاً، الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، ولَوَحاناً والْتَاحَ: عَطِشَ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
يَمْصَعْنَ بالأَذْنابِ مِنْ لُوحٍ وبَقّ
ولَوَّحه: عَطَّشه. ولاحَه العَطَشُ ولَوَّحَه إِذا غَيَّره. والمِلْواحُ: العطشانُ. وإِبلٌ لَوْحَى أَي عَطْشَى. وَبَعِيرٌ مِلْوَحٌ ومِلْواحٌ ومِلْياحٌ: كَذَلِكَ، الأَخيرة عَنِ ابْنِ الأَعرابي، فأَما مِلْواحٌ فَعَلَى الْقِيَاسِ، وأَما مِلْياحٌ فَنَادِرٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وكأَنَّ هَذِهِ الْوَاوَ إِنما قُلِبَتْ يَاءً عِنْدِي لِقُرْبِ الْكَسْرَةِ، كأَنهم تَوَهَّمُوا الْكَسْرَةَ فِي لَامِ مِلْواح حَتَّى كأَنه لِواحٌ، فَانْقَلَبَتِ الْوَاوُ يَاءً لِذَلِكَ. ومَرْأَة ملْواحٌ: كَالْمُذَكَّرِ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِل:
بِيضٌ مَلاوِيحُ، يومَ الصَّيْفِ، لَا صُبُرٌ ... عَلَى الهَوانِ، وَلَا سُودٌ، وَلَا نُكُعُ
أَبو عُبَيْدٍ: المِلْواحُ مِنَ الدَّوَابِّ السريعُ العطشِ؛ قَالَ شَمِرٌ وأَبو الْهَيْثَمِ: هُوَ الجَيِّدُ الأَلواح الْعَظِيمُهَا. وَقِيلَ: أَلواحه ذِرَاعَاهُ وَسَاقَاهُ وعَضُداه. ولاحَه العطشُ لَوْحاً ولَوَّحَه: غَيَّرَه وأَضمره؛ وَكَذَلِكَ السفرُ والبردُ والسُّقْمُ والحُزْنُ؛ وأَنشد:
وَلَمْ يَلُحْها حَزَنٌ عَلَى ابْنِمِ، ... وَلَا أَخٍ وَلَا أَبٍ، فَتَسْهُمِ
وقِدْحٌ مُلَوَّحٌ: مُغَيَّر بِالنَّارِ، وَكَذَلِكَ نَصْلٌ مُلَوَّحٌ. وَكُلُّ مَا غَيَّرته النارُ، فَقَدْ لَوَّحَته، ولَوَّحَته الشمسُ كَذَلِكَ غَيَّرته وسَفَعَتْ وجْهَه. وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ
أَي تُحْرِقُ الجلدَ حَتَّى تُسَوِّده؛ يُقَالُ: لاحَه ولَوَّحَه. ولَوَّحْتُ الشيءَ بِالنَّارِ: أَحميته؛ قَالَ جِرانُ العَوْدِ وَاسْمُهُ عَامِرُ بْنُ الحرث:
عُقابٌ عَقَنْباةٌ، كَأَنَّ وَظِيفَها ... وخُرْطُومَها الأَعْلى، بنارٍ مُلَوَّحُ
وَفِي حَدِيثِ
سَطِيح فِي رِوَايَةٍ:
يَلوحُه فِي اللُّوحِ بَوْغاءُ الدِّمَنْ
اللُّوحُ: الْهَوَاءُ. ولاحَه يَلوحُه: غَيَّرَ لونَه. والمِلْواحُ: الضَّامِرُ، وَكَذَلِكَ الأُنثى؛ قَالَ:
مِنْ كلِّ شَقَّاءِ النَّسا مِلْواحِ
وامرأَة مِلْواحٌ وَدَابَّةٌ مِلواحٌ إِذا كَانَ سَرِيعَ الضُّمْر. ابْنُ الأَثير: وَفِي أَسماء دَوَابِّهِ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَن اسْمَ فَرَسِهِ مُلاوِحٌ، وَهُوَ الضَّامِرُ الَّذِي لَا يَسْمَنُ، وَالسَّرِيعُ الْعَطَشِ والعظيمُ الأَلواح، وَهُوَ المِلْواحُ أَيضاً. واللَّوْحُ: النَّظْرَةُ كاللَّمْحة. ولاحَه بِبَصَرِهِ لَوْحةً: رَآهُ ثُمَّ خَفِيَ عَنْهُ؛ وأَنشد:
وَهَلْ تَنْفَعَنِّي لَوْحةٌ لَوْ أَلُوحُها؟
ولُحْتُ إِلى كَذَا أَلُوحُ إِذا نَظَرْتُ إِلى نَارٍ بَعِيدَةٍ؛ قَالَ الأَعشى:
لَعَمْري لَقَدْ لاحتْ عُيُونٌ كثيرةٌ، ... إِلى ضَوْءِ نارٍ، فِي يَفاعٍ تُحَرَّقُ

(2/585)


أَي نَظَرَتْ. ولاحَ البرقُ يَلوح لَوْحاً ولُؤُوحاً ولَوَحاناً أَي لمَحَ. وأَلاحَ البرقُ: أَوْمَضَ، فَهُوَ مُلِيح؛ وَقِيلَ: أَلاحَ أَضاءَ مَا حَوْله؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
رأَيتُ، وأَهْلي بِوادِي الرَّجِيع ... مِنْ نَحْوِ قَيْلَةَ، بَرْقاً مُلِيحا
وأَلاحَ بِالسَّيْفِ ولَوَّحَ: لمَعَ بِهِ وحَرَّكه. ولاحَ النجمُ: بَدَا. وأَلاحَ: أَضاء وبدا وتلأْلأَ وَاتَّسَعَ ضَوْءُه؛ قَالَ المُتَلَمِّسُ:
وَقَدْ أَلاحَ سُهَيْلٌ، بَعْدَ مَا هَجَعُوا، ... كأَنه ضَرَمٌ، بالكَفِّ، مَقْبُوسُ
ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ لاحَ سُهَيْلُ إِذا بَدَا، وأَلاحَ إِذا تلأْلأَ؛ وَيُقَالُ: لاحَ السيفُ والبرقُ يَلُوحُ لَوْحاً. وَيُقَالُ لِلشَّيْءِ إِذا تلأْلأَ: لاحَ يَلوحُ لَوْحاً ولُؤُوحاً. وَلَاحَ لِي أَمرُك وتَلَوَّحَ: بانَ ووَضَحَ. ولاحَ الرجلُ يَلُوح لُؤُوحاً: بَرَزَ وَظَهَرَ. أَبو عُبَيْدٍ: لاحَ الرجلُ وأَلاحَ، فَهُوَ لَائِحٌ ومُلِيحٌ إِذا بَرَزَ وَظَهَرَ؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
وزَعْتَهُمُ حَتَّى إِذا مَا تَبَدَّدوا ... سِراعاً، ولاحَتْ أَوْجُهٌ وكُشُوحُ
إِنما يُرِيدُ أَنهم رُمُوا فَسَقَطَتْ تِرَسَتُهم ومَعابِلُهُمْ، وَتَفَرَّقُوا فأَعْوَرُوا لِذَلِكَ وظهرتْ مَقاتِلُهم. ولاحَ الشيبُ يَلوح فِي رأْسه: بَدَا. ولَوَّحه الشيبُ: بَيَّضَه؛ قَالَ:
مِنْ بَعْدِ مَا لَوَّحَكَ القَتيرُ
وَقَالَ الأَعشى:
فَلَئِنْ لاحَ فِي الذُّؤابةِ شَيْبٌ، ... يَا لَبَكْرٍ وأَنْكَرَتْني الغَواني
وَقَوْلُ خُفافِ بْنِ نُدْبَةَ أَنشده يَعْقُوبُ فِي الْمَقْلُوبِ:
فإِمَّا تَرَيْ رأْسِي تَغَيَّرَ لَوْنُه، ... ولاحتْ لَواحِي الشيبِ فِي كلِّ مَفْرَقِ
قَالَ: أَراد لوائحَ فقَلَبَ. وأَلاحَ بِثَوْبِهِ ولَوَّح بِهِ، الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ: أَخذ طَرَفَه بِيَدِهِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ، ثُمَّ أَداره ولمَع بِهِ ليُرِيَهُ مَنْ يحبُّ أَن يَرَاهُ. وكلُّ مَنْ لمَع بِشَيْءٍ وأَظهره، فَقَدْ لاحَ بِهِ ولَوَّح وأَلاحَ، وَهُمَا أَقل. وأَبيضُ يَقَقٌ ويَلَقٌ، وأَبيضُ لِياحٌ ولَياحٌ إِذا بُولِغَ فِي وَصْفِهِ بِالْبَيَاضِ، قُلِبَتِ الْوَاوُ فِي لَياح يَاءً اسْتِحْسَانًا لِخِفَّةِ الْيَاءِ، لَا عَنْ قُوَّةِ عِلَّةٍ. وَشَيْءٌ لِياحٌ [لَياحٌ]: أَبيض؛ وَمِنْهُ قِيلَ للثور الوحشي لِياحٌ [لَياحٌ] لِبَيَاضِهِ؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: إِنما صَارَتِ الْوَاوُ فِي لِيَاحٍ يَاءً لِانْكِسَارِ مَا قَبْلَهَا؛ وأَنشد:
أَقَبُّ البَطْنِ خَفَّاقُ الحَشايا، ... يُضِيءُ الليلَ كالقَمَرِ اللِّياحِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ لِمَالِكِ بْنِ خَالِدٍ الخُناعِي يَمْدَحُ زُهَيرَ بنَ الأَغَرّ، قَالَ: وَالصَّوَابُ أَن يَقُولَ فِي اللِّياحِ إِنه الأَبيض المتلأْلئ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: أَلاحَ بِسَيْفِهِ إِذا لَمَعَ بِهِ. وَالَّذِي فِي شِعْرِهِ خَفَّاقٌ حَشَاهُ، قَالَ: وَهُوَ الصَّحِيحُ أَي يَخْفِقُ حَشاه لِقِلَّةِ طُعْمِه؛ وَقَبْلِهِ:
فَتًى مَا ابنُ الأَغَرِّ إِذا شَتَوْنا، ... وحُبَّ الزادُ في شَهْرَيْ قُماحِ [قِماحِ]
وشهْرا قُماحٍ [قِماحٍ] هُمَا شَهْرَا الْبَرْدِ. واللِّياحُ واللَّياحُ: الثَّوْرُ الْوَحْشِيُّ وَذَلِكَ لِبَيَاضِهِ. واللَّياحُ أَيضاً: الصُّبْحُ. وَلَقِيتُهُ بِلَياحٍ إِذا لَقِيتَهُ عِنْدَ الْعَصْرِ وَالشَّمْسُ بَيْضَاءُ، الْيَاءُ فِي كُلِّ ذَلِكَ مُنْقَلِبَةٌ عَنْ وَاوٍ لِلْكَسْرَةِ قَبْلَهَا؛ وأَما لَياحٌ فَشَاذٌّ انْقَلَبَتْ وَاوُهُ

(2/586)


يَاءً لِغَيْرِ عِلَّةٍ إِلَّا طَلَبَ الْخِفَّةِ. وَكَانَ لِحَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، سَيْفٌ يُقَالُ له لِياحٌ [لَياحٌ]؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
قَدْ ذاقَ عُثْمانُ، يومَ الجَرِّ مِنْ أُحُدٍ، ... وَقْعَ اللَّياحِ، فأَوْدَى وَهُوَ مَذموم
قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ من لاحَ يَلوح لِياحاً إِذا بَدَا وَظَهَرَ. والأَلواحُ: السِّلاحُ مَا يَلوحُ مِنْهُ كَالسَّيْفِ والسِّنان؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والأَلواحُ مَا لاحَ مِنَ السِّلَاحِ وأَكثر مَا يُعْنى بِذَلِكَ السيوفُ لبياضِها؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ أَحمر الْبَاهِلِيِّ:
تُمْسِي كأَلْواحِ السلاحِ، وتُضْحِي ... كالمَهاةِ، صَبِيحةَ القَطْرِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقِيلَ فِي أَلواح السِّلَاحِ إِنها أَجفانُ السُّيُوفِ لأَن غِلافَها مِنْ خَشَبٍ، يُرَادُ بِذَلِكَ ضُمُورُهَا؛ يَقُولُ: تُمْسِي ضَامِرَةً لَا يَضُرُّهَا ضُمْرُها، وَتُصْبِحُ كأَنها مَهاةٌ صبيحةَ الْقَطْرِ، وَذَلِكَ أَحسن لَهَا وأَسرع لعَدْوها. وأَلاحَه: أَهلكه. واللُّوحُ، بِالضَّمِّ: الْهَوَاءُ بَيْنَ السَّمَاءِ والأَرض؛ قَالَ:
لَطَائِرٌ ظَلَّ بِنَا يخُوتُ، ... يَنْصَبُّ فِي اللُّوحِ، فَمَا يَفوتُ
وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ اللُّوحُ واللَّوْحُ، لَمْ يَحْكِ فِيهِ الْفَتْحَ غَيْرُهُ. وَيُقَالُ: لَا أَفعل ذَلِكَ وَلَوْ نَزَوْتَ فِي اللُّوحِ أَي وَلَوْ نَزَوْتَ فِي السُّكاك، والسُّكاكُ: الهواءُ الَّذِي يُلَاقِي أَعْنانَ السَّمَاءِ. ولَوَّحه بِالسَّيْفِ والسَّوْط وَالْعَصَا: عَلَاهُ بِهَا فَضَرَبَهُ. وأَلاحَ بَحقي: ذَهَبَ بِهِ. وَقُلْتُ لَهُ قَوْلًا فَمَا أَلاحَ مِنْهُ أَي مَا اسْتَحَى. وأَلاحَ مِنَ الشَّيْءِ: حَاذَرَ وأَشْفَقَ؛ قَالَ:
يُلِحْنَ مِنْ ذِي دَأَبٍ شِرْواطِ، ... مُحْتَجِزٍ بخَلَقٍ شِمْطاطِ
وَيُرْوَى: ذِي زَجَلٍ. وأَلاحَ مِنْ ذَلِكَ الأَمر إِذا أَشفق؛ وَمِنْهُ يُلِيحُ إِلاحةً؛ قَالَ وأَنشدنا أَبو عَمْرٍو:
إِنّ دُلَيْماً قَدْ أَلاحَ بِعَشي، ... وَقَالَ: أَنْزِلْنِي فَلَا إِيضاعَ بِي
أَي لَا سَيْرَ بِي؛ وَهَذَا فِي الصِّحَاحِ:
إِنَّ دُلَيماً قَدْ أَلاح مِنْ أَبي
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: دُلَيم اسْمُ رَجُلٍ. والإِيضاعُ: سَيْرٌ شَدِيدٌ. وَقَوْلُهُ فَلَا إِيضاع بِي أَي لَسْتُ أَقدر عَلَى أَن أَسيرَ الوُضْعَ، وَالْيَاءُ رَوِيُّ الْقَصِيدَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدَ هَذَا:
وهُنَّ بالشُّقْرةِ يَفْرِينَ الفَرِي
هُنَّ ضَمِيرُ الإِبل. والشُّقْرة: مَوْضِعٌ. ويَفْرِينَ الفَرِي أَي يأْتين بِالْعَجَبِ فِي السَّيْرِ. وأَلاحَ عَلَى الشَّيْءِ: اعْتَمَدَ. وَفِي حَدِيثِ
الْمُغِيرَةِ: أَتحلف عِنْدَ مِنبر رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فأَلاحَ مِنَ الْيَمِينِ
أَي أَشفق وَخَافَ. والمِلْواحُ: أَن يَعْمِدَ إِلى بُومةٍ فيَخِيطَ عَيْنَهَا، ويَشُدَّ فِي رِجْلِهَا صُوفَةً سَوْدَاءَ، ويَجعلَ لَهُ مِرْبَأَةً ويَرْتَبِئَ الصائدُ فِي القُتْرةِ ويُطِيرها سَاعَةً بَعْدَ سَاعَةٍ، فإِذا رَآهَا الصَّقْرُ أَو البازي سقط عليها فأَخذه الصَّيَّادُ، فَالْبُومَةُ وَمَا يليها تسمى مِلْواحاً.
ليح: اللَّيَاحُ واللِّياحُ: الثَّوْرُ الأَبيض. وَيُقَالُ لِلصُّبْحِ أَيضاً: لَياحٌ [لِياحٌ]، وَيُبَالَغُ فِيهِ فَيُقَالُ: أَبيضُ لِياحٌ [لَياحٌ]، قَالَ الْفَارِسِيُّ: أَصل هَذِهِ الْكَلِمَةِ الْوَاوُ، وَلَكِنَّهَا شَذَّتْ؛ فأَما لِياحٌ فياؤُه مُنْقَلِبَةٌ لِلْكَسْرَةِ الَّتِي قَبْلَهَا كَانْقِلَابِهَا فِي قِيامٍ وَنَحْوِهِ، وأَما رَجُلٌ مِلْياحٌ فِي مِلْواح فإِنما قُلِبَتْ فِيهِ الْوَاوُ يَاءً لِلْكَسْرَةِ الَّتِي فِي الْمِيمِ فتوهَّموها عَلَى اللَّامِ حَتَّى كأَنهم قَالُوا لِواحٌ، فَقَلَبُوهَا يَاءً لِذَلِكَ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَيْسَ هَذَا بَابَهُ إِنما ذَكَرْنَاهُ لنُحَذِّرَ مِنْهُ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي بَابِ الواو.

(2/587)


فصل الميم
متح: المَتْحُ: جَذْبُكَ رِشاءَ الدَّلْو تَمُدُّ بِيَدٍ وتأْخذ بِيَدٍ عَلَى رأْس الْبِئْرِ؛ مَتَحَ الدلوَ يَمْتَحُها مَتْحاً ومَتَح بِهَا. وَقِيلَ: المَتْحُ كَالنَّزْعِ غَيْرَ أَن المَتْحَ بِالْقَامَةِ، وَهِيَ البَكْرَةُ؛ قَالَ:
وَلَوْلَا أَبو الشَّقْراءِ، مَا زالَ ماتِحٌ ... يُعالجُ خَطَّاءً بإِحدى الجَرائِر
وَقِيلَ: الماتِحُ المُسْتَقِي، والمائحُ: الَّذِي يملأُ الدَّلْوَ مِنْ أَسفل الْبِئْرِ؛ تَقُولُ الْعَرَبُ: هُوَ أَبْصَرُ مِنَ الْمَائِحِ باسْتِ الْمَاتِحِ؛ تَعْنِي أَن الْمَاتِحَ فَوْقَ الْمَائِحِ، فَالْمَائِحُ يَرَى الماتحَ وَيَرَى اسْتَه. وَيُقَالُ: رَجُلٌ مَاتِحٌ وَرِجَالٌ مُتَّاحٌ وَبَعِيرٌ ماتحٌ وجِمالٌ مَواتح؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
ذِمامُ الرَّكايا أَنْكَرَتْها المَواتِحُ
الْجَوْهَرِيُّ: الماتحُ الْمُسْتَقِي، وَكَذَلِكَ المَتُوحُ. يُقَالُ: مَتَحَ الماءَ يَمْتَحُه مَتْحاً إِذا نَزَعَهُ؛ وَفِي حَدِيثِ
جَرِيرٍ: مَا يُقامُ ماتِحُها.
الماتحُ الْمُسْتَقِي مِنْ أَعلى الْبِئْرِ؛ أَراد أَن مَاءَهَا جارٍ عَلَى وَجْهِ الأَرض فَلَيْسَ يقامُ بِهَا مَاتِحٌ، لأَن الْمَاتِحَ يُحْتَاجُ إِلى إِقامته عَلَى الْآبَارِ لِيَسْتَقِيَ. وَتَقُولُ: مَتَح الدَّلْوَ يَمْتَحُها مَتْحاً إِذا جَذَبَهَا مُسْتَقِيًا بِهَا. وماحَها يَميحُها إِذا ملأَها. وَبِئْرٌ مَتُوح: يُمْتَحُ مِنْهَا عَلَى البَكْرَةِ، وَقِيلَ: قَرِيبَةُ المَنْزَعِ؛ وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي يُمدُّ مِنْهَا بِالْيَدَيْنِ عَلَى البَكْرَةِ نَزْعاً، وَالْجَمْعُ مُتُحٌ. والإِبل تَتَمَتَّحُ فِي سَيْرِهَا: تُراوِحُ أَيديها؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
لأَيْدي المَهارى خَلْفَها مُتَمَتَّحُ
وَبَيْنَنَا فَرْسَخٌ مَتْحاً أَي مَدّاً. وَفَرْسَخٌ ماتحٌ ومَتَّاحٌ: مُمْتَدٌ، وَفِي الأَزهري: مَدَّادٌ.
وَسُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنِ السَّفَرِ الَّذِي تُقْصَرُ فِيهِ الصلاةُ فَقَالَ: لَا تُقْصَرُ إِلا فِي يَوْمٍ مَتَّاحٍ إِلى اللَّيْلِ
؛ أَراد: لَا تُقْصَرُ الصَّلَاةُ إِلا فِي مَسِيرَةِ يَوْمٍ يَمْتَدُّ فِيهِ السَّيْرُ إِلى المَساءِ بِلَا وَتِيرةٍ وَلَا نُزُولٍ. الأَصمعي: يُقَالُ مَتَحَ النهارُ ومَتَحَ الليلُ إِذا طَالَا. وَيَوْمٌ مَتَّاح: طَوِيلٌ تَامٌّ. يُقَالُ ذَلِكَ لِنَهَارِ الصَّيْفِ وَلَيْلِ الشِّتَاءِ. ومَتَحَ النهارُ إِذا طَالَ وَامْتَدَّ؛ وَكَذَلِكَ أَمْتَحَ، وَكَذَلِكَ الليلُ. وَقَوْلُهُمْ: سِرْنا عُقْبَةً مَتُوحاً أَي بَعِيدَةً. الْجَوْهَرِيُّ: ومَتَحَ النَّهَارُ لُغَةٌ فِي مَتَعَ إِذا ارْتفع. وَلَيْلٌ مَتَّاح أَي طَوِيلٌ. ومَتَح بسَلْحِه ومَتَخَ بِهِ: رَمَى بِهِ. ومَتَحَ بِهَا: ضَرَطَ. ومَتَحَ الْخَمْسِينَ: قارَبَها، والخاءُ أَعلى. ومَتَحَه عِشْرِينَ سَوْطًا؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: ضَرَبَهُ. أَبو سَعِيدٍ: المَتْحُ القَطْع؛ يُقَالُ: مَتَحَ الشيءَ ومَتَخَه إِذا قَطَعَهُ مِنْ أَصله. وَفِي حَدِيثِ
أُبَيٍّ: فَلَمْ أَر الرجالَ مَتَحَتْ أَعناقَها إِلى شَيْءٍ مُتُوحَها إِليه
أَي مَدَّتْ أَعناقها نَحْوَهُ؛ وَقَوْلُهُ: مُتُوحَها مَصْدَرٌ غَيْرُ جَارٍ عَلَى فِعْلِهِ، أَو يَكُونُ كالشُّكور والكُفور. الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ نَتَحَ: رَوَى أَبو تُرَابٍ عَنْ بَعْضِ الْعَرَبِ: امتَتَحْتُ الشيءَ وانْتَتَحْته وَانْتَزَعْتُهُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَيُقَالُ لِلْجَرَادِ إِذا ثَبَّتَ أَذْنابه ليَبيضَ: مَتَحَ وأَمْتَح ومَتَّحَ، وبَنَّ وأَبَنَّ وبَنَّنَ، وقَلَزَ وأَقْلَزَ وقَلَّزَ. الأَزهري: ومَتَخَ الجرادُ، بِالْخَاءِ: مثل مَتَح.
مجح: التَّمَجُّحُ والتَّبَجُّحُ، بِالْمِيمِ وَالْبَاءِ: البَذْخ والفخرُ؛ وَهُوَ يَتَمَجَّحُ ويَتَبَجَّحُ. ومَجَحَ يَمْجَحُ مَجْحاً: كَبَجَحَ. وَرَجُلٌ مَجَّاحٌ بَجَّاحٌ بِمَا لَا يَمْلِكُ، يمانية. ومَجِحَ [مَجَحَ]

(2/588)


مَجْحاً «3» ومَجَحاً: تَكَبَّر؛ والدلوَ فِي الْبِئْرِ: خَضْخَضَها كَذَلِكَ.
محح: المَحُّ: الثوبُ الخَلَقُ الْبَالِي. مَحَّ يَمِحُّ ويَمُحُّ ويَمَحُّ مُحُوحاً ومَحَحاً وأَمَحَّ يُمِحُّ إِذا أَخْلَقَ؛ وَكَذَلِكَ الدَّارُ إِذا عَفَتْ؛ وأَنشد:
أَلا يَا قَتْلَ قَدْ خَلُقَ الجَدِيدُ، ... وحُبُّكِ مَا يُمِحُّ وَمَا يَبِيدُ
وَثَوْبٌ ماحٌّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَلَنْ تأْتِيَكَ حُجَّةٌ إِلا دَحَضَتْ وَلَا كِتَابُ زُخْرُفٌ إِلا ذَهَبَ نُورُهُ ومَحَّ لونُه
؛ مَحَّ الكتابُ وأَمحَّ أَي دَرَس. وَثَوْبٌ مَحٌّ: خَلَقٌ. وَفِي حَدِيثِ
المُنَعَّمةِ. وَثَوْبِي مَحٌ
أَي خَلَقٌ بالٍ. ومُحُّ كُلِّ شيءٍ: خَالِصُهُ. والمُحُّ والمُحَّةُ: صُفْرة الْبَيْضِ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما يُرِيدُونَ فَصَّ الْبَيْضَةِ لأَن المُحَّ جَوْهَرٌ وَالصُّفْرَةَ عَرَضٌ، وَلَا يُعَبَّرُ بِالْعَرَضِ عَنِ الْجَوْهَرِ، اللَّهُمَّ إِلا أَن تَكُونَ الْعَرَبُ قَدْ سَمَّتْ مُحَّ الْبَيْضَةِ صُفْرَةً، قَالَ: وَهَذَا مَا لَا أَعرفه وإِن كَانَتِ الْعَامَّةُ قَدْ أُولِعَتْ بِذَلِكَ؛ وأَنشد الأَزهري لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزِّبَعْرى:
كَانَتْ قُرَيشٌ بَيْضَةً فتَفَلَّقَتْ، ... فالمُحُّ خالِصُها لعبدِ مَنافِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: مَنْ رَوَى خَالِصَةً، بِالتَّاءِ، فَهُوَ فِي الأَصل مَصْدَرٌ كَالْعَافِيَةِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ، فَذِكْرَى فَاعِلَةٌ بِخَالِصَةٍ، تَقْدِيرُهُ بأَن خَلَصَتْ لَهُمْ ذِكْرَى الدَّارِ، وَقَدْ قرئَ بالإِضافة، وَهِيَ فِي القِراءَتين مَصْدَرٌ؛ وَمَنْ رَوَى خَالِصَهُ بِالْهَاءِ فَلَا إِشكال فِيهِ. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْل: مُحُّ الْبَيْضِ مَا فِي جَوْفِهِ مِنْ أَصفر وأَبيض، كلُّه مُحٌّ، قَالَ: وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: المُحَّةُ الصَّفْرَاءُ، والغِرْقئُ البياضُ الَّذِي يؤْكل. أَبو عَمْرٍو: يُقَالُ لِبَيَاضِ الْبَيْضِ الَّذِي يؤْكل الآحُ، وَلِصُفْرَتِهَا الماحُ. والمُحاحُ: الجوعُ. وَرَجُلٌ مَحَّاحٌ: كَذَّابٌ يُرْضِي الناسَ بِالْقَوْلِ دُونَ الْفِعْلِ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: يُرْضِي الناسَ بِكَلَامِهِ وَلَا فِعْلَ لَهُ وَهُوَ الْكَذُوبُ؛ وَقِيلَ: هُوَ الْكَذَّابُ الَّذِي لَا يَصْدُقُكَ أَثره يَكْذِبُكَ مِنْ أَين جاءَ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: أَحسبهم رَوَوْا هَذِهِ الْكَلِمَةَ عَنْ أَبي الْخَطَّابِ الأَخفش؛ وَيُقَالُ: مَحَّ الْكَذَّابُ يَمُحُّ مَحاحَةً. وَرَجُلٌ مَحْمَحٌ ومُحامِحٌ «4»: خَفِيفٌ نَذْلٌ، وَقِيلَ: ضَيِّقٌ بَخِيلٌ. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَزَعَمَ الْكِسَائِيُّ أَنه سَمِعَ رَجُلًا مِنْ بَنِي عَامِرٍ يَقُولُ: إِذا قِيلَ لَنَا أَبَقِيَ عِنْدَكُمْ شيءٌ؟ قُلْنَا: مَحْماح أَي لَمْ يَبْقَ شيءٌ. الأَزهري: مَحْمَحَ الرجلُ إِذا أَخلص مَوَدَّتَهُ.
مدح: المَدْح: نَقِيضُ الهجاءِ وَهُوَ حُسْنُ الثناءِ؛ يُقَالُ: مَدَحْتُه مِدْحَةً وَاحِدَةً ومَدَحَه يَمْدَحُه مَدْحاً ومِدْحَةً، هَذَا قَوْلُ بَعْضِهِمْ، وَالصَّحِيحُ أَن المَدْحَ الْمَصْدَرُ، والمِدْحَةَ الِاسْمُ، وَالْجَمْعُ مِدَحٌ، وَهُوَ المَدِيحُ وَالْجَمْعُ المَدائحُ والأَماديح، الأَخيرة عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، وَنَظِيرُهُ حَديثٌ وأَحاديثُ؛ قَالَ أَبو ذؤَيب:
لَوْ كَانَ مِدْحةُ حَيٍّ مُنْشِراً أَحداً، ... أَحْيا أَباكُنَّ، يَا لَيْلى، الأَماديحُ
__________
(3).
قوله [ومجح مجحاً إلخ] من بابي منع وفرح كما صرح به شارح القاموس.
(4).
قوله [ومحامح] الذي في القاموس: المحمح والمحماح أي بفتح فسكون فيهما، لكن الشارح أقر ما هنا، فيكون ثلاث لغات، وزاد المجد أيضاً. المحاح كسحاب الأَرض القليلة الحمض. والأَمح: السمين، كالأَبج. وتمحمح: تبحبح، وتمحمحت المرأَة دنا وضعها.

(2/589)


قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الرِّوَايَةُ الصَّحِيحَةُ مَا رَوَاهُ الأَصمعي، وَهُوَ:
لَوْ أَن مِدْحةَ حَيٍّ أَنْشَرَتْ أَحَداً، ... أَحيا، أُبُوَّتَكَ الشُّمَّ، الأَماديحُ
وأَنشرت أَحسنُ مِنْ مَنْشَرًا، لأَنه ذَكَرَ المؤَنث، وَكَانَ حَقُّهُ أَن يَقُولَ مُنْشِرَةً فَفِيهِ ضَرُورَةٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وأَما قَوْلُهُ أَحيا أُبُوَّتك فإِنه يُخَاطِبُ بِهِ رَجُلًا مِنْ أَهله يَرْثِيهِ كَانَ قُتِلَ بالعَمْقاءِ؛ وَقَبْلَهُ بأَبيات:
أَلْفَيْته لَا يَذُمُّ القِرْنُ شَوْكَتَه، ... وَلَا يُخالِطُه، فِي البأْسِ، تَسْمِيحُ
والتسميحُ: الْهُرُوبُ. والبأْس: بأْس الْحَرْبِ. والمَدائِح: جَمْعُ الْمَدِيحِ مِنَ الشِّعْرِ الَّذِي مُدِحَ بِهِ كالمِدْحة والأُمْدُوحةِ؛ وَرَجُلٌ مادِحٌ مِنْ قَوْمٍ مُدَّح ومَديحٌ مَمْدوح. وتَمَدَّحَ الرجلُ: تكلَّف أَن يُمْدَحَ. وَرَجُلٌ مُمَدَّح أَي مَمْدوحٌ جِدًّا، ومَدَحَ للمُثْنِي لَا غَيْرُ. ومَدَح الشاعرُ وامْتَدَح. وتَمَدَّح الرَّجُلُ بِمَا لَيْسَ عِنْدَهُ: تَشَبَّع وَافْتَخَرَ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ يَتَمَدَّحُ إِذا كَانَ يُقَرِّظُ نَفْسَهُ وَيُثْنِي عَلَيْهَا. والمَمادِحُ: ضِدُّ المَقابح. وامْتَدَحتِ الأَرض وتَمَدَّحَتْ: اتَّسَعَتْ، أُراه عَلَى الْبَدَلِ مِنْ تَنَدَّحَتْ وانْتَدَحَتْ. وامْدَحَّ بطنُه: لُغَةٌ فِي انْدَحَّ أَي اتسَع. وتَمَدَّحتْ خَوَاصِرُ الْمَاشِيَةِ: اتَّسَعَتْ شِبَعا مِثْلَ تَنَدَّحَتْ؛ قَالَ الرَّاعِي يَصِفُ فَرَسًا:
فَلَمَّا سَقَيْناها العَكِيسَ، تَمَدَّحَتْ ... خَواصِرُها، وَازْدَادَ رَشْحاً وَريدُها
يُرْوَى بِالدَّالِ وَالذَّالِ جَمِيعًا؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الشِّعْرُ لِلرَّاعِي يَصِفُ امرأَة، وَهِيَ أُمُّ خَنْزَرِ بْنِ أَرْقَمَ، وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَنْزَرٍ هِجاءٌ فَهَجَاهُ بِكَوْنِ أُمه تَطْرُقُهُ وَتَطْلُبُ مِنْهُ القِرى، وَلَيْسَ يَصِفُ فَرَسًا كَمَا ذُكِرَ، لأَن شِعْرَهُ يَدُلُّ عَلَى أَنه طَرَقَتْهُ امرأَة تَطْلُبُ ضِيَافَتَهُ، وَلِذَلِكَ قَالَ قَبْلَهُ:
فَلَمَّا عَرَفْنا أَنها أُمُّ خَنْزَرٍ، ... جَفاها مَواليها، وغابَ مُفِيدُها
رَفَعْنا لَهَا نَارًا تُثَقَّبُ للقِرى، ... ولِقْحَةَ أَضيافٍ طَويلًا رُكُودُها
وَلَمَّا قَضَتْ مِنْ ذِي الإِناءِ لُبانةً، ... أَرادتْ إِلينا حَاجَةً لَا نُريدُها
وَالْعَكِيسُ: لَبَنٌ يخلط بمرق.
مذح: المَذَحُ: التواءٌ فِي الْفَخِذَيْنِ إِذا مَشَى انسَحجت إِحداهما بالأُخرى. ومَذِحَ الرجلُ يَمْذَحُ مَذَحاً إِذا اصْطَكَّتْ فَخِذَاهُ وَالْتَوَتَا حَتَّى تَسَحَّجتا ومَذِحَتْ فَخِذَاهُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
إِنكِ لَوْ صاحبتِنا مَذِحْتِ، ... وحَكَّكِ الحِنْوانِ فانْفَشَحْتِ
الأَصمعي: إِذا اصْطَكَّتْ أَليتا الرَّجُلِ حَتَّى تَنْسَحِجا قِيلَ: مَشِقَ مَشَقاً، قَالَ: وإِذا اصْطَكَّتْ فَخِذَاهُ قِيلَ: مَذِحَ يَمْذَحُ مَذَحاً. وَرَجُلٌ أَمْذَحُ بَيِّنُ المَذَحِ وَقَدْ مَذِحَ: لِلَّذِي تَصْطَكُّ فَخِذَاهُ إِذا مَشَى؛ قَالَ الأَعشى:
فَهُمُ سُودٌ قِصارٌ سَعْيُهُمْ، ... كالخُصَى أَشْعَلَ فيهنَّ المَذَحْ

(2/590)


وَالَّذِي فِي شِعْرِهِ أَشعل عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، وفَسَّرَ المَذَحَ بأَنه الْحَكَّةُ فِي الأَفخاذ؛ وَقِيلَ: إِنه جُزْءٌ مِنَ السَّحْج. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: قَالَ وَهُوَ بِمَكَّةَ: لَوْ شِئتُ لأَخَذْتُ سِبَّتي فَمَشَيتُ بِهَا ثُمَّ لَمْ أَمْذَحْ حَتَّى أَطأَ المكانَ الَّذِي تخرجُ مِنْهُ الدابةُ
؛ قَالَ: المَذَحُ أَن تَصْطَكَّ الفَخِذانِ مِنَ الْمَاشِي وأَكثر مَا يَعْرِضُ لِلسَّمِينِ مِنَ الرِّجَالِ، وَكَانَ ابْنُ عَمْرٍو كَذَلِكَ. يُقَالُ: مَذِحَ يَمْذَحُ مَذَحاً، وأَراد قُرْبَ الْمَوْضِعِ الَّذِي تَخْرُجُ مِنْهُ؛ وَقِيلَ: المَذَح احْتِرَاقُ مَا بَيْنَ الرُّفْغَيْنِ والأَلْيَتَيْن. ومَذِحَتِ الضأْنُ مَذَحاً: عَرِقَتْ أَرفاغُها. ومَذِحَتْ خُصْيةُ التَّيْسِ مَذَحاً إِذا احْتَكَّ بشيءٍ فَتَشَقَّقَتْ مِنْهُ؛ وَقِيلَ: المَذَحُ أَن يَحْتَكَّ الشيءُ بالشيءِ فيتشَقَّقَ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأُرى ذَلِكَ فِي الْحَيَوَانِ خَاصَّةً. وتَمَذَّحَتْ خاصرته: انتفخت؛ قَالَ الرَّاعِي:
فَلَمَّا سَقَيْنَاهَا العَكيسَ تَمَذَّحَتْ ... خواصرُها، وازدادَ رَشْحاً وَريدُها
والتَّمَذُّحُ: التَّمَدُّدُ؛ يُقَالُ: شَرِبَ حَتَّى تَمَذَّحَت خَاصِرَتُهُ أَي انْتَفَخَتْ مِنَ الرِّيِّ.
مرح: المَرَحُ: شدَّة الفَرَحِ وَالنَّشَاطِ حَتَّى يجاوزَ قَدْرَه؛ وَقَدْ أَمْرَحَه غَيْرُهُ، وَالِاسْمُ المِراحُ، بِكَسْرِ الْمِيمِ؛ وَقِيلَ: المَرَحُ التَّبَخْتُرُ والاختيالُ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً*
أَي مُتَبَخْتِرًا مُخْتَالًا؛ وَقِيلَ: المَرَحُ الأَشَرُ والبَطَرُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: بِما كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ
.
وَقَدْ مَرِحَ مَرَحاً ومِراحاً، وَرَجُلٌ مَرِحٌ مَنْ قَوْمٍ مَرْحى ومَراحى؛ ومِرِّيحٌ، بِالتَّشْدِيدِ، مِثْلُ سِكِّيرٍ، مَنْ قَوْمٍ مِرِّيحينَ، وَلَا يُكَسَّرُ؛ ومَرِحَ، بِالْكَسْرِ، مَرَحاً: نَشِطَ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: زَعَمَ ابْنُ النَّابِغَةَ أَني تِلْعابَةٌ
تِمْراحة؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ مِنَ المَرَح، وَهُوَ النَّشاطُ والخِفَّة، والتاءُ زَائِدَةٌ، وَهُوَ مِنْ أَبنية الْمُبَالَغَةِ، وأَتى بِهِ فِي حَرْفِ التاءِ حَمْلًا عَلَى ظَاهِرِ لَفْظِهِ. وفَرَسٌ مَرُوحٌ ومِمْرَحٌ ومِمْراحٌ: نَشِيطٌ، وَقَدْ أَمْرَحه الكَلأُ. وَنَاقَةٌ مِمْراحٌ ومَرُوحٌ: كَذَلِكَ؛ قَالَ:
تَطْوي الفَلا بمَروحٍ لَحْمُها زِيَم
وَقَالَ الأَعشى يَصِفُ نَاقَةً:
مَرِحَتْ حُرَّةٌ كقَنْطَرَةِ الرُّومِيِّ، ... تَفْرِي الهَجيرَ بالإِرْقالِ
ابْنُ سِيدَهْ: المَرُوحُ الخَمْرُ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَنها تَمْرَحُ فِي الإِناءِ؛ قَالَ عُمارة:
مِنْ عُقارٍ عنْدَ المِزاج مَرُوح
وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
مُصَفَّقَةٌ مُصَفَّاةٌ عُقارٌ ... شَآمِيَةٌ، إِذا جُلِيتْ، مَرُوحُ
أَي لَهَا مِراحٌ فِي الرأْس وسَوْرَةٌ يَمْرَحُ مَن يَشْرَبُهَا. وقَوْسٌ مَرُوحٌ: يَمْرَحُ راؤُوها عَجَباً إِذا قَلَّبُوها؛ وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي تَمْرَح فِي إِرسالها السَّهْمَ؛ تَقُولُ الْعَرَبُ: طَرُوحٌ مَروحٌ تُعْجلُ الظَّبْيَ أَن يَرُوَح؛ الْجَوْهَرِيُّ: قَوْسٌ مَروحٌ كأَنَّ بِهَا مَرَحاً مِنْ حُسْنِ إِرسالها السهمَ. ومَرْحَى: كَلِمَةٌ تُقَالُ لِلرَّامِي إِذا أَصاب؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
أَقولُ، والحَبْلُ مَعْقُودٌ بمِسْحَلِه: ... مَرْحَى لَهُ إِن يَفُتْنا مَسْحُه يَطِرِ

(2/591)


أَبو عَمْرِو بنُ العَلاءِ: إِذا رَمَى الرَّجُلُ فأَصاب قِيلَ: مَرْحَى لَهُ وَهُوَ تَعَجُّبٌ مِنْ جَوْدة رَمْيِهِ؛ وَقَالَ أُمَيَّة بْنُ أَبي عَائِذٍ:
يُصِيبُ القَنِيصَ، وصِدْقاً يقولُ: ... مَرْحى وأَيحَى إِذا مَا يُوالي
مَرْحى وأَيْحى: كلمةُ التَّعَجُّبِ شِبْهُ الزَّجْرِ، وإِذا أَخطأَ قِيلَ لَهُ: بَرْحى ومَرِحَتِ الأَرضُ بِالنَّبَاتِ مَرَحاً: أَخرجته. وأَرض مِمْراح إِذا كَانَتْ سَرِيعَةَ النَّبَاتِ حِينَ يُصِيبُهَا الْمَطَرُ؛ الأَصمعي: المِمْراح مِنَ الأَرض الَّتِي حَالَتْ سَنَةً فَلَمْ تَمْرَحْ بِنَبَاتِهَا. ومَرِحَ الزَّرْعُ يَمْرَحُ: خَرَجَ سُنْبُله. ومَرِحَتِ العينُ مَرَحاناً: اشْتَدَّ سَيَلانُها؛ قَالَ:
كأَنَّ قَذًى فِي الْعَيْنِ قَدْ مَرِحتْ بِهِ، ... وَمَا حاجةُ الأُخْرَى إِلى المَرَحانِ
وَقِيلَ: مَرِحتْ مَرَحاناً ضَعُفَت؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا الْبَيْتُ يُنْسَبُ إِلى النَّابِغَةِ الجَعْدي، وَقَبْلَهُ:
تَواهَسَ أَصحابي حَدِيثًا فَقِهْتُه ... خَفِيًّا، وأَعْضادُ المَطِيِّ عَواني
التواهُسُ: التسارُرُ؛ أَراد أَن أَصحابه تَسارُّوا بحديث حَرْبه. والغواني هُنَا: الْعَوَامِلُ. وَقَدْ قِيلَ فِي مَرِحَت الْعَيْنُ إِنها بِمَعْنَى أَسْبلت الدَّمْعَ، وَكَذَلِكَ السحابُ إِذا أَسْبَلَ المَطَرَ، وَالْمَعْنَى: أَنه لَمَّا بَكَى أَلمَتْ عينُه، فَصَارَتْ كأَنها قَذِيَّة، وَلَمَّا أَدام الْبُكَاءَ قَذِيَتِ الأُخْرَى؛ وَهَذَا كَقَوْلِ الْآخَرِ:
بَكَتْ عَيْنيَ اليُمْنى؛ فَلَمَّا زَجَرْتُها ... عَنِ الجَهْلِ بَعْدَ الحِلْمِ، أَسْبَلَتَا مَعَا
وَقَالَ شَمِرٌ: المَرَحُ خروجُ الدَّمْعِ إِذا كَثُرَ؛ وَقَالَ عَدِيّ بْنُ زَيْدٍ:
مَرِحٌ وَبْلُه يَسُحُّ سُيُوبَ الماءِ ... سَحًّا، كأَنَّه مَنْحُورُ
وَعَيْنٌ مِمْراح: سَرِيعَةُ الْبُكَاءِ. ومَرِحَتْ عَيْنُهُ مَرَحاناً: فَسَدَتْ وهاجتْ. وَعَيْنٌ مِمْراحٌ: غَزِيرَةُ الدَّمْعِ. ومَرَّحَ الطعامَ: نَقَّاه مِنَ الغَبا «5» بالمَحاوِق أَيِ الْمَكَانِسِ. ومَرَّحَ جِلْدَه: دَهَنَه؛ قَالَ:
سَرَتْ فِي رَعِيلٍ ذِي أَداوَى، مَنُوطةٍ ... بِلَبَّاتِها، مَدْبوغةٍ لَمْ تُمَرَّحِ
قَوْلُهُ: سَرَتْ يَعْنِي قَطَاةً. فِي رَعيل أَي فِي جَمَاعَةِ قَطاً. ذِي أَداوَى يَعْنِي حَوَاصِلَهَا. مَنُوطَةٌ: مُعَلَّقَةٌ. بلَبَّاتها يَعْنِي مَوَاضِعَ المَنْحَر؛ وَقِيلَ: التَّمْرِيحُ أَن تُؤْخَذَ المَزادة أَولَ مَا تُخْرَزُ فَتُمْلأَ مَاءً حَتَّى تَمْتَلِئَ خُرُوزُهَا وَتَنْتَفِخَ، وَالِاسْمُ المَرَحُ، وَقَدْ مَرِحَتْ مَرَحاناً. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: ومَزادةٌ مرِحة لَا تُمْسك الماءَ. وَيُقَالُ: قَدْ ذَهَبَ مَرَحُ المَزادة إِذا انْسَدَّتْ عُيُونُهَا وَلَمْ يَسِلْ مِنْهَا شَيْءٌ؛ ابْنُ الأَعرابي: التَّمْرِيحُ تَطْيِيبُ الْقِرْبَةِ الْجَدِيدَةِ بأَذْخِرٍ أَو شِيحٍ، فإِذا طُيِّبَتْ بِطِينٍ فَهُوَ التَّشْرِيبُ، وَبَعْضُهُمْ جَعَلَ تَمْرِيحَ الْمَزَادَةِ أَن تملأَها مَاءً حَتَّى تَبْتَلَّ خُرُوزها وَيَكْثُرَ سَيَلَانُهَا قَبْلَ انْتِفَاخِهَا، فَذَلِكَ مَرَحُها. ومَرَّحْتُ القِرْبةَ: شَرَّبْتُها، وَهُوَ أَن تملأَها مَاءً لتَنْسَدَّ عيونُ الخُرَز. والمِراحُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ:
تَرَكنا، بالمِراحِ وَذِي سُحَيْمٍ، ... أَبا حَيَّانَ فِي نَفَرٍ مَنافى
__________
(5).
قوله [نقاه من الغبا] عبارة القاموس وشرحه: والتمريح تنقية الطعام من العفا. هكذا في سائر النسخ. وفي بعض الأَمهات من الغبا انتهى. ولم نجد للعفا بالعين المهملة والفاء ولا للغبا بالغين المعجمة والباء الموحدة معنى يناسب هنا، ولعله الغفا بالغين المعجمة والفاء، شيء كالزؤان أو التبن كما نص عليه المجد وغيره.

(2/592)


ومَرَحَيَّا: زَجْرٌ عَنِ السِّيرَافِيِّ. ومَرْحَى نَاقَةٌ بِعَيْنِهَا عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
مَا بالُ مَرْحَى قَدْ امْسَتْ، وَهِيَ ساكنةٌ، ... باتتْ تَشَكَّى إليَّ الأَيْنَ والنَّجَدا
مزح: المَزْحُ: الدُّعابةُ، وَفِي الْمُحْكَمِ: المَزْحُ نقيضُ الجِدِّ؛ مَزَحَ يَمْزَحُ مَزْحاً ومِزاحاً ومُزاحاً ومُزاحةً «1» وَقَدْ مازَحه مُمازَحةً ومِزاحاً وَالِاسْمُ المُزاح، بِالضَّمِّ، والمُزاحة أَيضاً. وأُرَى أَبا حَنِيفَةَ حَكَى: أَمْزِحْ كرْمَك، بِقَطْعِ الأَلف، بِمَعْنَى عَرِّشْه. الْجَوْهَرِيُّ: المِزاح، بِالْكَسْرِ: مَصْدَرُ مازَحه. وَهُمَا يَتَمازَحانِ. الأَزهري: المُزَّحُ مِنَ الرِّجَالِ الْخَارِجُونَ مِنْ طَبْعِ الثُّقَلاء، الْمُتَمَيِّزُونَ مِنْ طَبْعِ البُغَضاء.
مسح: المَسْحُ: الْقَوْلُ الحَسَنُ مِنَ الرَّجُلِ، وَهُوَ فِي ذَلِكَ يَخْدَعُكَ، تَقُولُ: مَسَحَه بِالْمَعْرُوفِ أَي بِالْمَعْرُوفِ مِنَ الْقَوْلِ وَلَيْسَ مَعَهُ إِعطاء، وإِذا جَاءَ إِعطاء ذَهَبَ المَسْحُ؛ وَكَذَلِكَ مَسَّحْتُه. والمَسْحُ: إِمراركَ يَدَكَ عَلَى الشَّيْءِ السَّائِلِ أَو الْمُتَلَطِّخِ، تُرِيدُ إِذهابه بِذَلِكَ كَمَسْحِكَ رأْسك مِنَ الْمَاءِ وَجَبِينَكَ مِنَ الرَّشْح، مَسَحَه يَمْسَحُه مَسْحاً ومَسَّحَه، وتَمَسَّح مِنْهُ وَبِهِ. في حَدِيثِ فَرَسِ المُرابِطِ:
أَنَّ عَلَفَه ورَوْثه ومَسْحاً عَنْهُ فِي مِيزَانِهِ
؛ يُرِيدُ مَسْحَ الترابِ عَنْهُ وَتَنْظِيفَ جِلْدِهِ. وقوله تعالى: وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ
؛ فَسَّرَهُ ثَعْلَبٌ فَقَالَ: نَزَلَ الْقُرْآنُ بالمَسْح والسنَّةُ بالغَسْل، وَقَالَ بَعْضُ أَهل اللُّغَةِ: مَنْ خَفَضَ وأَرجلكم فَهُوَ عَلَى الجِوارِ؛ وَقَالَ أَبو إِسحاق النَّحْوِيُّ: الْخَفْضُ عَلَى الْجِوَارِ لَا يَجُوزُ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وإِنما يَجُوزُ ذَلِكَ فِي ضَرُورَةِ الشِّعْرِ، وَلَكِنَّ الْمَسْحَ عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ كَالْغَسْلِ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنه غَسْلٌ أَن الْمَسْحَ عَلَى الرَّجُلِ لَوْ كَانَ مَسْحًا كَمَسْحِ الرأْس، لَمْ يَجُزْ تَحْدِيدُهُ إِلى الْكَعْبَيْنِ كَمَا جَازَ التَّحْدِيدُ فِي الْيَدَيْنِ إِلى الْمَرَافِقِ؛ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ
؛ بِغَيْرِ تَحْدِيدٍ فِي الْقُرْآنِ؛ وَكَذَلِكَ فِي التَّيَمُّمِ: فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ، مِنْهُ
، مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ، فَهَذَا كُلُّهُ يُوجِبُ غَسْلَ الرِّجْلَيْنِ. وأَما مَنْ قرأَ: وأَرْجُلَكم، فَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحدهما أَن فِيهِ تَقْدِيمًا وتأْخيراً كأَنه قَالَ: فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وأَيديكم إِلى الْمَرَافِقِ، وأَرْجُلَكم إِلى الكعبين، وامسحوا برؤُوسكم، فقدَّمَ وأَخَّرَ لِيَكُونَ الوضوءُ وِلاءً شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ، وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ: كأَنه أَراد: وَاغْسِلُوا أَرجلكم إِلى الْكَعْبَيْنِ، لأَن قَوْلَهُ إِلى الْكَعْبَيْنِ قَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ كَمَا وَصَفْنَا، ويُنْسَقُ بِالْغَسْلِ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
يَا ليتَ زَوْجَكِ قَدْ غَدَا ... مُتَقَلِّداً سَيْفاً ورُمْحا
الْمَعْنَى: مُتَقَلِّدًا سَيْفًا وَحَامِلًا رُمْحًا. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه تَمَسَّحَ وصَلَّى
أَي تَوَضَّأَ. قَالَ ابْنُ الأَثير: يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا تَوَضَّأَ قَدْ تَمَسَّحَ، والمَسْحُ يَكُونُ مَسْحاً بِالْيَدِ وغَسْلًا. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَمَّا مَسَحْنا البيتَ أَحْللنا
أَي طُفْنا بِهِ، لأَن مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ مَسَحَ الركنَ، فَصَارَ اسْمًا لِلطَّوَافِ. وَفُلَانٌ يُتَمَسَّحُ بِثَوْبِهِ أَي يُمَرُّ ثوبُه عَلَى الأَبدان فيُتقرَّبُ بِهِ إِلى اللَّهِ. وَفُلَانٌ يُتَمَسَّحُ بِهِ لِفَضْلِهِ وَعِبَادَتِهِ كأَنه يُتَقَرَّبُ إِلى اللَّهِ بالدُّنُوِّ مِنْهُ. وتماسَحَ القومُ إِذا تَبَايَعُوا فتَصافَقُوا. وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ لِلْمَرِيضِ:
مَسَحَ اللَّهُ عَنْكَ مَا بِكَ
أَي أَذهب. والمَسَحُ: احْتِرَاقُ بَاطِنِ الرُّكْبَةِ مِنْ خُشْنَةِ الثَّوْبِ؛ وَقِيلَ: هُوَ أَن يَمَسَّ باطنُ
__________
(1).
قوله [ومزاحة] بضم الميم كما ضبطه المجد، وفتحها الفيومي. نقل شارح القاموس: أن المزاح المباسطة إلى الغير على جهة التلطف والاستعطاف دون أذية.

(2/593)


إِحدى الْفَخْذَيْنِ باطنَ الأُخْرَى فيَحْدُثَ لِذَلِكَ مَشَقٌ وتَشَقُّقٌ؛ وَقَدْ مَسِحَ. قَالَ أَبو زَيْدٍ: إِذا كَانَتِ إِحدى رُكْبَتَي الرَّجُلِ تُصِيبُ الأُخرى قِيلَ: مَشِقَ مَشَقاً ومَسِحَ، بِالْكَسْرِ، مَسَحاً. وامرأَة مَسْحاء رَسْحاء، والاسم المَسَحُ؛ والماسِحُ مِنَ الضاغِطِ إِذا مَسَحَ المِرْفَقُ الإِبِطَ مِنْ غَيْرِ أَن يَعْرُكَه عَرْكاً شَدِيدًا، وإِذا أَصاب المِرْفَقُ طَرَفَ كِرْكِرَة الْبَعِيرِ فأَدماه قِيلَ: بِهِ حازٌّ، وإِن لَمْ يُدْمِه قِيلَ: بِهِ ماسِحٌ. والأَمْسَحُ: الأَرْسَحُ؛ وَقَوْمٌ مُسْحٌ رُسْحٌ؛ وَقَالَ الأَخطل:
دُسْمُ العَمائمِ، مُسْحٌ، لَا لُحومَ لَهُمْ، ... إِذا أَحَسُّوا بشَخْصٍ نابئٍ أَسِدُوا
وَفِي حَدِيثِ اللِّعانِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ فِي وَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ: إِن جَاءَتْ بِهِ مَمْسُوحَ الأَلْيَتَينِ
؛ قَالَ شَمِرٌ: هُوَ الَّذِي لَزِقَتْ أَلْيَتاه بِالْعَظْمِ وَلَمْ تَعْظُما؛ رَجُلٌ أَمْسَحُ وامرأَة مَسْحاءُ وَهِيَ الرَّسْحاء. وخُصًى مَمْسُوحٌ إِذا سُلِتَتْ مَذاكِيرُه. والمَسَحُ أَيضاً: نَقْصٌ وقِصَرٌ فِي ذَنَبِ العُقابِ. وعَضُدٌ مَمْسوحة: قَلِيلَةُ اللَّحْمِ. وَرَجُلٌ أَمْسَحُ القَدَم والمرأَة مَسْحاء إِذا كَانَتْ قَدَمُه مُسْتَوِيَةً لَا أَخْمَصَ لَهَا. وَفِي صِفَةِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
مَسِيحُ الْقَدَمَيْنِ
؛ أَراد أَنهما مَلْساوانِ لَيِّنَتانِ لَيْسَ فِيهِمَا تَكَسُّرٌ وَلَا شُقاقٌ، إِذا أَصابهما الْمَاءُ نَبا عَنْهُمَا. وامرأَة مَسْحاءُ الثَّدْي إِذا لَمْ يَكُنْ لِثَدْيِهَا حَجْم. وَرَجُلٌ مَمْسوح الْوَجْهِ ومَسِيحٌ: لَيْسَ عَلَى أَحد شَقَّيْ وجهِه عَيْنٌ وَلَا حاجبٌ. والمَسِيحُ الدَّجَّالُ: مِنْهُ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ؛ وَقِيلَ: سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه مَمْسوحُ الْعَيْنِ. الأَزهري: المَسِيحُ الأَعْوَرُ وَبِهِ سُمِّيَ الدَّجَّالُ، وَنَحْوِ ذَلِكَ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ. ومَسَحَ فِي الأَرض يَمْسَحُ مُسُوحاً: ذَهَبَ، وَالصَّادُ لُغَةٌ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. ومَسَحَتِ الإِبلُ الأَرضَ يَوْمَهَا دَأْباً أَي سَارَتْ فِيهَا سَيْرًا شَدِيدًا. والمَسيحُ: الصِّدِّيقُ وَبِهِ سُمِّيَ عِيسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ؛ قَالَ الأَزهري: وَرُوِيَ عَنْ أَبي الْهَيْثَمِ أَن المَسِيحَ الصِّدِّيقُ؛ قَالَ أَبو بَكْرٍ: وَاللُّغَوِيُّونَ لَا يَعْرِفُونَ هَذَا، قَالَ: وَلَعَلَّ هَذَا كَانَ يُسْتَعْمَلُ فِي بَعْضِ الأَزمان فَدَرَسَ فِيمَا دَرَسَ مِنَ الْكَلَامِ؛ قَالَ: وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: قَدْ دَرَسَ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ كَثِيرٌ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَالْمَسِيحُ عيسى بن مَرْيَمَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِمَا، قِيلَ: سُمِّيَ بِذَلِكَ لِصِدْقِهِ، وَقِيلَ: سُمِّيَ بِهِ لأَنه كَانَ سَائِحًا فِي الأَرض لَا يَسْتَقِرُّ، وَقِيلَ: سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه كَانَ يَمْسَحُ بِيَدِهِ عَلَى الْعَلِيلِ والأَكمه والأَبرص فَيُبْرِئُهُ بإِذن اللَّهِ؛ قَالَ الأَزهري: أُعرب اسْمُ الْمَسِيحِ فِي الْقُرْآنِ عَلَى مَسَحَ، وَهُوَ فِي التَّوْرَاةِ مَشيحا، فعُرِّبَ وغُيِّرَ كَمَا قِيلَ مُوسَى وأَصله مُوشَى؛ وأَنشد:
إِذا المَسِيحُ يَقْتُل المَسِيحا
يَعْنِي عيسى بن مَرْيَمَ يَقْتُلُ الدَّجَّالَ بنَيْزَكه؛ وَقَالَ شَمِرٌ: سُمِّيَ عِيسَى المَسِيحَ لأَنه مُسِحَ بِالْبَرَكَةِ؛ وَقَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: سُمِّيَ مَسِيحاً لأَنه كَانَ يَمْسَحُ الأَرض أَي يَقْطَعُهَا.
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنه كَانَ لَا يَمْسَحُ بِيَدِهِ ذَا عَاهَةٍ إِلَّا بَرأَ
، وقيل: سمي مسيحا لأَنه كَانَ أَمْسَحَ الرِّجْل لَيْسَ لِرِجْلِهِ أَخْمَصُ؛ وَقِيلَ: سَمِّيَ مَسِيحًا لأَنه خَرَجَ مِنْ بَطْنِ أُمه مَمْسُوحًا بِالدُّهْنِ؛ وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ
؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: سَمَّى اللهُ ابتداءَ أَمرِه كَلِمَةً لأَنه أَلقى إِليها الكلمةَ، ثُمَّ كَوَّنَ الْكَلِمَةَ بَشَرًا، وَمَعْنَى الْكَلِمَةِ مَعْنَى الْوَلَدِ، وَالْمَعْنَى: يُبَشِّرُكِ بِوَلَدٍ اسْمُهُ الْمَسِيحُ. والمسيحُ: الْكَذَّابُ الدَّجَّالُ، وَسُمِّيَ الدَّجَّالُ، مَسِيحًا لأَن عَيْنَهُ مَمْسُوحَةٌ عَنْ أَن يُبْصِرَ بِهَا، وَسَمِّيَ عِيسَى مَسِيحًا اسْمٌ خصَّه اللَّهُ بِهِ، وَلِمَسْحِ زَكَرِيَّا إِياه؛
وَرُوِيَ عَنْ أَبي الْهَيْثَمِ

(2/594)


أَنه قال: المسيح بن مَرْيَمَ الصِّدِّيق
، وضدُّ الصِّدِّيق المسيحُ الدجالُ أَي الضِّلِّيلُ الْكَذَّابُ. خَلَقَ اللَّهُ المَسِيحَيْنِ: أَحدهما ضِدُّ الْآخَرِ، فَكَانَ المسِيحُ بْنُ مَرْيَمَ يُبْرِئُ الأَكمه والأَبرص وَيُحْيِي الْمَوْتَى بإِذن اللَّهِ، وَكَذَلِكَ الدَّجَّالُ يُحْيي الميتَ ويُمِيتُ الحَيَّ ويُنْشِئُ السحابَ ويُنْبِتُ النباتَ بإِذن اللَّهِ، فَهُمَا مَسِيحَانِ: مَسِيحُ الهُدَى وَمَسِيحُ الضَّلَالَةِ؛ قَالَ المُنْذِرِيُّ: فَقُلْتُ لَهُ بَلَغَنِي أَن عِيسَى إِنما سُمِّيَ مَسِيحًا لأَنه مُسِحَ بِالْبَرَكَةِ، وَسُمِّيَ الدَّجَّالُ مَسِيحًا لأَنه مَمْسُوحُ الْعَيْنِ، فأَنكره، وَقَالَ: إِنما المسِيحُ ضدُّ المسِيحِ؛ يُقَالُ: مَسَحَهُ اللَّهُ أَي خَلَقَهُ خَلْقًا مُبَارَكًا حَسَنًا، وَمَسْحَهُ اللَّهُ أَي خَلَقَهُ خَلْقًا قَبِيحًا مَلْعُونًا. والمسِيحُ: الْكَذَّابُ؛ ماسِحٌ ومِسِّيحٌ ومِمْسَحٌ وتِمْسَحٌ؛ وأَنشد:
إِني، إِذا عَنَّ مِعَنٌّ مِتْيَحُ ... ذَا نَخْوَةٍ أَو جَدَلٍ، بَلَنْدَحُ،
أَو كَيْذُبانٌ مَلَذانٌ مِمْسَحُ
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَمَّا مَسِيحُ الضَّلَالَةِ فَكَذَا
؛ فدلَّ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى أَن عِيسَى مَسِيحُ الهُدَى وأَن الدجَّال مَسِيحُ الضَّلَالَةِ. وَرَوَى بَعْضُ الْمُحَدِّثِينَ: المِسِّيح، بِكَسْرِ الْمِيمِ وَالتَّشْدِيدِ، فِي الدجَّال بِوَزْنِ سِكِّيتٍ. قَالَ ابْنُ الأَثير: قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: إِنه الَّذِي مُسِحَ خَلْقُه أَي شُوِّه، قَالَ: وَلَيْسَ بِشَيْءٍ. وَرُوِيَ عَنِ
ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَراني اللهُ رَجُلًا عِنْدَ الْكَعْبَةِ آدَمَ كأَحْسَنِ مَنْ رأَيتُ، فَقِيلَ لِي: هو المسيح بن مَرْيَمَ، قَالَ: وإِذا أَنا بِرَجُلٍ جَعْدٍ قَطِطٍ أَعور الْعَيْنِ الْيُمْنَى كأَنها عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ، فسأَلت عَنْهُ فَقِيلَ: المِسِّيحُ الدجَّال
؛ عَلَى فِعِّيل. والأَمْسَحُ مِنَ الأَرض: الْمُسْتَوِي؛ وَالْجَمْعُ الأَماسِح؛ وَقَالَ اللَّيْثُ: الأَمْسَحُ مِنَ الْمَفَاوِزِ كالأَمْلَسِ، وَجَمْعُ المَسْحاء مِنَ الأَرض مَساحي؛ وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: المَسْحاء أَرض حَمْرَاءُ والوحْفاء السَّوْدَاءُ؛ ابْنُ سِيدَهْ: والمَسْحاء الأَرض الْمُسْتَوِيَةُ ذاتُ الحَصَى الصِّغارِ لَا نَبَاتَ فِيهَا، وَالْجَمْعُ مِساحٌ ومسَاحِي «1»، غَلَبَ فكُسِّرَ تَكْسِيرَ الأَسماء؛ وَمَكَانٌ أَمْسَحُ. قَالَ الْفَرَّاءُ: يُقَالُ مَرَرْتُ بخَرِيق مِنَ الأَرض بَيْنَ مَسْحاوَيْنِ؛ والخَرِيقُ: الأَرض الَّتِي تَوَسَّطَها النباتُ؛ وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: المَسْحاء قِطْعَةٌ مِنَ الأَرض مُسْتَوِيَةٌ جَرْداء كَثِيرَةُ الحَصَى لَيْسَ فِيهَا شَجَرٌ وَلَا تَنْبُتُ غَلِيظَةٌ جَلَدٌ تَضْرِبُ إِلى الصَّلَابَةِ، مِثْلَ صَرْحة المِرْبَدِ لَيْسَتْ بقُفٍّ وَلَا سَهْلة؛ وَمَكَانٌ أَمْسَحُ. والمَسِيحُ: الْكَثِيرُ الْجِمَاعِ وَكَذَلِكَ الماسِحُ. والمِساحةُ: ذَرْعُ الأَرض؛ يُقَالُ: مَسَحَ يَمْسَحُ مَسْحاً. ومَسَحَ الأَرضَ مِساحة أَي ذَرَعَها. ومَسَحَ المرأَة يَمْسَحُها مَسْحاً ومَتَنَها مَتْناً: نَكَحَهَا. ومَسَحَ عُنُقَه وَبِهَا يَمْسَحُ مَسْحاً: ضَرَبَهَا، وَقِيلَ: قَطَعَهَا، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: رُدُّوها عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ
؛ يُفَسَّرُ بِهِمَا جَمِيعًا. وَرَوَى الأَزهري عَنْ ثَعْلَبٍ أَنه قِيلَ لَهُ: قَالَ قُطْرُبٌ يَمْسَحُها يَنْزِلُ عَلَيْهَا، فأَنكره أَبو الْعَبَّاسِ وَقَالَ: لَيْسَ بِشَيْءٍ، قِيلَ لَهُ: فإِيْش هُوَ عِنْدَكَ؟ فَقَالَ: قَالَ الْفَرَّاءُ وَغَيْرُهُ: يَضْرِبُ أَعناقَها وسُوقَها لأَنها كَانَتْ سَبَبَ ذَنْبِهِ؛ قَالَ الأَزهري: وَنَحْوَ ذَلِكَ قَالَ الزَّجَّاجُ وَقَالَ: لَمْ يَضْرِبْ سُوقَها وَلَا أَعناقَها إِلَّا وَقَدْ أَباح اللَّهُ لَهُ ذَلِكَ، لأَنه لَا يَجْعَلُ التَّوْبَةَ مِنَ الذَّنْبِ بِذَنْبٍ عَظِيمٍ؛ قَالَ: وَقَالَ قَوْمٌ إِنه مَسَحَ أَعناقَها وَسُوقَهَا بِالْمَاءِ بِيَدِهِ، قَالَ: وَهَذَا لَيْسَ يُشْبِه شَغْلَها
__________
(1).
قوله [والجمع مساح ومساحي] كذا بالأَصل مضبوطاً ومقتضى قوله غلب فكسر إلخ أَنْ يَكُونَ جَمْعُهُ عَلَى مساحي ومساحَى، بفتح الحاء وكسرها كما قال ابن مالك وبالفعالي والفعالى جمعا صحراء والعذراء إلخ.

(2/595)


إِياه عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ، وإِنما قَالَ ذَلِكَ قَوْمٌ لأَن قَتْلَهَا كَانَ عِنْدَهُمْ مُنْكَرًا، وَمَا أَباحه اللَّهُ فَلَيْسَ بِمُنْكَرٍ، وَجَائِزٌ أَن يُبِيحَ ذَلِكَ لِسُلَيْمَانَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، فِي وقتهِ ويَحْظُرَه فِي هَذَا الْوَقْتِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَفِي حَدِيثِ سُلَيْمَانَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ
؛ قِيلَ: ضَرَبَ أَعناقَها وعَرْقَبها. يُقَالُ: مَسَحه بِالسَّيْفِ أَي ضَرَبَهُ. ومَسَحه بِالسَّيْفِ: قَطَعَه؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
ومُسْتامةٍ تُسْتامُ، وَهِيَ رَخِيصةٌ، ... تُباعُ بساحاتِ الأَيادِي، وتُمْسَحُ
مُسْتَامَةٌ: يَعْنِي أَرضاً تَسُومُ بِهَا الإِبلُ. وتُباعُ: تَمُدُّ فِيهَا أَبواعَها وأَيديَها. وتُمْسَحُ: تُقْطَع. والماسحُ: القَتَّال؛ يُقَالُ: مَسَحَهم أَي قَتَلَهُمْ. وَالْمَاسِحَةُ: الْمَاشِطَةُ. والتماسُحُ: التَّصادُق. والمُماسَحَة: المُلاينَة فِي الْقَوْلِ وَالْمُعَاشَرَةِ والقلوبُ غَيْرُ صَافِيَةٍ. والتِّمْسَحُ: الَّذِي يُلايِنُك بِالْقَوْلِ وَهُوَ يَغُشُّك. والتِّمْسَحُ والتِّمْساحُ مِنَ الرِّجَالِ: المارِدُ الْخَبِيثُ؛ وَقِيلَ: الْكَذَّابُ الَّذِي لَا يَصْدُقُ أَثَرَه يَكْذِبُكَ مِنْ حَيْثُ جَاءَ؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ الْكَذَّابُ فَعَمَّ بِهِ. والتَّمْساحُ: الْكَذِبُ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
قَدْ غَلَبَ الناسَ بَنُو الطَّمَّاحِ، ... بالإِفْكِ والتَّكْذابِ والتَّمْساحِ
والتِّمْسَحُ والتِّمْساحُ: خَلْقٌ عَلَى شَكْل السُّلَحْفاة إِلَّا أَنه ضَخْم قَوِيٌّ طَوِيلٌ، يَكُونُ بِنِيلِ مِصْرَ وَبَعْضِ أَنهار السِّنْد؛ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: يَكُونُ فِي الْمَاءِ. والمَسِيحةُ: الذُّؤَابةُ، وَقِيلَ: هِيَ مَا نَزَلَ مِنَ الشَّعَرِ فَلَمْ يُعالَجْ بِدُهْنٍ وَلَا بِشَيْءٍ، وَقِيلَ: المَسِيحةُ مِنْ رأْس الإِنسان مَا بَيْنَ الأُذن وَالْحَاجِبِ يَتَصَعَّد حَتَّى يَكُونَ دُونَ اليافُوخ، وَقِيلَ: هُوَ مَا وَقَعَتْ عَلَيْهِ يَدُ الرَّجُلِ إِلى أُذنه مِنْ جَوَانِبِ شِعْرِهِ؛ قَالَ:
مَسائِحُ فَوْدَيْ رأْسِه مُسْبَغِلَّةٌ، ... جَرى مِسْكُ دارِينَ الأَحَمُّ خِلالَها
وَقِيلَ: المَسائح موضعُ يَدِ الماسِح. الأَزهري عَنِ الأَصمعي: المَسائح الشِّعْرُ؛ وَقَالَ شَمِرٌ: هِيَ مَا مَسَحْتَ مِنْ شَعْرِكَ فِي خَدِّكَ ورأْسك. وَفِي حَدِيثِ
عَمَّار: أَنه دَخَلَ عَلَيْهِ وَهُوَ يُرَجِّل مَسائحَ مَنْ شَعَره
؛ قِيلَ: هِيَ الذَّوَائِبُ وَشَعْرُ جَانِبَيِ الرأْس. والمَسائحُ: القِسِيُّ الجِيادُ، وَاحِدَتُهَا مَسِيحة؛ قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ الثَّعْلَبِيِّ:
لَهَا مَسائحُ زُورٌ، فِي مَراكِضِها ... لِينٌ، وَلَيْسَ بِهَا وَهْنٌ وَلَا رَقَقُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنشاده لَنَا مَسائح أَي لَنَا قِسِيٌّ. وزُورٌ: جَمْعُ زَوْراء وَهِيَ الْمَائِلَةُ. ومَراكِضُها: يُرِيدُ مِرْكَضَيْها وهما جانباها من عن يَمِينِ الوَتَرِ وَيَسَارِهِ. والوَهْنُ والرَّقَقُ: الضَّعْف. والمِسْحُ: البِلاسُ. والمِسْحُ: الْكِسَاءُ مِنَ الشَّعَر وَالْجَمْعُ الْقَلِيلُ أَمْساح؛ قَالَ أَبو ذؤَيب:
ثُمَّ شَرِبْنَ بنَبْطٍ، والجِمالُ كأَنَّ ... الرَّشْحَ، منهنَّ بالآباطِ، أَمْساحُ
وَالْكَثِيرُ مُسُوح. وَعَلَيْهِ مَسْحةٌ مِنْ جَمالٍ أَي شَيْءٌ مِنْهُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
عَلَى وَجْهِ مَيٍّ مَسْحةٌ مِنْ مَلاحَةٍ، ... وتحتَ الثِّيابِ الخِزْيُ، لَوْ كَانَ بادِيا
وَفِي الْحَدِيثِ
عَنْ إِسماعيل بْنُ قَيْسٍ قَالَ: سَمِعْتُ جَريراً يَقُولُ: مَا رَآنِي رسولُ اللَّهِ، صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مُنْذُ أَسلمت إِلا تَبَسَّم فِي وَجْهِي؛ قَالَ: ويَطْلُع عَلَيْكُمْ رَجُلٌ مِنْ خِيَارِ ذِي يَمَنٍ عَلَى وَجْهِهِ مَسْحةُ مُلْكٍ.
وَهَذَا الْحَدِيثُ فِي النِّهَايَةِ لِابْنِ الأَثير: يطلُع

(2/596)


عَلَيْكُمْ مِنْ هَذَا الفَجِّ رجلٌ مِنْ خَيْرِ ذِي يَمَنٍ عَلَيْهِ مَسْحةُ مُلْك؛ فَطَلَعَ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ. يُقَالُ: عَلَى وَجْهِهِ مَسْحَة مُلْك ومَسْحةُ جَمال أَي أَثر ظَاهِرٌ مِنْهُ. قَالَ شَمِرٌ: الْعَرَبُ تَقُولُ هَذَا رَجُلٌ عَلَيْهِ مَسْحةُ جَمال ومَسْحة عِتْقٍ وكَرَم، وَلَا يُقَالُ ذَلِكَ إِلا فِي الْمَدْحِ؛ قَالَ: وَلَا يُقَالُ عَلَيْهِ مَسْحةُ قُبْح. وَقَدْ مُسِح بالعِتْقِ والكَرَم مَسْحاً؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
خَوادِمُ أَكْفاءٌ عليهنَّ مَسْحَةٌ ... مِنَ العِتْقِ، أَبداها بَنانٌ ومَحْجِرُ
وَقَالَ الأَخطل يَمْدَحُ رَجُلًا مِنْ وَلَدِ الْعَبَّاسِ كَانَ يُقَالُ لَهُ المُذْهَبُ:
لَذٌّ، تَقَيَّلَهُ النعيمُ، كأَنَّما ... مُسِحَت تَرائبُه بماءٍ مُذْهَبِ
الأَزهري: الْعَرَبُ تَقُولُ بِهِ مَسْحَة مِنْ هُزال وَبِهِ مَسْحَة مِنْ سِمَنٍ وجَمال. والشيءُ المَمْسوحُ: الْقَبِيحُ المَشؤُوم المُغَيَّر عَنْ خِلْقَتِهِ. الأَزهري: ومَسَحْتُ الناقةَ ومَسَّحْتُها أَي هَزَلْتُها وأَدْبَرْتُها. والمَسِيحُ: المِنْديلُ الأَخْشَنُ. والمَسيح: الذِّراع. والمَسِيحُ والمَسِيحةُ: القِطْعَةُ مِنَ الفضةِ. والدرهمُ الأَطْلَسُ مَسِيحٌ. وَيُقَالُ: امْتَسَحْتُ السيفَ مِنْ غِمْده إِذا اسْتَلَلْتَه؛ وَقَالَ سَلَمة بْنُ الخُرْشُبِ يَصِفُ فَرَسًا:
تَعادَى، مِنْ قوائِمها، ثَلاثٌ، ... بتَحْجِيلٍ، وواحِدةٌ بَهِيمُ
كأَنَّ مَسيحَتَيْ وَرِقٍ عَلَيْهَا، ... نَمَتْ قُرْطَيْهما أُذُنٌ خَديمُ
قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: يَقُولُ كأَنما أُلْبِسَتْ صَفِيحةَ فِضَّةٍ مِنْ حُسْن لَوْنها وبَريقِها، قَالَ: وَقَوْلُهُ نَمَتْ قُرْطَيْهما أَي نَمَتِ القُرْطَيْنِ اللَّذَيْنِ مِنَ المَسيحَتَين أَي رِفْعَتِهِمَا، وأَراد أَن الْفِضَّةَ مِمَّا يُتَّخَذُ للحَلْيِ وَذَلِكَ أَصْفَى لَهَا. وأُذُنٌ خَديمٌ أَي مَثْقُوبَةٌ؛ وأَنشد لعبد الله ابن سَلَمَةَ فِي مَثَلِهِ:
تَعْلى عَلَيْهِ مَسائحٌ مِنْ فِضَّةٍ، ... وتَرى حَبابَ الماءِ غيرَ يَبِيسِ
أَراد صَفاءَ شَعْرَتِه وقِصَرَها؛ يَقُولُ: إِذا عَرِقَ فَهُوَ هَكَذَا وتَرى الماءَ أَوَّلَ مَا يَبْدُو مِنَ عَرَقه. والمَسيح: العَرَقُ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
فَراشُ المَسِيحِ كالجُمانِ المُثَقَّبِ
الأَزهري: سُمِّيَ العَرَق مَسِيحاً لأَنه يُمْسَحُ إِذا صُبَّ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
يَا رَيَّها، وَقَدْ بَدا مَسِيحي، ... وابْتَلَّ ثَوْبايَ مِنَ النَّضِيحِ
والأَمْسَحُ: الذِّئْبُ الأَزَلُّ. والأَمْسَحُ: الأَعْوَرُ الأَبْخَقُ لَا تَكُونُ عَيْنُهُ بِلَّوْرَةً. والأَمْسَحُ: السَّيَّارُ فِي سِياحتِه. والأَمْسَحُ: الْكَذَّابُ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ: أَغِرْ عَلَيْهِمْ غارَةً مَسْحاءَ
؛ هُوَ فَعْلاء مِنْ مَسَحَهم يَمْسَحُهم إِذا مَرَّ بِهِمْ مَرًّا خَفِيفًا لَا يُقِيمُ فِيهِ عِنْدَهُمْ. أَبو سَعِيدٍ فِي بَعْضِ الأَخبار:
نَرْجُو النَّصْرَ عَلَى مَنْ خالَفَنا ومَسْحَةَ النِّقْمةِ عَلَى مَنْ سَعَى
؛ مَسْحَتُها: آيَتُها وحِلْيَتُها؛ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَن أَعناقهم تُمْسَحُ أَي تُقْطَفُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
تَمَسَّحُوا بالأَرض فإِنها بِكُمْ بَرَّةٌ
؛ أَراد بِهِ التَّيَمُّمَ، وَقِيلَ: أَراد مُبَاشَرَةَ تُرَابِهَا بالجِباه فِي السُّجُودِ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ، وَيَكُونُ هَذَا أَمر تأْديب وَاسْتِحْبَابٍ لَا وُجُوبٍ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: إِذا كَانَ الْغُلَامُ يَتِيمًا فامْسَحُوا رأْسَه مِنْ أَعلاه إِلى مُقَدَّمِه،

(2/597)


وإِذا كَانَ لَهُ أَب فَامْسَحُوا مِنْ مُقَدَّمه إِلى قَفَاهُ
؛ وَقَالَ: قَالَ أَبو مُوسَى هَكَذَا وَجَدْتُهُ مَكْتُوبًا، قَالَ: وَلَا أَعرف الْحَدِيثَ وَلَا مَعْنَاهُ. وَفِي حَدِيثِ خَيْبَرَ:
فَخَرَجُوا بمَساحِيهم ومَكاتِلِهم
؛ المَساحِي: جمعُ مِسْحاةٍ وَهِيَ المِجْرَفَة مِنَ الْحَدِيدِ، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ، لأَنه مِنَ السَّحْوِ الكَشْفِ والإِزالة، وَاللَّهُ أَعلم.
مصح: مَصَحَ الكِتابُ يَمْصَحُ مُصُوحاً: دَرَسَ أَو قَارَبَ ذَلِكَ. ومَصَحَتِ الدارُ: عَفَتْ. والدارُ تَمْصَحُ أَي تَدْرُسُ؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
قِفَا نَسَلِ الدِّمَنَ المَاصِحَه، ... وَهَلْ هِيَ، إِن سُئِلَتْ، بَائِحَهْ؟
ومَصَحَ الثوبُ: أَخْلَقَ ودَرَسَ. ومَصَحَ الضَّرْعُ يَمْصَحُ مُصُوحاً: غَرَزَ وَذَهَبَ لَبَنُهُ. ومَصَحَ لبنُ النَّاقَةِ، وَلَّى وَذَهَبَ. ومَصَحَ بِالشَّيْءِ يَمْصَحُ مَصْحاً ومُصُوحاً: ذَهَبَ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
والهَجْرُ بِالْآلِ يَمْصَح
ومَصَعَ لبنُ النَّاقَةِ ومَصَحَ إِذا ولَّى مُصُوحاً ومُصُوعاً. ومَصَحَ الشَّيْءُ مُصُوحاً: ذَهَبَ وَانْقَطَعَ؛ وَقَالَ:
قَدْ كادَ مِنْ طُولِ البِلى أَن يَمْصَحا
وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ أَيضاً: مَصَحْتُ بِالشَّيْءِ ذَهَبْتَ بِهِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى غَلَطِ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ فِي قَوْلِهِ مَصَحَ اللَّهُ مَا بِكَ، بِالصَّادِّ، وَوَجْهُ غَلَطِهِ أَن مَصَح بِمَعْنَى ذَهَبَ لَا يَتَعَدَّى إِلا بِالْبَاءِ أَو بِالْهَمْزَةِ، فَيُقَالُ: مَصَحْتُ بِهِ أَو أَمْصَحْتُه بِمَعْنَى أَذهبته، قَالَ: وَالصَّوَابُ فِي ذَلِكَ مَا رَوَاهُ الهَرَوِيُّ فِي الْغَرِيبَيْنِ، قَالَ يُقَالُ: مَسَحَ اللَّهُ مَا بِكَ، بِالسِّينِ، أَي غَسَلَكَ وَطَهَّرَكَ مِنَ الذُّنُوبِ، وَلَوْ كَانَ بِالصَّادِّ لقالَ: مَصَح اللَّهُ بِمَا بِكَ أَو أَمْصَحَ اللَّهُ مَا بِكَ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: ومَصَحَ الله بِكَ مَصْحاً ومَصَّحَهُ: أَذهبه. ومَصَحَ النباتُ: ولَّى لَوْنُ زَهْرِه. ومَصَحَ الزهرُ يَمْصَحُ مُصوحاً: ولَّى لَوْنُهُ، عَنْ أَبي حَنِيفَةَ؛ وأَنشد:
يُكْسَيْنَ رَقْمَ الفارِسِيِّ، كأَنه ... زَهْرٌ تَتابَع لَوْنُه، لَمْ يَمْصَحِ
ومَصَحَ النَّدى يَمْصَحُ مُصُوحاً: رَسَخَ فِي الثَّرى. ومَصَح الثَّرَى مُصُوحاً إِذا رَسَخَ فِي الأَرض. ومَصَحت أَشاعِرُ الْفَرَسِ إِذا رَسَخَت أُصولها؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
عَبْل الشَّوى ماصِحَة أَشاعِرُهْ
مَعْنَاهُ رَسَخَتْ أُصُولُ الأَشاعر حَتَّى أَمِنَتْ أَن تَنْتَتِفَ أَو تَنْحَصَّ. والأَمْصَحُ الظِّلُّ: النَّاقِصُ «2». ومَصَحَ الظلُّ مُصوحاً: قَصُر. ومَصَحَ فِي الأَرض مَصْحاً: ذهَب؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَالسِّينُ لغة.
مضح: يُقَالُ: مَضَحَ الرجلُ عِرْض فُلَانٍ أَو عِرْضَ أَخيه يَمْضَحه مَضْحاً وأَمْضَحه إِذا شانَه وَعَابَهُ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
وأَمْضَحْتَ عِرْضِي فِي الْحَيَاةِ، وشِنْتَني، ... وأَوْقَدْتَ لِي نَارًا بِكُلِّ مكانِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنشاده: وأَمْضَحْتِ، بِكَسْرِ التَّاءِ، لأَنه يُخَاطِبُ النَّوارَ امرأَته؛ وَقَبْلَهُ:
وَلَوْ سُئلتْ عَنِّي النَّوارُ ورَهْطُها، ... إِذاً لَمْ تُوارِ الناجذَ الشَّفَتان
لَعَمْري، لَقَدْ رَقَقْتِني قبلَ رِقَّتِي، ... وأَشْعَلْتِ فِيَّ الشَّيْبَ قبلَ أَوان
قَالَ الأَزهري: وأَنشدنا أَبو عَمْرٍو فِي مَضَح لِبَكْرِ بن
__________
(2).
قوله [والأَمصح الظل الناقص إلخ] وبابه فرح ومنع كما صرح به القاموس.

(2/598)


زَيْدٍ القُشَيْري:
لَا تَمْضَحَنْ عِرْضِي فإِني ماضِحُ ... عِرْضَكَ، إِن شاتمتَني، وقادِحُ
فِي ساقِ مَن شاتَمني، وجارحُ
وَالْقَادِحُ: عَيْبٌ يُصيب الشَّجَرَةَ فِي سَاقِهَا. وساقُ الشَّجَرَةِ: عَمُودُها الَّذِي تَتَفَرَّعُ فِيهِ الأَغصانُ؛ يُرِيدُ: أَنه يُهْلك مَنْ شَاتَمَهُ وَيَفْعَلُ بِهِ مَا يُؤَدِّي إِلى عَطَبه كَالْقَادِحِ فِي الشَّجَرَةِ. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: مَضَحت الإِبلُ ونَضَحت ورَفَضَت إِذا انْتَشَرَتْ. ومَضَحت الشَّمْسُ ونَضَحت إِذا انْتَشَرَ شعاعُها عَلَى الأَرض.
مطح: المَطْحُ: الضَّرْبُ بِالْيَدِ وَرُبَّمَا كُنِّيَ بِهِ عَنِ النِّكَاحِ. ومَطَح الرجلُ جاريتَه إِذا نَكَحَهَا. قَالَ الأَزهري: أَما الضَّرْبُ بِالْيَدِ مَبْسُوطَةً، فَهُوَ البَطْح، قَالَ: وَمَا أَعْرِفُ المَطْح، بِالْمِيمِ، إِلا أَن تَكُونَ الْبَاءُ أُبدلت ميماً.
ملح: المِلْح: مَا يَطِيبُ بِهِ الطَّعَامُ، يُؤَنَّثُ وَيُذَكَّرُ، والتأْنيث فِيهِ أَكثر. وَقَدْ مَلَحَ القِدْرَ «1» يَمْلِحُها ويَمْلَحُها مَلْحاً وأَملَحَها: جَعَلَ فِيهَا مِلْحاً بقَدَرٍ. ومَلَّحها تَمْليحاً: أَكثر مِلْحها فأَفسدها، وَالتَّمْلِيحُ مِثْلَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن اللَّهَ تَعَالَى ضَرَبَ مَطْعَم ابْنِ آدَمَ لِلدُّنْيَا مَثَلًا وإِن مَلَحه
أَي أَلقى فِيهِ المِلْح بقَدْر الإِصلاح. ابْنُ سِيدَهْ عَنْ سِيبَوَيْهَ: مَلَحْتُه ومَلَّحْته وأَمْلَحْته بِمَعْنًى؛ ومَلَح اللحمَ والجلدَ يَمْلَحُه مَلْحاً، كَذَلِكَ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
تُشْلي الرَّمُوحَ، وهِيَ الرَّمُوحُ، ... حَرْفٌ كأَنَّ غُبْرَها مَمْلُوحُ
وَقَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
يَسْتَنُّ فِي عُرُضِ الصَّحْرَاءِ فائِرُه، ... كأَنه سَبِطُ الأَهْدابِ مَمْلُوحُ
يَعْنِي الْبَحْرَ شَبَّهَ السَّرابَ بِهِ. وَتَقُولُ: مَلَحْتُ الشيءَ ومَلَّحْته، فَهُوَ مَمْلُوحٌ مُمَلَّحٌ مَلِيحٌ. والمِلْحُ والمَلِيح خِلَافُ العَذْب مِنَ الْمَاءِ، وَالْجَمْعُ مِلْحَةٌ ومِلاح وأَمْلاح ومِلَح؛ وَقَدْ يُقَالُ: أَمواهٌ مِلْح ورَكيَّة مِلْحة وَمَاءٌ مِلْح، وَلَا يُقَالُ مَالِحٌ إِلَّا فِي لُغَةٍ رَدِيئَةٍ. وَقَدْ مَلُحَ مُلُوحة ومَلاحة ومَلَح يَمْلَح مُلوحاً، بِفَتْحِ اللَّامِ فِيهِمَا؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، فإِن كَانَ الْمَاءُ عَذْبًا ثُمَّ مَلُحَ قَالَ: أَمْلَحَ؛ وَبَقْلَةٌ مالِحة. وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: مَاءٌ مالحٌ كمِلْحٍ، وإِذا وَصَفْتَ الشيءَ بِمَا فِيهِ مِنَ المُلوحة قُلْتَ: سَمَكٌ مَالِحٌ وَبَقْلَةٌ مَالِحَةٌ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَفِي حَدِيثِ
عُثْمَانَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وأَنا أَشرب ماءَ المِلْح
أَي الشديدَ المُلوحة. الأَزهري عَنْ أَبي الْعَبَّاسِ: أَنه سَمِعَ ابْنَ الأَعرابي قَالَ: مَاءٌ أُجاجٌ وقُعاع وزُعاق وحُراق، وماءٌ يَفْقَأُ عينَ الطَّائِرِ، وَهُوَ الْمَاءُ الْمَالِحُ؛ قَالَ وأَنشدنا:
بَحْرُكَ عَذْبُ الماءِ، مَا أَعَقَّهُ ... رَبُّك، والمَحْرُومُ مَنْ لَمْ يُسْقَهُ
أَراد: مَا أَقَعَّه مِنَ القُعاع، وَهُوَ الْمَاءُ المِلْحُ فقلَب. ابْنُ شُمَيْلٍ: قَالَ يُونُسُ: لَمْ أَسمع أَحداً مِنَ الْعَرَبِ يَقُولُ مَاءٌ مَالِحٌ، وَيُقَالُ سَمك مَالِحٌ، وأَحسن مِنْهُمَا: سَمك مَلِيح ومَمْلوح؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَلَا يُقَالُ مَالِحٌ، قَالَ: وَقَالَ أَبو الدُّقَيْش: يُقَالُ مَاءٌ مالِح ومِلْحٌ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: هَذَا وإِن وُجد فِي كَلَامِ العرب قليلًا لُغَةٌ لَا تُنْكَرُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَدْ جَاءَ المالِح فِي أَشعار الْفُصَحَاءِ كَقَوْلِ الأَغْلَبِ العِجْلِيِّ يَصِفُ أُتُناً وحماراً:
__________
(1).
قوله [وقد ملح القدر إلخ] بابه منع وضرب وأَما ملح الماء فبابه كرم ومنع ونصر كما في القاموس.

(2/599)


تخالُه مِنْ كَرْبِهِنَّ كالِحا، ... وافْتَرَّ صَابًا ونَشُوقاً مالِحا
وَقَالَ غَسَّان السَّلِيطيّ:
وبِيضٍ غِذاهُنَّ الحَليبُ، وَلَمْ يكنْ ... غِذاهُنَّ نِينانٌ مِنَ الْبَحْرِ مالِحُ
أَحَبُّ إِلينا مِنْ أُناسٍ بقَرْيةٍ، ... يَموجُونَ مَوْجَ البحرِ، والبحرُ جامحُ
وَقَالَ عُمَرُ بْنُ أَبي رَبِيعَةَ:
وَلَوْ تَفلتْ فِي البحرِ، والبحرُ مالحٌ، ... لأَصْبَحَ ماءُ البحرِ مِنْ رِيقها عَذْبا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَجَدْتُ هَذَا الْبَيْتَ الْمَنْسُوبَ إِلى عمر ابن أَبي رَبِيعَةَ فِي شِعْرِ أَبي عُيَيْنَةَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبي صُفْرة فِي قَصِيدَةٍ أَوّلها:
تَجَنَّى عَلَيْنَا أَهلُ مَكتومةَ الذَّنْبا، ... وَكَانُوا لَنَا سِلْماً، فَصَارُوا لَنَا حَرْبا
وَقَالَ أَبو زِياد الْكِلَابِيُّ:
صَبَّحْنَ قَوًّا، والحِمامُ واقِعُ، ... وماءُ قَوٍّ مالِحٌ وناقِعُ
وَقَالَ جَرِيرٌ:
إِلى المُهَلَّبِ جَدَّ اللهُ دابِرَهُمْ ... أَمْسَوا رَماداً، فَلَا أَصلٌ وَلَا طَرَفُ
كَانُوا إِذا جَعَلوا فِي صِيرِهِمْ بَصَلًا، ... ثُمَّ اشْتَوَوا كَنْعَداً مِنْ مالحٍ جَدَفوا
قَالَ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ شَيْءٌ مَالِحٌ كَمَا يُقَالُ حَامِضٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَالَ أَبو الجَرَّاحِ: الحَمْضُ الْمَالِحُ مِنَ الشَّجَرِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَوَجْهُ جَوَازِ هَذَا مِنْ جِهَةِ الْعَرَبِيَّةِ أَن يَكُونَ عَلَى النَّسَبِ، مِثْلَ قَوْلِهِمْ مَاءٌ دَافِقٌ أَي ذُو دَفْق، وَكَذَلِكَ مَاءَ مَالِحٌ أَي ذُو مِلْح، وَكَمَا يُقَالُ رَجُلٌ تارِسٌ أَي ذُو تُرْس، ودارِع أَي ذُو دِرْع؛ قَالَ: وَلَا يَكُونُ هَذَا جَارِيًا عَلَى الْفِعْلِ؛ ابْنُ سِيدَهْ: وسَمك مَالِحٌ ومَليح ومَمْلوح ومُمَلَّح وَكَرِهَ بَعْضُهُمْ مَليحاً وَمَالِحًا، وَلَمْ يَرَ بيتَ عُذافِرٍ حُجَّةً؛ وَهُوَ قَوْلُهُ:
لَوْ شاءَ رَبي لَمْ أَكُنْ كَرِيَّا، ... وَلَمْ أَسُقْ لِشَعْفَرَ المَطِيَّا
بِصْرِيَّةٍ تزوَّجت بِصْرِيَّا، ... يُطْعِمُها المالحَ والطَّرِيَّا
وَقَدْ عَارَضَ هَذَا الشاعرَ رجلٌ مِنْ حَنِيفَةَ فَقَالَ:
أَكْرَيْتُ خَرْقاً مَاجِدًا سَرِيَّا، ... ذَا زوجةٍ كَانَ بِهَا حَفِيَّا،
يُطْعِمُها المالِحَ والطَّرِيَّا
وأَمْلَح القومُ: وَرَدُوا مَاءً مِلْحاً. وأَملَحَ الإِبلَ: سَقَاهَا مَاءً مِلْحاً. وأَمْلَحَتْ هِيَ: وَرَدَتْ مَاءً مِلْحاً. وتَمَلَّحَ الرجلُ: تَزَوَّدَ المِلْحَ أَو تَجَرَ بِهِ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ يَصِفُ سَحَابًا:
تَرَى كلَّ وادٍ سَالَ فِيهِ، كأَنما ... أَناخَ عَلَيْهِ راكبٌ مُتَمَلِّحُ
والمَلَّاحَةُ: مَنْبِتُ المِلْح كالبَقَّالة لِمَنْبَتِ البَقْل. والمَمْلَحةُ: مَا يَجْعَلُ فِيهِ الْمِلْحَ. والمَلَّاح: صَاحِبُ المِلْح؛ حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي وأَنشد:
حَتَّى تَرَى الحُجُراتِ كلَّ عَشِيَّةٍ ... مَا حَوْلَها، كمُعَرَّسِ المَلَّاحِ
وَيُرْوَى الحَجَرات. والمَلَّاحُ: النُّوتيّ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: صَاحِبُ السَّفِينَةِ لِمُلَازَمَتِهِ الماءَ المِلْح، وَهُوَ أَيضاً الَّذِي يَتَعَهَّدُ فُوهَةَ النَّهْرِ ليُصْلحه وأَصله مِنْ ذَلِكَ، وحِرْفَتُه المِلاحَةُ والمُلَّاحِيَّةُ؛ وأَنشد الأَزهري للأَعشى:

(2/600)


تَكافَأَ مَلَّاحُها وَسْطَها، ... مِنَ الخَوْفِ، كَوْثَلَها يَلتَزِمْ
ابْنُ الأَعرابي: المِلاحُ الرِّيحُ الَّتِي تَجْرِي بِهَا السَّفِينَةُ وَبِهِ سُمِّيَ المَلَّاحُ مَلَّاحاً، وَقَالَ غَيْرُهُ: سُمِّيَ السَّفَّانُ مَلَّاحاً لِمُعَالَجَتِهِ الماءَ المِلْحَ بإِجراء السُّفُنِ فِيهِ؛ وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ الْحَدِيدِ: مِلْحُه عَلَى رُكْبتيه؛ قَالَ مِسكينٌ الدَّارِميّ:
لَا تَلُمْها، إِنها مِنْ نِسْوَةٍ ... مِلحُها مَوْضوعةٌ فَوْقَ الرُّكَبْ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَنث فإِما أَن يَكُونَ جمعَ مِلْحة، وإِما أَن يَكُونَ التأْنيث فِي المِلْح لُغَةً؛ وَقَالَ الأَزهري: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذَا الْبَيْتِ فَقَالَ الأَصمعي: هَذِهِ زِنجِيَّة والمِلْح شَحْمُهَا هَاهُنَا وسِمَنُ الزِّنْج فِي أَفخاذها؛ وَقَالَ شَمِرٌ: الشَّحْمُ يُسَمَّى مِلْحاً؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي فِي قَوْلِهِ:
ملحُها مَوْضُوعَةٌ فَوْقَ الرُّكَبْ
قَالَ: هَذِهِ قَلِيلَةُ الْوَفَاءِ، والمِلْحُ هَاهُنَا يَعْنِي المِلْحَ. يُقَالُ: فُلَانٌ مِلْحُه عَلَى رُكْبَتَيْهِ إِذا كَانَ قَلِيلَ الْوَفَاءِ. قَالَ: وَالْعَرَبُ تَحْلِفُ بالمِلْح وَالْمَاءِ تَعْظِيمًا لَهُمَا. ومَلَحَ الماشيةَ مَلْحاً ومَلَّحها: أَطعمها سَبِخَةَ المِلْح، وَهُوَ مِلْح وتُراب، وَالْمِلْحُ أَكثر، وَذَلِكَ إِذا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الحَمْضِ فأَطعمها هَذَا مَكَانَهُ. والمُلَّاحَة: عُشبة مِنَ الحُمُوضِ ذَاتُ قُضُبٍ وورقٍ مَنْبِتُها القِفافُ، وَهِيَ مَالِحَةُ الطَّعْمِ نَاجِعَةٌ فِي الْمَالِ، وَالْجَمْعُ مُلَّاحٌ. الأَزهري عَنِ اللَّيْثِ: المُلَّاحُ مِنَ الحَمْضِ؛ وأَنشد:
يَخْبِطْنَ مُلَّاحاً كَذَاوِي القَرْمَلِ
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: المُلَّاحُ مِنْ بُقُولِ الرِّيَاضِ، الْوَاحِدَةُ مُلَّاحة، وَهِيَ بَقْلَةٌ غَضَّة فِيهَا مُلُوحة مَنابِتُها القِيعانُ؛ وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي عَنْ أَبي النَّجِيبِ الرَّبَعِيِّ فِي وَصْفِهِ رَوْضَةً: رأَيتُها تَنْدى مِنْ بُهْمَى وصُوفانَةٍ ويَنَمَةٍ ومُلَّاحةٍ ونَهْقَةٍ. والمُلَّاحُ، بِالضَّمِّ وَالتَّشْدِيدِ: مِنْ نَبَاتِ الحَمْضِ؛ وَفِي حَدِيثِ
ظَبْيانَ: يأْكلون مُلَّاحَها ويَرْعَوْنَ سِراحَها
:
المُلَّاح: ضَرْبٌ مِنَ النَّبَاتِ، والسِّراحُ: جَمْعُ سَرْح، وَهُوَ الشجرُ؛ وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: المُلَّاحُ حَمْضَة مِثْلَ القُلَّام فِيهِ حُمْرَةٌ يُؤْكَلُ مَعَ اللَّبَنِ يُتَنَقَّلُ بِهِ، وَلَهُ حَبٌّ يُجْمَعُ كَمَا يُجْمَعُ الفَثُّ ويُخْبز فَيُؤْكَلُ، قَالَ: وأَحْسِبُه سُمِّيَ مُلَّاحاً للَّوْن لَا لِلطَّعْمِ؛ وَقَالَ مَرَّةً: المُلَّاحُ عُنْقُود الكَباثِ مِنَ الأَراك سُمِّيَ به لطعمه، كأَن فِيهِ مِنْ حَرَارَتِهِ مِلْحاً، وَيُقَالُ: نبتٌ مِلْح وَمَالِحٌ للحَمْضِ. وقَلِيبٌ مَليح أَي مَاؤُهُ مِلْح؛ قَالَ عَنْتَرَةُ يَصِفُ جُعَلًا:
كأَنَّ مُؤَشّرَ العَضُدَينِ حَجْلًا، ... هَدُوجاً بَيْنَ أَقْلِبةٍ مِلاحِ
والمِلْحُ: الحُسْنُ مِنَ المَلاحة. وَقَدْ مَلُحَ يَمْلُحُ مُلُوحةً ومَلاحةً ومِلْحاً أَي حَسُنَ، فَهُوَ مَليح ومُلاحٌ ومُلَّاح. والمُلَّاحُ أَمْلَحُ مِنَ المَليح؛ قَالَ:
تَمْشي بجَهْمٍ حَسَنٍ مُلَّاحِ، ... أُجِمَّ حَتَّى هَمَّ بالصِّياحِ
يَعْنِي فَرْجَهَا، وَهَذَا الْمِثَالُ لَمَّا أَرادوا الْمُبَالَغَةَ، قَالُوا: فُعَّال فَزَادُوا فِي لَفْظِهِ لِزِيَادَةِ مَعْنَاهُ؛ وَجَمْعُ المَلِيحِ مِلاحٌ وَجَمْعُ مُلاحٍ ومُلَّاحٍ مُلاحُون ومُلَّاحُونَ، والأُنثى مَلِيحة. واستَمْلَحه: عَدَّه مَلِيحاً؛ وَقِيلَ: جَمْعُ المَلِيح مِلاحٌ وأَمْلاح؛ عَنْ أَبي عَمْرٍو، مِثْلَ شَرِيف وأَشْراف. وَفِي حَدِيثِ
جُوَيرية: وَكَانَتِ امرأَة مُلاحةً
أَي شَدِيدَةَ المَلاحة، وَهُوَ مِنْ أَبنية الْمُبَالَغَةِ. وَفِي كِتَابِ

(2/601)


الزَّمَخْشَرِيِّ: وَكَانَتِ امرأَة مُلاحة أَي ذَاتِ مَلاحة، وفُعالٌ مُبَالَغَةٌ فِي فَعِيلٍ مِثْلَ كَرِيمٍ وكُرام وَكَبِيرٍ وكُبارٍ، وفُعَّالٌ مَشدّداً أَبلغ مِنْهُ. التَّهْذِيبُ: والمُلَّاحُ أَمْلَحُ مِنَ المَليح. وَقَالُوا: مَا أُمَيْلِحَه فَصَغَّروا الْفِعْلَ وَهُمْ يُرِيدُونَ الصِّفَةَ حَتَّى كأَنهم قَالُوا مُلَيْحٌ، وَلَمْ يُصَغِّرُوا مِنَ الْفِعْلِ غَيْرَهُ وَغَيْرَ قَوْلِهِمْ مَا أُحَيْسِنَه؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
يَا مَا أُمَيْلِحَ غِزْلاناً عَطَونَ لَنَا، ... مِنْ هؤُلَيَّاءِ، بَيْنَ الضَّالِ والسَّمُرِ
والمُلْحة والمُلَحةُ: الْكَلِمَةُ المَليحة. وأَمْلَح: جَاءَ بِكَلِمَةٍ مَليحة. اللَّيْثُ: أَمْلَحْتَ يَا فلانُ بِمَعْنَيَيْنِ أَي جِئْتَ بِكَلِمَةٍ مَلِيحة وأَكثرت مِلْحَ القِدْرِ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ لَهَا امرأَة: أَزُمُّ جَمَلي هَلْ عليَّ جُناحٌ؟ قَالَتْ: لَا، فَلَمَّا خَرَجَتْ قَالُوا لَهَا: إِنها تَعْنِي زَوْجَهَا، قَالَتْ: رُدُّوها عليَّ، مُلْحةٌ فِي النَّارِ اغْسِلُوا عَنِّي أَثرها بِالْمَاءِ والسِّدْرِ
؛ المُلْحَة: الْكَلِمَةُ الْمَلِيحَةُ، وَقِيلَ: الْقَبِيحَةُ. وَقَوْلُهَا: اغْسِلُوا عَنِّي أَثرها تَعْنِي الْكَلِمَةَ الَّتِي أَذِنَتْ لَهَا بِهَا، ردُّوها لأُعلمها أَنه لَا يَجُوزُ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الْكَلَامُ الْجَيِّدُ مَلَّحْتُ القِدْر إِذا أَكثرت مِلْحَها، بِالتَّشْدِيدِ، ومَلَّحَ الشاعرُ إِذا أَتى بِشَيْءٍ مَلِيح. والمُلْحَةُ، بِالضَّمِّ: وَاحِدَةُ المُلَحِ مِنَ الأَحاديث. قَالَ الأَصمعي: بَلَغْتُ بِالْعِلْمِ ونِلْتُ بالمُلَح؛ والمَلْح: المُلَحُ مِنَ الأَخبار، بِفَتْحِ الْمِيمِ. والمِلْحُ: الْعِلْمُ. والمِلْحُ: الْعُلَمَاءُ. وأَمْلِحْني بِنَفْسِكَ: زَيِّنِّي؛ التَّهْذِيبُ: سأَل رَجُلٌ آخَرَ فَقَالَ: أُحِبُّ أَن تُمْلِحَني عِنْدَ فُلَانٍ بِنَفْسِكَ أَي تُزَيِّنَني وتُطْريَني. الأَصمعي: الأَمْلَحُ الأَبْلَقُ بِسَوَادٍ وَبَيَاضٍ. والمُلْحة مِنَ الأَلوان: بَيَاضٌ تَشُوبُهُ شَعَرَاتٌ سُودٌ. وَالصِّفَةُ أَمْلَح والأُنثى مَلْحاء. وَكُلُّ شِعْرٍ وَصُوفٍ وَنَحْوِهِ كَانَ فِيهِ بَيَاضٌ وَسَوَادٌ: فَهُوَ أَمْلح، وَكَبْشٌ أَمْلَحُ: بَيِّنُ المُلْحةِ والمَلَح. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أُتيَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَينِ فَذَبَحَهُمَا
؛ وَفِي التَّهْذِيبِ:
ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ أَملحين
؛ قَالَ الْكِسَائِيُّ وأَبو زَيْدٍ وَغَيْرُهُمَا: الأَمْلَح الَّذِي فِيهِ بَيَاضٌ وَسَوَادٌ وَيَكُونُ الْبَيَاضُ أَكثر. وَقَدِ امْلَحَّ الْكَبْشُ امْلِحاحاً: صَارَ أَمْلَح؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
يُؤْتى بِالْمَوْتِ فِي صُورَةِ كَبْشٍ أَمْلَح
؛ وَيُقَالُ: كَبْشٌ أَمْلَحُ إِذا كَانَ شَعْرُهُ خَلِيساً. قال أَبو دُبْيانَ ابنُ الرَّعْبَلِ: أَبْغَضُ الشُّيُوخِ إِليَّ الأَقْلَحُ الأَملَحُ الحَسُوُّ الفَسُوُّ. وَفِي حَدِيثِ
خَبَّاب: لكنْ حمزةُ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِلَّا نَمِرةٌ مَلْحاءُ
أَي بُرْدَة فِيهَا خُطُوطٌ سُودٌ وَبِيضٌ، وَمِنْهُ حَدِيثُ
عُبَيْدِ بْنِ خَالِدٍ «2»: خَرَجْتُ فِي بُرْدَيْنِ وأَنا مُسْبِلُهما فالتفتُّ فإِذا رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: إِنما هِيَ مَلْحاء، قَالَ: وإِن كَانَتْ مَلْحاء أَما لَكَ فيَّ أُسْوَةٌ؟
والمَلْحاء مِنَ النِّعاج: الشَّمطاءُ تَكُونُ سَوْدَاءَ تُنْفِذها شعرةٌ بَيْضَاءُ. والأَمْلَحُ مِنَ الشَّعَرِ نَحْوَ الأَصْبَح وَجَعَلَ بَعْضُهُمُ الأَمْلَح الأَبيضَ النقيَّ الْبَيَاضِ وَقِيلَ: المُلْحة بَيَاضٌ إِلى الْحُمْرَةِ مَا هُوَ كَلَوْنِ الظَّبْيِ؛ أَبو عُبَيْدَةَ: هُوَ الأَبيض الَّذِي لَيْسَ بِخَالِصٍ فِيهِ عُفْرة. وَرَجُلٌ أَمْلَحُ اللِّحْيَةِ إِذا كَانَ يَعْلُو شعرَ لِحْيَتِهِ بياضٌ مِنْ خِلْقةٍ، لَيْسَ مَنْ شَيْبٍ، وَقَدْ يَكُونُ مِنْ شَيْبٍ وَلِذَلِكَ وَصَفَ الشَّيْبَ بالمُلحَة؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
لكلِّ دَهْرٍ قَدْ لَبِسْتُ أَثْوُبا،
__________
(2).
قوله [وَمِنْهُ حَدِيثُ عُبَيْدِ بْنِ خالد إلخ] نصه كما بهامش النهاية: كنت رجلًا شاباً بالمدينة فخرجت فِي بُرْدَيْنِ وأَنا مُسْبِلُهُمَا فطعنني رجل من خلفي، إما بإصبعه وإما بقضيب كان معه، فالتفت إلخ.

(2/602)


حَتَّى اكتَسَى الشيبُ قِناعاً أَشْهَبا، ... أَمْلَح لَا لَذًّا وَلَا مُحَبَّبا
وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي بَيَاضُهُ غَالِبٌ لِسَوَادِهِ وَبِهِ فَسَّرَ بَعْضُهُمْ هَذَا الْبَيْتَ. والمُلْحة والمَلَحُ: فِي جَمِيعِ شَعْرِ الْجَسَدِ مِنَ الإِنسان وكلِّ شَيْءٍ بياضٌ يَعْلُو السَّوَادَ. والمُلْحة: أَشدُّ الزَّرَق حَتَّى يَضْرِب إِلى الْبَيَاضِ؛ وَقَدْ مَلِح مَلَحاً وامْلَحَّ وأَمْلَح؛ الأَزهري: الزُّرْقَةُ إِذا اشْتَدَّتْ حَتَّى تَضْرِبَ إِلى الْبَيَاضِ قِيلَ: هُوَ أَمْلَحُ الْعَيْنِ، وَمِنْهُ كَتِيبَةٌ مَلْحاءُ؛ وَقَالَ حَسانُ بْنُ رَبِيعَةَ الطَّائِيُّ:
وإِنا نَضْرِبُ المَلْحَاءَ حَتَّى ... تُوَلِّيَ، والسُّيُوفُ لَنَا شُهودُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْمَشْهُورُ مِنَ الرِّوَايَةِ: وأَنا نَضْرِبُ الْمَلْحَاءَ، بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ؛ وَقَبْلَهُ:
لَقَدْ عَلِمَ القبائلُ أَن قَوْمِي ... ذَوو حَدٍّ، إِذا لُبِسَ الحَديدُ
قَالَ: وَمَعْنَى قَوْلِهِ حَتَّى تُوَلِّيَ أَي حَتَّى تَفِرَّ مُوَلِّيَةً يَعْنِي كَتِيبَةَ أَعدائه، وَجَعَلَ تَفْلِيلَ السُّيُوفِ شَاهِدًا عَلَى مُقَارَعَةِ الْكَتَائِبِ وَيُرْوَى: لَهَا شُهُودٌ، فَمَنْ رَوَى لَنَا شُهُودٌ فإِنه جَعَلَ فُلولَها شُهوداً لَهُمْ بِالْمُقَارَعَةِ، وَمَنْ رَوَى لَهَا أَراد أَن السُّيُوفَ شُهُودٌ عَلَى مُقَارَعَتِهَا، وَذَلِكَ تَفْلِيلُهَا. ومَلْحانُ [مِلْحانُ]: جُمادَى الْآخِرَةُ؛ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِابْيِضَاضِهِ بِالثَّلْجِ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
إِذا أَمْسَتِ الآفاقُ حُمْراً جُنُوبُها، ... لِشَيْبانَ أَو مَلْحانَ، واليومُ أَشْهَبُ
شِيْبانُ [شَيْبانُ]: جُمادَى الأُولى وَقِيلَ: كانون الأَول. ومَلْحانُ [مِلْحانُ]: كَانُونُ الثَّانِي، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِبَيَاضِ الثَّلْجِ. الأَزهري: عَمْرُو بْنُ أَبي عَمْرٍو: شِيبانُ، بكسر الشين، ومِلْحان [مَلْحان] مِنَ الأَيام إِذا ابْيَضَّتِ الأَرض مِنَ الجَلِيتِ والصَّقِيعِ. الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ لِبَعْضِ شُهُورِ الشتاء مِلْحانُ [مَلْحانُ] لِبَيَاضِ ثَلْجِهِ. والمُلَّاحِيُّ، بِالضَّمِّ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ: ضَرْبٌ مِنَ الْعِنَبِ أَبيض فِي حَبِّهِ طُولٌ، وَهُوَ مِنَ المُلْحة؛ وَقَالَ أَبو قَيْسِ ابنُ الأَسْلَت:
وَقَدْ لاحَ فِي الصبحِ الثرَيَّا كَمَا تَرَى، ... كعُنْقودِ مُلَّاحِيَّةٍ، حِينَ نَوَّرا
ابْنُ سِيدَهْ: عِنَبٌ مُلاحِيٌّ أَبيض؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وَمِنْ تَعاجيبِ خَلْقِ اللهِ غاطِيَةٌ، ... يُعْصَرُ مِنْهَا مُلاحِيٌّ وغِرْبِيبُ
قَالَ: وَحَكَى أَبو حَنِيفَةَ مُلَّاحِيّ، وَهِيَ قَلِيلَةٌ. وَقَالَ مَرَّةً: إِنما نَسَبَهُ إِلى المُلَّاحِ، وإِنما المُلَّاحُ فِي الطَّعْم، والمُلاحِيُّ مِنَ الأَراك الَّذِي فِيهِ بَيَاضٌ وشُهْبة وحُمْرة؛ وأَنشد لمُزاحِمٍ العُقيْلِيّ:
فَمَا أُمُّ أَحْوَى الطُّرَّتَيْنِ خَلا لَها، ... بقُرَّى، مُلاحِيٌّ مِنَ المَرْدِ ناطِفُ
والمُلاحِيُّ: تِينٌ صِغار أَمْلَحُ صَادِقُ الْحَلَاوَةِ ويُزَبَّبُ. وامْلاحَّ النخلُ: تلوَّن بُسْرُه بِحُمْرَةٍ وَصُفْرَةٍ. وشجرةٌ مَلْحاء: سَقَطَ وَرَقُهَا وَبَقِيَتْ عِيدَانُهَا خُضْراً. والمَلْحاء مِنَ الْبَعِيرِ: الفِقَرُ الَّتِي عَلَيْهَا السَّنامُ؛ وَيُقَالُ: هِيَ مَا بَيْنَ السَّنامِ إِلى العَجُز؛ وَقِيلَ: المَلْحاء لَحْمُ مُسْتَبْطِنِ الصُّلْبِ مِنَ الْكَاهِلِ إِلى الْعَجُزِ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
مَوْصُولَةُ المَلْحاءِ فِي مُسْتَعْظمِ، ... وكَفَلٍ مِنْ نَحْضِه مُلَكَّمِ
والمَلْحاءُ: مَا انْحَدَرَ عَنِ الْكَاهِلِ إِلى الصُّلْبِ؛ وَقَوْلُهُ:
رَفَعُوا رايةَ الضِّرابِ ومَرُّوا، ... لَا يبالونَ فارسَ المَلْحاءِ

(2/603)


يَعْنِي بِفَارِسِ المَلْحاءِ مَا عَلَى السَّنام مِنَ الشَّحْمِ. التَّهْذِيبُ: والمَلْحاءُ وَسَط الظَّهْرِ بَيْنَ الْكَاهِلِ وَالْعَجُزِ، وَهِيَ مِنَ الْبَعِيرِ مَا تَحْتَ السَّنام، قَالَ: وَفِي المَلْحاءِ سِتّ مَحالاتٍ وَالْجَمْعُ مَلْحاوات. الْفَرَّاءُ: المَلِيحُ الْحَلِيمُ والراسِبُ والمِرَبُّ الْحَلِيمُ. ابْنُ الأَعرابي: المِلاحُ المِخْلاة. وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ:
أَن الْمُخْتَارَ لَمَّا قَتَلَ عُمَرَ بْنَ سَعْدٍ جَعَلَ رأْسه فِي مِلاح وعَلَّقه
؛ المِلاحُ: المِخْلاة بِلُغَةِ هُذَيْلٍ؛ وَقِيلَ: هُوَ سِنانُ الرُّمْحِ، قَالَ: والمِلاحُ السُّترة. والمِلاحُ: الرُّمْحُ. والمِلاحُ: أَن تَهُبَّ الجَنُوبُ بَعْدَ الشَّمال. وَيُقَالُ: أَصبنا مُلْحةً مِنَ الرَّبِيعِ أَي شَيْئًا يَسِيرًا مِنْهُ. وأَصاب المالُ مُلْحَةً مِنَ الرَّبِيعِ: لَمْ يَسْتَمْكِنْ مِنْهُ فَنَالَ مِنْهُ شَيْئًا يَسِيرًا. والمِلْحُ: السِّمَنُ الْقَلِيلُ. وأَمْلَحَ البعيرُ إِذا حَمَلَ الشَّحْمَ، ومُلِح، فَهُوَ مَمْلوحٌ إِذا سَمِنَ. وَيُقَالُ: كَانَ رَبِيعُنَا مَمْلوحاً، وَكَذَلِكَ إِذا أَلْبَنَ القومُ وأَسْمَنُوا. ومُلِّحَت النَّاقَةُ، فَهِيَ مُمَلَّحٌ: سمنَت قَلِيلًا؛ وَمِنْهُ قَوْلِ عُرْوَةَ بْنِ الْوَرْدِ:
أَقَمْنا بِهَا حِيناً، وأَكثرُ زادِنا ... بقيةُ لَحْمٍ مِنْ جَزُورٍ مُمَلَّحِ
وجَزُورٌ مُمَلَّحٌ: فِيهَا بَقِيَّةٌ مِنْ سَمْنٍ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
ورَدَّ جازِرُهُم حَرْفاً مُصَهَّرَةً، ... فِي الرأْسِ مِنْهَا وَفِي الرِّجْلَيْنِ تَمْلِيحُ
أَي سِمَنٌ؛ يَقُولُ: لَا شَحْمَ لَهَا إِلا فِي عَيْنِهَا وسُلاماها؛ كَمَا قَالَ:
مَا دَامَ مُخٌّ فِي سُلامَى أَو عَيْن
قَالَ: أَول مَا يبدأُ السِّمَنُ فِي اللِّسَانِ والكَرِش، وَآخَرُ مَا يَبْقَى فِي السُّلامَى وَالْعَيْنِ. وتَمَلَّحتِ الإِبلُ: كَمَلَّحَتْ، وَقِيلَ: هُوَ مَقْلُوبٌ عَنِ تَحَلَّمَتْ أَي سَمِنَتْ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنُ الأَعرابي؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أُرى لِلْقَلْبِ هُنَا وَجْهًا، قَالَ: وأُرى مَلَحتِ الناقةُ، بِالتَّخْفِيفِ، لُغَةً فِي مَلَّحتْ. وتَمَلَّحَت الضِّبابُ: كَتَحَلَّمت أَي سَمِنَتْ. ومَلَّحَ القِدْرَ: جَعَلَ فِيهَا شَيْئًا مِنْ شَحْمٍ. التَّهْذِيبُ عَنْ أَبي عَمْرٍو: أَمْلَحْتُ القِدْرَ، بالأَلف، إِذا جَعَلْتَ فِيهَا شَيْئًا مِنْ شَحْمٍ.
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الصادقُ يُعْطى ثلاثَ خِصَالٍ: المُلْحَةَ والمَهابةَ والمحبةَ
؛ الْمُلْحَةُ، بِالضَّمِّ: الْبَرَكَةُ. يُقَالُ: كَانَ رَبِيعُنَا مَمْلُوحاً فِيهِ أَي مُخْصِباً مُبَارَكًا، وَهِيَ مِنْ مَلَّحَتِ الماشيةُ إِذا ظَهَرَ فِيهَا السِّمَنُ مِنَ الرَّبِيعِ، والمِلْحُ: الْبَرَكَةُ؛ يُقَالُ: لَا يُبارِك اللَّهُ فِيهِ وَلَا يُمَلِّحُ، قَالَهُ ابْنُ الأَنباري. وَقَالَ ابْنُ بُزُرْجٍ: مَلَحَ اللَّهُ فِيهِ فَهُوَ مَمْلوحٌ فِيهِ أَي مُبَارَكٌ لَهُ فِي عَيْشِهِ وَمَالِهِ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أَراد بالمُلْحة الْبَرَكَةَ. وإِذا دُعِيَ عَلَيْهِ قِيلَ: لَا مَلَّحَ اللَّهُ فِيهِ وَلَا بَارَكَ فِيهِ وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ فِي قَوْلِهِ:
الصَّادِقُ يُعْطى المُلْحةَ
، قَالَ: أُراه مِنْ قَوْلِهِمْ تَمَلَّحَتِ الإِبلُ سَمِنَتْ فكأَنه يُرِيدُ الْفَضْلَ وَالزِّيَادَةَ. وَفِي حَدِيثِ
عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ «1»: عَناقٌ قَدْ أُجيدَ تَمْلِيحُها وأُحْكِمَ نُضْجُها
؛ ابْنُ الأَثير: التَّمْلِيحُ هَاهُنَا السَّمْطُ، وَهُوَ أَخذ شَعْرِهَا وَصُوفِهَا بِالْمَاءِ؛ وَقِيلَ: تَمْلِيحُهَا تَسْمِينُهَا مِنَ الْجَزُورِ المُمَلَّح وَهُوَ السَّمِينُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
الْحَسَنِ: ذُكِرَتْ لَهُ التَّوْرَاةُ فَقَالَ: أَتريدون أَن يكون جلدي
__________
(1).
قوله [وَفِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حريث إلخ] صدره كما بهامش النهاية، قال عبد الملك لعمرو بن حريث: أي الطعام أَكلت أحب اليك؟ قال: عناق قد أجيد إلخ.

(2/604)


كَجِلْدِ الشَّاةِ المَمْلوحة؟
يُقَالُ: مَلَحْتُ الشاةَ ومَلَّحْتها إِذا سَمَطْتها. والمِلْحُ: الرَّضاعُ؛ قَالَ أَبو الطَّمَحانِ وَكَانَتْ لَهُ إِبل يَسْقِي قَوْمًا مِنْ أَلبانها ثُمَّ أَغاروا عَلَيْهَا فأَخذوها:
وإِني لأَرْجُو مِلْحها فِي بُطُونِكم، ... وَمَا بَسَطَتْ مِنْ جِلْدِ أَشْعَثَ أَغْبَرا
وَذَلِكَ أَنه كَانَ نَزَلَ عَلَيْهِ قَوْمٌ فأَخذوا إِبله فَقَالَ: أَرجو أَن تَرْعَوْا مَا شَرِبْتُم مِنْ أَلبان هَذِهِ الإِبل وَمَا بَسَطتْ مِنْ جُلُودِ قَوْمٍ كأَنَّ جُلُودَهُمْ قَدْ يَبِسَتْ فَسَمَّنُوا مِنْهَا؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ أَغبر بِالْخَفْضِ وَالْقَصِيدَةُ مَخْفُوضَةُ الرَّوِيِّ وأَوَّلها:
أَلا حَنَّتِ المِرْقالُ واشْتاقَ رَبُّها؟ ... تَذَكَّرُ أَرْماماً، وأَذْكُرُ مَعْشَرِي
قَالَ: يَقُولُ إِني لأَرجو أَن يأْخذكم اللَّهُ بِحُرْمَةِ صَاحِبِهَا وغَدْرِكم بِهِ، وَكَانُوا اسْتَاقُوا لَهُ نَعماً كَانَ يَسْقِيهِمْ لَبَنَهَا؛ ورأَيت فِي بَعْضِ حَوَاشِي نُسَخِ الصِّحَاحِ أَن ابْنَ الأَعرابي أَنشد هَذَا الْبَيْتَ فِي نَوَادِرِهِ:
وَمَا بَسَطتْ مِنْ جِلدِ أَشعَثَ مُقْتِرِ
الْجَوْهَرِيُّ: والمَلْح، بِالْفَتْحِ، مَصْدَرُ قَوْلِكَ مَلَحْنا لِفُلَانٍ مَلْحاً أَرْضعناه؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
لَا يُبْعِد اللهُ رَبُّ العِبادِ ... والمِلْح مَا وَلَدَت خالِدَهْ
يَعْنِي بالمِلْح الرَّضاع؛ قَالَ أَبو سَعِيدٍ: المِلْحُ فِي قَوْلِ أَبي الطَّمَحانِ الْحُرْمَةُ والذِّمامُ. وَيُقَالُ: بَيْنَ فُلَانٍ وَفُلَانٍ مِلْحٌ ومِلْحَةٌ إِذا كَانَ بَيْنَهُمَا حُرْمَةٌ، فَقَالَ: أَرجو أَن يأْخذكم اللَّهُ بِحُرْمَةِ صَاحِبِهَا وغَدْرِكم بِهَا. قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: الْعَرَبُ تُعَظِّمُ أَمر المِلح وَالنَّارِ وَالرَّمَادِ. الأَزهري: وَقَوْلُهُمْ مِلْح فُلَانٍ عَلَى رُكْبَتيه فِيهِ قَوْلَانِ: أَحدهما أَنه مُضَيِّعٌ لحقِّ الرِّضَاعِ غَيْرُ حَافِظٍ لَهُ فأَدنى شَيْءٍ يُنْسيه ذِمامَه كَمَا أَن الَّذِي يَضَعُ المِلْح عَلَى رُكْبَتَيْهِ أَدنى شَيْءٍ يُبَدِّدُه؛ وَالْقَوْلُ الآخر أَنه سَيء الْخُلُقِ يَغْضَبُ مِنْ أَدنى شَيْءٍ كَمَا أَنَّ المِلح عَلَى الرُّكْبة يَتَبَدَّدُ مِنْ أَدنى شَيْءٍ. وَرُوِيَ قَوْلُهُ: والمِلح مَا وَلَدَتْ خَالِدَهْ، بِكَسْرِ الْحَاءِ، عَطَفَهُ عَلَى قَوْلِهِ لَا يَبْعُدُ اللَّهُ وَجَعَلَ الْوَاوَ وَاوَ الْقَسَمِ. ابْنُ الأَعرابي: المِلْحُ اللبنُ. ابْنُ سِيدَهْ: مَلَحَ رَضعَ. الأَزهري يُقَالُ: مَلَحَ يَمْلَحُ ويَمْلُحُ إِذا رَضَعَ، ومَلَح الماءُ ومَلُحَ يَمْلُحُ مَلاحةً. والمِلاحُ: المُراضَعة؛ اللَّيْثُ: المِلاحُ الرَّضاعُ، وَفِي حَدِيثِ وَفْدِ هَوازِنَ:
أَنهم كَلَّمُوا رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي سَبْيِ عَشائرهم فَقَالَ خطيبُهم: إِنا لَوْ كنا مَلَحْنا لِلْحَرْثِ بْنِ أَبي شَمِر أَو لِلنُّعْمَانِ بْنِ المنذِرِ ثُمَّ نَزَلَ مَنْزِلك هَذَا مِنَّا لِحِفْظِ ذَلِكَ لَنَا، وأَنت خَيْرُ الْمَكْفُولِينَ فَاحْفَظْ ذَلِكَ
؛ قَالَ الأَصمعي: فِي قَوْلِهِ مَلَحْنا أَي أَرْضَعْنا لَهُمَا، وإِنما قَالَ الهَوازِنيُّ ذَلِكَ لأَن رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ مُسْتَرضَعاً فِيهِمْ أَرضعته حَلِيمَةُ السَّعْدِيَّةُ. والمُمَالَحة: المُراضعة والمُواكلة. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ أَبو الْقَاسِمِ الزَّجَّاجِيُّ لَا يَصِحُّ أَن يُقَالَ تَمالَحَ الرَّجُلَانِ إِذا رَضَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ، هَذَا مُحال لَا يَكُونُ، وإِنما المِلْحُ رَضاع الصَّبِيِّ المرأَةَ وَهَذَا مَا لَا تَصِحُّ فِيهِ الْمُفَاعَلَةُ، فالمُمَالحة لَفْظَةٌ مولَّدة وَلَيْسَتْ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ، قَالَ: وَلَا يَصِحُّ أَن يَكُونَ بِمَعْنَى الْمُوَاكَلَةِ وَيَكُونُ مأْخوذاً مِنَ المِلْح لأَن الطَّعَامَ لَا يَخْلُو مِنَ الْمِلْحِ، وَوَجْهُ فَسَادِ هذا القول أَن الْمُفَاعَلَةَ إِنما تَكُونُ مأْخوذة مِنْ مَصْدَرٍ مِثْلِ المُضاربة وَالْمُقَاتَلَةِ، وَلَا تَكُونُ مأْخوذة مِنَ الأَسماء غَيْرَ الْمَصَادِرِ، أَلا تَرَى أَنه لَا يَحْسُنُ أَن يُقَالَ فِي الِاثْنَيْنِ إِذا أَكلا خُبْزًا

(2/605)


بَيْنَهُمَا مُخَابزَة، وَلَا إِذا أَكلا لَحْمًا بَيْنَهُمَا مُلاحَمة؟ وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تُحَرِّمُ المَلْحةُ والمَلْحتان
أَي الرَّضْعة والرَّضْعتان، فأَما بِالْجِيمِ، فَهُوَ المصَّة وَقَدْ تَقَدَّمَتْ. والمِلْح [المَلْح]، بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ: الرَّضْعُ. والمَلَحُ: دَاءٌ وَعَيْبٌ فِي رِجْلِ الدَّابَّةِ؛ وَقَدْ مَلِحَ مَلَحاً، فَهُوَ أَمْلَحُ. والمَلَحُ، بِالتَّحْرِيكِ. وَرَم فِي عُرْقوب الْفَرَسِ دون الجَرَدِ، فإِذا اشتدَّ، فهو الجَرَدُ. والمَلْحُ: سُرْعَةُ «1» خَفَقانِ الطَّائِرِ بِجَنَاحَيْهِ؛ قَالَ:
مَلْح الصُّقُورِ تحتَ دَجْنٍ مُغْيِنِ
قَالَ أَبو حَاتِمٍ: قُلْتُ للأَصمعي أَتراه مَقْلُوبًا مِنَ اللَّمْح؟ قَالَ: لَا، إِنما يُقَالُ لَمَحَ الكوكَبُ وَلَا يُقَالُ مَلَح، فَلَوْ كَانَ مَقْلُوبًا لَجَاز أَن يُقَالَ مَلَح. والأَمْلاحُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ طَرَفَةُ بْنُ العَبْد:
عَفا مِنْ آلِ لَيْلَى السَّهْبُ، ... فالأَمْلاحُ، فالغَمْرُ
وَهَذِهِ كُلُّهَا أَسماء أَماكن. ابْنُ سِيدَهْ: ومُلَيْح والمُلَيْحُ ومُلَيْحَةُ وأَمْلاحٌ ومَلَحٌ والأُمَيْلِحُ والأَمْلَحانِ وذاتُ مِلْحٍ: كُلُّهَا مَوَاضِعُ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
كأَنَّ سَلِيطاً فِي جَواشِنِها الحَصى، ... إِذا حَلَّ، بينَ الأَمْلَحَيْنِ، وَقِيرُها
قَوْلُهُ فِي جواشِنِها الْحَصَى أَي كأَنَّ أَفْهاراً فِي صُدُورِهِمْ، وَقِيلَ: أَراد أَنهم غِلَاظٌ كأَنَّ فِي قُلُوبِهِمْ عُجَراً؛ قَالَ الأَخطل:
بمُرْتَجِزٍ دَانِي الرِّبابِ كأَنه، ... عَلَى ذاتِ مِلْحٍ، مُقْسِمٌ مَا يَرِيمُها
وَبَنُو مُلَيْحٍ: بَطْنٌ، وَبَنُو مِلْحانَ كَذَلِكَ. والأُمَيْلِحُ: مَوْضِعٌ فِي بِلَادِ هُذَيل كَانَتْ بِهِ وَقْعَةٌ؛ قَالَ الْمُتَنَخِّلُ:
لَا يَنْسَأُ اللَّهُ مِنَّا مَعْشَراً شَهِدُوا ... يومَ الأُمَيْلِح، لَا غابُوا وَلَا جَرَحوا
يَقُولُ: لَمْ يَغِيبُوا فنُكْفَى أَن يُؤْسَرُوا أَو يُقْتَلوا، وَلَا جَرَحوا أَي وَلَا قَاتَلُوا إِذ كَانُوا مَعَنَا. وَيُقَالُ للنَّدَى الَّذِي يَسْقُطُ بِاللَّيْلِ عَلَى البَقْل: أَمْلَحُ، لِبَيَاضِهِ؛ وَقَوْلُ الرَّاعِي يَصِفُ إِبلًا:
أَقامتْ بِهِ حَدَّ الربيعِ، وَجارُها ... أَخُو سَلْوَةٍ، مَسَّى بِهِ الليلُ، أَمْلَحُ
يَعْنِي النَّدَى؛ يَقُولُ: أَقامت بِذَلِكَ الْمَوْضِعِ أَيام الرَّبِيعِ، فَمَا دَامَ النَّدَى، فَهُوَ فِي سَلْوَةٍ مِنَ الْعَيْشِ، وإِنما قَالَ مَسَّى بِهِ لأَنه يَسْقُطُ بِاللَّيْلِ؛ أَراد بِجَارِهَا نَدَى اللَّيْلِ يُجِيرُهَا مِنَ الْعَطَشِ. والمَلْحاءُ والشَّهْباء: كَتِيبَتَانِ كَانَتَا لأَهل جَفْنَة؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: والمَلْحاء كَتِيبَةٌ كَانَتْ لِآلِ المُنْذِر؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ شاسٍ الأَسَدِيّ:
يُفَلِّقْنَ رأْسَ الكوكَبِ الفَخْمِ، بعدَ ما ... تَدُورُ رَحَى المَلْحاءِ فِي الأَمرِ ذِي البَزْلِ
والكوكبُ: الرئيسُ المُقَدَّم. والبَزْل: الشِّدَّةُ. ومُلْحةُ: اسْمُ رَجُلٍ. ومُلْحةُ الجَرْمِيّ: شَاعِرٌ مِنْ شُعَرَائِهِمْ. ومُلَيْحٌ، مُصَغَّرًا: حَيّ مِنْ خُزاعة وَالنِّسْبَةُ إِليهم مُلَحِيٌّ مِثَالَ هُذَليٍّ. التَّهْذِيبُ: والمِلاحُ أَن تَشْتَكِيَ النَّاقَةُ حَياءَها فتؤخذَ خِرْقةٌ ويُطْلى عَلَيْهَا دَوَاءٌ ثُمَّ تُلْصَقَ عَلَى الْحَيَاءِ فيَبرَأَ. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: تَقُولُ الْعَرَبُ لِلَّذِي يَخْلِطُ كَذِبًا بصِدْقٍ: هُوَ يَخْصف حِذاءَه وَهُوَ يَرْتَثِئُ إِذا خَلَط
__________
(1).
قوله [والملح سرعة إلخ] يقال ملح الطائر كمنع كثرت سرعة خفقانه كما في القاموس.

(2/606)


كَذِبًا بِحَقٍّ، ويَمْتَلِحُ مِثْلُهُ، فإِذا قَالُوا فُلَانٌ يَمْتَلِح، فَهُوَ الَّذِي لَا يُخْلِصُ الصِّدْقَ، وإِذا قَالُوا عِنْدَ فُلَانٍ كَذِبٌ قَلِيلٌ، فَهُوَ الصَّدُوق الَّذِي لَا يَكْذِبُ، وإِذا قَالُوا إِن فُلَانًا يَمْتَذِقُ، فهو الكذوب.
منح: مَنَحَه الشاةَ والناقَةَ يَمْنَحه ويَمْنِحُه: أَعاره إِياها؛ الفراء: مَنَحْته أَمْنَحُه وأَمْنِحُه فِي بَابِ يَفْعَلُ ويَفْعِلُ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: مَنَحَه الناقةَ جَعَلَ لَهُ وَبَرَها ووَلدَها وَلَبَنَهَا، وَهِيَ المِنْحة والمَنِيحة. قَالَ: وَلَا تَكُونُ المَنِيحةُ إِلَّا المُعارَةَ لِلَّبَنِ خَاصَّةً، والمِنْحةُ: مَنْفَعَتُهُ إِياه بِمَا يَمْنَحُه. ومَنَحَه: أَعطاه. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: والمَنِيحة مِنْحةُ اللَّبَنِ كَالنَّاقَةِ أَو الشَّاةِ تُعْطِيهَا غَيْرَكَ يَحْتَلِبُهَا ثُمَّ يَرُدُّهَا عَلَيْكَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
هَلْ مِنْ أَحد يَمْنَحُ مِنْ إِبله نَاقَةً أَهلَ بيتٍ لَا دَرَّ لَهُمْ؟
وَفِي الْحَدِيثِ:
ويَرْعَى عَلَيْهِمَا مِنْحةً مِنْ لَبَنِ
أَي غَنَمٍ فِيهَا لَبَنٌ؛ وَقَدْ تَقَعُ المِنْحةُ عَلَى الْهِبَةِ مُطْلَقًا لَا قَرْضاً وَلَا عَارِيَةً. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَفضلُ الصَّدَقَةِ المَنِيحةُ تَغْدُو بعِشاء وَتَرُوحُ بعِشاء.
وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ مَنَحه الْمُشْرِكُونَ أَرضاً فَلَا أَرض لَهُ
، لأَن مَنْ أَعاره مُشْرِكٌ أَرضاً لِيَزْرَعَهَا فإِن خَراجها عَلَى صَاحِبِهَا الْمُشْرِكِ، لَا يُسْقِطُ الخَراجَ عَنْهُ مِنْحَتُه إِياها المسلمَ وَلَا يَكُونُ عَلَى الْمُسْلِمِ خَراجُها؛ وَقِيلَ: كُلُّ شَيْءٍ تَقْصِد بِهِ قَصْدَ شَيْءٍ فَقَدْ مَنَحْتَه إِياه كَمَا تَمْنَحُ المرأَةُ وجهَها المرأَةَ، كَقَوْلِ سُوَيْدِ بْنِ كُراع:
تَمْنَحُ المرأَةَ وَجْهاً واضِحاً، ... مثلَ قَرْنِ الشمسِ فِي الصَّحْوِ ارْتَفَعْ
قَالَ ثَعْلَبٌ: مَعْنَاهُ تُعطي مِنْ حُسْنِهَا للمرأَة، هَكَذَا عَدَّاهُ بِاللَّامِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والأَحسن أَن يَقُولَ تُعْطي مِنْ حُسْنِهَا المرأَةَ. وأَمْنَحَتِ النَّاقَةُ دَنَا نَتاجُها، فَهِيَ مُمْنِحٌ، وَذَكَرَهُ الأَزهري عَنِ الْكِسَائِيِّ وَقَالَ: قَالَ شَمِرٌ لَا أَعرف أَمْنَحَتْ بِهَذَا الْمَعْنَى؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: هَذَا صَحِيحٌ بِهَذَا الْمَعْنَى وَلَا يَضُرُّهُ إِنكار شَمِرٍ إِياه. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ مَنَح مِنْحةَ ورِق أَو مَنَح لَبَناً كَانَ كَعِتْقِ رَقَبَةٍ
؛ وَفِي النِّهَايَةِ لِابْنِ الأَثير: كَانَ لَهُ كعَدْلِ رَقَبَةٍ؛ قَالَ أَحمد بْنُ حَنْبَلٍ: مِنْحةُ الوَرِق القَرْضُ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: المِنْحَةُ عِنْدَ الْعَرَبِ عَلَى مَعْنَيَيْنِ: أَحدهما أَن يُعْطِيَ الرجلُ صَاحِبَهُ الْمَالَ هِبَةً أَو صِلَةً فَيَكُونُ لَهُ، وأَما المِنْحةُ الأُخرى فأَن يَمْنَح الرجلُ أَخاه نَاقَةً أَو شَاةً يَحْلُبها زَمَانًا وأَياماً ثُمَّ يَرُدُّهَا، وَهُوَ تأْويل قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ:
المِنْحَة مَرْدُودَةٌ وَالْعَارِيَةُ مُؤَدَّاةٌ.
والمِنْحة أَيضاً تَكُونُ فِي الأَرض يَمْنَحُ الرجلُ آخَرَ أَرضاً لِيَزْرَعَهَا؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرض فليزرعْها
أَي يَمْنَحْها أَخاه أَو يَدْفَعْهَا إِليه حَتَّى يزرعَها، فإِذا رَفَع زَرْعَها ردّها إِلى صاحبها. وَرَجُلٌ مَنَّاح فَيَّاح إِذا كَانَ كَثِيرَ الْعَطَايَا. وَفِي حَدِيثِ
أُم زَرْعٍ: وآكُلُ فأَتَمَنَّحُ
أَي أُطْعِمُ غَيْرِي، وَهُوَ تَفَعُّل مِنَ المَنْحِ الْعَطِيَّةِ. قَالَ: والأَصل فِي المَنِيحة أَن يَجْعَلَ الرجلُ لبنَ شَاتِهِ أَو نَاقَتِهِ لِآخِرِ سَنَةٍ ثُمَّ جُعِلَتْ كُلُّ عَطِيَّةٍ مَنِيحَةً. الْجَوْهَرِيُّ: المَنْحُ: الْعَطَاءُ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: لِلْعَرَبِ أَربعة أَسماء تَضَعُهَا مَوَاضِعَ الْعَارِيَةِ: المَنِيحةُ والعَرِيَّةُ والإِفْقارُ والإِخْبالُ. واسْتَمْنَحه: طَلَبَ مِنْحته أَي اسْتَرْفَدَه. والمَنِيحُ: القِدْحُ الْمُسْتَعَارُ، وَقِيلَ: هُوَ الثَّامِنُ مِنْ قِداح المَيْسِر، وَقِيلَ: المَنِيحُ مِنْهَا الَّذِي لَا نَصِيبَ لَهُ، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ الثَّالِثُ مِنَ القِداح الغُفْل الَّتِي لَيْسَتْ لَهَا فُرُضٌ وَلَا أَنصباء وَلَا عَلَيْهَا غُرْم، وإِنما يُثَقَّل بِهَا القِداحُ كراهيةَ التُّهمةِ؛ اللِّحْيَانِيُّ: المَنِيحُ

(2/607)


أَحد القِداح الأَربعة الَّتِي لَيْسَ لَهَا غُنْم وَلَا غُرْم: أَوّلها المُصَدَّرُ ثُمَّ المُضَعَّفُ ثُمَّ المَنِيح ثُمَّ السَّفِيح. قَالَ: والمَنِيح أَيضاً قِدْحُ مِنْ أَقداح الْمَيِسِرِ يُؤْثَرُ بِفَوْزِهِ فَيُسْتَعَارُ يُتَيَمَّنُ بِفَوْزِهِ. والمَنِيح الأَوّل: مِنْ لَغْوِ القِداح، وَهُوَ اسْمٌ لَهُ، والمَنِيحُ الثَّانِي الْمُسْتَعَارُ؛ وأَما حَدِيثُ
جَابِرٍ: كنتُ مَنِيحَ أَصحابي يَوْمَ بَدْرٍ
فَمَعْنَاهُ أَي لَمْ أَكن مِمَّنْ يُضْرَبُ لَهُ بِسَهْمٍ مَعَ الْمُجَاهِدِينَ لِصِغَرِي فَكُنْتُ بِمَنْزِلَةِ السَّهْمِ اللَّغْوِ الَّذِي لَا فَوْزَ لَهُ وَلَا خُسْرَ عَلَيْهِ؛ وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ مُقْبل القِدْحَ الْمُسْتَعَارَ الَّذِي يُتَبَرَّكُ بِفَوْزِهِ:
إِذا امْتَنَحَتْه مِنْ مَعَدٍّ عِصابةٌ، ... غَدا رَبُّه، قَبْلَ المُفِيضِينَ، يَقْدَحُ
يَقُولُ: إِذا اسْتَعَارُوا هَذَا القِدْحَ غَدًا صاحبُه يَقْدَحُ النارَ لثِقَتِه بِفَوْزِهِ وَهَذَا هُوَ المَنِيحُ الْمُسْتَعَارُ؛ وأَما قَوْلُهُ:
فمَهْلًا يَا قُضاعُ، فَلَا تكونِي ... مَنِيحاً فِي قِداحِ يَدَيْ مُجِيلِ
فإِنه أَراد بِالْمَنِيحِ الَّذِي لَا غُنْمَ لَهُ وَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: والمَنِيحُ سَهْمٌ مِنْ سِهَامِ الْمَيْسِرِ مِمَّا لَا نَصِيبَ لَهُ إِلَّا أَن يُمْنَحَ صاحبُه شَيْئًا. والمَنُوحُ والمُمانِحُ مِنَ النُّوقِ مِثْلُ المُجالِح: وَهِيَ الَّتِي تَدِرُّ فِي الشِّتَاءِ بعد ما تَذْهَبُ أَلبانُ الإِبل، بِغَيْرِ هَاءٍ؛ وَقَدْ مانَحَتْ مِناحاً ومُمانَحةً، وَكَذَلِكَ مانَحَتِ العينُ إِذا سالتْ دموعُها فَلَمْ تَنْقَطِعْ. والمُمانِحُ مِنَ الْمَطَرِ: الَّذِي لَا يَنْقَطِعُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والمُمانِحُ مِنَ الإِبل الَّتِي يُبْقَى لَبَنُهَا بعد ما تَذْهَبُ أَلبان الإِبل، وَقَدْ سمَّت مانِحاً ومَنَّاحاً ومَنِيحاً؛ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ يَهْجُو طَيِّئاً:
ونحنُ قَتَلْنا بالمَنِيحِ أَخاكُمُ ... وَكِيعاً، وَلَا يُوفي مِنَ الفَرَسِ البَغْلُ
أَدخل الأَلف وَاللَّامَ فِي الْمَنِيحِ وإِن كَانَ عَلَمًا لأَن أَصله الصِّفَةُ؛ والمَنِيحُ هُنَا: رَجُلٌ مِنْ بَنِي أَسد مِنْ بَنِي مَالِكٍ. والمَنِيحُ: فَرَسُ قَيْسِ بْنِ مَسْعُودٍ. والمَنِيحةُ: فرسِ دِثَارِ بْنِ فَقْعَس الأَسَدِيّ.
ميح: ماحَ فِي مِشْيته يَمِيحُ مَيْحاً ومَيْحُوحة: تَبَخْتر، وَهُوَ ضَرْبٌ حَسَنٌ مِنَ الْمَشْيِ فِي رَهْوَجة حَسَنةٍ، وَهُوَ مَشْيٌ كَمَشْيِ البَطَّة؛ وامرأَة مَيَّاحة؛ قَالَ:
مَيَّاحة تَمِيحُ مَشْياً رَهْوَجا
والمَيْحُ: مَشْيُ الْبَطَّةِ، قَالَ:
صادَتْكَ بالأُنْسِ وبالتَّمَيُّحِ
التَّهْذِيبُ: الْبَطَّةُ مَشْيُها المَيْحُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
مِنْ كلِّ مَيَّاحٍ تَراه هَيْكَلا، ... أَرْجَلَ خِنْذِيذٍ وعينٍ أَرْجَلا
وتَمايَح السكرانُ والغصنُ: تَمَايَلَ. وماحَتِ الريحُ الشجرةَ: أَمالتها؛ قَالَ المَرَّارُ الأَسَدِيُّ:
كَمَا ماحَتْ مُزَعْزِعَةٌ بغِيلٍ، ... يَكادُ ببعضِه بعضٌ يَمِيلُ
وتَمَيَّح الغصنُ: تَمَيَّلَ يَمِينًا وَشِمَالًا. والمَيْحُ: أَن يَدْخُلَ الْبِئْرَ فيملأَ الدَّلْوَ، وَذَلِكَ إِذا قَلَّ مَاؤُهَا؛ وَرَجُلٌ مائحٌ مِنْ قَوْمٍ مَاحَةٍ، الأَزهري عَنِ اللَّيْثِ: المَيْحُ فِي الِاسْتِقَاءِ أَن يَنْزِلَ الرجلُ إِلى قَرَارِ الْبِئْرُ إِذا قَلَّ مَاؤُهَا، فَيَمْلَأَ الدَّلْوَ بِيَدِهِ يَميحُ فِيهَا بِيَدِهِ ويَميحُ أَصحابه، وَالْجَمْعُ مَاحَةٌ؛ وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: أَنهم وَرَدُوا بِئْرًا ذَمَّةً
أَي قَلِيلًا مَاؤُهَا، قَالَ: فَنَزَلْنَا فِيهَا سِتَّةً

(2/608)


مَاحَةً؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدَةَ:
يَا أَيُّها المائحُ دَلوِي دُونَكا، ... إِني رأَيتُ الناسَ يَحْمَدُونَكا
وَالْعَرَبُ تَقُولُ: هُوَ أَبْصَرُ مِنَ الْمَائِحِ باسْتِ الْمَاتِحِ؛ تَعْنِي أَن الْمَاتِحَ فَوْقَ الْمَائِحِ فَالْمَائِحُ يَرَى الْمَاتِحَ وَيَرَى اسْتَهُ، وَقَدْ ماحَ أَصحابَه يَمِيحُهم؛ وَقَوْلُ صَخْر الغَيّ:
كأَنَّ بَوانِيَه، بالمَلَا، ... سَفائنُ أَعْجَمَ مايَحْنَ رِيفا
قَالَ السُّكَّرِيُّ: مايَحْنَ امْتَحْنَ أَي حَمَلْنَ مِنَ الرِّيفِ، هَذَا تَفْسِيرُهُ. وماحَه مَيْحاً: أَعطاه. والمَيْحُ يَجْرِي مَجْرَى الْمَنْفَعَةِ. وكلُّ مَنْ أَعْطى مَعْرُوفًا، فَقَدْ ماحَ. ومِحْتُ الرجلَ: أَعطيته، واسْتَمَحْتُه: سأَلته الْعَطَاءَ. ومِحْتُه عِنْدَ السُّلْطَانِ: شَفَعْتُ لَهُ. واسْتَمَحْتُه: سأَلته أَن يَشْفَعَ لِي عِنْدَهُ. والامْتِياحُ: مِثْلُ المَيْحِ. والسائل: مُمْتاحٌ ومُسْتَمِيح، والمسؤول: مُسْتَماحٌ. وَيُقَالُ: امْتاحَ فلانٌ فُلَانًا إِذا أَتاه يَطْلُبُ فَضْلَهُ، فَهُوَ مُمْتاحٌ؛ وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ تَصِفُ أَباها، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فَقَالَتْ: وامْتاحَ مِنَ المَهْواة
أَي اسْتَقَى؛ هُوَ افْتَعَلَ مِنَ المَيْح الْعَطَاءَ. وامْتاحت الشمسُ ذِفْرَى الْبَعِيرِ إِذا اسْتَدَرَّتْ عَرَقَه؛ وَقَالَ ابْنُ فَسْوة يَذْكُرُ نَاقَتَهُ ومُعَذِّرَها:
إِذا امْتاحَ حَرُّ الشمسِ ذِفْراه، أَسْهَلَتْ ... بأَصْفَرَ مِنْهَا قاطِراً كلَّ مَقْطَرِ
الْهَاءُ فِي ذِفْرَاهُ للمُعَذِّرِ؛ وَقَوْلُ العُجَيْرِ السَّلوليّ:
وَلِي مائحٌ، لَمْ يُورَدِ الماءُ قَبْلَه، ... يُعَلِّي، وأَشْطانُ الدِّلاءِ كثيرُ
إِنما عَنَى بِالْمَائِحِ لِسَانَهُ لأَنه يَميحُ مِنْ قَلْبِهِ، وَعَنَى بِالْمَاءِ الْكَلَامَ، وأَشطان الدِّلَاءِ أَي أَسبابُ الْكَلَامِ كَثِيرٌ لَدَيْهِ غَيْرُ مُتَعَذَّرٍ عَلَيْهِ، وإِنما يَصِفُ خُصُومًا خَاصَمَهُمْ فَغَلَبَهُمْ أَو قَاوَمَهُمْ. والمَيْحُ: الْمَنْفَعَةُ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. ابْنُ الأَعرابي: ماحَ إِذا اسْتَاكَ، وماحَ إِذا تَبَخْتَرَ، وماحَ إِذا أَفضل؛ وماحَ فَاهُ بِالسِّوَاكِ يَميحُ مَيْحاً: شَاصَهُ وسَوَّكه؛ قَالَ:
يَمِيحُ بعُودِ الضَّرْوِ إِغْرِيضَ ثَغْبِه، ... جَلا ظَلْمَه مِنْ دونِ أَن يَتَهَمَّما
وَقِيلَ: هُوَ اسْتِخْرَاجُ الرِّيقِ بِالْمِسْوَاكِ؛ وَقَوْلُ الرَّاعِي يَصِفُ امرأَة:
وعَذْب الكَرَى يَشْفِي الصَدَى بَعْدَ هَجْعةٍ، ... لَهُ، مِنْ عُرُوقِ المُسْتَظَلَّةِ، مائحُ
يَعْنِي بِالْمَائِحِ السِّوَاكَ لأَنه يَمِيح الريقَ، كَمَا يَمِيحُ الَّذِي يَنْزِلُ فِي القَلِيبِ فيَغْرِفُ الْمَاءَ فِي الدَّلْوِ، وَعَنَى بِالْمُسْتَظَلَّةِ الأَراكة. ومَيَّاحٌ: اسْمٌ. ومَيَّاحٌ: اسْمُ فَرَسِ عُقْبَة بْنِ سالم.

فصل النون
نبح: النَّبْحُ: صَوْتُ الْكَلْبِ؛ نَبَحَ الكلبُ وَالظَّبْيُ وَالتَّيْسُ وَالْحَيَّةُ يَنْبِحُ ويَنْبَحُ نَبْحاً ونَبِيحاً ونُباحاً، بِالضَّمِّ، ونِباحاً، بِالْكَسْرِ، ونُبُوحاً وتَنْباحاً. التَّهْذِيبُ: وَالظَّبْيُ يَنْبَحُ فِي بَعْضِ الأَصوات؛ وأَنشد لأَبي دُواد:
وقُصْرَى شَنِج الأَنْساءِ، ... نَبَّاحٍ مِنَ الشُّعْبِ
رَوَاهُ الْجَاحِظُ نَبَّاح مِنَ الشَّعْبِ وَفَسَّرَهُ: يَعْنِي مِنْ جِهَةِ الشَّعْبِ، وأَنشد:
ويَنْبَحُ بينَ الشَّعْبِ نَبْحاً كأَنه ... نُبَاحُ سَلُوقٍ، أَبْصَرتْ مَا يَرِيبُها
وَقَالَ الظَّبْيَ: إِذا أَسَنَّ وَنَبَتَتْ لِقُرُونِهِ شُعَبٌ نَبَحَ؛

(2/609)


قَالَ أَبو مَنْصُورٍ، وَالصَّوَابُ الشُّعْبُ جَمْعُ الأَشْعَبِ، وَهُوَ الَّذِي انْشَعَبَ قَرْنَاهُ. الأَزهري: التَّيْسُ عِنْدَ السِّفاد يَنْبَحُ وَالْحَيَّةُ تَنْبَحُ فِي بَعْضِ أَصواتها؛ وأَنشد:
يأْخُذُ فِيهِ الحَيَّةَ النَّبُوحا
والنَّوابِحُ والنُّبُوحُ: جَمَاعَةُ النَّابِحِ مِنَ الْكِلَابِ. أَبو خَيْرَةَ: النُّباحُ صَوْتُ الأَسْود يَنْبَحُ نُبَاحَ الجِرْو. أَبو عَمْرٍو: النَّبْحاء الصَّيَّاحة مِنَ الظِّباء. ابْنُ الأَعرابي: النَّبَّاحُ الظَّبْيُ الْكَثِيرُ الصِّياح. والنَّبَّاحُ: الهُدْهُد الكثيرُ القَرْقَرةِ. وَيَقُولُ الرجلُ لِصَاحِبِهِ إِذا قُضِيَ لَهُ عَلَيْهِ: وَكَلْتُكَ العامَ مِنْ كَلْبٍ بتَنْباح؛ وَكَلْبٌ نَابِحٌ ونَبَّاح؛ قَالَ:
مَا لَكَ لَا تَنْبَحُ يَا كَلْبَ الدَّوْمْ ... قَدْ كنتَ نَبَّاحاً فَمَا لَكَ اليَوْمْ؟
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَؤُلَاءِ قَوْمٌ انْتَظَرُوا قَوْمًا فانتظروا نُباحَ [نِباحَ] الْكَلْبِ ليُنْذِرَ بِهِمْ. وكلابٌ نَوابِحُ ونُبَّحٌ ونُبُوحٌ. وأَنْبَحَه: جَعَلَهُ يَنْبَحُ؛ قَالَ عبدُ بْنُ حَبيب الهُذَلي:
فأَنْبَحْنا الكلابَ فَوَرَّكَتْنا، ... خِلالَ الدارِ، دامِيةَ العُجُوبِ
وأَنْبَحْتُ الكلبَ واسْتَنْبَحْتُه بِمَعْنًى. واسْتَنْبَحَ الكلبَ إِذا كَانَ فِي مَضِلَّة فأَخرج صَوْتَهُ عَلَى مِثْلِ نُباح الْكَلْبِ، لِيَسْمَعَهُ الْكَلْبُ فَيَتَوَهَّمَهُ كَلْبًا فَيَنْبَح فَيَسْتَدِلَ بِنُباحِه فَيَهْتَدِيَ؛ قَالَ:
قومٌ إِذا اسْتَنْبَحَ الأَقوامُ كَلْبَهُمُ، ... قَالُوا لأُمِّهِمُ: بُولِي عَلَى النارِ «2»
وَكَلْبٌ نَبَّاح ونَبَّاحِيٌّ: ضَخْمُ الصَّوْتِ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَرَجُلٌ مَنْبُوح: يُضْرَبُ لَهُ مَثَلُ الْكَلْبِ ويُشَبَّه بِهِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
عَمَّار، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، فِيمَنْ تَنَاوَلَ مِنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: اسْكُتْ مَقْبُوحاً مَشْقُوحاً مَنْبُوحاً
، حَكَاهُ الْهَرَوِيُّ فِي الْغَرِيبَيْنِ. والمَنْبُوحُ: المَشْتُوم. يُقَالُ: نَبَحَتْني كِلابُك أَي لَحِقَتْني شَتائِمُكَ، وأَصله مِنْ نُباح الْكَلْبِ، وَهُوَ صِيَاحُهُ. التَّهْذِيبُ عَنْ شَمِرٍ: يُقَالُ نَبَحه الْكَلْبُ ونَبَحَتْ عَلَيْهِ «3» ... ونابَحَه؛ قَالَ إمرؤُ الْقَيْسِ:
وَمَا نَبَحَتْ كلابُك طَارِقًا مِثْلِي
وَيُقَالُ فِي مَثَلٍ: فُلَانٌ لَا يُعْوَى وَلَا يُنْبَحُ؛ يَقُولُ: مِنْ ضَعْفِهِ لَا يُعْتَدُّ بِهِ وَلَا يُكَلَّمُ بِخَيْرٍ وَلَا شَرٍّ. وَرَجُلٌ نَبَّاح: شَدِيدُ الصَّوْتِ، وَقَدْ حُكِيَتْ بِالْجِيمِ. وَقَدْ نَبَحَ نَبْحاً ونَبِيحاً. ونَبَحَ الهُدْهُدُ يَنْبَحُ نُباحاً: أَسَنَّ فَغَلُظَ صَوْتُهُ. والنبوحُ: أَصوات الْحَيِّ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: والنُّبُوحُ ضَجَّةُ الحيِّ وأَصوات كِلَابِهِمْ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
بأَطْيَبَ مِنْ مُقَبَّلِها إِذا مَا ... دَنا العَيُّوقُ، واكْتَتَمَ النُّبُوحُ
والنُّبُوح: الْجَمَاعَةُ الْكَثِيرَةُ مِنَ النَّاسِ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: ثُمَّ وُضِعَ مَوْضِعَ الْكَثْرَةِ والعِزِّ؛ قَالَ الأَخطل:
إِنَّ العَرارةَ والنُّبُوحَ لدارِمٍ، ... والعِزّ عِنْدَ تَكامُلِ الأَحْسابِ
وَهَذَا الْبَيْتُ أَورده ابْنُ سِيدَهْ؛ وَغَيْرُهُ:
إِنَّ العَرارةَ والنُّبُوحَ لدارِمٍ، ... والمُسْتَخِفّ أَخوهم الأَثْقالا
وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ عَنِ الْبَيْتِ الَّذِي أَورده الْجَوْهَرِيُّ إِنه للطِّرِمَّاح قَالَ: وَلَيْسَ للأَخطل كَمَا ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ، وصواب إِنشاده والنُّبُوح لطيئٍ؛ وقبله:
__________
(2).
قوله [إِذا استنبح الأَقوام] كذا بالأَصل، والمشهور الأَضياف.
(3).
كذا بياض بالأَصل وراجع عبارة التهذيب.

(2/610)


يَا أَيُّها الرجلُ المُفاخِرُ طَيِّئاً، ... أَغْرَبْتَ نَفْسَك أَيَّما إِغرابِ
قَالَ: وأَما بَيْتُ الأَخطل فَهُوَ مَا أَورده ابْنُ سِيدَهْ، وَبَعْدَهُ:
المانعينَ الماءَ حَتَّى يَشْرَبوا ... عَفَواتِه، ويُقَسِّموه سِجالا
مدح الأَطلُ بَنِي دَارِمٍ بِكَثْرَةِ عَدَدِهِمْ وَحَمْلِهِمُ الأُمور الثِّقَالَ الَّتِي يَعْجِزُ غَيْرُهُمْ عَنْ حَمْلِهَا؛ وَيُرْوَى الْمُسْتَخِفُّ، بِالرَّفْعِ وَالنَّصْبِ، فَمِنْ نَصَبَهُ عَطَفَهُ عَلَى اسْمِ إِن، وأَخوهم خَبَرُ إِن، والأَثقال مَفْعُولٌ بِالْمُسْتَخِفِّ، تَقْدِيرُهُ: إِنَّ الْمُسْتَخِفَّ الأَثقال أَخوهم، فَفَصَلَ بَيْنَ الصِّلَةِ وَالْمَوْصُولِ بِخَبَرِ إِن لِلضَّرُورَةِ، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَنْتَصِبَ بإِضمار فِعْلٍ دَلَّ عَلَيْهِ الْمُسْتَخِفُّ تَقْدِيرُهُ إِن الَّذِي اسْتَخَفَّ الأَثقال أَخوهم، وَيَجُوزُ أَن يَرْتَفِعَ أَخوهم بِالْمُسْتَخِفِّ والأَثقال مَنْصُوبَةٌ بِهِ، وَيَكُونُ الْعَائِدُ عَلَى الأَلف وَاللَّامِ الضَّمِيرَ الَّذِي أُضيف إِليه الأَخ، وَيَكُونُ الْخَبَرُ مَحْذُوفًا تَقْدِيرُهُ إِن الَّذِي اسْتَخَفَّ أَخوهم الأَثقال هُمْ، فَحَذَفَ الْخَبَرَ لِدَلَالَةِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ، وأَما مَنْ رَفَعَ الْمُسْتَخِفَّ فإِنه رَفَعَهُ بِالْعَطْفِ عَلَى مَوْضِعٍ إِنَّ، وَيَكُونُ الْكَلَامُ فِي رَفْعِ الأَخ مِنَ الْوَجْهَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ كَالْكَلَامِ فِيمَنْ نَصَبَ الْمُسْتَخِفُّ. والنَّبَّاح: صَدَفٌ بِيضٌ صِغَارٌ، وَفِي التَّهْذِيبِ: مَناقِفُ يُجاءُ بِهَا مِنْ مَكَّةَ تُجْعَلُ فِي الْقَلَائِدِ والوُشُح، ويُدْفَعُ بِهَا العينُ، الْوَاحِدَةُ نَبَّاحة. والنَّوابح: مَوْضِعٌ؛ قَالَ مَعْنُ بْنُ أَوس:
إِذا هيَ حَلَّتْ كَرْبَلاءَ فَلَعْلَعاً، ... فَجَوْزَ العُذَيْبِ دُونَهَا، فالنَّوابِحا
نتح: النَّتْحُ: العَرَقُ، وَقِيلَ: خُرُوجُ العَرَق مِنَ الْجِلْدِ والدَّسَمِ مِنَ النِّحْيِ والنَّدَى مِنَ الثَّرَى؛ وَقَالَ الأَزهري: النَّتْحُ خُرُوجُ الْعَرَقِ مِنْ أُصول الشَّعَرِ وَهُوَ نَتْحُه الجلد؛ نَتَحَ يَنْتَحُ [يَنْتِحُ] نَتْحاً ونُتُوحاً. الْجَوْهَرِيُّ: النَّتْحُ الرَّشْحُ، ومَناتِحُ العَرَقِ مَخارِجُه مِنَ الْجِلْدِ؛ وَأَنْشَدَ:
جَوْنٌ، كأَنَّ العَرَقَ المَنْتُوحا ... لَبَّسَه القَطْرانَ والمُسُوحا
ونَتَحه الحَرُّ وَغَيْرُهُ. ونَتَحَ النِّحْيُ إِذا رَشَحَ بالسَّمْنِ. وذِفْرَى الْبَعِيرِ تَنْتِحُ عَرَقاً إِذا سَارَ فِي يَوْمٍ صَائِفٍ شَدِيدِ الْحَرِّ فقَطَرَ ذِفْرَياه عَرَقًا. ونَتَحَت المَزادةُ تَنْتِحُ نَتْحاً ونُتُوحاً، وَكَذَلِكَ خُرُوجُ العَرق؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
تَنْتِحُ ذِفْراها بِمِثْلِ الدِّرْياقْ
والمِنْتَحة: الاستُ. والنُّتُوحُ: صُمُوغ الأَشجار وَلَا يُقَالُ نُتُوع. والانْتِياحُ: مِثْلُ النَّتْح؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ بَعِيرًا يَهْدِرُ فِي الشِّقْشِقَة:
رَقْشاءُ تَنْتاحُ اللُّغامَ المُزْبِدا، ... دَوَّمَ فِيهَا رِزَّه وأَرْعَدا
واليَنْتُوح: طَائِرٌ أَقرع الرأْس يَكُونُ فِي الرَّمْلِ. الأَزهري: رَوَى أَبو أَيوب عَنْ بَعْضِ الْعَرَبِ: امْتَتحتُ الشيءَ وانْتَتحته وانتزعْتُه بمعنى واحد.
نجح: النُّجحُ والنَّجاحُ: الظَّفَرُ بالشيءِ. وَقَدْ أَنْجَحَ وَقَدْ نَجَحَتْ حَاجَتِي «4» وأَنْجَحَتْ وأَنْجَحْتُها لَكَ، وأَنْجَحَها اللَّهُ تَعَالَى: أَسْعَفَني بإِدراكها. وأَنْجَحَ الرجلُ: صَارَ ذَا نُجْح، فَهُوَ مُنْجِحٌ مِنْ قَوْمٍ مَناجِح ومَناجِيح. وَقَدْ أَنْجَحْتُ حاجَته إِذا قَضَيْتَهَا لَهُ؛ وَفِي خُطْبَةِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: وأَنْجَحَ إِذا أَكْدَيْتُم.
يُقَالُ: نَجَحَ إِذا أَصاب طَلِبَتَه ونَجَحَتْ طَلِبَتُه وأَنْجَحَتْ، وما
__________
(4).
قوله [وقد نجحت حاجتي إلخ] بابه منع كما في القاموس والمصباح.

(2/611)


أَفْلَحَ فُلَانَ وَلَا أَنْجَحَ. وتَنَجَّحْتُ الحاجةَ واسْتَنْجَحْتُها إِذا تَنَجَّزْتَها. ونَجَحَتْ هِيَ ونَجَحَ أَمْرُ فُلَانٍ: تَيَسَّرَ وسَهُل، فَهُوَ نَاجِحٌ؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
فيهنَّ أُمُّ الصَّبِيَّيْنِ الَّتِي تَبَلَتْ ... قَلبي، فَلَيْسَ لَهَا، مَا عِشْتُ، إِنْجاحُ
أَراد: فَلَيْسَ لحُبِّي لَهَا وسَعْيي فِيهَا إِنجاح مَا عِشْتُ. وَسَارَ فُلَانٌ سَيْرًا نَجِيحاً أَي وَشِيكاً. وسَيرٌ ناجِحٌ ونَجِيحٌ: وَشِيكٌ، وَكَذَلِكَ الْمَكَانُ؛ قَالَ:
يَغْبُقُهُنَّ قَرَباً نَجِيحا
وَقَالَ لَبِيدٌ:
فَمَضَيْنا، فَقَرَينا ناجِحاً ... مَوْطِناً، نَسْأَلُ عَنْهُ مَا فَعَلْ
ونَهْضٌ نَجِيحٌ: مُجِدٌّ؛ قَالَ أَبو خراشٍ الهُذَليّ:
يُقَرِّبُه النَّهْضُ النَّجِيحُ لِمَا بِهِ، ... وَمِنْهُ بُدُوٌّ تارَةً ومَثِيلُ «1»
وَرَجُلٌ نَجِيحٌ: مُنْجحُ الْحَاجَاتِ؛ قَالَ أَوس:
نَجِيحٌ جَوادٌ أَخُو ماقِطٍ، ... نِقابٌ يُحَدِّثُ بالغائبِ
ورأْيٌ نَجِيحٌ: صوابٌ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ مَعَ المُتَكَهِّن: يَا جَلِيحُ أَمرٌ نَجِيح، رَجُلٌ فَصِيح، يَقُولُ لَا إِله إِلا اللَّهُ.
وَيُقَالُ لِلنَّائِمِ إِذا تَتَابَعَتْ عَلَيْهِ رُؤْيا صِدْقٍ: تناجَحَتْ أَحلامُه. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وتَناجَحَتْ عَلَيْهِ أَحلامُه تَتَابَعَ صدقُها. وَيُقَالُ: أَنْجَحَ بِكَ الباطلُ أَي غَلَبك الباطِلُ. وكلُّ شيءٍ غَلَبَكَ، فَقَدْ أَنْجَحَ بِكَ. وإِذا غَلَبْتَه، فَقَدْ أَنْجَحْتَ بِهِ. والنَّجاحةُ: الصَّبْرُ. وَيُقَالُ: مَا نَفْسِي عَنْهُ بنَجِيحة أَي بِصَابِرَةٍ؛ وَقَالَ ابْنُ مَيَّادة:
وَمَا هَجْرُ لَيْلى أَن تكونَ تَباعدَتْ ... عليكَ، وَلَا أَن أَحْصَرَتْك شُغُولي
وَلَا أَن تَكون النفسُ عَنْهَا نَجِيحةً ... بشيءٍ، وَلَا. «2» .... ببديلِ
وَقَدْ سَمَّوْا نَجِيحاً ونُجَيْحاً ومُنْجِحاً ونَجاحاً.
نحح: النَّحِيحُ: صَوْتٌ يُرَدِّدُه الرجلُ فِي جَوْفِهِ. وَقَدْ نَحَّ يَنِحُّ نَحِيحاً ونَحْنَحَ إِذا رَدَّ السائلَ رَدًّا قَبِيحًا. وشَحِيحٌ نَحِيحٌ إِتباع كأَنه إِذا سُئِلَ اعْتَلَّ كَرَاهَةً للعطاءِ فَرَدَّدَ نَفَسَه لِذَلِكَ. والتَّنَحْنُح والنَّحْنَحة: كالنَّحِيح وَهُوَ أَشدّ مِنَ السُّعال. الأَزهري عَنِ اللَّيْثِ: النَّحْنَحَة التَّنَحْنُح وَهُوَ أَسهل مِنَ السُّعال وَهِيَ عِلَّة الْبَخِيلِ؛ وأَنشد:
يَكادُ مِنْ نَحْنَحةٍ وأَحِّ، ... يَحْكي سُعالَ الشَّرِقِ الأَبَحِ
والنَّحْنَحَةُ أَيضاً: صوتُ الجَرْع مِنَ الْحَلْقِ، يُقَالُ مِنْهُ: تَنَحْنَحَ الرجلُ؛ عَنْ كُرَاعٍ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَسْتُ مِنْهُ عَلَى ثِقَةٍ وأُراها بالخاءِ، قَالَ: وَقَالَ بَعْضُ اللُّغَوِيِّينَ النَّحْنَحَةُ أَن يُكَرِّرَ قولَ نَحْ نَحْ مُسْتَرْوِحاً، كَمَا أَن المَقْرُورَ إِذا تَنَفَّسَ فِي أَصابعه مُسْتَدْفٍئاً فَقَالَ كَهْ كَهْ اشْتُقَّ مِنْهُ الْمَصْدَرُ ثُمَّ
__________
(1).
قوله [وَمِنْهُ بُدُوٌّ تَارَةً وَمَثِيلُ] كذا بالأَصل ولم يظهر لنا معناه ولعله محرف عن: ومنه نزو تارة ونئيل، فالنزو: بوزن الوثوب ومعناه. والنئيل، كرحيم: مصدر نأَل نئيلًا إذا مَشَى وَنَهَضَ بِرَأْسِهِ يُحَرِّكُهُ إلى فوق، كما في القاموس.
(2).
كذا بياض بالأَصل.

(2/612)


الْفِعْلُ فَقِيلَ: كَهْكَهَ كَهْكَهةً، فَاشْتَقُّوا مِنَ الصَّوْتِ؛ وَذَكَرَ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي الْحَوَاشِي فِي فَصْلِ وَغَبَ:
كَزِّ المُحَيَّا أُنَّحٍ إِرْزَبِ
قَالَ: الأُنَّحُ البخيلُ الَّذِي إِذا سُئل تَنَحْنَحَ
ندح: النَّدْحُ: الكثرةُ. والنَّدْحُ والنُّدْحُ: السَّعةُ والفُسْحةُ. والنَّدْحُ: مَا اتَّسَعَ مِنَ الأَرض. تَقُولُ: إِنك لَفِي نَدْحةٍ مِنَ الأَمْر ومنْدُوحةٍ مِنْهُ، وَالْجَمْعُ أَنداحٌ؛ وَكَذَلِكَ النَّدْحةُ والنُّدْحة والمندوحةُ. وأَرض مندوحةٌ: وَاسِعَةٌ بَعِيدَةٌ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
يُطَوِّحُ الْهَادِي بِهِ تَطْوِيحا، ... إِذا عَلا دَوِّيَّه المَنْدُوحا
الدَّوُّ: بَلَدٌ مستوٍ أَحدُ طَرَفَيْهِ يُتاخِمُ الحَفْرَ المنسوبَ إِلى أَبي مُوسَى وَمَا صاقَبه مِنَ الطَّرِيقِ، وطَرَفُه الْآخَرُ يُتاخِمُ فَلَواتِ ثَبْرة وطُوَيْلِع وأَمْواهاً غيرَهما. وَقَالُوا: لِي عَنْ هَذَا الأَمر مَنْدوحة أَي مُتَّسَعٌ؛ ذَهَبَ أَبو عُبَيْدٍ إِلى أَنه مَنِ انْداحَ بَطْنُه أَي اتَّسَعَ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ غَلَطِ أَهل الصِّنَاعَةِ، وَذَلِكَ أَن انْداحَ انْفَعَلَ وَتَرْكِيبَهُ مَنْ دَوَّحَ، وإِنما مَنْدُوحة مَفْعُولَةٌ فَكَيْفَ يَجُوزُ أَن يُشْتَقَّ أَحدهما مِنْ صَاحِبِهِ؟ وتَنَدَّحتِ الغنمُ فِي مَرَابِضِهَا ومَسارحها وانْتَدَحَتْ: كِلَاهُمَا تَبَدَّدتْ وَانْتَشَرَتْ وَاتَّسَعَتْ مِنَ البِطْنةِ؛ وَمِنْهُ قِيلَ: لِي عَنْهُ مَنْدُوحة ومُنْتَدَحٌ أَي سَعَة. وإِنك لَفِي نُدْحةٍ ومَنْدُوحةٍ مِنْ كَذَا أَي سَعَةٍ؛ يَعْنِي أَن فِي التَّعْرِيضِ بِالْقَوْلِ مِنَ الِاتِّسَاعِ مَا يُغْنِي الرجلَ عَنْ تَعَمُّدِ ذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ
الْحَجَّاجِ: وادٍ نادِحٌ
أَي وَاسِعٌ. الْجَوْهَرِيُّ: النُّدْحُ، بِالضَّمِّ، الأَرض الْوَاسِعَةُ. والمَنادِحُ: المَفاوِزُ. والمُنْتَدَحُ: الْمَكَانُ الْوَاسِعُ. وَفِي حَدِيثِ
عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْن: إِن فِي المَعاريضِ لمَنْدوحةً عَنِ الْكَذِبِ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: أَي سَعَةً وفُسْحة، الْجَوْهَرِيُّ: وَلَا تَقُلْ مَمْدوحة، قَالَ: وَمِنْهُ قِيلَ لِلرَّجُلِ إِذا عَظُمَ بَطْنُهُ وَاتَّسَعَ: قَدِ انْداحَ بَطْنُهُ وانْدَحى، لُغَتَانِ، فأَراد أَن فِي المَعاريض مَا يَسْتَغْنِي بِهِ الرَّجُلُ عَنِ الِاضْطِرَارِ إِلى الْكَذِبِ الْمَحْضِ؛ قَالَ الأَزهري: أَصاب أَبو عُبَيْدٍ فِي تَفْسِيرِ المَنْدُوحة أَنه بِمَعْنَى السَّعة والفُسْحة، وَغَلَطَ فِيمَا جَعَلَهُ مُشْتَقًّا حِينَ قَالَ: وَمِنْهُ قِيلَ انْداحَ بَطْنُهُ وانْدَحى، لأَن النُّونَ فِي الْمَنْدُوحَةِ أَصلية وَالنُّونَ فِي انْدَاحَ وَانْدَحَى مِنَ الدَّحْوِ، فَبَيْنَهُمَا وَبَيْنَ النَّدْح فُرْقانٌ كَبِيرٌ، لأَن الْمَنْدُوحَةَ مأْخوذة مِنْ أَنْداح الأَرض وَاحِدُهَا نَدْحٌ، وَهُوَ مَا اتَّسَعَ مِنَ الأَرض؛ وَمِنْهُ قَوْلُ رؤْبة:
صِيرانُها فَوْضَى بكلِّ نَدْحِ
وَمِنْ هَذَا قَوْلُهُمْ: لَكَ مُنْتَدَحٌ فِي الْبِلَادِ أَي مذهبٌ وَاسِعٌ عَرِيضٌ. وانْدَحَّ بَطْنُ فُلَانٍ انْدِحاحاً: اتَّسَعَ مِنَ البِطْنةِ. وانْداحَ بطنُه انْدِياحاً إِذا انْتَفَخَ وتَدَلَّى، مِنْ سِمَنٍ كَانَ ذَلِكَ أَو عِلَّةٍ. وَفِي حَدِيثِ
أُم سَلَمَةَ أَنها قَالَتْ لِعَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، حِينَ أَرادت الْخُرُوجَ إِلى البَصْرة: قَدْ جَمَعَ الْقُرْآنُ ذيْلَكِ فَلَا تَنْدَحِيه
أَي لَا تُوَسِّعِيه وَلَا تُفَرّقيه بِالْخُرُوجِ إِلى الْبَصْرَةِ، والهاءُ لِلذَّيْلِ، وَيُرْوَى لَا تَبْدَحيه، بالباءِ، أَي لَا تَفْتَحِيه مِنَ البَدْح وَهُوَ الْعَلَانِيَةُ؛ أَرادت قَوْلِهِ تَعَالَى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ؛ قَالَ الأَزهري: مَنْ قَالَهُ بالباءِ ذَهَبَ إِلى البَداحِ، وَهُوَ مَا اتَّسَعَ مِنَ الأَرض، وَمَنْ قَالَهُ بِالنُّونِ ذَهَبَ بِهِ إِلى النَّدْح.

(2/613)


وَيُقَالُ: نَدَحْتُ الشيءَ نَدْحاً إِذا وَسِعْتَهُ؛ الأَزهري: والنَّدْحُ الْكَثْرَةُ فِي قَوْلِ الْعَجَّاجِ حَيْثُ يَقُولُ:
صِيد تَسامى وُرَّماً رِقابُها، ... بِنَدْحِ وَهْمٍ، قَطِمٍ قَبْقابُها
ونادِحٌ ومُنادِحٌ: اسْمَانِ، وَبَنُو مُنادِح: بُطَيْنٌ.
نزح: نَزَحَ الشيءُ يَنْزَحُ «1» نَزْحاً ونُزوحاً: بَعُدَ. وشيءٌ نُزُحٌ ونَزُوحٌ: نازحٌ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
إِنَّ المَذَلَّةَ مَنْزِلٌ نُزُحٌ ... عَنْ دَارِ قَوْمِكِ، فاتْرُكي شَتْمِي
ونَزَحت الدارُ فَهِيَ تَنْزِحُ نُزُوحاً إِذا بَعُدَتْ. وَقَوْمٌ مَنازيحُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
وصَرَّحَ الموتُ عَنْ غُلْبٍ كأَنهمُ ... جُرْبٌ، يُدافِعُها السَّاقِي، مَنازيحُ
إِنما هُوَ جَمْعُ مِنْزاح وَهِيَ الَّتِي تأْتي إِلى الماءِ عَنْ بُعْدٍ؛ ونَزَحَ بِهِ وأَنْزَحَه. وَبَلَدٌ نازحٌ، ووَصْلٌ نازحٌ: بَعِيدٌ. وَفِي حَدِيثِ
سَطيح: عبدُ المَسِيح جاءَ مِنْ بلدٍ نَزيحٍ
أَي بعيدٍ، فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ. ونَزَحَ البئرَ يَنْزِحُها ويَنْزَحُها نَزْحاً وأَنْزَحها إِذا اسْتَقَى مَا فِيهَا حَتَّى يَنْفَدَ؛ وَقِيلَ: حَتَّى يَقِلَّ ماؤُها. ونَزَحَتِ البئرُ ونَكِزَتْ تَنْزِحُ نَزْحاً ونُزُوحاً فَهِيَ نَازِحٌ ونُزُحٌ ونَزُوحٌ: نَفِدَ ماؤُها؛ قَالَ اللَّيْثُ: وَالصَّوَابُ عِنْدَنَا نُزِحَتِ البئرُ إِذا اسْتُقِيَ ماؤُها. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه نَزَلَ الحُدَيْبِية وَهِيَ نَزَحٌ
؛ النَزَح، بِالتَّحْرِيكِ: الْبِئْرُ الَّتِي أُخذ ماؤُها. يُقَالُ: نَزَحتِ البئرُ ونَزَحْتُها، لَازِمٌ وَمُتَعَدٍّ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
ابْنُ المُسَيّب قَالَ لِقَتَادَةَ: ارْحَلْ عَنِّي فَلَقَدْ نَزَحْتَني
أَي أَنْفَدْتَ مَا عِنْدِي، وَفِي رِوَايَةٍ
نَزَفْتَني.
الْجَوْهَرِيُّ: وَبِئْرٌ نَزُوح قَلِيلَةُ الماءِ، ورَكايا نُزُح. والنَّزَحُ، بِالتَّحْرِيكِ: الْبِئْرُ الَّتِي نُزِحَ أَكثر مَائِهَا؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
لَا يَستَقِي فِي النَّزَحِ المَضْفُوفِ، ... إِلا مُداراتُ الغُرُوبِ الجُوفِ
وَجَمْعُ النَّزَحِ أَنْزاحٌ وَجَمْعُ النَّزوحِ نُزُحٌ. وماءٌ لَا يَنْزِحُ وَلَا يَنْزَحُ أَي لَا يَنْفَدُ. وأَنْزَحَ القومُ «2»: نَزَحَتْ مِيَاهَ آبَارِهِمْ. والنَّزَحُ: الماءُ الكَدِرُ. وَقَدْ نُزِحَ بِفُلَانٍ إِذا بَعُدَ عَنْ دِيَارِهِ غَيبَةً بَعِيدَةً؛ وأَنشد الأَصمعي:
وَمَنْ يُنْزَحْ بِهِ، لَا بُدَّ يَوْمًا ... يَجيءُ بِهِ نَعِيٌّ أَو بَشِيرُ
وأَنت بمُنْتَزَحٍ مِنْ كَذَا أَي بِبُعْدٍ مِنْهُ؛ قَالَ ابْنُ هَرْمَة يَرْثي ابْنَهُ:
فأَنتَ، مِنَ الغَوائلِ، حِينَ تُرْمى، ... وَمِنْ ذَمِّ الرجالِ، بمُنْتَزاحِ
إِلا أَنه أَشبع فَتْحَةَ الزَّايِ فَتَوَلَّدَتِ الأَلف.
نسح: اللَّيْثُ: النَّسْحُ والنُّساحُ مَا تَحاتَّ عَنِ التَّمْرِ مِنْ قِشْرِهِ وفُتاتِ أَقماعه وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَبْقَى فِي أَسفل الوعاءِ. والمِنساحُ: شَيْءٌ يُدْفَعُ بِهِ الترابُ ويُذْرى به. ونِساحٌ [نَساحٌ]: وَادٍ «3» بِالْيَمَامَةِ؛ قَالَ الأَزهري: مَا ذَكَرَهُ اللَّيْثُ فِي النَّسْح لَمْ أَسمعه لِغَيْرِهِ، قَالَ: وأَرجو
__________
(1).
قوله [نزح الشيء ينزح إلخ] بابه منع وضرب كما في القاموس.
(2).
قوله [وأَنزح القوم إلخ] كذا بالأَصل كبعض نسخ القاموس وفي بعضها نزح بدون همزة كما نبه عليه شارحه.
(3).
قوله [ونساح واد إلخ] كسحاب وكتاب، كما في القاموس وياقوت.

(2/614)


أَن يَكُونَ مَحْفُوظًا. الْجَوْهَرِيُّ: نَسَحَ الترابَ نَسْحاً أَذراه، ونَسِحَ نَسَحاً: طَمِعَ. ونَساحٌ: جَبَلٌ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ؛ وأَنشد:
يُوعِدُ خَيْراً، وَهُوَ بالزَّحْزاحِ ... أَبْعَدُ مِنْ زُهْرَةَ مِنْ نَساحِ
نشح: نَشَحَ الشاربُ يَنْشَحُ نَشْحاً ونُشُوحاً وانْتَشَح إِذا شُرِبَ حَتَّى امتلأَ؛ وَقِيلَ: نَشَحَ شَرب شُرْباً قَلِيلًا دُونَ الرَّيِّ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
فانْصاعتِ الحُقْبُ لَمْ تَقْصَعْ صَرائِرَها، ... وَقَدْ نَشَحْنَ، فَلَا رِيٌّ وَلَا هِيمُ
وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ قَالَ لِعَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: انْظُري مَا زَادَ مِنْ مَالِي فَرُدِّيه إِلى الْخَلِيفَةِ بِعْدِي، فإِني كُنْتُ نَشَحْتُها جُهْدي
أَي أَقللت مِنَ الأَخذ مِنْهَا. والنَّشْحُ: الشُّرْبُ الْقَلِيلُ. ونَشَحَ بعيرَه: سَقَاهُ مَاءً قَلِيلًا، وَالِاسْمُ النَّشُوحُ مِنْ قَوْلِكَ نَشَحَ إِذا شَرِبَ شُرْباً دُونَ الرِّيِّ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ يَصِفُ الْحَمِيرَ:
حَتَّى إِذا مَا غَيَّبتْ نَشُوحا
وأَورد الْجَوْهَرِيُّ هَذَا الْبَيْتَ عَلَى النَّشُوح الْمَاءُ الْقَلِيلُ. وَقَالَ: مَعْنَاهُ أَي أَدخلت أَجوافها شَرَابًا غَيَّبَتْه فِيهِ؛ وَقِيلَ: النَّشُوح، بِالْفَتْحِ، الماءُ الْقَلِيلُ. قَالَ الأَزهري: وَسَمِعْتُ أَعرابيّاً يَقُولُ لأَصحابه: أَلا وانْشَحُوا خيلَكم نَشْحاً أَي اسْقُوهَا سَقْياً يَفْثَأُ غُلَّتَها وإِن لَمْ يُرْوِها؛ قَالَ الرَّاعِي يَذْكُرُ مَاءً وَرَدَه:
نَشَحْتُ بِهَا عَنْساً تَجافى أَظَلُّها ... عَنِ الأُكْمِ، إِلا مَا وَقَتْها السَّرائِحُ
والنَّشْحُ: الْعَرَقُ؛ عَنْ كُرَاعٍ. وسِقاءٌ نَشَّاحٌ: رَشَّاح نَضَّاح.
نصح: نَصَحَ الشيءُ: خَلَصَ. والناصحُ: الْخَالِصُ مِنَ الْعَسَلِ وَغَيْرِهِ. وَكُلُّ شيءٍ خَلَصَ، فَقَدْ نَصَحَ؛ قَالَ ساعدةُ بْنُ جُؤَيَّةَ الْهُذَلِيُّ يَصِفُ رَجُلًا مَزَجَ عَسَلًا صَافِيًا بماءٍ حَتَّى تَفَرَّقَ فِيهِ:
فأَزالَ مُفْرِطَها بأَبيضَ ناصِحٍ، ... مِنْ ماءِ أَلْهابٍ، بهنَّ التَّأْلَبُ
وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: النَّاصِحُ النَّاصِعُ فِي بَيْتِ ساعدة، قال: وَقَالَ النَّضْرُ أَراد أَنه فَرَّقَ بِهِ خَالِصَهَا وَرَدِيئَهَا بأَبيض مُفْرِطٍ أَي بِمَاءِ غَدِيرٍ مَمْلُوءٍ. والنُّصْح: نَقِيضُ الغِشّ مُشْتَقٌّ مِنْهُ نَصَحه وَلَهُ نُصْحاً ونَصِيحة ونَصاحة ونِصاحة ونَصاحِيةً ونَصْحاً، وَهُوَ بِاللَّامِ أَفصح؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَأَنْصَحُ لَكُمْ
.
وَيُقَالُ: نَصَحْتُ لَهُ نَصيحتي نُصوحاً أَي أَخْلَصْتُ وصَدَقْتُ، وَالِاسْمُ النَّصِيحَةُ. والنصيحُ: النَّاصِحُ، وَقَوْمٌ نُصَحاء؛ وَقَالَ النَّابِغَةُ الذُّبْيَانِيُّ:
نَصَحْتُ بَنِي عَوْفٍ فَلَمْ يَتَقَبَّلوا ... رَسُولي، وَلَمْ تَنْجَحْ لَدَيْهِمْ وَسائِلي
وَيُقَالُ: انْتَصَحْتُ فُلَانًا وَهُوَ ضِدُّ اغْتَشَشْتُه؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
أَلا رُبَّ مَنْ تَغْتَشُّه لَكَ ناصِحٌ، ... ومُنْتَصِحٍ بادٍ عَلَيْكَ غَوائِلُهْ
تَغْتَشُّه: تَعْتَدُّه غَاشًّا لَكَ. وتَنْتَصِحُه: تَعْتَدُّه نَاصِحًا لَكَ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وانْتَصَحَ فُلَانٌ أَي قَبِلَ النَّصِيحَةَ. يُقَالُ: انْتَصِحْني إِنني لَكَ نَاصِحٌ؛ وأَنشده

(2/615)


ابْنُ بَرِّيٍّ:
تقولُ انْتَصِحْني إِنني لَكَ ناصِحٌ، ... وَمَا أَنا، إِن خَبَّرْتُها، بأَمِينِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا وَهَمٌ مِنْهُ لأَن انْتَصَحَ بِمَعْنَى قَبِلَ النَّصِيحَةَ لَا يتعدَّى لأَنه مُطَاوِعُ نَصَحْتُهُ فَانْتَصَحَ، كَمَا تَقُولُ رَدَدْتُهُ فارْتَدَّ، وسَدَدْتُه فاسْتَدَّ، ومَدَدْتُه فامْتَدَّ، فأَما انْتَصَحْتُهُ بِمَعْنَى اتَّخَذْتُهُ نَصِيحًا، فَهُوَ مُتَعَدٍّ إِلى مَفْعُولٍ، فَيَكُونُ قَوْلُهُ انتصحْني إِنني لَكَ نَاصِحٌ، يَعْنِي اتَّخِذْنِي نَاصِحًا لَكَ؛ ومنه قولهم: لا أُ ريد مِنْكَ نُصْحاً وَلَا انْتِصَاحًا أَي لَا أُريد مِنْكَ أَن تَنْصَحَنِي وَلَا أَن تَتَّخِذَنِي نَصِيحًا، فَهَذَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ النُّصْح وَالِانْتِصَاحِ. والنُّصْحُ: مَصْدَرُ نَصَحْتُه. والانتصاحُ: مَصْدَرُ انْتَصَحْته أَي اتَّخَذْتُهُ نَصِيحًا، وَمَصْدَرُ انْتَصَحْتُ أَيضاً أَي قَبِلْتُ النَّصِيحَةَ، فَقَدْ صَارَ لِلِانْتِصَاحِ مَعْنَيَانِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن الدِّينَ النصيحةُ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِكِتَابِهِ ولأَئمة الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: النَّصِيحَةُ كَلِمَةٌ يُعَبَّرُ بِهَا عَنْ جُمْلَةٍ هِيَ إِرادة الْخَيْرِ لِلْمَنْصُوحِ لَهُ، فَلَيْسَ يُمْكِنُ أَن يُعَبَّرَ عَنْ هَذَا الْمَعْنَى بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ تَجْمَعُ مَعْنَاهَا غَيْرُهَا. وأَصل النُّصْحِ: الْخُلُوصُ. وَمَعْنَى النصيحة لله: صِحَّةُ الِاعْتِقَادِ فِي وَحْدَانِيَّتِهِ وإِخلاص النِّيَّةِ فِي عِبَادَتِهِ. وَالنَّصِيحَةُ لِكِتَابِ اللَّهِ: هُوَ التَّصْدِيقُ بِهِ وَالْعَمَلُ بِمَا فِيهِ. وَنَصِيحَةُ رَسُولِهِ: التَّصْدِيقُ بِنُبُوَّتِهِ وَرِسَالَتِهِ وَالِانْقِيَادُ لِمَا أَمر بِهِ وَنُهِيَ عَنْهُ. وَنَصِيحَةُ الأَئمة: أَن يُطِيعَهُمْ فِي الْحَقِّ وَلَا يَرَى الْخُرُوجَ عَلَيْهِمْ إِذا جَارُوا. وَنَصِيحَةُ عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ: إِرشادهم إِلى الْمَصَالِحِ؛ وَفِي شَرْحِ هَذَا الْحَدِيثِ نظرٌ وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ نَصِيحَةُ الأَئمة أَن يُطِيعَهُمْ فِي الْحَقِّ وَلَا يَرَى الْخُرُوجَ عَلَيْهِمْ إِذا جَارُوا، فأَيّ فَائِدَةٍ فِي تَقْيِيدِ لَفْظِهِ بِقَوْلِهِ يُطِيعُهُمْ فِي الْحَقِّ مَعَ إِطلاق قَوْلِهِ وَلَا يَرَى الْخُرُوجَ عَلَيْهِمْ إِذا جَارُوا؟ وإِذا مَنَعَهُ الْخُرُوجُ إِذا جَارُوا لَزِمَ أَن يُطِيعَهُمْ فِي غَيْرِ الْحَقِّ. وتَنَصَّح أَي تَشَبَّه بالنُّصَحاء. واسْتَنْصَحه: عَدَّه نَصِيحًا. وَرَجُلٌ ناصحُ الجَيْب: نَقِيُّ الصَّدْرِ نَاصِحُ الْقَلْبِ لَا غِشَّ فِيهِ، كَقَوْلِهِمْ طَاهِرُ الثَّوْبِ، وَكُلُّهُ عَلَى الْمَثَلِ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
أَبْلِغِ الحرثَ بنَ هِنْدٍ بأَني ... ناصِحُ الجَيْبِ، بازِلٌ للثوابِ
وقومٌ نُصَّح ونُصَّاحٌ. والتَّنَصُّح: كَثْرَةُ النُّصْحِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أَكْثَمَ بْنِ صَيْفِيٍّ: إِياكم وكثرةَ التَّنَصُّح فإِنه يُورِثُ التُّهَمَة. وَالتَّوْبَةُ النَّصُوح: الْخَالِصَةُ، وَقِيلَ: هِيَ أَن لَا يَرْجِعَ الْعَبْدُ إِلى مَا تَابَ عَنْهُ؛ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: تَوْبَةً نَصُوحاً
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: قرأَ أَهل الْمَدِينَةِ نَصُوحاً، بِفَتْحِ النُّونِ، وَذَكَرَ عَنْ عَاصِمٍ نُصُوحاً، بِضَمِّ النُّونِ؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: كأَنّ الَّذِينَ قرأُوا نُصُوحاً أَرادوا الْمَصْدَرَ مِثْلَ القُعود، وَالَّذِينَ قرأُوا نَصُوحاً جَعَلُوهُ مِنْ صِفَةِ التَّوْبَةِ؛ وَالْمَعْنَى أَن يُحَدّث نَفْسَهُ إِذا تَابَ مِنْ ذَلِكَ الذَّنْبِ أَن لَا يَعُودُ إِليه أَبداً، وَفِي حَدِيثِ
أُبيّ: سأَلت النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ التَّوْبَةِ النَّصُوحِ فَقَالَ: هِيَ الْخَالِصَةُ الَّتِي لَا يُعاوَدُ بَعْدَهَا الذنبُ
؛ وفَعُول مِنْ أَبنية الْمُبَالَغَةِ يَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ والأُنثى، فكأَنَّ الإِنسانَ بَالَغَ فِي نُصْحِ نَفْسِهِ بِهَا، وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ النُّصْح وَالنَّصِيحَةِ. وَسُئِلَ أَبو عَمْرٍو عَنْ نُصُوحاً فَقَالَ: لَا أَعرفه؛ قَالَ الْفَرَّاءُ وَقَالَ المفضَّل: بَاتَ عَزُوباً وعُزُوباً وعَرُوساً وعُرُوساً؛ وقال أَبو إِسحاق: توبةٌ نَصُوح بَالِغَةٌ فِي النُّصْح، وَمَنْ قرأَ نُصُوحاً فَمَعْنَاهُ يَنْصَحُون فِيهَا نُصوحاً. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: نَصَحْتُه أَي صَدَقْتُه؛

(2/616)


وَمِنْهُ التَّوْبَةُ النَّصُوحُ، وَهِيَ الصَّادِقَةُ. والنِّصاحُ: السِّلكُ يُخاط بِهِ. وَقَالَ اللَّيْثُ: النِّصاحة السُّلوك الَّتِي يُخَاطُ بِهَا، وَتَصْغِيرُهَا نُصَيِّحة. وَقَمِيصٌ مَنْصُوح أَي مَخِيط. وَيُقَالُ للإِبرة: المِنْصَحة فإِذا غَلُظَتْ، فَهِيَ الشُّعَيْرَةُ. والنُّصْحُ: مَصْدَرُ قَوْلِكَ نَصَحْتُ الثوبَ إِذا خِطْتَه. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَمِنْهُ التَّوْبَةُ النَّصُوحُ اعْتِبَارًا بِقَوْلِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
مَنِ اغتابَ خَرَقَ وَمَنِ اسْتَغْفَرَ اللَّهَ رَفَأَ.
ونَصَحَ الثوبَ وَالْقَمِيصَ يَنْصَحُه نَصْحاً وتَنَصَّحه: خَاطَهُ. وَرَجُلٌ نَاصِحٌ وناصِحِيٌّ ونَصَّاحٌ: خَائِطٌ. والنِّصاحُ: الخَيْطُ وَبِهِ سُمِّيَ الرَّجُلُ نِصاحاً، وَالْجَمْعُ نُصُحٌ ونِصاحةٌ، الْكَسْرَةُ فِي الْجَمْعِ غَيْرَ الْكَسْرَةِ فِي الْوَاحِدِ، والأَلف فِيهِ غَيْرُ الأَلف، وَالْهَاءُ لتأْنيث الْجَمْعِ. والمِنْصَحة: المِخْيَطة. والمِنْصَحُ: المِخْيَطُ. وفي ثَوْبِهِ مُتَنَصِّحٌ لَمْ يُصلحه أَي مَوْضِعُ إِصلاح وَخِيَاطَةٍ، كَمَا يُقَالُ: إِن فِيهِ مُتَرَقَّعاً؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
ويُرْعِدُ إِرعادَ الهجِينِ أَضاعه، ... غَداةَ الشَّمالِ، الشُّمْرُخُ المُتَنَصَّحُ
وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: المُتَنَصَّحُ المَخيطُ، وأَنشد بَيْتَ ابْنِ مُقْبِلٍ. وأَرض مَنْصوحة: متصلة بالغيت كَمَا يُنْصَحُ الثوبُ، حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذِهِ عِبَارَةٌ رَدِيئَةٌ إِنما المَنْصُوحة الأَرض الْمُتَّصِلَةُ النَّبَاتِ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، كأَنَّ تِلْكَ الجُوَبَ الَّتِي بَيْنَ أَشخاص النَّبَاتِ خِيطَتْ حَتَّى اتَّصَلَ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ. قَالَ النَّضْرُ: نَصَحَ الغيثُ البلادَ نَصْحاً إِذا اتَّصَلَ نَبْتُهَا فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ فَضاء وَلَا خَلَلٌ؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: نَصَحَ الغيثُ البلادَ ونَضَرها بِمَعْنًى وَاحِدٍ؛ وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: الأَرض الْمَنْصُوحَةُ هِيَ المَجُودةُ نُصِحتْ نَصْحاً. ونَصَحَ الرجلُ الرِّيَّ نَصْحاً إِذا شَرِبَ حَتَّى يَرْوى؛ وَكَذَلِكَ نَصَحتِ الإِبلُ الشُّرْبَ تَنْصَحُ نُصُوحاً: صَدَقَتْه. وأَنْصَحْتُها أَنا: أَرويتها؛ قَالَ:
هَذَا مَقامِي لكِ حَتَّى تَنْصَحِي ... رِيّاً، وتَجْتازي بَلاطَ الأَبْطَحِ
وَيُرْوَى: حَتَّى تَنْضَحِي، بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ، وَلَيْسَ بِالْعَالِي. البَلاطُ: القاعُ. وأَنْصَح الإِبلَ: أَرْواها. والنِّصاحاتُ: الجلودُ؛ قَالَ الأَعشى يَصِفُ شَرْباً:
فتَرى القومَ نَشاوى كلَّهُمْ، ... مِثْلَمَا مُدَّتْ نِصاحاتُ الرُّبَحْ
قَالَ الأَزهري: أَراد بالرُّبَحِ الرُّبَعَ فِي قَوْلِ بَعْضُهُمْ؛ وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الرُّبَحُ مِنْ أَولاد الْغَنَمِ، وَقِيلَ: هُوَ الطَّائِرُ الَّذِي يُسَمَّى بِالْفَارِسِيَّةِ زَاغَ؛ وَقَالَ المُؤَرِّج: النِّصاحاتُ حِبَالٌ يُجْعَلُ لَهَا حَلَقٌ وَتُنْصَبُ للقُرود إِذا أَرادوا صَيْدَهَا: يَعْمدُ رَجُلٌ فيجعلُ عِدّة حِبَالٍ ثُمَّ يأْخذ قِرْدًا فَيَجْعَلُهُ فِي حَبْلٍ مِنْهَا، وَالْقُرُودُ تَنْظُرُ إِليه مِنْ فَوْقِ الْجَبَلِ، ثُمَّ يَتَنَحَّى الْحَابِلُ فَتَنْزِلُ الْقُرُودُ فَتَدْخُلُ فِي تِلْكَ الْحِبَالِ وَهُوَ يَنْظُرُ إِليها مِنْ حَيْثُ لَا تَرَاهُ، ثُمَّ يَنْزِلُ إِليها فيأْخذ مَا نَشِبَ فِي الْحِبَالِ؛ قَالَ وَهُوَ قَوْلُ الأَعشى:
مِثْلَمَا مُدَّتْ نِصَاحَاتُ الربح
قال: والرُّبَحُ القرود وأَصلها الرُّباح. وشَيْبَةُ بْنُ نِصاحٍ: رَجُلٌ مِنَ الْقُرَّاءِ. والنَّصْحاء ومَنْصَح: مَوْضِعَانِ؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ «4»:
__________
(4).
قوله [قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ لهن إلخ] قبله: ولو أنه إذ كان ما حمَّ واقعاً بجانب من يخفى ومن يتودّد والأصاغي، بالصاد المهملة والغين المعجمة: موضع، كما أنشده ياقوت في مادته.

(2/617)


لهنَّ بِمَا بَيْنَ الأَصاغِي ومَنْصَحٍ ... تَعاوٍ، كَمَا عَجَّ الحَجِيحُ المُبَلِّدُ
نضح: النَّضْحُ: الرَّشُّ. نَضَح عَلَيْهِ الماءَ يَنْضَحُه «1» نَضْحاً إِذا ضَرَبَهُ بِشَيْءٍ فأَصابه مِنْهُ رَشاشٌ. ونَضَح عَلَيْهِ الماءُ: ارْتَشَّ. وَفِي حَدِيثِ
قَتَادَةَ: النَّضْحُ مِنَ النَّضْحِ
؛ يُرِيدُ مَنْ أَصابه نَضْحٌ مِنَ الْبَوْلِ وَهُوَ الشَّيْءُ الْيَسِيرُ مِنْهُ فَعَلَيْهِ أَن يَنْضَحَه بِالْمَاءِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ غَسْلُهُ؛ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: هُوَ أَن يُصِيبَهُ مِنَ الْبَوْلِ رَشاشٌ كرؤُوس الإِبَرِ؛ وَقَالَ الأَصمعي: نَضَحْتُ عَلَيْهِ الماءَ نَضْحاً وأَصابه نَضْحٌ مِنْ كَذَا. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: النَّضْح مَا كَانَ عَلَى اعْتِمَادٍ وَهُوَ مَا نَضَحْته بِيَدِكِ مُعْتَمِدًا، وَالنَّاقَةُ تَنْضَحُ ببولها. والنَّضْخُ: مَا كَانَ عَلَى غَيْرِ اعْتِمَادٍ، وَقِيلَ: هُمَا لُغَتَانِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَكُلُّهُ رَشٌّ. والقربةُ تَنْضَحُ مِنْ غَيْرِ اعْتِمَادٍ ... فَوطِئَ «2» عَلَى مَاءٍ فنَضَح عَلَيْهِ وَهُوَ لَا يُرِيدُ ذَلِكَ؛ وَمِنْهُ نَضْحُ الْبَوْلِ فِي حَدِيثِ إِبراهيم: أَنه لَمْ يَكُنْ يَرَى بنَضْح الْبَوْلِ بأْساً. وَحَكَى الأَزهري عَنِ اللَّيْثِ: النَّضْح كالنَّضْخ رُبَّمَا اتَّفَقَا وَرُبَّمَا اخْتَلَفَا. وَيَقُولُونَ: النَّضْح مَا بَقِيَ لَهُ أَثر كَقَوْلِكَ عَلَى ثَوْبِهِ نَضْحُ دَمٍ، والعين تَنْضَحُ بِالْمَاءِ نَضْحاً إِذا رأَيتها تفور، وكذلك تَنْضَخُ الْعَيْنُ؛ وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ نَضَخَ عَلَيْهِ الماءُ يَنْضَخُ، فَهُوَ ناضخٌ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
يَنْضَخُ البحرُ ساحلَه.
وَقَالَ الأَصمعي: لَا يُقَالُ مِنَ الْخَاءِ فَعَلْتُ، إِنما يُقَالُ أَصابه نَضْخ مِنْ كَذَا؛ وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: قَوْلَ أَبي زَيْدٍ أَصح، وَالْقُرْآنُ يَدُلُّ عَلَيْهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: يهِما عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ
؛ فَهَذَا يَشْهَدُ بِهِ. يُقَالُ: نَضَخَ عَلَيْهِ الْمَاءُ لأَن الْعَيْنَ النَّضَّاخة هِيَ الفَعَّالة، وَلَا يُقَالُ لَهَا: نَضَّاخة حَتَّى تَكُونَ نَاضِحَةً؛ قَالَ ابْنُ الْفَرَجِ: سَمِعْتُ جَمَاعَةً مِنْ قَيْسٍ يَقُولُونَ: النَّضح والنَّضْخُ وَاحِدٍ؛ وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: نَضَحْتُه ونَضَخْته بِمَعْنًى وَاحِدٍ؛ قَالَ: وَسَمِعْتُ الغَنَوِيّ يَقُولُ: النَّضْح والنَّضْخُ وَهُوَ فِيمَا بَانَ أَثره وَمَا رَقَّ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. قَالَ: وَقَالَ الأَصمعي: النَّضْح الَّذِي لَيْسَ بَيْنَهُ فُرَجٌ، والنَّضْخُ أَرَقّ مِنْهُ؛ وَقَالَ أَبو لَيْلى: النَّضْحُ والنَّضْخُ مَا رَقَّ وثَخُن بِمَعْنًى وَاحِدٍ. ونَضَحَ البيتَ يَنْضِحُه، بِالْكَسْرِ، نَضْحاً: رَشَّه؛ وَقِيلَ: رَشَّهُ رَشًّا خَفِيفًا. وانْتَضَح عَلَيْهِمُ الْمَاءَ أَي تَرَشَّش. وَفِي الْحَدِيثِ:
الْمَدِيِنَةُ كالكِير تَنْفي خَبَثَها وتَنْضَحُ طِيبَها
، رُوِيَ بِالضَّادِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَتَيْنِ وَبِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، مِنَ النَّضْح وَهُوَ رَشُّ الْمَاءِ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي بَضَعَ. ونَضَح الماءُ العطشَ يَنْضِحُه: رَشَّه فَذَهَبَ بِهِ أَو كَادَ يَذْهَبُ بِهِ. ونَضَح الماءُ المالَ يَنْضِحُه: ذَهَبَ بِعَطَشِهِ أَو قَارَبَ ذَلِكَ. والنَّضَحُ، بِفَتْحِ الضَّادِ، وَالنَّضِيحُ: الْحَوْضُ لأَنه يَنْضَح الْعَطَشَ أَي يَبُلُّه؛ وَقِيلَ: هُمَا الْحَوْضُ الصَّغِيرُ، وَالْجَمْعُ أَنضاح ونُضُحٌ. وَقَالَ اللَّيْثُ: النَّضِيحُ مِنَ الْحِيَاضِ مَا قَرُب مِنَ الْبِئْرِ حَتَّى يَكُونَ الإِفراغ فِيهِ مِنَ الدَّلْوِ وَيَكُونُ عَظِيمًا؛ وَقَالَ الأَعشى:
فَغَدَوْنا عليهمُ بُكْرَةَ الوِرْدِ، ... كَمَا تُورِدُ النَّضِيحَ الهِياما
قَالَ ابْنُ الأَعرابي: سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه يَنْضِحُ عطشَ الإِبل أَي يَبُلُّه. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: نَضَحْتُ الرِّيَّ، بِالضَّادِ؛ وَقَالَ الأَصمعي: فإِن شَرِبَ حَتَّى يَرْوَى قَالَ نَصَحْتُ، بِالصَّادِ، نَصْحاً ونَصَعْتُ بِهِ ونَقَعْتُ. قَالَ: والنَّضْحُ والنَّشْحُ وَاحِدٌ، وَهُوَ أَن يَشْرَبَ دون
__________
(1).
قوله [نَضَحَ عَلَيْهِ الْمَاءَ يَنْضَحُهُ إلخ] بابه ضرب ومنع وكذلك نضخ بالخاء المعجمة كما في المصباح.
(2).
قوله [اعتماد ... فوطئ] هو هكذا مع البياض في الأَصل.

(2/618)


الرِّيّ. والنَّضْحُ: سَقْيُ الزَّرْعِ وَغَيْرِهِ بِالسَّانِيَةِ. ونَضَحَ زرعَه: سَقَاهُ بالدَّلْو. والناضحُ: الْبَعِيرُ أَو الثَّوْرُ أَو الْحِمَارُ الَّذِي يُسْتَقَى عَلَيْهِ الْمَاءُ، والأُنثى بِالْهَاءِ، نَاضِحَةٌ وَسَانِيَةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا سُقِيَ مِنَ الزَّرْعِ نَضْحاً فَفِيهِ نِصْفُ الْعُشْرِ
؛ يُرِيدُ مَا سُقِيَ بالدِّلاءِ والغُروب والسَّواني وَلَمْ يُسْقَ فَتْحاً. وَالنَّوَاضِحُ مِنَ الإِبل: الَّتِي يُسْتَقَى عَلَيْهَا، وَاحِدُهَا نَاضِحٌ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
أَتاه رَجُلٌ فَقَالَ: إِن نَاضِحَ بَنِي فُلَانٍ قَدْ أَبَدَ عَلَيْهِمْ.
وَفِي حَدِيثِ
مُعَاوِيَةَ قَالَ للأَنصار وَقَدْ قَعَدُوا عَنْ تَلَقِّيهِ لَمَّا حَجَّ: مَا فَعَلَتْ نَواضِحُكم؟
كأَنه يُقَرِّعُهم بِذَلِكَ لأَنهم كَانُوا أَهل حَرْثٍ وزَرْعٍ وسَقْيٍ، وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُهُ فِي الْحَدِيثِ مُفْرَدًا وَمَجْمُوعًا. والنَّضَّاح: الَّذِي يَنْضَحُ عَلَى الْبَعِيرِ أَي يَسُوقُ السَّانِيَةَ وَيَسْقِي نَخْلًا؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
هَبَطْنَ بَطْنَ رُهاط واعْتَصَبْنَ، كَمَا ... يَسْقِي الجُذُوعَ، خِلالَ الدُّورِ، نَضَّاحُ
وَهَذِهِ نَخْلٌ تُنْضَحُ أَي تُسْقَى. وَيُقَالُ: فُلَانٌ يَسْقي بالنَّضْحِ، وَهُوَ مَصْدَرٌ. والنَّضْحاتُ: الشَّيْءُ الْيَسِيرُ الْمُتَفَرِّقُ مِنَ الْمَطَرِ. قَالَ شَمِرٌ: وَقَدْ قَالُوا فِي نَضَحَ المطرُ، بِالْحَاءِ وَالْخَاءِ. والناضحُ: الْمَطَرُ؛ وَقَدْ نَضَحَتْنا السَّمَاءُ. والنَّضْحُ أَمْثَلُ مِنَ الطَّلّ: وَهُوَ قَطْرٌ بَيْنَ قَطْرَيْن. قَالَ: وَيُقَالُ لِكُلِّ شَيْءٍ يَتَحَلَّب مِنْ مَاءٍ أَو عَرَقٍ أَو بَوْلٍ: يَنْضَحُ: وأَنشد: يَنْضَحْنَ فِي حَافَاتِهِ بالأَبْوال ونَضَحَ الرجلُ بالعَرَق نَضْحاً: فَضَّ بِهِ، وَكَذَلِكَ الْفَرَسُ. والنَّضِيحُ والتَّنْضاحُ: الْعَرَقُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
تَنْضَحُ ذِفْراه بِمَاءٍ صَبِ
والنَّضُوحُ: الوَجُور فِي أَيّ الْفَمِ كَانَ. ونَضَحَتِ الْعَيْنُ تَنْضَحُ نَضْحاً وانْتَضَحَت: فَارَتْ بِالدَّمْعِ؛ وَعَيْنَاهُ تَنْضَحانِ. والنَّضْحُ يَدْعُوهُ الهَمَلانُ: وَهُوَ أَن تَمْتَلِئَ الْعَيْنُ دَمْعًا ثُمَّ تَنْفَضِحَ هَمَلاناً لَا يَنْقَطِعُ. ونَضَحَتِ الْخَابِيَةُ والجَرَّة تَنْضَحُ إِذا كَانَتْ رَقِيقَةً فَخَرَجَ الْمَاءُ مِنَ الخَزَف ورشَحَتْ؛ وَكَذَلِكَ الْجَبَلُ الَّذِي يَتَحَلَّبُ الْمَاءُ بَيْنَ صُخُورِهِ. ومَزادةٌ نَضُوح: تَنْضَح [تَنْضِح] الماءَ؛ ونَضَحَتْ ذِفْرَى الْبَعِيرِ بالعَرَق نَضْحاً؛ وَقَالَ القَطامِيّ:
حَرَجاً كأَنَّ، مِنَ الكُحَيْلِ، صُبابةً، ... نَضَحَتْ مَغابِنُها بِهِ نَضَحَانا
قَالَ: وَرَوَاهُ المُؤَرِّجُ نُضِخَتْ. واسْتَنْضَح الرجلُ وانْتَضَح: نَضَح شَيْئًا مِنْ مَاءٍ عَلَى فَرْجِهِ بَعْدَ الْوُضُوءِ؛
وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنه عَدَّ عَشْرَ خِلالٍ مِنَ السنَّة وَذَكَرَ فِيهَا الانتضاحَ بالماءِ
، وَهُوَ أَن يأْخذ مَاءً قَلِيلًا فيَنْضَحَ بِهِ مَذَاكِيرَهُ ومُؤْتَزَرَه بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنَ الْوُضُوءِ، لِيَنْفِيَ بِذَلِكَ عَنْهُ الوَسْواس: وَفِي خَبَرٍ آخَرَ:
انْتِفاض الْمَاءِ
، وَمَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ. وَفِي حَدِيثِ
عَطَاءَ: وَسُئِلَ عَنْ نَضَحِ الْوَضُوءِ
؛ هُوَ بِالتَّحْرِيكِ، مَا يَتَرَشَّشُ مِنْهُ عِنْدَ التَّوَضُّؤ كالنَّشَرِ. ونَضَح بِالْبَوْلِ عَلَى فَخِذَيْهِ: أَصابهما بِهِ؛ وَكَذَلِكَ نَضَحَ بِالْغُبَارِ. ونَضَحَ الجُلَّة يَنْضِحُها نَضْحاً: رَشَّها بِالْمَاءِ ليَتَلازَب تَمْرُها وَيَلْزَمَ بعضُه بَعْضًا. ونَضَحَ الجُلَّة أَيضاً: نَثَرَ مَا فِيهَا؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
يَنْضَحُ بالبَوْلِ، والغُبارُ عَلَى ... فَخْذَيْه، نَضْحَ العِيدِيَّةِ الجُلَلا
يُفَسَّرُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَاتَيْنِ. ونَضَحَ الرِّيّ نَضْحاً:

(2/619)


شَرِبَ دُونَهُ؛ وَقِيلَ: هُوَ أَن يَشْرَبَ حَتَّى يَرْوَى، فَهُوَ مِنَ الأَضداد؛ وَقَالَ شَمِرٌ: يُقَالُ نَضَحْتُ الأَدِيمَ بَلَلْتُهُ أَن لَا يَنْكَسِرَ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
نَضَحْتُ أَدِيمَ الوُدِّ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ ... بِآصِرةِ الأَرْحامِ، لَوْ تَتَبَلَّلُ
نَضَحْتُ أَي وَصَلْتُ. والنَّضُوحُ، بِالْفَتْحِ: ضَرْبٌ مِنَ الطِّيبِ؛ وَقَدْ انْتَضَحَ به. والنَّضْحُ: مِنْهُ مَا كَانَ رَقِيقًا كَالْمَاءِ، وَالْجَمْعُ نُضُوح وأَنْضِحَة، والنَّضْخُ مَا كَانَ مِنْهُ غَلِيظًا كالخَلُوق وَالْغَالِيَةِ. وَفِي حَدِيثِ الإِحرام:
ثُمَّ أَصبح مُحْرِمًا يَنْضَحُ طِيباً
أَي يَفُوحُ. النَّضُوح: ضَرْبٌ مِنَ الطِّيبِ تَفُوحُ رَائِحَتُهُ، وأَصل النَّضْح الرَّشْح فَشَبَّهَ كَثْرَةَ مَا يَفُوحُ مِنْ طِيبِهِ بِالرَّشْحِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَلِيٍّ: وَجَدَ فَاطِمَةَ وَقَدْ نَضَحَتِ البيتَ بنَضُوح
أَي طَيَّبته وَهِيَ فِي الْحَجِّ. وأَرض مُنْضِحة: واسعة. ونَضَّحَتِ الْغَنَمُ: شَبِعَت. ونَضَحْناهم بالنَّبْل نَضْحاً: رَمَيْنَاهُمْ ورَشَقْناهم. ونَضَحْناهم نَضْحاً: وَذَلِكَ إِذا فرَّقوها فِيهِمْ. وَفِي حَدِيثِ هِجَاءِ الْمُشْرِكِينَ:
كَمَا تَرْمُون نَضْحَ النَّبْل.
وَيُقَالُ: انِضَحْ عَنَّا الخيلَ أَي ارْمِهم. وَفِي الْحَدِيثِ
أَنه قَالَ للرُّماة يَوْمَ أُحُد: انْضَحوا عَنَّا الْخَيْلَ لَا نُؤْتَى مِنْ خَلْفِنا
أَي ارْمُوهُمْ بالنُّشَّاب. ونَضَحَ عَنْهُ: ذَبَّ وَدَفَعَ. ونَضَح الرَّجُلَ: ردَّ عَنْهُ؛ عَنْ كُرَاعٍ. ونَضَحَ الرجلُ عَنْ نَفْسِهِ إِذا دَفَعَ عَنْهَا بحُجَّة. وَهُوَ يَنْضَح عَنْ فُلَانٍ أَي يَذُبُّ عَنْهُ وَيَدْفَعُ. ورأَيته يَتَنَضَّحُ مِمَّا قُرِف بِهِ أَي يَنْتَفِي ويَتَنَصَّل مِنْهُ. وَقَالَ شُجاعٌ: مَضَحَ عَنِ الرَّجُلِ ونَضَح عَنْهُ وذَبَّ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَيُقَالُ: هُوَ يناضِحُ عَنْ قَوْمِهِ ويُنافِحُ عَنْهُمْ أَي يَذُبُّ عَنْهُمْ؛ وأَنشد:
وَلَوْ بَلا، فِي مَحْفِلٍ، نِضاحِي
أَي ذَبِّي ونَضْحِي عَنْهُ. وقَوْس نَضُوح: شَدِيدَةُ الدَّفْعِ والحَفْز لِلسَّهْمِ، حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ؛ وأَنشد لأَبي النَّجْمِ:
أَنْحَى شِمالًا هَمَزَى نَضُوحا
أَي مدَّ شِمَالَهُ فِي الْقَوْسِ. هَمَزَى يَعْنِي القوسَ أَنها شَدِيدَةٌ. والنَّضُوحُ: مِنْ أَسماء الْقَوْسِ كَمَا تَنْضَحُ بِالنَّبْلِ. والنَّضَّاحة: الْآلَةُ الَّتِي تُسَوَّى مِنَ النُّحَاسِ أَو الصُّفْر للنَّفْطِ وزَرْقِه؛ ابْنُ الأَعرابي: المِنْضَحَة والمَنْضَحة الزَّرَّاقة؛ قَالَ الأَزهري: وَهِيَ عِنْدَ عوامِّ النَّاسِ النَّضَّاحة وَمَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ. وَقَالَ ابْنُ الْفَرَجِ: سَمِعْتُ شُجاعاً السُّلَمِيّ يَقُولُ: أَمْضَحْتَ عِرْضِي وأَنْضَحْتَه إِذا أَفسدته؛ وَقَالَ خَليفة: أَنضَحْتُه إِذا أَنْهَبْتَه النَّاسَ. وانْتَضَحَ مِنَ الأَمر: أَظهر الْبَرَاءَةَ مِنْهُ. وَالرَّجُلُ يُرْمَى أَو يُقْرَف بتُهَمَة فيَنْتَضِح مِنْهُ أَي يُظْهِرُ التَبَرِّي مِنْهُ. وإِذا ابتدأَ الدَّقِيقُ فِي حَبِّ السُّنْبُل وَهُوَ رَطْبٌ فَقَدْ نَضَحَ وأَنْضَح، لُغَتَانِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَنْضَحَ الدقيقُ بدأَ فِي حَبِّ السُّنْبُلِ وَهُوَ رَطْبٌ. ونَضَح الغَضا نَضْحاً: تَفَطَّرَ بالوَرَقِ وَالنَّبَاتِ وعَمَّ بعضُهم بِهِ الشَّجَرَ؛ قَالَ أَبو طَالِبِ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ:
بُورِكَ المَيِّتُ الغَرِيبُ، كَمَا بُورِكَ ... نَضْحُ الرُّمَّانِ والزَّيْتُونِ
فأَما قَوْلُ أَبي حَنِيفَةَ نُضُوح الشَّجَرِ فَلَا أَدري أَرآه لِلْعَرَبِ أَم هُوَ أَقْدَمَ فَجَمَعَ نَضْحَ الشَّجَرِ عَلَى نُضُوح، لأَن بَعْضَ الْمَصَادِرِ قَدْ يُجْمَعُ كَالْمَرَضِ والشُّغْل وَالْعَقْلِ،

(2/620)


قَالُوا: أَمراض وأَشغال وعُقُول. ونَضَح الزَّرعُ: غَلُظَت جُثَّتُهُ.
نطح: النَّطْحُ: للكِبَاشِ وَنَحْوِهَا؛ نَطَحه يَنْطِحُه «3» ويَنْطَحُه نَطْحاً. وكَبْشٌ نَطَّاح، وَقَدِ انتَطَحَ الْكَبْشَانِ وتَناطَحا، ويُقْتاس مِنْ ذَلِكَ تَناطَحَتِ الأَمواجُ وَالسُّيُولُ وَالرِّجَالُ فِي الْحَرْبِ: وأَنشد:
الليلُ داجٍ والكِباشُ تَنْتَطِحْ
وكبشٌ نَطِيحٌ مِنْ كِبَاشٍ نَطْحَى ونَطائح، الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. ونَعْجة نَطِيحٌ ونَطِيحةٌ مِنْ نِعاجٍ نَطْحى ونَطائِحَ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ
؛ يَعْنِي مَا تَنَاطَحَ فَمَاتَ؛ الأَزهري: وَأَمَّا النَّطِيحة فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ؛ فَهِيَ الشَّاةُ المَنْطوحة تَمُوتُ فَلَا يَحِلُّ أَكلها، وأُدخلت الْهَاءُ فِيهَا لأَنها جُعِلَتِ اسْمًا لَا نَعْتًا؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: إِنما جَاءَتْ بِالْهَاءِ لِغَلَبَةِ الِاسْمِ عَلَيْهَا، وَكَذَلِكَ الفَريسة والأَكِيلة والرَّمِيَّة لأَنه لَيْسَ هُوَ عَلَى نَطَحتها، فَهِيَ مَنْطُوحَةٌ، وإِنما هُوَ الشَّيْءُ فِي نَفْسِهِ مِمَّا يُنْطَحُ وَالشَّيْءُ مِمَّا يُفْرَسُ وَمِمَّا يُؤْكَلُ. وَقَوْلُهُمْ: مَا لَهُ نَاطِحٌ وَلَا خَابِطٌ: فَالنَّاطِحُ الْكَبْشُ وَالتَّيْسُ والعَنْزُ، وَالْخَابِطُ: الْبَعِيرُ. وما نَطَحَتْ فيه جَمَّاءَ ذاتُ قَرْنٍ؛ يُقَالُ ذَلِكَ فِيمَنْ ذَهَبَ هَدَراً؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، ابْنُ سِيدَهْ: والنَّطِيحُ والناطِحُ مَا يَسْتَقْبِلُكَ ويأْتيك مِنْ أَمامك مِنَ الطَّيْرِ والظباءِ وَالْوَحْشِ وَغَيْرِهَا مِمَّا يُزْجَرُ، وَهُوَ خِلَافُ القَعِيد. وَرَجُلٌ نَطِيحٌ: مَشْؤُوم؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
فأَمْكَنَّه مِمَّا يُرِيدُ، وبعضُهم ... شَقِيٌّ، لَدَى خَيْراتِهِنَّ، نَطِيحُ
وفرسٌ نَطِيحٌ إِذا طَالَتْ غُرَّتُه حَتَّى تَسِيلَ تَحْتَ إِحدى أُذنيه وَهُوَ يُتشَاءم بِهِ؛ وَقِيلَ: النَّطِيحُ مِنَ الْخَيْلِ الَّذِي وسَطَ جَبْهته دَائِرَتَانِ، وإِن كَانَتْ وَاحِدَةً، فَهِيَ اللَّطْمةُ وَهُوَ اللَّطِيمُ، وَدَائِرَةُ النَّاطِحِ مِنْ دَوَائِرِ الْخَيْلِ وَكُلُّ ذَلِكَ شُؤْم؛ الأَزهري: قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: مِنْ دَوَائِرِ الْخَيْلِ دَائِرَةُ اللَّطَاةِ وَهِيَ الَّتِي وَسَطَ الْجَبْهَةِ؛ قَالَ: وإِن كَانَتْ دَائِرَتَانِ قَالُوا: فَرَسٌ نَطِيح، قَالَ: وَتُكْرَهُ دَائِرَتَا النَّطِيح؛ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: دَائِرَةُ اللَّطَاةِ لَيْسَتْ تُكْرَهُ. وَيُقَالُ للشَّرَطَيْنِ: النَّطْحُ والناطحُ وَهُمَا قَرْنا الحَمل. ابْنُ سِيدَهْ: النَّطْحُ نَجْمٌ مِنْ مَنَازِلِ الْقَمَرِ يُتَشَاءَمُ بِهِ أَيضاً؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: مَا كَانَ مِنْ أَسماء الْمَنَازِلِ، فَهُوَ يأْتي بالأَلف وَاللَّامِ وَبِغَيْرِ أَلف وَلَامٍ، كَقَوْلِكَ نَطْحٌ والنَّطْحُ، وغَفْرٌ والغَفْرُ. الْجَوْهَرِيُّ: ونَواطِحُ الدَّهْرِ شَدَائِدُهُ. وَيُقَالُ: أَصابه ناطِحٌ أَي أَمر شَدِيدٌ ذُو مَشَقَّةٍ؛ قَالَ الرَّاعِي:
وَقَدْ مَسَّه مِنَّا ومنهنَّ ناطِحُ
وَفِي الْحَدِيثِ:
فارسُ نَطْحَةٌ أَو نَطْحَتانِ ثُمَّ لَا فارسَ بعْدها أَبداً
؛ قَالَ أَبو بَكْرٍ: مَعْنَاهُ فارسُ تُقَاتِلُ الْمُسْلِمِينَ مَرَّةً أَو مَرَّتَيْنِ؛ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ فارس تَنْطِحُ [تَنْطَحُ] مَرَّةً أَو مَرَّتَيْنِ فَيَبْطُلُ مُلْكُهَا وَيَزُولُ أَمرها، فَحَذَفَ تَنْطَحُ لِبَيَانِ مَعْنَاهُ؛ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
رأَتْني بحَبْلَيْها فَصَدَّتْ مَخَافَةً، ... وَفِي الحَبْل رَوْعاءُ الفُؤادِ فَرُوقُ
أَراد: رأَتْني أَقبلتُ بِحَبْلَيْهَا فَحَذَفَ الْفِعْلَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا يَنْتَطِحُ فِيهَا عَنْزانِ
أَي لَا يَلْتَقِي فِيهَا اثْنَانِ ضَعِيفَانِ، لأَن النِّطاحَ مِنْ شأْن التُّيُوسِ وَالْكِبَاشِ لَا العَتُود، وَهُوَ إِشارة إِلى قَضِيَّةٍ مَخْصُوصَةٍ لَا يَجْرِي فِيهَا خُلْفٌ ونِزاعٌ.
__________
(3).
قوله [نطحه ينطحه] بابه ضرب ومنع كما في القاموس.

(2/621)


نظح: الأَزهري خَاصَّةً حَكَى عَنِ اللَّيْثِ: أَنْظَحَ السُّنْبُلُ إِذا رأَيت الدَّقِيقَ فِي حَبِّهِ؛ قَالَ الأَزهري: الَّذِي حَفِظْنَاهُ وَسَمِعْنَاهُ مِنَ الثِّقَاتِ: نَضَحَ السُّنبل وأَنْضَح، بِالضَّادِ، قَالَ: وَالظَّاءُ بِهَذَا الْمَعْنَى تَصْحِيفٌ إِلا أَن يَكُونَ مَحْفُوظًا عَنِ الْعَرَبِ فَيَكُونَ لُغَةً مِنْ لُغَاتِهِمْ؛ كَمَا قَالُوا بَضْرُ المرأَة لبَظْرها.
نفح: نَفَح الطِّيبُ يَنْفَحُ نَفْحاً ونُفُوحاً: أَرِجَ وفاحَ، وَقِيلَ: النَّفْحةُ دُفْعَةُ الرِّيحُ، طَيِّبَةً كَانَتْ أَو خَبِيثَةً؛ وَلَهُ نَفْحة طَيِّبَةٌ ونَفْحة خَبِيثَةٌ. وَفِي الصِّحَاحِ: وَلَهُ نَفْحة طَيِّبَةٌ. ونَفَحَتِ الريحُ: هَبَّت. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن لِرَبِّكُمْ فِي أَيام دَهْرِكُمْ نَفَحاتٍ، أَلا فَتَعَرَّضُوا لَهَا.
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
تَعَرَّضُوا لنَفَحاتِ رَحْمَةِ اللَّهِ.
وريحٌ نَفُوحٌ: هَبُوبٌ شَدِيدَةُ الدَّفْعِ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
وَلَا مُتَحَيِّرٌ باتتْ عَلَيْهِ، ... ببَلْقَعَةٍ، شَآميةٌ نَفُوحُ
ونَفَحَتِ الدَّابَّةُ تَنْفَح نَفْحاً وَهِيَ نَفُوحٌ: رَمحتْ بِرِجْلِهَا وَرَمَتْ بِحَدِّ حَافِرِهَا ودَفَعَتْ؛ وَقِيلَ: النَّفْحُ بالرِّجل الْوَاحِدَةِ والرَّمْحُ بِالرِّجْلَيْنِ مَعًا. الْجَوْهَرِيُّ: نَفَحَتِ الناقةُ ضَرَبَتْ بِرِجْلِهَا. وَفِي حَدِيثِ
شُرَيْح: أَنه أَبطل النَّفْحَ
؛ أَراد نَفْحَ الدَّابَّةِ بِرِجْلِهَا وَهُوَ رَفْسُها، كَانَ لَا يُلْزِم صاحبَها شَيْئًا. وقوسٌ نَفُوحٌ: شَدِيدَةُ الدَّفْعِ وَالْحَفْزِ لِلسَّهْمِ، حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ، وَقِيلَ: بَعِيدَةُ الدَّفْعِ لِلسَّهْمِ. التَّهْذِيبُ: وَيُقَالُ لِلْقَوْسِ النَّفِيحةُ وَهِيَ المِنفَحة؛ ابْنُ السِّكِّيتِ: النَّفِيحةُ لِلْقَوْسِ وَهِيَ شَطِيبَةٌ مِنْ نَبْع؛ وَقَالَ مُلَيحٌ الْهُذَلِيُّ:
أَناخُوا مُعِيداتِ الوَجيفِ كأَنها ... نَفائِحُ نَبْعٍ، لَمْ تَرَبَّعْ، ذَوابِلُ
والنَّفائحُ: القِسِيُّ، وَاحِدَتُهَا نَفيحة. ونَفَحه بِشَيْءٍ أَي أَعطاه. ونَفَحه بِالْمَالِ نَفْحاً: أَعطاه. وَفِي الْحَدِيثِ:
المُكْثِرونَ هُمُ المُقِلُّون إِلَّا مَنْ نَفَح فِيهِ يمينَه وشمالَه
أَي ضَرَبَ يَدَيْهِ فِيهِ بِالْعَطَاءِ. النَّفْحُ: الضربُ وَالرَّمْيُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
أَسماء: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنْفِقي وانْضَحي وانْفَحِي وَلَا تُحْصِي فيُحْصِيَ اللهُ عليكِ.
وَلَا يَزَالُ لِفُلَانٍ مِنَ الْمَعْرُوفِ نَفَحاتٌ أَي دَفعاتٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
لَمَّا أَتَيْتُكَ أَرْجو فَضْلَ نائِلِكم، ... نَفَحْتَني نَفْحَةً، طابتْ لَهَا العَرَبُ
أَي طابتْ لَهَا النَّفْسُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا الْبَيْتُ للرَّمَّاحِ بْنِ مَيَّادة وَاسْمُ أَبيه أَبْرَدُ المُرِّيُّ وَمَيَّادَةُ اسْمُ أُمه، وَمَدَحَ بِهَذَا الْبَيْتِ الْوَلِيدِ بْنِ يَزِيدَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَقَبْلَهُ:
إِلى الوليدِ أَبي العباسِ مَا عَمِلَتْ، ... ودونَها المُعْطُ، مِنْ تُبانَ، والكُثُبُ
الكُثُبُ: جَمْعُ كَثِيبٍ. والعَرب: جَمْعُ عَرَبة وَهِيَ النَّفْسُ. والمُعْطُ: اسْمُ مَوْضِعٍ «1»، وَكَذَلِكَ تُبانُ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَوْلُ الْجَوْهَرِيِّ طَابَتْ لَهَا الْعَرَبُ أَي طَابَتْ لَهَا النَّفْسُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ، وَصَوَابُهُ أَن يَقُولَ طَابَتْ لَهَا النُّفُوسُ إِلا أَن يَجْعَلَ النَّفْسَ جِنْسًا لَا يَخُصُّ وَاحِدًا بِعَيْنِهِ؛ وَيُرْوَى الْبَيْتُ:
لَمَّا أَتَيْتُك مِنْ نَجْدٍ وساكِنه
__________
(1).
قوله [والمعط اسم موضع إلخ] أَما تبان، بضم المثناة وتخفيف الموحدة، فموضع كما قال ونص عليه المجد وياقوت. وأَما المعط فلم نر فيما بيدنا من الكتب أَنه اسم موضع، بل هو اما جمع أمعط أو معطاء، رمال معط، وأَرضون معط: لا نبات فيهما كما نص عليه المجد وغيره والمعنى في البيت صحيح على ذلك فتأمل.

(2/622)


الصِّحَاحُ: ونَفْحَةٌ مِنَ الْعَذَابِ قِطْعَةٌ مِنْهُ. ابْنُ سِيدَهْ: ونَفْحَةُ الْعَذَابِ دفعةٌ مِنْهُ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: النَّفحُ كَاللَّفْحِ إِلا أَن النَّفْحَ أَعظم تأْثيراً مِنَ اللَّفْح. ابْنُ الأَعرابي: اللَّفْحُ لِكُلِّ حَارٍّ والنَّفحُ لِكُلِّ بَارِدٍ؛ وأَنشد أَبو الْعَالِيَةِ:
مَا أَنتِ يَا بَغْدادُ إِلا سَلْحُ، ... إِذا يَهُبُّ مَطَرٌ أَو نَفْحُ،
وإِن جَفَفْتِ، فترابٌ بَرْحُ
والنَّفْحةُ: مَا أَصابك مِنْ دُفْعَة الْبَرْدِ. الْجَوْهَرِيُّ: مَا كَانَ مِنَ الرِّيَاحِ نَفْحٌ فَهُوَ بَرْدٌ، وَمَا كَانَ لَفْحٌ فَهُوَ حَرٌّ؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
وَلَا مُتَحَيِّرٌ باتتْ عَلَيْهِ ... ببَلْقَعةٍ يمانِيةٌ نَفُوحُ
يَعْنِي الجَنُوب تَنْفَحُه بِبَرْدِهَا، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: متحيِّر يُرِيدُ مَاءً كَثِيرًا قَدْ تَحَيَّرَ لِكَثْرَتِهِ وَلَا مَنْفَذ لَهُ؛ يَصِفُ طِيبَ فَمِ مَحْبُوبَتِهِ وَشَبَّهَهُ بِخَمْرٍ مُزِجَتْ بِمَاءٍ؛ وَبَعْدَهُ:
بأَطْيَبَ مِنْ مُقَبَّلِها إِذا مَا ... دَنا العَيُّوقُ، واكْتَتَم النُّبُوحُ
قَالَ: والنُّبوح ضَجَّة الْحَيِّ وأَصوات الْكِلَابِ. اللَّيْثُ عَنْ أَبي الْهَيْثَمِ: أَنه قَالَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذابِ رَبِّكَ
؛ يُقَالُ: أَصابتنا نَفْحةٌ مِنَ الصَّبا أَي رَوْحةٌ وطِيبٌ لَا غَمَّ فِيهِ. وأَصابتنا نَفْحةٌ مِنْ سَمُوم أَي حَرٌّ وغَمٌّ وكَرْبٌ؛ وأَنشد فِي طِيب الصَّبا:
إِذا نَفَحَتْ مِنْ عَنْ يَمينِ المَشارِقِ
ونَفَحَ الطِّيبُ إِذا فاحَ رِيحُهُ؛ وَقَالَ جِرانُ العَوْدِ يَذْكُرُ امرأَته:
لَقَدْ عالجَتْني بالقَبيح، وثوبُها ... جَديدٌ، وَمِنْ أَرْدانها المِسكُ يَنفَحُ
أَي يَفوحُ طِيبُه فَجَعَلَ النَّفْحَ مَرَّة أَشدَّ الْعَذَابِ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذابِ رَبِّكَ
؛ وَجَعَلَهُ مَرَّةً رِيحَ مِسْكٍ؛ قَالَ الأَصمعي: مَا كَانَ مِنَ الرِّيحِ سَمُوماً فَلَهُ لَفْحٌ، بِاللَّامِ، وَمَا كَانَ بَارِدًا فَلَهُ نَفْحٌ، رَوَاهُ أَبو عُبَيْدٍ عَنْهُ. وطَعْنة نَفَّاحة: دَفَّاعة بِالدَّمِ، وَقَدْ نَفَحتْ بِهِ. التَّهْذِيبُ: طَعْنَةٌ نَفُوحٌ يَنْفَحُ دَمُها سَرِيعًا. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَوّلُ نَفْحةٍ مِنْ دَمِ الشهيدِ
؛ قَالَ خَالِدُ بْنُ جَنْبة: نَفْحةُ الدَّمِ أَوّل فَوْرة تَفور مِنْهُ ودُفْعةٍ؛ قَالَ الرَّاعِي:
يَرْجُو سِجالًا مِنَ المعروفِ يَنْفَحُها ... لِسَائِلِيهِ، فَلَا مَنٌّ وَلَا حَسَدُ
أَبو زَيْدٍ: مِنَ الضُّروع النَّفُوحُ، وَهِيَ الَّتِي لَا تَحْبِسُ لَبَنَها. والنَّفُوح مِنَ النُّوقِ: الَّتِي يَخْرُجُ لَبَنَهَا مِنْ غَيْرِ حَلَبٍ. ونَفَح العِرْقُ يَنْفَح نَفْحاً إِذا نَزَا مِنْهُ الدَّمُ. التَّهْذِيبُ: ابْنُ الأَعرابي: النَّفْحُ الذَّبُّ عَنِ الرَّجُلِ؛ يُقَالُ: هُوَ يُنافِحُ عَنْ فُلَانٍ؛ قَالَ وَقَالَ غَيْرُهُ: هُوَ يُناضِحُ. ونافَحْتُ عَنْ فُلَانٍ: خاصَمْتُ عَنْهُ. ونافَحُوهم: كافَحوهم. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن جِبْرِيلَ مَعَ حَسَّان مَا نافَحَ عَنِّي
أَي دَافَعَ؛ والمُنافَحة والمُكافَحة: المُدافعة والمُضاربة. ونَفَحْتُ الرجلَ بِالسَّيْفِ: تَنَاوَلْتُهُ بِهِ؛ يُرِيدُ بِمُنَافَحَتِهِ هِجَاءَ الْمُشْرِكِينَ وَمُجَاوَبَتَهُمْ عَلَى أَشعارهم. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ الله عنه، فِي صِفِّين: نافِحوا بالظُّبى
أَي قَاتِلُوا بِالسُّيُوفِ، وأَصله أَن يَقرُبَ أَحد الْمُقَاتِلِينَ مِنَ الْآخَرِ بِحَيْثُ يَصِلُ نَفْحُ كُلُّ وَاحِدٍ

(2/623)


مِنْهُمَا إِلى صَاحِبِهِ، وَهِيَ رِيحُهُ ونَفَسُه. ونَفْحُ الرِّيحِ: هُبوبها. ونَفَحه بِالسَّيْفِ: تَنَاوَلَهُ مِنْ بَعِيدٍ شَزْراً. وَفِي الْحَدِيثِ:
رأَيت كأَنه وُضِعَ فِي يَدَيَّ سِوارانِ مِنْ ذَهَبٍ فأُوحِيَ إِليَّ أَنِ انْفُخْهما
أَي ارْمِهما وأَلقهما كَمَا تَنْفُخ الشيءَ إِذا دَفَعْتَهُ عَنْكَ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وإِن كَانَتْ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، فَهُوَ مِنْ نَفَحْتُ الشَّيْءَ إِذا رَمَيْتُهُ؛ ونَفَحَتِ الدابةُ بِرِجْلِهَا. التَّهْذِيبُ: وَاللَّهُ تَعَالَى هُوَ النَّفَّاحُ المُنْعِمُ عَلَى عِبَادِهِ؛ قَالَ الأَزهري: لَمْ أَسمع النَّفَّاح فِي صِفَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، الَّتِي جَاءَتْ فِي الْقُرْآنِ والسُّنة، وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ أَهل الْعِلْمِ أَن يُوصَفَ اللَّهُ تَعَالَى بِمَا لَيْسَ فِي كِتَابِهِ، وَلَمْ يُبَيِّنْهَا عَلَى لِسَانِ نَبِيَّهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ وإِذا قِيلَ لِلرَّجُلِ: إِنه نَفَّاح فَمَعْنَاهُ الْكَثِيرُ الْعَطَايَا. والنَّفِيحُ والنِّفِّيحُ؛ الأَخيرة عَنْ كُرَاعٍ، والمِنْفَحُ والمِعَنُّ: كلُّه الدَّاخِلُ عَلَى الْقَوْمِ، وَفِي التَّهْذِيبِ: مَعَ الْقَوْمِ وَلَيْسَ شأْنُه شأْنهم؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: النَّفِيح الَّذِي يَجِيءُ أَجنبيّاً فَيَدْخُلُ بَيْنَ الْقَوْمِ ويُسْمِلُ بَيْنَهُمْ ويُصْلِح أَمرهم. قَالَ الأَزهري: هَكَذَا جَاءَ عَنِ ابْنِ الأَعرابي فِي هَذَا الْمَوْضِعِ: النَّفِيح، بِالْحَاءِ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: النَّفِيجُ، بِالْجِيمِ، الَّذِي يَعْتَرِضُ بَيْنَ الْقَوْمِ لَا يُصْلِحُ وَلَا يُفْسِدُ. قَالَ: هَذَا قَوْلُ ثَعْلَبٍ. ونَفَحَ جُمَّتَه: رَجَّلَها. والإِنفَحة، بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الْفَاءِ مُخَفَّفَةً: كَرِشُ الحَمَل أَو الجَدْي مَا لَمْ يأْكل، فإِذا أَكلَ، فَهُوَ كَرِشٌ، وَكَذَلِكَ المِنْفَحة، بِكَسْرِ الْمِيمِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
كَمْ قَدْ أَكلْتُ كَبِداً وإِنْفَحَه، ... ثُمَّ ادَّخَرْتُ أَلْيَةً مُشَرَّحه
الأَزهري عَنِ اللَّيْثِ: الإِنْفَحة لَا تَكُونُ إِلَّا لِذِي كَرِشٍ، وَهُوَ شَيْءٌ يُسْتَخْرَجُ مِنْ بَطْنِ ذَيْهِ، أَصفرُ يُعْصَرُ فِي صُوفَةٍ مُبْتَلَّةٍ فِي اللَّبَنِ فيَغْلُظُ كالجُبْنِ؛ ابْنُ السِّكِّيتِ: هِيَ إِنْفَحَة الجَدْي وإِنْفَحَّته، وَهِيَ اللُّغَةُ الْجَيِّدَةُ وَلَمْ يَذْكُرْهَا الْجَوْهَرِيُّ بِالتَّشْدِيدِ، وَلَا تَقُلْ أَنْفَحَة؛ قَالَ: وَحَضَرَنِي أَعرابيان فَصِيحَانِ مِنْ بَنِي كِلَابٍ، فَقَالَ أَحدهما: لَا أَقول إِلَّا إِنْفَحَة، وَقَالَ الْآخَرُ: لَا أَقول إِلا مِنْفَحة، ثُمَّ افْتَرَقَا عَلَى أَن يسأَلا عَنْهُمَا أَشياخ بَنِي كِلَابٍ، فَاتَّفَقَتْ جَمَاعَةٌ عَلَى قَوْلِ ذَا وَجَمَاعَةٌ عَلَى قَوْلِ ذَا فَهُمَا لُغَتَانِ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: وَيُقَالُ مِنْفَحة وبِنْفَحة. قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: الجَفْرُ مِنْ أَولاد الضأْن والمَعَزِ مَا قَدِ اسْتَكْرَشَ وفُطِمَ بَعْدَ خَمْسِينَ يَوْمًا مِنَ الْوِلَادَةِ وَشَهْرَيْنِ أَي صَارَتْ إِنْفَحَتُه كَرِشاً حِينَ رَعَى النَّبْتَ، وإِنما تَكُونُ إِنْفَحة مَا دَامَتْ تَرْضَعُ. ابْنُ سِيدَهْ: وإِنْفَحة الجَدْي وإِنْفِحَتَه وإِنْفَحَّتُه ومِنْفَحَتُه شيءٌ يَخْرُجُ مِنْ بَطْنِهِ أَصفر يُعْصَرُ فِي صُوفَةٍ مُبْتَلَّةٍ في اللبن فيغلظ كالحُبْن، وَالْجَمْعُ أَنافِحُ: قَالَ الشَّمَّاخُ:
وإِنَّا لَمِنْ قومٍ عَلَى أَن ذَمَمْتهم، ... إِذا أَولَمُوا لَمْ يُولِمُوا بالأَنافِحِ
وَجَاءَتِ الإِبل كأَنها الإِنْفَحَّة إِذا بَالَغُوا فِي امْتِلَائِهَا وَارْتِوَائِهَا، حَكَاهَا ابْنُ الأَعرابي. ونَفَّاحُ المرأَة: زَوْجُهَا؛ يَمَانِيَةٌ عَنْ كراع.
نقح: التَّنْقِيح، وَفِي التَّهْذِيبِ النَّقْحُ: تَشْذِيبُك عَنِ الْعَصَا أُبَنَها حَتَّى تَخْلُصَ. وتَنْقِيحُ الجِذْع: تَشْذِيبه. وكلُّ مَا نَحَّيْتَ عَنْهُ شَيْئًا، فَقَدْ نَقَّحْته؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
مِنَ مُجْحِفاتِ زَمَنٍ مِرِّيدِ، ... نَقَّحْنَ جِسْمي عَنْ نُضارِ العُودِ

(2/624)


ونَقَّح الشيءَ: قَشَّره؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد لغُلَيِّم مِنْ بَنِي دُبَيْر:
إِليكَ أَشكو الدَّهْرَ والزَّلازِلا، ... وكلَّ عامٍ نَقَّحَ الحَمائِلا
يَقُولُ: نَقَّحوا حَمائل سُيُوفَهُمْ أَي قشَرُوها فَبَاعُوهَا لِشِدَّةِ زَمَانِهِمْ. ابْنُ الأَعرابي: أَنْقَحَ الرجلُ إَذا قَلَعَ حِلْيَةَ سَيْفِهِ فِي الجَدْبِ وَالْفَقْرِ. وأَنْقَح شِعْرَه إِذا نَقَّحه وحَكَّكَه. ونَقَّحَ النخلَ أَصلحه وقَشَره. وتَنقيحُ الشِّعر: تَهْذِيبُهُ. يُقَالُ: خيرُ الشِّعر الحَوْليُّ المُنَقَّحُ. وتَنَقَّحَ شَحمُ النَّاقَةِ أَي قلَّ. ونقَّحَ الكلامَ: فتَّشه وأَحسن النَّظَرَ فِيهِ؛ وَقِيلَ: أَصلحه وأَزال عُيُوبَهُ. والمُنَقَّحُ: الْكَلَامُ الَّذِي فُعل بِهِ ذَلِكَ. وَرَوَى اللَّيْثُ عَنْ أَبي عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ أَنه قَالَ فِي مَثَلٍ: اسْتَغْنَتِ السُّلَّاءَةُ عَنِ التَّنْقِيحِ؛ وَذَلِكَ أَن الْعَصَا إِنما تُنَقَّح لتَمْلُسَ وتَخْلُقَ، والسُّلّاءة: شَوْكَةُ النَّخْلَةِ وَهِيَ فِي غَايَةِ الِاسْتِوَاءِ والمَلاسَة، فإِن ذهبتَ تَقْشِرُ مِنْهَا خَشُنَتْ؛ يُضْرَبُ مَثَلًا لِمَنْ يُرِيدُ تَجْوِيدَ شَيْءٍ هُوَ فِي غَايَةِ الجَوْدة مِنْ شِعْر أَو كَلَامٍ أَو غَيْرِهِ مِمَّا هُوَ مُسْتَقِيمٌ؛ قَالَ أَبو وَجْزَة السَّعدي:
طَوْراً وطَوراً يَجُوبُ العُقْرَ مِنْ نَقَحٍ ... كالسَّنْدِ، أَكْبادُه هِيمٌ هَراكيلُ
أَراد بِهَا الْبِيضَ مِنْ حِبَالِ الرَّمْلِ. والنَّقَحُ: الْخَالِصُ مِنَ الرَّمْلِ. والسَّنْدُ: ثيابٌ بِيضٌ. وأَكباد الرَّمْلِ: أَوساطه. والهَراكيل: الضِّخامُ مِنْ كُثْبانه. وَفِي حَدِيثِ الأَسْلَميّ: إِنه لَنِقْحٌ أَي عَالَمٍ مُجَرَّب. يُقَالُ: نَقَّحَ العظمَ إِذا اسْتَخْرَجَ مُخَّه. ونَقَّحَ الكلامَ إِذا هَذَّبه وأَحْسَنَ أَوصافَه. وَرَجُلٌ مُنَقَّحٌ: أَصابته الْبَلَايَا؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ؛ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ مُشْتَقٌّ مَنْ ذَلِكَ. ونَقَحَ العظمَ يَنْقَحُه نَقْحاً وانْتَقَحَه: اسْتخرج مُخَّه، وَالْخَاءُ لُغَةٌ، وكأَنه بِالْخَاءِ اسْتِخْرَاجُ الْمُخِّ وَاسْتِئْصَالُهُ، وكأَنه بِالْحَاءِ تَخْلِيصُهُ. والنَّقْحُ: سَحَابٌ أَبيض صَيْفِيّ؛ قَالَ العُجَيْرُ السَّلُوليُّ:
نَقْحٌ بَواسِقُ يجْتَلي أَوْساطَها ... بَرْقٌ، خِلالَ تَهلُّل ورَبابِ
نكح: نَكَحَ فُلَانٌ «2» امرأَة يَنْكِحُها نِكاحاً إِذا تَزوجها. ونَكَحَها يَنْكِحُها: بَاضَعَهَا أَيضاً، وَكَذَلِكَ دَحَمَها وخَجَأَها؛ وَقَالَ الأَعشى فِي نَكَحَ بِمَعْنَى تَزَوَّجَ:
وَلَا تَقْرَبَنَّ جَارَةً، إِنَّ سِرَّها ... عَلَيْكَ حرامٌ، فانْكِحَنْ أَو تَأَبَّدا
الأَزهري: وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ
؛ تأْويله لَا يَتَزَوَّجُ الزَّانِي إِلا زَانِيَةً، وَكَذَلِكَ الزَّانِيَةُ لَا يَتَزَوَّجُهَا إِلا زَانٍ؛ وَقَدْ قَالَ قومٌ: مَعْنَى النِّكَاحِ هَاهُنَا الْوَطْءُ، فَالْمَعْنَى عِنْدَهُمْ: الزَّانِي لَا يطأُ إِلا زَانِيَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يطؤُها إِلا زَانٍ؛ قَالَ: وَهَذَا الْقَوْلُ يَبْعُدُ لأَنه لَا يُعْرَفُ شَيْءٌ مِنْ ذِكْرِ النِّكَاحِ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى إِلا عَلَى مَعْنَى التَّزْوِيجِ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ
؛ فَهَذَا تَزْوِيجٌ لَا شَكَّ فِيهِ؛ وَقَالَ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ
؛ فَأَعْلَمَ أَن عَقْدَ التَّزْوِيجِ يُسَمَّى النِّكَاحَ، وأَكثر التَّفْسِيرِ أَن هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فُقَرَاءَ بِالْمَدِينَةِ، وَكَانَ بِهَا بَغَايَا يَزْنِينَ ويأْخذن الأُجرة، فأَرادوا التزويج بهنَ
__________
(2).
قوله [نكح فلان إلخ] بابه منع وضرب كما في القاموس.

(2/625)


وعَوْلَهنَّ، فأَنزل اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ تَحْرِيمَ ذَلِكَ. قَالَ الأَزهري: أَصل النِّكَاحِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الْوَطْءُ، وَقِيلَ لِلتَّزَوُّجِ نِكَاحٌ لأَنه سَبَبٌ لِلْوَطْءِ الْمُبَاحِ. الْجَوْهَرِيُّ: النِّكَاحُ الْوَطْءُ وَقَدْ يَكُونُ العَقْدَ، تَقُولُ: نَكَحْتُها ونَكَحَتْ هِيَ أَي تزوَّجت؛ وَهِيَ نَاكِحٌ فِي بَنِي فُلَانٍ أَي ذَاتُ زَوْجٍ مِنْهُمْ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: النِّكاحُ البُضْعُ، وَذَلِكَ فِي نَوْعِ الإِنسان خَاصَّةً، وَاسْتَعْمَلَهُ ثَعْلَبٌ فِي الذُّباب؛ نَكَحَها يَنكِحُها نَكْحاً ونِكاحاً، وَلَيْسَ فِي الْكَلَامِ فَعَلَ يَفْعِلُ «1» مِمَّا لَامُ الْفِعْلِ مِنْهُ حَاءٌ إِلا يَنْكِحُ ويَنْطِحُ ويَمْنِحُ ويَنْضِحُ ويَنْبِحُ ويَرْجِحُ ويَأْنِحُ ويَأْزِحُ ويَمْلِحُ. وَرَجُلٌ نُكَحَةٌ ونَكَحٌ: كَثِيرُ النِّكَاحِ. قَالَ: وَقَدْ يَجْرِي النِّكَاحُ مَجْرَى التَّزْوِيجِ؛ وَفِي حَدِيثِ
مُعَاوِيَةَ: لستُ بنُكَحٍ طُلَقَةٍ
أَي كَثِيرِ التَّزْوِيجِ وَالطَّلَاقِ، وَالْمَعْرُوفُ أَن يُقَالَ نُكَحَة وَلَكِنْ هَكَذَا رُوِيَ، وفُعَلَةٌ مِنْ أَبنية الْمُبَالَغَةِ لِمَنْ يَكْثُرُ مِنْهُ الشَّيْءُ. وأَنْكَحَه المرأَة: زوَّجَه إِياها. وأَنْكَحَها: زوَّجها، وَالِاسْمُ النُّكْحُ والنِّكْحُ؛ وَكَانَ الرَّجُلُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يأْتي الحيَّ خَاطِبًا فَيَقُومُ فِي نَادِيهِمْ فَيَقُولُ: خِطْبٌ أَي جِئْتُ خَاطِبًا، فَيُقَالُ لَهُ: نِكْحٌ أَي قَدْ أَنكحناك إِياها؛ وَيُقَالُ: نُكْحٌ إِلَّا أَن نِكْحاً هُنَا لِيُوَازِنَ خِطْباً، وَقَصَرَ أَبو عُبَيْدٍ وَابْنُ الأَعرابي قَوْلَهُمْ خِطْبٌ، فَيُقَالُ نِكْحٌ عَلَى خَبَرِ أُمِّ خَارِجَةَ؛ كَانَ يأْتيها الرَّجُلُ فَيَقُولُ: خِطْبٌ، فَتَقُولُ هِيَ: نِكْحٌ، حَتَّى قَالُوا: أَسرعُ مِنْ نِكَاحِ أُمِّ خَارِجَةَ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: النِّكْحُ والنُّكْحُ لُغَتَانِ، وَهِيَ كَلِمَةٌ كَانَتِ الْعَرَبُ تتزوَّج بِهَا. ونِكْحُها: الَّذِي يَنْكِحُها، وَهِيَ نِكْحَتُه؛ كِلَاهُمَا عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. قَالَ أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ: إِنه لنُكَحَة مِنْ قَوْمٍ نُكَحاتٍ إِذا كَانَ شَدِيدَ النِّكَاحِ. وَيُقَالُ: نَكَحَ المطرُ الأَرضَ إِذا اعْتَمَدَ عَلَيْهَا. ونَكَحَ النُّعاسُ عينَه، وناكَ المطرُ الأَرضَ، وَنَاكَ النُّعاسُ عينَه إِذا غَلب عَلَيْهَا. وامرأَة نَاكِحٌ، بِغَيْرِ هَاءٍ: ذَاتُ زَوْجٍ؛ قَالَ:
أَحاطتْ بخُطَّابِ الأَيامى، وطُلِّقتْ، ... غَداةَ غَدٍ، منهنَّ مَنْ كَانَ ناكِحا
وَقَدْ جَاءَ فِي الشِّعْرِ ناكِحةٌ عَلَى الْفِعْلِ؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
ومِثْلُكَ ناحتْ عَلَيْهِ النساءُ، ... مِنْ بينِ بِكْرٍ إِلى ناكِحه
ويقوِّيه قَوْلُ الْآخَرِ:
لَصَلْصَلَةُ اللجامِ بِرأْسِ طِرْفٍ ... أَحبُّ إِليَّ مِنْ أَن تَنْكِحِيني
وَفِي حَدِيثِ
قَيْلَة: انطلقتُ إِلى أُخت لِي ناكحٍ فِي بَنِي شَيْبَانَ
أَي ذاتِ نِكَاحٍ يَعْنِي مُتَزَوِّجَةً، كَمَا يُقَالُ حَائِضٌ وَطَاهِرٌ وَطَالِقٌ أَي ذَاتُ حَيْضٍ وَطَهَارَةٍ وَطَلَاقٍ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَلَا يُقَالُ نَاكِحٌ إِلا إِذا أَرادوا بِنَاءَ الِاسْمِ مِنَ الْفِعْلِ فَيُقَالُ: نَكَحتْ، فَهِيَ نَاكِحٌ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
سُبَيْعةَ: مَا أَنتِ بِنَاكِحٍ حَتَّى تنقضيَ العدَّة.
واسْتَنْكَحَ فِي بَنِي فُلَانٍ: تزوَّج فِيهِمْ، وَحَكَى الْفَارِسِيُّ اسْتَنْكَحَها كَنَكَحها؛ وأَنشد:
وهمْ قَتَلوا الطائيَّ، بالحِجْرِ عَنْوَةً، ... أَبا جابرٍ، واسْتَنْكَحُوا أُمَّ جابرِ
__________
(1).
قوله [وَلَيْسَ فِي الْكَلَامِ فَعَلَ يفعل إلخ] الحصر إِضافي وإلا فقد فاته ينتح وينزح ويصمح ويجنح ويأمح.

(2/626)


نوح: النَّوْحُ: مَصْدَرُ ناحَ يَنُوحُ نَوْحاً. وَيُقَالُ: نَائِحَةٌ ذَاتُ نِياحة. ونَوَّاحةٌ ذَاتُ مَناحةٍ. والمَناحةُ: الِاسْمُ وَيُجْمَعُ عَلَى المَناحاتِ والمَناوِح. والنوائحُ: اسْمٌ يَقَعُ عَلَى النِّسَاءِ يَجْتَمِعْنَ فِي مَناحة وَيُجْمَعُ عَلَى الأَنْواحِ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
قُوما تَنُوحانِ مَعَ الأَنْواحِ
وَنِسَاءٌ نَوْحٌ وأَنْواحٌ ونُوَّحٌ ونَوائح ونائحاتٌ؛ وَيُقَالُ: كُنَّا فِي مَناحةِ فُلَانٍ. وناحَتِ المرأَة تَنُوحُ نَوْحاً ونُواحاً ونِياحاً ونِياحةً ومَناحةً وناحَتْه وناحتْ عَلَيْهِ. والمَناحةُ والنَّوْحُ: النِّسَاءُ يَجْتَمِعْنَ للحُزْن؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
فَهُنَّ عُكُوفٌ كَنَوْحِ الكَريمِ، ... قَدْ شَفَّ أَكبادَهنَّ الهَوَى
وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
أَلا هَلَكَ امرُؤٌ، قَامَتْ عَلَيْهِ، ... بجَنْبِ عُنَيْزَةَ، البَقَرُ الهُجودُ
سَمِعْنَ بموتِه، فظَهَرْنَ نَوْحاً ... قِياماً، مَا يَحِلُّ لهنَّ عُودُ
صَيَّرَ الْبَقَرَ نَوْحاً عَلَى الِاسْتِعَارَةِ، وجمعُ النَّوْحِ أَنواح؛ قَالَ لَبِيدٍ:
كأَنَّ مُصَفَّحاتٍ فِي ذَراه، ... وأَنْواحاً عليهنَّ المَآلِي
ونَوْحُ الْحَمَامَةِ: مَا تُبْدِيه مِنْ سَجْعِها عَلَى شَكْلِ النَّوْحِ، وَالْفِعْلُ كَالْفِعْلِ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
فواللهِ لَا أَلْقَى ابنَ عَمٍّ كأَنه ... نُشَيْبَةُ، مَا دامَ الحَمامُ يَنُوحُ «1»
وَحَمَامَةٌ نَائِحَةٌ ونَوَّاحة. واسْتَناحَ الرجلُ كناحَ. واستناحَ الرجلُ: بَكَى حَتَّى اسْتَبْكَى غَيْرَهُ؛ وَقَوْلُ أَوس:
وَمَا أَنا مِمَّنْ يَسْتَنِيحُ بشَجْوِه، ... يُمَدُّ لَهُ غَرْبا جَزُورٍ وجَدْوَلِ
مَعْنَاهُ: لَسْتُ أَرضى أَن أُدْفَعَ عَنْ حَقِّي وأُمنع حَتَّى أُحْوجَ إِلى أَن أَشكو فأَستعينَ بِغَيْرِي، وَقَدْ فُسِّرَ عَلَى الْمَعْنَى الأَوّل، وَهُوَ أَن يَكُونَ يَسْتَنِيحُ بِمَعْنَى يَنُوحُ. واستناحَ الذئبُ: عَوَى فأَدْنَتْ لَهُ الذئابُ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
مُقْلِقَة للمُسْتَنِيح العَسَّاس
يَعْنِي الذِّئْبَ الَّذِي لَا يَسْتَقِرُّ. والتَّناوُحُ: التَّقابُلُ؛ وَمِنْهُ تَناوُحُ الْجَبَلَيْنِ وتناوُحُ الرِّيَاحِ، وَمِنْهُ سُمِّيَتِ النِّسَاءُ النوائحُ نَوائِحَ، لأَن بَعْضَهُنَّ يُقَابِلُ بَعْضًا إِذا نُحْنَ، وَكَذَلِكَ الرِّيَاحُ إِذا تَقَابَلَتْ فِي المَهَبِّ لأَن بَعْضَهَا يُناوِحُ بَعْضًا ويُناسِجُ، فَكُلُّ رِيحٍ اسْتَطَالَتْ أَثَراً فهبتْ عَلَيْهِ ريحٌ طُولًا فَهِيَ نَيِّحَتُه، فإِن اعْتَرَضَتْهُ فَهِيَ نَسِيجَته؛ وَقَالَ الْكِسَائِيُّ فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ:
لَقَدْ صَبَرَتْ حَنيفةُ صَبْرَ قَوْمٍ ... كِرامٍ، تَحْتَ أَظْلالِ النَّواحِي
أَراد النَّوَائِحَ فَقَلَبَ وعَنَى بِهَا الرَّايَاتِ المتقابلةَ فِي الْحُرُوبِ، وَقِيلَ: عَنَى بِهَا السيوفَ؛ وَالرِّيَاحُ إِذا اشتدَّ هُبوبها يُقَالُ: تناوَحَتْ؛ وَقَالَ لَبِيدٌ يَمْدَحُ قَوْمَهُ:
ويُكَلِّلُونَ، إِذا الرياحُ تَناوَحتْ، ... خُلُجاً تُمَدُّ شوارِعاً أَيتامُها
وَالرِّيَاحُ النُّكْبُ فِي الشِّتَاءِ: هِيَ المُتناوِحة، وَذَلِكَ أَنها لَا تَهُبُّ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلَكِنَّهَا تَهُبُّ من
__________
(1).
قوله [نشيبة] هكذا في الأَصل.

(2/627)


جِهَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ، سُمِّيَتْ مُتناوِحةً لِمُقَابَلَةِ بَعْضِهَا بَعْضًا، وَذَلِكَ فِي السَّنة وَقِلَّةِ الأَنْديَةِ ويُبْس الْهَوَاءِ وَشِدَّةِ الْبَرْدِ. وَيُقَالُ: هُمَا جَبَلَانِ يَتَناوَحانِ وشجرتانِ تَتَناوَحانِ إِذا كَانَتَا مُتَقَابِلَتَيْنِ؛ وأَنشد:
كأَنك سَكْرانٌ يَميلُ برأْسِه ... مُجاجةُ زِقٍّ، شَرْبُها مُتناوِحُ
أَي يُقَابِلُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا عِنْدَ شُرْبها. والنَّوْحَةُ: الْقُوَّةُ، وَهِيَ النَّيْحة أَيضاً. وتَنَوَّحَ الشيءُ تَنَوُّحاً إِذا تَحَرَّكَ وَهُوَ مُتَدَلٍّ. ونُوحٌ: اسْمُ نَبِيٍّ مَعْرُوفٍ يَنْصَرِفُ مَعَ العُجْمَةِ وَالتَّعْرِيفِ، وَكَذَلِكَ كَلُّ اسْمٍ عَلَى ثَلَاثَةِ أَحرف أَوسطه سَاكِنٌ مِثْلُ لُوطٍ لأَن خِفَّتَهُ عَادَلَتْ أَحد الثِّقَلَيْنِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ سَلام: لَقَدْ قلتَ القولَ الْعَظِيمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي الْخَلِيفَةِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: قِيلَ أَراد بِنُوحٍ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَذَلِكَ لأَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، اسْتَشَارَ أَبا بَكْرٍ وَعُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فِي أَسارى بَدْرٍ فأَشار عَلَيْهِ أَبو بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، بالمَنِّ عَلَيْهِمْ، وأَشار عَلَيْهِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، بِقَتْلِهِمْ، فأَقبل النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَى أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَقَالَ: إِن إِبراهيم كَانَ أَلْيَنَ فِي اللَّهِ مِنَ الدُّهْنِ اللَّيِّنِ «1»، وأَقبل عَلَى عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَقَالَ: إِن نُوحًا كَانَ أَشدَّ فِي اللَّهِ مِنَ الحَجَر؛ فَشَبَّهَ أَبا بَكْرٍ بإِبراهيم حِينَ قَالَ: فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ، وَشَبَّهَ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، بِنُوحٍ حِينَ قَالَ: رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً؛ وأَراد ابْنُ سَلَامٍ أَن عُثْمَانَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، خَلِيفَةَ عُمَرَ الَّذِي شُبه بِنُوحٍ، وأَراد بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لأَن ذَلِكَ الْقَوْلَ كَانَ فِيهِ. وَعَنْ كَعْبٍ: أَنه رأَى رَجُلًا يَظْلِمُ رَجُلًا يَوْمَ الْجُمُعَةَ، فَقَالَ: وَيْحَكَ تَظْلِمُ رَجُلًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَالْقِيَامَةُ تَقُومُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ؟ وَقِيلَ: أَراد أَن هَذَا الْقَوْلَ جَزَاؤُهُ عَظِيمٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
نيح: ناحَ الغُصْنُ نَيْحاً ونَيَحاناً: مَالَ. والنَّيْحُ: اشْتِدَادُ الْعَظْمِ بَعْدَ رُطُوبَتِهِ مِنَ الْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ. وإِنه لَعَظْمٌ نَيِّحٌ: شَدِيدٌ. وناحَ العظمُ يَنِيحُ نَيْحاً: صَلُبَ واشتدَّ بَعْدَ رُطوبة، يَكُونُ ذَلِكَ فِي الْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ. وَعَظْمٌ نَيِّحٌ: شَدِيدٌ. والنَّوْحةُ: الْقُوَّةُ وَهِيَ النَّيْحة أَيضاً. ونَيَّحَ اللهُ عظمَك: يَدْعُو لَهُ بِذَلِكَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا نَيَّحَ اللَّهُ عِظامَه
أَي لَا صَلَّبَها وَلَا شَدَّ مِنْهَا.
وَمَا نَيَّحه بِخَيْرٍ
أَي مَا أَعطاه شَيْئًا.

فصل الواو
وتح: طَعَامٌ وَتْحٌ: لَا خَيْرَ فِيهِ كَوَحْتٍ. والوَتْحُ والوَتِحُ والوَتِيحُ: الْقَلِيلُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وشيءٌ وَتْحٌ ووَتِحٌ أَي قَلِيلٌ تافِهٌ. وَقَدْ وَتُحَ، بِالضَّمِّ، يَوْتُحُ وَتاحةً. وَيُقَالُ: أَعْطَى عَطَاءً وَتْحاً؛ ووَتُحَ عطاؤُه، وَقَدْ وَتَحَ عطاءَه وأَوتَحه فَوَتُحَ وَتاحةً ووُتُوحة ووَتْحَةً. وأَوْتَحَ الرجلُ: قلَّ مالُه. وتَوَتَّحَ الشرابَ: شَرِبَهُ قَلِيلًا قَلِيلًا. وَمَا أَغْنى عَنِّي وَتَحَةً، بِفَتْحِ التَّاءِ، كَقَوْلِكَ مَا أَغنى عَنِّي عَبَكَةً، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ مَا أَغنى عَنِّي شَيْئًا. وأَوتَحَ الرجلَ: جَهَدَه وبَلَغ مِنْهُ؛ قَالَ:
مَعْهَا كفِرْخانِ الدَّجاجِ رُزَّحا
__________
(1).
قوله [من الدهن اللين] كذا بالأَصل والذي في النهاية من الدهن باللبن.

(2/628)


دَرادِقاً، وهي الشُّيُوخُ قُرَّحا، ... قَرْقَمَهم عَيْشٌ خَبِيثٌ أَوْتَحا
هَذِهِ رِوَايَةُ ثَعْلَبٍ، وَرَوَاهُ ابْنُ الأَعرابي: أَوْتَخا، وَفَسَّرَهُ بِمَا فَسَّرَ بِهِ ثَعْلَبٌ أَوْتَحا؛ وَاحْتَمَلَ ابْنُ الأَعرابي الْخَاءَ مَعَ الْحَاءِ لِاقْتِرَابِهِمَا فِي الْمَخْرَجِ، وَقَالَ الأَزهري فِي تَفْسِيرِ هَذَا الشِّعْرِ أَي يأْكلون أَكل الْكِبَارِ وَهُمْ صِغَارٌ. قَالَ: وأَوْتَحَ جَهَدَهُمْ وبَلَغَ مِنْهُمْ. وأَوتَحْتَ مِنِّي: بَلَغْتَ مِنِّي وكأَنه أَبدل الْحَاءَ مِنَ الْخَاءِ. وَشَيْءٌ وَتْحٌ وَعْرٌ إِتباعٌ لَهُ أَي نَزْرٌ قَلِيلٌ. ووَتِحٌ ووَعِرٌ، وَهِيَ الوُتُوحةُ والوُعُورةُ، وَرَجُلٌ وَتِحٌ: بِكَسْرِ التَّاءِ، أَي خَسِيسٌ. وأَوْتَحَ فلانٌ عطيَّته أَي أَقَلَّها، وَكَذَلِكَ التَّوْتِيحُ. وأَوْتَحَ لَهُ الشيءَ إِذا قَلَّلَهُ. وتَوَتَّحْتُ مِنَ الشَّرَابِ: شَرِبْتُ شَيْئًا قليلًا.
وجح: وَجَحَ الطريقُ: ظَهَرَ ووَضَحَ. وأَوْجَحَتِ النارُ: أَضاءَت وَبَدَتْ. وأَوْجَحَتْ غُرَّةُ الْفَرَسِ إِيجاحاً: اتَّضَحَتْ. وَلَيْسَ دُونَهُ وِجاحٌ ووَجاحٌ ووُجاجٌ أَي سِتْرٌ، وَاخْتَارَ ابْنُ الأَعرابي الْفَتْحَ، وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: مَا دُونَهُ أُجاح وإِجاح؛ عَنِ الْكِسَائِيِّ. وَحُكِيَ: مَا دُونَهُ أَجاحٌ؛ عَنْ أَبي صَفْوَانَ، وَكُلُّ ذَلِكَ عَلَى إِبدال الْهَمْزَةِ مِنَ الْوَاوِ. وَجَاءَ فُلَانٌ وَمَا عَلَيْهِ وَجاحٌ أَي شَيْءٌ يَسْتُرُهُ، وَتُبْنَى هَذِهِ الْكَلِمَةُ عَلَى الْكَسْرِ فِي بَعْضِ اللُّغَاتِ؛ قَالَ:
أُسُودُ شَرًى لَقِينَ أُسُودَ غابٍ ... ببَرْزٍ، لَيْسَ بينهمُ وَجاحِ
وَالْمَعْرُوفُ وَجاحٌ وإِن كَانَتِ الْقَوَافِي مَجْرُورَةً. والمُوجَحُ: المُلْجَأُ كأَنه أُلْجِئَ إِلى موضع يستره. والوَجَحُ: المَلْجَأُ، وَكَذَلِكَ الوَجِيحُ؛ وأَنشد:
فَلَا وَجَحٌ يُنْجِيكَ إِن رُمْتَ حَرْبَنا، ... وَلَا أَنتَ مِنَّا عِنْدَ تِلْكَ بآيِلِ
وَقَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ:
نَضْح السُّقاةِ بصُباباتِ الرَّجا، ... ساعةَ لَا يَنْفَعُها مِنْهُ وَجَعْ
قَالَ: وَقَدْ وَجَحَ يَوْجَحُ وَجْحاً إِذا التجأَ، كَذَلِكَ قُرِئَ بِخَطِّ شَمِرٍ. وأَوْجَحه البولُ: ضَيَّقَ عَلَيْهِ. وَرُوِيَ
عَنْ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، أَنه صَلَّى صلاة الصُّبْحَ فَلَمَّا سَلَّم قَالَ: مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ فَلَا يُصَلِّيَنَّ وهو مُوجِحٌ [مُوجَحٌ]
، وَفِي رِوَايَةٍ:
فَلَا يصلِّ مُوجَحاً [مُوجِحاً]
، قِيلَ: وَمَا المُوجحُ؟ قَالَ: المُرْهَقُ مِنْ خَلاءٍ أَو بَولٍ، يَعْنِي مُضَيَّقاً عَلَيْهِ؛ قَالَ شَمِرٌ: هَكَذَا رُوِيَ بِكَسْرِ الْجِيمِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مُوجَحٌ قَدْ أَوْجَحَه بولُه؛ قَالَ: وَسَمِعْتُ أَعرابيّاً سأَلته عَنْهُ، فَقَالَ: هُوَ المُجِحُّ ذَهَبَ بِهِ إِلى الْحَامِلِ. وأَوْجَحَ البيتَ: سَتَرَه؛ قال ساعدة بن حؤية الْهُذَلِيُّ:
وَقَدْ أَشْهَدُ البيتَ المُحَجَّبَ، زانَه ... فِراشٌ، وخِدْرٌ مُوجَحٌ، ولَطائمُ
وأَورد الأَزهري هَذَا الْبَيْتَ فِي التَّهْذِيبِ وَقَالَ: المُوجَحُ الكثيفُ الغليظُ، وَثَوْبٌ مَتِينٌ كَثِيفٌ. وَثَوْبٌ مُوجَحٌ: كَثِيرُ الْغَزْلِ كَثِيفٌ. وَثَوْبٌ وَجِيحٌ ومُوجَحٌ: قَوِيٌّ، وَقِيلَ: ضَيِّق مَتِين؛ قَالَ شَمِرٌ: كأَنه شَبَّهَ مَا يَجِدُ المُحْتَقِنُ مِنَ الِامْتِلَاءِ وَالِانْتِفَاخِ بِذَلِكَ. قَالَ: وَيَكُونُ مِنْ أَوْجَحَ الشيءُ إِذا ظَهَرَ؛ وَقَدْ أَوجَحَه بَوْلُهُ، فَهُوَ مُوجَحٌ إِذا كَظَّه وضَيَّقَ عَلَيْهِ. والمُوجِحُ: الَّذِي يُخْفي الشَّيْءَ وَيَسْتُرُهُ،

(2/629)


مِن الوِجاحِ وَهُوَ السِّتْر فَشَبَّهَ بِهِ مَا يَجِدُهُ المُحْتَقِنُ مِنَ الِامْتِلَاءِ. وَرُوِيَ عَنْ أَبي مُعَاذٍ النَّحْوِيِّ: مَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ جَاحٌ بِمَعْنَى وِجاح. الْفَرَّاءُ: لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ وِجاحٌ وإِجاحٌ وأُجاحٌ وأَجاحٌ أَي لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ سِتْر؛ قَالَ أَبو خَيْرَةَ:
جَوْفاءُ مَحْشُوَّةٌ فِي مُوجَحٍ مَغِصٍ، ... أَضيافُه جُوَّعٌ مِنْهُ مَهازِيلُ
أَراد بالمُوجَحِ جِلْدًا أَمْلَسَ. وأَضيافه: قِرْدانُه. الْجَوْهَرِيُّ: الوِجاحُ والوُجاحُ والوَجاحُ السِّتْرُ: قَالَ القَطَامِيُّ:
لَمْ يَدَعِ الثَّلْجُ لَهُمْ وَجاحا
قَالَ: وَرُبَّمَا قَلَبُوا الْوَاوَ أَلفاً وَقَالُوا: أُجاح وإِجاح وأَجاح. الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ جَوْحٍ: والوِجاحُ [الوَجاحُ] بَقِيَّةُ الشَّيْءِ مِنْ مَالٍ وَغَيْرِهِ؛ وَطَرِيقٌ مُوجِحٌ مَهْيَعٌ. قَالَ الأَزهري: الْمَحْفُوظُ فِي المُلْجإِ تَقْدِيمُ الْحَاءِ عَلَى الْجِيمِ فإِن صَحَّتِ الرِّوَايَةُ فَلَعَلَّهُمَا لُغَتَانِ، وَرُوِيَ الْحَدِيثُ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا عَلَى الْمَفْعُولِ وَالْفَاعِلِ. والمُوجِحُ: الَّذِي يُوجِحُ الشيءَ ويُمْسِكُه وَيَمْنَعُهُ مِنَ الوَجَحِ وَهُوَ المَلْجَأُ؛ قَالَ الأَزهري: وأَقرأَني إِبراهيم بْنُ سَعْدٍ الْوَاقِدِيُّ:
أَتَتْرُكُ أَمرَ القومِ فِيهِمْ بَلابِلٌ، ... وتَتْرُكُ غَيْظًا كَانَ فِي الصدرِ مُوجِحا؟
قَالَ شَمِرٌ: رَوَاهُ مُوَجِحًا، بِكَسْرِ الْجِيمِ. والوَجَحُ: شِبْهُ الْغَارِ؛ وَقَالَ:
بكلِّ أَمْعَزَ مِنْهَا غَيْرِ ذِي وَجَحٍ، ... وكلِّ دارةِ هَجْلٍ ذاتِ أَوجاحِ
أَي ذاتِ غِيرانٍ. والوَجاحُ: الصَّفا الأَمْلَسُ؛ قَالَ الأَفْوَهُ:
وأَفْراسٌ مُذَلَّلةٌ وبِيضٌ، ... كأَن مُتُونَها فِيهَا الوَجاحُ
وَيُقَالُ لِلْمَاءِ فِي أَسفل الْحَوْضِ إِذا كَانَ مِقْدَارَ مَا يَسْتُرُهُ: وَجاحٌ: وَيُقَالُ: لَقِيتُهُ أَدنى وَجاحٍ «2» لأَوّلِ شَيْءٍ يُرَى. وَبَابٌ موجوحٌ أَي مَرْدُودٌ. وَيُقَالُ: حَفَرَ حَتَّى أَوجَحَ إِذا بلغ الصفاة.
وحح: الوَحْوَحَة: صَوْتٌ مَعَ بَحَحٍ. ووَحْوَحَ الثوبُ: صَوَّت. ووَحْ وَحْ: زَجْرٌ لِلْبَقَرِ. ووَحْوَحَ البقرَ: زَجَرها، وَكَذَلِكَ وَحْوَحَ بِهَا. وإِذا طَرَدْتَ الثورَ قُلْتَ لَهُ: قَعْ قَعْ، وإِذا زَجَرْتَهُ قُلْتَ لَهُ: وَحْ وَحْ. ووَحْوَحَ الرجلُ مِنَ الْبَرْدِ إِذا ردَّد نَفَسه فِي حَلْقه حَتَّى تَسْمَعُ لَهُ صَوْتًا؛ قَالَ الكُمَيْتُ:
ووَحْوَحَ فِي حِضْنِ الفَتاةِ ضَجِيعُها، ... وَلَمْ يَكُ فِي النُّكْدِ المَقاليتِ مَشْخَبُ
ووَحْوَحَ الرجلُ إِذا نَفَخَ فِي يَدِهِ مِنْ شدَّة الْبَرْدِ. وَرَجُلٌ وَحْواحٌ أَي خَفِيفٌ؛ قَالَ أَبو الأَسود العِجْلي:
مُلازٍمِ آثارَها صَيداحِ، ... واتَّسَقَتْ لزاجِرٍ وَحْواحِ «3»
__________
(2).
قوله [لقيته أَدنى وجاح] كذا بضبط الأَصل بفتح الواو، وبهامش القاموس ما نصه: ضبطه الشارح بالضم وعاصم بالفتح انتهى.
(3).
قوله [واتسقت لزاجر إلخ] أنشده في مادة ص د ح على غير هذا الوجه.

(2/630)


والصَّيْداحُ والصَّيْدَحُ: الشَّدِيدُ الصَّوْتِ، وَكَذَلِكَ الوَحْوَحُ؛ قَالَ الْجَعْدِيُّ يَرْثِي أَخاه:
ومِنْ قَبْلِه مَا قَدْ رُزِئْتُ بوَحْوَحٍ، ... وكان ابنَ أُمِّي والخليلَ المُصافِيا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَحْوَح فِي الْبَيْتِ اسْمُ عَلَمٍ لأَخيه وَلَيْسَ بِصِفَةٍ، ورَثى فِي هَذِهِ الْقَصِيدَةِ مُحارِبَ بْنَ قَيْسِ بْنِ عَدَسٍ مِنْ بَنِي عَمِّهِ ووَحْوَحاً أَخاه؛ وَقَبْلَهُ:
أَلم تَعْلَمِي أَني رُزِئْتُ مُحارِباً؟ ... فما لَكِ فِيهِ اليومَ شيءٌ وَلَا لِيا
فَتىً كمُلَتْ أَخلاقُه، غيرَ أَنه ... جَوادٌ، فَلَا يُبْقِي مِنَ المالِ باقِيا
وَمِنْ قَبْلِهِ مَا قد رزئت بوحوح، ... وكانَ ابنَ أُمي والخليلَ الْمُصَافِيَا
وَرَجُلٌ وَحْوَحٌ: شَدِيدُ الْقُوَّةِ يَنْحِمُ عِنْدَ عَمَلِهِ لِنَشَاطِهِ وَشِدَّتِهِ؛ وَرِجَالٌ وَحاوِحُ. والأَصل فِي الوَحْوَحة الصَّوْتُ مِنَ الْحَلْقِ؛ وَكَلْبٌ وَحْواحٌ ووَحْوَحٌ. وتَوَحْوَح الظَّلِيمُ فَوْقَ الْبَيْضِ إِذا رَئِمَها وأَظهر وُلوعَه؛ قَالَ تَمِيمُ بْنُ مُقْبِلٍ:
كبَيْضَةِ أُدْحِيٍّ تَوَحْوَحَ فَوْقَها ... هِجَفَّانِ، مِرْياعا الضُّحَى، وَحَدانِ
وَتَرَكَهَا تُوَحْوِحُ وتَوَحْوَحُ: تُصَوِّت مِنَ البَرْدِ مِنَ الطَّلْق بَيْنَ القَوابل. والوَحْوَحُ والوَحْواحُ: المُنْكَمِشُ الحديدُ النَّفْسِ؛ قَالَ:
يَا رُبَّ شَيْخٍ مِنْ لُكَيْزٍ وَحْوَحِ، ... عَبْلٍ، شَدِيدٍ أَسْرُه، صَمَحْمَحِ
يَغْدو بدَلْوٍ ورِشاءٍ مُصْلَحِ، ... حَتَّى أَتَتْه ماءَةٌ كالإِنْفَحِ
أَي جَاءَتْ صافيةَ السَّحْناءِ كأَنها إِنْفِحَة؛ وَقَالَ:
وذُعِرَت مِنْ زاجرٍ وَحْواحِ
ابْنُ الأَثير: وَفِي شِعْرِ أَبي طَالِبٍ يَمْدَحُ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
حَتَّى تُجالِدكم عَنْهُ وَحاوِحةٌ، ... شِيبٌ صَنادِيدُ، لَا يَذْعَرْهُمُ الأَسَلُ
هُوَ جَمْعُ وَحْواح وَهُوَ السَّيِّدُ، وَالْهَاءُ فِيهِ لتأْنيث الْجَمْعِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ الَّذِي يَعْبُر الصراطَ حَبْواً:
وَهُمْ أَصحابُ وَحْوَحٍ
أَي أَصحاب مَنْ كَانَ فِي الدُّنْيَا سَيِّدًا، وَهُوَ كَالْحَدِيثِ الْآخَرِ:
هَلَك أَصحابُ العُقْدة
يَعْنِي الأُمراء؛ وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنَ الوَحْوَحةِ وَهُوَ صَوْتٌ فِيهِ بُحُوحة كأَنه يَعْنِي أَصحاب الْجِدَالِ وَالْخِصَامِ والشَّغَبِ فِي الأَسواق وَغَيْرِهَا. وَمِنْهُ حَدِيثِ
عَلِيٍّ: لَقَدْ شَفَى وَحاوِحَ صَدْري حَسُّكم إِياهم بالنِّصال.
والوَحْوَحُ: ضَرْبٌ مِنَ الطَّيْرِ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَلَا أَعرف مَا صِحَّتُها. ووَحْوَحٌ: اسْمٌ. ابْنُ الأَعرابي: الوَحُّ الوَتِدُ؛ يُقَالُ: هُوَ أَفقر مِنْ وَحٍّ وَهُوَ الوَتِدُ، وَهَذَا قَوْلُ المفَضَّل، وَقَالَ غَيْرُهُ: وَحٌّ كَانَ رَجُلًا زَجَرَ فَقِيرًا فَضُرِبَ بِهِ الْمَثَلُ فِي الحاجة.
ودح: أَوْدَحَ الرجلُ: أَقَرَّ، وَفِي التَّهْذِيبِ: أَقَرَّ بِالْبَاطِلِ، حَكَاهُ ابْنُ السِّكِّيتِ؛ وأَنشد:
أَوْدَحَ لَمَّا أَن رأَى الجَدَّ حَكَمْ
وأَوْدَحَ الرجلُ: أَذعَنَ وخَضَع، وَرُبَّمَا قَالُوا أَوْدَحَ الكبشُ إِذا تَوَقَّفَ وَلَمْ يَنْزُ. الأَزهري، أَبو زَيْدٍ:

(2/631)


الإِيداحُ الإِقرار بِالذُّلِّ والانقيادُ لِمَنْ يَقُودُهُ؛ وأَنشد:
وأَكْوِي عَلَى قَرْنَيْهِ، بَعْدَ خِصائِه، ... بنارِي، وَقَدْ يُخْصَى العَتُودُ فَيُودِحُ
وأَودَحَتِ الإِبلُ: سَمِنَتْ وحَسُنتْ حالُها. أَبو عَمْرٍو: يُقَالُ مَا أَغْنى عَنْهُ وَدَحَةً وَلَا وَتَحةً وَلَا وَذَحةً وَلَا وَشَمَةً وَلَا رَشَمَةً أَي مَا أَغنى عَنْهُ شَيْئًا. ووَدْحانُ: مَوْضِعٌ، وَقَدْ سَمَّوا بِهِ رَجُلًا.
وذح: الوَذَحُ: مَا تَعَلَّقَ بأَصواف الْغَنَمِ مِنَ البَعَرِ وَالْبَوْلِ؛ وَقَالَ ثَعْلَبٌ: هُوَ مَا يَتَعَلَّقُ مِنَ القَذَر بأَلية الْكَبْشِ، الْوَاحِدَةُ مِنْهُ وَذَحة وَقَدْ وَذِحَتْ وَذَحاً، وَالْجَمْعُ وُذْحٌ مِثْلُ بَدَنةٍ وبُدْنٍ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
والتَّغْلَبِيَّةُ فِي أَفواهِ عَوْرَتِها ... وُذْحٌ كثيرٌ، وَفِي أَكتافِها الوَضَرُ
وَيُقَالُ مِنْهُ: وَذِحَتِ الشاةُ تَوْذَحُ وتَيْذَحُ وَذَحاً. الأَزهري، أَبو عَمْرٍو: مَا أَغنى عَنْهُ وَدَحةً وَلَا وَذَحةً أَي مَا أَغنى عَنْهُ شَيْئًا؛ وَقَالَ فِي تَرْجَمَةِ وَذَحَ: مَا أَغنى عَنِّي وَتَحَةً وَلَا وَذَحةً أَي مَا أَغنى شَيْئًا. أَبو عُبَيْدَةَ: الوَذَحُ مَا يَتَعَلَّقُ بالأَصواف مِنْ أَبعار الْغَنَمِ فيَجِفّ عَلَيْهِ؛ وَقَالَ الأَعشى:
فَتَرى الأَعْداءَ حَوْلي شُزَّراً، ... خاضِعِي الأَعْناقِ، أَمْثالَ الوَذَحْ
وَقَالَ النَّضْرُ: الوَذَحُ احتراقٌ وانْسِحاجٌ يَكُونُ فِي بَاطِنِ الفَخِذَين؛ قَالَ: وَيُقَالُ لَهُ المَدَحُ أَيضاً. وعبدٌ أَوْذَحُ إِذا كَانَ لَئِيمًا؛ وَقَالَ بَعْضُ الرُّجَّاز يَهْجو أَبا وَجْزَة:
مَوْلى بَنِي سَعْدٍ هَجِيناً أَوذَحا، ... يَسُوقُ بَكْرَيْنِ وَنَابًا كُحْكُحا [كِحْكِحا]
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: كأَنه مأْخوذ مِنَ الوَذَح. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: أَما وَاللَّهِ ليُسَلَّطَنَّ عَلَيْكُمْ غلامُ ثَقِيف الذَّيَّالُ المَيَّالُ، إِيهٍ أَبا وَذَحةَ
الوَذَحة، بِالتَّحْرِيكِ: الخُنْفُساء مِنَ الوَذَحِ وَهُوَ مَا يَتَعَلَّقُ بأَلية الشَّاةِ مِنَ الْبَعَرِ فَيَجِفُّ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُهُ بِالْخَاءِ. وَفِي حَدِيثِ
الْحَجَّاجِ: أَنه رأَى خُنْفُساءَة فَقَالَ قاتلَ اللهُ أَقواماً يَزْعُمُونَ أَن هَذِهِ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ، فَقِيلَ: مِمَّ هِيَ؟ قَالَ: مِنْ وَذَحِ إِبليس.
وشح: الوِشاحُ والإِشاحُ عَلَى الْبَدَلِ كَمَا يُقَالُ وِكافٌ وإِكافٌ والوُشاحُ: كُلُّهُ حَلْيُ النساءِ، كِرْسانِ مِنْ لُؤْلُؤٍ وَجَوْهَرٍ مَنْظُومَانِ مُخالَفٌ بَيْنَهُمَا مَعْطُوفٌ أَحدُهما عَلَى الْآخَرِ، تَتَوَشَّحُ المرأَةُ بِهِ، وَمِنْهُ اشْتُقَّ تَوَشَّحَ الرجلُ بِثَوْبِهِ، وَالْجَمْعُ أَوشِحةٌ ووُشُحٌ ووَشائِحُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأُرى الأَخيرة عَلَى تَقْدِيرِ الْهَاءِ؛ قَالَ كُثَيِّرُ عَزَّةَ:
كأَنَّ قَنا المُرَّانِ تحتَ خُدُودِها ... ظِباءُ المَلا، نِيطَتْ عَلَيْهَا الوَشائِحُ
ووَشَّحْتُها تَوْشِيحاً فَتَوَشَّحَتْ هِيَ أَي لَبِسَتْهُ؛ وتَوَشَّحَ الرجلُ بِثَوْبِهِ وَبِسَيْفِهِ، وَقَدْ تَوَشَّحَتِ المرأَةُ واتَّشَحَتْ. الْجَوْهَرِيُّ: الوِشاحُ يُنْسَجُ مِنْ أَديم عَرِيضًا ويرَصَّعُ بِالْجَوَاهِرِ وتَشُدُّه المرأَة بَيْنَ عَاتِقَيْهَا وكَشْحَيْها؛ وقولُ دَهْلَب بْنِ قُرَيْع يُخَاطِبُ ابْنًا لَهُ:
أُحِبُّ منكَ موضِعَ الوُشْحُنِّ، ... وموضعَ اللَّبَّةِ والقُرْطُنِ
يَعْنِي الوُشاحَ، وإِنما يَزِيدُونَ هَذِهِ النُّونَ الْمُشَدَّدَةَ فِي ضَرُورَةِ الشِّعْرِ؛ وأَورده الأَزهري:
وموضعَ الإِزارِ والقَفَنِ

(2/632)


وَقَالَ: فإِنه زَادَ نُونًا فِي الوُشُح وَالْقَفَا. ابْنُ سِيدَهْ: والتوشُّح أَن يَتَّشِحَ بِالثَّوْبِ، ثُمَّ يُخرجَ طَرَفه الَّذِي أَلقاه عَلَى عَاتِقِهِ الأَيسر مِنْ تَحْتِ يَدِهِ الْيُمْنَى، ثُمَّ يَعْقِدَ طَرَفَيْهِمَا عَلَى صَدْرِهِ؛ وَقَدْ أَشَّحَه الثوبَ؛ قَالَ مَعْقِلُ بْنُ خُوَيْلِدٍ الْهُذَلِيُّ:
أَبا مَعْقِلٍ، إِن كنتَ أُشِّحْتَ حُلَّةً، ... أَبا مَعْقِلٍ، فَانْظُرْ بنَبْلِكَ مَنْ تَرْمِي
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: التَّوَشُّح بِالرِّدَاءِ مِثْلُ التأَبُّط وَالِاضْطِبَاعِ، وَهُوَ أَن يُدخل الثَّوْبَ مِنْ تَحْتِ يَدِهِ الْيُمْنَى فيُلْقِيَه عَلَى مَنْكِبه الأَيسر كَمَا يَفْعَلُ المُحْرِمُ؛ وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ يَتَوَشَّح بِحَمَائِلِ سَيْفِهِ فَتَقَعُ الْحَمَائِلُ عَلَى عَاتِقِهِ الْيُسْرَى وَتَكُونُ الْيُمْنَى مَكْشُوفَةً؛ وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيدٍ فِي تَوَشُّحِه بِلِجَامِهِ:
وَلَقَدْ حَمَيْتُ الحَيَّ تَحْمِلُ شِكَّتِي ... فُرُطٌ وِشاحِي، إِذ غَدَوْتُ، لِجامُها
أَخبر أَنه يَخْرُجُ رَبِيئَةً أَي طَلِيعَةً لِقَوْمِهِ عَلَى رَاحِلَتِهِ وَقَدِ اجْتَنَبَ إِليها فرسَه وتَوَشَّح بِلِجَامِهَا رَاكِبًا رَاحِلَتَهُ، فإِن أَحَسَّ بِالْعَدُوِّ أَلجمَها وَرَكِبَهَا تَحَوُّزاً مِنَ الْعَدُوِّ، وغاوَلهم إِلى الْحَيِّ مُنْذِراً. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَانَ يَتَوَشَّحُ بِثَوْبِهِ
أَي يَتَغَشَّى بِهِ، والأَصل فِيهِ مِنَ الْوِشَاحِ. وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَائِشَةَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَتَوَشَّحُني ويَنالُ مِنْ رأْسي
أَي يُعانقني ويُقَبِّلني. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
لَا عَدِمْتَ رَجُلًا وَشَّحَك هَذَا الوِشاحَ
أَي ضَرَبك هَذِهِ الضَّرْبَةَ فِي مَوْضِعِ الوُشاحِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ المرأَة السَّوْداء:
ويومُ الوِشاحِ مِنْ تَعاجِيبِ رَبِّنا، ... أَلا إِنه مِنْ بَلْدَةِ الْكُفْرِ نَجَّانِي «1»
قَالَ ابْنُ الأَثير: كَأَنَّ لِقَوْمٍ وِشاحٌ فَفَقدوه فَاتَّهَمُوهَا بِهِ، وَكَانَتِ الحِدَأَة أَخذته فأَلقته إِليهم؛ وَفِيهِ
كَانَ لِلنَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، دِرْعٌ تُسَمَّى ذاتَ الوِشاحِ.
ابْنُ سِيدَهْ: والوِشاحُ والوِشاحةُ السَّيْفُ مِثْلُ إِزار وإِزارة؛ قَالَ أَبو كَبِيرٍ الْهُذَلِيُّ:
مُسْتَشْعِرٌ تحتَ الرِّداءِ وِشاحةً، ... عَضْباً غَمُوصَ الحَدِّ غيرَ مُفَلَّلِ
والوِشاحُ: القوسُ. والمُوَشَّحةُ مِنَ الظِّبَاءِ وَالشَّاءِ وَالطَّيْرِ: الَّتِي لَهَا طُرَّتَانِ مِنْ جَانِبَيْهَا؛ قَالَ:
أَو الأُدْم المُوَشَّحة، العَواطِي ... بأَيديهنَّ مِنْ سَلَمِ النِّعافِ
والوَشْحاء مِنَ المَعَز: السَّوْدَاءُ المُوَشَّحة بِبَيَاضٍ. وديكٌ مُوَشَّح إِذا كَانَ لَهُ خُطَّتان كالوِشاحِ؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
ونَبّهْ ذَا العِفاءِ المُوَشَّحِ
وَثَوْبٌ مُوَشَّحٌ: وَذَلِكَ لوَشْيٍ فِيهِ، حَكَاهُ ابْنُ سِيدَهْ عَنْ اللِّحْيَانِيِّ. ووَشْحَى: مَوْضِعٌ؛ قَالَ:
صَبَّحْنَ مِنْ وَشْحَى قَلَيْباً سُكَّا
ودارةُ وَشْحاءَ: موضعٌ هُنَالِكَ؛ عَنْ كُرَاعٍ. وواشِحُ: قَبِيلَةٌ من اليمن.
__________
(1).
قوله [أَلَا إِنه مِنْ بَلْدَةِ] كذا بالأَصل والذي في النهاية على أنه من دارة.

(2/633)


وضح: الوَضَحُ: بياضُ الصُّبْحِ والقمرُ والبَرَصُ والغرةُ والتحجيلُ فِي الْقَوَائِمِ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الأَلوان. التَّهْذِيبُ: الوَضَحُ بَيَاضُ الصُّبْح؛ قَالَ الأَعشى:
إِذْ أَتَتْكُمْ شَيْبانُ، فِي وَضَحِ الصُّبحِ، ... بكبشٍ تَرَى لَهُ قُدَّاما
وَالْعَرَبُ تُسَمِّي النَّهَارَ الوَضَّاحَ، والليلَ الدُّهْمانَ؛ وبِكْرُ الوَضَّاحِ: صلاةُ الغَداة، وثِنْيُ دُهْمانَ: العِشاءُ الْآخِرَةُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
لَوْ قِسْتَ مَا بينَ مَناحِي سَبَّاحْ، ... لِثِنْيِ دُهْمانَ وبِكْرِ الوَضَّاح،
لَقِسْتَ مَرْتاً مُسْبَطِرَّ الأَبْداحْ
سبَّاح: بَعِيرُهُ. والأَبْداحُ: جَوَانِبُهُ، والوَضَحُ: بَيَاضٌ غَالِبٌ فِي أَلوان الشَّاءِ قَدْ فَشَا فِي جَمِيعِ جَسَدِهَا، وَالْجَمْعُ أَوضاح؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: فِي الصَّدْرِ وَالظَّهْرِ وَالْوَجْهِ، يُقَالُ لَهُ: تَوْضيح شَدِيدٌ، وَقَدْ تَوَضَّح. وَيُقَالُ: بِالْفَرَسِ وَضَحٌ إِذا كَانَتْ بِهِ شِيَةٌ، وَقَدْ يُكْنَى بِهِ عَنِ البَرَصِ، وَمِنْهُ قِيلَ لِجَذِيمَةَ الأَبْرَشِ: الوَضَّاحُ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
جَاءَهُ رَجُلٌ بكَفِّه وَضَح
أَي بَرَصٌ. وَقَدْ وَضَحَ الشيءُ يَضِحُ وُضُوحاً وَضَحَةً وضِحَةً واتَّضَحَ: أَي بَانَ، وهو واضع ووَضَّاح. وأَوضَحَ وتَوَضَّح ظَهَرَ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
وأَغْبَرَ لا يَجْتازُه مُتَوَضِّحُ الرجالِ، ... كفَرْق العامِرِيِّ يَلُوحُ
أَراد بالمُتَوَضِّح مِنَ الرِّجَالِ: الَّذِي يُظْهِرُ نَفْسَهُ فِي الطَّرِيقِ وَلَا يَدْخُلُ فِي الخَمَرِ. ووَضَّحه هُوَ وأَوضَحَه وأَوضَحَ عَنْهُ وتَوَضَّح الطريقُ أَي اسْتَبَانَ. والوَضَحُ: الضَّوْءُ والبياضُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي السُّجُودِ حَتَّى يَبينَ وَضَحُ إبْطَيْهِ
أَي البياضُ الَّذِي تَحْتَهُمَا، وَذَلِكَ لِلْمُبَالَغَةِ فِي رَفْعِهِمَا وَتَجَافِيهِمَا عَنِ الْجَنْبَيْنِ. والوَضَحُ: البياضُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عُمَرَ: صُومُوا مِنَ الوَضَح إِلى الوَضَحِ
أَي مِنَ الضَّوء إِلى الضَّوْءِ؛ وَقِيلَ: مِنَ الْهِلَالِ إِلى الْهِلَالِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَهُوَ الْوَجْهُ لأَن سِيَاقَ الْحَدِيثِ يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَتَمَامُهُ:
فإِن خَفِيَ عَلَيْكُمْ فأَتِمُّوا العِدَّة ثَلَاثِينَ يَوْمًا
؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
غَيِّرُوا الوَضَحَ
أَي الشَّيْب يَعْنِي اخْضِبُوه. والواضحةُ: الأَسْنانُ الَّتِي تَبْدُو عِنْدَ الضَّحِكِ، صِفَةٌ غَالِبَةٌ؛ وأَنشد:
كلُّ خَليلٍ كنتُ صافَيْتُه، ... لَا تَرَكَ اللَّهُ لَهُ واضِحه
كلُّهمُ أَرْوَغُ مِنْ ثَعْلَبٍ، ... مَا أَشْبَه الليلةَ بالبارِحه
وَفِي الْحَدِيثِ:
حَتَّى مَا أَوضَحُوا بِضَاحِكَةٍ
أَي مَا طَلَعوا بِضَاحِكَةٍ وَلَا أَبْدَوْها، وَهِيَ إِحدى ضواحِكِ الإِنسان الَّتِي تَبْدُو عِنْدَ الضَّحِكِ. وإِنه لَوَاضِحُ الجَبينِ إِذا ابيضَّ وحَسُنَ وَلَمْ يَكُنْ غَلِيظًا كَثِيرَ اللَّحْمِ. وَرَجُلٌ وَضَّاحٌ: حَسَنُ الْوَجْهِ أَبيضُ بَسَّامٌ. والوَضَّاحُ: الرجلُ الأَبيضُ اللَّوْنِ الحَسَنُه. وأَوضَحَ الرجلُ والمرأَة: وُلِدَ لَهما أَولادٌ وُضَّحٌ بيضٌ؛ وَقَالَ ثَعْلَبٌ: هُوَ منكَ أَدنى واضحةٍ إِذا وَضَحَ لَكَ وَظَهَرَ حَتَّى كأَنه مُبْيَضُّ. وَرَجُلٌ واضحُ

(2/634)


الحَسَبِ ووَضَّاحُه: ظَاهِرُهُ نَقِيُّه مُبْيَضُّهُ، عَلَى الْمَثَلِ. وَدِرْهَمٌ وَضَحٌ: نَقِيّ أَبيض، عَلَى النَّسَبِ. والوَضَحُ: الدِّرْهم الصَّحِيحُ. والأَوضاحُ: حَلْيٌ مِنَ الدَّرَاهِمِ الصِّحَاحِ. وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: أَعطيته دَرَاهِمَ أَوضاحاً، كأَنها أَلبانُ شَوْلٍ رَعَتْ بدَكْداكِ مالكٍ؛ مَالِكٌ: رَمْلٌ بِعَيْنِهِ وَقَلَّمَا تَرْعَى الإِبل هُنَالِكَ إِلا الحَلِيَّ وَهُوَ أَبيض، فَشَبَّهَ الدَّرَاهِمَ فِي بَيَاضِهَا بأَلبان الإِبل الَّتِي لَا تَرْعَى إِلا الحَلِيَّ. ووَضَحُ القَدَم: بياضُ أَخْمَصِه؛ وَقَالَ الجُمَيْحُ:
والشَّوْكُ فِي وَضَحِ الرجلينِ مَرْكُوزُ
وَقَالَ النَّضْرُ: المتوضِّحُ وَالْوَاضِحُ مِنَ الإِبل الأَبيض، وَلَيْسَ بِالشَّدِيدِ الْبَيَاضِ، أَشدُّ بَيَاضًا مِنَ الأَعْيَصِ والأَصْهَبِ وَهُوَ المتوضِّحُ الأَقْراب؛ وأَنشد:
مُتَوَضِّحُ الأَقْرابِ، فِيهِ شُهْلَةٌ، ... شَنِجُ الْيَدَيْنِ تَخالُه مَشْكُولا
والأَواضِحُ: الأَيامُ الْبِيضُ، إِما أَن يَكُونَ جمعَ الْوَاضِحِ فَتَكُونُ الْهَمْزَةُ بَدَلًا مِنَ الْوَاوِ الأُولى لِاجْتِمَاعِ الْوَاوَيْنِ، وإِما أَن يَكُونَ جُمِعَ الأَوْضَح. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَمر بِصِيَامِ الأَواضِحِ
؛ حَكَاهُ الْهَرَوِيُّ فِي الْغَرِيبَيْنِ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَفِي الْحَدِيثِ
أَمر بصيام الأَوْضاحِ
يُرِيدُ أَيامَ اللَّيَالِي الأَواضِح أَي الْبَيْضِ جَمْعُ وَاضِحَةٍ، وَهِيَ ثَالِثَ عَشَرَ وَرَابِعَ عَشَرَ وَخَامِسَ عَشَرَ، والأَصل وَواضِح، فَقُلِبَتِ الْوَاوُ الأُولى هَمْزَةً. والواضِحة مِنَ الشِّجاج: الَّتِي تُبْدي وَضَحَ الْعَظْمِ؛ ابْنُ سِيدَهْ: والمُوضِحةُ مِنَ الشِّجاج الَّتِي بَلَغَتِ الْعَظْمَ فأَوضَحَتْ عَنْهُ؛ وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي تَقْشِر الجلدةَ الَّتِي بَيْنَ اللَّحْمِ وَالْعَظْمِ أَو تَشُقُّهَا حَتَّى يَبْدُوَ وَضَحُ الْعَظْمِ، وَهِيَ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا الْقِصَاصُ خَاصَّةً، لأَنه لَيْسَ مِنَ الشِّجَاجِ شَيْءٌ لَهُ حدَّ يَنْتَهِي إِليه سِوَاهَا، وأَما غَيْرُهَا مِنَ الشِّجَاجِ فَفِيهَا دِيَتُهَا، وَذَكَرَ المُوضِحة فِي أَحاديث كَثِيرَةٍ وَهِيَ الَّتِي تُبْدِي الْعَظْمَ أَي بَياضَه، قَالَ: وَالْجَمْعُ المَواضِح؛ وَالَّتِي فُرِضَ فِيهَا خُمْسُ مِنَ الإِبل: هِيَ مَا كَانَ مِنْهَا فِي الرأْس وَالْوَجْهِ، فأَما المُوضِحة فِي غَيْرِهِمَا فَفِيهَا الْحُكُومَةُ، وَيُقَالُ للنَّعَم: وَضِيحةٌ ووَضائِحُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أَبي وَجْزَة:
لقَوْمِيَ، إِذ قَوْمي جميعٌ نَواهُمُ، ... وإِذ أَنا فِي حَيٍّ كَثِيرِ الوَضائِح
والوَضَحُ: اللبنُ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ الْهُذَلِيُّ:
عَقَّوْا بسَهْمٍ فَلَمْ يَشْعُرْ بِهِ أَحدٌ، ... ثُمَّ اسْتَفاؤوا وَقَالُوا: حَبَّذا الوَضَحُ
أَي قَالُوا: اللبنُ أَحبُّ إِلينا مِنَ القَوَد، فأَخبر أَنهم آثَرُوا إِبل الدِّيَةِ وأَلبانها عَلَى دَمِ قَاتِلِ صَاحِبِهِمْ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأُراه سُمِّيَ بِذَلِكَ لِبَيَاضِهِ؛ وَقِيلَ: الوَضَحُ مِنَ اللَّبَنِ مَا لَمْ يُمْذَقْ؛ وَيُقَالُ: كَثُرَ الوَضَحُ عِنْدَ بَنِي فُلَانٍ إِذا كَثُرَت أَلبانُ نَعَمِهم. أَبو زَيْدٍ: مِنْ أَين وَضَحَ الراكبُ؟ أَي مِنْ أَين بَدَا؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: مِنْ أَين أَوضَح، بالأَلف. ابْنُ سِيدَهْ: وَضَحَ الراكبُ طَلَع. وَمِنْ أَين أَوضَحْتَ، بالأَلف، أَي مِنْ أَين خَرَجْتَ، عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ التَّهْذِيبُ: مَنْ أَين أَوضَح الراكبُ، وَمِنْ أَين أَوضَعَ، وَمِنْ أَين بَدَا وضَحُك؟ وأَوضَحْتُ قَوْمًا: رأَيتهم. واستوضَحَ عَنِ الأَمر: بَحَثَ. أَبو عَمْرٍو: استوضَحْتُ الشيءَ واستشرفْته واستكفَفْتُه وَذَلِكَ إِذا وَضَعْتَ يَدَكَ عَلَى عَيْنَيْكَ فِي الشَّمْسِ تَنْظُرُ هَلْ تَرَاهُ، تُوَقّي

(2/635)


بِكَفِّكَ عينَك شُعاعَ الشَّمْسِ؛ يُقَالُ: اسْتَوْضِحْ عَنْهُ يَا فُلَانُ. واستوضَحْتُ الأَمرَ والكلامَ إِذا سأَلته أَن يُوَضِّحَه لَكَ. ووَضَحُ الطَّرِيقِ: مَحَجَّتُه ووَسَطُه. والواضحُ: ضِدُّ الْخَامِلِ لوُضُوح حَالِهِ وَظُهُورِ فَضْلِهِ؛ عَنِ السَّعْدي. والوَضَحُ: حَلْيٌ مِنْ فِضَّةٍ، وَالْجَمْعُ أَوضاح، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِبَيَاضِهَا، وَاحِدُهَا وَضَح؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَقاد مِنْ يَهُودِيٍّ قَتَلَ جُوَيْرِيةً عَلَى أَوْضاح لَهَا
؛ وَقِيلَ: الوَضَحُ الخَلْخالُ، فَخَصَّ. والوُضَّحُ: الكواكبُ الخُنَّسُ إِذا اجْتَمَعَتْ مَعَ الْكَوَاكِبِ المضيئة من كواكب المنازل؛ اللَّيْثُ: إِذا اجْتَمَعَتِ الْكَوَاكِبُ الْخُنَّسُ مَعَ الْكَوَاكِبِ الْمُضِيئَةِ مِنْ كَوَاكِبَ الْمَنَازِلِ سُمِّين جَمِيعًا الوُضَّحَ؛ اللِّحْيَانِيُّ: يُقَالُ فِيهَا أَوْضاحٌ مِنَ النَّاسِ وأَوْباش وأَسْقاطٌ يَعْنِي جَمَاعَاتٌ مِنْ قَبَائِلَ شَتَّى؛ قَالُوا: وَلَمْ يُسْمَعْ لِهَذِهِ الْحُرُوفِ بِوَاحِدٍ. قَالَ الأَصمعي: يُقَالُ فِي الأَرض أَوضاح مِنْ كَلإٍ إِذا كَانَ فِيهَا شَيْءٌ قَدِ ابيضَّ؛ قَالَ الأَزهري: وأَكثر مَا سَمِعْتُهُمْ يَذْكُرُونَ الوَضَحَ فِي الكلإِ للنَّصِيِّ والصِّلِّيانِ الصَّيْفِيِّ الَّذِي لَمْ يأْت عَلَيْهِ عامٌ ويَسْوَدُّ. ووَضَحُ الطريقة مِنَ الكلإِ: صِغَارُهَا؛ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هُوَ مَا ابْيَضَّ مِنْهَا، وَالْجَمْعُ أَوضاحٌ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر وَوَصَفَ إِبلًا:
تَتَبَّعُ أَوْضاحاً بسُرَّةِ يَذْبُلٍ، ... وتَرْعى هَشِيماً، مِنْ حُلَيْمةَ، بالِيا
وَقَالَ مَرَّةً: هِيَ بَقَايَا الحَلِيّ والصِّلِّيان لَا تَكُونُ إِلّا مِنَ ذَلِكَ. ورأَيت أَوضاحاً أَي فِرَقاً قليلة هاهنا وهاهنا، لَا وَاحِدَ لَهَا. وتُوضِحُ: مَوْضِعٌ مَعْرُوفٌ. وَفِي حَدِيثِ الْمَبْعَثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يَلْعَبُ وَهُوَ صَغِيرٌ مَعَ الْغِلْمَانِ بعَظْمِ وَضَّاحٍ
؛ وَهِيَ لُعْبَة لِصِبْيَانِ الأَعراب يَعْمِدُون إِلى عَظْمٍ أَبيض فَيَرْمُونَهُ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ، ثُمَّ يَتَفَرَّقُونَ فِي طَلَبِهِ، فَمَنْ وَجَدَهُ مِنْهُمْ فَلَهُ القَمْرُ؛ قَالَ: ورأَيت الصِّبْيَانَ يُصَغِّرُونَهُ فَيَقُولُونَ عُظَيْمُ وَضَّاحٍ؛ قَالَ: وأَنشدني بَعْضُهُمْ:
عُظَيْم وَضَّاحٍ ضِحَنَّ اللَّيْلَهْ، ... لَا تَضِحَنَّ بَعْدَهَا مِنْ لَيْله
قَوْلُهُ: ضِحَنَّ أَمرٌ مَنْ وَضَحَ يَضِحُ، بِتَثْقِيلِ النُّونِ المؤَكدة، وَمَعْنَاهُ اظْهِرَنَّ كَمَا تَقُولُ مِنَ الْوَصْلِ: صِلَنّ. ووَضَّاحٌ: فَعَّال مِنَ الوُضوح، الظُّهُورُ.
وطح: الوَطَحُ، وَفِي التَّهْذِيبِ الوَطْحُ، بِجَزْمِ الطَّاءِ: مَا تَعَلَّقَ بالأَظلاف وَمَخَالِبِ الطَّيْرِ مِنَ العُرَّة وَالطِّينِ وأَشباه ذَلِكَ، وَاحِدَتُهُ وَطْحة بِجَزْمِ الطَّاءِ. والوَطْح: الدَّفْعُ بِالْيَدَيْنِ فِي عُنْف. وتَواطَحَ القومُ: تَداوَلُوا الشرَّ بَيْنَهُمْ؛ قَالَ الحَكَمُ الحَضْرَميّ:
وأَبي، جَمالُ لَقَدْ رَفَعْتُ ذِمارَها، ... بشَبابِ كلِّ مُحَبَّرٍ سَيَّارِ
لَذٍّ بأَفواهِ الرُّواةِ، كأَنما ... يَتَواطَحُونَ بِهِ عَلَى دِينارِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: جَمالُ اسْمِ امرأَة. وذِمارها: مَا يَلْزَمُ لَهَا مِنَ الْحِفْظِ وَالصِّيَانَةُ. ولَذّ: يَسْتَلِذُّه الرَّاوِي المنشدُ لَهُ. والمُحَبَّرُ: الْبَيْتُ المُحَسَّنُ مِنَ الشِّعْر. وَالسَّيَّارُ: الَّذِي سَارَ وَتَنَاشَدَهُ النَّاسُ. وَقَوْلُهُ بِشَبَابِ

(2/636)


كلِّ محبَّر أَي لَمْ يَخْلَقْ عِنْدَ الرُّوَاةِ بَلْ هُوَ جَدِيدٌ. يَتَوَاطَحُونَ أَي يَتَقَابَلُونَ؛ وَقَالَ أَبو وَجْزَة:
وأَكْبَر مِنْهُمْ قَائِلًا بِمَقَالَةٍ، ... تُفَرِّجُ بَيْنَ العَسْكَرِ المتواطِحِ
وتَواطَحَتِ الإِبلُ عَلَى الْحَوْضِ إِذا ازْدَحَمَتْ عَلَيْهِ. والوَطِيحُ: حِصْنٌ بِخَيْبَرَ؛ وَفِي حَدِيثِ غَزْوَةِ خَيْبَرَ ذِكْرُ الوَطيح؛ هُوَ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِ الطَّاءِ وَبِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، حِصْنٌ مِنْ حُصُونِ خَيْبَرَ.
وقح: حَافِرٌ وَقاحٌ: صُلْبٌ بَاقٍ عَلَى الْحِجَارَةِ، وَالنَّعْتُ وَقاحٌ، الذَّكَرُ والأُنثى فِيهِ سَوَاءٌ، وَجَمْعُهُ وُقُح ووُقَّحٌ؛ وَقَدْ وَقُح يَوْقُح وَقاحةً ووُقوحة وقِحةً وَقَحَةً، الأَخيرتان نَادِرَتَانِ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: الأَصل وِقْحة حَذَفُوا الْوَاوَ عَلَى الْقِيَاسِ كَمَا حُذِفَتْ من عِدَة وزِنةٍ، ثم إِنهم عَدَلُوا بِهَا عَنْ فِعْلَة إِلى فَعْلة فأَقروا الحرفَ بِحَالِهِ، وإِن زَالَتِ الْكَسْرَةُ الَّتِي كَانَتْ مُوجِبَةً لَهُ، فَقَالُوا: القَحَةُ فَتَدَرَّجوا بالقِحةِ إِلى القَحة، وَهِيَ وَقْحَةٌ كجَفْنَةٍ لأَن الْفَاءَ فُتِحَتْ قَبْلَ الْحَرْفِ الْحَلْقِيِّ، كَمَا ذَهَبَ إِليه مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ؛ وأَبى الأَصْمَعِيُّ فِي الْقِحَةِ إِلَّا الْفَتْحَ؛ ووَقِحَ وَقَحاً ووَقَح، فَهُوَ واقحٌ واستوقَحَ وأَوقَحَ، وَكَذَلِكَ الخُفُّ والظَّهْرُ؛ ووَقُحَ الفرسُ وَقاحةً وقِحَةً. وَالتَّوْقِيحُ: أَن يُوَقَّحَ الحافرُ بِشَحْمَةٍ تُذابُ، حَتَّى إِذا تَشَيَّطتِ الشحمةُ وَذَابَتْ كُوِيَ بِهَا مَوَاضِعُ الحَفا والأَشاعِرِ. واسْتَوْقَح الْحَافِرُ إِذا صَلُبَ. وَقَالَ غَيْرُهُ: وَقِّحْ حوضَك أَي امْدُرْه حَتَّى يَصْلُبَ فَلَا يُنَشِّفَ الماءَ، وَقَدْ يُوَقَّحُ بِالصَّفَائِحِ؛ وَقَالَ أَبو وَجْزَة:
أَفْرِغْ لَهَا مِنْ ذِي صَفِيحٍ أَوْقَحا، ... مِنْ هَزْمةٍ جابتْ صَمُوداً أَبْدَحا
أَي مِنْ بِئْرٍ خَسِيفٍ نُقِّيت. أَبْدَحا: وَاسِعًا. ووَقَّحَ الحافرَ: كَوى مَوْضِعِ الحَفا والأَشاعِرِ مِنْهُ بِشَحْمَةٍ مُذَابَةٍ. وَرَجُلٌ وَقِيحُ الْوَجْهِ ووَقاحُه: صُلْبُه قَلِيلُ الْحَيَاءِ، والأُنثى وَقاحٌ، بِغَيْرِ هَاءٍ، وَالْفِعْلُ كَالْفِعْلِ وَالْمَصْدَرُ كَالْمَصْدَرِ، وَزَادَ اللِّحْيَانِيُّ فِي الْوَجْهِ: بَيِّنُ الوَقَحِ والوُقُوحِ. وَقُحَ [وَقِحَ] الرَّجُلِ إِذا صَارَ قَلِيلَ الْحَيَاءِ، فَهُوَ وَقِحٌ ووَقاحٌ. وامرأَة وَقاحُ الْوَجْهِ وَرَجُلٌ وَقاحُ الذَّنَب: صَبُورٌ عَلَى الرُّكُوبِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وَرَجُلٌ مُوَقَّح: أَصابته الْبَلَايَا فَصَارَ مُجَرَّباً؛ عَنِ اللحياني.
وَكَحَ: وَكَحَه بِرِجْلِهِ وَكْحاً: وَطِئَه وَطْأً شَدِيدًا. واستوكَحَتْ مَعِدَتُه: اشْتَدَّتْ. واستوكَحَتِ الفِراخُ، وَهِيَ وُكُحٌ: غَلُظَتْ؛ وأُرَى وُكُحاً عَلَى النَّسَبِ كأَنه جَمْعُ واكِح أَو وَكُوحٍ، إِذ لَا يُسَوِّغُ أَن يَكُونَ جَمْعَ مُسْتَوكِح. وأَوكَحَ الرجلُ: مَنَع وَاشْتَدَّ عَلَى السَّائِلِ؛ قَالَ رؤْبة:
إِذا الحُقُوقُ أَحْضَرَتْه أَوكَحا
قَالَ المُفَضَّل: سأَلته فاستوكَح استِيكاحاً أَي أَمسك وَلَمْ يُعْطِ. الأَزهري عَنْ أَبي زَيْدٍ: أَوكَحَ عَطِيَّتَه إِيكاحاً إِذا قَطَعَهَا؛ الأَصمعي: حَفَر فأَكْدى وأَوكَحَ إِذا بَلَغَ المكانَ الصُّلْبَ؛ الأَزهري: أَراد أَمراً

(2/637)


فأَوكَحَ عَنْهُ إِذا كَفَّ عَنْهُ وَتَرَكَهُ. والأَوكَحُ: الترابُ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي أَول الْبَابِ لأَنه عِنْدَ كُرَاعٍ فَوْعَلٌ، وَقِيَاسُ قَوْلِ سِيبَوَيْهِ أَن يَكُونَ أَفْعَل.
وَلَحَ: الوَلِيحُ والوَلِيحةُ: الضَّخْمُ الْوَاسِعُ مِنَ الجُوالق؛ وَقِيلَ: هُوَ الجُوالِقُ مَا كَانَ، وَالْجَمْعُ الوَلِيحُ. والوَلِيحة: الغِرارةُ. والوَلِيحُ والوَلائح: الغَرائر والجِلالُ والأَعْدال يُحْمَل فِيهَا الطِّيبُ والبَزُّ وَنَحْوَهُ؛ قَالَ أَبو ذؤَيب يَصِفُ سَحَابًا:
يُضِيءُ رَباباً كدُهْمِ المَخاضِ، ... جُلِّلْنَ فوقَ الوَلايا الوَليحا
وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الْوَلِيحَةُ الغِرارةُ. والمِلاحُ: المِخْلاةُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأُراه مَقْلُوبًا مِنَ الوَلِيح إِذ لَمْ أَجد مَا أَستدل بِهِ عَلَى مِيمِهِ، أَهي زَائِدَةٌ أَم أَصل، وَحَمْلُهَا عَلَى الزِّيَادَةِ أَكثر. وَفِي حَدِيثِ
الْمُخْتَارَ: لَمَّا قَتَلَ عُمَرَ بْنَ سَعْدٍ جَعَلَ رأْسَه فِي مِلاحٍ وَعَلَّقَهُ
؛ حَكَى اللَّفْظَةَ الْهَرَوِيُّ فِي الغريبين.
وَمَحَ: الأَزهري خَاصَّةً، ابْنُ الأَعرابي: الوَمْحَة الأَثَرُ مِنَ الشَّمْسِ؛ قَالَ: وقرأْت بِخَطِّ شِمْرٍ أَن أَبا عَمْرٍو الشَّيْبانيّ أَنشده هَذِهِ الأَبيات:
لَمَّا تَمَشَّيْتُ بُعَيْدَ العَتَمَه، ... سَمِعْتُ مِنْ فوقِ البُيوتِ كَدَمَه
إِذا الخَريعُ العَنْقَفِيرُ الحُذَمه، ... يَؤُزُّها فَحْلٌ شديدُ الضَّمْضَمه
أَزّاً بعَيَّارٍ إِذا مَا قَدَّمَه، ... فِيهَا انْفَرَى وَمَّاحُها وخَزَمَه
قَالَ: وَمَّاحُها صَدْعُ فَرْجِهَا. انْفَرَى: انْفَتَحَ وانْفَتَقَ لإِيلاجه الذَّكَرَ فِيهِ؛ قَالَ الأَزهري: لَمْ أَسمع هَذَا الْحَرْفَ إِلَّا فِي هَذِهِ الأُرجوزة، وأَحسبها فِي نوادره.
وَنَحَ: ابْنُ سِيدَهْ: وانَحْتُ الرجلَ: وافَقْتُه.
وَيَحَ: وَيْح: كَلِمَةٌ تُقَالُ رَحْمَةً، وَكَذَلِكَ وَيْحَما؛ قَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ:
أَلا هَيّما مِمَّا لَقِيتُ وَهَيّما، ... ووَيْحٌ لِمَنْ لَمْ يَدْرِ مَا هنَّ وَيْحَما
اللَّيْثُ: وَيْحَ يُقَالُ إِنه رَحْمَةٌ لِمَنْ تَنْزِلُ بِهِ بليَّة، وَرُبَّمَا جَعَلَ مَعَ مَا كَلِمَةً وَاحِدَةً وَقِيلَ وَيْحَما. ووَيْحٌ: كَلِمَةُ تَرَحُّم وتَوَجُّع، وَقَدْ يُقَالُ بِمَعْنَى الْمَدْحِ وَالْعَجَبِ، وَهِيَ مَنْصُوبَةٌ عَلَى الْمَصْدَرِ، وَقَدْ تُرْفَعُ وَتُضَافُ وَلَا تُضَافُ؛ يُقَالُ: وَيْحَ زيدٍ، ووَيْحاً لَهُ، ووَيْحٌ لَهُ الْجَوْهَرِيُّ: وَيْح كَلِمَةُ رَحْمَةٍ، ووَيْلٌ كَلِمَةُ عَذَابٍ؛ وَقِيلَ: هُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَهُمَا مَرْفُوعَتَانِ بِالِابْتِدَاءِ؛ يُقَالُ: وَيْحٌ لِزَيْدٍ ووَيْلٌ لِزَيْدٍ، وَلَكَ أَن تَقُولَ: وَيْحًا لِزَيْدٍ وَوَيْلًا لِزَيْدٍ، فَتَنْصِبُهُمَا بإِضمار فِعْلٍ، وكأَنك قُلْتَ أَلْزَمَهُ اللهُ وَيْحاً ووَيْلًا وَنَحْوَ ذَلِكَ؛ وَلَكَ أَن تَقُولَ وَيْحَكَ ووَيْحَ زَيْدٍ، ووَيْلَكَ ووَيْلَ زَيْدٍ، بالإِضافة، فَتَنْصِبُهُمَا أَيضاً بإِضمار فِعْلٍ؛ وأَما قَوْلُهُ: فَتَعْساً لَهُمْ وبُعْداً لِثَمُودَ، وَمَا أَشبه ذَلِكَ فَهُوَ مَنْصُوبٌ أَبداً، لأَنه لَا تَصِحُّ إِضافته بِغَيْرِ لَامٍ، لأَنك لَوْ قُلْتَ فتَعْسَهُم أَو بُعْدَهم لَمْ يَصْلُحْ فَلِذَلِكَ افْتَرَقَا. الأَصمعي: الوَيْلُ قُبُوحٌ، والوَيحُ تَرَحُّمٌ، ووَيْسٌ تَصْغِيرُهَا أَي هِيَ دُونَهَا. أَبو زَيْدٍ: الوَيْلُ هَلَكةٌ، والوَيْحُ قُبُوحٌ، والوَيْسُ تَرْحُّمٌ. سِيبَوَيْهِ: الوَيْلُ يُقَالُ لِمَنْ وَقَعَ فِي الهَلَكَة،

(2/638)


والوَيْحُ زَجْرٌ لِمَنْ أَشرف عَلَى الهَلَكة، وَلَمْ يَذْكَرْ فِي الوَيْس شَيْئًا. ابْنُ الْفَرَجِ: الوَيْحُ والوَيْلُ والوَيْسُ وَاحِدٌ. ابْنُ سِيدَهْ: وَيْحَه كَوَيْلَه، وَقِيلَ: وَيْح تَقْبِيحٌ. قَالَ ابْنُ جِنِّي: امْتَنَعُوا مِنَ اسْتِعْمَالِ فِعْل الوَيْحِ لأَن الْقِيَاسَ نَفَاهُ وَمَنَعَ مِنْهُ، وَذَلِكَ لأَنه لَوْ صُرِّف الْفِعْلُ مِنْ ذَلِكَ لَوَجَبَ اعْتِلَالُ فَائِهِ كوَعَدَ، وَعَيْنِهِ كَبَاعَ، فتَحامَوا اسْتِعْمَالَهُ لما كان يُعْقِبُ من اجْتِمَاعِ إِعلالين، قَالَ: وَلَا أَدري أَأُدْخِلَ الأَلفُ وَاللَّامُ عَلَى الوَيْح سَمَاعًا أَم تَبَسُّطاً وإِدْلالًا؟ الْخَلِيلُ: وَيْس كَلِمَةٌ فِي مَوْضِعِ رأْفة وَاسْتِمْلَاحٍ، كَقَوْلِكَ لِلصَّبِيِّ: وَيْحَهُ مَا أَمْلَحَه ووَيْسَه مَا أَملحه نَصْرٌ النَّحْوِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ بعضَ مَنْ يَتَنَطَّعُ بِقَوْلِ الوَيحُ رَحْمَةٌ؛ قَالَ: وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَيْلِ فُرْقانٌ إِلا أَنه كأَنه أَلْيَنُ قَلِيلًا، قَالَ: وَمَنْ قَالَ هُوَ رَحْمَةٌ؛ يَعْنِي أَن تَكُونَ الْعَرَبُ تَقُولُ لِمَنْ تَرْحَّمَهُ: وَيْحَه، رِثايَةً لَهُ.
وجاءَ عَنْ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ لعَمَّارٍ: وَيْحَكَ يَا ابْنَ سُمَيَّةَ بُؤْساً لَكَ تَقْتُلُكَ الفئةُ الْبَاغِيَةُ.
الأَزهري: وَقَدْ قَالَ أَكثر أَهل اللُّغَةِ إِن الْوَيْلَ كَلِمَةٌ تُقَالُ لِكُلِّ مَنْ وَقَعَ فِي هَلَكَة وَعَذَابٍ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ وَيْحٍ وَوَيْلٍ أَن وَيْلًا تُقَالُ لِمَنْ وَقَعَ فِي هَلَكَة أَو بَلِيَّةٍ لَا يترحم عليه، ووَيْح تُقَالُ لِكُلِّ مَنْ وَقَعَ فِي بَلِيَّةٍ يُرْحَمُ ويُدْعى لَهُ بِالتَّخَلُّصِ مِنْهَا، أَلا تَرَى أَن الْوَيْلَ فِي الْقُرْآنِ لِمُسْتَحَقِّي الْعَذَابَ بِجَرَائِمِهِمْ: وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ ويْلٌ لِلَّذِينِ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ وَمَا أَشبهها؟ مَا جاءَ وَيْلٌ إِلا لأَهلِ الْجَرَائِمِ، وأَما وَيح فإِن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَهَا لعَمَّار الْفَاضِلِ كأَنه أُعْلِمَ مَا يُبْتَلى بِهِ مِنَ الْقَتْلِ، فَتَوَجَّعَ لَهُ وَتَرَحَّمَ عَلَيْهِ؛ قَالَ: وأَصل وَيْح ووَيْس ووَيْل كَلِمَةٌ كُلُّهُ عِنْدِي [وَيْ] وُصِلَتْ بحاءٍ مَرَّةً وَبِسِينٍ مَرَّةً وَبِلَامٍ مَرَّةً. قَالَ سِيبَوَيْهِ: سأَلت الْخَلِيلَ عَنْهَا فَزَعَمَ أَن كُلَّ مَنْ نَدِمَ فأَظهر نَدَامَتَهُ قَالَ وَيْ، وَمَعْنَاهَا التَّنْدِيمُ وَالتَّنْبِيهُ. ابْنُ كَيْسانَ: إِذا قَالُوا لَهُ: وَيْلٌ لَهُ، ووَيْحٌ لَهُ، ووَيْسٌ لَهُ، فالكلامُ فِيهِنَّ الرفعُ عَلَى الابتداءِ وَاللَّامُ فِي مَوْضِعِ الْخَبَرِ، فإِن حَذَفْتَ اللَّامَ لَمْ يَكُنْ إِلا النَّصْبُ كقوله وَيْحَه ووَيْسَه.

فصل الياء
يَدَحَ: رأَيت فِي بَعْضِ نُسَخِ الصِّحَاحِ: الأَيْدَحُ اللَّهْوُ وَالْبَاطِلُ. تَقُولُ الْعَرَبُ: أَخذته بأَيْدَحَ ودُبَيْدَحَ عَلَى الإِتباع، وأَيْدَحُ أَفْعَلُ لَا فَيْعَلٌ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: لَمْ يَذْكُرِ الْجَوْهَرِيُّ فِي فَصْلِ الياءِ شيئاً.
يُوحَ: ابْنُ سِيدَهْ: يُوحُ الشمسُ؛ عَنْ كُرَاعٍ، لَا يَدْخُلُهُ الصَّرْفُ وَلَا الأَلف وَاللَّامُ، وَالَّذِي حَكَاهُ يَعْقُوبُ: بُوحُ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: لَمْ يَذْكُرِ الْجَوْهَرِيُّ فِي فَصْلِ الْيَاءِ شَيْئًا وَقَدْ جاءَ مِنْهُ قَوْلُهُمْ يُوحُ اسْمٌ لِلشَّمْسِ؛ قَالَ: وَكَانَ ابْنُ الأَنباري يَقُولُ: هُوَ بُوحُ بالباءِ، وَهُوَ تَصْحِيفٌ، وَذَكَرَهُ أَبو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ فِي الحَلَبِيَّات عَنِ الْمُبَرِّدِ، بالياءِ الْمُعْجَمَةِ بِاثْنَتَيْنِ؛ وَكَذَلِكَ ذَكَرَهُ أَبو العَلاءِ بْنُ سُلَيْمَانَ فِي شِعْرِهِ فَقَالَ:
وأَنت مَتى سَفَرْتَ رَدَدْتَ يُوحا
قَالَ: وَلَمَّا دَخَلَ بَغْدَادَ اعْتَرَضَ عَلَيْهِ فِي هَذَا الْبَيْتِ فَقِيلَ لَهُ: صَحَّفْتَهُ وإِنما هُوَ بَوْحٌ، بالباءِ، وَاحْتَجُّوا عَلَيْهِ بِمَا ذَكَرَهُ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي أَلفاظه، فَقَالَ لَهُمْ: هَذِهِ النُّسَخُ الَّتِي بأَيديكم غَيَّرَهَا شُيُوخُكُمْ وَلَكِنْ أَخرجوا النُّسَخَ الْعَتِيقَةَ، فأَخرجوا النُّسَخَ الْعَتِيقَةَ فَوَجَدُوهَا

(2/639)


كَمَا ذَكَرَهُ أَبو الْعَلَاءِ؛ وَقَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: هُوَ يُوحُ، بِالْيَاءِ الْمُعْجَمَةِ بِاثْنَتَيْنِ، وَصَحَّفَهُ ابْنُ الأَنباري فَقَالَ: بُوح، بِالْبَاءِ الْمُعْجَمَةِ بِوَاحِدَةٍ، وَجَرَى بَيْنَ ابْنِ الأَنباري وَبَيْنَ أَبي عُمَرَ الزَّاهِدِ كُلُّ شيءٍ حَتَّى قَالَتِ الشُّعَرَاءُ فِيهِمَا، ثُمَّ أَخرجنا كِتَابَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ لأَبي حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيِّ فإِذا هُوَ يُوحُ، بِالْيَاءِ الْمُعْجَمَةِ بِاثْنَتَيْنِ؛ وأَما البُوحُ، بالباءِ، فَهُوَ النَّفْس لَا غَيْرُ؛ وَفِي حَدِيثِ
الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ: هَلْ طَلَعَتْ يُوحِ؟
يَعْنِي الشَّمْسَ، وَهُوَ مِنْ أَسمائها كبَراحِ، وَهُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى الْكَسْرِ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقَدْ يُقَالُ فِيهِ يُوحى عَلَى مِثَالِ فَعْلَى، وَقَدْ يُقَالُ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ لِظُهُورِهَا مِنْ قَوْلِهِمْ: باحَ بالأَمر يَبُوحُ.

(2/640)


الجزء الثالث

خ
باب الخاء المعجمة
خ: قَالَ ابْنُ كَيْسانَ: مِنَ الْحُرُوفِ المجْهُورُ والمهْمُوسُ، والمهموسُ عَشَرَةٌ: الْهَاءُ وَالْحَاءُ وَالْخَاءُ وَالْكَافُ وَالشِّينُ وَالسِّينُ وَالتَّاءُ وَالصَّادُ وَالثَّاءُ وَالْفَاءُ، وَمَعْنَى الْمَهْمُوسِ أَنه حَرْفٌ لَانَ فِي مَخْرَجِهِ دُونَ الْمَجْهُورِ وَجَرَى مَعَهُ النَّفَسُ، فَكَانَ دُونَ الْمَجْهُورِ فِي رَفْعِ الصَّوْتِ. وَقَالَ الْخَلِيلُ بْنُ أَحمد: حُرُوفُ الْعَرَبِيَّةِ تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ حَرْفًا، مِنْهَا خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ صِحاحٌ لَهَا أَحياز ومَدارِجُ، فالخاءُ وَالْغَيْنُ فِي حَيِّزٍ وَاحِدٍ، وَالْخَاءُ مِنَ الْحُرُوفِ الْحَلْقِيَّةِ، وَقَدْ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي بَابِهِ أَول الكتاب.

فصل الهمزة
أبخ: أَبَّخَه: لَامَهُ وعَذلَه، لُغَةٌ فِي وَبَّخَه؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: حَكَاهَا ابْنُ الأَعرابي وأُرى هَمْزَتَهُ إِنما هِيَ بَدَلٌ مِنْ وَاوِ وَبَّخَهُ، عَلَى أَن بَدَلَ الْهَمْزَةِ مِنَ الْوَاوِ الْمَفْتُوحَةِ قَلِيلٌ كَوَناة وأَناة، ووَحَدٍ وأَحَدٍ.
أخخ: أَخُّ: كلمةُ تَوَجُّعٍ وتأَوُّه مِنْ غَيْظٍ أَو حُزْنٍ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وأَحسبها مُحْدَثةً. وَيُقَالُ لِلْبَعِيرِ: إِخْ، إِذَا زُجر ليَبْرُكَ وَلَا فِعْلَ لَهُ. وَلَا يُقَالُ: أَخَخْتُ الجملَ وَلَكِنْ أَنَخْته. والأَخُّ: القَذَر؛ قَالَ:
وانْثَنَتِ الرجلُ فَصَارَتْ فَخَّا، ... وَصَارَ وَصْلُ الغانياتِ أخَّا
أَيْ قَذَراً. وأَنشده أَبُو الْهَيْثَمِ: إِخَّا، بِالْكَسْرِ، وَهُوَ الزَّجْرُ. والأَخِيخةُ: دَقِيقٌ يُصَبُّ عَلَيْهِ مَاءٌ فيُبْرَقُ بِزَيْتٍ أَو سَمْنٍ فيُشْرَبُ وَلَا يَكُونُ إِلا رَقِيقًا؛ قَالَ:
تَصْفِرُ فِي أَعْظُمِه المَخِيخَه، ... تَجَشُّؤَ الشَّيْخِ عَلَى الأَخِيخَه
شبَّه صَوْتَ مَصِّهِ العظامَ الَّتِي فِيهَا الْمُخُّ بجُشاءِ الشَّيْخِ لأَنه مُسْتَرْخِي الْحَنَكِ واللَّهَواتِ، فَلَيْسَ لجُشائِه صَوْتٌ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: هَذَا الَّذِي قِيلَ فِي الأَخيخة صَحِيحٌ، سُمِّيَتْ أَخيخة لِحِكَايَةِ صَوْتِ المُتَجَشِّئِ إِذَا تَجَشَّأَها لِرِقَّتِهَا. والأَخُّ والأَخَّةُ: لُغَةٌ فِي الأَخِ والأُخْتِ، حَكَاهُ ابْنُ الْكَلْبِيِّ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَلَا أَدري مَا صِحَّةُ ذَلِكَ.

(3/3)


أرخ: التَّأْريخُ: تَعْرِيفُ الْوَقْتِ، والتَّوْريخُ مِثْلُهُ. أَرَّخَ الكتابَ لِيَوْمِ كَذَا: وَقَّته وَالْوَاوُ فِيهِ لُغَةٌ، وَزَعَمَ يَعْقُوبُ أَن الْوَاوَ بَدَلٌ مِنَ الْهَمْزَةِ، وَقِيلَ: إِن التأْريخ الَّذِي يُؤَرِّخُه النَّاسُ لَيْسَ بِعَرَبِيٍّ مَحْضٍ، وإِن الْمُسْلِمِينَ أَخذوه عَنْ أَهل الْكِتَابِ، وتأْريخ الْمُسْلِمِينَ أُرِّخَ مِنْ زَمَنِ هِجْرَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ كُتِبَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَصَارَ تَارِيخًا إِلَى الْيَوْمِ. ابْنُ بُزُرْج: آرَخْتُ الكتابَ فَهُوَ مُؤَارخ وفَعَلْتُ مِنْهُ أَرَخْتُ أَرْخاً وأَنا آرِخٌ. اللَّيْثُ: والأَرْخُ والإِرْخُ والأُرْخِيُّ الْبَقَرُ، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الفَتِيّ مِنْهَا، وَالْجَمْعُ آراخٌ وإِراخ، والأُنثى أَرْخَة وإِرْخَة، وَالْجَمْعُ إِراخٌ لَا غَيْرُ. والأَرْخُ: الأُنثى مِنَ الْبَقَرِ البِكْرُ الَّتِي لَمْ يَنْزُ عَلَيْهَا الثِّيرَانُ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
أَو نَعْجَةٌ مِنْ إِراخ الرملِ أَخْذَلها، ... عَنْ إِلْفِها، واضِحُ الخَدَّينِ مَكْحولُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا الْبَيْتُ يُقَوِّي قَوْلَ مَنْ يَقُولُ إِن الأَرخ الْفَتِيَّةُ، بِكْرًا كَانَتْ أَو غَيْرَ بِكْرٍ، أَلا تَرَاهُ قَدْ جَعَلَ لَهَا وَلَدًا بِقَوْلِهِ وَاضِحُ الخَدّين مَكْحُولُ؟ وَالْعَرَبُ تُشَبّه النساءَ الخَفِرات فِي مَشْيِهِنَّ بالإِراخ؛ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
يَمْشِينَ هَوْناً مِشْيَةَ الإِراخِ
والأُرْخِيَّةُ: وَلَدُ الثَّيْتَل. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الأَرْخُ والإِرْخُ الْفَتِيَّةُ مِنْ بَقَرِ الْوَحْشِ، فأَلقى الهاءَ مِنَ الأَرْخَة والإِرْخَة وأَثبته فِي الفتيَّة، وَخَصَّ بالأَرْخ الوَحْشَ كَمَا تَرَى، وَقَدْ ذُكِرَ أَنه الأَزْخُ بِالزَّايِ. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: الأَرْخُ بَقَرُ الْوَحْشِ فَجَعَلَهُ جِنْسًا فَيَكُونُ الْوَاحِدُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَرْخَة، مِثْلُ بَطٍّ وبَطَّةٍ، وَتَكُونُ الأَرْخَة تَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ والأُنثى. يُقَالُ: أَرْخَة ذَكَرٌ وأَرْخَة أُنثى، كَمَا يُقَالُ بَطَّةٌ ذَكَرٌ وبَطَّة أَنثى، وَكَذَلِكَ مَا كَانَ مِنْ هَذَا النَّوْعِ جِنْسًا وَفِي وَاحِدِهِ تَاءُ التأْنيث نَحْوُ حَمَامٍ وَحَمَامَةٍ، تَقُولُ: حَمَامَةٌ ذَكَرٌ وَحَمَامَةٌ أُنثى؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْجَوْهَرِيِّ لأَنه جَعَلَ الإِراخ بَقَرَ الْوَحْشِ، وَلَمْ يَجْعَلْهَا إِناث الْبَقَرِ، فَيَكُونُ الْوَاحِدُ أَرْخة، وَتَكُونُ مُنْطَلِقَةً عَلَى الْمُذَكَّرِ والمؤَنث. الصَّيْداويّ: الإِرْخُ وَلَدُ الْبَقَرَةِ الْوَحْشِيَّةِ إِذا كَانَ أُنثى. مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْريّ: الأَرخ وَلَدُ الْبَقَرَةِ الصَّغِيرِ؛ وأَنشد الْبَاهِلِيُّ لِرَجُلٍ مَدَنيّ كَانَ بِالْبَصْرَةِ:
ليتَ لِي فِي الخَميسِ خَمْسين عَيْناً، ... كلُّها حَوْلَ مسجدِ الأَشْياخِ
«2».
مسجدٍ، لَا تَزَالُ تَهْوي إِليه ... أُمُّ أَرْخٍ، قِناعُها مُتَراخِي
وَقِيلَ: إِن التأْريخ مأْخوذ مِنْهُ كأَنه شَيْءٌ حَدَث كَمَا يَحْدُثُ الْوَلَدُ؛ وَقِيلَ: التَّارِيخُ مأْخوذ مِنْهُ لأَنه حَدِيثٌ. الأَزهري: أَنشد مُحَمَّدُ بْنُ سَلام لأُمَيَّة بْنِ أَبي الصَّلْت:
وَمَا يَبْقى عَلَى الحِدْثانِ غُفْرٌ ... بشاهقةٍ، لهُ أُمٌّ رَؤومُ
تَبِيتُ الليلَ حانِيةً عَلَيْهِ، ... كَمَا يَخْرَمِّسُ الأَرْخُ الأَطُومُ
قَالَ: الغُفْرُ وَلَدُ الوَعِلِ، والأَرْخُ: ولد البقرة.
__________
(2).
قوله [عيناً] كذا بالأَصل والذي في شرح القاموس عاماً

(3/4)


ويَخْرَمِّسُ أَي يَسْكُتُ. والأَطُومُ: الضَّمَّامُ بَيْنَ شَفَتَيْهِ. ابْنُ الأَعرابي: مِنْ أَسماءِ الْبَقَرَةِ اليَفَنَة والأَرخ، بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ، والطَّغْيا واللِّفْتُ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ؛ الصَّحِيحُ الأَرْخ، بِفَتْحِ الأَلف، وَالَّذِي حَكَاهُ الصَّيْدَاوِيُّ فِيهِ نَظَرٌ، وَالَّذِي قَالَهُ اللَّيْثُ إِنه يُقَالُ لَهُ الأُرْخيّ لَا أَعرفه. وَقَالُوا مِنَ الأَرْخِ ولدِ الْبَقَرَةِ: أَرَخْتُ أَرْخاً. وأَرَخَ إِلى مَكَانِهِ يأْرَخُ «1» أُرُوخاً: حَنَّ إِليه؛ وَقَدْ قِيلَ: إِن الأَرْخَ مِنَ الْبَقَرِ مُشْتَقٌّ مِنْ ذَلِكَ لِحَنِينِهِ إِلى مكانه ومأْواه.
أزخ: الأَزْخ: الفَتِيُّ مِنْ بَقَرِ الْوَحْشِ كالأَرْخ، رَوَاهُمَا جَمِيعًا أَبو حَنِيفَةَ، وأَما غَيْرُهُ مِنْ أَهل اللُّغَةِ فإِنما رِوَايَتُهُ الأَرْخُ بالراءِ، والله أَعلم.
أضخ: أُضاخُ، بِالضَّمِّ: جَبَلٌ يُذَكَّرُ ويؤَنث، وَقِيلَ: هُوَ مَوْضِعٌ بِالْبَادِيَةِ يُصْرَفُ وَلَا يُصْرَفُ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ يَصِفُ سَحَابًا:
فَلَمَّا أَن دَنا لِقَفا أُضاخٍ، ... وَهَتْ أَعْجازُ رَيِّقه فَحَارَا
وَكَذَلِكَ أُضايخ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
صَوادِراً عَنْ شُوكَ أَو أُضايخا
أفخ: اليأْفوخ: حَيْثُ الْتَقَى عَظْمُ مقدَّم الرأْس وَعَظْمُ مُؤَخَّرِهِ، وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي يَتَحَرَّكُ مِنْ رأْس الطِّفْلِ؛ وَقِيلَ: هُوَ حَيْثُ يَكُونُ لَيِّناً مِنَ الصَّبِيِّ، قَبْلَ أَن يَتَلَاقَى الْعَظْمَانِ السَّمَّاعةُ والرَّمَّاعةُ والنَّمَغَةَ؛ وَقِيلَ: هُوَ مَا بَيْنَ الهامة والجبهة. قَالَ اللَّيْثُ: مِنْ هَمْزِ اليأْفُوخ فَهُوَ عَلَى تَقْدِيرِ يَفْعُول. وَرَجُلٌ مأْفوخ إِذَا شُجَّ فِي يأْفوخه، وَمَنْ لَمْ يَهْمِزْ فَهُوَ عَلَى تَقْدِيرِ فاعُول مِنَ اليَفْخ، وَالْهَمْزُ أَصوب وأَحسن، وَجَمْعُ اليأْفوخ يآفِيخُ. وَفِي حَدِيثِ الْعَقِيقَةِ: وَيُوضَعُ على يافوخ الصبي؛ هو الْمَوْضِعُ الَّذِي يَتَحَرَّكُ مِنْ رأْس الطِّفْلِ، وَيُجْمَعُ عَلَى يَآفِيخَ، وَالْيَاءُ زَائِدَةٌ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عنه: وأَنتم لَهامِيمُ الْعَرَبِ ويآفيخُ الشَّرَفِ
؛ اسْتَعَارَ للشرف رؤُوساً وَجَعَلَهُمْ وَسَطَهَا وأَعلاها. وأَفَخَه يأْفِخُه «2» أَفْخاً: ضَرَبَ يأْفوخه. أَبو عُبَيْدٍ: أَفَخْتُه وأَذَنْتُه أَصبت يأْفُوخَه وأُذنه. ويأْفوخ الليل: معظمه.
ألخ: ائْتَلَخَ عَلَيْهِمْ أَمرُهم ائْتِلاخاً: اخْتَلَطَ. وَيُقَالُ: وَقَعُوا فِي ائْتِلاخ أَي فِي اخْتِلَاطٍ. اللَّيْثُ: ائْتَلَخَ العُشْبُ يأْتَلِخُ، وائْتِلاخُه: عِظمُه وَطُولُهُ وَالْتِفَافُهُ. وأَرض مؤْتَلِخة: مُعْشِبة، وَيُقَالُ: أَرض مُؤْتَلِخة ومُلْتَخَّة ومُعْتَلِجة وهادِرَةٌ. وَيُقَالُ: ائْتَلَخَ مَا فِي الْبَطْنِ إِذا تَحَرَّكَ وَسُمِعَتْ لَهُ قَراقِر.

فصل الباء
بخخ: بَخٍ: كلمةُ فَخْرٍ. ودِرْهَمٌ بَخِّيٌّ: كُتِبَ عَلَيْهِ بَخْ. وَدِرْهَمٌ مَعْمَعِيّ إِذا كُتِبَ عَلَيْهِ مَعَ مُضَاعَفًا لأَنه مَنْقُوصٌ، وإِنما يُضَاعَفُ إِذا كَانَ فِي حَالِ إِفراده مُخَفِّفًا، لأَنه لَا يَتَمَكَّنُ فِي التَّصْرِيفِ وَفِي حَالِ تَخْفِيفِهِ، فَيُحْتَمَلُ طُول التَّضَاعُفِ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا يُثَقَّل فَيُكْتَفَى بِتَثْقِيلِهِ، وإِنما
__________
(1).
قوله [وأَرخ إِلَى مَكَانِهِ يَأْرَخُ] كذا بضبط الأَصل من باب منع ومقتضى إطلاق القاموس أنه من باب كتب.
(2).
قوله [وأفخه يأفخه] كذا بضبط الأصل من باب ضرب ومقتضى إطلاق القاموس أنه من باب كتب

(3/5)


حُمِلَ ذَلِكَ عَلَى مَا يَجْرِي عَلَى أَلسنة النَّاسِ فَوَجَدُوا بَخ مُثَقَّلًا فِي مُسْتَعْمَلِ الْكَلَامِ، وَوَجَدُوا مَعَ مُخَفَّفًا، وجَرْسُ الْخَاءِ أَمتن مِنْ جَرْس الْعَيْنِ فَكَرِهُوا تَثْقِيلَ الْعَيْنِ، فَافْهَمْ ذَلِكَ. الأَصمعي: دِرْهَمٌ بَخِيّ خَفِيفَةٌ لأَنه مَنْسُوبٌ إِلى بَخْ، وبَخْ خَفِيفَةُ الْخَاءِ، وَهُوَ كَقَوْلِهِمْ ثَوْبٌ يَدِيٌّ لِلْوَاسِعِ وَيُقَالُ للضَّيِّق، وَهُوَ مِنَ الأَضداد؛ قَالَ: وَالْعَامَّةُ تَقُولُ: بَخِّيٌّ، بِتَشْدِيدِ الْخَاءِ، وَلَيْسَ بِصَوَابٍ. وبَخْبَخَ الرجلُ: قَالَ بَخٍ بَخٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه لَمَّا قرأَ: وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ؛ قَالَ: بَخٍ بَخٍ
وَقَالَ الحجاجُ لأَعْشَى هَمْدانَ فِي قَوْلِهِ:
بينَ الأَشَجِّ وَبَيْنَ قَيْسٍ باذِخٌ، ... بَخْبِخْ لوالدهِ وللمَوْلودِ
وَاللَّهِ لَا بَخْبَخْتَ بَعْدَهَا. ابْنُ الأَعرابي: إِبل مُخَبْخَبة عَظِيمَةُ الأَجواف، وَهِيَ المُبَخْبَخة مَقْلُوبٌ مأْخوذ مِنْ بَخْ بَخْ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِلشَّيْءِ تَمْدَحُهُ: بَخْ بَخْ وبَخٍ بَخْ قال: فكأَنها مِنْ عِظَمِهَا إِذَا رَآهَا النَّاسُ قَالُوا: مَا أَحسنها قَالَ: والبَخُّ السَّرِيُّ مِنَ الرِّجَالِ. قَالَ ابْنُ الأَنباري: مَعْنَى بَخْ بَخْ تَعْظِيمُ الأَمر وَتَفْخِيمُهُ، وَسَكَنَتِ الْخَاءُ فِيهِ كَمَا سَكَنَتِ اللَّامُ فِي هَلْ وَبَلْ. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: بَخٍ بَخٍ وبَهٍ بَهٍ [بَهْ بَهْ] بِمَعْنًى وَاحِدٍ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِبل مُبَخْبَخة يُقَالُ لَهَا بَخٍ بَخٍ إِعجاباً بِهَا وَقَدْ عَلَّلْنَا قَوْلَهُ:
حَتَّى تَجِيءَ الخَطَبَه بإبلٍ مُخَبْخَبه
وَذَكَرْنَا أَنه أَراد مُبَخْبَخة فَقَلَبَ. وبَخْبَخَةُ الْبَعِيرِ وبَخْباخُه: هَدِيرٌ يملأُ فَمَهُ بشِقْشِقَته، وَهُوَ جَمَلٌ بَخْباخ الْهَدِيرِ؛ قَالَ:
بَخٍ وبَخْباخُ الهَدِير الزَّغْدِ
يُقَالُ: بَخْبَخَ الْبَعِيرُ إِذا هَدَرَ؛ قَالَ: وبَخْبَخَةُ الْبَعِيرِ هَدِيرٌ يملأُ الفمَ شِقْشِقَتُه؛ وَقِيلَ: بَخْباخُ الْجَمَلِ أَولُ هَدِيره. وتَبَخْبَخَ لَحْمُهُ: صَوَّتَ مِنَ الهُزال وَرُبَّمَا شُدِّدت كَالِاسْمِ؛ وَقَدْ جَمَعَهُمَا الشَّاعِرُ فَقَالَ يَصِفُ بَيْتًا:
روافِدُه أَكرمُ الرافِداتِ، ... بَخٍ لكَ بَخٍّ لِبَحْرٍ خِضَمْ
وتَبَخْبَخَ لَحْمُهُ: هُوَ الَّذِي تَسْمَعُ لَهُ صَوْتًا مِنْ هُزال بَعْدَ سِمَن. الأَصمعي: رَجُلٌ وَخْواخ وبَخْباخ إِذا اسْتَرْخَى بطنُه وَاتَّسَعَ جِلْدُهُ. وتَبَخْبَخَ الحرُّ: كتَخَبْخَبَ. وباخَ: سَكَنَ بعضُ فَوْرَتِه. وبَخْبِخوا عَنْكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ: أَبْرِدُوا كخَبْخِبُوا، وَهُوَ مَقْلُوبٌ مِنْهُ. وتَبَخْبَخَتِ الغَنَمُ: سَكَنَتْ أَينما كَانَتْ. وبخْ بَخْ وبَخٍ بَخٍ؛ بِالتَّنْوِينِ، وبَخٍ بَخْ: كَقَوْلِكَ غاقٍ غاقْ وَنَحْوِهِ: كُلُّ ذَلِكَ كَلِمَةٌ تُقَالُ عِنْدَ تَعْظِيمِ الإِنسان، وَعِنْدَ التَّعَجُّبِ مِنَ الشَّيْءِ، وَعِنْدَ الْمَدْحِ وَالرِّضَا بِالشَّيْءِ، وَتَكَرَّرَ لِلْمُبَالَغَةِ فَيُقَالُ بَخْ بَخْ. فإِن فَصَلْتَ خَفَّفْتَ ونوِّنت فَقُلْتَ بَخٍ. التَّهْذِيبُ: وبَخ كَلِمَةٌ تُقَالُ عِنْدَ الإِعجاب بِالشَّيْءِ، تُخَفَّفُ وَتُثَقَّلُ؛ وَقَالَ:
بَخْ بَخْ لِهَذَا كَرَماً فوقَ الكَرَمْ
.
أَبو الْهَيْثَمِ: بَخْ بَخْ كَلِمَةٌ تَتَكَلَّمُ بِهَا عِنْدَ تَفْضِيلِكَ الشَّيْءَ؛ وَكَذَلِكَ بَدَخْ وجَخْ بِمَعْنَى بَخْ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
إِذا الأَعادي حَسَبُونا بَخْبَخُوا
أَي قَالُوا: بَخْ بَخْ وبَخٍ بَخٍ. قال أَبو حَاتِمٍ: لَوْ نُسِبَ إِلى بَخٍ عَلَى الأَصل قِيلَ: بَخَوِيّ كَمَا إِذا نُسِبَ إِلى دَمٍ قِيلَ: دَمَوِيّ.

(3/6)


أَبو عَمْرٍو: بَخَّ إِذا سَكَنَ مِنْ غَضَبِهِ، وخَبَّ من الخَبَب.
بدخ: امرأَة بَيْدَخة: تارَّة، لُغَةٌ حِمْيَريَّة. وبَيْدَخُ: اسْمُ امرأَة؛ قَالَ:
هَلْ تَعْرِفُ الدارَ لآلِ بَيْدَخا؟ ... جَرَّتْ عَلَيْهَا الريحُ ذيْلًا أَنْبَخا
يُقَالُ: فُلَانٌ يَتَبَدَّخُ عَلَيْنَا ويَتَمَدَّخُ أَي يَتَعَظَّمُ وَيَتَكَبَّرُ. والبُدَخاء: العِظامُ الشُّؤُون؛ وأَنشد لِسَاعِدَةَ:
بُدَخَاءُ كلُّهمُ إِذا مَا نُوكِرُوا
الأَزهري: بَخٍ بَخٍ تَتَكَلَّمُ بِهَا عِنْدَ تَفْضِيلِكَ الشَّيْءَ وَكَذَلِكَ بَدَخْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ عَجَباً وبَخْ بَخْ؛ وأَنشد:
نحنُ بَنُو صَعْبٍ، وصَعبٌ لأَسَدْ، ... فبَدَخٌ هَلْ تُنْكِرَنْ ذاكَ مَعَدْ؟
بذخ: البَذَخ: الْكِبَرُ. والبَذَخ: تَطَاوُلِ الرَّجُلِ بِكَلَامِهِ وَافْتِخَارِهِ؛ بَذَخَ يَبْذَخُ ويَبْذُخُ، وَالْفَتْحُ أَعلى، بَذَخاً وبُذُوخاً. وتَبَذَّخَ: تَطَاوَلَ وَتَكَبَّرَ وفَخَر وَعَلَا. وشَرَفٌ باذِخٌ أَي عَالٍ، وَرَجُلٌ باذِخٌ، وَالْجَمْعُ بُذَخاءُ؛ وَنَظِيرُهُ مَا حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ مِنْ قَوْلِهِمْ عَالِمٌ وَعُلَمَاءُ وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ؛ وَقَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ:
بُذَخاءُ كلُّهُمُ إِذا مَا نُوكِرُوا، ... يُتْقَى كَمَا يُتْقَى الطَّلِيُّ الأَجْرَبُ
وبَذَّاخ كباذِخ؛ قَالَ طَرَفَةُ:
أَنتَ ابنُ هِنْدٍ فَقُلْ لِي: مَنْ أَبوك إِذاً؟ ... لَا يُصْلِحُ المُلْكَ إِلَّا كلُّ بَذَّاخِ
وَيُرْوَى: لَا يَصْلُح المُلْكَ أَي لِلْمُلْكِ. وباذَخَه: فاخَرَه، وَالْجَمْعُ البَواذِخُ والباذِخاتُ. التَّهْذِيبُ: وَفِي الْكَلَامِ هُوَ بَذَّاخٌ، وَفِي الشِّعْرِ هُوَ باذِخٌ؛ وأَنشد:
أَشَمُّ بَذَّاخٌ نَمَتْنِي البُذَّخُ
وَفُلَانٌ يَتَبَذَّخُ أَي يَتَعَظَّمُ وَيَتَكَبَّرُ. وَفِي حَدِيثِ الْخَيْلِ: وَالَّذِي يَتَّخِذُهَا أَشَراً وبَطَراً وبَذَخاً؛ البَذَخ، بِالتَّحْرِيكِ: الْفَخْرُ وَالتَّطَاوُلُ. وَالْبَاذِخُ: الْعَالِي، وَيُجْمَعُ عَلَى بُذَّخ؛ وَمِنْهُ كلام
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وحَمَّل الجِمالَ البُذَّخَ عَلَى أَكتافِها.
والباذخُ والشامخُ: الْجَبَلُ الطَّوِيلُ، صِفَةٌ غَالِبَةٌ، وَالْجَمْعُ البَواذخُ. وَقَدْ بَذَخَ بُذُوخاً؛ وبَذَخَ البعيرُ يَبْذُخ بَذَخاناً، فَهُوَ باذخٌ وبَذَّاخٌ: اشْتَدَّ هَدْرُه فَلَمْ يَكُنْ فَوْقَهُ شَيْءٌ، وإِنه لَبَذَّاخٌ. وَتَقُولُ إِذا زَجَرْتَهُ عَنْ ذَلِكَ أَو حكيتَه: بِذِخْ بِذِخْ. والبَيْذَخُ: مَعْرُوفَةٌ بِهَذَا الِاسْمِ. وامرأَة بَيْذَخٌ أَي بادِنٌ.
بذلخ: بَذْلَخَ الرجلُ: طَرْمَذَ؛ ورجل بِذْلاخٌ.
برخ: البَرْخُ: الْكَبِيرُ الرَّخْصُ، عُمَانِيَّة، وَقِيلَ: هِيَ بالعِبرانية أَو السُّريانية. يُقَالُ: كَيْفَ أَسعارُهم؟ فَيُقَالُ: بَرْخٌ أَي رَخِيصٌ. والتَّبرِيخُ: التَّبرِيكُ؛ قَالَ:
وَلَوْ يُقالُ: بَرِّخُوا، ... لَبَرَّخُوا لِمارِ سَرْجِيسَ، وَقَدْ تَدَخْدَخُوا
أَي ذَلُّوا وخَضَعُوا. بَرِّخُوا: بَرِّكُوا، بالنَّبَطِيَّة؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: بَرِّخُوا أَي اجْعَلُوا لَنَا شِقْصاً، وأَصله بِالْفَارِسِيَّةِ البَرْخُ، وَهُوَ النَّصِيبُ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: بَزِّخوا، بِالزَّايِ، قَالَ: هَكَذَا رأَيته أَي اسْتَخْذُوا، وَهُوَ مِنْ كَلَامِ النَّصَارَى؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَهُوَ

(3/7)


بِالزَّايِ أَشبه مِنْ تَبازَخَ وَهُوَ الأَبْزَخُ. والبَرْخُ: أَن تَقْطَعَ بَعْضَ اللَّحْمِ بِالسَّيْفِ. والبَرْخُ: الحَرْبُ. والبَزْخُ: الجَرْفُ، بِلُغَةِ عُمَانَ؛ قَالَ الأَزهري: ورويَ البَرْخ، بالراء.
بربخ: البَرْبَخة: الإِرْدَبَّةُ. وبَرْبَخُ البولِ: مَجْراه.
برزخ: البَرْزَخُ: مَا بَيْنَ كُلِّ شَيْئَيْنِ، وَفِي الصِّحَاحِ: الْحَاجِزُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ. والبَرْزَخُ: مَا بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ قَبْلَ الْحَشْرِ مِنْ وَقْتِ الْمَوْتِ إِلى الْبَعْثِ، فَمَنْ مَاتَ فَقَدْ دَخَلَ البَرْزَخَ. وَفِي حَدِيثِ الْمَبْعَثِ عَنْ
أَبي سَعِيدٍ: فِي بَرْزَخِ مَا بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؛ قَالَ: البَرْزَخُ مَا بَيْنَ كُلِّ شَيْئَيْنِ مِنْ حَاجِزٍ
، وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ
؛ قَالَ: البَرْزَخُ مِنْ يَوْمِ يَمُوتُ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ: أَنه صَلَّى بِقَوْمٍ فأَسْوَى بَرْزَخاً
؛ قَالَ الْكِسَائِيُّ: قَوْلُهُ فأَسْوَى بَرْزَخاً أَجْفَلَ وأَسْقَط؛ قَالَ: والبَرْزَخ مَا بَيْنَ كُلِّ شَيْئَيْنِ؛ وَمِنْهُ قِيلَ لِلْمَيِّتِ: هُوَ فِي بَرْزخ لأَنه بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؛ فأَراد بالبَرْزَخ مَا بَيْنَ الْمَوْضِعِ الَّذِي أَسقط عليٌّ مِنْهُ ذَلِكَ الْحَرْفَ إِلى الْمَوْضِعِ الَّذِي كَانَ انْتَهَى إِليه مِنَ الْقُرْآنِ. وبَرازِخُ الإِيمان: مَا بَيْنَ الشَّكِّ وَالْيَقِينِ؛ وَقِيلَ: هُوَ مَا بَيْنَ أَول الإِيمان وَآخِرِهِ. وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ: وَسُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يَجِدُ الْوَسْوَسَةَ، فَقَالَ: تِلْكَ بَرازِخُ الإِيمانِ؛ يُرِيدُ مَا بَيْنَ أَوّله وَآخِرِهِ، وأَوَّلُ الإِيمان الإِقرار بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَآخِرُهُ إِمَاطَةُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ. والبَرازخ جَمْعُ بَرْزَخ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيانِ
؛ يَعْنِي حَاجِزًا مِنْ قُدْرَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؛ وَقِيلَ: أَي حَاجِزٌ خَفِيٌّ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً أَي حَاجِزًا. قَالَ: وَالْبَرْزَخُ وَالْحَاجِزُ والمُهْلَة مُتَقَارِبَاتٌ فِي الْمَعْنَى، وَذَلِكَ أَنك تَقُولُ بَيْنَهُمَا حاجزٌ أَن يَتزاوَرا، فَتَنْوِي بِالْحَاجِزِ المسافةَ الْبَعِيدَةَ، وَتَنْوِي الأَمر الْمَانِعَ مِثْلَ الْيَمِينِ وَالْعَدَاوَةِ، فَصَارَ الْمَانِعُ فِي الْمَسَافَةِ كَالْمَانِعِ مِنَ الْحَوَادِثِ، فوَقَعَ عليها البَرْزَخُ.
بزخ: البَزَخُ: تَقاعُسُ الظَّهْرِ عَنِ الْبَطْنِ؛ وَقِيلَ: هُوَ أَن يَدْخُلَ البطنُ وتَخْرُجَ الثُّنَّةُ وَمَا يَلِيهَا؛ وَقِيلَ: هُوَ أَن يَخْرُجَ أَسفل الْبَطْنِ وَيَدْخُلَ مَا بَيْنَ الْوِرْكَيْنِ؛ وَقِيلَ: هُوَ خُرُوجُ الصَّدْرِ وَدُخُولِ الظَّهْرِ؛ وامرأَة بَزْخاءُ، وَفِي وِرْكِهِ بَزَخٌ. وَرُبَّمَا يَمْشِي الإِنسان مُتَبازِخاً كمِشية الْعَجُوزِ: أَقامت صُلْبَهَا فتَقاعَسَ كاهلُها وانْحَنَى ثَبَجُها. وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ: تَبازَخْتُ عَنْ هَذَا الأَمر أَي تَقاعَسْتُ عَنْهُ. وَفِي صَدْرِهِ بَزَخٌ أَي نُتُوءٌ؛ وَكَذَلِكَ الْفَرَسُ إِذا اطمأَنت قَطاتُه وصُلْبه. وتَبازَختِ المرأَةُ إِذا أَخرجت عَجيزتها. وتَبازَخَ عَنِ الأَمر أَي تَقَاعَسَ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنه دَعَا بفَرَسين هَجين وعَربيّ للشُّرْب، فَتَطَاوَلَ العتيقُ فَشَرِبَ بِطُولِ عُنُقه وتَبازَخَ الهَجِينُ
؛ التبازُخُ: أَن يَثْنيَ حَافِرَهُ إِلى بَطْنِهِ لقِصَر عُنُقِهِ. ابْنُ سِيدَهْ: البَزَخُ فِي الْفَرَسِ تَطامُنُ ظَهْرِهِ وإِشرافُ قَطاتِه وحارِكِه، وَالْفِعْلُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ بَزِخَ بَزَخاً وَهُوَ أَبْزَخُ، وانْبَزَخَ كبَزَخَ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وبِرْذَوْنٌ أَبْزَخُ إِذا كَانَ فِي ظَهْرِهِ تَطامُن وَقَدْ أَشرف حارِكُه. والبَزَخُ فِي الظَّهْرِ: أَن يَطْمَئِنَّ وَسَطُ الظَّهْرِ وَيَخْرُجَ أَسفل الْبَطْنِ. والبَزْخاء مِنَ الإِبل: الَّتِي فِي عَجُزِهَا وَطْأَة. وبَزَخَه بَزْخاً: ضَرَبَهُ فَدَخَلَ مَا بَيْنَ وِرْكَيْهِ وَخَرَجَتْ سُرَّته.

(3/8)


والبِزْخُ: الوِطاءُ مِنَ الرَّمْلِ، وَالْجَمْعُ أَبْزاخ. وتَبازَخَ الرجلُ: مَشَى مِشْيةَ الأَبْزَخ أَو جَلَسَ جِلْسَتَه؛ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَسَّانَ:
فتبازَتْ فَتبازَخْتُ لَهَا، ... جِلْسةَ الجازِرِ يَسْتَنجِي الوَتَرْ
.
وَرَوَى أَبو عَمْرٍو قَوْلَ الْعَجَّاجِ:
وَلَوْ أَقولُ: بَزِّخُوا، لَبَزَّخُوا
وَقَالَ: بَزِّخُوا اسْتَخْذُوا، وَرَوَاهُ غَيْرُهُ بَرّخوا بِالرَّاءِ، وَالزَّايِ أَفصح. وبَزَخَ القوسَ: حَناها؛ قَالَتْ بَعْضُ نِسَاءِ مَيْدَعان:
لَوْ مَيْدَعانُ دَعا الصَّرِيخَ لَقَدْ ... بَزَخَ القِسِيَّ شمائلُ شُعْرُ
وبَزَخَ ظهرَه بالعصا يَبْزَخُه بَزْخاً: ضَرَبَهُ. وعَصاً بَزُوخ وعِزَّة بَزُوخ: كِلَاهُمَا شَدِيدَةٌ؛ قَالَ:
أَبتْ لِي عِزَّةٌ بَزَرَى، بَزُوخُ، ... إِذا مَا رامَها عِزٌّ يَدُوخُ
وبَزَخَه يَبْزَخُه بَزْخاً: فَضَحه. وبُزاخة وبُزاخ: مَوْضِعَانِ؛ قَالَ النَّابِغَةُ الذُّبْيَانِيُّ يَصِفُ نَخْلًا:
بُزَاخِيَّة أَلْوَتْ بِليفٍ كأَنه ... عِفاءُ قِلاصٍ، طَارَ عَنْهَا، تَواجِرِ
«3»
التَّهْذِيبُ: اللَّيْثُ: البَزْخ الجَرْف بِلُغَةِ عُمان. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ وَقَالَ غَيْرُهُ: هُوَ البَرْخ، بِالرَّاءِ. ويومُ بُزاخةَ: يومٌ مَعْرُوفٌ؛ وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ وَفْد بُزاخةَ، هِيَ بِضَمِّ الْبَاءِ وَتَخْفِيفِ الزَّايِ، مَوْضِعٌ كَانَتْ بِهِ وَقْعَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ فِي خِلَافَةِ أَبي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
بزمخ: ابْنُ دُرَيْدٍ: بَزْمَخَ الرجلُ إِذا تكبر.
بطخ: البِطِّيخُ والطِّبِّيخُ، لُغَتَانِ، والبِطِّيخُ مِنَ اليَقْطِين الَّذِي لَا يَعْلُو، وَلَكِنْ يَذْهَبُ حِبَالًا عَلَى وَجْهِ الأَرض، وَاحِدَتُهُ بِطِّيخة. والمَبْطَخة والمَبْطُخة: مَنْبِتُ الْبِطِّيخِ. وأَبْطَخَ القومُ: كَثُرَ عِنْدَهُمُ الْبِطِّيخُ. أَبو حَمْزَةَ: قَالَ أَبو زَيْدٍ: المَطْخُ والبَطْخُ اللَّعْقُ، وَلَمْ أَسمعه مِنْ غَيْرِهِ.
بلخ: البَلَخُ: مَصْدَرُ الأَبْلَخ وَهُوَ الْعَظِيمُ فِي نَفْسِهِ، الجَريء عَلَى مَا أَتى مِنَ الْفُجُورِ، والمرأَة بَلْخاء. والبَلَخُ: التَّكَبُّرُ. ابْنُ سِيدَهْ: البِلْخُ والبَلْخُ الرَّجُلُ الْمُتَكَبِّرُ فِي نَفْسِهِ. بَلِخَ بَلَخاً وتَبَلَّخَ أَي تَكَبَّرَ، وَهُوَ أَبْلَخُ بَيِّنُ البَلَخِ؛ قَالَ أَوسُ بْنُ حَجَر:
يَجُودُ ويُعْطِي المالَ عَنْ غَيْرِ ضِنَّةٍ، ... ويَضْرِبُ رأْسَ الأَبْلَخِ المُتَهَكِّمِ
وَالْجَمْعُ البُلْخُ. والبَلْخاءُ مِنَ النِّسَاءِ: الْحَمْقَاءُ. وبَلْخٌ: كُورَة بخراسان. والبَلِيخُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: لَا أَحسبه عَرَبِيًّا. والبَلْخُ: الطُّول. والبَلْخُ: شَجَرُ السِّنْدِيان. أَبو الْعَبَّاسِ: البُلاخُ شَجَرُ السِّنْدِيَانِ وَهُوَ الشَّجَرُ الذي يقطع منه كدينات القصارين؛ والله أَعلم «4».
بوخ: باخَتِ النارُ والحربُ تَبُوخُ بَوْخاً وبُؤُوخاً وبَوَخاناً: سكنتْ وفَتَرَت، وَكَذَلِكَ الحرُّ والغضب
__________
(3).
صحح بيت الشعر الوارد في الصفحة 562 عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ هذا هنا.
(4).
زاد في القاموس وشرحه: ونسوة بلاخ، بالكسر، أي ذوات أعجاز. والبلاخية، بالضم: العظيمة في نفسها، الجريئة على الفجور، أو الشريفة في قومها. وبلخان، محركة: بلد قرب أبي ورد. والبلخية، محركة: شجر يعظم كشجر الرمان، له زهر حسن إلى آخره. وقوله: ونسوة بلاخ إلخ، ذكره المصنف في مادة دلخ في حل قول الشاعر: أَسْقَى دِيَارَ خُلَّدٍ بِلَاخِ

(3/9)


والحُمَّى؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
حَتَّى يَبُوخَ الغَضَبُ الحَمِيتُ
وأَباخَها الَّذِي يُخْمِدُها، وأَبَخْتُ الحَرْبَ إِباخةً. وباخَ الرجلُ يَبوخُ: سكَنَ غَضَبُه. وباخَ الحَرُّ يبوخُ إِذا فَتَر؛ وَقِيلَ: باخَ الْحَرُّ إِذا سكنَ فَوْرُه. وأَبِخْ عَنْكَ مِنَ الظَّهِيرَةِ أَي أَقم حَتَّى يَسْكُنَ حَرُّ النَّهَارِ ويَبرُدَ. وعَدا حَتَّى باخَ أَي أَعيا وانْبهَرَ. وَهُمْ فِي بُوخٍ مِنْ أَمرهم أَي في اختلاط.

فصل التاء
تخخ: التَّخُّ: الْعَجِينُ الْحَامِضُ؛ تَخَّ العجينُ يَتُخُّ تُخوخاً وأَتَخَّه صَاحِبُهُ إِتْخاخاً. والتَّخُّ: الْعَجِينُ الْمُسْتَرْخِي. وتَخَّ العجينُ تَخّاً إِذا أُكْثِرَ مَاؤُهُ حَتَّى يَلِينَ، وَكَذَلِكَ الطينُ إِذا أُفْرِطَ فِي كَثْرَةِ مَائِهِ حَتَّى لَا يُمْكِنَ أَن يُطَيَّنَ بِهِ، وأَتَخَّهما هُوَ فَعَلَ بِهِمَا ذَلِكَ. والتَّخْتَخَة: فِي بَعْضِ حِكَايَةِ الأَصوات كأَصوات الْجِنِّ، وَبِهِ سُمِّيَ التَّخْتاخ. والتَّخْتَخة: اللُّكْنَة. وَرَجُلٌ تَخْتاخ وتَخْتَخانيٌّ: أَلْكَنُ. والتَّخُّ: الكُسْبُ «1».
ترخ: ابْنُ الأَعرابي: التَّرْخُ الشَّرْطُ اللَّيِّنُ. يُقَالُ: أُرْتِخَ شَرْطي وأُتْرِخَ شَرْطي؛ قَالَ الأَزهري: فَهُمَا لُغَتَانِ: التَّرْخُ والرَّتْخُ مِثْلُ الجَبْذِ والجذْب. ابْنُ سِيدَهْ: تُراخ مَوْضِعٌ.
تنخ: تَنَخَ بِالْمَكَانِ وتَنَأَ تُنُوخاً وتَنَّخَ إِذا أَقام بِهِ، فَهُوَ تانِخٌ وتانئٌ أَي مُقِيمٌ. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ: أَنه آمَنُ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ يَهُودَ فتَنَخُوا عَلَى الإِسلام
أَي ثَبَتُوا وأَقاموا، وَيُرْوَى بِتَقْدِيمِ النُّونِ عَلَى التَّاءِ أَي رَسَخوا. وتَنُوخُ: حَيٌّ مِنَ الْعَرَبِ أَو مِنَ الْيَمَنِ أَو قَبِيلَةٌ مُشْتَقٌّ مِنْ ذَلِكَ لأَنهم اجْتَمَعُوا وَتَحَالَفُوا فتَنَخُوا. وتَنَخَ فِي الأَمر: رَسَخَ فِيهِ، فَهُوَ تانخٌ. وتَنِخَتْ نَفْسُهُ تَنَخاً: خَبُثَتْ مِنْ شِبَع أَو غَيْرِهِ كطَنِخَتْ. وتَنِخَ وطنِخَ إِذا اتَّخَم.
توخ: اللَّيْثُ: تَاخَتِ الإِصْبَع فِي الشَّيْءِ الْوَارِمِ الرِّخْو؛ وأَنشد بَيْتَ أَبي ذؤَيب:
بالنِّيِّ فَهِيَ تَتُوخُ فِيهِ الإِصْبَعُ
قَالَ وَيُرْوَى: فَهِيَ تَثُوخُ، بِالثَّاءِ، وسيأْتي ذِكْرُهُ؛ قَالَ الأَزهري: ثاخَ وساخَ مَعْرُوفَانِ بِهَذَا الْمَعْنَى، وأَما تاخَ بِمَعْنَاهُمَا فَمَا رَوَاهُ غَيْرُ اللَّيْثِ. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ لِلْعَصَا المِتْيَخة؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أُتيَ بِسَكْرَانَ فَقَالَ: اضْرِبُوهُ، فَضَرَبُوهُ بِالنِّعَالِ وَالثِّيَابِ والمِتْيَخةِ
؛ وَهَذِهِ لَفْظَةٌ قَدِ اخْتُلِفَ فِي ضَبْطِهَا، فَقِيلَ: هِيَ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ التَّاءِ مِتِّيخة؛ وَقِيلَ: هِيَ بِفَتْحِ الْمِيمِ مَعَ التَّشْدِيدِ مَتِّيخة؛ وَقِيلَ: هِيَ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ التَّاءِ قَبْلَ الْيَاءِ مِتْيخة؛ وَقِيلَ: هِيَ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَتَقْدِيمِ الْيَاءِ السَّاكِنَةِ عَلَى التَّاءِ مِيتَخَة؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذِهِ كُلُّهَا أَسماء لِجَرَائِدِ النَّخْلِ وأَصل العُرْجُون، فَمَنْ قَالَ مِيتَخة، فَهُوَ مِنْ وَتَخَ يَتِخُ، وَمَنْ قَالَ مِتْيَخة، فَهُوَ مِنْ تاخَ يَتِيخُ، وَمَنْ قَالَ مِتِّيخة، فَهُوَ فِعِّيلة مِنْ مَتَخَ، وَقِيلَ: المِتْيَخة جَرَائِدُ رَطْبَةٌ؛ وَقِيلَ: هِيَ اسْمٌ لِلْعَصَا؛ وَقِيلَ: لِلْقَضِيبِ الدَّقِيقِ اللَّيِّنِ؛ وَقِيلَ: كُلُّ مَا ضُرِبَ بِهِ مِنْ جَرِيدٍ أَو عَصًا أَو دِرَّة وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَتَرْجَمَ عَلَيْهَا ابْنُ الأَثير فِي مَتَخَ، قَالَ: وأَصلها فِيمَا قِيلَ مِنْ مَتَخَ اللَّهُ رَقَبَتَهُ ومَتَخه بالسَّهم إِذا ضربه؛
__________
(1).
زاد المجد: وأصبح تاخاً أَيْ لَا يَشْتَهِي الطَّعَامَ. وتخ تخ، بالكسر: زجر للدجاج

(3/10)


وَقِيلَ: مِنْ تَيَّخَه العذابُ وطَيَّخه إِذا أَلَحَّ عَلَيْهِ، فأُبدلت التَّاءُ مِنَ الطَّاءِ؛ وَفِي الْحَدِيثِ
أَنه خَرَجَ وَفِي يَدِهِ مِتْيَخة فِي طَرَفِهَا خُوصٌ مُعْتَمِدًا عَلَى ثابت بن قيس.

فصل الثاء
ثخخ: ثَخَّ الطينُ والعجينُ إِذا كَثُرَ مَاؤُهُمَا كتَخَّ وأَثخَّه كأَتَخَّه، وَهِيَ أَقل اللُّغَتَيْنِ، وَقَدْ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي التاء أَيضاً.
ثلخ: ثَلَخَ البقرُ يَثْلَخُ ثَلْخاً: خَثَى وَهُوَ خُرْؤُه أَيام الرَّبِيعِ؛ وَقِيلَ: إِنما يَثْلَخُ إِذا كَانَ الربيعُ وَخَالَطَهُ الرُّطْبُ. وَيُقَالُ: ثَلَّخْتُه تَثْلِيخاً إِذا لَطَّخْته بِقَذِرٍ فَثَلَخَ ثَلْخاً.
ثوخ: ثاخَ الشيءُ ثَوْخاً: سَاخَ. وثاخَت قَدَمُه فِي الوَحَلِ تَثُوخُ وتَثِيخ: خَاضَتْ وَغَابَتْ فِيهِ؛ قَالَ الْمُتَنَخِّلُ الْهُذَلِيُّ يَصِفُ سَيْفًا:
أَبيضُ كالرَّجْع رَسُوبٌ، إِذا ... مَا ثاخَ فِي مُحْتَفَلٍ يَخْتَلي
أَراد بالأَبيض السَّيْفَ، والرَّجْع: الغَدير، شَبَّهَ السَّيْفَ بِهِ فِي بَيَاضِهِ. والرَّسُوبُ: الَّذِي يَرْسُب فِي اللَّحْمِ. والمُحْتَفَل: أَعظم مَوْضِعٍ فِي الْجَسَدِ. وَيَخْتَلِي: يَقْطَعُ. وثاخَ وساخَ: ذَهَبَ فِي الأَرض سُفْلًا. وثاختِ الإِصْبَعُ فِي الشَّيْءِ الْوَارِمِ: سَاخَتْ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
قَصَرَ الصَّبُوحَ لَهَا، فَشُرِّجَ لَحْمُها ... بالنِّيِّ، فَهِيَ تَثُوخُ فِيهَا الإِصْبَعُ
وَرُوِيَ هَذَا الْبَيْتُ بِالتَّاءِ وَقَدْ تَقَدَّمَ، وَهَذِهِ الْكَلِمَةُ يَائِيَّةٌ وَوَاوِيَّةٌ.
ثيخ: ثاخَتْ رجلُه تَثِيخ مِثْلَ سَاخَتْ، وَالْوَاوُ فِيهِ لُغَةٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ؛ وَزَعَمَ يَعْقُوبُ أَن ثَاءَ ثَاخَتَ بَدَلٌ مِنْ سِينِ سَاخَتْ، والله أَعلم.

فصل الجيم
جبخ: جَبَخَ جَبْخاً: تَكَبَّرَ. وجَبَخَ القِداحَ والكِعابَ جَبْخاً: حَرَّكَهَا وأَجالها. والجَبْخُ: صَوْتُ الكِعاب والقِداح إِذا أَجلتها. والجَمْخُ: مِثْلُ الجَبْخ فِي الكِعاب إِذا أُجيلت. والجَبْخُ والجِبْخُ [الجُبْخُ] جَمِيعًا: حَيْثُ تَعْسِلُ النحلُ، لغة في الجِبْح «1».
جخخ: جَخَّ بِبَوْلِهِ: رَمى بِهِ؛ وَقِيلَ: جَخَّ بِهِ إِذا رَغَّاه حَتَّى يَخُدَّ بِهِ الأَرض، كَذَا حَكَاهُ ابْنُ دُرَيْدٍ بِتَقْدِيمِ الْجِيمِ عَلَى الْخَاءِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأُرى عكسَ ذَلِكَ لُغَةً. وجَخَّ بِرِجْلِهِ: نَسَفَ بِهَا التُّرَابَ فِي مَشْيِهِ كَخَجَّ، حَكَاهُمَا ابْنُ دُرَيْدٍ مَعًا، قَالَ: وجَخَّ أَعلى. وجَخَّت النجومُ تَجْخِيَةً وخَوَّتْ تَخْوِيَةً إِذا مَالَتْ لِلْمَغِيبِ. وجَخَّ الرجلُ: تَحوَّل مِنْ مَكَانٍ إِلى مَكَانٍ. وجَخْجَخَ: لَمْ يُبْدِ مَا فِي نَفْسِهِ كخَجْخَجَ. وجَخْجَخَ: صَاحَ وَنَادَى؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن أَردت العِزَّ فجَخْجِخْ فِي جُشَم
؛ وَقَالَ الأَغلبُ العِجْليّ:
إِن سَرَّك العِزُّ فجَخْجِخْ فِي جُشَمْ، ... أَهلِ النَّباهِ والعَديدِ والكَرَمْ
.
قَالَ اللَّيْثُ: الجَخْجَخَة الصِّيَاحُ وَالنِّدَاءُ؛ وَمَعْنَى الْحَدِيثِ: صِحْ وَنَادِ فِيهِمْ وتحوَّل إِليهم. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ فِي مَعْنَى قَوْلِ الأَغلب: فَجَخْجِخْ بِجُشَمٍ أَي ادْعُ بِهَا تُفاخِرْ مَعَكَ. وَفِي الْحَوَاشِي: الجَخْجَخة التَّعْرِيضُ.
__________
(1).
زاد المجد: والأَجباخ أمكنة فيها نخيل وفي قول طرفة الحجارة

(3/11)


مَعْنَاهُ أَي عَرِّضْ بِهَا وتعرَّضْ لَهَا؛ وَيُقَالُ: بَلْ جَخْجِخْ بِهَا أَي ادْخُلْ بِهَا فِي مُعْظَمِهَا وَسَوَادِهَا الَّذِي كأَنه لَيْلٌ. وَقَدْ تَجَخْجَخَ إِذا تَرَاكَبَ وَاشْتَدَّتْ ظُلْمَتُهُ؛ قَالَ وأَنشد أَبو عَبْدِ اللَّهِ:
لِمَنْ خَيالٌ زَارَنَا مِنْ مَيْدَخا ... طافَ بِنَا، والليلُ قَدْ تَجَخْجَخا؟ «1»
قَالَ أَبو الْفَضْلِ: وَسَمِعْتُ أَبا الْهَيْثَمِ يَقُولُ: جَخْجَخَ أَصله مِنْ جَخْ جَخْ، كَمَا تَقُولُ بَخْ بَخْ عِنْدَ تَفْضِيلِكَ الشَّيْءَ. والجَخْجَخَةُ: صَوْتُ تَكْثِيرِ الْمَاءِ. وجَخْ: زَجْرٌ لِلْكَبْشِ. وجَخْ جَخْ: حِكَايَةَ صَوْتِ الْبَطْنِ؛ قَالَ:
إِن الدقيقَ يَلْتَوي بالجُنْبُخِ، ... حَتَّى يقولَ بطنُه: جَخٍ جَخِ
وجَخْجَخْتُ الرجلَ: صَرَعْتُه. وجَخْجَخَ وتَجَخْجَخَ إِذا اضْطَجَعَ وَتَمَكَّنَ وَاسْتَرْخَى. وَفِي حَدِيثِ
الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ: أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ إِذا سَجَدَ جَخَ
؛ قَالَ شَمِرٌ: يُقَالُ: جَخَّ الرَّجُلُ فِي صَلَاتِهِ إِذا رَفَعَ بَطْنَهُ، فَمَعْنَاهُ أَي فَتَحَ عَضُدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ وَجَافَاهُمَا عَنْهُمَا؛ أَبو عَمْرٍو: جَخَّ إِذا تفتَّح فِي سُجُودِهِ وَغَيْرِهِ؛ وَقِيلَ فِي تَفْسِيرِ حَدِيثِ الْبَرَاءِ: مَعْنَى جَخَّ إِذا فَتَحَ عَضُدَيْهِ فِي السُّجُودِ؛ وَكَذَلِكَ جَخَّى واجلَخَّ، كُلُّهُ إِذا فَتَحَ عَضُدَيْهِ فِي السُّجُودِ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: جَخَّ تحوَّل مِنْ مَكَانٍ إِلى مَكَانٍ؛ قَالَ الأَزهري: وَالْقَوْلُ مَا قَالَ أَبو عَمْرٍو. وجَخَّى تَجْخِيةً إِذا جَلَسَ مُسْتَوْفِزًا فِي الْغَائِطِ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: يَنْبَغِي لَهُ أَن يُجَخِّيَ ويُخَوِّيَ. قَالَ: والتَّجْخِية إِذا أَراد الرُّكُوعَ رَفَعَ ظَهْرَهُ. قَالَ أَبو السَّمَيْدَع: المُجَخِّي الأَفْحَجُ الرجلين.
جرفخ: جَرْفَخ الشيءَ إِذا أَخذه بِكَثْرَةٍ؛ وأَنشد:
جَرْفَخَ مَيَّارُ أَبي تُمامه «2».
جَفَخَ: الأَصمعي: الجَمْخُ والجَفْخُ الكِبْرُ. وجَفَخَ الرجلُ يَجْفَخُ ويَجْفِخُ جَفْخاً كجَخَف: فَخَرَ وَتَكَبَّرَ، وَكَذَلِكَ جَمَخَ، فَهُوَ جَفَّاخٌ وجمَّاخٌ وَذُو جَفْخٍ وَذُو جَمْخٍ؛ وجافَخَه وجامَخَه.
جَلَخَ: جَلَخَ السيلُ الواديَ يَجْلَخُه جَلْخاً: قَطَعَ أَجرافه وملأَه. وَسَيْلٌ جُلاخ وجُراف: كَثِيرٌ. والجُلاح، بِالْحَاءِ غَيْرِ مُعْجَمَةٍ: الجُرافُ. والجَلْخُ: ضَرْبٌ مِنَ النِّكَاحِ؛ وَقِيلَ: الجَلْخُ إِخراجها والدَّعْسُ إِدخالها. والجَليخُ: صَوْتُ الْمَاءِ. والجُلاخُ: اسْمُ شَاعِرٍ. والجِلْواخُ: الْوَاسِعُ الضَّخْمُ الْمُمْتَلِئُ مِنَ الأَودية؛ وَرُوِيَ
عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: أَخذني جِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ فَصَعِدا بِي فإِذا بِنَهْرَيْنِ جِلْواخَيْنِ، فَقُلْتُ: مَا هَذَانِ النَّهْرَانِ؟ قَالَ جِبْرِيلُ: سُقْيا أَهل الدُّنْيَا
؛ جِلواخَين أَي وَاسِعَيْنِ. والجُلاخُ: الْوَادِي العَميقُ؛ وأَنشد أَبو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ:
أَلا ليتَ شعْري، هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً ... بأَبْطح جِلْواخٍ، بأَسْفله نَخْلُ؟
والجِلْواخ: التَّلَعَةُ الَّتِي تَعْظُمُ حَتَّى تَصِيرَ مِثْلَ نِصْفِ الْوَادِي أَو ثُلُثَيْهِ. والجِلْواخ: مَا بَانَ من الطريق ووضَحَ.
__________
(1).
قوله [من ميدخا] كذا بضبط الأَصل ولم نجد هذه اللفظة في مظانها مما بأيدينا من الكتب
(2).
قوله [تمامه] كذا في الأَصل

(3/12)


وجَلَوَّخٌ: اسْمٌ. ابْنُ الأَنباري: اجْلَخَّ الشيخُ أَي ضَعُفَ وفَترت عظامُه وأَعضاؤه؛ وأَنشد:
لَا خيرَ فِي الشَّيْخ إِذا مَا اجْلَخَّا، ... واطْلَخَّ ماءُ عينِه ولَخَّا
اطْلَخَّ أَي سَالَ؛ قَالَ ابْنُ الأَنباري: اجْلَخَّ مَعْنَاهُ سَقَطَ فَلَا يَنْبَعِثُ وَلَا يَتَحَرَّكُ. أَبو الْعَبَّاسِ: جَخَّ وجَخَّى واجْلَخَّ إِذا فَتَحَ عَضُدَيْهِ فِي السجود.
جَمَخَ: الجَمْخُ والجَفْخُ: الْكِبْرُ. جَمَخَ يَجمَخُ جَمْخاً: فَخَر. وَرَجُلٌ جَامِخٌ وجَمُوخ وجِمِّيخ: فِخِّير. وجامَخَه جِماخاً: فاخَره. وجَمَخَ الخيلَ والكِعابَ يجْمَخُها جَمْخاً وجَمَخَ بِهَا: أَرسلها وَدَفَعَهَا؛ قَالَ:
وإِذا مَا مَرَرْتَ فِي مُسْبَطِرٍّ، ... فاجْمَخِ الخيلَ مثلَ جَمْخِ الكِعابِ
والجَمْخُ مِثْلُ الجَبْخِ فِي الْكِعَابِ إِذا أُجيلت. وجَمَخَ الصِّبْيَانُ بالكِعاب مِثْلَ جَبَخُوا أَي لعِبُوا مُتطارحين لَهَا. وجَمَخَ الكَعْبُ وانْجَمَخَ: انْتَصَبَ. وجَمَخَ جَمْخاً: قفَزَ. والجَمْخ: السَّيَلانُ. وجَمَخَ اللحمُ: تَغَيَّرَ كَخَمَج.
جنبخ: اللَّيْثُ: الجُنْبُخُ الضَّخْمُ بِلُغَةِ مِصْرَ؛ قَالَ: وَالْقَمْلَةُ الضَّخْمَةُ جُنْبُخَة. والجُنْبُخُ: الْكَبِيرُ الْعَظِيمُ؛ وعِزٌّ جُنْبُخٌ؛ قَالَ أَعرابي:
يأْبى ليَ اللَّهُ وعِزٌّ جُنْبُخُ
ابْنُ السِّكِّيتِ: الجُنْبُخُ: الطَّوِيلُ؛ وأَنشد:
إِنَّ القَصِير يَلْتَوِي بالجُنْبُخِ، ... حَتَّى يَقولَ بطنُه: جَخٍ جَخِ
جوخ: جاخَ السيلُ الواديَ يَجُوخُه جَوْخاً: جَلَخَه وقلَع أَجرافه: قَالَ الشَّاعِرُ:
فللصخرِ مِنْ جَوْخِ السُّيُولِ وَجِيبُ
وجاخَه يَجِيخُه جَيْخاً: أَكل أَجرافه، وَهُوَ مِثْلُ جَلَخَه، وَالْكَلِمَةُ يَائِيَّةٌ وَوَاوِيَّةٌ. وجَوَّخَ السيلُ الواديَ تجْويخاً إِذا كَسَرَ جَنَبَتَيْه، وَهُوَ الجَوْخُ؛ قَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ:
أَلَثَّتْ عَلَيْنَا دِيمَةٌ بعدَ وابِلٍ، ... فللجِزْعِ مِنْ جَوْخِ السُّيولِ قَسيبُ
وَهَذَا الْبَيْتُ اسْتَشْهَدَ الْجَوْهَرِيُّ بِعَجُزِهِ، وتَمَّمه ابْنُ بَرِّيِّ بِصَدْرِهِ وَنَسَبَهُ إِلى النَّمِرِ بْنِ تَوْلَبٍ. وتَجَوَّخَتِ الْبِئْرُ والرَّكِيَّةُ تَجَوُّخاً: انهارتْ؛ وسَمَّى جريرٌ مُجاشِعاً بَنِي جَوْخا فَقَالَ:
تَعَشَّى بَنُو جَوْخا الخَزِيرَ، وخَيْلُنا ... تُشَظِّي قِلالَ الحَزْنِ، يومَ تُناقِلُهْ
وجَوْخا: مَوْضِعٌ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي «3»:
وَقَالُوا: عَلَيْكُمْ حَبَّ جَوْخا وسُوقَها، ... وَمَا أَنا، أَمْ مَا حَبُّ جَوخا وسُوقُها؟
والجَوْخانُ: بَيْدَرُ الْقَمْحِ وَنَحْوِهِ، بَصْرِيَّةٌ، وَجَمْعُهَا جَواخِينُ عَلَى أَن هَذَا قَدْ يَكُونُ فَوْعالًا؛ قَالَ أَبو حَاتِمٍ: تَقُولُ العامَّة الجَوْخانُ، وَهُوَ فَارِسِيٌّ معرَّب، وَهُوَ بِالْعَرَبِيَّةِ الجَرِينُ والمِسْطَحُ. وَيُقَالُ: تَجَوَّخَتْ قَرْحَتُه إِذا انْفَجَرَتْ بالمِدَّة، وَاللَّهُ أَعلم.
__________
(3).
قوله [أنشد ابن الأعربي] أي لزياد بن خليفة الغنوي وقبله كما في ياقوت:
هَبَطْنَا بِلَادًا ذَاتَ حُمَّى وَحَصْبَةٍ ... وَمُومٍ وَإِخْوَانٍ مُبِينٍ عُقُوقُهَا
سِوَى أَنَّ أَقْوَامًا مِنَ النَّاسِ وَطَّشُوا ... بِأَشْيَاءَ لَمْ يَذْهَبْ ضَلَالًا طَرِيقُهَا
قال الْفَرَّاءُ: وَطَّشَ لَهُ إِذَا هَيَّأَ لَهُ وَجْهَ الْكَلَامِ أو العلم أو الرأي

(3/13)


جيخ: جاخَ السيلُ الواديَ يَجِيخُه جَيْخاً: أَكلَ أَجرافَه، وَالْكَلِمَةُ يَائِيَّةٌ وَوَاوِيَّةٌ، وَقَدْ تقدم ذكره.

فصل الخاء
خوخ: الخَوْخَةُ: وَاحِدَةُ الخَوخِ. والخَوْخَةُ: كُوَّة فِي الْبَيْتِ تؤَدِّي إِلَيْهِ الضَّوْءَ. والخَوْخة: مُخْتَرَقُ مَا بَيْنَ كُلِّ دَارَيْنِ لَمْ يُنْصَبْ عَلَيْهَا بَابٌ، بِلُغَةِ أَهل الْحِجَازِ، وَعَمَّ بِهِ بَعْضُهُمْ فَقَالَ: هِيَ مُخْتَرَقُ مَا بَيْنَ كُلِّ شَيْئَيْنِ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تَبْقى خَوخةٌ فِي الْمَسْجِدِ إِلْا سُدَّتْ غَيْرَ خَوخةِ أَبي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
؛ وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
إلَّا خَوْخةَ عَلِيٍّ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ
، هِيَ بَابٌ صَغِيرٌ كَالنَّافِذَةِ الْكَبِيرَةِ تَكُونُ بَيْنَ بَيْتَيْنِ يُنْصَبُ عَلَيْهَا بَابٌ. قَالَ اللَّيْثُ: وَنَاسٌ يُسَمُّونَ هَذِهِ الأَبواب الَّتِي تُسَمِّيهَا الْعَجَمُ بِنِحْرِقَاتِ خَوْخاتٍ. والخَوْخةُ: الدُّبُر. والخَوْخةُ: ثَمَرَةٌ مَعْرُوفَةٌ وَجَمْعُهَا خَوْخٌ. والخَوْخة: ضَرْبٌ مِنَ الثِّيَابِ الخُضْر؛ قَالَ الأَزهري: وَضَرْبٌ مِنَ الثِّيَابِ أَخْضَرُ يُسَمِّيهِ أَهل مَكَّةَ الخَوْخة. والخَوْخاةُ: الرَّجُلُ الأَحمق. ابْنُ سِيدَهْ: الخَوْخاء، مَمْدُودٌ، الأَحمق، والجمع خَوْخاؤون؛ قَالَ الأَزهري: الَّذِي أَعرفه لأَبي عُبَيْدٍ الهَوْهاة الْجَبَانُ الأَحمق، بِالْهَاءِ، وَلَعَلَّ الْخَاءَ لُغَةٌ فِيهِ. أَبو عَمْرٍو: والخُوَيْخِيَة الدَّاهِيَةُ، وَالْيَاءُ مُخَفَّفَةٌ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
وكلُّ أُناسٍ سوفَ تَدْخُلُ بينهمْ ... خُوَيْخِيَةٌ، تَصْفَرُّ مِنْهَا الأَنامِلُ
وَيُرْوَى بَيْتَهُمْ. قَالَ شَمِرٌ: لَمْ أَسمع خُوَيخِيَة إِلَّا لِلَبِيدٍ، وأَبو عَمْرٍو ثِقَةٌ؛ وَقَالَ الأَزهري: هَذَا حَرْفٌ غَرِيبٌ، وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ دُوَيْهِيَة؛ قَالَ: وَمِنَ الْغَرِيبِ أَيضاً مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، قَالَ: الصُّوصِيَة والصُّواصِيَة الدَّاهِيَةُ. التَّهْذِيبُ: وَاسْمُ مَوْضِعٍ يُقَالُ لَهُ رَوْضةُ خاخٍ بَيْنَ الْحَرَمَيْنِ، وَكَانَتِ المرأَة الَّتِي أَدركها عَلِيٌّ وَالزُّبَيْرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وأَخذا مِنْهَا كِتَابًا كَتَبَهُ حَاطِبُ بْنُ أَبي بَلْتَعةَ إِلى أَهل مَكَّةَ، إِنما أَلْفَياها بروضَةِ خاخٍ؛ ففَتَّشاها وأَخذا مِنْهَا الكتاب.

فصل الدال المهملة
دبخ: دَبَّخَ الرجلُ تَدْبيخاً إِذا قَبَّبَ ظَهْرَهُ وطأْطأَ رأْسه؛ بِالْخَاءِ وَالْحَاءِ جَمِيعًا؛ عَنْ أَبي عَمْرٍو وَابْنِ الأَعرابي.
دخخ: الدَّخُّ والدُّخُّ والطَّسْلُ والنُّحاسُ: الدُّخانُ، وَحَكَاهُ ابْنُ دُرَيْدٍ بِالضَّمِّ فَقَطْ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
لَا خيرَ فِي الشَّيْخِ إِذا مَا اجْلَخَّا، ... وسالَ غَرْبُ عينِه فاطْلَخَّا،
والْتَوَتِ الرِّجْلُ فصارتْ فَخَّا، ... وصارَ وَصْلُ الغانِياتِ أَخّا،
عِنْدَ سُعارِ النارِ يَغْشَى الدُّخَّا
أَراد الدُّخَانَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
قَالَ لِابْنِ صَيَّادٍ مَا خَبَأْتُ لَكَ؟ قَالَ: هُوَ الدُّخُ
؛ الدَّخُّ، بِفَتْحِ الدَّالِ وَضَمِّهَا: الدُّخَانُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
عِنْدَ رِوَاق البيتِ يَغْشَى الدُّخَّا
وَفَسَّرَ فِي الْحَدِيثِ أَنه أَراد بِذَلِكَ: يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ. وَقِيلَ: إِن الدَّجَّالَ يَقْتُلُهُ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ بِجَبَلِ الدُّخَانِ فَيَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ أَراده تَعْرِيضًا بِقَتْلِهِ، لأَن ابْنَ صَيَّادٍ كَانَ يُظَنُّ أَنه الدَّجَّالُ. والدَّخَخُ: سَوَادٌ وكُدْرة. والدَّخْدَخةُ: مِثْلُ التَّدْوِيخ؛ ودَخْدَخَهُم: دَوَّخهم. والدَّخْدَخة: تَقاربُ الخَطوِ فِي عَجَلةٍ.

(3/14)


وَفِي النَّوَادِرِ: مَرَّ فُلَانٌ مُدَخْدِخاً ومُزَخْزِخاً إِذا مَرَّ مُسْرِعًا. وتَدَخْدَخَ الليلُ إِذا اخْتَلَطَ ظَلامه. وتَدَخْدَخَتْ. والدُّخْدُخُ: دُوَيْبَّةٌ؛ قَالَ المُؤَرِّج: الدَّخْداخ دُوَيْبَّةٌ صَفْرَاءُ كَثِيرَةُ الأَرجل؛ قَالَ الفَقْعَسِيّ:
ضَحِكَتْ ثُمَّ أَغْرَبَتْ أَن رأَتني، ... لاقْتِطاعِي قَوائمَ الدَّخْداخِ
وَرَجُلٌ دُخْدُخٌ ودُخادِخٌ: قَصِيرٌ. وتَدَخْدَخَ الرجلُ: انْقَبَضَ، لُغَةً مرغوبٌ عَنْهَا. ودُخْدُخْ ودُخْدُوخْ: كَلِمَةٌ يُسَكَّتُ بِهَا الإِنسانُ ويُقْدَعُ، وَمَعْنَاهُ قَدْ أَقررت فَاسْكُتْ. ودَخْدَخْنا القومَ: ذَلَلْنَاهُمْ ووَطِئناهم؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
ودَخْدَخَ العَدُوَّ حَتَّى اخْرَمّسَا
وَكَذَلِكَ دُخْنا البلادَ. والدَّخْدَخةُ: الإِعْياءُ. ودَخْدَخ البعيرُ إِذا رُكِبَ حَتَّى أَعيا وذَلَّ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
والعَوْدُ يَشْكُو ظَهْرَه قَدْ دَخْدَخا
دربخ: دَرْبَخَتِ الحمامةُ لذَكرها: خَضَعت لَهُ وَطَاوَعَتْهُ للسِّفاد، وَكَذَلِكَ الرجلُ إِذا طأْطأَ رأْسه وَبَسَطَ ظَهْرَهُ؛ قَالَ:
وَلَوْ نقولُ: دَرْبِخُوا، لدَرْبَخُوا ... لفَحْلِنا، إِذ سَرَّه التَّنَوُّخُ
يَقُولُ: إِني سَيِّدُ الشُّعَرَاءِ. والدَّرْبَخَة: الإِصغاء إِلى الشَّيْءِ وَالتَّذَلُّلُ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: أَحسبها سُرْيَانِيَّةٌ. ودَرْبَخَ: ذَلَّ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَلَمْ يَعْتذر لَهُ؛ وَكَذَلِكَ حَكَاهُ يَعْقُوبُ، وَالْحَاءُ الْمُهْمَلَةُ لُغَةٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ. ودَرْبَخَ الرجلُ: حَنى ظَهْرَهُ؛ عَنِ اللحياني.
دلخ: الدَّلَخُ: السِّمَنُ. أَبو عَمْرٍو: دَلِخَ يَدْلَخُ دَلَخاً، فَهُوَ دَلِخٌ ودَلوخ أَي سَمِينٌ؛ وأَنشد:
تُسائِلُنا: مَنْ ذَا أَضَرَّ بِهِ التَّنَخْ؟ ... فقلتُ: الَّذِي لأْياً يقومُ مِنَ الدَّلَخْ
ودَلِخَتِ الإِبلُ تَدْلَخُ دَلْخاً ودَلَخاً، فَهِيَ دَوالِخ ودُلَّخ ودُلُخٌ: سَمِنَتْ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
أَلم تَرَيا عِشارَ أَبي حُمَيْدٍ، ... يُعَوِّدها التَّذَبُّلَ بالرِّحالِ؟
وَكَانَتْ عندَه دُلُخاً سِماناً، ... فأَضْحَتْ ضُمَّراً مثلَ السَّعالي
الْفَرَّاءُ: امرأَة دُلَخَة أَي عَجْزاءُ؛ وأَنشد:
أَسْقَى دِيارَ خُلَّدٍ بِلاخِ، ... مِنْ كلِّ هَيْفاءِ الحَشا دِلاخِ
بِلاخٌ: ذواتُ أَعجاز. ودِلاخٌ لِلْوَاحِدَةِ وَالْجَمْعِ. والدالِخُ: المُخْصِبُ مِنَ الرِّجَالِ؛ وَقَوْمٌ دالِخون. ودلِخَ الإِناءُ دَلَخاً إِذا امتلأَ حَتَّى يَفِيضَ؛ هَذِهِ وَحْدَهَا عَنْ كراع.
دمخ: دَمَّخَ الرجلُ: طأْطأَ ظهرَه، وَالْحَاءَ لُغَةٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ. ودَمَّخَ ودَنَّخَ إِذا طأْطأَ رأْسه. ودَمْخٌ: اسْمُ جَبَلٍ؛ قَالَ طَهْمانُ بْنُ عَمْرٍو الْكِلَابِيُّ:
كَفَى حَزَناً أَني تَطالَلْتُ كَيْ أَرَى ... ذُرَى قُلَّتَيْ دَمْخٍ، فَمَا تُرَيانِ
تَطَالَلْتُ أَي مَدَدْتُ عُنُقي لأَنظر. ودَمْخٌ: جَبَلٌ بَيْنَ أَجبال ضِخامٍ فِي نَاحِيَةٍ ضَرِيَّةَ. يُقَالُ: أَثقلُ مِنْ دَمْخِ الدِّماخ؛ ابْنُ سيدة: والدِّماخُ موضع؛ قال أَبو رِياشٍ: إِنما هُوَ دَمْخ فَجَمَعَهُ بِمَا حَوْلَهُ؛ وقال آخر:

(3/15)


تركتُه أَركانَ دَمْخٍ لا بقَعْر
ابْنُ الأَعرابي: الدَّمْخ الشَّدْخُ. يُقَالُ: دَمَخه دَمْخاً إِذا شَدَخه.
دنخ: دنَّخ الرجلُ ظهرَه: طأْطأَه؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والتَّدْنِيخ: خضوعٌ وذِلَّة وَتَنْكِيسُ الرأْس. يُقَالُ: لَمَّا رَآنِي دَنَّخَ؛ ودَنَّخ الرجلُ: خَضَع. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا لَمْ يَبْرَحْ بَيْتَهُ: قَدْ دَنَّخَ. ودَنَّخ الرجلُ فِي بَيْتِهِ: أَقام فَلَمْ يَبْرَحْ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
وإِن رَآنِي الشعراءُ دَنَّخُوا، ... وَلَوْ أَقولُ: بَزِّخُوا، لَبَزَّخُوا
ودَنَّخَت البطيخةُ: خَرَجَ بعضُها وَانْهَزَمَ بعضُها. وَرَجُلٌ مُدَنِّخ الرأْس إِذا كَانَ فِي رأْسه ارْتِفَاعٌ وَانْخِفَاضٌ. ودَنَّخَتْ ذِفْراه: أَشْرَفتْ قَمَحْدُوَتُه عَلَيْهَا؛ وَدَخَلَتِ الذِّفْرى خَلْفَ الخُشَشاوَيْنِ. ورجل مُدَنِّخٌ: فَحَّاشٌ «1».
دَوَخَ: داخَ يَدُوخُ دَوْخاً: ذَلَّ وخَضَع. ودَوَّخَ الرجلُ وَالْبَعِيرَ: ذَلَّله، يَائِيَّةٌ وَوَاوِيَّةٌ. وَفِي حَدِيثِ وَفْد ثَقِيفٍ:
أَداخَ العَرَبَ ودانَ لَهُ الناسُ
أَي أَذَلَّهم؛ وأَدَخْتُه أَنا فداخَ. ودَوَّخَ المكانَ: جالَ فِيهِ. ودَوَّخَ الوجعُ رأْسَه: أَداره. وداخَ البلادَ يَدُوخُها: قَهَرَهَا وَاسْتَوْلَى عَلَى أَهلها؛ وَكَذَلِكَ النَّاسُ دخْناهم دَوْخاً ودَوَّخْناهم تَدْوِيخاً: وَطِئناهم. ودَوَّخَ فلانٌ البلادَ إِذا سَارَ فِيهَا حَتَّى عَرَفَهَا وَلَمْ تَخْفَ عَلَيْهِ طُرقُهُا.
دَيَخَ: الدِّيخُ: القِنْوُ، وجمعهُ دِيَخَة مِثْلَ دِيكٍ ودِيَكةٍ، وَالذَّالُ أَعلى، وإِياها قَدَّم أَبو حَنِيفَةَ. وداخَ يَدِيخُ دَيْخاً ودَيَّخَه هُوَ: ذَلَّلَهُ كدَوَّخه، يَائِيَّةٌ وَوَاوِيَّةٌ. قَالَ الأَزهري: دَيَّخْته وذَيَّخْته، بِالدَّالِ وَالذَّالِ: ذَلَّلْتُهُ، وَهُوَ مُدَيَّخ أَي مُذَلَّلٌ، وَحَكَاهُ أَبو عُبَيْدٍ عَنِ الأَحمر بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ، فأَنكره شِمْرٌ؛ قَالَ الأَزهري: وَهُوَ صَحِيحٌ لَا شَكَّ فِيهِ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ تَصِفُ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: ففَنَّخَ الكَفَرَةَ ودَيَّخَها
أَي أَذلها وَقَهَرَهَا. يُقَالُ: دَيَّخَ ودَوَّخَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ؛ وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ:
بَعْدَ أَن يُدَيِّخَهم الأَسْرُ
، وَبَعْضُهُمْ يَرْوِيهِ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ، وهي لغة شاذة.

فصل الذال المعجمة
ذخخ: رَجُلٌ ذَخْذاخٌ: يُنْزِلُ قَبْلَ الخِلاطِ. ابْنُ الأَعرابي: رَجُلٌ ذَوْذَخٌ، وَهُوَ الزُّمَلِقُ الَّذِي يُنْزِلُ قَبْلَ أَن يُفْضِيَ إِلى المرأَة.
ذوخ: ابْنُ الأَعرابي: الذَّوْذَخُ والوَخْواخُ العِذْيَوْطُ.
ذيخ: الذِّيخُ: الذكرُ مِنَ الضِّبَاعِ الْكَثِيرُ الشَّعَرِ، وَالْجَمْعُ أَذْياخ وذُيوخٌ وذِيَخَةٌ، والأُنثى ذِيخة؛ وَالْجَمْعُ ذِيخات وَلَا يُكَسَّر؛ قَالَ جَرِيرٌ:
مِثْلَ الضِّباعِ يَسُفْنَ ذِيخاً ذَائِخًا
وَفِي حَدِيثِ الْقِيَامَةِ:
وَيَنْظُرُ الْخَلِيلُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، إِلى أَبيه فإِذا هُوَ بذِيخٍ مُتَلَطِّخٍ
؛ الذِّيخُ ذَكَرُ الضِباعِ، وأَراد بالتَّلَطُّخ التَّلَطُّخَ بِرَجِيعِهِ أَو بِالطِّينِ، كَمَا قَالَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ:
بِذِيخٍ أَمْدَرَ
أَي متلطخٍ بالمَدَرِ. وَفِي حَدِيثِ
خُزَيمة: والذِّيخ مُحْرَنْجِماً
أَي أَن السَّنَة تَرَكَتْ ذَكَرَ الضِّبَاعِ مُجْتَمِعًا مُتَقَبِّضاً مِنْ شِدَّةِ الجَدْب. والذِّيخُ: قِنْوُ النَّخْلَةِ، حَكَاهُ كُرَاعٍ فِي الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَجَمْعُهُ ذِيَخَةٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ
__________
(1).
زاد المجد الدنفخ، كجعفر: الضخم، واسم رجل

(3/16)


فِي الدَّالِ. وَيُقَالُ: ذَيَّخَتِ النخلةُ إِذا لَمْ تَقْبَلِ الإِبارَ وَلَمْ تَعْقِدْ شَيْئًا. وذَيَّخَه تَذْييخاً: ذَلَّلَهُ، حَكَاهَا أَبو عُبَيْدٍ وَحْدَهُ، وَالصَّوَابُ الدَّالُ. وَكَانَ شَمِرٌ يَقُولُ: دَيَّخْته ذَلَّلْتُهُ، بِالدَّالِ، مَنْ داخَ يَدِيخ إِذا ذَلَّ. والذِّيخُ: الكِبْرُ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رِضْوَانُ اللَّهِ عليه: كَانَ الأَشْعَث ذَا ذِيخٍ
، حَكَاهُ الْهَرَوِيُّ فِي الْغَرِيبَيْنِ. وَيُقَالُ: فِي فُلَانٍ ذِيخٌ أَي كِبْرٌ. والمَذْيَخَةُ: الذِّئابُ. بلسان خَوْلانَ.

فصل الراء
ربخ: الرَّبْخُ والتَّرَبُّخُ: الِاسْتِرْخَاءُ، حُكِيَ عَنْ بَعْضِ الْعَرَبِ: مَشَى حَتَّى تَرَبَّخَ أَي اسْتَرْخَى. والرَّبيخُ مِنَ الرِّجَالِ: العظيم المسترخي. ورَبَخَتِ [رَبِخَتِ] الْمَرْأَةُ «1» تَرْبَخُ رَبَخاً ورُبوخاً ورَباخاً، وَهِيَ رَبوخ: غُشِيَ عَلَيْهَا عِنْدَ الْجِمَاعِ. ورَحْل رَبيخٌ: ضَخْم، قَالَ:
فَلَمَّا اعْتَرَتْ طارِقاتُ الهُموم، ... رفَعْتُ الوَلِيَّ وكَوْراً رَبيخا
أَي ضَخْماً وأَرض رَابِخٌ: تأْخذ اللُّؤَمَة وَلَا حجارةَ فِيهَا وَلَا نَقَل. ورابخٌ: مَوْضِعٌ بِنَجْدٍ، قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: أَحسب ذَلِكَ، وَلَمْ يَتَيَقَّنْهُ. ومُرْبِخٌ: جَبَلٌ مِنْ جِبَالِ زَرُودَ أَو رَمْلَةٌ بِالْبَادِيَةِ، قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: سُمِّيَ جَبَلُ مُرْبِخٍ مُرْبِخاً لأَنه يَرْبَخ الْمَاشِي فِيهِ مِنَ التَّعَبِ وَالْمَشَقَّةِ أَي يَذْهَبُ عقلُه كالرَّبوخِ الَّتِي يُغْشَى عَلَيْهَا مِنْ شِدَّةِ الشَّهْوَةِ، قَالَ الشَّاعِرُ:
أَطْيَبُ لَذَّاتِ الفَتَى: ... نَيْكُ رَبُوخٍ غَلِمَه
وَرُوِيَ عَنْ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَن رَجُلًا خَاصَمَ إِليه أَبا امرأَته، فَقَالَ: زَوَّجَني ابْنَتَهُ وَهِيَ مَجْنُونَةٌ، فقال: مابدا لَكَ مِنْ جُنُونِهَا فَقَالَ: إِذَا جَامَعْتُهَا غُشِيَ عَلَيْهَا، فَقَالَ: تِلْكَ الرَّبُوخُ لَسْتَ لَهَا بِأَهْلٍ
، أَراد أَن ذَلِكَ يُحْمَدُ مِنْهَا. وَأَصْلُ الرَّبُوخِ من تَرَبَخَّ فِي مَشْيِهِ إِذا اسْتَرْخَى. وأَرْبَخَ الرجلُ إِذا اشْتَرَى جَارِيَةً رَبوخاً وَهِيَ الَّتِي تَنْخِرُ عِنْدَ الْجِمَاعِ وَتَضْطَرِبُ كأَنها مَجْنُونَةٌ. ورَبِخَتِ الإِبلُ فِي المُرْبِخِ أَي فَتَرَتْ فِي ذَلِكَ الرَّمْلِ مِنَ الكَلال، وأَنشد:
أَمِنْ حِبالِ مُرْبِخٍ تَمَطَّيْن، ... لَا بُدَّ مِنْهُ فانْحَدِرْنَ وارْقَيْن،
أَو يَقْضِيَ اللَّهُ ذُباباتِ الدَّيْن
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَعرف مِثْلَ هَذَا يُشْتَقُّ مِنَ الأَعلام إِنما ذَلِكَ فِي إِتيان الْمَوَاضِعِ كأَنْجَدَ وأَتْهَمَ. ابْنُ الأَعرابي: أَرْبَخَ الرجلُ إِذا وَقَعَ فِي الشَّدَائِدِ، وأَرْبَخَ الرملُ إِذا تَكَاثَفَ، وأَرْبَخ الْمَاشِي فِيهِ. وَبَنُو رُبَخة: حيٌّ.
رتخ: الرَّتْخُ: قِطَعٌ صِغَارٌ فِي الجِلْدِ خَاصَّةً. وقُرادٌ راتِخٌ: يَابِسُ الْجِلْدِ؛ قَالَ اللَّيْثُ: قُراد رَتْخٌ وَهُوَ الَّذِي شَقَّ أَعلى الْجِلْدِ فَلَزِقَ بِهِ رُتوخاً؛ وأَنشد فِي تَرْجَمَةِ زَنَخَ:
فَقُمْنا، وزيدٌ راتِخٌ فِي خِبائِها، ... رُتوخَ القُرادِ، لَا يَرِيمُ إِذا زَنَخْ
وَيُقَالُ: رَتَخَ بِالْمَكَانِ رُتُوخاً إِذا ثَبَتَ. وأَرْتَخَ الحَجَّامُ: لَمْ يُبَالِغْ فِي الشَّرْط، وَالِاسْمُ الرَّتْخُ؛ قَالَ:
رَشْحاً مِنَ الشَّرْطِ ورَتْخاً واشِلا
__________
(1).
قوله" وربخت المرأة إلخ" بابه فرح ومنع كما في القاموس.

(3/17)


ابْنُ الأَعرابي: التَّرْخُ الشرطُ اللَّيِّنُ؛ يُقَالُ: ارْتَخْ شَرْطِي واتْرَخْ شَرْطِي؛ قَالَ الأَزهري: هُمَا لُغَتَانِ: التَّرْخُ والرَّتْخُ مِثْلُ الجَبْذِ والجَذْبِ. ورَتَخَ العجينُ رَتْخاً إِذا رَقَّ فَلَمْ يَنْخَبِزْ، وَكَذَلِكَ الطِّينُ، فَهُوَ راتخٌ زَلِقٌ. والرُّتُوخُ: اللُّصُوق.
رجخ: رُجَّخ: اسْمُ كُورَةٍ.
رخخ: رَخَّه الشيءُ رَخّاً: شَدَخَه وأَرْخاه؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
فَلَبَّدَه مَسُّ القِطارِ، ورَخَّه ... نِعاجُ رُؤافٍ، قَبْلَ أَن يَتَشَدَّدا «1»
.
وَرُوِيَ: ورَجَّه، بِالْجِيمِ، والأَوّل أَكثر. وَفِي التهذيب: رَخَّه ووَطِئَه فأَرْخاه. ورخَّ العجينُ يَرِخُّ رَخّاً: كَثُرَ ماؤُه؛ وأَرَخَّه هُوَ. ابْنُ الأَعرابي: ارْتَخَّ العجينُ ارْتِخاخاً إِذا اسْتَرْخَى. وارْتَخَّ رأْيه إِذا اضْطَرَبَ. وَسَكْرَانُ مُرْتَخٌّ ومُلْتخٌّ، بِالرَّاءِ وَاللَّامِ. ورَخَخْتُ الشرابَ: مَزَجْتُه. والرَّخَخُ: السُّهُولَةُ وَاللِّينُ. وأَرضٌ رَخَّاءُ: مُنْتَفِخَةٌ تُكْسَرُ تَحْتَ الوَطء، وَالْجَمْعُ رَخاخِيُّ، والنَّفْخاءُ مِثْلُهَا؛ وَهِيَ الرَّخَّاءُ والسَّخَّاء والمَسْوَخةُ والسُّوَّاخَى. أَبو عَمْرٍو: الرَّخاخُ هُوَ الرِّخْوُ مِنَ الأَرض؛ ابْنُ الأَعرابي: أَرض رَخَّاء رِخْوَة لَيِّنَةٌ، وأَرض رَخاخٌ: لَيِّنَةٌ وَاسِعَةٌ؛ وَقِيلَ: هِيَ الرِّخْوَةُ. ورَخاخُ الثَّرى: مَا لانَ مِنْهُ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
رَبِيبَةُ حُرٍّ دافعتْ، فِي حُقُوفِها، ... رَخاخَ الثَّرَى والأُقْحُوانَ المُدَيَّما «2»
.
أَي أَنه لَمْ يُصِبْهَا مِنَ الرَّخاخِ شَيْءٌ. وَرَبِيبَةٌ: لَعْوَةٌ. وَقَوْلُهُ والأُقْحُوانَ أَي وثَغْراً كالأُقحوان. ورَخاخُ الْعَيْشِ: خَفْضُه ورَغَدُه وسعَتُه وَيُوصَفُ بِهِ فَيُقَالُ: عَيْشٌ رَخاخٌ أَي وَاسْعٌ نَاعِمٌ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
يأْتي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ أَفضلُهم رَخَاخاً أَقصدُهم عَيْشًا
؛ قَالَ: الرَّخَاخُ لينُ العَيْشِ؛ ابْنُ شُمَيْلٍ: رَخَاخُ الأَرض مَا اتَّسَعَ مِنْهَا ولانَ وَلَا يَضُرُّكَ أَسْتَوى أَو لَمْ يَسْتَوِ. وطينٌ رَخْرَخٌ: رَقِيقٌ. والرَّخَاخُ: نَبَاتٌ لَيِّن هَشٌّ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَحسب الرُّخَّ لُغَةً فِيهِ؛ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الرُّخُّ، بِالضَّمِّ، نَبَاتٌ هَشّ، والرُّخُّ مِنْ أَداة الشِّطْرَنْجِ وَالْجَمْعُ رِخاخ؛ اللَّيْثُ: الرُّخّ مُعَرَّبٌ مِنْ كَلَامِ الْعَجَمِ مِنْ أَدوات لُعْبَة لهم.
ردخ: المَرْدَخُ: الشَّدْخ. والرَّدَخُ: مثل الرَّدغ، عُمانِيَّة.
رزخ: رَزَخه بِالرُّمْحِ يَرْزَخُه رَزْخاً: زَجَّه بِهِ. والمِرْزَخَةُ: كُلُّ مَا رُزِخَ بِهِ.
رسخ: رَسَخَ الشيءُ يَرْسَخُ رُسُوخاً: ثَبَتَ فِي مَوْضِعِهِ، وأَرسخه هُوَ. وَالرَّاسِخُ فِي الْعِلْمِ: الَّذِي دَخَلَ فِيهِ دُخُولًا ثَابِتًا. وَكُلُّ ثَابِتٍ: رَاسِخٌ؛ وَمِنْهُ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ. وأَرْسَخْته إِرساخاً كالحِبْرِ رَسَخَ فِي الصَّحِيفَةِ. والعِلم يَرْسَخُ فِي قَلْبِ الإِنسان. وَالرَّاسِخُونَ فِي العِلم فِي كِتَابِ اللَّهِ: المُدارسون؛ ابْنُ الأَعرابي: هُمُ الحُفَّاظُ الْمُذَاكِرُونَ؛ قَالَ مَسْرُوقٌ: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فإِذا زِيدُ بْنُ ثَابِتٍ مِنَ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ. خَالِدُ بْنُ جَنْبَة: الرَّاسِخُ فِي الْعِلْمِ الْبَعِيدُ الْعِلْمِ. ورَسَخ الدِّمْنُ: ثَبَتَ. ورَسَخَ الغديرُ رُسُوخاً:
__________
(1).
قوله [فلبده مس] الذي في ياقوت: مرّ، بالراء بدل مس، ورؤاف، بضم الراء: جبل
(2).
قوله [ربيبة حر إلخ] كذا بالأَصل هنا وأنشده في دوم كشارح القاموس رَبِيبَةُ رَمْلٍ دَافَعَتْ فِي حقوقها إلخ. وقوله وربيبة لعوة كذا بالأَصل

(3/18)


نَضَب مَاؤُهُ. ورَسَخ المَطَرُ رُسوخاً إِذا نَضَبَ نَدَاهُ فِي دَاخِلِ الأَرض فالتَقى الثَّرَيَانِ.
رصخ: رَصَخَ الشيءُ ثَبَت مِثْلُ رَسَخ بِمَعْنًى وَاحِدٍ.
رضخ: الرَّضْخُ مِثْلُ «3» الرَّضْح، والرَّضْخُ: كَسْرُ الرأْس، وَيُسْتَعْمَلُ الرَّضْخُ فِي كَسْرِ النَّوَى والرأْس لِلْحَيَّاتِ وَغَيْرِهَا؛ وَرَضَخْتُ رأْسَ الْحَيَّةِ بِالْحِجَارَةِ. ورَضَخ النَّوَى وَالْحَصَى وَالْعَظْمَ وَغَيْرَهَا مِنَ الْيَابِسِ يَرْضَخُه رَضْخًا: كَسَرَهُ. والرَّضْخُ: كَسْرُ رَأْسِ الْحَيَّةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَرَضَخ رأْسَ الْيَهُودِيِّ قاتِلها بَيْنَ حَجَرَيْنِ.
وَفِي حَدِيثِ بَدْرٍ:
شَبَّهْتُها النواةَ تَنْزُو مِنْ تَحْتِ المَراضِخ
؛ هِيَ جَمْعُ مِرْضَخَة وَهِيَ حَجَرٌ يُرْضَخ بِهِ النَّوَى وَكَذَلِكَ المِرْضاخُ. وظَلُّوا يَتَرَضَّخُون أَي يَكْسِرُونَ الخُبْز فيأْكلونه وَيَتَنَاوَلُونَهُ. وَهُمْ يَتراضَخُون بِالسِّهَامِ أَي يَتَرامَوْنَ، وراضَخْته: رَامَيْتُه بِالْحِجَارَةِ. والتَّراضُخُ: تَرامِي الْقَوْمِ بَيْنَهُمْ بالنُّشَّاب، وَالْحَاءُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ جَائِزَةٌ إِلا فِي الأَكل، يُقَالُ: كُنَّا نَتَرَضَّخُ. وَفِي حَدِيثِ العَقَبةِ
قَالَ لَهُمْ: كَيْفَ تُقَاتِلُونَ؟ قَالُوا: إِذَا دَنَا القومُ مِنَّا كَانَتِ المُراضَخَةُ
، وَهِيَ الْمُرَامَاةُ بِالسِّهَامِ مِنَ الرَّضْخِ الشَّدْخ. والرَّضْخُ أَيضاً: الدَّقُّ وَالْكَسْرُ وَكَذَلِكَ الْعَطَاءُ. يُقَالُ: فِيهِ الرَّضْخُ، بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، ورَضَخَ لَهُ مِنْ مَالِهِ يَرْضَخُ رَضْخاً: أَعطاه. وَيُقَالُ: رَضَخْت لَهُ مِنْ مَالِي رَضِيخَةً وَهُوَ الْقَلِيلُ. والرَّضِيخةُ والرُّضاخة: الْعَطِيَّةُ؛ وَقِيلَ: الرَّضْخُ والرضِيخةُ الْعَطِيَّةُ المُقارَبة. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَمَرْتُ لَهُ برَضْخٍ.
وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ الله عنه: أَمرنا لَهُمْ برَضْخٍ
؛ الرَّضْخُ: الْعَطِيَّةُ الْقَلِيلَةُ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ الله عنه: وتَرْضَخُ لَهُ عَلَى تَرْكِ الدِّينِ رَضِيخَةً
؛ هِيَ فَعِيلَةٌ مِنَ الرَّضْخ أَي عَطِيَّةٌ. وَيُقَالُ: راضَخَ فلانٌ شَيْئًا إِذا أَعطى وَهُوَ كَارِهٌ. وراضَخْنا مِنْهُ شَيْئًا: أَصبنا وَنِلْنَا؛ وَقِيلَ: المراضَخة الْعَطَاءُ عَلَى كُرْه. والرَّضْخُ والرَّضْخة: الشَّيْءُ الْيَسِيرُ تَسْمَعُهُ مِنَ الخَبَر مِنْ غَيْرِ أَن تَسْتَبينه. الْمُبَرِّدُ: يُقَالُ فُلَانٌ يَرْتَضِخُ لُكْنَةً عَجَمِيَّةً إِذا نشأَ مَعَ الْعَجَمِ يَسِيرًا ثُمَّ صَارَ مَعَ الْعَرَبِ، فَهُوَ يَنْزِعُ إِلى الْعَجَمِ فِي أَلفاظ مِنْ أَلفاظهم لَا يَسْتَمِرُّ لِسَانُهُ عَلَى غَيْرِهَا وَلَوِ اجْتَهَدَ؛ قَالَ وَفِي حَدِيثِ
صُهَيْب: كَانَ يَرْتَضِخُ لُكْنَةً رومِيَّةً، وَكَانَ سَلْمان يَرْتَضِخُ لُكْنَةً فَارِسِيَّةً
أَيْ كَانَ هَذَا يَنْزِعُ فِي لَفْظِهِ إِلى الرُّومِ وَهَذَا إِلى الفُرْسِ، وَلَا يَسْتَمِرُّ لِسَانُهُمَا عَلَى الْعَرَبِيَّةِ اسْتِمْرَارًا، وَكَانَ صُهَيْبٌ سُبِيَ وَهُوَ صَغِيرٌ، سَبَاهُ الرُّومُ فَبَقِيَتْ لُكْنَة فِي لِسَانِهِ، وكان عَبْدُ بني الْحَسْحَاسِ يَرْتَضِخُ لُكْنَة حَبَشِيَّةً مع جَوْدةِ شِعْره.
رفخ: «4»:
رمخ: شَمِرٌ: هُوَ السَّدا والسَّداءُ، مَمْدُودٌ، بِلُغَةِ أَهل الْمَدِينَةِ، وَهُوَ السَّيَابُ بِلُغَةِ وَادِي القُرَى، وَهُوَ الرُّمْخ بِلُغَةِ طَيِّئٍ، وَاحِدَتُهُ رُمْخَةٌ، والخَلالُ بِلُغَةِ أَهل الْبَصْرَةِ؛ قَالَ الطَّائِيُّ:
تَحْتَ أَفانينِ وَدِيٍّ مُرْمِخ
والرِّمْخُ: الشَّجَرُ الْمُجْتَمِعُ. والرِّمَخُ والرُّمَخُ. البَلَحُ، وَاحِدَتُهُ رِمَخَة، لُغَةٌ طَائِيَّةٌ؛ وَمِنْهُ أَرْمَخَ النخلُ وَهُوَ مَا سَقَطَ مِنَ البُسْرِ أَخْضَرَ فَنَضِج.
__________
(3).
قوله [الرضخ مثل إلخ] وبابه ضرب ومنع كما في القاموس
(4).
زاد المجد: الرفوخ، بالضم، الدواهي. وعيش رافخ: رافغ

(3/19)


ابْنُ الأَعرابي: والرَّمْخاءُ الشَّاةُ الكَلِفةُ بأَكل الرِّمْخ. ورُماخُ: موضع. رمخ: «1»
رنخ: رَنَّخَ الرجلَ: ذَلَّله.
ريخ: راخَ يَريخ رَيْخاً ورُيُوخاً ورَيَخاناً: ذَلَّ، وَقِيلَ: لانَ وَاسْتَرْخَى، وَكَذَلِكَ داخَ. ورَيَّخه: أَوْهَنه وأَلانه. والتَّرْيِيخُ: ضَعْفُ الشَّيْءِ ووَهْنُه. وَيُقَالُ: ضَرَبُوا فُلَانًا حَتَّى رَيَّخُوه أَي أَوهَنُوه؛ وأَنشد:
بِوَقْعِها يُرَيَّخُ المُرَيَّخُ، ... والحَسَبُ الأَوْفَى وعزٌّ جُنْيُخُ
والمُرَيَّخُ: الْعَظْمُ الهَش فِي جَوف القَرْن؛ اللَّيْثُ: وَيُسَمَّى العُظَيمُ الهَش الدَّاخِلُ فِي جَوْفِ الْقَرْنِ مُرَيَّخَ القَرْنِ. والمُرَيَّخُ: المُرْداسَنْجُ، ذَكَرُهَ الأَزهري هَاهُنَا؛ قَالَ الأَزهري: أَما الْعَظِيمُ الْهَشُّ الْوَالِجُ فِي جَوْفِ الْقَرْنِ فإِن أَبا خَيْرَةَ قَالَ: هُوَ المَرِيخُ والمَريج القَرْنُ الدَّاخِلُ، وَيُجْمَعَانِ أَمْرِخَةً وأَمْرِجَةً، حَكَاهُ أَبو تُرَابٍ فِي كِتَابِ الِاعْتِقَابِ، قَالَ: وسأَلت عَنْهُمَا أَبا سَعِيدٍ فَلَمْ يَعْرِفْهُمَا، قَالَ: وَعَرَّفَ غَيْرُهُ المَرِيخ القَرْن الأَبيض الَّذِي يَكُونُ فِي جَوْفِ الْقَرْنِ؛ قَالَ الأَزهري: وَذَكَرَ اللَّيْثُ هَذَا الْحَرْفَ فِي تَرْجَمَةِ مَرَخَ فَجَعَلَهُ مَريخاً وجَمَعَه أَمْرِخَةً وَجَعَلَهُ فِي هَذَا الْبَابِ مُرَيَّخاً، بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ؛ قَالَ: وَلَمْ أَسمعه لِغَيْرِهِ؛ وأَما التَّرْييخ بِمَعْنَى التَّلْيِينِ، فَهُوَ صَحِيحٌ. ابْنُ سِيدَهْ: وراخَ رَيْخاً: جارَ، كَذَلِكَ رَوَاهُ كُرَاعٌ وَرِوَايَةُ ابْنِ السِّكِّيتِ وَابْنِ دُرَيْدٍ وأَبي عُبَيْدٍ فِي مُصَنَّفِهِ: زاخَ، بِالزَّايِ، وسيأْتي ذِكْرُهُ. وراخَ الرجلُ يَرِيخُ إِذا بَاعَدَ مَا بَيْنَ الْفَخِذَيْنِ مِنْهُ وانْفَرَجتا حَتَّى لَا يقدرَ عَلَى ضَمِّهِمَا؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وأَنشد:
أَمْسى حبِيبٌ كالفُرَيْخِ رائِخا، ... بَاتَ يُماشِي قُلُصاً مخَائِخا،
صَوَادِراً عَنْ شُوكَ أَو أُضايِخا

فصل الزاي
زخخ: زَخَّه يَزُخُّه زَخّاً: دَفَعَهُ فِي وَهْدة. وزَخَّ فِي قَفَاهُ يَزُخُّ زَخّاً: دَفَعَ، وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: كُلُّ دَفْع زَخٌّ؛ وَفِي حَدِيثِ
أَبي مُوسَى الأَشعري أَنه قَالَ: اتَّبِعُوا القرآنَ وَلَا يَتَّبِعَنَّكم القرآنُ، فإِنه مَنْ يَتَّبِعِ القرآنَ يَهْبِطْ بِهِ عَلَى رياضِ الجنَّةِ، ومَنْ يَتَّبِعُه القرآنُ يَزُخُّ فِي قَفَاهُ
أَي يَدْفَعُهُ حَتَّى يَقْذِفَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَثَلُ أَهلِ بَيْتِي مَثَلُ سَفِينَةِ نُوحٍ مَنْ تَخَلَّف عَنْهَا زُخَّ بِهِ فِي النَّارِ
أَي دُفِعَ ورُمِيَ. يُقَالُ: زَخَّه يَزُخُّه زَخّاً؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
أَبي بَكْرَةَ ودُخُولِهم عَلَى مُعَاوِيَةَ قَالَ: فَزَخَّ فِي أَقفائنا
أَي دَفَعَنا وأَخْرَجَنا. وزخَّ المرأَةَ يَزُخُّها زَخّاً وزَخْزَخَها: نَكَحَهَا، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ لأَنه دفعٌ. والمَزَخَّة، بِالْفَتْحِ: المرأَة. وزَخَّةُ الإِنسان ومَزَخَّته ومِزَخَّته: امرأَته؛ قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ مِنَ الزَّخِّ الَّذِي هُوَ الدَّفْعُ. وَرُوِيَ عَنْ
عَلِيِّ بْنِ أَبي طَالِبٍ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، فِي الْحَدِيثِ أَنه قَالَ:
أَفلح مَنْ كَانَتْ لَهُ مِزَخَّه ... يَزُخُّها ثُمَّ ينامُ الفَخَّه
الْفَخَّةُ: أَن يَنَامَ فَيَنْفُخَ فِي نَوْمِهِ؛ أَراد يَنَامُ حَتَّى يَصِيرَ لَهُ فَخيخٌ أَي غَطِيطٌ. والمزَخَّة، بِالْكَسْرِ: الزَّوْجَةُ، وَرُوِيَ مَزَخَّة، بِنَصْبِ الْمِيمِ، كأَنها مَوْضِعُ الزَّخِّ أَي الدَّفْعِ فِيهَا لأَنه يَزُخُّها أَي يُجَامِعُهَا، وَسُمِّيَتِ المرأَة مِزَخَّة لأَن الرَّجُلَ يُجَامِعُهَا. وزَخَّتِ المرأَةُ بِالْمَاءِ تَزُخُّ وزَخَّتْه: دفعته.
__________
(1).
زاد المجد: وأرمخ الرجل: لان وذل والدابة أخذت في السن

(3/20)


وامرأَة زَخَّاخة وزَخَّاء: تَزُخُّ عِنْدَ الْجِمَاعِ. وزخَّ بِبَوْلِهِ زَخّاً: دَفَعَ مثلَ ضَخَّ. والزَّخُّ: السُّرعة. وزخَّ الإِبلَ يَزُخُّها زَخّاً: سَاقَهَا سَوْقًا سَرِيعًا واحْتَثَّها. والمِزَخُّ: السَّرِيعُ السَّوْق؛ قَالَ:
إِنَّ عَلَيْكَ حَادِيًا مِزَخَّا، ... أَعْجَمَ لَا يُحْسِنُ إِلَّا نَخَّا،
والنَّخُّ لَا يُبْقي لهنَّ مُخَّا
والزَّخُّ والنَّخُّ: السَّيْرُ الْعَنِيفُ؛ وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: كَتَبَ إِلي عُثْمَانَ بْنِ حُنيف: لَا تأْخُذنَّ مِنَ الزُّخَّةِ والنُّخَّةِ شَيْئًا
؛ الزُّخَّة: أَولاد الْغَنَمِ لأَنها تُزَخُّ أَي تُساقُ وَتُدْفَعُ مِنْ وَرَائِهَا، هِيَ فُعْلَة بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، كالقُبْضَةِ والغُرْفَة، وإِنما لَا تُؤْخَذُ مِنْهَا الصَّدَقَةُ إِذا كَانَتْ مُنْفَرِدَةً، فإِذا كَانَتْ مَعَ أُمهاتها اعْتُدَّ بِهَا فِي الصَّدَقَةِ وَلَا تُؤْخَذُ. وَلَعَلَّ مَذْهَبَهُ قَدْ كَانَ لَا يأْخذ مِنْهَا شَيْئًا؛ وَرُبَّمَا وضَع الرجلُ مِسْحاتَه فِي وَسَطِ نهر ثم يَزُخُّ بِنَفْسِهِ أَي يَثِبُ. والزَّخُّ والزَّخَّةُ: الحِقْدُ وَالْغَيْظُ وَالْغَضَبُ؛ قَالَ صَخْر الغَيّ:
فَلَا تَقْعُدَنَّ عَلَى زَخَّةٍ، ... وتُضْمِرَ فِي القلبِ وَجْداً وخِيفَا
وَيُقَالُ: زَخَّ الرجلُ زَخّاً إِذا اغْتَاظَ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَذَكَرُوا أَنه لَمْ يُسْمَعِ الزَّخَّةُ الَّتِي هِيَ الْحِقْدُ وَالْغَضَبُ إِلا فِي هَذَا الْبَيْتِ. والزَّخِيخُ: النَّارُ، يَمَانِيَةٌ؛ وَقِيلَ: هِيَ شدَّة بَرِيقِ الْجَمْرِ وَالْحَرِّ والحَرِير لِأَنَّ الحَريرَ يَبْرُق مِنَ الثِّيَابِ؛ وَقَدْ زَخَّ يَزُخُّ زَخِيخاً؛ قَالَ:
فَعِنْدَ ذاكَ يَطْلُعُ المِرِّيخُ، ... فِي الصُّبْحِ يَحْكي لونَهُ زَخِيخُ،
مِنْ شُعْلَةٍ ساعَدَها النَّفِيخُ
زرنخ: الزِّرْنِيخُ: أَعْجَمِيٌّ.
زلخ: الزَّلْخُ: رَفْعُك يَدَكَ فِي رَمْيِ السَّهْمِ إِلى أَقصى مَا تَقدر عَلَيْهِ تُرِيدُ بُعْدَ الغَلْوَةِ؛ وأَنشد:
مِنْ مائةٍ زَلْخٍ بِمرِّيخٍ غَالِ
الأَزهري: وَسُئِلَ أَبو الدُّقَيْش عَنْ تَفْسِيرِ هَذَا الْبَيْتِ بِعَيْنِهِ فَقَالَ: الزَّلْخُ أَقْصى غايةِ المُغالي. والزَّلْخ: غَلْوَةُ سَهْمٍ؛ قَالَ الأَزهري: الَّذِي قَالَهُ اللَّيْثُ إِنّ الزَّلْخَ رَفعك يدك في رَمْيِ السَّهْمِ، حَرْفٌ لَمْ أَسمعه لِغَيْرِهِ؛ قَالَ: وأَرجو أَن يَكُونَ صَحِيحًا. وزَلِخَتِ الإِبلُ «1». تَزْلَخُ زَلَخاً: سَمِنَتْ. وعَنَقٌ زَلَّاخٌ: شَدِيدٌ؛ قَالَ:
يَرِدْنَ قَبلَ فُرَّطِ الفراخِ ... بِدَلَجٍ، وعَنَقٍ زَلَّاخِ
وَنَاقَةٌ زَلُوخٌ: سَرِيعَةٌ. وَقَالَ خَلِيفَةُ الضِّبابيّ: الزَّلَجَانُ والزَّلخَان فِي الْمَشْيِ التَّقَدُّم فِي السُّرْعَة. والزَّلْخُ: المَزَلَّة «2». تَزِلُّ مِنْهَا الأَقْدام لنَداوتِها لأَنها صَفَاةٌ مَلْساءُ. وعَقَبَةٌ زَلُوخٌ: طَوِيلَةٌ بَعِيدَةٌ. ورَكِيَّة زَلُوخ وزَلْخٌ: مَلْسَاءُ أَعلاها مَزَلَّة يَزْلَقُ فِيهَا مَنْ قَامَ عَلَيْهَا؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
كأَنَّ رِماحَ القَوْمِ أَشْطانُ هُوَّةٍ ... زَلُوخِ النَّواحِي، عَرْشُها مُتَهَدِّمُ
وَبِئْرٌ زَلُوخٌ وزَلُوجٌ: وَهِيَ المُتَزَلِّقَة الرأْس؛ وَمَكَانٌ زَلِخٌ، بِكَسْرِ اللَّامِ، وَيُقَالُ: زَلْخٌ، ومقَامٌ زَلْخٌ مِثْلُ زَلْجٍ أَي دَخْضٌ [مَزَلَّة] مَزِلَّة، وُصِفَ بِالْمَصْدَرِ، ومَزِلَّة زَلْخٌ. كذلك؛ قال:
__________
(1).
قوله [وزلخت الإبل إلخ] بابه فرح كما في القاموس
(2).
قوله [والزلخ المزلة] بسكون اللام وكسرها كما في القاموس

(3/21)


قامَ عَلَى مَنْزَعةٍ زَلْخٍ فَزَلّ
أَبو زَيْدٍ: زَلَخَتْ رِجْلُه وزَلَجَتْ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فَوارِسُ نازَلُوا الأَبْطال دُوني، ... غَداةَ الشِّعْبِ فِي زَلْخِ المَقامِ
وزَلَخ رأْسَه «1». زَلْخاً: شَجَّه؛ هَذِهِ عَنْ كُرَاعٍ. والزُّلَّخَة، بِتَشْدِيدِ اللَّامِ: وَجَعٌ يَعْرِضُ فِي الظَّهْرِ؛ وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هُوَ دَاءٌ يأْخذ فِي الظَّهْرِ وَالْجَنْبِ؛ قَالَ:
كأَنَّ ظَهْرِي أَخَذَتْه زُلَّخَه، ... لمَّا تَمَطَّى بالفَرِيِّ المِفْضَخه
الزُّلَّخة: مِثْلُ القُبَّرة الزُّحْلُوقة يَتَزَلَّجُ مِنْهَا الصِّبْيَانُ؛ وأَنشد أَبو عَمْرٍو:
وصِرْتُ مِنْ بعدِ القوامِ أَبْزَخا، ... وزَلَّخَ الدهرُ بظَهْري زُلَّخا
قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: اعْتَلَّتْ أُمُّ الْهَيْثَمِ الأَعرابيةُ فَزَارَهَا أَبو عُبَيْدَةَ وَقَالَ لَهَا: عَمَّ كَانَتْ عِلَّتُكِ؟ فَقَالَتْ: كُنْتُ وَحْمَى سَدِكَةً، فَشَهِدْتُ مأْدُبة، فأَكلتُ جُبْجُبَة، مِنْ صَفِيفٍ هِلَّعَة، فاعْتَرَتْني زُلَّخة؛ قُلْنَا لَهَا: مَا تَقُولِينَ يَا أُم الْهَيْثَمِ؟ فَقَالَتْ: أَوللناس كَلَامَانِ؟ وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن فُلَانًا المُحارِبيَّ أَراد أَن يَفْتِكَ بِالنَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ يَشْعُرْ بِهِ إِلا وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى رأْسه وَمَعَهُ السَّيْفُ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اكْفِنِيه بِمَا شِئْتَ فانْكَبَّ لِوَجْهِهِ مِنْ زُلَّخة زُلِّخَها بَيْنَ كَتِفَيْهِ ونَدَر سيفُه
؛ يُقَالُ: رَمَى اللهُ فُلَانًا بالزُّلَّخة، بِضَمِّ الزَّايِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ وَفَتْحِهَا، وَهُوَ وَجَعٌ يأْخذ فِي الظَّهْرِ لَا يَتَحَرَّكُ الإِنسان مِنْ شِدَّتِهِ، وَاشْتِقَاقِهَا مِنَ الزَّلْخِ، وَهُوَ الزَّلْقُ وَيُرْوَى بِتَخْفِيفِ اللَّامِ؛ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ فَزُلِجَ بَيْنَ كَتِفَيْهِ، بِالْجِيمِ، قَالَ: وَهُوَ غَلَطٌ. وَكَانَتْ صاحبةُ يُوسُفَ الصِّدِّيق، عَلَيْهِ السَّلَامُ، تُسَمَّى زَلِيخا فِيمَا زَعَمَ المفسرون.
زمخ: زَمَخَ الرجلُ بأَنفه زَمْخاً وشَمَخَ: تَكَبَّرَ وَتَاهَ. وأُنُوفٌ زُمَّخٌ: شُمَّخٌ. وعَقَبة زَمُوخٌ: بَعِيدَةٌ، قَالَ أَبو زَيْدٍ: عَقَبَةٌ زَمُوخٌ وحَجُون شَدِيدَةٌ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: زَمُوخ وبَزُوخ أَي عَسِرَة نَكِدَة؛ وأَنشد:
أَبَتْ لِي عِزَّةٌ بَزَرَى زَمُوخ
وَيُرْوَى بَزُوخ وَمَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ. والزامِخُ: الشامخُ بأَنفه؛ وأَنشد:
أَجْوازُهُنَّ والأُنوفُ والزُّمَّخُ
يَعْنِي بالأَجْواز أَوساطَ الْجِبَالِ وأُنوفَها الطِّوالَ، وَاللَّهُ أَعلم.
زنخ: زَنِخَ الدُّهْنُ والسَّمْنُ، بِالْكَسْرِ، يَزْنَخُ زَنَخا تَغَيَّرَتْ رَائِحَتُهُ فَهُوَ زَنِخٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، دَعَاهُ رَجُلٌ فَقَدَّم إِليه إِهالَةً زَنِخةً فِيهَا عِرْقٌ «2»
أَي مُتَغَيِّرَةُ الرَّائِحَةِ. وَيُقَالُ سَنِخةٌ، بِالسِّينِ. وإِبل زَنِخةٌ إِذا عَطِشَتْ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ فَضَاقَتْ بُطُونُهَا، عَنْ كُرَاعٍ. وزَنِخَ الطعامُ وسَنِخَ إِذا تَغَيَّرَ. أَبو عَمْرٍو: زَنَخ القُرادُ زُنُوخاً ورَتَخَ رُتُوخاً إِذا تَشَبَّثَ بِمَنْ عَلِقَ بِهِ، وأَنشد:
فقُمْنا، وزَيْدٌ راتِخٌ فِي خِبائها، ... رُتُوخَ القُرادِ لَا يَرِيم إِذا زَنَخْ
وَيُرْوَى: إِذا رَتَخَ ومعناهما واحد.
زوخ: زُوَاخ: مَوْضِعٌ، يَصْرَفُ وَلَا يُصْرَفُ.
__________
(1).
قوله [وزلخ رأسه] بابه ضرب كما في القاموس
(2).
قوله [فيها عرق] كذا بالأصل والذي في النهاية فيها قزح انتهى. والقزح بكسر القاف وفتحها مع سكون الزاي: التابل

(3/22)


زيخ: زَاخَ يَزِيخُ زَيْخاً وزَيَخاناً: جَارَ؛ قَالَ شَمِرٌ: زَاحَ وَزَاخَ، بِالْحَاءِ وَالْخَاءِ، بِمَعْنًى. وَحُكِيَ عَنْ أَعرابي مِنْ قَيْسٍ أَنه قَالَ: حَمَلُوا عَلَيْهِمْ فأَزاخُوهم عَنْ مَوْضِعِهِمْ أَي نَحَّوْهم؛ قَالَ وَيُرْوَى بَيْتُ لَبِيدٍ:
لَوْ يَقومُ الفِيلُ أَو فَيَّالُه، ... زاخَ عَنْ مِثْلِ مَقامي وزَحَل
قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: زَاحَ، بِالْحَاءِ، أَي ذَهَبَ، وَزَاحَتْ عِلَّتُهُ، وأَما زَاخَ، بِالْخَاءِ، فَهُوَ بِمَعْنَى جَارَ لا غير.

فصل الشين المهملة
سبخ: التَّسْبِيخُ: التَّخْفِيفُ، وَفِي الدُّعَاءِ: سَبَّخَ اللهُ عَنْكَ الشِّدّة. وَفِي الْحَدِيثِ
عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَن سَارِقًا سَرَقَ مِنْ بَيْتِ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، شَيْئًا فَدَعَتْ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تُسَبِّخِي عَنْهُ بِدُعَائِكِ عَلَيْهِ
؛ أَي لَا تُخَفِّفي عَنْهُ إِثمه الَّذِي اسْتَحَقَّهُ بِالسَّرِقَةِ بِدُعَائِكَ عَلَيْهِ؛ يُرِيدُ أَن السَّارِقَ إِذا دَعَا عَلَيْهِ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ خَفَّفَ ذَلِكَ عَنْهُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فَسَبِّخْ عَلَيْكَ الهَمَّ، وَاعْلَمْ بأَنه ... إِذا قَدَّرَ الرحمنُ شَيْئًا فكائِنُ
وَهَذَا كَمَا قَالَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ:
مَنِ دَعَا عَلَى مَنْ ظَلَمَهُ فَقَدِ انْتَصَرَ
؛ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ خُفِّفَ عَنْهُ شَيْءٌ فَقَدْ سُبِّخَ عَنْهُ. وَيُقَالُ: اللَّهُمَّ سَبِّخْ عَنِّي الحُمَّى أَي خَفِّفْها وسُلَّها، وَلِهَذَا قِيلَ لِقِطَعِ القُطْن إِذا نُدِفَ: سَبائخ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الأَخطل يَذْكُرُ الْكِلَابَ:
فأَرْسَلُوهُنَّ يُذْرِينَ الترابَ، كَمَا ... يُذْرِي سَبائخَ قُطنٍ نَدْفُ أَوْتارِ
وَيُقَالُ: سَبِّخْ عَنَّا الأَذَى يَعْنِي اكْشِفْه وَخَفِّفْهُ. وَالتَّسْبِيخُ أَيضاً: التَّسْكِينُ والسكونُ جَمِيعًا. قَالَ بَعْضُ الْعَرَبِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى نَوْمِ اللَّيْلِ وَتَسْبِيخِ الْعُرُوقِ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
لَمَّا رَمَوْا بِي والنَّقانِيقُ تَكِشْ، ... فِي قَعْرِ خَرْقاءَ لَهَا جَوْبٌ عَطِشْ،
سَبَّخْتُ والماءُ بِعِطْفَيْها يَنِشْ
ابْنُ الأَعرابي: سَمِعْتُ أَعرابيّاً يَقُولُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى تَسْبِيخِ الْعُرُوقِ وإِساغة الرِّيقِ، بِمَعْنَى سُكُونِ الْعُرُوقِ مَنْ ضَرَبانِ أَلم فِيهَا. والسَّبْخُ والتَّسْبِيخُ: النَّوْمُ الشَّدِيدُ؛ وَقِيلَ: هُوَ رُقادُ كُلِّ سَاعَةٍ. وسَبَّخْتُ أَي نِمْتُ. وَفِي التَّنْزِيلِ: إِن لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْخاً طَوِيلًا، قرأَ بِهَا يَحْيَى بْنُ يَعْمُرَ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ فَراغاً طَوِيلًا. الْفَرَّاءُ: هُوَ مِنْ تَسْبيخ الْقُطْنِ وَهُوَ تَوْسِعَتُهُ وَتَنْفِيشُهُ. يُقَالُ: سَبِّخِي قُطْنك أَي نَفِّشِيه ووَسِّعيه. ابْنُ الأَعرابي: مَنْ قرأَ سَبْحاً، فَمَعْنَاهُ اضْطِرَابًا ومعَاشاً، وَمَنْ قرأَ سَبْخاً أَراد رَاحَةً وَتَخْفِيفًا للأَبدان وَالنَّوْمَ. أَبو عمرو: السَّبْخُ النوم والفراع. الزَّجَّاجُ: السَّبْحُ والسَّبْخ قَرِيبَانِ مِنَ السَّواء. وتَسَبَّخَ الحَرُّ والغَضبُ وسَبَخَ: سَكَنَ وَفَتَرَ، وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَمْهِلْنا يُسَبَّخْ عَنَّا الحَرُّ
أَي يَخِفَّ. والسَّبِيخة: القُطْنة؛ وَقِيلَ: هِيَ الْقِطْعَةُ مِنَ الْقُطْنِ تُعَرَّضُ لِيُوضَعَ فِيهَا دَوَاءٌ وتُوضَعَ فَوْقَ جُرْحٍ؛ وَقِيلَ: هِيَ الْقُطْنُ الْمَنْفُوشُ المَنْدُوفُ وَجَمْعُهَا سَبائخ وسَبِيخٌ؛ وأَنشد:
سَبَائخُ مِنْ بُرْسٍ وطُوطٍ وبَيْلَمٍ، ... وقُنْفُعَةٌ فِيهَا أَلِيلُ وَحِيحِها
البُرْسُ: القطنُ. والطُّوطُ: قطنُ البَرْدِيّ. والبَيْلَمُ: قُطْنُ الْقَصَبِ. والقُنْفُعَة: القُنْفُذة. وَالْوَحِيحُ: ضَرْبٌ مِنَ الوَحْوَحة.

(3/23)


وَالسَّبِيخُ مِنَ الْقُطْنِ: مَا يُسَبَّخُ بَعْدَ النَّدْفِ أَي يُلَفُّ لِتَغْزِلَهُ المرأَة، والقِطْعة مِنْهُ سَبِيخة، وَكَذَلِكَ مِنَ الصُّوفِ وَالْوَبَرِ. وَقُطْنٌ سَبِيخٌ ومُسَبَّخٌ: مُفَدَّك، وَهُوَ مَا يُلَفُّ لِتَغْزِلَهُ المرأَة بَعْدَ النَّدْفِ. والسَّبْخُ: شِبْه الاستلال. والسَّبْخُ: سَلُّ الصُّوفِ وَالْقُطْنِ؛ وأَنشد فِي تَرْجَمَةٍ سَخَتَ:
وَلَوْ سَبَخْتَ الوَبَرَ العَمِيتا، ... وبِعْتَهم طَحِينَكَ السِّخْتِيتا،
إِذاً رَجَوْنا لَكَ أَن تَلُوتا
تَقُولُ: سَبِيخةٌ مِنْ قُطْنٍ وعَمِيتةٌ مِنْ صُوفٍ وفَلِيلة مِنْ شَعَرٍ. وَيُقَالُ لِرِيشِ الطَّائِرِ الَّذِي يَسْقُط: سَبِيخٌ لأَنه يَنْسَلُّ فَيَسْقُطُ عَنْهُ. وَسَبَائِخُ الرِّيشِ وسَبِيخه: مَا تَنَاثَرَ مِنْهُ وَهُوَ المُسَبَّخُ. والسَّبَخَةُ: أَرض ذَاتُ مِلْحٍ ونَزٍّ، وَجَمْعُهَا سِباخٌ؛ وَقَدْ سَبِخَتْ سَبَخاً فَهِيَ سَبِخةٌ وأَسْبَخَتْ. وَتَقُولُ: انْتَهَيْنَا إِلى سَبَخة يَعْنِي الْمَوْضِعَ، وَالنَّعْتُ أَرض سَبِخة. والسَّبَخةُ: الأَرض الْمَالِحَةُ. والسَّبَخُ: الْمَكَانُ يَسْبَخُ فَيُنْبِتُ المِلْحَ وتَسُوخُ فِيهِ الأَقدام؛ وَقَدْ سَبِخَ سَبَخاً، وأَرض سَبِخة: ذَاتُ سِباخ. وَفِي الْحَدِيثِ
أَنه قَالَ لأَنس وَذَكَرَ الْبَصْرَةَ: إِن مَرَرْتَ بِهَا وَدَخَلْتَهَا فإِياك وسِباخَها
، هُوَ جَمْعُ سَبَخَة وَهِيَ الأَرض الَّتِي تَعْلُوهَا الْمُلُوحَةُ وَلَا تَكَادُ تُنْبِتُ إِلَّا بعضَ الشَّجَرِ. والسَّبَخَة: مَا يَعْلُو الماءَ مِنْ طُحْلُب وَنَحْوِهِ؛ وَيُقَالُ: قَدْ عَلَتْ هَذَا الْمَاءَ سَبَخَةٌ شَدِيدَةٌ كأَنه الطُّحْلُب مِنْ طُولِ التَّرْكِ. وحَفَروا فأَسْبَخُوا: بَلَغُوا السِّباخَ؛ تَقُولُ: حَفَر بِئْرًا فأَسْبَخَ إِذا انْتَهَى إِلى سَبَخة.
سخخ: السَّخَاخ، بِالْفَتْحِ: الأَرض الحُرَّة اللَّيِّنَةُ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَقَدْ جَمَعَهَا القَطامِيُّ سَخاسِخَ؛ قَالَ يَصِفُ سَحَابًا ماطراً:
تَواضَعَ بال سَّخاسِخِ مِنْ مُنِيمٍ، ... وجادَ العينَ، وافْتَرشَ الغِمارا
وسَخَّتِ الْجَرَادَةُ: غَرَزَتْ ذَنَبَها فِي الأَرض؛ وَفِي النَّوادر: يُقَالُ سُخَّ فِي أَسفل الْبِئْرِ أَي احْفِرْ. وسَخَّ فِي الأَرض وزَخَّ فِي الحَفْرِ والإِمعانِ فِي السيرِ جَمِيعًا؛ وَيُقَالُ: لَخَّ فِي البئر مثل سَخَّ.
سدخ: ضَرَبَهُ حَتَّى انْسَدَخَ أَي انبسط.
سربخ: السَّرْبَخُ: الأَرض الْوَاسِعَةُ؛ وَقِيلَ: هِيَ الأَرض الْبَعِيدَةُ؛ وَقِيلَ: هِيَ المَضِلَّة الَّتِي لَا يُهْتَدَى فِيهَا لِطَرِيقٍ؛ وَفِي حَدِيثِ جُهَيْشٍ:
وكائنْ قَطَعْنا إِليك مِنْ دَويَّة سَرْبَخٍ
أَي مَفَازَةٍ وَاسِعَةٍ بَعِيدَةِ الأَرجاء؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ مَعْدِيكَرِبَ:
وأَرض قَدْ قَطَعْتُ بِهَا القَواهِي ... مِنَ الجِنَّانِ، سَرْبَخُها مَلِيعُ «3»
.
وَقَالَ أَبو دُواد:
أَسْأَدَتْ ليْلةً وَيَوْمًا، فَلَمَّا ... دَخَلَتْ فِي مُسَرْبَخٍ مَرْدُونِ
قَالَ: المَرْدُون الْمَنْسُوجُ بِالسَّرَابِ. والرَّدَنُ: الغَزْلُ. والسَّرْبَخَة: الخِفَّة والنَّزَقُ. وَفِي النَّوَادِرِ: ظَلِلْتُ اليومَ مُسَرْبَخاً ومُسَنْبَخاً أَي ظَلِلْتُ أَمشي فِي الظَّهِيرَةِ.
سلخ: السَّلْخُ: كَشْطُ الإِهابِ عَنْ ذِيهِ. سَلَخَ الإِهابَ يَسْلُخه ويَسْلَخه سَلْخاً: كَشَطه. والسَّلْخُ: مَا سُلِخَ عَنْهُ. وَفِي حَدِيثِ
سُلَيْمَانَ، عَلَيْهِ
__________
(3).
قوله [قطعت بها القواهي] كذا بالأَصل بالقاف، ولعله جمع قاه، وهو الحديد الفؤاد. وقوله من الجنان: بيان له جمع جان كحائط وحيطان، والذي في الصحاح الهواهي، بهاءين

(3/24)


السَّلَامُ، والهُدْهُدِ: فَسَلَخوا موضعَ الماءِ كَمَا يُسْلَخُ الإِهابُ فَخَرَجَ الْمَاءُ
أَي حَفَرُوا حَتَّى وَجَدُوا الْمَاءَ. وَشَاةٌ سَلِيخٌ: كُشِطَ عَنْهَا جلدُها فَلَا يَزَالُ ذَلِكَ اسمَها حَتَّى يُؤكل مِنْهَا، فإِذا أُكل مِنْهَا سُمِّيَ مَا بقيَ مِنْهَا شِلْواً قلَّ أَو كَثُرَ. والمَسْلوخ: الشَّاةُ سُلِخَ عَنْهَا الْجِلْدُ. والمَسْلوخة: اسْمٌ يَلْتَزِمُ الشَّاةَ الْمَسْلُوخَةَ بِلَا بُطونٍ وَلَا جُزارة. والمِسْلاخُ: الجِلْد. والسَّلِيخة: قَضِيبُ الْقَوْسِ إِذا جُرِّدَتْ مِنْ نَحْتِها لأَنها اسْتُخْرِجَتْ مِنْ سَلْخِها؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. وَكُلُّ شَيْءٍ يُفْلَقُ عَنْ قِشْر، فَقَدِ انْسَلَخَ. ومِسْلاخ الْحَيَّةِ وسَلْخَتها: جِلْدَتها الَّتِي تَنْسَلِخُ عَنْهَا؛ وَقَدْ سَلَخَتِ الحيةُ تسلَخُ سَلْخاً، وَكَذَلِكَ كُلُّ دَابَّةٍ تَنْسَرِي مِنْ جِلْدَتها كاليُسْرُوعِ وَنَحْوِهِ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: مَا رأَيت امرأَة أَحبُّ إِليَّ أَن أَكونَ فِي مِسْلاخها مِنْ سَوْدةَ تَمَنَّتْ أَن تَكُونَ مِثْلَ هَدْيها وَطَرِيقَتِهَا.
والسِّلْخُ، بِالْكَسْرِ: الجِلْد. والسالخُ: الأَسْوَدُ مِنَ الْحَيَّاتِ شديدُ السَّوَادِ وأَقْتَلُ مَا يَكُونُ مِنَ الْحَيَّاتِ إِذا سَلَخَت جِلْدَها؛ قَالَ الْكُمَيْتُ يَصِفُ قَرْنَ ثَوْرٍ طَعَنَ بِهِ كَلْبًا:
فَكَرَّ بأَسْحَمَ مثلِ السِّنانِ، ... شَوَى مَا أَصابَ بِهِ مَقْتَلُ
كأَنْ مُخَّ رِيقَتِه فِي الغُطَاطْ، ... بِهِ سالخُ الجِلْدِ مُسْتَبْدَلُ
ابْنُ بُزُرْج: ذَلِكَ أَسودُ سالِخاً جَعَلَهُ مَعْرِفَةً ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ مسأَلة. وأَسْوَدُ سالخٌ: غيرَ مُضَافٍ لأَنه يَسْلَخ جِلْدَهُ كلَّ عَامٍ، وَلَا يُقَالُ للأُنثى سَالِخَةٌ، وَيُقَالُ لَهَا أَسْوَدَةُ ولا توصف بسالخة، وأَسْوَدانِ سالخٌ لَا تُثَنَّى الصِّفَةُ فِي قَوْلُ الأَصمعي وأَبي زَيْدٍ، وَقَدْ حَكَى ابْنُ دُرَيْدٍ تَثْنِيَتَهَا، والأَول أَعرف، وأَساوِدُ سالخةٌ وسَوالخُ وسُلَّخٌ وسُلَّخةٌ، الأَخيرة نَادِرَةٌ. وسَلَخَ الحَرُّ جلدَ الإِنسان وسَلَّخه فانْسَلَخ وتَسَلَّخ. وسَلَخَت المرأَة عَنْهَا دِرْعَها: نَزَعَتْهُ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
إِذا سَلَخَتْ عَنْهَا أُمامةُ دِرْعَها، ... وأَعْجَبها رَابِي المَجَسَّةِ مُشْرِفُ
والسالخُ: جَرَبٌ يَكُونُ بِالْجَمَلِ يُسْلَخُ مِنْهُ وَقَدْ سُلِخَ، وَكَذَلِكَ الظَّلِيمُ إِذا أَصاب ريشَه داءٌ. واسْلَخَّ الرَّجُلُ إِذا اضْطَجَعَ. وَقَدِ اسْلَخَخْتُ أَي اضْطَجَعَتْ؛ وأَنشد:
إِذا غَدا القومُ أَبى فاسْلَخَّا
وانْسَلَخَ النَّهَارُ مِنَ اللَّيْلِ: خَرَجَ مِنْهُ خُرُوجًا لَا يَبْقَى مَعَهُ شَيْءٌ مِنْ ضَوْئِهِ لأَن النَّهَارَ مُكَوَّر عَلَى الليل، فإِذا زال ضوؤه بَقِيَ اللَّيْلُ غَاسِقًا قَدْ غَشِيَ الناسَ؛ وَقَدْ سَلَخ اللهُ النهارَ مِنَ اللَّيْلِ يَسْلخُه. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ
.
وسَلَخْنا الشهرَ نَسْلَخُه ونَسْلُخُه سَلْخاً وَسُلُوخًا: خَرَجْنَا مِنْهُ وصِرْنا فِي آخِرِ يَوْمِهِ؛ وسَلَخَ هُوَ وانسَلخ. وجاءَ سَلْخَ الشَّهْرِ أَي مُنْسَلَخَه. التَّهْذِيبِ: يُقَالُ سَلَخْنا الشَّهْرَ أَي خَرَجْنَا مِنْهُ فسَلَخْنا كُلَّ لَيْلَةٍ عَنْ أَنفسنا جُزْءًا مِنْ ثَلَاثِينَ جُزْءًا حَتَّى تَكَامَلَتْ لَيَالِيَهُ فسلَخناه عَنْ أَنفسنا كلَّه. قَالَ: وأَهْلَلْنا هِلالَ شَهْرِ كَذَا أَي دَخَلْنَا فِيهِ وَلَبِسْنَاهُ فَنَحْنُ نَزْدَادُ كُلَّ لَيْلَةٍ إِلى مضيِّ نِصْفِهِ لِباساً مِنْهُ ثُمَّ نَسْلَخُه عَنْ أَنفسنا كلَّه؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
إِذا مَا سَلَخْتُ الشهرَ أَهْلَلْتُ مثلَه، ... كَفَى قاتِلًا سَلْخِي الشُّهورَ وإِهْلالي

(3/25)


وَقَالَ لَبِيدٌ:
حَتَّى إِذا سَلَخا جُمادَى ستَّةً، ... جَزْءاً فطالَ صيامُه وصيامُها
قَالَ: وَجُمَادَى سِتَّةٌ هُوَ جُمَادَى الْآخِرَةِ وَهِيَ تَمَامُ سِتَّةِ أَشهر مِنْ أَول السَّنَةِ. وسَلَخْتُ الشَّهْرَ إِذا أَمضيته وَصِرْتَ فِي آخِرِهِ؛ وانسلَخَ الشهرُ مِنْ سَنته والرجلُ مِنْ ثِيَابِهِ والحيةُ مِنْ قِشْرِهَا والنهارُ مِنَ اللَّيْلِ. وَالنَّبَاتُ إِذا سَلَخ ثُمَّ عَادَ فاخْضَرَّ كلُّه، فَهُوَ سالخٌ مِنَ الحَمْض وَغَيْرِهِ؛ ابْنُ سِيدَهْ: سَلَخَ النباتُ عَادَ بَعْدَ الهَيْج واخْضَرَّ. وسَلِيخ العَرْفَج: مَا ضَخُمَ مِنْ يَبِيسه. وسَلِيخةُ الرِّمْثِ والعَرْفَج: مَا لَيْسَ فِيهِ مَرْعىً إِنما هُوَ خَشَبٌ يَابِسٌ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ للرِمْث والعَرْفَج إِذا لَمْ يَبْقَ فِيهِمَا مَرْعىً لِلْمَاشِيَةِ: مَا بَقِيَ مِنْهُمَا إِلا سَلِيخة. وسَلِيخةُ البانِ: دُهْنُ ثَمره قَبْلَ أَن يُربَّبَ بِأَفَاوِيهِ الطِّيب، فإِذا رُبِّبَ ثَمَرُهُ بِالْمِسْكِ وَالطِّيبِ ثُمَّ اعْتُصِر، فَهُوَ مَنْشُوشٌ؛ وَقَدْ نُشَّ نَشّاً أَي اخْتَلَطَ الدهنُ بِرَوَائِحِ الطِّيبِ. والسَّلِيخة: شَيْءٌ مِنَ العِطْر تَرَاهُ كأَنه قِشْرٌ مُنْسَلخ ذُو شُعَبٍ. والأَسْلخُ: الأَصْلَعُ، وَهُوَ بِالْجِيمِ أَكثر. والمِسْلاخُ: النَّخْلَةُ الَّتِي يَنْتَثِر بُسْرُها وَهُوَ أَخضر. وَفِي حَدِيثِ مَا يَشْتَرِطُه الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ:
إِنه لَيْسَ لَهُ مِسْلاخ وَلَا مِحْضار
؛ المِسْلاخ: الَّذِي يَنْتَثِرُ بُسْرُه. وسَلِيخٌ مَلِيخٌ: لَا طَعْمَ لَهُ؛ وَفِيهِ سَلاخَة ومَلاخة إِذا كَانَ كَذَلِكَ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ.
سمخ: السِّماخ: الثَّقْبُ الَّذِي بَيْنَ الدُّجْرَيْنِ مِنْ آلَةِ الفَدَّان. والسِّماخ: لُغَةٌ فِي الصِّماخ وَهُوَ والِجُ الأُذُن عِنْدَ الدِّمَاغِ. وسَمَخَه يَسْمَخُه «1» سَمْخاً: أَصاب سِماخَه فعَقره. وَيُقَالُ: سَمَخَنِي بِحِدَّةِ صَوْتِهِ وَكَثْرَةِ كَلَامِهِ، وَلُغَةُ تَمِيمٍ الصَّمْخُ.
سملخ: السَّمالِخِيّ مِنَ الطَّعَامِ وَاللَّبَنِ: مَا لَا طَعْمَ لَهُ. والسَّمالِخِيُّ: اللبَنُ يُتْرَكُ فِي سِقاءٍ فيُحْقَنُ وطعمهُ طَعْمُ مَخْضٍ. وسُمْلُوخ النَّصِيِّ: مَا تَنْتَزِعُهُ مِنْ قُضْبانه الرَّخْصة؛ وَقَالَ النَّضْرُ: صُمْلُوخ الأُذُنِ وسُمْلُوخُها وَسَخها وَمَا يَخْرُجُ مِنْ قُشُورِهَا؛ وسَماليخُ النَّصِيِّ، أَماصِيخُه وَهُوَ مَا تَنْزِعُه مِنْهُ مثلَ القضيب.
سنخ: السِّنْخُ: الأَصل مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وَالْجَمْعُ أَسْناخ وسُنُوخ. وسِنْخُ كُلِّ شَيْءٍ: أَصله؛ وَقَوْلُ رُؤْبَةُ:
غَمْرُ الأَجارِيّ، كريمُ السِّنْحِ، ... أَبْلَجُ لَمْ يُولَدْ بَنجْمِ الشُّحِ
إِنما أَراد السِنّخ فأَبدل مِنَ الْخَاءِ حَاءً لِمَكَانِ الشُّحِّ وَبَعْضُهُمْ يَرْوِيهِ بِالْخَاءِ، وَجَمَعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْحَاءِ لأَنهما جَمِيعًا حَرْفَا حَلْق؛ وَرَجَعَ فُلَانٌ إِلى سِنْخِ الكَرَم وإِلى سِنْخِه الْخَبِيثِ. وسِنْخُ الْكَلِمَةِ: أَصلُ بِنَائِهَا. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: وَلَا يَظْمَأُ عَلَى التَّقْوَى سِنْخُ أَصلٍ
؛ والسِّنْخُ والأَصل وَاحِدٌ فَلَمَّا اخْتَلَفَ اللَّفْظَانِ أَضاف أَحدهما إِلى الْآخَرِ. وَفِي حَدِيثِ الزُّهْري:
أَصلُ الْجِهَادِ وسِنْخُه الرِّباطُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
يَعْنِي المُرابَطة عَلَيْهِ؛ وَفِي النَّوَادِرِ: سِنْخُ الحُمَّى. وَبَلَدٌ سَنِخٌ: مَحَمَّةٌ. وسِنْخُ السِّكِّينِ: طَرَف سِيلانِه الداخلُ فِي النِّصَابِ. وسِنْخُ النَّصْل: الْحَدِيدَةُ الَّتِي تَدْخُلُ فِي رأْس السَّهْمِ. وسِنْخُ السَّيْفِ: سِيلانُه. وأَسْناخُ الثَّنَايَا والأَسْنانِ: أُصولها. والسَّناخَةُ:
__________
(1).
قوله [وسمخه يسمخه] بابه منع. وسمخ الزرع: طلع أولًا، وأنه لحسن السمخة، بالكسر، كأنه مأخوذ من السماخ العفاص

(3/26)


الرِّيحُ المُنْتِنة والوَسَخُ وَآثَارُ الدِّبَاغِ؛ وَيُقَالُ: بَيْتٌ لَهُ سَنْخَةٌ وسنَاخة؛ قَالَ أَبو كَبِيرٍ:
فَدَخَلْتُ بَيْتًا غيرَ بيتِ سَناخة، ... وازْدَرْتُ مُزْدارَ الكَريمِ المِفْضَلِ
يَقُولُ: لَيْسَ بِبَيْتِ دِباغٍ وَلَا سَمْن. وسَنِخَ الدُّهْنُ والطعامُ وَغَيْرُهُمَا سَنَخاً: تَغَيَّرَ، لغةٌ فِي زَنِخَ يَزْنَخُ إِذا فَسَدَ وَتَغَيَّرَتْ رِيحُهُ. وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،: أَن خَيَّاطاً دَعَاهُ إِلى طَعَامٍ فَقَدَّمَ إِليه إِهَالَةً سَنِخةً وخُبْزَ شَعِيرٍ
؛ الإِهالَةُ: الدَّسِمُ مَا كَانَ، والسَّنِخةُ: الْمُتَغَيِّرَةُ، وَيُقَالُ بِالزَّايِ وَقَدْ تَقَدَّمَ. وسَنِخَ مِنَ الطَّعَامِ: أَكْثَر. وسَنَخَ فِي الْعِلْمِ يَسْنَخُ سُنُوخاً: رَسَخ فِيهِ وَعَلَا. وأَسْناخ النُّجُومِ: الَّتِي لَا تَنْزِلُ بنُجومِ الأَخْذِ، حَكَاهُ ثَعْلَبٍ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فَلَا أَحقّ أَعَنى بِذَلِكَ الأُصولَ أَم غَيْرَهَا. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنما هِيَ أَشياخ النُّجُومِ. أَبو عَمْرٍو: صَنِخَ الوَدَكُ وسَنِخَ.
سنبخ: فِي النَّوَادِرِ: ظَلِلْتُ اليومَ مُسَرْبَخاً ومُسنَبخاً أَي ظَلِلْتُ أَمشي فِي الظَّهِيرَةِ.
سوخ: سَاخَتْ بِهِمُ الأَرضُ تَسُوخ سَوْخاً وسُؤُوخاً وسَوَخاناً إِذا انْخَسَفَت؛ وَكَذَلِكَ الأَقدام تَسُوخ فِي الأَرض وتَسيخ: تَدْخُلُ فِيهَا وتَغِيبُ مِثْلُ ثاخَتْ. وَفِي حَدِيثِ
سُراقَةَ والهِجْرَةِ: فساخَتْ يَدُ فَرَسي
أَي غَاصَتْ فِي الأَرض. وَفِي حَدِيثِ
مُوسَى، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: فَساخَ الجبلُ وخَرَّ مُوسَى صَعِقاً.
وَفِي حَدِيثِ
الغارِ: فانْساختِ الصخرةُ
، كَذَا رُوِيَ بِالْخَاءِ، أَي غَاصَتْ فِي الأَرض؛ قَالَ: وإِنما هُوَ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ؛ وساختِ الرِّجلُ تَسيخُ، كَذَلِكَ مِثْلُ ثاختْ. وَصَارَتِ الأَرض سُواخاً وسُوَّاخى أَي طِيناً. وَسَاخَ الشيءُ يَسُوخُ: رَسَبَ؛ وَيُقَالُ: مُطِرْنا حَتَّى صارت الأَرض سَواخى، على فَعالى بِفَتْحِ الْفَاءِ وَاللَّامِ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: حَتَّى صَارَتِ الأَرض سُوَّاخى، على فُعَّالى بِضَمِّ الْفَاءِ وَتَشْدِيدِ الْعَيْنِ، وَذَلِكَ إِذا كَثُرَتْ رِداغُ المَطَر. وَيُقَالُ: بَطْحاءُ سُوَّاخى وَهِيَ الَّتِي تَسُوخ فِيهَا الأَقدام؛ وَوَصَفَ بَعِيرًا يُراضُ قَالَ: فأَخذ صَاحِبُهُ بِذَنَبِهِ فِي بَطْحاء سُوَّاخى، وإِنما يُضْطَرُّ إِليها الصَّعْبُ ليَسُوخَ فِيهَا. والسُّوّاخى: طِينٌ كَثُرَ ماؤُهُ مِنْ رِداغ الْمَطَرِ؛ يُقَالُ؛ إِن فِيهِ لسُوَّاخِيَةً شَدِيدَةً أَي طِينٌ كَثِيرٌ، وَالتَّصْغِيرُ سُوَيْوِخَة كَمَا يُقَالُ كُمَيثرة. وَفِي النَّوَادِرِ: تَسَوَّخْنا فِي الطِّينِ وتَزَوَّخْنا أَي وقعنا فيه.
سيخ: ساخَ الشيءُ سَيَخاناً: رَسَخَ. والساخةُ: لُغَةٌ فِي السَّخاةِ وَهِيَ البَقْلَةُ الرَّبيعية. وَفِي حَدِيثِ
يَوْمِ الْجُمُعَةِ: مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلا وَهِيَ مُسيخة
أَي مُصْغِية مُسْتَمعة، وَيُرْوَى بِالصَّادِ وَهُوَ الأَصل.

فصل الشين المعجمة
شبخ: الشَّبْخُ: صَوْتُ اللَّبَنِ عِنْدَ الحَلْب كالشَّخْبِ؛ عَنْ كراع.
شخخ: شَخَّ بِبَوْلِهِ يَشُخُّ شَخّاً: مَدّ بِهِ وصَوّت؛ وَقِيلَ: دَفَع. وشَخَّ الشيخُ بِبَوْلِهِ يَشُخُّ شَخّاً: لَمْ يَقْدِرْ أَن يَحْبِسَهُ فَغَلَبَهُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وعَمَّ بِهِ كُراعٌ فَقَالَ: شَخَّ بِبَوْلِهِ شَخّاً إِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى حَبْسِهِ. والشَّخُّ: صَوْتُ الشُّخْب إِذا خَرَجَ مِنَ الضَّرْع. والشَّخْشَخة: صَوْتُ السِّلَاحِ واليَنْبُوتِ كالخَشْخَشة، وَهِيَ لُغَةٌ ضَعِيفَةٌ. والشَّخْشَخة والخَشْخَشة: حَرَكَةُ القِرْطاسِ وَالثَّوْبِ الْجَدِيدِ. وشَخْشَختِ الناقةُ: رَفَعَتْ صَدْرَهَا وهي باركة.

(3/27)


شدخ: الشَّدْخُ: الكسرُ فِي كُلِّ شَيْءٍ رَطْب؛ وَقِيلَ: هُوَ التَّهْشِيم يَعْنِي بِهِ كَسْرَ الْيَابِسِ وكلِّ أَجوفَ؛ شَدَخَه يَشْدَخُه شَدْخاً فانْشَدَخ وتَشَدَّخ. اللَّيْثُ: الشَّدْخ كَسْرُكَ الشيءَ الأَجْوَفَ كالرأْس وَنَحْوُهُ؛ شَدَخَ رأْسَه فانْشَدَخَ وشُدِّختِ الرُؤُوس، شُدِّدَ لِلْكَثْرَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَشَدَخُوه بِالْحِجَارَةِ
؛ الشَّدْخُ: كَسْرُ الشَّيْءِ الأَجْوَفِ وَكَذَلِكَ كُلُّ شَيْءٍ رَخْصٍ كالعَرْفَجِ وَمَا أَشبهه. والمُشَدَّخُ: بُسْرٌ يُغْمَز حَتَّى يَنْشَدِخ. ابْنُ سِيدَهْ: وعَجَلَةٌ شَدْخَةٌ رَطْبَة رَخْصَةٌ، أَعني بالعَجَلَة ضَرْبًا مِنَ النَّبَاتِ. وطِفْلٌ شَدَخٌ: رَخْصٌ. وَغُلَامٌ شادِخٌ: شابٌّ. الْجَوْهَرِيُّ: المُشَدَّخُ البُسْر يُغْمَز حَتَّى يَنْشَدخ ثُمَّ يُيَبَّسُ فِي الشِّتَاءِ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: المُشَدَّخ مِنَ البُسْرِ مَا افْتُضِخ، والفَضْخ والشَّدْخ وَاحِدٌ؛ وَقَوْلُ جَرِيرٍ:
ورَكِبَ الشادِخَةَ المُحَجَّله
يَعْنِي رَكِبَ فِعْلَة مَشْهُورَةً قَبِيحَةً مِنْ قِبَلِ أَبيه؛ وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الشِّعْرُ للعَيِّفِ العَبْدِيِّ يَهْجُو به الْحَرْثَ بْنُ أَبي شَمِرٍ الْغَسَّانِيُّ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لِلْغُلَامِ جَفْر ثُمَّ يافِعٌ ثُمَّ شَدَخ ثُمَّ مُطَبَّخ ثُمَّ كَوْكَبٌ. وَرُوِيَ فِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ أَنه قَالَ فِي السِّقْطِ: إِذا كَانَ شَدَخاً أَو مُضْغَةً فادْفِنْه فِي بَيْتِكَ
؛ الشَّدَخ، بِالتَّحْرِيكِ: الَّذِي يَسْقُطُ مِنْ جَوْفِ أُمه رَطْباً رَخصاً لَمْ يَشْتَدَّ. وشَدَخَتِ الغُرّة تَشْدَخُ شَدْخاً وشُدُوخاً: انْتَشَرَتْ وَسَالَتْ سُفْلًا فملأَت الْجَبْهَةَ وَلَمْ تَبْلُغِ الْعَيْنَيْنِ؛ وَقِيلَ: غَشِيَتِ الوجهَ مِنْ أَصل النَّاصِيَةِ إِلى الأَنف؛ قَالَ:
غُرَّتُنا بالمَجْدِ شادِخَةٌ ... لِلنَّاظِرِينَ، كأَنها البَدْرُ
وَفَرَسٌ أَشْدَخُ، والأُنثى شَدْخاء: ذُو شادِخَةٍ. قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ يُقَالُ لغُرَّة الْفَرَسِ إِذا كَانَتْ مُسْتَدِيرَةً: وَتِيرة، فإِذا سَالَتْ وَطَالَتْ، فَهِيَ شادِخَة، وَقَدْ شَدَخَتْ شُدُوخاً: اتَّسَعَتْ فِي الْوَجْهِ؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدٍ:
سَقْياً لَكُمْ يَا نُعْمُ سَقْيَيْنِ اثْنَيْن، ... شادِخَة الغُرَّة نَجْلاء العَيْن
وقال الراجز:
شَدَخَتْ غُرَّة السَّوابقِ فِيهِمُ، ... في وُجوهٍ إِلى الكِمامِ الجِعَادِ
والشُّدَّاخُ [الشِّدَّاخُ]: أَحد حُكَّام كِنَانَةَ، وَهُوَ لَقَبٌ لَهُ وَاسْمُهُ يَعْمَرُ بنُ عَوْف؛ قَالَ الأَزهري: كان يَعْمَرُ الشِّدَّاخُ [الشُّدَّاخُ] أَحد حُكَّامِ الْعَرَبِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، سُمِّيَ شُدَّاخاً لأَنه حَكَمَ بَيْنَ خُزاعة وقُصَيّ حِينَ حَكَّموه فِيمَا تَنَازَعُوا فِيهِ مِنْ أَمر الْكَعْبَةِ، وَكَثُرَ القتلُ فَشَدَخَ دِماء خُزَاعَةَ تَحْتَ قَدَمِهِ وأَبطلها وَقَضَى بِالْبَيْتِ لِقُصَيّ؛ وخُرِّجَ شِدَّاخٌ [شُدَّاخٌ] نَعْتًا مَخْرَجَ رَجُلٍ طُوَّال وَمَاءٍ طِيَّاب. وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ: يَعْمَرُ الشَّدَّاخُ. وأَمْرٌ شادِخٌ أَي مَائِلٌ عَنِ الْقَصْدِ؛ وَقَدْ شَدَخَ يَشْدَخُ شَدْخاً، فَهُوَ شَادِخٌ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: لَا أَعرف هَذَا الْحَرْفَ وَلَا أَحقه؛ ثُمَّ قَالَ: صَحَّحَهُ قَوْلُ أَبي النَّجْمِ:
مُقْتَدِرُ النَّفْسِ عَلَى تَسْخِيرِها، ... بأَمْرِه الشادِخِ عَنْ أُمُورِها
أَي يَعْدِلُ عَنْ سَنَنها ويَمِيل؛ وَقَالَ الرَّاجِزُ:
شادِخَة تَشْدَخُ عَنْ أَذْلالِها
قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: أَي تَعْدِلُ عَنْ طَرِيقِهَا. وَبَنُو الشَّدَّاخِ: بطنٌ. والأَشْداخُ: وادٍ مِنْ أَودية تِهامَةَ؛ قَالَ حَسَّانُ

(3/28)


بْنُ ثَابِتٍ:
أَلم تَسْأَلِ الرَّبْعَ الجَديدَ التَّكَلُّما، ... بِمَدْفَعِ أَشْداخٍ فَبُرْقَةِ أَظْلَما
شرخ: الشَّرْخُ والسِّنْخُ: الأَصْلُ والعِرْقُ. وشَرْخ كُلِّ شيءٍ: حَرْفُهُ الناتئُ كَالسَّهْمِ وَنَحْوِهِ. وشَرْخا الفُوق: حَرْفَاهُ المُشْرِفانِ اللَّذَانِ يَقَعُ بَيْنَهُمَا الوَتر؛ ابْنُ شُمَيْلٍ: زَنَمَتا السَّهْمِ شَرْخا فُوقِه وَهُمَا اللَّذَانِ الوَتَرُ بَيْنَهُمَا، وشَرْخا السَّهْمِ مِثْلُه؛ قَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ سَهْمًا رَمَى بِهِ فأَنْفَذَ الرَّمِيَّة وَقَدِ اتَّصَلَ بِهِ دَمُها:
كأَنَّ المَتْنَ والشَّرْخَيْنِ مِنْهُ ... خِلاف النَّصْل، سِيطَ به مُشِيحُ
وشَرْخُ الأَمر وَالشَّبَابِ: أَوله. وشَرْخا الرَّحْل: حَرْفَاهُ وَجَانِبَاهُ؛ وَقِيلَ: خَشَبَتَاهُ مِنْ وَرَاءٍ ومُقَدَّم. وشَرْخُ الشَّبَابِ: أَوَّله ونَضارته وقُوَّته وَهُوَ مَصْدَرٌ يَقَعُ عَلَى الْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ وَالْجَمْعِ؛ وَقِيلَ: هُوَ جَمْعُ شَارِخٍ مِثْلُ شَارِبٍ وشَرْبٍ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: شَرْخا الرَّحْلِ آخِرَتُه وَوَاسِطَتُهُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
كأَنه بَيْنَ شَرْخَيْ رَحْل ساهِمةٍ ... حَرْفٍ، إِذا مَا اسْتَرَقَّ الليلُ، مَأْمُومُ
وقال العجاج:
شَرْخا غَبيطٍ سَلِسٍ مِرْكاحِ
ابْنُ حَبِيبٍ: نَجْلُ الرَّجُلِ وشَلْخُهُ وشَرْخُه واحدٌ. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَواحة قَالَ لِابْنِ أَخيه فِي غَزْوَةِ مُؤْتَةَ: لَعَلَّكَ تَرْجِعُ بَيْنَ شَرْخَي الرَّحْل
أَي جَانِبَيْهِ؛ أَراد أَنه يُسْتَشْهَدُ فَيَرْجِعُ ابْنُ أَخيه رَاكِبًا مَوْضِعَهُ عَلَى رَاحِلَتِهِ فَيَسْتَرِيحُ، وَكَذَا كَانَ اسْتُشْهِدَ ابْنُ رَوَاحَةَ فِيهَا. وَمِنْهُ حَدِيثُ
ابْنِ الزُّبَيْرِ مَعَ أَزَبَّ: جاءَ وَهُوَ بَيْنُ الشَّرْخَيْنِ
أَي جَانِبَيِ الرحْلِ. شَمِرٌ: الشَّرْخُ الشَّابُّ وَهُوَ اسْمٌ يَقَعُ مَوْقِعَ الْجَمْعِ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
شَرْخاً صُقُوراً يافِعاً وأَمْرَدا
وشَرْخُ الشَّباب: قُوَّتُه ونَضارته؛ وَقَالَ المُبَرِّدُ: الشَّرْخُ الشَّبابُ لأَن الشَّرْخَ الحَدُّ؛ وأَنشد:
إِنَّ شَرْخَ الشَّبابِ تَأْلَفُه البيضُ، ... وشَيْبُ القَذالِ شَيءٌ زَهِيدُ
والشَّرْخُ: أَوَّل الشَّبابِ. والشارِخُ: الشَّابُّ، والشَّرْخُ: اسْمٌ لِلْجَمْعِ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
اقْتُلوا شُيُوخَ الْمُشْرِكِينَ واسْتَحْيُوا شَرْخَهم
؛ قَالَ أَبو عبيد: قيه قَوْلَانِ: أَحدهما أَنه أَراد بالشُّيوخ «2» الرِّجَالَ المَسانَّ أَهلَ الجَلَدِ والقُوَّة عَلَى الْقِتَالِ وَلَا يُرِيدُ الهَرْمى الَّذِينَ إِذا سُبُوا لَمْ يُنْتَفَعْ بِهِمْ فِي الْخِدْمَةِ، وأَراد بالشَّرْخِ الشَّباب أَهل الْجَلَدِ الَّذِينَ يُنْتَفَعُ بِهِمْ فِي الْخِدْمَةِ؛ وَقِيلَ: أَراد بِهِمُ الصِّغارَ فَصَارَ تأْويل الْحَدِيثِ اقْتُلُوا الرِّجَالَ الْبَالِغِينَ وَاسْتَحْيُوا الصِّبْيَانَ؛ قَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ:
إِنَّ شَرْخَ الشَّبابِ والشَّعَرَ الأَسْوَدَ، ... مَا لَمْ يُعاضَ، كَانَ جُنُونا
وَجَمْعُ الشَّرْخ شُروخٌ وشُرَّخٌ، وشُروخ شُرَّخٌ عَلَى الْمُبَالَغَةِ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
صِيدٌ تَسامى وشُروخٌ شُرَّخُ
والشَّرْخُ: نِتاجُ كُلِّ سَنَةٍ مِنْ أَولاد الإِبل؛ قال
__________
(2).
قوله [أراد بالشيوخ إلخ] عبارة النهاية: أَرَادَ بِالشُّيُوخِ الرِّجَالَ الْمَسَانَّ أَهْلَ الْجَلَدِ وَالْقُوَّةِ عَلَى القتال، ولم يرد الهرمى. والشرخ: الصغار الذين لم يدركوا. وقيل أراد بالشيوخ الْهَرْمَى الَّذِينَ إِذَا سُبُوا لَمْ يُنْتَفَعْ بِهِمْ فِي الخدمة. وأراد بالشرخ الشبان أَهْلَ الْجَلَدِ الَّذِينَ يُنْتَفَعُ بهم في الخدمة.

(3/29)


ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ فَحْلًا:
سِبَحْلًا أَبا شَرْخَيْنِ، أَحْيا بناتِه ... مقَالِيتُها. فَهِيَ اللُّبابُ الحَبائشُ
أَبو عُبَيْدَةَ: الشَّرْخُ النِّتَاجُ؛ يُقَالُ: هَذَا مِنْ شَرْخِ فُلَانٍ أَي مِنْ نِتاجه؛ وَقِيلَ: الشَّرْخُ نِتاجُ سَنَة مَا دَامَ صِغَارًا. والشَّرْخُ: نابُ الْبَعِيرِ. وشَرَخَ نابُ الْبَعِيرِ يَشْرُخُ شُرُوخاً: شَقَّ البَضْعَة وَخَرَجَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فَلَمَّا اعَتَرَتْ طارقاتُ الهُموم، ... رَفَعْتُ الوليَّ وكَوْراً رَبيخا
عَلَى بازلٍ لَمْ يَخُنْها الضِّراب، ... وَقَدْ شَرَخَ النابُ مِنْهَا شُرُوخا
وَفِي الصِّحَاحِ: شَرَخ نابُ الْبَعِيرِ شَرْخاً وشَرَخ الصَّبيُّ شُروخاً. والشَّرْخُ: النَّصْل الَّذِي لَمْ يُسْقَ بَعْدُ وَلَمْ يُرَكَّبْ عَلَيْهِ قائمُه، وَالْجَمْعُ شُرُوخٌ. وَهُمَا شَرْخان أَي مِثْلان وَالْجَمْعُ شُرُوخٌ وَهُمُ الأَتراب. قَالَ أَبو بَكْرٍ: فِي الشَّرْخِ قَوْلَانِ: يُقَالُ الشَّرْخُ أَول الشَّبَابِ فَهُوَ وَاحِدٌ يَكْفِي مِنَ الْجَمْعِ كَمَا تَقُولُ رجلٌ صَوْمٌ وَرَجُلَانِ صَوْمٌ، والشَّرْخُ جَمْعُ شارِخٍ مِثْلُ طَائِرٍ وطيرٍ وشاربٍ وشَرْبٍ؛ وَقَالَ أَبو مَنْصُورٍ: يُقَالُ هُوَ شَرْخِي وأَنا شَرْخُه أَي تِرْبي ولِدَتي. وفِقَعَةٌ شِرْياخٌ: لَا خَيْرَ فِيهَا. وَفِي حَدِيثِ
أَبي رُهْمٍ: لَهُمْ نَعَمٌ بشَبَكَةِ شَرْخٍ
؛ هُوَ بِفَتْحِ الشِّينِ وَسُكُونِ الراءِ، مَوْضِعٌ بِالْحِجَازِ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُهُ بِالدَّالِ. والشِّرْياخُ: الكَمْأَة الْفَاسِدَةُ الَّتِي قَدِ اسْتَرْخَتْ، وَقَدْ ذَكَرَهَا بَعْضُهُمْ في الرباعي.
شردخ: رَجُلٌ شِرْداخُ الْقَدَمَيْنِ: عَرِيضُهُمَا؛ وَفِي النَّوَادِرِ: قَدَمٌ شِرْداخة أَي عَرِيضَةٌ؛ وَفِي بَعْضِ حَوَاشِي نُسَخِ الصِّحَاحِ قَالَ أَبو سَهْلٍ: الَّذِي أَحفظه شِرْداح الْقَدَمِ، بالحاءِ المهملة.
شَلَخَ: الشَّلْخُ: الأَصلُ والعِرْقُ؛ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: شَلْخُ الرَّجُلِ وشَرْخُه ونَجْلُه ونَسْلُه وزَكْوَتُه وزَكْيَتُه وَاحِدٌ. قَالَ أَبو عَدْنَانَ: قَالَ لِي كِلابيٌّ فلانٌ شَلْخُ سَوْءٍ وخَلْفُ سَوْءٍ؛ وأَنشد بَيْتَ لَبِيدٍ:
وبَقِيتُ فِي شَلْخٍ كجِلْدِ الأَجْرَبِ
والشَّلْخُ: حُسْنُ الرِّجْلِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وشالَخُ: جَدُّ إِبراهيم، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.
شمخ: شَمَخَ الجَبَلُ يَشْمَخُ شُموخاً: عَلَا وَارْتَفَعَ. وَالْجِبَالُ الشَّوامخُ: الشَّوَاهِقُ. وَجَبَلٌ شامخٌ وشَمَّاخٌ: طَوِيلٌ فِي السَّمَاءِ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلْمُتَكَبِّرِ: شَامِخٌ. وَالشَّامِخُ: الرَّافِعُ أَنفه عِزّاً وَتَكَبُّرًا وَالْجَمْعُ شُمَّخٌ. وَقَدْ شَمَخَ أَنفه وبأَنفه يَشْمَخُ شُموخاً: تَكَبَّرَ وَتَعَظَّمَ. وَفِي حَدِيثِ
قُسٍّ: شامخُ الحَسَب
؛ الشَّامِخُ: الْعَالِي. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَشَمَخَ بأَنفه
ارْتَفَعَ وَتَكَبَّرَ؛ وأُنُوف شُمَّخٌ. وشَمَخ فلانٌ بأَنفه وشَمَخَ أَنْفُه لِي إِذا رَفَعَ رأْسه عِزًّا وَكِبْرًا؛ والأُنُوفُ الشُّمَّخ مِثْلُ الزُّمَّخ، وَرَجُلٌ شَمَّاخ: كَثِيرُ الشُّمُوخ؛ قَالَ أَبو تُرَابٍ: قَالَ عَرَّام: نِيَّة زَمَخٌ وشَمَخٌ وزَمُوخ وشَمُوخ أَي بعيدة. والشَّمَّاخ بْنُ ضِرار: اسْمُ شَاعِرٍ، وَاسْمُ الشَّمَّاخ مَعْقِلٌ وَكُنْيَتُهُ أَبو سَعِيدٍ. وشَمْخٌ: اسْمٌ. وَبَنُو شَمْخ: بَطْنٌ؛ قَالَ: وشَمْخُ بْنُ فَزارة بطنٌ.

(3/30)


شمرخ: الشِّمْراخُ والشُّمْروخ: العِثْكالُ الَّذِي عَلَيْهِ البُسْرُ، وأَصله فِي العِذْق وَقَدْ يَكُونُ فِي الْعِنَبِ. التَّهْذِيبُ: الشِّمْراخُ عِسْقَبَةٌ مِنْ عِذْقِ عُنْقُودٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن سَعْدَ بْنَ عُبادة أَتى النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِرَجُلٍ فِي الْحَيِّ مُخْدَجٍ سَقِيمٍ وُجِدَ عَلَى أَمَة مِنْ إِمائهم يَخْبُثُ بِهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: خُذُوا لَهُ عِثْكالًا فِيهِ مِائَةُ شِمْراخ فَاضْرِبُوهُ بِهِ ضَرْبَةً مَا بَيْنَ خَمْسِ مَرَّاتٍ إِلى عَشْرِ مَرَّاتٍ.
والشُّمْروخ: غُصْنٌ دَقِيقٌ رَخْصٌ يَنْبُتُ فِي أَعلى الْغُصْنِ الْغَلِيظِ خَرَجَ فِي سَنَتِه رَخْصاً. والشِّمْراخُ: رأْسٌ مُسْتَدِيرٌ طَوِيلٌ دَقِيقٌ فِي أَعلى الْجَبَلِ. الأَصمعي: الشَّماريخُ رؤُوس الْجِبَالِ وَهِيَ الشَّناخِيبُ، وَاحِدَتُهَا شُنْخُوبة. والشِّمْراخ مِنَ الغُرَر: مَا استَدَقَّ وَطَالَ وَسَالَ مُقْبِلًا حَتَّى جَلَّلَ الخَيْشُومَ وَلَمْ يَبْلُغِ الجَحْفَلَة، وَالْفَرَسُ شِمْراخٌ؛ قَالَ حُرَيْثُ بنُ عَتَّاب النَّبْهانيُّ:
تَرى الجَوْنَ ذَا الشِّمْراخِ والوَرْدَ يُبْتَغَى ... لَيالِيَ عَشْراً، وَسْطَنا، وَهُوَ عائرُ
وَقَالَ اللَّيْثُ: الشِّمْراخ مِنَ الغُرَرِ مَا سَالَ عَلَى الأَنف. وشِمْراخُ السَّحَابِ: أَعاليه. وشَمْرَخَ النخلةَ: خَرَط بُسْرَها. وَقَالَ أَبو صَبْرَةَ السَّعْديُّ: شَمْرِخ العِذْقَ أَي اخْرُطْ شَماريخه بالمِخْلَب قَعْطاً «1» والشِّمْراخية: صِنْفٌ مِنَ الْخَوَارِجِ أَصحاب عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شِمْراخ.
شنخ: الشِّناخُ: أَنف الْجَبَلِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ الْجِبَالَ:
إِذا شِناخُ أَنْفِه تَوَقَّدا
وَفِي التَّهْذِيبِ:
إِذا شِناخا قُورِها تَوَقَّدا
أَراد شَناخِيب قُورِها وهي رؤُوسها، الْوَاحِدَةُ شَنْخَة كأَن الباءَ زِيدَتْ. الأَزهري: المُشَنَّخُ مِنَ النَّخْلِ الَّذِي نُقِّحَ سُلَّاؤه وَقَدْ شَنَّخَ نَخْلَه تَشْنِيخاً.
شندخ: الشُّنْدُخُ: الوَقَّادُ مِنَ الْخَيْلِ؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدَةَ قَوْلَ المَرَّار:
شُنْدُخٌ أَشْدَفُ ما وَزَّعْتَه، ... وإِذا طُؤْطِئَ طَيَّارٌ طِمِرُّ
وَرَوَاهُ غَيْرُهُ: شُنْدُفٌ؛ وَقِيلَ: هُوَ الْعَظِيمُ الشَّدِيدُ. التَّهْذِيبُ: الشُّنْدُخ مِنَ الْخَيْلِ والإِبل وَالرِّجَالِ الشَّدِيدُ الطَّوِيلُ الْمُكْتَنِزُ اللَّحْمِ؛ وأَنشد:
بشُنْدُخٍ يَقْدُم أُولى الأُنُفِ
وَقَالَ طَالِقُ بْنُ عَدِيّ:
وَلَا يَرى، الفَرْسَخَ بَعْدَ الفَرْسَخ، ... شَيْئًا، عَلَى أَقَبَّ طاوٍ شُنْدُخِ
والشُّنْدُخُ والشُّنْدُخِيُّ: ضَرْبٌ مِنَ الطَّعَامِ. الْفَرَّاءُ: الشُّنْدَاخيُّ الطَّعَامُ يَجْعَلُهُ الرَّجُلُ إِذا ابْتَنَى دَارًا أَوْ عمل بيتاً.
شيخ: الشيْخُ: الَّذِي استبانتْ فِيهِ السِّنُّ وَظَهَرَ عَلَيْهِ الشيبُ؛ وَقِيلَ: هُوَ شَيْخٌ مِنْ خَمْسِينَ إِلى آخِرِهِ؛ وَقِيلَ: هُوَ مِنْ إِحدى وَخَمْسِينَ إِلى آخِرِ عُمْرِهِ؛ وَقِيلَ: هُوَ مِنَ الْخَمْسِينَ إِلى الثَّمَانِينَ، وَالْجَمْعُ أَشياخ وشِيخانٌ وشُيوخٌ وشِيَخَة وشِيخةٌ ومَشْيَخَة ومِشْيَخَة ومَشِيخة ومَشْيُوخاء ومَشايِخُ، وأَنكره ابْنُ دُرَيْدٍ. وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ شِيخانِ قُرَيْشٍ، جَمْعُ شَيْخ كضَيْف
__________
(1).
قوله [قعطاً] كذا بالأَصل بتقديم العين على الطاء وفي القاموس قطعاً بتأخير العين قال شارحه وانظره

(3/31)


وضِيفانٍ، والأُنثى شَيْخَة؛ قَالَ عَبِيدُ بنُ الأَبرَص:
كأَنها لِقْوَةٌ طَلُوبُ، ... تَيْبَسُ فِي وَكْرِها القُلُوبُ
باتتْ عَلَى أُرَّمٍ عَذُوباً، ... كأَنها شَيْخةٌ رَقُوبُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَالضَّمِيرُ فِي بَاتَتْ يَعُودُ عَلَى اللِّقْوَة وَهِيَ العُقاب، شَبَّهَ بِهَا فَرَسَهُ إِذا انْقَضَتْ لِلصَّيْدِ. وعَذُوبٌ: لَمْ تأْكل شَيْئًا. والرَّقُوبُ: الَّتِي تَرْقُبُ وَلَدَها خَوْفًا أَن يَمُوتَ. وَقَدْ شاخَ يَشِيخُ شَيَخاً، بِالتَّحْرِيكِ، وشُيُوخة وشُيُوخِيَّةً [شِيُوخِيَّةً]؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وشَيْخُوخة وشَيْخوخِيَّة، فَهُوَ شَيْخ. وشَيَّخَ تَشْيِيخاً أَي شاخَ، وأَصل الياءِ فِي شَيْخُوخَةٍ مُتَحَرِّكَةٌ فَسَكَنَتْ لأَنه لَيْسَ فِي الْكَلَامِ فَعْلُولٌ، وَمَا جاءَ عَلَى هَذَا مِنَ الْوَاوِ مِثْلَ كَيْنُونة وقَيْدودة وهَيْعُوعة فأَصله كَيَّنُونة، بِالتَّشْدِيدِ، فَخَفَّفَ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَقَالُوا كَوْنُونة وقَوْدُودة وَلَا يَجِبُ ذَلِكَ فِي ذَوَاتِ الياءِ مِثْلِ الحَيْدُودة والطَّيْرورة والشَّيْخوخة. وشَيَّخْته: دَعَوْتُه شَيْخاً لِلتَّبْجِيلِ؛ وَتَصْغِيرُ الشَّيخ شُيَيْخٌ وشِيَيْخٌ أَيضاً، بِكَسْرِ الشِّينِ، وَلَا تَقُلْ شُوَيْخ. أَبو زَيْدٍ: شَيَّخْتُ الرَّجُلَ تَشْييخاً وسَمَّعت بِهِ تَسْميعاً ونَدَّدت بِهِ تَنْديداً إِذا فَضَحْتَهُ. وشَيَّخَ عَلَيْهِ: شنَّع؛ أَبو الْعَبَّاسِ: شَيْخٌ بَيّن التَّشَيُّخ وَالتَّشْيِيخِ والشَّيْخُوخة. وأَشياخُ النُّجُومِ: هِيَ الدراريُّ؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: أَشياخُ النُّجُومِ هِيَ الَّتِي لَا تَنْزِلُ فِي مَنَازِلِ الْقَمَرِ الْمُسَمَّاةِ بِنُجُومِ الأَخْذِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أُرى أَنه عَنَى بِالنُّجُومِ الْكَوَاكِبَ الثَّابِتَةَ؛ وَقَالَ ثَعْلَبٌ: إِنما هِيَ أَسْناخُ النُّجُومِ وَهِيَ أُصولها الَّتِي عَلَيْهَا مَدَارُ الْكَوَاكِبِ وسِرُّها؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي:
يَحْسَبُه الجاهلُ، مَا لَمْ يَعْلَما، ... شَيْخاً، عَلَى كُرْسِيِّه، مُعَمَّما
لَوْ أَنه أَبانَ أَو تَكَلَّما، ... لَكَانَ إِيَّاه، وَلَكِنْ أَعْجَما
وَفَسَّرَهُ فَقَالَ يَصِفُ وَطْبَ لَبَنٍ شَبَّهَهُ بِرَجُلٍ مُلَفَّفٍ بِكِسَائِهِ وَقَالَ: مَا لَمْ يَعْلَمْ، فَلَمَّا أَطلق الْمِيمَ رَدَّها إِلى اللَّامِ، وأَما سِيبَوَيْهِ فَقَالَ: هُوَ عَلَى الضَّرُورَةِ وإِنما أَراد يعلمنْ؛ قَالَ: وَنَظِيرُهُ فِي الضَّرُورَةِ قَوْلُ جَذيمَة الأَبْرَص:
رُبَّمَا أَوفَيْتُ فِي عَلَمٍ ... تَرْفَعَنْ ثَوْبي شَمالاتُ
وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
مَتى مَتى تُطَّلَعُ المَثابا؟ ... لَعَلَّ شَيْخاً مُهْتَراً مُصابا
قَالَ: عَنَى بِالشَّيْخِ الوَعِلَ. والشِّيخَةُ: نَبْتَةٌ لِبَيَاضِهَا، كَمَا قَالُوا فِي ضَرْبٍ مِنَ الحَمْضِ الهَرْمُ. والشاخةُ: المعتدِلُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما قَضَيْنَا عَلَى أَن أَلف شَاخَّةٍ يَاءٌ لِعَدَمِ [ش وخ] وإِلا فَقَدْ كَانَ حَقُّهَا الْوَاوَ لِكَوْنِهَا عَيْنًا. قَالَ أَبو زَيْدٍ: وَمِنَ الأَشجار الشَّيْخُ وَهِيَ شَجَرَةٌ يُقَالُ لَهَا شَجَرَةُ الشُّيُوخِ، وَثَمَرَتُهَا جِرْوٌ كجِرْوِ الخِرِّيعِ، قَالَ: وَهِيَ شَجَرَةُ العُصْفُر مَنْبِتُها الرِّياضُ والقُرْيانُ. وَفِي حَدِيثِ أُحُدٍ ذِكْرُ شَيْخانِ «1». بِفَتْحِ الشِّينِ: هُوَ مَوْضِعٌ بِالْمَدِينَةِ عَسْكَرَ بِهِ سيدُنا رَسُولُ اللَّهِ، صلى
__________
(1).
قوله [ذكر شيخان] قال ابن الأَثير: بفتح الشين وكسر النون. وقال ياقوت شيخان بلفظ تثنية شيخ، ثم قال: وشيخة رملة بيضاء في بلاد أسد وحنظلة على الصحيح

(3/32)


اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَيْلَةَ خَرَجَ إِلى أُحُدٍ وَبِهِ عَرَضَ الناسَ، وَاللَّهُ أَعلم.

فصل الصاد المهملة
صبخ: الصَّبَخَةُ: لُغَةٌ فِي السَّبَخَة، وَالسِّينُ أَعلى. والصَّبِيخَة لُغَةٌ فِي سَبِيخةِ الْقُطْنِ، والسين فيه أَفشى.
صخخ: الصخُّ: الضَّرْبُ بِالْحَدِيدِ عَلَى الْحَدِيدِ، وَالْعَصَا الصُّلْبَةِ عَلَى شيءٍ مُصمتٍ. وَصَخُّ الصَّخْرَةِ وَصَخِيخُها: صوتُها إِذا ضَرَبْتَهَا بِحَجَرٍ أَو غَيْرِهِ. وكلُّ صَوْتٍ مِنْ وَقْعِ صَخْرَةٍ عَلَى صَخْرَةٍ وَنَحْوَهُ: صَخٌّ وصَخيخٌ، وَقَدْ صَخَّت تصخُّ؛ تَقُولُ: ضَرَبْتُ الصَّخْرَةَ بِحَجَرٍ فَسَمِعْتُ لَهَا صَخَّةً. والصاخَّةُ: الْقِيَامَةُ، وَبِهِ فَسَّرَ أَبو عبيدَة قَوْلَهُ تَعَالَى: فَإِذا جاءَتِ الصَّاخَّةُ
؛ فإِما أَن يَكُونَ اسمَ الْفَاعِلِ مِنْ صَخَّ يَصُخُّ، وإِما أَن يَكُونَ المصدَر؛ وَقَالَ أَبو إِسحاق: الصَّاخَّةُ هِيَ الصَّيْحَةُ الَّتِي تَكُونُ فِيهَا الْقِيَامَةُ تصُخُّ الأَسماعَ أَي تُصِمُّها فَلَا تَسَمَعَ إِلَّا مَا تُدْعَى بِهِ للإِحياء. وَتَقُولُ: صخَّ الصوتُ الأُذُنَ يَصُخُّها صَخًّا. وَفِي نُسْخَةٍ مِنَ التَّهْذِيبِ أَصخ إِصخاخاً، وَلَا ذِكْرَ لَهُ فِي الثُّلَاثِيِّ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الزُّبَيْرِ وَبِنَاءِ الْكَعْبَةِ: فَخَافَ الناس أَن يصيبهم صَاخَّةٌ مِنَ السَّمَاءِ
؛ هِيَ الصَّيْحَةُ الَّتِي تَصُخُّ الأَسماع أَي تَقْرَعُهَا وَتُصِمُّهَا. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الصَّاخَّةُ صَيْحَةٌ تَصُخُّ الأُذن أَي تَطْعَنُهَا فَتَصِمُّهَا لِشِدَّتِهَا؛ وَمِنْهُ سُمِّيَتِ الْقِيَامَةُ الصَّاخَّةَ، يُقَالُ كأَنها فِي أُذنه صَاخَّةٌ أَي طَعْنَةٌ. والغرابُ يصُخُّ بِمِنْقَارِهِ فِي دَبَرِ الْبَعِيرِ أَي يَطْعَنُ؛ تَقُولُ مِنْهُ صَخَّ يصخ. والصاخة: الداهية.
صرخ: الصَّرْخَةُ: الصَّيْحَةُ الشَّدِيدَةُ عِنْدَ الْفَزَعِ أَو الْمُصِيبَةِ. وَقِيلَ الصُّراخُ الصَّوْتُ الشَّدِيدُ مَا كَانَ؛ صَرَخَ يصرُخُ صُراخاً. وَمِنْ أَمثالهم: كانَتْ كَصَرْخَةِ الحُبْلى؛ للأَمر يفجَؤُك. وَالصَّارِخُ وَالصَّرِيخُ: الْمُسْتَغِيثُ. وَفِي الْمَثَلِ: عَبْدٌ صَريخُهُ أَمَةٌ أَي نَاصِرُهُ أَذل مِنْهُ وأَضعف؛ وَقِيلَ: الصَّارِخُ الْمُسْتَغِيثُ وَالْمُصْرِخُ الْمُغِيثُ،؛ وَقِيلَ: الصَّارِخُ الْمُسْتَغِيثُ وَالصَّارِخُ الْمُغِيثُ؛ قَالَ الأَزهري: وَلَمْ أَسمع لِغَيْرِ الأَصمعي فِي الصَّارِخِ أَن يَكُونَ بِمَعْنَى الْمُغِيثِ. قَالَ: وَالنَّاسُ كُلُّهُمْ عَلَى أَن الصارخ المستغيث، والمصرخ المغيث، وَالْمُسْتَصْرِخَ الْمُسْتَغِيثُ أَيضاً. وَرَوَى شَمِرٌ عَنْ أَبي حَاتِمٍ أَنه قَالَ: الِاسْتِصْرَاخُ الِاسْتِغَاثَةُ، والاستصراخ الْإِغَاثَةُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: أَنه اسْتَصْرَخَ عَلَى امرأَته صَفِيَّةَ اسْتِصْرَاخَ الْحَيِّ عَلَى الْمَيِّتِ
أَي اسْتَعَانَ بِهِ لِيَقُومَ بشأْن الْمَيِّتِ فَيُعِينَهُمْ عَلَى ذَلِكَ، وَالصُّرَاخُ صَوْتُ اسْتِغَاثَتِهِمْ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: اسْتُصْرِخ الإِنسان إِذا أَتاه الصَّارِخُ، وَهُوَ الصَّوْتُ يُعْلِمُهُ بأَمر حَادِثٍ لِيَسْتَعِينَ بِهِ عَلَيْهِ، أَو يَنْعَى لَهُ مَيْتًا. واسْتَصْرَخْتُهُ إِذا حَمَلْتَهُ عَلَى الصُّرَاخِ. وَفِي التَّنْزِيلِ: مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَ
.
والصريخُ: الْمُغِيثُ، وَالصَّرِيخُ الْمُسْتَغِيثُ أَيضاً، مِنَ الأَضداد؛ قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: مَعْنَاهُ مَا أَنا بِمُغِيثِكُمْ. قَالَ: وَالصَّرِيخُ الصَّارِخُ، وَهُوَ الْمُغِيثُ مِثْلُ قَدِيرٍ وَقَادِرٍ. واصْطَرَخَ القَومُ وَتَصَارَخُوا وَاسْتَصْرَخُوا: اسْتَغَاثُوا. وَالِاصْطِرَاخُ: التَّصَارُخُ، افْتِعَالٌ. وَالتَّصَرُّخُ: تَكَلُّفُ الصُّرَاخِ. وَيُقَالُ: التَّصَرُّخُ بِهِ حُمْقٌ أَي بِالْعُطَاسِ. وَالْمُسْتَصْرِخُ: الْمُسْتَغِيثُ؛ تَقُولُ مِنْهُ: اسْتَصْرَخَنِي فأَصرخته. والصَّريخُ: صوتُ الْمُسْتَصْرِخِ. وَيُقَالُ: صَرَخَ فُلَانٌ يصرخُ صُرَاخًا إِذا استغاث فقال: وا غَوثاهْ وا صَرْخَتاهْ قَالَ: وَالصَّرِيخُ يَكُونُ فَعَيْلًا بِمَعْنَى مُفعِل مِثْلَ نَذِيرٍ بِمَعْنَى مُنْذِرٍ وَسَمِيعٍ بِمَعْنَى مُسْمِعٍ؛

(3/33)


قَالَ زُهَيْرٌ:
إِذا مَا سَمِعْنَا صَارِخًا، مَعَجَتْ بِنا ... إِلى صوتهِ وُرْقُ المَراكلِ، ضُمَّرُ
وَسَمِعْتُ صَارِخَةَ الْقَوْمِ أَي صَوْتَ اسْتِغَاثَتِهِمْ، مَصْدَرٌ عَلَى فَاعِلَةٍ. قَالَ: وَالصَّارِخَةُ بِمَعْنَى الْإِغَاثَةِ، مَصْدَرٌ؛ وأَنشد:
فَكَانُوا مُهلِكِي الأَبناءِ، لَوْلَا ... تدارُكُهم بِصارخةٍ شَفِيقِ
قَالَ اللَّيْثُ: الصَّارِخَةُ بِمَعْنَى الصَّرِيخِ الْمُغِيثِ؛ وَصَرَخَ صرخَة وَاصْطَرَخَ بِمَعْنًى. ابْنُ الأَعرابي: الصرَّاخُ الطاووس، والنَّبَّاحُ الْهُدْهُدُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ إِذا سَمِعَ صَوْتَ الصَّارِخِ
، يَعْنِي الدِّيكَ لأَنه كَثِيرُ الصِّيَاحِ فِي الليل.
صلخ: الأَصْلَخُ: الأَصَمُّ، كذلك قَالَ الْفَرَّاءُ وأَبو عُبَيْدٍ؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: فَهَؤُلَاءِ الْكُوفِيُّونَ أَجمعوا عَلَى هَذَا الْحَرْفِ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، وأَمَّا أَهل الْبَصْرَةِ وَمَنْ فِي ذَلِكَ الشِّقِّ مِنَ الْعَرَبِ فإِنهم يَقُولُونَ الأَصلج، بِالْجِيمِ، قَالَ الأَزهري: وَسَمِعْتُ أَعرابيّاً يَقُولُ: فُلَانٌ يَتَصَالَجُ عَلَيْنَا أَي يتصامم. قال: ورأَيت أَمة صَمَّاءَ كَانَتْ تُعْرَفُ بِالصَّلْجَاءِ، قَالَ: فَهُمَا لُغَتَانِ جَيِّدَتَانِ بالخاءِ وَالْجِيمِ. وَقَدْ صَلِخَ سَمعُهُ وصَلِج؛ الأَخيرةُ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: ذَهَبَ فَلَا يَسْمَعُ شَيْئًا الْبَتَّةَ. وَرَجُلٌ أَصلخ بَيِّن الصَّلَخِ، قَالَ ابْنُ الأَعرابي: فإِذا بَالَغُوا بالأَصم قَالُوا: أَصم أَصلخ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
لَوْ أَبْصَرَتْ أَبْكمَ أَعمى أَصلَخا ... إِذاً لَسَمَّى، واهتَدى أَنَّى وَخَى
أَي أَنَّى تَوَجَّهَ. يُقَالُ: وخَى يَخِي وَخْياً. وإِذا دُعي عَلَى الرَّجُلِ قِيلَ: صَلْخاً كصَلْخِ النَّعَامِ لأَن النَّعَامَ كُلَّهُ أَصلخُ، وَكَانَ الْكُمَيْتُ أَصم أَصلخ. وجَمَلٌ أَصلخ وَنَاقَةٌ صَلْخَاءُ وإِبل صلخى: وهي الجُرب. والجرَب الصالِخُ: وَهُوَ الناخس الذي يَقَعُ فِي دَبَرِه فَلَا يَشُكُّ أَنه سَيَصْلُخُهُ، وَصَلَخَهُ إِياه أَي أَنه يَشْمَلُ بَدَنَهُ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ للأَسود مِنَ الْحَيَّاتِ: صالِخٌ وسالِخٌ، حَكَاهُ أَبو حَاتِمٍ بِالصَّادِ وَالسِّينِ؛ غَيْرُهُ: أَقْتَلُ مَا يكونُ مِنَ الْحَيَّاتِ إِذا صَلَخَتْ جِلْدَهَا. وَيُقَالُ للأَبرص الأَصلخ.
صمخ: الصِّماخُ مِنَ الأُذن: الخرقُ الْبَاطِنُ الَّذِي يُفضي إِلى الرأْس، تَمِيمِيَّةٌ، وَالسِّمَاخُ لُغَةٌ فِيهِ. وَيُقَالُ: إِن الصِّمَاخَ هُوَ الأُذن نَفْسُهَا؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
حَتَّى إِذا صرَّ الصماخَ الأَصمعَا
وَفِي حَدِيثِ الْوُضُوءِ:
فأَخذ مَاءً فأَدخل أَصابعه فِي صِمَاخِ أُذنيه
؛ قَالَ: الصِّمَاخُ ثَقْبُ الأُذن؛ وَقَوْلُ الْعَجَّاجِ:
أُمّ الصَّدى عَنِ الصَّدى وأَصْمُخُ
أَصْمُخُ: أَصُكُّ الصِّمَاخَ، وَهُوَ ثَقْبُ الأُذن الْمَاضِي إِلى دَاخِلِ الرأْس. وأُمُّ الصَّدَى: الهامَةُ. وأُمُّها: الْجِلْدَةُ الَّتِي تَجْمَعُ الدِّمَاغَ، وَالْجَمْعُ أَصمخة وصُمُخٌ، وَهُوَ الأُصْموخُ، وَبِالسِّينِ لُغَةٌ. وصَمَخَه يصمُخُه صَمْخًا: أَصاب صِمَاخَهُ. وَصَمَخْتُ فُلَانًا إِذا عَقَرْتَ صِمَاخَ أُذنه بِعُودٍ أَو غَيْرِهِ. ابْنُ السِّكِّيتِ: صَمَخْت عَيْنَهُ أَصمُخُها صمْخاً، وَهُوَ ضَرْبُكَ الْعَيْنَ بِجَمْعِ يَدِكَ، ذَكَرَهُ بِعَقِبِ: صَمَخْتُ صِمَاخَهُ. وصَمَخ أَنْفَهُ: دقَّهُ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَيُقَالُ لِلْعَطْشَانِ: إِنه لَصادِي الصُّماخ. والصُّماخ: الْبِئْرُ الْقَلِيلَةُ الْمَاءِ، وَجَمْعُهُ صُمُخ. والصَّمْخُ: كُلُّ ضَرْبَةٍ أَثرت؛

(3/34)


قَالَ أَبو زَيْدٍ: كُلُّ ضَرْبَةٍ أَثرت فِي الْوَجْهِ فَهِيَ صمْخ. أَبو عُبَيْدٍ: صَمَخَتْهُ الشَّمْسُ أَصابته. شَمِرٌ: صَمَخَتْهُ، بِالْخَاءِ، أَصابت صِمَاخَهُ. وَيُقَالُ: صَمَخَ الصوتُ صِماخَ فُلَانٍ. وَيُقَالُ: ضَرَبَ اللَّهُ عَلَى صِمَاخِهِ إِذا أَنامه. وَفِي حَدِيثِ
أَبي ذَرٍّ: فَضَرَبَ اللَّهُ عَلَى أَصمختنا فَمَا انْتَبَهْنَا حَتَّى أَضحينا
؛ وَهُوَ كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ فِي الْكَهْفِ؛ وَمَعْنَاهُ أَنمناهم؛ وَقَوْلُ أَبي ذَرٍّ: فَضَرَبَ اللَّهُ عَلَى أَصمختنا؛ هُوَ جَمْعُ قِلَّةٍ لِلصِّمَاخِ أَي أَن اللَّهَ أَنامهم. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ: أَصختُ لِاسْتِرَاقِ صَمَائِخِ الأَسماع
؛ هِيَ جَمْعُ صِمَاخٍ كَشِمَالٍ وَشَمَائِلَ. وَصَمَخَتْهُ الشَّمْسُ: اشْتَدَّ وَقْعُهَا عَلَيْهِ. أَبو عُبَيْدٍ: الشَّاةُ إِذا حُلِبَتْ عِنْدَ وِلَادِهَا يُوجَدُ فِي أَحاليل ضَرْعِهَا شَيْءٌ يَابِسٌ يُسَمَّى الصَّمْخَ والصمغَ، الْوَاحِدَةُ صَمْخَة وصَمْغَة، فإِذا قطر ذَلِكَ أَفصَحَ لبَنُها بَعْدَ ذَلِكَ واحْلَوْلَى؛ وَيُقَالُ لِلْحَالِبِ إِذا حَلَبَ الشَّاةَ: مَا ترك فيها قَطْراً.
صملخ: الصِّمْلاخُ والصُّمْلُوخُ: وَسَخُ صِمَاخِ الأُذن وَمَا يَخْرُجُ مِنْ قُشُورِهَا، وَالْجَمْعُ الصَّمَالِيخُ؛ وَقَالَ النَّضْرُ: صُمْلوخُ الأُذن وسُمْلُوخُها. ولبنٌ صُمالِخ وصُمالِخيٌّ، خاثر متلبد؛ وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ فِي بَابِ اللَّبَنِ: الصُّمالخيّ والسُّمالخيّ مِنَ اللَّبَنِ الَّذِي حقنَ فِي السِّقَاءِ ثُمَّ حُفِرَ لَهُ حُفْرَةٌ وَوُضِعَ فِيهَا حَتَّى يُرَوَّبَ، يُقَالُ سَقَانِي لَبَنًا صُمَالِخِيًّا؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الصُّمَالِخِيُّ مِنَ الطَّعَامِ وَاللَّبَنِ الَّذِي لَا طَعْمَ لَهُ. والصُّمْلُوخُ: أُمْصُوخُ النَّصِيِّ، وَهُوَ مَا يُنْتَزَعُ مِنْهُ مِثْلُ الْقَضِيبِ، حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ؛ وَالْعَرَبُ تَقُولُ لأَصل النَّصِيِّ والصِّلِّيانِ مِنَ الْوَرَقِ الرَّقِيقِ إِذا يَبِسَ: صَمْلُوخٌ، وَالْجَمْعُ الصَّمَالِيخُ؛ قَالَ الطرمَّاح:
سماوِيَّةٌ زُغْبٌ، كأَنّ شكِيرَها ... صَمالِيخُ مَعْهودِ النَّصِيِّ المُجَلَّخِ
وَهُوَ مَا رقَّ مِنْ نبات أُصولها.
صنخ: أَبو عَمْرٍو: صَنِخَ الوَدكُ وسَنِخَ وَهُوَ الوضَحُ والوسَخُ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي الدَّرْدَاءِ: نِعْمَ الْبَيْتُ الحمَّام يُذْهِبُ الصَّنخَة وَيُذَكِّرُ النَّارَ
يَعْنِي الدَّرَنَ وَالْوَسَخَ. يُقَالُ: صَنَخَ بَدَنَهُ وَسَنَخَ، وَالسِّينُ أَشهر.
صيخ: أَصاخ لهُ يصِيخُ إِصاخة: اسْتَمَعَ وأَنصت لِصَوْتٍ؛ قَالَ أَبو دُوَادٍ:
وَيَصِيخُ أَحياناً، كَمَا اسْتَمَعَ ... الْمُضِلُّ لِصَوْتٍ نَاشِدْ
وَفِي حَدِيثِ
سَاعَةِ الْجُمُعَةِ: مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلا وَهِيَ مُصيخة
أَي مُسْتَمِعَةٌ مُنْصِتَةٌ، وَيُرْوَى بِالسِّينِ وَقَدْ تَقَدَّمَ. والصاخَة، خفيفٌ: وَرَمٌ يَكُونُ فِي الْعَظْمِ مِنْ صَدْمَةٍ أَو كَدْمَةٍ يَبْقَى أَثرها كالمَشَشِ، وَالْجَمْعُ صَاخَاتٌ وصاخٌ: وأَنشد:
بلَحْييهِ صاخٌ مِنْ صِدامِ الْحَوَافِرِ
وَفِي حَدِيثِ الْغَارِ
:
فَانْصَاخَتِ الصَّخْرَةُ
هَكَذَا؛ رُوِيَ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وإِنما هُوَ بِالْمُهْمَلَةِ بِمَعْنَى انْشَقَّتْ. وَيُقَالُ: انْصَاخَ الثَّوْبُ إِذا انْشَقَّ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ، وأَلفها مُنْقَلِبَةٌ عَنْ وَاوٍ، وَقَدْ رُوِيَتْ بِالسِّينِ وَهِيَ مَذْكُورَةٌ فِيمَا تَقَدَّمَ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَلَوْ قِيلَ إِن الصَّادَ فِيهَا مُبْدَلَةٌ مِنَ السِّينِ لَمْ تَكُنِ الْخَاءُ غَلَطًا، يُقَالُ: سَاخَ فِي الأَرض يَسُوخُ وَيَسِيخُ إِذا دَخَلَ فِيهَا، وَاللَّهُ أَعلم.

فصل الضاد المعجمة
ضخخ: الضَّخُّ: امْتِدَادُ الْبَوْلِ. وَالْمِضَخَّةُ: قَصَبَةٌ فِي جَوْفِهَا خَشَبَةٌ يُرْمَى بِهَا الْمَاءُ مِنَ الْفَمِ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الضَّخُّ مِثْلُ النَّضْخِ لِلْمَاءِ؛ وَقَدْ ضَخَّه ضَخًّا إِذا نضحه بالماء.

(3/35)


ضردخ: نَخْلَةٌ ضِرْداخٌ: صَفيٌّ كَرِيمَةٌ؛ قَالَ بَعْضُ الطَّائِيِّينَ:
غَرَسْتَ فِي جَبَّانَةٍ لَمْ تَسْنَخِ ... كلَّ صَفِيٍّ ذَاتِ فرعٍ ضِرْدَخِ،
تَطَّلبُ الماءَ مَتَى مَا تَرْسَخِ
وَقِيلَ: الضَّرْدَخُ الْعَظِيمُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ.
ضمخ: الضَّمْخُ: لَطْخُ الْجَسَدِ بِالطِّيبِ حَتَّى كأَنما يَقْطُرُ؛ وأَنشد:
تَضَمَّخْنَ بِالْجَادِي حَتَّى كأَنما الأُنوفُ، ... إِذا اسْتعْرَضْتَهُنَّ، رواعِفُ
ابْنُ سِيدَهْ: ضَمَخَه بِالطِّيبِ يضمَخُه ضَمخاً وضمَّخه تَضْمِيخًا: لَطَخَهُ. وَتَضَمَّخَ بِهِ: تَلَطَّخَ بِهِ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ يُضَمِّخ رأْسه بِالطِّيبِ
؛ التَّضَمُّخُ: التَّلَطُّخُ بِالطِّيبِ وَغَيْرِهِ والإِكثار مِنْهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ مُتَضَمِّخًا بالخَلوق
؛ واضَّمخ وَاضْطَمَخَ وَالْمَضْخُ لُغَةٌ شَنْعَاءُ فِي الضَّمْخِ. وضمخَ عَيْنَهُ وَوَجْهَهُ وأَنفه يضمخه ضمخاً: ضَرَبَهُ بِجَمْعِهِ. وَقِيلَ: الضَّمْخُ ضَرْبُ الأَنف، رعَفَ أَو لَمْ يرعُفْ؛ وَقِيلَ: هُوَ كُلُّ ضَرْبٍ مُؤَثِّرٍ فِي أَنف أَو عَيْنٍ أَو وَجْهٍ،. وَضَمَخَهُ فُلَانٌ: أَتعبه.
ضيخ: ابْنُ الأَثير فِي حَدِيثِ
الزُّبَيْرِ: إِنَّ الْمَوْتَ قَدْ تغشَّاكم سَحَابُهُ وَهُوَ منضاخٌ عَلَيْكُمْ بِوَابِلِ الْبَلَايَا
؛ يُقَالُ: انْضَاخَ الْمَاءُ وانضخَّ إِذا انصبَّ، وَمِثْلُهُ فِي التَّقْدِيرِ انْقَاضَ الْحَائِطُ وَانْقَضَّ إِذا سَقَطَ؛ شَبَّهَ الْمَنِيَّةَ بِالْمَطَرِ وَانْسِيَابِهِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا ذَكَرَهُ الْهَرَوِيُّ وَشَرَحَهُ وَذَكَرَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي الصَّادِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ وأَنكر ما ذكره الهروي.

فصل الطاء المهملة
طبخ: الطَّبْخُ: إِنْضَاجُ اللَّحْمِ وَغَيْرِهِ اشْتِوَاءً وَاقْتِدَارًا. طبخَ القِدْرَ واللحمَ يطبُخُهُ ويَطبخُه طَبخاً واطَّبخه؛ الأَخيرة عَنْ سِيبَوَيْهِ، فَانْطَبَخَ واطَّبَخ أَي اتَّخَذَ طَبِيخًا، افْتَعَلَ، وَيَكُونُ الِاطِّبَاخُ اشْتِوَاءً وَاقْتِدَارًا. يُقَالُ: هَذِهِ خُبْزَةٌ جَيِّدَةُ الطَّبْخِ، وآجُرَّة جَيِّدَةُ الطَّبْخِ. وطابِخَةُ: لَقَبُ عَامِرِ بْنِ الْيَاسَ بْنِ مُضَرَ، لَقَّبَهُ بِذَلِكَ أَبوه حِينَ طَبَخَ الضَّب، وَذَلِكَ أَن أَبَاهُ بَعَثَهُ فِي بَغَاءِ شَيْءٍ فَوَجَدَ أَرنباً «2» فَطَبَخَهَا وَتَشَاغَلَ بِهَا عَنْهُ فَسُمِّيَ طَابِخَةَ. وتميمُ بنُ مُرٍّ وَمُزَيْنَةُ وَضَبَّةُ بَنُو أَدّ بْنُ طَابِخَةَ بْنِ خِندِف، وكأَنه إِنما أَثبت الْهَاءَ فِي طَابِخَةَ لِلْمُبَالَغَةِ. والمِطبخ: الْمَوْضِعُ الَّذِي يُطْبَخُ فِيهِ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: المَطبخ بَيْتُ الطَّباخ، والمِطبخ، بِكَسْرِ الْمِيمِ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: لَيْسَ عَلَى الْفِعْلِ مَكَانًا وَلَا مَصْدَرًا وَلَكِنَّهُ اسْمٌ كَالْمِرْبَدِ. والمِطْبخ آلَةُ الطَّبْخِ. والطَّبَّاخ: مُعَالِجُ الطَّبْخِ وَحِرْفَتُهُ الطِّباخة؛ وَقَدْ يَكُونُ الطَّبْخُ فِي الْقُرْصِ وَالْحِنْطَةِ. وَيُقَالُ: أَتقدرُونَ أَم تشوُون؟ وَهَذَا مُطَّبَخ الْقَوْمِ ومُشْتواهم. وَيُقَالُ: اطَّبِخُوا لَنَا قُرصاً. وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: فاطَّبخنا
هُوَ افْتَعَلْنَا مِنَ الطَّبْخِ فَقُلِبَتِ التَّاءُ لأَجل الطَّاءِ قَبْلَهَا. وَالِاطِّبَاخُ: مَخْصُوصٌ بِمَنْ يَطْبُخُ لِنَفْسِهِ، وَالطَّبْخُ عَامٌّ لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ. والطِّبْخُ: اللحمُ الْمَطْبُوخُ. وَالطَّبِيخُ: كَالْقَدِيرِ، وَقِيلَ: الْقَدِيرُ مَا كَانَ بِفِحىً وتوابِلَ، وَالطَّبِيخُ: مَا لَمْ يفَحَّ. واطَّبَخنا: اتَّخَذْنَا طَبِيخًا؛ وَهَذَا مُطَّبَخ الْقَوْمِ وَهَذَا مُشْتواهم. والطُّباخَة: الفُوارَة، وَهُوَ مَا فَارَ مِنْ رَغْوَةِ القِدر
__________
(2).
هكذا بالأَصل

(3/36)


إِذا طُبِخَ فِيهَا. وطبُاخَة كُلِّ شَيْءٍ: عُصَارَتُهُ المأْخوذة مِنْهُ بَعْدَ طَبْخِه كَعُصَارَةِ البَقَّمِ وَنَحْوِهِ. التَّهْذِيبِ: الطُّباخَة مَا تَحْتَاجُ إِليه مِمَّا يُطبَخ نَحْوُ البَقَّمِ تأَخذ طُباخَتَه لِلصَّبْغِ وَتَطْرَحُ سَائِرَهُ؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
وَاللَّهِ لَوْلَا أَن تَحُشَّ الطُّبَّخُ ... بِيَ الجَحِيمَ، حَيْثُ لَا مُسْتَصْرَخُ
يَعْنِي بالطُّبَّخ الْمَلَائِكَةَ الْمُوَكَّلِينَ بِالْعَذَابِ يَعْنِي عَذَابَ الْكُفَّارِ، والطُّبَّخ جَمْعُ طَابِخٍ. وَالطَّبِيخُ: ضَرْبٌ مِنَ الأَشربة؛ ابْنُ سِيدَهْ: وَالطَّبِيخُ ضَرْبٌ مِنَ المُنَصَّف. وطَبَخ الحَرُّ الثَّمَرَ: أَنْضَجَهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أَبي حَثْمة قي صِفَةِ التَّمْرِ: تُحفةُ الصَّائِمِ وتَعِلَّةُ الصبيِّ ونُزُلُ مريمَ، عَلَيْهَا السَّلَامُ، وتُطبَخُ وَلَا تُعَنِّي صاحبهَا. وَطَبَائِخُ الْحَرِّ: سَمَائِمُهَا فِي الْهَوَاجِرِ، وَاحِدَتُهَا طَبِيخَةٌ؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
ومستأْنس بالقَفرِ، بَاتَتْ تلُفُّه ... طبائخُ حرٍّ، وقعُهُنَّ سَفُوعُ
وَالطَّابِخَةُ: الْهَاجِرَةُ. والطابخُ: الحمَّى الصالِبُ. والطّبَاخُ: القوَّة. وَرَجُلٌ لَيْسَ بِهِ طَبَاخٌ أَي لَيْسَ بِهِ قُوَّةٌ وَلَا سِمن، وَوُجِدَ بِخَطِّ الأَزهري طُباخ، بِضَمِّ الطَّاءِ، وَوُجِدَ بِخَطِّ الإِيادي طَباخ، بِفَتْحِ الطَّاءِ؛ قَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ:
المالُ يَغْشَى رِجَالًا لَا طَباخَ بِهِمْ، ... كالسَّيل يَغْشَى أُصولَ الدِّندِن الْبَالِي
وَمَعْنَاهُ: لَا عَقْلَ لَهُمْ. والدِّنْدِنُ: مَا بَلِيَ وعفِنَ مِنْ أُصول الشَّجَرِ، الْوَاحِدَةُ دِنْدِنَة، وَقَدْ جَاءَ هَذَا الْبَيْتُ في شعر لِحَيَّةَ بن خَلَفٍ الطَّائِيِّ يُخَاطِبُ امرأَة مِنْ بَنِي شمحَى بْنِ جَرْمٍ يُقَالُ لَهَا أَسماءُ، وَكَانَتْ تَقُولُ مَا لِحَيَّة مَالٌ فَقَالَ مُجَاوِبًا لَهَا:
تَقُولُ أَسماء لَمَّا جِئْتُ خَاطِبَهَا: ... يَا حيُّ مَا أَرَبي إِلَّا لِذِي مالِ
أَسماءُ لَا تَفْعَلِيهَا، رُبّ ذِي إِبل ... يَغْشَى الفَواحش، لَا عَفّ وَلَا نَالَ
الْفَقْرُ يَزْرِي بأَقوام ذَوِي حَسَبٍ، ... وَقَدْ يُسَوِّدُ، غيرَ السَّيِّدِ، المالُ
«1»
وَالْمَالُ يَغْشَى أُناساً، لَا طَبَاخ لَهُمْ، ... كَالسَّيْلِ يَغْشَى أُصول الدِّندِن الْبَالِي
أَصون عِرْضِي بِمَالِي لَا أُدنسه، ... لَا بَارَكَ اللَّهُ بَعْدَ الْعِرْضِ فِي الْمَالِ
أَحتال لِلْمَالِ، إِن أَودى، فأَكسبه ... وَلَسْتُ لِلْعِرْضِ، إِنْ أَوْدَى، بِمُحْتَالِ
قَوْلُهُ نَالَ مِنَ النَّوَالِ وأَصله نَوِلَ مِثْلُ قَوْلِهِمْ كَبْشٌ صافٍ وأَصله صَوِفٌ؛ وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الْمُسَيَّبِ: وَوَقَعَتِ الثَّالِثَةُ فَلَمْ تَرْتَفِعْ، وَفِي النَّاسِ طَبَاخٌ
:
أَصل الطَّبَاخِ الْقُوَّةُ وَالسِّمَنُ ثُمَّ اسْتُعْمِلَ فِي غَيْرِهِ، فَقِيلَ: لَا طَبَاخَ لَهُ أَي لَا عَقْلَ لَهُ وَلَا خَيْرَ عِنْدَهُ؛ أَراد أَنها لَمْ تُبْقِ فِي النَّاسِ مِنَ الصَّحَابَةِ أَحداً؛ وَعَلَيْهِ يُبْنَى حَدِيثُ الأَطبخ الَّذِي ضَرَبَ أُمّه عِنْدَ مَنْ رَوَاهُ بِالْخَاءِ. وَفِي الْحَدِيثُ:
إِذا أَراد اللَّهُ بِعَبْدٍ سُوءًا جَعَلَ مَالَهُ فِي الطَّبِيخَيْنِ
؛ قِيلَ: هُمَا الْجَصُّ وَالْآجُرُّ، فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ. وامرأَة طَبَاخِيَةٌ مِثْلُ عَلَانِيَةٍ: شَابَّةٌ مُمْتَلِئَةٌ مُكْتَنِزَةُ اللَّحْمِ؛ قَالَ الأَعشى:
عبْهَرةُ الخَلْقِ طَباخِيَّةٌ، ... تَزينه بالخُلُق الطَّاهِرِ «2»
.
وَيُرْوَى لُباخِيَّة. وَقِيلَ: امرأَة طُبَاخِيَّةٌ عاقلة مليحة،
__________
(1).
في هذا البيت إقواء
(2).
قوله [طباخية] في خط المؤلف بتشديد الياء وإن كان ما قبله يقتضي التخفيف، وفي القاموس ككراهية وغرابية، بتشديد الياء ففيه التخفيف والتشديد

(3/37)


وَفِي كَلَامِهِ طُبَاخٌ إِذا كَانَ مُحْكَمًا. والمُطَبَّخُ: الشابُّ الْمُمْتَلِئُ؛ ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لِلصَّبِيِّ إِذا وُلِدَ: رَضِيعٌ وَطِفْلٌ ثُمَّ فَطِيمٌ ثُمَّ دارِجٌ ثُمَّ جَفْر ثُمَّ يَافِعٌ ثُمَّ شَدَخ ثُمَّ مُطَبَّخٌ ثُمَّ كَوْكَبٌ. وطبَّخ: تَرَعْرَعَ وَعَقَلَ. ابْنُ سِيدَهْ: والمُطبِّخ، بِكَسْرِ الْبَاءِ مُشَدَّدَةً: من أَولاد الضأْن أَملأُ مَا يَكُونُ؛ وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي كَادَ يَلْحَقُ بأَبيه وأَوّله حِسْل ثُمَّ غَيْداق ثُمَّ مُطَبِّخٌ ثُمَّ خُضَرِم ثُمَّ ضَبٌّ. وَقَدْ طَبَّخَ الحِسلُ تَطْبِيخًا: كَبِرَ. وَرَجُلٌ طبْخَةُ: أَحمق، وَالْمَعْرُوفُ طَيْخَةُ. والأَطبخ: الْمُسْتَحْكِمُ الْحُمْقِ كَالطَّبْخَةِ بيِّن الطبَخ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ فِي الْحَيِّ رَجُلٌ لَهُ زَوْجَةٌ وأُم ضَعِيفَةٌ فَشَكَتْ زوجتُه إِليه أُمه فَقَامَ الأَطبخ إِلى أُمه فأَلقاها فِي الْوَادِي
؛ حَكَاهُ الْهَرَوِيُّ فِي الْغَرِيبَيْنِ. والطِّبِّيخُ بِلُغَةِ أَهل الْحِجَازِ: الْبِطِّيخُ، وَقَيَّدَهُ أَبو بَكْرٍ بفتح الطاء.
طخخ: طَخَّ الشيءَ يَطُخُّه طَخًّا: أَلقاه مِنْ يَدِهِ فأَبعَد. والمِطَخَّةُ: خَشَبَةٌ يُحدَّد أَحد طَرَفَيْهَا وَيَلْعَبُ بِهَا الصِّبْيَانُ. والطَّخُّ كِنَايَةٌ عَنِ النِّكَاحِ؛ وَقَدْ طَخَّ المرأَة يَطُخُّهَا طَخّاً؛ وَرُوِيَ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَر أَنه اشْتَرَى جَارِيَةً خُراسانية ضَخْمَةً فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَصحابُه فسأَلوه عَنْهَا فَقَالَ: نِعْمَ المِطَخَّة والطخُوخ: الشرِسُ فِي الْخُلُقِ وَسُوءِ الْعِشْرَةِ وَالْمُعَامَلَةِ؛ طخَّ طَخًّا: شَرِسٌ فِي مُعَامَلَتِهِ. والطَّخْطَخة: اسْتِوَاءُ الشَّيْءِ وَتَسْوِيَتُهُ كَنَحْوِ السَّحَابِ يَكُونُ فِيهِ جُوَبٌ ثُمَّ يتَطخطخ أَي يَنْضَمُّ بَعْضُهُ إِلى بَعْضٍ. وَتَطَخْطَخَ السحابُ إِذا كَانَتْ فِيهِ جُوَب ثُمَّ انْضَمَّ وَاسْتَوَى؛ وَسَحَابٌ طَخْطَاخٌ. أَبو عُبَيْدٍ: الْمُتَطَخْطِخُ مِنَ الْغَيْمِ الأَسودُ. وَتَطَخْطَخَ اللَّيْلُ: أَظلم وَتَرَاكَمَ يَكُونُ بِغَيْمٍ وَبِغَيْرِ غَيْمٍ، وَمِثْلُهُ تَدَخْدَخَ، وَذَلِكَ إِذا كَانَ غَيْمٌ يَسْتُرُ ضَوْءَ النُّجُومِ، وَذَلِكَ إِذا لَمْ يَكُنْ فِيهِ قَمَرٌ، وَلَا أَدري مَا طَخْطَخَهُ؛ وَلَيْلٌ طُخاطِخ وَقَدْ طخطخَه السَّحَابُ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ الضَّعِيفِ النَّظَرِ: مُتَطَخْطِخٌ، وَالْجَمْعُ مُتَطَخْطِخُونَ. ابْنُ سِيدَهْ: والمُطَخْطِخ الضَّعِيفُ الْبَصَرِ. وَقَدْ طَخْطَخَ اللَّيْلُ بَصَرَهُ إِذا حَجَبَتْهُ الظُّلْمَةُ عَنِ انْفِسَاحِ النَّظَرِ. وَالطَّخْطَخَةُ: حِكَايَةُ بَعْضِ الضَّحِكِ. وَطَخْطَخَ الضَّاحِكُ قَالَ: طَيْخَ طَيْخَ، وَهُوَ أَقبح الْقَهْقَهَةِ، وَرُبَّمَا حَكَى صَوْتَ الْحَلَى وَنَحْوَهُ بِهِ. والطَّخطاخ: اسْمُ رَجُلٍ.
طرخ: الطَّرخَة: ماجِلٌ يُتَّخَذُ كَالْحَوْضِ الْوَاسِعِ عِنْدَ مَخْرَجِ الْقَنَاةِ يَجْتَمِعُ فِيهَا الْمَاءُ ثُمَّ يَتَفَجَّرُ مِنْهَا إِلى الْمَزْرَعَةِ، وَهُوَ دَخِيلٌ لَيْسَتْ فَارِسِيَّةً لَكْنَاءَ وَلَا عَرَبِيَّةً مَحْضَةً. وطَرْخان: اسْمٌ لِلرَّجُلِ الشَّرِيفِ، بِلُغَةِ أَهل خُرَاسَانَ، والجمع الطَّراخِنة.
طلخ: الطلْخ: اللَّطْخُ بالقذَر وإِفساد الكتابِ وَنَحْوِهِ، وَاللَّطْخُ أَعم. وَرُوِيَ عَنِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه كَانَ فِي جِنَازَةٍ فَقَالَ: أَيكم يأْتي الْمَدِينَةَ فَلَا يَدَعُ فِيهَا وَثَنًا إِلّا كَسَرَهُ، وَلَا صُورَةً إِلَّا طلَخها، وَلَا قَبْرًا إِلَّا سَوَّاهُ؟
وَقَالَ شَمِرٌ: أَحسب قَوْلَهُ طَلَخَهَا أَي لَطَّخَهَا بِالطِّينِ حَتَّى يَطْمِسَهَا، مِن الطلَخ وَهُوَ الَّذِي يَبْقَى فِي أَسفل الْحَوْضِ وَالْغَدِيرِ؛ مَعْنَاهُ يُسَوِّدُهَا وكأَنه مَقْلُوبٌ. قَالَ: وَيَكُونُ طَلَخْتُهُ أَي سَوَّدْتُهُ، وَمِنْهُ اللَّيْلَةُ المطلخِمّة، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ. وامرأَة طلْخاء إِذا كَانَتْ حَمْقَاءَ؛ وأَنشد:

(3/38)


فكَمْ مثلُ زوجِ طَلْخاء خِرملٍ ... أَقلَّ عِياناً فِي السَّداد، وأَشْكَعا «3»
.
وَيُرْوَى طَلْخَاءَ لَطْخَةٍ. والطَّلْخُ: بَقِيَّةُ الْمَاءِ فِي الْحَوْضِ وَالْغَدِيرِ. وَفِي التَّهْذِيبِ: الطَّلْخُ والطَّمْحُ العَرِينُ الَّذِي فِيهِ الدَّعامِيصُ لَا يُقْدَر عَلَى شُرْبِهِ. واطْلَخَّ دَمْعُ عَيْنِهِ أَي تَفَرَّقَ؛ وأَنشد الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ جَلَخَ:
لَا خيرَ فِي الشَّيْخ إِذا مَا اجْلَخَّا، ... واطْلَخَّ ماءُ عَينِه ولَخَّا
وَفِي التَّهْذِيبِ:
وسالَ غَرْبُ مائِه فاطْلَخَّا
وَاطْلَخَّ دَمْعُ عينه إِذا سال.
طمخ: الطِّمْخُ: شَجَرٌ يُدْبَغُ به يجيء أَديمه أَحمَر، وَيُقَالُ لَهُ أَيضاً: العِرْنَةُ.
طنخ: طَنِخَ الرَّجُلُ يَطْنَخُ طَنَخاً وتَنِخ يَتْنَخُ تَنَخاً، فَهُوَ طَنِخٌ وطانخٌ: غَلَبَ الدَّسَمُ عَلَى قَلْبِهِ واتَّخَمَ مِنْهُ؛ وطنَّخ الدسمُ قَلَبَهُ، وطَنِخَتْ نفسُه: خَبُثَتْ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. وطُنِّخَت الناقةُ وَالدَّابَّةُ: اشْتَدَّ سِمَنُها. ومَرَّ طِنْخٌ مِنَ اللَّيْلِ كَعِنْكٍ، قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَلَا أَدري مَا صِحَّتُهُ. والطَّنَخُ: البَشَم؛ قَالَ شَمِرٌ: سَمِعْتُ ابْنَ الْفَقْعَسِيِّ يَقُولُ: نَشْرَبُ هَذِهِ الأَلبانَ فَتَطْنَخَنَا عَنِ الطعام أَي تغنينا.
طيخ: ابْنُ سِيدَهْ: طاخَ الأَمرَ طَيْخاً: أَفسده؛ وَقَالَ أَحمد بْنُ يَحْيَى: هُوَ مِن تَواطَخَ القومُ؛ قَالَ: وَهَذَا مِنَ الْفَسَادِ بِحَيْثُ تَرَاهُ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَقَدْ يَجُوزُ أَن يُحْسَنَ الظَّنُّ بِهِ فَيُقَالُ إِنه أَراد كأَنه مَقْلُوبٌ مِنْهُ. ابْنُ الأَعرابي: المُطَيَّخُ الْفَاسِدُ. وَطَاخَ يَطِيخُ طَيْخاً: تَلَطَّخَ بِقَبِيحٍ مِنْ قَوْلٍ أَو فِعْلٍ. وطاخَه هُوَ وطَيَّخَه: لَطَّخَهُ بِهِ؛ يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى؛ وأَنشد الأَزهري:
ولَسْتَ بطيَّاخَةٍ فِي الرِّجَالِ، ... ولَسْتَ بِخِزْرافَة أَحْدَبا
اللِّحْيَانِيُّ: طَاخَ فُلَانٌ فُلَانًا يُطَيِّخُهُ وَيَطُوخُهُ: رَمَاهُ بِقَبِيحٍ مِنْ قَوْلٍ أَو فِعْلٍ. وطَيَّخَه بِشَرٍّ: لطخهُ. أَبو زَيْدٍ: طيَّخه الْعَذَابُ أَلحَّ عليه فأَهلكه، وطيخه السمَن: امتلأَ سِمَناً. أَبو مَالِكٍ: طَيَّخَ أَصحابه إِذا شَتَمَهُمْ فأَلحَّ عَلَيْهِمْ. وَرَجُلٌ طَائِخٌ وطيَّاخة وطَيْخَة: أَحمقُ لَا خَيْرَ فِيهِ؛ وَقِيلَ: أَحمق قَذِرٌ، وَجَمْعُ الطَّيْخَة طَيْخَاتٌ؛ قَالَ: وَلَمْ نَسْمَعْهُ مُكَسَّرًا. والطِّيخ والطَّيْخ: الْجَهْلُ. والطَّيْخُ: الكِبر. وَطَاخَ: تَكَبَّرَ؛ قَالَ الْحَرِثُ بْنُ حِلزة:
فَاتْرُكُوا الطَّيْخَ وَالتَّعَدِّيَ، وإِما ... تَتَعَاشَوْا، فَفِي التَّعَاشِي الداءُ
وَزَمَنُ الطَّيخة: زَمَنُ الْفِتْنَةِ وَالْحَرْبِ؛ يُقَالُ: أَتانا فُلَانٌ زَمَنَ الطَّيْخَةِ. وَنَاقَةٌ طَيُوخٌ: تَذْهَبُ يَمِينًا وَشِمَالًا وتأْكل مِنْ أَطراف الشَّجَرِ. وطِيخِ: حكايةُ صَوْتِ الضَّحِكِ، حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ؛ اللَّيْثُ: يَقُولُ النَّاسُ طِيخِ طِيخِ أَي قَهْقَهُوا. وطَيْخٌ: موضعٌ بينَ ذِي خَشَبٍ وَوَادِي الْقُرَى؛ قَالَ كُثَيِّرُ عَزَّةَ:
فَوَاللَّهِ مَا أَدري، أَطَيْخاً تَوَاعَدُوا ... لتمٍّ ظمٍ، أَم ماءَ حَيْدَةَ أَوردوا
__________
(3).
قوله [فكم مثل زوج إلخ] هكذا في نسخة المؤلف وهي مكسورة ولعل أصله: فكم مثل زوج زوج طلخاء خرمل. إلخ فيكون زوج الثاني بدلًا من الأَول

(3/39)


فصل الظاء المعجمة
ظمخ: الظِّمْخُ: شَجَرُ السُّمَّاقِ. التَّهْذِيبُ: أَبو عَمْرٍو: الظِّمْخُ وَاحِدَتُهَا ظِمْخَةٌ شَجَرَةٌ عَلَى صُورَةِ الدُّلْب، يُقْطَعُ مِنْهَا خَشَبُ الْقَصَّارِينَ الَّتِي تُدفن، وَهِيَ العِرْنُ أَيضاً، الْوَاحِدَةُ عِرْنَةٌ، والعِرْنة والعَرَنْتَنُ أَيضاً: خَشَبُهُ الَّذِي يُدْبَغُ بِهِ، والسَّفع طلعه.

فصل العين المهملة
عهعخ: قَالَ الأَزهري: قَالَ الْخَلِيلُ بْنُ أَحمد سَمِعْنَا كَلِمَةً شَنْعَاءَ لَا تَجُوزُ فِي التأْليف، سُئِلَ أَعرابي عَنْ نَاقَتِهِ فَقَالَ: تَرَكْتُهَا تَرْعَى العُهْعُخَ، قَالَ: وسأَلنا الثِّقَاتَ مِنْ عُلَمَائِهِمْ فأَنكروا أَن يَكُونَ هَذَا الِاسْمُ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ. قَالَ وَقَالَ الْفَذُّ مِنْهُمْ: هِيَ شَجَرَةٌ يُتَدَاوَى بِهَا وَبِوَرَقِهَا. قَالَ وَقَالَ أَعرابي آخَرُ: إِنما هُوَ الخُعْخُع؛ قَالَ اللَّيْثُ: وَهَذَا مُوَافِقٌ لِقِيَاسِ العربية والتأْليف.

فصل الفاء
فتخ: الفَتْخَةُ والفَتَخَةُ: خَاتَمٌ يَكُونُ فِي الْيَدِ وَالرِّجْلِ بِفَصٍّ وَغَيْرِ فَصٍّ؛ وَقِيلَ: هِيَ الْخَاتَمُ أَيّاً كَانَ؛ وَقِيلَ: هِيَ حَلَقَةٌ تُلْبَسُ فِي الإِصبع كَالْخَاتَمِ وَكَانَتْ نِسَاءُ الْجَاهِلِيَّةِ يَتَّخِذْنَهَا فِي عَشْرِهنّ، وَالْجَمْعُ فَتَخٌ وفُتُوخ وفَتَخات، وَذُكِرَ فِي جَمْعِهِ فِتاخٌ؛ وَقِيلَ: الفَتْخة حَلْقَةٌ مِنْ فِضَّةٍ لَا فَصَّ فِيهَا فإِذا كَانَ فِيهَا فَصٌّ فَهِيَ الْخَاتَمُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
تَسْقُطُ مِنْها فَتَخِي فِي كُمِّي
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا الشِّعْرُ. للدَّهْناء بنتِ مِسْحَلٍ زَوْجِ الْعَجَّاجِ، وَكَانَتْ رَفَعته إِلى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ فَقَالَتْ لَهُ: أَصلحك اللَّهُ إِني مِنْهُ بِجُمْع أَي لَمْ يَفْتَضَّنِي، فَقَالَ الْعَجَّاجُ:
اللَّهُ يَعْلَمُ، يَا مُغِيرَةُ، أَنني ... قَدْ دُسْتُها دَوْسَ الحِصانِ المُرْسَل
وأَخذتُها أَخذَ المقصِّب شاتَهُ، ... عَجْلانَ يذبَحُها لقومٍ نُزَّلِ
فَقَالَتِ الدَّهْنَاءُ:
وَاللَّهِ لَا تَخْدَعُني بشَمٍّ، ... وَلَا بتقبيلٍ وَلَا بِضَمٍّ،
إِلَّا بِزَعْزاعٍ يُسَلِّي هَمِّي، ... تَسْقُط مِنْهُ فَتَخِي فِي كُمِّي «1»
.
قَالَ: وَحَقِيقَةُ الْفَتْخَةِ أَن تَكُونَ فِي أَصابع الرِّجْلَيْنِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن امرأَة أَتته وَفِي يَدِهَا فِتَخٌ كَثِيرَةٌ
، وَفِي رِوَايَةٍ فُتوخ، هَكَذَا رُوِيَ، وإِنما هُوَ فَتَخٌ، بِفَتْحَتَيْنِ، جَمْعُ فَتْخَةٍ، وَهِيَ خَوَاتِيمُ تَكَادُ تُلْبَسُ فِي الأَيدي؛ قَالَ: وَرُبَّمَا وُضِعَتْ فِي أَصابع الأَرجل. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْها؛ قَالَ: القُلْبُ والفَتَخَةُ.
وَمَعْنَى شِعْرِ الدَّهْنَاءِ: أَن النِّسَاءَ كُنَّ يتختَّمْن فِي أَصابع أَرجلهن فَتَصِفُ هَذِهِ أَنه إِذا شالَ بِرِجْلَيْهَا سَقَطَتْ خَوَاتِيمُهَا فِي كُمِّهَا، وإِنما تَمَنَّتْ شِدَّةَ الْجِمَاعِ؛ وَقِيلَ: الْفُتُوخُ خَوَاتِمُ بِلَا فُصُوصٍ كأَنها حلَق. وَرُوِيَ عَنْ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنها قَالَتْ: الْفَتْخُ حَلَقٌ مِنْ فِضَّةٍ يَكُونُ فِي أَصابع الرِّجْلَيْنِ، قَالَتْهُ فِي قَوْلُهُ تَعَالَى: إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْها؛ قَالَتْ: القُلْب والفَتَخة.
والفَتَخ: كَلُّ خَلخال لَا يَجْرِس. والفَتَخُ والفَتَخَة: باطن ما بين العضد وَالذِّرَاعِ. والفَتَخُ: اسْتِرْخَاءُ الْمَفَاصِلِ ولينُها وعرْضُها؛ وَقِيلَ: هُوَ اللِّين فِي الْمَفَاصِلِ وَغَيْرِهَا؛ فَتِخَ فَتَخاً وَهُوَ أَفَتْخُ. وعُقاب فَتْخاءُ: ليِّنة الْجَنَاحِ لأَنها إِذا انحطت
__________
(1).
قوله [منه] هكذا في نسخة المؤلف ولعله روي بالتذكير والتأنيث

(3/40)


كَسَرَتْ جَنَاحَيْهَا وَغَمْزَتْهُمَا، وَهَذَا لَا يَكُونُ إِلَّا مِنَ اللِّينِ. والفَتَخُ: عَرْض الْكَفِّ وَالْقَدَمِ وَطُولُهُمَا. وأَسد أَفْتَخُ: عَريض الْكَفِّ. والفتَخ: عَرْضُ مَخَالِبِ الأَسد وَلِينُ مَفَاصِلِهَا. والأَفْتَخُ: الليِّنُ مفاصلِ الأَصابع مَعَ عَرْضٍ. والفتَخ فِي الرِّجْلَيْنِ: طُولُ الْعَظْمِ وَقِلَّةُ اللَّحْمِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
عَلَى فَتْخاءَ تعلَم حيثُ تَنْجُو، ... وَمَا إِنْ حيثُ تَنْجُو مِنْ طَريق
قَالَ: عَنَى بِالْفَتْخَاءِ رِجْلَهُ، قَالَ: وَهَذَا صِفَةُ مُشتار الْعَسَلِ. الأَصمعي: فَتْخَاءُ قَدَمٌ لَيِّنَةٌ؛ وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: فِيهَا عِوَجٌ. وفَتَخَ الرَّجُلُ أَصابعه فَتْخاً وفَتَّخَها: عرَّضها وأَرخاها؛ وَقِيلَ: فَتَخَ أَصابع رِجْلَيْهِ فِي جُلُوسِهِ فَتْخاً ثَنَاهَا وليَّنها؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: يَثْنِيهُمَا إِلى ظَاهِرِ الْقَدَمِ لَا إِلى باطِنها. وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه كَانَ إِذا سَجَدَ جافَى عَضُدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ وفَتَخَ أَصابع رِجْلَيْهِ
؛ قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: الفَتْخُ أَن يَصْنَعَ هَكَذَا، وَنَصَبَ أَصابعه، ثُمَّ غَمَزَ مَوْضِعَ الْمَفَاصِلِ مِنْهَا إِلى بَاطِنِ الرَّاحَةِ وَثَنَاهَا إِلى بَاطِنِ الرِّجْلِ؛ يَعْنِي أَنه كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ بأَصابع رِجْلَيْهِ فِي السُّجُودِ. قَالَ الأَصمعي: وأَصل الْفَتْخِ اللِّينُ، وَيُقَالُ للبراجِم إِذا كَانَ فِيهَا لِينٌ وَعَرْضٌ: إِنها لفُتْخ؛ وَمِنْهُ قِيلَ لِلْعُقَابِ: فَتْخَاءُ؛ وأَنشد:
كأَني بفَتْخاءِ الجَناحَيْنِ لَقْوةٍ، ... دَفُوفٍ منَ العِقْبان، طَأْطأْتُ شِمْلالي
وَتَقُولُ: رَجُلٌ أَفتخ بيِّن الْفَتْخِ إِذا كَانَ عَرِيضَ الْكَفِّ وَالْقَدَمِ مَعَ اللِّينِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فُتْخُ الشَّمَائِلِ فِي أَيمانهم رَوَحُ
والفَتَخ فِي الإِبل: كالطَّرَق. وَنَاقَةٌ فَتْخَاءُ الأَخْلافِ: ارْتَفَعَتْ أَخلافها قِبَل بَطْنِهَا، وَكَذَلِكَ المرأَة، وَهُوَ فِيهَا مَدْحٌ وَفِي الرَّجُلِ ذَمٌّ، وَهُوَ الفَتَخ. وَالْفَتْخَاءُ: شَيْءٌ مُرْتَفِعٌ مِنْ خَشَبٍ يَجْلِسُ عَلَيْهِ الرَّجُلُ وَيَكُونُ لِمُشْتَارِ الْعَسَلِ؛ وَقِيلَ: الْفَتْخَاءُ شِبْهُ مِلبن مِنْ خَشَبٍ يَقْعُدُ عَلَيْهِ الْمُشْتَارُ ثُمَّ يَمُدُّ مِنْ فَوْقُ حَتَّى يَبْلُغَ مَوْضِعَ الْعَسَلِ؛ وَيُقَالُ لِلْفَاتِرِ الطَّرْفِ: أَفتخ الطَّرْفِ؛ قَالَ:
وهْي تَتْلو رَخْصَ الظُّلوفِ ضَئِيلًا، ... أَفْتَخَ الطَّرْفِ فِي قَوْلِهِ إِشْرافُ «1»
.
والأَفاتِيخ مِنَ الفُقُوعِ: هَناةٌ تَخَرُجُ فِي أَوّله فَيَحْسَبُهَا النَّاسُ كَمْأَةً حَتَّى يَسْتَخْرِجُوهَا فَيَعْرِفُوهَا، حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ وَلَمْ يَحْكِ للأَفاتيخ وَاحِدًا. وفُتَيْخ وفَتَّاخ: دَحْلانِ بأَطراف الدَّهْنَاءِ مِمَّا يَلِي الْيَمَامَةَ؛ عَنِ الْهَجَرِيِّ. وفَتَّاخ: اسْمُ مَوْضِعٍ.
فخخ: الفَخُّ: المصْيَدَة الَّتِي يُصَادُ بِهَا، مَعْرُوفٌ؛ وَقِيلَ: هُوَ مُعَرَّبٌ مِنْ كَلَامِ الْعَجَمِ، وَالْجَمْعُ فُخوخ وفِخاخ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الفَخَّ الطَّرَقَ. قَالَ الْفَرَّاءُ: الحَضْبُ سُرْعَةُ أَخذ الطَّرَق الرَّهْدَنَ، قَالَ: وَالطَّرَقُ الْفَخُّ. والفَخَّة والفَخُّ فِي النَّوْمِ: دُونَ الْغَطِيطِ؛ تَقُولُ: سمعت له فَخيخاً. وَفِي حَدِيثِ
صَلَاةِ اللَّيْلِ: أَنه نَامَ حَتَّى سَمِعْتُ فَخيخَه
أَي غَطِيطَهُ؛ وَقِيلَ: الفَخَّةُ والفَخُّ أَن يَنَامَ الرَّجُلُ وَيَنْفُخَ فِي نَوْمِهِ؛ وفَخَّ النائمُ يَفِخُّ، وَاسْمُ هَذِهِ النَّوْمَةِ الفَخَّة. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
أَفْلَح مَن كَانَتْ لَهُ مِزَخَّهْ، ... يَزُخُّها، ثُمَّ يَنامُ الفَخَّهْ
أَي يَنَامُ نَوْمَةً يُسْمَعُ فَخِيخُهُ فِيهَا. وَقَالَ أَبو الْعَبَّاسِ فِي قَوْلِهِ ثُمَّ يَنَامُ الْفَخَّةَ، قَالَ ابْنُ الأَعرابي الْفَخَّةُ أَن ينام
__________
(1).
قوله [في قوله إشراف] كذا في نسخة المؤلف وهو مكسور ولعله بحذف في ليتزن

(3/41)


عَلَى قَفَاهُ وَيَنْفُخَ مِنَ الشِّبَعِ؛ وَفِي حَدِيثِ
بِلَالٍ:
أَلا ليتَ شِعري، هَلْ أَبيتَنَّ لَيلَةً ... بفَخٍّ، وحَوْلي إِذْخِرٌ وجَلِيلُ؟
فخٌّ: مَوْضِعٌ بِمَكَّةَ، وَقِيلَ: وَادٍ دُفِنَ بِهِ عَبْدِ اللَّه بْنِ عُمَرَ، وَهُوَ أَيْضًا مَا أَقطعه النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عُظَيْمَ بْنَ الحرث المحاربيَّ. والأَفعى لَهُ فَخِيخٌ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الْفَخِيخُ مِنْ أَصوات الْحَيَّاتِ شَبِيهٌ بِالنَّفْخِ، وَقَدْ يُقَالُ بِالْحَاءِ غَيْرِ مُعْجَمَةٍ، وَهِيَ أَعلى. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أَما الأَفعى فإِنه يُقَالُ فِي فِعْلِهِ فَحَّ يَفُحُّ فَحِيحًا، بِالْحَاءِ، قَالَهُ الأَصمعي وأَبو خَيْرَةَ الأَعرابي، وَقَالَ شَمِرٌ: الْفَحِيحُ لِمَا سِوَى الأَسود مِنَ الْحَيَّاتِ، بِفِيهِ، كأَنه نَفَسٌ شَدِيدٌ، قَالَ: وَالْحَفِيفُ مِنْ جَرْشِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَلَمْ أَسمع لأَحد فِي الأَفعى وَسَائِرِ الْحَيَّاتِ فَخِيخًا، بِالْخَاءِ، وَهَذَا غَلَطٌ، اللَّهُمَّ إِلا أَن يَكُونَ لُغَةً لِبَعْضِ الْعَرَبِ لَا أَعرفها فإِن اللُّغَاتِ أَكثر مِنْ أَن يُحِيطَ بِهَا رَجُلٌ وَاحِدٌ. وَقَالَ الأَصمعي: فحَّت الأَفعى تَفِحُّ إِذا سمعتَ صَوْتَهَا مِنْ فَمِهَا، فأَما الْكَشِيشُ فَصَوْتُهَا مِنْ جِلْدِهَا. وامرأَة فَخٌّ وفَخَّةٌ: قَذِرَةٌ، قَالَ جَرِيرٌ:
وأُمُّكُمُ فَخٌّ قُذامٌ وخِنْدفٌ
وأَنشد الأَزهري لِلَّعِينِ الْمِنْقَرِيِّ:
أَلَسْتَ ابنَ سَوْداءِ المَحاجِرِ فَخَّةٍ، ... لَهَا عُلْبَةٌ لَحْوَى، ورَطْبٌ مُجَزَّم
المُفَضَّل: فَخْفَخَ الرَّجُلُ إِذا فاخَرَ بِالْبَاطِلِ. والخَفْخَفَة والفَخْفَخَة: حَرَكَةُ الْقِرْطَاسِ وَالثَّوْبِ الْجَدِيدِ.
فدخ: فدَخَه يفْدَخُه فَدْخاً: شَدَخَهُ وَهُوَ رَطْبٌ. والفَدْخ: الْكَسْرُ. وفَدَخت الشَّيْءَ فَدْخًا: كسرته.
فرخ: الفَرْخ: وَلَدُ الطَّائِرِ، هَذَا الأَصل، وَقَدِ اسْتُعْمِلَ فِي كُلِّ صَغِيرٍ مِنَ الْحَيَوَانِ وَالنَّبَاتِ وَالشَّجَرِ وَغَيْرِهَا، وَالْجَمْعُ الْقَلِيلُ أَفرُخ وأَفراخ وأَفرِخَةٌ نَادِرَةٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
أَفْواقُها حِذَةَ الجَفِيرِ، كأَنَّها ... أَفْواهُ أَفْرِخَةٍ مِنَ النِّغْرانِ
وَالْكَثِيرُ فُرُخٌ وفِراخٌ وفِرْخانٌ؛ قَالَ:
مَعْها كفِرْخانِ الدجاجِ رُزَّخَا ... دَرادِقاً، وهْيَ الشُّيوخُ فُرَّخَا
يَقُولُ: إِن هَؤُلَاءِ وإِن كَانُوا صِغَارًا فإِن أَكلهم أَكل الشُّيُوخِ. والأُنثى فَرْخَةٌ. وأَفْرَخَت الْبَيْضَةُ وَالطَّائِرَةُ وَفَرَّخَتْ، وَهِيَ مُفْرِخٌ ومُفَرِّخٌ: طَارَ لَهَا فَرْخ. وأَفرخ البيضُ: خَرَجَ فَرْخُهُ. وأَفرخ الطَّائِرُ: صَارَ ذَا فَرْخٍ؛ وفرَّخ كَذَلِكَ. واسْتَفْرَخُوا الحَمامَ: اتَّخَذُوهَا لِلْفِرَاخِ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ: أَتاه قَوْمٌ فاستأْمروه فِي قَتْلِ عُثْمَانَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَنَهَاهُمْ وَقَالَ: إِن تَفْعَلُوهُ فَبَيْضاً فَلْيُفْرِخَنَّه
؛ أَراد إِن تَقْتُلُوهُ تُهَيِّجُوا فِتْنَةً يَتَوَلَّى مِنْهَا شَيْءٌ كَثِيرٌ؛ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ:
أَرى فِتْنَةً هَاجَتْ وَبَاضَتْ وَفَرَّخَتْ، ... وَلَوْ تُركت طَارَتْ إِليها فراخُها
قَالَ ابْنُ الأَثير: وَنُصِبَ بَيْضًا بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ دَلَّ الْفِعْلُ الْمَذْكُورُ عَلَيْهِ تَقْدِيرُهُ فَلْيُفْرِخَنَّ بَيْضاً فَلْيُفْرِخَنَّه، كَمَا تَقُولُ زَيْدًا أَضرب ضَرَبْتُ «1». أَي ضربت زيداً، فَحَذَفَ الأَول وإِلا فَلَا وَجْهَ لِصِحَّتِهِ بِدُونِ هَذَا التَّقْدِيرِ، لأَن الْفَاءَ الثَّانِيَةَ لَا بدَّ لَهَا مِنْ مَعْطُوفٍ عَلَيْهِ، وَلَا تَكُونُ لِجَوَابِ الشَّرْطِ لِكَوْنِ الأُولى كَذَلِكَ. وَيُقَالُ أَفرخت الْبَيْضَةُ إِذا خَلَتْ مِنَ الْفَرْخِ وأَفرختها أُمّها. وَفِي حَدِيثِ
__________
(1).
قوله [أضرب ضربت] كذا في نسخة المؤلف

(3/42)


عُمَرَ: يَا أَهل الشَّامِ، تَجَهَّزُوا لأَهل الْعِرَاقِ فإِن الشَّيْطَانَ قَدْ بَاضَ فِيهِمْ وَفَرَّخَ
أَي اتَّخَذَهُمْ مَقَرًّا وَمَسْكَنًا لَا يُفَارِقُهُمْ كَمَا يُلَازِمُ الطَّائِرُ مَوْضِعَ بَيْضِهِ وأَفراخه. وفَرْخُ الرأْسِ: الدماغُ عَلَى التَّشْبِيهِ كَمَا قِيلَ لَهُ الْعُصْفُورُ؛ قَالَ:
وَنَحْنُ كشَفْنا عَنْ مُعاويةَ الَّتِي ... هِيَ الأُمُّ، تَغْشَى كلَّ فَرْخٍ مُنَقْنِق
وَقَوْلُ الْفَرَزْدَقِ:
ويومَ جَعَلْنا البِيضَ فِيهِ، لعامِرٍ، ... مُصَمَّمَةً، تَفْأَى فِراخَ الجَماجِمِ
يَعْنِي بِهِ الدِّمَاغَ. والفَرْخُ: مقدَّمُ دِمَاغِ الْفَرَسِ. والفَرْخُ: الزَّرْعُ إِذا تهيأَ للانشقاق بعد ما يطلُع؛ وَقِيلَ: هُوَ إِذا صَارَتْ لَهُ أَغصان؛ وَقَدْ فَرَّخَ وأَفرخ تَفْرِيخًا. اللَّيْثُ: الزَّرْعُ مَا دَامَ فِي البَذر فَهُوَ الْحَبُّ، فَإِذَا انْشَقَّ الْحَبُّ عَنِ الْوَرَقَةِ فَهُوَ الفَرْخ؛ فَإِذَا طَلَعَ رأْسه فَهُوَ الحَقْل. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه نَهَى عن بَيْعِ الفَرُّوخ بالمَكِيل مِنَ الطَّعَامِ
؛ قَالَ: الفَرُّوخ مِنَ السُّنْبُلِ مَا اسْتَبَانَتْ عَاقِبَتُهُ وَانْعَقَدَ حَبُّهُ وَهُوَ مِثلُ نَهْيِهِ عَنِ المُخاضَرة والمُحاقَلة. وأَفرخَ الأَمر وَفَرَّخَ: اسْتَبَانَتْ عَاقِبَتُهُ بَعْدَ اشْتِبَاهٍ. وأَفرخَ القومُ بيضَهم إِذا أَبدوا سِرَّهُمْ؛ يُقَالُ ذَلِكَ لِلَّذِي أَظْهرَ أَمرَهُ وأَخرج خَبَرَهُ لأَن إفراخَ الْبَيْضِ أَن يَخْرُجَ فَرْخُهُ. وفَرَّخَ الرَّوْعُ وأَفْرَخَ: ذَهَبَ الفَزَع؛ يُقَالُ: لِيُفْرِخْ رَوْعُكَ أَي لِيَخْرُجْ عَنْكَ فَزَعُك كَمَا يَخْرُجُ الْفَرْخُ عَنِ الْبَيْضَةِ؛ وأَفْرِخْ رَوْعَك يَا فُلَانُ أَي سَكِّنْ جأْشَك. الأَزهري، أَبو عُبَيْدٍ: مِنْ أَمثالهم الْمُنْتَشِرَةِ فِي كَشْفِ الْكَرْبِ عِنْدَ الْمَخَاوِفِ عَنِ الْجَبَانِ قَوْلُهُمْ: أَفْرِخْ رَوْعَك؛ يَقُولُ: لِيَذْهَبْ رُعْبُك وفَزَعك فَإِنَّ الأَمر لَيْسَ عَلَى مَا تُحَاذِرُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى ابْنِ زِيَادٍ: أَفْرِخْ رَوْعَكَ قَدْ وَلَّيْنَاكَ الْكُوفَةَ
؛ وَكَانَ يَخَافُ أَن يُوَلِّيَهَا غَيْرَهُ. وأَفْرَخَ فؤادُ الرَّجُلِ إِذَا خَرَجَ رَوْعُه وَانْكَشَفَ عَنْهُ الْفَزَعُ كَمَا تُفْرِخُ الْبَيْضَةُ إِذَا انْفَلَقَتْ عَنِ الْفَرْخِ فَخَرَجَ مِنْهَا؛ وأَصل الإِفراخ الِانْكِشَافُ مأْخوذ مِنْ إِفراخ الْبَيْضِ إِذا انْقَاضَ عَنِ الْفَرْخِ فَخَرَجَ مِنْهَا؛ قَالَ وَقَلَبَهُ ذُو الرُّمَّةِ لِمَعْرِفَتِهِ فِي الْمَعْنَى فَقَالَ:
جَذْلانَ قَدْ أَفْرَخَتْ عَنْ رُوعِه الكُرَبُ
قَالَ: والرَّوْعُ فِي الْفُؤَادِ كَالْفَرْخِ فِي الْبَيْضَةِ؛ وأَنشد:
فَقُلْ لِلْفُؤَادِ إِنْ نَزَا بِكَ نَزْوَةً ... مِنَ الخَوْفِ: أَفرِخْ، أَكثرُ الرَّوعِ باطِلُه
وَقَالَ أَبو عبيد: أَفرَخَ رَوْعُه إِذا دُعِيَ لَهُ أَن يَسْكُنَ رَوْعُه وَيَذْهَبَ. وفُرِّخَ الرِّعْدِيدُ: رُعِبَ وأُرْعِدَ، وَكَذَلِكَ الشَّيْخُ الضَّعِيفُ. الأَزهري: وَيُقَالُ للفَرِقِ الرِّعْدِيدِ، قَدْ فرَّخَ تَفْريخاً؛ وأَنشد:
وَمَا رأَينا مِنْ مَعْشَرٍ يَنْتَخوا ... مِنْ شَنا إِلا فَرَّخُوا «2»
.
أَبُو مَنْصُورٍ: مَعْنَى فَرَّخُوا ضَعُفُوا كأَنهم فِرَاخٌ مِنْ ضَعْفِهِمْ؛ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ ذَلُّوا. الْهَوَازِنِيُّ: إِذَا سَمِعَ صَاحِبُ الأَمَةِ الرعدَ والطَّحنَ فَرِخَ إِلى الأَرض أَي لَزِقَ بِهَا يُفْرِخُ فَرَخًا. وفَرِخَ الرَّجُلُ إِذا زَالَ فَزَعُهُ واطمأَن. والفَرِخُ: الْمُدَغْدِغُ مِنَ الرِّجَالِ. والفَرْخَة: السِّنَانُ الْعَرِيضُ. والفُرَيْخُ عَلَى لَفْظِ التَّصْغِيرِ: قَيْنٌ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تُنْسَبُ إِلَيْهِ النِّصَالُ الفُرَيْخِيَّة؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشاعر:
__________
(2).
قوله [وَمَا رَأَيْنَا مِنْ مَعْشَرٍ إلخ] كذا في نسخة المؤلف وشطره الثاني ناقص ولهذا تركه السيد مرتضى كعادته فيما لم يهتد إلى صحته من كلام المؤلف

(3/43)


ومَقْذوذَيْنِ مِنْ بَرْيِ الفُرَيْخِ
وَقَوْلُهُمْ: فُلَانٌ فُرَيخ قُرَيْشٍ، إِنما هُوَ عَلَى وَجْهِ الْمَدْحِ كَقَوْلِ الحُباب بْنُ الْمُنْذِرِ [أَنا جُذَيْلُها المُحَكَّكُ وعُذَيْقُها المُرَجَّبُ] وَالْعَرَبُ تَقُولُ: فُلَانٌ فُريخ قَوْمِهِ إِذَا كَانُوا يُعَظِّمُونَهُ وَيُكْرِمُونَهُ، وَصُغِّرَ عَلَى وَجْهِ الْمُبَالَغَةِ فِي كَرَامَتِهِ. وفَرّوخ: مِنْ وَلَدِ إِبراهيم، عَلَيْهِ السَّلَامُ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: يَا بَنِي فَرّوخ
؛ قَالَ اللَّيْثُ: بَلَغَنَا أَن فَرّوخ كَانَ مِنْ وَلَدِ إِبراهيم، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وُلِدَ بَعْدَ إِسحاق وَإِسْمَاعِيلَ وَكَثُرَ نَسْلُهُ وَنَمَا عَدَدُهُ فَوَلَدَ الْعَجَمَ الَّذِينَ هُمْ فِي وَسَطِ الْبِلَادِ؛ وأَما قَوْلُ الشَّاعِرِ:
فإِنْ يَأْكلْ أَبو فَرّوخَ آكُلْ، ... وَلَوْ كَانَتْ خَنانيصاً صِغَارَا
فَإِنَّهُ جَعَلَهُ أَعجميّاً فَلَمْ يَصْرِفْهُ لِمَكَانِ الْعُجْمَةِ وَالتَّعْرِيفِ.
فرسخ: الفَرْسَخُ: السُّكُونُ؛ وَقَالَتِ الْكِلَابِيَّةُ: فَرَاسِخُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سَاعَاتُهُمَا وأَوقاتهما؛ وَقَالَ خَالِدُ بْنُ جَنَبَةَ: هَؤُلَاءِ قَوْمٌ لَا يَعْرِفُونَ مَوَاقِيتَ الدَّهْرِ وَفَرَاسِخَ الأَيام؛ قَالَ: حَيْثُ يأْخذ اللَّيْلُ مِنَ النَّهَارِ، وَالْفَرْسَخُ مِنَ الْمَسَافَةِ الْمَعْلُومَةِ فِي الأَرض مأْخوذ مِنْهُ. وَالْفَرْسَخُ: ثَلَاثَةُ أَميال أَو سِتَّةٌ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَن صَاحِبَهُ إِذا مَشَى قَعَدَ وَاسْتَرَاحَ مِنْ ذَلِكَ كأَنه سَكَنَ، وَهُوَ وَاحِدُ الْفَرَاسِخِ؛ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ. وَفِي حَدِيثِ
حُذَيْفَةَ: مَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ أَن يُرْسَلَ عَلَيْكُمُ الشرُّ إِلَّا فَراسِخُ مِنْ ذَلِكَ
، حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي؛ وَفِي رِوَايَةٍ:
مَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ أَن يُصَبَّ عَلَيْكُمُ الشَّرُّ فَراسِخَ إِلّا موتُ رجلٍ
، يَعْنِي عمرَ بنَ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَلَوْ قَدْ مَاتَ صُبَّ عَلَيْكُمُ الشَّرُّ. قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: كُلُّ شيءٍ دَائِمٌ كَثِيرٌ لَا يَنْقَطِعُ فَرْسَخٌ. وَالْفَرْسَخُ: الرَّاحَةُ وَالْفُرْجَةُ؛ وَيُقَالُ لِلشَّيْءِ الَّذِي لَا فُرْجَةَ فِيهِ: فَرْسَخٌ، كأَنه عَلَى السَّلْبِ. وَانْتَظَرْتُكَ فَرْسَخًا مِنَ اللَّيْلِ أَو مِنَ النَّهَارِ أَي طَوِيلًا، وكأَن الْفَرْسَخَ أُخذ مِنْ هَذَا. وفَرْسَخَتْ عَنْهُ الحمَّى وتَفَرْسَخَتْ وافْرَنْسَخَتْ: انْكَسَرَتْ وَبَعُدَتْ، وَكَذَلِكَ غَيْرُهَا مِنَ الأَمراض. وَالْفَرْسَخُ: السَّاعَةُ مِنَ النَّهَارِ؛ قَالَ أَبو زِيَادٍ: مَا مُطِرَ الناسُ مِنْ مَطَرٍ بَيْنَ نَوْأَيْنِ إِلا كَانَ بَيْنَهُمَا فَرْسَخٌ. قَالَ: وَالْفَرْسَخُ انْكِسَارُ الْبَرْدِ. وَقَالَ بَعْضُ الْعَرَبِ: أَعصبت السَّمَاءُ أَياماً بعَين مَا فِيهَا فَرْسَخٌ؛ والعَين: أَنْ يَدُومَ الْمَطَرُ أَياماً. وَقَوْلُهُ: مَا فِيهَا فَرْسَخٌ يَقُولُ: لَيْسَ فِيهَا فُرْجَةٌ وَلَا إِقلاع. قَالَ: وإِذا احْتَبَسَ الْمَطَرُ اشتدَّ الْبَرْدُ فإِذا مُطِرَ النَّاسُ كَانَ لِلْبَرْدِ بَعْدَ ذَلِكَ فَرْسَخٌ أَي سُكُونٌ، مِنْ قَوْلِكَ فَرْسَخَ عَنِّي الْمَرَضُ، وافْرَنْسَخَ أَي تَبَاعَدَ.
فرضخ: الفِرْضاخُ: الْعَرِيضُ؛ يُقَالُ: فَرَسٌ فِرْضاخَةٌ وقَدم فِرْضاخَة وفِرْضاخٌ. والفِرْضاخُ: النَّخْلَةُ الْفَتِيَّةُ؛ وَقِيلَ: هُوَ ضَرْبٌ مِنَ الشَّجَرِ. وَرَجُلٌ فَرِضَاخٌ: عَرِيضٌ غَلِيظٌ كَثِيرُ اللَّحْمِ. وَيُقَالُ: رَجُلٌ فَرِضَاخٌ وامرأَة فرضاخِيَّة، وَالْيَاءُ لِلْمُبَالَغَةِ. وامرأَة فِرْضَاخَةٌ: لَحِيمَة عَرِيضَةٌ. وَفِي حَدِيثِ
الدَّجَّالِ: أَن أُمه كَانَتْ فِرْضَاخَةً
أَي ضَخْمَةً عَرِيضَةَ الثَّدْيَيْنِ. وَمِنْ أَسماء الْعَقْرَبِ: الفِرْضخ والشَّوْشَبُ وتَمْرَةُ، لَا ينصرف.
فرفخ: الفَرْفَخُ والفَرْفَخَةُ: البَقْلة الْحَمْقَاءُ وَلَا تَنْبُتُ بِنَجْدٍ وَتُسَمَّى الرِّجْلَةُ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَة: وَهِيَ فَارِسِيَّةٌ عُرِّبَتْ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
ودُسْتُهُم كَمَا يُداسُ الفَرْفَخُ، ... يُؤكلُ أَحْياناً، وحِيناً يُشْدَخُ
فسخ: فسَخَ الشيءَ يفسَخُه فَسْخاً فانْفَسَخَ: نَقَضَه فانتَقَض. وتفاسَخَت الأَقاويل: تَناقَضَت. والفَسْخُ:

(3/44)


زَوَالُ المَفْصِل عَنْ مَوْضِعِهِ. وفسختُ يدَه أَفسَخُها فَسْخًا، بِغَيْرِ أَلف، إِذا فَكَكْتَ مَفْصِله مِنْ غَيْرِ كَسْرٍ. وفسخَ المَفْصلَ يفسَخه فسْخاً وفَسَّخَه فانْفَسَخَ وتفسَّخ: أَزاله عَنْ مَوْضِعِهِ. وَيُقَالُ: وَقَعَ فُلَانٌ فَانْفَسَخَتْ قَدَمُهُ وَفَسَخْتُهُ أَنا وَتَفَسَّخَ عَنِ الْعَظْمِ وَتَفَسَّخَ الْجِلْدُ عَنِ الْعَظْمِ، وَلَا يُقَالُ إِلَّا لشَعر الْمَيْتَةِ وَجِلْدِهَا. وَتَفَسَّخَتِ الفأْرة فِي الْمَاءِ: تَقَطَّعَتْ. والفَسْخ: الضَّعِيفُ الَّذِي يَنْفَسِخُ عِنْدَ الشِّدَّةِ. وَاللَّحْمُ إِذا أَصَلَّ انفَسَخ، وانفَسَخَ اللحمُ وَتَفَسَّخَ: انخَضَدَ عَنْ وَهَنٍ أَو صُلُولٍ. وَتَفَسَّخَ الشَّعَرُ عَنِ الْجِلْدِ: زَالَ وَتَطَايَرَ، وَلَا يُقَالُ إِلّا لِشَعَرِ الْمَيْتَةِ. وفَسِخَ رأْيُه فَسَخاً فَهُوَ فَسِخٌ: فَسَدَ. وفَسَخَه فَسْخاً: أَفسده: وَيُقَالُ: فَسَخْتُ البَيْعَ بَيْنَ البيِّعَين والنكاحَ فَانْفَسَخَ البيعُ والنكاحُ أَي نَقَضْتُهُ فَانْتَقَضَ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ فَسْخُ الحجِّ رُخْصَةً لأَصحاب النبي، صلى الله عليه وَسَلَّمَ
، وَهُوَ أَن يَكُونَ نَوَى الْحَجَّ أَوَّلًا ثُمَّ يبطله وينقضه وَيَجْعَلُهُ عُمْرَةً وَيُحِلُّ ثُمَّ يَعُودُ يُحْرِمُ بِحَجَّةٍ، وَهُوَ التَّمَتُّعُ أَو قَرِيبٌ مِنْهُ. وَفِيهِ فَسْخ وفَسْخة إِذا كَانَ ضَعِيفَ الْعَقْلِ وَالْبَدَنِ. والفَسْخ: الَّذِي لَا يَظْفَرُ بِحَاجَتِهِ. وفسَخَ الشيءَ: فرَّقه. وأَفْسَخَ القرآنَ: نَسِيَهُ. وتفسَّخَ الرُّبَعُ تَحْتَ الحِمل الثَّقِيلِ، وَذَلِكَ إِذا لَمْ يُطِقْهُ. وفَسَخْتُ عَنِّي ثَوْبِي إِذا طرحته.
فشخ: الفَشْخُ: اللَّطْمُ وَالصَّفْعُ فِي لَعِبِ الصِّبْيَانِ وَالْكَذِبُ فِيهِ؛ فشَخه يفشَخه فشْخاً. وفشَخَ الصِّبْيَانُ فِي لَعِبِهِمْ فشْخاً: كَذَبُوا فِيهِ وَظَلَمُوا. وفَنْشَخَ وفَشَخَ: أَعيا.
فصخ: ابْنُ شُمَيْلٍ: الفَصْخُ التَّغَابِي عَنِ الشَّيْءِ وأَنت تَعْلَمُهُ. يُقَالُ: فَصَخْتُ عَنْ ذَلِكَ الأَمر فصْخاً؛ وَيُقَالُ: فَصَخَ يَدَهُ وَفَسَخَهَا إِذا أَزال عَنْ مَفْصِلِهِ؛ حكَى الصادَ عَنْ أَبي الدُّقيش. أَبو حَاتِمٍ: فصَخَ النعامُ بِصَوْمِهِ إِذا رمى به.
فضخ: الفضْخ: كَسْرُ كُلِّ شَيْءٍ أَجوف نَحْوَ الرأْس وَالْبِطِّيخِ؛ فَضَخَه يفْضَخُه فضْخاً وَافْتَضَخَهُ. وَفَضَخَ رأْسه: شَدَخَهُ. وانفَضَخَ سَنامُ الْبَعِيرِ: انْشَدَخَ. وأَفضَخ العنقودُ: حَانَ وَصَلَحَ أَن يُفْتَضَخَ ويُعْتَصر مَا فِيهِ. وفضَخ الرُّطَبة وَنَحْوَهَا مِنَ الرطْب يفضَخها فَضْخًا: شَدَخَهَا. والفَضِيخُ: عَصِيرُ العنَب، وَهُوَ أَيضاً شَرَابٌ يُتَّخَذُ مِنَ البُسر الْمَفْضُوخِ وَحْدَهُ مِنْ غَيْرِ أَن تَمَسَّهُ النَّارُ، وَهُوَ الْمَشْدُوخُ. وفضَخْتُ الْبُسْرَ وافتَضَخْته؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
بالَ سُهَيْلٌ فِي الفَضيخ فَفسَد
يَقُولُ: لَمَّا طَلَعَ سُهَيْلٌ ذَهَبَ زَمَنُ الْبُسْرِ وأَرطب فكأَنه بَالَ فِيهِ؛ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ الْمَفْضُوخُ لَا الْفَضِيخُ؛ الْمَعْنَى: أَنه يُسْكِرُ شَارِبَهُ فَيَفْضَخُهُ. وَسُئِلَ ابْنُ عُمَرَ عَنِ الْفَضِيخِ فَقَالَ: لَيْسَ بِالْفَضِيخِ وَلَكِنْ هُوَ الْفَضُوخُ، فَعُولٌ مِنَ الْفَضِيخَةِ، أَراد يُسْكِر شاربَه فيفضَخه، وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ الْفَضِيخِ فِي الْحَدِيثِ. والمِفْضَخَة: حَجَرٌ يُفْضَخُ بِهِ الْبُسْرُ وَيُجَفَّفُ. وَالْمَفَاضِخُ: الأَواني الَّتِي يُنْبَذُ فِيهَا الْفَضِيخُ. وَكُلُّ شَيْءٍ اتسعَ وعَرُض، فَقَدِ انْفَضَخَ. وانفَضَخَت القُرْحة وغيرُها: انفَتَحَت وَانْعَصَرَتْ. وَدَلْوٌ مِفْضَخَةٌ: وَاسِعَةٌ؛ قَالَ:
كأَنّ ظَهْرِي أَخذَتْهُ زُلَّخَهْ، ... مِمَّا تَمطَّى بالفَرِيِّ المِفْضَخَهْ
وَقَدْ قِيلَ فِي الدَّلْوِ: انْفَضَجَتْ، بِالْجِيمِ. وَانْفَضَخَ الْعَرَقُ. وَيُقَالُ: انْفَضَخَتِ الْعَيْنُ، بِالْخَاءِ، إِذا انفقأَت.

(3/45)


أَبو زَيْدٍ: فضَخْتُ عينَه فَضْخة وفقأْتها فَقْأً وَهُمَا وَاحِدٌ لِلْعَيْنِ وَالْبَطْنِ، وَكُلُّ وِعَاءٍ فِيهِ دُهْنٌ أَوْ شَرَابٌ .. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ، أَنه قَالَ: كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً فسأَلت الْمِقْدَادَ أَن يسأَل النبي، صلى الله عليه وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِذا رأَيت الْمَذْيَ فتوضأْ وَاغْسِلْ مَذاكِيرَك، وإِذا رأَيت فَضْخَ الماءِ فَاغْتَسِلْ
؛ يُرِيدُ الْمَنِيَّ. وفَضْخُ الماءِ: دَفْقُه. وَانْفَضَخَ الدَّلْوُ إِذا دَفَقَ مَا فِيهِ مِنَ الْمَاءِ. قَالَ: وَالدَّلْوُ يُقَالُ لَهَا المِفْضَخة. وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنه قِيلَ لَهُ مَا الإِناء؟ فَقَالَ: حَيْثُ تَفْضَخ الدلوْ أَي تَدْفَقُ فَتَفِيضُ فِي الإِناء. وَيُقَالُ: بينَا الإِنسانُ ساكتٌ إِذِ انْفَضَخ؛ وَهُوَ شِدَّةُ الْبُكَاءِ وَكَثْرَةُ الدَّمْعِ. وَالْقَارُورَةُ تَنْفَضِخُ إِذا تَكَسَّرَتْ فَلَمْ يَبْقَ فِيهَا شَيْءٌ. وَالسِّقَاءُ يَنْفَضِخُ وَهُوَ مَلْآنُ فَيَنْشَقُّ وَيَسِيلُ مَا فِيهِ. أَبو حَاتِمٍ: يُقَالُ لِلَّبَنِ الَّذِي أُكثر مَاؤُهُ حَتَّى رَقَّ، هُوَ أَبيض مِثْلُ السَّمار؛ وَمِثْلُهُ الضَّيْح والخَضار والشِّجاج والفَضِيخُ والشُّهابة مِثْلُهُ، بِضَمِّ الشِّينِ، وَكَذَلِكَ البِراح وهُو المِزْرَح والدِّلاحُ والمَذْقُ، وَقِيلَ: هو الشُّهابُ.
فقخ: فَقَخَه فَقْخاً: كَقَفَخَهُ، والله أَعلم.
فلخ: شَمِرٌ: فَلَخْتُه وقَفَخْتُه إِذا أَوضَحتَه وسَلَعْته أَيضاً. والفَيْلَخ: أَحَدُ رَحَيَيِ الماءِ وَالْيَدِ السُّفْلَى مِنْهُمَا؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
ودُرْنا كَمَا دارَتْ على القُطْبِ فَيْلَخُ.
فلذخ: الفَلْذَخُ: اللَّوْزِينَج.
فنخ: فَنَخَه يفنَخُه فَنْخاً وفُنوخاً: أَثخنه. وفَنَخَ رأْسَه بِالشَّيْءِ يفنَخه فَنْخاً عَلَى ذَلِكَ الْمِثَالِ: فتَّ عَظْمُهُ مِنْ غَيْرِ شِقٍّ يَبِينُ وَلَا إِدْماء، وَقِيلَ: هُوَ ضَرْبُكَ إِياه بِالْعَصَا، شَقَّهُ أَو لَمْ يَشُقَّهُ. والفَنْخ: الغلَبة وَالْقَهْرُ، وَقِيلَ: هُوَ أَقبح الذلِّ وَالْقَهْرِ، فَنَخه يَفنَخه فَنْخاً، وَهُوَ فَنَيخ، وفَنَّخه وتَفَنَّخه، قَالَ رؤْبة:
لمَّا تَفَنَّخْنا بهنَّ المَجْدا
وفَنَّخه الأَمر: قَهَرَهُ وَذَلَّلَهُ، وَكَذَلِكَ التَّفْنِيخُ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، وَذَكَرَتْ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا: ففنَخ الكفَرة
أَي أَذَلَّها وَقَهَرَهَا. وَالْفَنِيخُ: الرِّخو الضَّعِيفُ، وَقَالَتِ امرأَة: مَا لِي وَلِلشُّيُوخِ، يَمْشُونَ كَالْفُرُوخِ، والحَوْقَل الفَنِيخ. وَيُقَالُ لِلشَّيْخِ أَيضاً: فَنِيخٌ. وَفِي حَدِيثِ
المتعةِ: بُرْدُ هَذَا غَيْرُ مَفْنُوخٍ
أَي غَيْرُ خَلَق وَلَا ضَعِيفٍ. يُقَالُ: فَنَخْت رأْسَه وفنَّخْتُه أَي شَدَخْتُهُ وَذَلَّلْتُهُ. وَرَجُلٌ مِفْنَخ، بِكَسْرِ الْمِيمِ، إِذا كَانَ مِمَّنْ يُذِلُّ أَعداءه ويَشُج رأْسهم كَثِيرًا، قَالَ الْعَجَّاجُ:
تاللَّه لَوْلَا أَن يحُشَّ الطُّبَّخُ ... بيَ الجحيمَ، حَيْثُ لَا مُسْتَصْرَخ
لِعَلِمِ الأَقوامُ أَني مِفنَخ ... لِهامِهم، أَرُضُّه وأَنْقَخُ
أَمَّ الصَّدَى عَنِ الصَّدَى وأَصمُخُ
وفنَّختُه تَفْنِيخًا، وفنّخته أَي أَذللته.
فنشخ: التَّهْذِيبُ: يُقَالُ فَنْشَخَه فِنْشاخاً وَزَلْزَلَهُ زِلْزَالًا بِمَعْنًى واحد.
فنقخ: التَّهْذِيبُ الْفَرَّاءُ: داهِيَةٌ فِنْقَخٌ؛ قَالَ الرَّاوِيُ: هَكَذَا أَسمعنيه الْمُنْذِرِيُّ فِي نَوَادِرِ الفراء.
فوخ: فَاخَ الْمِسْكُ يَفُوخُ وَيفيخ فَوخاناً: سَطَعَ مِثْلُ فَاحَ. الْفَرَّاءُ: فَاحَتْ رِيحُهُ وَفَاخَتْ أَخذت بِنَفْسِهِ وَفَاحَتْ دُونَ ذَلِكَ. الأَصمعي: فَاخْتُ مِنْهُ رِيحٌ طَيِّبَةٌ تَفُوخُ وَتَفِيخُ مِثْلُ فَاحَتْ. وَفَاخَ الرَّجُلُ يَفُوخُ فَوْخاً

(3/46)


وأَفاخ يُفيخ: خَرَجَتْ مِنْهُ رِيحٌ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي الْيَاءِ أَيضاً. وَفَاخَ الحَدَثُ نفسُه يَفُوخُ: صَوَّتَ. وَفَاخَتِ الرِّيحُ تَفُوخ إِذا كَانَ لَهَا صَوْتٌ. الْفَرَّاءُ: أَفَخْتُ الزِّق إِفاخَة إِذا فَتَحَتْ فَاهُ ليفُش رِيحَهُ، قَالَ: وَسَمِعْتُ شَيْخًا مِنْ أَهل الْعَرَبِيَّةِ يَقُولُ أَفخت الزِّقَّ إِذا طَلَيْتَ دَاخِلَهُ بِرُبّ. وأَفِخْ عَنْكَ مِنَ الظَّهِيرَةِ أَي أَقم حَتَّى يَسْكُنَ حَرُّ النَّهَارِ ويَبْرُدَ، وَهُوَ أَيضاً مَذْكُورٌ فِي الْيَاءِ. وأَفاخ الإِنسان يُفيخ إِفَاخَةً؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه خَرَجَ يُرِيدُ حَاجَةً فَاتَّبَعَهُ بَعْضُ أَصحابه فَقَالَ: تَنَحَّ عَنِّي فإِن كُلَّ بَائِلَةٍ يُفِيخ.
الإِفاخَةُ الحدَث مِنْ خُرُوجِ الرِّيحِ خَاصَّةً؛ وَقَوْلُهُ بَائِلَةٌ أَي نَفْسُ بَائِلَةٍ. اللَّيْثُ: إِفاخَةُ الرِّيحِ بِالدُّبُرِ. قَالَ أَبو زَيْدٍ: إِذا جَعَلْتَ الْفِعْلَ لِلصَّوْتِ قُلْتَ فَاخَ يَفُوخُ. وَفَاخَتِ الرِّيحُ تَفُوخُ فَوْخًا إِذا كَانَ مَعَ هُبُوبِهَا صَوْتٌ. وأَما الْفَوْحُ، بِالْحَاءِ، فَمِنَ الرِّيحِ تَجِدُهَا لَا مِنَ الصَّوْتِ. وَقَالَ النَّضْرُ بنُ شُمَيْلٍ: إِذا بَالَ الإِنسان أَو الدَّابَّةُ فَخَرَجَ مِنْهُ رِيحٌ، قِيلَ: أَفاخ؛ وأَنشد لِجَرِيرٍ:
ظَلَّ اللَّهازِمُ يَلْعَبون بِنِسْوَة ... بالجَوِّ، يومَ يُفِخْنَ بالأَبْوالِ
وأَفاخ بِبَوْلِهِ إِذا اتَّسَعَ مَخْرَجُهُ؛ وأَفاخت النَّاقَةُ بِبَوْلِهَا وأَشاعَتْ وأَوْزَغَتْ؛ وأَنشد بَيْتَ جَرِيرٍ أَيضاً.
فيخ: الفَيْخة: السُّكُرُّجَة. وفَيَّخ العجينَ: جَعَلَهُ كالسُّكُرُّجة، وأَنشد اللَّيْثُ:
ونَهِيدَةٍ فِي فَيْخةٍ معَ طِرْمَةٍ، ... أَهدَيْتُها لِفتًى أَراد الزَّغْبَدا
التَّهْذِيبُ: والإِفاخة أَنْ يُسْقَط فِي يَدِهِ، قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
أَفاخَ وأَلْقَى الدرْعَ عَنْهُ، وَلَمْ أَكُنْ ... لأُلْقِيَ دِرْعِي عَنْ كَمِيٍّ أُقاتِلُه
وأفاخَ الرجلُ: صُدَّ عَنْهُ فسُقِط فِي يَدِهِ. التَّهْذِيبُ: أَفاخ فُلَانٌ مِنْ فُلَانٍ إِذا صَدَّ عَنْهُ، وأَنشد:
أَفاخوا مِنْ رِماح الخَطِّ، لمَّا ... رأَوْنا قَدْ شَرَعْناها نِهالا
وَفَاخَ الرَّجُلُ وأَفاخ يَفِيخُ أَي ضَرَطَ. وَقِيلَ: الإِفاخة الْحَدَثُ مَعَ خُرُوجِ الرِّيحِ خَاصَّةً. ابْنُ الأَعرابي: فَيْخة الْبَوْلِ اتِّسَاعُ مَخْرَجِهِ وَكَثْرَتُهُ. وَفَاخَتِ الرَّائِحَةُ الطَّيِّبَةِ تَفيخ فَيْخاً وَفَيْخَانًا: كَفَاحَتْ. وفَيخة الْحَرِّ: شِدَّتُهُ وغُلَواؤُه. وَفَاخَ الْحَرُّ: سَكَنَ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا سَكَنَ بعدُ، وأَفِخْ عَنْكَ مِنَ الظَّهِيرَةِ أَي أَقم حَتَّى يَسْكُنَ حَرُّ النَّهَارِ وَيَبْرُدَ. وَفَيْخة النَّبَاتِ: الْتِفَافُهُ وَكَثْرَتُهُ. والفَيْخ: الِانْتِشَارُ كَالْفِيحِ، عَنْ كُراع، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَسْتُ مِنْهَا عَلَى ثِقَةٍ.

فصل القاف
قفخ: قَفَخَ الشيءَ قَفْخاً وَقَفَاخًا: ضَرَبَهُ، وَلَا يَكُونُ القَفْخ إِلَّا عَلَى شَيْءٍ صُلب أَو عَلَى شَيْءٍ أَجوف أَو عَلَى الرأْس، فإِن ضَرَبَهُ عَلَى شَيْءٍ مُصْمَتٍ يَابِسٍ قَالَ: صَفَقْتُهُ وَصَقَعْتُهُ. وَقَفَخَ رأْسه بِالْعَصَا يَقْفَخه قَفْخًا كَذَلِكَ. الأَصمعي: قفَخت الرَّجُلَ أَقفخه قَفْخًا إِذا صَكَكْتَهُ عَلَى رأْسه بِالْعَصَا. وَالْقَفْخُ أَيضاً: كَسْرُ الشَّيْءِ عَرَضًا. اللَّيْثُ: الْقَفْخُ كَسْرُ الرأْس شَدْخًا، قَالَ: وَكَذَلِكَ إِذا كَسَرْتَ العَرْمَض عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ قُلْتَ: قَفَخْتُهُ قَفْخًا؛ وأَنشد:
قَفْخاً عَلَى الْهَامِ وبَجًّا وخْضا
وقفخَ العرمضَ قفْخاً: كَسَرَهُ عن وَجْهِ الْمَاءِ. وأَهل الْيَمَنِ يُسَمُّونَ الصَّقْعَ القَفْخَ. والقَفيخة: طَعَامٌ يُصْنَعُ مِنْ إِهَالَةٍ وَتَمْرٍ يُصبّ عَلَى حَشِيشَةٍ. والقُفَّاخ: المرأَة الْحَسَنَةُ الْحَادِرَةُ.

(3/47)


والقَفْخة: الْبَقَرَةُ الْمُسْتَحْرِمَةُ. وأَقْفَخَتِ البقرةُ: اسْتَحْرَمَتْ، وَكَذَلِكَ الذِّئْبُ. يُقَالُ: أَقْفَخَت أَرخُهم أَي اسْتَحْرَمَتْ بَقَرتُهم، وَكَذَلِكَ الذِّئْبَةُ إِذا أَرادت السفاد.
قلخ: القَلْخ: الضَّرْبُ بِالْيَابِسِ عَلَى الْيَابِسِ. والقَلْخ والقَلِيخُ: شدَّة الهَدير؛ وأَنشد:
قَلخ الهَديرِ مِرْجَس رعَّاد
وقَلَخَ البعيرُ هَدِيرَهُ يقلَخه قلْخاً وَهُوَ قلَّاخ: قطَّعه؛ وَقِيلَ: قلَخ يقلَخُ قلْخاً وقُلاخاً وقَليخاً؛ الأَخيرة عَنْ سِيبَوَيْهِ، وَهُوَ قَلَّاخ وقُلَّاخ: جَعَلَ يَهْدِرُ هَدْرًا كأَنه يَقْلَعُهُ مِنْ جَوْفِهِ؛ وَقِيلَ: قلْخُه أَوَّل هَدِيرِهِ؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: أَكثر الأَصوات بُنِيَ عَلَى فَعِيلٍ مِثْلُ هَدَرَ هَدِيرًا وَصَهَلَ صَهِيلًا وَنَبَحَ نَبِيحًا وَقَلَخَ قَلِيخًا. والقَلْخ: الْحِمَارُ المُسِنّ. والقَلْخ والقُلاخ: الضَّخْمُ الهامَة. وقَلَّخَه بالسَّوطِ تَقْلِيخًا: ضَرَبَهُ. وَيُقَالُ لِلْفَحْلِ عِنْدَ الضِّرَابِ: قَلَخْ قَلَخْ مَجْزُومٌ. وَيُقَالُ لِلْحِمَارِ الْمُسِنِّ: قلْخ وقلْح، بِالْخَاءِ وَالْحَاءِ؛ وأَنشد اللَّيْثُ:
أَيحكُمُ فِي أَموالنا وَدِمَائِنَا ... قُدَامَة قَلْخُ العَيرِ، عَيرِ ابنِ جَحْجَب؟
الأَصمعي: الْفَحْلُ مِنَ الإِبل إِذا هَدَرَ فَجَعَلَ كأَنه يُقْلِعُ الْهَدِيرَ قَلْعًا، قِيلَ: قلَخَ يقلَخُ قَلْخًا؛ وأَنشد الأَصمعي:
قَلْخَ الفحولِ الصِّيدِ فِي أَشوالها
والقُلاخ، بِالضَّمِّ: اسْمُ شَاعِرٍ، وَهُوَ قُلَاخُ بْنُ حَزْنٍ السَّعْدِيُّ؛ وَهُوَ الْقَائِلُ:
أَنا القُلاخُ فِي بُغَائِي مِقْسَماً، ... أَقسَمْتُ لَا أَسأَمُ حَتَّى يسأَما
والقُلاخ بْنُ جَنَاب بْنِ جَلَا الرَّاجِزُ، شُبِّهَ بِالْفَحْلِ فَلُقِّبَ بِالْقُلَاخِ؛ وَهُوَ الْقَائِلُ:
أَنا القُلاخُ بنُ جَنابِ بنِ جَلَا، ... أَبو خَناثيرَ، أَقودُ الجَمَلا
أَراد: إِني مَشْهُورٌ مَعْرُوفٌ. وَكُلُّ مَنْ قَادَ الجَمَل فإِنه يَرَى مِنْ كُلِّ مَكَانٍ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الَّذِي ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ لَيْسَ هُوَ الْقُلَاخَ بْنَ حَزْنٍ كَمَا ذَكَرَ، وَإِنَّمَا هُوَ الْقُلَاخُ الْعَنْبَرِيُّ، ومِقْسَم غُلَامُ الْقُلَاخِ هَذَا الْعَنْبَرِيِّ، وَكَانَ قَدْ هَرَبَ فَخَرَجَ فِي طَلَبِهِ فَنَزَلَ بِقَوْمٍ فَقَالُوا: مَنْ أَنت؟ قَالَ:
أَنا الْقُلَاخُ جئتُ أَبْغِي مِقْسَما
قمخ: الأَصمعي: أَقْمَخَ بأَنفه إِقْماخاً وأَكْمخ إِكماخاً إِذا شَمَخَ بأَنفه وتكبر.
قنفخ: القَنْفَخُ: ضَرْبٌ مِنَ النبت، والله أَعلم.
قوخ: قاخَ جوفُ الإِنسان قَوْخاً وقَخاً، مَقْلُوبٌ: فَسَدَ مِنْ دَاءٍ. وَلَيْلَةٌ قاخٌ: مُظْلِمَةٌ سَوْدَاءُ؛ وأَنشد:
كَمْ لَيْلَةٍ طَخياءَ قَاخًا حِنْدِسا، ... تَرى النجومَ مِنْ دُجاها طُمَّسا
وَلَيْسَ نَهَارٌ قَاخٌ كذلك: عن كراع.

فصل الكاف
كخخ: كَخَّ يَكِخُّ كَخًّا وكَخِيخاً: نامَ فَغَطَّ. وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ
أَبي هُرَيْرَةَ: أَكل الْحَسَنُ أَو الْحُسَيْنُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، تَمْرَةً مِنَ الصَّدَقَةِ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم: كِخْ كِخْ، أَما عَلِمْتَ أَنَّا أَهلُ بَيْتٍ لَا تحلُّ لنا الصدقة
؟ كرخ: الكَرْخُ: سُوقٌ بِبَغْدَادَ، نَبَطِيَّةٌ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: كَرْخ بغير تعريف وأُكَيْراخُ مَوْضِعٌ آخَرُ فِي السَّوَادِ.

(3/48)


والكُراخيَّةُ: الشُّقَّة مِنَ الْبَوَارِي. وَفِي التَّهْذِيبِ: الكَراخة والكارِخُ الرَّجُلُ الَّذِي يَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الأَرض، سَوَادِيَّةٌ. والكارِخَة: الحَلق أَو شَيْءٌ مِنْهُ، وَقَدْ قِيلَتْ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ.
كشخ: الكَشْخانُ: الدَّيُّوث، وَهُوَ دَخِيلٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ؛ وَيُقَالُ لِلشَّاتِمِ: لَا تَكْشِخْ فُلَانًا؛ قَالَ اللَّيْثُ: الْكَشْخَانُ لَيْسَ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ، فإِن أُعرب قِيلَ كِشْخَانُ عَلَى فِعلال. قَالَ الأَزهري: إِنْ كَانَ الْكَشْخُ صَحِيحًا فَهُوَ حَرْفٌ ثُلَاثِيٌّ، وَيَجُوزُ أَن يُقَالَ فُلَانٌ كَشْخان عَلَى فَعلان، وإِن جُعِلَتِ النُّونُ أَصلية فَهُوَ رُبَاعِيٌّ، وَلَا يَجُوزُ أَن يَكُونَ عَرَبِيًّا لأَنه يَكُونُ عَلَى مِثَالِ فَعْلَالَ، وَفَعْلَالُ لَا يَكُونُ فِي غَيْرِ الْمُضَاعَفِ، فَهُوَ بِنَاءٌ عَقِيمٌ فَافْهَمْهُ. وَالْكَشْخَنَةُ: مولَّدة لَيْسَتْ عَرَبِيَّةً.
كشمخ: الكَشْمَخَة والكُشْمَخة: بَقْلَةٌ تكون في رمال بني سَعْدٍ تُؤْكَلُ طَيِّبَةً رَخْصَةً؛ قَالَ الأَزهري أَقَمْتُ فِي رِمَالِ بَنِي سَعْدٍ فَمَا رأَيت كَشْمَخة وَلَا سَمِعْتُ بِهَا، قَالَ: وأَحسبها نَبَطِيَّةً وَمَا أُراها عَرَبِيَّةً. وَذَكَرَ الدَّيْنَوَرِيُّ الْكَشْمَخَةَ وَفَسَّرَهَا كَذَلِكَ ثُمَّ قَالَ: وَهِيَ المُلَّاحُ وأَهل الْبَصْرَةِ يُسَمُّونَ المُلَّاح الكُشْمَلَخَ، والله أَعلم.
كشملخ: الكُشْمَلَخُ بِصرية: المُلَّاحُ، حَكَاهَا أَبو حَنِيفَةَ قَالَ: وأَحسبها نَبَطِيَّةً، قَالَ: وأَخبرني بَعْضُ الْبَصْرِيِّينَ أَن الكُشْمَلَخ اليَنَمَةُ.
كفخ: الكَفْخَة: الزُّبْدَةُ الْمُجْتَمِعَةُ الْبَيْضَاءُ مِنْ أَجود الزُّبْدِ؛ قَالَ:
لَهَا كَفْخَةٌ بَيْضا تَلُوحُ كأَنها ... تَرِيكَةُ قَفْرٍ، أُهْدِيَتْ لأَمير
قَالَ أَبو تُرَابٍ: كَفَخَه كَفْخاً إِذا ضربه.
كمخ: أَقْمَخَ بأَنْفه إِقماخاً وأَكْمخ إِكماخاً إِذا شمَخ بأَنفه وَتَكَبَّرَ. وكمَخه بِاللِّجَامِ: قَدَعه. وَقِيلَ: الإِكماخ رَفْعُ الرأْس تَكَبُّرًا؛ وَقِيلَ: الإِكماخ جُلُوسُ الْمُتَعَظِّمِ فِي نَفْسِهِ؛ أَكمخ إِكماخاً. حَكَى أَبو الدُّقَيْشِ: فَلَبِسَ كِسَاءً لَهُ ثُمَّ جَلَسَ جُلُوسَ الْعَرُوسِ عَلَى المنَصَّة وَقَالَ: هَكَذَا يكْمَخون مِنَ البأْو وَالْعَظَمَةِ. وَقَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: الكُماخ الكبرُ والتعظم؛ وَقَوْلُهُ:
إِذا ازدَهاهُم يَوْمُ هَيْجا، أَكْمَخوا ... بأْواً، ومَدَّتْهمْ جبالٌ شُمَّخ
قِيلَ: مَعْنَاهُ عَمَّرُوا وَزَادُوا، وَقِيلَ: تَرَادُّوا. ومَلِكٌ كَيْمَخ: رَفَعَ رأْسه تَكَبُّرًا. وَفِي الصِّحَاحِ: كَمَخَ بأَنفه تَكَبَّرَ. وأَكْمَخَ الْكَرْمُ: بَدَتْ زَمَعاته، وَذَلِكَ حِينَ يَتَحَرَّكُ للإِيراق؛ هَذِهِ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. والكَمْخ: السلْح. وكَمَخ البعيرُ بسَلْحه يكمَخُ كَمْخاً إِذا أَخرجه رَقِيقًا. والكامَخُ: نَوْعٌ مِنَ الأُدْم مُعَرَّبٌ، وَقُرِّبَ إِلَى أَعرابيّ خُبْزٌ وكامَخٌ فَلَمْ يَعْرِفْهُ فَقَالَ: مَا هَذَا؟ فَقِيلَ: كامَخٌ، فَقَالَ: قَدْ عَلِمْتُ أَنه كامَخٌ وَلَكِنْ أَيُّكم كمَخَ بِهِ؟ يُرِيدُ سلَح به.
كوخ: ليلةٌ كاخٌ: مُظْلِمَةٌ. وَيُقَالُ لِلْبَيْتِ المسنَّم: كُوخٌ، وَهُوَ فارسيٌّ مُعَرَّبٌ. والكُوخ، بِالضَّمِّ: بَيْتٌ مِنْ قَصَبٍ بِلَا كَوَّةٍ، وَالْجَمْعُ الأَكْواخ. الأَزهري: الكُوخ وَالْكَاخُ دَخِيلَانِ فِي الْعَرَبِيَّةِ. والكُوخ: كُلُّ مَوْضِعٍ يَتَّخِذُهُ الزَّارِعُ عَلَى زَرْعِهِ وَيَكُونُ فِيهِ يَحْفَظُ زُرُوعَهُ، وَكَذَلِكَ النَّاطُورُ يَتَّخِذُهُ يَحْفَظُ مَا فِي الْبُسْتَانِ، وأَهل مَرْوَ يَقُولُونَ كاخٌ لِلْقَصْرِ الَّذِي يُتَّخَذُ فِي البستان والمواضع.

(3/49)


فصل اللام
لبخ: اللبْخُ الِاحْتِيَالُ للأَخذ. واللبْخ: الضَّرْبُ وَالْقَتْلُ. واللُّبوخ: كَثْرَةُ اللَّحْمِ فِي الْجَسَدِ. رَجُلٌ لَبيخٌ وامرأَة لُباخيَّة: كَثِيرَةُ اللَّحْمِ ضَخْمَةُ الرَّبلة تامَّة كأَنها مَنْسُوبَةٌ إِلى اللُّباخ. وَيُقَالُ للمرأَة الطَّوِيلَةِ الْعَظِيمَةِ الْجِسْمِ: خرْباقٌ ولُباخيَّة. واللّبَاخ: اللِّطَامُ وَالضِّرَابُ. واللبَخَة: شَجَرَةٌ عَظِيمَةٌ مِثْلُ الأَثابَة أَو أَعظم، وَرَقُهَا شَبِيهٌ بِوَرَقِ الْجَوْزِ، وَلَهَا أَيضاً جَنًى كجَنى الحَماطِ مُرٌّ إِذا أُكل أَعطش، وإِذا شُرِبَ عَلَيْهِ الماءُ نَفَخَ الْبَطْنَ؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ وأَنشد:
مَن يَشْرَبُ الماءَ، ويأْكل اللَّبخْ، ... تَرِمْ عروقُ بطنِه ويَنتَفِخْ
قَالَ: وَهُوَ مِنْ شَجَرِ الْجِبَالِ؛ قَالَ: وأَخبرني العالِم بِهِ أَن بانْصنا مِنْ صَعِيدِ مِصْرَ، وَهِيَ مَدِينَةُ السَّحَرَةِ فِي الدَّوْرِ، الشَّجَرَةُ بَعْدَ الشَّجَرَةِ تُسَمَّى اللَّبَخَ؛ قَالَ: وَهُوَ بِالْفَتْحِ؛ قَالَ: وَهُوَ شَجَرٌ عِظَامٌ أَمْثَالُ الدُّلْب وَلَهُ ثَمَرٌ أَخضر يُشْبِهُ التَّمْرَ حُلْوٌ جِدًّا، إِلا أَنه كَرِيهٌ وَهُوَ جَيِّدٌ لِوَجَعِ الأَضراس، وإِذا نُشِرَ شَجَرُهُ أَرعف نَاشِرَهُ؛ قَالَ: وَيُنْشَرُ أَلواحاً فَيَبْلُغُ اللَّوْحُ مِنْهَا خَمْسِينَ دِينَارًا، يَجْعَلُهُ أَصْحَابُ الْمَرَاكِبِ فِي بناءِ السُّفُنِ، وَزُعِمَ أَنه إِذا ضُمَّ مِنْهُ لَوْحَانِ ضَمًّا شَدِيدًا وَجُعِلَا فِي الْمَاءِ سَنَةً الْتَحَمَا فَصَارَا لَوْحًا وَاحِدًا، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي التَّهْذِيبِ أَن يُجْعَلَا فِي الماءِ سَنَةً وَلَا أَقل وَلَا أَكثر؛ وَهَذِهِ الشَّجَرَةُ رأَيتها أَنا بِجَزِيرَةِ مِصْرَ وَهِيَ مِنْ كِبَارِ الشَّجَرِ، وأَعجب مَا فِيهَا أَن قَوْمًا زَعَمُوا أَن هَذِهِ الشَّجَرَةَ كَانَتْ تَقتل فِي بِلَادِ الْفُرْسِ، فَلَمَّا نُقِلَتْ إِلَى مِصْرَ صَارَتْ تُؤْكَلُ وَلَا تَضُرُّ، ذَكَرَهُ ابْنُ الْبَيْطَارِ الْعَشَّابُ فِي كِتَابِهِ الْجَامِعِ. واللَّبيخة: نَافِجَةُ الْمِسْكِ. وتَلبَّخ بِالْمِسْكِ: تَطَيَّبَ بِهِ؛ كِلَاهُمَا عَنِ الْهَجَرِيِّ؛ وأَنشد:
هَداني إِليها ريحُ مسكٍ تَلَبَّخَتْ ... بِهِ فِي دُخانِ المَنْدَليّ المُقَصَّدِ
لتخ: اللتْخُ: لُغَةٌ فِي اللَّطْخِ. وَتَلَتَّخَ: كَتَلَطَّخَ. وَرَجُلٌ لَتِخَة: دَاهِيَةٌ مُنْكَرٌ، هَكَذَا حَكَاهُ كُرَاعٍ، وَقَدْ نَفَى سِيبَوَيْهِ هَذَا الْمِثَالَ فِي الصِّفَاتِ. واللَّتْخان: الْجَائِعُ؛ عَنْ كُرَاعٍ، وَالْمَعْرُوفُ عِنْدَ أَبي عُبَيْدٍ الْحَاءُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. اللَّيْثُ: اللتْخ الشَّقُّ؛ يُقَالُ: لَتَخه بِالسَّوْطِ أَي سَحَلَهُ وقشر جلده.
لخخ: لَخِخَتْ عَيْنُهُ ولَحِحَتْ إِذا الْتَزَقَتْ مِنَ الرَّمْصِ. ولَخَّتْ عَيْنُهُ تَلِخُّ لَخًّا ولَخيخاً: كَثُرَتْ دُمُوعُهَا وَغَلُظَتْ أَجفانها؛ أَنشد ابْنُ دُرَيْدٍ:
لَا خيرَ فِي الشَّيْخِ إِذا مَا اجلَخَّا، ... وَسَالَ غَرب عَيْنِهِ فَلَخَّا
أَي رَمِصَ. واللَّخَّة: الأَنف؛ قَالَ:
حَتَّى إِذا قالتْ لَهُ: إِيه إِيهْ ... وجَعَلَتْ لَخَّتُها تُغَنّيه
تُغَنِّيهِ: أَراد تُغَنِّنُه مِنَ الْغُنَّةِ. وَوَادٍ لاخٌّ وملْتَخٌّ: كَثِيرُ الشَّجَرِ مؤْتَشب. قَالَ الأَزهري: وَرُوِّينَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قِصَّةَ إِسْمَاعِيلَ وأُمِّه هاجر وإِسكان إِبراهيم إِياه فِي الْحَرَمِ، قَالَ: وَالْوَادِي يَوْمَئِذٍ لاحٌّ، قَالَ شَمِرٌ فِي كِتَابِهِ إِنما هُوَ لاخٌ، خَفِيفٌ، أَي معوجُّ الْفَمِ ذَهَبَ بِهِ إِلى الإِلخاءِ «3». وَاللَّخْوَاءِ، وَهُوَ المعوجُّ الْفَمِ؛ قَالَ الأَزهري: والرواية لاخٌّ، بالتشديد.
__________
(3).
قوله [إلى الإلخاء إلخ] في شرح القاموس: ذهب في أخذه من الألخى، هكذا عندنا بالنسخة بالألف المقصورة، والذي في الأمهات من الإلخاء إلخ انتهى والظاهر أنه بالألف المقصورة على أفعل بدليل اللخواء ولقوله وهو المعوج إلخ

(3/50)


رُوِيَ عَنِ ابْنِ الأَعرابي أَنه قَالَ: جَوْفٌ لَاخٌّ أَي عَمِيقٌ؛ قَالَ: وَالْجَوْفُ الْوَادِي، وَمَعْنَى قَوْلِهِ: الْوَادِي لَاخٌّ أَي مُتَضَايِقٌ مُتَلَاخٌّ لِكَثْرَةِ شَجَرِهِ وَقِلَّةِ عِمَارَتِهِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَثبته ابْنُ مَعِينٍ بالخاءِ الْمُعْجَمَةِ وَقَالَ: مَنْ قَالَ غَيْرَ هَذَا فَقَدَ صحَّف فإِنه يُرْوَى بالحاءِ الْمُهْمَلَةِ. وَسَكْرَانُ مُلْتخٌّ ومُلْطخٌّ أَي مُخْتَلِطٌ لَا يَفْهَمُ شَيْئًا لِاخْتِلَاطِ عَقْلِهِ؛ وَمِنْهُ يُقَالُ التَخَّ عَلَيْهِمْ أَمرُهم أَي اخْتَلَطَ. فأَما قَوْلُهُمْ مُلْطخٌّ فَغَيْرُ مأْخوذ بِهِ لأَنه لَيْسَ بِعَرَبِيٍّ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: سَكْرَانُ مُلْتَخٌّ وَالْعَامَّةُ تَقُولُ ملطَخٌّ، وَلَا يُقَالُ سَكْرَانُ مُتَلَطِّخٌ، قَالَ الأَصمعي: هُوَ مأْخوذ مِنْ وَادٍ لَاخٍّ إِذا كَانَ مُلْتَفًّا بِالشَّجَرِ. والتَخَّ العُشب: التَفَّ. واللَّخْلَخانيَّةُ: الْعُجْمَةُ فِي الْمَنْطِقِ؛ رَجُلٌ لَخْلَخانيٌّ وامرأَة لَخْلَخَانِيَّةٌ إِذا كَانَا لَا يُفْصِحَانِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فأَتانا رَجُلٌ فِيهِ لَخْلَخانيَّة
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: اللَّخْلَخَانِيَّةُ العُجمة؛ قَالَ الْبَعِيثُ:
سيترُكُها، إِن سلَّم اللَّهُ جارَها، ... بَنُو اللَّخْلَخانيَّات، وهْي رُتُوع
وَفِي حَدِيثِ
مُعَاوِيَةَ قَالَ: أَيّ النَّاسِ أَفصح؟ فَقَالَ رَجُلٌ: قَوْمٌ ارْتَفَعُوا عَنْ لَخْلَخانيَّة الْعِرَاقِ
، قَالَ: وَهِيَ اللُّكْنَةُ فِي الْكَلَامِ وَالْعُجْمَةُ؛ وَقِيلَ: هُوَ مَنْسُوبٌ إِلى لَخْلَخان وَهِيَ قَبِيلَةٌ؛ وَقِيلَ: مَوْضِعٌ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
كُنَّا بِمَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا فأَتى رَجُلٌ فِيهِ لَخْلَخانيَّة.
واللَّخْلَخَة: ضَرْبٌ مِنَ الطِّيبِ؛ وَقَدْ لخلخه.
لطخ: لَطَّخَهُ بِالشَّيْءِ يَلْطَخه لَطْخًا ولطَّخه، ولطختُ فُلَانًا بأَمر قَبِيحٍ: رَمَيْتُهُ بِهِ. وتلطَّخ فُلَانٌ بأَمر قَبِيحٍ: تَدَنَّسَ، وَهُوَ أَعم مِنَ الطَّلْخ. واللُّطاخَة: بَقِيَّةُ اللَّطْخ. وَرَجُلٌ لَطِخٌ: قَذِرُ الأَكل. ولَطَخَه بشرٍّ يلطَخُه لطْخاً أَي لوَّثه بِهِ فتلوَّث وَتَلَطَّخَ بِهِ فِعْلُهُ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي طَلْحَةَ: تركتْني حَتَّى تلطَّخْت
أَي تَنَجَّسْتُ وَتَقَذَّرْتُ بِالْجِمَاعِ. يُقَالُ: رَجُلٌ لَطِخ أَي قَذِرٌ، وَرِجْلٌ لُطَخَة: أَحمق لَا خَيْرَ فِيهِ، وَالْجَمْعُ لطَخات. واللَّطخ: كُلُّ شيءٍ لُطِّخ بِغَيْرِ لَوْنِهِ. وَفِي السَّمَاءِ لَطْخٌ مِنْ سَحَابٍ أَي قَلِيلٌ. وَسَمِعْتُ لَطْخاً مِنْ خَبَرٍ أَي يَسِيرًا. وَيُقَالُ: اغنُوا عَنَّا لَطْختكم.
لفخ: لَفَخَه عَلَى رأْسه وَفِي رأْسه يلْفَخه لفْخاً، وَهُوَ ضَرْبُ جَمِيعِ الرأْس؛ وَقِيلَ: هُوَ كالقَفْح، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ ضَرْبَ الرأْس بِالْعَصَا. ولفَخَه الْبَعِيرُ يلفَخُه لفْخاً عَلَى لَفْظِ مَا تَقَدَّمَ: رَكْضَهُ بِرِجْلِهِ مِنْ ورائه.
لمخ: اللِّماخ: اللِّطَامُ. ولَمَخ يلمَخ لَمْخاً: لَطَم. ولامَخَه لِمَاخًا: لَاطَمَهُ؛ وأَنشد:
فَأَوْرَخَتْه أَيَّما إِيرَاخِ، ... قَبْلَ لِمَاخٍ أَيَّما لِمَاخ
ولَمَخه: لطَمه. وَيُقَالُ: لامَخه ولاخَمَه أَي لاطمه.
لوخ: وادٍ لاخٌ: عَمِيقٌ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما قَضَيْنَا بأَن أَلفه وَاوٌ لأَن الْوَاوَ عَيْنًا أَكثر مِنْهَا لَامًا. التَّهْذِيبُ: وأَودية لاخَةٌ، قَالَ: وأَصله لاخٌ ثُمَّ نُقِلَتْ إِلَى بَنَاتِ الثَّلَاثَةِ فَقِيلَ: لائخٌ، ثُمَّ نُقِصَتْ مِنْهُ عَيْنُ الْفِعْلِ؛ قَالَ: وَمَعْنَاهُ السِّعَةُ وَالِاعْوِجَاجُ. وَرَوَى ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: وَادٍ لَاخٌّ، بِالتَّشْدِيدِ، وَهُوَ الْمُتَضَايِقُ الْكَثِيرُ الشَّجَرِ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي بَابِ الْمُضَاعَفِ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

كتاب تحفة المودود

  كتاب تحفة المودود   بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين الحمد لله العلي العظيم الحليم الكريم الغفور الرحيم الحمد لله رب العالمين الرحمن ال...