اللهم آمين

دعـــــاء ((سبحان الذي تعطف العزّ وقال به، سبحان الذي لبس المجد وتكرم به، سبحان الذي لا ينبغي التسبيح إلا له، سبحان ذي الفضل والنعم، سبحان ذي المجد والكرم، سبحان ذي الجلال والإكرام)). دعـــــاء ((سبحان الله عددَ ما خلق في السماء، وسبحان الله عددَ ما خلق في الأرض، وسبحان الله عددَ ما بين ذلك، وسبحان الله عددَ ما هو خالق، والله أكبر مثل ذلك، والحمد لله مثل ذلك، ولا حول ولا قوة إلا بالله مثل ذلك)) دعـــــاء ((سبحان الله وبحمده، لا قوة إلا بالله، ما شاء الله كان و ما لم يشأ لم يكن، أعلم أن الله على كل شيء قدير، وأن الله قد أحاط بكل شيء علماً...)) دعـــــاء ((سبحان الله وبحمده عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته)) دعـــــاء ((سبحان الله ذي الملكوت والجبروت، والكبرياء والعظمة)) دعـــــاء ((اللهم إني أسألك بأن لك الحمد، لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، المنان، بديعُ السماوات والأرض، ذو الجلال والإكرام...)) دعـــــاء ((الحمد لله عدد ما خلق الله، والحمد لله ملء ما خلق الله، والحمد لله عدد ما في السموات والأرض، والحمد لله ما أحصى كتابه، والحمد لله عدد كل شيء، وسبحان الله مثلهن)) دعـــــاء ((ربَّنا لك الحمد، مِلْءَ السموات والأرض ومِلْءَ ما شئت من شيء بعد، أهلَ الثناءِ والمجد، أحقُّ ما قال العبد وكلنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجَدِّ منك الجَدُّ)) دعـــــاء ((الحمد لله الذي يطعم ولا يُطعم، منّ علينا فهدانا، وأطعمنا وسقانا، وكلِّ بلاء حسن أبلانا، الحمد لله غير مُوَدّع ولا مكافئ ولا مكفور ولا مستغنىً عنه. الحمد لله الذي أطعم من الطعام، وسقى من الشراب، وكسا من العُرْي، وهدى من الضلالة، وبَصّر من العماية، وفضّل على كثير ممن خلق تفضيلاً، الحمد لله رب العالمين)) دعـــــاء ((الحمد لله عدد ما أحصى كتابُه، والحمد لله عدد ما في كتابه، والحمد عدد ما أحصى خلقه، والحمد لله مِلْءَ ما في خلقه، والحمد لله مَلْءَ سماواته وأرضه، والحمد لله عدد كل شيء، والحمد لله على كل شيء)) دعـــــاء ((اللهم أنت أحق من ذُكر، وأحق من عُبد، وأنصر من ابتُغي، وأرأف من مَلَك، وأجود من سُئل، وأوسع مَن أعطى. أنت الملك لا شريك لك، والفرد لا ند لك، كل شيء هالك إلا وجهَك. لن تطاع إلا بإذنك، ولن تعصى إلا بعلمك، تطاع فتشكر، وتُعصى فتغفر. أقرب شهيد، وأدنى حفيظ، حلت دون النفوس، وأخذت بالنواصي، وكتبت الآثار، ونسخت الآجال. القلوب لك مُفضية، والسر عندك علانية، الحلال ما أحللت، والحرام ما حرمت، والدين ما شرعت، والأمر ما قضيت، والخلق خلقك، والعبد عبدك، وأنت الله الرؤوف الرحيم...)) دعـــــاء ((تمَّ نورك فهديت فلك الحمد، عظم حلمك فعفوت فلك الحمد، بسطت يدك فأعطيت فلك الحمد. ربَّنا: وجهك أكرم الوجوه، وجاهك أعظم الجاه، وعطيتك أفضل العطية وأهناها. تطاع ربَّنا فتشكر، وتُعصى ربَّنا فتغفر، وتجيب المضطر، وتكشف الضر، وتَشفي السُقم، وتغفر الذنب، وتقبل التوبة، ولا يجزي بآلائك أحد، ولا يبلغ مدحتَك قولُ قائل) دعـــــاء ((لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض ورب العرش الكريم) دعـــــاء ((لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجَدِّ منك الجَدّ) دعـــــاء ((لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله وتبارك رب العرش العظيم، والحمد لله رب العالمين) دعـــــاء ((اللهم لك الحمد أنت نور السموات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت قيوم السموات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت الحق، ووعدك حق، وقولك حق، ولقاؤك حق، والجنة حق، والنار حق، والساعة حق، و النبيون حق، ومحمد حق. ) دعـــــاء اللهم لك أسلمت، وعليك توكلت، وبك آمنت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، وإليك حاكمت...) .(لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، سبحان الله رب العالمين، لا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم...) (سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر) دعـــــاء ((لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده) دعـــــاء ((لا إله إلا الله قبل كل شيء، ولا إله إلا الله بعد كل شيء، ولا إله إلا الله، يبقى ويفنى كل شيء) دعـــــاء ((اللهم ربَّ السموات السبع ورب الأرض ورب العرش العظيم، ربَّنا وربَّ كل شيء، فالقَ الحبِّ والنوى، ومنزل التوراة والإنجيل والفرقان، أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته، اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء اقض عنا الدين و أغننا من الفقر) دعـــــاء ((اللهم لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت. اللهم إني أعوذ بعزتك لا إله إلا أنت أن تضلني، أنت الحي الذي لا يموت، والجن والإنس يموتون) دعـــــاء ((يا مَن أظهر الجميل، وستر القبيح، يا من لا يؤاخذ بالجريرة، ولا يهتك الستر، يا حسن التجاوز، يا واسع المغفرة، يا باسط اليدين بالرحمة، يا صاحب كل نجوى، يا منتهى كل شكوى، يا كريم الصَفح، يا عظيم المنّ، يا مبتدئ النعم قبل استحقاقها، يا ربنا ويا سيدنا، ويا مولانا، ويا غاية رغبتنا أسألك يا الله أن لا تَشوي خلقي بالنار) دعـــــاء ((اللهم لك الحمد كله، اللهم لا مانع لما بسطت، ولا باسط لما قبضت، ولا هادي لما أضللت، ولا مضل لمن هديت، ولا معطي لما منعت، ولا مانع لما أعطيت، ولا مقرب لما باعدت، ولا مباعد لما قربت...) دعـــــاء ((اللهم بك أصاول، وبك أحاول، وبك أقاتل)) دعـــــاء ((اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت، أنت ربي وأنا عبدك، ظلمت نفسي، واعترفت بذنبي...) دعـــــاء ((اللهم إنا نستعينك ونستهديك ونستغفرك، ونؤمن بك ونتوكل عليك، ونثني عليك الخير كله، ونشكرك ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك. اللهم إياك نعبد، ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى، ونَحْفِد، ونرجو رحمتك ونخشى عذابك؛ إن عذابك الجِدَّ بالكفار مُلْحِق) دعـــــاء ((اللهم رب السموات ورب الأرضين، وربَّنا وربَّ كل شيء، فالق الحبِّ والنوى، ومنزل التوراة والإنجيل والقرآن... أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخِر فليس بعدك شيء، والظاهر فليس فوقك شيء، والباطن فليس دونك شيء...) دعـــــاء ((اللهم إني أسألك باسمك الطاهر الطيب المباركِ الأحب إليك الذي إذا دُعيت به أجبتَ، وإذا سُئلت به أعطيتَ، وإذا استُرحمت به رحمت، وإذا استُفرجت به فَرّجت...) دعـــــاء ((اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل، فاطَر السموات والأرض، عالمَ الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون...) دعـــــاء ((اللهـم أنت المـلك لا إلـه إلا أنــت، أنـت ربـي وأنـا عبـدك... لبيـك وسعديـك، والخير كله في يديك، والشر ليس إليك، أنا بك وإليك، تباركت وتعاليت... اللهم ربنا لك الحمد مِلْءَ السماء ومِلْءَ الأرض ومِلْءَ مابينهما ومِلْءَ ما شئت من شي بعد... أنت المقدم وأنت المؤخر، لا إله ألا أنت) دعـــــاء ((اللهم إنك تسمع كلامي، وترى مكاني، وتعلم سري وعلانيتي، لا يخفى عليك شيء من أمري، أنا البائس الفقير، المستغيث المستجير، الوجل المشفق، المقر المعترف بذنبه، أسألك مسألة المسكين، وأبتهل إليك ابتهال المذنب الذليل، وأدعوك دعاء الخائف الضرير، من خضعت لك رقبته، وفاضت لك عيناه، وذل جسده، ورغم لك أنفه...) دعـــــاء ((اللهم أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيت على نفسك)

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 25 يناير 2024

ج4. الكتاب: تفريغ «أشرطة متفرقة» للشيخ الألباني يحتوي على تفريغ الأشرطة: 1 - 308}

ج4. الكتاب: تفريغ «أشرطة متفرقة» للشيخ الألباني

 
يحتوي على تفريغ الأشرطة: 1 - 308
 

 مصدر التفريغ: موقع تفريغات أشرطة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني

«
تتمة شرح الشيخ للحديث القدسي المروي عن أنس وكلامه على الفقرة الثانية وهي قوله (فاستغفروني أغفر لكم) وبيان ما يتعلق بذلك من بقية الأحاديث
الشيخ: ... سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول (قال الله تعالى يا ابن آدم إنك ما دعوتني و رجوتني غفرت لك على ما كان منك و لا أبالي يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السّماء ثم استغفرتني غفرت لك يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة) رواه الترمذي و قال حديث حسن , قراب الأرض بكسر القاف و ضمّها أشهر هو ما يقارب ملأها ثم قرأنا هذا الحديث عليكم في الدّرس الماضي و علّقنا بما يسّر الله تبارك و تعالى على الجملة الأولى منه و بخاصّة قوله عليه الصّلاة و السّلام عن ربّه (يا ابن آدم إنّك ما دعوتني و رجوتني غفرت لك على ما كان منك و لا أبالي) فبيّنّا أن الدّعاء في الإسلام له أهمّية عظيمة جدّا و أن الدّعاء و اللّجأ و التّضرّع إلى الله عزّ و جلّ هو سنّة الأنبياء و أنّ مما أصيب به بعض الناس من الانحراف عن الإسلام قولهم إنّ الدّعاء لا يلجأ إليه المخلصون الواقفون لله عزّ و جلّ حتّى قال قائلهم " طلبك منه تهمة له " و بيّنّا أن هذا انحراف عن هذا الحديث وما في معناه من أحاديث بل و آيات كثيرة أشرنا إلى بعضها ليلة إذٍ.
و الآن نتابع التّعليق على ما بقي من هذا الحديث فالرّسول صلى الله عليه و سلّم يحكي عن ربّه أنه قال (يا ابن آدم إنّك ما دعوتني و رجوتني غفرت لك على ما كان منك و لا أبالي) و الغرض من هذه الفقرة هو لفت نظر المسلم أن يكون دائما راغبا إلى الله عزّ و جلّ متضرّعا إليه أن يغفر له ذنوبه و أن لا ينسى أنّه بحاجة إلى عفو ربّه عزّ و جلّ و مغفرته قال تعالى (يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السّماء ثم استغفرتني غفرت لك) عنان السّماء يعني السحاب وهذا كناية على أن العبد المسلم مهما كانت ذنوبه كثيرة بحيث أن بعض الناس ضعفاء الإيمان قد يقعون في اليأس من أن يغفرها الله عزّ وجل هذه الذّنوب له لكثرتها و لهولها و لخطورتها ففي هذا الحديث لفت نظر العبد أن لا ييأس من روح الله لأنه ((لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون)) وهذا نص القرآن الكريم و إنما على العبد أن يتوجّه إلى الله تبارك و تعالى بقلب خالص في عبادته لربّه أن يغفر له ذنوبه فالله عزّ و جلّ يغفر هذه الذّنوب مهما كانت كثيرة ولو بلغت السّحاب فالله عزّ و جلّ غفور رحيم ولكن هنا ملاحظة لابدّ من التّذكير بها مرّة بعد أخرى ففي هذا الحديث تطميع للعبد لاشكّ في مغفرة الله عزّ و جلّ و عفوه الواسع لكن ذلك منوط و مربوط بطلب العبد من ربّه عزّ و جلّ أن يغفر له , فليس هذا التطميع المذكور في هذا الحديث للعبد في عفو الله عزّ و جلّ هو مجرّد أمل من العبد أن يغفر الله له ذنوبه مهما كانت كثيرة و إنما ذلك بقيد و بشرط أن يستغفر الله عزّ و جلّ لأنّه يقول (لو بلغت ذنوبك عنان السّماء ثم استغفرتني غفرت لك) إذن فهذا أيضا تأكيد لضرورة توجّه العبد بالدّعاء إلى الله عزّ و جلّ و طلب المغفرة منه و يؤيّد هذا الحديث الصحيح الذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم (لو لم تذنبوا لذهب الله بكم و لجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم) فهذا الحديث يصرّح بأن المغفرة التي يطمّع ربّنا عزّ و جلّ فيها عباده هي مربوطة بتوجّه العباد إليه بطلبهم المغفرة منه و ليس في هذا الحديث كما يتوهّم بعض الغافلين التّشجيع على الإكثار من الذّنوب لأن الحديث يقول (لو لم تذنبوا لذهب الله بكم) فيأخذون الطرف الأول من الحديث و يستنبطون منه حض المسلم على التوجّه إلى معصية الله عزّ و جلّ لكن الحقيقة أن الحديث لم يسق من أجل هذا و لا يعقل أن يكون في الشّرع تطميع من الله عزّ و جلّ للعباد على المعصية و إنما سيق الحديث إلى تلافي ما قد يقع فيه الإنسان من المعصية و الذّنوب أن يتلافى ذلك بماذا؟ بالإستغفار و التّضرّع إلى الله عزّ و جلّ بأن يغفر له لذلك قال (لو لم تذنبوا لذهب الله بكم و لجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله) لم يقل جاء بقوم يذنبون فيغفر الله لهم و إنما قال (يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم) إذن المغفرة منوطة بطلب العبد لها من الله تبارك و تعالى و في ذلك إثبات كما شرحنا ذلك في الدّرس الماضي لعبوديّة العبد و خضوعه لربّه عزّ و جلّ و عدم استغنائه عن عفوه و مغفرته.
في هذا الحديث حديث أبي هريرة الذي ذكرته آنفا إشارة إلى طبيعة الإنسان التي فطره الله تبارك و تعالى عليها وهي أن الإنسان لم يطبع و لم يفطر على عدم المعصية لأن الله تبارك و تعالى بحكمته خلق المخلوقات على قسمين قسم مكلّف و قسم غير مكلّف.
القسم المكلّف يشمل الإنس و الجنّ و الملائكة ثم جعل هذا القسم قسمين قسما معصوما عن المعصية و هم الملائكة فقط وذلك قول الله تبارك و تعالى ((لا يعصون الله ما أمرهم و يفعلون ما يؤمرون)) فملائكة الله هذه صفتهم أنّهم لا يعصون الله تبارك و تعالى و إنّما طبيعتهم أن يأتمروا بأمر الله عزّ و جلّ ومن هنا نستطيع أن نذكّر ببطلان القصّة التي تنسب لهاروت و ماروت و يزعمون أنّهما كانا ملكين و أن الله عزّ و جلّ أنزلهما من السّماء لتعليم الناس السّحر يوم كان السحر مهنة و صنعة تستغلّ لإضلال الناس و حملهم على الخضوع للملوك المتجبّرين و أنّ هؤلاء لما نزلوا إلى الأرض افتتنوا في قصّة طويلة بامرأة جميلة فلم يزالا بها حتّى وقعا عليها و فتنتهما عن دينهما فمسخهما الله عزّ و جل و مسخ المرأة فجعلها هي النّجمة المعروفة بالزهرة فهذه القصّة تروى مع الأسف في بعض كتب التفسير و الحديث لكنّها قصّة لا تثبت نسبتها إلى النّبي صلى الله عليه و آله و سلّم و إنما هي من الإسرائليات وهي تخالف الآية السابقة ((لا يعصون الله ما أمرهم و يفعلون ما يؤمرون)) فكيف ينسب إلى الملائكة بأنهم شربوا الخمر و زنوا بتلك المرأة هذا مستحيل لذلك فالقسم الأول أن الله عزّ و جلّ خلق الملائكة لا يعصون الله كما قال في القرآن الكريم و خلق الثّقلين الإنس و الجنّ مفطورين على المعصية و لكنّ الله عزّ و جلّ لحكمته مكّنهم و قدّرهم على أن لا يغرقوا في المعصية أولا ثم إذ فطرهم على المعصية فقد مكّنهم على الخلاص من أوزارها و آثامها بأن يلجؤوا إلى الله عزّ و جلّ و أن يطلبوا منه المغفرة فالحديث السابق (لو لم تذنبوا لذهب الله بكم) يعني أن الله عزّ و جلّ سبقت إرادته و حكمته بأن يخلق الخلق المكلف على قسمين قسم لا يعص الله وقسم آخر يعص الله فيقول للبشر (لو لم تذنبوا لذهب الله بكم) ليكون هناك خلق آخر غير خلق الملائكة و لتظهر صفة أو أثر من آثار صفة من صفات الله عزّ و جلّ في خلقه ألا و هي صفة المغفرة غفور رحيم فلو لم يكن هناك خلق يعصي الله عزّ و جلّ فليس هناك أثر لصفة الله عزّ و جلّ التي هي المغفرة فإذن في هذا الحديث بيان لواقع هذا القسم المكلّف الذي فُطر على المعصية أن لا يتواكل على هذه الفطرة فيقول ما دام أنّنا خلقنا لسنا معصومين كالملائكة فلابد من المعصية فالجواب نعم لابدّ من المعصية ولكن هذه المعصية قد تكون صغيرة و قد تكون كبيرة و باستطاعة الإنسان أن يجاهد نفسه و أن لا يقع في القسم الأكبر منها أما الشّيء القليل منه فلابد منه ليظهر في هذا الإنسان المكلّف صفة مغفرة الله عزّ و جلّ فيه فنؤّكد و نقول لابد للإنسان أن يخطئ لأن الله عز و جلّ قدّر هذا في خلق الإنسان بخلاف الملائكة كما أكّد ذلك أيضا عليه الصلاة و السّلام في الحديث المعروف صحّته برواية الإمام البخاري و مسلم له عن النبي صلى الله عليه و سلّم قال (كتب على ابن آدم حظّه من الزّنا فهو مدركه لا محالة) كتب على ابن آدم موش على الملائكة (كتب على ابن آدم حظّه من الزّنا فهو مدركه لا محالة , فالعين تزني و زناها النّظر و الأذن تزني و زناها السمع و اليد تزني و زناها البطش و الرجل تزني و زناها المشي و الفرج يصدّق ذلك كلّه أو يكذّبه) هذه المقدّمات وهي من صغائر الذّنوب كتبت على الإنسان فهو مدركها لا محالة , فإذن الشّطر الأول من الحديث (لو لم تذنبوا لذهب الله بكم و لجاء بقوم يذنبون) يريد أن الله عزّ و جلّ اقتضت حكمته أن يخلق مقابل الملائكة الذين لا يعصون الله بشرا يعصون الله و لكن لم يخلقهم يعصون الله مضطرّين مرغمين مقهورين و إنما لهم الخيرة في ذلك مع ذلك فمهما اختاروا أن يتقوا الله عزّ و جلّ و أن يبتعدوا عن الذّنوب و المعاصي فلابد من أن تزلّ بهم القدم قليلا أو كثيرا لكن الله عزّ و جلّ جعل لهم مخرجا فقال (فاستغفروني أغفر لكم) كما في الحديث القدسي الآخر أيضا الذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه (يا عبادي إني حرّمت الظلم على نفسي و جعلته بينكم محرما فلا تظالموا , يا عبادي كلّكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم) (كلّكم ضال إلا من هديته) إذن هل نتواكل على هداية الله عزّ و جلّ كما يقول عامة الناس الفاسقين حينما يدعون إلى أن ينقلبوا إلى صالحين فيقال له اتّق الله فيقول يا أخي الهداية من الله عزّ و جلّ فإذا أراد أن يهدينا هدانا , نعم هدانا لتطرق الباب لتسمع الجواب قال تعالى في هذا الحديث (فاستغفروني أغفر لكم) كل هذه الأحاديث يأخذ بعضها برقاب بعض و ترتقي إلى هذه الحقيقة ألا وهي أن الإنسان إذا كان قد جُبل على المعصية أو بعض المعصية فليس معنى ذلك أن يظل في معصيته ملوّثا بأدرانها و أوساخها و إنما عليه أن يسلك سبيل التّطهر منها و ذلك بأن يتوجّه إلى الله عزّ و جلّ و أن يطلب له منه مغفرته.

(166/8)


«
شرح بقية الحديث وهو قوله (يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا ... ) وبيان عظم التوحيد
الشيخ: (يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السّماء ثم استغفرتني غفرت لك , يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة) في هذه الفقرة الأخيرة من الحديث لفت نظر المسلم إلى سبب هو أعظم الأسباب التي يستحق بها المسلم مغفرة الله عزّ و جلّ و لو بعد لأي أو بعد زمن وهو التّوحيد والخلاص من الإشراك بالله تبارك و تعالى لأنه يقول في هذا الحديث أن العبد لو جاء ربّه بقراب الأرض معاصي لكن جاء ربّه يوم القيامة موحّدا لا يشرك به شيئا جاءه بمثل ذلك ذلك مغفرة ففي هذا الحديث إلى الآية الشهيرة ((إن الله لا يغفر أن يشرك به و يغفر ما دون ذلك لمن يشاء)) لذلك كان أول ركن من أركان الإسلام أن يعبد المسلم ربّه وحده لا شريك له لأن كلّ معصية بعد ذلك تهون و على العكس من ذلك كل طاعة مع الشّرك بالله عزّ و جلّ لا تفيد صاحبها شيئا كما جاء ذلك صريحا في أكثر من آية في القرآن الكريم إذن (ثمّ لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة) هنا يقال إذا كان المجيء بالتوحيد منزّها عن الشّرك بجميع أنواعه هو سبب شرعي لاستحقاق مغفرة الله تبارك و تعالى فلماذا إذن الحض في بعض الفقرات السابقة على الإستغفار؟ هناك ذكرنا أن الحديث يحض المسلم على أن يتوجّه إلى الله عزّ و جلّ بأن يطلب منه مغفرته بينما في الشطر الأخير من الحديث يقول لو لقيتني لا تشرك بي شيئا و جئتني بقراب الأرض معاصي و ذنوبا جئتك بمثلها مغفرة فيبدو هنا لبعض الناس أن هناك شيء من التناقض و التباين هناك يقول لابد من الإستغفار من طلب المغفرة من الله هنا يقول إذا جئتني بالتوحيد جئتك بما يقابل معاصيك مغفرة؟ و الجواب أنه لا تناقض هناك إطلاقا لأن الموحّد إذا جاء يوم القيامة موحّدا لا يشرك بالله شيئا مهما كانت معاصيه كثيرة فلابد أن يغفرها الله له و لو بعد لأي كما قلت في أول ... لهذه الجملة بينما إذا توجّه إلى الله عزّ و جلّ بدعائه و الإستغفار منه فيغفرها الله له و يأتي يوم القيامة و ليس في صحيفته أي معصية أو أي ذنب فإذن الموحّد إذا استغفر الله كان بسبب استغفاره إلى الله عزّ و جلّ طاهرا من المعاصي أما هذا الموحّد إذا لم يستغفر الله عزّ و جلّ ولم يدعه أن يغفر له فيكون توحيده يوم القيامة منجيا له من أن لا يغفر له مطلقا كما هو شأن الكفار كما قال الله عزّ و جلّ في الآية المشار إليها آنفا ((إن الله لا يغفر أن يشرك به و يغفر ما دون ذلك لمن يشاء)) و يمكن تفسير هذه الجملة الأخيرة من هذا الحديث بالحديث الآخر ألا و هو قوله عليه الصلاة و السّلام (من قال لا إله إلا الله نفعته يوما من دهره) أي إنّ هذه الشّهادة تنفع قائلها مخلصا بها يوما من دهره في يوم القيامة في المحشر أي إنه لا يخلد مع الكافرين الخالدين في النار فهذه مغفرة بلا شكّ أما إن أراد الإنسان المغفرة الكاملة بحيث لا يمسّه شيء من العذاب فلازم عليه أن يلجأ دائما إلى الله عزّ و جلّ و يتضرّع لديه بأن يغفر الله له كلّ ذنوبه.

(166/9)


«
شرح الحديث الثاني وهو حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على شاب وهو في الموت فقال كيف تجدك فقال: أرجوا الله يا رسول الله وإني أخاف ذنوبي ....... ).»
الشيخ: الحديث الثاني وهو حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على شاب وهو في الموت فقال (كيف تجدك؟) قال " أرجوا الله يا رسول الله وإني أخاف ذنوبي " فقال رسول الله صلى الله عليه و سلّم (لا يجتمعان في قلب عبد في مثل هذا الموطن إلا أعطاه الله ما يرجو و أمّنه مما يخاف) رواه الترمذي و قال حديث غريب و ابن ماجه وابن أبي الدنيا كلّهم من رواية جعفر بن سليمان الضبعي عن ثابت عن أنس قال الحافظ يعني المنذري إسناده حسن فإن جعفرا صدوق صالح احتجّ به مسلم و وثّقه النسائي و تكلم فيه الدارقطني و غيره.

(166/10)


«
كلام الشيخ على إسناد الحديث وتعليقه على كلام المنذري
الشيخ: في هذا الحديث في إسناده كلام أشار إليه المصنّف لكنه انتهى إلى أنّ الحديث حسن أي ثابت في مرتبة دون مرتبة الصّحّة وهذه المرتبة هي التي تعرف عند المحدّثين بمرتبة الحسن و السّبب أن فيه رجلا اسمه جعفر بن سليمان الضّبعي وهو مع كونه من رجال مسلم فقد تكلّم فيه بعض العلماء كالدارقطني و غيره من حيث حفظه و الحقيقة أن الباحث لما يدرس ترجمة هذا الراوي جعفر بن سليمان يجد فيه هذا الكلام في الضّعف و لكن ذلك لا يسقط حديثه لا يجعله في مرتبة الضّعيف الذي لا يحتجّ به و لا يجوز روايته إلا مع بيان ضعفه و إنّما ينزل حديثه من مرتبة الصّحّة إلى مرتبة الحسن لكن أنا شخصيا أشرت و رمزت لهذا الحديث على هذا الكتاب بأنه صحيح وذلك لأنني وجدت له شاهدا فبهذا الشاهد ارتقى من مرتبة الحسن إلى مرتبة الصحيح

(166/11)


«
شرح الحديث وما يتعلق به
الشيخ: هذا الحديث يحكي أن النبي صلى الله عليه و سلّم دخل على شاب و هو في الموت يعني في الإحتضار فقال له عليه الصلاة و السّلام (كيف تجدك؟) يسأله عن تعلّقه بربّه فقال " أرجو الله عزّ و جلّ يا رسول الله و إنّي أخاف ذنوبي " فهو في هذه الحالة آخر حياته يعيش بين مرتبتي الخوف و الرّجاء فهو يخاف ذنوبه لأنه يعترف بأنه كان مسرفا على نفسه كان جانيا عليها فهو لا ينكر هذه الحقيقة فيخشى عاقبة ذلك أن يحاسبه الله عزّ و جلّ و لكنّه مع ذلك يرجو الله و يأمل منه أن يعامله بفضله و أن لا يعاقبه على ذنبه فأجابه عليه الصلاة و السّلام على الفور قال (لا يجتمعان في قلب عبد في مثل هذا الموطن) الذي هو موطن الخلاص الدنيا و الإنتقال إلى البرزخ (لا يجتمعان في قلب عبد في مثل هذا الموطن إلا أعطاه الله ما يرجو و أمّنه مما يخاف) ففي هذا الحديث إذن حضّ للمسلم على أن يحسّن ظنّه بربه تبارك و تعالى و أن يطمع في مغفرته عزّ و جلّ لذنوب هذا العبد و في الدرس الآتي تأتي أحاديث صريحة في حض المسلم على أن يعيش محسنا لظنّه بربه تبارك و تعالى لأن الله عزّ و جلّ عند حسن ظنه به.

(166/12)


«
سؤال عن احترام المصحف
الشيخ: ولا فرق من هذه الحيثية و يجب أن يحلف بصفة ... الله أو بصفة كلام الله أما وضع القرآن على المصحف فهذا بلا شك يجب أن يلاحظ فيه هل فيه إشعار بشيء من إهانة لا تليق به فإن كان كذلك فلا ينبغي أن يضعه إلا في مكان رفيع يناسب مكانة هذا القرآن في صدور المؤمنين أريد أن أقول رجل وضع القرآن لا أقول بين يديه وضع القرآن بين رجليه لا شك أن هذا فيه إهانة شكلية للقرآن الكريم لكن الرجل وضع القرآن هناك بعيدا عن الناس وفي الأرض ما فيه شيء مما يوهم عدم تعظيم القرآن.

(167/1)


«
ما حكم وضع الميت في التابوت إذا كان ذلك لأجل نقل الميت من بلد لآخر؟»
السائل: يقول السائل ما حكم الدفن في التوابيت خصوصا إذا كان الميت أحضر من بلد بعيدة ويخشى أن يكون قد تلف؟
الشيخ: يخشى أن يكون إيش؟
السائل: تلف تلف
الشيخ: أولا ينبغي لفت نظر المسلمين أن نقل الميت من بلد إلى آخر هذا خلاف السنة والسنة أن يدفن المسلم في المكان في البلدة في مقابر البلدة التي مات فيها لأن النقل يستلزم تأخير دفن الميت وهناك أحاديث تأمر بتعجيل دفن الميت وتأمر بالإسراع في السير بالجنازة إسراعا طبعا ناعماً بتعليل الرسول عليه السلام (فإما صالحة فخير تقربونه إليه وإما كافرة -أو- فاسقة فشر تضعونه عن رقابكم) فمن مات في بلد غير بلده فينبغي أن يدفن في مقبرة تلك البلدة إن كان فيها مقبرة والمشكلة التي جاء فيها السؤال يبدو واضحا أن الرجل مات في بلاد الكفر فينبغي حين ذاك أن يبحث عن مقبرة أقرب ما تكون إلى تلك البلدة التي مات فيها وكذا فللضرورة أحكام أما إذا مات مثلا وهذا يقع كثيرا مات رجل في مصر وهو كويتي فيؤتى به إلى هنا هذا لا يجوز مات رجل مصري في سوريا يعاد به إلى مصر والعكس بالعكس كل هذا خلاف ما جاء عن الرسول عليه السلام من التعجيل الدفن مبكرا أما ما جاء في السؤال بأنه هناك تابوت ويخشى أن يكون تلف هذا الرجل وتفسخ بحيث لا يمكن إخراجه من هذا التابوت الذي هو النعش فحين ذاك نقول الضرورات تقدر بقدرها لكن معلوم عند الأطباء أن مثل هذا الرجل الذي وضع في هذا التابوت ونقل يعرف تاريخ وضعه في التابوت و نقل والأطباء يعرفون بدقة كم يمكن هذه الجثة أن تعيش قبل أن تتفسخ فإذا غلب على الظن أنه تفسخ فليحضر له ويوضع كما هو من باب دفع المفسدة الكبرى بالصغرى أما إذا كان هناك في غلبة ظن أنه الرجل لا يزال كما هو لأنه نقل مثلا من الثلاجة الطبية و وضع في النعش وبالطائرة ساعة أو ساعتين أو قريب من ذلك نقل إلى البلد فحينئذ يخرج من النعش ولا يجوز دفنه به لأن ذلك من تقاليد النصارى ولا يجوز التشبه بهم في كل شيء ومن ذلك الدفن فقد قال عليه الصلاة والسلام (اللحد لنا والشق لغيرنا) اللحد لنا أن نحفر في الجدار القبلي بمقدار جثة الميت ونوضعه في هذه الحفرة ثم نميل التراب خلفه بحيث لا يجد تراب عليه وإنما خلفه أما الشق فهو هذه الحفرة التي يوضع مثل هذا التابوت فهذا من عادة النصارى ونحن المسلمون قد أمرنا بمخالفة المشركين في هديهم.

(167/2)


«
ما حكم الاسلام في تقديم المرأة المسلمة الخمر لزوجها إذا كان يهددها بالطلاق؟»
السائل: يقول السائل ما حكم الإسلام في تقديم المرأة المسلمة الخمر لزوجها فإذا لم تفعل فإنه يهددها بالطلاق مع العلم أن زوجته تصلي؟
الشيخ: الجواب في هذا معروف لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق والمرأة لا يجوز أن تطيع زوجها في معصية الله عز وجل وطلاقها منه خير لها وربنا عز وجل يقول ((و إن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم)) لاسيما إذا كان الدافع على هذا الطلاق للمرأة الصالحة هي إطاعة الله منها ومعصيتها لزوجها لمخافته لأمر الله عز وجل ومع ذلك فتكون هناك قضايا جزئية أو قضايا خاصة يمكن إذا استوضحت تفاصيل القضية يمكن أن يقال أن هذه المرأة إذا طلقت من زوجها تشتت شملها وشمل أولادها فيمكن يكون من باب أخف الضررين أن تبقى مع زوجها لكن نحن لا نفتي بهذا لأنه خلاف الأصل والأمر كما قال تعالى ((بل الإنسان على نفسه بصيرة)).

(167/3)


«
يوجد بعض طلبة العلم ممن يتسرعون في الفتيا في الحلال والحرام فيخطئون العلماء الأعلام فما نصيحتكم لهم؟»
السائل: يقول السائل هنا يوجد بعض طلبة العلم ممن يتسرع في الفتيا في الحلال والحرام ويخطئ الأئمة الإعلام فما نصيحتكم لهؤلاء؟
الشيخ: نحن تكلمنا قديما في مثل هذه المسألة فقلنا أن المجتمع الإسلامي جعله الشارع الحكيم قسمين قسم من أهل الذكر وقسم بحاجة إلى أهل الذكر لكن ليسوا منهم وقال تبارك وتعالى لعامة الناس ((فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)) وأهل الذكر كما نعلم جميعا هم أهل القرآن وأهل الحديث الذين يعرفون الصحيح من الضعيف ويعرفون العام من الخاص والناسخ من المنسوخ ونحو ذلك من القواعد الفقهية والحديثية التي لا يجوز للمسلم في القرن الرابع عشر أن يقدم على الإفتاء بحديث ما لمجرد أنه وقف عليه في كتاب ما هو قد لا يدري أنه حديث صحيح على طريقة علماء الحديث وقد يدري أنه ليس عنده الاستعداد العلمي والمعرفة باللغة العربية ليتبين مقاصد ومعاني الكتاب والسنة فلذلك فكل من لم يتأهل لدراسة العلم والصبر على ذلك سنين طويلة حتى يشهد له أهل العلم المخلصين بأنه عنده علم وأنه يستطيع أن يرشد الناس وأن يدلهم على الخير فلا يجوز لكل من خطر في باله أنه صار من أهل العلم بمجرد أنه عرف بعض الأحاديث وحفظ بعض الآيات وكثيرا ما نسمع بعضهم لا يحسن تلاوة الآية القرآنية بل هو يلحن فيها وكذلك يفعل في أحاديث الرسول عليه السلام.

(167/4)


«
نصيحة الشيخ لطالب العلم بتعلم علمين مهمين وهما أصول الحديث وعلم أصول الفقه وذكر أمثلة لذلك
الشيخ: ولذلك فقد نبهت من عهد قريب على أني أنصح طلاب العلم أن يدرسوا علمي الأصول أصول الحديث وأصول الفقه وضربت هناك بعض الأمثلة لنبين أنه ليس من السهل أن يفهم الإنسان مراد الشارع الحكيم في نص ما إلا بعد أن يكون قد أحاط بما يمكن من النصوص من الكتاب والسنة وأنا ضربت في هذه مثلا واضحا في مثل قوله تعالى ((حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير)) فلو سئل سائل مبتدئ في دراسة القرآن وليس عنده علم بحديث الرسول عليه الصلاة والسلام هل تحل ميتة السمك لبادر إلى الاحتجاج بهذه الآية والآية صريحة في التحريم ((حرمت عليكم الميتة)) وهذه السمكة ميتة فإذا هذا حرام بنص القرآن لكنه إذا كان اطلع على الحديث فحينئذ سيقول صدق الله حرم الميتة ولكن الرسول عليه السلام بين أن نوع من الميتة محصور في جنسين من الحيوانات وهو الحوت والجراد مستثنى من هذا النص القرآني حين ذاك يكون على صواب فيما يفتي باستثناء هاتين الميتتين من تحريم القرآن الكريم للميتة هذا مثال والبحث له طبعا شعب كثيرة بحثت للتذكير بضرورة دراسة العلوم التي تساعد طالب العلم أن يتفهم الكتاب والسنة أقرب ما يكون من الصواب.

(167/5)


«
هل يوجد تحديد لشعر اللحية من الوجه لأن بعض الناس يكون كثيفا جدا لدرجة أنه يصل إلى صدره وعينيه؟»
السائل: يقول السائل هل يوجد تحديد لشعر اللحية من الوجه لأن بعض الناس يكون كثيف الشعر ومتصل شعره من صدره إلى رقبته وحتى تحت عينه؟
الشيخ: لا يجوز للمسلم أن يأخذ من لحيته إلا بالمقدار الذي سمح الشارع الحكيم به والذي جاء من فعل أحد الصحابة الذين رووا قوله عليه الصلاة والسلام (حفوا الشارب وأعفوا اللحى) أنه كان يأخذ هذا الصحابي وهو عبد الله بن عمر ما دون القبضة ما تحت القبضة أما ما سوى ذلك فهو خلاف السنة مهما كانت لحية الرجل تعجبه أو لا تعجبه تعجب غيره أو لا تعجبه كل خلق الله عز وجل كما جاء في الحديث الصحيح حينما رأى رجلا يمشي وإزاره طويل فأمره بأن لا يطيل إزاره وأن يجعله إلى نصف الساق واعتل بأن في ساقيه انحناء فقال عليه الصلاة والسلام (كل خلق الله حسن) والحقيقة أن هذا الحديث يجب أن نحفظه جيدا لكي نرد الشبهات التي تتكاثر أو يتكاثر إيرادها بمثل هذه المسألة هذا بيقول مرتي مشعرانية شعرها كثيف وأنا أنفر منها وإلى آخره هذا لو تذكر هذا الحديث بل لو تذكر قوله تعالى ((فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله)) وتذكر مع ذلك قوله عليه السلام (لعن الله النامصات والمتنمصات والواشمات والمستوشمات والفالجات المغيرات لخلق الله للحسن) لكفاه دليلا على أنه لا يجوز أن يغير من خلق الله شيئا فكيف إذا جاء التنبيه الصريح في العضو الذي فيه انحراف عن الاستقامة المعتادة عند الناس ألا وهو الساق فيلفت النظر عليه الصلاة والسلام لذلك الرجل الذي يريد أن يستر عيب ساقيه إن كان فيهما عيب ونحن لو قلنا فيه عيب لانتقل العيب إلى الخالق سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا من أجل ذلك قال عليه الصلاة والسلام (لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر) هو الذي يتصرف في خلقه كما قال عز وجل ((وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحانه وتعالى عما يشركون)) فحينما فاوت بين الرجال والنساء فجعل الرجال لهم لحية والنساء ليس لهم لحية لم يكن هذا الخلق عبثا حاش كذلك لما فاوت بين الرجال أنفسهم فبعضهم جعل لهم لحية كثيفة لو وزعت على عديد من أمثال الصينيين لوسعتهم وناس آخرون جعل لهم لحية خفيفة وخفيفة جدا وناس آخرون جعلهم كوسج لا لحية كالمرأة تماما هل ترى في خلق الرحمن من تفاوت؟ حاش لله إذا يجب الاستسلام لخلق الله عز وجل وقلت وأنا مع بعض الإخوان قريبا ولو طال السؤال قليلا ففيها عبرة قلت هذا الإنسان الذي يرى لحيته كما قال السائل وصلت إلى عينيه يحجر عينيه هذا الإنسان ما واجبه إسلاميا إذا ما وقف أمام المرآة المسلم الصادق في إيمانه وإسلامه يقول في هذه الحالة إذا نظر في المرآة إلى شخصه يقول " اللهم كما حسنت خلقي فحسن خلقي " فهل يقول هذا الذي لا يعجبه مظهره إما أنها لحية كثه أوأنها زغبره نعمه فلتانه شوي من هون وشوي من هون هل هذا يقول ما حسنت خلقي إذا هذا الكفر بعينه لذلك على المؤمنين أن يؤمنوا بالله حقا وصدقا وأثر ذلك في منطلقهم في حياتهم أن يسلموا لخلق الله تسليما كما يفعلون تماما في شرع الله فخلق الله مصدره هو كشرع الله مصدره هو فكما أنه لا يجوز أن يخالف شرع الله فكذلك لا يجوز له أن يتقصد مخالفة سنة الله سنة الله في خلقه ولن تجد لسنة الله تبديلا.

(167/6)


«
ذكرتم شيخنا أن الكولونيا من المواد المسكرة فهل يدخل في ذلك ما أصله كذلك مما يدخل في بعض المواد المستعملة للطبخ أو البنزين ونحوه وهل اللعنة واردة على من اقتناها مطلقا أم للإسكار فقط؟»
السائل: يقول الأخ السائل ذكرت فضيلة الشيخ أن الكلونيا تعتبر خمرا لوجود مادة الكحول فيها والتي هي علة السكر فيها فهل ينطبق ذلك أيضا على كثير من المواد التي هي أصلا مسكرة إن استخدمت في غير الغرض الذي صنعت من أجله كالبنزين وكثير من ... أو في بعض المواد التي تدخل في صناعتها بعض المواد الكحولية كالفانيليا التي تستخدم في صنع الحلويات وهل اللعنة التي في الحديث إذا كان الشراء لغرض الإسكار أم أن اللعنة لكل من يتعامل فيها حتى لأغراض غير السكر مثلا؟
الشيخ: هناك أيضا تسجيل فيه جواب مبسط لهذا السؤال ولذلك فتوفيرا للوقت لا نطيل الجواب بل نأتي منه بالشيء الذي يدل على مجموع الكلام هناك الكحول قلنا إن الكحول هي مسكرة وهي الأصل في كون الخمر مسكرة فلا يجوز بيعها وشراءها مطلقا لأي قصد كان هذا مفصل هناك و أوردنا في أثناء التفصيل حديث أبي طلحة الأنصاري الذي كان عنده زقاق من الخمر لأيتام له فلما نزل تحريمها جاء إلى النبي صلى لله عليه وسلم فقال له هل أخللها؟ قال (لا بل أهرقها) لم يسمح له أن يحولها إلى خل بحيث أنه في التخلل تغيير جذري لكناوية الخمر وفي ذلك فائدة لهؤلاء الأيتام قال بل أهرقها فلا سبيل أبدا إسلاميا لتجويز صنع الخمر لاسيما صنع أم أم الخمر وهي الكحول أو بيعها أو شراءها أو حملها أو نحو ذلك لورود الأحاديث الصحيحة في النهي عن ذلك بل في لعن فاعلها علما بأن هذا الحديث نابع من قاعدة قرآنية ((ولا تعاونوا على الإثم والعدوان)) لذلك إذا كان هناك نوع من الكحول ليست مسكرة وهذا مالا أعلمه فبطبيعة الحال يأخذ حكما آخر وإذا كان هناك مواد أخرى كما ضرب مثلا السائل بالبنزين وهذا نقاش جرى بيني وبين أحد إخواننا في الطريق قلت يا أخي أنا لا أعلم أن البنزين يسكر لكنه قد يخدر وأعلم من تجربتي الخاصة أن كثير من الناس لا يفرقون بين المادة المسكرة والمادة المخدرة فالمادة المسكرة هي الخمر والتي أصلها الكحول أما المادة المخدرة فلها حكم آخر في الإسلام يكفي في الفرق بين المادتين أن الخمر حرام قليله وكثيره ما أسكر منه ومالم يسكر كما جاء في الأحاديث الصحيحة ثم أن من شرب الخمر أقيم عليه حد الجلد على الأقل أربعين جلدة أما الذي يتعاطى المخدر كالحشيش والأفيون ونحو ذلك فهذا ليس له حد منصوص عليه في الإسلام وإنما الحد هو يعود إلى رأي الحكّام من المسلمين و ذلك يدخل في باب التعزير فمع ذلك يختلف المخدر عن الخمر من حيث أن الخمر لا يجوز التداوي بها لأن الرسول عليه السلام قال (إنها داء وليست بدواء) أما المخدر فيجوز استعماله بنسبة ضئيلة عند الحاجة فضلا عن عند الضرورة نعم فالبنزين عفوا الذي أعلمه أنه يخدر نحن نشعر لما نركب السيارة وتكون السيارة قديمة شوية ويصير الجهاز هذا اللي يسمى الكاربيتر ما أدري أش اسمه هذا الأجنبي بيصير بينضح بيرشح البنزين للخارج فيدخل رائحة البنزين إلى الراكب فيكاد يغمى عليه يعني بسبب ثقل هذه الرائحة فالبنزين الذي أعرفه أنه مخدر أما إذا ثبت عند بعض إخواننا الكيمياوين بعد الفحص الدقيق للبنزين فثبت عندهم أنه مسكر كثيره كالخمر هذه معلومات نضيفها إلى المعلومات السابقة ونحشر البنزين في جملة الخمر المحرم.
السائل: نوقف السيارات
الشيخ: نعم
السائل: بعدين تتوقف السيارات!!

(167/7)


«
بعض الناس عندما نعرض عليهم بعض فتاويك يقولون لا نأخذ بها لأن الشيخ محدث وليس فقيها فما ردكم على هذه الشبهة؟»
السائل: شيخ هذه أسئلة خاصة لك يعني واحد من الإخوة يقول أبلغوا الشيخ أني أحبه في الله فليدعوا لي في الاستقامة والصلاح والسير على نهج السلف الصالح
الشيخ: أسأل الله عز وجل أن يوفق كل محب لنا لاتباع كتاب الله وحديث رسول الله وعلى منهج السلف الصالح
السائل: وهذا عكس الأول فضيلة الشيخ حينما نردد على بعض الإخوان بعضا من فتاويك يقولون نحن لا نأخذ بها لأنه ليس بفقيه هو محدث هو كمحدث لا غبار عليه أما في الفقه فالأمر يختلف فقد نقلوا هذا الكلام من شيوخ يدرسون لهم في المدينة المنورة فأرجوا الإيضاح والرد على هذه الشبهة
الشيخ: الرد باختصار جدا جدا الجواب بما ترى لا ما تسمع هذا هو شخصية ندخل فيه إيه.

(167/8)


«
هل صحيح أنك في صحيح الجامع الصغير تحكم على بعض الأحاديث بالصحة إذا لم تجد له طرقا بتصحيح السيوطي والمناوي وهما متساهلان كما تعلم؟»
السائل: يقول السائل هنا هل صحيح أنك في كتاب صحيح الجامع الصغير تحكم على الحديث الذي لا تجد له إسناد بحكم السيوطي أو المناوي بالرغم من أنهم متساهلان كما لا يخفى عليكم أرجو توضيح ذلك؟
الشيخ: هذه مسألة أصولية لكن السائل ما أحسن السؤال بل أخطأ هو يقول أصحيح أنك تقول عن حديث لا أجد له أصلا بقول السيوطي أو المناوي أنا أقول وهذا نصيحة لإخوانا الذين يعجبون بأرائهم الذين أشير آنفا إلى بعضهم فيفتون بدون أن يدرسوا المسألة دراسة علمية واسعة بمجرد أنهم وقفوا على حديث أنا أقول قضيت بفضل الله عز وجل أكثر من نصف قرن من الزمان وأنا أدرس علم الحديث والسنة وأتفقه فيها ومع ذلك أشعر أنه يفوتني بعض الأحاديث وبعض أسانيدها فوجدت أنه من إجلالي لمن سبقنا للعلم ومن أسباب دفع الغرور عن النفس الأمارة بالسوء أنه لابد من الاعتماد على من سبقنا إلى شيء من العلم ما أحاط به علمنا أن نقول قال السيوطي هذا حديث حسن أو قال السيوطي هذا حديث صحيح أو قال السيوطي هذا حديث ضعيف وكذلك نقول في غيره كالمناوي متى أقول هذا حينما لا أجد الحديث مع السند الذي يحسنه أو يضعفه فأنا أقول هذا فأنا حينئذ جريت على هذه القاعدة كل حديث في صحيح الجامع أو في ضعيف الجامع عزاه السيوطي وقواه هو أو المناوي فأنا أعتمد عليهما لأن هذا جهودهم الخاصة ولا أخالفهما إلا إذا وقفت على السند الذي قصداه بالضعف أو بالصحة وهذا هو العلم في اعتقادي ولذلك نجد كبار الأئمة الذين لا يجوز لنا أن نقرن مع أحد منهم نجدهم يتبعون الصحابة في كثير مما فاتهم من الأحكام وأدلتها وقادتهم إلى الكتاب والسنة خاصة الإمام أحمد فنجده يكثر من الاعتماد على فتاوى الصحابة كذلك التابعي بقلد الصحابة وبتبعهم وهذا هو سبيل المؤمنين ألا يغتر الإنسان بعلمه بل وأن يعتد بمن هو أعلم منه وهذا هو من معنى قوله تعالى ((ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين))

(167/9)


«
ذكرتم فضيلتكم في إرواء الغليل أن العجلي متساهل في التوثيق فمتى يؤخذ بتوثيقه ومتى لا يؤخذ بتوثيقه إذا انفرد بالتوثيق وما الفرق بين توثيقه و توثيق ابن حبان والحاكم؟»
السائل: ذكرتم فضيلتكم في إرواء الغليل أن العجلي متساهل بالتوثيق فمتى يؤخذ بتوثيقه ومتى لا يؤخذ به إذا انفرد بالتوثيق ومالفرق بين توثيقه وتوثيق ابن حبان وتوثيق الحاكم؟
الشيخ: هما في ميزان واحد ويقال في العجل ما قلناه في ابن حبان وقريبا سجلنا جوابا تفصيليا في توثيق ابن حبان أنه إذا تفرد بالتوثيق الغالب على هذا التوثيق ألا يعتد به وألا يعتمد عليه إلا في حالتين اثنتين إذا كان الذي يوثقه من شيوخه الذين لازمهم وعرفهم عن كثب وعن قرب والحالة الثانية إذا وثق رجلا روى عنه جمع من الثقات ولم يظهر في رواية هؤلاء شيء من المناقيض وحين ذاك تطمئن نفس الباحث التي جرى الحديث كما يقول ابن القيم فيها رقي تطمئن نفسه للاحتجاج بالحديث مثل هذا الراوي أما ما سوى ذلك فهو على الأصل من عدم الاحتجاج هذابسطناه فيكفي هذا الإيجاز.

(167/10)


«
ما صحة حديث (يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ... ) مع أنك ذكرته في الصحيحة؟»
السائل: يقول السائل ما مدى صحة حديث (يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تأويل الجاهلين) مع العلم أنك ذكرته في الصحيحة ولم تبين أنه صحيح؟
الشيخ: له طرق كثيرة صححها بعضهم وأنا ما انتهيت بعد إلى رأي خاص بي ولهذا فأنا أنتظر أن يمدنا الله عز وجل بالإطمئنان في الأرض وإعادة البحث في أسانيد هذا الحديث لأكون رأيا شخصيا بالنسبة إليه.

(167/11)


«
هل يصح حديث الجبيرة وإن كان ضعيفا فما يعمله صاحب الجبيرة؟»
السائل: هل حديث المسح على الجبيرة صحيح أم لا وإن كان ضعيفا فماذا يفعل صاحب الجبيرة؟
الشيخ: حديث الجبيرة لا يصح وما دام أن الأمر كذلك فهو يعمل ما يستطيع مما أمره الله ولو كان هناك عضو قد عصب عليه عصابة لجرح أو كسر أو نحو ذلك فهو يغسل كل الأعضاء التي يجب غسلها أو تطهيرها في الوضوء وما سوى ذلك فهو عفو فالرجل الذي قطع منه عضو من أعضاء الوضوء ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها أما لو صح المسح على الجبيرة فلابد من اتباع ذلك وإلا فلا.

(167/12)


«
هل استخدام المسلم للعصا من السنة أم أنها في الخطبة أم أنها خصوصية بالنبي صلى الله عليه وسلم؟»
السائل: هل استخدام المسلم للعصا من السنة أم هي سنة في الخطبة فقط أم هي من خصوصيات الرسول صلى الله عليه وسلم؟
الشيخ: ليس شيء من ذلك حمل العصا ليست سنة لا في صورة عامة ... ولا حديث حمل العصا من سنة الأنبياء بل هو حديث موضوع كما فصلت القول فيه في كتابي " سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة " وإنما كان للرسول عليه السلام عصا تعرف بالمحجن فكانت تحمل من بعض الصحابة فيتخذها سترة في السفر أو في صلاة العيد في المصلى حيث لا يوجد هناك ما يستتر به فإذا كان المسلم بحاجة إلى العصا كما جاء في القرآن الكريم مخاطبا موسى من رب العالمين ((وما تلك بيمنك يا موسى قال هي عصاي أتوكؤا عليها وأهش بها على غنمي ولي فيها مآرب أخرى)) فإذا كان الرجل بلغ من الكبر عتيا وأصبح بحاجة إلى ما يسنده في مشيته وانطلاقه فاتخذ العصا لحاجته فهذا لا شك في جوازه كذلك إذا كان راعي غنم أما إن إنسان عادي فليس من السنة أبدا أن يتخذ العصا لاسيما في عصر قد استغنى الناس عن المشي فضلا عن التوكؤا بسبب ركوبهم للسيارات والطيارات وغير ذلك مما أنعم الله عليهم به من الوسائل.

(167/13)


«
هل يجوز إجراء عملية جراحية لتبديل حال الشخص من ذكر إلى أنثى والعكس؟»
السائل: هل يجوز إجراء عملية جراحية لتبديل حال الشخص من رجل إلى أنثى والعكس؟
الشيخ: هذا يفهم جوابه مما سبق ((فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله)).

(167/14)


«
هل صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم على المرأة السوداء التي كانت تقم المسجد من خصوصياته؟»
السائل: السائل يقول هل صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم على المرأة السوداء التي كانت تقم في المسجد وهي في قبرها هو من خصوصياته؟
الشيخ: لا لم يدل شيء على تخصيص الرسول عليه السلام بهذه الصلاة وقد يظن البعض أن هذه الصلاة تنافي النهي عن الصلاة في القبور أو في المقابر وليس ذلك بمنافٍ لأن المنهي عنه غير ما فعله الرسول عليه السلام نفسه الذي نهى عنه أن تصلي فريضتك أو أن تصلي على جنازتك بين القبور فتضعها بين القبور وتقوم تصلي أو تصلي الفرض وأنت أمام القبر أو بين القبور هذا لا يجوز في الإسلام أما رجل أو شخص دفن بعد أن صلى عليه بعضهم أو لم يصل أحد منهم مطلقا فيأتي حين ذاك بعض المسلمين للقيام بواجب الصلاة صلاة الجنازة على ذلك المسلم فيصلون عليه وهو في قبره هذا ما فعله الرسول عليه الصلاة والسلام ومن المؤسف أن هذه السنة لا تعرف في البلاد الإسلامية اليوم لسببين اثنين أحدهما إعراض أكثر العلماء عن دراسة السنة والسبب الآخر أنه قل ما يقع إنسان مسلم يدفن في قبره ولم يصلى عليه وإن كان نحن أو أنا شخصيا كتب الله علي أن أحيي هذه السنة حينما ضرب الفرنساويون مدينة دمشق بالقنابل وحرقوا فيها منطقة واسعة اسمها الحريقة حتى اليوم معروفة بهذا الاسم فوقع في ساحة كبيرة هناك تعرف بساحة مردة كثير من القتلى حينما فوجئوا بالرصاص ينهمر عليهم من كل جانب فعلمنا بعد ذلك أن كان من جملة القتلى رجل من إخواننا السلفيين هناك اسمه عبد العزيز ناص فاهتدينا إلى قبره و وقفنا نصلي عليه وهو في قبره إحياء لهذه السنة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم اختصارا الصلاة على الميت في قبره غير الصلاة على الميت في نعشه غير الصلاة إلى القبر أنت تصلي لله فرضا أو نافلة هذه الصور إذا صح التعبير غيرية أو مستثناة هذه التي يشملها قوله عليه السلام (لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها) وحديث (نهى عن الصلاة على القبر -أو- إلى القبر) هذه الأنواع هي المقصود بهذه المناهج أما رجل يدفن فيصلى عليه وهو في قبره فهذه سنة فعلها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وصلاها معه أصحابه فكان ذلك دليلا واضحا على أنها ليست من خصوصياته لو أنه صلى لوحده لكان هناك مجال أن يقال أن هذه خصوصية فكيف وقد صلاها معه بعض الصحابة حتى و بعضهم كان قد صلى عليها قبل أن تدفن في قبرها.

(167/15)


«
تذكرون كثيرا أن هذا العمل لم يعمله الصحابة فهل ذلك شرط وهل عمل الصحابي حجة؟»
السائل: أقول الشيخ ناصر حفظه الله قلت في كلامك أن هذا العمل لم يفعله الصحابة فهل هذا شرط في جواز الأعمال وكثير ما تستدلون بأعمال الصحابة أسألك ما السبب ثم سؤال متعلق به هل الصحابي حجة بفعله؟
الشيخ: هذا أيضا له بحث طويل ومسجل ... نقول نحن ندعو إلى الكتاب والسنة وعمل السلف الصالح تكلمنا عليه أكثر من مرة فنحن نفهم القرآن والسنة على ضوء فهم السلف للقرآن والسنة ولأن الصحابة هم ليسوا فقط أعلم منا بل وأتقى منا بكثير وأبعد عن اتباع أهواء النفوس التي ابتلي به الخلف كثيرا وكثيرا جدا فإذا رأيناهم أجمعوا على ترك شيء مما يظن بعض الخلف أنه عبادة قلنا مستحيل أن تكون هذه العبادة وقد تركها السلف الصالح لهذا نحن نحتج بالصحابة فيما اتفقوا عليه إما تركا أو فعلا أما إذا اختلفوا فكما شرحنا ذلك فهنا مجال أن يأخذ المسلم أي قول مما قاله بعض الصحابة أما إذا جاء عن أحد الصحابة ولم يعرف عنه مخالف فهنا يتردد النظر بين الاحتجاج به أو الإستئناس به والحقيقة التي أعرفها في تجربني الخاصة هي أن الباحث أحيانا يطمئن إلى فعل صحابي أو قول صحابي ولو إن لم نجد له مؤيدا فأحيانا لا تطمئن النفس إلى الاحتجاج بقول ذلك الصحابي أو فعله لوضوح بعض العلامات في الجو أن هذا الرأي له وليس من السنة والأمثلة في هذا نذكرها في كثير من المناسبات إجابة عن الأسئلة الخاصة.

(167/16)


«
هل يجوز للمرأة كشف شعرها أمام الكتابية ونحوها؟»
السائل: هل يجوز للمرأة كشف شعرها أمام الكتابية يعني كالخادمة وغيرها؟
الشيخ: فهذا أيضا بحث طرقناه يمكن في الأمس القريب ونقول لا يجوز للمرأة المسلمة أن تظهر أمام المرأة الكافرة سواء كانت كتابية أو غيرها لا يجوز أن تظهر أمامها إلا كما تظهر أمام الرجل لأن الله عز وجل حينما أباح للنساء المسلمات أن يظهرن شيئا من أبدانهن وهي مواضع الزينة إنما قيد ذلك بقوله تبارك وتعالى ((أو نسائهن)) فأضاف النساء إليهن إشارة إلى أن هذا الحكم خاص بالنساء المسلمات فلا يجوز للمرأة المسلمة إذا أن تظهر شيئا من شعرها أمام خادمتها الكافرة.

(167/17)


«
هل صحيح أن الإمام البيهقي رسم صورة لوجه النبي صلى الله عليه وسلم؟»
السائل: الأخ يسأل هل صحيح أن الإمام البيهقي قد رسم صورة لوجه النبي صلى الله عليه وسلم؟
الشيخ: " عش رجبا ترى عجبا " ما سمعت بهذا.

(167/18)


«
يسأل السائل عن كتاب الترغيب والترهيب هل طبع أم لا؟»
السائل: يقول السائل ماذا عن كتابكم صحيح الترغيب وضعيف الترغيب هل طبع؟
الشيخ: صحيح الترغيب يطبع المجلد الأول منه وعسى أن يصدر قريبا.

(167/19)


«
إذا أمرت الأم أولادها بتطليق زوجاتهم فما الحكم؟»
السائل: إذا أمرت الأم ابنها بتطليق زوجته بالرغم من أن الزوجة قانتة لزوجها ولكن ... .
الشيخ: بالرغم من أن الزوجة أيش؟
السائل: قانتة.
الشيخ: قانتة كيف يعني؟
السائل: مطيعة يعني.
الشيخ: القنوت لله ما يصح أن يقال لأحد غير الله طيب.
السائل: نعم ولكن حصل التساب بينها وبين الأم فقط فقالت للابن طلقها.
الشيخ: هذه المشكلة مع الأسف تقع في العصر الحاضر لفساد التربية والمجتمع الذي يعيش فيه وجوابي على هذا باختصار هو أن هذه الأم إذا كانت بمثابة عمر بن الخطاب في العلم بالإسلام وبما أحل الله عز وجل وما حرم وكانت في منزلة عمر في خوفه من ربه تبارك وتعالى فإذا قالت للبنت تطلقي أجابت لكن هذا خيال في خيال لأننا لا نجد في الآباء من نطمئن لإفتاء الابن إذا أمره أبوه لتطليق زوجته لما نعلم من اتباع الآباء للأهواء أقول هذا لأنه ثبت في الحديث الصحيح أن بن عمر أمره أبوه عمر بأن يطلق زوجته فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وذكر له ذلك فقال (له أطع أباك) فأمره بأن يطلق امرأته إطاعة لأبيه هذا نصه ولكن ليس عندنا النص بأن أبا أو أما يلحق بعمر علما وصلاحا وتقى وإلا كان هذا الإلحاق من باب قياس الحدادين على الملائكة كما يقول بعضهم.

(167/20)


«
هل يجوز أكل طعام النصارى في أعيادهم؟»
السائل: يقول السائل الأخ هل يجوز أكل طعام النصارى في أعيادهم وإذا لم يجز فما معنى الآية الكريمة ((وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم))؟
الشيخ: الأعياد قضية خاصة لا يجوز للمسلمين أن يشاركوا الكفار في أعيادهم ويمكن أن يجد الواحد منها صورا عديدة لتطبيق مثل هذه الآية ((وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم)) فعندكم مثلا تلك القصة التي أشرت إليها حينما قدمت اليهودية للرسول ذلك الذراع من اللحم فهذا معناه ((وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم)) وليس من الضروري لتحقيق العمل بهذه الآية أن يحضر أعياد الكفار وأن يأكل من طعامهم حتى يقال والله هذا طبق الآية ممكن تطبيق الآية بدون أن نقع في مخالفة أخرى والتي منها مشاركة المشركين في أعيادهم وهذا قد توسع في القول فيه ابن تيمية رحمه الله في كتابه السابق الذكر " اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم "

(167/21)


«
هل يجوز حضور حفلة زفاف النصارى في الكنيسة؟»
السائل: ويقول سواء السائل وهل يجوز حضور حفلة زفاف النصارى في كنيسة؟
الشيخ: لا يجوز , مواضع المنكر لا يجوز حضورها إلا لتغيير المنكر إن استطاع إلى التغيير سبيلا وإلا يقول ربنا في القرآن الكريم صحيح وهو قوله ((فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين)).

(167/22)


«
ما حكم زيادة (يتزاورن في ... ) مع أنها في صحيح الجامع؟»
السائل: زيادة يتزاورون في أثخانهم هل هذه ضعيفة علما قد ذكرتها في صحيح الجامع وسلسلة الأحاديث الصحيحة المجلد الخامس؟
الشيخ: تبين أنه وقع خطأ في أثناء طبع هذا الكتاب فدخل الطابع في هذا المتن هذه الزيادة التي هي من حق الحديث الضعيف.

(167/23)


«
هل يجوز تقبيل يد العالم ومن هم العلماء الذين يؤخذ عنهم؟»
السائل: هل يجوز تقبيل يد العالم ومن هم العلماء الذين يعتمد عليهم في ... .
الشيخ: تقبيل يد العالم له أصل في السنة لكن هذا الأصل في حدود الأمر الجائز المباح وليس في حدود السنة المستحبة لا سيما إذا وصل الأمر ببعض المشايخ أن يقيموا تقبيل أيديهم مكان مصافحتهم لمريديهم اليوم في كثير من البلاد الإسلامية ولعل الله عز وجل قد صانكم من مثل هذا الانحراف نجد بعض المشايخ خاصة المنتمين منهم إلى الطرق وإلى التصوف لا يعرفون سنة النبي صلى الله عليه وسلم في مصافحته لأصحابه كما قال أبو ذر أوغيره " ما لقينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلا وقد صافحنا " فأولئك المشايخ لا يعرفون إلا مد اليد لتقبيلها أما أن يمدوا يدهم لمصافحة مريدهم فهذا لا تكاد تسمع له ذكرا وفي اعتقادي أن مثل هذه اليد تقبيلها لا يدخل فيما ثبت في بعض الأحاديث أن الرسول عليه السلام قبلت يده من أعرابي لرجل لا يعرف هذا الرسول ولا يعرف تواضعه مثل هذا التقبيل لا يجوز أن يتخذ أصلا ويجعل كما قلنا بدل المصافحة التي فعلها الرسول عليه السلام بنفسه مع أصحابه وحض أيضا أمته على ذلك في حديثه كقوله صلى الله عليه وسلم (ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا تحاثت عنهما ذنوبهما كما يتحاث الورق عن الشجر في الخريف) مع هذه الفضيلة التي جاءت المصافحة فمواظبة الرسول صلى الله عليه وسلم لها مع أصحابه تجد أولئك المشايخ يهملونها بالكلية ويقيمون بديلها تقبيل أيديهم وهنا يمكننا أن نتذكر قول ابن الوردي " أنا لا أختار تقبيل يد *** قطعها أجمل من تلك القبل " نعم.

(167/24)


«
في أي مكان يرفع المصلي يديه عند أذنيه؟»
السائل: يقول السائل في أي الأماكن يرفع المصلي يديه لأذنيه في الصلاة؟
الشيخ: كيف؟
السائل: في أي الأماكن يرفع المصلي يديه عند أذنيه في الصلاة؟
الشيخ: كل الأماكن رفع اليدين له صورتان بدون تخصيص مكان فتكبيرة الإحرام أو ركوع أو غير ذلك فإما أن يرفعهما إلى أذنيه دون مس بشحمتي الأذنين كما يفعل بعض الموسوسين أو أن ينزل بهما قليلا إلى أن يحاذي بهما رؤوس المنكبين فأيهما ما فعل فقد جاء بالسنة والأفضل أنه يأتي تارة بهذا وتارة بهذا.

(167/25)


«
هل يصح حديث (أمرت بالسواك حتى خشيت أن ينزل علي قرآن)؟»
السائل: حديث " أمرت بالسواك حتى خشيت أن ينزل علي قرآن " هل هذا الحديث صحيح أم لا
الشيخ: ما أعرف هذا لكن في الصحيح (حتى خشيت أن يجرجر فمي) يعني يحتري من كثرة ما يطرقه بالسواك أما هذا لا أذكره.

(167/26)


«
هل يجوز وضع المدفئة أمام المصلين أو الصلاة إليها؟»
السائل: هل يجوز وضع المدفأة أمام المصلين أو الصلاة تجاهها؟
الشيخ: ينبغي وضعها بصورة لا يحتاج أو لا يضطر المصلي إلى استقبالها فإن استقبلها وهي طبعا مغلقة فالخطب في ذلك سهل لأنه هذه الظاهرة لا تمثل ظاهرة عباد النار حينما يتوجهون إليها في عبادتهم وفي ضلالهم لأنهم لما يتوجهون إليها لا يحصرونها هذا الحصر فالأمر سهل لكن الأولى أن تبعد هذه المدفأة عن استقبال المصلين لها.

(167/27)


«
هل ورد في أذان النساء للصلاة وإقامتها شيء؟»
السائل: هل ورد شيء في المرأة أن تؤذن وتقيم الصلاة إذا كانت بين مجموعة من النساء ولا يسمعهن أحد من الرجال؟
الشيخ: ليس هناك نص خاص في هذه المسألة إلاعموم قوله عليه الصلاة السلام (إنما النساء شقائق الرجال) وقد ثبت في السنة الصحيحة أن الرجل إذا صلى ولو لوحده أذّن وأقام ومعلوم عند علماء الإسلام أن أي حكم ثبت في الرجل فللمرأة مثله إلا ما جاء نص خاص يستثنيها من أن تلحق بالرجل في ذلك الحكم.

(167/28)


«
هل وردت زيادة ومغفرته بعد السلام؟»
السائل: هل ورد شيء في رد السلام ومغفرته؟
الشيخ: ما أكثر الآن ... لكن عموم قوله تعالى ((وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها)) فإذا كان المسلم بادرك بالسلام الكامل فقال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فإذا أردت أن تحقق الأمر القرآني الأفضل الأحسن فلابد من أن تزيد عليه فتقول ومغفرته أو رضوانه ونحو ذلك؟

(167/29)


«
ما حكم الاستمناء؟»
السائل: يقول السائل ما حكم الاستمناء؟
الشيخ: تكلمنا أيضا عن هذا الحكم والجواب أن الإمام الشافعي قال ونحن معه في استدلاله بقوله تعالى في وصف المؤمنين ((والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون)) فهذا نص صريح أنه لا يجوز للمسلم أن يفرط شهوته إلا من طريق من الطريقين أو من الطريقين كليهما معا التزوج و التسري فما سوى ذلك فهو عدوان وظلم لمن فعل ذلك أي ظلم لنفسه ((فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون)) أي الباغون الظالمون لأنفسهم.

(167/30)


«
ما حكم من فاتته بعض التكبيرات في صلاة الجنازة؟»
السائل: ما حكم من فاتته بعض التكبيرات في صلاة الجنازة؟
الشيخ: إذا سلم الإمام فيأتي هو ببقية ما فاته من التكبيرات استدلالاً بعموم قوله عليه الصلاة والسلام (فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا).

(167/31)


«
هل يجوز المسح على الخفين وما هما الخفان؟»
السائل: يقول شيخ هل يجوز المسح على الخفين وما الخفين؟
الشيخ: المسح على الخفين ثابت بالتواتر عند أهل السنة خلافا لغيرهم فيه أحاديث كثيرة وكثيرة جدا لكن هناك أحاديث توصي على الناس فتقول بأن الرسول عليه السلام كان يمسح على الجوربين أيضا وقد قال بالمسح على الجوربين جمهور كبير من علماء المسلمين حتى ولو كانا رقيقين ومنهم عمر بن الخطاب كما ذكر ذلك الإمام النووي في كتابه العظيم المجموع شرح المهذب.

(167/32)


«
هل يجوز عدم الترتيب في الوضوء؟»
السائل: سائل منا يسأل يقول هل عدم الترتيب في الوضوء جائز؟
الشيخ: السنة الترتيب لكن إذا خالف أحيانا فلا بأس

(167/33)


«
ما معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي (كل عمل ابن آدم له إلا الصيام ... )؟»
السائل: يقول يسأل ما معنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم (كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به)
الشيخ: يعني أن الله تبارك وتعالى يجزي الصائم بأجور مضاعفة أكثر مما يؤجره على الأعمال الأخرى.

(167/34)


«
نرجوا شرح الحديث (لا سمر بعد العشاء) وهل الحكم كذلك لمن يسمر للرياضة لمصلحة الدعوة؟»
السائل: الأخ السائل يقول الرجاء شرح الحديث المعروف في البخاري (لا سمر بعد العشاء) حتى لو كان هذا السمر مثل اللعب والرياضة أم كان في سبيل الدعوة إلى الله؟
الشيخ: السمر كما سمعتم منهي عنه في الحديث ومعنى ذلك أن القاعدة التي ينبغي على المسلم الآن أن يكون معها وينطلق بها إنما هي أن يصلي مبكرا بعد صلاة العشاء مباشرة هذه القاعدة لكن إذا وجدت هناك مصلحة للمسلمين لا يمكن تحقيقها إلا بعد صلاة العشاء فيجوز السمر في سبيل تحقيق هذه المصلحة سواء كانت مصلحة علمية أو مصلحة سياسية أو مصلحة رياضية أو غير ذلك بشرط أن يكون القصد من ذلك وجه الله تبارك وتعالى وشيء آخر أن لا يكون هذا الأمر الذي جوزناه لأمر عارض سببا لإضاعة صلاة الفجر في الوقت الحاضر فإذا كان الساهر أو السامر يسمر أو يسهر بعد صلاة العشاء في مصلحة إسلامية فينبغي أن يختصر السهر بحيث أنه يجمع بين هذه المصلحة وبين مصلحة المحافظة على أداء صلاة الفجر في وقتها أما إذا كان يغلب على ظنه أن سهره في ذلك الأمر يؤدي به إلى أن يصلي صلاة الفجر بعد طلوع الشمس فحينئذ يبقى الحديث السابق على إطلاقه (لا سمر بعد العشاء) نعم.

(167/35)


«
ما حكم تارك الوتر عمدا أو نسيانا وهل عليه أن يقضيه؟»
السائل: قبل السؤال الأخير يقول السائل ما حكم تارك الوتر عمدا أو نسيانا وهل عليه أن يقضي؟
الشيخ: التارك للوتر عمدا من حيث أنه لا سبيل له إلى قضاءه في غير وقته فهو كالتارك لفريضة لا سبيل له إلى أن يقضيها بعد خروج وقتها أما النائم عن الوتر فحكمه على العكس من ذلك كالنائم عن الصلاة فمن نام عن صلاة الوتر واستيقظ بعد آذان الفجر فله أن يصلي الوتر قبل سنة الفجر إذ اتسع له الوقت بحيث لا تفوته صلاة الجماعة مع الجماعة في المسجد أو آخر قضاء الوتر إلى الضحوة بعد أن ترتفع الشمس قدر مترين أو ثلاثة فإذا الجواب بالنسبة لتارك الوتر عمدا أو سهوا ناسيا شأنه في ذلك شأن تارك الصلاة عمدا أو ناسيا أو نائما فيقضي المعذور ولا يقضي غير المعذور.

(167/36)


«
نرجوا نصيحة عامة؟»
السائل: الأخ السائل هنا يقول يريد من الشيخ أن ينصحنا نصيحة يذكرنا وجزاه الله خير.
الشيخ: أذكركم بما أذكر به نفسي بأن نتعاون على فهم الإسلام فهما صحيحا وأن نطبق ما نستطيع منه في ذوات أنفسنا ونتخذ ذلك سبيلا لنا إلى أن نوسع دائرة العمل للإسلام حتى يأذن الله تبارك وتعالى لهؤلاء المسلمين الذين يزدادون كل يوم ... .

(167/37)


«
الكلام على حال المسلمين اليوم
الشيخ: ((أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين مالم يأذن به الله)) فهذا مثل القرآن أن التشريع هو لله عز وجل كما أن العبادة هي لله عز وجل فقط ولا يجوز أن يشرك فيها غيره تبارك وتعالى كذلك التشريع هو من خصوصيات الله فلا يجوز لأحد على وجه الأرض مهما سما وعلا أن يكلف الناس ليتبعوا شريعة دون شريعة الله تبارك وتعالى فمن فعل ذلك فقد اتخذه ربا بأنه جعله شريكا له في التشريع لذلك شرح الرسول عليه السلام لعدي بن حاتم الآية بأن اتخاذكم للأرباب من دون الله لا تعني الآية أنكم فعلتم بهؤلاء الرهبان ما فعلتم بالمسيح عليه السلام فجعلتموه شريكا مع الله وإنما أشركتم من حيث اتبعتموهم فيما حرموا لكم من الحلال وفيما حلّلوا لكم من الحرام لأن التحليل والتحريم هي من صفات الله عز وجل لا يجوز لأحد أن يقول هذا حرام إلا بنص من الكتاب والسنة أو أن يقول هذا حلال إلا بنص من الكتاب والسنة فلما انحرف النصارى عن عبادة الله في التشريع نزلت هذه الآية تحذيرا لنا من أن نقع فيما وقع فيه من قبلنا فهل اعتبرنا؟ الجواب لا لذلك نحن نرى واقعنا اليوم أننا نعيش في تشريعات مضطربة ومختلفة ومتعارضة أشد التعارض وهذا من أسباب بلبلة المسلمين فكريا واختلافهم اجتماعيا ولهذا نعتقد أن المخرج من هذا الواقع المؤسف الذي لا أتصور مسلما فيه ذرة من الإيمان إلا ويشترك معنا في إنكاره ولكن كثير من الناس لا يعلمون ما هي المعالجة المعالجة هي في حديث ثابت عن الرسول عليه السلام وبه أختم هذه الكلمة حتى يكون الحديث سجالا وقد يكون هناك بعض الأسئلة هذا الحديث هو قوله عليه الصلاة والسلام (إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر و رضيتم بالزرع و تركتم الجهاد في سبيل الله سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم) إذا في هذا الحديث الصحيح ذكر بعض الأنواع من ... والأمراض التي ستصيب المسلمين و وصف العلاج القاطع الوحيد لهذه ... والأمراض قال (حتى ترجعوا إلى دينكم) والرجوع إلى الدين يحتاج أولا إلى الفهم الصحيح والتطبيق الصحيح ولهذا بحث آخر والحمدلله رب العالمين
السائل: جزاك الله خير
الشيخ: وإياكم إن شاء الله.

(168/1)


«
سؤال عن كيفية قسمة العطية بين الأولاد؟»
الشيخ: يوم لها وبهذا نقول إذا كان أمكن شيء يعني نستفيده نسمعه ونتعاون عليه فيكون خيرا إن شاء الله
السائل: شيخ بالنسبة للهبة بالنسبة للأولاد ... هل للذكر مثل حظ الأنثيين أم الذكر والأنثى نفس الشيء؟
الشيخ: نعم الحقيقة المسألة أوضحها الإمام المالك الهبة لا ينطبق عليها أحكام المواريث ولذلك فالآية معروفة ((للذكر مثل حظ الأنثيين)) مكانها كما نعلم جميعا في الفرائض و المواريث أما في الهبة والعطية والمنحة فالقاعدة اعدلوا بين أولادكم فلابد من التسوية.
السائل: طيب هل تجوز المنحة ... ضرر بالولد في أنه أنا أعطي البنت مثل الولد يعني وكان عندي ألف دينار وأعطيت الولد مثلا مئتين وخمسين والبنت مئتين وخمسين فلو أنا مت ...
الشيخ: أنت مكلف أنت تنظر في العواقب والعواقب لا يعلمها إلا علام الغيوب أنت مكلف أن تنفذ ما كلفت به في حياتك الدنيوية من العدل بين الأولاد وما يدريك ماذا يحدث الله فيما بعد ذلك ويقدر وما يدري المسلم أنه بهذا التعمق لاسيما في موقف معارضة النص النبوي الصريح (اعدلوا بين أولادكم) وجاء به الأستاذ أبو مالك في الرواية الأخرى لما سألهم أو سأل البشير اللي هو والد النعمان أنه ما بتريد يكونوا أولادك معك في البر سواء قال نعم فالبر سواء يقابله العدل أيضا بالتسوية لهذا لا يجوز التفريق والتفويت بين الذكور والإناث وحسبنا جاهلية أننا خالفنا النص الشرعي لقاعدة الإرث الذي ذكرته آنفا فكثير من الناس يحرمون البنات من الإرث مطلقا يعني ثم يأتي الشرع عفوا يأتي شرع الناس وقانونهم ليخالفوا أيضا الشريعة من زاوية أولى أخرى في بعض الأمور مثلا ما يسمونه بالأراضي الميلية فهنا يسوون بين الذكر والأنثى وهذا خطأ أيضا فعلى كل حال يعني بالنسبة لسؤالك لحديث يبقى في الفصل من الأولاد على إفراطهم وليس هناك ما نكلمه أو ما يتضم أن نحمله على الإرث تماما.

(168/2)


«
من هم الوهابيون؟»
السائل: من هم الوهابيون؟
الشيخ: الوهابيون إن كان للعنقاء وجود فلهم وجود هل تعرف العنقاء؟
السائل: أنا بعرف العنقاء اللي هي الحية
الشيخ: لا العنقاء اسم بدون جسم اسم بدون جسم من بيت شعر ما أدري لعل أحدكم يذكر العنقاء والخل الوفي يعني اسمين لهم وجود كاسم لكن لا حقيقة لهما شو هما العنقاء والخل الوفي على كل حال أنا أردت أنه نفتّح شوية هيك ببساطتنا وإلى آخره فبذات الإجابة بأنه الوهابي كالعنقاء يعني اسم لا حقيقة له طبعا أنا حينما أقول لا حقيقة أي لا وجود حقيقي لهذا المعنى لكن في أذهان الناس له معنى كما العنقاء فالعنقاء في أذهان الناس طير ضخم ضخم جدا وإن كان منكم من ابتلي كما كنت ابتليت أنا في أول نشأتي العلمية بقراءة بعض القصص الخيالية الخرافية سواء ما كان منها قديما أو حديثا قصة السندباد البحري هذه القصص العربية التي صنفت قديما ولا ... فأنا طبعا كأي شاب من الشباب الناشئ قرأت هذه القصة وغيرها فهناك اللي يذكر كله بحث خيالي يذكر أن هناك بلدة نحو واق الواق وهو معروف عن هذا كالعنقاء
السائل: هو موجود الواق الواق
الشيخ: نعم يقول أنه هو موجود يذكر أنه نحو اليابان أو الصين
السائل: بالضبط أيوة في جنوب شرق آسيا
الشيخ: نعم
السائل: في جنوب شرق آسيا
الشيخ: أيوة الشاهد أنه هناك يقول في جبل على ساحل البحر البحر هذا فيه أصداف ثمينة وثمنية جدا ولا يمكن الوصول إليها إلا بطريقة العنقاء العنقاء بيقول طير كبير وكبير جدا بحيث أن بيضته كقبة ضخمة أو هو صور بأى لما بينزل على هالبيضة هيّ كأنه قصر بناء عظيم جدا بينزل عليه وهو يعني هذا التخييل والتمثيل أنه هو قوي جدا فكان هذا الطير ينزل إلى الساحل ويلتقط فيما يلتقط من هذه الأصداف فماذا يفعل بعض الناس قال يأتي ويلبس نفسه باللحم وذاك طبعا نهم فينزل بقوته الخارقة ويأخذ هذا اللحم وفيه الإنسان ... به فيأخذ به إلى قبة الجبل وهناك الأصداف يعني الأشياء القيمة فلما يصل إلى هناك بيفك نفسه من هذا اللحم بيصير طليقا وبليتقط هذه الأصداف هذا فيه خيال المهم أنه هذا الطير العنقاء اسم بدون جسم الوهابية كذلك الناس ماذا يقصدون بالعنقاء يقصدون هذا الطير الضخم لكن هذا الطير الضخم له وجود؟ لا وجود له إلا في أذهانهم الوهابية ماذا يقصدون؟ يقصدون شيئا بلا شك لكن هذا لا وجود له وهذا بيانه الآن , الوهابية في أذهان الناس هم قوم مسلمون يشهدون ألا إلا إله إلا الله وبس أما محمد رسول الله لا هم ما بيحبوا الرسول أو لا يؤمنوا بالرسول فهم فقط بيؤمنوا بالشهادة الأولى لا إله إلا الله ثم يتبع هذا الوهم الذي لا وجود له أوهام كثيرة وكثيرة جدا منها أنهم يكفرون المسلمين منها أنهم يقولون ... المسلم خير من محمد عليه الصلاة والسلام ولا شك أن هذه الأوصاف إذا انطبقت فيمن يشهد أن لا إله إلا الله فشهادته لا تسمن ولا تغني من جوع لكن هل هناك في الدنيا مسلم يشهد أن لا إله إلا الله يصدق عليه هذه الأوصاف كانوا ينسبون من قبل يتهمون رموز هؤلاء الناس في زمن الدولة العثمانية حينما كانت هي الحاكمة على البلاد الإسلامية ومنها البلاد العربية وتعلمون قيام الثورة العربية في البلاد النجدية في زمن الملك سعود الأول واتفق يومئذ أنه خرج رجل عالم فاضل من علماء نجد اسمه محمد بن عبد الوهاب وكان من جملة الأماكن التي طلب فيها العلم العراق ومصر ثم رجع إلى بلده فأخذ ينشر العلم الذي تلقاه من هنا وهناك واهتم بصورة خاصة في دعوة الناس في نجد إلى التوحيد الخالص كانوا في نجد كما لا يزال في كثير من البلاد العربية حتى اليوم ... .
السائل: لكن أش خالص
الشيخ: خالص لأنه في توحيد مشهوب
السائل: ... لا إله إلا الله فقط
الشيخ: لا لا , هو التوحيد لا يتم إلا بالجملة إنما
السائل: لا إله إلا الله أشهد أن محمد رسول الله
الشيخ: محمد رسول الله التوحيد الخالص ... هنا في إمام ... التوحيد الخالص أنت عرفت من كلامي السابق حول الآية ((اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله)) الآن نحن نتصور إنسان يعبد الله وحده لاشريك له ولكن يطيع القسيسين أو الرهبان ولنقل الآن بالنسبة لديننا الإسلامي المشايخ يطيعهم طاعة عمياء ما أدري إذا كان عندكم يعني معلومات سابقة أنه هذه الطاعة العمياء موجودة في الطرق الصوفية يقول الشيخ لمريده افعل كذا فلزاما عليه أن يفعل مهما كان الأمر مخالفا للشريعة وعندي في هذه الأمثلة مما قرأته ومما سمعته لعله يعني كمثال شيخ معروف اليوم له مركز في سوريا في درس في رمضان من رمضان الآتي ألقى درسا قال في أثناء الدرس قصة خلاصتها أن أحد الشيوخ المربين زعموا أمر تلميذا له يوما بأن يذهب إلى بيته ويأتي برأس أبيه أن يذبحه ويقتله فأخذ الخنجر وراح ونفذ الأمر وجاء يتهلهل وجهه بشرا أنه نفذ أمر الشيخ بأبيه فتبسم الشيخ ضاحكا قال له أتظن أنك قتلت أباك؟! قال هذا مش أبوك هذا صاحب أمك!! أنا بأمرك بقتل أبيك حاش لله لكن هذا صاحب أمك وينام معها في الحرام هذا درس ألقاه في مسجد من المساجد المشهورة في دمشق وإذا كان فيكم من يعرف سوق الحميدية فهناك مسجد في وسط سوق الحميدية أنت خارج من دمشق على يدك اليسرى واتفق أنه كان في هذا الدرس شخصان أقارب بعضهم مع بعض أحدهما من جماعة الشيخ والآخر يحظر دروسي أحيانا فجائني هذا الشخص صاحبي اسمه محمود وقص عليّ هذه الخرافة أن الشيخ تحدث بهذا في المسجد الليلة قلت سبحان الله وبدأت أشرح له خطورة هذه القصة من الناحية الشرعية أولا ثم بطلانها من حيث أنها قصة ونحن في هذا الحديث بيمر قريبه اسمه إيش والله نسيت مع الزمن المهم من هذه يدخل عندي في الدكان أنا كان عندي في دمشق وإلى الآن موجود دكان ساعاتي بصلح الساعات دخل الرجل قال اش رايك بالدرس الليلة قال له ما شاء الله هذه تعابيره الصوفية تجليات وفتوحات قال له شو رأيك بالقصة اللي حكاها قال له هنا تأتي عبارتك بسؤالك قال له بل أنتم الوهابية بتنفوا الكرامات للأولياء وبدأوا يتناقشوا الاثنين الشاهد صاحبي ... يعني ما فيه عنده الثقافة الشرعية فوجدت نفسي مضطرّ أن أتدخّل في الموضوع وبدأت أبين له بطلان هذه الشريعة هذه القصة ومخالفتها للشريعة لأن الرسول يقول (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق) الشيخ ولو هو جابرا بيطبع المريد أن يطيع الشيخ على عماها ويروح يذبح أبوه حاضر أفندم لكن بعدين شو بيسولّوه أنه هذا مو أبوه كما مضى في معصية الله إلى آخره من جملة ما قلت له أنه القصة هي تركيبة يعني مركبة تركيبة ما أحسن الذي اختلقها ما أحسن تركيبها ليه؟ لأنه إذا كان الشيخ بيعلل أمره للمريد بأنه يروح يذبح أبوه أنه هذا مو أبوه لكن هذا صاحب أمه شو الفرق بين الأب والأم إذا كان الأم تقع في الزنا لماذا لم ينفذ الحد الشرعي للأم وهذه القصة اللي بيحكيها أنه هذه أمك أي ما دام أمي ويشهد فيها رجل شو حكمها في الشرع القتل هذا الشيء اللي بيحصل على أنه قلت له حتى لو كان هو الأب أو هي الأم ما بيجوز الشيخ يتولى تنفيذ الأحكام لأن هذا من وظيفة السلطان الحاكم الذي يحكم بما أنزل الله وليس لفرد من الأفراد أن يتولى تنفيذ الأحكام الشرعية وإلا صار فيه فوضى للأسف شرحت له هذا أنه هذه قصة مختلقة ومخالفة للشريعة لو كانت فعلا ما اقتنع على أنه الجماعة الحقيقة يربون على تقليد أعمى ولا يبصّرون في دينهم والشاهد فيما يأتي الآن لما شعرت أن الرجل ما تجاوب من ناحية التفاهم قلت له هلا أنا أه هلا تذكرت شو اسمه أبو يوسف قلت له هلا يا أبو يوسف لو أنت أمرك الشيخ أنك تذبح أبوك بتفعل الله أكبر منهم ذكر القصة هاي تتجسد عندي مساوئ هذه التربية شو قال قال أنا ما وصلت لهذا المقام قلت له بالتعبير السوري عمرك ما تصل إن شاء الله المهم ولى الأدبار الشاهد هالطاعة العمياء للمشايخ وهذا نموذج بسيط وبسيط جدا هذا الشيخ كان يقول لو رأيتم الشيخ وقد علق الصليب على عنقه لا تنكروا عليه لأنه يرى ما لا ترون ويعلم ما لا تعلمون العالم الإسلامي اليوم مطبوع من الناحية الدينية بتقليد أعمى لمشايخ الطرق ولغيرهم بحيث يذكرنا بآية ((اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله)) فإذا ... أن لا إله إلا الله بيعبدوا الله لكن مخه محشي بطاعة غير الله وفي معصية الله هذا توحيد وهنا الشاهد مش خالص ولذلك نحن نقول التوحيد الخالص بأنه ولو بإيجاز ربما التفصيل له مجال آخر توحيد ثلاثة أنواع توحيد الربوبية توحيد الألوهية توحيد الصفات توحيد الربوبية بنعتقد أن الله واحد لا شريك له في ذاته توحيد الألوهية وهو يسمى توحيد العبادة أن يعبد الله الذي يعتقد أنه واحد لا شريك له أن يعبد الله وحده لا شريك له لا يعبد معه غيره الذي مثلا يأتي إلى القبر ويناديه من دون الله هذا أشرك مع الله في ماذا؟ في العبادة لأنه الدعاء عبادة كما قال في القرآن في سورة الفاتحة ((إياك نعبد وإياك نستعين)) الدعاء طلب العون من الله أن يأتي إلى قبر ولي من الأولياء أو نبي من الأنبياء بيطلب منه العون هذا وإن كان موحدا توحيد الربوبية لكنه مشرك في توحيد العبادة لأنه عَبد غير الله وهذا بحث أيضا طويل نأتي للقسم الثالث توحيد الأسماء والصفات فلو طلبنا من إنسان مؤمن بالتوحيد الأول شو هو؟ توحيد الربوبية التوحيد الثاني توحيد العبادة الألوهية التوحيد الثالث توحيد الأسماء والصفات موحد التوحيدين في قلبه لكن هو يؤمن مثلا بأنه بعض العلماء أو بعض الصلحاء يعلم الغيب هذا أشرك ما ينفعه شيء التوحيد الأول والثاني أبدا ليه ألّم يقول ((قل لا يعلم من ف+ي السماوات والأرض الغيب إلا الله)) إلا الله فإذا ليه ما قال أن عبد من عباد الله يعلم الغيب ما أذن بالاستثناء إلا الله فأشرك مع الله عز وجل فحينما نقول نحن التوحيد الخالص يعني نوحد لله في ذاته نوحد لله في ألوهيته نوحد لله في أسمائه وصفاته ما أظن يعني إلا أنكم تذكرون معي إلى اليوم تقام حلقات ذكر مثلا أو حفلة ... أو ما شابه ذلك وتوضع هنا مثلا شربة ماء عشان تحل فيها بركات ما يتلى و ما الذي يتلى؟ ليته كان القرآن إنما أناشيد يسمونها بالأناشيد الدينية وفيها الكفر الصريح ومن ذلك ما ستذكرونه جيدا قولهم البوصيري يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم بقوله " فإن من جودك الدنيا وضرتها *** ومن علومك علم اللوح والقلم " هذا يا جماعة شرك يخاطب به الرسول بأنه من علومه علم اللوح والقلم من هذه يسميها علماء النحو تبعيضية خذ من أموالهم مش كل أموالهم خذ من أموالهم يعني من بعض أموالهم صدقة إلى آخر الآية فإن من جودك الدنيا فإن من جودك مش جودك كله الدنيا وضرتها ومن علومك مش علمك كله إنما من بعض علومك علم اللوح والقلم وماهو علم اللوح والقلم كل شيء قال عليه السلام (أول ما خلق الله القلم وقال له اكتب قال ما أكتب قال أكتب ماهو كائن إلى يوم القيامة) فإذًا رسول الله في حد تعبير هذا الشاعر من علومه علم اللوح والقلم إذا هذا صار فيه إشراك في صفة من صفات الله وهو تفرد الله تبارك وتعالى بمعرفة علم الغيب علما ذاتيا محيطا بكل شيء كما قال ((أحاط بكل شيء علما)) فلم يأت مسلم يؤمن بتوحيد الربوبية يؤمن بتوحيد الألوهية لكن يخل بتوحيد الأسماء والصفات فيصف الرسول عليه السلام بصفة هي لم تعتبر ولن تعطى لإنسان بأن معنى ذلك أن الله عز وجل أشرك معه غيره من عباده في صفة من صفاته قلنا عجيب أننا نجد نصوصا صريحة في الكتاب والسنة بخلاف هذا الشعر الذي يتبرك به المسلمون اليوم ويرجون بركة هذا القول في ماءهم ليداووا به مرضاهم وأيضا في القرآن الكريم يقول ربنا عز وجل ((قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله)) ويأتي على لسان نبيه عليه السلام ((ولو كنت أعلم الغيب لا ستكثرت من الخير وما مسني السوء)) نصوص كثيرة من آخر ما ينبغي ذكره مر بجارية وهي تغني بمناسبة فرح تقول فيما تقول " وفينا نبي يعلم ما في غد " وفينا نبي يعلم ما في غد قال عليه السلام ولمن نقول أولم يعي ثم ماذا تقول تقول ومن علومك علم اللوح والقلم لا تقول وفينا نبي يعلم ما في غد قال (لا يعلم الغيب إلا الله دعي هذا وقولي ما كنت تقولين) هذا حديث في صحيح البخاري فإذا المسلمون انحرفوا انحرافا شديدا جدا عن التوحيد الخالص وقد تبين لك ولو بالإجمال ما هو المقصود بالتوحيد الخالص من آثار الإخلال بهذا التوحيد الخالص ... .

(168/3)


«
بيان حكم التقليد والتشبه بالكفار
الشيخ: هذا أمر لا يخالف فيه وإذا جاز في نحو ذلك فلا أريد الآن أن أتحدث عنه وإنما أردت أن أتحدث عن ما يتعلق بالتقليد في الإجتماعيات والعادات والتقاليد من الثابت في فلسفة الإجتماع كما يقولون اليوم أن الأمم بلغاتها وتاريخها وعاداتها وأن أي أمة تناست هذه الأصول والقواعد ومعنى ذلك أنها بدأت تحفر قبرها بيدها وتضيّع من شخصيتها وتمتزج مع غيرها حتى تصبح نسيا منسيا ولذلك نجد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم اهتم بناحية تقليد الأعداء والكفار فنهى عن ذلك أشد النهي سواء أكان ذلك من الكبائر أو الصغائر أو بمعنى آخر سواء كان ذلك مما يستعضله الشرع أو يستصغره لأنكم تعلمون جميعا أن المخالفات فيها الكبيرة وفيها الصغيرة ولذلك جاء بمبدأ النهي عن اتباع الكفار وتقليدهم ومن أشهر الأحاديث التي وردت في ذلك قوله صلى لله عليه وآله وسلم (لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه) هذا الحديث في صحيح البخاري في رواية الترمذي وغيره ألا تجلس يا أستاذ أنا آسف على إيقافك سقاك الله من الكوثر في رواية الترمذي عطل على الرواية السابقة في صحيح البخاري (حتى لو كان فيهم من يأتي أمّه على قارعة الطريق لكان فيكم من يفعل ذلك) وسبحان الله بل ولا عجب فإنما ينطق من الوحي ((وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى)) فنحن نرى هذا الخبر يعني ينطبق على المسلمين ويمشون في اتباع الآخرين تقليد الأعمى ففي هذا الحديث نهى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم المسلمين أن يقلدوا الآخرين لأن هؤلاء الآخرين لا يكونون في منطلقاتهم في حياتهم إلا في ضلال مبين إذا وجاء الحديث الآخر ليؤكد هذا التحذير الذي جاء في صورة الإطلاق (لتتبعن سنن من قبلكم) ولا يخفى على جميع الحاضرين هذا الخبر بمعنى النهي وبلا شك أن الذين سينتهون هم الذين يحبون الرسول صلى الله عليه وسلم وذلك دليل المحبة من الله له كما قال تعالى ((قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله)) جاء ليؤكد هذا التحذير في ضمن هذا الخبر الصحيح السابق الذكر في حديث آخر ألا وهو قوله صلى الله عليه وآله وسلم (بعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يعبد الله وحده لا شريك له وجعل رزقي تحت ظل رمحي وجعل الذل والصغار على من خالف أمري ومن تشبه بقوم فهو منهم) ففي نهاية هذا الحديث ينهى الرسول عليه السلام المسلمين أن يتشبهوا بأعدائهم الكافرين ويقول أن من فعل ذلك يكون منهم طبعا لا يعني الحديث كما قد يتوهم منه بعض السطحيين في فهمهم لدينهم أنهم يصبحون بذلك من الكافرين وإنما يعني الرسول عليه السلام في مثل هذا الحديث كقوله في الحديث المشهور (من غشنا فليس منا) فهو لا يعني عليه الصلاة والسلام في هذا أو ذاك أنه ارتد عن دينه وإنما يعني أنه فعل فعل الكافرين كما قال مثلا ((ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون)) فإذا صار المسلمون أو بعضهم شيعا ((كل حزب بما لديهم فرحون)) لا يعني أنهم خرجوا من الدين كما تخرج الشعرة من العجين وإنما يعني أنهم خالفوا شريعة الإسلام التي جاء بها الرسول عليه الصلاة والسلام فحذّرهم رب العالمين في هذه الآية بقوله ((ولا تكونوا من المشركين)) أي عملا واقتداء وتقليدا ((ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم)) وفي رواية ((فارقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون)) فقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث السابق (من تشبه بقوم فهو منهم) يعني عملا وليس ردة.

(168/4)


«
مواصلة الكلام على التحذير من اتباع المشركين مع بيان أن من تمام الدين مخالفة المشركين في عباداتهم
الشيخ: وهكذا تتابع الأحاديث وتتوالى في التفريع بهذه القاعدة والتأسيس لها والتمثيل لها بصور كثيرة وكثيرة جدا في الإسلام فمما يحضرني الآن ما جاء في سنن الترمذي بإسناد صحيح من حديث أبي واقد الليثي رضي الله عنه أنهم كانوا في سفر مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم فمروا بشجرة من سدر عظيمة فقال بعضهم " يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط " هذه الشجرة كان المشركون يعلقون عليها أسلحتهم فأعجب بعض الصحابة ذلك فقالوا اجعل لنا ذات أنواط حيث تناط بها الأسلحة كما لهم ذات أنواط وأنتم تلاحظون معي أن القضية ماهي يعني جوهرية كما يقولون اليوم لأنه اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط ما لها علاقة بالعبادة ومع ذلك ماذا كان موقف الرسول عليه الصلاة والسلام تجاه هذه الكلمة اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط قال (الله أكبر هذه السنن قلتم كما قال قوم موسى لموسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة) شوفوا التحذير البليغ من الرسول عليه السلام أولئك اليهود قالوا لموسى اجعل لنا إلها نعبده كما لهم آلهة المشركون المخالفين لدين موسى عليه السلام في زمانه أن بعض الصحابة هؤلاء ما تكلموا فيما يتعلق بالعبادة والدين وإنما في أمر يعني ماذا نسميه عادي اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط فأنكر ذلك عليهم أشد الإنكار وقال هذا يشبه قول اليهود الذين انحرفوا عن التوحيد حينما فارقهم موسى إلى الطور فرجع إليهم فقال اجعل لنا آلهة كما لهم آلهة الشاهد من هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم بالغ في تحذير أمته عن تقليدهم لغيرهم كل ذلك محافظة على شخصية الأمة لكي لا تذهب صورتها ولا تضيع شخصيتها ثم جاءت أحاديث بلا شك أخرى خاصة ما كان منها متعلقا بالدين وفي ذلك مخالفة للمتنطعين من أهل الكتاب وغيرهم فأمر بمخالفتهم في قضايا أخرى تتعلق في بعض العبادات مثلا لقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (إن اليهود والنصارى لا يصلون في نعالهم فخالفوهم) الآن حديث يتعلق بعبادة من العبادات وشعيرة من الشعائر الإسلامية العظمى وهي الصلاة فقال عليه السلام (إن اليهود والنصارى لا يصلون في نعالهم وخفافهم فخالفوهم) أش معنى هذا؟ الآن الفكرة السائدة على المسلمين جميعا أن الصلاة بدون نعال هو الأصل بل بعضهم قد يغالي فيقول لا يجوز للمسلم أن يصلي في نعليه مندفع من الوراء فلسفة عقلية محضة ليس لها ... من الشريعة الإسلامية ماهي هذه الفلسفة أن النعل بيمشي الإنسان فيها في الطرقات قد تلاقي بعض النجاسات فتتعلق بها ونحن مأمرون أن ندخل في الصلاة بثياب طاهرة و وإلى آخره فإذا لا يجوز للمسلم أن يصلي في نعليه هذا المنطق إذا اعترف وسجياته أمر طبيعي تماما لكن منطق المسلم مقيد بما جاء في الإسلام فإذا الإسلام يسر في أمر ما فليس لمسلم أن يشدد فيه وإذا شدد إن صح التعبير الإسلام في أمر ما فليس لمسلم أن ييسر فيه لأنه ليس له خيرة كما قال عز وجل ((وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحانه وتعالى عما يشركون)) فليس للمسلم أن يشدد حيث يبدو له أن التشديد هو خير كما أنه ليس له أن ييسر حيث يبدو له أن التيسير خير وإنما عليه أن يتبع الشرع سواء بدى له أن فيه تيسيرا أو فيه تشديدا علما أنه لا شيء في الشرع اسمه تشديد لكن بلا شكّ الأحكام تتفاوت بين مثلا يسر ويسر فجاء هذا الحديث ليقيد عقل المسلم في أن يمتنع عن تحكيمه في عبادة ربه فلا يقول مثلا هنا ما لازم المسلم يصلي في نعليه لأنه ربما يكون فيها نجاسة وتغلغلت في النعل ولا يمكن تطهير هذه النجاسة المتغلغلة كأنه إذا نظفنا فإننا ننظف الشيء الظاهر فجاء الإسلام ليقول خالفوا المتشددين في دينهم المغضوب عليهم والضالين إنهم لا يصلون في نعالهم وخفافهم فخالفوهم صلوا في نعالكم لذلك لبيان أن هذا التشديد في هذا المكان هو من تنطع أمثال اليهود قال عليه الصلاة والسلام (إذا أتى أحدكم المسجد فليقلب نعليه فإن كان بهما من أذى فليدلكهما بالتراب فإن التراب لهما طهور) هنا حكم جديد لا يعرفه المتنطعون في دينهم الذين يظنون أن كل شيء أصابته النجاسة فيوجب خلع هذه النجاسة بعينها في كل شيء فهو يعدّل هذا المفهوم الخاطئ ويكون الأمر كذلك فيما يمكن كالثياب مثلا لكن النعل يكفي فيها أن يمسح الظاهر منها وليس مكلفا أن يتغلغل في باطنها لأن هذا فيه تشديد وفيه حرج وهذا ينافي القاعدة الشرعية التي نص عليها رب العالمين في قوله ((وما جعل عليكم في الدين من حرج))
السائل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أهلين أبوعزيز
السائل: أهلين حياكم الله

(168/5)


«
بيان عمل الصحابة رضي الله عنهم بالرخص التي رخص الله لهم مجانبة لدين اليهود المبني على التشدد
الشيخ: ولذلك تجد أصحاب الرسول عليه السلام ... كانوا يهتمون بالوقوف عند هذه الرخص وعدم التشدد فيها لأن في ذلك تشبها باليهود الغلاظ القلوب كما هو منصوص في توراتهم ... لديهم حتى اليوم فقد صح أن الصحابة كانوا مدعويين في دعوة وحضرت الصلاة فقدم عبدالله بن مسعود أبا موسى الأشعري وكلاهما صحابي جليل قدمه ليصلي بالناس إماما وهذا في الواقع مما نأخذ منه درسا أخلاقيا كيف أن الصحابة كان يعرف بعضهم فضل بعض ومزية بعضهم على بعض فالبرغم أن ابن مسعود رضي الله عنه قد جاءت أحاديث في الثناء عليه من ذلك مثلا مما يتعلق بموضوعنا أو في حديثنا هذا قوله عليه الصلاة والسلام (من أحب أن يقرأ القرآن غضا طريا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد) وهو عبدالله بن مسعود ابن أم عبد تعبير عربي جميل جدا مع ذلك ماذا فعل ابن مسعود قدم أبا موسى الأشعري لأنه يعلم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان قد خصه بخصوصية وميزه بمزية لم يحظ بها غيره من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم على علمهم وفضلهم من ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم مر ذات ليلة بأبي موسى الأشعري وهو يقرأ القرآن فلما أصبح قال له عليه الصلاة والسلام (مررت بك البارحة وأنت تقرأ القرآن) قال " يا رسول الله لو علمت ذلك لحبرته لك تحبيرا " لو علمت ذلك لحبرته لك تحبيرا أي زينته لك تزيينا يعني بتغنيه بالقرآن وبلا شك كجملة معترضة لا يعني الرسول عليه السلام هذا التطريب وهذا التغني الذي يلتزمه بعض القرّاء والذين يطبقون على قرآتهم بعض القوانين الموسيقية من صعود وهبوط ونحو ذلك وترعيد وإنما يعني ما كان أبو موسى تعلمه من رسول الله صلى الله عليه وسلم وتلقاه عنه عمليا تطبيقا منه صلى الله عليه و سلّم لقوله عز وجل ((ورتل القرآن ترتيلا)) وهنا في هذه المناسبة التي استمع الرسول عليه السلام لأبي موسى وقال تلك الكلمة لأبي موسى حينما أصبح قال عليه السلام لقد أوتي هذا مزمارا من مزامير آل داود يعرف عبد الله بن مسعود هذه المزيّة التي وصفه الرسول عليه السلام بها ولذلك لما كانوا هناك مجتمعين أمره أن يتقدم فتقدم والشاهد كان متنعلا فخلع أبو موسى نعليه كما يفعل كثير من الناس فغضب ابن مسعود قال ما هذه اليهودية أفي الوادي المقدس أنت؟ اليهود لماذا يخلعون لأن موسى أمر بخلع نعليه و ... ذلك كما في القرآن ((إنك بالواد المقدس طوى)) فقله ابن مسعود رضي الله ... لموسى ما هذه اليهودية يعني ما هذا التشدد أأنت في الواد المقدس وتخاطب من رب العالمين كما فعل مع موسى عليه السلام فأنكر عليه هذا الإنكار لأن الرسول عليه السلام كان سنته يصلي تارة حافيا وتارة متنعلا حيث كيفما وجد الإنسان صلى أما أن يتكلف ويتصنع شيئا فهذا هو التنطع والتشدد في الدين الذي يضرب اليهود مثلا رائعا جدا في تنطعهم وتشددهم في الدين وأكبر مثال على ذلك قصة البقرة إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة قالوا ما لونها ما كذا إلى آخره بعدين فذبحوها وما كادوا يفعلون.

(168/6)


«
بيان وقوع بعض المسلمين في الشرك بالله تعالى
الشيخ: والبحث في هذا في الحقيقة واسع و واسع جدا وكل ذلك تطبيق من الرسول عليه السلام في عشرات الجزيئيات في كل أبواب الشريعة وفصولها يدندن الرسول صلى الله عليه وسلم حول محافظة المسلمين على عاداتهم وتقاليدهم وأزياءهم لا يعجبن مسلم اليوم من هذا الضعف الذي ران على المسلمين لأن لهذا أسبابا وأسبابا كثيرة جدا شأن ذلك شأن الجسد المريض قد تتوفر عليه علل كثيرة فيعجز ... الأطباء عن معالجتها أولا لكثرتها وثانيا لأن معالجتها تتحمل زمنا طويلا وطويلا جدا وهذا هو شأن مرض المسلمين اليوم وضعفهم الذي مكن الأعداء منهم و تسلطوا عليهم من هذه الأسباب تركهم لعاداتهم التي توارثوها عن آباءهم وأجدادهم على أساس أنها عادات إسلامية وهذا ما بنى عليه الرسول صلى الله عليه وسلم في هذه الأحاديث التي بعضها قاعدة (من تشبه بقوم فهو منهم) وبعضها تخصيص لهذه القاعدة بعضها تتعلق بأمور عادية كشجرة السدر هذه وبعضها تتعلق بالعبادات وبين ذلك أمور كثيرة وكثيرة جدا أهمها الانحراف في العقيدة أهمها الانحراف في العقيدة والوقوع في الإشراك بالله عز وجل الذي وقع فيه اليهود والنصارى معا مثل ما وقع المسلمون فيما يتعلق بالعقيدة تجدهم يشركون ولا يشعرون ويقعون في مثل ما وقع من قبلهم مصداقا للحديث السابق (لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر) إلى آخر الحديث ما فعل الذين من قبلنا لقد حدثنا ربنا عز و جل في كتابه فقال في النصارى ((اتخذوا أحبارهم و رهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا الله)) واضح هنا من الآية أن الله عز و جل وصف النصارى بنوعين من الشرك أحدهما يفهمه كل سامع وهو الثاني والمسيح ابن مريم أما الأول فقد يخفى على الكثيرين حتى من العرب الأصيلين في عروبتهم وهذا ما وقع في زمن الرسول عليه السلام حينما نزلت هذه الآية الكريمة ((اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله)) هذا الشرك الأول أما ((والمسيح ابن مريم)) الشرك الثاني هذا الشرك الثاني قد يعرف المسلم أنه شرك وأن النصارى شركهم هو عبادتهم للمسيح عليه السلام لكن جماهيرهم حتى اليوم لا يفقهون معنى مبينا ظاهرا بينا للشرك الأول ((اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله)) بل كما قلت آنفا أحد الصحابة لم يفهم المقصود من هذه الآية حتى بين ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم له ألا وهو عدي بن حاتم الطائي رضي الله عنه حاتم الطائي أشهر من أن يذكر بجوده وكرمه الذي يضرب به المثل وهو كما تعلمون جميعا مات في الجاهلية ولم يدرك البعثة النبوية أما ابنه عدي فقد أدرك الرسالة وآمن بالنبي صلى الله عليه وسلم لكنه قبل ذلك كان قد تنصر لأنه كان من العرب القلائل الذين كانوا كما يقولون اليوم مثقفين متعلمين ولم يكن من جمهور الأميين وهم العرب كما قال عز و جل ((هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم)) فهو كان من العرب القلائل والأفراد الذين تعلموا وتثقفوا وكان على شيء من العلم بالشرائع السابقة كالنصرانية واليهودية فحملته ثقافته هذه على أن يختار التدين بالنصرانية على الوثنية التي وجد عليها قومه ولا شك أن هذا خير له فلما بعث الله محمدا صلى الله عليه وآله وسلم نبيا رسولا وبلغه خبره جاء إليه وعلى عنقه الصليب فأنكر الرسول عليه السلام ذلك عليه وذكره بما كان عليه عيسى عليه السلام من التوحيد وعبادة الله وحده لا شريك له وأمره بالإسلام فأسلم وصار من كرام الصحابة و يحضر مجالس الرسول عليه السلام وبين هو عنده يوما نزلت عنده هذه الآية ((اتخذوا أحبارهم و رهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم)) أشكل عليه الشطر الأول الآية لذلك قال والله يا رسول الله ما اتخذناهم أربابا من دون الله الذي تبادر إلى ذهن عدي بن حاتم هو أنهم فعلوا برهبانهم وقسيسيهم كما فعلوا بعيسى كما جعلوه ربا أيضا جعلوهم أربابا من دون الله هنا ين له الرسول عليه السلام ما كان عليه ... من قبل فقال له وهذا أسلوب في تفهيم الناس سؤال وجواب قال (ألستم كنتم إذا حرموا لكم حلالا حرمتموه وإذا حللوا لكم حراما حللتموه) قال " أما هذا فقد كان ".

(168/7)


«
استفتاح الشيخ بخطبة الحاجة
الشيخ: إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له و من يضلل فلا هادي له , و أشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن محمّدا عبده و رسوله , ((يا أيها الذين آمنوا اتّقوا الله حقّ تقاته و لا تموتنّ إلا و أنتم مسلمون)) ((يا أيها الناس اتقوا ربّكم الذي خلقكم من نفس واحدة و خلق منها زوجها و بثّ منهما رجالا كثيرا و نساء و اتقوا الله الذي تساءلون به و الأرحام إن الله كان عليكم رقيبا)) ((يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله و قولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم و يغفر لكم ذنوبكم و من يطع الله و رسوله فقد فاز فوزا عظيما))
أما بعد , فإن خير الكلام كلام الله و خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه و آله و سلم و شر الأمور محدثاتها و كل محدثة بدعة و كل بدعة ضلالة و كل ضلالة في النار و بعد:

(169/1)


«
ذكر الشيخ لنسيانه كتاب الدرس وابتهاله الفرصة للكلام على موضوع حلق المرأة شعر وجهها إذا كانت شعرانية ثم الكلام على موضوع حد الإزار
الشيخ: فلأمر ما أو لحكمة ما أنسيت كتاب الدّرس اليوم في المكتبة ثم فتح أمامي طريق و أنا ماشي في الطريق لبحث طالما طرقته ما هو بالجديد عليكم وهو سؤال عن المرأة إذا كانت مشعرانية أو إذا كان نبت لها لحية هكذا جاء السؤال و أنا ماشي في الطريق فأجبت بما أدين الله به من أنه لا يجوز للمرأة فضلا عن الرجل أن تمسّ لحيتها بسوء وقد كنت قريبا خرّجت حديثا نبويا صحيحا و ألحقته بكتابي سلسلة الأحاديث الصحيحة وكنت بعيد عهد به ولكن يبدو أن معناه كان راسخا في نفسي ذلك لأني أدندن حوله في كثير من الكلمات التي أتكلّم فيها حول هذه المسألة فرأيت من المفيد لإخواننا الحاضرين الآن أن أسمعهم هذا الحديث أن أتلو عليهم نصّه ثمّ أدير كلمتي حوله في نقطتين اثنتين الأولى ما أشرت إليه آنفا و الأخرى في مسألة أيضا تكلّمت عليها أكثر من مرة وهو موضوع إطالة الإزار بالنّسبة للتعبير النّبوي و التعبير العربي القديم والذي يهمّنا اليوم هو تطويل البنطالون و تنزيله إلى الأرض و جرّه على اعتبار أن هذه هي الموضة الوافدة من بلاد الغرب.

(169/2)


«
استدلال الشيخ بحديث رواه الإمام أحمد عن عمرو بن فلان الصحابي (أنه بينما هو يمشي قد أسبل إزاره لحقه الرسول صلى الله عليه وسلم وقد أخذ بناصية نفسه وهو يقول اللهم عبدك ابن عبدك ابن أمتك ......... ) والتعل»
الشيخ: فاسمعوا الآن معي هذا الحديث و انتبهوا بعد ذلك لما يلي من التعليق , هذا الحديث يرويه الإمام أحمد في مسنده الجامع للأحاديث الكثيرة الطّيّبة بإسناده القوي عن عمرو بن فلان الأنصاري ذهب عن ذهن الراوي اسم ... الصحابي فقال عن عمرو بن فلان الأنصاري قال بينما هو يمشي قد أسبل إزاره لحقه رسول الله صلى الله عليه و سلّم وقد أخذ بناصية نفسه و هو يقول (اللهم عبدك ابن عبدك ابن أمتك) قال عمرو فقلت " يا رسول الله إني رجل حمش الساقين "، فقال (يا عمرو) بيت القصيد في هذا النّداء من الرسول الكريم قال (يا عمرو إن الله عزّ و جلّ قد أحسن كل شيء خلقه) هذا جواب إني خمش الساقين أي دقيقهما يعني ... فكل من يراه قد يضحك (يا عمرو إن الله عزّ و جلّ قد أحسن كل شيء خلقه يا عمرو -وضرب رسول الله صلى الله عليه و سلّم في أربع أصابع من كفه اليمنى تحت ركبة عمرو- فقال يا عمرو هذا موضع الإزار) ثم فعل ذلك مرّة ثانية أي حط أربع أصابع تحت الأربع أصابع الأولى ثم رفعها ثمّ وضعها تحت الثانية كم أصابع ... ؟
الحضور: اثني عشر
الشيخ: اثني عشر , أربع و أربع و أربع , ثمّ رفعها ثم وضعها تحت الثانية فقال (يا عمرو هذا موضع الإزار) انتهى الحديث , لاحظوا معي أوّلا أن النبي صلى الله عليه و سلّم قد هاله و عظم عليه أمر هذا الصّحابي أن يمشي و إزاره مسبلا و يدلّكم على هذا أنه وضع يده على ناصيته هذا لا يزال معروفا عند بعض الناس لو واحد نابه الأمر يحط يده على رأسه هكذا فعل الرسول عليه الصلاة و السّلام ثم التفت إلى ربّه عزّ و جلّ متضرّعا إليه أن يغفر لهذا الأنصاري عمرو فعلته هذه لكنّه قال هذه الكلمة مسمعا إياها لعمرو ولذلك كان جواب عمرو معتذرا بقوله " يا رسول الله إني رجل حمش الساقين " أي دقيقهما وقلت أن الناس عادة يلفت نظرهم حموشة الساقين ودقّتهما و أكثر الناس في الواقع لا يتفكّرون هذه الحقيقة التي لفت إليها رسول الله صلى الله عليه و سلّم نظر هذا الرّجل الذي خلقه الله حمش الساقين قال له (كل شيء خلقه الله عزّ و جلّ فهو حسن) , ((و أحسن كلّ شيء خلقه)) كما هو النصّ قرآني هذا التّعليم من الرّسول عليه السلام يقصد به أوّلا تهويل هذا الذي لا يعجب هذا الإنسان أن الله عزّ و جلّ قد خلقه حمش الساقين و السبب الثاني وهذا الأهمّ الناس الآخرين الذين يرون هذا الإنسان وهو من خلق الله عزّ و جلّ حمش الساقين فلا تعجبهم هذه الحموشة حذاري من ذلك لأن هذا خلق الله و كل ما خلق الله عزّ و جلّ فهو حسن أقول هذا و إن كنت أذكر بأن هناك قصّة أو حديث وقع في زمن الرّسول عليه السّلام وهو في سفر لعلّه كان في حجّة الوداع لا أذكر الآن و كان معه عبد الله بن مسعود إذ تسلّق شجرة ليقتطف منها ثمر لعله هو ثمر الأراك و لا يخفاكم أن هذا الإنسان الذي يصعد تنكشف ساقاه أكثر مما و لو كان على الأرض ولو كان إزاره على السّنة تحت الرّكبة فلما رآه بعض الصحابة ضحك هذا اندفاع و استجابة للطبيعة التي يطبع عليها الإنسان ما لم يهذّب بتهذيب الشارع الحكيم فكان جواب الرّسول صلوات الله و سلامه عليه أن قال لمن حوله (إنّهما أثقل من أحد في الميزان يوم القيامة) ساقا ابن مسعود الدقيقتان الرقيقتان فنجد نبينا عليه الصلاة و السّلام في هذا الحديث أوّلا يحاول تلطيف وقع هذا الخلق الذي ... بعض الخلق و لو نفس الرجل فلفت نظره أن خلق الله كلّه حسن وهذا ما كنّا نحن نقوله و هنا الواقع الشاهد الأول من هذا الحديث لمّا نقول إن الله عزّ و جلّ لما خلق الرجل بلحية و المرأة بدون لحية ما خلق هذا عبثا ما جعل هذا التفاوت هكذا لا لحكمة و لا لغاية و إنما كلّ خلق الله عزّ و جلّ حسن فإذا كان النظام العام دائما و أبدا أن الرجل له لحية و المرأة ليس لها لحية و إذا بنا ما يسمى اليوم بالشواذ وهو رجل كوسج لا لحية له , امرأة لها لحية فهذا أيضا ليس عبثا بل هذا كما قلنا مرارا و تكرارا لإلفات نظر الملاحدة الزنادقة الذين لا يؤمنون بالله عزّ و جلّ بأنه هو الذي خلق هذا الكون و أحسن خلقه كما سمعتم فمن حسن خلقه أن يلفت نظر عباده أن القضية ما هي قضية طفرة و صدفة الرجل بلحية و المرأة بدون لحية انظروا فهو يخلق لكم رجلا بدون لحية وهو الكوسج و امرأة بلحية إذن هذا خلق الله فيجب أن يتذكر هذه الحقيقة فما خلقه الله عزّ و جلّ فهو حسن ولا يجوز لإنسان أن يستقبحه.
لفت الرسول عليه السلام نظر هذا الصحابي لهذه الحقيقة كأنه يواسيه إن كان في نفسه شيء من حمش ساقيه ثم ردّ عليه اعتذاره في إطالته لإزاره لهذا الحمش لأن هذا ليس عذرا لما سبق بأنه خلق الله و لذلك قال له (هذا موضع الإزار) على الرغم أنك أنت ترى أن لك مثل هذا العذر وهو حمش الساقين فتجعل إزارك طويلا لستر هذا العيب عند بعض الناس هذا ليس عذرا لك أبدا لأن هذا خلق الله و لست أنت مسؤولا عنه فيجب أن تلتزم النّهج الذي شرعه الله عزّ و جلّ على لسانه عليه السّلام في عدم إطالة الإزار وهذا الحديث كأحاديث كثيرة يبيّن مراتب الإزار و المواضع التي تشرع أو تجوز أو تحرم , فأول ذلك يقول هذا موضع الإزار تحت أربع أصابع تحت الركبة أي هذا هو الأفضل و كذلك كان إزار الرّسول صلى الله عليه و سلّم هذه سجيّة و شريعة محمّديّة شرعها للناس المسلمين المؤمنين به حقّا أن لا يطول الإزار استحبابا لا إيجابا و فرضا تحت الركبة بأربع أصابع بنحو أربع أصابع , ثم المرتبة الثانية بعد أربع أصابع أخرى تحتها هذه هي المرتبة الثانية , المرتبة الثالثة في الجواز تحت الأربعة الثانية يعني تحت اثني عشر أصبعا هذا يجوز و هذا الحديث صريح في ذلك جاءت أحاديث أخرى في الصحيح و في غيره وما دون الكعبين فهو في النار (ما أسفل الكعبين فهو في النار) , أحاديث كثيرة فيها هذا.

(169/3)


«
ذكر القصة التي جرت بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين حذيفة رضي الله عنه في مسألة الإزار
الشيخ: في ذلك أيضا قصّة جرت بين الرسول عليه الصلاة و السلام و بين حذيفة بن اليمان ,حذيفة بن اليمان من أجلاّء أصحاب الرّسول عليه الصلاة و السّلام و صاحبه الخاص في سرّه , صاحب سرّ الرّسول عليه السّلام , رآه يوما و إزاره طويل مسبل فأوقفه و وضع يده عليه الصلاة و السّلام على عضلة ساقه شكّ الراوي هل وضع يده عليه السّلام على ساقه هو نفسه أم على ساق حذيفة و أيّهما كان فالأمر واضح وضع يده عليه السّلام على ساقه أو ساق حذيفة على العضلة قال له (هذا موضع الإزار فإن طال فلا بأس) فهذه الأولى (فإن طال فلا حقّ للكعبين في الإزار) هذا نصّ حديث حذيفة , (لا حق للكعبين في الإزار) لاشك أن بعض الأحاديث التي أشرت إليها أصرح في التحريم من هذا , التي تقول ما طال تحت الكعبين ففي النار أي صاحبه بلا شكّ إذن هذا ... هذه المراتب أوّلها أفضلها و آخرها محرّم و ما بين ذلك فهو أمر جائز.

(169/4)


«
استنباط الشيخ من الحديث الأول فائدتين
الشيخ: على هذا فنحن نأخذ من هذا الحديث فائدتين اثنتين , الفائدة الأولى: أنه لا يشرع للمسلم أن يخالف النص الذي وضعه الرسول عليه السلام لحجّة ما و لو كان هناك حجّة لإنسان من المبتلين اليوم بإطالة الإزار لكان لهذا الإنسان و هو عمرو الأنصاري أقوى حجّة في أن يظهر أمام الناس بالمظهر الجميل الذي لا يلفت أنظارهم إليه بل يضحك بعض الناس عليه فإذا رأينا أن النبي عليه الصلاة و السلام لم يعتبر ذلك عذرا وحدد له المراحل التي ينبغي أن يلاحظها إما مرتبة الأفضل أو ما دون ذلك أو الجواز أخيرا و إلا كما سمعتم في الأحاديث الأخرى الصحيحة (فما طال تحت الكعبين فهو في النار).

(169/5)


«
تنبيه الشيخ على مسألة عدم التفريق بين الإزار وغيره احتجاجا بظاهر هذا الحديث وغيره وبيان الشيخ أن الإسبال يحصل في الثوب من أسفله وفي الكم وفي العمامة
الشيخ: هذا يجرّني إلى أن نذكّر بأنه لا ينبغي لقائل أن يقول و أن يتمسّك بسطحية الحديث , الحديث يقول إزار فقد يقول إنسان البنطالون ليس إزارا نحن نقول صحيح البنطالون ليس إزارا بل ليس لباسا إسلاميا مطلقا و لكن إذا كان اللباس الإسلامي وهو الإزار وهو اللباس الذي ليس فيه أي تكلّف و أي تصنّع فلا جرم أن الله عزّ و جلّ جعله لباس الحاج و المعتمر إذا كان هذا إذا أطاله الإنسان فوق الحدّ المشروع جوازا على الأقل فهو آثم و هو في النار فأولى و أولى أن يأثم هذا الإثم و أكثر الذي يلبس لباس الكفار و هو البنطلون هذا.
يؤكّد لكم هذا أن هناك حديثا يقول الإسبال الذي في الإزار حكمه أيضا في القميص و في ذيل العمامة فإطالة الثوب ليس خاصا في الإزار حتى بهذا اللفظ ليكون البنطالون خارجا عن هذا الحكم لأن العمامة التي لها عذبة من خلف إطالتها أيضا تدخل في هذا الحكم وكذلك القميص الذي كمه زائد على ... أيضا هو من الإسبال المنهي عنه هذه كلها أمور جاء بها الإسلام فأصبحت اليوم نسيا منسيا , ونقول في مناسبات كثيرة السبب في ذلك يعود إلى أمرين اثنين , أولهما بعد أهل العلم عن دراسة السّنّة و تدريسها و الآخر هو إهمال الأحكام الشّرعية و تطبيقها.
في مصر هذه الآفة منتشرة جدّا مع الأسف الشديد بين أهل العلم لا يمكن في تلك البلاد أن تجد عالما و شعار العالم هناك العمامة هذه العمامة البيضاء وهي كما ذكرنا لكم عادة و ليست سنّة تعبّدية على أنّها لم تكن في هذه الصورة التي تطوّرت و أصبحت تارة عبارة عن قطعة ... قطعة قماش عبارة عن ذراع أو ذراعين أو عشرة أذرع يعني على النّقيض فبعض المشايخ هناك خاصّة في مصر يعني حقيقة عمامتهم بسيطة جدا لكنّها على كل حال شعار العلماء و الفقهاء عندهم بخلاف بعض البلاد و هنا نرى بعض النماذج فكما قال محمّد عبده رحمه الله " عمامة كالبرج و جبّة كالخرج " فهناك في مصر هذه الظاهرة عمامة و جبّة و فعلا أيضا الأكمام واسعة جدّا لكنّها طويلة و طويلة تكاد تمس الأرض!! فلا يمكن أن ترى عالما هناك إلا و جبّته طويلة , طبعا الجبّة في اللّغة غير الإزار الإزار يقابله الرّداء , الإزار بمعناه العامي فوطة يعني التي يشدّها من وسطه
السائل: ... .
الشيخ: أيوة , إلى الآن هذا مستعمل فالجبة ليست إزارا بطبيعة الحال أكثر من إزار هي لأنها تكسو البدن من فوق إلى أسفل فما قيل في الإزار بلا شكّ يشمل الجبّة ولو كانت هذه الجبّة ليست إزارا لأن الغرض واضح جدّا وهو الخلاص من مظاهر الكبر و البطر , الخلاص من مظاهر أقول لأن هنا في الحقيقة أمران اثنان وهو أن يطيل الإنسان ثوبه مهما كان هذا الثّوب اسمه يقصد بذلك الكبر و البطر و ... هذا صنف و فيه آخر لا يقصد ذلك و لكن ما يلبسه مما هو طويل و يلبسه عادة المتكبرون المتجبّرون فهذا مظهر يدل على ذلك و لو كان قصده على خلاف ذلك فمنع الرسول صلوات الله و سلامه عليه من إطالة الإزار يعني بتر هذه المظاهر ذلك بقصد أو ليس هناك قصد لأن هناك منهج وضعه الرسول عليه الصلاة و السلام ولذلك نجده يهتم بهذه المظاهر المخالفة للشريعة في أصحابه و أنا ما أتصور خاصّة مثل حذيفة بن اليمان قد أطال إزاره وهو يقصد به الكبر و ... ولكن من الأمور التي لا يهتم بها بعض الناس و ربما كان لا يعلم أن الإسبال يؤكّد حتى على من ليس ينوي ذلك المقصد السّيّء أن لا يطيل ثوبه و لحذيفة قال كما قال دون ذلك فلا حق للإزار و لأمثاله قال (فإن طال ففي النار) والأحاديث في هذا المعنى كثيرة و كثيرة جدا.

(169/6)


«
ذكر الشيخ بما استدل به ابن حجر رحمه الله في هذا الباب وهو قوله للمرأة التي سألت عن حد الجلباب فأمرها أن لا تزيد على شبرين
الشيخ: و الحافظ بن حجر العسقلاني رحمه الله قد تكلّم على هذه القضية بكثير من الفقه ومن الأشياء التي استفدتها منه وهذه في الواقع يجب يعني أن تفهموها و تجد مكانا في قلوبكم لتفهموا هذه الحقيقة يذكر أن في بعض الأحاديث وهذا ... أن النبي صلى الله عليه و سلّم لما قال " من جرّ إزاره خُيَلاء لم ينظر الله عزّ و جلّ يوم القيامة إليه " أو (لا ينظر الله تبارك و تعالى إليه يوم القيامة) لما ذكر الرسول عليه الصلاة و السلام هذا الحديث فهمت بعض النسوة و أظنّها أم سلمة بأن هذا الحديث يدخل فيه النّساء أيضا وهذا هو الفهم العربي الأصيل لأن " مَن " من ألفاظ الشمول و العموم (مَن جرّ) سواء كان رجلا أو امرأة وعلى هذا الفهم الصحيح توجّهت بالسّؤال إلى الرسول عليه الصلاة و السّلام قالت " يا رسول إذن تنكشف أقدامنا " أقدام النساء قال (فتطيل شبرا) حتى يتحقق السّتر الذي أمر الشارع الحكيم به بالنسّبة للنساء قالت " يا رسول الله تأتي ريح فترفع الثوب " قال (تطيل شبرا ولا تزدن عليه) الشاهد هنا مما لفت إليه الحافظ بن حجر إذا كانت المرأة لا يجوز لها أن تزيد على ما أذن الشارع به فأولى و أولى فلا يجوز للرجل أن يزيد على ما أذن الشارع به في إطالة الثّوب وذلك إلى ما فوق الكعبين هذا هو الحدّ الأخير فما أسفل الكعبين فهو في النار كما قال عليه الصلاة و السلام.
هذا الذي أردت أن أذكّر به بمناسبة هذا الحديث السابق , و الآن نتلقّى بعض الأسئلة ... .
سائل آخر: ... .
الشيخ: لا , الحديث الضّعيف لا يؤخذ منه حكما سآتيك بالحديث الصحيح في الدرس الآتي إن شاء الله
سائل آخر: ... .
الشيخ: نعم.

(169/7)


«
ألا يمكن أن يعتبر وجود اللحية في المرأة مرضا وكون الرجل أمرد كذلك فيعالج بما يناسب ذلك؟»
السائل: ... يقول في قضية المرأة ذات اللحية والرجل الأجرد ألا يمكن أن نعتبر هذا مرضا فيجوز مداواته عن طريق ما يسمّى بالهرمونات أم أنّ هذا يعدّ تغييرا لخلق الله عزّ و جلّ؟ فهل هذا من باب " تداووا فإن الله ما خلق داء إلا و خلق له دواء " أم هو من خلق الله الذي لا يجوز مسّه؟
الشيخ: الأمر واضح , من يقول أن ... مريض ومن يقول أن المرأة التي يتكاثر شعرها عليها وقد تصبح لحية أنّ هذا مرض هذا تعبير ... أحسن ما خلق ومنهم من يقول بالجواز رجوعا منهم إلى العادة الغالبة من خلق الله عزّ و جلّ للنساء , هذا ليس مرضا لا نشكّ في ذلك فلذلك يعيش الرجل الكوسج الذي ليس له لحية وهو لا يشكو أي شيء وأي مرض سوى المرض يأتي من نظرة الناس إليه فمن هنا جاء حديث الرّسول السابق الذّكر (أن كلّ شيء خلقه الله عزّ و جلّ فهو حسن) ولعلكم رأيتم في بعض أسفاركم خاصة في الحج أو في بعض الصّور التي تكثر اليوم الصّينيون كثير منهم كل فرد منهم يكاد يكون كوسج ولعل أغرب من الكوسج أن تجده له بعض شعرات فلتانة هكذا يعني إذا أسنّ و بلغ ستين سنة أو سبعين سنة لا تجد في لحيته إلا بعض شعرات هكذا طويلة فمن يقول أن هذا الجنس مرض أو هو مريض؟ ما هو إلا في الواقع يعني تبرير للخروج على نصوص الشريعة بدعاوى أقل ما يقال فيها أنها لم تنبع من عندنا و إنما وفدت إلينا من تلك البلاد التي لا تعرف الحرام الذي أوضح و أظهر مما نحن فيه الآن.

(169/8)


«
هناك تشوهات خلقية عند ولادة الأطفال كانسداد فتحة الأنف ونحوها فما حكم معالجتها؟»
السائل: سؤال أيضا آخر في الموضوع نفسه , هناك تشوّهات خلقية يصاب بها الأطفال كأن يكون مغلق فتحتي العينين و عدم وجود ... فهل يجوز معالجتها؟
الشيخ: قلنا في هذا لما بحثنا هذا الموضوع الواقع أنا ما كنت أريد إثارة الموضوع من جديد لأنني بحثته مرارا لكن وجدت هذا الحديث يساعد على فهم الموضوع أكثر من ذي قبل فهذا السؤال أجبنا عليه مرارا و تكرارا , إذا كان أمر عرض للمولود أو للرجل الكبير فهنا المعالجة واردة و لا تدخل في البحث السابق.

(169/9)


«
هل يمكن استعمال الهرمونات لتقوية الشعر أو حذفه؟»
السائل: ... .
الشيخ: شعر إيش؟
السائل: ... .
الشيخ: هذا سبق الجواب عليه.
السائل: ... .
الشيخ: لما يظهر المرض يكون طارئ أما لما يأتي الرجل مخلوق كوسج و المرأة مخلوقة هكذا هذا ليس مرضا هذا ليس أمرا عارضا , المرض ... هو الذي يعرض للإنسان هذا يجوز معالجته بل أحيانا يجب أما الذي فطره الله عزّ و جلّ على شيء فهذا ليس مرضا.
السائل: ... .
الشيخ: كيف؟
السائل: ... .
الشيخ: أقول إذا كان عارضا
السائل: ... .
سائل آخر: يعني عاش فترة وله شعر ثم بعد ذلك زال؟
الشيخ: لا.
السائل: ... .
الشيخ: في المرأة تعني؟
السائل: نعم
الشيخ: طيّب و في الرّجل؟
السائل: ... .
الشيخ: هذا يا أستاذ لو كان اللحية و عدمها عادة تنبت قبل البلوغ فيأتي كلامك له تأثير فعلا لكن كل الرجال لا يظهر فيهم اللحية إلا مع سنّ البلوغ و كذلك النساء لا يظهر فيهم اللحية إلا بعد سن البلوغ هذا هو النظام فقولك أنت يظهر مع سنّ البلوغ هذا هو الشيء الطبيعي و النظام الإلهي فهنا ما فيه شيء تقول أنه عرض , متى عرض؟ تصورّ لك مثلا رجل عاش أربعين سنة , خمسين سنة و لحيته جليلة فبدأ يتساقط لسبب مرض هذا أمر عارض أنا أقول في هذه الحالة لا بأس من تعاطي يعني علاجات قد تكون مفيدة ليرجع كما كان فهذا اسمه أمر عارض و بالعكس أضرب الآن مثلا المرأة , المرأة عاشت مثلا أربعين خمسين سنة طبيعية جدّا و إذ بدأ يظهر فيها هذا الشعر أو طالت لها لحية هذا أمر عارض أقول أمر عارض لكن منذ أن بدأت تبلغ سن التكليف بدأ يظهر فيها الشعر أكثر من أخواتها و مثيلاتها هذا ما اسمه أمر عارض فلذلك أنا ألتزم هذا من حيث التفقّه في الدّين الشيء العارض يعالج أما الشّيء الذي نعتقد أنه خلق الله عزّ و جلّ و هكذا أراد مثل حموشة الساقين تبع عمرو فهذا هكذا خلقه الله عز و جلّ.
السائل: ... .
الشيخ: ... التي ليس لها علاج ما بدّها معالجة الآن في البحث لأنه لا يمكن هذا ما يمكن البحث فيه التي ما لها علاج طبيّا ... .
السائل: ... .
الشيخ: نعم , كيف تفهم هذا الحديث إذا كنت بدّك توسّع في الموضوع و بدّك تتفلسف في الموضوع ... حديث اليوم كيف تفهم أن الله عزّ و جلّ خلق الرجل هكذا و خلق المرأة هكذا ثم يأتي إنسان فيريد أن يغيّر خلق الله هذه فلتة , يعني فلتة من فلتات الطبيعة كما يقول الذين لا يؤمنون بالله عزّ و جلّ و إلا هذه مشيئة الله؟
السائل: ... .
الشيخ: علاج لماذا؟ بأي شيء تعالج؟
السائل: ... .
الشيخ: اسمع يا أخي , تعالج ماذا؟
السائل: ... .
الشيخ: أنا أقول إذا كان حدث بعد أن خلقه الله فهذا يعالج أما إذا كان هكذا خلقه فهذا لا يعالج وهذا ... الموضوع و الحديث لا ينتهي.

(169/10)


«
إذا عرض له المرض بتساقط الشعر أو نباته فما الحكم؟»
السائل: ... .
الشيخ: أخي فيه هناك أمراض , هذه ليست أمراضا يعني أنت يختلف عليك الأمر كون الرجل ليس له لحية هذا ليس مرضا ولذلك ضربت لكم مثلا آنفا بموضوع الشعب الذي يعد بالملايين وهم أهل الصّين و أفراد يعيشون في كل العالم , ... سجيّته و طبيعته أن له لحية , فيه ناس أيضا ليس لهم لحية فتسميتكم هذا مرضا , هذا في الواقع يعني تكلّف شديد جدّا لا لشيء إلا من أجل يجعل الموضوع جائزا و نصوص الشرع ... فلما تأتوا بقضايا تثبت فعلا أن هذا مرض و عارض و ليس هذا دائما و أبدا من خلق الله عزّ و جلّ فهذا يأخذ الحكم الثاني , فلم ... في الموضوع الذي هو ظاهرة مرض سواء كان مثل ما يقول الأخ هنا ... جنين في بطن أمّه أو عرض بعد ذلك لِمَ نجعل هذا من قبيل هذا نحن نقول هذا من خلق الله يريد ربّنا عزّ و جلّ يخلق هذا النوع يعني أربعة أنواع رجال بلا لحى عفوا نساء بدون لحى و رجال بلحى و رجال بدون لحى و نساء بلحى هذا ليس مرضا هذا خلق سوي من الله عزّ و جلّ للحكمة السابقة , لمَ تسمّونه مرضا؟ سمّوا مرضا ما يشعر الإنسان فعلا أنه مرض و فيه ضرر و ما أشبه ذلك فالخلط بين الأمرين أمر غريب جدّا.
سائل آخر: يعني المرض ما رافقه ألم؟
الشيخ: موش ضروري فقط ألم قد يكون فيه ضرر و هكذا.
السائل: ... .
الشيخ: كيف؟
السائل: ... .
الشيخ: طيب حبيبي ما اختلفنا ما فيه ... في قضية ... الموضوع أنا أقول إذا عرض لها ذلك تعالج أما إذا خلقها الله كذلك لا يجوز معالجتها أبدا , شو الفرق إذا كان الرجل عالج لحيته حتى لا تنبت له لحية هات نشوف , رجل عالج نفسه بعد ما خلقه الله رجلا فعالج نفسه و قرأنا في بعض ما قرأنا من المجلات أنه فيه هناك محاولات للقضاء على لحى الرجال مثلا , شو الفرق بين هذا و هذا؟
السائل: ... .
الشيخ: أنت تسميها الآن آفة يعني سلبا , أنا أقول لك ما الفرق؟ قل ما هو حكم هذا الذي يعالج لحيته حتى ما تنبت؟
السائل: ... .
الشيخ: طيب و ذاك من خلقه؟
السائل: ... .
الشيخ: لما يكون مرض أنا معك , بس إيش الدليل أن هذا مرض؟ يعني كون الرجل لا لحية له مرض؟
السائل: ... .
الشيخ: عم أسألك هلّأ سؤالا
السائل: ... .
الشيخ: فيه خلاف في تعريف المرض ولذلك أنت تقول ... مريض قال لنشوف
السائل: ... .
الشيخ: يا حبيبي ما فيه , هذا الكلام فيه أحيانا و أحيانا أعرفه أن هذا ... الله خلقه هكذا مريض؟ ما لكم لا تنطقون؟ ... القضية الظاهرة أحيانا يكون مرض و أحيانا ما بيكون مرض أنا أقول لو يكون مرض عارض يعالج لما ما يكون مرض يعالج ليش؟ بتوقّف مثل ما بتوقّف هذه الوقفة هنا وقّفها هناك و إلا أنت من أنصار المرأة؟

(169/11)


«
كيف نفهم حديث أبا بكر في نزول إزاره؟»
السائل: سؤال أيضا أجاب عليه الشيخ مرارا , كيف أجاز الرسول عليه السّلام لأبي بكر أن يسدل إزاره؟
الشيخ: أعوذ بالله الرسول ما أجازه هذا خطأ كبير جدّا , حديث أبي بكر يا إخواننا يسيء فهمه بعض الإخوان , حديث أبي بكر لم يسمح له الرسول بإطالة إزاره و لكن أبو بكر من حرصه على دينه و بعده عن مخالفة ... نبيه عليه السلام لما سمع ذلك الترهيب الشديد من الرسول عليه السلام (من جرّ إزاره خُيَلاء لا ينظر الله عزّ و جلّ له يوم القيامة) قال " يا رسول الله إن إزاري يسقط " قال (إنك لا تفعله خيلاء) يسقط مو بييجي و قلت هذا مرارا , الآن مثلا في بعض البلاد العربية بدأت ترجع إليها العادات الجاهلية من النخوة الجاهلية و الكبر و ما شابه ذلك ... يجرّها على الأرض هذا يمكن فعلا لما تكون العباية هيك شوية لوراء تنجرّ جرّا لكن لما تفصّلها شلون تفصّلها؟ على أقل مرتبة التي الرسول عليه الصلاة و السلام قال ... تكاد تكشف على عورتها الكبرى , هذا كله من وحي الشّيطان يا جماعة ليس من وحي الرحمن أبدا لذلك لا تحاولون تبرير الواقع بشتّى التعليلات و الإنسان لما يرجع إلى دينه و عقله يشعر تماما أن هذا ليس هو الشرع , نحن نفرق بين من يقصد و من لا يقصد لذلك وجدت بعض العلماء من الحنفية المعتدلين المتفقّهين بل الفقهاء و لا أقول المتفقّهين وجدته يقول كلمة نادرا جدا أن نجدها عند الآخرين لأنهم كأنه القضية واضحة عندهم , أما هذا الرجل فقد انتبه لنكتة هذا الموضوع فقال تعليقا على حديث حذيفة السابق لما رتّب الرسول عليه السلام له مواضع الإزار قال له أخيرا (و لا حقّ للكعبين في الإزار) قال هذا الفقيه و هو أبو الحسن السّندي رحمه الله صاحب الحواشي على الأصول السّتة قال يظهر من مجموع ما ورد في هذا الموضوع أن إثم من يطيل الثّوب تحت الكعبين دون إثم من يفعل ذلك خيلاء أي إن إطالة الثوب تحت الكعبين له حالتان , حالة بدون أن يقصد التّكبّر مثل حال شبابنا المسلم اليوم هيك الموضة يا أخي , ما يريد الناس ينتقدوه قد يكون في الجامعة , قد يكون موظّف إلى آخره ما يفعل ذلك تكبّرا لكن هذا لا يبرر له هذا الخطأ يجب أن يجاهد و يحارب ... فإذا كان تحت الكعبين و قاصد مع ذلك التّجبّر و التّكبّر فهذا هو الذي جاء فيه ذلك الوعيد الشديد (لا ينظر الله عزّ و جلّ له يوم القيامة) و في مثله جاء الحديث الصحيح في البخاري و مسلم (بينما رجل ممن قبلكم يمشي قد أطال إزاره خُيَلاء خسفت به الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة) فهذا أسوء المراتب , ألطف منها شوية إطالة تحت الكعبين بدون هذا التّكبّر , ما فوق ذلك جائز و أحسنها أن يكون تحت الركبتين.

(169/12)


«
بينتم في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم أن المأموم لا يقرأ الفاتحة في الجهرية وقد ذكر صاحب سبل السلام أحاديث كثيرة فما صحتها؟»
السائل: في صفة صلاة النبي بينتم رأيكم بأن المصلي يقرأ وراء الإمام في السرية و لا يقرأ في الجهرية وفي كتاب سبل السلام ساق المصنّف أدلّة تفيد قراءة أم الكتاب في الصلاة دائما و على أن الصلاة بدونها باطلة فما صحّة هذه الأحاديث أولا ... ؟
الشيخ: مثل هذا السؤال لا يمكن الجواب عليه لأن هذا يحتاج إلى استحضار الأدلة ومنها ما هو صحيح و منها ما هو ليس بصحيح و الصحيح عليه جواب أو أكثر من جواب و لكن السائل الذي يريد فعلا أن يستفيد بأقرب طريق يدرس صفة الصلاة و يدرس الأحاديث الواردة فيها يحطها ... ثم يدرس ما جاء في سبل السلام أو غيره من كتب فقه الحديث , فالحديث الذي يشكل عليه و يتضارب معه أو عنده مع ما جاء في صفة الصلاة يحط عليه علامة ويسجل أو يكتبه في ورقة و يسأل شو رأيك في هذا الحديث أولا صحيح؟ نعم صحيح , ثانيا هل يدل على وجوب قراءة الفاتحة وراء الإمام في الجهرية أم لا يجب يمكن الجواب , أما يعطينا موضوع اختلف علماء المسلمين فيه منذ ألف سنة و زيادة و هناك أدلة كثيرة لكل من الفريقين أنا لو كنت حافظ الدنيا لا يمكن أن أجيب عن هذا السؤال إلا في ساعات فما بالك و نحن هيك نسأل الله أن يشملنا برحمته و فضله نستحضر شيء و يفوتنا أشياء و أشياء كثيرة.
أضرب لكم على ذلك مثلا من هذه الأحاديث التي يحتج بها من يذهب إلى فرضية قراءة الفاتحة وراء الإمام في الجهرية حديث (فلا تفعلوا إلا في فاتحة الكتاب فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب) هذا الحديث جرى العلماء الذي يذهبون ذاك المذهب على الإستدلال به ... لكن هو ليس فيه دليل أبدا لم؟ وهذا يظهر بطبيعة الحال بصورة خاصّة لمن كان عنده شيء من المعرفة بعلم أصول الفقه , فعلم أصول الفقه يقول إذا جاء أمر بشيء بعد النهي عنه فهذا الأمر لا يفيد الوجوب , إذا أمر الشارع الحكيم بشيء و كان قد نهى عنه من قبل فهذا الأمر لا يفيد وجوب ذاك الشيء و إنما يرفع النهي عنه فهنا الحديث هكذا (هل تقرؤون) قالوا " نعم " قال لا تفعلوا , لا تقرؤوا وراء الإمام هذا نهي قال (إلا فاتحة الكتاب) هذا استثناء , استثناء من النهي ما يفيد الوجوب و إنما يفيد الجواز , فأين دليل الوجوب؟ لا دليل في الحديث على الوجوب هذا مثال ولذلك فالبحث كما قلت لكم يطول فشوف الحديث مثل هذا الحديث يمكن يكون من الأحاديث التي أشكلت عليك , شوف حديث ثاني يمكن نعطيك الجواب و إلا فالقرآن و السّنّة الصحيحة يتجاوبان في هذا الموضوع ((فإذا قرئ القرآن فاستمعوا له و أنصتوا لعلكم ترحمون)) و الأحاديث التي جاءت تدل بظواهرها على الوجوب فهي إما من هذا القبيل الذي لا يدل على الوجوب كل ما يدل عليه هو الجواز و الجواز المرجوح أو أن ذلك كان في مرحلة من مراحل التشريع وعلى هذا درجنا في كتابنا صفة صلاة النبي صلى الله عليه و آله وسلّم وبهذا القدر كفاية و الحمد لله رب العالمين.

(169/13)


«
كلام الشيخ عن صفة العلو لله سبحانه وتعالى
الشيخ: ((ليس كمثله شيء وهو السميع البصير)) فلو سلمنا جدلا بأنه لا يقال أن الله عز وجل مع كل هذه النصوص ومع كل هذا النظر السليم لا يقال أن الله فوق المخلوقات كلها مع اعتقاد أنه هو الغني عن العالمين فمالذي يقال؟ نسأل أين الله؟ فما هو الجواب الجواب لا فوق لا تحت لا يمين لا يسار لا أمام لا خلف لا داخل العالم ولا خارجه لا متصلا به ولا منفصلا عنه ذلك هو الضلال الشديد هذا نقوله وأخيرا إن الله عز وجل إذا صح التعبير نقول إن الله غيب الغيوب أي غائب عن البصر وعن المادة والحواس والله عز وجل جعل في أول سورة البقرة أول صفة المؤمنين قال الذين يؤمنون بالغيب ((آلم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين * الذين يؤمنون بالغيب)) وإذا كان من صفة المؤمنين الإيمان بالغيب كل الغيب فأول ذلك أن الله عز وجل غاب عن حواسنا وعن أبصارنا لكن ماغاب عن أفكارنا وعن عقيدتنا فمالذي ينبغي أن نعتقده في الله عز وجل ما دام أنه الركن الأول مما يدخل في الإيمان بالغيب لا شك أننا يجب أن نؤمن بكل ما سبق ذكره من الآيات والأحاديث التي تثبت صفة العلو لله عز وجل على خلقه فإذ توهم متوهم وهما ما لا يليق بالله عز وجل فعليه أن يصرف هذا الوهم وأن يقف مع الإيمان بكتاب الله وبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يستسلم للأوهام المجردة عن الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة ولذلك تبين أننا لم نفهم العقيدة الصحيحة من النصوص إلا أن ذلك يستلزم الإستقرار على الخلق مع أننا ذكرنا في أثناء البيان أن الله عز وجل هو الغني عن العالمين فهو الذي يمسك السماوات والأرض أن تزولا فهو ليس بحاجة أن يتمكن منها وأن يستقر عليها ولكن له صفة العلو ولذلك نحن نقول سبحان ربي الأعلى هذه هي عقيدة الكتاب والسنة وهذه هي عقيدة السلف الصالح وهذه هي عقيدة الأئمة الأربعة كلهم دون خلاف بينهم لذلك فلماذا يولج المسلم نفسه ويدخلها في جحر الضب ويعمل عقله الضيق الصغير ليصادم بذلك النصوص القاطعة الدلالة من الكتاب والسنة على أن الله عز وجل فوق المخلوقات كلها كيف نفسر ذاك الحديث الواضح الجميل (الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء) فبارك الله فيك لا يجوز للمسلم أن يسلم قيادة فكره وعقله وعقيدته للأوهام لأن العلماء يقولون بهذه المناسبة " كلما ما خطر في بالك فالله بخلاف ذلك " أما ما جاء في الكتاب والسنة فيجب الإيمان به كما قال الله عز وجل ((فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما)).

(170/1)


«
استدلال الشيخ في الإيمان بالأسماء والصفات بما حصل للأنبياء من الغيبيات مثل الإسراء والمعراج وانفلاق البحر لموسى عليه السلام
الشيخ: الآن خلينا نلتفت قليلا إلى بعض الأمور التي جاء بها النصوص من الكتاب والسنة مما يقال إنها من وراء العقل , الإسراء والمعراج مثلا إسراء الرسول عليه السلام وعروجه إلى السماوات العلا هذا كما يقوله العلماء هذا لا ينكره العقل وإن كان يراه يعني شيئا عظيما وعظيما جدا فإذا جاء النص بشيء لا يحيله العقل أي لا يجعله مستحيلا لكنه خلاف المعهود فماذا يكون موقف المسلم؟ من ذلك مثلا انفلاق البحر بضربة موسى له بالعصا وانكشف قاع البحر وصار كالأرض المعبدة ومشى فيه جيش موسى عليه السلام حتى وصلوا سالمين إلى الشط ثم ما كاد جيش فرعون يصبح في وسط البحر إلا يلتئم كما كان ماذا ما هو موقف المسلم تجاه هذه الأخبار التي هي فوق مدارك العقول الله على كل شيء قدير فإذا ربنا عز وجل حينما يخبرنا بالأمور الغيبية فيجب الإيمان بها التسليم لها ولا يجوز أن نعمل نحن عقولنا تجاهها لأن عقولنا ككل قوانا المادية لها طاقة محدودة فأنا أرى من هنا مثلا إلى قريب من الجبل لكن ما وراء ذلك لا أراه ذلك الطاقة التي مكننا الله عز وجل منها وهكذا العقل فله قدرة محدودة جدا بالنسبة للأمور التي أخبر الله عز وجل بها إذا ((فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما)) أنا أعتقد أن مثل هذا السؤال الذي أخذ منا هذا الوقت الواسع لبيان موقف الإسلام من عقيدة علو الله عز وجل على عرشه إنما هو نابع من الإعتماد على العقل الصغير لو جمعنا عقول البشر كلها كان ممكن أن نجمعها لكانت هي ذرة بالنسبة لما يعلمه الله تبارك وتعالى ما فيه فائدة يا سيدي " هل يستقيم الظل والعود أعوج "
السائل: النفس الواردة ... أثبتت صفة النفس لله عز وجل وذلك في الحديث النبوي سؤالي هل النفس يستقر لله أم هي ... .
أبو مالك: ... .
الشيخ: إيه إن شاء الله أعمل عملها هذه المرأة يا أبو مالك المرأة التي علمك بها ما صنعوا بها شيئا
أبو مالك: ... .

(170/2)


«
هل النفس الواردة في النصوص صفة لله عزوجل وهل هي الذات لأن شيخ الاسلام يخطئ من يقول بأنها صفة بل يحملها على معناها في اللغة فما رأيكم؟»
مشهور: النفس الواردة في الآيات والأحاديث هل هي صفة لله عز وجل للذات أم هي الذات والسبب في منشط السؤال أن شيخ الإسلام رحمه الله تعالى يخطئ من يقول أن النفس صفة لله ويرى أنها الذات حملا على المتعارف في اللغة رأيت زيدا نفسه لذاته فماذا هل توافقون شيخ الإسلام في هذا الكلام أم تخالفونه؟
الشيخ: أنا ليس عندي رأي واضح في هذه المسألة لكن في اعتقادي أن كلمة النفس تفسر حسب النص الذي ورد فيه فمثلا أنت تستحضر نصا من تلك النصوص؟
مشهور: ذكر الشيخ عدة نصوص من بينها هذه ((تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك)) ((يحذركم الله نفسه)) ((كتب ربكم على نفسه الرحمة)) والأحاديث الواردة
الشيخ: في الظاهر هنا أن النفس بمعنى الذات.
مشهور: وكذلك في سائر الأحاديث.
الشيخ: ما أستطيع أن أطلق لذلك ... .
مشهور: طيب الإنسان يأتي بالنصوص ويعدد ذكرا من النصوص ويخطئ من يقول أنها صفة زائدة عن الله هذا هو الشيء ... .
الشيخ: نعم
مشهور: ... في عقيدته يذكر صفات صفة
الشيخ: صفة من الصفات
مشهور: وكذلك عثمان بن سعيد الدارمي وكذلك بن خزيمة وجماعة ... .
الشيخ: أنا كما قلت لك في أول الجواب ليس عندي دراسة جامعة في الموضوع لكن القاعدة أن نفسر اللفظة حسب موضعها ففي ما ذكرت من بعض النصوص أن المقصود بالنفس هو الذات والله أعلم.

(170/3)


«
لفظة المكان العدمي في تفسير العلو ما معناها؟»
السائل: نفس العلو لو تفسرنا لنا لفظة المكان العدمي
الشيخ: الكون محدود لأنه مخلوق والله عز وجل ليس محدودا كثير من الناس حينما يسمعون تلك النصوص القاطعة الدلالة في أن الله عز وجل له صفة العلو المطلق يتوهمون أن الإيمان بهذا العلو هو الإيمان بأن الله في مكان وقد شرحت آنفا أن المكان شيء وجودي خلقي فالله عز و جل بهذا المعنى ليس في مكان فهم حينما يسمعون إثبات العلو لله عز و جل يستلزمون إثبات المكان ونحن ننفي هذه الصفة عن الله ويشتركون معنا في النفي لكن ينفصلون عنا أنهم ينفون ما نثبته بناء على تلك الأدلة القاطعة التي أجمعت على إثبات العلو لله عز وجل فأنا أذكر أني دخلت مرة في نقاش مع أحد المشايخ الأزهريين في قصة لا حاجة بي الآن أن أذكر تفاصيلها إنما كان النقاش حول النقطة التالية سمع مثل المحاضرة السابقة التي مؤدّاها أن الله عز وجل فوق المخلوقات كلها فنسبنا إلى التجسيم فلإبطال هذه الشبهة سألته ما يأتي قلت له المكان شيء وجودي أم عدمي؟ قال لا وجودي قلت كان بعد أن كان عدما؟ قال نعم قلنا له فنحن الآن في مكان في الأرض قال نعم قال وماذا فوق قلت وماذا فوقنا قال السماء قلت مكان قال نعم وماذا فوق السماء قال السماء الثانية والسابعة كل هذا مكان قال نعم قلت وماذا فوق السماء السابعة قال العرش قلت مكان قال نعم أي مخلوق قلنا حسنا وماذا فوق العرش ففوجئت بجواب غريب قال الملائكة الكروبيون قلت أين هؤلاء الملائكة الكروبيون وهل عندك حديث فضلا عن آية أنه فوق العرش ملائكة وباسم الكروبيون قال والله هكذا تلقينا في الأزهر الشريف قلت عجبا نحن نعلم من علماء الأزهر أنهم يقررون أن الحديث الصحيح لا يجوز الأخذ به في العقيدة الحديث الصحيح لا يجوز الأخذ به في العقيدة إلا أن يكون صحيحا متواترا قطعي الثبوت وقطعي الدلالة فكيف آمنت بأن فوق العرش الذي هو أعظم المخلوقات ملائكة وليس فقط هكذا ملائكة بل وباسم كروبيون إذا على منهجكم لا يمكن إثبات هذه العقيدة أي فوق العرش ملائكة هم الكروبيون إلا إذا كان هناك نص في الكتاب أو في السنة المقطوع بثبوتها فكيف ولا حديث صحيح هناك؟ ثم قلت له لنصل إلى النتيجة هل أن فوق العرش ملائكة كروبيون فماذا فوق العرش؟ ماذا فوق العرش؟ قال لا شيء قلت لا مكان قال لا مكان إذا قلت له كيف تنسبنا إذا أثبتنا ما أثبت الله عز وجل لنفسه صفة العلو أننا جعلناه في مكان ها أنت قلت الآن أن فوق العرش أو فوق ملائكتك الكروبيين لا مكان إذا الله ليس في مكان لهذا بارك الله فيك دائما العقل الصحيح الرجيح يمشي مع النقل الصحيح وهذه هي العقيدة التي عليها علماء المسلمين من الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين كلهم اتفقوا على أن الله فوق العرش " و رب العرش فوق العرش لكن *** بلا وصف التمكن واتصال " هات إش عندك غيره؟

(170/4)


«
ما علاقة الجن بالإنس والعكس وهل يجوز التزاوج بين الجن والإنس؟»
السائل: فيه سؤال عن الجن ماعلاقة الجن بالإنس وما تأثير الجن على الإنس ومثله مثل الأسئلة المطروحة هل يجوز أن يتزوج الإنس من الجن أو العكس؟
الشيخ: الشارع الحكيم قطع العلاقة بين الإنس والجن لأن الجن كانوا من أسباب ضلال الإنس كما جاء في بعض النصوص أن العرب في الجاهلية كانوا إذا نزلوا في واد و أرادوا البيات فيه استعاذوا برئيس الجن الذي في ذلك الوادي قال تعالى ((وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا)) أي تعبا وضلالا ولذلك سد النبي صلى الله عليه وآله وسلم طريق استعانة الإنس بالجن إطلاقا فقال (من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد) فلا يجوز لمسلم يؤمن بالله و رسوله أن يستعين بعالم هو من وراء المادة كما يقال لولا مجيئ النصوص القاطعة من الكتاب والسنة وإجماع الأمة على أن هناك خلقا يسمّون بالجن ولهم صفات تتناسب مع خلقهم من النار كما جاء في القرآن لولا هذه النصوص لقلنا الجن خرافة كالغول لكن جاءت هذه النصوص القاطعة الدلالة فآمنا بالله وبما جاء عن الله في هذا الخلق من الجن كما آمنا بالملائكة ونحن لا نرى لا هؤلاء ولا هؤلاء كما نص الله عزّ وجلّ في القرآن الكريم بالنسبة لإبليس وذريته وهم الجن ((إنه يراكم هو و قبيله من حيث لا ترونهم)) ولذلك فإذا كان الجن بهذه المثابة من القدرة والتمكّن من رؤيتنا وربما التّسلّط علينا كما يقع أحيانا فهم أقوى منا ولذلك جاء في قصة سليمان عليه السلام وعرش بلقيس قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك هذا إذا فقدرة الجن وقوتهم أقوى بكثير من قوة الإنس ولذلك فلا يجوز لهذا الإنسي الضعيف خلقة أن يستعين بمن هو أقوى وإنما يكتفي بما أخبر الله عزّ و جلّ عن هذا النوع من خلقه ثم يقف عند الحدود التي شرعها الله عز وجل له فلا يستعين بهم إلا في حدود ما جاءت به السنة من الاستعاذة بالآيات الكريمة وببعض الاستعاذات التي ثبتت في السنة الصحيحة في إخراج من قد يكون تلبس من الجن ببعض الإنس كما وقع في عهد الرسول عليه السلام في بعض الحوادث وكما وقع أيضا فيما بعد ذلك وبخاصة مما تواتر نقله عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وأعتقد أن من أسباب انتشار التحدث عن حوادث تسلّط الجن على الإنس في هذا الزمان هو ضعف المسلمين بالإيمان بالغيب أولا والتواكل على الأسباب الوهمية ثانيا وعدم الإقتصار على ما جاء في السنة في معالجة الصرع الذي ليس سببه مرضا ماديا وإنما هو سبب ناشئ من هذا العالم الغيبي ألا وهو الجن ولذلك فالمعالجة لا تزيد على تلاوة الآيات والتعويذات التي جاءت في السنة إذا الجواب قد يتسلّط الجني على الإنسي فيصرعه ولكن لا يجوز أن يستعين الإنسي بالجني كما هو المنقول اليوم عن بعض من يتعاطون استحضار الجان أو استخراج الجان من أجساد بعض الإنسان هذا
السائل: ... .
الشيخ: هذا حديث ضعيف ولذلك هم يحتجون به ولا يصح.

(170/5)


«
ذكرتم شيخنا أنه لولا النصوص الشرعية لما صدقنا بوجود الجن كالغول مع أنكم صححتم كثيرا من الأحاديث التي فيها الغول فكيف التوجيه؟»
مشهور: ذكرتم شيخنا ... النصوص الشرعية في الكتاب والسنة ... خرافة أنه ... سؤال عن أمور صححتم في كتاب حديث الترمذي ... وكذا حديث يذكره وكذا حديث عن سبعة أو ثمانية من الصحابة بهذا اللفظ
الشيخ: هنا لكن أنت تعرف بارك الله فيك أنه الغول اليوم إذا أطلق فهو كالعنقاء يعني له طبيعة وصفة خاصة أما ذاك ... .
مشهور: ... كالقصص الشعبية
الشيخ: نعم
مشهور: يعني تنكرونه متعارف عليه
الشيخ: أما الغول الذي جاء ذكره كما تفضلت في بعض الأحاديث فهو الجن فهو الجن.
مشهور: ... إبليس ساحر الجن
الشيخ: ساحر الجن يعني كما يقال ساحر الإنس هو إنسي هو هو. نعم

(170/6)


«
كيف تحصل عملية استماع الجن من السماء وهل صحيح أنهم يتراكبون حتى يصلون إلى السماء وهل هم يعلمون الغيب؟»
السائل: بالنسبة لعلم الغيب نعلم أنه لا يعلم الغيب إلا الله في السماوات والأرض ولكن كيف تحصل عملية سماع الجن وإعطائهم المعلومات لبعض الكهان وهل صح أنهم يتراكبون حتى يصلوا إلى السماء وهكذا يتم السمع وإذا تم السمع من هناك فكيف تتم عملية السمع من السماء؟
الشيخ: هذا كان قبل الإسلام أنه كان الجني يسترق السمع فيسمع شيئا ثم يلقيه في أذن قرينه من الإنس ويضيف إلى ماسمعه تسعة وتسعين كذبة فيلقن ذلك قرينه من الإنس فيتحدث فيصيب بذاك الذي كان سمعه من السماء ويخطئ في الأخريات لكن هذا انقطع وهذا من خصوصيات النبي صلى الله عليه وآله وسلم والجن لا يعلمون الغيب والغيب له معنيان غيب بما سيكون وغيب عن بعض العقول والأذهان فهذا النوع الثاني ممكن أن يطّلع عليه بعض الناس من الناس من الإنس فضلا عن الجن فالجن وهنا يأتي ضلال بعض الإنس من الذين يستعينون لاكتشاف بعض الضائعات أو المفقودات من الأمتعة فنظرا لما ذكرناه آنفا من القدرة التي أعطي الجن من الله عز و جل فقد يكون عنده من الإستطاعة أن يكتشف الشيء الضائع أكثر من الإنس فهو لا يعلم الغيب وإنما دائرة إطلاعه على الواقع أكثر من دائرة الإنس بعامة فهذا الإطلاع الذي يختص به الجني في معرفة بعض الأمور الواقعة وليس المستقبلية يتوهم بعض الناس أن هذا إطلاع على الغيب مع ذلك فهذا الإطلاع وهذا الاكتشاف لبعض أو للواقع ليس للجني السلطة الكامنة والدليل على ذلك قصة سليمان عليه السلام حينما قام يصلي وجاءه الموت وهو متكئ على عصاه واستمر على ذلك ما شاء الله أن يستمر حتى جاءت الأرضة وبدأت تأكل عصا من الأسفل حتى قصرت فوقع فما عرفت الجن , الجن الذين كانوا محكومين من سليمان عليه الصلاة والسلام أي كانوا عبيدا وكانوا أسرى كمعجزة من الله عز وجل أعطاها له ما استطاعوا أن يتخلصوا بعلمهم الغيب لأنهم لا يعلمون الغيب إلا لما رأوا أن سليمان عليه السلام وقع على الأرض هذا مذكور في القرآن في آية لا أستحضرها الآن وهي معروفة و الحمد لله نعم
السائل: ((فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب))
الشيخ: ((ما لبثوا في العذاب المهين)) نعم فإذًا الجن كالإنس لا يعلمون الغيب كل مافي الأمر أن طاقة الجن وقدرتهم في الإطلاع على الواقع أوسع من الإنس فهم يستعبدون الإنس بهذا العلم الواسع ويزعمون أنهم يعلمون الغيب وبعض الإنس لجهلهم بهذه الحقيقة يؤمنون بذلك ولهذا قال تعالى ((وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا)) ولذلك فلا يجوز للمسلم أن ينشئ أي علاقة بينه وبين شخص من عالم الغيب يقول أنه من الجن , أما التزاوج بين الإنس والجن فهذا حديث خرافة وقد مضى على المسلمين هذه القرون الكثيرة ولم ينقل عن من يوثق بعلمه وبصلاحه وتقواه أنه تزوج إنسية اللهم إلا ما ذكره الحافظ الإمام الذهبي في كتابه ميزان الاعتدال في ترجمة المسمى بمحيى الدين ابن عربي أنه كان ينقل عن ابن عربي هذا أنه كان يقول لا يمكن للإنسي أن يتزوج بالجنية لما بينهما من اختلاف في طبيعة الخلق حتى رؤي ذات يوم وقد عصب رأسه بعصابة فلما سئل عن ذلك قال اختلفت أنا و زوجتي الجنية فرمتني بالقبقاب ففجتني في جبهتي فهذه العصابة! فقال الحافظ الذهبي ... قال خلق الإنس من تراب من طين وخلق الجان من مارج من نار ولذلك فلا يمكن التزاوج بينهما وحينما نقول هذا نقوله على أساس بقاء الجن على حقيقة خلقتهم أما إن تتطور إلى إنسان لأنه له تلك الإمكانية كما تدل على ذلك بعض النصوص فهذا شيء آخر.

(170/7)


«
سؤال عن كلام شيخ الاسلام في إمكان تزوج الجن والإنس
السائل: أحسن الله إليكم
الشيخ: وإليك
السائل: ذكر شيخ الإسلام في المجلد التاسع عشر في المقدمة يقول التزاوج بين الإنس والجن يحدث بكثرة ... فما رأيكم بهذا؟
الشيخ: سبق الجواب
السائل: لا توافقون على هذا
الشيخ: لا لا أقول إذا تتطور الجني إلى إنسي وله هذه القدرة يمكن أما مع بقائه على طبيعته فلا , أقول سبق الجواب لأنني أثبت ونفيت.

(170/8)


«
هل يقدر الجني أن يتصرف في الأشياء ويحملها من دون أن يتشكل؟»
مشهور: الجني على خلقته وطبيعته هل يقدر على حمل الأشياء والتصرف فيها من غير مما يتشكل النصوص كأنها يعني ... وغيرها بالتشكل ما أدري هل هذا فقط بالتشكل أم يستطيع الجني أن يأخذ الأشياء يحملها وما شابه من غير تشكل؟
الشيخ: أما أنه يستطيع فقصة سليمان عليه السلام مع العرش كما سبقت الإشارة إليها فنعم , أما الدخول في مثل هذه التفاصيل فأنا أعتقد أنه ليس من منهج السلف الدخول في مثل هذه التفاصيل الغيبية ما دام أنه لا يترتب عليها حكم عملي شرعا ولذلك نعرض عن الدخول في مثل هذه التفاصيل. غيره

(170/9)


«
هل ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سحر وهل إذا سحر شخص ما الآن كيف يفك عنه السحر؟»
السائل: هل ثبت عن رسول صلى الله عليه وآله وسلم أنه سحر وإذا في وقتنا الآن سحر شخص هل يجوز فك ذلك السحر وكيف يتم فكه؟
الشيخ: أما أنه هل ثبت أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سحر فالجواب نعم والحديث في صحيح البخاري ومسلم من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها ولا إشكال في أن يطرئ على النبي صلى الله عليه وسلم السحر إلا أننا نقول ما أصاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم من السحر هو نوع من المرض الذي أصيب به بسبب السحر الذي تعاطاه ذلك اليهودي المعروف بلبيد بن الأعصم وأن فك هذا السحر الذي أصاب النبي صلى الله عليه وسلم كان بنزول المعوذتين ((قل أعوذ برب الفلق)) ((قل أعوذ برب الناس)) ولهذا فمن كان قد أصيب بشيء من السحر من نوع عمل الشياطين الجن المتعاونين معه بعض شياطين الإنس فليس له علاج مادي طبي معروف حتى عند الكفار لا وإنما هو الاستعاذة بهاتين السورتين المعوذتين وبما جاء عن رسول صلى الله عليه وسلم من المعوذات المعروفة أما كيف يمكن اكتشاف كون زيد أو زينب من الناس مسحور أو مسحورة فهذا أمر لا ندريه وربما يمكن اكتشافه بما يحيط بهذا المسحور من تصرفات هذه التصرفات هي التي تشعر ذويه الذين هم من حوله بأنه مصاب بشيء من السحر وحين ذاك ننصح بعدم التردد على الذين نصبوا أنفسهم لمعالجة السحر وبخاصة بالاستعانة بالجن فإن هؤلاء هم أنفسهم من السحرة الذين يستعينون بالجن في زعمهم لإبطال السحر فقد يبطلون سحرا ويقيمون سحرا آخر فليس هناك إذا طريق لمعرفة كان مسحورا أو كان مريضا إلا بدراسة الوضع هذا الذي يدّعى بأنه مسحور وليس له علاج إلا الاستعانة بكتاب الله من المعوذتين وغيرهما مما جاء في السنة.

(170/10)


«
أين يتلقى المصاب التعزية بالميت؟»
السائل: الصحيح في مكان التعزية أين يتلقى المصاب بالتعزية للميت هل عند القبر أو هل في البيت مع أنه كلهم عنده جلوسا للعزاء؟
الشيخ: ليس للتعزية مكان ولا يجوز الجلوس لتلقي التعازي ولا القيام لتلقي التعازي كل ذلك من محدثات الأمور التعزية مثل التهنئة ليس لها مكان وليس لها زمان إنما كل هذا وهذا ينبغي أن يقع دون أي تكلف أو تصنع وأعتقد أن مبدأ الخروج عن السنة في مسألة التعزية هو جلوس المصاب في بيته وتعطيله لمصالحه فقد يكون صاحب عمل , صاحب مصنع , صاحب دكان صاحب وظيفة فمجرد أن يتوفى المتوفى فهو يقبع في بيته ويجلس لتلقي التعازي من المعزين من هنا يبدأ الخطأ فنحن نعتقد أن من أصيب بعزيز لديه فدفن الميت من هنا يعود إلى وضعه الذي كان فيه من قبل أي إلى عمله إلى مصنعه إلى داره إلى مكتبه إلى مكتبته إلى آخره فإذا هو ما بدأ هذه السنة الطبيعية حينئذ سوف لا يبقى هناك جلوس وحينئذ ستأتي التعازي عفو الخاطر أي هذا الرجل في مكتبه تأتيه أنت تلقاه وقد علمت أنه قد أصيب بعزيز لديه فتعزيه تراه في المسجد تعزيه تراه في الطريق تعزيه إذا لم يتيسر لك لا هذا ولا هذا ذهبت إليه في وقت يجلس هو في بيته عادة ونظاما ليس لنظام خاص اتخذه بسبب التعزية إذا ليس للتعزية أي شيء من هذه المواصفات فهذا هو جواب ذاك السؤال طول بالك.

(170/11)


«
إذا اجتمعوا عليه في المقبرة فكيف يعمل؟»
السائل: ولكن عند المقبرة الناس كلهم يريدون أن يعزوه فكيف العمل يعني يهرب منهم أم يقف في الوسط أو كيف يعني ما ما
الشيخ: لا يقف هو و لا يهرب , لا يقف و لا يهرب وإنما يمشي كإنسان أصيب بمصيبة وبس ففي هذه المشية التي يمشيها مشية طبيعية لا بد أن يلقاه زيد و بكر و عمر فيعزونه لكن هذا لا يتسلزم أي قيام وأي تلقي منظم و رتيب و إلى آخره أما ما يفعله الناس فهنا المصيبة ولذلك فالحقيقة إحياء السنن من الأعمال الفاضلة جدا جدا وجاء الحديث بلفظ (من أحيا سنة أميتت من بعدي) لكن هو من حيث الإسناد ضعيف لكن معناه صحيح لأنه من معاني قوله عليه السلام في الحديث الصحيح (من سن في الإسلام سنة حسنة) فإذا أصيب المصاب بمصيبة ودفن هذا الميت وانطلق يمشي فمن لقيه في الطريق أو من الذين شيعوا معه الجنازة يعزونه يعني المسألة يعني أسهل بكثير مما يتوهم الناس كيف نحقق التعزية هم عقدوا القضية.

(170/12)


«
وردت زيادة في حديث (من ترك مالا فهو لورثته) فما صحتها؟»
السائل: ... ورد في الحديث (من ترك مالا فهو لورثته) وفي زيادة أن من ترك مالا أو حقا ما مدى صحة هذه الزيادة؟
الشيخ: لا أذكر هذه الزيادة أين رأيتها؟
السائل: هذه مذكورة في بعض كتب الأحناف من المتأخرين.
الشيخ: والله هذه تحتاج إلى مراجعة خاصة
السائل: إذا ياشيخ تعلمون أن هذه يعني تأثير دلالة الحديث يعني لتثبيت هذه الزيادة.
الشيخ: أيه لا أدري أنا هذه الزيادة لأول مرة أسمعها لأني ما مرت عليّ فمن حيث التثبت أنها ثابتة في الحديث أو لا تحتاج إلى دراسة خاصة وليس عندي مثل هذه الدراسة في ما مضى من عمري.

(170/13)


«
من مصارف الزكاة المؤلفة قلوبهم فهل يمكن أن تعطى الزكاة لأحد العصاة مقابل حضوره الصلاة باعتبار أنه من المؤلفة قلوبهم؟»
السائل: يا شيخ من مصارف الزكاة الذين يصرف لهم الزكاة المؤلفة قلوبهم هل يمكن في هذا العصر أن يقدم بعض الناس على إعطاء جزء من زكاة أموالهم أو زكاة مالهم إعطاء لبعض العصاة بأن بيقول مثلا لتارك الصلاة احضر إلى المسجد وصلي بعطيك على كل صلاة نصف دينار قل أو كثر ... .
الشيخ: لا بهذه الطريقة لا يجوز لأنه هذا ثمن صلاته أما أن يعطى له تأليفا لقلبه فهذا وارد طبعا وهذا من حكمة التشريع أما بهذه الصورة التي ذكرتها فلا.

(170/14)


«
رجل أجر محلا لإنشاء مؤسسة بنكية ومات فكيف يعمل الورثة بالإجار إذا كانوا لا يستطيعون الخلاص من البنك؟»
السائل: سؤال آخر رجل أجّر محلا لمؤسسة ربوية لأجل أن تنشئ بنكا فيه فيها في هذا المحل وتم إنشاء البنك ثم مات الرجل فالورثة الآن لا يستطيعون إخراج البنك من هذا المكان فماذا يصنعون في الأجرة؟
الشيخ: إذا كانوا حقا لا يستطيعون إخراج المستعلمين لذلك المكان بنكا ربويا إذا كانوا لا يستطيعون ذلك وكانوا بحاجة إلى أجرة ذلك المكان فلهم ذلك لأنهم ورثوا هذا المكان من المتوفى ولم يكونوا هم مسؤولين عن هذا الإيجار كما يحل لهم أن يرثوا المال الذي خلفه لهم لأنه انتقل إليهم بطريق شرعي ألا وهو الإرث كذلك هذا المكان انتقل إلى ملكهم بهذا الطريق نفسه فهو بالنسبة إليهم حلال وبالنسبة إليهم حرام لكن ما ينتج الآن من هذا المال إن كانوا يستطيعون الخلاص فهذا واجبهم وإلا ((لا يكلف الله نفسا إلا وسعها)) إلا أن القيد الذي ذكرته لابد منه إذا كان الله عز وجل قد أغناهم بمال يأتيهم من طريق حلال فهذا المال الذي هو أجرة ذلك المكان الذي اتخذ بنكا يصرف والحالة هذه في المرافق العامة أما إذا كانوا بحاجة إلية فهو حلال لهم هذا الذي يبدو لي والله أعلم.

(170/15)


«
ما تعليقكم على عبارة (المرسل إذا عمل به الصحابي يؤخذ به)؟»
السائل: تعليق على عبارة المرسل إذا عمل به الصحابي فهو حجة تعليق على ... .
الشيخ: بارك الله فيك هو الحديث المرسل أظنك تعلم أن علماء الأمة وفيهم بعض علماء الحديث قد اختلفوا في الاحتجاج به فمنهم ومنهم أي منهم من احتج به لوحده دون أن يكون هناك ما يدعم به كالإمام مالك رحمه الله و أبي حنيفة و رواية عن الإمام أحمد قالوا بحجية الحديث المرسل إذا كان مرسله ثقة و بطبيعة الحال كان السند إليه صحيحا لكن جمهور علماء الحديث لا يجيزون الاحتجاج بالحديث المرسل بل يجعلونه قسما من أقسام الحديث الضعيف ولكن في الوقت الذي يلحقونه بالحديث الضعيف فهم قد ذكروا أن الحديث الضعيف يتقوى ببعض الشواهد التي تأتي مطابقة لدلالته فذهب بعض العلماء أن حديثا مرسلا إذا جاء عن بعض الصحابة صحيحا أنه عمل بما فيه كان هذا دليلا على أن ماجاء في الحديث هو ثابت في واقع نفسه لأن الأصل أن الصحابي لا يعمل برأيه وباجتهاده إلا فيما ندر ثم أنا أضيف إلى هذا شيئا وهو إذا جاء عن صحابي رأي ليس معه حديث ضعيف سواء كان الضعف ناشئا من إرسال المرسل له أو من ضعف طرأ في إسناده المسند إلى الصحابي مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم في تضاعيف سلسلة إسناده سواء كان هذا أو هذا المهم أنه إذا جاء أثر عن صحابي بسند صحيح ثم لم يأتِ حديث ولو ضعيف بأي نوع من أنواع الحديث الضعيف وكان لا يعرف له مخالف في الصحابة فيكون عمله حجة بالنسبة للخلف فبالأولى والأحرى إذا تأيّد رأي هذا الصحابي بحديث مرسل أو حديث مسند لكن فيه ذاك الضعف الذي أشرت إليه آنفا حينئذ نقول يتقوى رأي الصحابي بالحديث الضعيف ويتقوى الحديث الضعيف برأي الصحابي فنخرج بنتيجة أن هذا الرأي مرفوع , من الأمثلة ... .
السائل: مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم
الشيخ: هذا هو لأن هو المرسل مرفوع لكن السند
السائل: يعني ممكن أن يقال في حكم المرفوع
الشيخ: في حكم المرفوع
السائل: نعم وليس مرفوعا
الشيخ: طبعا لا , حكم المرفوع أردت أن أقول مثال معروف في صحيح مسلم عن أنس بن مالك قال " نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الشرب قائما " وفي رواية " زجر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الشرب قائما " قيل لأنس فالأكل؟ قال " شر " هذا جواب من أنس بن مالك لا يسعنا إلا أن نتبناه لماذا؟ لأنه أولا صحابي جليل خدم الرسول عليه السلام عشر سنين , ثانيا روى حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم في النهي والزجر عن الشرب قائما فلما سئل فالأكل؟ قال الأكل شر فالشاهد يرى ما لا يرى الغائب فهو حينما سمع من النبي صلى الله عليه وسلم ذاك النهي الصريح عن الشرب قائما وأجاب ذاك الجواب عن الأكل قائما فهذا دليل أنه قد استوعب هذا الجواب مما كان سمعه من الرسول عليه السلام فنحن نعمل بهذا الأثر عن هذا الصحابي وهو غير مرفوع فإذا جاء حديث ضعيف بهذا المعنى على الأقل فهذا الحديث يأخذ قوة لكن لا نستطيع أن نقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا إذا جاءت له شواهد أخرى طيب الوقت الآن الحادية عشرة ونصف فلعلنا نكتفي بهذا القدر ونسأل الله أن يجمعنا وإياكم قريبا في مناسبة أخرى ونستغفر الله وانصرفوا راشدين.

(170/16)


«
استفتاح الشيخ بخطبة الحاجة
الشيخ: إن الحمدلله نحمده و نستعينه و نستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له و من يضلل فلا هادي له و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله ((يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله حق تقاته و لا تموتن إلا و أنتم مسلمون)) ((يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة و خلق منها زوجها و بث منهما رجالا كثيرا و نساء و اتقوا الله الذي تساءلون به و الأرحام إن الله كان عليكم رقيبا)) ((يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله و قولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم و يغفر لكم ذنوبكم و من يطع الله و رسوله فقد فاز فوزا عظيما))
أما بعد: فإن خير الكلام كلام الله و خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه و آله و سلم و شر الأمور محدثاتها و كل محدثة بدعة و كل بدعة ضلالة و كل ضلالة في النار و بعد.

(171/1)


«
إلقاء الشيخ كلمة حول الاحتفال بالمولد النبوي وبيان موقف الاسلام منها
الشيخ: فقد بدا لي أن أجعل كلمتي في هذه الليلة بديل الدرس النظامي حول موضوع احتفال كثير من المسلمين بالمولد النبوي و ليس ذلك مني إلا قياما بواجب التذكير و تقديم النصح لعامة المسلمين , فإنه واجب من الواجبات كما هو معلوم عند الجميع.
جرى عرف المسلمين من بعد القرون الثلاثة المشهود لها بالخيرية على الاحتفال بولادة النبي صلى الله عليه و آله و سلم و بدأ الاحتفال بطريقة و انتهى اليوم إلى طريقة و ليس يهمني في هذه الكلمة الناحية التاريخية من المولد و ما جرى عليه من تطورات إنما المهم من كلمتي هذه أن نعرف موقفنا الشرعي من هذه الاحتفالات قديمها وحديثها فنحن معشر أهل السنة لا نحتفل احتفال الناس هؤلاء بولادة الرسول صلى الله عليه و آله و سلم و لكننا نحتفل احتفالا من نوع آخر , و من البدهي أنني لا أريد الدندنة حول أمثالنا نحن معشر أهل السنة و إنما ستكون كلمتي هذه حول احتفال الآخرين لأبين أن هذا الاحتفال و إن كان يأخذ بقلوب جماهير المسلمين لأنهم يستسلمون لعواطفهم التي لا تعرف قلبا شرعيا مطلقا و إنما هي عواطف جامحة فنحن نعلم أن النبي صلى الله عليه و آله و سلم جاء بالدين كاملا وافيا تاما و الدين هو كل شيء يتدين به المسلم و يتقرب به إلى الله عز و جل ليس ثمة دين إلا هذا ,الدين هو كل ما يتدين به و يتقرب به المسلم إلى الله عز و جل و لا يمكن أن يكون شيء ما من الدين في شيء ما إلا إذا جاء به نبينا صلوات الله و سلامه عليه أما ما أحدثه الناس بعد وفاته صلى الله عليه و آله و سلم و لا سيما بعد القرون الثلاثة المشهود لها بالخيرية فهي لا شك و لا ريب من محدثات الأمور و قد علمتم جميعا حكم هذه المحدثات من افتتاحية دروسنا كلها حيث نقول فيها كما سمعتم آنفا خير الهدى هدى محمد صلى الله عليه و آله و سلم و شر الأمور محدثاتها و كل محدثة بدعة و كل بدعة ضلالة و كل ضلالة في النار.

(171/2)


«
بيان الشيخ بأن أهل السنة وغيرهم مجمعون على أنه حادث
الشيخ: و نحن و إياهم مجمعون على أن هذا الاحتفال أمر حادث لم يكن ليس فقط في عهده صلى الله عليه و آله و سلم بل و لا في عهد القرون الثلاثة كما ذكرنا آنفا.

(171/3)


«
بيان الشيخ لعدم قيام النبي صلى الله عليه وسلم ولا عيسى عليه السلام ولا أفضل الصحابة من بعده ولا التابعون ولا من بعدهم بذلك الاحتفال
الشيخ: و من البدهي أن النبي صلى الله عليه و آله و سلم في حياته لم يكن ليحتفل بولادته ذلك لأن الاحتفال بولادة إنسان ما إنما هي طريقة نصرانية مسيحية لا يعرفه الإسلام مطلقا في القرون المذكورة آنفا فمن باب أولى ألا يعرف ذلك رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم لأن عيسى نفسه الذي يحتفل بميلاده المدّعون اتباعه عيسى نفسه لم يحتفل بولادته مع أنها ولادة خارقة للعادة و إنما الاحتفال بولادة عيسى عليه السلام هو من البدع التي ابتدعها النصارى في دينهم و هي كما قال عز و جل ((ابتدعوها ما كتبناها عليهم)) ربنا عز و جل هذه البدع التي اتخذها النصارى و منها الاحتفال بميلاد عيسى ما شرعها الله عز و جل و إنما هم ابتدعوها من عند أنفسهم فلذلك إذا كان عيسى لم يحتفل بميلاده فمحمد صلى الله عليه و آله و سلم أيضا كذلك لم يحتفل بميلاده و الله عز و جل يقول ((و بهداهم اقتده)) فهذا من جملة الاقتداء نبينا بعيسى عليه الصلاة و السلام و هو نبينا أيضا و لكن نبوته نسخت و رفعت بنبوة خاتم الأنبياء و الرسل صلوات الله و سلامه عليهما و لذلك فعيسى حينما ينزل في آخر الزمان كما جاء في الأحاديث الصحيحة المتواترة إنما يحكم بشريعة محمد صلى الله عليه و آله و سلم فإذا محمد صلى الله عليه و آله و سلم لم يحتفل بميلاده و هنا يقول بعض المبتلين بالاحتفال غير المشروع الذي نحن في صدد الكلام عليه يقولون أي محمد صلى الله عليه و سلم ما يحتفل بولادته طيب سنقول لم يحتفل بولادته عليه السلام بعد وفاته أحب الخلق من الرجال إليه وأحب الخلق من النساء إليه ذلكما أبو بكر و ابنته عائشة رضي الله عنهما ما احتفلا بولادة الرسول صلى الله عليه و سلم كذلك الصحابة جميعا كذلك التابعون كذلك أتباعهم و هكذا , إذا لا يصح لإنسان يخشى الله و يقف عند حدود الله و يتعض بقول الله عز و جل ((و لا تقف ما ليس لك به علم إن السمع و البصر و الفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا)) فلا يقولن أحد الناس الرسول ما احتفل لأن هذا يتعلق بشخصه بأنه يأتيه الجواب لا أحد من أصحابه جميعا احتفل به عليه السلام فمن الذي أحدث هذا الاحتفال من بعد هؤلاء الرجال الذين هم أفضل الرجال و لا أفضل من بعدهم أبدا و لن تلد النساء أمثالهم إطلاقا من هؤلاء الذين يستطيعون بعد مضي هذه السنين الطويلة ثلاثمئة سنة وزيادة يمضون لا يحتفلون هذا الاحتفال أو ذاك و إنما احتفالهم من النوع الذي سأشير إليه إشارة سريعة كما فعلت آنفا فهذا يكفي المسلم أن يعرف أن القضية ليست قضية عاطفة جامحة لا تعرف الحدود المشروعة و إنما هو الاتباع و الاستسلام لحكم الله عز و جل و من ذلك ((قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله)) فرسول الله ما احتفل إذا نحن لا نحتفل يقال ما احتفل لشخصه نقول ما احتفل أصحابه و أيضا لشخصه من بعده فأين تذهبون؟ كل الطرق مسدودة أمام الحجة البينة الواضحة التي لا تفسح المجال مطلقا للقول بحسن هذه البدعة و إن مما يبشر بالخير أن بعض الخطباء و الوعاظ بدأوا يضطرون ليعترفوا بهذه الحقيقة و هي أن الاحتفال هذا بالمولد بدعة و ليس من السنة و لكن يعوزهم و يحتاجون إلى شيء من الشجاعة العلمية التي تتطلب الوقوف أمام عواطف الناس الذين عاشوا هذه القرون الطويلة و هم يحتفلون فهؤلاء كأنهم يجبنون أو يضعفون أن يصدعوا بالحق الذي اقتنعوا به.

(171/4)


«
رد الشيخ على شبهة بعضهم بأن ذلك عادة وأن الخلاف شكلي هروبا من الحقيقة التي لا يمكن ردها
الشيخ: و لذلك فتجد أحدهم يراوغ و لا أريد أن أقول يسادد و يقارب فيقول صحيح أن هذا الاحتفال ليس من السنة ما احتفل الرسول و لا الصحابة و لا السلف الصالح و لكن الناس اعتادوا أن يحتفلوا و يبدو أن الخلاف شكلي هكذا يبرر القضية و يقول الخلاف شكلي لكن الحقيقة أنهم انتبهوا أخيرا إلى أن هذا المولد خرج عن موضوع الاحتفال بولادة الرسول صلى الله عليه و سلم و كثير من الأحيان حيث يتطرق الخطباء أمورا ليس لها علاقة بالاحتفال بولادة الرسول صلى الله عليه و آله و سلم.

(171/5)


«
تنبيه الشيخ على شيء مهم جدا وهو أن البدع ليست من صغائر الأمور والرد على تقسيم البدع إلى حسنة وقبيحة
الشيخ: أريد أن لا أطيل في هذا و لكني أذكر بأمر هام جدا طالما غفل عنه جماهير المسلمين حتى بعض إخواننا الذين يمشون معنا على الصراط المستقيم و على الابتعاد من التعبد إلى الله عز و جل بأي بدعة قد يخفى عليهم أن أي بدعة يتعبد المسلم بها ربه عز و جل هي ليست من صغائر الأمور و من هنا نعتقد أن تقسيم البدعة إلى محرمة وإلى مكروهة يعني كراهة تنزيهية هذا التقسيم لا أصل له في الشريعة الإسلامية كيف و هو مصادم مصادمة جلية للحديث الذي تسمعونه دائما و أبدا (كل بدعة ضلالة و كل ضلالة في النار) فليس هناك بدعة لا يستحق صاحبها النار و لو صح ذلك التقسيم لكان الجواب ليس كل بدعة يستحق صاحبها دخول النار لم؟ لأن ذاك التقسيم يجعل بدعة محرمة فهي التي تؤهل صاحبها النار و بدعة مكروهة تنزيها لا تؤهل صاحبها للنار و إنما الأولى تركها و الإعراض عنها و السر و هنا الشاهد من إشارتي السابقة التي لا يتنبه لها الكثير ... .

(171/6)


«
بيان السر في أن كل بدعة ضلالة ألا وهو أنها من باب التشريع الذي هو حق الله تعالى
الشيخ: السر في أن كل بدعة كما قال عليه الصلاة و السلام بحقهم ضلالة هو أنه من باب التشريع من باب التشريع في الشرع الذي ليس له حق التشريع إلا رب العالمين تبارك و تعالى فإذا انتبهتم لهذه النقطة عرفتم حين ذاك لماذا أطلق عليه الصلاة و السلام على كل بدعة أنها في النار أي صاحبها ذلك لأن المبتدع حينما يشرع شيئا من نفسه فكأنه جعل نفسه شريكا مع ربه تبارك و تعالى.

(171/7)


«
بيان أن التشريع من توحيد الحاكمية وهو إفراد الله في التشريع ونحوه وتنبيه الشيخ على خطأ فهم كثير من الشباب لذلك
الشيخ: و الله عز و جل يأمرنا أن نوحده في عبادته و في تشريعه فيقول مثلا في كتابه ((فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون)) أندادا في كل شيء من ذلك في التشريع , و من هنا يظهر لكم معشر الشباب المسلم الواعي المثقف الذي انفتح له الطريق إلى التعرف على الإسلام الصحيح من المفتاح لا إله إلا الله و هذا التوحيد الذي يستلزم كما بين ذلك بعض العلماء قديما و شرحوا ذلك شرحا بيّناً ثم تبعهم بعض الكتّاب المعاصرين أن هذا التوحيد يستلزم إفراد الله عز و جل بالتشريع يستلزم ألا يشرع أحد مع الله عز و جل أمراً ما سواء كان صغيرا أم كبيرا , ذليلا أم حقيرا لأن القضية ليست بالنظر إلى الحكم هو صغير أم كبير و إنما إلى الدافع إلى هذا التشريع فإن كان هذا التشريع صدر من الله تقربنا به إلى الله و إن كان صدر من غير الله عز و جل نبذناه و شرعته نبذ النواة و لم يجز للمسلم أن يتقرب إلى الله عز و جل بشيء من ذلك و أولى و أولى ألا يجوز للذي شرع ذلك أن يشرعه و أن يستمر على ذلك و أن يستحسنه هذا النوع من إفراد الله عز و جل بالعبادة عفوا هذا النوع من إفراد الله عز و جل بالتشريع هو الذي اصطلح عليه اليوم بعض الكتاب الإسلاميين بتسميته بأن الحاكمية لله عز و جل وحده لكن مع الأسف الشديد أخذت ها هنا هذه الكلمة كلمة ليست مبينة مفصلة لا تشمل كل البدع أو كل أمر أدخل في الإسلام و ليس من الإسلام في شيء أن هذا الذي أدخل قد شارك الله عز و جل في هذه الخصوصية و لم يوحد الله عز و جل في تشريعه ذلك لأن السبب في ما أعتقد بعدم وضوح هذا المعنى الواسع بجملة أن الحاكمية لله عز و جل هو أن الذين كتبوا حول هذا الموضوع أقولها مع الأسف الشديد ما كتبوا ذلك إلا و هم قد نبهوا بالضغوط الكافرة التي ترد علينا بهذه التشريعات و هذه القوانين من بلاد الكفر و بلاد الضلال و لذلك فهم حينما دعوا المسلمين و حاضروا كتبوا دائما و أبدا حول هذه الكلمة الحقة و هي أن الحاكمية لله عز و جل وحده كان كلامهم دائما ينصب و يدور حول رفض هذه القوانين الأجنبية التي ترد إلينا من بلاد الكفر كما قلنا لأن ذلك إدخال في الشرع مالم يشرعه الله عز و جل هذا كلام حق لا شك و لا ريب و لكن قصدي أن ألفت نظركم أن هذه القاعدة الهامة و هي أن الحاكمية لله عز و جل لا تنحصر فقط برفض هذه القوانين التي ترد إلينا من بلاد الكفر بل تشمل هذه الجملة هذه الكلمة الحق كل شيء دخل في الإسلام سواء كان وافدا إلينا أو نابعا منا ما دام أنه ليس من الإسلام في شيء هذه النقطة بالذات هي التي يجب أن نتنبه لها وألا نتحمس فقط لجانب هو هذه القوانين الأجنبية فقط و كفرها واضح جدا نتنبه لهذا فقط بينما دخل الكفر في المسلمين منذ قرون طويلة و عديدة جدا و الناس في غفلة من هذه الحقيقة فضلا عن هذه المسائل التي يعتبرونها طفيفة لذلك فهذا الاحتفال يكفي أن تعرفوا أنه محدث ليس من الإسلام في شيء.

(171/8)


«
بيان الشيخ خطورة الإصرار على استحسان البدع وأنه قد يؤدي إلى الكفر
الشيخ: و لكن يجب أن تتذكروا مع ذلك أن الإصرار على استحسان هذه البدعة مع ... كما ذكرت آنفا أنها محدثة فالإصرار على ذلك أخشى ما أخشاه أن يدخل المصر على ذلك في جملة ((اتخذوا أحبارهم و رهبانهم أربابا من دون الله)) و أنتم تعلمون أن هذه الآية لما نزلت و تلاها النبي صلى الله عليه و آله و سلم كان في المجلس عدي بن حاتم الطائي و كان من العرب القليلين الذين قرأوا و كتبوا و بالتالي تنصروا فكان نصرانيا فلما نزلت هذه الآية لم يتبين له المقصد منها فقال يا رسول الله كيف يعني ربنا يقول عنا نحن النصارى سابقا ((اتخذوا أحبارهم و رهبانهم أربابا من دون الله)) ما اتخذناهم أربابا من دون الله عز و جل كأنه فهم أنهم اعتقدوا بأحبارهم و رهبانهم أنهم يخلقون مع الله , يرزقون مع الله و إلى غير ذلك من الصفات التي تفرد الله بها عز و جل دون سائر الخلق بيّن له الرسول عليه السلام بأن هذا المعنى الذي خطر في باله ليس هو المقصود بهذه الآية و إن كان هو معنى حق يعني لا يجوز للمسلم أن يعتقد أن إنسانا ما يخلق و يرزق لكن المعنى هنا أدق من ذلك فقال له (ألستم كنتم إذا حرموا لكم حلالا فحرمتموه و إذا حللوا لكم حراما حللتموه؟) قال " أما هذا فقد كان " فقال عليه السلام (فذاك اتخاذكم إياهم أربابا من دون الله) لذلك فالأمر خطير جدا استحسان بدعة المستحسن و هو يعلم أنه لم يكن من عمل السلف الصالح و لو كان خيار لسبقونا إليه قد حشر نفسه في زمرة الأحبار و الرهبان الذين اتخذوا أربابا من دون الله عز و جل و الذين أيضا يقلدونهم فهم الذين نزلت في صددهم هذه الآية أو في أمثالهم ((اتخذوا أحبارهم و رهبانهم أربابا من دون الله)) غرضي من هذا أنه لا يجوز للمسلم كما نسمع دائما و كما سمعنا قريبا معليش الخلاف شكلي!! الخلاف جذري و عميق جدا لأننا نحن ننظر إلى أن هذه البدعة و غيرها داخلة أولا في عموم الحديث السابق كل بدعة ضلالة و كل ضلالة في النار , و ثانيا ننظر إلى أن موضوع البدعة مربوط بالتشريع الذي لم يأذن به الله عز و جل فقال تعالى ((أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين مالم يأذن به الله))

(171/9)


«
بيان الشيخ لبعض ما يفعله أهل البدع في المولد وما يذكرونه من الترهات في هذا اليوم
الشيخ: و هذا يقال كله إذا وقف الأمر فقط عند ما يسمى بالاحتفال بولادته عليه السلام بمعنى قراءة قصة المولد أما إذا انظم إلى هذه القراءة أشياء و أشياء كثيرة جدا منها أنهم يقرأون من قصته عليه الصلاة و السلام قصة المولد أولا ما لا يصح نسبته إلى النبي صلى الله عليه و آله و سلم , و ثانيا يذكرون من صفاته عليه السلام بما يتعلق بولادته ما يشترك معه عامة البشر بينما لو كان هناك يجب الاحتفال أو يجوز على الأقل بالرسول صلى الله عليه و سلم كان الواجب أن تذكر مناقبه عليه الصلاة و السلام و أخلاقه و جهاده في سبيل الله و قلبه لجزيرة العرب من الإشراك بالله عز و جل إلى التوحيد من الأخلاق الجاهلية الطالحة الفاسدة إلى الأخلاق الإسلامية كان هذا هو الواجب أن يفعلوا لكنهم جروا على نمط قراءة موارد لا سيما إلى عهد قريب عبارة عن أناشيد و عبارة عن كلمات مسجعة و يقال في ذلك من جملة ما يقال مثلا مما بقي في ذاكرتي و العهد قديم حملت به أمه تسعة أشهر قمرية ما الفائدة من ذكر هذا الخبر و كل إنسان منا تحمل به أمه تسعة أشهر قمرية؟
السائل: ... .
الشيخ: هو هذا , فالقصد هل أفضل البشر و سيد البشر عليه الصلاة و السلام يذكر منه هذه الخصلة التي يشترك فيها حتى الكافر إذا خرج القصد من المولد خرج عن هدفه بمثل هذا الكلام الساقط الواهي بعضهم مثلا يذكرون بأنه ولد مختونا ... و هذا من الأحاديث الضعيفة و الموضوعة فهكذا يمدح الرسول عليه السلام يعني نقول أنه الاحتفال في أصله لو كان ليس فيه مخالفة سوى أنه محدث لكفى وجوبا الابتعاد عنه للأمرين السابقين لأنه محدث و لأنه تشريع و الله عز و جل لا يرضى من إنسان أن يشرع للخلق ما يشاء فكيف و قد انضم إلى المولد على مر السنين أشياء و أشياء مما ذكرنا ومما يطول الحديث فيما لو افترضنا الكلام على ذلك فحث المسلم إذا التذكير هنا و النصيحة أن يعلم أن أي شيء لم يكن في عهد الرسول عليه السلام و في عهد السلف الصالح فمهما زخرفه الناس و مهما زينوه و مهما قالوا هذا في حب الرسول فأكثرهم كاذبون لا يحبون الرسول إلا باللفظ و إلا بالغناء و التطريب ونحو ذلك مهما زخرفوا هذه البدع فعلينا نحن أن نظل متمسكين بما كان عليه سلفنا الصالح رضي الله عنهم أجميعن.

(171/10)


«
تحذير الشيخ من الوقوع في الغلو والإطراء وبيان ما ورد في ذلك من الأحاديث
الشيخ: و تذكروا معنا بأن من طبيعة الإنسان المغالاة في تقدير الشخص الذي يحبه لا سيما إذا كان هذا الشخص لا مثل له في الدنيا كلها ألا و هو رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم فمن طبيعة الناس الغلو في تعظيم هذا الإنسان إلا الناس الذين يأتمرون بأوامر الله عز و جل و لا يعتدون أو يتذكرون دائما و أبدا مثل قوله تبارك و تعالى ((و تلك حدود الله فلا تعتدوها و من يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه)) فإذا كان الله عز و جل قد اتخذ محمدا صلى الله عليه و آله و سلم نبيا فهو قبل ذلك جعله بشرا سويا لم يجعله ملكا خلق من نور مثلا كما يزعمون و إنما هو بشر و هو نفسه تأكيدا لنص القرآن الكريم ((قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلى)) إلى آخر الآية هو نفسه أكد ذلك في غير ما مناسبة فقال (إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون فإذا نسيت فذكروني) وقال لهم مرة (لا ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله فيها، وإنما ضعوني حيث وضعني ربي عز و جل عبدا رسولا) لذلك جاء في الحديث الصحيح في البخاري و مسلم عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم أنه قال (لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم إنما أنا عبد فقولوا عبد الله و رسوله) هذا الحديث تفسير للحديث السابق (لا ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله فيها) فهو يقول لا تمدحوني كما فعلت النصارى في عيسى بن مريم كأن قائلا يقول كيف نقول يا رسول الله كيف نمدحك؟ قال (إنما أنا عبد فقولوا عبد الله و رسوله) و نحن حينما نقول في رسول الله صلى الله عليه و سلم عبد الله و رسوله فقد رفعناه و وضعناه في المرتبة التي وضعه الله عز و جل فيها لم ننزل بها عنها و لم نصعد به فوقها هذا الذي يريده رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم منا ثم نجد النبي صلوات الله و سلامه عليه يطبق هذه القواعد و يجعلها حياة يمشي عليها أصحابه صلوات الله و سلامه معه فقد ذكرت لكم غير ما مرة قصة معاذ بن جبل رضي الله عنه حينما جاء إلى الشام و هي يومئذ من بلاد الروم بلاد النصارى يعبدون القسيسين و الرهبان بقي في الشام ما بقي للتجارة فيما يبدو و لما عاد إلى المدينة فكان لما وقع بصره على النبي صلى الله عليه و آله و سلم همّ ليسجد , ليسجد لمن؟ لسيد الناس فقال له عليه الصلاة والسلام مهلا يا معاذ شو هاد قال يا رسول الله إني أتيت الشام فرأيت النصارى يسجدون لقسيسيهم وعظمائهم فرأيتك أنت أحق بسجودي منهم فقال عليه الصلاة والسلام (لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها لعظم حقه عليها) و هذا الحديث جاء في مناسبات كثيرة لا أريد أن أستطرد إليها و حسبنا هنا أن نلفت النظر إلى ما أراد معاذ بن جبل أن يفعل من السجود للنبي صلى الله عليه و سلم ما الذي دفعه على هذا السجود هل هو بغضه للرسول عليه السلام؟ بطبيعة الحال لا إنما هو العكس تماما هو حبه للنبي صلى الله عليه و سلم الذي أنقذه من النار لولاه هنا يقال الواسطة لا تنكر لولا الرسول عليه السلام أرسله الله إلى الناس لجميع العالم لكان الناس اليوم يعيشون في الجاهلية السابقة و أضعاف مضاعفة عليها فلذلك ليس غريبا أبدا لا سيما و التشريع بعد لم يكن قد كمل و تم ليس غريبا أبدا أن يهم معاذ بن جبل بالسجود للنبي صلى الله عليه و سلم كإظهار لتبجيله و احترامه و تعظيمه لكن النبي صلى الله عليه و آله و سلم الذي كان قرر في عقولهم و طبعهم على ذلك يريد أن يثبت عمليا بأنه بشر و أن هذا السجود لا يصلح إلا لرب البشر و يقول (لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها لعظم حقه عليها) في بعض الروايات في الحديث (و لكن لا يصلح السجود إلا لله عز و جل) إذن نحن لو استسلمنا لعواطفنا لسجدنا لنبينا صلى الله عليه و سلم سواء كان حيا أو ميتا لماذا؟ تعظيما له لأن القصد تعظيمه و ليس القصد عبادته عليه السلام و لكن إذا كنا صادقين في حبه عليه الصلاة و السلام فيجب أن نأتمر بأمره و أن ننتهي بنهيه و ألا نضرب بالأمر و النهي عرض الحائط بزعم أنه نحن نفعل ذلك حبا لرسول الله صلى الله عليه و سلم ليس هذا هذا أولا عكس للنص القرآني ثم عكس لمنطق العقل السليم ربنا عز و جل يقول ((قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله)) فإذن اتباع الرسول عليه السلام هو الدليل الحق الصادق الذي لا دليل سواه على أن هذا المتبع للرسول عليه السلام هو المحب لله و لرسوله صلى الله عليه و سلم و من هنا قال الشاعر قوله المشهور:
"
تعصي الإله و أنت تظهر حبه *** هذا لعمري في القياس بديع
لو كان حبك صادقا لأطعته *** إن المحب لمن يحب يطيع "
هناك مثال دون هذا و مع ذلك فرسول الله صلى الله عليه و سلم ربى أصحابه عليه ذلك أن الناس في الجاهلية كانوا يعيشون على عادات جاهلية و زيادة أخرى عادات فارسية أعجمية و من ذلك أنه يقوم بعضهم لبعض كما نحن نفعل اليوم تماما بأننا لا نتبع الرسول عليه السلام و لا نطبق أنفسنا بأعمالنا أننا نحبه عليه الصلاة و السلام و إنما بأقوالنا فقط ذلك أن الناس كان يقوم بعضهم لبعض أما الرسول صلى الله عليه و آله و سلم فقد كان أصحابه معه كما لو كان فردا منهم لا أحد يظهر له من ذلك التبجيل الوثني الفارسي الأعجمي شيئا إطلاقا و هذا نفهمه صراحة من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال " ما كان شخص أحب إليهم من رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و كانوا لا يقومون له لما يعلمون من كراهيته لذلك " انظروا هذا الصحابي الجليل الذي تفضل الله عليه فأولاه خدمة نبيه عشر سنين أنس بن مالك كيف يجمع في هذا الحديث بين الحقيقة الواقعة بينه عليه السلام و بين أصحابه من حبهم إياه و بين هذا الذي ندندن حوله أن هذا الحب يجب أن يقيد بالاتباع و أن لا ينصاع و أن لا يخضع صاحبه للهوى " و حبك الشيء يعمي و يصم " فهو يقول حقا ما كان شخص أحب إليهم من رسول الله صلى الله عليه و سلم هذه حقيقة لا جدال فيها لكنه يعطف على ذلك فيقول " و كانوا لا يقومون له لما يعلمون من كراهيته لذلك "إذن لماذا كان أصحاب الرسول عليه السلام لا يقومون له؟ اتباعا له تحقيقا للآية السابقة ((قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني)) فاتباع الرسول هو الدليل لحب الله حبا صحيحا ما استسلموا لعواطفهم.

(171/11)


«
بيان ما وقع فيه الخلف الطالح من أصناف الغلو
الشيخ: كما وقع من الخلف الطالح نحن نقرأ في بعض الرسائل التي ألفت حول هذا المولد الذي نحن في صدد بيان أنه محدث جرت مناقشات كثيرة مع الأسف و الأمر كالصبح أبلج واضح جدا فناس ألفوا في بيان ما نحن في صدده أن هذا ليس من عمل السلف الصالح و ليس عبادة و ليس طاعة و ناس تحمسوا و استلسموا لعواطفهم و أخذوا يتكلمون كلاما لا يقوله إلا إنسان ممكن أن يقال في مثله إن الله عز و جل " إذا أخذ ما وهب أسقط ما أوجب " لماذا؟ لأن في المولد حسب الطريقة القديمة ما أدري الآن لعلهم نسخوها أو عدلوها كانوا يجلسون على الأرض فكانوا إذا جاء القارئ لقصة ولادة الرسول عليه السلام و وضع أمه إياه قاموا جميعاً قياماً و كانوا يبطشون بالإنسان إذا لم يتحرك و ظل جالساً فجرت مناقشات حول هذا الموضوع فألف بعضهم رسالة فقال هذا الإنسان الأحمق قال لو استطعت أن أقوم لولادة الرسول عليه السلام على رأسي لفعلت هذا يدري ما يقول؟! الحق ما قال الشاعر:
"
إن كنت لا تدري فتلك مصيبة *** و إن كنت تدري فالمصيبة أعظم "
ترى إذا عملنا مقابلة بين هذا الإنسان الأحمق و بين صحابة الرسول الكرام حسبنا واحد منهم مش الصحابة حتى ما نظلمهم ترى من الذي يحترم و يوقر الرسول عليه السلام أكثر أذاك الصحابي الذي إذا دخل الرسول عليه السلام لا يقوم له أم هذا الخلف الأحمق يقول لو تمكنت لقمت على رأسي هذا كلام إنسان مثل ما قلنا آنفاً يعني هايم ما يدري ما يخرج من فمه و إلا إذا كان يتذكر سيرة الرسول عليه السلام و أخلاقه و تواضعه و أمره للناس بأنه ما يرفعوه إلى آخر ما ذكرناه آنفاً كما تجرأ أن يقول هذه الكلمة لاسيما و هو يقول ذلك بعد وفاته عليه السلام حيث الشيطان يتخذ طريقا واسعا جدا لإضلال الناس و ... الناس لنبيهم بعد وفاته أكثر منه في حياته عليه السلام لأن النبي صلى الله عليه و سلم و هو حي يرى فينصح و يذكر و يعلم الناس و هو سيد المعلمين فلا يستطيع الشيطان أن يتقرب إلى أحد بمثل هذا التعظيم الذي هو من باب الشرك أما بعد وفاته عليه السلام فهنا ممكن أن الشيطان يتوغل إلى قلوب الناس و إخراجهم عن الطريق الذي تركهم الرسول صلوات الله و سلامه عليه فإذا كان النبي صلى الله عليه و آله و سلم في حياته ما يقوم له أحد و هو أحق الناس بالقيام لو كان سائغاً فنحن نعلم من هذا الحديث حديث أنس أن الصحابة كانوا يحبون الرسول عليه السلام حبا حقيقياً و أنهم لو تركوا لأنفسهم لقاموا له دائما و أبداً و لكنهم هم المجاهدون حقاً تركوا أهواءهم اتباعاً للرسول عليه السلام و رجاء مغفرة الله عز و جل ليحظوا بحب الله عز و جل لهم فيغفر الله لهم هكذا يكون الإسلام فالإسلام هو الاستسلام هذه الحقيقة هي التي يجب دائما نستحضرها و أن نبتعد دائماً و أبداً عن العواطف التي ... الناس كثيراً و كثيراً جداً فتخرجهم عن سواء السبيل لم يبق الآن من تعظيم الرسول عليه السلام في المجتمعات الإسلامية إلا قضايا شكلية أما التعظيم الحق كما ذكرنا و هو إتباعه فهذا أصبح محصوراً أصبح محدوداً في أشخاص قليلين جداً و ماذا يقول الإنسان في الاحتفالات اليوم رفع الصوت و التطريب و غناء لو رفع صوته هذا المغني و اضطرب و حرك رأسه و ذقنه و نحو ذلك أمام الرسول صلى الله عليه و سلم لكان ذلك لا أقول هل هو الكفر و إنما هو إهانة للرسول عليه السلام عليه السلام و ليس تعظيما له و ليس حبا له لأنه حينما ترونه يرفع صوته و يمد و يطلع و ينزل في أساليب موسيقية ما أعرفها و هو يقول يفعل ذلك حبا في رسول الله أنه كذاب ليس هذا هو الحب , الحب في اتباعه و لذلك الآن تجد الناس فريقان فريق يقنعون لإثبات أنهم محبون للرسول عليه السلام على النص على الصمت و هو العمل في أنفسهم في أزواجهم في ذرياتهم و ناس آخرون يدعون هذا المجال فارغا في بيوتهم في أزواجهم في بناتهم في أولادهم لا يعلمونهم السنة و لا يربونهم عليها كيف و " فاقد الشيء لا يعطيه " و إنما لم يبق عندهم إلا هذه المظاهر إلا الاحتفال بولادة الرسول عليه السلام ثم جاء ... على إبالة كما يقال فصار عندنا أعياد و احتفالات كثيرة كما جاء الاحتفال بسيد البشر تقليداً للنصارى كذلك جرينا نحن حتى في احتفالنا بمواليد أولادنا أيضاً على طريقة النصارى.

(171/12)


«
رد الشيخ على حجة بعض الجهال في التشبه بالنصارى في الاحتفال بعيسى عليه السلام
الشيخ: و إن تعجب فعجب من بعض هؤلاء المنحرفين عن الجادة يقولون النصارى يحتفلوا بعيساهم بنبيهم نحن ما نحتفل بميلاد نبينا عليه الصلاة و السلام؟! أقول هذا يذكرنا بما هو أقل من ذلك و قد أنكره الرسول عليه السلام حينما كان في طريق في سفر فمروا بشجرة ضخمة للمشركين كانوا يعلقون عليها أسلحتهم فقالوا كلمة بريئة جداً و لكنها في مشابهة لفظية قالوا " يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط " قال عليه السلام (الله أكبر هذه السنن لقد قلتم كما قال قوم موسى لموسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة) قد يستغرب الإنسان كيف الرسول عليه السلام يقتبس من هذه الآية حجة على هؤلاء الذين ما قالوا اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة و إنما قالوا اجعل لنا شجرة نعلق عليها أسلحتنا كما لهم شجرة فقال (الله أكبر هذه السنن) يعني بدأتم تسلكون سنن من قبلكم كما في الأحاديث الصحيحة قلتم كما قال قوم موسى لموسى اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة فكيف بمن يقول اليوم صراحة النصارى بيحتفلوا بعيساهم نحن ما نحتفل بنبينا عليه السلام الله أكبر هذه السنن و صدق رسول صلى الله عليه و سلم حين قال (لتتبعن سنن من قبلكم شبراً بشبر و ذراعا بذراع حتى دخلوا جحر ضب لدخلتموه قالوا يا رسول الله اليهود و النصارى؟ قال فمن الناس) أخيرا أقول إن الشيطان قاعد للإنسان بالمرصاد فهو دائماً و أبداً يجتهد لصرف المسلمين عن دينهم و لا يصرفهم معلنا العداء لهم في دينهم و إنما يأتيهم بسنن يزخرفها لهم فيحملهم عليها فيقنع الناس بها و ينصرفون بذلك عن اتباع الشرع الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم.

(171/13)


«
بيان الشيخ لطريقة الاحتفال المشروع بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو اتباع السنة
الشيخ: هذا فيه تنبيه على أن ما جاء عن السلف حق و صدق ما أحدثت بدعة إلا و أميتت سنة هذا نحن نلمسه لمس اليد كيف هذا قلت لكم في كلمتي في أول كلمتي أنه فيه عندنا نحن احتفال مشروع لميلاد الرسول عليه السلام و قلت ما أريد أن أدندن حول ذلك و الآن أقول من السنة الثابتة في الأحاديث الصحيحة و المتفق عليها بين العلماء صيام كل يوم إثنين من كل أسبوع و هذا معروف و بعض الناس المتعبدين حتى اليوم يحافظون على هذه السنة أما الجمهور فهو إن شاء الله يحافظ على فرض رمضان صيام رمضان فقط أما الجمهور فهو معرض عن هذه السنة لكني أعود إلى أولئك الناس القليلين الذين يصومون يوم الإثنين لو سألتهم لماذا تصوم أنت يوم الإثنين بيقول لك سنة مستحبة ... كلام سليم لكن ليس كلاما يدل على وعي و علم ينبغي أن يكون عليه المسلم لا سيما و هو يحتفل مع جماهير الناس هذا الاحتفال غير المشروع الاحتفال بمولد الرسول عليه السلام هذا الذي أردت لذكره جاء في صحيح مسلم من حديث أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه قال (جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ... ) سأله عدة أسئلة منها (ما تقول في صوم يوم الإثنين قال ذاك يوم ولدت فيه و أنزل عليّ فيه) ذاك يوم ولدت فيه و أنزل عليّ الوحي فيه إيش معنى هذا الجواب هو سأل ماذا تقول في صوم يوم الإثنين يعني مستحب مشروع فيه خير فأجابه بهذا الجواب و هذا الجواب من الأسلوب الحكيم كأنه يقول إن صوم يوم الإثنين صوم مشروع من باب شكر الله عز و جل على أن ولدت في هذا اليوم و بعثت في هذا اليوم لازم تصوموا يوم الإثنين لأنه ولدت فيه و بعثت فيه فهل يصوم المسلمون اليوم اللي بيحتفلوا هذه الاحتفالات البراقة الفتانة هل يصومون يوم الإثنين؟ قلنا قليل جدا من يصوم و هذا القليل لا يعرف الحكمة من هذا الصيام و هو الاحتفال المشروع بولادة الرسول عليه السلام و ببعثته عليه الصلاة و السلام انظروا كيف أن الشيطان يصرف الناس بما يحدثه لهم من سنن و من طرق مبتدعة عما سنه الرسول صلوات الله و سلامه عليه أسأل الله عز و جل أن يفقهنا في سنة نبينا صلى الله عليه و سلم و أن يوفقنا للعمل بها حتى نعود مسلمين حقا و حتى ينصرنا الله عز وجل نصرا عزيزا إنه على ما يشاء قدير و بالإجابة جدير و صلى الله على محمد النبي الأمي و على آله و صحبه و سلم.

(171/14)


«
هل يجوز حضور المولد خصوصا إذا كان الذي يحضر يريد تنبيه الناس على الأخطاء وبيان السنة والتحذير من البدع؟»
السائل: ... حضور الموالد وخاصة فيما إذا كان المدعو للمولد يقصد التلبية من أجل تنبيه الحضور إلى معرفة الإسلام الصحيح؟
الشيخ: ... .
السائل: وبخاصة إذا كان الذي يلبي الدعوة يحضر المولد يريد أن ينبه الناس لمعرفة الإسلام الصحيح
الشيخ: إيه هذا التخصيص نعتقد يغير الحكم أنا قلت في الدرس الماضي أو كما قال ... لا يجوز مشاركة الناس على أهواءهم وعلى أخطاءهم ممن كانوا على علم بذلك أما إذا جاء هنا الشيء الجديد كما يقول السائل أنه يحضر لبيان الحق و بيان السنة و هذا في اعتقادي ليس بالأمر السهل و الأمر الذي يستطيعه كل أحد لأن الذي يريد أن يحضر هذه الأماكن يجب أن يجمع كثيرا من الصفات أول ذلك العلم و ثاني شيء الفصاحة و البيان و ثالث شيء و هو الجرأة و الشجاعة الأدبية فإذا حضر لهذا القصد فنعمّا فعل لأن الرسول عليه السلام كما تعلمون جميعا كان يحضر مجالس المشركين و يحصل في ذلك بلا شك ما لا يرضاه رب العالمين من دعاء غير الله عز و جل و عبادة الأصنام و نحو ذلك لكنه كان ينهاهم عن ذلك و يصدهم عن ذلك و لذلك عادوه و خاصموه و قاتلوه فإذا حضر المسلم العالم موضعا فيه منكر لينكر هذا أمر هام جدا لذلك نقول أن هذه أن إجابة الدعوة دعوة المسلم واجب إجابتها لكن يشترطون ألا يكون في الدعوة منكر ثم يستثنون فيقولون إلا إذا حضر لإنكار المنكر فإذا أنكر المنكر فحينئذ قام بالواجب لكن هنا شيء من التفصيل لا بد منه و هو هذه الحفلات التي تحدثنا عنها بالتفصيل في الدرس الماضي و بيّنا أنها لا أصل في الإسلام لا تنتهي في دقائق معدودات في عشر دقائق و إنما تتحمل ربما الساعة فأكثر و هكذا الذي يحضر لهذه المدة مثلا يجب في الإنسان يحضر الحفلة من أولها إلى آخرها ليتكلم ربما بكلمة واحدة أو في مسألة واحدة ليقول مثلا أن هذا الذي أنتم تستمعون له شيء لا أصل له في الشرع هذا لا يبرر له أن يحضر الحفلة من أولها إلى آخرها فإن هذه الحفلة بلا شك ستجمع كثيرا من المخالفات إن لم نقل المنكرات الشرعية فلو أراد أن يقوم بحق الحضور أو بتعبير آخر بحق جواز حضور هذا المكان فهو ينبغي أن يعمل عدة محاضرات ينكر فيها عدة منكرات و هذا ليس بالأمر الذي يسهل أو يتمكن منه فلذلك الذي يريد أن يحضر يجب أن يحضر عن ... يحضر مثلا فقط للبيان أنه هذا شيء ما فعله السلف الصالح فهو بدعة بإمكانه أن يحضر في آخر الحفلة مثلا خلاصة القول الحضور هذا للإنكار جائز و لكن في حدود الحضور ... في وقت محدود جدا حتى لا يحسب من جملة المشاركين في هذا الأمر الذي نعتقد أنه بدعة و كما ذكرنا في الدرس الماضي قوله عليه السلام و في غيره كل بدعة ضلالة و كل ضلالة في النار.

(171/15)


«
سألت عالما مشهورا في الوقت الحاضرعن حكم الموالد والدليل على شرعيتها فأجاب بأنها من المصالح المرسلة فما قولكم في هذا الكلام؟»
السائل: سألت عالما مشهورا في الوقت الحاضر عن رأيه في إقامة الموالد و عن الدليل الشرعي في إباحتها فأجاب أن الدليل عليها كونها من المصالح المرسلة أي أنه توجد مصلحة للمسلمين بها و لو لم يفعلها السلف فما الجواب عليه؟ ثم ما حكم ... .
الشيخ: ما أدري إذا كان المجيب بهذا الجواب يدري ما هي المصالح المرسلة و متى تكون مصالح مشروعة و ظني أنه لا يدري ما هي المصلحة المرسلة المشروعة و أضرب مثلا مثل من يقول بشرعية هذه الموالد بدعوى أنها مصالح مرسلة و أنها تحقق مصلحة للمسملين مثل من يشرّع كل هذه القوانين الأرضية التي ما نزلت من رب العالمين و لا شك كل الناس الكفار و الفساق و الفجار يشتركون في القول بأنه فيه مصالح في هذه القوانين و لا شك و نحن معهم فيه مصالح في هذه القوانين و لكن ترى رب العالمين أين كان قبل هذه القوانين ألم يأتي بقانون من عنده لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه؟ الجواب قطعا جاءنا بذلك إذا فنحن حينما ندّعي بأن في هذه الأمور المحدثة مصالح للمسلمين فمعنى ذلك أحد شيئين إما أن يكون شرعنا غير تام و هذا طبعا كفر بالقرآن ((اليوم أكملت لكم دينكم و أتممت عليكم نعمتي و رضيت لكم الإسلام دينا)) و إما أن تكون هذه القوانين و هذه البدع ليست من الله في شيء و هذا هو الحق الذي لا شك فيه , المصالح المرسلة هي التي يجد في الناس حوادث و أمور يضطرون اضطرارا إلى الأخذ بها لأنها تحقق لهم مصلحة فعلا دون أي مخالفة للشريعة لكن هذا أيضا لا يكفي بل لا بد أن تكون هذه المصلحة المرسلة لم يكن المقتضي لوجودها قائما في عهد النبوة و الرسالة و إنما حدث هذا المقتضي للأخذ بها بعد ذلك و هذا البحث في الواقع من درر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه " اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم " لأنه يتكلم عن محدثات الأمور بكلام فيه تفصيل عظيم يقول كل ما حدث بعد الرسول عليه الصلاة و السلام مما يمكن أن يوصف بأنه حسن أو بأن فيه مصلحة لا بد من أحد أمرين إما أن يكون المقتضي للأخذ به قائما في عهده عليه السلام أو أن لا يكون المقتضي قائما في عهده و إنما حدث بعده في الحالة الأولى حينما يكون المقتضي للأخذ به قائما لا يجوز الأخذ به إطلاقا للسبب الذي ذكرناه أن الشرع كامل مثاله مما هو حتى اليوم مجمع عليه حتى ما جاء في الشرع ترك الأذان في صلاة العيدين إلى اليوم ما فيه أذان لصلاة العيدين هكذا كان الأمر في عهد الرسول عليه السلام على خلاف الصلوات الخمس كما هو معلوم فلو قال قائل يا أخي فيه مصلحة من الأذان لصلاة العيدين و هو تنبيه الناس بحضور الوقت يقال لهم على ما فهمنا من كلام ابن تيمية و هو حق لا ريب فيه هذه الفائدة المرجوة لهذا الأذان كانت موجودة في عهد الرسول عليه السلام و المقتضي بشرعية هذا الأذان قائم و إلا جدّ شيء عنا سيكون؟ الجواب قولا واحدا لا ما فيه فرق من هذه الناحية هي سواء أذنّا الآن الفائدة المزعومة موجودة أو أذّن في عهد الرسول عليه السلام الفائدة موجودة إذن كيف لم يشرع الرسول عليه السلام عن الله بطبيعة الحال لأن الله هو اللي بيشرع حقيقة كيف لم يشرع هذا الأذان و المفروض في الدعوة أنه مشروع لما يحقق من فائدة هذا الإنسان البدعة الحسنة أو المصلحة المرسلة أنها لا تكون كذلك إذا كان المقتضي للأخذ بها قائما في عهد الرسول عليه السلام و هذا واضح إن شاء الله للجميع و هذا تقيس عليه كل أو جل حتى ما يصير مبالغة في الكلام جل البدع اللي انتشرت في العالم الإسلامي اليوم مع الأسف الشديد كل هذه البدع التي يقال يا أخي شو فيها يا أخي فيها فائدة كل ذلك لو كان فيها فائدة كان شرع في عهد الرسول عليه السلام لأن المقتضي لتشريعها كان قائما , هذا في القسم الأول إما يكون المقتضي قائما في عهد الرسول عليه السلام و لم يؤخذ بما اقتضاه فهذه ضلالة و كل ضلالة في النار و إما أن يكون حدث المقتضي بعد الرسول عليه السلام و لم يكن قائما هنا يأتي بحث جديد من كلام ابن تيمية و هو يبدو بادي الرأي أنه مادام المقتضي لم يكن في عهد الرسول عليه السلام و إنما حدث فيما بعد أن يقال و الله ما دام المقتضي وجد فيما بعد و لا يلزم الأخذ بمقتضاه و هو المصلحة نسبة نقص إلى الشرع كما ذكرنا في الصورة الأولى يبدو بادي الرأي أنه يمكن يقال يؤخذ بهذه البدعة أو بهذه المصحلة المرسلة؟ الجواب لا لابد من تفصيل قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ينظر إن كان المقتضي الذي حدث بعد ما لم يكن سببه ناشئا بسبب تقصير المسلمين في الأخذ بأحكام الدين فهي رد أيضا كل بدعة ضلالة و كل ضلالة في النار و لو حققت مصلحة لأن المصحلة هذه كانت تتحقق بطريق آخر مأخوذ من الشرع نفسه مثاله مثلا في واقع حياتنا اليوم الضرائب التي تفرض بأنواع شتى كثيرة و أسماء عديدة فهذه الضرائب بلا شك يقصد بها إيه؟ إملاء خزينة الدولة لتستطيع أن تقوم بمصالح الأمة إيه هذا واضح جدا أنه فيه مصلحة و فيه فائدة لكن هذه المصلحة و هي فرض ضرائب لم تكن في عهد الرسول عليه السلام من الذي أوجب الأخذ بها؟ تقصيرنا نحن بتطبيق شرعنا فهناك مصارف موارد للزكاة موارد لجمع الأموال منها الزكاة أشياء كثيرة منصوصة في القرآن و في السنة هذه أهملت اليوم إهمالا مطلقا فصار ضرورة ملحة بالنسبة للذين لا يتبنون الإسلام شريعة أن يبتدعوا وسائل جديدة تحقق ما فاتهم بسبب إهمالهم للوسائل و الأسباب المشروعة هذا هو بحثنا نحن في قضية المولد , المولد مصلحة مرسلة!! نقول هذه المصلحة كان المقتضي للعمل بها في عهد الرسول عليه السلام أم لم يكن؟ إن قالوا كان مقتضيا فلماذا لم يشرع الاحتفال و إن قالوا لم يكن مقتضيا و إنما جدّ بعد الرسول عليه السلام بثلاث مئة سنة و زيادة نسألهم هذا الذي جدّ هل هو بسبب تمسك المسلمين بدينهم و بسنة نبيهم أم بسبب إعراضهم عنها؟ هنا راح يصير بحث علمي دقيق و دقيق جدا هل يستطيعون أن يقولوا لا هذا بسبب تمسكهم بالسنة لو كان الأمر كذلك كان أهل السنة الأولون أصحاب الرسول و التابعون و أتباعهم كانوا أولى بذلك لأنهم بلا شك كانوا أشد رغبة في التمسك بالسنة و بالخير منا إذن لم يبق إلا أن هذا حصل بسبب إعراض المسلمين عن التمسك بالسنة و أخيرا أذكركم بشيء إن تحسن هذا الموضوع بمناسبة بل أكثر من مناسبة و قلت نحن لدينا احتفال بولادة الرسول عليه السلام لكن فرق كبير بين احتفالنا و احتفالهم احتفالنا مسنون بكلام الرسول و احتفالهم مبتدع ضد كلام الرسول عليه السلام قيل للرسول عليه السلام ماذا تقول في صوم يوم الإثنين؟ قال (ذاك يوم ولدت فيه وأنزل علي الوحي فيه) أو القرآن فيه إذن الاحتفال بالرسول عليه السلام بولادته يكون بصيام يوم الإثنين كل أسبوع احتفال مو كل سنة احتفال كل أسبوع احتفال و احتفال مشروع مو كل سنة احتفال مرة واحدة و احتفال غير مشروع
"
فحسبكم هذا التفاوت بيننا *** و كل إناء بالذي فيه ينضح "

(171/16)


«
كلام الشيخ عن التوحيد وعن الاسلام وعن الإيمان وبعض مباحثه وعما حصل من الخلاف جوابا على سؤال سابق حول الجهاد ومتى يكون وتوجيه الشيخ إلى ضرورة الرجوع إلى الدين
الشيخ: أسّ الإسلام قد قام على التوحيد بني الإسلام على خمس أولها شهادة أن لا إله إلا الله هذه الشهادة لم تفهم عند جماهير المسلمين اليوم الذين نحن نعتمد عليهم لتحقيق المجتمع الإسلامي و إقامة الدولة المسلمة على أكتافهم فكثيرون منهم يفهمون لا إله إلا الله أي لا رب إلا الله و هذا فهم ناقص بلا شك لأن الكافر لو أراد الدخول في الإسلام فقال لا رب إلا الله لم يصبح بذلك مسلما ذلك لأن الإيمان بالرب الواحد لا يخرج المسلم لا يخرج القائد عن كونه ليس موحدا و هذا بحث طويل و لا أريد أن أطيل عليكم و إنما أنا مذكر فإن التوحيد له ثلاثة أقسام توحيد الربوبية و توحيد الألوهية أو توحيد العبادة و توحيد الصفات فاليوم كثير إن لم نقل أكثر المسلمين لا يفقهون لا إله إلا الله في حدود أن الله واحد في ذاته , واحد في عبادته , واحد في صفاته يفهمون لا رب إلا الله و انتهى الأمر فإذن الخلاف الذي يقال إنه في الفروع و ليس في الأصول الواقع يخالفه و قد يقول بعض الناس هذا إنما يعتقده العامة فنقول ليت الأمر كان كذلك لهان الخطب ,و لكن كثير من الخاصة يؤيدون العامة فيما هم عليه من مخالفة لهذا التوحيد الصحيح و لننتقل إذا إلى مثل تقدموا يا أخونا تمموا الحلقة التباعد هكذا في المجالس خلاف السنة العملية إذا فلننتقل إلى مثال من واقع المسلمين اليوم علماءهم إنهم اختلفوا في الإيمان هل هو قول و اعتقاد دون العمل أم هو أيضا يشمل العمل؟ قولان اختلفوا من قديم الزمان تفرع من ذلك اختلاف آخر قالوا هل يجوز أن يستثني في إيمانه هل يجوز أن يقول أنا مؤمن إن شاء الله؟ من قال أن الإيمان قول و اعتقاد قال لا يجوز أن يقول أنا مؤمن إن شاء الله من قال العمل الصالح شرط من شروط الإيمان قال كيف لا يجوز أنا مؤمن و من الذي يستطيع أن يقول أنا مؤمن حقا و الله عز و جل يصف المؤمنين بصفات من ذلك ((قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون و الذين هم عن اللغو معرضون)) إلى آخر الآيات الكريمة فمن الذي يقول أنا و الله خاشع في صلاتي أنا بعيد عن اللغو و معرض عن اللغو نرجو الله إن شاء الله نحن مؤمنون بهذه المعاني الخلاصة إن الخلاف قد توارثناه من قرون طويلة و مبثوث بين المسلمين اليوم و هذا الخلاف هو من أقوى أسباب الضعف الذي يشهده كل مسلم اليوم في المجتمع الإسلامي لذلك حينما قال الرسول صلى الله عليه و سلم الدواء العلاج في الحديث الرجوع إلى الدين , فإنما يعني الدين بالمفهوم الصحيح لذلك نحن نقول حينما ندعو إلى الكتاب و السنة فإنما نقول إلى الكتاب و السنة و على ما كان عليه سلفنا الصالح رضي الله عنهم لأنهم هم الذين تلقوا الدين من النبي صلى الله عليه و سلم لفظا و بيانا لفظا و معنى فهم كما فهموه طبقوه , إذًا فالمشكلة اليوم أننا نجهل ديننا فعلينا أن نكرس جهودنا لنفهم ديننا فهما صحيحا ثم نبلغه إلى الناس و نقرن الفهم مع العمل و إلا فالعلم بدون عمل لا يفيدنا شيئا هذا جوابي كيف السبيل إلى الجهاد في سبيل الله و إقامة الدولة المسلمة لا بد من العلم الصحيح و العمل الصالح أما أن نظل نكتب و ندعو إلى الجهاد و نحن لا نجاهد أنفسنا فهذا معناه أننا قد غررنا بنا و بغيرنا و بهذه المناسبة أذكر كلمة لبعض الدعاة الإسلاميين و بها أختم الجواب عن ذاك السؤال يقول " أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم تقم لكم على أرضكم " إقامة الدولة المسلمة الأحكام الشرعية في ذوات أنفسنا هي الطريق لإقامة الدولة في مجتمعنا و قبل ذلك لا سبيل إلى ذلك أبدا و انظروا بيوتنا اليوم تجدونها بيوت غير إسلامية انظروا بناتنا و أولادنا تجدهم يلبسون ألبسة غير إسلامية كيف نحقق المجتمع الإسلامي و نحن المجتمعات الصغيرة لا نحاول أن نجعلها مجتمعات إسلامية كيف نحاول أن نحقق أمرا لا نستطيعه و ندع أمرا نستطيعه هذا هو العكس فيما يجب كما هو إنسان لا يستطيع أن يرفع من الأحمال الثقيلة عشرين كيلو و هو يدعو إلى أن يرفع مئة كيلو هذا أمر مستحيل لكن حينما المسلمون يتدربون على طاعة الله عز و جل و تنفيذ أوامره بعد فهمها فهما صحيحا و يطبقون منها ما يستطيعون ثم ما لا يستطيعون يسعون إلى تحقيقه و تطبيقه بقدر ما تساعدهم الظروف و هذا ما عندي جوابا على ذاك السؤال.

(172/1)


«
ما حكم الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم؟»
السائل: ما حكم الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه و سلم؟
الشيخ: هذه المسألة تدخل في بحث أصولي ألا و هو هل الإسلام في عباداته كامل أم ناقص لا شك أن الجواب صريح في كتاب الله عز و جل في الآية التي أشرنا إليها آنفا ((اليوم أكملت لكم دينكم و أتممت عليكم نعمتي و رضيت لكم الإسلام دينا)) هذه الآية الكريمة مع الأسف الشديد لم يعرف كثير من المسلمين المتأخرين قدرها , ما قدروها حق قدرها بينما تنبه لذلك بعض أو أحد أحبار اليهود حينما جاء إلى عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه فقال يا أمير المؤمنين آية في كتاب الله لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا يوم نزولها عيدا قال عمر ما هي؟ قال و ذكر الآية ((اليوم أكملت لكم دينكم)) فقال رضي الله عنه لقد نزلت في يوم جمعة و رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم في عرفات في حجة الوداع إذن قد نزلت هذه الآية في يوم عيد و هذا فيه إشارة إلى أهميتها و أهميتها تكمن في أن الله عز و جل قد كفى المسلمين مؤنة التفكير و التفريع للعبادات و التشريع لها فأكمل لهم الأمر و لم يبق عليهم إلا التنفيذ و لذلك يقول الإمام مالك إمام دار الهجرة " من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أنّ محمدا صلى الله عليه و آله و سلم خان الرسالة، من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمدا صلى الله عليه وآله وسلم خان الرسالة اقرأوا قول الله تبارك و تعالى ((اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا)) قال -و نعم ما قال- فمالم يكن يومئذ دينا لا يكون اليوم دينا، فمالم يكن يومئذ دينا لا يكون اليوم دينا -أي لا يجوز أن يكون اليوم دينا- و لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها " كلام يكتب بماء الذهب كما كانوا يقولون قديما فما لم يكن في عهد الرسول صلوات الله و سلامه عليه دينا لا ينبغي أن يكون اليوم دينا و إذا أردنا أن نصلح أحوالنا فلا يصلح آخرنا إلا بما صلح به أولنا إذن الطريق واضح لكن المسلمون لا يسلكونه و إنما هم يبتعدون عنه كلما طال بهم الزمن كلما ابتعدوا عن الصراط المستقيم , و لقد أشار الرسول عليه السلام إلى هذه الطرق التي يبتعد بها المسلمون بإحداثهم في الدين مالم يكن حينما كان جالسا بين أصحابه يوما فخط لهم في الأرض خطا مستقيما ثم خط حوله الخط المستقيم خطوطا قصيرة ثم قرأ قوله تعالى ((و أن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه و لا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله)) ثم قال عليه الصلاة و السلام (هذا صراط الله و هذه طرق و على رأس كل طريق منها شيطان يدعو الناس إليه) على رأس كل طريق منها شيطان يدعو الناس إليه , فاليوم هل الإسلام له طريق واحد في أذهان المسلمين و في مسلكهم و منطلقهم أم المسلمون لهم طرق كثيرة و كثيرة جدا؟ الجواب تعرفونه جميعا لهم طرق و طرق بل إن بعضهم من غلاة الصوفية قد صرح فقال الطرق الموصلة إلى الله بعدد أنفاس الخلائق و ربنا يقول ((وأن هذا صراطي مستقيما فابتعوه ولا تتبعوا السبل)) إلى آخر الآية من هذه السبل البدع و قد فسر السبل علماء الحديث و التفسير بالبدع لأن البدع تصرف المسلمين عن السنن التي شرعها رب العالمين على لسان نبيه الكريم و أنا أضرب لكم مثلا بسيطا فيما نحن الآن في صدد الجواب عن ذاك السؤال إن كثيرا من الناس يتوهمون أن الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه و آله و سلم هو من تعظيم الرسول و إكرامه و تبجيله و ذلك ليس بهذا السبيل إطلاقا و المسلم العاقل يتبين له ذلك إذا ما تذكر حقيقة بدهية لا يشك فيها كل المسلمين ما هي هذه الحقيقة أن المولد وجد بعد أن لم يكن , المولد المحتفل به وجد بعد الرسول عليه السلام بقرون هذه حقيقة بدهية الحقيقة الثانية هل يمكن أن يخفى على السلف الصالح جميعا و فيهم الأئمة الأربعة يخفى عليهم قربة مما تقرب الناس إلى الله زلفى فلا يتنبهون لها إطلاقا و إنما يتنبه لها من جاءوا من بعدهم و لم يشهد الرسول عليه السلام لهم بمثل ما شهد للقرون الثلاثة حيث قال (خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم) خير الناس هؤلاء ما يعرفون ما يسمى اليوم بالمولد والاحتفال بمولد الرسول صلى الله عليه و آله و سلم إذن هنا يقال كما يقول أهل العلم " لو كان خيرا لسبقونا إليه " لو كان الاحتفال بولادة الرسول صلى الله عليه وسلم خيرا لسبقنا إليه الجيل الأطهر الأنور أصحاب الرسول صلى الله عليه و سلم الذين تلقوا الشريعة منه من فمه الكريم مباشرة ثم التابعون ثم أتباعهم هؤلاء يجهلون هذه الحقيقة و يعلمها المتأخرون هذا أمر مستحيل عند أهل العلم بالدين شيء آخر أريد أن أذكر به الحاضرين و هو أمر نافع إن شاء الله لا نشك أبدا أن جماهير المحتفلين يقصدون بالاحتفال به عليه الصلاة و السلام تعظيمه و تكريمه لكن هل يكون هل تساءل هؤلاء يوما ما في ذوات أنفسهم أنه هل كل وسيلة يراد بها إكرام نبينا صلى الله عليه و آله و سلم و تعظيمه هي وسيلة مشروعة و لو كانت في الأصل غير مشروعة؟ لا شك أن الجواب عند أهل العلم أن الغاية لا تبرر الوسيلة أي إذا كنت أنت تريد أن تعظم الرسول عليه السلام وتكرمه فهذا حق و لكن ليس بطريق غير مشروع و إنما بالطريق المشروع إذن ينبغي أن يرتفع الخلاف بين المؤيدين للاحتفال بمولد الرسول عليه السلام و بين المنكرين حينما يضعون نصب أعينهم هذه الحقيقة الظاهرة البينة الجلية و هي أن إكرام الرسول صلى الله عليه و سلم و تعظيمه و تبجيله و توقيره يجب أن يكون من طريق مشروع و كلهم يعترفون أن المولد وجد و شرع بعد أن لم يكن مشروعا لأنهم يقولون هو بدعة و لكن يتبعون وصف البدعة التي ذمها الرسول عليه السلام ذما مطلقا بقولهم إنها بدعة حسنة فنقول لهم من الذي حسنها؟ إن كانت بدعة حسنة حقيقة كيف خفي حسنها على أهل الحسن و على رأسهم محمد نفسه صلوات الله و سلامه عليه إذن أثبتوا يا مسلمون يا محتفلون بولادة الرسول عليه السلام أثبتوا أن هذا الأسلوب هذا الاحتفال بولادة الرسول عليه السلام هو وسيلة لإكرامه و تعظيمه شرعا أما و الله كل واحد بيركب رأسه و بيمشي على كيفه و بيحترم الرسول عليه السلام كما يشتهي هذا ليس من الإسلام في شيء انظروا كيف يتحقق بمثل هذه المحدثات من الأمور ما قاله بعض السلف " ما أحدثت بدعة إلا وأميتت سنة " ما أحدثت بدعة إلا أميت مقابلها سنة.

(172/2)


«
بيان الشيخ لحقيقة الاحتفال المشروع والذي ينبغي علينا فعله
الشيخ: أنا أقول لكم شيئا قد يستغربه بعضكم الاحتفال بولادة الرسول صلى الله عليه و آله و سلم قد شرعه الرسول قد يقول البعض الآن هذا كلام يناقض السابق , لكن لا تستعجلوا أنا أقول الاحتفال بصورة عامة الاحتفال بولادة الرسول قد شرعه الرسول و لكن الوسيلة التي شرعها الرسول عن الله تبارك و تعالى هي غير هذه الوسيلة التي يفعلها الناس اليوم , ما هي الوسيلة التي شرعها الرسول عليه السلام؟ ذلك ثابت في أصح الكتب بعد كتاب الله و بعد صحيح البخاري ألا و هو صحيح الإمام مسلم فقد روى بإسناده الصحيح عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه " أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه و آله و سلم فقال يا رسول الله ما تقول في صوم يوم الإثنين؟ " يعني هل هو مشروع أو غير مشروع فأجابه عليه الصلاة و السلام على أسلوب الحكيم قال (ذاك يوم ولدت فيه و يوم بعثت فيه) في الرواية الأخرى (أنزل عليّ فيه) قد لا يفهم بعض الناس لبعدهم عن اللغة العربية الفصحى الجواب من هذا الكلام النبوي الكريم هو يسأل ماذا تقول في صوم يوم الإثنين هو لا يقول له مشروع أو غير مشروع لكنه يقول له أكثر مما يطمع للسؤال يقول هو يوم ولدت فيه و يوم أنزل عليّ فيه أي ماذا أقول في صيام يوم الإثنين ينبغي أن تصوموا يوم الإثنين ذلك لأن الله عز و جل خلقني فيه و بعثني نبيا و رسولا للناس كافة إذًا عليكم يا معشر المسلمين أن تصوموا يوم الإثنين شكرا لله و احتفالا على التعبير العصري نحن نقول شرعا شكرا لله و احتفالا بولادة رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يوم الإثنين انظروا الآن كيف عكس المسلمون السنة و الاحتفال المشروع و كيف أقاموا و أنزلوا منزلته الاحتفال غير المشروع إن الألوف إذا لم نقل الملايين المملينة من المسلمين الذين يحتلفون بولادة الرسول عليه السلام و قد يتفق أن يكون احتفالهم فعلا يوم الإثنين كم واحد يا ترى يكون منهم صائما نادر جدا جدا ثم لا شك أن المسلمين لا يزالون على هدي من ربهم في كثير من المسائل فهم لا يزالون نجد فيهم من يصوم يوم الإثنين يصومون يوم الإثنين و لكنهم لا يدرون ما الحكمة ما الغاية من هذا الصيام كلهم يعلم أن صيام يوم الإثنين له فضل و له أجر خاص و لكنهم لا يعلمون أن صيام يوم الإثنين الحكمة منه أن يذكر الإنسان هذه النعمة العظمى التي امتن الله تبارك و تعالى بها على أمة محمد صلى الله عليه و آله و سلم و قد جاء في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه و آله و سلم لما جاء إلى المدينة وجد اليهود يصومون يوم عاشوراء فسألهم عن سبب صيامهم فقالوا له إنه يوم نجّى الله فيه موسى و قومه من فرعون و جنده فصامه موسى و صمناه اليهود يقولون شكرا لله فقال عليه الصلاة و السلام (نحن أحق بموسى منكم) فصامه و أمر بصيامه إذن صوم يوم ولادة الرسول عليه السلام شكرا لله تبارك و تعالى هذا هو المشروع بنص كلام الرسول صلى الله عليه و آله و سلم فأين هؤلاء الذين يحتفلون بمولد الرسول احتفالا غير مشروع من هذا الاحتفال الذي شرعه الرسول عليه السلام بنصه في الحديث الصحيح ((إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع و هو شهيد)) فإذن البدعة لا يمكن أن تكون طاعة و عبادة لأن الدين قد كمل و الحمدلله رب العالمين.

(172/3)


«
نرى في بلاد الخليج أن بعض النصارى والهنادك يبنون الكنائس والمعابد فهل يجوز تركهم يفعلون ذلك وهل يجوز بقاء دين آخر في جزيرة العرب؟»
السائل: يقول فضيلة الشيخ نرى في بلاد الخليج أن النصارى و الهنادك يبنون الكنائس و المعابد و يقومون بنشاطاتهم الدينية و هل يجوز على أرض دول الخليج ملّتين أي دينين في جزيرة العرب؟
الشيخ: طبعا العلماء متفقون على أنه لا يجوز بناء الكنائس في الأراضي الإسلامية لكنهم لا يمنعون المتدينين بغير دين الإسلام من أن يظلوا متمسكين بدينهم لقول الله عز و جل ((لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي)) فإقامة بيوت العبادة غير الإسلامية بناء الكنائس و غير الكنائس من المعابد في البلاد الإسلامية هذا بلا شك مخالفة للشريعة و ليست أول مخالفة مع الأسف الشديد توجد في البلاد الإسلامية أما إكراه الناس على أن يتركوا دينهم فهذا ليس من الإسلام في شيء ((لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي)) فالسؤال ينبغي أن ينقسم إلى قسمين القسم الأول بناء المعابد غير الإسلامية في البلاد الإسلامية فهذا لا يجوز و المسلمون الأولون حينما كانوا يفتحون البلاد بلاد غير المسلمين من الكفار إن فتحوها صلحا تركوهم و معابدهم و دينهم و إن فتحوها عنوة لم يسمحوا لهم بأن يجددوا بناء كنيسة أو معبد أو أي مكان يعبدون الله على طريقتهم فيه كان يؤخذ عليهم العهد و يوضع الشروط في المعاهدة معاهدة الصلح بين المسلمين و بين أولئك الأقوام فمن باب أولى ألا يجوز أن يبني الكفار في بلاد المسلمين معابد لهم و كنائس هذا جانب من السؤال , الجانب الثاني أن هؤلاء يتركون على دينهم ويعبدون ربهم كما يرون دون أن يكرهوا على أن يتبنوا الإسلام دينا ولكن هذا ليس معناه ألا يبلغوا الإسلام لابد من تبليغ الإسلام و لكن ذلك لا يقترن مع فرض الإسلام و جبر على الإسلام هذا هو الشيء الثاني من السؤال أما الأرض العربية التي جاءت فيها الأحاديث تبين أنه لا يجتمع دينان في أرض العرب فالذي في ذهني أنه ليس المقصود بأرض العرب هنا كل بلاد العرب المعروفة يومئذ و إنما المقصود بها بعضها كمكة مثلا و غيرها و إلا فنحن نعلم أن النصارى كانوا يعيشون و لا يزالون في بلاد العرب دون أن يضطروا أو أن يكرهوا إلى الخروج منها اللهم إلا إذا أخلوا بشروط الصلح فحين ذلك هذا الإسلام يوجب على الحكام المسلمين أن يخرجوهم من ديارهم.

(172/4)


«
ما تحديد جزيرة العرب التي عناها الرسول عليه الصلاة والسلام؟»
السائل: شيخ هل نستطيع أن نحدد الجزيرة العربية التي عناها الرسول صلى الله عليه و سلم؟
الشيخ: أنا ماعندي فكرة الآن عن القضية لكن أعلم أنهم لا يقولون بالمعنى الجغرافي لأنه واقع المسلمين من أول بعثة الرسول عليه السلام إلى اليوم قد أقروا وجود اليهود و النصارى في كثير أو أكثر البلاد العربية أما التحديد الدقيق فلا أستحضره الآن و في ذهني أن ممن بحث هذا الموضوع الإمام أبو عبيد في كتابه الأموال فممكن السائل يرجع إليه إن شاء الله.

(172/5)


«
ما قولكم فيمن يقول أنه لا يجوز عمل غير المسلم في جزيرة العرب ويقصدون السعودية؟»
السائل: طيب شيخ فما قولك في بعض الشيوخ الذين يقولون بأنه لا يجوز أن يعمل في أرض الجزيرة العربية الخدم الغير المسلمين و عنى بذلك المملكة السعودية أو جزيرة العرب؟
الشيخ: هو نفس الجواب هذا لم يزل المسلمون يتعاملونه و يقرونهم على العمل معهم و نحن نعلم مثلا بعض الأخبار في السنة أن علي بن أبي طالب آجر نفسه من يهودي على أن ينضح له من البئر هناك مقابل كل دلو تمرة فهذا مقرر لكن الشيخ الذي تشير إليه و نشر خبره في الجريدة الظاهر أن الجرائد تنشر أخبار مقتضبة مختصرة جدا فالمفروض أن يكون هناك في تفصيل وبيان لم ينقل عنه و لذلك فلا نستطيع أن نحكم بحقيقة ما قاله ذلك الشيخ الفاضل لكن واقعيا المسلمون لا يزالون منذ أول الزمان إلى اليوم يتعاملون مع غيرهم تحت الشروط الإسلامية التي وضعت لهم
السائل: حتى و لو كان هذا الشيخ جدد الفتوى مرة أخرى في مقابلة صحفية معه ... يذهب الصحفي مثلا المذكور إلى المملكة فيجري معه لقاء فيثبت أن الفتوى التي أفتاها بخصوص العمل غير المسلم في الجزيرة العربية لا يجوز؟
الشيخ: ما شفنا الفتوى نحن التي صدرت منه نصها و ما حجته بالنسبة للواقع الإسلامي من أول الأمر إلى اليوم كيف يتأول ذلك؟
السائل: يقول ... له لا يجوز اجتماع دينان على الأرض الجزيرة العربية
الشيخ: ما اختلفنا لكن هل طبق هذا أم لم يطبق أولا ينبغي تحديد الأرض العربية التي لا يجتمع فيها دينان هل هي الجزيرة العربية كلها اللي يحدها مثلا شمالا سوريا و جنوبا اليمن و شرقا مثلا البحر الخليجي هذا , هذه مسألة فيها نظر كبير لأن واقع المسلمين على خلاف ذلك و نحن بيهمنا الآن حتى ما نظلم الناس نشوف نص الفتوى و نحن ما شفناه مع الأسف.

(172/6)


«
ما حكم قيادة المرأة للسيارة إن كان للضرورة؟»
السائل: يقول السائل هنا ما حكم قيادة المرأة للسيارة لقضاء الحاجة؟
الشيخ: نحن سؤلنا هذا من قبل صدور فتوى فقلنا باختصار إذا كان يجوز للمرأة و قد جاز ذلك في ابتداء الإسلام إذا كان يجوز لها أن تركب الحمارة فأولى لها أن تركب السيارة , هذه مسألة بدهية عندنا و لكن للناس آراء و أفكار فإن أصاب فله أجران و إن أخطأ فله أجر واحد لقد كان نساء الصحابة في العهد الأول يركبن على الدواب و لا يخفى على أي إنسان أن المرأة التي تركب الدابة هي شاخصة في بدنها مهما كانت محجبة حتى لو كانت الحجاب الأول العربي القديم فهي بارزة هكذا بشخصها فمن ذا الذي يشك بأنه المرأة في السيارة أستر لها و أحجب لها عن الناس فمن هذه الحيثية لا شك فيها و لا ريب في جوازها و لكن ربما كانت نظرة المفتي بالمنع ما قد تتعرض المرأة في بعض الحوادث من تنقطع مثلا في الطريق أو تتعطل السيارة فلا تجد من يعينها قد يأتي من يعينها فيضر بها و نحو ذلك مما قد يعترض ما يليق بالمرأة من الحشمة و الأدب لكن هذه الأمور العارضة لا تجعل الحياة العادية بالنسبة للمرأة تختلف في ما الأصل فيه الإباحة عن هذا الحكم إلى التحريم و بخاصة أن تحريم شيء ليس فيه نص عن الله و رسوله هذا صعب فيما نعتقد وإنما لعله الأولى أن يقال أنه بعض النساء لا يباح لهن ممن قد تتخذ السيارة وسيلة لهو , وسيلة للإتصال بالشباب الخارج عن الدائرة الإسلامية و نحو ذلك أما منع المرأة أن تركب السيارة مطلقا فلا أرى لذلك وجها و الله عز و جل هو الأعلم بالصواب.

(172/7)


«
هل يجوز إعطاء مال الزكاة كله لشخص واحد من أصناف الزكاة؟»
السائل: يقول السائل هل يجوز إعطاء مال الزكاة كله لشخص واحد من الأصناف التي ذكرها القرآن؟
الشيخ: ما فيخ ما يمنع من ذلك.

(172/8)


«
كيف السبيل إلى معرفة الأصناف المستحقة للزكاة في زماننا حيث كان في الزمن الأول الخليفة هو الذي يتولى ذلك؟»
السائل: السؤال الثاني كيف السبيل إلى معرفة الأصناف المستحقة للزكاة التي عددها القرآن في هذا الزمان حيث أن في السابق كان يقوم بمهمة توزيع الزكاة على المستحقين الخليفة أو الحاكم المسلم؟
الشيخ: الحيثية التي ذكرها السائل ليست على إطلاقها يعني قوله أن الحاكم في الزمن الأول الحاكم المسلم هو الذي كان يتولى توزيع الزكاة هذا الكلام على إطلاقه ليس صوابا ذلك لأن أول ما يتبادر إلى الذهن من الزكاة إنما هو زكاة النقدين و زكاة النقدين لم يكن الحكام هم الذين يتولون توزيعها على الفقراء و المساكين ... المؤسفة أن مثل هذا السؤال لما يتوجه أحدهم إليه يدل دلالة واضحة مؤسفة أن المسلين لم يبقى بينهم شيء من الترابط و التعاون بحيث أنه يستشكل لمن يعطي زكاة ماله لأن هذا الغني يعيش لوحده لا يخالط أهل محلته جيرانه لكي يتعرف على أحوالهم فيقدم إليهم زكاة المال في آخر كل سنة فيأتي هذا السؤال كيف يعرف يعرف ذلك بالمخالطة بالسؤال و قد قال عليه الصلاة و السلام (المؤمن الذي يخالط الناس و يصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالط الناس و لا يصبر على أذاهم) فمخالطة الأغنياء للفقراء هو أولا مما يهذّب نفوسهم و يخلع من صدورهم آفة الكبر الذي جاء فيه الوعيد الشديد و هو قوله عليه الصلاة و السلام (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر) قالوا " يا رسول الله أحدنا يحب أن ترى عليه ثياب حسنة أذلك من الكبر؟ " قال (لا) قال آخر " أحدنا يحب أن يرى عليه نعلان حسنتان أذلك من الكبر؟ " قال (لا) وتكاثرت الأسئلة من هذه النوعية و في كل مرة يقول الرسول عليه السلام في الجواب لا لا (إن الله جميل يحب الجمال) قالوا فما الكبر إذن يا رسول الله قال (الكبر بطر الحق و غمص الناس) بطر الحق أي رده بعد ظهوره و غمص الناس أي الطعن فيهم بغير حق فهذا الكبر يخشى على صاحبه يوم القيامة فمخالطة الغني لمن حوله من فقراء سواء في الدور أو في المحال البيع و الشراء البقالية و نحو ذلك مما يساعده أن يتعرف على الفقراء و المساكين فيقدم إليهم زكاة ماله.
السائل: غمص و إلا غمط
الشيخ: غمص بالصاد و في رواية غمط بالطاء
السائل: يقولون ... .
الشيخ: لا , هما في روايتان غمص الناس و غمط الناس و المعنى واحد.

(172/9)


«
بالنسبة لزكاة الذهب هل تخرج من قيمة الشراء أم القيمة الحالية؟»
السائل: يقول الأخ بالنسبة لزكاة الذهب هل تخرج من قيمة الذي اشتراه أو قيمته الحالية؟
الشيخ: قيمة الساعة.
السائل: الساعة؟
الشيخ: نعم.

(172/10)


«
هل كفارة الجماع في رمضان على الزوج فقط أم على الزوجة كذلك؟»
السائل: يقول الأخ هنا نعلم أن الرجل إذا جامع زوجته في رمضان عليه صوم شهرين أو إطعام ستين مسكين أو عتق رقبة هل هذا الحكم على الزوج فقط أو على الزوجة كذلك؟
الشيخ: على الزوج فقط دون الزوجة.

(172/11)


«
ما حكم التصفير والتصفيق استنادا إلى الآية؟»
السائل: الأخ يسأل هنا ما حكم التصفير و التصفيق لأنه قال ما معنى قوله تعالى المكاء و التصدية
الشيخ: ((وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية)) المكاء هو الصفير و التصدية التصفيق و الآية تصرح أن عبادتهم عند البيت في المسجد الحرام كانت هكذا لهوا و لعبا كما قال تعالى ((اتخذوا دينهم لهوا و لعبا)) فكانت عبادتهم الصفير و التصفيق لذلك نحن لا نرى للمسلمين أن يعتادوا هاتين العادتين القبيحتين لسببين اثنين السبب الأول أنها عادة الكفار من قبل كما صرّحت الآية الكريمة بذلك بل هي عبادتهم فتصفير المسلم و تصفيقه فيه تشبه بأولئك المشركين في عبادتهم لله عز و جل , السبب الثاني أننا لا نزال نرى المشركين اليوم و الكفار في كل بلاد الدنيا يستعملون الصفير في لهوهم في تسليتهم و لا يزالون يستعملون التصفيق في إظهارهم لفرحهم و إعجابهم بالأمر أما شرعنا فقد أقام مقام ذلك كله التكبير أو التعجب بسبحان الله و نحو ذلك أما التصفيق في المجتمعات الإسلامية حينما يلقي المحاضر كلمة فيعجب بها الحاضرون فيظهرون سرورهم بالتصفيق هذا تشبه واضح بالكفار الموجودين اليوم على وجه الأرض و قد قال عليه الصلاة و السلام (من تشبه بقوم فهو منهم) بل قد قال ما هو أشد في حض المسلم عن الابتعاد عن فعل الكفار قال (إن اليهود و النصارى لا يصبغون شعورهم فخالفوهم) فهنا مسألتان بينهما فرق ينبغي أن نتنبه له هنا شيء اسمه التشبه بالكفار و هو أن يفعل المسلم فعلا يفعله الكفار و هو ليس بحاجة إليه هذا هو التشبه أما ما أمر به من المخالفة للكفار أن يفعل شيئا لا يفعله الكفار و إنما هو يقصد مخالفة الكفار فهو يقول عليه السلام (إن اليهود و النصارى لا يصبغون شعورهم) يعني أحدهم يصبح شائبا لحيته بيضاء كالقطن و لا يصبغ يقول الرسول عليه السلام أنت أيها المسلم تقصّد مخالفة المشرك اصبغ خالف المشرك فإذا كان الرسول عليه السلام وصل به الأمر إلى هذا الحد من توجيه المسلمين إلى أن يخالفوا الكفار حتى في أمر لا يملكه المسلم لا يملك نفسه ألا يشيب لأن هذا من سنة الله عز و جل الكونية في عباده من البشر أن أحدهم يشيب رغم أنفه أي هو لا يفعل الشيب كما يفعل الكافر لأن الكافر نفسه يشيب رغم أنفه و كذلك المسلم خضوعا لسنة الله عز و جل الكونية سنة الله و لن تجد لسنة الله تبديلا فمع أن هذا الشيب لا يملكه المسلم يقول الرسول عليه السلام للمسلم خالف الكافر بأن تصبغ لحيتك فكيف يفعل هذا المسلم المأمور بهذا الأمر أن يحلق مثلا لحيته لأن الكافر بيحلق لحيته والله قد ربى له لحية و خلق له هذه لحية مميزا له على المرأة شتان بين الأمرين إذا كان الرسول عليه السلام ينهاك أن تدع لحيتك دائما بيضاء كالثغامة كالقطن و يأمرك أن تصبغ و لو أحيانا مخالفة للمشرك فكيف لا ينهاك أن تتشبه بالكافر حينما يحلق هو لحيته فتحلق أنت أيضا لحيتك لذلك قال (حفوا الشارب و أعفوا اللحى و خالفوا اليهود و النصارى) و بهذا القدر كفاية و الحمد لله رب العالمين.

(172/12)


«
هل يجوز نقل ثواب قراءة القرآن لوالدي؟»
السائل: هل يجوز ... .
الشيخ: لمن
السائل: لأبوي
الشيخ: لأبيك أي شي
السائل: نعم
الشيخ: أي شيء تفعله من خير فلأبيك منه حظ كبير لأنه سبب نشأتك و سبب طاعتك و عبادتك و قد قال عليه الصلاة و السلام (أطيب الكسب كسب الرجل من عمل يده و إن أولادكم من كسبكم) و الرسول عليه السلام يقول في الحديث الصحيح (من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها و أجر من عمل بها إلى يوم القيامة دون أن ينقص من أجورهم شيء) و لذلك جاء في حديث آخر في سنده ضعف لكن معناه صحيح أن الرسول عليه السلام هو أكثر الناس ثوابا لأنه أكثر الأنبياء تبعا فلما كان هو السبب في هداية المسلمين جميعا فحسنات كل فرد من أفراد المسلمين تكتب في صحيفة سيد المرسلين لأنه قال عليه السلام في الحديث الآخر (من دل على خير فهو كفاعله) بهذا المعنى للوالدين ثواب عمل الولد الصالح لذلك قال عليه السلام (إذا مات الإنسان -وفي رواية أخرى- إذا مات ابن ادم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له) و ذكر الدعاء هنا ليس للحصر و إنما للمثال أيضا فهو كلما صلى هذه الصلاة تكتب له و لكن لأبيه حظ منها لأنه هو الذي رباه و هو الذي نشأه و هو الذي علمه و هكذا كل العبادات.
السائل: إلا الصلاة و صوم رمضان
الشيخ: لا لا أنا أتكلم عن النفل الصلاة أنت سؤالك كان غير رجل مات و لم يصلّ
السائل: ولم يصلّ صلاة الفروض
الشيخ: أيوة هذا لا يمكن أحد يقضي عنه , لكن ولده لما هو يصلي لربه يكتب له ثواب و يكتب للوالد أيضا
السائل: هذا شيء غير
الشيخ: هذا شيء غير , واضح؟
السائل: نعم.

(172/13)


«
هل يجوز الصلاة خلف الإمام المبتدع الواقع في الشرك الأكبر؟»
السائل: هل يجوز الصلاة وراء المبتدع الإمام المبتدع المشرك و يصلي للقبور و هذا شيء من الخرافات المأموم يصلي هو الموحد و يصلي وراء هذا الإمام هذا و يقول أن الرسول غير و يقول أن الأولياء يجوز حق القبور و هذا الإمام معروف يعني هل يجوز الصلاة وراء هؤئ الأئمة في المسجد أم لا؟
الشيخ: ... كل رجل تعتقد أنه كافر فمن البدهي جدا ألا تصح صلاة المسلم خلفه فهذا الذي تقول بأنه مشرك و تقول أنه ينادي غير الله و يعبد غير الله إلى آخره هو بلا شك هو يقع في الشرك و لكن هل نستطيع أن نكفره هل نستطيع أن نخرجه من الملة و الدين؟ لعلك تعلم أن مجرد وقوع الإنسان في الكفر و في الشرك الأكبر لا يلزم منه أن يحكم عليه بالردة ما فيش تلازم إلا بعد إقامة الحجة أظن هذا واضح لابد من إقامة الحجة يعني مثلا لما الرسول عليه الصلاة و السلام خطب يوما فقام رجل من الصحابة فقال له " ما شاء الله و شئت يا رسول الله " قال (أجعلتني لله ندا قل ما شاء الله وحده) فهو في الوقت الذي قال له عليه الصلاة و السلام (أجعلتني لله ندا) ما قال روح جدد إسلامك و جدد عقدك على زوجتك ما قال شيء من هذا لم؟ لأنه ما كان يعلم أنه قول القائل ما شاء الله و شاء محمد هو شرك ما كان يعلم من قبل فهو معذور لكنه وقع في الشرك فوقوع الإنسان في الشرك شيء و الحكم عليه بأنه مشرك شيء آخر هذه نقطة كثير من إخوننا المشايخ لا يفرقون بينهم لذلك أنا أقول إن كان هذا الإمام قد اجتمعت به و أقمت عليه الحجة من كتاب الله و حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم و أقوال أئمة المسلمين بأن هذا الذي أنت عليه هو شرك أكبر ثم أعرض عنك و نأى بجانبه فلا تصلي خلفه , واضح؟
السائل: واضح

(172/14)


«
ما حكم الاقتداء بالإمام إذا كان يخالف صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم؟»
السائل: سؤال يا شيخ بالنسبة للموضوع عن الإقتداء بالإمام لو كان ما يؤدي الصلاة كما كان يؤديها الرسول صلى الله عليه وسلم هل على المأموم أن يقتدي بالإمام
الشيخ: أن
السائل: أن يقتدي به كأن لا يعني
الشيخ: يصلي وراءه ولا
السائل: يصلي وراءه
الشيخ: يعني يصلي وراء غيره يترك القدوة
السائل: لا يصلي وراء الإمام هذا و لكن الإمام فرضا لا يضع يده على صدره يسدلها فهل كذلك؟
الشيخ: نفس الجواب أخي هل هذا أولا بينت له الحجة و الأدلة أنه هذا الذي أنت تفعله خلاف السنة الصحيحة أم لا؟ لا بد من التفصيل في كل شيء يعني هذا الإمام الذي مثلا يضع يديه هكذا ماذا تظن به و أنت لا تعرفه نفترض القضية هكذا هل تظن به أنه يفعل هذا نكاية بالسنة الصحيحة أم جهلا بها؟
السائل: جهلا بها.
الشيخ: هذه واحدة , ثم هل هو يفعل هكذا مع جهله بالسنة الصحيحة دون أن يكون له مرجع و مستند من العلماء المجتهدين و إلا له مرجع؟
السائل: دون مرجع
الشيخ: لا هذا خلاف الواقع يعني هلا هذولا عامة المسلمين مقلدين ليس لهم أئمة يقتدون بهم و لكن على طريق التقليد صح و إلا لا ... كلمة لا بد من بيانها نحن الذين ندعوا الناس إلى اتباع الكتاب و السنة أحيانا نصاب بشيء من الشطط و المبالغة فنريد أن نكلف كل مسلم كل مسلم أن يعرف السنة الصحيحة هذا واجب لكن هذا لا يستطيعه أكثر المسلمين و إذا كان رب العالمين يسّر لبعضهم أن يتعرفوا على السنة الصحيحة بطريق أو أكثر من طريق فهذا فضل من الله عز و جل لكن عامة المسلمين و بخاصة العالم منهم كيف هذا السبيل لهم أن يعرفوا أن هذه السنة صحيحة و هذا الإمام أصاب و هذا الإمام أخطأ بدنا نحن نوسع أفقنا كثيرا و كثيرا جدا لحتى ما نقع في أن نجني على بعض المسلمين بغير حق فأريد من هذا أن أقول يجب أن نفترض أن عامة المسلمين حينما يصلون بأي صورة يصلون نفترض أنهم معذورون لا نفترض أنهم مصيبون هذا بحث ثاني , نفترض أنهم معذورون خاصة من كان منهم على شيء من العلم يعني نفترض إن الإمام الذي يؤم الناس أنه هو أعلم منهم يعني وإن كان مع الأسف عم نشوف يعني حوادث بتدل على أن الأئمة في كثير من المساجد لا يكاد يختلفون على من يقتدي بمن ورائهم ما فيه عندهم علم يذكر فإذا كان هذا هو الأصل فحينما تجد إماما و أنت تقتدي به إن كنت تريد إماما يعرف السنة و يتمسك بها فابحث عنه فهذا بلا شك أفضل لكن ليس يتاح لك كل ساعة لا سيما في حالة الغربة لا يتاح لك الإمام الذي ترجوه و يكون متمسكا بالسنة إذن فأي إمام القاعدة الآن و هذا خلاصة الكلام و نهاية المطاف أي إمام تقتدي به تعقتد أنه مسلم بطبيعة الحال و إلا ما اقتديت به فينبغي أن تحقق القدوة به تماما حتى و لو خالف السنة في رأيك و اجتهادك حتى تقيم عليه الحجة و تقتنع أنه و الله هو تبينت له الحجة ثم رفضها تمسكا بما وجد عليه أباءه و أجداده من الجمود على التقليد حينئذ لك عذر في أن تخالفه حينما هو يخالف السنة
السائل: يعني يا شيخ لو دخلت في مسجد و رأيت الإمام مسدل يده في الصلاة فأسدل يدي معه؟
الشيخ: أيوة
السائل: يعني أؤدي الصلاة كما يؤديها
الشيخ: سمعتم ... الغريبة في زمنانا إذا كنت دخلت المسجد وجدت إماما يصلي قاعدا ماذا تفعل؟
السائل: أقعد
الشيخ: و إيش حكم القعود بالنسبة لمستطيع القيام؟
السائل: ما عندي فكرة.
الشيخ: كيف ما تدري؟ ما تدري أن القيام فرض ركن من أركان الصلاة فأنت إذا قمت تصلي الفرض من قعود صحت صلاتك؟
السائل: لا
الشيخ: فإذا أنت اقتديت وراء الإمام القاعد كيف صحت صلاتك أليس لتحقيق القدوة؟
السائل: أيوة
الشيخ: طيب فأيهما أعجب في المخالفة للشرع المقتدي الذي يقعد و هو يستطيع القيام أم المقتدي الذي لا يضع يديه و يسدل و هو يستطيع وضعها أيهما أغرب في المخالفة؟
السائل: الجالس
الشيخ: نعم؟
السائل: القاعد.
الشيخ: مع ذلك أنت تفعل.
سائل آخر: يا شيخ بالنسبة إذا جلس الإمام معذورا أما إذا أسدل يده غير معذور.
الشيخ: من قال لك أنه غير معذور نحن تكلمنا آنفا طويلا في هذا المجال.
السائل: ... .
الشيخ: السنة الصحيحة عندك يا رجل ما تفترض كل الناس في عقلك و منطقك و علمك و فهمك أيش بقى
السائل: و ... .
الشيخ: كله يا أخي قدوة جبنا مثال القعود لأنه بعد القعود و القيام ما فيه مفارقة أكثر من هكذا أبدا.

(172/15)


«
ما هي عورة المرأة المسلمة بالنسبة للكافرة؟»
السائل: بالنسبة للمرأة المسلمة هل يجوز أن تكشف رأسها يعني فرضا يعني المرأة غير المسلمة ... .
الشيخ: لا. المرأة غير المسلمة بالنسبة للمسلمة كالرجل فلا يجوز المرأة أن تكشف شيء من عورتها أمام المرأة الكافرة إلا الوجه و الكفين لا نسميها عورة.

(172/16)


«
إذا كانت الخادمة الكافرة لا تخالط غيرها بحيث تكشف سر المسلمة فما الحكم؟»
السائل: حتى لو ... البيت
الشيخ: حتى إيه
السائل: ... .
الشيخ: ما فهمت شيئا
السائل: لا يشترط ... الخوف
الشيخ: خوف إيش
سائل آخر: تكشف سر البنت يعني محاسن المرأة اللي عندها
الشيخ: أنت تربط هذا الكلام بالبحث السابق إيه أيش وجهة نظرك
السائل: ... إذا ما كان عندها حد
الشيخ: كيف ما عندها حد يعني
السائل: يعني وحيدة مثلا في البلدة
الشيخ: ما تنزل على السوق و تشتري و تروح و تجي ما تصادف أحد من النساء المسلمات أو الكافرات أو ... بنتك كيف تصور الموضوع بهذا الضيق و مع ذلك نحن نمشي معك حتى لو كان هكذا نغير الحكم الشرعي إذا كانت هكذا ربنا قال ((ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو أبائهن ... )) أو أو أو (( ... أو نسائهن)) هذه ليست من نسائنا و انتهى الأمر و ليه ما بدنا نحن بفلسفة أنه كانت ما أحد هناك لا صاحبة تكشف السر لها لأن قد يمنع الشارع شيئا لأنه يخشى موش أكيد يخشى أن يقع فأي مسلم لا يستطيع أن يقول أنه و الله لا يخشى أن هذه المرأة الوحيدة لا يخشى أن تكشف ما رأت من جمال سيدتها و نحو ذلك لا ... مع ذلك أنت بتصور الأمر بعيد عن الواقع تماما لأنه المسلمات اليوم ما ... من المخالطة فضلا عن الكافرات اللاتي لا حلال عندهن و لا حرام أنا أقول كلمة على أرباب البيوت أن يكونوا على يقظة من أن الخدم اللي عم يستخدموهم أن يضربوا يعني مصاحبة مع بعض من لا يجوز للكافرة أن تختلط معه مش نفترض أنه ما لها تتصل مع أحد في الدنيا إطلاقا.

(172/17)


«
ما حكم الصدقة على القريب؟»
السائل: ما حكم إعطاء زكاة المال للأخ؟
الشيخ: صدقة و صلة , صدقة و صلة فهمت عمو يعني أفضل من أن تعطيها لغير أخيك لأنك أنت في الصورة هذه تجمع بين أجر الصدقة الزكاة و بين أجر الصلة.

(172/18)


«
إذا كان لرجل على آخر دين ثم جاء يخرج الزكاة فقال لهذا المدين لي زكاة هي مقابل الدين الذي عليك فما الحكم؟»
السائل: أنه فيه إنسان أقرض إنسانا آخر مبلغ من المال هذا الأخير أخذ ... شرط من ماله و حينما أراد أن يذهب المقرض أن يخرج زكاة ماله قال في نفسه بدلا من أن أقرض زكاة مالي أذهب إلى هذا الإنسان الذي أعطيته هذا المبلغ أقول سامحت هذا زكاة مالي فأقبله مني و في نفس الوقت يعني هو أتاح من جهة صاحب ... هل يكون بهذا الشكل من أخرج زكاة ماله بالشكل الصحيح؟
الشيخ: المسألة فيما أفهم من الشريعة لابد من توضيح إذا كان هذا الدين الذي لصاحب المال على المدين يعتبر دينا حيا بمعنى ما ... ما بيجحده و لكن مثل ما قلتلي بيماطل فهذا دين اسمه ... دين حي مو ميت إذا جحده خلاص مات فإذا كان الدين حيا هذا أول شرط , ثاني شرط إذا كان الرجل فقيرا لأنه بيجوز أنه يكون مماطل بيكون من النوع اللي قال عنه الرسول عليه السلام (مطل الغني ظلم) يعني يكون غني مع ذلك يماطلك فلا يلزم بمجرد كونه يماطل أن يكون فقيرا فإذا كان فقيرا هذا الشرط الثاني , الشرط الثالث والأخير بينت له كما قلت و قبل منك فحينئذ برئ ذمته واضح عمو؟
السائل: نعم.

(172/19)


«
ما قولكم في تفسير سيد قطب لقوله تعالى (مالك يوم الدين) وتفسير (استوى) بمعنى سيطر؟»
السائل: يقول الأخ ما قولك في تفسير سيد قطب حول قوله تعالى ((مالك يوم الدين)) ((الرحمن على العرش استوى)) معنى مالك أو معنى استوى الذي هو السيطرة
الشيخ: اللي هو إيه؟
السائل: السيطرة
الشيخ: نعم بالنسبة لاستوى سيطر مفهوم لكن بالنسبة ((مالك يوم الدين)) بماذا يفسره؟
السائل: ... .
الشيخ: تفسيره لاستوى ((الرحمن على العرش استوى)) بمعنى سيطر تفسير معروف هذا خلفي يخالف تفسير السلف و له محذور تنبه له بعض المتأخرين لأنهم شعروا أنهم لما فسروا استوى بمعنى سيطر و استولى كانوا كالذي كان تحت المطر فأصبح تحت الميزاب فر من شيء فوقع فيما هو أخطر منه فاستوى فسره السلف بأنه استعلى و الله عز و جل لا شك هو العلي الأعلى صفة و ذاتا كما قال أحد العلماء
"
ورب العرش فوق العرش لكن *** بلا وصف التمكن و اتصال "
فربنا له صفة الفوقية عن المخلوقات كلها و لكن هذه الفوقية ... له على عرشه و مخلوقاته كلها ليست كاستواء الملوك على عروشهم فلا بد من إثبات مع تنزيه ولا يجوز تنزيه مع تأويل لأن الأمر يتطلب الجمع بين الإثبات و التنزيه فكما أنه لا يجوز إثبات مع تشبيه كذلك لا يجوز تأويل مع تنزيه و إنما كما قال رب العالمين ((ليس كمثله شيء و هو السميع البصير)) هو السميع البصير حقا لكن لا يشبه في ذلك أحدا من خلقه أبدا.
فتفسير خلاصة ((الرحمن على العرش استوى)) بمعنى سيطر واستولى هذا تفسير خلفي لأنه مع مخالفته لتفسير السلف و هو أنه استعلى ففيه إيهام أن الله عز و جل كان قبل ذلك غير مسيطر و كان غير مستولٍ لا سيما على الآية الأخرى ((ثم استوى على العرش)) ثم تفيد التراخي , ((ثم استوى على العرش)) معنى ذلك حينما نفسر استوى بمعنى استولى أنه قبل ذلك بلحظة ما كان مستوليا فمن كان المستولي على العرش يومئذ غير رب العالمين تبارك و تعالى خالق كل شيء؟ فمعروف هذا التأويل أنه لا يسود عند السلف. غيره؟

(172/20)


«
إذا أكل الرجل الثوم أو البصل ولم يذهب إلى المسجد خشية أذية المصلين فهل عليه إثم في ترك الجماعة؟»
السائل: يقول الأخ المسلم إذا أكل بصلا أو ثوما و لم يذهب إلى المسجد لتأدية صلاة الجماعة خشية من الوقوع في الإثم من خلال حديث الرسول صلى الله عليه و سلم (من أكل ثوما أو بصلا فلا يقرب مصلانا) فهل يكون آثما لتركه الجماعة من هذا التبليغ؟
الشيخ: طبعا أنه يكون آثما هو الحقيقة يبدو أن السائل ما تنبه للمقصود من الحديث الذي ذكره ألا و هو و قوله عليه الصلاة و السلام (من أكل من هذه الشجرة الخبيثة فلا يقربن مصلانا فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم) مقصود الحديث ليس هو إعطاء عذر لمن أكل الثوم و البصل في أن لا يحضر مساجد المسلمين لما فيهم من إيذائه إياهم و الملائكة المقربين الذين يحضرون مساجدهم ليس المقصود هو هذا و إنما المقصود تقديم عقوبة لهذا الذي يأكل الثوم و البصل فمن معاقبته ألا يحضر مساجد المسلمين فهذا هو المقصود ليس المقصود أنه صار له عذر ألا يحضر في مساجد المسلمين المقصود أيها المسلم إذا كنت بين يدي الصلاة فلا تأكلن ثوما و بصلا فإن ذلك يوجب عليك الإبتعاد عن مساجد المسلمين و ابتعادك عن مساجد المسلمين فيه إثم مبين فإذا أكلت الثوم و البصل بين يدي حضور وقت الصلاة فقد أثمت لأنك ضيعت الفرض هذا هو مقصود الحديث و ليس المقصود أنه إن أكل صار معذورا بترك جماعة المسلمين لا , ربنا يقول ((و أقيموا الصلاة و آتوا الزكاة و اركعوا مع الراكعين)) فآكل الثوم و البصل بين يدي حضور وقت الصلاة آثم في الوقت أنه لم يأكل إلا حلالا طيبا و الإثم لسبب تلك الرائحة الكريهة التي فيها إيذاء المسلمين في اجتماعهم لعبادة لله عز و جل. غيره؟

(172/21)


«
هل يجوز للرجل أن يصلي خلف الصف منفردا إذا لم يجد فرجة ولا وجد من يقف معه علما أن بعض المشايخ الفضلاء أفتى بأنه إذا لم يمكنه صلى بجنب الإمام؟»
السائل: هل يجوز للرجل أن يصلي خلف الصف منفردا إذا لم يجد فرجة بين الصف أو ينتظر ليدخل أحد المسجد فيصلي بجانبه علما بأنه قد بلغني أن أحد الأصدقاء سأل أحد المشايخ الأفاضل في المملكة السعودية و يرى أنه إما أن ينتظر أحد يدخل فيصلي معه أو يذهب فيصلي عن يمين الإمام؟
الشيخ: نعم السؤال يجب أن نتصور في مكان انضمام هذا الداخل إلى الصف و له أن يصف مع الإمام فإذا أمكن وجب لأن فعلا صلاة المقتدي وراء الصف وحده صلاته باطلة صلاته باطلة قد جاء في ذلك أكثر من حديث واحد (من صلى خلف الصف وحده فلا صلاة له) وقال للرجل أعد صلاتك لذلك يجب على هذا الذي دخل المسجد ... .

(172/22)


«
استفتاح الشيخ بخطبة الحاجة
الشيخ: إن الحمدلله نحمده و نستعينه و نستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له و من يضلل فلا هادي له و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله ((يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله حق تقاته و لا تموتن إلا و أنتم مسلمون)) ((يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة و خلق منها زوجها و بث منهما رجالا كثيرا و نساء و اتقوا الله الذي تساءلون به و الأرحام إن الله كان عليكم رقيبا)) ((يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم و يغفر لكم ذنوبكم و من يطع الله و رسوله فقد فاز فوزا عظيما))
أما بعد فإن خير الكلام كلام الله و خير الهدي هدي محمد صلى الله تعالى عليه و آله و سلم وشر الأمور محدثاتها و كل محدثة بدعة و كل بدعة ضلالة و كل ضلالة في النار.

(173/1)


«
شروع الشيخ في شرح باب جديد من الترغيب والترهيب وهو باب الترهيب من تصوير الحيوانات في البيوت وغيرها
الشيخ: و الآن عندنا فصل جديد و هي من الفصول التي تعالج أمرا طالما خالطه الناس اليوم و ابتلوا به و ازداد البلاء حينما اضطر كثير من العلماء أن يتأولوا بعض هذه الأحاديث الآتية ليفسّحوا للناس فيما اضطروا أو فيما تسامحوا فيه من مواقعة التصوير المحرم فيقول المصنف رحمه الله " الترهيب من تصوير الحيوانات و الطيور في البيوت و غيرها "

(173/2)


«
شرح حديث عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة يقال لهم أحيوا ما خلقتم) أخرجاه
الشيخ: أولا عن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم قال (إن الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة يقال لهم أحيوا ما خلقتم) رواه البخاري و مسلم هذا الحديث يحرم التصوير و يبين أنه من كبار المعاصي لأن الرسول عليه السلام يصرح بأن هؤلاء الذين يصنعون و يصورون هذه الصور يعذبون يوم القيامة تعذيبا أقول من باب التوضيح يكاد يكون أبديا لأنهم يعذبون حين يقال لهم أحيوا ما خلقتم فإن استطاعوا إحياء ما خلقوا انتهى العذاب و لن يستطيعوا إلى ذلك سبيلا كما سيأتي في بعض الأحاديث الآتية و يجب أن نلاحظ هنا أن في الحديث اسم إشارة (إن الذين يصنعون هذه الصور)

(173/3)


«
بيان الشيخ لحقيقة الصور المذكورة في الحديث المشار إليها فيه وذلك من خلال بقية الأحاديث
الشيخ: فترى ماهي الصور التي أشار الرسول عليه الصلاة و السلام باسم الإشارة هذا (إن الذين يصنعون هذه الصور) الوقوف عند هذا الاسم و محاولة فهمه فهما صحيحا يزيل إشكالا و اضطرابا كثيرا عن بعض الناس من الراغبين في معرفة الحقائق الفقهية حينما يسمعون بعض المؤلفين اليوم و الكتاب يحملون كل الأحاديث المحرمة للتصوير على تصوير المجسم أي على نحت الأصنام هكذا يتأولون الأحاديث المحرمة للتصوير فهنا حينما قال الرسول عليه السلام (إن الذين يصنعون هذه الصور) ترى ما هي هذه الصور أهي كما قال هؤلاء الأصنام؟ أنا أقول هذا أبعد ما يكون من مقصود الرسول عليه الصلاة و السلام في هذا الحديث و بخصوص اسم الإشارة هذا لماذا؟ لأن الرسول عليه السلام قال هذه الأحاديث في المدينة حيث لم يبق للتماثيل و للأصنام بقية تذكر مطلقا بعد أن نصر الله عز و جل نبيّه بفتح مكة و حطّم الأصنام التي كانت موضوعة على ظهر الكعبة فانطمس الشرك و آثاره بالكلية و لكن بقيت بقايا من الصور التي قد تكون يوما ما سببا لعودة الشرك إلى قوته التي كانت قبل بعثة الرسول عليه الصلاة و السلام فأنا أستبعد جدا أن يعني الرسول عليه السلام باسم الإشارة هذا الأصنام التي قضى عليها و حطمها فالأقرب أنه يعني صورا كانت لا تزال منبثة و لا يزال المسلمون يقتنونها في بيوتهم في قصورهم في خيامهم في في إلى آخره فهو إذن عليه الصلاة و السلام حين قال (الذين يصنعون هذه الصور) يشير إلى صور قائمة و منبثة بين الناس و يؤكد هذا المعنى أن حديث عائشة رضي الله عنها الآتي في بعض رواياته و ألفاظه أن الرسول عليه السلام حينما دخل عليها و رأى القرام الستارة و عليها الصور قال (إن أشد الناس عذابا هؤلاء المصورون) فهو يشير إلى هؤلاء الذين يصورون الصور على الستائر و لا الأصنام لأن الأصنام لم تكن في بيت السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها فإذن قوله (إن الذين يصنعون هذه الصور) ليس يعني الصور المجسمة مباشرة و إنما يعني الصور غير المجسمة و يسميها الفقهاء التي لا ظل لها فإذا حرم الرسول عليه الصلاة و السلام هذه الصور غير المجسمة أو التي لا ظل لها فمن باب أولى حينئذ يحرم الأصنام و التماثيل فمن باب التحذير من تعاطي هذه الصور صنعا و اقتناء يقول الرسول عليه السلام في هذا الحديث و يبين ما هي عقوبة الذين يصورون هذه الصور فيقول (يعذبون يوم القيامة يقال لهم أحيوا ما خلقتم و لا يستطيعون إحياءهم) فهو كناية عن استمرارهم في العذاب إلى ما شاء الله و استمرارهم في العذاب يختلف باختلاف واقع الإيمان في قلبهم فمن مات منهم مؤمنا فسينجيه إيمانه يوما ما من أن يستمر في تعذيبه في النار , و من مات مستحلا لما حرم الله فقد عرفتم من البيان السابق أنه كافر و أنه يخلد في النار إلى أبد الآبدين هذا الحديث الأول و هو من حديث عمر مما رواه البخاري و مسلم.

(173/4)


«
شرح الحديث الثاني حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت (قدم النبي صلى الله عليه وسلم من سفر وقد سترت سهوة لي بقرام فيه تماثيل ........... )»
الشيخ: الحديث الثاني عن عائشة رضي الله عنها قالت (قدم رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم من سفر و قد سترت سهوة لي بقرام) السهوة الطاقة في الحائط بقرام الستارة (فيه تماثيل) أي فيه صور و هنا فائدة لغوية بالنسبة لبعدنا اليوم عن اللغة العربية أو لسيطرة بعض الاصطلاحات فنحن اليوم نفهم من لفظة تمثال أو تماثيل الأصنام فهذا تمثال المالكي مثلا نحن ما نقول هذه صورة هي صورة بلا شك كما أنه الصور التي نقتنيها على الورق هي أيضا في لغة العرب تماثيل و الشاهد على ذلك هو هذا الحديث فالرسول عليه الصلاة و السلام حينما دخل على السيدة عائشة في هذه القصة فرأى رآها وقد علقت قراما ستارة عليها تماثيل التماثيل توضع على الجدر و لا توضع على الأستار لكن اللغة واسعة فإن قلت صورة فممكن تكون صورة بمعنى الصنم أو صورة ليس لها ظل كذلك إن قلت تمثال فهو بمعنى صورة قد يكون مجسم و قد يكون غير مجسم فجاء هذا الاستعمال في هذا الحديث بالمعنى الذي لا ينتبه له كثير من الناس , فإذن الرسول عليه الصلاة و السلام رأى تماثيل على الستارة أي صور صور يعني إما ملونة دهان أو مطرزة تطريز فليست هي أصناما قالت (قدم رسول الله صلى الله عليه و سلم من سفر و قد سترت سهوة لي بقرام فيه تماثيل فلما رآه رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم تلون وجه) أي تغير غضبا و احمر و قال (يا عائشة أشد الناس عذابا عند الله يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله) أي الذين يعملون أعمالا من التصوير سواء كان مجسما أو غير مجسم يتشبهون بخلق الله عز و جل لخلقه يضاهون بخلق الله أي بما يخلق الله فالله يخلق هذه الأجسام هذه الحيوانات فهم أيضا يضاهون و المضاهاة ليس من الضروري كما هو معلوم أن تكون من جميع الوجوه فالذي ينحت التمثال أو يصور الصورة على الورق هو يضاهي رب العالمين من حيث الحيكة و الصورة و لكن أهم شيء في ذلك هو نفخ الروح و لذلك لما كان عاجزا عنه يعذب يوم القيامة بأن يؤمر بأن ينفخ الروح فلا يستطيع و ليس بنافخ فإذن المضاهاة المقصودة هنا و التي جعلها الرسول عليه السلام في هذا الحديث علة تحريم التصوير هي المضاهاة الشكلية الظاهرة فقال عليه الصلاة و السلام قال (يا عائشة أشد الناس عذابا عند الله يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله) قالت " فقطّعناه فجعلنا منه وسادة أو وسادتين " و في رواية قالت (دخل علي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفي البيت قرام فيه صور) هنا استعمل الراوي لفظة صور مقابل تماثيل فالمعنى واحد (فتلوّن وجهه ثم تناول الستر فهتكه أي مزقه و قال إن من أشد الناس عذابا يوم القيامة الذين يصوّرون هذه الصور) جاء الشاهد الذي أشرت إليه فيما علقته على حديث عمر الأول إن الذين يصنعون هذه الصور قلنا أن اسم الإشارة إلى الصور غير المجسمة و هذا هو الدليل لأن قصة السيدة عائشة لها هذه المناسبة و هذا السبب و هو دخول الرسول عليها و قد علقت الستارة و عليها التماثيل و الصور فقال عليه الصلاة و السلام مشيرا إلى هذه الصور التي على الستارة (إن من أشد الناس عذابا يوم القيامة الذين يصورون هذه الصور).

(173/5)


«
إبطال الشيخ لدعوى أن هذه الصور المنهي عنها هي التماثيل وحمل الأحاديث على ذلك
الشيخ: و لذلك فإن قرأتم أو سمعتم أن هذه الأحاديث التي فيها هذا الترهيب الشديد من التصوير إنما يراد بها الذين كانوا يصنعون الأصنام و التي تعبد من دون الله حمل الحديث على هذه التماثيل باطل لأن الرسول عليه السلام إنما يشير إلى الصور التي كانت في قرام السيدة عائشة , و نحن نعلم بالضرورة أن هذه الصور أولا ليست أصناما مجسمة و ثانيا لم تأت السيدة عائشة بهذا القرام بهذه الستارة التي فيها صور لتعظّمها أو تعبدها من دون الله عز و جل حاشا لها من ذلك إذن فتأويل هذه الأحاديث و حملها على الأصنام التي كانت تعبد من دون الله و نتيجة ذلك أن التصوير المحرم انقضى زمنه كما ينعق أقولها صراحة بعضهم بهذا الكلام انقضى زمنه لأن كان هذا النهي كمساعد للقضاء على الشرك و الوثنية و انتهى أمر الشرك و الوثنية و لذلك فتعاطي الصور لا سيما إذا كانت غير مجسمة لا بأس بها عند هؤلاء الذين يتأولون الأحاديث على المعاني التي تدل الأحاديث على خلافها كما سمعتم في قصة السيدة عائشة رضي الله عنها التي سمعتموها الآن و في رواية أخرى عن السيدة عائشة و يبدو أنها قصة أخرى لأن هذه الرواية تقول إنها اشترت نمرقا و هي المخدة القصة الأولى بروايتيها تدور حول الستارة , فالرسول عليه السلام في تلك القصة أنكر التصاوير و هي على الستارة و تأكيدا لتحريم استعمالها مزق الستارة كما سمعتم الآن قصة أخرى تقول السيدة عائشة أنها اشترت نمرقة و هي المخدة و تلاحظون شيئا في القصة الآتية نستطيع بها أن نفسر طرفا من القصة السابقة ففي هذه القصة السابقة سمعتم بأن الرسول عليه السلام بعد أن هتك الستارة ماذا صنعت السيدة عائشة بهذه الستارة؟ قطّعتها و اتخذت منها وسادتين أي نمرقتين فهنا يقول البعض بأن الصور كانت ظاهرة على الوسادتين اللتين اتخذتهما السيدة عائشة من الستارة التي هتكها الرسول عليه السلام , فإن سُلِّم بهذا التفسير أي كانت الصور ظاهرة على الوسادتين نقول هذا يمكن أن يكون قبل القصة الآتية التي فيها إنكار الرسول عليه السلام على السيدة عائشة شراءها النمرقة أو الوسادة و فيها الصور فكيف يمكن أن نجمع بين إقرار الرسول عليه السلام للوسادتين و عليهما الصور بهذا التأويل الذي تأوله البعض و بين إنكار الرسول عليه السلام على السيدة عائشة حين اشترت النمرقة و عليها صور كما سترون فإن سلّم بأن الصور كانت ظاهرة في الوسادتين و هذا خلاف ما يبدو لنا لأنه مقطّع فنقول هذا كان كمرحلة من مراحل التدرج في التشريع فحينما هتك الستارة أنكر تعليق الصور فلما اتخذت من الستارة وسادتين و عليها الصور جدلا أقر ذلك مبدئيا ثم في مرحلة أخرى أنكر أيضا حتى الصور التي على الوسادة و ينتج من هذا أنه لا يجوز أن يكون في البيت صورة سواء كانت معلقة يعني محترمة أو كانت موطوءة يعني مهانة لا فرق حين ذاك فكما تمنع تلك المعلقة تمنع هذه الموطوءة بالأقدام بدليل قصة عائشة الآتية

(173/6)


«
شرح حديث عائشة التالي وفيه (أنها اشترت نمرقة فيها تصاوير ........ ) وبيان أن هذه القصة قاضية على ماقبلها بمنع استعمال الصور في النمارق واحتجاج الشيخ على تحريم الصور تحريما أكيدا ولو كانت ممتهنة
الشيخ: وهي أنها " اشترت نمرقة فيها تصاوير فلما رآها رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم قام على الباب فلم يدخل فعرفت في وجهه الكراهية قالت فقلت يا رسول الله أتوب إلى الله و إلى رسوله ماذا أذنبت؟ " فقال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم (ما بال هذه النمرقة؟) فقلت " اشتريتها لك لتقعد عليها و تتوسدها " فقال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم (إن أصحاب هذه الصور) أيضا هنا اسم إشارة ينصب على صور غير مجسمة (إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة فيقال لهم أحيوا ما خلقتم) و قال (إن البيت الذي فيه الصور لا تدخله الملائكة) رواه البخاري و مسلم قصة النمرقة هذه تلتقي في الإفادة مع قصة الستارة و هي أن الرسول عليه السلام حرّم في القصتين تحريما باتا التصوير غير المجسم يعني غير الأصنام القصتان متفقتان على هذا و لكن القصة الأولى قصة الستارة ليس فيها التصريح أن الملائكة لا تدخل بيتا فيها صورة موطوءة في القصة الأولى لا يوجد فيها هذا البيان بل في الاحتمال الذي يتمسك به بعض الناس اليوم أنه لما اتخذت السيدة عائشة الستارة وسادتين و عليهما صور كانت هذه الصور واضحة و ظاهرة فإذن لا نغتر ببعض كلمات نسمعها بعد ما سمعنا هذا الحديث لا نغتر بمن يقول أنه لا بأس إذا كانت الصورة على وسادة أو إذا كانت الصورة على السجادة لأنها ممتهنة غير محترمة لا , فهذا الحديث يصرح أنه هذه الصورة التي هي على النمرقة و يمكن الإتكاء عليها و إهانتها طبعا بهذا الإتكاء هي من جملة الصور التي تمنع دخول الملائكة إذن فالبيت المسلم لا يجوز أن يكون فيه صور ظاهرة هذا أقل ما يقال مهما كانت هذه الصورة فيجب أن نحرص كل الحرص أن نجنب إظهار الصور في بيوتنا لأن هذا الظهور يمنع دخول الملائكة و معنى هذا خطير جدا لأن العامة يقولون " إذا حضرت الملائكة هربت الشياطين " هذا شيء كأنه مستنبط من هذا الحديث إذا كان الملائكة لا تدخل البيت فمن يدخله إذن؟ إذا خلا الجو لهؤلاء الشياطين سارعوا إلى احتلال هذا البيت إذن القضية متعاكسة تماما إذا أنت اتخذت الوسائل الشرعية لاستجلاب ملائكة الله عز و جل إلى دارك فقد اتخذت سببا قويا جدا في إبعاد الشياطين عن بيتك و العكس بالعكس تماما إذا أنت تساهلت فخالفت الشرع و اتخذت الأسباب لعدم دخول الملائكة إلى بيتك فقد أفسحت المجال لدخول الشياطين إليه.
هذه حقائق شرعية لا يمكن الإنسان أبدا أن يعرفها بمجرد عقله و من هنا نعرف أهمية الشريعة و خاصة منها السنة التي تشرح لنا أمورا دقيقة تخفى حتى على المسلمين إلا الذين يستنيرون بنور النبوة و الرسالة.

(173/7)


«
شرح الحديث الثالث وهو (عن سعيد بن أبي الحسن قال جاء رجل إلى ابن عباس فقال إني رجل أصور هذه الصور فأفتني فيها ........ ) وتوجيه الروايات التي أوردها المصنف
الشيخ: الحديث الثالث يقول و عن سعيد بن أبي الحسن قال " جاء رجل إلى ابن عباس رضي الله عنهما فقال إني رجل أصور هذه الصور فأفتني فيها فقال له ادن مني فدنا ثم قال ادن مني فدنا حتى وضع يده على رأسه و قال أنبؤك بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يقول (كل مصور في النار يجعل له بكل صورة صورها نفسا فيعذبه في جهنم) قال ابن عباس فإن كنت لابد فاعلا فاصنع الشجر و ما لا نفس له "رواه البخاري و مسلم و في رواية للبخاري قال " كنت عند ابن عباس إذ جاءه رجل فقال يا ابن عباس إني رجل إنما معيشتي من صنعة يدي وإني أصنع هذه التصاوير فقال ابن عباس لا أحدثك إلا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم سمعته يقول (من صور صورة فإن الله معذبه حتى ينفخ فيها الروح و ليس بنافخ و ليس بنافخ فيها أبدا) فربى الرجل ربوة شديدة فقال ويحك إن أتيت إلا أن تصنع فعليك بهذا الشجر و كل شيء ليس فيه روح " يقول المصنف ربى الإنسان إذا انتفخ غيظا أو كبرا يعني أن ذاك الرجل لما سمع ما رواه ابن عباس من الوعيد الشديد بالنسبة لمن يصور تلك الصور مثل ذلك السائل غضب هذا السائل غضبا شديدا واغتاظ غيظا كبيرا بسبب ما سمعه من الوعيد الشديد فأوجد له ابن عباس مخرجا و متنفسا لأنه كما سمعتم قال إن معيشته من صنعه تلك التصاوير و التماثيل فحينما بيّن له تحريم ذلك ربى تلك الربوة و اغتاظ غيظا شديدا فقال له إن كنت و لابد صانعا أي مصورا فصوّر الشجر و كل شيء لا روح و لا نفس فيه و من هذا الحديث أخذ العلماء التفريق بين تصوير الحيوانات و بين تصوير الجمادات فحرموا القسم الأول و أباحوا القسم الآخر.
الحديث الرابع و عن ابن مسعود رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يقول (إن أشد الناس عذابا يوم القيامة المصوّرون) رواه البخاري و مسلم.
الخامس عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يقول (قال الله تعالى ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي فليخلقوا ذرة و ليخلقوا حبة و ليخلقوا شعيرة) رواه البخاري و مسلم و عن حيان بن حصين قال " قال لي علي رضي الله عنه ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم ألا تدع صورة إلا طمستها و لا قبرا مشرفا إلا سويته " رواه مسلم و أبو داود و الترمذي ... (بيتا فيه كلب ولا صورة) رواه البخاري و مسلم و الترمذي و النسائي و ابن ماجة و في رواية لمسلم (لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب و لا تماثيل) الفرق بين رواية مسلم و رواية الشيخين هو في لفظ صورة و تماثيل و قد ذكرنا في الدرس الماضي ما نستطيع أن نفهم من أن الخلاف بين الروايتين بين رواية صورة و رواية تماثيل إنما هو خلاف لفظي لأن كل صورة لغة هي تمثال و كل تمثال هي صورة خلاف ما هو شائع اليوم في العرف الحاضر أن التمثال خاص بالصور المجسمة فهذه تماثيل هكذا جرى العرف في تخصيص التمثال في الصورة المجسمة أما في اللغة فلا فرق بين التمثال و بين الصورة فسواء كانت الصورة مجسمة أو غير مجسمة هي صورة و هي تمثال لا فرق بين اللفظين مطلقا فرواية الشيخين (لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب أو صورة) لا تختلف عن رواية مسلم التي فيها كلب أو تماثيل

(173/8)


«
شرح حديث ابن عمر (أنه قال واعد رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام أن يأتيه فراث عليه .............. ) رواه البخاري
الشيخ: و عن ابن عمر رضي الله عنهما قال (واعد رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم جبريل صلى الله عليه و آله و سلم أن يأتيه فراث عليه أي تأخر عنه حتى اشتد على رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم فخرج فلقيه جبريل فشكى إليه فقال إنا لا ندخل بيتا فيه كلب و لا صورة) رواه البخاري راث بالثاء المثلّثة غير مهموز يعني مش رأث و إنما راث أي أبطأ.
هذا الحديث فيه فائدة مهمة يبين لنا سبب قول الرسول عليه الصلاة و السلام في هذا الحديث (لا تدخل الملائكة بيتا فيه صورة أو كلب) قال ذلك تلقيا عن جبريل بمناسبة أنه كان على وعد مع الرسول عليه الصلاة و السلام فراث عنه أي تأخر و أبطأ عنه و في بعض الروايات أن الرسول عليه السلام ظهر على وجهه الكرب و الحزن و الاضطراب فسأله بعض نسائه فقال إن جبريل وعدني أي تأخر عنه ثم سرعان ما ظهر جبريل خارج البيت , خارج الغرفة فسارع الرسول عليه الصلاة و السلام إليه فقال له جبريل عليه الصلاة والسلام (إنا معشر الملائكة لا ندخل بيتا فيه كلب أو صورة) و الصورة التي كانت في البيت لم تكن صنما و بالمعنى الاصطلاحي اليوم تمثالا و إنما كان صورة على ستارة كما سيأتي في بعض الروايات ففي ذلك دليل واضح كدلالة حديث عائشة السابق في الدرس الماضي أن التحذير من تصوير الصور و بيان كما في هذا الحديث أن الملائكة لا تدخل بيتا فيه صورة فإنما يعني في هذا الحديث و في ذاك الصورة و لو كان لا ظل لها أي الصورة المصورة على الثياب و على الورق فلا يقصد بها كما يتوهم بعض العصريين تبعا لبعض المتقدمين ممن لم يحيطوا بالأحاديث الواردة في الباب و أعني لم يحيطوا السابقين أما المعاصرين اليوم فهم يعلمون مثل هذه الأحاديث و لكنهم يدورون حولها و يحتالون عليها بشتى الحيل و التآويل كما سيأتي ذكر بعض ذلك , فإذن هذه الصورة التي تمنع دخول الملائكة هي صورة ليس لها ظل و ليست مجسمة و إنما هي مصورة على الستارة و كذلك في حديث عائشة السابق في الدرس الماضي كما قلنا (إن الذين يصورون هذه الصور يعذبون يوم القيامة و يقال لهم أحيوا ما خلقتم) أو كما قال عليه السلام و أشار إلى الصورة التي كانت على الستارة.

(173/9)


«
بيان الشيخ أن هذه الأحاديث التي أوردها كلها ليس فيها أن هذا الوعيد للمصورين خاص بالصور المجسمة بل هو عام في كل صورة
الشيخ: و لم يأت معنا في كل هذه الأحاديث حديث في الصور المجسمة لم يأت حتى الآن في كل هذه الأحاديث حديث و لو واحد فيه التصريح بأن هذه أو هذا الوعيد الذي أوعد به الرسول عليه السلام المصورين و الذين يقتنون هذه الصور إنما هي صور مجسمة ,لم يأتي معنا حديث يصرح بذلك و إنما هناك حديث علي رضي الله عنه حيث قال (ألا تدع صورة إلا طمستها) و مع ذلك فهذا كسوابقه من الأحاديث ليس صريحا بأن هذه الصور هي مجسمة بل لعل لفظة طمستها فيها إشارة إلى أن الصورة ليست مجسمة لأن الطمس للصور التي كتبت أو صورت بالدهان أو ... مثلا إذا طمست بشيء من الألوان أو الحيطان مثلا أقرب إلى تكسير الصنم إذا كان مجسما ففي هذا كله عبرة في انحراف الذين يحملون هذه الصور التي جاءت هذه الأحاديث في النهي عنها على الصور المجسمة و لم يأت ذكر التجسيم أو معناه في شيء من هذه الأحاديث.

(173/10)


«
حكم الشيخ على الحديث التاسع بالضعف
الشيخ: الحديث التاسع حديث ضعيف.

(173/11)


«
شرح الحديث العاشر وهو من رواية (أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أتاني جبريل عليه السلام فقال أتيتك البارحة ........... ).»
الشيخ: و الحديث الذي بعده و هو العاشر حديث صحيح و فيه تفصيل للحديث السابق حديث جبريل و هو من رواية أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم (أتاني جبريل عليه السلام فقال لي أتيتك البارحة فلم يمنعني أن أكون دخلت إلا أنه كان على الباب تماثيل و كان في البيت قرام ستر فيه تماثيل) لاحظوا التعبير قال جبريل فلم يمنعني أن أكون دخلت إلا أنه كان على الباب تماثيل فيتبادر إلى أذهان الناس اليوم من لفظة تماثيل يعني أصنام و ليس كذلك بدليل قوله فيما بعد و كان في البيت قرام ستر فيه تماثيل ستر فيه تماثيل يعني أصنام لا وإنما المقصود صور سواء مثل صور التي على الباب أو الصور التي على الستارة و كان في البيت كلب هذا من تمام كلام جبريل يقوله للرسول عليه الصلاة و السلام مبينا سبب تأخره عن المجيء في الوعد الذي كان قد ضربه للرسول عليه الصلاة و السلام فيقول جبريل صلوات الله و سلامه عليه (وكان في البيت كلب فمر برأس التمثال الذي في البيت يقطع فيصير كهيئة الشجرة ومر بالستر فليقطع فيجعل منه وسادتين منبوذتين توطآن ومر بالكلب فليخرج) رواه أبو داود و الترمذي و النسائي و ابن حبان في صحيحه و قال الترمذي حديث حسن صحيح وتأتي أحاديث من هذا النوع في اقتناء الكلب إن شاء الله تعالى أي في باب أو فصل الترهيب من اقتناء الكلب تأتي أحاديث فيها أيضا النهي عن التصوير.

(173/12)


«
شرح الحديث الحادي عشر وهو الأخير في هذا الفصل وهو (عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (يخرج عنق من النار يوم القيامة ... ).»
الشيخ: الحديث الحادي عشر و هو الأخير في هذا الفصل عن أبي هريرة رضي الله عنه أيضا قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم (يخرج عنق من النار يوم القيامة له عينان يبصر بهما و أذنان يسمعان و لسان ينطق به يقول إني وكّلت بثلاثة: بمن جعل مع الله إله آخر , و بكل جبار عنيد , و بالمصورين) هذا العنق عبارة عن لهب من النار يخرج من النار جامد منها فيه عينان يبصر بهما و أذنان يسمع بهما و لسان ينطق به يقول إني وكّلت بثلاثة أي بتعذبيهم و حرقهم بمن جعل مع الله إله آخر و بكل جبار عنيد و بالمصورين رواه الترمذي و قال حديث حسن صحيح غريب , يفسر غريب الحديث فيقول عنق بضم العين و النون أي طائفة و جانب من النار.
هذا الحديث الأخير فيه غرابة من حيث ما تضمن من خبر من أخبار الغيب التي يجب الإيمان بها و هو أن الله عز و جل بقدرته يخرج من نار جهنم طرفا منها يتمثل في صورة رأس له عينان له أذنان له لسان ينطق به فيتكلم و يقول بأنه وكّل بتعذيب ثلاثة بمن اتخذ مع الله إله آخر و بكل متكبر جبار عنيد و بالمصورين هذا الحديث و هو الحديث العاشر من الأحاديث الباب قرأتها كلها عليكم إلا الحديث التاسع ففي سنده ضعف و تلك الأحاديث التي قرأناها تغني في الباب عنه و هي كما قلنا لفظة التصوير و المصورين مطلقة فهي من حيث إطلاقها تشمل الصور المجسمة و غير المجسمة و من حيث النظر إلى سبب ورود بعضها يدل على أن الرسول عليه السلام إنما قالها بمناسبة الصور غير المجسمة.

(173/13)


«
رد الشيخ على من يتأول الأحاديث السابقة بأن الصور المنهي عنها فيها هي ماكان له ظل وغير ذلك من التأويلات الباطلة في هذا المجال ومن هؤلاء ذلك الأزهري الذي احتال على الدين في تجويز الصور
الشيخ: و لذلك فالذي يحمل هذه الأحاديث على الصور المجسمة و التي لها ظل و لا يدخل فيها الصور المصورة على الثياب و على الستائر و الجدران و على الورق اليوم فإنما هو أحد رجلين إنما هو لم يطلع على هذه الأحاديث و ما فيها من بيان أن الرسول عليه السلام قصد بها مباشرة الصور التي لا ظل لها و هذا النوع إنما يتصور بالنسبة لبعض العلماء المتقدمين الذين لم يكونوا في زمن قد جمع فيه السنة أما النوع الآخر فهم الذين اطلع على هذه الأحاديث بعد تدوينها و تيسير الاطلاع عليها و هم المعاصرون اليوم فإنما هم يتأوّلون هذه الأحاديث بتآويل باطلة يدل على بطلانها هذه التّآويل يدل على بطلانها أمران اثنان معا الأمر الأول عموم و إطلاق الأحاديث كما سمعتم في بعضها (كل مصور في النار) الذي يقول لا , ليس كل مصور في النار وإنما المقصود بالمصورين هنا الذين ينحتون الأصنام ... الثاني و هو أوضح كما ذكرنا بل كررنا أن الرسول عليه السلام ذكر هذه الأحاديث التي سمعتموها في الباب بالنسبة للصور التي صورت على الستائر و لم تنحت نحتا من الحجارة كما كان عليه الكفار زمن الجاهلية , فتأويل هذه الأحاديث إذا على أن المقصود بها إنما هي صور مجسمة رد لهذه الأحاديث فنخشى أن يدخل من يتأولها بهذا التأويل الباطل بعد أن يتبين له هذا البطلان في عموم قول الله تبارك و تعالى في القرآن ((و من يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى و يتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى و نصله جهنم و ساءت مصيرا)) فإذا كان الرسول يقول (كل مصور في النار) (من صور صورة كلف أن ينفخ فيها الروح يوم القيامة و ما هو بنافخ) أو (ليس بنافخ) و يقول ذلك و نحوه من الصور التي لا ظل لها فكيف يقول المسلم يؤمن بالله و رسوله أن الصور المحرمة في هذه الأحاديث التي لها ظل أي الصور المجسمة إذا نقطع بأن الصور المحرمة هي على العموم و الشمول تشمل ما لها ظل و ما لا ظل لها تشمل المجسمة و غير المجسمة.
و من الانحرافات و الاحتيال على أحكام الله عز و جل في شريعته بعد أن الرد بمثل هذه النصوص التي تدل على أن الصور المحرمة هي أيضا الصور غير المجسمة مع ذلك فقد احتال بعض الكتاب في العصر الحاضر حيلة أظن أنه سبق بها اليهود أقولها صريحة و ستقولونها معي حينما تسمعون ماذا صنع و ماذا فعل جاء في حديث أبي هريرة الذي فصّل لنا امتناع جبريل عليه السلام من الدخول إلى بيت الرسول مع أنه كان على وعد معه فذكر له أن هناك تماثيل أي صور على الباب و على الستارة فأمر بتغيير الصور التي على الستارة حتى تصير كهيئة الشجرة و معنى ذلك أن هذه الستارة كانت مطرزة و فيها تماثيل أي صور الخيل ذوات الأجنحة كما في بعض الروايات فيحنما أمر جبريل عليه الصلاة و السلام بتغيير هذه الصورة حتى تصير كهيئة الشجرة معنى ذلك إضافة قيود جديدة على الصورة حتى يُقضى على معالم الصورة السّابقة و تظهر أنها تمثل صورة شجرة فأخذ العلماء من هذا الحديث أن الصورة إذا غيرت خرجت عن التحريم و صارت مباحة و لكن مع الأسف الشديد لم يقفوا على أو عند هذا التغيير الذي حدده جبريل للرسول عليهما الصلاة و السلام أي لم يقفوا عند هذا التغيير الكلي أي الذي به تنطمس معالم الصورة السابقة و تظهر بعد ذلك صورة أخرى كهيئة الشجرة المباحة لم يقفوا عند هذا التغيير الشامل فقالوا مثلا لو تغيرت الصورة صورة على الورق مثلا فخُط خط على العنق زعموا بأن هذه الصورة تغيرت هيئتها لم؟ زعموا أنه أصبح الرأس منفصلا عن الجسد و لا يعيش الإنسان بهذه الصورة لأن هذه الصورة تغيرت فصارت مباحة و تسلسلت تغيير التغيير - إذا صح التعبير - التغيير المطلق الشامل الذي ذكره الرسول عليه السلام معن جبريل هذا ضيقوا دائرته فقالوا كما سمعتم في التغيير الأول أنه خط خطا على العنق و بقيت الصورة كما هي فهي صورة جائزة لأنها تغيرت فهذا تغيير رقم واحد بالتغيير الكلي الذي أمر به جبريل عليه السلام في الحديث السابق ثم هذا التغيير ما قنعوا به فانتقلوا مرحلة أخرى قالوا إذا كانت الصورة نصفية فهذا بلاء عم و طم فهذه صورة جائزة لأنه لا يعيش الإنسان نصفه إلا أن يكون معه مصارينه وبطنه و غير ذلك، هذه الصورة مغيرة و نحن نعلم جميعا أن العبرة بكل شيء و بصورة خاصة في الإنسان إنما هو رأسه فإذا بقي الرأس و ذهب رجلاه فلم يقض على صورة و على أثرها في المجتمع الذي يخشاه الشارع الحكيم و لو للمستقبل البعيد و من أجل ذلك كسبب من أسباب حكمة تحريم الصورة حرم الصور حتى لا تعبد من دون الله عز و جل و لو في المستقبل البعيد , هذا التغيير الثالي جاء الكاتب المشار إليه و هو من علماء الأزهر فجاء بتغيير فيه العجب العجاب و هو الذي عنيته بقولي سبق في هذا الاحتيال اليهود كتب مقالا منذ القديم حينما كانت تظهر مجلة الأزهر تحت عنوان " نور الإسلام " فكتب فيه مقالا ذكر المذاهب حول الصورة المحرمة و هما مذهبان مذهب تحريم الصور عامة كما هو دلالة الأحاديث السابقة و المذهب الثاني ويروى عن الإمام مالك أن الصور المحرمة إنما هي المجسمة فهذا الرجل الكاتب المشار إليه دون أن يتلفت إلى هذه الأحاديث و أن يتفقه فيها تبنى مذهب مالك و هو مخالف بلا شك لهذه الأحاديث الذي يقول الصور المجسمة هي فقط المحرمة تبنى هذا المذهب ذلك الكاتب لغاية في نفسه ثم توصل من بعد هذه الخطوة الأولى التي انحرف فيها عن الأحاديث السابقة إلى خطوة أخرى خطيرة جدا قضى بها على كل المذاهب حتى على مذهب مالك فإنه لفق من مذهب مالك الذي يحرم أيضا الصور المجسمة مع جماهير العلماء و من قول العلماء بأن الصورة إذا تغيرت هيئتها كانت حلالا لفق من مجموع القولين المسألة الآتية فقال بناء على ذلك إذا نحت الفنان - هكذا يقول - الفنان صنما فلكي يتخلص من التحريم حفر حفيرة بأم رأسه حتى يصل إلى الدماغ و هو في هذه الحالة أي هذا الصنم يمثل إنسانا لا يعيش , لا يمكن أن يعيش إنسان و فيه حفرة تصل إلى دماغه قال لكن هذا عيب في الصنم في التمثال من الناحية الفنية فيعلم الفنانين ما شاء الله!! فيقول يضع شعرا مستعارا على رأس الصنم من الناحية الفنية في أتم صوة و أجمل هيئة و بذلك يتخلص هذا الممثل النحات من أن يخالف أحاديث الرسول عليه الصلاة و السلام فهل عملتم في اليهود من احتال على حرمات الله كمثل هذا الرجل الأزهري؟ هذا مصداق قول الرسول عليه الصلاة و السلام (لا تتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر و ذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه) هذا احتيال مما أصيب به بعض العلماء في العصر الحاضر ولا شك أن الذي يقرؤون مقال ذلك الكاتب و هم جماهير الناس ممن لا يعلمون هذه الأحاديث و لا فقهها يتورطون ببيانه و ينطلقون في النحت و التصوير و يحتالون على ذلك بمثل تلك الحيلة التي تعلمها تلميذ بل شيخ إبليس هذا تحريفه.

(173/14)


«
الرد على التفريق بين الصور اليدوية والصور الآلية
الشيخ: و من هذا النوع و هو بلاء أكبر و إن كان دون السابق في الاحتيال التفريق بين الصورة اليدوية و الصورة الفوتوغرافية أو التفريق بين الصور التي تصور بالقلم أو الريشة و بين الصور التي تصور بالآلة المصورة هذا التفريق قلما ينجو منه عالم في العصر الحاضر ذلك لعموم ابتلاء الناس بهذه الآلة و صورها فيقولون هؤلاء الذين يفرقون بين الآلة المصورة فيجيزون التصوير بها و بين التصوير بالقلم و بالريشة يقولون و عجيب ما يقولون إن هذه الآلة أولا لم تكن في عهد الرسول عليه الصلاة و السلم فهي إذا متعاطيها و المصور بها لا يدخل في عموم الأحاديث السابقة و منها قوله عليه الصلاة و السلام (كل مصور في النار) إذا هذا المصور بالآلة لا يدخل في عموم الحديث لماذا؟ زعموا لأن الآلة و لأن المصور بها لم يكن في عهد الرسول عليه الصلاة و السلم لا يكاد ينقضي عجبي من مثل هذا الكلام و هو يصدر من علماء المفروض في هؤلاء العلماء أنهم يتذكرون دائما و أبدا أنما يقوله الرسول عليه الصلاة و السلام من الأحاديث ليست من عنده اجتهادا برأيه و إنما هو كما ربنا تبارك و تعالى ((و ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى)) فحينما قال الرسول عليه السلام (كل مصور في النار) يجب أن يستحضر المسلمون عامة فضلا عن العلماء خاصتهم يجب أن يستحضروا أن هذا الكلام ليس من عنده (كل مصور في النار) و إنما تلقاه من وحي السماء من ربه تبارك و تعالى ثم صاغه بلفظه أما المعنى فهو من عند الله عز و جل فكأن الله هو الذي يقول (كل مصور في النار) لأن الرسول لا يشرع للناس من عند نفسه ... .

(173/15)


«
تتمة الكلام على الحديث السابق حول الرد على المتأولة لتحريم جميع الصور بأنواع من التويلات الباطلة
الشيخ: ... فيؤكد ذلك حديث أو أحد أحاديث أبي هريرة المتقدمة الذي روى عن ربه تبارك و تعالى أنه قال (ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي فليخلقوا ذرة فليخلقوا حبة فليخلقوا شعيرة) إذا هذا كلام الله و قد جاء في سبب رواية أبي هريرة رضي الله عنه لهذا الحديث أنه مر بمصور يصور صورا في قصر لأحد بني أمية يصور صورا على الجدران فروى له هذا الحديث فتلك الصور أيضا و لو أننا نتصور أنها ناتئة و بارزة و لكن ليست بتعبير الفقهاء مجسمة ... إذا فالرسول عليه السلام حينما قال (كل مصور في النار) إنما تلقى هذا المعنى من عند الله عز و جل و قد صرح في بعض الأحاديث أن الله هو الذي ينكر على المصورين تصويرهم و يوبخهم من الذي يتجرأ فيضاهي الله عز و جل فيذهب و يصور كتصوير الله عز و جل كما قال تعالى ((فتبارك الله أحسن الخالقين)) إذا حينما قال عليه الصلاة و السلام (كل مصور في النار) هذا من وحي السماء فهل غريب على وحي السماء أي على الله عز و جل أن ينزل على النبي صلى الله عليه و سلم حكما عاما يشمل جزئيات لم تأت بعد إذا استحضرنا هذه الحقيقة لا غرابة أن الرسول عليه الصلاة و السلام حين قال (كل مصور في النار) يعني أيضا المصورين الذين لم يكونوا في عهده عليه الصلاة و السلام لأن الله هو الذي ألهمه أن قول هذه الكلمة العامة الشاملة حتى للمصورين بالآلة الفوتوغرافية.

(174/1)


«
ذكر الشيخ لمناقشة حصلت بينه وبين بعض الدعاة في مسألة التصوير
الشيخ: و أذكر جيدا أنه جرى بيني و بين بعض الدعاة الإسلاميين الذين مع الأسف ليس لديهم معرفة بالسنة حول هذه المسألة فذهب إلى أن هذه الصور التي جاء تحريمها في الأحاديث إنما يقصد بها الصور اليدوية و حجته بأن هذه الآلة لم تكن و هؤلاء المصورون بها لم يكونوا في عهد الرسول عليه السلام , فذكرته أولا بهذه الحقيقة التي شرحتها لكم أن الرسول عليه السلام يتكلم عن الله حتى عن المغيبات و هذا من شمول الإسلام نحن في كثير من المحاضرات ندندن و نطنطن بعظمة الإسلام و أنه صالح لكل زمان و لكل مكان و أن أحكامه شاملة عامة ثم نتجاهل هذه الحقيقة في مثل هذه النصوص العامة (كل مصور في النار) هذا كما نقول (كل بدعة ضلالة) فيقولون لا ليس كل بدعة ضلالة كذلك كل مصور في النار لا ليس كل مصور في النار (كل مسكر خمر و كل خمر حرام) لا ليس كل مسكر خمر و ليس كل مسكر حرام هذا ضرب في صدر هذه الأحاديث و هذا لا يفعله المؤمن الذي يؤمن بالله و رسوله فقلت لهذا الداعية المشار إليه إذا كنت تحتج أن هذه الآلة لم تكن في عهد الرسول عليه الصلاة و السلام و لذلك فلا تشملها الأحاديث إذا أنت يلزمك بأن هذه الأصنام التي تنتج الآن بالآلات فنحن ... هذه الآلات لكن نتخيل مثل يقولون تأتي الذبيحة تذبح من هنا و تخرج ما أدري بعد كذا متر معلبة مدّخرة في العلبة كذلك هذه المعامل الضخمة يوضع فيها الشيء الجامد مثل مادة النيلون مثلا فيميع ثم يخرج هناك أصناما جاهزة ... فهذه الأصنام تماثيل مجسمة بلا شك فلقائل يقول أيضا على ميزان ذاك القائل و ما أكثرهم إذا هذه الأصنام تصنع بالآلات ليست أصناما و ليست محرمة و إن كان ظاهر قوله (كل مصور في النار) (ومن صور صورة ... ) إلى آخره يشمل هذا النوع لكن هذا النوع لم يكن في عهد الرسول عليه السلام فهل تقول هذا؟ و الله قليل ما نجد من ينصف و كان هذا من هذا القليل أنصف قال لا هذه أصنام قلت له و هذه صور فما الفرق! هذه أصنام لكن الآن اختلفت و هذه صور الآن اختلفت فهي داخلة في عموم قوله عليه الصلاة و السلام السابق الذكر في عديد من الأحاديث.

(174/2)


«
تنبيه الشيخ على أن التفريق بين التصوير اليدوي والتصوير الآلي يليق بمذهب أهل الظاهر غير أنه يستحيل أن يقولوا به
الشيخ: و هنا شيء لا بد من التنبيه عليه إما على الرغم من وجود هذه النصوص العامة التي لا تفرق بين مصور و مصور و بين صورة و صورة التفريق بين المصور اليدوي و المصور الآلي هذا التفريق إنما يليق بمذهب أهل الظاهر الذين يجمدون على بعض الألفاظ و لا يلحقون بها معان أو مسائل أخرى لا تشملها الألفاظ و إنما تشملها معانيها , أهل الظاهر معروف عنهم الجمود على الألفاظ و كثيرا ما ضربت لكم أكثر من مثل واحد أقتصر الآن على مثال واحد لتوضيح من لم يتضح له مذهب أهل الظاهر فهناك حديث في الصحيحين (نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن البول في الماء الراكد) واضح أن المقصود من هذا النهي هو المحافظة على نقاوة الماء و على سجيته و طبيعته و ألا يعرض بالتلوث بالنجاسة سواء قلّت أو كثرت لأنه قد يتنجس فعلا هكذا فهم هذا الحديث جماهير العلماء أما أهل الظاهر فقالوا المنهي عنه البول في الماء الراكد مباشرة فمعنى هذا الكلام كما هو يقول فلو أنه بال في إناء ثم أراق هذا البول من الإناء في الماء الراكد جاز من الذي يقول بهذا المنطق؟ أهل الظاهر الذين يقفون عند ظاهر اللفظ ظاهر اللفظ نهى عن البول في الماء الراكد الذي بال في إناء ليس فيه ماء هذا يقال لغة بال في الماء الراكد؟ لا , هذا بال في الإناء فجمد على هذا اللفظ لكن لو تأمل إلى مقصد الشارع من هذا النهي لعلم أن المقصود المحافظة على نقاوة الماء إذا هذه المحافظة أو هذه الغاية التي رمى إليها الشارع بهذا النهي يجب المحافظة عليها و المحافظة عليها يوجب علينا ألا ننظر إلى الوسيلة و لا نقف عند اللفظ الظاهر فسواء بال في الإناء في الماء الراكد مباشرة أو بال مثلا في أنبوب طال أو قصر ثم وصل هذا الأنبوب بما فيه من الجراثيم إلى الماء الراكد ما فيه فرق بين هذا و هذا هذا مثال ولا أريد أن أطيل الآن فقد طال الوقت الذين يقولون هذه الصورة التي صورها المصور بيده حرام أما إذا صورها بالآلة حلال هذا ابن حزم الظاهري يستحي أن يقوله , و لذلك قلت لبعض المتورطين في مثل الجمود في مسألة التصوير قلت من باب التنكيت زعموا بأن شيخا من هؤلاء الذين يفرقون بين التصوير اليدوي فهو حرام و بين التصوير الآلي فهو حلال زعموا أن شيخا من هؤلاء زار تلميذا نابغا من تلامذته في بيته فرأى هذا التلميذ قد وضع صورة الشيخ في صدر المكان فوعظه و أنكر عليه أنا ... مرارا و تكرار أنه اقتناء الصور حرام لأنها تمنع دخول الملائكة فما بالك أنا وضعت صورتي قال له فضيلة الشيخ هذه صورة فوتوغرافية و هذه ليست صورة يدوية و نحن فهمنا منكم الفرق بين الصورة اليدوية فهي حرام ونحن اجتنبنا عنها و بين الصورة الفوتوغرافية فهي حلال هذه صورة فوتوغرافية فربط الشيخ على كتف التلميذ و قال له بارك الله فيك لقد فقهت وفهمت! هذا فقه فلو أن إنسانا جاء إلى الصورة الأولى أي الصورة اليدوية التي يحرمها الشيخ ... صورة يدوية فصورها بالآلة الفوتوغرافية و أطاح تلك و وضع بديلها الصورة الفوتوغرافية هذه كمان من جملة إيش اللف و الدروان و الحيل فالصورة الأولى أي الصورة اليدوية حرام فنزعها و وضع مكانها الصورة الفوتوغرافية المأخوذة عن الصورة اليدوية هذه هي ظاهرية ابن حزم و هذا لا ينبغي أن يتورط الإنسان فيقول به و أخيرا ما الفرق من حيث النتيجة بين الصورة الفوتوغرافية و بين الصورة اليدوية؟ الغاية التي من أجلها حرم الشارع الصور مطلقا كل ذلك يتحقق في الصورة سواء كانت فوتوغرافية أو يدوية.

(174/3)


«
ذكر الشيخ لعلة تحريم التصوير
الشيخ: و الذي ظهر لنا أن الشارع حرم التصوير لأمرين اثنين الأمر الأول سبق التصريح به و هو يضاهون بخلق الله يعني يشابهون الله عز و جل في الخلق هذه الصورة الذي صورها شابه الله عز و جل في تصويره لخلقه فهذا سبب للتحريم , سبب آخر استنبطه العلماء استنباطا مراعاة منهم للتاريخ البعيد حيث جاء في القرآن في قصة نوح عليه الصلاة و السلام مع قومه حينما نهاهم عن الشرك و دعاهم إلى عبادة الله وحده و ترك عبادة الأصنام لم يطيعوه و لم يصغوا إليه بل قال بعضعن لبعض كما قال تعالى ((لا تذرن آلهتكم و لا تذرن ودا و لا سواعا و لا يغوث و يعوق و نسرا)) يقول ابن عباس هؤلاء الخمسة كانوا عبادا لله صالحين فلما ماتوا و أرادوا دفنهم حيث يذكر الناس جميعا في المقابر جاءهم الشيطان بصورة ناصح قال هؤلاء هم من تعرفونهم في صلاحهم و إحسانهم إلى مجتمعهم فأنصح لكم بأن تميزوهم عن سائر الناس بأن تجعلوا قبروهم في أفنية دوركم فاستجابوا له و دفنوهم خارجين عن المقابر و قريبا من دورهم فكانوا كلما خرجوا من بيوتهم و دخلوا مروا عليهم في أول الأمر تذكروا أعمالهم الصالحة و ربما اقتدوا فمع الزمن بدأ الانفلات عن التوحيد إلى الإشراك بعض الشيء لكن الشيطان لم يقنع بهذا فجاء إلى الجيل الثاني و قال لهم هؤلاء كما علمتم من آبائكم هم من هم و لذلك فأنصح أن تتخذوا لهم أصناما خمسة لأن هذه القبور تذهب مع العوامل الطبيعية فاتخذوا لهم أصناما خمسة و وضعوها في مكان فزيّن لهم فيما بعد أن يضعوها في أماكن رفيعة تتناسب مع عظمتهم و ترجمة حالهم عندهم و كذا وضعت الأصنام في أماكن رفيعة فأخذوا يسجدون لها و يعظمونها من دون الله و ينذرون و يذبحون فوقعوا في الشرك الأكبر فأرسل الله إليهم نوحا عليه السلام ينذرهم مما هم فيه فتنادوا أن لا تسمعوا له و لا تطيعوه وقالوا ((لا تذرن آلهتكم و لا تذرن ودا و لا سواعا ... )) إلى آخره.
فإذا السبب الثاني الذي فهمه العلماء في سبب التحريم هو أن الصور كانت يوما ما سببا لتدرج الناس من الشرك الأصغر ثم إلى الشرك الأكبر , و الله عز و جل غيور فهو يغار على عباده المؤمنين أن ينحرفوا و لو فردا واحدا و لو بعد ألوف السنين بسبب ما ينحرف عن التوحيد إلى الشرك و لذلك سد هذا الباب بالنهي عن الصور التي مطلقا سواء كانت مجسمة أو غير مجسمة و النوعان معروفان قديما و سواء كانت التصوير يدويا كما كان الشأن قديما أو التصوير الآلي كما هو الشأن حديثا تصوير آلي صور مجسمة و هي الأصنام و تصوير آلي على الورق الصور الفوتوغرافية المعروفة اليوم كل هذا وهذا حرام لما ذكرناه من أحاديث ومن التفقه فيها.

(174/4)


«
مسألة استثناء الدمى من الصور المحرمة لما ورد في البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسرب إلى عائشة صاحباتها من أترابها ليلعبن معها ......... ) وما ورد عند أبي داود من قصة الفرس ذو الجناحين وكذا ما و»
الشيخ: و هناك بحث أو تتمة لهذا البحث و هو بعد أن عرفنا أن الصور كلها محرمة على هذا التفصيل السابق فهل هناك شيء يستثنى منها؟ الحديث الذي ترويه السيدة عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يسرب إليها صاحباتها من بنات جنساها و أترابها لتلعبن معها بلعب البنات أي بالصور التي كانت تصنع للبنت لتلعب بها و تتسلى في بيتها فكانت جيرانها من أترابها يسربهن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم فيدفعهن إليها ليلعبن معها هذا حديث رواه البخاري في صحيحه و روى أبو داود عنها بإسناده الصحيح أن النبي صلى الله عليه و آله و سلم دخل عليها يوما فوجدها بين لعبها و فيها خيل ذوات أجنحة فتعجب أو أظهر رسول الله صلى الله عليه و سلم تعجبه قائلا (خيل ذوات أجنحة) فقالت " يا رسول الله ألم يبلغك أن خيل سليمان عليه السلام كانت ذوات أجنحة؟ " فضحك الرسول عليه الصلاة و السلام و معنى هذا إقراره إياها على أمرين اثنين الأول على اللعب، اللعب بهذه اللعب و الأمر الثاني أن هذه اللعب لا مانع و لا بأس أن تكون مجسمة و ممثلة لخلق لا وجود له إلا في الخيال و أعني بذلك الخيل ذاوت الأجنحة فنستفيد من هذا الحديث الأخير الذي رواه أبو داود فائدة لا نستفيدها من الحديث الأول الذي رواه البخاري و هما كلاهما معا نستفيد منهما فائدة جواز لعب الأطفال بالصور المجسمة أما حديث عائشة عند أبي داود فالفائدة التي نستفيدها ما كانت لتخطر على بالنا لولا أن بعض الكتاب في العصر الحاضر حمل الأحاديث المحرمة للتصوير على ما إذا كان التصوير مغايرا لما خلق الله و على ذلك حمل الحديث أو أحد الأحاديث المتقدمة في الدرس الماضي الحديث القدسي (و من أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي فليخلقوا ذرة , فليخلقوا حبة , فليخلقوا شعيرة) حمل هذا الحديث على التصوير المباين لما صوّر الله و خلق فاستفدنا ردا على هذا الحمل من حديث عائشة المذكور لأن عائشة صورت خيلا ذوات أجنحة فهذا يخالف ما خلق الله فلو كان التحريم منصبا فقط على الصور التي تخالف في صورتها ما صور الله و خلق لكانت هذه الصور من الخيل ذوات الأجنحة لم يقرها الرسول عليه الصلاة و السلام لأنها لا تشبه ما خلق الله.
فهذه الفائدة استقل بها حديث أبي داود عن عائشة دلنا على أن العلة في تحريم الصور ليس هو أنه لا يشبه خلق الله بل التحريم مطلق يشمل كل صورة يصنعها الإنسان المخلوق إلا بما نحن في صدد استثنائه الآن حيث إن حديث عائشة الأول و الثاني دل على جواز لعب الأطفال بلعب البنات يعني الدمى و كذلك يدل على ذلك حديث أخرجه الإمام مسلم في صحيحه أن أصحاب النبي صلى الله عليه و آله و سلم كانوا حينما كانوا يصومون أطفالهم الذين لم يبلغوا الحنث و سن التكليف كانوا يصنعون لهم لعبا من العهن و القطن ليلتهوا بها عن الطعام و الشراب حتى يفطروا مع الصائمين الرجال الكبار فدل هذا الحديث و ذاك على جواز استعمال الصور التي الأصل فيها المنع فيما إذا كان يترتب على هذا الاستعمال فائدة راجحة لا يرتبط معها مفسدة واضحة هذا الحديث و ذاك الحديث حديث هام في نقدي و علمي لأنه يفسح المجال لأهل العلم أن يتخذوا مذهبا وسطا بين إباحة التصوير الذي جنح إليه اليوم كثير من العلماء و الكتاب إباحة عامة بحجة أن الصور اليوم تصور بالآلة الفوتوفراغية و قد عرفتم أن هذه الحجة حجة داحضة و بين علماء آخرين يلتزمون التحريم مطلقا دون أي استثناء فحديث عائشة و حديث الصحابة في اتخاذ اللعب من العهن فهذا و ذاك يدل أو يفسح المجال لأهل العلم أن يستثنوا بعض الصور من التحريم و هذا البعض ينبغي أن يكون مثل لعب عائشة و لعب الأطفال الصائمين أي لا يترتب من وراء ذلك إلا مصلحة أما لعب عائشة فالمصلحة فيها واضحة و هي ما في ذلك من تمرين الطفلة منذ حداثة سنها على الاعتناء بتربية أطفالها و أولادها و العناية بثيابها فتقا و رتقا و خياطة و نحو ذلك أما الحديث الآخر ففيه اتخاذ الصور ملهاة للأطفال عن الانصراف إلى الإفطار في الصيام الواجب فيمكن إذا تبين هذا إلحاق كل صورة بمثل هذه الصور إذا ترتب من وراء ذلك كما قلنا مصلحة راجحة و لم يقترن معها مفسدة ظاهرة.

(174/5)


«
تنبيه الشيخ على أن لعب البنات المباحة هي التي تصنع في البيت
الشيخ: أريد قبل الانتقال من هذا البحث إلى بحث جديد نسرد عليكم كالعادة أحاديثه من كتاب الترغيب أن أنبه على شيء لا يدخل في هذا الاستثناء و إن كان خلاف ما يظنه الكثيرون لعب البنات التي جاء الحديث بإباحتها إنما هي اللعب التي تصنع من داخل البيت فليس من هذه اللعب المباحة للأطفال الصغار هذه الأصنام و التماثيل التي ترد إلى بلادنا من بلاد الكفر و الفسق و الخلاعة باسم تسلية الأطفال فهذه اللعب ليست من صنع بيتنا و دارنا بل و لا من صنع بلادنا و إنما هي من صنع بلاد الكفر فإن هذه الصور ليس فيها ما في الصور التي تصنع في البيت مما أشرنا إليه من فائدة التدرب على الخياطة و نحو ذلك , و لذلك فلا يظهر فيها السبب في الاستثناء لهذه الصور من التحريم بل زيادة على ذلك إن هذه الصور تحمل معها عادات الإفرنج , عادات الكفار من حيث اللباس و الزينة و نحو ذلك فكأننا نقل بواسطة هذه الصور إلى بناتنا و هن بعد في سن الصغر العادات الكافرة فتعتاد عليها قبل أن تبتلى بلباسها ... الذي يمثل فتاة تلبس ما يسمى باللغة العربية بالتبان يعني اللباس الذي ليس له أكمام يعني الشرت مثلا الكالسون فهي ترى هذا فقد تنشأ على ذلك و تطلب نفسها مثل هذا اللباس و لو كان عرف و تدين أهل بيتها لا يساعدها على هذا اللباس و هي في هذا السن فتنشأ و تنشأ و تكبر و هي ترى هذه المناظر فتعتاد على ذلك و تتطلب نفسها فيما بعد مثل هذا اللباس و مثل هذه الزينة التي ليست هي زينة المسلمين , لذلك لا أرى أن هذه التماثيل و الأصنام التي يشتريها الآباء للأولاد هي من الصور المستثناة من التحريم هذا الذي أحببت التذكير به والذكرى تنفع المؤمنين.

(174/6)


«
الكلام على بقية الأحاديث في باب التصوير والتزويق من خلال شرح الحديث الذي ورد فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأتزر بمرط فيه صور رحال وبيان جواز الصور التي ليس فيها روح
الشيخ: ... الذي كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يتّزر به إنما كان إما من صوف أو ... من غيره ثم ذكر أن هذا المرط كان مرحلا ففسر المرحل بأن عليه صور الرحال ففيه إشارة إلى أن التزويق و التصوير و التمثيل و هو التصوير كان معهودا في عهد الرسول عليه السلام و لكنهم كانوا يبتعدون عن تصوير ما له روح و حياة ذلك لأن الإسلام حرم التصوير ما دام صورة لها روح و سواء كانت هذه الصورة مجسمة أو غير مجسمة سواء كان لها ظل أو ليس لها ظل كمثل هذه الرحال التي كانت تصور في هذه ... أو في مثل هذا المرط الذي خرج للرسول عليه السلام على الصحابة يوما و عليه صور الرحال أي السرج يعني بدون راكب , ففيه تنبيه إلى أن المسلم إذا أراد أن يشبع نهمة فنه كما يقولون اليوم فمجاله في هذه الحدود فيما أحل الله عز و جل من التصوير لكل شيء لا روح فيه فيجوز أن يصور الأشجار و الأنهار و الجبال و الصور الطبيعة كلها و لا يصور الإنسان و الحيوان هذا يؤخذ من كون مرط الرسول عليه السلام كان مرحلا عليه صور الرحال

(174/7)


«
إذا اقتنع شخص بعدم جواز التصوير فهل له أن يحتفظ ببعض الصور للذكرى وهي عنه مخبأة؟»
الشيخ: إنسان اقتنع بعدم جواز التصوير فهل له أن يحتفظ ببعض الصور القديمة للذكرى علما أنه لا يعرضها؟
كثر هذا السؤال و هو أمر عجيب إذا كنا اقتنعنا أن التصوير لا يجوز لا اقتناءه و لا تصويره و لا نحو ذلك فلماذا الإحتفاظ به في بيوتنا زعموا للذكرى , فالذكرى هذه أو هذا النوع من الذكرى ليست ذكرى إسلامية هذه ذكرى كافرة أجنبية هم يتعاملون بهذه النماذج من هذه الذكريات يعملوا رحلة ياخذوا صورة واحد يقف أمام صخرة واحد أمام شجرة هذه الذكرى أما الذكرى الإسلامية الصحيحة و هو التناصح و التذاكر في العلم و التعامل بالأخلاق الحسنة الجميلة هذه هي الذكرى الحق و هذه هي التي يستفيد منها المسلم لذلك أنا أعتقد أن كل شاب مسلم ابتلي بزمانه بمثل هذه الذكرى الكافرة الأجنبية فاحتفظ عنده بصور لأصداقه فينبغي أن يبادر إلى تمزيقها و إلى عدم الاحتفاظ بها لأن الاحتفاظ بها أقل ما ... أنه يرى جواز التصوير و إن كان هو يقول أنا اقتنعت بأن التصوير حرام لكن هذا الاقتناع كما قال " و كل إناء بما فيه ينضح " هذا الاقتناع إذا كان صحيحا فسوف يبادر إلى تمزيق كل صورة لديه , اللهم إلا ما لا بد منها لا يفهم بعض السامعين يمزقون الجوازات و الهويات و نحو ذلك لأنك ستضطر إلى أن تزيد ضرورة أخرى بأن تتصور مرة ثانية ... الأولى فالضروات تبيح المحظورات صحيح و لكن الضرورة تقدر بقدرها و نحن نعرف من سيرة السلف الصالح و عليهم رسول الله صلى الله عليه و سلم مع الفرق الكبير بيننا و بينهم نحن عشنا في جو إسلامي و مع ذلك فلا نعيش مع الأسف في جو إسلامي أما هم عاشوا في جو جاهلي ثم جاءهم الإسلام فعالج فيهم كثيرا من المنكرات منها الخمر فلما نزل تحريم الخمر ماذا فعل بالخمور التي كانت عندهم و كانوا لما اشتروها داخلة في باب الإباحة و باب الحلال لقد أراقوها حتى سالت الطرق في المدينة بالخمور ما واحد قال واحد منهم يا أخي ما كنت أعرف هو معذور لأنه ما كان فيه حكم شرعي يومئذ أما التصوير قبل ألف و أربعمائة سنة تأتينا الأحكام و الأحاديث عن الرسول عليه الصلاة و السلام تترى أن (كل مصور في النار) (لا تدخل الملائكة فيه صورة أو كلب) و بعدين نعيش في جو لا إسلامي كما ألمحت آنفا لأن المسلمين لا يعرفون الإسلام لا يعرفون دينهم قد كان هذا ثم هدى الله من شاء من الشباب المسلم فعليهم أن يحسنوا التوبة و أن يقلعوا عن كل هذه الصورة و أن يمزقوها شر ممزق إن كانوا حقيقة اقتنعوا بتحريمها ... .

(174/8)


«
جواب الشيخ عن سؤال حول تغيير شيء من جسم الإنسان لأجل التحسين؟»
السائل: ... .
الشيخ: لو إيش ..
السائل: ... عن الحركة أو العمل ... ؟
الشيخ: قلنا هناك أخي فيه بحث طول التغيير لا يجوز إلا لضرورة إذا قيل ضرر مباشر فيصلح هذا لأن هذا ليس من باب التزين بحثنا في التغيير هو كما قال عليه السلام في حديث (لعن الله النامصات و المتنصمات و الواشمات و المستوشمات و الفالجات المغيرات لخلق الله للحسن) فأي شيء يغير من بدن الرجل بل و المرأة ابتغاء التحسين و التزيين فهذا حرام لا يجوز.

(175/1)


«
ما حكم اقتناء أواني الذهب والفضة لا للأكل والشرب ولكن للتزيين مع الدليل؟»
السائل: ما حكم اقتناء أواني الذهب و الفضة لا للأكل و الشرب و إنما لمجرد الاقتناء؟
الشيخ: لا يجوز.
السائل: مع الدليل؟
الشيخ: الدليل بلا شك هذا يعرفه أهل العلم لما حرم الرسول صلى الله عليه و آله و سلم الأكل في آنية الذهب و الفضىة معنى ذلك أنه لا يجوز ضمنا أن يتعاطى هذه الأواني و يزين بها منزله كما جاء في السؤال لا ليأكله أيضا لكن تعاطيها يفتح الطريق للأكل و الشرب فيها فهنا يقال تحريم الشرب في آنية الذهب و الفضة من الناحية الشرعية مقصود لذاته أما تحريم اقتناء آنية الذهب و الفضة ... الشرب و الأكل فيها مقصود لغيره يعني هذا حرم للغير لا للذات , مثاله حرم الشارع الحكيم الخمر و أنه مهما كان المشروب من الخمر قليلا بحيث لو أخذ ملعقة صغيرة و غطسها في الخمر و عمل هكذا هذا لا يؤثر فيه لكن هذا محرم مع أنه لا يؤثر فيه لماذا؟ لأن هذه القطرة قد تجلب إلى هذا الذي شربها قطرتان و ثلاثة و رابعة حتى يقع في إدمان الخمر و ذلك فالمحرمات في الشريعة تنقسم إلى قسمين و هذه قاعدة ينبغي على كل طالب علم يريد أن يتفقه في الدين تفقها صحيحا أن يكون على ذكر الله المحرمات في الإسلام قسمان محرم لذاته محرم لغيره المحرم للغير مش ضروري يكون منصوصا عليه المنصوص عليه , فالمنصوص عليه المحرم لذاته فإذا علمت أن شيئا محرما لذانه فكل ما يؤدي إلى الإبتلاء بذلك المحرم لذاته يبقى هو محرما لا لذاته و إنما لغيره فلذلك قد فصل الرسول عليه السلام هذا في الحديث المشهور قال عليه السلام (كتب على ابن آدم حظه من الزنا فهو مدركه لا محالة فالعين تزني و زناها النظر و الأذن تزني و زناها السمع و اليد تزني و زناها البطش - مصافحة الرجل المرأة يعني المصافحة و اللمس - والرجل تزني و زناه المشي والفم يزني يزني و زناه القبل و الفرج يصدق ذلك كله أو يكذبه) فإذا نظر الرجل إلى المرأة نظرة الفجأة فهو عفو , لذلك لما سئل عن هذه النظرة نظرة الفجأة قال (اصرف بصرك) و قال في حديث علي في السنن و غيره (النظرة الأولى لك و الثانية عليك) الثانية عليّ ليه؟ المرأة ماشية من هناك فنظرت إليها النظرة الثانية ما الذي أصابها لا شيء و لا خبر عندها بنظرتي ما الذي أصابني أنا لا شيء سوى أني نفذت شهوة بصر مستقر شيء في نفسي لكن هل هذه النظرة الثانية تؤدي بهذا الناظر إلى أن يقع في الفاحشة الكبرى؟ قد و قد و في الغالب لا , لكن الشارع من دقته في التشريع يحرم الشيء الذي هو مباح و هو النظر خشية أن يؤدي إلى ما هو محرم فهذا النوع مثل تحريم النظر و السمع اسمه تحريم للغير مو لذاته لأنه النظر و السمع و البصر هذه من نعم الله علينا لكن إذا نظرت فيها إلى حرام يخشى أن يؤدي الأمر إلى ما هو الفاحشة الكبرى كما سمعتم في الحديث السابق لذلك قال أحد الشعراء ليحقق معنى الحديث السابق بشعر جميل قال نظرة للمرأة الأجنبية:
"
نظرة فابتسامة فسلام *** فكلام فموعد فلقاء "
هكذا يأتي الشر و لذلك قال الشاعر العربي القديم:
"
و ما معظم النار إلا من مستصغر الشرر "
كبريتة تعمل فيها نار تأكل البلد و ما فيها , لذلك الشارع الحكيم جعل المحرمات على قسمين فلا يقول أحد إيش فيها إذا اشتريت أواني الذهب و الفضىة و وضعتها في البيت و أنا لا أشرب فيها لا يقول هذا لأن هذا مفتاح الشر ثم ما يدريك أنت هذا مثل استعمال الراديو مثلا أو استعمال التلفزيون بصورة أخص ما يدريك أنت الذي تقول أنت أنا آتي بالتلفزيون و أستعلمه في المناظر أو المناهج المشروعة و المفيدة العلمية ما يدريك أنه في قفاك أنت و بعد أنت في قيد الحياة ألا يستعمل هذا التلفزيون في معصية الله في بيتك في عقر دارك؟ ما يدريك أنت لما تأتي بأواني الذهب و الفضة أن تستعمل هذه الأواني في غفلة منك بالطعام والشراب لا سيما بعد وفاتك؟ فاقطع دابر الشر بأن تقف مع النص الذي يأمرك أن لا تتعاطى وسيلة تؤدي بك إلى ارتكاب ما حرم الله و لذلك يقولون عندنا في الشام " ابعد عن الشر و غن له! " بكيفك ما دام أنت بعيد عن الشر و مثله " الذي يريد أن لا يشوف منامات مكربة لا ينام بين القبور " وهكذا هذا كله كلام مأخوذ من هدي الرسول عليه السلام غيره.
السائل: أول شيء الذي ... وهو يتوضأ على أساس يصلي العصر؟
سائل آخر: ... عندنا مثال يقال ... بثالث ... .
الشيخ: تمام.
السائل: نكمل السؤال هذا ... .

(175/2)


«
ما حكم استعمال القلم الذهبي؟»
السائل: مثل لو كان القلم لا يؤدي إلى ... أو كذا هل يحلق بالتحريم؟
الشيخ: لا هذا يدخل في المستعمل لهذا الذهب هل هو ذكر أو أنثى إذا كان أنثى فالمبيح لها إلا ما استثني أما إذا كان المستعمل لهذا الذهب هو الذكر و كان الذهب فعلا ذهب و له قيمته ما هو عبارة عن قشرة و ما شابه ذلك فلا يجوز استعماله للرجال بخلاف النساء.
السائل: القلم يعتبر من الحلي ... ؟
الشيخ: لا. لو كان من الحلي لأنه غير محلق لو كان القلم كله ذهبا جائز للنساء دون الرجال فالإشكال بالنسبة للذهب و إلا فيه شيء!
السائل: لا هو ... الحلي مما تتحلى به المرأة ... ؟
الشيخ: و غير شيء.
السائل: القلم ... .
الشيخ: وغير شيء إيش تتصور!
السائل: إنه ما يجوز لها؟
الشيخ: لا. يجوز كل شيء إلا ما كان طوقا و آنية الذهب و الفضة يعني الذهب المحلق هو فقط المحرم على النساء زائد أواني الذهب والفضة.
السائل: جزاك الله خيرا.
سائل آخر: ... يقولون ... .
الشيخ: ... .

(175/3)


«
ما معنى عبارة (لازم المذهب ليس بمذهب) وهل هي صحيحة؟»
السائل: يقول السائل ما معنى العبارة التي تقول لازم المذهب ليس بمذهب و هل هي صحيحة أم لا؟
الشيخ: هي في نفسها صحيحة و معناها أن الإنسان قد يقول قولا و يكون من لازم هذا القول معنى لا يخطر في بال قائل ذلك القول فلما يصير نقاش بينه و بين بعض الناس يلفت هذا البعض نظر ذلك القائل أن هذا يلزمك أنت كذا و كذا , يقول لا أنا ما أقصد هذا وإنما أقصد هذا فلازم المذهب ليس بمذهب وهذا فيه شيء من الدقة و معروف عند أهل العلم أضرب لكم مثلا مما ابتلي به المسلمون قديما و حديثا لما يتخذ نفاة الصفات موقفا خاصة تجاه السلفيين الذين يؤمنون بالصفات لرب العالمين دون تشبيه و دون تأويل أو تعطيل يأتي المخالف فييؤول بعض تلك الصفات بتآويل يطلع منها محظور ما هو هذا المحظور مثلا يقولون في تأويل قوله تعالى ((الرحمن على العرش استوى)) يعني استولى فيأتي الإعتراض من المؤمنين بالصفات الإلهية على الطريقة السلفية هذا أنت يلزمك أمر خطير جدا و هو أن قولك استوى معناه استولى لازم هذا التأويل أن الله عز و جل مضى عليه و لو برهة من الزمن كان غير مستوليا على الكون لأنك أنت تقول بتقول ((ثم استوى على العرش)) أي ثم استولى فقبل ذلك من كان مستوليا؟! فهذا لازم المذهب فيرجع هو لأنه مخطئ بالتأويل يقول لك لا , أعوذ بالله أنا ما أقصد هذا بس أقصد معنى ليس فيه هذا المعنى الذي ألزمتني به فهذا كثير في استعمالهم و نبيّن له ذلك المحظور فإن التزم القول السابق الذي لزم منه المحظور اللاحق حيئذ أدين به أما رأسا ما نتهمه بأنه يقول بذاك اللازم من مذهبه وقوله. غيره؟

(175/4)


«
نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن الابتداع في الدين فما حكم المصالح المرسلة؟»
السائل: يقول نهى الرسول صلى الله عليه و سلم عن الابتداع في الدين فكيف بما يسمى بالمصالح المرسلة؟
الشيخ: فكيف؟
السائل: المصالح المرسلة هل هي من الابتداع أم شيء آخر؟
الشيخ: المصالح المرسلة أولا ليس لها علاقة بموضوع الإبتداع في الدين و هذه نقطة مهمة جدا , ذلك لأن الابتداع في الدين إنما يقصد المبتدع بتلك البدعة زيادة التقرب إلى الله تبارك و تعالى , المبتدع في الدين إنما يريد من بدعته أن يزداد بها تقربا إلى الله تبارك و تعالى هذا هو قصد المبتدع و لذلك تأتي عليه كل النصوص التي تحرم الإبتداع في الدين أول ذلك الآية الكريمة ((اليوم أكلمت لكم دينكم و أتممت عليكم نعمتي و رضيت لكم الإسلام دينا)) تمت النعمة عليكم فلم يبق هناك مجال لأحد أن يبتدع عبادة يزداد بها تقربا إلى الله كيف و قد قال رسول الله (ما تركت شيئا يقربكم إلى الله إلا و ما أمرتكم به) فكيف أنت تأتي بعبادة تدعي أنها تقربك إلى الله و رسول الله صلى الله عليه و سلم لم يأت بها! هذا مما يلزم المبتدع في الدين و ليس كذلك بالنسبة للذي جاء بأمر جديد لكن لا بقصد زيادة التقرب إلى الله و إنما بقصد أن هذا الأمر الذي حدث يؤدي إلى أمر مشروع بالنص و أنا كنت ذكرت منذ أيام قريبة الفرق بين البدعة و بين المصلحة المرسلة ذكرت هذا الفرق ليس بهذه الصراحة لكن بتوضيح أن ليس كل ما يحدث بعد الرسول عليه السلام يحشر في البدعة المذمومة في الإسلام , و إنما الذي يحدث بعد الرسول بقصد زيادة التقرب إلى الله عز و جل فهو الذي ينطبق عليه كل النصوص السابقة بالإشارة إليها و منها قوله عليه السلام (كل بدعة ضلالة و كل ضلالة في النار) ذكرت يومئذ من الأمثلة إخراج عمر بن الخطاب لليهود من خيبر لا شك أن هذا الإخراح حدث بعد وفاة الرسول عليه السلام و بعد وفاة أبي بكر رضي الله عنه و بعد مدة من خلافة عمر بن الخطاب فهل هذه بدعة في الدين؟ الجواب لا , لأن البدعة في الدين هو أمر محدث بقصد زيادة التقرب إلى الله تبارك و تعالى أما شيء حدث لا يقصد به زيادة التفقب إلى الله وإنما يقصد به تنفيذ حكم من أحكام الله منصوص على هذا الحكم في كتاب الله فهنا تجدون أن عمر بن الخطاب لما أخرج اليهود من خيبر إنما نفذ شرطا من شروط النبي صلى الله عليه و سلم حينما صالح اليهود على أن لا يخرجوا من خيبر و أن يضلوا فيها هذه القرية و يعملوا فيها و لهم الشطر مما تنبته الأرض و للرسول عليه السلام الشطر الآخر كان مما شرط الرسول عليهم قال (إننا نقركم فيها ما نشاء) هذا الشرط ما هو أبدي و إنما بما يبدو لنا نحن المسلمين (نقركم فيها ما نشاء) فلما بدا لعمر بن الخطاب أن المسلمين لم يعودوا بحاجة إلى استغلال علم اليهود في الحرث و الزرع و الضرع استغنى عنهم ... أرض الله الواسعة تماما كما هو اقع في كثير من البلاد الإسلامية اليوم يضطرون إلى أن يستجلبوا موظفين أجانب و قد يكونوا كفارا لكي يستفيدوا منهم في إدراة شؤون البلاد و توسع في خيراتها و النواحي الزراعية الاقتصادية و إلى آخره فإذا ما صار أهل البلاد أنفسهم على علم بذلك استغنوا عن هؤلاء و قيل لهم ارجعوا من حيث أتيتم.
الشاهد أن عمر لما أخرج اليهود من خيبر هذا أمر جديد ما وقع في عهد الرسول عليه السلام لكن هذا الأمر الجديد له أصل أصيل في الشرع و هو الشرط الذي ذكرناها آنفا مما اشترطه الرسول عليه الصلاة و السلام على اليهود فالمصلحة المرسلة هي صحيح صاحب حدث جديد ولكن يؤدي إلى تحقيق مصلحة مشروعة بالنص و مع ذلك هنا تفصيل دقيق و هو شيء الذي ينبغي أن يعرفه طلاب العلم المصلحة التي جدت و تحقق فائدة شرعية منصوص عليها في الشرع مثلا الطائرة هذه و السيارة هذه أشياء لم تكن في الزمن السابق فإذا المسلم استعملها لتحقيق هدف شرعي إسلامي فهذا يدخل في باب المصالح المرسلة يعني المصالح المتروكة للزمن فلكل زمن ملابساته و مبتكراته و مخترعاته فإذا المسلمين اليوم حرصوا على اقتناء السيارات و الطائرات لا أقول فقط لقضاء الحاجات الضرورية و الكمالية لكن أقول للتقوي ليتمكن المسلمون على صد عدوان الكفار فهل حيئذ نقاتل الكفار بالآلات القديمة التي ورثانها عن آباءنا و أجدادنا بدعوى أن هذه الوسائل الجديدة هي من محدثات الأمور؟ الجواب لا هذه الوسائل الجديدة لا تدخل في محدثات الأمور المذمومة شرعا هي التي تكون في الدين أما هذه الوسائل فهي أمور دنيوية و لكن نحن نأخذ بها خاصة في موضوع التمكن على أعداء الله في كل بلاد الله و حين ذاك يدخل هذا النص لتحقيق أمر من أوامر الله ألا وهو قوله تبارك و تعالى ((و أعدوا لهم ما استطعتم من قوة و من رباط الخيل ترهبون به عدو الله و عدوكم)) إذا إذا أخذنا بهذه الأمور المحدثة اليوم و هي وسائل تقوينا ضد خصومنا و أعدائنا يكون أخذنا بمصالح مرسلة لأنها تحقق أمرا مشروعا و هو التقوي على أعداء الله , ننزل درجة الآن نحن مع الأسف الشديد متأخرون جدا في هذا المجال من حيث الإستعداد بالقوة المعروفة اليوم لملاقاة و مجابهة أعداء الله يجوز لنا أن نأخذ بهذه الوسائل من باب أن الله عز و جل أنعم على عباده حين قال ((و خلقنا لهم من مثله ما يركبون)) فالدواب كانت معروفة لكن خلق لهم من مثله ما يركبون يومئذ السفن في البحار كأنها الجبال الشامخة تمشي في البحار و تخوض فيها اليوم ما شاء الله تجد الباخرة كأنها بلدة وسط البحر و تجد الطائرة كأنها قصر يطير في السماء و هكذا هذه الوسائل أشار الله عز و جل إليها أنها من فضل الله تبارك و تعالى على بعباده بها و لذلك منّ عليهم بقوله ((وخلقنا لهم من مثله ما يركبون)) وفي آية أخرى تتميما للتذكير بالنعمة و إيش الآية ((و يخلق ما لا تعلمون)) و هذه الطائرة التي نراها اليوم بل السيارة هي مما خلق الله عز و جل مما لا يعلمها أسلافنا الأول , إذا يجوز اتخاذ أي وسيلة وسيلة مش هدف و قصد لزيادة التقرب إلى الله أي وسيلة حدثت يجوز أن نأخذ بها و نتبناها لنا كأمر جائز في شريعتنا ما دامت تحقق أمرا مشروعا بالنص.

(175/5)


«
ذكر الشيخ لشروط الأخذ بالمصالح المرسلة وضرب الأمثلة على ذلك من الواقع مما يدخل فيها أو لا يدخل
الشيخ: لكن مع ذلك هذه الوسائل التي حدثت فيما بعد لا يجوز اتخاذها و لا إدخالها في باب المصالح المرسلة إلا بشرطين اثنين أولا أن لا تكون هذه الوسيلة كانت ممكنة الأخذ بها في عهد الرسول و مع ذلك فالرسول عليه السلام ما أخذ بها و لا تبناها مثاله اليوم فيه ضرائب في كل الدول الإسلامية مع الأسف تفرض على الشعوب المسلمة بحكم أن مصلحة الدولة تقتضي فرض هذه الضرائب التي تسمى بلغة الشرع بالمكوس و منها الجمارك يقال هذه الوسيلة حدثت بعد الرسول عليه السلام و لا يبرر التمسك بها أن المقصود بها تحقيق هدف لصالح الأمة لأننا نقول هذه الوسيلة كان من الممكن أن يأخذ الرسول صلوات الله و سلامه بها يوم كانت الشريعة تنزل عليه تترا و مع ذلك اكتفى بفرض الزكاة و لإملاء بيت مال المسلمين و اكتفى بأسباب منها المغانم التي يغنمها المسلمون بحروبهم للكفار و غير ذلك من الوسائل التي تفصل في كتب الحديث و كتب الفقه فاتخاذ وسيلة اليوم لنفس تحقيق الغرض و هو مصالح الدولة و هو إملاء خزينتها بالمال ما دامت الوسيلة هذه كان من الممكن اتخاذها في عهد الرسول عليه السلام و لم يتخذها فيكون اتخاذها لنفس الغرض إحداثا في الدين و مثال أقرب و أقرب من هذا بكثير و لعل كثيرا من الحاضرين لم يسمعوا به كلنا يعلم أن الزكاة المفروضة كانت تجمع في عهد الرسول صلى الله عليه و سلم بموظفين يعرفون بالسّعاة يعرفون اليوم بالجباة أما قديما كان يسمى الذي يجبي الأموال الساعي و جمعه السعاة يطوفون على أصحاب البقر و المواشي و أصحاب الأراضي التمر و القمح و الشعير فيجمعون كل شيء من هذه الأجناس في الموسم و يسوقونها إلى بيت مال المسلمين و في نظام دقيق جدا مفصل كل التفصيل في كتب السنة و كتب الحديث , لكن لعل الكثير من الحاضرين لا يعلمون أو لا يتنبهون أن هؤلاء السعاة ما كانوا يجمعون زكاة النقدين ما كانوا يجمعون من الأغنياء زكاة النقدين و ما كانوا يفحصون خزائن الأغنياء هات نشوف أنت أيش عند مال في المائة اثنين و نصف يعمل حسابه يأخذ منه هذا لم يكن في عهد الرسول عليه السلام بخلاف زكاة المواشي و الزروع فكان لها موظفون مختصون بجمعها من الذين وجبت الزكاة عليهم فيها أما زكاة النقدين زكاة الذهب و الفضة فهذا قد وكل الشارع الحكيم أمرها إلى المسلم الغني فهو الذي يكلف بإخراج هذه الزكاة دون أن يكون عليه مطالب أو رقيب أو عتيد فلو أن دولة ما اليوم أرادت أن تجمع زكاة أموال النقدين كما كانوا من قبل في عهد الرسول عليه السلام يجمعون زكاة المواشي و الزورع بواسطة السعاة يكون هذا ابتداع في الدين لأن النبي صلى الله عليه و سلم الذي شرع للمسلمين أن يعطوا الزكاة للسعاة الموظفين الذين يذهبون إلى أصحاب تلك الأموال فيجمعونها منهم هذا الرسول عليه السلام الذي شرع من الله تبارك و تعالى هذا الجمع بهذه الطريقة ما شرع لأولئك السّعاة و لأولئك الجباة أن يجمعوا زكاة النقدين فالذي شرع ذلك ما شرع هذا فإذا جئنا نحن وشرعنا من عندنا وسيلة جديدة كان المقتضي لتشريعها في عهد الرسول عليه السلام و مع ذلك ما شرعه يكون هذا من الابتداع في الدين و مثال أخير و بذلك أظن يكفي لشرح موضوع المصالح المرسلة أنها كل وسيلة تؤدي إلى تحقيق أمر شرعي لكن بشرط أن تكون هذه الوسيلة حدثت فيما بعد و لم يكن المقتضي للأخذ بمقتضاها في عهد الرسول عليه السلام فمثل أخير ذكرته بمناسبة قريبة لكن إتماما الفائدة أذكر بهذا السبب و هو الأذان لصلاة الإستسقاء أو لصلاة الكسوف هذا لا يشرع لأن الرسول عليه السلام صلى صلاة الكسوف و ما أذن كان المقتضي لجمع الناس بطريقة الأذان موجودة في عهد الرسول و مع ذلك ما شرع لهم هذه الوسيلة مع أنها مشروعة بالنسبة للصلوات الخمس و بالتالي أن لا يشرع لها أي وسيلة أخرى كما وقع لي كنت في الشارقة يوم خسف القمر يمكن خسف عندكم أيضا ... .
السائل: نعم.
الشيخ: و نحن غرباء عن تلك البلدة في نصف الليل تقريبا نسمع ضوضاء حولنا و لا نفهم لغتهم جيدا بعد ذلك أحد عائلتي يلفت نظري و نحن كنا في الغرفة أن القمر قد انخسف حينئذ تنبهنا إلى أن الأمر عبارة عن تكبير و تهليل من مختلف النواحي فقلنا في أنفسنا أن هذا طبعا لم يكن في عهد الرسول عليه السلام وإنما كان يجمع الناس لمثل هذه الصلاة بمثل قول المؤذن الصلاة جامعة الصلاة جامعة مع ذلك قلت هذه الوسيلة التي رأيناها هناك في الإمارات خير من الوسيلة التي نعرفها في بلادنا السورية هناك تسمع ضجيجا عجيبا و هو الضرب على الأواني النحاسية الأواني التي يطبخون عليها يضربن عليها ضرب مزعج جدا فتسمع ضجيجا في البلد كله هذه أثر من آثار تقاليد الخرافية المحضة لأنه من السائد عندنا هناك أنه الكسوف سببه هذا الحوت ... فيحاول أن يبتلع القمر و لذلك فهم يخوفون هذا الحوت المزعوم بمثل ذلك الضرب المزعج فقلت أنا على كل حال لا يشرع لصلاة الكسوف الأذان الذي لا وسيلة أحسن منه لأن الرسول صلى الله عليه و سلم لم يفعله فإذا المصلحة المرسلة هي كل سبب يؤدي إلى تحقيق أمر شرعي منصوص عليه في الكتاب و السنة لكن هذا السبب لم يكن المقتضي للأخذ به قائما في عهد الرسول عليه السلام فإذا كان قائما و الرسول لم يتبنه فحينئذ لا يجوز لنا أن نتبناه.

(175/6)


«
جاء في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر عن انقسام هذه الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلى الفرقة الناجية فما هي سمات هذه الفرقة وهل تدخل النار مع الثلاث والسبعين تبرئة للقسم؟»
السائل: جاء في الحديث الصحيح أن الرسول صلى الله عليه و سلم أن هناك ثلاثا و سبعين فرقة ثم أخبر أن كلها في النار إلا واحدة، السائل يسأل و هو أكثر من سؤال ما هي مواصفات الفرقة الناجية ثم هل هي تدخل النار مع الداخلين مع الثنين و السبعين فرقة تبرئة للقسم أم لا؟
الشيخ: الفرقة الناجية قد أخبر الرسول عليه السلام خبرا واضحا و بينا لم يدع مجالا للشك بل و لا للسؤال عنها حينما قال هي التي (تكون على ما أنا عليه و أصحابي) فكل فرد بل كل طائفة و كل جماعة تنحو منحى ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه و سلم و أصحابه في كل نواحي الشريعة من العقيدة و الحكم و الخلق و السلوك فهي الفرقة الناجية و هي التي نجاها الرسول عليه السلام من أن تكون من الفرق الهالكة و عددها انثين و سبعين فرقة أما هل تدخل النار حتى هذه الفرقة الناجية التي أخبر الرسول عليه السلام أنها ليست كالفرق الهالكة التي تدخل النار فهل هذه الفرقة الناجية تدخل النار من باب إبرار القسم من الله عز و جل في قوله ((و إن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا)) الجواب و أظن أننا تكلمنا في هذا بالتفصيل في بعض الأشرطة الجواب باختصار أن الآية جوابها في تمامها صحيح أن الآية تصرح بأنه لا يبقى أحد من بر أو فاجر إلا يدخلها بصريح الآية ((وإن منكم إلا واردها)) أي داخلها و لكن الجواب في تمامها ((ثم ننجي الذين اتقوا و نذر الظالمين فيها جثيا)) فكل مسلم داخل و وارد على النار لكن بين أن يكون ورود مرور ترانزيت و هو محجوب عن أن يتأثر بالنار و بين أن يكون ورود تمسه النار بعذاب و لو بطريق اللفح لأن كل إنسان على حسب ذنوبه و بين يكون ورود بمعنى مكث فالعذاب له أنواع كثيرة على حسب ذنوب هؤلاء الناس أما الأبرار الأتقياء الذي حرم الله بدنهم على النار فهؤلاء يمرون في نار جنهم و لا تمسهم بعذاب فحينئذ الذي أثبته الرسول عليه السلام في حديث الفرق الثلاثة و السبعين للفرق الهالكة فقال فيها كلها في النار هذه النار غير النار التي أقسم الله عز و جل فقال ((و إن منكم إلا واردها)) هذه النار ((و إن منكم إلا واردها)) بالنسبة لكثير من الناس تكون من النوع الذي حكم به عليه السلام لاثنين و سبعين فرقة أما الفرقة الناجية من ذاك النوع من النار فهذه الفرقة تدخل النار ولكن دون أن تسمها النار أحدا منهم بعذاب هذا ملخص الجواب.

(175/7)


«
يخرج أحيانا من النساء سائل أبيض فما أدري أهو من شهوة أم من البرد؟»
السائل: فيه هنا سؤال فقهي يقول يخرج أحيانا مني سائل أبيض فما أدري هل هو من أثر شهوة أم برد فأكون في شك فما هو العمل؟
الشيخ: السائل رجل؟
السائل: يبدو امرأة.
الشيخ: هذا يحتاج إلى استيضاح أن هل هناك مثيرات أو شيء طبيعي كما يخرج من الناس سلس بول و نحو ذلك.
السائل: الاستيضاح غير ممكن الآن لنفترض طبيعي؟
الشيخ: ما يترتب منه إلا ربما الوضوء أي نعم.

(175/8)


«
هل يجوز الاختلاط مع إخوان زوجي وأزواج أخواتي وأبناء عمتي؟»
السائل: يقول هل يجوز الاختلاط مع إخوان زوجي و السائلة امرأة و أزواج أخواتي وأولاد عمتي أم لا يجوز الجلوس معهم و الحديث؟
الشيخ: كمان السؤال امرأة؟
السائل: امرأة.
الشيخ: المحارم هم الذين فقط يجوز للمرأة أن تخالطهم و تجالسهم و أن تتحدث معهم أما الأقارب الذين ليسوا بمحارم فلا يجوز المرأة المسلمة أن تخالطهم و أن تكالمهم لأن هذا من جملة الوسائل و الأسباب التي تفتح باب الشر كما سبق بيانه في جواب سابق عن مسألة أخرى و قد قال عليه الصلاة و السلام إشارة إلى خطر مثل هذه المخالطة أنه لما نهى عن الاختلاء بالمرأة فقيل له عليه السلام أرأيت الحمو؟ قال (الحمو الموت) يعني قيل له أرأيت أقارب الزوج أو الزوجة إذا خلت المرأة بهم هؤلاء أقارب يعني مو مثل ما يقول اليوم مع الأسف إذا ما أنكر مثل ذلك الاختلاط أو تلك الخلوة إذا أنكر ذلك تقول المرأة يا أخي ما فيه أحد غريب ابن عمي و ابن خالي و ابن خالتي فالرسول عليه السلام يرد هذه الدعوى فيقول (الحمو الموت) أي مخالطة المرأة لأقاربها غير المحارم فيه تعريض لنفسها للموت موتا معنويا.

(175/9)


«
لي أخت نمامة هل يجوز الذهاب إلى بيتها وزيارتها؟»
السائل: السؤال أيضا للنساء تقول أختي نمامة تتحدث دائما عن الناس عن فلان و علان هل يجوز الذهاب إلى بيتها و زيارتها أم لا؟
الشيخ: أقول يجب ليس فقط يجوز يجب الذهاب إلى بيتها مع متابعتها في توجيه النصح إليها أما تعمل كذا فقاطعناها و دابرناها فمن يصلحها؟ لا بد من زيارتها و لا بد من متابعتها بالنصيحة و من أجل ذلك قال عليه الصلاة و السلام في الحديث الصحيح المعروف (الدين النصيحة , الدين النصيحة , الدين النصيحة) قالوا " لمن يا رسول لله؟ " قال (لله و لكتابه و لرسوله و لأئمة المسلمين و عامتهم) فهذه المرأة من عامة المسلمين فيجب أن ننصحها متى لا نذهب إليها حينما يتبين لنا أنها امرأة مفسدة و أنها لا استعداد عندها أبدا أن تتراجع عن نميمتها أو عن استغابتها للناس حينئذ نقاطعها لعل الله عز و جل يهديها سواء السبيل.

(175/10)


«
هل يجوز التعاون مع رجل أشعري العقيدة من أجل الدعوة إلى الله إذا كان هذا التعاون لا يؤدي إلى مفاسد بل إنه إن لم يتعاون معه فستتشتت جهود المسلمين؟»
السائل: سؤال فكري هذا يقول هل يجوز التعاون مع رجل أشعري العقيدة في مجال الدعوة إلى الله بحجة أن هذا الخلاف في العقيدة لا يترتب عليه مفاسد بل عدم التعاون معه قد يؤي إلى تفريق جهود المسلمين؟
الشيخ: إذا كان التعاون مع مثل هذا الرجل لا يؤدي بالمتعاون معه إلى أن يتهاون بعقيدته فذلك مما يجوز بلا شك بل أنا أعتقد أن المؤمن القوي الإيمان من مصالحه الدينية أن يتعاون مع المسلمين الآخرين الذين انحرفوا عن العقيدة السلفية بسبب من أسباب القديمة أو الحديثة أولى بهذا المؤمن السلفي أن يتعاون مع هؤلاء لأنه سيجد الفرصة المناسبة لتبليغ الدعوة السلفية إليه و الذي يقع و نعرف نحن ذلك بالتجربة أن أولئك المخالفين سيكون موقفهم من هذا المؤمن الصالح السلفي أحد أمرين إما أن يستجيبوا لدعوته فيميلون إلى تقبل المذهب السلفي و الانحراف عن مذهبهم الخلفي و هذا وقع كثيرا و إما أن يرفضوه و مذهبه و أن يأبهوا هم أن يعاملوه فيعود الأمر عليهم و ليس عليه.

(175/11)


«
ما رأيكم بمن يقول أنا مذهبي لكن أحتج بالدليل ويقول أن الأئمة السابقين كلهم كانوا كذلك إن لم يكونوا جلهم؟»
السائل: ما رأيكم فيمن يقول أن مذهبي و لكن مع الدليل ويلزم باتخاذ مذهب معين و يحتج بأن الأئمة السابقين جلهم بل كلهم على هذه الطريقة؟
الشيخ: يقول الأئمة السابقين؟
السائل: إيه.
الشيخ: الظاهر أن السائل أراد شيئا و غلبه لفظه فأفاد خلاف ما أراد! حينما يقول الأئمة السابقين إنما يتبادر الأئمة المجتهدين أن دعا أتباعهم إلى تقليده و نهاهم عن اتباع الكتاب و السنة و ألزمهم أن يجروا خلفه حذو القذة بالقذة حشاهم من ذلك و إن أراد بالأئمة هنا خلاف المتبادر من لفظه أي العلماء المقلدين للأولئك الأئمة المجتهدين فحينئذ نقول لا عبرة بهؤلاء الذين سماهم بالأئمة ما دام أنهم مقلدون و المقلد باعتراف المقلدين واجبه أن يتبع أقوال المجتهدين حتى إنهم ليصرحون بعبارة فيها دقة يقولون دليل المجتهد الكتاب و السنة و دليل المقلد قول الإمام ليس قول الله و قول رسول الله , قول الله و قول رسول الله هو دليل الإمام المجتهد أما دليل المقلد فهو قال إمامي فلان قال إمامي فلان , قال الله قال رسول الله هذا ما ينبغي أن يقوله المقلد و نحن نقول من فمك ندينك ما دام أن مذهب التقليد يوجب عليك أن تثول بما يقول الإمام فنحن نقول إن الأئمة كلهم قالوا لاتقلدونا ... لا تقلدني و مالكا و لا سفيان و لا غيره و إنما خذوا من حيث أخذنوا و النصوص في هذا كثيرة و كثيرة جدا و قد كنت ذكرت الكثير الطيب منها في مقدمة صفة صلاة النبي صلى الله عليه و آله و سلم , لذلك فقول السائل بأن الأئمة أمروا بذلك هذا خطأ إذا لم نقل افتراء عليهم أما قوله أنا أتبع مذهبا أو أقلد مذهبا لكن إذا بدا لي الدليل اتبعته فنقول لك فما بدا لك حتى اليوم الدليل أنه لا يجوز لك أن تتخذ إماما بعد رسول الله صلى الله عليه و سلم لم يعط العصمة أحدا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم , ما قام الدليل لديك حتى اليوم أنه لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله فكما أنه لا معبود بحق إلا الله فكذلك لا متبوع بحق إلا رسول الله صلى الله عليه و سلم ما تبيّنت لك هذه الحقيقة بعد أنا أظن حينئذ أن الرجل يغرر بنفسه أو يتستر أمام أصحابه فيقول أنا مقلد لمذهب من المذاهب لكن إذا ظهر لي الدليل اتبعته يا سبحان الله إذا كان مذهبك مثلا مذهب الحنفي والحنفي يقول بأن خروج خط مش ... من الدم بمكان من بدنك يفسد و ينقض عليك الوضوء فإذا ظهر لك الدليل في أن هذا الوضوء لا يزال صحيحا تتبعه و تخالف المذهب فلما لا تخالف المذهب الذي يقول ليس على لسان الأئمة و إنما على لسان مقلدين الأئمة و من ذلك أيضا قول الباجوري: " و واجب تقليد حبر منهم ... " من أين جاء هذا المقلد بهذا الحكم و لم يقل أحد من المقلدين والأئمة ... هذا قالوه وهم يدعون التقليد فاجتهدوا ثم قالوا ما لم يقله أحد من المجتهدين إطلاقا إذا نحن ننصح هذا السائل أو من يحكي عنه السائل أنه يجب أن يتخذ مذهبا له رسول الله صلى الله عليه وسلم دائما و أبدا لكن نحن لا نقول له كما يقول بعض الناس و يتهموننا ظلما و زورا أننا نقول لازم عامة المسلمين يجتهدون و يفهموا الكتاب و السنة مباشرة و يعرفون الحديث الصحيح من الضعيف و العام و الخاص و المطلق و المقيد و و إلى آخره نحن ما نقول هذا و إنما نقول كما قلنا في كثير من المناسبات أن الله عز و جل جعل المجتمع الإسلامي من حيث العلم قسمين قسم أهل علم و قسم ليسوا بأهل علم و أوجب على كل من القسمين واجبا يجب على كلهم أن يقوم به أهل العلم إذا سئلوا وجب عليهم أن يجيبوا غيرهم واجبهم أن يسألوا ((فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)) فأنت أيها المقلد الذي فرضت على نفسك تقليد إمام أو مذهب من المذاهب فرضا لم يفرضه الله و لا رسوله و لا إمام من أئمة المسلمين الواجب عليك أن تنزع من ذهنك هذا الذي فرضته على نفسك و أن تفرض عليها من جديد اتباع الرسول صلى الله عليه و آله و سلم لكن أنا أعرف أنك ستقول أنا أميّ أنا لا أقرأ أنا جاهل فيأتيك الجواب من صميم القرآن الكريم بلغة يفمهما حتى العامي من العوام بل لعل الأعاجم أيضا يشاركون العرب في فهم تلك الآية ((فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)) فواجبك أن تسأل العالم ليدلك على ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه و سلم لا ليدلك على قال أبو حنيفة إن كان مذهبك الحنفي أو مالك إن كان إمامك مالك و نحو ذلك إذا إنما أمرنا باتباع كتاب الله و بحديث رسول الله و جعل ذلك رسول الله عصمة للناس فيما إذا تمسكوا به أن لا يضلوا و لا أن يمليوا يمينا و يسارا فقال عليه الصلاة و السلام (تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما كتاب الله و سنتي و لن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض) فنسأل الله تبارك و تعالى أن يحيينا على الكتاب و السنة و أن يميتنا على ذلك و آخر دعوانا الحمد لله رب العالمين و نرجو أن يجمعنا ربنا عز و جل في لقاء آخر و عسى أن يكون ذلك قريبا و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
السائل: جزاكم الله خيرا.

(175/12)


«
الشريط غير واضح في بدايته

(176/1)


«
سؤال حول عدد درجات المنبر في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلام بعضهم بأن درجاته كانت أربعا ورد الشيخ على هذا المدعي
السائل: ... .
الشيخ: ... المنبر كان ثلاث درجات ... .
السائل: أربعة ... يستدل على أنه أربعة.
الشيخ: ... .
السائل: ... الدرجة الأولى قال آمين ثم الدرجة الثانية فقال آمين ثم الدرجة الثالثة فقال آمين ... على حسب علو ... أربعا أربعا فقال ثلاثة أو أربعة ماشي الحال ... سبعة ثمانية ... خمسين درجة ... .
سائل آخر: اقتراح ... الشيخ علي فقير أنه يجعل المنبر في السقف و المصلون شيخنا يناموا يستريحوا ... .
الشيخ: ... أما المقعد هذا ليس درج! فهو عارف شو يتكلم يضلل على الناس ... فهل سمعت منه إنكارا صريحا بمثل هذه ... التي تقطع الصفوف قطعا هل سمعت إنكارا هو يحاول تسليك هذا الواقع المخالف للسنة ... ليس الخلاف أنه ثلاثة أو أربعة حتى لو قلنا أربعة لكن هل هو عشرة هل هناك في السنة أن المنبر عشر درجات؟
السائل: أبدا.
الشيخ: طيب موش الخلاف أنه زايد درجة و إلا ناقص درجة , الخلاف هذا المنبر الذي يقطع الصفوف و يرفع هذا الخطيب إلى السقف هذا هو ... ليس فقط مخالفا للسنة بل هو يفسد أخلاق كثير من الخطباء ... .

(176/2)


«
هل يمكن القول بأن المسجد إذا بني على السنة فهو داخل تحت حديث (طوبى للغرباء)؟»
السائل: وبناء عليه ... المسجد الذي هل يعد في الحديث ... فطوبى للغرباء ... و لا قبة على السنة كما يعني هل يؤجر عليه و هذا المسجد يدخل في الغرباء أو في المساجد الغريبة في هذا المجتمع؟
الشيخ: الغرباء ... و الذين بنوا هذا المسجد الذين هم على السنة يعني هم الغرباء ... .

(176/3)


«
سئل أحد المشايخ: كيف الجمع بين قوله صلى الله عليه وسلم (صلة الرحم تزيد في العمر) وقوله تعالى (فإذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون) فأجاب بما ملخصه: (أن الإنسان له آجال متعددة والله يع»
الشيخ: ... شيخنا ... الفقير البارح سئل سؤلا هو الحقيقة يتعلق بالعقيدة فسئل قيل الرسول صلى الله عليه وسلم صلة الرحم تطيل العمر و الآية تقول ((فإذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة و لا يستقدمون)) فكيف توفق بين الأمرين فأجاب هكذا طبعا أجاب إجابة طويلة لكن نجملها يقول نحن نستطيع أن نوفق بين الأمرين أن الإنسان قد يكون له عدة آجال كيف يعني أن يكون عمره خمسين أو ستين أو سبعين فإذا فعل هذ الفعل فالله عز و جل يعلم أنه إذا فعل هذا الفعل فسيكون خمسين و إذا فعل هذا الفعل سيكون ستينا إن فعل خيرا يكون ستينا و إن فعل شرا يكون خمسين فما صحة هذا القول ما الضابط ... هكذا يعني يتكلم ... ؟
الشيخ: لا فرق بين طول ... و قصره من جهة و بين السعادة و الشقاوة من جهة لكن الله عز و جل جعل لكل شيء سببا فالسعادة ... أن سببها الإيمان و العمل الصالح , و الشقاوة سببها الكفر و العمل الطالح فمن جاء بالسبب الموجب شرعا للسعادة كان عند الله سعيدا و العكس بالعكس تماما ... أن الله يزيد من الناس ... الأمر ... في علم الله عز و جل لكن فيما يتعلق هذا الأمر المدرك من حيث تعلقه بالأسباب عند ... الذين لا يعلمون مصير كل فرد منهم هل هو سعيد أم شقي هل هو طويل العمر أو قصير العمر نحن الآن ... و ندور مع الأسباب التي هي سبب سعادة أو شقاوة أو سبب طول العمر أو سبب قصر عمر لكن النهاية كما في اللوح المحفوظ الآن (من أحب أن ينسأ له في أجله و يوسع له في رزقه فليصل رحمه) وفي الحديث الآخر الجميل (حسن الخلق و حسن الجوار يعمران الديار و ينسآن في الأعمار) هذا من باب الأسباب فمن أخذ بهذا السبب طال عمره من لم يأخذ بهذا السبب لم يطل عمره ما نقول قصر نقول ما طال عمره فهو ... قد يكون هو مثلا أوضح البيان أو ما أوضح لكن ... الأجلين لأن الأجل عند الله كما في الآية المذكورة و إن كانت الآية من حيث دلالتها تتعلق بالأمم و ليس بالفرد لكن الأمم هي مجموعة الأفراد ... ((فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة و لا يستقدمون)) هذا لا شك فيه، تأمل الآن بمناسبة هذه الآية أن في بعض الأحاديث كما تعلمون جميعا أن إذا جاء العذاب أخذت الأمة كلها ذهب صالحها و طالحها و لكن هؤلاء الصالحون يحاسبون على نياتهم يبعثون على نياتهم كما قال عليه الصلاة و السلام في بعض الأحاديث الصحيحة , كما أن الأمة أو هذا الشعب الذي أخذ أخذ كل منهم بما سعى إليه من إيمان أو من كفر من عمل صالح أو طالح فقد يمضي من ... و كذلك ... كذلك بالنسبة لطول العمر و قصر العمر من أخذ بالأسباب المطيلة للعمر أسبابا شرعية فطال عمره بالنسبة لمن لم يقم بهذه الأسباب ... مقطوع لا يستأخرون ساعة و لا يستقدمون ثم لماذا نحن نستغرب هذه القضية و هي تتعلق بأسباب شرعية معنوية بينما نحن نرى الآن الأسباب المادية فعلا تطور حياة الشعب من تأخر من أمراض من وفيات كثيرة إلى عكس ذلك تماما هذا ... شو السبب؟ لأنهم عاملوهم بالأسباب الصحية فبينما كان مثلا يقدمون إحصائيات أن كل سنة يموت من الأطفال الصغار كذا أي و إذا هم بعد ... و يقولون نسبة الوفيات من كذا إلى كذا هذا كله مصرح ... البحث حول الأخذ بالأسباب و لذلك فلا إشكال فيما نقلت من كلام الرجل.

(176/4)


«
هل ذلك بمعنى ما ورد في قوله تعالى: (يمحوا الله ما يشاء ويثبت)؟»
السائل: ... يقول الله عز وجل ((يمح الله ما يشاء ويثبت و عنده أم الكتاب))؟
الشيخ: هذه الآية علاقتها في الشرع و الأحكام ... !
أبو مالك: الناسخ ز المنسوخ.
الشيخ: نعم؟
أبو مالك: في الناسخ و المنسوخ.

(176/5)


«
ما قولك في هذا المجدد المجنون المجهول وفي الإخوة الذين يناظرونه؟»
السائل: ما قولك في المجدد المجنون و ما قولك في الإخوان الذين يناظرون هذا المجدد؟
الشيخ: الحقيقة أنني كنت أنا عزمت على لقاءه قبل أن أعرف حقيقة أمره لأنه أعتقد أن هذا واجبنا أن ننصح كل مسلم يشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله فتواعدت مع أحد الدكاترة المدرسين في الجامعة الإسلامية على موعد نضربه للقاء مع هذا الشخص لكن أتيح لي الاطلاع على رسالة ألفها ... و طبعها بالآلة الكاتبة و الحمد لله لم ينشرها بعد وإذا بها فيها كفريات عجيبة جدا و لذلك فأنا بعد ما قرأت هذه الرسالة وسجلت نحو أكثر من نحو عشر كفريات الواحدة تكفي من إخراجه من دائرة الإسلام هذا لم يكن أولئك الذين يصدق فيهم إن الله إذا أخذ ما أوهب أسقط ما أوجب، فلما وقفت على هذه الكفريات قلت هذا أحد رجلين إما أنه دجال و إما أنه مجنون و أحلاهما مر و لذلك اتصلت مع الأخ الذي كنت تواعدت معه على الذهاب إليه و بينت له هذه الحقيقة التي وقفت عليها من هذه الكفريات الكبيرة و أنه لا فائدة من لقائه و على ذلك لا أنصح أحدا أن يلتقي به لأنه أولا ... و تجميع الناس حوله وثانيا لا فائدة لأنه إن كان مجنونا فقد رقع القلم عنه و إن كان دجالا فأبعد و أبعد أن يقصد الهداية، من دعاوى هذا الرجل أنه يقول إنه مجدد! ومن يقرأ رسالته يتبين أنه لا يفقه شيئا من القرآن و السنة و لا أقول السنة الصحيحة , السنة على إطلاقها ثم هو كأنه عامي ينصب المرفوع و يكسر ... نعم هكذا ... و يدعي التجديد فقلنا له هذه الدعوى وحدها يكفي لنلصقه بإحدى المنزلتين إما برفع القلم عنه وإما أنه دجال التجديد لا يكون في أول القرن يكون على رأس القرن فهذا جاء في أول هذا القرن مع ذلك يدعي التجديد يعني نسأل الله له الهداية.

(176/6)


«
نصيحة من أبي مالك ابراهيم شقرة للإخوان السلفيين بعدم الالتفات إلى أمثال هؤلاء
أبو مالك: ... تعليق ... وعلى أمثاله من الأمور التي تقع و تشغل بال الناس بالفتنة الحقيقة دائما أقول للإخوان إنه هذه القضايا ينبغي أن لا تذكر و أن لا تمر على ألسنتهم و لا يتداولوها في مجالسهم لأنها تصرف عن طلب العلم و عن ذكر الله و تلاوة القرآن و إذا كنا بأنها باطلة من أصلها فلماذا نشغل أنفسنا بها؟ هذه واحدة و أما الثانية فإن الباطل مهما كان يعني لو طال أمره فإنه إلى زوال و إلى بطلان و إلى محق و هذه سنة الله عز و جل في كونه و في خلقه و ما من مبطل إلا يعني ظهر و لكن سرعان ما ذهب و ولى و باطله لا يبقى إلا قليلا ثم يزول و لذلك الاشتغال في باطل هؤلاء الناس يشهرهم و يعلنهم و يجعل الناس يتحدثون من أمرهم و يلتف الناس من حولهم و أقل ما يمكن أن يصنعه الناس أن يذهبوا ليطّلعوا عليه و يعرفوا من حاله ما يعرفون وهذا أنا في ظني أنه إعانة عن المنكر يعني هذا أمر ينبغي أن يلتفت إليه، و أما ثالثا فنحن جربنا و عرفنا في تاريخنا القديم و عرفنا في حاضرنا أيضا أن مثل هذه ... يسموها في اصطلاح العصر ... الفقعات يعني تنطفئ يعني ما يطول أجلها فلذلك نحن إذا شغلنا أنفسنا بها صرفنا أنفسنا عن الواجب ثم صرفنا أنفسنا في أمر هو سريع الزوال و تركه هو الذي يزيله و يذهبه فلذلك نصيحتي لإخواننا الله يبارك فيكم أنكم لا تشغلوا أنفسكم بهذه الأمور ... .
الحضور: ... .
أبو مالك: طبعا هو ... ما هو دين يعني ... هذا ما يجوز هذا ... أنه كان على موعد مع الرجل الحقيقة أنا كنت أتصل فيك و أرجوا أن لا يذهب لكن الحمد لله
الشيخ: عفوا ما كنت على موعد ... أنا كنت على موعد مع الدكتور في الجامعة أن نذهب ...
أبو مالك: لا , أنا بلغني بخلاف هذا و لذلك الآن الحقيقة سررت لأنه ما ذهب الشيخ لأنه لو ذهب لكانت الأمور غير قالوا والله الشيخ ناصر ذهب أو جاءه الرجل و جلس معه و أنا شيخنا ما أريد أن تنزله عن مثل هذه المجالس الباطلة التي لغوها هو السائد فيها وإما أن يكون فيها حق فالحق الذي يجري على لسان المناظِر لا المناظَر ... .
السائل: شيخنا فيه ... امرأته كانت قريبة أن تولد ... أن الجنين بالعرض و لازم على المرأة عملية قيصرية ... الفاتحة على بطن المرأة ... ؟ ... الأطباء كانوا مشرفين عليها ... أن الولادة طبيعة فما رأيك فيه ... ؟
الشيخ: ... .

(176/7)


«
هل يجوز أن أعق عن ابن أخي وهو غائب؟»
السائل: شيخ بالنسبة للعقيقة أن ذبحها على ... الأردن لأن هناك فيه ذبح ... ؟
الشيخ: زوجة أخيك ... ؟
السائل: نعم.
الشيخ: إذا وكلوك يجوز أما أنت تتطوع فلا يجوز لازم مني ... هذا واجبهم فإذا وكلوك مثلا وكل لأخته و شخص آخر أما أن تتبرع أنت فلا.
السائل: جزاكم الله خيرا.

(176/8)


«
حصل خلاف بين الإخوة في بلدنا (السائل هو الشيخ مشهور) حول المال الذي يجمع للجان الزكاة وكل أحد يتهم غيره وبعضهم يقول إن الشيخ الألباني أفتى بأن من ذهب إلى خارج البلاد لجمع الزكاة فله أن يأخذ نسبة من ا»
مشهور: شيخنا بعض الإخوة عندنا طلبة العلم بينهم اختلاف شديد بشأن المال و أعني بالمال المال الذي يجمع باسم لجنة الزكاة!
الشيخ: لا حول ولا قوة إلا بالله.
مشهور: و بعض الإخوة ينقل عنك بعض الفتاوى فيقول الشيخ يجوز لمن يذهب للخارج فيجمع المال أن يأخذ نسبة إن هم حددوها و لم يحددها هو فنرجوا من مشايخنا نصيحة لهؤلاء الإخوة فالاتهام يكاد يصل كل مصل يصلي في مساجد ... كاملة و الكل متهم أنه لص و الكل يتكلم في الآخر و الخلاف شديد لا يوصف و الكل يتهم الآخر بمبالغ قلت أو كثرت منهم الصادق منهم الكاذب كلهم كاذبون الله أعلم بذلك فأريد أن نستفيد الحكم الشرعي في المسألة التي ذكرت و نقلت عنكم جزاكم الله خيرا و أريد أيضا كلمة منكم و من شيخا أبو مالك جزاكم الله خير نصيحة لهؤلاء الإخوة هل يبقوا في اللجان ... لجان زكاة هل نجمع ما موقفنا من بعضنا البعض و الكل حوله شبهات و يوجد أمارات و علامات للاتهام؟
أبو مالك: بالنسبة سؤال للأخ مشهور ... .
الشيخ: منذ متى هذا؟
مشهور: بدأت منذ أول ما بدأت من قرابة سنة و الآن أبو مالك: أنا أدينك أنت الآن
مشهور: أكرمك الله ... .
أبو مالك: ... من المفروض أن يستعجل منذ بداية الأمر حتى ... و حتى لا يترك هناك آثار سلبية ... أكثر مما أشرت إليها ... .
مشهور: ... الحقيقة جلسنا كثيرا اختلفنا كثيرا و قلنا مشايخنا مشغولون بما هم بما هم ... الأمر بيننا و تواعدنا كثيرا و صار جلسات و جلسات و مع هذا الآن الهجران هو الأمر الطبيعي بين الإخوة يعني ليس فقط هجران و إنما الاتهام و ما شابه؟
الشيخ: منذ أقل من أسبوع نصحت أحدهم و كان يعني قد جاءني ليأخذ مني تزكية ... مكلفة من لجنة تزكية و نصحته أن لا يشارك ... .
مشهور: ... بعد النصيحة.
الشيخ: ... و الآن من كثرة هذه الشكاوى التي تردنا و أنا أشعر من أسئلة بعضهم إياي بأنهم يريدون أن يأخذوا مني موافقة تساعدهم على أن يأخذوا ... من جعالة أو من راتب أو معاش!
أبو مالك: موافقة ضمنية موش صريحة ...
الشيخ: أنا أرى الآن أن مسألة هذه اللجان تماما تشبه مسألة الانتخابات التي تقام في بعض البلدان الإسلامية و أنتم تعلمون جميعا أننا لا نرى شرعية الانتخابات هذه لأنها أولا أساليب أجنية غربية كافرة و ثانيا يمكن أن يقع فيها التزوير والتدليس وشراء الضمائر ونحو ذلك لكن في الوقت نفسه أرى أنه إذا كان هناك جماعات أو أحزاب كل حزب اقترح منهم أشخاصا و فيهم أشخاص إسلاميون فنرى من باب تقليل الشر و ترغيب للخير و من باب دفع المفسدة الكبرى بالصغرى أن ننتخب و نحن لا نرى لا أن ننتخب و لا أن نُنتخب أن ننتخب أقل شرا ممن وصل إلى ما يمسونه بمجلس الأمة أي البرلمان.
مشهور: شيخنا هذه الذي عندنا الخلاف كله بين الإخوة السلفيين و الأوقاف تتكلم على السلفيين بكلام لا أول له و لا آخر المسؤولون الآن كذّابون دجالون سراقون و الأوقاف عندها ما يثبت على بعض الإخوة و الإخوة على أنفسهم زور توقيعي و أعطاني توقيعه يعني كلام من هذا الباب ... نصيحة من شيخنا خاصة بالنازلة أكرمكم الله.
الشيخ: أنا قدمت هذا لأقول بأننا كما لا ننصح أحدا أن يرشح نفسه لينتخب كذلك لا ننصح أحدا من إخوانا أن يرشح نفسه ليكون في لجنة من لجان الزكاة و قلت أنا الذي نصحته بأن لا يفعل أن الرسول عليه الصلاة و السلام كان يقول كما جاء في الحديث الصحيح (إن لكل أمة فتنة و إن فتنة أمتي المال) و نحن معرّضون للفتن فهذا الجابي الذي يكلف أن يذهب إلى بلاد الكفر و الضلال ليجمع من بعض المسلمين الذين ابتلوا بالسكن في تلك البلاد من الذي يحول بينه و بين أن يختلس شيئا أعطي له و لم يقدم وصلا بل من الذي يضمن كما نقلت و كما بلغنا أيضا من قبل بعض الأشخاص ابتلينا بأمثالهم منذ سنتين أو ثلاث و هو التلاعب بالأرقام و هذا أمر سهل جدا نعم.
مشهور: الدفاتر شيخ.
الشيخ: و لذلك فأنا من جملة ما قلت لهذا ولغيره أيضا نحن بحاجة إلى طلاب علم يتفرغون بعد تحصيلهم الرزق الحلال بالكسب الحلال أن يتفرغوا للعلم لأن المجتمع بحاجة إلى طلاب علم فضلا من أنهم بحاجة إلى ... فانشغالهم بجمع الأموال قلت لأحدهم هذه السبل لجمع الأموال يتقنها ربما الكفار أكثر من المسلمين و من المسلمين من ليسوا هناك في الصلاح و التقوى لأن هذا ... و لذلك فنحن لا ننصح أبدا أحدا من إخواننا و لو لم يكن سلفيا و لكنه كان صالحا أن لا يدخل هذا المدخل و أن لا يلج هذا المولج.
مشهور: شيخنا أريد أن أسأل عن بعض الجزئيات.
الشيخ: تفضل.
مشهور: بارك الله فيك.

(176/9)


«
هل يحكم بالأمارات في الزكاة فالرجل إذا كان مستأجرا فهل يعطى من الزكاة؟ وفي هذه النازلة من التفرق وكثرة الطعون فهل يمكن للأغنياء أن لا يعطوا زكاتهم لهؤلاء؟»
مشهور: الجزئية الأولى هل يحكم بالأمارات إنسان عنده بيت و بيته بالإيجار و الحياة الآن معلومة يعني صعوبتها و ما شابه ... سنة أو سنتين أو عشرة و لا يعمل إلا جامعا للزكاة فهل هذه أمارة ... بحيث لو أفتاني أن أفتيه ألا أعطيه السؤال الأول، الساؤل الثاني بهذه النازلة بهذه الأمور الخلاف الطعن و ما شابه فهل يشرع للأغنياء أن يعطوا هؤلاء مالهم؟
الشيخ: يختلف باختلاف ... الشخصية يعني نقول بالنسبة للسائلين الذين يسألون و يشحذون من الناس خاصة في المساجد أنا لا أعطي نادرا ما أعطي ... بالسؤال لأن هؤلاء جعلوا هذه مهنة أنا مقتنع بأن هؤلاء لا يجوز ... فإذا كان هؤلاء الأغنياء صار عندهم قناعة أن هؤلاء يستغلون هذه الأموال التي يجمعونها باسم الفقراء و المساكين فلا يجوز إعطاءها.

(176/10)


«
هل يشرع للمسافر لجمع الزكاة أن يأخذ نسبة مما جمع؟»
مشهور: عودا على بدء هل يشرع للمسافر أن يأخذ نسبة مما يجمع؟
الشيخ: هذه ترجع قلت أنا من نفسي هذا لا يجوز إلا إذا كان هناك لجنة يعني ... بالصدق و الأمانة و هذه اللجنة هي التي قررت له تعويضا هذا لا يسعنا إلا أن نقول بالجواز!

(176/11)


«
هل يعطى نسبة أم راتب علما أن النسبة قد تكون كبيرة جدا؟»
مشهور: التعويض لو كان مثلا هذا الإنسان بطاقته و مهنته التي يمارسها ربما يعني مثلا العمل أحسن العمل في ظاهر الأسباب يؤخذ مثلا مائتين دينار مائة و خمسين دينار فهذه النسبة قد تصل أحيانا إلى ألفين أو ثلاثة دينار حتى مع هذا يشرع له أن يأخذ هذا المبلغ الكبير؟
الشيخ: ... .
مشهور: هو لو ما اشتغل الزكاة و اشتغل في أحسن مهنة بظاهر الأسباب ما حصل مائتين دينار! لكن هو اتفق مع الإخوة أنا أريد أن آخذ نسبة خمسة في المائة عشرة في المائة أو هم أشاروا عليه بذلك فذهب فجاء بمبلغ كبير ... !
الشيخ: لا ما يجوز هذا.
مشهور: فأخذ ألفين دينار مثلا؟
الشيخ: لا يجوز يجب أن يعطى له راتبا معينا.
مشهور: أما النسبة فلا؟
الشيخ: لا ... .

(176/12)


«
مداخلة أبي مالك ابراهيم شقرة حول مسألة جمع الزكاة والدخول في المسألة المالية
أبو مالك: و الله شيخنا الحقيقة سأقول و كنت يعني على وشك ... على شيخنا ... لكن لا أستطيع إلا أن أستجيب للشيخ جزاه الله خيرا فأقول أنا أمضيت في عمل الزكاة عملا رسميا وظيفيا مدة من الوقت واطلعت على كثير من ... الزكاة في الحقيقة أن أي عمل مالي لا أقول زكاة فقط وإنما جميع الأعمال المالية تخضع الحقيقة أول ما تخضع للشك و ما من أحد تولى عملا ماليا و خرج منها سالما إلا من يعني عصمه الله من ذلك.
الشيخ: و قليل ما هم.
أبو مالك: أي نعم وأنا في أثناء عملي قبل أن أتولى عملي بالزكاة مدير عام لصندوق الزكاة جاءني بعض الإخوة و استدعيتهم بالأحرى يعني ... وقع بينهم خلاف حول هذه الأمور فدعوتهم و كان الأموال بدأت تأتي من هنا و هناك لبعض اللجان خاصة في هذا البلد أنا الحقيقة تضايقت جدا و رأي هو طبعا من رأي شيخنا و لا شك و لا ريب في ذلك لأن المال مظنة الانزلاق ... إلى أعماق الأرض مش يقف عند منتصف المنزلق أو عند ثلثه أو عند أوله لا الذي تنزلق قدمه فيه يظل يهوي إلى أن يستقر في قعر القاع لذلك جبت هؤلاء الإخوة لذلك أنا قلت لهم أنا أعرف أنكم كنتم إخوة أحبة و كنتم متحابين و كنت أغبطكم على أخوتكم هذه الآن أنتم أعداء كيف نشأت العداوة بينكم ما نشأت لأنكم أصحاب مناصب و أنكم متنافسون عليها و لا لأنكم أصحاب حظوظ دنيوية كبيرة جدا لو انتهيت لمثل هذا لقلنا و الله ... شيء معقول لكن أنتم بدأتم النزاع و التقاطع و التهاجر بينكم في بعض ألوف فكيف لو أصبحت هذه مئات ألوف أو إلى آخره لكن يكون سفك الدم حلالا عندكم حينئذ و يكون مستباحا ليه؟ يكفي أنكم الآن تنازعتم خسرتم الأخوة فكيف يعني الآن أسالكم سؤالا هل يستطيع أحد منكم أن يقول الآن بأنه يعني ... يدعي بأنه يعمل الآن للدعوة و في سبيل الدعوة و أن عمله جد و ليس فيه ... و ليس فيه أي تأخر عما كان عليه من قبل هذا تقولونه و تدعونه الآن و لكن ألا تظنون بلاش تظنون أما تقطعون بأنكم خسرتم أدنى شيء كنتم قد، و كان منك أيديكم وملء قلوبكم ألا و هو أخوتكم و محبتكم قالوا صحيح ... قالت إذا ألقوه و لا تلتفتوا إليه و نصحتهم أيضا قلت لهم الدعوة لا تحتاج إلى المال أبدا الدعوة تحتاج إلى العلم و المعرفة الدعوة السلفية بالذات لا يخالطها المال و نحن ما عرفنا علماء السلف و لا دعاتهم الذين عرفناهم مشاهير دعاة السلف و علماءهم كانوا فقراء و ملؤوا الدنيا علما من أقصاها إلى أقصاها اليوم المال يقعد بالهمة و يعجز الإنسان و ما من عالم شغله المال إلا و انصرف عن المال إلا و داخله الريب و لذلك نصحت الكثير و الكثير جدا لذلك فأنا أثني على كلام شيخنا و أقول لأخواننا الذين اشتغلوا بالمال أو باللجان طبعا أنا أستثني بالمناسبة بعض اللجان التي تعمل في جمع المال للمساجد لأن هذه في الحقيقة مسألة خاصة جدا
السائل: مؤقتة.
الشيخ: أي نعم و هي مؤقتة كما ذكر الأخ ... لا تمتد طويلا لأن الصراع إنما يبدأ ... هذه مسألة الحقيقة هدفها واضح و معروف و ينتهي عن نهاية المسجد و تنتهي هذه اللجنة و تقف عن جمع المال لذلك أنا نصيحتي لا تعدو يعني جزء من نصيحة شيخنا أطال الله عمره و أقول لإخواننا أن يكفوا عن هذه المسائل وأن يعلموا بأن هذا العمل في مثل هذا اللجان إنما هو صرف للطاقات و هدر لها فيما ليس مش أقول فيه شبهة فيما ليس مشروعا أنا أقول هذا ليس مشروعا و بخاصة إذا علمنا من كثير من الحوادث أنها تنتهي للعدواة و القطيعة و فيه قاعدة شرعية تعرفونها كلكم و تعلمتموها و هي ما يسمى بسد الذريعة و جلب المصالح مقدم على درء المفاسد فأظن أنهما قاعدتان عظيمتان من قواعد الأصول يكفياننا أن أن نلملم أطراف و ذيول ثيابنا لكي نقنع بأن هذه الدعوة لا يمكن أن تنجح إلا بالعلم و العلم وحده.

(176/13)


«
هل يعتبر من أخذ الوكالة لدواء معين من الاحتكار؟»
السائل: ما حكم يا شيخ من يريد أن يأخذ كفالة دواء معين و يتم توزيعه في الأردن مثلا إلا عن طريق هذا الشخص هل هذا يعتبر احتكارا يا شيخ؟
الشيخ: كيف؟
أبو مالك: الآن عندنا ما يسمى بالوكالات التجارية رجل يروح يسافر إلى أوربا أو ألمانيا أو إيطاليا أو فرنسا يشوف شركة صناعة الأدوية فيتفق معهم على أن هذه حقوق الاستيراد تكون له فقط و ليس لأحد سواه و هو طبعاهذا معروف ... عالميا معروف فالشركة لا تورد له إلا هو ... الاتفاق إذا كان الشركة صدرت لغيره ... يرفع عليها قضية ويطالبها بخسائر كبيرة جدا والعكس كذلك؟
الشيخ: إذا كان هذا الاتفاق لا يلزم منه أن يتحكم هو في أسعار الأدوية و يرفعها على الشعب إذا كان لا يترتب من وراء ذلك هذا الإغلاء فيجوز وإلا فلا.

(176/14)


«
إنسان عليه صيام ستة أيام من رمضان وأراد أن يحوز فضيلة الست من شوال فهل له أن يقرن بين النيتين؟»
السائل: ... عن العمر إطالة العمر ما العمر فنسأل الله أن يطول عمرك و عمر عمنا أبو مالك ... .
الشيخ: الله يبارك فيك ويوفقنا جميعا للعمل الصالح
السائل: أولا، الله يحفظك المسألة التي أريد أن أسأل عنها إنسان أفطر بعذر في رمضان ستة أيام وأحب يتابع حديث رسول الله (من صام رمضان وأتبعه ستا من شوال فكأنما صام الدهر) فلو صام ستة من شوال هل يقرن نيتين مع بعض اللي صامهم و ست من شوال؟
الشيخ: ... .
أبو مالك: سؤالك فهم.
السائل: جزاك الله خيرا.
الشيخ: هذا كثيرا ما نسأل و خاصة في هذا الشهر و قد كاد أن ينتهي نحن نقول الأصل في مثل هذا أن نوي أولا قضاء ما عليه من رمضان فهذا أولا , ثم إذا شاء أن يقرن مع هذه النية القضاء نية الست أيام من شوال فهذا أمر جاز بل مستحب فبيانا للحقيقة الشرعية هنا أننا نقول أن هذا الذي عليه قضاء من رمضان يمكننا أن نتصور بالنسبة إليه ثلاثة مقامات: الأولى وهي الأعلى ثم الوسطى ثم الدنيا.
المقام الأول أن يقضي ما عليه من رمضان ثم يتبع ذلك بست أيام من شوال أي يعطي لكل نية عملها و يعطي لنية القضاء عمله الخاص بهذه النية و يعطي لنية الست أيام من شوال ست أيام من شوال خالصة من ستة من شوال فإذا افترضنا أن رجلا عليه قضاء ست أيام فإذا في هذا المقام يصوم اثني عشر يوما ستة للقضاء و ستة للخاص من شوال هذا المقام الأول و الأعلى.
المقام الثاني يقضي ستة أيام مما عليه من رمضان و يضم إليها نية و يستفيد من هذه النية حسنة واحدة و إذا كان مثلا الحسنة بعشر أمثالها كما جاء في الحديث الصحيح على ... وإلا فقد تكتب مائة و قد تكتب سبعمائة إلى أضعاف كثيرة و الله يضاعف لمن يشاء كما في الحديث الصحيح فهذا الذي قضى ست أيام من شوال لا أقل أن يدرك عن كل يوم عشر حسنات فإذا ضم إلى نية القضاء نية شوال فهذه لها حسنة و هذا الذي يكتب له ... كل يوم عشرة يكون المجموع ستين نضيف إلى ذلك ستة أيام غير مقرونة بالعمل كما هو في الصورة الأولى فيكون له ستة و ستين حسنة.
المرتبة الثالثة و الأخيرة هو أنه ينوي نية واحدة قضاء مما عليه فيكتب له ستون حسنة هكذا نرى ... .

(176/15)


«
هل يمكن الجمع بين الأضحية والعقيقة؟»
السائل: الأضحية و العقيقة كذلك؟
الشيخ: لا.
السائل: الدليل ... .
الشيخ: الدليل قد سمعته قوله عليه السلام أشرت إليه آنفا في الحديث حديث قدسي (إذا هم عبدي بحسنة فعملها فاكتبوها له عشرة حسنات إلى مائة حسنة إلى سبعمائة إلى أضعاف كثيرة والله يضاعف لمن يشاء، ومن هم بحسنة فلم يعملها فاكتبوها له حسنة واحدة) أما جمع نيتين كل من النيتين واجب فالواجب لايغني عن الواجب و هنا يختلف الحكم باختلاف الفقيه إن كان الفقيه يرى وجوب الأضحية و وجوب العقيقة لا بد من أن يذبح للأضحية ذبيحة و العقيقة ذبيحة أو ذبيحتين حسب الذكر و الأنثى , أما من كان يرى أن إحداهما واجبة و الأخرى ليست بواجبة جاز فضلا عما إذا كان يرى أن كلا منهما ليس بواجب لكن لا تنسوا أن مضاعفة النية المقرونة بالعمل تقبل التضعيف من عشرة إلى أضعاف كثيرة أما النية المجردة من العمل فلا تقبل ذلك.

(176/16)


«
امرأة مسلمة وضعت ابنها عند نصرانية فأرضعته هذه النصرانية رضعات مشبعات فهل يحرم مثل هذا الرضاع؟»
السائل: شيخنا امرأة مسلمة وضعت وليدها عند امرأة نصرانية ثم قامت هذه المرأة النصرانية بإرضاع الوليد فهل هذا العمل يشمل شيخنا المسلمة لو أرضعت المسلم بحيث بلا يتزوج من بناتها؟
الشيخ: ... الرضاعة خمس رضعات ... .
السائل: خمس رضعات ... .
الشيخ: حصل الإرضاع سواء من مسلمة أو من كافرة
السائل: يعني نقول ولدها من الرضاعة وهي نصرانية؟
الشيخ: ... .

(176/17)


«
إذا كان التعامل مع البنك الإسلامي بدون ربا فهل فيه شيء إن كنا مضطرين لذلك؟»
السائل: القرض الحسن للبنك الإسلامي تأخذ منهم خمسمائة و ترجعهم خمسمائة و لا زيادة , فيها أي شيء؟
الشيخ: من حيث القرض ما فيه شيء لكن ربما هذا يجر إلى التعامل مع البنك الإسلامي معاملات أخرى سمعت لعلك آنفا أن بعضها أو كثيرا منها مخالف للأحكام الإسلامية.
السائل: كمحل زراعي ... ما نتعامل ... أحيانا شركات زراعية كبيرة يعطونا شيك مؤجل يقولون مثلا مزارعين يسحبون منا مبالغ أو مبلغ ... الشركة ... شيك إلى بعد شهر ... لكن إذا جاء وقتها الشيك أذهب أصرفه من البنك فيها شيء هذه؟
الشيخ: ... .
سائل آخر: ... قيمة البضاعة ... .
الشيخ: البنك لا يستفيد من هذه المعاملة شيء؟
سائل آخر: البنك إذا كان في حدود ما ذكر لا يستفيد شيئا.
الشيخ: الذي ذكره أخيرا.
سائل آخر: البضاعة ... .
الشيخ: ... .
سائل آخر: هي نادرة هي على حساب ... .
الشيخ: ... .

(176/18)


«
حكم القتال مع المسلمين ضد الصرب في البوسنة والهرسك؟»
السائل: أسأل عن سؤال سئل عندنا في كلية الشريعة وهو حكم القتال مع المسلمين ضد الصرب الآن في البوسنة و الهرسك؟
الشيخ: ... رفعت راية للجهاد هناك ... أفغانستان ليس فقط يجب على الصربيين المسلمين أن يدافعوا أن أرضهم بل يجب على كل المسلمين في كل بلاد الدنيا أن يشاركوا في ذلك لكن هذا الكلام شكلي لا حقيقة له.
السائل: في الوقت الراهن ما هو الحكم الآن؟
الشيخ: شرط الجواز إذا رفعت راية الجهاد , هل رفعت؟
السائل: لا لم ترفع.
الشيخ: إذا ... .
سائل آخر: المرة القادمة ... .
الشيخ: إن شاء الله خيرها في غيرها.
سائل آخر: ... .
الشيخ: ... .

(176/19)


«
نحن موظفون بوكالة يقتطع من راتبنا سبعة في المائة ويزيدون أربعة عشر بالمائة فيصير المجموع واحد وعشرون بالمائة وتعوض في مشروع التوفير فما مدى شرعية هذا التوفير الذي نأخذه في نهاية العام ولا ندري كيف ي»
السائل: نحن موظفون بوكالة يقتطع من راتبنا سبعة في المائة و يزيدون كمان أربعة عشر بالمائة فيصير واحد و عشرون بالمائة , في سنة من السنوات سنتين كما أذكر أنه كانوا يخسرونا في التوفير تبعنا لأنه في نهاية العام نخسر ما قيمته سبعة في المائة أو ثمانية في المائة أو عشرة في المائة لكن معظم السنوات كنا نربح في هذا التوفير فما مدى شرعية هذا التوفير و هل يدخل في باب الربا الأعمال الربوية على الرغم أنا نحن لا نعلم هذه الفلوس يستخدموها في أي اتجاه الله أعلم لكن قضية الربح و الخسارة واردة أحيانا نربح أحيانا نخسر لكن قضية الربح أكثر منها خسارة السؤال الثاني أو الشطر الثاني من السؤال نحن الآن هذه الفلوس ليس بحوزتنا ما نقدر نتصرف فيها إلا في حالة الواحد خدماته ... الفلوس هذه تجب عليها الزكاة أو ما تجب عليها الزكاة و جزاك الله كل خيرا؟
الشيخ: سؤالك يتضمن سؤالين ثلاثة شو الشؤال الأول؟
السائل: السؤال الأول هل يدخل التوفير اللي احنا نتقاضى كل نهاية عام تجينا أرباح ما مقداره سبعة في المائة ثمانية في المائة عشرة في المائة تعرضنا مرتين لخسارة ما أعرف هو بحكم تذبذب الدينار والدولار أو بسبب الاستثمار من المستثمر ... ؟
الشيخ: اترك الخسارة الآن بين ... .
السائل: احنا ... الفلوس من التوفير تبعنا الاستثمار ما نعرفه أوجه استثمارها هل هي بسندات هل هي بعقارات لا نعلم كيف يستثمروها لكن في نهاية كل عام تجينا أرابح و أحيانا نخسر.
الشيخ: الاتجار بأموال ... تعرف؟
السائل: ما أعرف ... يقولون فيه استثمارات يخسر و يربح ... .
الشيخ: طريقة الإيداع في البنك هذا المعروف ... تفضل.
مشهور: الاستثمار فيما علمت من الأساتذة المسؤولين ... الوكالة ينتخبون لجنة المسألة هذه كثيرة الوقوع كثيرة السؤال أحد الإخوة الطيبين الذين يتحرون الحلال من الحرام بعد أسئلة و تحري و كذا و كان هو المسؤول على اللجنة يقول الاستثمار يأتي من طريقتين الطريقة الأولى شراء جملة عملات تربح أو تخسر عن طريقة عملة و الطريقة الثانية هي الإيداع في البنك عن طريق الربا؟
الشيخ: ... نادي عليها بطالها من أي وجه هذا الاستثمار الذي أنت تشير إليه فإنه غير شرعي إذا كان لكم يعني راتب مقطوع ... للوظيفة فقط و ليس للاستثمار ... و ما سوى ذلك فلا يحل لأنك عرفت طريقة الاستمثار من طريق ... و ليس من طريق المتاجرةو المضاربة والشراء الأموال قد تربح و قد تخسر ... كما سمعت آنفا فلذلك كما قال تعالى ((فإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون))
أبو مالك: ... .
الشيخ: و هذه مشكلة الدوائر كلها التي تتعامل بمثل هذه المعاملة.
الشيخ: ... .

(176/20)


«
مداخلة أبي مالك إبراهيم شقرة , وكلامه عن البنوك الاسلامية زعموا
أبو مالك: ... شيخنا البلاء في هذه المسألة هو وجود هذه البنوك و المصارف التي تسمى بأسماء إسلامية و طبعا الناس توجهوا إليها توجها كبيرا و صار بعضهم ينصح البعض بأن يودع أمواله في هذه البنوك لأنها لا تتعامل بالربا و أنا تجلية لهذه المسألة بالذات بالأمس القريب ذكر لي واحد ما كنت الحقيقة هذه المسألة يعني على بينة منها أنا كنت أقول ببيع المرابحة يعني مسألة لا زال فيها غموض عند الجماعة بين أخذ و رد علما بأني أنا نصحتكم و تكلمت معهم في هذا الموضوع وإذا المسألة كالآتي إذا أردت شراء مثلا بعض المواد اسمنت حديد مثلا أي شيء أقول أنا أريد أن أشتري بأربع أو بخمسة ألاف دينار رأسا محاسب البنك يقول لك هذا المبلغ الذي هو خمسة آلاف دينار سيصبح سبعة آلاف دينار بعد كذا من السنين و التقسيط يكون بناء على ذلك بناء على إضافة هذا المبلغ للمبلغ الذي ستأخذه ثمنا لهذه المواد طبعا ما يسمونه قرضا بالمناسبة بل يسموه فائدة بنكية ... هذا ربح حلال!
الشيخ: يسمونها بغير اسمها!
أبو مالك: أي نعم فأولا يتم تحديد المبلغ الذي يضاف إلى أصل المبلغ المقترض يتم سلفا قبل أن ينزل للسوق و أن يشتري ما يريد و أن يبلغ البنك الذي يريد أبدا هذه المسألة يجب أن يعرفها الإخوان أنا كنت الحقيقة لا أعرفها على هذا الوجه أي نعم.

(176/21)


«
مداخلة مشهور حسن سلمان مع أبي مالك حول ممارسات البنوك
مشهور: سَلَفِية أربعة بالمائة ثلاث سنوات ... يقول له ستدفع مبلغا الذي ستأخذه خلال سنة فعليك سبعة بالمائة من أصل المبلغ و سنتين أربعة عشر لكن هم يعني حجتهم يعني لو أفرغوا لك مرة واحدة سيبقى المبلغ الربح هو هو ثابت.
أبو مالك: أقول لك حاجة هم طبعا هذه حجة داحضة و هم يعلمون بأن الذي يأتي إلى البنك لا يأتي وهو يريد أن يدفع المبلغ مرة واحد هم عارفين هذا تماما
مشهور: ... قبل شراء قبل العقد.
أبو مالك: و الدليل على هذا واحد جندي عسكري في الأمن العام قال لي أنا اقترضت ثلاثة آلاف دينار من البنك طلع عليهم ألف و ثمانية آلاف دينار!
الشيخ: أعوذ بالله.
أبو مالك: و الله قال فصارت أربعة آلاف و ثمانية دينار قال أنا بلشت لكن كنت متورط و جاء أحد أقربائي و قال يا فلان هذه ثلاثة آلاف دينار خذ و أعطيهم البنك و تخلص من الورطة التي أنت فيها و قدمت الثلاثة آلاف دينار فقالوا هذا غير مقبول! ... جفت الصحف و رفعت الأقلام و لذلك منعوا ما رضوا يأخذوا ثلاثة آلاف دينار لأنهم يعرفوا أنه هو ما راح ... فهذا الرجل فعلا كان عنده قريبه هذا أراد أن ينقذه لكنهم ما أرادوا أن ينقذوه و لا أن يعينوه هذا أكبر دليل على أن البنوك التي تسمى بالبنوك الإسلامية عارية من صفة الإسلام الحقيقية التي ينبغي أن يتعاملوا بها بالمال ... دعني من قضية ما لا يملك , أنا أحكي لك بأن الربح الذي يريد ال ... يحدده قبل أن يشتري و ينزل السوق وبعدين لا حظ أنهم يحددون نسبة مائوية نسبة مائوية يحددون ... بيني و بينك ... .
الشيخ: نسبة الوفاء زيدت ... .
أبو مالك: ... .
مشهور: شيخنا طرحوا هم الشيء البديل الآن و هذا البديل طيب يتباحث فيه بحيث نوصل لهم رأي أغلب المسؤولين الآن يعترفون بأن بيع المرابحة فيه مخالفات في البنك الإسلامي.
أبو مالك: هو مدير البنك رجل طيب و فاضل ... وذكر لي هذا وقال لي احنا نعرف أن فيها شيئا هذه المسألة.
مشهور: عندهم بديل الآن طرح يبنون في ... الشرق الأوسط يبنون بنايات كبيرة و تكون لهم مخازن و مستودعات و يبيعون منها فما وجه المنع و الحرمة في مثل هذه المعاملة؟
أبو مالك: بيع التقسيط و أنت عارف ... هي هي كل المسألة خرجوا من مطب وقعوا في مطب ثانٍ التعليق على كلام الأخ فرج إنه هذا التعامل البنكي في البنوك الإسلامية المصرفي هذا شجع الناس أن يذهبوا إلى البنوك الأخرى بحجة أنه و الله يا أخي ما دام هذا حلال و هذا ... قالوا هذا حلال إذا نذهب إلى الأقل نتخلص من الزيادة لأن البنوك الأخرى تأخذ فوائد على الأموال أقل من البنك الإسلامي لأنها هذيك تسميها فوائد باسمها أما البنك الإسلامي تسميها ربح بيع المرابحة تسميها ربح ترفض تسميها والله هذه فائدة بنكية
السائل: ... .
الشيخ: والله المستعان.

(176/22)


«
ما هو الضابط في السمر بعد العشاء هل هو بالنظر لخروج الوقت أو بالنسبة لأداء الصلاة؟»
السائل: الشيخ الضابط في السمر بعد العشاء هل هو بعد أن يصلى صلاة العشاء أم بعد أن يخرج وقت العشاء؟
الشيخ: ... إيش؟
السائل: الضابط في السمر بعد العشاء؟
الشيخ: ... .
السائل: هل هو بعد أن يصلي العشاء أم بعد خروج وقت العشاء؟ يعني إن أخرت يمكن السمر؟
الشيخ: و هو الأفضل لكن بالشرط المعلوم وهو أن يتفق الجماعة على التأخير لا شرط إضاعة الجماعة!

(176/23)


«
ما هو الضابط بالنسبة لتغيير الشيب هل بالنظر إلى اللون الأصلي؟»
السائل: الضابط في تغيير الشيب هل إذا كان واحد مثلا أنت شعرك ما شاء الله موش أسود في السابق كان فهل الآن أنت إذا غيرت اللون إلى الأحمر مثال كان واحد أشقر شعره و بعدين شاب هل مانع أن يغيره إلى أشقر إذا كان ... ؟
الشيخ: أولا فيه عندك النص الصريح (و جنبوه السواد) فإذا الخضب بأي لون جائز حاشا السواد.
السائل: طيب كويس هذا لمصلحتكم يا شيخ!
الشيخ: ... .

(176/24)


«
ما هو الزي الإسلامي هل هو القلنسوة أم الخمار أم العمامة أم العقال؟»
السائل: الزي السني للمسلم هل يكون القلنسوة أم الخمار مع العقال معهم جميعا؟
الشيخ: إيش.
السائل: الزي ... القلنسوة فقط أم معه الخمار والعقال يعني؟
الشيخ: أنت ماذا تقصد بالزي؟
السائل: يعني البذلة للمسلم اللباس للرجل المسلم ... .
الشيخ: يعني كأنك تسأل عن السنة؟
السائل: نعم نعم.
الشيخ: أنت ما سبق أنه يعني كونت رأي الحافظ أن لباس الرأس هو سنة عادة و ليس سنة عبادة!
السائل: نعم سنن عادة.
الشيخ: إذا في حدود سنة العبادة تسأل السؤال!
السائل: لا سنسأل لماذا الملتزمون لماذا لا يلبسون العقال هل هو حرام نقول ما هو حرام.
أبو مالك: الصحيح أن طالب العلم هناك أو من ينتسب للعلم عيب عليه أن يضع العقال على رأسه ... السائد هناك و لذلك جميع مثلا كلية الشرعية في الجامعات لا تجد واحدا ملتزم طالب علم أو أستاذ في الجامعة يضع العقال على رأسه أبدا هذا عرف سائد.
الشيخ: لكن هل هو لباس الشعب هناك العقال؟
السائل: ... .
أبو مالك: الشعب السعودي يضع العقال على رأسه كلهم.
الشيخ: إلا الطلبة و المشايخ.
أبو مالك: إلا المشايخ و الطلبة أي نعم يعني الآن إذا شفت واحد ملتحي و واضع العمامة على رأسه بغير عقال فهذا عالم أو طالب علم! مثل الشعار الذي عندنا المشايخ الطربوش ... .
الشيخ: إذا هذا سؤالك؟
السائل: نعم.
الشيخ: طيب هذا مثل ما قال الأستاذ و الأتراك مثلا و الفلسطنيين العلماء منهم يضعون العمامة هذه التي وصفها محمد عبده في زمانه " عمامة كالبرج و جبة كالخرج " طبعا هذا ليس من الإسلام في شيء فإذا كان هناك في بلد آخر عرف آخر فهنا يرد قول ذلك الشاعر:
"
جعلوا لأبناء الرسول علامة *** إن العلامة شأن من لم يشهر "
أي نعم هذا يدخل حينئذ في سنة العبادة و يكون حينئذ الإحداث فيها بدعة أي تزيي العلماء و طلاب العلم بزي يتميزون به عن سائر الشعب كان ... ورثها بعض الشعوب من الأتراك قديما فهذا كهذا تماما فلا يجوز إذا اتخاذ زي يميز العلماء أو طلاب العلم عن سائر الشعب و لهم برسول الله صلى الله عليه و سلم أسوة حسنة كما نعلم جميعا أن الرجل الغريب أو الأعرابي أو البدوي كان حينما يسمع بالنبي صلّى الله عليه و سلم و يأتي و يسأل أيكم محمد؟ ذلك لأن محمدا صلى الله عليه و سلم و هو كما نعلم جميعا سيد البشر لم يكن يتميز على أصحابه بزي قط فإذا كان العلماء ورثة الأنبياء كما جاء في الحديث الصحيح فلا ينبغي أن يكونوا ورثة الأنبياء شكلا و إنما عملا و اقتداء فإذا كان النبي صلى الله عليه و سلم لم يتخذ زيا خاصا لشخصه و لأصحابه فالعلماء الأفاضل فلا ينبغي لمن كان ينشد دائما اتباع النبي صلى الله عليه و آله سلم و الاقتداء بسنته أن يتخذ زيا معينا فوضع العقال و عدمه سواء بشرط أن لا يتقصد به ... هذا طالب علم فلا يضع , هذا من عامة الناس فيضع وهذا قد يكون له رد فعل في الواقع بالنسبة لبعض الأمور المشروعة بل و الواجبة فينطلق بعض عامة المسلمين من هذا المنطلق المعكوس أن العالم له شعار فيدخلون بجهلهم من شعائر العلماء إعفاء اللّحية فحينما يلفت نظرهم لماذا أنت لا تعفو عن لحيتك و لماذا تبتلى بحلقها يقول أنا إذا عفيت عن لحيتي يظن الناس أني رجل عالم ... فلذلك أنا أحلق لحيتي لأنه انطلق من أن العالم ينبغي أن يكون له شعار لا فرق بين مسلم و مسلم لا يفرق بين هذا و هذا زي و إنما يفرق انطلاقه و تعامله في حياته إما منطلقا مقرونا بالعلم و إما بالجهل فهذا هو الفرق كما أشار ربنا عز و جل في الآية الكريمة ((قل هل يستوي الذين يعلمون و الذين لا يعلمون)) لعلي أجبتك عن سؤالك؟
السائل: جزاك الله خيرا.
الشيخ: نعم.

(176/25)


«
هل يجوز استخدام قوارير الخمر بعد تنظيفها؟»
السائل: بالنسبة لي قد يجهلون أو بالنسبة لبعض الإخوة قد يعلمون هذا الأمر فالسؤال الأول قوارير الخمر معروف هل يجوز تنظيفها و استخدامها في شرب الماء؟
الشيخ: إذا كانت هذه القواير حينما ترى يفهم عامة الناس أن هذه قوارير خمر و قوارير ... الخمر فلا يجوز استعمالها بل يجب تكسيرها.
السائل: جزاك الله خيرا.

(176/26)


«
ما صحة حديث (لا صلاة بحضرة طعام)؟»
السائل: حديث (لا صلاة بحضرة طعام) صحيح أم ضعيف؟
الشيخ: صحيح.
السائل: فيه شباب طالعين الرحلة يوم الجمعة.
الشيخ: أنا ما أكملت السؤال.
السائل: عفوا أي سؤال.
سائل آخر: الثاني (لا صلاة بحضرة طعام).
السائل: ... .
الشيخ: ... عن فقه الحديث.
السائل: لأنه فيه بعض الناس لما يوضع الطعام و تقام الصلاة يؤجل الصلاة لأجل ... .
سائل آخر: ... قدم العَشاء.
السائل: فيه تعقيب بارك الله فيكم.
الشيخ: هو يقول لك أنه يوجه سؤالا حول هذه النقطة لأنك عرفت الآن أن الحديث صحيح لماذا سألت عن صحته و ضعفه؟
السائل: فقط مجرد ... .
الشيخ: يترتب عليه حكم شرعي؟ فما هو الحكم الشرعي.
السائل: أنه فيه ناس ... .
الشيخ: ... شو الحكم الشرعي؟
أبو مالك: خلينا أنا أسأل السؤال عنه يا شيخ هو صلى الله عليه و سلم يقول (لا صلاة بحضرة الطعام و لا و هو يدافعه الأخبثان) السؤال لا صلاة , الرسول صلى الله عليه و سلم يقول لا صلاة فهل هي باطلة أم هي غير باطلة هذا السؤال الذي ينبغي أن توجهه للشيخ حتى تعرف حكم الحديث.
السائل: جزاك الله خيرا.
أبو مالك: وإياك.
الشيخ: ... جواب هذا السؤال في ... أولا العلماء لهم قولان في هذا الحديث هل " لا " هنا نافية لصحة الصلاة أم هي نافية لكمال صحة الصلاة و هذا له أمثلة في كثير من الأحاديث النبوية لأن نفي الصحة يلزم منه بطلان الصلاة أما نفي كمال الصحة فلا يلزم منه بطلان الصلاة مثل قوله عليه الصلاة و السلام (لا إيمان لمن لا أمانة و لا دين لمن لا عهد له) فالذي يخون الأمانة و لا يؤديها هل يكون كافرا لأن الحديث يقول (لا إيمان لمن لا أمانة و لا دين - أيضا - لمن لا عهد له)؟ الجواب أن الأدلة الشرعية تدل على أن الإيمان يزيد و ينقص و زيادته كما هو معلوم بالطاعة و نقصانه بالمعصية فحينما قال عليه الصلاة و السلام (لا إيمان لمن لا أمانة له) فسرها العلماء بهذا الحديث لا إيمان كاملا أي يكون الإيمان ناقصا لكن لم يذهب إيمانه و لم يبطل إيمانه و كذلك بقية هذا الحديث (و لا دين لمن لا عهد له) فهل الحديث الذي سألت عن صحته إذا كان صحيحا هل يفسر على ضوء هذا التفسير أم يقال لا صلاة له مطلقا فمن صلى بحضرة طعام أو وهو يدافعه الأخبثان تكون صلاته باطلة أم تكون صلاته صحيحه مع نقص الأجر، أكثر العلماء و الفقهاء هو على هذا المعنى الثاني أي المقصود بالنهي هو كمال الصحة و ليس مطلق الصحة.
قليل من العلماء و على رأسهم ابن حزم الأندلسي لأنه معلوم من مذهبه أنه في أكثر الأحيان يلتزم ظواهر النصوص فهو يذهب إلى أن كل من صلى بحضرة الطعام أو و هو محصور فصلاته باطلة لكننا نرى الرأي الأول لا لأنه رأي الأكثرين لأنا لسنا جمهوريين و إنما نتبع ما يبدو الصواب مما اختلف فيه الناس , هناك حديث في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه و سلم يقول (إذا قام أحدكم يصلي ... ) هذا معنى الحديث لأني في شك من لفظه (فوجد في بطنه ريحا فلا ينصرف من صلاته حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا) فهذا يدل على أن الصلاة صحيحة لكن مقصود الحديث الأول أنه لا ينبغي للمسلم أن يباشر الصلاة و هو حاقن أن يباشر الصلاة و هو تائق إلى الطعام فهنا نصل إلى شيء من التفصيل الذي لا بد من بناءه على القولين المذكورين آنفا سواء قلنا أن المقصود نفي الصلاة مطلقا أو قلنا نفي كمال صحة الصلاة (لا صلاة بحضرة الطعام ... )، نفترض الآن إنسانا آنفا أكل في داره ثم زار أخا له ... الطعام و أقيمت فهل يصدق في هذا قوله عليه السلام (لا صلاة بحضرة الطعام) فهو يصلي بحضرة الطعام، المقصود بحضرة الطعام يتوقه و يشتهيه ففي هذه الحالة إما أن تكون صلاته باطلة على قول الأقلين أو صحيحة و لكن أجرها ناقص قول الأكثرين هذا هو فقه الحديث السائل السائل: جزاك الله خيرا.
الشيخ: وإياك.

(176/27)


«
هل يعتبر حضور الطعام في إفطار رمضان عذرا للتخلف عن الجماعة؟»
مشهور: الطعام في رمضان عند الأذان عذر من أعذار التخلف عن الجماعة لصلاة المغرب؟
الشيخ: لا , ليس كذلك حسبه أن السنة هنا توضح ما كان عليه السلام يفطر على تمرات فإن لم يجد فعلى جرعات من ماء ثم يصلي لأنه أسكن جوعه و عطشه بما ... ثم بعد ذلك يجلس للطعام فليس أولا بأن يدع صلاة الجماعة في المسجد و هو غير معذور بعذر آخر بعذر هو كان ... إذا أغلقت المساجد في رمضان ... .
أبو ليلى: شيخنا الأخ يسأل عن المجدد المجنون الجديد هذا ... .

(176/28)


«
هناك جماعة من الشباب يخرجون في رحلة يوم الجمعة في مكان بعيد عن المسجد فهل يجوز لهم أن يخطب فيهم أحدهم؟»
السائل: الجماعة طالعين الرحلة يوم الجمعة فمكان الرحلة بعيد عن المسجد فهل يجوز لهم أحدهم أن يخطب فيهم؟
الشيخ: إذا كانوا في بعد يسمعون أذان المسجد , الأذان الطبيعي الذي لا يرفع بالأجهزة التي تبلغ الصوت إلى مسافات بعيدة فحينئذ يصدق فيه قوله تعالى ((يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله)) أما إذا كانوا في مكان لا يسمعون مثل هذا الأذان نحن نرى و الآن ولا نقول خلاف ما قلناه آنفا هذا القول الأقلين من العلماء نرى ما دام أن فيهم من يخطب و يؤمهم و لو ثلاثة أشخاص فيصلون الجمعة و لا يصلون ظهرا.
السائل: جزاك الله خيرا.
الشيخ: وإياك.

(176/29)


«
لي أخ في بريطانيا يقرئك السلام ويسألك يقول عندنا في بريطانيا في مدينتنا مسجدان فبعد صلاة العيد خرج مجموعة المسجد إلى رحلة لمدة يوم فأغلق مسجدهم فهل فعلهم هذا فيه شيء؟»
السائل: سؤال أخير فيه لي أخ في بريطانيا طبعا يقرئك السلام و يسأل في مدينتنا هذه مسجدان فقط في هذه المدينة فيوم العيد خرج شباب المسجد برحلة فإمام المسجد سكّر المسجد ... فظل مسجد واحد في المدينة و الناس قاموا ... على المسجد فهل هذا العمل الذي فعلناه صحيح أو خطأ و هو إقفال المسجد؟
الشيخ: أنت تعلم أن صلاة العيد في بلاد الإسلام لا تصلى أو لا تشرع صلاتها في المساجد و إنما تصلى خارج البلد فهؤلاء الذين خرجوا و أغلق المسجد صلوا العيد أو ما صلوا العيد؟
السائل: أي نعم بعد صلاة العيد.
الشيخ: إيش صلاة العيد صلوا صلاة العيد خارج المسجد؟
السائل: لا لا هناك بالمسجد يصلون.
الشيخ: يا أخي أنت تقول فيه مسجدين , مسجد أغلق لماذا؟ لأن أهله خرجوا لما خرجوا صلوا العيد أو ما صلوا؟
السائل: صلوا.
الشيخ: أين؟
السائل: بالمسجد نفسه.
سائل آخر: هم صلوا بالمسجد و بعد صلاة العيد خرجوا في رحلة مثلا يتنزهوا و صلاة الظهر مثلا صلوها برا و المسجد مسكّر.
السائل: ظلوا يوما أو يومين.
الشيخ: ... أنت تقول فيه مسجدان مسجد تركوه و مسجد افتتحوه لماذا أغلقوا المسجد؟
السائل: خارجين في رحلة.
الشيخ: آه فإذا ما صلوا في المسجد.
السائل: أي نعم.
أبو مالك: خلينا أتبرع ... أنت تقول أنهم صلوا العيد في المسجد ثم خرجوا ... .
السائل: أي نعم.
أبو مالك: ... صلاة العيد شيخنا ... سؤاله أهل المسجد الذين يصلون في هذا الحي بعد أن صلوا العيد خرجوا و غاب عنه و المسجد ظل مقفلا فهل هذا الذي فعله حسن أو غير حسن هذا السؤال؟
السائل: يوم أو يومين ... .
أبو مالك: ... أوقات الصلاة يعني خمس أوقات سبع أوقات عشر أوقات؟
الشيخ: ... صلوا العيد في المسجد؟
السائل: أي نعم.
الشيخ: ثم أغلقوا المسجد.
السائل: نعم أغلقوا المسجد.
الشيخ: طيب و بقوا برا.
السائل: خرجوا رحلة.
الشيخ: كم يوم؟
السائل: يوم.
الشيخ: أنت تقول المسجد أغلق يوما أو يومين؟
السائل: أي نعم.
الشيخ: لماذا؟
السائل: ما هو ... يوم أو يومين ... أي نعم.
الشيخ: اختصر السؤال بارك الله فيك شو هو السؤال الآن.
السائل: خروجهم للرحلة و إقفال المسجد فقضية إقفال المسجد مدة يوم كامل؟
سائل آخر: عمل حسن أو غير حسن؟
الشيخ: إغلاق المساجد معناه تعطيل العبادة!
السائل: أي نعم هذا هو السؤال!
الشيخ: فلماذا؟
السائل: يعني للأمانة قالوا لي اسأل الشيخ ناصر.
الشيخ: " و ليس يصح في الأفهام شيء *** إذا احتاج النهار إلى دليل "
أبو مالك: الشيخ ما أجابك ... فهمت جواب الشيخ
السائل: نعم.
أبو مالك: ما هو؟
السائل: أنه ما يجوز.
أبو مالك: لكن الشيخ ما قال لك لا يجوز ... .
سائل آخر: الله يجزيك يا شيخ و يطول في عمرك.

(176/30)


«
إذا كانت المصليات في بلاد الكفر لا يمكن للمسلمين امتلاكها فما نوع هذه المساجد؟»
السائل: في كثير من الأحيان لا يحق للمسملين تملّكها تبقى هي في الأصل ملك للدولة والمسلمون ... .
الشيخ: هذه تسمى مصليات.
السائل: هذه مصليات؟
الشيخ: نعم ... .

(176/31)


«
ما حكم اللحم المستورد المذبوح في الخارج؟»
السائل: على موضوع اللحم البلغاري؟
الشيخ: ما انتهيتوا منه الله يهديكم!
السائل: في السابق أخذنا قطعنا الشك باليقين ... واجهنا بعض اللجان في المطار قالوا يشرفون عليهم بالتسمية ... صارت فيه حالة شكوك يعني قبل ثلاثة أيام ... .
الشيخ: هل تذبح ذبحا شرعيا؟
السائل: ... .
الشيخ: يا أخي يقولون الذي يقول يشوف بعينه يأكل! لكن نحن سمعنا أقوالا متناقضة و نحن لما قيض لنا أن نذهب إلى أوروبا علمنا يقينا أنهم لا يذبحون و أنهم يقتلون قتلا بطريقة أو بأخرى و لذلك لما يأتيك خبر ربما يكون خبرا ملفقا المقصود ترويج البضاعة فمن وثق بمثل هذا الخبر فلا يكلف بضده أما أنا و ربما غيري معي فلا يصدق هذه الأخبار أبدا لأن الكفار هم كما وصفهم ربهم العالمين ((قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله و لا باليوم و لا يحرمون ما حرم الله و رسوله)) لا يحرمون ما حرم الله و رسوله والوقت عندهم هو أهم من المال لأنه هو سبب تحصيل المال فلذلك فهذا الذبح على الطريقة الشرعية عندنا يأخذ منهم وقتا كثيرا جدا و لذلك فهم يسلكون السبل التي توفر لهم الوقت فمن اقتنع بصحة هذا الخبر بأنهم يذبحون بعدين تجي قضية يسمون أو لا يسمون هذه مسألة أخرى لأن حقيقة النصراني لما يسمّي سواء سمى أو ما سمى لأن تسميته الآن ... الشاهد هذه الأخبار نحن لا نثق بها وبخاصة أن أحد وزراء الأوقاف هنا في هذا البلد بعد ما مضى سنين و هم يعلنون أن هذه اللحوم تذبح ذبحا شرعيا أعلم بأنه ثبت لديهم أنها لا تذبح لذلك فالأخبار غير موثوقة فلا يعني تتأثر بمجرد خبر يكون المخبر به مغرضا
السائل: ... .

(176/32)


«
مداخلة لأبي مالك إبراهيم شقرة
أبو مالك: أبو مالك.
السائل: تفضل.
أبو مالك: دعني أقص عليك هذه القصة التي وقعت معي أنا و أنا سألت المستوردين للحوم الذين هم طبعا أصحاب الشركات الذين يستوردون عشرات و مئات الألوف آخرهم قبل أيام لقيته أمام مكتبه أو أمام دكانه فسألته قلت يا شيخ عفوا يعني الشركة هذه التي تستورد هذه اللحوم أنا بدي أسالك هل هذه اللحوم لحوم أستطيع أن أطمئن بها لأن قلت له أنا بدي أشتري كيلوا لحم ما فيه ... قلت بنصف القيمة تقريبا أنت لما تطمني قلت هذا السؤال ... لما تطمني أن هذه اللحوم صالحة أو هذه اللحوم مسمّى عليها و مذكاة تذكية شرعية أنا أطمئن فآكل بشهادتك! هذا المستورد صاحب الشركة ... إيش يقول لي يقول لي و الله احنا يعني نعلم بأن شوف قال نعلم بأن الذين يذبحون يسموا قلت له شاهدت هذا قال ما شهدت! قلت له لكن شيء أكيد قال لي و الله هذا الذي نحن نعلمه قلت له طيب حميل جدا قلت له أنت تعرف الذين يذبحون عادة ... اللي يسموهم الورديات قال لي صحيح قلت له هل تعتقد أن كل وردية من الورديات هدول ... جماعات مسلمين يذبحوا سكت هنا قال أنا ما أستطيع أنا بدي أفترض أن كل مائة رأس ... تسعة و تسعين فيها مذكاة شرعية و رأس واحد غير مذكّ تذكية شرعية فماذا تقول عندئذ سكت تماما قلت له بارك الله فيك الجلسة معك لأن هذا المال الذي تأكلونه ثمنا لهذا هذا مال حرام لا يجوز أبدا شرعا و الله هو سكت تماما!
الشيخ: لكن أنت بارك الله فيك سألته عن التسمية؟
أبو مالك: آه قلت له هل تذكى ذكاة شرعية يعني هل تذبح و يسمى عليها؟ قال لي و الله هذا الذي نعلم.
السائل: شيخنا لا يمكن الحلال بالذات يذبح ... لأن طريقة الصعقة الكهربائية ... .
أبو مالك: هذا هو ... بارك الله فيك ... .
الشيخ: طيب فيه عندكم شك أنها لا تذبح في أوروبا بعامة في أمريكا فيه عندكم شك أنها لا تذبح و إنما تقتل قتلا بالنسبة؟
السائل: الحلال ... .
الشيخ: عفوا يا أخي بارك الله فيك لكل سؤال جواب في أوروبا في أمريكا هل تذبح النعاج و البقر ذبحا شرعيا على الطريقة الإسلامية لما تعلم؟
السائل: ... .
الشيخ: التمسية يا أخي نحن نحكي على الذبح!
السائل: ذبح قطع الرأس يعني ... .
الشيخ: طيب ... .
أبو مالك: الله يهديك يا مازن ... .
الشيخ: أنا سؤالي أنت ... اشتريت البقر الآن الغنم تذبح؟
السائل: ... الذبح في أوروبا ... بالنسبة منطقة صوفيا بالذات قالوا ... معنية باستلام هذه ...
أبو مالك: لما أقول لك يا مازن ... أحد إخوانا يقول أني أنا أستطيع أن أصبح مليونير!
الشيخ: الله أكبر.
السائل: من ... أن أغض الطرف فقط و أحط ... أنها صدرت هذه بمعرفة الجمعية الإسلامية في البلد الفلاني أحط الليبل بس اتصور قال لي أن ... كبير كبير قال و الله العظيم أنفت عن هذا الكسب لأني أعلم أنه كسب حرام و العياذ بالله و أنا مستيقن أن كل الذبائح التي تذبح بالطريقة لا تذكى ذكاة شرعية ... .
السائل: على كلامك الشيخ أبي مالك ... لحام أشتري لحمة أنا أشتري لحمة أنا شخصيا فيقول بلغاري أو غير بلغاري يعني ... الدم ينصب كبا أقول هذا أفضل ... مصعوق صعقا كهربائيا ... .
الشيخ: لا حول و لا قوة إلا بالله.
السائل: ... الله يحزيك خيرا، أفغانستان الحكم الشرعي فيها من حيث المجاهدين و فصائلهم المختلفة؟
الشيخ: آمين.
السائل: آمين يا رب الحكم الشرعي الآن.
الشيخ: ... نسأل الله عز و جل أن تكون الخاتمة لصالح المسلمين وإن لم ننذر النذر ... جدا.
أبو مالك: شيخنا المكتوب يعرف من عنوانه لما تشوف الذي تبوء منزلة رئيس الدولة.
الشيخ: صوفي.
أبو مالك: مش صوفي يعين صوفي محترق يقول بأن الله عز و جل أناب في الأرض الأقطاب الأربعة لتدير حركة الكرة الأرضية والناس من فوق الكرة الأرضية.
السائل: شيعي ... .
أبو مالك: لا هو من السنة.
الشيخ: السني قد يكون الشيعي خير منهم.

(176/33)


«
ما رأيكم في خروجنا إلى الرحلة يوم الجمعة ويكون ذلك بتضييع الجمعة؟»
السائل: بالنسبة للرحلة؟
الشيخ: بالنسة لأي شيء؟
السائل: الرحلة ... فيه يوم الجمعة ... نصلي صلاة جماعة و نحن نعلم أن صلاة الجمعة تحتاج إلى غسل و إلى عبادة ... نصلي الجمعة خارج ... .
الشيخ: الذي يذكره العلماء و هو الحق بلا شك أن من أدركه الأذان و في البلد لا يجوز له الخروج أما قبل الأذان الخروج جائز و بشرط أن لا يكون خروجه احتيالا على الخلاص من أداء صلاة الجمعة في المسجد كما قد يفعل بعضهم في رمضان حيث يسافرون من أجل أن يفطروا و الله أعلم بنياتهم ... فالمقصود إذا كان الخروج ليس بقصد الخلاص من هذه الفريضة هذا جائز لأن العلماء قالوا إن الخروج لا يجوز لمن سمع النداء و ورد عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أنه رأى رجلا قد ... للسفر لكنه لم يخرج فسأله عن السبب فقال اليوم يوم الجمعة و أنا لا أخرج ... لأن سؤال من الناحية العلمية ... .

(176/34)


«
استفتاح الشيخ بخطبة الحاجة
الشيخ: إن الحمد لله؛ نحمده، و نستعينه، و نستغفره، و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا، من يهده الله؛ فلا مضل له، و من يضلل؛ فلا هادي له، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، و أشهد أن محمدا عبده ورسوله.
((
يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته و لا تموتن إلا و أنتم مسلمون)).
((
يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة و خلق منها زوجها و بث منهما رجالا كثيرا و نساء و اتقوا الله الذي تساءلون به و الأرحام إن الله كان عليكم رقيبا)).
((
يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا * يصلح لكم أعمالكم و يغفر لكم ذنوبكم و من يطع الله و رسوله فقد فاز فوزا عظيما)).
أما بعد: فإن خير الكلام كلام الله و خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه و آله و سلم و شر الأمور محدثاتها و كل محدثة بدعة و كل بدعة ضلالة و كل ضلالة في النار.

(177/1)


«
ذكر الشيخ لخلاصة ما ذكره في آخر الدرس الماضي مما ورد في حديث أبي هريرة
الشيخ: كان درسنا الأخير و الذي قبله في التعليق على حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم قال (للمسلم على المسلم خمس ... ) قرأنا عليكم الحديث مرارا و الرواية الأخرى (ست) و هذه السادسة هي قوله عليه السلام (وإذا استنصحك فانصحه ... ) و تكلمنا على هذه الجملة بما يسر الله عز و جل في الدرس الأخير و كان الكلام حولها خلاصته أن النصيحة واجبة من المسلم للمسلم سواء طلبت منه أو لم تطلب إلا أنها آكد و أشد حينما تطلب منه فحينئذ يتأكد عليه أن ينصح أخاه المسلم وضحنا هذا بعض الشيء و وعدنا ببيان أن النصيحة قد تتطلب أحيانا من الناصح أن يذكر شيئا يعاب عادة و شرعا بل و يعتبر غيبة و مع ذلك ففي سبيل النصيحة يستساغ ذلك بل يجوز بل قد يجب ذلك أحيانا.

(177/2)


«
كلام الشيخ عن الغيبة الجائزة بناء على ماورد في الحديث السابق في الخصلة السادسة من حديث أبي هريرة وهي (فإذا استنصحك فانصحه).»
الشيخ: فالغيبة التي هي محرمة بالكتاب و السنة و قد وصفها الرسول عليه السلام بما هو معلوم في صحيح مسلم (ذكرك أخاك بما يكره ... ) هذه هي الغيبة , فذكرك أخاك بما يكره أحيانا جائز بل قد يجب كما ذكرنا آنفا و للعلماء بحث طويل في هذا الموضوع و الإمام الغزّالي في كتابه الأحياء له كتاب خاص في كتبه الكثيرة كتاب " ذم الغيبة و النميمة " و الإمام الشوكاني رحمه الله له رسالة خاصة في هذا الموضوع و المهم أن تحريم الغيبة أمر مجمع عليه لا مجال للبحث فيه لا سيما و قد تقدم معنا في هذا الكتاب " الترغيب و الترهيب " الموضوع بأحاديثه الصحيحة و إنما الغرض الآن هو بيان ما يجوز من الغيبة مما يتحرج منه كثير من الناس إما تورعا ورعا باردا وإما جهلا بالإسلام فهذا النوع من العلم هو الذي ينبغي نشره وإذاعته بين الناس حتى يصبح معلوما كما الأصل في الغيبة معلوما عند الجميع , الأصل في الغيبة التحريم فلا أحد يجهل في ظني من المسلمين أن استغابة المسلم للمسلم حرام و لكن الجماهير يجهلون أن هناك شيئا من الغيبة تجوز بل قد تجب ها هنا أدير الآن كلامي ربطا له بموضوع قوله عليه السلام (و إذا استنصحك فانصحه) إذا جاء مثلا شخص إلى رجل مسلم يسأله عن آخر إما يريد أن يشاركه مثلا , أو يريد أن يتزوج منه من أهله من بنته من أخته إلى آخره , فيسأله ماذا تعلم عن هذا الرجل ماذا تعلم عن أخته عن ابنته؟ المعتاد في مثل هذا السؤال أن يجاب عليه باللهجة العامية المعروفة " كل الناس خير و بركة " و قد يعلم أن هذ المسؤال عنه ليس فيه كل الخير و كل البركة بل قد يكون العكس من ذلك فيه كل الشر يزعم هذا الذي يكتم الحقيقة عن هذا السائل المستنصح أنا أريد أن أشاركه مثلا بمال فهل هو أمين؟ و قد يكون هو عامله و جربه و خبره عن قرب و كثب فوجده ليس أمينا فيكتم عنه و يستر عليه بزعم أن هنا تنطبق القاعدة العامة الغيبة (ذكرك أخاك بما يكره) بمثل هذا النوع.

(177/3)


«
ذكر الشيخ للبيتين في الغيبة الجائزة وشرحه لهما
الشيخ: قال العلماء تقييدا للمبدأ العام في الغيبة المحرمة قالوا بيتين من الشعر و هذه ليست طبعا من أبيات الشعراء و إنما هو من شعر الفقهاء فقالوا:
"
القدح ليس بغيبة في ستة *** متظلم و معرّف و محذر
و مجاهر فسقا و مستفت و من *** طلب الإعانة في أزلة منكر "
هذه الأنواع الستة جمعها أحد العلماء في هاتين البيتن لتحفظ و كل نوع من هذه الأنواع عليه دليل من السنة الصحيحة.

(177/4)


«
شرح الخصلة الأولى المبيحة للغيبة وهو المتظلم وذكر الدليل عليها
الشيخ: فأول ذلك قال " القدح ليس بغيبة في ستة متظلم " أولهم المتظلم الظلوم الذي يشكو ظلمه لغيره و في هذه الحالة لابد لهذا المظلوم من أن يذكر ظالمه و أن يذكر نوع ظلم إياه هذا بلا شك غيبة و لكن هذه الغيبة ليست داخلة في المبدأ العام و إنما هذه مستثناة حتى في القرآن الكريم قال تعالى ((لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم))، إلا من ظلم فيجوز للمظلوم أن يذكر ظالمه بالسوء من القول لماذا؟ لكي يتمكن من الوصول إلى حقه المهضوم و في هذه الحالة قال عليه الصلاة و السلام مبينا الآية (لي الواجد يحل عرضه و عقوبته) اللّيّ هو المماطلة ... على الذمة و يأتي صاحب الدين يطالبه فيماطله يقول له اليوم و بكرة و بعد بكرة كما هو معروف عند كثير من الناس و ليس ذلك عن عذر فعلا أي عن عن عدم وجود ما يؤدي به دينه و إنما هو للاستفادة من هذا المال الذي بين يديه و لو تضرر من تأخير أدائه لصاحبه فقال عليه الصلاة و السلام (لي الواجد ... ) مماطلة الواجد لما ... به ما عليه من الدين (يحل عرضه) يحل للدائن أن ينال من عرضه و يجب أن نتذكر أن العرض في اللغة ليس هو ما يمس فقط شرف الإنسان من ناحية نسائه بل ما يمسه بصورة عامة في خلقه فهنا يحل عرضه أي يحل للدائن المماطل من المدين أن يذكره بالمماطلة و أنه رجل مثلا أعطيناه أعناه ديّناه إلى أجل مسمى و هو اليوم مضى الشهر و الشهران و الثلاثة وإلى آخره و لسى يماطل يماطل و ما هو عن فقر و إنما عن بخل و شح كما قلنا آنفا استغلال هذا المال لصالحه الخاص , فيحل مطله لصاحب الحق أن ينال منه لا ينال منه أن يقول مثلا كنا جرت العادة من بعض الناس مما لا خلاق لهم يسبه لشرفه لأهله لأبيه ربما و إنما لا يتعدى أن ينال منه في شخصه أولا و فيما يتعلق بمماطلته من وفاءه بالدين ثانيا قال عليه السلام عطفا على عرضه قال (و عقوبته) و هذه العقوبة إنما هي للحاكم الحاكم يجوز أن يحبس الدائن المدين إذا ما تبين له أنه يستطيع الوفاء و لكنه يماطل فهذا من الأحاديث التي تشهد لاستثناء المظلوم فيما إذا استغاب ظالمه من الغيبة المحرمة و هناك قصة وقعت في عهد الرسول صلوات الله و سلامه عليه فيها أولا الشاهد لهذا المستثنى من الغيب و فيها شيء من أسلوب الرسول صلوات الله و سلامه عليه في معاجالته أخطاء الظالمين و في انتصاره للمظلومين فقد جاء في الأدب المفرد للإمام البخاري و سنن أبي داود و غيرهما من حديث أبي هريرة و غيره أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال يا رسول الله جاري ظلمني فأمره عليه الصلاة و السلام بأن يخرج متاعه و يجعله على قارعة الطريق عفش البيت قال له أطلعه وضعه في الطريق و واضح المقصد و المغزى من هذا الأمر النبوي و هو أن الناس سيسترعي انتهابهم و يلفت أنظارهم إنسان أخرج متاع البيت عفشه كله فوضعه في حافة الطريق فلا بد أن يتساءلوا وأن يسألوا ما لك؟ و هذا الذي وقع فما كان منه إلا أن يقول جاري ظلمني! فما يكون من الناس و هم العهد بتوجيهاتهم الإسلامية الصريحة الصحيحة التي لا تعرف للنفاق و المداهنة معنى فما يكون منهم إلا أن يدعوا على جاره الذي ظلمه بقولهم قاتله لعنه الله فكانت هذه المساب أو الشتائم كافية لتأديب الرجل و لذلك ما كان منه إلا أن ذهب إلى النبي صلى الله عليه و آله و سلم و قال يا رسول الله مر جاري بأن يرجع متاعه إلى داره و قد لعنني الناس قال (لقد لعنك الله قبل أن يلعنك الناس!) بسبب إيذاءه لجاره المسلم و هنا حينما جاء الرجل أولا إلى النبي صلى الله عليه و سلم شاكيا قائلا جاري ظلمني يتساءل ترى هذا الجار ألا يكره أن يقال أمام الناس بل أمام سيد الناس أنه ظالم؟ لا شك أنه يكره ذلك إذا هذا يمكن أن يدخل تحت المبدأ العام (الغيبة ذكرك أخاك بما يكره) فهل هذا النوع يدخل تحت المبدأ العام؟ الجواب لا لماذا؟ لأنه لم يقل لم يستغب هذا المظلوم أخاه الظالم من باب يعني ... النفس و شفاء غيظها و إنما محاولة منه للوصول إلى رفع الظلم عنه من جاره الظالم و لهذا لم يقف رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم من هذا الجار المظلوم موقف المنكر عليه لا لا هذه غيبة هذه ليست غيبة داخلة في المبدأ العام هذا الذي ينبغي أن يحفظ و هذا هو النوع الأول قال " متظلم ".

(177/5)


«
شرح الخصلة الثانية المبيحة للغيبة وهو المعرف وذكر الدليل عليها
الشيخ: والنوع الثاني " ومعرّف " و هذا فيما يقع كثيرا و كثيرا و يخل كثير من الناس للقيام به , المعرف لو أمثله من واقع حياتنا كما ذكرنا آنفا و لكن السنة لا بد من الاستشهاد بها لا سيما في مثل هذه النقطة الحساسة التي هي تقييد لهذا المبدأ العام الغيبة ذكرك أخاك بما يكره إلا في كذا و كذا ستة المواطن التي سمعتموها فمنها المعرف فالسنة حفظت لنا مثالا صالحا لما نحن فيه حيث جاءت في صحيح البخاري و غيره أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقالت يا رسول الله إن أبا جهم بالميم أبا جهم و لا يختلفن على أسماعكم بأبي جهل و إنما هو أبو جهم هو من أصحاب الرسول عليه السلام الذين آمنوا به قالت هذه المرأة " إن أبا جهم و معاوية خطباني " كأنها تقول فبما تنصح يا رسول الله فالرسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينصحها بأحدهما و لكنه ذكر لها ما لا بد من ذ كره مما نحن في صدده مما يمكن أن يعتبر ذلك بعض الجهلة أو بعض المتنطعين غيبة الرسول عليه السلام استغاب لكن استغاب استغابة جائزة بل واجبة لماذا؟ لأنه عليه الصلاة و السلام كان جوابه لها وصف كل من الخاطبين لها أو بالأحرى بيان عيب كل من الرجلين بالنسبة لعرف النساء عادة قال عليه الصلاة و السلام (أما أبو جهم فرجل لا يضع العصا عن عاتقه) و هذا طبعا لا يسر النساء على التفسيرين المذكورين عند العلماء لأن هذه الجملة فسروها بمعنيين أولهما أقوى عندنا من الآخر المعنى الأول أنه ضراب للنساء لما قال عليه السلام (لا يضع العصا عن عاتقه) كناية بأن يضرب زوجته بأقل خطيئة تبدر منها و هو بالطبع شيء لا يرغب فيه النساء فكأنه يقول الرجل لا عيب فيه إلا هذا فإذا كان عندك استعداد تتحمليه فهو نعم الرجل (وأما معاوية فرجل صعلوك) ... فاتني ذكر التفسير الثاني لقوله عليه السلام (فرجل لا يضع العصا عن عاتقه) أي أنه كناية على أنه كثير الأسفار لأن العرب عادة يضعون المحجن العصا على كتفهم و يعلقون الزاد على رأس العصا و يمشون و يسافرون فهذا كناية على أن الرجل كثير الأسفار و هذا أيضا عيب بالنسبة للنساء لأن النساء إلا القليلات منهن يرغبن في أزواجهن أن يكونوا مثلهن من قواعد البيوت و أن لا يخرجوا لا سيما في مرات و في أيام كثيرة و كثيرة و في الأسفار و لو بسبب طلب الرزق فهذا أيضا عيب بالنسبة للنساء لكن جاءت روايات أخرى فحددت بأن المراد بهذه الجملة اللطيفة (لا يضع العضا عن عاتقه) أنه يضرب النساء لأتفه الأسباب أما الرجل الآخر الذي خطبها فقد قال عليه الصلاة والسلام فيه أما معاوية فرجل صعلوك طبعا لا يذهبن إلى بال أحدكم إلى معاوية حينما صار ملك الملوك و خليفة المسلمين هذه الدنيا يكون الإنسان في بداية الأمر صعلوكا ثم تدور الدنيا و يدور الدولاب و إذا يصبح بحق أو بباطل هذا بحث ثاني يصبح رئيسا فمعاوية يوم خطب تلك المرأة كان رجلا فقيرا كان رجلا صعلوكا لا يؤبه له و لا أحد يلتفت إليه و هذا أيضا عيب بالنسبة للنساء النساء بدهم رجل حسيب النسيب الجميل , الوجيه إلى آخره هكذا فعل الرسول عليه السلام ذكر لها عيب كل من الخاطبين و هنا الشاهد هل هذه غيبة؟ الجواب لا أولا لأن الرسول حاشاه أن يقع فيما نهى الناس عنه و ثانيا لأن الغيبة المحرمة هي التي ينال الإنسان من غيره دون أن يبتغي من وراء ذلك مصلحة خاصة لمسلم أو عامة لمسلمين و هاهنا بدهي جدا أن النبي صلى الله عليه و آله و سلم لما وصف كلاّ من الرجلين لتلك المرأة لم يقصد النيل منهما و لم يكن بينه و بين أحد منهما أي عدواة مطلقا ولكنه ذكر ذلك نصحا للسائلة حين قالت " إن أبا جهم و معاوية خطباني " قال عليه الصلاة والسلام (أما أبو جهم فرجل لا يضع العصا عن عاتقه و أما معاوية فرجل صعلوك) ماذا كان عاقبة هذه الاستشارة من هذه المرأة و توضيح الرسول عليه السلام لها ما سمعتم أن انصرفت عن كل من الرجلين فدلها الرسول عليه السلام على رجل من الصحابة من أفاضل الصحابة أظنه إن لم تخني ذاكرتي أسامة بن زيد قالت فوجدت منه الرجل الصالح أو كما قالت تزوجته و وجدته هو البغية و هو المقصود لو أن مثل هذا الأمر وقع اليوم و يقع كثيرا و كثيرا و سمع أحد أولئك الجاهلين أو المتنطعين رجلا يقول لفلانة التي استنصحته أما فلان فعيبه كذا و كذا و فلان عيبه كذا يا أخي ليش تقطع رزقها هكذا يقولون يجهلون أن الدين النصحية و لذلك العلماء جزاهم الله خيرا جمعوا لنا الموضوع من جميع جوانبه فما تركوا حديث الرسول عليه السلام (الغيبة ذكرك أخاك بما يكره) هكذا على الإطلاق حتى يعيش المسلمون دون أن يتناصحوا بل وضحوا أن هناك أمورا داخلة في معنى الغيبة بصورة عامة لكنها مستثناة من حكم التحريم فيها فقد تبين معنا الآن النوع الأول المتظلم و النوع الثاني المعرف و معرف فهذا رسول الله صلى الله عليه و سلم يعرّف تلك المرأة بحال خطيبيها.

(177/6)


«
شرح الخصلة الثالثة المبيحة للغيبة وهو المحذر وذكر الدليل عليها
الشيخ: أما الثالث فهو المحذر " متظلم و معرف و محذر ... " التحذير هذا أمر خطير جدا و هذا ينبغي أن نتتخلق نحن بهذا الخلق و لا ندع الناس كما يروي بعض الغافلين عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال " دعوا الناس في غفلاتها " لفقوا حديثا الجزء الأول من كلامه و الكلمة الأخيرة من كلامهم الباطل قوله عليه السلام (دعوا الناس ... ) كلام ثابت في صحيح مسلم و لكن تمامه ليس له علاقة بتلك اللفظة التي ألصقها بالحديث الصحيح إما جاهل أو مغرض تمام الحديث في صحيح مسلم (دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض) و هذا له علاقة بالسماسرة الذين يخرجون عادة قديما و ربما يكون شيء من هذا حتى اليوم تاجرا قديما كان يخرج الرجل فيتلقى البدو الذين يأتون بالخيرات بالسمن , الزبدة بالحليب بالقشطة إلى آخره من خارج البلد فيضع لهم السعر الذي يرضاه هو ففي مثل هذا قال عليه الصلاة و السلام (دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض) يعني يدخلوا السوق و يبيعوا كما ييسر الله عز و جل فجاء بعض الجاهلين و المغرضين كما قلنا فحذف تمام الحديث و نصب مكانها كلمة و هي (غفلاتها) " دعوا الناس في غفلاتها " و ما كنت أظن أن مثل هذا الحديث ينطلي على فقيه قد ينطلي أن يكون حديثا غير صحيح أما ينطلي عليه معناه و يتأثر به و هنا الشاهد ما كنت أظن هذا حتى سمعت بأذني و أنا في أول طلبي للعلم و كان لم يصل علمي يومئذ إلى هذا الذي أحدثكم به الآن أن هذا الحديث بهذا اللفظ لا أصل له حتى فوجئت به من أحد المشايخ توفي عليه رحمة الله حيث كان هناك مسجد في منطقة كنا نسكن فيها قديما مع والدي رحمه الله فيه قبر فكنت أحاول أن أبين للناس أن الأمر كما قال ابن القيم رحمه الله مسجد و قبر لا يجتمعان في دين الإسلام و كان جمهور الناس يستغربون هذا لأنهم مع الأسف الشديد يجدون أكثر مساجدهم القديمة فيها قبر أو اكثر و ما سمعوا أحدا من هؤلاء المشايخ يقول لهم مثل هذا الكلام أنه على الأقل لا يجوز أن يكون في المسجد قبر و كان لي صديق و كانت صداقته لي حديثة العهد فلما بلغه ما أقول أخذني عند ذلك الشيخ و بظنه أن هذا الشيخ رجل عالم فاضل و أنه سيقيم الحجة علي فاجتمعت به و في داره و إذا بالشيخ جمع بين أمرين متناقضين أولا كان عند حسن ظني به حيث أنه وافقني على هذا الحكم و هذا قل من وافقني حتى اليوم من المشايخ لأن الأمر قد عم و طم لا سيما و أكثرهم لا يعلمون من السنة إلا شيئا قليلا جدا أما هذا الرجل فوافقني و لكن بقدر ما سرني أحزنني لكن قال يا أخي ماذا نقول للناس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " دعوا الناس في غفلاتهم " أنا قلت آنفا بأن هذا الحديث لم أكن قد سمعته من قبل و لكن قلت له يا شيخ هل هذا الحديث صحيح؟ قال نحن قرأناه في الكتب قلت لكن إذا كان هذا الحديث صحيح أين الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر؟ يعني جادلته بما عندي من الثقافة العامة و أما هذا الحديث فلم يكن به عندي علم فهذا معناه يا شيخ تعطيل الحكم حكم شرعي , الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر المأمورين به في القرآن و السنة إلى آخره غمغم الموضوع و ... الموضوع لكن أنا بالي انشغل هل يوجد في الدنيا مثل هذا الحديث فما كدت أنتهي و لو بعد ... متأخر من الليل و أصل إلى الدار إلا رأسا بدأت أبحث فيه و إذا هو مذكور في الكتب التي تميز الصحيح من الضعيف مما لا أصل له و لا أزال أذكره أنني أول ما رجعت إلى كتاب " كشف الخفاء و مزيل الإلباس عن الأحاديث المشتهرة بين الناس " للشيخ إسماعيل العجلوني و إذا به يذكر الحقيقة السابقة أن الحديث في صحيح مسلم (دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض) أما " دعوا الناس في غفالاتها " فهو ينقل فيما أظن عن الحافظ السّخاوي أو العسقلاني أن هذه اللفظة لا أصل له فقلت الحمد لله فالبحث الذي بحثته استنادا للمبادئ العامة طابق الواقع أن هذه اللفظة لا تصح نسبتها إلى النبي صلى الله عليه و سلم فأعود لأقول إن النبي صلى الله عليه و سلم بعد أن وضح لنا فيما سبق من الأمثلة أنه لا مانع من ذكر المسلم لعيب فيه نصحا لغيره أو تحذيرا فليس يجوز للمسلم اليوم أن يقول تلك الكلمة التي قلناها آنفا ... برزقها أو رزقه! كذلك التحذير، التحذير أمر هام لأنه أيضا داخل في باب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و من أحاديث الرسول عليه السلام قوله (لا تصاحب إلا مؤمنا و لا يأكل طعامك إلا تقي) فإذا رأيت أيها المسلم أخاك المسلم يصاحب رجلا سيء الخلق أو يخالط شبابا منحرفين عن الإسلام عن شريعة الله فواجب عليك أن تحذرهم لتحذير الرسول عليه السلام في الحديث السابق (لا تصاحب إلا مؤمنا) لماذا؟ لأن الأمر كما يقول العامة أخذا من أحاديث الرسول عليه السلام الصحيحة " الصاحب ساحب " فحينما ترى الشاب الناشيء في طاعة الله يخالط شبابا سفهاء لا خلاق لهم فيجب أن تخشى عليه أن يسحبوه إلى ما لا خلاق لهم و لذلك ينبغي عليك أن تحذرهم فالصاحب ساحب هذا مأخوذ من قوله عليه الصلاة و السلام في البخاري و مسلم قال (مثل الجليس الصالح كمثل بائع المسك إما أن يحذيك - يعطيك - و إما أن تشتري منه و إما أن تشم منه رائحة طيبة) فأنت على كل حال ربحان أقل شيء تشم شيئا تستفيد به والإنسان ينفق قسطا من ماله في سبيل أن يستشم الروائح الطيبة الزكية فإذا صاحبت المسلم الرجل الصالح فأنت لا بد مستفيد منه كمثل بائع المسك إما أن يعطيك مجانا و إما أن تشتري منه بالفلوس و إما أن تشم منه رائحة طيبة (و مثل الجليس السوء كمثل الحداد إما أن يحرق ثيابك و إما أن تشم منه رائحة كريهة) فإذا الصاحب ساحب فعلا إن كان صالحا نفعك و لو نفع بسيط جدا كالرائحة الطيبة و إن كان طالحا أضر بك إما ضررا بالغا و هو الذي قال عنه بأنه يحرق ثيابك و إما دون ذلك بأن تشم منه رائحة كريهة نعم.
السائل: ... .
الشيخ: أيضا يذكرنا الأستاذ بقوله عليه السلام (المرء على دينه خليله فلينظر أحدكم من يخالل) من يتخذ له خليلا و صاحبا و صديقا على دين خليله هذا كله يؤكد هذا المعنى المشهور الصاحب ساحب فلذلك فليس من الغيبة إذا أردت أن تحذر مسلما من مصاحبة جماعة أو فرد أن تقول فلان فيه كذا و كذا لأنك لا تريد الشماتة في هذا و إنما تريد تحذير صاحبك منه هذا القسم الثالث المحذر.

(177/7)


«
شرح الخصلة الرابعة المبيحة للغيبة وهو المجاهر بالفسق وذكر الدليل عليها
الشيخ: ثم قال " و مجاهر فسقا " المعلن فسقه و فجوره و عصيانه لله تبارك و تعالى لا يبالي بذلك إطلاقا و هذا فرق بين من يعصي الله و يتستر بمعصيته هذا لا يجوز استغابته هذا داخل في الميدأ العام أما الذي يعلن فسقه و فجوره بل و قد يفتخر بذلك و لا يبالي بالناس أي مبالاة فهذا لا غيبة له فهذا كما قال عليه السلام في الحديث الصحيح (كل أمتي معافى إلا المجاهرين) قالوا " من هم يا رسول الله؟ " قال (هم -أو- هو الذي يبيت يعصي الله عز و جل ثم يصبح فيحدث الناس بما فعل فيكشف ستر الله عنه) (كل أمتي معافي ... ) يعني ربنا عز و جل يعافي المبتلين بالمعاصي المتسترين بها ما لا يعافي الجاهرين بها لا سيما إذا اقترن مع الجهل المباهاة و المفاخرة فهذا تأثيره أشد كثير يعني الجهر بالمعصية أشد تأثيرا من المعصية التي ... و التفاخر بالمعصية أشد تأثيرا و أشد إضرارا للآخرين من الذي يجهر بها فقط و لا يتفاخر بها فهذا الذي يفسق و يخرج عن طاعة الله عز و جل علنا لا يخشى الله و لا يستحيي من عباد الله فهذا ليس له غيبة و لا أستدل على هذا بما هو مشهور ببعض كتب الرقائق و التصوف مما يعزى إلى الرسول صلى الله عليه و سلم و لا يصح كقولهم " ليس لفاسق غيبة " و قولهم " أترعون " يقولون عن الرسول عليه السلام " أترعون عن ذكر الفاجر بما فيه اذكروا الفاجر بما فيه يحذره الناس " هذا الحديث و ذاك من جملة الأمثلة الكثيرة التي تجعل علماء الحديث يقولون لا ينبغي النظر إلى الحديث تصحيحا من زواية معناه فإذا كان معناه صحيحا فيكون الحديث صحيحا بمعنى يكون الرسول عليه السلام قد قاله؟ الجواب لا , لا يلزم من صحة المعنى صحة المبنى صحة تركيب الجملة و أن الرسول عليه السلام هكذا قالها لا تلازم بين الأمرين أبدا و إلا لم يكن هناك حكماء لم يكن هناك علماء يتكلمون بالكلام الحسن و بالحكم مع أن هذا موجود بطبيعة الحال فالحكم التي تصدر من العلماء مستقاة بلا شك من الكتاب و السنة لكن ألفاظها و تركيب جملها لن تصدر من الرسول صلوات الله و سلامه عليه لذلك لا يجوز أن ينسب كل كلام جميل أو صحيح في نفسه إلى الرسول عليه السلام لأننا نعلم يقينا أن الناس لا يزالون ينطقون بالحكمة , و ندري أن الرسول عليه السلام و إن كان هو ... الحكمة و لكنه لم يتكلم بكل شيء بمثل هذه الجمل التي وردت إلينا , أريد أن أقول ليس لفاسق غيبة هذا صحيح أي معناه لكن ما ثبت عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم كذلك في الحديث الثاني و هو أبدع في التعبير قال " أترعون - أتتورعون - عن ذكر الفاجر بما فيه " الحقيقة أنا لسان حالي الآن هو تحذير الناس من أن يقعوا في مثل هذا التورع البارد رجل عاث في الأرض فسادا فسقا و فجورا جهرا و علنا هذا من الورع لا لا تستغيبه لا , فهذا المعنى صحيح لكن المبنى أي الجملة ما صحت نسبته إلى النبي صلى الله عليه و سلم قال " أترعون عن ذكر الفاجر بما فيه " استفهام استنكاري لا تتورعوا هذا التورع البارد " اذكروا الفاجر بما فيه يحذره الناس " صحيح الغاية من ذكر الفاجر الفاسق المعلن بفسقه و فجوره هو تحذير الناس منه.
أقول لا أستدل على هذا النوع الرابع و هو المجاهر فسقا لا أستدل على استثناءه من الغيبة المحرمة بحديث " ليس لفاسق غيبة " والحديث الآخر " أترعون عن ذكر الفاجر بما فيه اذكروا الفاجر بما فيه يحذر الناس "، و إنما كما أقول دائما و أبدا فيما صح عن رسول الله صلى الله عليه و سلم ما يغني العالم الفقيه عما لم يصح عنه , فهناك في صحيح البخاري و غيره من حديث السيدة عائشة رضي الله عنها أن رجلا استأذن في الدخول على النبي صلى الله عليه و آله و سلم (ائذنوا له بئس أخو العشيرة هو) الشاهد هنا أي سبابه لأنه ذمه شر مذمة (بئس أخو العشيرة هو) فلما دخل الرجل هش إليه الرسول صلى الله عليه و سلم و بش و جلس ما جلس و تحدث ما تحدث ثم انصرف الرجل و كانت تراقب الموضوع السيدة عائشة الصديقة بنت الصديق رضي الله عنهما فاسترعى انتباهها قول الرسول عليه السلام في الأول حينما استأذن الرجل (بئس أخو العشيرة هو) و حينما جلس معه إذا به يهاششه و يباششه و لذلك قالت يا رسول الله كأنها تريد أن تستنبط من الرسول عليه السلام شيئا خفي عليها كيف قلت (بئس أخو العشيرة هو) ثم هششت إليه و بششت، فأجابها بقوله عليه السلام يا عائشة (إن شر الناس عند الله تبارك و تعالى منزلة يوم القيامة من يتقيهم الناس مخافة شرهم) قال شراح الحديث إن هذا الرجل كان رئيس قبيلة ... شاب صالح فأيضا ... لبعض الناس أن يتحدث إليه إلى هذا الشاب الصالح لأن فلان عنده ... أو هو نفسه ما فيه مانع أبدا هو نفسه يتحدث مع الرجل مباشرة يقول أنا عندي فلانة ... أقدمك لك إياه زوجة لك هذا ليس هناك مانع إطلاقا سواء من الرجل أو من المرأة لكن ليس هناك ما يجيز أن تتولى المرأة الذهاب للرجل نفسه و تتحدث معه في هذا الموضوع فإن هذا أمر فيه حساسية و لم يكن لأحد هذا الشأن إلا لنبينا عليه الصلاة و السلام حيث أن الله عز وجل أحلّ له ما شاء من النساء و لذلك كانت تأتيه المرأة تعرض نفسه عليه ثم لا يرضاها لأمر ما فيقوم بعض الناس و يقول يا رسول الله زوجنيها و هكذا وقع و هذا صار في زمن الرسول عليه السلام فقال له (زوجتكها بما معك من القرآن) قصة طويلة معروفة الخلاصة سبق أن ذكرنا قول الرسول عليه السلام لتلك المرأة ودلالته لها على أسامة فهذا مجرد دلالة فقط فلان رجل صالح ... عليها البقية غيره.

(177/8)


«
ما حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول في الصلاة؟»
السائل: حكم التشهد في التشهد الأول الصلاة على الرسول عليه السلام هل هي مكروهة و ما الدليل و هل يكمل المصلي التحيات بالصلاة على الآل؟
الشيخ: الصلاة على النبي صلى الله عليه و آله و سلم في الصلاة ليس لها محل إلا التشهد ثم التشهد كما هو معلوم تشهدان في الرباعية و الثلاثية فاتفق العلماء على أن التشهد الأخير هو موضع للصلاة على النبي صلى الله عليه و آله و سلم و اختلفوا في التشهد الأول هل تشرع الصلاة على الرسول عليه السلام أم لا؟ فالأحناف كرهوا ذلك كراهة تحريمية , الشافعية رأوا ذلك مسنونا مشروعا و هذا الذي لا نشك فيه مطلقا لأن الأحاديث التي جاءت في شرعية الصلاة على الرسول عليه السلام في السلام مطلقة لم تقيد بالتشهد الثاني و هذا بحث يأخذ من الوقت شيئا كثيرا و لكن أكتفي بهذا الإيجاز مع حديث صريح في الموضوع و هو من حديث السيدة عائشة رضي الله عنها في بعض أحاديثها لما وصفت صلاة النبي صلى عليه و آله و سلم في الليل أنه صلى تسع ركعات جلس على الركعة الثامنة و تشهد و صلى على النبي صلى عليه و آله و سلم ثم قام إلى الركعة التاسعة فهذا نص صريح في الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم في التشهد الذي قبل الأخير والذي ليس فيه سلام غيره؟
السائل: هل ورد في السنة أن دعاء المريض مستجاب وإذا كان كذكل فهل نطلب منه الدعاء لنا؟
الشيخ: عفوا قبل هذا تذكرت أنه بقي شيء من الجواب على السؤال السابق و الصلاة على النبي صلى عليه وآله وسلم ينبغي أن لا نجعلها بتراء وإنما كاملة يعني كما يقول المذهب الشافعي أنه يقول اللهم صل على محمد و لا يذكر الآل إذا قال و على آله محمد ثم يقوم , نقول لم تأت الصلاة هكذا لكن جاءت صيغ متعددة بعضها فيها طول و بعضها فيها قصر فإذا كان الإنسان يصلي وراء إمام و سريع القراءة ليس بطيئها فهو قد جرب بأنه لا يكاد ينتهي هو من التشهد إذا يكون قام الإمام ففي هذه الحالة يختار المصلي أقصر صيغة على النبي صلى الله عليه و سلم الثابتة عنه و قد كنت جمعتها في كتابي صفة صلاة النبي صلى عليه و آله و سلم فأقصرها أن يجمع بين قوله الصلاة و التبريك (اللهم صل على محمد و على آله محمد كما صليت و باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد) هذا أقصر شيء جاء فإن استطاع أن يتمم فبها وإلا يتابع الإمام و ليس عليه شيء و إنما إذا صلى هو إماما أو صلى منفردا فينبغي أن يحافظ على الصلاة على النبي صلى عليه و آله و سلم حتى في التشهد الأول لأن هذه الصلاة أكمل و البحث هذا طويل و يكفي أن تتذكروا حديث الصحابي لما نزل قوله تعالى ((يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه و سلموا تسليما)) قالوا " يا رسول الله هذا السلام عليك قد عرفناه فكيف الصلاة عليك؟ " قالوا هذا السلام قد عرفناه يعني السلاك في التشهد يعني كل سلام في التشهد معه صلاة على النبي صلى الله عليه و آله و سلم فقال لهم (قولوا اللهم صل على محمد ... ) إلى آخر الحديث و إلى اختلاف الروايات كما قلنا آنفا منها الطويل ومنها القصير. نعم

(177/9)


«
هل ورد في السنة أن دعاء المريض مستجاب وإن كان كذلك فهل نطلب منه الدعاء؟»
السائل: سؤال هل دعاء المريض ورد في السنة أنه مستجاب و إذا كان كذلك فهل يطلب منه الدعاء؟
الشيخ: في بعض الأحاديث أن دعوة المريض مستجابة و أنا الآن غير مستحضر لها و قد يصبر علينا السائل لأننا في صدد هذا البحث يعني عيادة المريض فقد يأتي في الكتاب مثل هذا الحديث أو ما يقوم مقامه.

(177/10)


«
هل يأثم من يصلي في صف مقطوع بعمود أو منبر علما أنه قد يكون الصف الأول؟»
السائل: هل يأثم من يصلي في صف مقطوع بمنبر أو غيره من الأعمدة و ما الدليل على ذلك و على من يقع الإثم مع العلم أن الصف قد يكون الصف الأول ... ؟
الشيخ: قد يكون الصف الأول إيش؟
السائل: يعني الذي ورد فيه فضل؟
الشيخ: إيه، الرسول عليه السلام قد قال في الحديث الصحيح (من وصل صفا وصله الله و من قطع صفا قطعه الله) و هذا الحديث صريح الدلالة لأن قطع الصف إثم و لذلك فينبغي على المسلم أن لا يقطع الصف بشخصه و لا يتخذ الأسباب التي تقطع الصف أما المقصد الأول من كلامي بشخصه فهو واضح أنه الصف ما كمل فتجي أنت فتتركه و تعمل صف ثاني هذا معروف و هذا لا يجوز كما هو واضح , لكن لا يتخذ الأسباب هذا له صور كثيرة من كان مثلا مهندسا معماريا لا يخطط مسجدا يضع فيه منبرا طويل يقطع الصف لأول و ربما الثاني فإنه يشمله الحديث السابق (و من قطع صفا قطعه الله) لأنه تسبب لقطع الصف بل أكثر من صف , كذلك هذا المهندس يجب أن يخطط اليوم في اعتقادي بناء مساجد بدون سواري عضدات لأنها تقطع الصفوف كما هو مشاهد و الهندسة العصرية اليوم فيما رأيت في بعض بلاد الغرب و ما سمعت أيضا تساعد على بناء أكبر مسجد بدون أي عضادة في وسط المسجد طبعا و لست مهندسا حتى أشرح لكم ولستم بحاجة إلى ذلك و لكن هذا ممكن عمليا و إن افترضنا أننا في بلاد لما يوجد فيها مثل هؤلاء المعماريين أو المهندسين فحينئذ يجب أن يكون تخطيط المسجد في وضع السواري يلاحظ فيها أن يكون خلف الصف و ألا يضطر المصطفون في الصف أن يصطفوا على جانبي العضادة أو السارية كل هذا يؤخذ من قوله (من وصل صفا وصله الله و من قطع صفا قطعه الله) فالذي يخطط لبناء مسجد ليس فيه عضادة هذا يشمله الشطر الأول من الحديث (من وصل صفا وصله الله) لأنه لم يبق هناك في المسجد صف يضطر إلى أنه ينقطع , و العكس بالعكس اللهم إلا من كان غافلا و ليس عنده العلم فعسى أن يكون ذلك عذرا له عند الله تبارك و تعالى فمن دخل مسجدا و فيه من هذه المنابر الجائرة الظالمة التي بنيت على معصية الله و رسوله وع لى خلاف سنته في منبره فعليه أن يحاول الصلاة في الصف الأول عن يسار المنبر و ألا يصف على يمين المنبر لأن هذا الصف منقطع و إن كان الصف ثمة فيعقد صفا ثانيا و ثالثا إن اقتضى الأمر حتى يتصل الصف من يمين إلى يسار , و المحافظة على هذه السنة سبب لعدم تعريض صلاة المصطفين هكذا للبطلان في بعض الأحيان و لو أن ذلك يقع أحيانا نادرا.

(177/11)


«
ذكر الشيخ لقصة حصلت له في بعض مساجد دمشق عندما قدم لصلاة الصبح وكلامه عن مفاسد قطع الصف بالمنبر ونحوه
الشيخ: قد كنت ذكرت لكم مرة و أذكر لكم هذا باختصار لما فيه من العبرة قدّمت مرة لصلاة الصبح في مسجد مضايا الفوقاني وهو من المساجد القديمة فيه منبر يقطع الصف و كان يومئذ يوم الجمعة صبح الجمعة فلما قدموني أنا لا أحفظ سورة السجدة بتمامها أولا و ثانيا عندي رأي لأن الناس ينبغي أن ينبهوا أن لمحافظة على سورة السجدة دائما و أبدا و إن كان من السنة ليس ذلك من الواجب , فالشاهد أنا ابتدأت من سورة كهيعص و قرأت ما يسر الله عز و جل فلما ركعت هوى الناس كلهم ساجدين العادة غلبت عليهم العادة أن التكبيرة الأولى في صبح الجمعة هي للسجود فسجدوا جميعا فالذين كانوا خلفي أحسوا أني راكع و لست بساجد فتداركوا أمرهم و شاركوني في الركوع أما الذين خلف المنبر ساجدين ما شاء الله إلى أن سمعوا قولي سمع الله لمن حمده و هناك بدأت الفوضى والشوشرة ما أدري إش قالوا الله أعلم يعني بعد الصلاة صلينا و الجماعة أولئك ما عاد يعرفوا شو يسووا مساكين فقعدت أعظهم و أذكرهم يا جماعة أنتم عرب أو عجم إذا كنتم معتادين أن الإمام يقرأ لكم سورة ق والقرآن و المجيد و بين ما ألهمني الله لحكمة أنا أو كهيعص لا تفرقون بين هذا و هذا لو هذا وقع في بلاد العجم كان كثيرا فكيف أنتم عرب لكن أنتم بالكم مشغول وراء الزرع و الضرع و البقر و ما شابه ذلك الشاهد هذا كله من مفاسد المنبر لأن الجماعة الذين كانوا ورائي مباشرة استطاعوا أن يتداركوا الأمر أما أولئك ما أحسّوا بشيء حتى سمعوا سمع الله لمن حمد إلى آخره فبطلت صلاتهم هذا من شؤم مخالفة السنة و قد لا يدخل في عقل كثير من الناس خاصة الذين هم حديثوا عهد بالاتصال بالسنة يقول لك يا أخي شو فيها إن كانت ثلاثة درجات أو ست درجات أنت ما تعرف شو فيها لكن الذي شرع على فعل الرسول عليه السلام و على قوله حينما أمر نجارا يصنع له منبرا صنعه له ثلاثة درجات فهذا توصية الرسول عليه السلام بلا شك لماذا؟ لأن الغاية من المنبر ظهور الشخص بثلاث درجات كفاية و بركة ثم ينبغي أن لا يقطع الصفوف ثلاث درجات لا يقطع الصفوف و هذا مجرب في بعض المساجد التي تمسك الناس فيها بالسنة فمخالفة السنة دائما شؤم و ضرر لكن قد يحس به من عنده إحساس بأهمية السنة و قد لا يحس به من تبلد ذهنه و علمه على ما وجد عليه الناس لهذا أقول من مواصفات المسجد السني هو أن يكون منبره ثلاث درجات كمنبر الرسول عليه السلام أولا و ثانيا أن يكون وسط المسجد وما يؤخذ إلى طرف المسجد هذه بدعة أخرى! و الناس أصبحوا اليوم مثل رجالات القانون الذين يضعون القوانين من عند أنفسهم ... ما يعرفون يا ترى هناك ... لذلك تجي أيام سريعة و قريبة يغيروا رأيهم في القانون عم يغيروا آراءهم في الدساتير إيش رأيكم الدساتير التي المفروض فيها أن تضل كما هي لا تغير و لا تبدل يغيروا فيها يبدلوا ليش؟ لأنها ليست تنزيلا من حكيم حميد المسلمون مع الأسف المتأخرون هكذا يفعلون فإن دينهم تحت التجربة حطوا هذه المنابر الطويلة قطعت الصفوف مئات السّنين أخيرا صحوا من نوههم و غفوتهم أنه شو الفائدة من قطع الصف هذا لكان خذوه بالجانب الأيسر أو الأيمن طيب مشان أيش يا أخي ما تتبعوا السنة خير الهدى هدى محمد لا جرم أن النبي صلى الله عليه و آله وسلم كان يحافظ على هذه الجملة (خير الهدى هدى محمد) فلا غرابة أن نلتزمها نحن دائما و أبدا عسى أن يستيقظ هؤلاء الغافلون النائمون إلى اليوم دائما هو يقول خير الهدى هدى محمد و هم يعلمون أن المنبر محمد كان ثلاث درجات فما يقنعون بهذا إلا بالتجارب آخر تجربة يا سيدي لا بالوسط و لا بالزوارية هناك و إنما من فوق يطلع من فوق يطلع من هنا و هنا من فوق على طريقة الكنائس تماما فكأن المساجد انطبق عليها اليوم إخبار الرسول عليه السلام الذي يتحدث عن الله (لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس بالمساجد) بينما المنبر ذو ثلاث درجات يحقق الغرض و لا يكلف الكلفة و لا فيها المباهات و لا المفاخرة و هكذا يعيش المسلمون في تجارب ودينهم واضح بيّن كما قال عليه الصلاة و السلام (تركتكم على بيضاء نقية ليلها كنهارها لا يضل عنها إلا هالك) نسأل لله عز و جل أن يحيينا على السنة وأن يميتنا عليها و السلام علكيم ورحمة الله.

(177/12)


«
سؤال عن كتاب من كتب الشيخ
السائل: ... .
الشيخ: السبب بارك الله فيك أنني لما أخرجت هذا الكتاب فوجئت بتكليفي بتدريس مادة الحديث في الجامعة الإسلامية في أول تأسيسها و لذلك فاضطررت أن آتي بالتخريج من أقرب طريق أي الحديث الذي يتيسر لي بدون جهد و وقت أن أبين حكمه قيدته الحكم هناك بأقصر عبارة و الحديث الذي يحتاج مني إلى وقت وجهد تركته لأنني على سفر هذا هو السبب ثم بعد ذلك لما وجدت بعض الوقت تداركت هذه العيوب و الكتاب عندي مخرج من أوله إلى آخره بحيث لا يفوتني حديث إلا أن يشاء الله فهو يحتاج إلى طباعة جديدة و الطباعة الجديدة اليوم يعني الظروف هناك في بيروت حيث كنا نطبع ... نساعد على تجديد الطباعة وإذا ظهر السبب بطل العجب.

(178/1)


«
ما هي طريقتك في الفهارس التي وضعت للأحاديث في كتبك؟»
السائل: طيب شيخ حتى الفهارس في كتبك مثلا لما يكون حديث الرسول هو كما ... معروف لكن بعض الأوقات يبدأ الحديث بكلام الصحابي خرجنا أو كذا فلما نبحث عنها يمكن ... بعض الأوقات ... كيف ... ؟
الشيخ: أولا هذه الفهارس لست أنا الذي وضعها كذلك التعليقات التي لا تتعلق ببيان مرتبة الحديث و ... فإذا القاعدة في ذلك أن أي حديث يبتدأ بكلام صحابي و في تضاعيف هذا الحديث فيه كلام الرسول عليه السلام فيؤخذ كلامه طرفه الأول و يوضع في الحرف المناسب من الفهرست ولا ينظر حين ذاك إلى كلام الصحابي كقوله خرجنا أو أتينا أو ما شابه ذلك لكن في حال أخرى في حينما يكون الحديث ليس فيه جملة في كلام الرسول صلى الله عليه و آله و سلم فلا بد من أن آخذ منه قطعة تدل عليه فنأخذ حين ذاك أول الحديث الذي هومن كلام الصحابي فيأتي " خرجنا " في باب الخاء حرف الخاء " وأتيننا رسول الله " في حرف الألف و هكذا ... رسول الله كذا سيأتي في بابه حينما لا يكون في الحديث جملة من كلام الرسول عليه السلام أما إذا هناك جملة فتؤخذ و توضع في الحرف المناسب.

(178/2)


«
نحن شباب الكويت عندنا صندوق زكاة وتجيئنا كتب من الخارج تطلب المساعدة خاصة من المضطهدين فهل نصرف لهم أموال الزكاة؟»
السائل: شيخ بالنسبة ... .
الشيخ: بالنسبة لإيش؟
السائل: بالنسبة لصندوق الزكاة.
الشيخ: عفوا إيش ... ؟
السائل: شباب ... سووا صندوق زكاة.
الشيخ: صندوق زكاة خاص بطائفة من الشباب ما له علاقة بالدولة طيب.
السائل: تجي كتب من خارج الكويت تطلب المساعدة بالنسبة إذا كانت ... يعني أموال الزكاة ... .
الشيخ: أنت ما حضرت الدرس البارحة؟
السائل: ... .
الشيخ: و ما حضرت و لا سمعت كلمة حول هذه القضية؟
السائل: ... للدعوة.
الشيخ: ... تكلمت أنا ها لأكثر من مرة أنه لا يجوز دفع الزكاة إلا في مصرف من المصارف الثمانية، فالمصارف الثمانية كلها واضحة و بينة لكن المصرف ما قبل الأخير منها و هو قوله تعالى ((و في سبيل الله)) يشكل على بعض الناس من الكتاب المعاصرين منهم الإسلاميين و يفسرون هذه الجملة بمعنى واسع و هذا التوسع في التفسير هو في اعتقادي من محدثات الأمور لأن معنى و في سبيل الله لا يتجاوز الجهاد في سبيل الله والحج في سبيل وأكثر من ذلك ما ذكر في تفسير السلف الصالح و حينئذ فلا يجوز صرف أموال الزكاة إلا في مصارف الزكاة المذكورة في هذه الآية و منها الجهاد في سبيل الله و الحج إلى ... أما المشاريع الخيرية فهذه يجب أن تقام من نفقات التبرع من أموال غير أموال الزكاة المفروضة لأن الآية تعرفونها جميعا ((إنما الصدقات ... )) بدئت بإنما و هي أداة حصر كأن الآية تعني فنقول لا تصرف الزكاة المفروضة إلا في هذه المصارف الثمانية و بلا شك ما سألت عنه ليس مصرفا من مصارف الزكاة أما إذا كان هناك جهاد شرعي قائم فهو في سبيل الله بلا شك أو إذا كان هناك رجل فقير لا يملك الحج أو بحاجة إلى معاونة فأعطي له من المال ما يوصله إلى بيت الله الحرام فهو في سبيل الله , هذا جواب ما سألت.

(178/3)


«
كيف نوفق بين الآيات والأحاديث الناهية عن غض البصر وعن الاختلاط وبين ما ورد أن عائشة كانت تشاهد الحبشة وهم يلعبون وقصة الجهنية سفعاء الخدين في قصة الفضل؟»
السائل: شيخ جزاك الله خيرا، كيف نوفق بين الآيات و الأحاديث التي تأمر عن غض البصر و بين مشاهدة عائشة رضي الله عنها للحبشة ... .
الشيخ: تنهى عن غض البصر صحح اللفظ! تأمر مش تنهى!
السائل: تأمر بغض البصر ... .
الشيخ: ... .
السائل: بين السماح الرسول صلى الله عليه و سلم لعائشة رضي الله عنها لمشاهدة رقص الحبشة و بين حديث عندما كان في جمع الصدقات عندما رأى امراة سفعاء الخدين؟ و كيف نوفق بين الآيات التي تأمر بغض البصر و بين ... ؟
الشيخ: ... المقصود بغض البصر الذي يؤمر بغضّه هو البصر الذي ليس فيه حاجة و ... في تمكينه من النظر مرة أخرى أمرنا بصرف النظر لما يخشى أن يترتب عليه فتنة يعني أن ... النظرة الثانية إلى النظرة الثالثة يترتب من وراء ذلك فتنة فإذا لاحظنا هذا القيد زال الإشكال و حصل التوفيق ... أن الرسول صلى الله عليه و سلم لما ... للسيدة عائشة بأن تنظر إلى الحبشة ... احتمال افتتان السيدة عائشة بنظرتها الثانية و الثالثة و إلى ما شاء الله للحبشة هذا غير وارد فمن هنا جاء السماح و كذلك لما الإنسان يقع في قضية مكالمة مع امرأة أجنبية فتكون هي مترخصة في الكشف عن وجهها فهو بلا شك يغض الطرف و لكن أحيانا يرفع البصر للمرة الثانية و الثالثة و ربما أكثر فالمهم أن الحديث الذي يقول (اصرف بصرك) و الآية ((وقل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم)) والحديث يؤكد ذلك بقوله (اصرف بصرك) أي بصرك الذي لا حاجة لك به و يخشى أن يترتب منه فتنة أما النظرة التي فيها حاجة فليست داخلة مع الأمر القرآني و لا الأمر النبوي و مما يؤكد لنا هذ المعنى حديث البخاري أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم و هو مع أصحابه و قالت له إنها تريد أن تهب نفسها للنبي صلى الله عليه و آله و سلم قال فنظر الرسول إليها و خفض بصره و رفعه ينظر لهذه المرأة ثم صف نظره عنها مما أشعرها أنه لا حاجة له بها حتى قام ذاك الرجل قال يا رسول الله أنكحنيها فقال له (أنكحتكها بما معك من القرآن) بعد أن طلب منه مهرا لها و لو خاتما من حديد لقوله عليه السلام (التمس و لو خاتما من حديد) قال و الله يا رسول الله ... فقال عليه السلام (قد زوجتكها بما معك من القرآن) و من هذا القبيل أيضا الحديث الصحيح المعروف (إذا ألقى الله في قلب أحدكم نكاح امرأة فلينظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما) و بناء على هذا الحديث و ما فيه معناه رؤي أحد الصحابة وهو يتعقب ببصره امرأة في أجّارها لها تعرفون الأجّار عندكم أو ليس معروفا؟ السطح المحجر من فوق تصعد المرأة مثلا تدخل المرأة مثلا تنشر غسيلها هذا التحجير هو الأجار فرؤي ذلك الصحابي و هو يتتبع ببصره تلك المرأة فقال له بعض من رآه و لعله من التابعين قال له كيف تفعل هذا و أنت صاحب رسول الله صلى الله عليه و سلم فروى له الحديث أنه في نفسه أن يتزوجها و الرسول أمره بالنظر إليها فإذا النظرة الممنوعة شيء والنظرة المسموحة شيء آخر و بذلك يزول الإشكال إن شاء الله.
السائل: جزاك الله خيرا.
الشيخ: وإياك.

(178/4)


«
نصيحة الشيخ للإخوة الحاضرين بالحرص على سنة إتباع السلام المصافحة وتصحيح العبارة الخاطئة (أنا كمسلم أو أنا كسلفي).»
الشيخ: ... أن يدخل الداخل منكم و يتبع السلام المصافحة فاحرصوا على هذه المصافحة لأنها سنة نبوية من فعله عليه السلام و من قوله أما فعله فقد قال أبو ذر " ما لقينا رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم إلا و صافحنا " هذا فعله أما قوله كما سمعتموهم من الحديث و هو قوله عليه السلام (ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا تاحت ذنوبهما كما يتاحت الورق عن الشجر في الخريف) ثم في هذه السنة أي سنة إتباع السلام للمصافحة قضاء على عادة سيئة منتشرة في العالم الإسلامي فينبعي علينا نحن بصفتنا سلفيين و لا أقول ينبغي علينا كسلفيين لأن هذا تعبير خاطئ و لو أنه مشهور أنا كمسلم أنا كسلفي أنا كذا هذا تعبير أعجمي لأنه لما تقول أنا كسلفي معناه لست سلفيا و لما تقول أنا كمسلم معناه لست مسلما ذلك من الخطأ أن يقول الإنسان أنا كسلفي أو كمسلم فأقول بعد هذه الجملة المعترضة القصيرة فنحن بصفتنا سلفيين يجب أن ننشر السنة على الأقل بعضنا مع بعض و إلا نكون من الذين يقولون ما لا يفعلون أما الأمارات التي لا يتيسر لنا نشر السنة فيها فلا حول و لا قوة إلا بالله يكون عذرنا هناك أما على الأقل مجالسنا الخاصة فينبغي أن تكون دائما و أبدا معمورة بالسنة قولا و فعلا , فإذا دخل الداخل منا و سلم على الجالسين و هم جلوس و قعود و صافحهم ففي ذلك قضاء على الوثنية التي عمت البلاد الإسلامية اليوم يقومون قياما للداخل و يظلون قائمين حتى يجلس هذا الداخل و يقعد هذا أنكره الرسول عليه السلام حتى في أقدس حالة أو صورة ألا و هي الصلاة فقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه من حديث جابر بن عبد الله الأنصاري أن النبي صلى الله عليه و آله و سلم أتى الناس و صلى بهم قاعدا صلاة الظهر فقام الناس من خلفه قياما فأشار إليهم و هو يصلي أن اجلسوا فجلسوا فلما قضى الصلاة التفت إليهم و قال (لقد كدتم آنفا تفعلون فعل فارس بعظمائها يقومون على رؤوس ملوكهم إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا فكبروا و إذا ركع فاركعوا و إذا سجد فاسجدوا و إذا صلى قائما فصلوا قياما و إذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجميعن) الشاهد قوله ( ... و إذا صلى الإمام جالسا فصلوا جلوسا أجمعين) فمن الواضح في هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه و آله و سلم أسقط ركنا من أركان الصلاة ألا و هو القيام عن المصلين الأصحاء الذين لا يجوز لهم أن يصلوا من قعود لقوله عليه السلام (صل قائما فإن لم تستطع فقاعدا) فهؤلاء يستطيعون القيام و قد فعلوه خلف الرسول عليه الصلاة و السلام مع ذلك أشار إليهم أن اجلسوا و قال صراحة (و إذا صلى الإمام جالسا فصلوا جلوسا أجمعين) لماذا؟ ليبطل وثنية ظاهرة و هي جلوس الملك على عرشه و قيام الحاشية من خلفه تعظيما له علما بأن الرسول عليه السلام إنما جلس في الصلاة مضطرا و لم يجلس كما يفعل كسرى متكبرا و الصحابة أيضا جلسوا أو قاموا قبل قاموا خلفه عليه السلام لربنا عز و جل سبحانه و تعالى و لم يقوموا من أجل الرسول عليه الصلاة و السلام مع هذه الفوارق بين الرسول و صحبه و بين كسرى و حاشيته قال لهم (كدتم آنفا أن تفعلوا فعل فارس بعظمائها) مع اختلافهم بالمقاصد فأراد حتى في الصلاة أن لا تظهر صورة تشبه صورة الوثنيين من أهل فارس فقال (و إذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجميعن) فما بالنا نحن اليوم ليس في الصلاة نقوم قياما وراء الإمام و هو جالس و إنما في مجالسنا المعتادة فنكون جالسين يدخل الداخل نقوم له أجمعين قياما هكذا كأنا قمنا لرب العالمين حتى يجلس هو و بعد ذلك نجلس فهذا هو المشكلة التي حاربها الرسول عليه السلام بمثل قوله المعروف الصحيح (من أحب أن يتمثل الناس له قياما فليتبوأ مقعده من النار) و كل داخل لا يمقت هذا القيام في قلبه بل تحسّنه له نفسه الأمارة له نصيب صغير أو كبير من ذلك الوعيد الشديد (فليتبوّأ مقعده من النار) لأني أقول هذا لأن الناس الذين يقومون منهم من يقوم ويقعد أي لا يتمثل و منهم من يظل متمثّلا ما ينقصه غير يضع يمناه على يساره كما يفعل في الصلاة ... الداخل و لذلك أذكركم و الذكرى تنفع المؤمنين أن من سنن الرسول عليه السلام عند الملاقاة المصافحة و فيها ما ذكرنا من الاقتداء به عليه السلام أولا ثم من اكتساب فضيلة المغفرة ثانيا ثم ثالثا و أخيرا القضاء على عادة التمثل قياما و إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع و هو شهيد.
السائل: جزاك الله خيرا.

(178/5)


«
كيف كان يقرأ النبي صلى الله عليه وسلم سورة ق في الجمعة هل كان ذلك مع التعليق؟»
السائل: ... سورة ق ... هل كان يقرأ قراءة فقط ... ؟
الشيخ: لا , فقط قراءة مش تعليق!
السائل: في العيد؟
الشيخ: في صلاة الجمعة و في صلاة العيد كلاهما سنة؟
السائل: لو واحد قرأها و جلس خلاص يكفي؟
الشيخ: نعم , لكن مو معنا , تكفي مع الأولين ... أما اليوم تقرأ على العرب أو على العجم فكلاهما سواء في قلة الفهم و التنبه.

(178/6)


«
ذكر الشيخ لقصة حصلت له قديما حيث نزل مصيفا بمكان قريبا من دمشق حيث صلى بهم الصبح
الشيخ: و بهذه المناسبة أقص عليكم قصة يعني كيف الناس أذهانهم شاردة و لغتهم أعجمية و إن كان اسمهم عربا مرّ من ثلاثين سنة تقريبا نزلت مصيفا في مصيف في دمشق يبعد عن دمشق بنحو خمسين كليوا متر اسمه مضايا جبل مرتفع هواءه طيب عليل ففي صلاة الفجر نزلت المسجد صباح الجمعة صلينا تحية المسجد و جلسنا أقيمت الصلاة نظروا لم يجدوا الإمام الراتب فنظروا إليّ ظنوا فيّ شيء من العلم فقدّموني و الواقع أنه أنا لا أحفظ سورة السّجدة جيدا و كذلك سورة الدهر فقرأت لهم في الركعة الأولى نحو صفحة و نصف من سورة مريم معتادين الناس في كل صلاة فجر الجمعة أن التكبيرة الثانية يهوي بها الإمام ساجدا لأن قرأ آية سجدة أنا ما قرأت لهم سورة السجدة يعني ما قرأت لهم السجدة قرأت لهم من سورة كهيعص نحو صفحة و نصف كبرت راكعا فإذا الناس كلهم يهوون ساجدين , أي نعم المسجد مع أنه صغير له منبر طويل يقطع الصف الأول و ربما الثاني فالجماعة الذين خلفي انتبهوا أنه أنا لست ساجدا فتداركوا خطأهم و قاموا و شاركوني في الركوع أما أولئك الذين خلف المنبر فظلوا ساجدين حتى سمعوا قولي سمع الله لمن حمده صارت شوشرة و ضوضاء ... مع بعضهم البعض الله أعلم ماذا تكلموا في هذا الإمام الذي بلوا به بعد ما صليت وعظتهم قليلا قلت لهم يا جماعة أنتم عرب أو عجم؟ والله لو أن هذه القصة وقعت في بلاد من بلاد الأعاجم لكانت مستنكرة أشد الإستنكار أنتم ما تفرقون بين ((آلم)) و بين ((كهيعص ذكر رحمة ربك ... )) و كل الآيات تختلف عن آية السجدة لكن يظهر أن عقولكم و أفكاركم وراء البقر و الرزع والضرع كما قال عليه السلام في الحديث الصحيح (إذا تبايعتكم بالعينة و أخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع و تركتم الجهاد في سبيل الله سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم) ثم شرحنا لهم أن و إن كان السنة في قراءة سورة السجدة في الركعة و سورة الدهر في الأخرى فهذا ينبغي على أن الإمام أن يترك هذه السنة أحيانا خشية أن يفهم عامة الناس أنها فريضة واجبة لا بد منها و هوينا هكذا ساجدين و هم لم يسمعوا قراءة سورة السجدة كدليل واقعي على أن الجماعة انطبعوا أن الإمام أي إمام يصلي يوم الجمعة في الصبح لازم يصلي السجدة و هذا ما نص عليه علماء الحنفية أنه ينبغي على الأئمة أن يتركوا ذلك أحيانا من باب دفع شر الأكبر بالشر الأصغر ... .

(178/7)


«
ما صحة أنه كانت هناك يهودية تخدم النبي صلى الله عليه وسلم وتدس له السحر وما الصحيح في مرض النبي صلى الله عليه وسلم وفي سحره؟»
السائل: ... شيخ بالنسبة ... وفاة النبي صلى الله عليه و سلم يعني مرض الذي كان يعاني به بعض ... عمل دراسة بعض الكتب يقال إن هناك يهودية كانت عند النبي صلى الله عليه و آله و سلم تدس السم ... فما أعرف مدى صحة هذا الكلام؟
الشيخ: لا , هذه الصورة لا أصل لها لكن لها أصل بطريقة أخرى و هي ان امرأة يهودية ليست خادمة و لا أمة جاءت للنبي صلى الله عليه و آله و سلم بذراع مشوي و هي فيما يبدو أنه كان بلغها أن النبي صلى الله عليه و آله و سلم كان أحب اللحم إليه الذراع فقدمت إليه ذراعا مشويا و دست فيه السم فجلس الرسول عليه السلام ليأكل و معه بعض الصحابة فأكلوا أظن واحد أو اثنين ماتوا و الرسول عليه السلام أول لقمة لما أخذها و وضعها في فمه أوحي إليه بأنها مسمومة فلفظها و نجا من ذلك من الموت و لكن كان يشكو بعد ذلك طيلة حياته و في مرض موته قال أني لا أزال أجد أثر ذلك الشيء في ... عليه السلام هذا ما ثبت في صحيح البخاري فغير هذا لا.

(178/8)


«
هل يجوز قراءة (ملك يوم الدين) في سورة الفاتحة في الصلاة؟»
السائل: يا شيخ بالنسبة ... قراءة الفاتحة على أساس ((ملك يوم الدين)) بدل ((مالك يوم الدين)) ... ؟
الشيخ: لا ما لها علاقة ... هذه سنة محمدية لقد ذكرت في صفة لاصلاة أن الرسول عليه السلام كان يقرأ تارة ((مالك)) وتارة ((ملك)) و كل من القراءتين متواتر ... الرسول عليه السلام فأحيانا هذه القراءة فأنا أقول في بعض الصلوات أو في بعض الركعات في صلاة من الصلوات ((ملك يوم الدين)) تعليما للناس.

(178/9)


«
عندنا في المادة رقم 206 من الجزاء الكويتي منع الخمر بيعها واستيرادها واستثنت من ذلك السفارات فاستغلت السفارات هذا استغلالا سيئا بالبيع والشراء والإهداء فنحن تقدمنا بمشروع لتعديل هذا القانون ولكننا اصط»
السائل: في المادة رقم مائتين و ستة من قامون الجزاء الكويتي منع تداول الخمر بيعها شربها و استثنت من ذلك السفارات ... ؟
الشيخ: أظن التعليل يحتاج إلى توضيح يعني أنت تريد أن تقول السفارات الكافرة؟
السائل: ما فيه كافرة أو مسلمة من غير استثناء؟
الشيخ: هذا خلاف ما سمعنا!
السائل: أنا قاعد أقول لك الذي صار ... استثنت السفارات ... مسلم أو كافر أو ... .
الشيخ: أنا ما قصدت يكون فيها قد تكون سفارتها سفارة إسلامية ... سعودية تونسية إلى آخره.
السائل: لا ما فيه ... .
الشيخ: داخلين في النص؟
السائل: داخلين في النص.
الشيخ: طيب.
السائل: السفارات استغلوها استغلالا سيئا ... تستورد عن طريق بعض الشركات الكويتية لأشخاص كويتيين ... وبعدين تعطي نوع من الهدايا للمسلمين منهم مواطنين و ... يكون فيه هناك مجال للبيع و الشراء أيضا ... فنحن تقدمنا للمشروع للمجلس ... لتعديل هذه المادة و إلغاء الاستثناء ... .
الشيخ: لإيش؟
السائل: لإبقاء النص عاما و إلغاء الاستثناء ما فيه هناك استثناء ... لكن الحقيقة اصطدمنا ببعض الأقوال ... لهم حق يستعملون الخمر حتى في ديار المسلمين و بالتالي يمكن استيرادها فما الحكم في الموضوع هذا؟
الشيخ: مما لا شك فيه أن معلوم أن القرار ليس إسلاميا و ما دام أنه أطلق السفارت و لم يقيدها بالسفارات الكافرات و معنى ذلك صراحة أن القانون سمح للسفارت المسلمة أن تشرب الخمر و أن تشتريه أيضا و تدخله إلى الكويت فهذه مخالفة صريحة تنافي القصد مما تتقدم به الجماعات المسلمة كيعني اقتراح على الدولة بوجوب تحريم ما حرم الله و رسوله من الخمر , ليس فقط شربا بل بيعا و شراء و نحو ذلك مما يساعدهم على شرب هذا المنكر و الخمر فالقرار إذا في أصله غير إسلاميا فإن كان لا بد من تعديله فيخص بالسماح السفارات التي تكون لدول كافرة و يشترط عليهم أن لا أولا يكلفوا أحدا من المسلمين أو شركات المسلمين في الدولة بأن يستوردوا لهم تلك الخمور هذا أولا و ثانيا أن لا يعلنوا شربهم أمام المسلمين في مجتمعاتهم و أن لا يظهروا في الطرقات و هم سكارى أو أشباه سكارى و إنما يتعاطون خمرتهم في عقر بيوتهم و دورهم فإذا هم التزموا هذه الشروط فنفي نحن لهم بعهدهم و نسمح له بأن يدخلوا مع عفشهم و أمتعتهم و طعامهم و شرابهم ما لهم بحاجة إليه من خمرهم أما أن يكلفوا ولو سرا بعض الأشخاص أو الشركات باستيراد الخمر فهذا يكون ممنوعا أولا و مشروطا عليهم أنهم إن أخلوا بهذا الشرط يمنعون من استجلاب الخمر ولو كما يقولون بالحقيبة الديبلوماسية لا يجوز إطلاقا فهذا ما يمكن أن يقال بالنسبة لهذا السؤال.
السائل: طيب يا شيخ هم ... فيه المسلمون و غير المسلمين ... رشوة عن طريق الخمر الممنوعة في ... .
الشيخ: ... هذا كله سبب لسحب الرخصة لهم ... .
السائل: و لهذا من باب سد الذرائع تقدمنا بالمشروع هذا.
الشيخ: لا , نحن بس لا سيما في أول خطوة في سبيل يعني تسليك الحكم الشرعي و تنفيذه ما نشتط فنحرم على الأديان الأخرى ما هو مباح لديهم و ليس من الإسلام في شيء أن تحرم عليه أكل لحم الخنزير و هو محرم لدينا بصريح القرآن الكريم لكن ... الخنزير و يذبحونه و يأكلونه بس في دائرتهم في بيوتهم في محالاتهم الخاصة بهم فما نريد أن نشتط ... لأنه الحقيقة من الحكمة في الشيء ما أشار إليه الشاعر الحكيم:
"
إذا لم تستطع شيئا فدعه ***و جاوزه إلى ما تستطيع " أنا في ظني أنكم إذا طلبتم من الدولة منع الخمر مطلقا حتى بالنسبة لهؤلاء الديمبلوماسيين الكفار ... إلى طلبكم و لذلك فنتجاوز هذا لأنه ليس هذا التجاوز مخالف للشرع بل هو عين الشرع تماما و نكتفي بأن نقول أنه أنتم تستوردون الخمر من الطرق التي تستوردون أي حاجة لكم بس ما تتعدون ذلك إلى ناس آخرين و لو هدية أما الشيء الذي ذكرته أنت بأنهم في حفلاتهم يقدمون الخمر و فيها المسلمون الواقع هذه كمان مخالفة شرعية أخرى الرسول عليه السلام يقول (من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فلا يقعدن على مائدة يدار فيها الخمر) يعني نحن نصبح عندهم عند هؤلاء الكفار محجوجين حينما نقول لهم أنتم تعلمون في حفلاتكم فيها المسلمون ... سيقولون ... الإسلام يقول كذا كذا هذا إذا كانوا عارفين بما عندنا وقد يكون فيه بعض المستشرقين الذين يعرفون دقائق أحكام الشريعة عندنا و لذلك فما نفتح عندهم طريقا للمهاجمة و يكون الحق معهم نحن نسد أمامهم الطريق و نقول هذا لكم في دينكم أما في ديننا و في ... هذا شيء حرام فلا يجوز أن ... أنا أرى أن هذا أولا أشرع ثم أقرب إلى تحقيق هذا الاقتراح.
السائل: لا هو أقرب إلى ... تحتج بالعلاقات الديبلوماسية و معاهدة جنيف أنها لا تفرق بين الديبلوماسيين بين المسلم و غير المسلم وأن كثيرا من السفراء المسلمين في دولهم ... فمستحيل أن الحكومة تجي و تفرق بين سفارة و سفارة سواء كافرة أو مسلمة؟ ما تفرق بينهم ... احنا ... .
الشيخ: أنت تقول لا تفرق يعني لا تريد أن تفرق؟
السائل: ... .
الشيخ: أما مستحيل كيف مستحيل! إذا كان هذا مستحيلا فمستحيل أكثر منها أن يطلب منها تحريم إدخال الخمر مطلقا ما تحتج كمان بجنيف أو مقررات جنيف!
السائل: عفوا يا شيخ هي تعرف هذا الشيء ... احنا ... الاقتراح الذي نحن نقترحه على الحكومة فقد تأخذ به وقد لا تأخذ به.
الشيخ: أيه.
السائل: ... مشروع ... ملزم بتنفيد ... .
الشيخ: ليس البحث بارك الله فيك هذا مفهوم لكن أنت تقول أنه فيه مؤتمر جنيف تحتج ... .
السائل: معاهدة جنيف.
الشيخ: تحتج بالمعاهدة أن الدولة ما عندها استعداد لتنقض المعاهدة هذه في ماذا ما عندها استعداد؟ في التفريق السفير المسلم و السفير الكافر, عندها استعداد أنه لو كافر أيضا يسمح له بأن يشرب الخمر ... أيهما أهون؟
السائل: لا ... في الدول الإسلامية سفارات الدول الإسلامية ... يحتجون على الكويت كيف منعتمونا و سمحتم ل ... من الناحية الإسلامية فنحن في بلادنا مسموح هذا الشيء ... الحقائب الديبلوماسية ... لأن السفارات ... ممكن تجلب معها عن طريق الحقائب الديبلوماسية ما تحتاج الخمر، احنا تعرضنا إلى مسألة الاستيراد ومسألة السماح ... لهم.
الشيخ: الاستيراد مطلقا الآن ... الاستيراد قلنا نحن بشرط أن لا يكلفوا الشركة المسلمة أن تستورد لهم الخمر هذا , الاستيراد يمنع قطعيا يعني الاقتراح لازم يكون كذلك ما فيه خلاف لكن هل الاقتراح يشمل منع الديبلوماسيين الكفار أن يشربوا الخمر في سفاراتهم أم ... ؟
السائل: ... .
الشيخ: تفضل.
السائل: مفهوم الاستيراد مو ... الشرط أن الشركة تستورد أو أشخاص مسلمين يستوردون ... مفهوم الاستيراد هنا ... تسمح لها بالدخول ... .
الشيخ: معروف ... .
السائل: مفهوم الاستيراد السماح لهم بدخول ... عن طريق ... السفارة ... بنص القانون ... و بالتالي الاحتجاج عدم المعاملة بالمثل!
الشيخ: فإذا ... تفصيلك الاستيراد هذه قضية شكلية لأنه إذا كان استيراد بأي طريق كان ... عند الجمارك فالجمارك ستسمح للذمي بأن يستورد الخمر و في الأصل تعلمون جميعا أنه ما فيه عندنا الإسلام فيه شيء اسمه جمارك فإذن فبطبيعة الحال إن كان نصرانيا دخل من بلدة إلى أخرى و هو يحمل خمرا ... كما لو دخلت امرأة أجنبية لا ... .

(178/10)


«
كيف العمل لشخص يسافر في بلاد الكفار لا يستطيع أن يتجنب مطاعم تدار فيها الخمر؟»
السائل: ... يحاول يبتعد عن الأمكنة التي يدار فيها الخمر خاصة في الدول المسيحية مثل بريطانيا يلاقي نفسه مثلا ... كما يقدر يعزمه على المطعم لأن المطعم هو يطلب الأكل و ما فيه ... .
الشيخ: أخي الأحكام الإسلامية دائما نلاحظ فيها أنها توضع للظروف الطبيعية يعني حينما يقول الرسول عليه السلام (من يؤمن بالله و اليوم الآخر فلا يقعدن على مائدة يدار فيها الأمر)، أي لا تقعد باختيارك، أما أنت ماقت أشد المقت هذا الوضع الذي تجمّعوا له حول المائدة فأنت مهما كنت مضطرا فسوف لا تقعد معهم تشاركهم فالتنظيم في مكان لكن ... رائحة الخمر أو مطعم أو ما شابه ذلك , فإذا هذه المسألة هذه كثيرا بل أكثر المسائل تدخل في عموم قوله تعالى ((فاتقوا الله ما استطعتم)) فأنا أعتقد كل مسلم حتى في بلاد الكفر يستطيع أن لا يجلس على مائدة يدار فيها الخمر , لكن قد لا يستطيع ألا يدخل مطعما أو قهوة فيها خمر قد لا يستطيع إلا أن يدخل يعني فحينئذ نقول لا يكلف الله نفسا إلا وسعها فالشيء الذي ينبغي أن يلاحظه المسلم دائما و أبدا أن يكون يعني يقظ الضمير أن هذا منكر و بغيض و هو يكرهه أشد الكرهة هذا من الناحية العقدية أولا , ثم من الناحية العملية يحاول التمايز و لو يعني بآخر شيء ممكن أنه ينزوي في مكان من المقهى أو المطعم بحيث لا يجلس مع الشاربين للخمر مباشرة لكن مع ذلك أنا أتصور أنه فيه مجال للمسلم حتى في بلاد الكفر أن يخفف الأمر يعني بأن يفتش عن مطعم ... مطعم يكون وسيعا بحيث إذا انزوى هناك في زاوية يكون أبعد عما يكون مشاركة هؤلاء في مائدتهم ... بينما إذا كان المطعم أو المقهى ضيقا مزدحما فما يظهر تميزك عنهم فيما هم فيه من حرام و هذا من معاني ((فاتقوا الله ما استطعتم)) أظن وضح الأمر؟ كذلك نسمع أحيانا في بعض الشركات كشركات الطيران أنه ما تعرض الخمر على الركاب ... .
السائل: ... .
الشيخ: فيه بعض الشركات هكذا فالذي يستطيع إذا المضطر إلى الركوب أنه يتميز هذه الشركة لا تعرض الخمر و هذه تعرض إذا هذه ما أركب فيها هذا من جملة الأشياء التي من الممكن نفعلها.
السائل: فيه طائرات و خطوط ما تمشي إلى دول معينة من هذه الدول ... .
الشيخ: على كل حال اتق الله ما استطعت المبدأ هكذا و كما قال عليه السلام ((ما أمرتكم من شيء فأتوا منه ما استطعتم و ما نهتيكم عنه فاجتبنوه)).

(178/11)


«
ما حكم الأكل من المطاعم التي تستخدم اللحم المجمد المستورد من الخارج علما أن عمال المطعم لا يمكن الوثوق فيهم؟»
السائل: المطاعم التي ... لحم مثلج ... .
الشيخ: لحم مثلج.
السائل: يجيء من الخارج من البرازيل من أستراليا هو معروف ... فيه مطاعم ... على اللحم ... ؟
الشيخ: المسألة فيها شيء من الدقة و لا أدري هل أنت عبرت عنها تماما أو لا أنت قلت كما فهمت أنه يدخل أحدكم مطعما مثلا يباع فيه اللحم المستورد المشكوك في ذبحه ألست قلت كذلك؟
السائل: نعم.
الشيخ: المشكوك في ذبحه مش المقطوع في كونه لم يذبح؟
السائل: لا , مشكوك فيه.
الشيخ: مشكوك فيه , حينئذ ما حكم أكل هذا اللحم لو قال لك بعد أن سألته و صدقك و قال هذا لحم مستورد غير مذبوح ... .
السائل: مثلج.
الشيخ: مثلج، ما تأكل و إذا قال لك كما تعلم و الله ما أدري ناس يقولون كذا و ناس يقولون كذا شو حكم أكله؟
السائل: ... .
الشيخ: أنت تكرر كلامي أنا أسأل شو حكم أكله؟
السائل: ... .
الشيخ: ما تقدر تقول تسأل، تسأل تعيد السؤال عليّ إذا كنت ما تقدر أما إذا كنت تقدر فقل موش مفهوم كلامي حتى تفكر طويلا وعميقا أريد أن أسمع منه على القول والصدع على أن يقول نصف العلم لا أدري ... .
السائل: ... ما فهمت ... .
الشيخ: أنا أقول لك إذا ما فهمت قل لي أنا شايفني شيخ وأقول لك ما سمعت ما فهمت مرارا و تكرارا خشيت يجي الجواب بخلاف ما سألت أنا أقول ... إذا قال لك هذا و قيل غير ذبيح قلت ما آكل صح؟ وإذا قال لك لا أدري بعض الناس يقولون ذبيح و بعضهم يقول قتيل تأكله؟
السائل: لا ما آكل.
الشيخ: وإذا أكله آكل ما حكمه؟
السائل: ... .
الشيخ: إيش قلت؟
السائل: لا أنكر عليه.
الشيخ: لا تنكر عليه كويس حرام عليه يأكله؟
السائل: لا أعلم.
الشيخ: كويس هذا الجواب و أما لا تنكر عليه فهذا يبحث ثاني ... .
السائل: ... .
الشيخ: لسى , لا ينكر عليه بمعنى أن أكله ليس بحرام أليس كذلك؟
السائل: ... .
الشيخ: ... مش عارف ... .
السائل: ... .
الشيخ: هو كل شيء مشكوك فيه فيه دخن لكن ما حكمه؟
السائل: هذا ... .
الشيخ: و يجوز شرعا تحرم على نفسك!
السائل: لا يعني ... .
الشيخ: أنت تقول أحرم على نفسي! يجوز تحرم على نفسك.
السائل: ما يجوز هذا!
الشيخ: لما قلت ... يا أخي اتقاء الشبهة شيء وأحرمه على شيء آخر!
السائل: أنا أقصد هذا.
الشيخ: أنا أعرف ماذا يقصد بارك الله فيك! لكن أريد أن يكون القصد مبينا باللفظ أيضا و ليس بالقلب الذي لا نطلع عليه فإذا أخي هذا الذي دخلت المطعم و هنا نكتة كل الكلام ... أنك قلت أنت دخلت المطعم و سألت عن لحم مشكوك فيه فأنت دخلت المطعم و فيه اللحم المشكوك فيه عندك سلفا فأكله غير حرام فأنت باستطاعتك ألا تأكله من باب قوله عليه السلام (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك) فإذا سألت و أجابك بأنه حلال أي ذبيح هذا راجع إليك و قناعتك في قول هذا الإنسان هل هو أولا هل هو مسلم عدل صادق لا يكذب؟ فإذا توفرت فيه هذه الصفات و قال لك هذا ذبيح فأكلت فهو حلال و إن كان لم تتوفر فيه هذه الشروط فأنت على الأصل و هو أنك شاكك فلا تحرم ولا تحلل إنما تنصح نفسك كما تنصح غيرك (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك) قد يستجيب البعض لك و قد لا يستجيب فإذا القضية واضحة لأنه في الأصل مشكوك فيه فإذا جاءك المخبر الثقة و أخبرك بأحد الاحتمالين ... شك ذبيح أو قتيل كان هذا المخبر عدلا تمشي على كلامه و هو المسؤول عليه.

(178/12)


«
عندنا خمسون بالمائة من اللحم مستورد ونسبة تسعين بالمائة منه غير مذبوح شرعي فهل من المصلحة أن نيسر إذا كان مصدرا رئيسيا لعموم المسلمين؟»
السائل: ... في الكويت خمسين من المائة من اللحم المستهلك مستورد و قد يكون فيه شيء من هذا اللحم ... ليس المذبوج طريقة الذبح في أماكن الذبح معروفة ... الصعق بالكهرباء ... ... هذه اللحوم مع معرفة هذه ... مصدر غذاء رئيسي بالنسبة للناس أم المصلحة الشرعية تتطلب أن نتدرج و نمهد الطريق ... ؟
الشيخ: لا , ما فيه مصلحة , لا مصلحة هنا في استباحة ما حرم الله أبدا , الغنية عما حرم لكن المسألة التي ينبغي النظر إليها فيما عرضت من التفصيل المسألة فيها دقة إذا افترضت أن في المائة خمسين قتيل و في المائة خمسين ذبيح لا نزال نحن في نقطة الشك هذه النقطة التي لا تجعل العالم المسلم يفتي بالتحريم إلا إذا وقف أمام ذبيحة معينة و علم بطريقة ما ... القتيلة و ليست ذبيحة فهناك يأخذ بحكم التحريم , أما حينما تبحث في الموضوع بحثا عاما و تصور أن بالمائة خمسين حلالا يعني بعضها بالمائة خمسين حلال و البعض الآخر بالمائة خمسين حرام , و هذا غير متميز عن هذا فكما قلت آنفا لا نزال في نقطة الشك أما إذا ترجحت كفّة إحدى النسبتين فتأخذ الحكم الغالب إما الإبحاحة و إما التحريم , إذا قلنا في المائة خمسة و خمسين قتيلا و بالمائة خمسة و أربعين ذبيح أخذ الحكم التحريم لأنه غلب الحرام على الحلال.
السائل: فيه تفصيل أكثر.
الشيخ: تفضل.
السائل: تمييز المجمد , اللحوم المجمدة تسعين في المائة منها مقتول معناه هنالك الخمسين في المائة هو ذبح ... كميات كبيرة من اللحوم تستورد مثلجة مجمدة مذبوحة في الخارج أما المذبوح فيذبح في الكويت ... .
الشيخ: يعني أنه أقصد ما يذبح في البلد فهو كله ذبيح لكن نسبته بالنسبة للمستورد بالمائة خمسين؟
السائل: تقريبا.
الشيخ: بالمائة تسعين ... .
السائل: الذي يستورد لو فرضنا أن اللحوم مائة طن خمسين طن منها يذبح محلي و خمسين طن يستورد من ... من الخمسين طن المستورد المجمد خمسة و أربعين طن قتيل و خمسة طن قد يكون ذبح ففي الحالة هذه صفة القتل غالبة على المجمد؟
الشيخ: صفة القتل غالبة على الجنس المستورد من المجمد , طيب بس هل هو متميز عن الحلال المذبوح البلدي متميز؟
السائل: نعم متميز هذا يشترى طازج و هذا يشترى مجمد من الأسواق؟
الشيخ: حينئذ لا يجوز أكله هذا.
السائل: لا يجوز أكله بس هل نفتح المجال ... .
الشيخ: هذه الخطوة الأولى , بعدين ... هذا لا يجوز أكله طيب الشك الذي عرض لصاحبنا هناك ... إذا كانت النسبة هكذا!
السائل: بالنسبة للمطاعم يا شيخ؟
الشيخ: لا هو أنا ما ذكرت المطاعم فأنت لا تعلق ... هذا صاحبنا هنا قال إنه مشكوك فيها فإذا كان مشكوك كما تقول أين الشك؟
السائل: أنا ما عندي أشك ... .
الشيخ: ... الموضوع أنتم الاثنين حتى نتبين من الحقيقة!
السائل: هو يقول عنده شك في دخوله مطعم معين نحن نتكلم على مستوى الدولة.
الشيخ: بس هو يقول يدخل المطعم و فيه الذبائح المستوردة مجمّدة فعنده شك في هذا؟

(178/13)


«
إذا كنا لا ندري هل اللحم الذي في المطعم هو بلدي أم مستورد فنسأل صاحب المطعم و قد يكون كذابا فيقول هو بلدي فما العمل حينها؟»
السائل: شيخ سؤال عبد الله أن المطعم ما ندري هل عنده لحم بلدي من الكويت أو مستورد فنسأله هل هذا لحم برا أو داخل أحيانا يكذب إذا شافنا ملتحين يقول هذا لحم من الكويت و يكون هو لحم من الخارج ... مو نوعية اللحم مذبوح أو غير مذبوح الشك هل هذا مستورد أو محلي بس؟
الشيخ: هذا ما جاء في كلام الرجل!
السائل: هذا قصده.
السائل: أنا قصدي الموجود في الكويت جاء من برا ... .
الشيخ: نفس الكلام أعاده فأنت تبني و هو يهدم.
السائل: نفس ... ما فيها غيرهما من الكويت ... .
الشيخ: ... المستورد فيه شك ... .
السائل: لا هذا الآن يجي البحث الثاني.
الشيخ: بس هو يقول هكذا ... .
السائل: لا مو معنى لا هذه ... .
الشيخ: ... .
السائل: المطاعم الآن في ... لحم طازج و أحيانا ... ما يكون طازج اللحم , نسأل هذه الطريقة لكن الذي جاي من برا عاد هذه تقريبا الشايع عندنا مو مذبوح خاصة الدجاج يعني.
الشيخ: أنا أقول عرضك فهمته لمن من جهة ثانية أن هذا العرض ... ذلك العرض ... تكرر ذلك العرض مرة أخرى قال إن المستورد فيه شكّ.
السائل: ... .
الشيخ: على كل حال الجواب معروف و هذا موجود في كل البلاد إذا كان الآن يغلب على الظن أنه كما قلنا آنفا يعني يغلب على الظن أنه لما تساله هذا مستورد لا نقول الآن مجمد أو غير مجمد مستورد و بلدي و نقول له هذا مستورد و إلا بلدي؟ قال والله هذا بلدي بنشوف نحن واثقين من كلامه أو لا فإن كنا واثقين من كلامه فعلى مسؤوليته و على ذمته فهو حلال وإذا قال لا هذا مستورد يكفّي مستورد مثل ما قال الأخ هنا ... تسعين يعني قتيل و ليس بذبيح الحكم في الصورة هذه واضح جدا ... .
السائل: جابوا لنا دجاج مكتوب عليه مذبوح على الطريقة الإسلامية ... .
الشيخ: ... هذا معروف تماما ... كتبوا على السّمك ذبح على السمك على الطريقة الإسلامية ... نرجع يا أستاذ ما دام أن الأمر هكذا فلا يجوز إقرار هذا بالعلة التي قدمتها آنفا و هو أن هذا غذاء ... فإذا نحن حرمناه من هذا الغذاء نكون إيش أضررنا به أنا أعتقد أن هذا لا يجوز إسلاميا لا سيما في بلد مثل بلدكم هذه فربنا عز و جل يكثر الخير الحلال من طرق شتى فبدل ما نقر هذا الحرام و حتى نتمكن من استيراد الحلال بصورة تغني أهل البلد كلهم معناه رأسا نقطع دابر الشر نقطع رأس الأفعى و حينئذ ... الطعام الحلال أضف إلى ذلك أنكم أنتم أهل ساحل فيه عندكم من السمك هذا ما يغينكم و لستم كما هو الشأن في بلاد ... ليس لهم من اللحوم ما يقتاتون إلا النواشف في دبي ... أنه شكلوا لجنة و أرسلوها إلى بعض البلاد لعلها النمسا و يرسلون من هناك الدجاج موضوع في أكياس من البلاستيك و مكتوب عليها أن هذا على عهدة البنك الإسلامي و فعلا ترى أثر الذبح فيها واضح جدا , فهذا حل للمشكلة بطريقة لا فيها مخالفة للشريعة و لا فيها إضرار أيضا بالشعب كما نتصور في ... أننا إذا قطعنا عنهم هذا الرزق المحرم يكون أضررنا بهم فليس هنا مصلحة أبدا يفرض علينا إقرار هذا المحرم ريثما نعودهم إلى الحلال يجب فورا أن نسعى إلى تعويض الحلال مع قطع دابر الحرام لأنه كما قال عليه الصلاة و السلام في الحديث الصحيح (إن روح القدس نفث في روعي - أي في قلبي - إن نفسا لن تموت حتى تستكمل رزقها و أجلها فأجملوا في الطلب فإن ما عند الله لا ينال بالحرام) هذا بالإضافة إلى قوله تبارك و تعالى ((و من يتق الله يجعل له مخرجا و يرزقه من حيث لا يحتسب)) فنحن من الخطأ العميق في الضلال أن بعضنا يتصور أن الفرد المسلم أو الجماعة من المسلمين أو الدولة المسلمة إذا اتقت الله عز و جل في دينها و أطاعت شريعة ربها فسوف تصاب ... و بالضنك و التعب و سوف لا يوجد له مخرج مع أن الآية تصرح بخلاف ذلك ((و من يتق الله يجعل له مخرجا و يرزقه من حيث لا يحتسب)) ... أذكر الناس بهذه الآية و آسف أن أضطر إلى تذكيرهم بمثل هذه الآية لأن هذا التذكير يذكرني بمأساة واقعة فيها العالم الإسلامي و هي غفلتهم عن دينهم لا يكاد الرجل الغني يسمع الموعظة و التذكرة بأنه لا يجوز لك أن تجعل مالك في البنك لأنك إن تنزهت عن أن تأخذ الربا منه مما يسمونه بغير اسمه فائدة لكنك تعلم أن البنك سيستثمر هذا المال في سبيل الربا فتكون أنت معين على ذلك فتخالف به قوله الله عز و جل ((و لا تعاونوا على الإثم و العدوان)) كما تخالف بعض الأحاديث الصريحة التي تنهى عن التعاون على المنكر مثل الحديث السابق الذكر مع بعض إخواننا (لعن الله آكل الربا و موكله و كاتبه و شاهديه) تذكرت آنفا هذا الحديث بأن أحدهم نقل لي أن أحد المشايخ السعودية أفتى بأنك إذا الموظف في البنك فإن كان عملك في البنك لا يباشر الربا مباشرة فعلمك جائز و ضرب على سبيل ذلك أنت كاتب فقلت سبحان الله كأن هؤلاء المشايخ خلقوا لأجل دعم أي انحراف في الحكم هذا الذي يكتب ماذا يكتب يكتب الربا فهو أيضا يتعاون مع الذي أسّس هذه الدائرة الضخمة التي تتعامل بالربا المحرم ... لذلك أقول آسفا أضطر أحيانا أذكر المسلمين بآية رب العالمين ((و من يتق الله يجعل له مخرجا و يرزقه من حيث لا يحتسب)) رأسا يقول قائلهم أين أضع المال تبعي! أنا إذا وضعته عندي في الدار أخشى عليه من السرقة أخشى على نفسي من القتل طيب يفكّر تفكيرا ماديا محضا كما يفكره الرجل الأوروبي الذي لا يؤمن بالله و لا باليوم الآخر و لا يحرم ما حرم الله و رسوله فهذا شيء مؤسف جدا مع أنه بين أيدينا هذه الآية الكريمة.

(178/14)


«
تذكير الشيخ ببعض الأحاديث التي ورد فيها توفيق الله عزوجل لعبده المؤمن التقي وبيان عظم درجة التقوى
الشيخ: و هناك أحاديث عجيبة تبين مبلغ تأثير اتقاء المسلم لربه و كم أن ربنا عز و جل يسخر لهذا المسلم المتقي لربه من الأمور التي لا يسخرها عادة للناس أي بعبارة فقهية دقيقة إن الله عز و جل يخرق نظام الكون في سبيل المحافظة على مال هذا المسلم نظام الكون الذي قال ربنا عز و جل في هذا النظام ((سنة الله و لن تجد لسنة الله تبديلا)) و عندنا بعض الحوادث و الشواهد من ذلك مثلا قال عليه الصلاة و السلام (بينما رجل فيمن قبلكم يمشي في فلاة من الأرض إذ سمع صوتا من السحاب يقول اذهب و اسق أرض فلان ... ) كان السحاب ماشي هكذا مثلا و إذا به اتجه هكذا , هذا الإنسان الذي سمع الصوت سار مع السّحاب غير بعيد و إذا بالسحاب يفرغ مشحونه من المطر في أرض فأطل عليها و إذا به يجد فيها رجل يعمل بمنكاشه سلم عليه كأن يقول له مثلا السلام عليكم و يا فلان استغرب الرجل لأنه عرفه غريبا فمن أين عرف اسمه قال له كنت ماشيا في الصحراء فسمعت من السحاب قائلا يقول له اسق أرض فلان فجئت مع السحاب حتى وصلت إليك فعرفت أنك أنت المقصود هنا الشاهد فبما استحققت هذه العناية من الله تبارك و تعالى قال و الله لا أدري سوى أنه عندي هذه الأرض فأزرعها ثم أجعل حصيلتها و حصيدها ثلاثة أقسام قسم أنفقه على نفسي و على أهلي , قسم أعيده إلى أرضي , القسم الثالث أنفقه على الفقراء و المساكين من حولي قال هو هذا انظروا الآن هل سمعتم أن الله عز وجل سخر السماء لأرض معينة؟ لا , لكن هذا لما اتقى الله فالله عز و جل يعني خصه بعناية من عنده خاصة دون الناس جميعا من هذا القبيل أيضا ما جاء هذا الحديث في صحيح مسلم و من هذا القبيل أيضا ما جاء في صحيح البخاري أن رجلا احتاج إلى شيء من المال قرضا فقصد رجلا غنيا قال له يا فلان أقرضني مائة دينار قال هات الشهيد قال الله شهيد قال هات الكفيل قال الله الكفيل رجل كما يقولون عندنا في الشام يبدو أنه عليه البركة و يعنون بالبركة يعني صافي السريرة طيب القلب لا يعرف الخداع لا يعرف المكر بدك شهيد ما عندي شهيد يكفي الله شهيد ... بدك كفيل ماعندي كفيل الله كفيل و يبدو أن كان القضية كما قيل " إن الطيور على أشكالها تقع " أن هذا الغني كمان إيش على البركة فقيل هذا الجواب من المستقرض ... ما دام أن الله شهيد و الله كفيل تفضل نقده مائة دينار ذهبا و تواعدا على يوم بالوفاء و أخذ الرجل من الدينار و انطلق للتجارة و جاء الميعاد و هو بعيد عن البلدة ماذا يفعل؟ أخذ والله بارك له في ماله و أخذ مائة دينار فحشاها في خشبة حفرها حفرا و دكها فيها دكا ... و جاء إلى ساحل البحر و قال اللهم أنت كنت الشهيد و أنت كنت الكفيل ... و رمى الخشبة في البحر هذا جنون لكن هذا غلب عليه الورع لله عز و جل وحبه للوفاء بالوعد ما فيه غير الله شهيد و الله الكفيل و ربنا عز و جل قدير على كل شيء أمر الأمواج أن تأخذ هذه الخشبة من هذا الساحل إلى الساحل البعيد حيث الرجل الغني خرج الرجل الغني يتفقد الساحل للرجل الذي كان أقرضه مائة دينار و انتظر قليلا و إذا به يرى هذه الخشبة تتقاذفها الأمواج تارة من دبر و تارة من قبل حتى دنت منه فأخذها إلى البيت و هناك كسرها و إذا بالدنانير تنهار على الأرض بعد مدة جاء المستدين شوفوا كمان طيبة القلب فعد له مائة دينار ما اعتمد على ذلك العمل لأنه أمر خارق للعادة مش ممكن يعني الإنسان يعتمد عليه فقدم له المائة دينار و انظروا أيضا طهارة هذا الرجل الغني قص عليه القصة قال له أنا و الله القصة كذا و كذا خرجت في الميعاد أنتظرت و وجدت هذه الخشبة و أخذتها و إذا فيها مائة دينار قال و الله الواقع أنا لما أدركني الميعاد و ما استطعت أقدم إليك في الوقت المعين فعلت كذا و كذا فالخشبة هي التي أنا رميت متوكلا على الله قال له فالله ... فبارك الله لك في مالك إيش ممكن يكون ... مساعدة من الله لعباده المتقين أكثر من هذه المساعدة و قد يكون من هذا القبيل أيضا قصة الثلاثة الذي آووا للغار كما قال عليه الصلاة و السلام " بينما ثلاثة نفر ممن قبلكم يمشون إذ أصابهم المطر فأووا إلى غار في الجبل فانحطت على فم غارهم صخرة من الجبل فانطبقت عليهم فقال بعضهم لبعض يا هؤلاء انظروا أعمالا عملتموها صالحة لله فادعوا الله بها لعل الله يفرج عنكم انظروا أعمالا عملتموها صالحة لله فادعوا الله بها بهذه الأعمال الصالحة لعل الله يفرج عنكم فرفع أحدهم يديه و قال اللهم إن كنت تعلم أنه كان لي أبوان شيخان كبيران و امرأتي و كان لي صبية صغار أرعى عليهم فإذا أرحت حلبت و جئت بالحلاب فبدأت بأبويّ قبل بني فنأى بي ذات يوم الشجر فرجعت و قد أمسيت فحلبت كما كنت أحلب و جئت بالحلاب إليهما فوجدتهما قد ناما فقمت عند رؤوسهما أكره أن أوقظهما من نومهما وأكره أن أسقي الصبية قبلهما و الصبية يتضاغون من الجوع عند قدمي فلم يزل ذلك دأبي و دأبهم حتى طلع الفجر فإن كنت اللهم تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء مرضاتك ففرّج عنا منها فرجة نرى منها السماء فانزاحت الصخرة شيئا قليلا حتى رأوا السماء " صخرة يعني جبل غار كبير قال الثاني " اللهم إنك كنت تعلم أنه كان لي ابنة عم أحببتها كأشد ما يجب الرجال النساء فطلبت منها نفسها فأبت حتى آتيها بمائة دينار فلما وقعت بين رجليها قالت يا عبد الله اتق الله و لا تفتح الخاتم إلا بحقه فقمت عنها فإن كنت اللهم تعلم إني فعلت ذلك ابتغاء مرضاتك ففرّج عنا منها فرجة فانزاحت الصخرة أيضا شيئا قليلا لكن لا يستطيعوا الخروج حتى قام الثالث يقول اللهم إن كنت تعلم أني كنت استجأرت أجيرا على فرق من أرز فلما قضى عمله عرضت عليه فرقه فرغب عنه فلم أزل أزرعه حتى جمعت منه بقرا و رعاءها ثم جاءني و قال يا عبد الله أعطني حقي قلت له انظر إلى تلك البقر و الغنم فاذهب وخذها قال يا عبد الله اتق الله و لا تستهزئ بي إنما لي عندك فرق من أرز قال اذهب و خذها فإنما تلك البقر من ذلك الفرق فذهب و استاقها فإن كنت اللهم تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء مرضاتك فافرج عنا فانزاحت الصخرة و خرجوا يتمشوّن " هذا كله مدد من الله عز و جل لعبادة المتقين مصداقا لقول رب العالمين ((و من يتق الله يجعل له مخرجا و يرزقه من حيث لا يحتسب)) نحن بحاجة إلى مثل هذه التربية لنكون مؤمنين حقا إن شاء الله.
السائل: ... بدون بذل الأسباب و تهيئة الأوضاع ... اللحوم ... أننا نبدأ ... .
الشيخ: لا بد.

(178/15)


«
بعض المواد مثل البسكويت أو الصابون أو نحوها يدخل في مكوناتها شحوم الحيوانات مثل البقر أو الخنزير فما الحكم؟»
السائل: شيخ بالنسبة للبسكوتات أو الكاكاوا ... كذلك الصابون يكتب عليه محتويات التي بدهن حيواني يقولون الدهن الحيواني هذا و هو عبارة عن بقر ميت خارج الكوبت ... أو من الخنزير نسبة فيه قليلة فيه ناس يحرمونها ... ؟
الشيخ: هذه الحقيقة يجب أن ... عنها فقيه و رجل آخر كيمياوي لأن كون الدهن الموجود في البسكويت أو الكاكاوا أو الصابون شيء قليل هذا لا يغير من حكم أنه لا يجوز استعماله ما دام فيه هذا الشيء النجس لكن الشيء الذي لابد من البحث فيه هو الاستعانة عليه برأي كيماوي مسلم يسأل هل هذا الشحم الذي هو مركب من شحم البقر القتيل أو من شحم لحم الخنزير حينما يمتزج مع الخليط هذا و لنأخذ مثالا بالصابون هل هذا الشحم يبقى شحما أو يدخل فيه تطور كيمياوي بسبب الخلط هذا فيخرج عن حقيقته السابقة و هي كونه شحم خنزير أو شحم حيوان قتيل يخرج من هذه الحقيقة إلى حقيقة أخرى فتأخذ حكما آخر هذا بلا شك مثلي لا يستطيع أن يجيب فيه لأنه ليس من اختصاصي أنا لست برجل كيمياوي لكن بناء على الجواب الذي سيحصل أو سيخرج من ذلك الكيمياوي نقول إما أن يقول بقي الشحم هو هو فيقال حين ذاك بأنه محرم وإن كان قال لا يتسبب التطور اليكيماوي تغيرت حقيقته و صارت حقيقة أخرى فنحن ننظر إلى هذه الحقيقة الأخرى هل هي محرمة في الشريعة أو نجسة و إلا هي غير محرمة و لا نجسة فحيئذ يصبح الاستعمال جائز و هذا التطور له حكم طبعا في الإسلام لأنه معلوم يقينا أن الخمر إذا تخللت حلت و ليست طهرت لأن الخمر في أصله ليست نجسة و إنما هي محرمة فلما صار فيها تفاعل كيمياوي تغيرت حقيقة الخمر و أخذت شيئا آخر حيث ... و بعد التحريم فصار شيء آخر فصار حلالا فالتحول و التطور هو من جملة المطهرات حتى قال كثير من علماء الحنفية ... و غيرهم من العلماء أن الميتة ... .

(178/16)


«
استفتاح الشيخ بخطبة الحاجة
الشيخ: إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له و من يضلل فلا هادي له و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله ((يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله حق تقاته و لا تموتن إلا و أنتم مسلمون)) ((يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة و خلق منها زوجها و بث منهما رجالا كثيرا و نساء و اتقوا الله الذي تساءلون به و الأرحام إن الله كان عليكم رقيبا)) ((يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله و قولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم و يغفر لكم ذنوبكم و من يطع الله و رسوله فقد فاز فوزا عظيما))
أما بعد: فإن خير الكلام كلام الله , و خير الهدي هدي محمد صلى الله تعالى عليه و آله و سلم و شر الأمور محدثاتها و كل محدثة بدعة و كل بدعة ضلالة و كل ضلالة في النار.

(179/1)


«
تنبيه الشيخ على أمرين أن الدرس سيكون غدا بعد المغرب والثاني أن يتقاربوا في المجلس
الشيخ: قبل الشروع في درس الترغيب أريد أن أذكر إخواننا الحاضرين و ليبلغ الشاهد الغائب بأن الدرس الآتي سيكون بعد صلاة المغرب مباشرة نظرا لأن الوقت سيصبح ضيقا بسبب تأخير الساعة حسب العرف السائد هذا شيء شيء آخر يجب أن تتقاربوا و أن ينضم بعضكم لبعض حتى يفرغ المكان في المؤخرة لا سيما و أنتم الآن في فصل هو أشبه بفصل الشتاء فماذا يكون حالكم في فصل الصيف و شدة الحر لذلك عودوا أنفسكم أولا على النظام و ثانيا على تحمل شيء مما لا أقول من المشاق و الصعوبات وإنما شيئا لم تعتده النفوس بعد هذا أرجوا أن ... بإعادة التذكير بالنسبة لموعد الدرس آخر الدرس فإذا نسيت فذكروني لأنه قد يأتي ناس لم يحضروا هذا التذكير الآن.

(179/2)


«
تتمة شرح كتاب الترغيب والترهيب و شرح حديث خباب بن الأرت قال (هاجرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نلتمس وجه الله فوقع أجرنا على الله .............. ) رواه البخاري ومسلم
الشيخ: حديثنا الليلة عن خباب بن الأرت و هو صحابي جليل يقول " هاجرنا مع رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم نلتمس وجه الله فوقع أجرنا على الله فمنا من مات لم يأكل من أجره شيئا منهم مصعب بن عمير قتل يوم أحد فلم نجد ما نكفنه به إلا بردة إذا غطينا بها رأسه خرجت رجلاه و إذا غطينا رجليه خرج رأسه فأمرنا رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم أن نغطي رأسه و أن نجعل على رجليه من الإذخر و منا من أينعت له ثمرته فهو يهدبها " رواه البخاري و مسلم و الترمذي و أبو داود باختصار يفسر المؤلف بعض غريب هذا الحديث فيقول " البردة: كساء مخطط من صوف وهي النورة , أينعت: بياء مثناة تحت بعد الألف أي أدركت و نبغت، يهدبها: بضم الدال المهملة وتركها يعني يصح فيه الوجهان يهدُبها و يدهدِبها أي يقطعها و يجنيها " يقول خباب رضي الله عنه هاجرنا مع رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم نلتمس وجه الله يعني أنهم كانوا يجاهدون في سبيل الله مخلصين له الدين هذا شأن الصحابة كقاعدة كذلك لا ينفي أن يكون فيهم من كان يجاهد لغير وجه الله عز و جل و هذا طبيعة البشر أنه لا يمكن أن يوجدوا جميعا كلهم على قلب واحد في الإخلاص و الطاعة لله عز و جل لكن لا شك أن عامة الصحابة هذا وصفهم كما يقول خبّاب بن الأرتّ رضي الله تعالى عنه لا يبغون إلا وجه الله فما يقال في بعض كتب التاريخ في العصر الحاضر ممن لا خلاق لهم أو لا دين لهم من اتهاهمهم أن الفتوحات الإسلامية الأولى إنما كان الباعث عليها هو حب الدنيا و جمع المال فهذا مع أنها دعوى مجردة لا دليل عليها فالواقع يشهد بأن الأمر كان على النقيض من ذلك تماما و الأدلة على هذا كثيرة في التاريخ الإسلامي الصحيح , و هذا الذي بين أيدينا الآن من تلك الأدلة فهو يصرح فيقول " هاجرنا مع رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم نلتمس وجه الله فوقع أمرنا على الله "

(179/3)


«
لطيفة: كيف علم خباب أن أجرهم قد وقع على الله
الشيخ: هنا وقفة بسيطة من أين علم خباب بن الأرت بأنهم حين جاهدوا في سبيل الله يبتغون وجه الله أنه وقع أجرهم على الله من أين عرف ذلك؟ ذلك أمر ضروري في الإسلام من وعد الله عز و جل لعباده المؤمنين في عشرات النصوص من الكتاب و أكثر من ذلك في السنة أن من عمل كذا فله كذا و وعد الله عز و جل لا يتأخر ((إن الله لا يخلف الميعاد)) فإذا عرف المؤمن هذه الحقيقة أيقن إذا عرف أنه إذا أتى عملا خالصا فيه لوجه الله عز و جل أن الله تبارك و تعالى لابد أنه يثيبه على ذلك لابد و ما سمعتم في الدرس الماضي من بعض الأجوبة للأستاذ علي خشان أنهم كانوا يخافون أن لا يقبل عملهم كذلك مما يدل على ما سمعتم بيانه في تلك الجلسة أن الصحابةكانوا يخافون الله عز و جل و كانوا يعيشون بين الخوف و الرجاء لا لأنهم يشكون فيما إذا علموا عملا صالحا و أخلصوا فيه لله عز و جل يشكون أن الله لا يتقبل منهم لا كيف ذلك كيف يمكن أن يشك شاك في عمل عمله صاحبه هو أولا عليه سنة ... مخلص فيه لله عز و جل كيف يتصور أن يشك في أن يتقبل الله عز و جل عمله و الله يقول في صريح القرآن الكريم ((إنما يتقبل الله من المتقين)) و لكن شكهم فيما يتعلق بقبول الله لعملهم الصالح المخلص فيه لله و إنما كان شكهم في أنفسهم لعل عملهم لم يكن صالحا أي لم يكن مطابقا للكتاب و السنة هذا هو الشرط الأول كما تعلمون جميعا في قبول الله عز و جل للعبادة أن يكون على وجه السنة و الشرط الثاني أن يكون صاحبه قد أخلص لله فيه فمن أين لإنسان أن يكون دائما و أبدا في كل عمل يعلمه على يقين أن عمله هذا كان على وفق الكتاب و السنة من جهة و كان مخلصا فيه لله عز و جل من جهة أخرى من هاهنا كانوا يخافون أن لا يتقبل الله عز وجل منهم ... مثل الآية السابقة و ما أشرنا إلى غيرها جزم خباب بن الأرت أن أجرهم وقع على الله عز و جل يعني أن الله تقبل ذلك منهم و أنه سيؤجرهم على ذلك.

(179/4)


«
شرح قوله: (فمنا من مات لم يأكل من أجره شيئا).»
الشيخ: ثم يفصّل فيقول بالنسبة لهؤلاء المجاهدين في سبيل الله " فمنا من مات لم يأكل من أجره شيئا منهم مصعب بن عمير " هنا أيضا نكتة و فائدة مهمة يقول " منا من مات لم يأكل من أجره شيئا " و هل يأكل المجاهد في سبيل الله من أجره شيئا؟ هذه النقطة أظن أنها تخفى على جماهير طلاب العلم بل و على كثير من خاصة العلماء و إنما يعرف ذلك من اطلع على السنة أكل من أجره بيانه و شرحه في حديث صحيح أن المجاهد في سبيل الله عز و جل إذا رجع وقد غنم شيئا فقد أكل ثلث أجره مما ادّخر الله له في الآخرة الثلثين الآخرين أما إذا لم يصب المجاهد في سبيل الله شيئا من المغانم المادية رجع و أجره موفور له عند الله عز و جل كاملا يوم القيامة إلى هذا الحديث و لا شك أن الخباب بن الأرت مثقف و كما يقولون اليوم متخرج من مدرسة رسول الله صلى الله عليه و سلم و في هذه المدرسة قال عليه السلام ما سمعتم من ذلك البيان فهو يشير إشارة بسيطة جدا إلى هذا الحديث ثم يقول " فمنا من أكل أجره و منا لم يأكل من أجره شيئا " و ضرب على ذلك مثلا مصعب بن عمير يصف حالة مصعب من الفقر الشديد حينما قتل شهيدا يوم أحد قال " فلم نجد ما نكفنه به إلا بردة " في هذا الحديث إشارة إلى أن الشهداء و إن كانوا لا يغسلون و إن كانوا لا يصلى عليهم في الغالب و فرق في هذين الحكمين بالنسبة للوارد في السنة , فالشهيد في المعركة لا يغسل و لا يصلى عليه إلا إن تيسر عليه لبعض المسلمين فالصلاة عليه جائزة لكن الفرق بين هذا الشهيد و بين غيرهم من موتى المسلمين أن الشهيد لا تجب عليه صلاة الجنازة فيمكن دفنه بدون صلاة مطلقا لكن هذا لا يعني أنه لا تجوز الصلاة عليه صلاة الجنازة لا يعني أن الصلاة عليه صلاة الجنازة بدعة لأنه لو لم يثبت في السنة أن النبي صلى الله عليه و آله و سلم صلى على بعض الشهداء لو لم يثبت هذا لكانت الصلاة على الشهيد بدعة في الإسلام لأنه يكون من محدثات الأمور لكن لما كان من الثابت في السنة الصحيحة أن الرسول صلوات الله و سلامه عليه صلى أحيانا على بعض الشهداء دلت صلاته هذه على جواز الصلاة على الشهيد لكن أحيانا أما الغالب و هو الذي تقتضيه ظروف ... أنه لا يمكن الصلاة على هذا الشهيد ربما ... أنه تسرع إليه شيء من الفساد إلى بدنه فالسنة المبادرة إلى دفنه , أما غسله فأمر مقطوع أنه لا يشرع و ليس كالصلاة يغسل تارة و لا يغسل تارة لا , و إنما الحكم في ذلك أنه لا يغسل مطلقا و يدفن في ثيابه التي مات فيها لكن في هذا الحديث و غيره بيان أن معنى كون الشهيد يدفن في ثيابه التي قتل فيها لا يعني أنه ليس من السنة تكفينه بل يكفّن على ثيابه التي مات فيها ... بهذا الكفن تحقيقا لهذه السنة لما أرادوا دفن مصعب بن عمير رضي الله عنه لم يجدوا له بردة إلا بردة قصيرة لا تحيط بكل بدنه فكانت كما سمعتم من الخباب إذا غطينا رأسه خرجت رجلاه وإذا غطينا رجليه خرج رأسه فأوجد لهم الرسول صلى الله عليه و سلم مخرجا من ذلك فأمرهم قال " فأمرنا رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم أن نغطي رأسه و أن نضع على رجليه من الإذخر " هذه حال من مات و لم يأكل من أجر جهاده شيئا كمصعب بن عمير قال في تمام الحديث " و منا من أينعت له ثمرته فهو يهدبها ... " و يستفصلها و في هذا إشارة إلى ما سبق ذكره في الحديث السابق في قصة عتبة بن غزوان أنهم قد استثمروا جهادهم فكان فيهم الكثير من الأمراء في أطراف البلاد و البلاد الكثيرة مثل هؤلاء أينعت له ثمرته أما خباب بن الأرت فمات قريبا عفوا أما مصعب بن عمير فمات شهيدا و لم يدرك ذلك الزمان الذي فتح الله فيه بلاد المسلمين و جنى الكثيرون منهم من ثمار جهادهم السابق الحديث الذي بعده حديث حسن ... .
السائل: ... .
الشيخ: حديث صحيح رواه البخاري و مسلم ... عتبة بن غزوان ... .
السائل: ... .
الشيخ: ضعيف هذا.

(179/5)


«
شرح الحديث الثاني وهو (عن أبي ذر أنه مات بالربذة ........... ) رواه أحمد
الشيخ: الحديث الثاني يعني إبراهيم بن الأشقر أن أبا ذر حضره الموت وهو بالربذة فبكت امرأته فقال ما يبكيك فقالت أبكي فإنه لا يد لي بنفسك و ليس عندي ثوب يسعك ... إذا كان عندي خطأ فصحح " و ليس عندي ثوب يسعك كفنا " قال " لا تبكي فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم -و هنا سقط استدركته وهو بعد قوله- سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم ذات يوم وأنا عنده في نفر هذه زيادة - يقول الرسول عليه السلام في مجلس من الصحابة و فيهم أبو ذر (ليموتن رجل منكم بفلاة من الأرض يصحبه عصابة من المؤمنين) قال أبو ذر: فكل من كان معي في ذاك المجلس مات في جماعة و فرقة ... فكل من كان معي في ذلك المجلس مات في جماعة و فرقة فلم يبق منهم غيري و قد أصبحت بفلاة أموت راقبي الطريق فإنك سوف ترين ما أقول فإني و الله ما كذبت و لا كذبت , قالت: و أنّا ذلك و قد انقطع الحاج؟ قال: راقبي الطريق , قال فبينما هي كذلك إذا هي بالقوم تخض بهم رواحلهم كأنهم ... فأقبل القوم حتى وقفوا عليها فقالوا: ما لك؟ فقلت: امرؤ من المسلمين تكفنوه و تؤجروا فيه , قالوا: و من هو؟ قالت: أبو ذر , ففدوه بآبائم و أمهاتهم و وضعوا أسياطهم في نحورها يبتدرونه فقال -عندي فقالت و هو خطأ- أبشروا فإنكم النفر الذين قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم فيكم ما قال ثم قد - زيادة بين قوسين - أصبحت اليوم حيث ترون ولو أن لي ثوبا من ثيابي - هنا الشاهد - من ثيابي يسع كفني لم أكفن إلا فيه فأنشدكم الله لا يكفنني رجل منكم كان عريفا أو أميرا أو بريدا فكل القوم قد نال من ذلك شيئا إلا فتى من الأنصار و كان مع القوم قال أنا صاحبك ثوبان في عيبتي من غزل أمي و أحد ثوبيّ هاذين اللّذين عليّ قال أنت صاحبي " رواه أحمد و اللفظ له و رجاله رجال الصحيح و البزار بنحوه باختصار، العيبة بفتح العين المهملة وإسكان المثناة تحت بعدها موحدة هي ما يجعل المسافر فيها ثيابه يعني " شنطة السفر".
نعود لهذا الحديث لشرح بعض ما قد يشكل على بعض الناس يقول إبراهيم بن الأشقر أن أبا ذر حضره الموت وهو بالربذة مكان قريب من المدينة فبكت امرأته لأنه كانت تعيش مع زوجها أبي ذر في فلاة من الأرض ليس هناك جليس و لا صاحب و لا صديق و لا ديار و لا أي شيء فبكت امرأته و قد حضر زوجها الموت فقال ما يبكيك؟ قالت أبكي فإنه لا يد لي بنفسك و ليس عندي ثوب يسعك كفنا ... ما فيه ثوب أكفنك فيه و ما فيه أحد هنا يساعدني فبشرها بما كان سمعه من الرسول عليه السلام لا تبكي قائلا لها لا تبكي فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم ذات يوم و أنا عنده في نفر يقول (ليموتن رجل منكم في فلاة من الأرض تشهده عصابة من المؤمنين) هذه البشارة الزوجة استوحشت من وفاة زوجها وحيدا و لا كفن له يكفنه فيه فأخبرها بأن الرسول عليه السلام قد قال يوما في مجلس فيه جماعة من الصحابة هو أحدهم الواحد من هؤلاء سيموت في فلاة من الأرض في البرية لكن يشهده عصابة من المؤمنين جماعة قال أبو ذر فكل من كان معي في ذلك المجلس مات في جماعة و فرقة يعني أحيانا ناس مات في جماعات و ناس ماتوا وحيدين كهو لكن هؤلاء لم يبق أحد غيري لذلك فأنا الذي سأموت في فلاة من الأرض و لا بد أن يصدق فيّ خبر الرسول عليه السلام حين قال (يشهده عصابة من المؤمنين) لذلك أبشري و لا تيأسي , هنا ملاحظة أريد أن ... بها نص الحديث يخطاب الرسول عليه السلام الصحابة الحاضرين في ذلك المجلس فالصحابي انظروا كيف يتأمل في كلام الرسول الدقيق فيفهم أن هذا الخطاب مقصود به هذه الجماعة الخاصة الموجودين في ذاك المجلس و لا يذهب عنه و خاطره إلى أنه يعني واحدا من الصحابة جميعا لا , لأنه خطاب لمن كان حاضرا في ذلك المجلس و من هنا تيقن أبو ذر ما دام أن الجماعة ماتوا تارة في جماعة و تارة وحدانا لكن ما أحد منهم مات في فلاة من الأرض و ما دام كلهم النفر ماتوا ما بقي غيري و أنا في الفلاة إذا أنا المقصود بذلك الخبر فلا بد أن يتحقق تمام الخبر ألا و هو أن يشهد موته جماعة عصابة من المؤمنين يعني من الصحابة فهو يقول " فكل من كان معي في ذلك المجلس مات في جماعة و فرقة و لم يبق أحد منهم غيري و قد أصبحت من الفلاة أموت فراقبي الطريق فإنك سوف ترين ما أقول فإني و الله ما كذبت ولا كُذبت " أي أنا ما كذبت على رسول الله صلى الله عليه و سلم و لا الرسول عليه السلام كذب عليّ حاشا من ذلك إذا إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون لابد أن هذا الخبر يصدق لا أنا كاذب على الرسول عليه السلام و لا الرسول يكذب علينا , لكن لا تزال هي مستوحشة و مستغربة هذا الخبر قالت " و أنى ذلك و قد انقطع الحاج؟ " هما الزوجان يعيشان في فلاة من الأرض يعني ليس في طريق الناس و الطريق الذي يمر به الناس بقوافلهم و إنما في طريق يطرقه الحجاج عادة و لم يبق هناك حجاج قافلون من الحج لذلك من أين يأتي هؤلاء الناس الذين تظن أنت أنهم سيحضرون وفاتك قال: " راقبي الطريق " يقول قولة الرجل المؤمن المعتقد بأن خبر الرسول عليه السلام فيه سيتحقق و لابد قال فبينما هي كذلك تراقب الطريق تنفيذا لأمر زوجها إذا هي بالقوم تخبّ بهم رواحلهم ... من السيل و هو في ... تخب و بين تجد من الإسراع في السير في بعض النسخ هذه رواية أحمد فبينما هي كذلك إذا هي بالقوم تخب بهم وراحلهم كأنهم الرخم أنا هذا التشبيه في الواقع ما فهمته فإذا كان بعض إخواننا الحاضرين عندهم سابق معرفة بهذا التعريف فليفيدونا أياه يعني تشبيه بالرخم كأنهم الرخم ... .
السائل: ... .
الشيخ: .... تشبيه فأقبل القوم حتى وقفوا عليها فقالوا ما لك؟ فقالت امرؤ من المسلمين تكفونه وتأجروا فيه يعني هنا رجل حضره الموت فلعلكم تكسبون أجره و تكفنونه قالوا من هو؟ قالت أبو ذر ... أبو ذر أول ما سمعوا باسمه فدوه بآبائهم و أمهاتهم و وضعوا سياطهم في نحورها الظاهر أن المقصود أنهم علقوا السياط التي يسوقون بها رواحلهم على الرواحل ... ليتوجهوا إلى حيث أبو ذر يحتضر قال و وضعوا سياطهم في رواحلهم يبتدرونه فقال يعني فجاؤوا إليه فقال أبشروا فإنكم النفر الذين قال الرسول صلى الله عليه و سلم فيكم ما قال يشهده عصابة من المؤمنين ... الجملة ثم هنا سقط أيضا غريب ما أدري إذا كان المصنف اختصره و ليس هذا من شأن المؤلفين و الغريب أنه توارد عليه أو تبعه فيه الهيثمي في مجمع الزوائد هذا السقط.

(179/6)


«
بيان حرص الصحابة على تبليغ العلم حتى وهم على فراش العلم
الشيخ: نصه بعد قوله " فإنكم النفر الذين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيكم ما قال أبشروا سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول (ما من امرءين مسلمين هلك بينهما ولدان أو ثلاثة فاحتسبا و صبرا فيريان النار أبدا)، هذا في الواقع يفيدنا أن الصحابة كانوا حريصين على تبليغ العلم حتى في آخر رمق من حياتهم ... ليتحدث أبو ذر بمثل هذا الحديث , ثم هنا نكتة أخرى و هي أننا نعرف عن الصحابة أنهم مع حرصهم في تبلغيهم للعلم للناس كانوا ... و يحرصون على عدم إشاعة الأحاديث المتعلقة بالترغيب فكان أحدهم لا يحدث مثل هذه الأحاديث إلا تبرئة لذمته و ذلك في آخر رمق من حياته و هذا ... على ذلك فهناك في صحيح مسلم أن معاذ لما بشره الرسول عليه السلام في القصة المعروفة بأن (من قال لا إله إلا الله مخلصا من قلبه حرم الله بدنه عن النار) يقول ما حدث بها معاذ إلا في آخر حياته تأثما يعني خشية أن يقع في إثم كتمان العلم كذلك غيره عبادة بن الصامت فيما أذكر في صحيح مسلم أيضا أبو هريرة أيضا قال لولا آية في كتاب الله ما حدثتكم بهذا الحديث و ذكر الآية ((إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات)) إلى آخرها و ذكر حديث (أن من مات على لا إله إلا الله دخل الجنة) فيمكن أن تحديث أبي ذر لهذا الحديث من هذا الباب لأن فيه بشارة ما من امرءين مسلمين -زوجين- يموت لهما ولدان أو ثلاثة فيحتسبان -هذا الولد عند الله- و يصبران على ذلك إلا لم يدخلا النار أبدا , هذه بشارة عظيمة جدا و التحديث بها بدون توضيح و تعليق كأن يقال مثلا هذا ليس معناه أنه دخل الجنة و لم يدخل النار مطلقا لو كان عالم التسعة و تسعين لا يعاقب على ذلك و لا يحاسب و إنما المسألة فيها تفصيل حسب الإنسان حسب كثرة ذنوبه لكن مثل هذه البشائر يقينا أن من كان من أهلها دخل الجنة و لا بد لكن منهم من يدخلها بعد أن يصبح في النار حُممة سوادء و منهم من يدخل النار تمسه بشيء من العذاب القليل ثم يخرج منها و منهم و منهم من لا يحس بها إطلاقا نسأل الله أن يجعلنا من هؤلاء الآخرين
الحضور: آمين.
الشيخ: الشاهد ففي هذا الحديث البشارة العظيمة جدا فكان أصحاب النبي صلى الله عليه و آله و سلم لا يحدثون بمثله إلا في آخر رمق من حياته حينما حدّثهم بهذا الحديث أتبع ذلك بقوله رضي الله عنه " ... قد أصبحت اليوم حيث ترون - يعني وحيدا في هذه الفلاة - و لو أن لي ثوبا من ثيابي يسع كفني لن أكفن إلا فيه فأنشدكم بالله لا يكفنني رجل منكم كان عريفا أو أميرا أو بريدا " لماذا يشترط أبو ذر أن لا يكفن أبا ذر أحد من هؤلاء العصابة إذا كان قد تولى ولاية من هذه الولايات إما أن يكون أميرا على بلدة أو يكون عريفا على جماعة أو أن يكون صاحب بريد؟ فالظاهر أنه يشير إلى ما سبقت الإشارة إليه في حديث خباب بن الأرت لأنه يكونون قد أكلوا من أجورهم فلا يكون عملهم كاملا موفورا أجرهم عند الله تبارك و تعالى و يحتمل أن يعني بذلك أن قل من يسلم من استثمار هذه المناصب و هذه الولايات استثمارا غير مشروع و خاصة في هذا الزمن فلا نكاد أميرا إلا و يشتغل بأمارته و ولايته , و لا عريفا و لا بريدا نحن نجد اليوم بعض الموظفين عندهم سيارات الدولة من أجل خدمة الدولة و إذا به يخدم نفسه و عياله و أطفاله ... و على حساب الدولة هذا استغلال طبعا لا يجوز في الإسلام هذا النوع في الوقت الذي لا نستطيع أن ننكر وجوده في بعض الأفراد من السابقين لكننا أقطع أنهم لم يكونوا بالتوسع في ذلك كما و كيفا كما هو الشأن اليوم في هؤلاء المتأخرين لكن قد يوجد بعض الأفراد فلذلك تحفظ أبو ذر و هذا من زهده و ورعه فطلب أن لا يتولى تكفينه أحد ممن تولى شيئا من هذه المناصب فوجد هناك فتى من الأنصار قال له أنا هو صاحبك ... و هذا الثوب من ثيابه الخاص به أكفنك فيهام قال أنت صاحبي فتأملوا و انظروا كيف كان السلف الصالح يعيشون و كيف كان يتورعون عن الشبهات إما ... أنفسكم تجدون الفرق شاسعا و بالتالي تجدون الثمرات التي نجنيها نحن هي ثمرات غير الثمرات التي جنوها أولئك فهم قد ورثونا تلك الثمرات بجهادهم في سبيل الله عز و جل أما نحن فقد أضعناها و أضعنا مع ذلك كثيرا من ديننا بل و فينا من خسر الدنيا و الآخرة ذلك هو الخسران المبين.
يكفي هذا المقدار في درس الترغيب و الترهيب و أراني مضطرا بالرغم من أنني لا أريد أن أتكلم كثيرا لكن بالنظر للأسئلة التي ... السائل في الدرس الماضي هي قل من جلّ فلا بد من أن أتولى الإجابة عن سؤال واحد لأنه له علاقة هنا بعلم الحديث و لعل إخواننا فيما يأتي من الدروس يستمرون في الإجابة عن الأسئلة القديمة ثم الجديدة.

(179/7)


«
ما أسباب تفاوت أحكام علماء الحديث في بيان درجة الحديث تصحيحا وتضعيفا ووضعا؟»
الشيخ: سؤال فيه غرابة يقول بعد بسم الله الرحمن الرحيم , ما ما أسباب تفاوت أحكام علماء الحديث في بيان درجة الحديث تصحيحا و تضعيفا و تكذيبا و وضعا إلخ فالواحد منا يقرأ الحديث الواحد عند أكثر من عالم حديث , فواحد يجعله صحيحا و آخر يجعله ضعيفا و ثالث يجعله موضوعا و رابع يجعله باطلا و خامس يجعله منكرا فالأمثلة كثيرة و عديدة و يعرفها من درس شيئا من هذا العلم وهذا - زعم القائل السائل - وهذا ما جعل طلاب العلم و الشباب المسلم يعزفون عن دراسة الحديث و يلجؤون للتقليد و الأخذ عن شيخ فنرجوا ذكر الأسباب الآنفة الذكر مع شيء من التوضيح لأمور علم الحديث؟
نحن نقول في الجواب عن هذا السؤال إن السائل بالغ جدا في تصوير الخلاف الموجود بين علماء الحديث أقول هذا معترفا أنه لا يسعنا إنكار وجود الاختلاف لكن ليس بهذه المثابة التي يصورها السائل في حديث واحد خمسة ستة أحكام متناقضة هذا أتصور لو كان هذا السائل فعلا طالب علم لقلنا له و لو في جلسة خاصة أعطينا مثالا واحدا في حديث يقول فيه عالم من علماء الحديث صحيح و آخر ضعيف و ثالث موضوع و رابع منكر و ... باطل إلى آخره هذا تصوير خيالي في الواقع لكن كما قلت آنفا ذلك لا يعني أن علماء الحديث لا يختلفون و هذا الذي ينبغي بيانه و ذكر السبب أو الأسباب التي توجب مثل هذا الاختلاف أريد أن أذكر أن علم الحديث هو كأي علم من العلوم المبنية على البحث و الاجتهاد و الدراسة و لكل مجتهد نصيب و الحالة هذه.

(179/8)


«
بيان الشيخ لبعض أسباب اختلاف المجتهدين في الأحكام الشرعية
الشيخ: فما هو السبب في اختلاف الأئمة المجتهدين في الأحكام الشرعية لها؟ أسباب هذه الاختلافات لها أسباب كثيرة لكن منها ما يناسب ذكره سببان اثنان جوهريان أساسيان الأول أن هذا يطلع على حديث و الآخر لا يطلع عليه فهذا الذي اطّلع على الحديث حينما يسأل عما تضمنه الحديث من الحكم يفتي به فيصيب , ذاك الآخر الذي لم يطلع على الحديث يجتهد فيخطئ الحكم لأنه ما اطّلع على الحديث.
سبب آخر قد يكون كلاهما اطّلع على الحديث و لكن هذا فهمه على وجه و هذا فهمه على وجه , على أن يكون أن هذا الاختلاف في الفهم في كثير من الأحيان يعود إلى السبب الأول و لعله من المستحسن ضرب مثل على ذلك، الحديث المشهور في الصحيحين و غيرهما (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب) و قد جاء سؤال مكتوبا إلينا أسئلة كثيرة من جملتها أن الجماعة يفسرون الحديث لا صلاة كاملة و أناس يقولون لا صلاة صحيحة شو السبب؟ فأقول الآن الحديث صحيح عند الجميع (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب) هو مثال صالح للسبب الثاني و هو الاختلاف في الفهم فلماذا اختلفوا في الحكم لأن الأحناف فهموه لا صلاة كاملة , الشوافع و غيرهم لا صلاة صحيحة ما هو سبب الخلاف؟ أيضا يعود إلى نص آخر اختلفوا في فهمه و لا ينبغي ذكر هذا الاختلاف في هذا النص الآخر لأنه قرآن و هو قوله تعالى ((فاقرؤوا ما تيسر من القرآن)) لما أخطأ بعضهم الفهم لهذه الآية اضطر بعد ذلك كنتيجة لهذا الخطأ أن يقع في خطإ آخر ألا و هو الخطأ في فهم الحديث السابق الآية ((فاقرؤوا ما تيسر من القرآن)) ليس معناه كما يظهر مما يتبادر من هذه الجملة فقط إنما معناها مستغرب عند من لا علم عنده بطبيعة الحال و هو المعنى ((فاقرؤوا ما تيسر من القرآن)) أي فصلوا ما تيسر من صلاة الليل، كيف حصلنا هذا المعنى من سياق الآيات , الآيات كلها تتحدث في قيام الليل كيف الآيات؟
السائل: ((إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل و نصفه و ثلثه و طائفة من الذين معك و الله يقدّر الليل و النهار علم أن لن تحصوه فتاب عليكم فاقرؤوا ما تيسر من القرآن)).
الشيخ: ((علم أن لن تحصوه)) يعني قياما بالليل ((فاقرؤوا ما تيسر من القرآن)) أي صلوا ما تيسر لكم من صلاة الليل هذا ما اتفق عليه كل من المفسرين لا خلاف بينهم مطلقا لا حنفي و لا شافعي لكن من المؤسف جدا و هذا من آثار التعصب المذهبي و التقليد الجامد أن هذه الآية في كتب التفسير معناها كما سمعتم ((فاقرؤوا)) أي فصلوا لكن حينما يأتي المتفقه في المذهب الحنفي كأنه ينسى ما أجمع عليه المفسرون في معنى هذه الآية فيقول ثبت بالقرآن أن الواجب من القراءة في الصلاة هو مطلق القراءة لأن الله قال ((فاقرؤوا ما تيسر من القرآن)) و بناء على ذلك يقولون و لما كان القرآن قطعي الثبوت فلا يجوز تخصيصه بحديث آحاد لأنه كما يزعمون يفيد الظن , فلا يجوز في رأيهم تسليط الظني على القطعي و أنا قلت هذا في الرسالة المطبوعة في مسألة حديث الآحاد و في دروسي هذه الفلسفة دخيلة لفي الإسلام تقسيم الأحاديث إلى قطعي الثبوت و ظني الثبوت و ترتيب تفاوت الأحكام بين ما كان ظني الثبوت و ما كان قطعي الثبوت هذه مسألة دخيلة في الإسلام و من آثارها هذه المسألة التي نحن بصدد التحدث عنها ((فاقرؤوا ما تيسر القرآن)) نص قرآني أولا فهم خطأ على ظاهر النص مفصولا عن السياق و السباق , ثانيا قالوا هذا قرآن لا يجوز تحصيصه بحديث الآحاد (لا صلاة لمن يقرأ بفاتحة الكتاب) مع أنه قد رد عليهم إمام الأئمة حقا في الحديث ألا و هو البخاري فقد صرح في رسالته الخاصة بالقراءة وراء الإمام بقوله تواتر الخبر عن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم هذا إيمام ... يحكم على الحديث بأنه متواتر فإذا لو صح التفريق بين حديث التواتر و حديث الآحاد في الأحكام لكانت الحجة قائمة في خصوص هذا الحديث على أنه يصلح لتخصيص هذه الآية لأنه حديث تواتر لكن انظروا الآية لا علاقة لها بهذا البحث إطلاقا و الحديث متواتر و ليس حديث آحاد مع ذلك أفتى الذي فهم سابقا ... ((فاقرؤوا ما تيسر)) على ظاهره و هذه الآية لا يجب تخصيصها بالحديث إذا ماذا نفعل بالحديث؟ نعطل الحديث مطلقا لأن الحديث آحاد؟ قال لا نعمله و نحكمه بحكم لا يتعارض مع الآية فنقول بوجوب قراءة الفاتحة لا بركنيتها لأنا إذا قلنا بركنية الفاتحة صدمنا الآية بزعمهم أما إذا قلنا بوجوب قراءة الفاتحة لا نضرب الآية و نأخذ بالآية على ظاهرها و نأخذ بالحديث فنقول معناه لا صلاة كاملة هذا من أسباب الاختلاف الفقهي يعود إلى سببين أساسيين عدم الاطلاع على الخبر أو الاطّلاع على الخبر و لكن اختلاف الفهم مثل هذا وقع للمحدثين أنفسهم مثلا حديث صحّحه فلان و ضعفه فلان الذي صحّحه نفترض أنه أصاب في التصحيح و الذي ضعفه أخطأ لماذا هذا أصاب و لماذا هذا أخطأ؟ في كثير من الأحيان الذي ضعف الحديث مصيب حيث ضعف لكن إصابة نسبية أي إن هذا الحديث الذي صححه فلان وقف عليه ذاك الذي ضعفه من طريق فيه رجل ضعيف و لم يقف على الطريق التي وقف عليها الأول فهي طريق صحيحة لو وقف عليها الثاني لالتقى مع الأول و اتفقا على صحة الحديث و هذا كثير جدا و أحيانا يكون الطريق واحدا , أحيانا يكون الطريق واحدا فهذا يصححه و هذا يضعفه هذا يقع , بل يقع فيه الشك الواحد.

(179/9)


«
ضرب الشيخ مثالا لوقوع العالم في التناقض أحيانا في التصحيح والتضعيف ومثل بنفسه
الشيخ: ... و أنا لا أذهب بكم بعيدا أضرب لكم مثلا بنفسي حتى ما تقولون أن الشيخ ما يخطئ بل الشيخ يخطئ لكن خطأه هو أحسن من خطأ غيره لأنه يبحث و يتعب و إلى آخره فلا بد من أن يقع في الخطأ أما الذي لا يبحث فإن الذي لا يحبث فستكون أخطاؤه كثيرة , ما هو المثال؟ البارحة أو أول البارحة جاءني رجل من إخواننا من طلاب العلم من حلب و لفت نظري إلى حديث واحد أقول هذا لتصححوا ما عندكم حديث واحد موجود في كتابي صحيح الجامع و ضعيف الجامع أول ما تبادر لذهني أن هذا النوع له أمثلة كثيرة في الكتابين لكن حين البحث و التحقيق يبدو أن ... المخطئ و السبب أن الحديث في أحد الكتابين بلفظ و في الكتاب الآخر بلفظ آخر و في أحدهما ما ليس في الآخر , و لذلك فأحدهما وضع في الصحيح و الآخر وضع في الضعيف , و هذا من دقة العلم لكن لما أراني النص ليس من هذا النوع إطلاقا النص (أي إخواني لمثل هذا فاعملوا) هذا نص الحديث أو معناه أوردناه في الصحيح و أوردناه في الضعيف ... حتى أدرس الموضوع على مهل و على روية في أحد الكتابين عزوت الحديث بسلسلة الأحاديث الصحيحة، ... الخطأ مبني على خطأ أحد الحديثين أوردته في الصحيحة و الآخر أوردته لما رجعت وجدت السند واحد! لا تتعجبوا إذا اختلف علماء الحديث في أنفسهم ... و وجدت السند واحدا لكن سرعان ما تنبهت للخطأ، الخطأ فيه رجلان و هذا من أسباب الاختلاف بين علماء الحديث كلا الرجلين اسمه و اسم أبيه واحد , اسم كل واحد منهما يشبه الآخر مع ... عبد الله بن واقد، عبد الله بن واقد هنا اثنان أحدهما حراني و الآخر هروي و مشهور في كتب الحديث ... هو الحراني و كنيته أبو واقد و لا ... حتى تفهموني جيدا من غفلتي أنا أن عبد الله بن واقد ... في الحديث مكنيا بكنيته و هو أبو واقد و إذا هو مكني ... عفوا جاء مكنيا بأبي رجاء و عبد الله بن واقد أبو رجاء ثقة أما عبد الله بن واقد أبو واقد ضعيف أنا غفلت عن رؤيتي للكنية أبو رجاء عبد الله بن واقد و رحت قائل عبد الله بن واقد ضعيف بدون ... وبدون رجوع للمصادر فضعفنا الحديث , في الصحيحة ... أن عبد الله بن واقد أبو رجاء فوضعناه في الصحيح لما جاء الأخ أريته السبب لهذا الخطأ , هذا إنسان واحد يقع في مثل هذا فأولى أن يقع واحد في مثل الخطأ الذي وقعت فيه أنا و يقع الثاني على الصواب الذي غفلت عنه أنا و هكذا , فإذا السبب نستطيع أن نلخصه أن هذا يطلع على طريق الحديث لم يطلع عليه الآخر فيصححه وذاك اطّلع على حديث بإسناد ضعيف فيضعفه لكن لو التقيا و تفاهما و اتفقا على ... الحديث و له أسباب كثيرة فلو فرضنا السند واحد واحد صححه و واحد ضعفه ... مثل أبو واقد صاحبنا أبو واقد يكون السبب أن المترجم أحد الرجلين وقف على توثيق لهذا و ذاك وقف على تضعيف لكن التضعيف أرجح من التوثيق و قد يكون العكس المهم إذا كان لهذا السؤال فائدة ... فهو تنبيه الحاضرين إلى شيئين اثنين: الأول أن الخلاف أمر طبيعي من البشر و لذلك نحن لا ننقم أبدا على أئمة الفقه كما لا ننقم على أئمة الحديث حينما اختلفوا فيه لأن هذا الأمر طبيعي و الأسباب طبيعية كونية و سنة الله في خلقه و لكن نتخذ ذلك وسيلة لإلفات نظر الناس إلى أنه يجب أن يتعلموا و أن يجتهدوا كما اجتهد الأئمة السابقون من كان منهم من علماء الفقه و من كان منهم من علماء الحديث و حينما يكثر الفقهاء في الأمة و يكثر المحدثون فيهم أيضا تقل الخلافات سواء ما كان منها خلافا فقهيا أو ما كان منها خلافا حديثيا أما لما يكون في ميدان في بعض البلاد شخص واحد في الفقه المعرض للخطأ ما فيه من ... خطأه لذلك أنا فرح جدا حينما أشعر الآن أنه هناك من إخواننا في هذه البلدة و في غيرها من يقدم إليّ خطئي لأني أصبحت أشعر بدأنا نجني ثمار نشر السنة بين الناس و علم الحديث و مصطلح الحديث بينما سابقا و أنا بلا شك كأي ... في أي علم كنت كثير الخطأ ... من ينبهني لماذا لأني عشت في هذا العلم لوحدي فنسأل الله عز و جل أن يوقض الأمة الإسلامية لتتفقه في دينها بالاعتماد على الكتاب و السنة و أن يلهم الجماعات منهم يقوم بواجب هذا التفقه الصحيح و دراسة علم السنة دراسة علمية صحيحة و بهذا القدر كفاية و الحمد لله رب العالمين.

(179/10)


«
إذا كنا نسافر مسافة أزيد من مائة كيلومتر فهل نقصر الصلاة؟»
السائل: إذا زرنا أخ لنا ... نقصر الصلاة؟
الشيخ: تقصر الصلاة هذا يختلف باختلاف الوضع يعني السفر ليس له علاقة بمسافة يقطعها الإنسان فقط و إنما له علاقة بتهيئه و استعداده , بتزوده , فالسفر له علاقة بالاقتصار بالعرف إذا كان المسافة التي يقطع في العرف أنها سفر فهو سفر و إلا فلا.
السفر و عدمه لا يحدد مسافة قطعت مائة كيلوا متر فأنت مثلا غير مسافر , قطعت مائة كيلو متر زايد واحد صرت مسافر ما فيه شيء من هذا ... إنما القضية لها علاقة بالعرف السائد المعروف و هذا بلا شك يختلف من بلاد إلى بلاد أخرى.

(180/1)


«
من العين إلى دبي مدة ساعة ونصف فهل نقصر فيها؟»
السائل: مثلا من العين إلى دبي تقطع في ساعة و نصف؟
الشيخ: ... الجواب نفسه لا يتعلق بقطع المسافة يتعلق بك أنت أنا أفترض لك كما تعلمت من ابن تيمة رحمه الله هو كان في بلدي هذه دمشق فهو صور صورة قال لو أن رجلا خرج من دمشق إلى ضواحيها للصيد ثم كما قال عليه السلام (ومن اتبع الصيد غفل) الصيد و ما يشبهه مشي شوي أخرى وصل إلى قرية و هكذا شوي شوي ما وجد حاله إلا وصل إلى حلب و بين حلب و دمشق أربعمائة كيلو متر , قال هذا لا يعتبر مسافرا ليه؟ لأنه أولا ما خرج بقصد السفر و لا استعد استعداد السفر و إنما هو خرج يصطاد و يتسلى فإذا لو كانت قضية قطع المسافات اعتبر هذا الإنسان مسافر ... أربعمائة كيلو.
السائل: يعني هو طال سفره استدراجا؟
الشيخ: أي نعم
السائل: ... .
الشيخ: أجيبلك مثال لا تناقشني الآن يعني و لا مؤاخذة لو قلت لك زيد أسد لا تقل زيد ما له ذنب و هذا له ذنب لأن القصد نقطة واحدة شو هي في المثال؟ زيد أسد يعني شجاع شو المقصود بالسؤال بالتمثيل السابق أن رب إنسان يخرج من بلده يقطع أربعمائة كيلومتر و لا يعتبر مسافرا لا تقل أنت ماشي شوي شوي و هذا ماشي ... ليس هذا التفصيل مش مقصود به , المقصود قد يقطع مسافة و هو غير مسافر.
أنا أضرب لك مثلا آخر يمكن يكون أقرب العلماء ذكروا مثلا أن رجلا له زوجتان كل منهما في منزل و نفترض أن بين البلدة و البلدة الأخرى مسافة مائة كيلو أو مائتين كيلو ... أنت لك زوجة و هو له زوجتان ذهبت معه مسافرا إلى البلدة الأخرى هو في البلدة الأخرى مقيما و أنت مسافر ليه؟ اختلف الموضوع هو عنده أهل عنده مسكن هناك و أنت ليس لك ذلك فمجرد ما يدخل البلدة الثانية يصبح مقيما و أنت مسافر و المسافة التي قطعتوها واحدة و البلد الذي نزلتوها واحدة و البلد الذي خرجتم منها واحدة فالمسائل تختلف ... لذلك المحرر في الموضوع أن السفر لا يقيد بمسافة يقطعها المسلم إنما له علاقة بالعرف ... نعم.
السائل: فيه سؤال ... .
الشيخ: تفضل.
السائل: ما أدري هل ... .

(180/2)


«
هل يشترط للآمر بالمعروف ألا يأمر إلا إذا كان يفعله ولا ينهى عن المنكر إلا إذا كان يذره؟»
السائل: ... هل نأخذ من هذه الآية أن الإنسان لا يدعو إلى شيء هو لا يعمل به ... .
الشيخ: لا هذا خطأ , يقول الإمام مالك رحمه الله كما ذكر ذلك الإمام القرطبي في في تفسيره الجامع أحكام القرآن ود الشيطان أن يسمع من أحدكم مثل هذه الكلمة من منا كمل حتى لا يأمر بالمعروف إلا لما يأتيه و بعبارة أخرى أظن كلمة مالك مفهومة يعني لكن شرح ذلك أن المسلم عليه واجبان واجب علمي و واجب عملي , الواجب العلمي أن يتعلم و أن يعلم أن يبين للناس و لا يكتم العلم عنهم الواجب الثاني أن يعمل بعلمه و معلوم لدى الجميع طبعا مثل الآية مثل ((لم تقولون ما لا تفعلون)) إلى آخره، ـ معلوم ذم العالم الذي لا يعمل بعلمه و في ذلك أحاديث كثيرة جدا لكن هذه الأحاديث و هذه الآيات الحض منها حمل هذا الرجل العالم بالمسألة على العمل بها و ليس المقصود بذلك صده عن تبليغ العلم للناس لأنه لو تصورنا ثلاثة أشخاص كلهم من أهل العلم , عالم يعمل بعلمه و يدعو الناس إلى علمه و عالم لا يعمل بعلمه و لكن يدعو الناس إلى علمه , و عالم لا يعمل و لا يدعو هذا خير أم الأوسط؟ لا شك الأوسط لكن خير من الأوسط الأول الذي يأمر و يبلغ فإذا دار الأمر بين ترك العمل و ترك العلم و بيانه لا , معصية واحدة أهون و أقل شرا من الجمع بين المعصيتين لعلي أوضحت لك الجواب؟
السائل: جزاك الله خيرا.
الشيخ: وإياك.

(180/3)


«
هل هناك قاعدة علمية بالنسبة لختان المرأة والخلاف الحاصل بين المناطق وأثر ذلك على ختانهن؟»
السائل: ... الختان و الفرق بين الرجل و المرأة
الشيخ: أيوة.
السائل: و ذكرتم أيضا أن هناك فرقا بين النساء في البلاد الحارة و النساء في البلاد الباردة.
الشيخ: صحّ
السائل: هل فضيلتكم تستندون إلى قاعدة علمية في هذا ... ؟
الشيخ: طبعا نحن ننقل ما يقرره في العلماء أولا في كتب الفقه و الأطباء أيضا في تشريحاتهم!
السائل: أنا قصدت قصدت بالقاعدة العلمية الأطباء و علماء البيولوجيا ... ؟
الشيخ: أنا بارك الله فيك أظن أني أجبتك عن سؤالك أولا قلت الفقهاء يذكرون هذا , و ثانيا الأطباء في تشريحاتهم يذكرون هذه الحقيقة , و هذه المسألة درست في العصر الأخير في مجلات علمية طبية القاهرة و منها مجلات دينية نقلت من كتب علمية طبية هذه الحقيقة التي أوضحتها منها قديما مجلة نور الإسلام التي تصدر من الأزهر ثم صارت تصدر بعنوان نور الإسلام , فهذه حقائق معروفة من حيث النواحي العلمية الطبية و نحن لا نقول شيئا طبعا إلا بعلم و لكن لا يخفاك أنا لست طبيبا و لو كنت طبيبا فلست طبيب تشريح فقد يكون الإنسان طبيب داخلي و لا يعلم من التشريح شيئا والعكس بالعكس و العلوم اختصاصات والواجب على كل عالم أن يختص بعلم ثم يستفيد في العلوم الأخرى من المتخصّصين في ذلك و أنا شأني هنا فيما قلت من حيث التفريق بين المرأة في البلاد الحارة في ذات الموضوع و بينها في البلاد الباردة فأنا ناقل و لست بعالم , و لا يستطيع أحد من الناس مهما كان أكمل مني إلا أن يكون مثلي أي إنسان فقد يكون رجلا على علم بالنحو لكن ما عنده علم بالتفسير , ما عنده علم بالحديث , ما عنده علم , بالفقه فما واجب هذا؟ إذا تحدث بالفقه أن قول سمعت المسألة الفلانية تحدث في الحديث كذلك و هكذا لأن القضايا قضايا اختصاص و الله عز و جل يقول ((فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)) هذا جوابي ((و فوق كل ذي علم عليم)) فإذا كان عندكم شيء فتفيدوننا بهذا الخصوص فأهلا بك و سهلا.
السائل: لا , أنا أردت الإستيضاح.
الشيخ: أهلا و سهلا أيضا.

(180/4)


«
معنى حديث ( ............... ما بال المقتول قال أراد أن يقتل صاحبه) وكلام الشيخ على علاقة الحديث بقصة قتال علي وعائشة
السائل: ... .
الشيخ: ... أنت بدأت السؤال بحديث ظني أنك ... فلو أنك عرفته بتمامه ربما أغناك ذلك عن سؤالي ربما! لما قال الرسول عليه السلام (القاتل و المقتول في النار) قالوا هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال (أراد أن يقتل صاحبه) هذا الحديث بتمامه و هو في صحيح البخاري الآن بعدما عرفت ... الحديث يرد سؤال عن علي و عائشة أو لا؟
السائل: ... .
الشيخ: إيش علاقة الحديث ب ... .
السائل: هذه تطبق على المسلمين الحرب التي وقعت ... .
الشيخ: أنا أسألك هل الحديث له علاقة حينئذ بما ... علي و عائشة أو لا؟
السائل: أنا بغيت أعرف ... .
الشيخ: أنا لا أسألك عما بغيت ... قل لي بس أبيّن لك أن الحديث ليس له علاقة بالقتال السؤول عنه ... أو ما تبين؟
السائل: لا , ما تبين!
الشيخ: بس! ... تلف و تدور مثل ما يعمل غيرك (أراد أن يقتل صاحبه) تفهم من الحديث أراد أن يقتل صاحبه بحق أو بغير حق؟ كمان قل لي أدري أو لا أدري! هو نصف العلم لا أدري ... لا شك أن المقصود من الحديث أراد أن يقتل صاحبه بغير حق ليه؟ لأنه لو أراد أن يقتل صاحبه بغير حق لا شك أن الحديث ... أن هذا المقتول الذي هو كالقاتل من حيث كونهما في النار السبب أنه أراد أن يقتل صاحبه بغير حق , أما لو أراد أن يقتل صاحبه بحق إذا كل واحد يقتل كافرا بحق يكون هو في النار كمان هل أحد يقول هكذا! فهمت السؤال؟
السائل: نعم.
الشيخ: كويس، أكثر من هذا (من مات دون ماله فهو شهيد) معروف هذا الحديث عندك؟
السائل: نعم.
الشيخ: طيّب , رجل دخل عليك دارك يريد أن يغتصب مالك قلت له تفضل يا سيدي ... نفسك أو تقاوم ... ؟
السائل: أكيد أقوام.
الشيخ: إذا أرد قتلك ماذا تفعل؟
السائل: أقتله ... .
الشيخ: تقتله و تكون معه في النار؟
السائل: لا , ما كان قصدي أن أقتله في الأصل.
الشيخ: إذا هلا فهمت الحديث أراد أن يقتل صاحبه بغير حق , هو أراد أن يقتلك كان يريد يأخذ مالك أنت أردت قتله دفاعا عن مالك فأنت في قتلك إياه بحق و هو في محاولته قتله إياك بباطل بغير حق صح؟ فإنما كنت أنت و لو قتله بحق قتله في النار صح؟
السائل: أيوة.
الشيخ: إذا ما بال المقتول؟ قال أراد أن يقتل صاحبه بحق أو بغير حق؟
السائل: بغير حقّ
الشيخ: ... .
السائل: أنا فهمت هذا ... .
الشيخ: أن يقتل صاحبه بحق أم بغير حق؟
السائل: الأول الذي راح يقتل كان يغير حق.
الشيخ: و الثاني هذا؟
السائل: كان بحق من أجل أن يدافع عن نفسه.
الشيخ: ليس في هذه الصورة؟
السائل: كلهم بغير الحق طبعا.
الشيخ: أخي عندنا تعرض لها الحديث عندنا صورة ثانية أنا تحدثت معك من أجل أفهمك للحديث , صورة الحديث القاتل و المقتول في النار لأن كل من القاتل و المقتول أراد أن يقتل صاحبه بغير حق أما الصورة التي مثلت لك إياها من أجل أن تفهم أنت لما قتلت الباغي عليك يريد أن يأخذ مالك أنت قتلته بحق موش بغير حق فأنت لا تحشر معه لا تعذب معه في النار , فصورتنا غير تلك الصورة المهم الحديث الآن عرفنا أن معناه أراد أن يقتل صاحبه بغير حق و ذاك القاتل قتل هذا القتيل بغير حق صحيح؟
السائل: صحيح.
الشيخ: فكل من القاتل و المقتول يلتقي مع صاحبه في النار بسبب أن كلا منهم أراد أن يقتل الآخر بغير حق كويس؟ الآن يسهل علينا جدا أن نفهم إذا جواب السؤال أو بقية السؤال و هو القتال بين عائشة و علي مثلا بل و القتال بين علي و معاوية ... الشيعة! الآن تعتقد أن عليا قاتل عائشة بباطل أو بحق؟ يعني من حيث إرادته بغض النظر هو أصاب أم أخطأ بعد ذلك ما ندخل فيه الآن الأمر راجع إلى الله صح أم لا؟
السائل: نعم.
الشيخ: ماذا تتصور في المسلم يريد أن يقتل صاحبه بحق أو بغير حق؟
السائل: بحق.
الشيخ: بحق بناء على القاعدة علي لما قاتل عائشة بحق أو بغير حق من حيث قصده مو من حيث الصواب و الخطأ يعني أي إمام من أئمة المسلمين يفتي بفتوى أو يشرع المسألة يقصد الحق أو يقصد الباطل؟ لكنه هو في النتيجة قد يكون مخطئا و قد يكون مصيبا صح أو لا؟
السائل: نعم.
الشيخ: الآن السؤال يعكس عائشة لما قاتلت عليا أرادت أن تقاتل عليا تقتله بغير حق أو بحق؟
السائل: لا شك بحق.
الشيخ: كويس إذا ثبت لك أن لا علاقة للحديث بهذه القصة هذه والحمد لله رب العالمين وكفى الله المؤمنين القتال! كويس.
السائل: كويس.
الشيخ: فيه عنده شيء غيره؟

(180/5)


«
هل حديث (أفطر عندكم الصائمون) خاص بالصائم؟»
السائل: الحديث الذي فيه أكل طعامكم الأبرار أن هذا قيد في الصائم ... .
الشيخ: ... أفطر عندكم الصائمون ... أفطر هذا مع الأسف ... هذا في فعلنا نحن العرب بلغة العرب و قول الداعي أفطر عندكم الصائمون لا يعني فعلا هم كانوا مفطرين أو كانوا صائمين فأفطروا! و إنما يعني إن شاء الله يفطر عندكم الصائمون لأنه ما يدريه أنه صلت عليهم الملائكة هذا أمر غيب ... مسلم أن يقول لصاحب الدار التي أكل عندها صلت عليكم الملائكة إخبارا يجوز؟
السائل: ... .
الشيخ: لكن هذا دعاء كما يقول القائل منا رحم الله فلان ... الله رحمه أو ... لكن هذا من باب الدعاء هذا أسلوب عربي معروف لذلك فهذا دعاء و ليس بالإنشاء ليس فيه إخبار أكل طعامكم الأبرار إن شاء الله و أفطر عندكم الصائمون إن شاء الله و صلت عليكم الملائكة إن شاء الله هذا معناه ... يعني شايف حالنا ... .
الحضور: يضحكون
الشيخ: ليس بالأمر المهم ذلك لأن ... .

(180/6)


«
سؤال حول القبلة في الصلاة غير واضح وكذا جوابه غير واضح
السائل: ... بعد الصلاة؟
الشيخ: بعد الصلاة.
السائل: ... بعد الصلاة ... .
الشيخ: يعني سؤال؟
السائل: ... .
الشيخ: الجواب لقد ثبت لدي بعد لَأيٍ أن ... أذهب إلى تضعيف هذه الزيادة المتن ... .

(180/7)


«
قلتم في بعض كلامكم ( .... فالمسلمون آثمون جميعا إن لم يحرروا فلسطين) فما معنى ذلك؟»
السائل: ... فلسطين فالمسلمون جميعا آثمون حتى يخرجوهم منها فما معنى قولكم أن المسلمين جميعا آثمين و جزاكم الله خيرا؟
الشيخ: هذا السؤال يذكرني بقول أحد الأدباء المعاصرين أن من أصعب الأمور التحدث عن الأمور البدهية فقولنا هناك هو قول علماء المسلمين جميعا أن بلاد المسلمين إذا احتلها بعض الكافرين وجب على المسلمين أن ينفروا جميعا و أشتاتا ليطردوا هذا المسيطر الكافر من تلك البلاد الإسلامية فإن لم يفعلوا فهم آثمون بلا شك فإنهم تركوا واجبا من الواجبات الآن السؤال ما معنى هذا الكلام أنا أظن أن السائل يسأل عن شيء خلاف ما يفهم من سؤاله و لذلك فأنا أرجوا توضيح السؤال الإثم لازم من ترك أي واجب هذا أمر معروف لدى جميع العلماء فإذا ما ترك واجب إخراج الكفار من بعض البلاد الإسلامية التي احتلوها إذا أخل بهذا الواجب فقد أثم هؤلاء الذين لا يسعون لإخراج ذلك الكافر فالسؤال إذا ما هو بالضبط؟
السائل: يقول قلتم فضيلة الشيخ في مختصر الطحاوية عندما تكلمتم عن الجهاد و الجهاد قسمان الأول فرض عين و هو صد العدو المهاجم لبعض بلاد المسلمين كاليهود الذي احتلوا فلسطين فالمسلمون جميعا آثمون حتى يخرجوهم منها فما معنى قولكم أن المسلمين جميعا آثمين فقط؟
الشيخ: أنا أقول لهذا السؤال سؤال واضح لكن السؤال ما يحدد النقطة هل يسأل ما معنى آثمون كل أحد يفهم ما معنى آثمون هل يسأل ما هو الجهاد العيني أو الجهاد الكفائي ما هو السؤال بالضبط و إلا إعادة السؤال ما فيها فائدة!
السائل: الله أعلم.
الشيخ: على كل حال إذا كان السائل موجودا.
السائل: غير موجود.
الشيخ: يوضح سؤاله و إن كان غير موجود فنظرة إلى ميسرة و انتقل إلى السؤال الذي يليه بعده؟ أو بعبارة أخرى هل أنت تفهم ماذا يقصد من السؤال أو أي شخص آخر؟

(180/8)


«
كأن السائل يقصد بسؤاله: هل يفهم من كلامكم أنه يجب على المسلمبن الهب إلى مساعدتهم لإخراج اليهود؟»
السائل: والله أعلم يا شيخ كأنه يقصد المسملون جميعا آثمون حتى يخرجوهم منها يعني هل و الله أعلم يذهب المسلمون الآن جميعا لقتالهم وإذا لم يقاتلوهم فمعنى ذلك أنهم جميعا آثمون؟
الشيخ: كويس هذا فيه بعض الشيء معنى ذلك أن الإثم لحقهم ما لهم يستعدوا لإخراج هؤلاء الكفار من بلاد المسلمين و معنى هذا يجب عليهم أن يبادروا إلى اتخاذ الإسباب التي تمكنهم من القيام بهذا الواجب فإن لم يفعلوا فهم آثمون فربنا عز و جل يأمرنا بأن نستعد لقتال الكفار ((و أعدوا لهم ما استطعتم من قوة ... )) إلى آخر الآية و بالإستعداد هذا يمكن إخراج اليهود فما زال المسلمون راضون ببقاء هؤلاء الكفار فهم آثمون بلا شك و نحن ضربنا مثلا باليهود لأنه أقرب مثال يحضر للمسلمين في هذا الزمان و لكن نحن نعلم جمعا أن هناك بلاد إسلامية قد احتلت من السوفيات و من غيرهم منذ خمسين سنة فماذا فعل المسلمون في سبيل القيام بهذا الواجب؟ لم يفعلوا شيئا بلا شك أنهم آثمون لقد ظلت هذه البلاد في أيدي الكفار ثم توسع الكفار في استحلال بلاد إسلامية أخرى كفلسطين مثلا و لم يقف الأمر هنا فآخر ما وقع احتلوا الأفغان فإذًا المقصود من هذا تنبيه لمسلمين جميعا إلى أنهم مقصرون و آثمون حيث يدعون الكفار يحتلون بلادهم بلدة بعد أخرى هذا واضح يعني في هذا البيان!

(180/9)


«
هل فعل ابن عمر موافق للسنة في أخذ ما زاد عن القبضة من اللحية أم هو اجتهاده وهل الأخذ به جائز؟»
السائل: يقول شيخ في السؤال الثاني؟
الشيخ: نعم.
السائل: هل فعل ابن عمر رضي الله عنه موافق للسنة في أخذه من لحيته ما زاد عن القبضة أم أن هذا اجتهاده الخاص و ما حكم الأخذ ما زاد عن القبضة؟
الشيخ: نعم ,لم يرد هناك سنة عملية عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم في موضوع الأخذ من اللحية أو عدم أخذها و ليس عندنا إلا أمرين اثنين أوشيئين اثنين الشيء الأول هو أمره صلى الله عليه و سلم بإعفاء اللحية و الشيء الآخر هو ما ثبت عن ابن عمر رضي الله عنه و هو أحد رواة حديث الأمر بإعفاء اللحية و فعل ابن عمر هذا ينظر إليه من بعض العلماء على أنه ليس اجتهادا منه و إنما هو تطبيق لما رآه من الرسول صلى الله عليه و سلم فعلا , إنما يقال إن هذا اجتهاد من ابن عمر فيما لو كان يفسر الحديث و هو عن الحديث يتحدث عن أمر فكري من الأحكام الشرعية ليس يتحدث عن أمر واقعي كان يراه هو بعينه طيلة حياته التي صحب فيها رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم , و بمعنى أوضح إن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان يرى رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم كلما جالسه يراه و لحيته إما قد تركها عليه الصلاة و السلام على سجيتها و على طبيعتها لم يأخذ منها شيئا وإما أن يكون قد رآه أخذ منها شيئا فلو فرضنا الأمر الأول أي أنه رأى النبي صلى الله عليه و آله و سلم لم يأخذ من لحيته فما يكون لابن عمر أن يخالف سنة النبي صلى الله عليه و آله و سلم و هو يراه عليه الصلاة و السلام بعينه لا رواية و نقلا عن غيره و إنما هو بعينه يراها لم يأخذ منها شيئا فيكون في ذلك قد خالف سنة شهدها بنفسه , و هذا أبعد ما يكون عن مثل ابن عمر رضي الله تعالى عنه الذي عُرف عند العلماء جميعا بأنه كان من أحرص إن لم نقل إنه كان أحرص الصحابة بالاقتداء بسنة النبي صلى الله عليه و آله و سلم حتى في أمور قد خولف فيها من بعضم بما يدل عن مبالغته في اتباعه للنبي صلى الله عليه و آله و سلم حتى في الأمور العادية , حتى في الأمور التي لا يظهر فيها وجه للتعبد بها و معلوم أنه رضي الله عنه رؤي مرة يقصد مكانا يتبول فيه فقيل له في ذلك فقال رأيت رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يبول في هذا المكان فقد وصل به الأمر إلى الاقتداء بالرسول صلى الله عليه و آله و سلم حتى في مثل هذه المسألة التي لا يبدو فيها أن النبي صلى الله عليه و آله و سلم قصد ذلك المكان أو قصد ذلك المكان بالتبول قصدا بل الظاهر أنه وقع له ذلك اتفاقا مع مثل هذا فقد كان ابن عمر يسعى إلى اتباع الرسول عليه الصلاة و السلام في مثل هذا الفعل , و هذا كما يذكر شيخ الإسلام ابن تيمية خلاف المعروف عن أبيه عمر رضي الله عنه الذي كان ينهى عن اتباع آثار النبي صلى الله عليه و آله وسلم كما روى ابن أبي شيبة في مصنفه بإسناده الصحيح أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خرج في بعض سني خلافة حاجا و نزل منزلا من تلك المنازل فرأى بعض الناس ييممون طريقا يأخذونه و يسلكونه فسأل إلى أين يذهب هؤلاء فقيل له بأنهم يقصدون أماكن كان قد صلى فيها رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم فخطب عمر في الناس و قال " يا أيها الناس من أدركته منكم الصلاة في شيء من هذه المواطن فليصل و من لا فلا يتتبعها فإنما أهلك الذين من قبلكم اتباعهم آثار أنبيائهم " فهذا التتبع نهى عنه عمر , ابنه عبد الله كان يرى أن هذا التتبع هو من السنة أو من الأمور المستحبة التي يؤجر عليها صاحبها الشاهد من هذا هو أنه من البعيد جدا جدا أن ابن عمر يرى الرسول عليه السلام لا يأخذ من لحيته مطلقا ثم هو يصر على مخالفة الرسول عليه السلام في هذه السنة لا سيما و هناك نص عام (أعفوا اللحى ... ) فكيف يخالف ابن عمر هذا النص العام لو لا أنه رأى الرسول صلى الله عليه و آله و سلم قد بيّن بفعله أن هذا العموم غير مراد لذلك في مثل هذا الأمر يقول أهل العلم إن الراوي أدرى بمرويه من غيره فابن عمر رضي الله عنه هو قد روى لنا هذا الحديث (و أعفوا اللحى) فهو إذا إما أن يكون هذا لأمر على إطلاقه و شموله و إما أن يكون قد تولى الرسول صلى الله عليه و آله و سلم بيانه بفعله و عمله و هذا ما جرى عليه ابن عمر , و قد ثبت عن ابن عمر في الموطأ أنه كان يأخذ من لحيته ما دون القبضة و ذلك ليس فقط في الحج و العمرة بل و في غير ذلك من الأوقات فإذا خلاصة القول نعتبر أن العلماء الذين ذهبوا إلى تحديد إعفاء اللحية بالقبضة نظروا إلى فعل ابن عمر أنه فعل ينقل إلينا ما شاهد الرسول عليه السلام عليه لأنه و قد عرفنا أنه من أحرص الناس على اتباعه صلى الله عليه و سلم في أفعاله يبعد كل البعد أن يرى الرسول عليه السلام لم يأخذ من لحيته ثم هو يخالفه إلى خلاف ذلك غيره.

(180/10)


«
ما معنى الذهب المسور أو المحلق؟»
السائل: يقول السائل هنا ما معنى الذهب المسور كلمة المسور أو المحلق؟
الشيخ: الذهب المحلق هو الذي يحيط بالعضو و أمثلته منصوصة في الحديث الصحيح (من أحب أن يطوق حبيبه بطوق من نار فليطوقه بطوق من ذهب و من أحب أن يسور حبيبه بسوار من نار فليسوره بسوار من ذهب و من أحب أن يحلق حبيبه بحلقة من نار فليحلقه بحلقة من ذهب) هذا هو الذهب المحلق و عكسه الذهب المقطع الذي لا يحيط بالعنق الأزار و الوردة الشكلة الجميلة و نحو ذلك مما تتخذه بعض النساء و تفصيل هذا الإجمال يراه السائل فيكتابي آداب الزفاف في السنة المطهرة.

(180/11)


«
بعد تعميم نظام الاختلاط في الجامعات في البلاد الاسلامية أصبح الشاب مبتلى في هذه الجامعات ولا يستطيع التغيير فما السبيل للشاب حينئذ؟»
السائل: بعد تعميم نظام الاختلاط في الجامعات في البلاد الإسلامية أصبح الشاب من أن تقع عينه على الكاسيات العاريات سواء في ساحة الجامعة أو قاعة الدرس ثم إنه لا يستطيع الإنكار على بعض الفسقة من الشباب و الشابات الذين يختلون في الزوايا أو الجلوس في الكفتيريا و غيره فهل يأثم الشاب المسلم و هو معرض للفتنة و الوقوع فيها هل يأثم بدخول الجامعة أم لا شيء عليه؟
الشيخ: الذي أراه في هذه المسألة التي ابتلي بها الشباب المسلم اليوم أننا يجب أن نرجع فيها إلى القواعد العلمية الإسلامية و معلوم أن طلب العلم لاسيما العلم العصري و ليس الشرعي هو أحسن ما يقال فيه أنه جائز أو مستحب أو فرض كفائي و ليس فرض عيني و حينئذ فإذا كان المسلم يريد أن يعرض نفسه لارتكاب معصية ما كمعصية الاختلاط أو مشاهدة المنكرات و هو في غنى عن حضورها إذا كان لا بد أنه سيتعرض لشيء من مثل هذه المخالفات الشرعية في سبيل الحصول على علم كما قلنا إنه إما مستحب أو فرض كفاية فهذا مما لا يجوز في اعتقادي و على الشباب المسلم أن يسعى كما يسعى بعض إخواننا فيما يبلغنا هناك في الكويت أن يحولوا بين هذا الاختلاط و أن يسلكوا بالدولة الحاكمة إلى أن يعملوا لتطبيق النظام الإسلامي حتى في تحصيل العلوم فينبغي على الشباب المسلم أن لا يتورط ليحصل علما ليس بفرض عين مقابل أنه يقع في معصية من المعاصي التي أشير إليها في السؤال , و ما مثل ذلك إلا كالمثل العربي القديم يقال " مثل فلان كمثل من يبني قصرا و يهدم مصرا " نعم.

(180/12)


«
نحن مطالبون بالجهاد فكيف السبيل للجهاد في الوقت الحاضر وهل يجب إذن الوالدين في ذلك؟»
السائل: يقول السائل هنا نحن مطالبون بالجهاد فكيف السيبل للجهاد في الوقت الحاضر و هل يجب أخذ رأي الوالدين في الجهاد أو لا؟
الشيخ: هذه مشكلة العالم الإسلامي اليوم السبيل إلى الجهاد هو أن نجاهد أنفسنا و أهواءنا الكثيرة في العصر الحاضر و من ذلك أن نضع نصب أعيننا أن نستعد الاستعداد المادي الكافي لتحقيق المجتمع الإسلامي و إقامة الدولة المسلمة لكن المشكلة هي من أين نبدأ؟
إن كثيرا من الجماعات الإسلامية اليوم كلها تنشد أمرا واحدا كلها تريد أن تحقق المجتمع الإسلامي و أن تقيم الدولة المسلمة و لكن ما السبيل إلى ذلك؟ لا شك أن السبيل هو تطبيق الشرع الإسلامي و ذلك معروف في عديد من الآيات القرآنية حتى التي أصبحت معلومة عند الأطفال الصغار كمثل قوله تعالى ((إن تنصروا الله ينصركم)) فما معنى نصر الله؟ كذلك هذا المعنى واضح جلي حتى عند المبتدئين في طلب العلم نصر الله هو القيام بما فرض الله عز و جل على كل مسلم فهل المسلمون اليوم هناك على الأقل جماعة هل هناك جماعة مسلمة تكاتفت و تعاونت على قبل كل شيء فهم الإسلام فهما صحيحا ثم على تطبيق الإسلام تطبيقا عمليا قد يوجد أفراد من هذا النوع أما جماعة تعاهدت على أن تفهم الإسلام فهما صحيحا و أن تطبقه تطبيقا عمليا فهذا مع الأسف لما يوجد و عسى أن يوجد قريبا.
و هذه الكلمة في الواقع فهم الإسلام فهما صحيحا تحتاج إلى شرح و بيان طويل لأنني أعتقد أن نطقة الإنطلاق لتحقيق الغاية المنشودة عند جميع المسلمين أفرادا و جماعات تبتدئ من فهم الإسلام فهما صحيحا ثم تطبيقه أو قرن ذلك بالعمل و لعل الكثيرين منكم قد سمع قول النبي صلى الله عليه و آله و سلم (إذا تبايعتم بالعينة و أخذتم أذناب البقر و رضيتم بالرزع و تركتم الجهاد في سبيل الله سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم) في هذا الحديث الذي أفهمه أن النبي صلى الله عليه و آله و سلم قد وصف فيه الداء و الدواء وصف فيه المرض و العلاج , و في سبيل وصف المرض ضرب بعض الأمثلة فقال عليه الصلاة و السلام (إذا تبايعتم بالعينة ... ).

(180/13)


«
شرح الشيخ لحديث العينة
الشيخ: هذا مثال من تلك الأمثلة و لعل الحاضرين جميعا يعلمون ما هو بيع العينة و هو بيع من البيوع الربوية و هو مما ابتليت به بعض البلاد الإسلامية اليوم و الرسول عليه السلام يقول في صريح هذا الحديث (إذا تبايعتم بالعينة سلط الله عليكم ذلا) أي بسبب مخالفة الله عز و جل في بعض ما شرع فذلك مما يحق على المخالفين أن يسلط الله عليهم ذلا، لقد ذكر على سبيل المثال ما يحقق مرض المسلمين بيع العينة أقول هذا ذكره على سبيل المثال و ليس على سبيل التحديد و هو مثال لكثير من الأحكام التي يستحلها بعض الناس بطريق التأويل أو بطريق الاحتيال فبيع العينة يسمونه بيعا و قد يستدل على ذلك بعضهم بقوله تعالى ((و أحل الله البيع و حرم الربا)) و يقولون لماذا؟ تمنعون من بيع العينة و هذا بيع يشمله نص الآية الكريمة فنقول إن الله عز و جل قد خاطب نبيه صلى الله عليه و آله و سلم في جملة ما خاطبه به فقال ((و أنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم)) فالبيع الذي ذكر في الآية السابقة يجب أن يؤخذ بيانه من سنة الرسول عليه السلام و أقواله و إذ هو قد منه بيع العينة فلا يجوز أن ندخل هذا النوع من البيع في عموم قوله تعالى ((وأحل الله البيع)).
بيع العينة هو صورة من التبايع يلجأ إليها المحتاج إلى استقراض كمية من المال و هو يعلم بسبب فساد المجتمع أن المسلمين اليوم ليس بينهم تلك الرابطة القوية الإيمانية التي تحمل بعضهم أن يواسي أخاه الفقير أو المحتاج فقد ارتفع اليوم من بين المسلمين القرض الحسن القرض لله عز و جل و لذلك بلاء الافتنان بحب المال و جمعه حتى الفقراء , حتى الضعفاء ماديا فيلجؤون إلى استقراض المال بطريق غير مشروع من ذلك بيع العينة و بيع العينة أن يأتي الرجل المحتاج إلى قرض المال إلى تاجر كبير و نفترض هذا التاجر تاجر سيارات مثلا أو تاجر رز أو سكر أو ما شابه ذلك فيطلب من التاجر أن يشتري منه سيارة و يتفقان على سعر التقسيط الذي هو أكثر من سعر النقد فيشتري السيارة مثلا بعشرين ألف دينار و ثمنها نقدا بسبعة عشر أو ثمانية عشر ألفا فيسجل عليه في الدفتر في الحتساب عشرون ألفا ثمن هذه السيارة و الحقيقة أن الذي جاء ليشتري السيارة ليس له حاجة في السيارة هو يريد أن يأخذ مالا فكيف يحصل على المال بعد أن اشترى السيارة بعشرين ألفا تقسيطا يعود هذا الشاري بالبيع لهذه السيارة على البائع على التاجر نفسه فيبعها منه بأقل ما اشترى لكن هو يبيع نقدا و قد اشترى نسيئة أي بيع التقسيط يتفقان مثلا أن يسلمه ثمانية عشر ألفا فيأخذها و ينطلق بها و قد سجل عليه عشرون ألفا فهذا هو عين الربا و لكن أدخل البيع كوسيلة لاستحلال ما حرم الله تبارك و تعالى فحذر الرسول صلى الله عليه و سلم أمته من هذا البيع الذي فيه الاحتيال على ما حرم الله عز و جل من الربا قلت و هذا مثل و لم يذكر الرسول عليه السلام على سبيل التحديد و إنما على سبيل التمثيل لبعض الأحكام التي يسلكها بعض الناس للاحتيال على أحكام الله عز و جل.

(180/14)


«
كلام الشيخ عن بعض من يحتال على الشرع بتجويز نكاح التحليل
الشيخ: من ذلك مثلا أن كثيرا من المشايخ حتى اليوم لا يزالون يفتون بما يعرف عند الفقهاء بنكاح التحليل مع قول الرسول صلوات الله و سلامه عليه (لعن الله المحلل و المحلل له) كيف يستبيحون هذا النكاح و الرسول صلى الله عليه و سلم قد لعن المحلل و المحلل له؟ يقولون إن شروط النكاح أركان النكاح توفرت الزوج و هو المحلل هنا راض و المحلل له و هو الرجل المطلق و المطلقة أيضا راضية بكل هذه العملية الشكلية ثم لا ينظرون إلى أن المقصود بذلك استعجال ما حرم الله من الرجوع إلى زوجها الأول بالآية الكريمة المعروفة ((الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره)) هذا الزوج الذي يحلل للزوج الأول المطلق ليس زوجا شرعا لكن بعض الناس يسمونه زوجا أما رسولنا صلوات الله و سلامه عليه فهو قد سماه بالتيس المستعار و هذا معنى جميل يليق به لأنه الحقيقة ... .

(180/15)


«
خطبة الحاجة»
الشيخ: نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسول ((يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون)) ((يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا)) ((يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما)) أما بعد:
فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
قال المؤلف رحمه الله الترغيب في عيادة المرضى وتأكيدها والترغيب في دعاء المريض فالحديث الأول.

(181/1)


«
شرح الشيخ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه " حق المسلم على المسلم خمس ... "»
الشيخ: وهو من الأحاديث الصحيحة قال عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال (حق المسلم على المسلم خمس رد السّلام وعيادة المريض واتباع الجنائز وإجابة الدعوة وتشميت العاطس) رواه البخاري ومسلم وأبو داود ابن ماجه وفي رواية لمسلم (حق المسلم على المسلم ست) قيل وما هن يا رسول الله؟ قال (إذا لقيته فسلم عليه وإذا دعاك فأجبه وإذا استنصحك فانصح له وإذا عطس فحمد الله فشمّته وإذا مرض فعده وإذا مات فاتبعه) و رواه الترمذي والنسائي بنحو هذا.
إذا في مجال للتراص فافعلوا جزاكم الله خيرا, وسعوا على إخوانكم.
عدنا ما عندكم استطاعة ال ...
يقول الرسول صلوات الله وسلامه عليه حق المسلم على المسلم خمس, الحق ... هو الشيء التالي الذي لا يقبل التردد فيه وهو من الناحية الشرعية لفظ يدخل فيه ما كان فرضا وما كان سنّة وما كان ندبا كل ذلك حق ثابت شرعا فإذا جاء في حديث ما كهذا الحديث أن من حق المسلم على المسلم أن يرد عليه السلام أو كما في الرواية الأخرى (إذا لقيه أن يسلم عليه ... ) , فهذا وحده أي لفظ رد السلام وإلقاءه لأنه حق لا يدل دلالة قاطعة على أن هذا الحق هو حق, وإنما إذا أردنا أن نحكم بأن هذا الشيء المنصوص على أنه حق شرعا, إذا أردنا أن نحكم عليه بأنه فرض وأن التارك له يأثم ويعذب فلا بد له من دليل خاص, أما مجرد كونه حق فهذا لا يدل على الفرضية لأنه كما ذكرنا معنى الحق هو الشيء الثابت بأي وجه من وجوه الثبوت سواء على معنى الفرضية أو على معنى السنّيّة أو على معنى الندبية ولذلك فهذه الأمور يعني التي ... في هذا الحديث سواء في روايته الأولى رواية ... أو الأخرى رواية مسلم فهذه من حيث أحكامها مختلفة فمنه ما هو سنة مؤكدة ومنه ما هو فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن الباقين ومنه ما هو فرض عين ولكل مسألة من المسائل لا بد من بحثها علميا لنعطي لها الحكم اللائق بها من فرض أو سنة أو ندب فهنا نسمع الحديث يقول (حق المسلم على المسلم خمس رد السلام).

(181/2)


«
ذكر الشيخ حكم رد السلام على المسلم
الشيخ: فرد السلام ما حكمه, رد السلام أمر واجب لأن الله عز وجل أمر به في القرآن في الآية المعروفة لدينا جميعا حين قال ((وإذا حيّيتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها)) فهذا النص القرآني أفاد وجوب رد السلام من جهة بعينه وأفاد استحباب الزيادة في الجواب بقوله ((فحيوا بأحسن منها)) ((أو ردوها)) أي على الأقل وهذا هو الواجب أما في الرواية الأخرى فقد جاء مقام الرد في السلام (وإذا لقيته أو إذا لقيه فيسلم عليه) فما حكم.

(181/3)


«
ذكر الشيخ حكم ابتداء المسلم بالسلام
الشيخ: إلقاء السلام؟ هل هو كرد السلام؟ لا شك أن رد السلام كما تظافرت على ذلك الأدلة أقوى في حكم الشرع من إلقاء الشرع, لأن رد السلام لا بد بهذا النص القرآني ولأن الحديث الذي جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم صحيحا (أبخل الناس من يبخل بالسلام) أول ما يظهر ويتبادر إلى الذهن من هذا البخل هو رده للسلام الذي ألقي عليه من أخيه المسلم, أما الابتداء بالسلام فهو بلا شك سنة هذا على أقل الأقوال, والأرجح.- لم يبق مجال يا أخ ف ... -
فالأرجح أن إلقاء السلام هو أيضا واجب ولكن في حدود الاستطاعة لأن الحديث يقول إذا لقيته فسلم عليه لو أردنا, نتصور رجلا خرج من بيته فكلما لقي مسلما يلقي عليه السلام لوقع في الحرج, لا يمكن هذا والحرج مرفوع بنص القرآن ولذلك فالأولى فيما وصل إليه بحثي وعلمي أن يقال أن إلقاء السلام أيضا واجب ولكن في حدود ال ... والممكن والذي لا يقترن به حرج.
هذا فرد السلام وإلقاء السلام حق من حق المسلم على أخيه المسلم, سمعتم في الحديث (من المسلم على المسلم) فهذا قيد خرج به أنه.

(181/4)


«
بيان الشيخ حكم إلقاء السلام على الكافر
الشيخ: لا يجب على المسلم أن يلقي السلام المسلم أو بعبارة, بعبارة أخرى السلام الإسلامي, لا يجب عليه أن يلقيه على غير مسلم بل هذا بمفهوم هذا القيد (المسلم على المسلم) أو (حق المسلم على المسلم) ... الصفة لكن هناك حديث صريح يؤكد هذا الحكم المفهوم من هذا الوصف لهذا الحديث الصحيح ألا وهو قوله عليه الصلاة والسلام (لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام وإذا لقيتموهم فاضطروهم إلى أضيق الطرق) هذا حديث في الصحيحين وهناك حديث أخر أن النبي صلى الله عليه وأله وسلم قال ما معناه (إنا ذاهبون إلى يهود فما تبدؤوهم بالسلام وإذا سلم أحدهم عليكم فقولوا وعليكم) , الشاهد أن هذا الحكم من حق المسلم على المسلم أن يبادره بالسّلام وليس هذا من أدب المسلم مع الكافر ولذلك فيخطئ كثير من الناس حينما يلتقون مع رجل ليس منهم, ليس مسلم فيسلم عليه السلام الإسلامي فيخالف بذلك الحديثين السابقين.

(181/5)


«
ذكر الشيخ حكم تحية الكافر بغير تحية الإسلام
الشيخ: ولا بأس بطبيعة الحال تحيتهم بمثل تحيتهم سلام لا طائل تحته, صباح الخير مساء الخير مثلا أما أن يقال له السلام عليكم فهذا أمر خاص من المسلم للمسلم, كيف لا؟ والسلام كما قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح, (السلام اسم من أسماء الله وضعه في الأرض فأفشوه بينكم) فحينما يقول المسلم لأخي المسلم السلام عليكم فبهذا النص الصريح من الحديث الصحيح معناه كما تقول العامة اليوم اسم الله عليك أي إنك محاط بالله عز وجل بعنايته وحفظه فمثل هذا الدعاء إنما يستحقه من آمن بالإسلام الذي جاء بالسلام فهذا كله نأخذه من قوله عليه السلام (حق المسلم على المسلم رد السلام) ثم هذا الرد وكذلك الإلقاء له أحكام ذكرها العلماء في شرح هذا الحديث من ذلك.

(181/6)


«
بيان الشيخ حكم رد السلام في حق الجماعة
الشيخ: أنه إذا ألقى مسلم السلام على جماعة من المسلمين فرد أحد هؤلاء الجماعة فقد سقط عن الباقين, ليس من الواجب على كل فرد من هذه الجماعة التي سلم عليها ذلك المسلم أن يرد كلٌ منهم, لا شك أن رد كل منهم هو الأفضل إن أرادوا خيرا لأن قول المسلم السلام عليكم كما جاء في الحديث الصحيح عشر حسنات تكتب له وإذا قال السلام عليكم ورحمة الله فعشرون وإذا قال وزاد وبركاته فثلاثون فأنت إن رددت ولو كان المسلم فردا على جماعة وكنت منهم فقد استفدت هذه الحسنات لكن البحث هو هل يجب على كل فرد من أفراد الجماعة أن يرد سلام المسلّم الجواب لا يجب وإنما يجب على واحد منهم فهو فرض كفائي , فرض كفائي إذا قام به البعض سقط عن الباقين لكن الأفضل بالنسبة للباقين أن يردوا السلام كلهم جميعا.
وهذا يختلف عنه تشميت العاطس فإنه يجب على كل من سمع المسلم وقد عطس وأتبع ذلك بحمد الله عز وجل وجب على كل من سمع حمده أن يشمته كما سيأتي الكلام على ذلك بما, في بعض الفقرات التي في الحديث وهي تأتي صريحة في التشميت ثم إلقاء السلام بعض العلماء يضيقون فيه فيقولون مثلا مثلا لا يسلم على المصلي لا يسلم على التالي لا يسلم على الطاعم الآكل الشارب الذي يأكل ويشرب ونحو ذلك فهذه الأقوال وإن كان قالها جماعة لهم علمهم وفضلهم ولكنهم اختلفوا ولم يتفقوا فكان لنا مجال واسع لنختار مما اختلفوا فيه ما كان أقرب إلى الحق وإلى الصواب.

(181/7)


«
بيان الشيخ حكم السلام على المصلي والسنة في كيفية ردها حال الصلاة
الشيخ: فمثلا السلام على المصلّي, الذين يذهبون إلى كراهة هذا الإلقاء ليس لهم دليل منصوص عليه في السنة فضلا عن الكتاب وإنما يستدلون على ذلك بالفهم والرأي وكل ذلك معرض للخطأ بينما هناك أحاديث صحيحة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه ألقي عليه السلام وهو يصلي غيرما مرة وأنه رد السلام الملقى عليه دون أن ينكر ذلك ولا مرة فهناك مثلا في صحيح مسلم, حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أرسله لحاجة له فلما رجع جابر لقي النبي عليه السلام يصلي فألقى عليه السلام فرد عليه السلام إشارة برأسه وهناك حديث مثل هذا الحديث وفيه فائدة أخرى لا بأس من أن تسمعوها ذلك هو حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وكان من الصحابة الذين هاجروا إلى الحبشة وغاب عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما غاب من المدة فلما رجع كان أول ما لقي النبي لقيه وهو يصلي فألقى عليه السلام فما رد عليه السلام يعني لفظا وإنما أيضا إشارة برأسه, قال ابن مسعود فأخذني ما قرب وما بعد يعني أخذ ابن مسعود يفكر من قريب ومن بعيد ترى لماذا لم يردّ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم سلامه وعهده به قبل أن يغادر إلى الحبشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرد السلام في الصلاة باللفظ , كان في أول الإسلام إذا سُلّم على المصلي فرد السلام باللفظ وهو يصلي كان هذا أمرا جائزا وعلى هذا فارق ابن مسعود النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى الحبشة لذلك داخله شيء في نفسه حينما لم يقابله الرسول عليه السلام بالسلام الذي كان يعهده منه أي باللفظ فأخذ يفكر لعله أخطأ مع الرسول عليه السلام فغضب منه فلما سلم عليه الصلاة والسلام من الصلاة ولا شك أنه علم إما بفراسته عن السلام فهو بوحي ربه ما حدثت ابن مسعود نفسه فقال له مجيبا بما ساورته نفسه قال (إن الله عز وجل يحدث في أمره ما يشاء وإن مما أحدث أن لا كلام في الصلاة) فإذا المصلي سلم عليه رجل فرد عليه السلام ... فهذا رفع كان من قبل جائزا ثم رُفع حينئذ طابت نفس ابن مسعود وعرف أنه لم يكون هناك شيء يتعلق به وإنما هو ... الله عز وجل ينزّل كما تقتضيه حكمة الله عز وجل ففي هذا الحديث أيضا إقرار الرسول عليه السلام إلقاء السلام عليه وهو يصلي مع إلغائه لرد السلام من المصلي على من سلم عليه وقد كان من قبل مشروعا.
كذلك مثلا جاء في سنن أبي داود من حديث عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم زار الأنصار في قباء في مسجدهم فأخذوا يتوافدون عليه فكانوا يلقونه في الصلاة فكانوا يلقون عليه السلام فيرد السلام عليهم إشارة بيده وقد وصف أحد رواة هذا الحديث هذه الإشارة فقال جعل بطن كفه إلى الأرض وظهرها إلى السماء, عليه الصلاة والسلام وهو يصلي فيقول له الداخل عليه في المسجد السلام عليك يا رسول الله فما يكون منه إلا أن يفعل هكذا, السلام عليك يرفع يده هكذا بطن الكف إلى الأرض وظهرها إلى السماء إذًا نأخذ من هذه الأحاديث وهي بحمد الله كلها صحيحة أمرين اثنين الأول جواز إلقاء السلام على المصلي الأمر الثاني وجوب رد السلام إشارة باليد أو بالرأس وهذا أي تنويع الرسول عليه السلام الإشارة باليد أو بالرأس فيه حكمة ذلك أن الإيماء بالرأس بلا شك أوفق من حيث أنه حركة من رفع اليد هكذا المصلي حينما يسمع السلام إنسان يشعر بأنه يقوم بالإشارة بالرأس مقام الإشارة باليد يستغني بذلك لأنه الصلاة مبنية على الاطمئنان وعلى الهدوء والسكون ولذلك فلا يجوز العبث في الصلاة والإتيان فيها بحركات لم يشرعها الله عز وجل على لسان نبيه صلى الله عليه وآله وسلم وقد كان من عادة بعض الصحابة في أول الإسلام أنهم كانوا إذا خرجوا من الصلاة بالتسليم أنهم بأيديهم هكذا السلام عليكم ورحمة الله السلام عليكم ورحمة الله فقال لهم عليه الصلاة والسلام (ما لي أرى أيديكم كأنها أذناب خيل شمس) الخيل الشمس يعني ... النفران تلعب بذيلها فهو يشبه هذه الأيادي حينما ترفع بذنب الخيل حينما ترفعها وهي ... هذا معناه إنكار هذا الفعل وأكد ذلك بقوله (اسكنوا في الصلاة) لذلك فالأصل أن المصلي لا يأتي بحركة إما إلا بحاجة أو لشرع كما نحن الآن في صدده فهذا يسلم عليه وليس حولك مصلون مثلا فمجرد أن تعمل هكذا يفهم عليك انتهى الأمر, لا أنت بين جماعة لا يظهر ردك للسلام بالإيماء بالرأس فحينئذ ترفع يدك ويكون الرفع أيضا بالمقدار الذي يحقق الغاية من الرفع ألا وهو إفهام المسلِّم بأنه قد تلقى سلامه وأنه رده عليه.

(181/8)


«
ذكر الشيخ حكم السلام على قارئ القرآن
الشيخ: كذلك جاء في مسند الإمام أحمد أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم دخل على جماعة في المسجد وهم يقرؤون القرآن فسلّم عليهم فهذا أيضا دليل على جواز السلام على التالي للقرآن ولا شك أن القياس الصحيح والنظر السليم يقتضي جواز هذا السلام على التالي من باب أولى لأنه ثبت في تلك الأحاديث السلام على المصلي فمن باب أولى السلام على القارئ للقرآن لأن المصلي تال وزيادة بينما الذي ليس في الصلاة هو تال فقط فإذا جاز شرعا السلام على المصلّي وهو تال وزيادة فلأن يجوز السلام على التالي وهو غير مصلي فذلك من باب أولى, فمثل هذه المواطن لا ينبغي التردد في جواز الإلقاء والرد معا ونحن حينما نقول وندندن حول كلمة الجواز فإنما ذلك لبيان أن الرد على من يقول بعدم الجواز وإلا فالواقع أن كلا من إلقاء السلام على المصلي ومن رده داخل في عموم الحديث السابق (أفشوا السلام بينكم) السلام اسم من أسماء الله وضعه في الأرض فأفشوه بينكم فهذا من تمام الإفشاء أنك دخلت إلى مكان وجدت صاحبك يصلي فلا تتحرج أبدا من السلام عليه بل سلم عليه يعني هذا من تمام إفشاء السلام وهو لا يتحرج أيضا من رد السلام هذا إشارة برأسه أو بيده كما سمعتم.

(181/9)


«
كلمة للشيخ في الحث على إفشاء السلام
الشيخ: ومن الإفشاء بل من فوائد الإفشاء الذي لا يتصوره الإنسان إلا الإنسان المؤمن بالله ورسوله فوائده لا يمكن أن تدرك بأي علم من العلوم التي اليوم تدرس كعلم النفس أو التربية أبدا إلا علم التربية الذي جاءنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو الذي قال (والذي نفس محمد بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أفلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم) انظروا إلى هذه النتيجة التي يوصل إليها إفشاء السلام, إفشاء السلام يوجب المحبة بين المسلمين وهذه المحبة بين المسلمين توجب الإيمان وتوثق روابط الإيمان بين المسلمين وذلك يوجب في حكم الله عز وجل وفضله لهؤلاء المفشون للسلام الجنة, (والذي نفس محمد بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أفلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم) لذلك كان من تمام هذه, هذا الإفشاء أمور نحن الآن أهملناها وأعرضنا عنها لسبب أو أكثر من سبب كما يقال اليوم أهم هذه الأسباب هو جهل المسلمين بدينهم وبسنة نبيهم.
قد جاء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه أنهم كانوا إذا كانوا في سفر أو إذا كانوا في ممر, في طريق, جماعة يمشون ففرق بينهم شجر أو حجر ثم التقوا وراء ذلك بادروا بعضهم بعضا بالسلام ... فيه ماشين فرق بينهم حجر أو شجر التقوا بعد ذلك السلام عليكم, هذا لو فعلناه اليوم لنسبنا إلى الجنون أو إلى التنطع في الدين على الأقل مع أن هذا هو الدين القديم العتيق الذي حض كبار أصحاب الرسول عليه السلام الأمة أن يتمسكوا به كما قال عبد الله بن مسعود رضي الله " اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم عليكم بالأمر العتيق " عليكم بالأمر العتيق, هذا السلام هو من الأمر العتيق الذي أصبح اليوم نسيا منسيا, هذا الذي فعلوه هو بأمر من الرسول صلى الله عليه وسلم صحّ عن الرسول عليه السلام هذا المعنى أنهم إذا كان جماعة يمشون ففرق بينهم حجر أو شجر فليسلم بعضهم على بعض, هذا حديث صحيح في عمل اليوم والليلة لابن السني وغيره ومعناه موجود في الأدب المفرد للإمام البخاري, هذا من الإفشاء ومن ذلك أن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما كان يقول لمولاه لخادمه نافع هيا بنا إلى السوق وتارة يقول ذلك لغيره فيقول له ما لك وللسوق؟ أنت لست رجلا تشتري ولا تبيع لأنه كان زاهدا فيعرفون منه أنه ليس من أهل الأسواق بيعهم وشراءهم ونحو ذلك, ما لك وللسوق, قال هيا بنا نسلّم على من لقينا وهم يسلمون علينا فهو إذًا ينزل إلى السوق لا ليشتري بضاعة وإنما ليجمع حسنات تترى بسبب إلقاءه السلام على كل من لقيه وبالتالي هم أيضا سيلقون عليه السلام فيرد عليهم السلام وكما سمعتم السلام عليكم عشرة والسلام عليكم ورحمة الله عشرين السلام عليكم ورحمة الله ثلاثين على الماشي وبركاته, على الماشي عم يتسجل الحسنات لهذا الإنسان فلماذا لا يطمع إلى النزول إلى السوق لا للغاية التي ينزلها الناس جماهير الناس وإنما لهذه الغاية الإسلامية العظيمة.
كذلك من إفشاء السلام أن النبي عليه الصلاة والسلام سئل عن خير الأعمال في الإسلام قال (أن تطعم الطعام وتفشي السلام وتسلّم على من عرفت ومن لم تعرف) , (تسلم على من عرفت ولم تعرف) وهذا أيضا اليوم مع الأسف الشديد ... بين المسلمين فأحدنا لا يسلم على غيره إلا إذا كان يعرفه بشخصه وهذا قد يكون له وجه بالنسبة لبعض الناس لكن هذا الوجه هو وجه أسود ذلك لأننا أصبحنا لا نعرف المسلم من الكافر وهذا في الواقع من الفساد الذي استشرى في المجتمع الإسلامي اليوم, الإسلامي يعني بأسمائهم المسلمين ولكن عمليا أبعد ما يكون هذا المجتمع عن الإسلام لأن الإسلام لما وضع هذا النظام الإلاهي هو نظام مترابط بعضه مع بعض, كل مسألة سواء كانت صغيرة أو عظيمة مرتبطة بعضها ببعض, علاقات أخذ بعضها برقاب بعض لا انفصام لها لكن المسلمون اليوم بسبب ما ذكرنا من الأسباب ومنها الجهل عادوا يفرقون بجهلهم بين مسائل و مسائل الإسلام حتى البعض يقول دون أي تحرج إن هذه المسائل التافهة ولا تشغلوا, لا تشغلوا أنفسكم بها لا تضيعوا وقتكم عليها أو حولها وبعضهم ممكن يقول عبارة أخرى أنه هذه هي من القشور فعلينا أن نأخذ باللباب, فهذا كله من الانحراف الذي أصيب به المسلمون.

(181/10)


«
فقد الشخصية الإسلامية في المجتمع الإسلامي
الشيخ: من هذا الإنحراف أن الشخصية الإسلامية اليوم فقدت في المجتمع الإسلامي فلا يستطيع أحدنا أن يمر بمسلم لا يعرفه سابقا يسلم عليه خشية أن يكون ليس مسلما, لا سيما وقد انتشرت بعض الأزياء التي هي من عادة الكفار أو من شعائر الكفار, فكثيرا ما نجد مسلما يمشي في أزقة المسلمين وهو مثلا متبرنط فهو وضع الغطاء على رأسه ليحكم بنفسه على نفسه أنه ليس من المسلمين, أما الآخرون الجماهير من المسلمين الذين لم يحافظوا على الشخصية الإسلامية في مظهرها, هذا حدّث عنه ولا حرج, أقول لكم صراحة كنا من قبل ثلاثين سنة تقريبا ندخل المسجد فلا نجد مصليا حاسر الرأس! أما اليوم فعلى العكس من ذلك ندخل مسجدا فلا نكاد نجد مصليا حاسر الرأس, يا ترى هل جاء هذا التغاير هو بسبب أن المسلمين ارتقوا علما بالإسلام ومعرفة وعملا أم الأمر على العكس من ذلك تماما؟ أنا أقول وأقولها صريحة لعلمي بأن قلّ من أهل العلم من يصرح بهذه الحقيقة التي يجب على الشباب المسلم بصورة خاصة أن يسمعها وأن يعرفها.

(181/11)


«
إعتناء الإسلام بالباطن والظاهر وارتباط كل منهما بالأخر
الشيخ: إن الإسلام يريد من المسلمين أن يحافظوا على إسلامهم ليس فقط في قلوبهم بل وفي أبدانهم وظواهرهم أيضا لأنه لا فرق بين الأمرين, إن جمهرة الكتّاب الإسلاميين دائما وأبدا يدندنون حول حقيقة صحيحة وهي أن الإسلام لا يفرق بين الروح والجسد وأنه أعطى كلا منهما حقه, هذا كلام صحيح, ولكنهم كادوا جميعا أن يغفلوا أن الإسلام أيضا لا ينسى بأن البدن يجب أن يكون مسلما كالقلب تماما لا تفريق بينهما, وبدن ظاهره ليس مسلما لا يمكن أن يكون باطنه مسلما, والعكس بالعكس تماما لذلك جاءت أحاديث ذكرت لكم طائفة منها في مناسبات شتى تؤكد هذه الحقيقة وهي حقيقة أصبحت اليوم معروفة حتى عند الكفار أي أن القلب مرتبط بالظاهر والظاهر مرتبط بالباطن, هذه حقيقة سبق الإسلام كل هؤلاء العلماء إلى الكشف عنها وأنه من وحي السماء فلا غرابة في ذلك فمن منكم لم يسمع قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حديث النعمان بن بشير (إن الحلال بين والحرام بين) إلخ يقول في نهايته (ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب) إذًا كما هو في الطب تماما, كما أنه صلاح البدن صلاح القلب في الطب المادّي كذلك تماما في التوجيه الشرعية, صلاح البدن في أعماله الصالحة يكون بصلاح القلب والعكس بالعكس تماما على القلب, أكّد هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث آخر انقلب أيضا على المسلمين ببعدهم عن السنة بل انقلب حتى في بعض الكتب المطبوعة لبعض أهل العلم ... ألا وهو قوله عليه الصلاة والسلام (إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم ولا إلى أجسامكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالك) ينظر إلى ... الإنسان, شيء خارجي وهو الأعمال التي تصدر منه وشيء آخر داخلي ألا وهو القلب (ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم) فالانحراف الذي أصاب المسلمين في هذا الحديث بصورة خاصة أن كثيرين منهم أهدروا الفرق الثاني المنظور إليه من الله عز وجل وهو العمل ف ... الحديث مختصرا ولكن ينظر إلى قلوبكم وبس ثم فشى هذا الخطأ بين الناس فما تكاد تنصح شابا معرضا عن دينه عن صلاته عن صيامه بيقل لك يا أخي ... بالصلاة ولا بالصيام إنما ... القلب, ... بقلب صافي وإلخ ويكذب على نفسه قبل أن يكذب على الناس لأنه لا يؤمن بهذه الحقائق التي جاء بها الإسلام فهذا هو الرسول عليه السلام يقول صلاح القلب بصلاح الجسد وصلاح الجسد بصلاح القلب كما سمعتم آنفا وها هو الآن يقول (ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم) ما قال (ينظر إلى قلوبكم) فقط ولكن عطف أيضا عليها قوله (وأعمالكم) أما الخطأ الفاحش الذي وقع في بعض الكتب وهو أن هذا الحديث جاء في كتاب رياض الصالحين للإمام النووي وهو كتاب قيم جدا في بابه في عدة طبعات قد قصيرة جدا " إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم ولا إلى أجسادكم ولا إلى أعمالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم " ومن العجيب أن يطبع هذا الكتاب عدة طبعات وفيها هذا الانحراف الخطير عن نصه الصحيح المحفوظ من المصدر الذي عزي الحديث إليه في نفس الكتاب ألا وهو صحيح مسلم, الشاهد من هذا الكلام كله أن الإسلام ربط الأحكام الشرعية بعضها ببعض وبها ربط المسلمون بعضهم ببعض وبقيامهم بهذه الأحكام يتحقق المجتمع الإسلامي فلما أعرض المسلمون عن الاهتمام بالظاهر بسبب ذاك الانحراف الذي أصابهم كما ذكرنا أصبحت أنت في حرج هل تسلم على فلان, أنا ما أعرفه مسلما لأنه لم يظهر إسلامه في بدنه في جسمه في عمله في جسده.

(181/12)


«
بيان خطورة التشبه بالكفار
الشيخ: وهكذا أن تذهب الأحكام الشرعية واحدة بعد أخرى لتظهر إعراض المسلمين عن مسألة وهي عدم التشبه بالكفار, كلمة التشبه بالكفار اليوم أصبحت من الأحكام المنسوخة, لا تكاد تسمعها من واعظ من خطيب من مدرس من كتاب إلا ما ندر جدا جدا مع أنني أعتقد بكل يقين أن المجتمع الإسلامي لا سبيل إلى تحقيقه إلا بالأخذ بهذه المجموعة من الأحكام الشرعية والربط بينها ومنها أن يعتني المسلمون بالشخصية المسلمة في مظهرها ومخبرها معا.
لعلي أطلت كثيرا في التعليق على هذه المسألة ففي ذلك إن شاء الله تنبيه وذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السّمع وهو شهيد فنكتفي بهذا المقدار وفي الدرس الآتي إن شاء الله نتابع التعليق على بقية الفقرات.
السائل: أسئلة عن صحة أحاديث.

(181/13)


«
الحكم على حديث " أحبوني لثلاث لأنني عربي ... " وحديث " سبق المفردون ... " وحديث " المسلم الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم ... "»
السائل: حديث " أحبوني لثلاث لأنني عربي ولأن القرآن عربي ولأن لغة أهل الجنة عربية ".
الشيخ: هذا من الأحاديث الموضوعة التي مع الأسف تمسك بها العرب والعجم.
السائل: صحة حديث (سبق المفردون قالوا وما المفردون يا رسول الله قال الذاكرون الله كثيرا والذاكرات).
الشيخ: هذا حديث صحيح وقد رواه الإمام مسلم في صحيحه و أصيب أيضا هذا الحديث بشيء من التحريف وتنقّل التحريف حتى صار " وهم المهتجون بذكر الله " فاستغله الصوفية فأخذوا يصيحون في ذكرهم, هو اللفظ جاء بلفظ ... وهذا يعني هم الفرحون بذكر الله عز وجل ... مهملة وبين ... نعم.
السائل: حديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (قال الله لملك الموت فكيف وجدت عبدي ... قرة عينه وثمرة فؤاده قال نعم قال فما قال؟ قال حمدك واسترجع قال ابنوا له بيتا في الجنة سمّوه بيت الحمد) رواه أحمد؟
الشيخ: والله هذا الحديث موجود في الترغيب بس ... الأمر ... فلعله يراجع ونقدم الجواب في الدرس التالي.
السائل: حديث (المسلم الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم).
الشيخ: نعم هذا حديث صحيح.

(181/14)


«
ردالشيخ رحمه الله على من انتقد كتابه " صفة الصلاة
السائل: هذا سؤال لقد شاع في بعض الإخوة السلفيين ... السلام يقولون إن الأدلة إلا ما ندر وخاصة أن يصدر هذا عن شيخنا الألباني جزاه الله خيرا فيقولون إنه لا يختلف عن فكر المتأخرين من السّلف حيث يتبنون هذا الأسلوب ويقولون ... إلى الدليل فهناك الأدلة الموجودة في الكتب الأخرى هي ... ؟
الشيخ: سامح الله السائل هناك فرق كبير جدا, أولا بالنسبة للمقلدين حينما يقولون أن هناك كتب تبين الأدلة فهذا إحالة على الرأي بل على مفقود لأن تلك الكتب لا يستطيعها جماهير طلاب العلم أن يصلوا إليها ولئن وصلوا إليها فسوف لا يجدون فيها الأدلة لكل المسائل فأين هذا من مؤلف كتاب صفة الصلاة! , ألّف صفة الصلاة كله من أحاديث الرسول عليه السلام ثم لخّص هذه الأحاديث في رسالة صغيرة ليعين الناس الذين ليس عندهم ثقافة علمية ويسهل لهم الفهم لموضوع كتاب صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم فالقياس الذي قاس السائل هذا قياس مع الأسف قياس مع الفارق لأن صفة الصلاة لُخّص صفة صلاة الرسول نفسها لخصت في هذا الكتاب الصغير, لم يأت الشيخ الألباني بكلام من عنده لا يعرف قارئ صفة, تلخيص صفة الصلاة من أين جاء هذا الكلام, هذا من ناحية.
من ناحية أخرى. عامة المسلمين, أهل العلم اليوم ما عندهم رغبة إذا كان عندهم الرغبة ما عندهم الوقت هالي بيفرغهم لدراسة صحيح البخاري كما هو, حدثنا فلان قال حدثنا فلان ... بيقرأ من السند أكثر من المتن في كثير من الأحيان, ما عندهم هذا الوقت فجئنا نحن طبعا, تبعا لمن سبقنا من الأئمة كالنووي اختصر مسلما ونحو ذلك, المنذري فاختصرنا نحن صحيح البخاري حافظنا على أحاديث البخاري كما هي , فهل يقال في هذا شيء من النقص أو من المأخذة, كذلك فعلنا تماما في صفة الصلاة حذفنا التخاريج التي لا يطيقها حتى كثير من طلاب العلم إن لم نقل إيش من أهل العلم, رواه فلان وفلان وفلان ورواه فلان وفلان حذفنا كل هذه الأشياء ثم لخّصنا الأحاديث التي جاءت في الأعلى في القسم الأعلى ... الكتب الطويلة فنحنا ما جئنا بشيء من عندنا حتى ... ما قيل آنفا, نعم.

(181/15)


«
ما حكم سماع الأناشيد الدينية؟»
السائل: ما حكم سماع الأناشيد الدينية في الإسلام وهل هناك أدلة موافقة لها من السنة كما يقال مثلا إنشاد الصحابة وعلى رأسهم النبي صلى الله عليه وسلم بعض الأناشيد أثناء حفرهم الخندق.
الشيخ: حسبكم أنكم لا تجدون في الإسلام الأول هذا ... الأناشيد الدينية فأنا أتحدى أي إنسان يهوى هذه الأناشيد ويراها جائزة بل ويزيد على ذلك ويتقرب إلى الله عز وجل بإنشادها أتحداهم أن يأتونا باسم في كل هذه القرون الثلاثة المشهود لها بالخيرية القرن الأول والثاني والثالث أناشيد دينية, لا يوجد في الإسلام أناشيد دينية إطلاقا, نعم فيه أناس أشعار كانوا يقولونها في الحروب وانظروا كيف انقلبت القضية, يقول السائل أنه مثلا في حفر الخندق أو في غيره, كانوا ينشدون فنحن أي خندق نحفره وننشد إنما نحن نقيم مجتمعات بدل ما نسمع ملاهي مقتنعون ... والحمد لله بحرمتها ونسمع أصوات جميلة لكن محرمة بنطور الموضوع بنسمع أصوات جميلة بألفاظ نسميها بأناشيد دينية, لا يوجد في الإسلام أبدا أناشيد دينية ولكن يوجد مثلا الأنصار كانوا يقولون مثلا إن لم تخنني ذاكرتي, فوالله, إيش؟
سائل آخر: ... والله لولا الله
الشيخ: " والله لولا الله ما اهتدينا *** ولا تصدقنا ولا صلينا "
"
فأنزلنْ سكينة علينا ***و اهزم الأعداء لاقينا "
,
وين هذا الشعر من أناشيد دينية فيها الكفر بالله فيها الشرك فيها الاستغاثة بغير الله فيها مناداة من دون الله وهم أموات لا يستطيعون أن يفعلوا شيئا , هل يستجيبوا هذه الطلبات وهم أحياء فكيف بهم وهم أموات!! ... اسمها أناشيد دينية ثم هذه الأناشيد نسمعها تصرفهم عن تلاوة القرآن وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم (من لم يتغن بالقرآن فليس منا) فبدل أن ... القوم كما قال عليه الصلاة والسلام (وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا غشيتهم الرحمة) إلى آخر الحديث فبدل أن يستمعوا لتلاوة القرأن يقرأ أحدهم وينصت الجمهور ثم يتولى أحد علمائهم تفسير ما تلا التالي يجتمعون على مثل هذه الأناشيد التي يسمونها بالأناشيد الدينية, لا تعرف هذه الأناشيد في السلف ولا الأئمة الذين نحن نزعم أننا نتبعهم اليوم.
السائل: الفائدة قدمت لكن تكون خلع ... لأن الأطفال عم بيسمعوا الغناء فعوض ما نسمعهم الغناء هذا نسمعهم ... قد تكون على شكل خالية من القرآن, فهل يدخل من ضمن هذا الأمر؟
الشيخ: يا أخي إلي بدو يعمل الأناشيد بيكون من أهل العلم؟ أو بيكون من أهل العلم بطريقة السلف الصالح حتى يحذو حذوهم, نحن ذكرنا أنه السلف كان عندهم شيء من هذا ولكن التوسع في هذا وجعله دينا , هذا ليس من الإسلام, غيره.
السائل: ... صحيح.

(181/16)


«
هل يجوز للمصلي إذا عطس أن يحمد الله؟»
السائل: هل يجوز للمصلي إذا عطس أن يحمد الله؟
الشيخ: لا أدري , قد يمكن أن يقال بالجواز وقد لا ... .

(181/17)


«
هل هناك دليل من الكتاب والسنة على دوران الأرض؟»
السائل: سمعت أحد العلماء في السعودية ... نور على الدرب فتوى أحد ... يقول أنه لا يوجد في القرآن ولا في السنة دليلا على دوران الأرض فيستشهد بأيات قرآنية أن الأرض ثابتة وهي قرار والجبال وضعت بها حتى لا تميل أو تتزلزل, فهل هناك دليل على دوران الأرض والشمس أو لا؟
هل هناك خلاصة السؤال هل هناك دليل من الكتاب والسنة على دوران الأرض أو حركتها أو ليس هناك دليل؟
الشيخ: هذا تفصيل لا يهمني أن يكون هناك في القرآن دليل على جزء أو مسألة من مسائل علم الفلك لأن الإسلام القرآن والسنة ما جاء لتعليم الناس علم الفلك والجغرافيا والطبيعة ونحو ذلك! لكن حسبي أن أعتقد بأنه لا يوجد في القرآن ولا في السنة ما يخالف حقيقة علمية وكون الأرض كروية وأنها كوكب من كواكب التي علقها الله عز وجل بقدرته في السّماء وهو الذي يمسكنها أن تزول فهذه حقيقة علمية لا يمكن إنكارها من الناحية العلمية وبالتالي لا يتصور أن يوجد في الإسلام نص في السنة فضلا عن القرآن يخالف مثل هذه الحقيقة العلمية هكذا أقول ومع ذلك ففي القرآن ما يمكن الاستدلال به على كروية الأرض وعلى دورانها ولكن المشكلة أن الناس يغلب عليهم إلا من عصم الله وقليل ما هم التقليد سواء في التفسير أو في الفقه ثم ينضم إلى ذلك عقدة نفسية عند بعض الناس من أهل العلم تجاه هؤلاء الكفار الغربيين الذين استطاعوا بجهدهم وانكبابهم على دنياهم أن يكتشفوا أشياء لم يكن الناس عارفين بها من قبل فهذه العقدة النفسية تحملهم على المكابرة وإنكار الحقائق وأنا أعتقد وسمعت بأنه لا يزال حتى اليوم بعض الناس من لا يعتقد بأنه بعض الكفار صعدوا إلى القمر لأنهم لم يرو ذلك وإنما هي أخبار جاءت من الكفار, هذا موجود حتى اليوم وهذه العقدة النفسية قد تحمل إنسان أن يتكلف في تفسير بعض النصوص القرآنية بضد هذه الحقائق العلمية وأنا لا أجد أبدا في الشرع ما ينفي كروية الأرض ودورانها بل أجد ما يؤيد ذلك ولا سيما وقد قال بذلك بعض علمائنا السابقين كابن تيمية وغيرهم فإذا القول بهذا ليس كما يتوهم بعض الناس اليوم تقليد للكفار واغترار بهم وتصديق لهم فيما لا ينبغي التصديق وإنما هو رأي قد قال به بعض علماء الدين سابقا, نحن مثلا لو تلونا بعض الآيات من سورة يس, حينما يبدأ بذكر الأرض فيقول ((وآية لهم الأرض الميتة أحييناها وأخرجنا منها حبا فمنه يأكلون ... )) ثم يقول ((والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكلٌ في فلك يسبحون)) كل من آية الأرض والقمر والشمس في فلك يسبحون, ما يحتاج إلى تأويل وما يحتاج إلى تكلف سواء بدعم هذا الرأي أو بضربه, الآية واضحة جدا ((وكل في فلك يسبحون)) كل ما ذكر من الأرض والقمر والشمس في فلك يسبحون أما الآيات التي يستدلون بها فهي لا تدل أبدا على ما يذهبون إليه, فكون ((والأرض بعد ذلك دحاها)) مثلا ((والأرض بعد ذلك دحاها)) الدحو أولا لا يعني البسط كهذا البلور مثلا بل يعني استدارة ولكن معنى الاستدارة يعني معنى التمهيد وتوطئة هذه الأرض لسكناها ولا شك أن المسلم المؤمن بالله ورسوله حينما يعتقد أن هذه الأرض التي خلقنا الله فيها وسخرها لنا ننطلق فيها ونبحث عن رزقنا ونضرب في أطرافها وهي كروية لا شك أن هذه الآية أدل على قدرة الله عز وجل من أن نتصورها سطحا منبسطا, لا لا شك أنه مع أنها كروية مثل ما بيقولوا بعض القطعيين لو كانت كروية كنا تساقطنا من هنا ومن هنا مثلا, فعدم سقوطنا فعلا هذا دليل على قدرة الله عز وجل وحكمته في ربط ها البشر وهم قيام على وجه الأرض لا يتساقطون ولا يطيرون وإنما هم في الأرض يمشون كما خلقهم رب العالمين, الخلاصة لا ليس من الضروري أن نجد في القرآن ما يدل أو ما يؤيد رأيا علميا لأن القرآن لم ينزل لذلك ولكن ما, الحقيقة نقول يوجد في القرآن الكثير من النصوص تدل على أمور علمية بعضها لم تعرف إلا اليوم وبعضها لمّا تعرف وربما لن تعرف حتى تقوم الساعة لأن هذا علم الله عز وجل وقد قال ((ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء)) وبهذا القدر كفاية والحمد لله رب العالمين.

(181/18)


«
كلمة الشيخ العيد عباسي حول موضوع السلفية حقيقتها، تاريخها، وموقفها من الدعوات الأخرى
عيد عباسي: الموضوع الذي نتحدث فيه هو عن الدعوة السلفية, ما هي حقيقتها وما هو المراد بها؟ ولمحة عن تاريخها ثم موقفها من موقفها من الدعوات الأخرى من حيث الإجماع, وأعتذر إليكم عن عدم ... بما ... وقد كان لي اليوم بعض وقبول العذر في هذه السرعة.
الدعوة السلفية نسبة إلى السلف وفي اللغة هم القوم المتقدمون ويراد بهم في الاصطلاح أهل القرون الثلاثة الخيرة التي جاء الثناء عليها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله (خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يأتي من بعد ذلك ناس يشهدون ولا يُستشهدون ويخونون ولا يؤتمون ويفشوا فيهم الكذب) فهؤلاء بشهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل هذه القرون الثلاثة هم خير القرون ولا شك أن هديهم وطريقتهم وسيمتهم هي خير الهدي وخير السنن وخير الطرائق. ويقابل السلف الخلف وهم الذين جاؤوا بعد هذه القرون الثلاثة.

(182/1)


«
ذكر الشيخ سبب اختلاف طريقة الخلف عن طريقة السلف
عيد عباسي: ونحن نعلم أنه قد اختلف, اختلفت طريقة السلف عن الخلف في كثير من الأمور فقد ظهر بعد القرن الثالث أمور لم تكن وكان ذلك بسبب اختلاط المسلمين بغيرهم ودخول الثقافات الأجنبية على الأمة الإسلامية فقد دخلت ثقافات النصارى الذين أسلموا وكذلك اليهود واليونان والهنود والفرس بعد الفتوحات الإسلامية الهائلة وهذه الثقافات أثرت في المسلمين مع الأسف وخاصة في الذين لم يتمكن الإسلام في قلوبهم فقد انبهروا بها وحين اطّلعوا عليها وهي شيء جديد عليهم أخذوا بها وانبهروا فأخذوا يعتنون بها وأخذ بعض الأمراء والحكّام من الذين لم يفقهوا حقيقة الإسلام ولم يهتم للأمر وخطورته أخذوا يعطونهم الجوائز الكبيرة من أجل ترجمة كتب هذه الأمم الأجنبية إلى المسلمين.

(182/2)


«
ذكر الشيخ خطورة أخذ شيئ من العلوم الدينية عن الأمم الأخرى وجواز الإستفادة منهم في العلوم الدنيوية
عيد عباسي: ونحن نعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد نبّه إلى خطورة ذلك وقد حذر منها ويكفينا في الدلالة على ذلك حديث عمر رضي الله حينما كتب صحائف من التوراة فرأها عليه الصلاة والسلام فسأله عنها فقال إنها, إنه كان له صديق يهودي وإنه نسخ من, منه بعض صحائف من التوراة فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم غضبا شديدا (أمتهوكون أنتم كما توهكت اليهود والنصارى والذي نفسي بيده لو أن موسى بن عمران كان حيا لما وسعه إلا أن يتبعني) فهو عليه الصلاة والسلام يعلن أنه لا هدي إلا الهدي الذي جاء به عن ربه ولا يجوز لأحد أن يكون متّبَعا وأن يكون إماما وأن يكون قدوة وأن يكون مرضيا من الاتباع ومأخوذا عنه الهدي إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم, وهذا يشير إلى أنه لا يجوز للمسلمين أن يأخذوا دينهم ولا هدايتهم ولا إرشادهم ولا أخلاقهم ولا كل شيء من الأفكار والتصورات والقيم والسلوك عن أي أمة أخرى, وما السبب في ذلك؟ السبب أن الله عز وجل أدخل إليهم الهدى كاملا واختصهم بالفضل عاما كاملا فليسوا بحاجة إلى هدي آخر وليسوا بحاجة إلى إرشاد قوم آخرين قد أخبرهم الله عز وجل أنه أكمل لهم الدين وأتم عليهم النعمة ورضي لهم الإسلام دينا ((اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا)) فالذي يلجأ إلى غير طريق الوحي الذي جاء به محمد صلى الله عليه وآله وسلم فإنما يعتقد بطريق المفهوم أن هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم غير كاف! وأن هناك هدي آخر وخير آخر يمكن أن يلتمسه لدى الأمم الأخرى وهذا مؤداه الكفر وإن كان كثير لا يفقهونه ولا يقصدونه.
فهذا النص وحده كاف للتحذير من اللجوء إلى طرائق الدول الأخرى وهديها في أفكارها وعقائدها وأخلاقها وقيمها وبالطبع وبالطبع فإن هذا لا يشمل الأمور الدنيوية حتى يقول قائل إن الإسلام حجّر على العقول وإنه ضيق على الأفكار لأن العلوم المختلفة هي عامة ... لدى الأمم الأخرى ولا يمكن أن نهمل أو أن نفرح ما يأتي به الأجانب وغير المسلمين من تقدم علمي ومن تفوق حضاري في بعض العصور, هذا صحيح, فإن العلم الدنيوي غير خاص بالمسلمين والعقل الإنساني يعمل والأمم الأخرى تعمل وتنهض والحضارة والتقدم العلمي الدنيوي كما يقال هو متداول بين الأمم فيوم يكون من حظ هذه الأمة ويوم لتلك وهي جميعا ... تسير وتعمل وتبني هذه الحضارة المادية, في ناحية العلم لم ... ربنا سبحانه وتعالى أن نأخذ عنهم العلم الدنيوي المحض الصناعي الذي فيه مثلا علم الزراعة علم الكيمياء علم الفيزياء علم الفلك لكن بشريطة أن لا يخالف شيء من هذه العلوم ومن هذه المبتكرات ما جاءنا به الإسلام الحنيف لأن هناك في, من مبتكرات العلم ومن ... أمورا قد نجدها تخالف الإسلام فلا يجوز أن نقبلها لأن الإسلام حق لا يتطرق إليه الريب والشك أن هذه العلوم فهي إنتاج بشر وهي من ... ناس يحتمل, يحتملون الخطأ والصواب ولا يخلون من أغراض ومن أهواء فلذلك إذا اقتضى النص الشرعي الواضح الصريح القطعي لنظرية علمية أو أفكار حديثة فيجب أن تكون ثقتنا بما جاءنا عن الله ورسوله لا غير, فيجب أن نقدمه على هذه الأمور ... الآخرين.
قلت لا حرج من قبول هذه العلوم بهذا الشرط وعمدتنا في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الحديث المشهور الذي هو حديث تأبير النخل وخلاصته أن النبي صلى الله عليه وسلم لما جاء المدينة وجد وأهل المدينة يأبرون النخل فقال, سألهم عما يفعلون فقالوا شيء اعتدنا عليه فقال (لو لم أن تفعلوا لكان خيرا) فتركوه فنقصت ثمرته فاخبروا النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فيما بعد فقال (إذا جئتكم عن, إذا حدثتكم عن أمر من أمور دينكم فخذوا به وإذا حدثتكم عن أمر من أمور دنياكم فأنت أعلم بأمور دنياكم) أو كما قال عليه الصلاة والسلام.
إذًا هناك أمران أو ... أمور دينية تتضمن العقائد والأخلاق والأفكار والتصورات والقيم والثقافة والأدب فهذه يجب أن لا نقبلها إلا عن طريق ... ولا نأخذها إلا من طريق الوحي الصادق الصحيح الذي جاء به عليه الصلاة والسلام وهناك أمور دنيوية بحتة اجتماعية وعلمية فيجوز أخذها منهم بل يجب لكن بالشرط السابق أن لا نأخذ ما يخالف ما جاءنا به الوحي الصادق وعن طريق خاتم النبيين عليه الصلاة والسلام.
نرجع إلى هذه الدعوة السلفية لنقول.

(182/3)


«
رد الشيخ شبهة أن الدعوة السلفية دعوة طارئة وأن أقدم من تنتسب إليه هوشيخ الإسلام رحمه الله
عيد عباسي: قد يقول البعض إنها دعوة طارئة وجديدة وإن أقدم من تنتسب هو شيخ الإسلام ابن تيمية ثم ابن عبد الوهاب في العصر الحاضر وهذه فكرة خاطئة بل هي باطلة وإنما الدعوة السلفية هي دعوة الإسلام الصحيح نفسه, دعوة الكتاب والسنة التي جاء بها محمد صلى الله عليه وسلم وكانت خاتمة الدعوات وآخر الشرائع وخاتم الأنبياء وإنما لم تكن يطلق عليها ذلك لأنه لم يكن هناك حاجة فالمسلمون الأولون كانوا على الإسلام الصحيح فلم تكن هناك حاجة ولم يوجد باعث للقول الإسلام السلفي أو الدعوة السلفية كما يقرّب ذلك إلينا مثلا العلوم الأخرى كالعلوم العربية, كان الناس يتكلمون العربية الفصحى دون لحن ودون خطأ فلم يكن حاجة إلى وضع قواعد النحو وإلى الاصطلاح اصطلاحات النحو واللغة والبلاغة لأنها كانت معروفة سليقة وكذلك الدعوة السلفية كان الناس عليها ولم يكن هناك شذوذ ولا ... ولكنها بدأت تظهر شيئا فشيئا عندما بدأت الأفكار الأخرى تظهر للوجود وعندما بدأت هذه الثقافات الأجنبية تؤثر في المسلمين ف ... بعضهم وتزين لبعضهم أشياء تخالف الإسلام في العقائد ... حين ذلك بدأ أئمة المسلمين من صحابة وتابعين ومن بعدهم يوجهون إلى خطورة هذه الدخائل وإلى خطورة هذه المحدثات فكانت تظهر وتشتد الدعوة شيئا فشيئا كلما زادت هذه ... وكلما زادت هذه السخافات التي تؤثر في المسلمين وكان من أبرز من ميّز هذه الدعوة ووضحها بجلاء الإمام أحمد بن حنبل حيث ظهرت فتنة خلق القرآن في زمانه وأريد حمل الناس جميعا على هذه الفكرة المحدثة الباطلة فصمد ذلك الصمود المثالي ووقف ذلك الموقف الشجاع الرائع وكان معه في صفوف المسلمين في صمودهم وأرواحهم وكان أولئك المعتزلة في صف آخر مقابل لذاك فتميزت الدعوتان وظهر الأصل بين الاتجاهين اتجاه ... وأصحاب الرأي أصحاب تقديم العقل على النقل الذين لا يعتدّون بنصوص من الكتاب والسنة ولا يعتدون بمنهج السلف الصالح وبين من يجعل الأساس الكتاب والسنة ويجعل الأساس هدي السلف الصالح.
وهكذا أخذت تتميز الدعوة السلفية شيئا فشيئا كلما ازداد المسلمون بعدا عن دينهم الصافي الحقيقي وكلما أخذت الأفكار الأجنبية والثقافات الدخلية على الإسلام كلما أخذت ... وتشتد ويعمل بها, وفي زمن شيخ الإسلام بن تيمية كان ذلك قد استفحل وكانت الثقافات والانحرافات الفكرية قد تضخمت حتى صرفت أكثر المسلمين فلم يبق إلا قلة نادرة غريبة على المجتمع هم الذين بقوا يحافظون على دعوة الإسلام والسنة ويتقيدون بطريقة السلف الصالح فحينذلك ظهرت الحاجة الملحة إلى توضيح هذه الدعوة وإلى تمييزها فكانت كتابات شيخ الإسلام رحمه الله ... الدين ال ... التي ميّز بها الإسلام الصحيح الذي كان عليه الرسول ... الصالح, كانت كتبه منارة ... لمن يطلب الهداية وكانت ... بين الحق والباطل وقد أقام الحجة على المخالفين بالمناظرات وبالرسائل وبالكتب وفي المجالس ولم يبق حجة لمعاند إلا ما يكون بسبب العناد وما يكون بسبب الاستكبار.
فلذلك في زمنه ميّزت وظهر هذا الإسم دعوة السلف ومنهج السلف وطريقة السلف وإن كان كانت قد استعملت هذه الكلمات قبله أيضا وأظن قال هذا البيت المشهور في العقائد على مذهب السلف " وكل خير في اتباع من سلف وكل شر في ابتداع من خلف " أظنه قبل شيخ الإسلام, وهذه اللفظة عربية فصيحة فظهرت في كلامهم لكن كما قلت توضحت وتركزت أكثر في عند شيخ الإسلام رحمه الله كما قلت أنه سيطرت الأفكار الصوفية على الناس وطرقها المختلفة وأفكار علماء الكلام والتعصب المذهبي و البدع في الدين والأحاديث الضعيفة والموضوعة فظهرت غربة الإسلام وظهر أنه كان بحاجة ماسّة إلى أن يتبين وإلى أن يتوضح حتى يعرف الناس الحق من الباطل ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حيّ عن بينة.
لقد تابع هذا الرسالة وهذه الدعوة تلاميذ الإمام ابن تيمية ابن القيم وابن كثير وغيرهم على مر العصور لكنهم كانوا محارَبين مضطهدين مات منهم من مات في السجون وقتل من قتل وعذب من عذب وكانت الغلبة المادية في أكثر العصور للمخالفين وإن كانت الغلبة المعنوية, غلبة الحجة والبرهان لأهل السنة مصداقا لقوله عليه الصلاة والسلام (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم أو خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون على الناس) وقد جدد هذه الدعوة شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى في نجد حينما كانت في ظلام دامس وحينما كانت الوثنيات تسيطر على البلاد فتثقف بثقافة شيخ الإسلام وأخذ عنه وقرأ كتبه وأخذ ينشرها ويدعو إليها ونال في جرّاء ذلك الأذى الكثير والحرب العوان لكن كان أن وفّقه الله عز وجل مع من أيّده من الأمراء السعوديين الأوائل كان من ذلك أن ظهرت هذه الدعوة وأثرت في المسلمين ووصلت إلى بلدان كثيرة ولا تزال بها بقيّة في البلاد السعودية وغيرها.

(182/4)


«
ذكرالشيخ لأهم الأصول التي تركز عليها الدعوة السلفية
عيد عباسي: لن نخوض كثيرا في هذه التفصيلات التاريخية فلننتقل إلى حقيقة الدعوة السلفية, بماذا تظهر؟ ما هي أهم أفكارها؟ ما هي أهم الأصول التي تركّز عليها؟
هناك أمور هامة وأصول أساسية تركز عليها الدعوة السلفية.

(182/5)


«
بيان الشيخ لحقيقة التوحيد وأقسامه
عيد عباسي: أول هذه الأمور مسألة التوحيد, هذه المسألة أخطأ فيها جماهير المسلمين عامتهم وخاصتهم فقد شاع لديهم أن التوحيد الذي أمر الله به في كتابه وسنة نبيه هو الاعتقاد فقط بأن لهذا الكون خالقا مدبرا ورازقا حكيما يتصف بصفات الكمال وقد ملؤوا كتبهم وأتعبوا أنفسهم لإثبات هذه الحقيقة مع أنه كما سمعتم من أستاذنا أكثر من مرة هذه الحقيقة فطرية مركوزة في النفوس وفي الأذهان ولا تحتاج إلى كثير إثبات ولا إلى جهد كبير فقد قال الله تعالى مثلا ((أفي الله شك فاطر السماوات والأرض)) ((فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله)) وإنّ كل الذي ينظر إلى طريق البشر على مر العصور ليجد أن كل البشر يؤمنون بوجود, بإله خالق مدبر وحكيم إلا قلة نادرة من الملحدين على مر العصور كانوا يسمون دهريين قديما ويسمّون الآن ملاحدة أو زنادقة أو شيوعيين, هؤلاء نسبتهم قليلة جدا بالنسبة لبقية البشر, لا لا يقول قائل أنه والله الشيوعيين مثلا الأن هم سكان روسيا وسكان الصين وسكان الدول الشيوعية الأخرى الكثيرة لا يقل أحد هذا فإن سكان هذه الدول أكثرهم مؤمنون بالله, أكثرهم إما نصارى أو مثلا يهود أو وثنيون يؤمنون بإله ولكن الملاحدة منهم والشيوعيين مثلا هم قلة قليلة هم الحكّام فقط والذين يسيرون الأمور العسكريين وغيرهم يعني هم أعضاء الحزب الشيوعي لا غير, أما بقية الشعب فتعلمون لهم كنائسهم ولهم عباداتهم وكانوا يحدث, يجرون إحصاءات بين الحين والحين, أذكر من آخر الإحصاءات أن الشيوعيين في روسيا نحن ستة سبعة ملايين فقط فإذًا هم قلة, ما قيمة سبعة ملايين أو بس إليها مثلا البلدان الأخرى ... ملايين أخرى خمسة عشر مليون قل عشرين خمسين ما قيمتهم بالنسبة لسكان البشر الذين هم الآن أظن نحن ثلاثة ألاف مليون نسمة؟
فإذًا إن عامة البشر وجماهير الناس على ممر العصور هم مؤمنون بإله فإذًا ماذا يحتاج هؤلاء؟ إن أحوج ما يكونون إليه هو أن يؤمنوا بالله الإيمان الصحيح الذي جاءنا به محمد صلى الله عليه وسلم والرسل السابقين, إنه هو الإيمان الذي يعتد به, هو الذي ينجي صاحبه من الخلود في النار إنه طريق دخول الجنة إنه هو وحده الإيمان الصحيح وما عداه كفر والمشركون كلنا نعرف أنهم كانوا يؤمنون بالإله الخالق إلا قلة نادرة جدا أيضا, أشار إلى ذلك القرآن حيث قال ((ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله)) وبيّن سبب ضلالهم وشركهم أنه اعتقاد الشفعاء والوسطاء بينهم وبين الله ((ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله))، ((والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى)) وفي شعر الجاهليين تجد كثيرا لفظة الإله والخالق ويقسمون به ويعظمونه لكنهم يعتقدون أن هذه الأصنام هي وسائط وهي مقربات لهذا الإله وإن ذكرها ودعوتها هو ضمان ليستجيب لهم الله دعاءهم ويغيثهم إذا استغاثوا به, إذًا الدعوة السلفية تهتم بتبيين التوحيد الصحيح الذي يكون الناس أحوج ما يكونون إليه وهو ما استخلفه العلماء المحققون من أمثال شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره من أن هناك ثلاث أنواع للتوحيد، التوحيد السابق واصطلحوا عليه أنه توحيد الربوبية, الإيمان بأن لهذا الكون خالقا رازقا متصفا بصفات الكمال والنوع الثاني من التوحيد هو توحيد الألوهية والنوع الثالث هو توحيد الصفات, هذه صحيح أسماء اصطلح عليها من هؤلاء الأئمة الأعلام ولكن مدلولها وحقيقتها موجود في ثنايا الكتاب والسنة وإنما هؤلاء وضحوها وميّزها واصطلحوا عليها لتتضح الأمور وتتبين الحقائق, توحيد الربوبية قلنا المراد به أما توحيد الألوهية فهو أيضا بصورة إجمالية أن يخص المسلم أصناف العبادة كلها لله عز وجل, هذا الخالق المدبر الذي آمن به وهذا في الحقيقة أمر طبيعي وإذا كان الله هو الخالق المدبر الرازق إلخ فلماذا يدعون غيره؟ ولماذا يعبدوا سواه؟ يعبدوا المخلوقين يعبدوا المحتاجين يعبدوا الذين لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا كما يقول الشاعر " ومن قصد البحر استقل السواقي " هذا الإنسان العبد الضعيف العاجر الذي لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا ولا بعثا ولا حياة ولا نشورا كيف تدعوه وتترك ربك الذي بيده كل شيء, الذي إذا أراد شيئا قال له كن فيكون, هل هو ... ؟ هل هو لا يستجيب دعاءك؟ هل هو بعيد؟ هل هو ظالم حتى تخاف منه وتلجأ إلى سواه, إنه رحيم بر بعباده رؤوف بهم يجيب دعوة المضطر إذا دعاه, يقبل التوبة عن عباده, إنه أقرب إلى أحدكم من ...
الشيخ: عنق راحلته.
عيد عباسي: عنق راحلته إليه, إنه الذي يفرح بتوبة التائب أشد من فرحة الإنسان الذي كان في سفر وضلت راحلته ثم وجدها وعليها طعامه وشرابه بعد ما يئس بالهلاك فإذًا هذا الإله العظيم الحكيم الرحيم لم تتركه وتلجأ إلى غيره من هؤلاء الآلهة الذي, الضعفاء العجزة الذين لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا حياة ولا ضرا ولا نفعا, فإذًا ... طبيعي ولذلك فتوحيد الألوهية من أخص خصائص التوحيد وهو من أهم ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في الحقيقة معنى قولنا لا إله إلا الله وحده لا شريك له فكلمة لا إله إلا الله هي التي تدخل الإنسان في الإسلام وهي الكلمة الطيبة وهي التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم (من قال لا إله إلا الله من قلبه مخلصا من قلبه دخل الجنة) فإذًا علق دخول الجنة على من يقول هذه الكلمة مؤمنا بها مخلصا من قلبه, ما معنى هذه الكلمة؟ هل هي الألفاظ تقال باللسان هكذا دون فقه ولا اعتقاد ولا تطبيق, ليس كذلك, إن الأمور بحقائقها, هذه الكلمة معناها الإله المعبود, أله يأله أي عبد يعبد فالإله المعبود فلا إله إلا الله معناها لا معبود بحق إلا الله فإذًا من ألصق حقائق من ألصق معاني لا إله إلا الله توجيه وتخصيص العبادة كلها, العبادة كلها بأنواعها المختلفة لله عز وجل.
كثير من المسلمين يجهلون العبادة فيظنون أن لا إله إلا الله آمنا معك إلي هي المراد بها تخصيص العبادة لله ونحن أيضا نؤمن بذلك فلا نخصص ولا ولا نسجد لأحد إلا لله, وهذا يعني قصور في الفهم فإنهم يجهلون أن العبادة معنى أشمل وأوسع من ذلك, إن العبادة هي كل ما يحبه الله ويرضاه, العبادة تشمل أنواع التعظيم التي يجب أن تخصّ بالخالق الحكيم, إنها تشمل الدعاء وتشمل النذر وتشمل الذبح وتشمل التوكل وتشمل الإنابة وتشمل الاستعانة وتشمل الذبح قلناها والخوف والخشية والاستغاثة والرجاء والمحبة كل هذه الأنواع هي من العبادات وهؤلاء من جهلهم يظنونها مقصورة على الصلاة وعلى الحج مثلا، فيدل على ذلك نصوص كثيرة أيضا لا نحصيها الآن لضيق الوقت وإنما نذكر بعض الأمثلة مثلا الدعاء والاستعانة فيقول الله عز وجل ((إياك نعبد وإياك نستعين)) وتقديم المفعول هنا يراد به التخصيص, إياك نعبد يعني لا نبعد غيرك, إيا نستعيد يعني لا نستعين بسواك وهذا هو الفرق بين قولنا إياك نعبدك وبين قولنا نعبدك, لم يقل نعبدك لاحتمال أن يراد بها أو تشمل نعبدك ولا ما نعبد غيرك فقدم المفعول بهذا التخصيص, كذلك قوله عز وجل ((ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين)) فقابل بين ((ادعوني) و ((إن الذين يستكبرون عن عبادتي)) مبينا أن الدعاء هو عبادة ويوضح هذا تماما قوله صلى الله عليه وسلم الثابت (الدعاء هو العبادة) وهكذا الذبح في قوله تعالى ((قل إن صلاتي ونسكي ومحياي)) ونسكي أي ذبحي ومحياي ومماتي لله رب العالمين والنصوص الأخيرة كثيرة تشمل الخوف والرجاء ((وإياي فارهبون)) ((فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين)) ((وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين)) وما أشبه ذلك من النصوص الكريمة, هذه هذا النوع الثاني من أنواع التوحيد الذي يحهله المسلمون وتركز عليه الدعوة السلفية لأن من أخطأ فيه ولأن من جهله ولأن من اعتقد خلافه فهو مشرك ويحكم عليه بالخلود في النار إلا إذا كان لم يبلغ تبلغه هذه الدعوة فأمره إلى الله فيعذره الله ويوضح مصيره الحديث الذي رواه الإمام أحمد وغيره أنه يسأل يبعث إليه يوم القيامة رسول إلى آخر الحديث المعروف.
النوع الثالث من أنواع التوحيد الذي أيضا يجهله كثير من المسلمين يخالفون مضمونه ويشركون بالله به هو توحيد الصفات وهو اعتقاد أن أحدا يشارك الله في صفة من صفاته, الله من صفاته يعلم الغيب وحينما يعتقد إنسان أن بشرا من البشر يعلم الغيب كما يعتقد الصوفية أن شيوخهم يكاشفون فيعلمون ما في نفسه ويطلعون على أحوالك ولو كنت في مشرق الأرض وهم في مغربها فهذا لا شك شرك في الصفات وكذلك حينما يعتقدون في بعض مشايخهم أنهم يقدرون على كل شيء وأنهم يقولون للشيء كن فيكون كما ورد في بعض كتبهم وحينما يعتقدون صفات أخرى هي من أخص خصائص الله عز وجل في أوليائهم وفي مشايخهم أو في الأنبياء والرسل فإنما هم يكونون قد أشركوا بالله عز وجل ومع الأسف هذا انتشر في على كلام, في كلام المتأخرين كثيرا الشعراء منهم الذين يسمّون, لا المدّاح للنبي صلى الله عليه وسلم الذين كتبوا قصائد في مدح الرسول عليه الصلاة والسلام ويختصون , يختص الناس بتلاوتها في الموالد والاحتفالات الدينية, هذه تكثر فيها الاستغاثة, هذه الصفات وهذه, نسبة هذه الأمور التي لا يجوز إلا لله نسبتها إلى الرسول عليه الصلاة والسلام وإلى مشايخهم وإلى أوليائهم والرسول عليه الصلاة والسلام قد حذر كثيرا من هذا وقد أمر بعدم المبالغة في مدحه عليه الصلاة والسلام خشية من الوقوع في هذا الانحراف الخطير, قال عليه الصلاة والسلام مثلا (لا تطروني كما أطرت النصارى المسيح بن مريم فقو, فإنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله) وحينما جاء بعض الناس وقال له أنت سيدنا وابن سيدنا قال له عليه الصلاة والسلام (قولوا بقولكم هذا أو بعض قولكم ولا يستجرينكم الشيطان) فكلمة سيدنا وابن سيدنا الرسول عليه الصلاة والسلام وجد فيها شططا لأن ابن سيدنا نسبة أن عبد الله والد رسول الله هو سيد لهم مع أنه كان مشركا كما في الأحاديث المعروفة, كما في الحديث المعروف فهذا من الشطط وقد حذرهم منه وحينما سمع بعض الجواري والأولاد ينشدون وفينا نبي يعلم ما في غد نهاهم عن ذلك أيضا وقال (لا يعلم ما في غد إلا الله عز وجل) فمع هذا التنبيه ومع هذا التحذير من النبي صلى الله عليه وسلم خالفه الناس صراحة وقال قائلهم البوصيري مثلا:
"
دع ما ادعته النصارى في نبيهم ***واحكم بما شئت مدحا فيه واحتكم " , معنى البيت أنك دع لا تقل إن محمدا بن الله وقل ما شئت فيه من الأقوال, وهذا واضح ضلاله وواضح انحرافه وشططه ... فتوحيد الصفات من أخطر أنواع التوحيد التي جهلها المسلمون وخالفوها ومعروف مسألة التوحيد هي الفيصل بين الإسلام والكفر كما قلنا فلو كان إنسان متعبدا أعظم درجات التعبد يصوم النهار يقوم الليل يتصدق يزكي ويقوم بأنواع النوافل المختلفة ويتقرب إلى الله بشتى القربات ويصل الأرحام إلخ ولو أشرك في عمره كله مرة واحدة استغاث بغير الله, قال كلمة فيها وصف أحد المخلوقات بصفة لله فإنها كل عمله باطل وإنه خالد مخلد في النار إذا لم يتب منه قال الله عز وجل ((لئن أشركت ليحبطن عملك)) فإذًا المسألة خطيرة وخطيرة جدا ولذلك يوليها السلفيون الاهتمام الكبير ومن عجب أن باقي المشايخ والعلماء لا يدندون حولها بل يخاصموننا فيها ويقولون ما فيها شيء والمسألة تتعلق بالنية واسألوا نيته هذا الإنسان يريد إنما يريد بذلك وجه الله ويريد التقرب والتحبب وتعظيم هذا النبي وهؤلاء الأولياء مع أنهم يعلمون أن النية لا تشفع للعمل مهما كانت صالحة فلا بد أن يكون العمل صالحا والنية صالحة مصداقا لقول الله عز وجل ((فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا)) ((لا يشرك)) أي لتكن نيته صالحة ((فليعمل عملا صالحا)) أي موافقا للسنة كما فسرها بذلك الأئمة والمفسرون مثل ابن كثير وغيره فإذًا يجب الاهتمام بمسألة التوحيد بأنواعه الثلاثة وخاصة النوعين الأخيرين اهتماما بالغا لإنقاذ الناس من الهاوية ومن الضلال.

(182/6)


«
بيان الشيخ لحقيقة الإتباع للنصوص الشرعية وأقسام الناس في ذالك
عيد عباسي: المسألة الثانية التي يركز عليها السلفيون هي مسألة الاتباع مسألة طريقة الأخذ, أخذ الأحكام وطريقة التفقه في الدين, شائع لدى الناس خاصة في القرون المتأخرة أن على كل إنسان إذا بلغ سن الرشد عليه أن ينظر يأخذ مذهبا من المذاهب الأربعة هو مذهب والده مثلا فيتفقه فيه ويلتزمه ولا يخالفه في مسألة من المسائل ويقلد تقليدا ولا يسأل عن الدليل ولا يسعى إلى الاجتهاد لأن الاجتهاد قد أغلق ولأنه ليس أمامه إلا التقليد, هذه المسألة أيضا خطيرة وهامة ويخالف فيها السلفيون جمهور الناس فهم يرون أن الأصل في التفقه في أحكام الشرع الأخذ من الكتاب والسنة مباشرة اتباعا لقول الله عز وجل ((اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم)) ((اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء)).
عيد عباسي: فالأصل إذًا أخذ الأحكام من الكتاب والسنة لكن من المعروف أن الناس يتفاوتون في ذلك وأنه ليس في مقدور كل إنسان أن يأخذ من الكتاب والسنة وخاصة بعد ما فشى اللحن وبَعُد الناس عن لغة العرب وعن السليقة العربية وعن الفطرة فأصبحوا غريبين عن لغة القرآن ولغة الحديث النبوي الشريف.
ولا شك أنه من المعروف من قواعد الشريعة أنه إذا لم يستطع الإنسان أمرا فإنه يكلف بما دونه فلم يستطع هذا الإنسان الأخذ من الكتاب والسنة, أخذ أحكام دينه من الكتاب والسنة مباشرة فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها كما قال تبارك وتعالى فينزل درجة في ذلك إلى الاتباع وهم مما نختلف فيه عنهم أنهم يقولون ما فيه اتباع فقط, إما مجتهد وإما مقلد وهذه مكابرة وهذا في الواقع عناد لأنه مخالف لما هو مشاهد ولما هو محسوس فأنت ترى في الناس من هو عالم قد بلغ من العلم شوطا بعيدا قد تفقه في لغة العرب وقد درس علم أصول الفقه وقد أخذ وسائل الاجتهاد فهذا هو المحتهد الذي يتفق الكل على أنه يجوز له الأخذ بالكتاب والسنة بل يجب عليه مباشرة وهناك باقي الناس غير هذا الإنسان نحن نرى ثنتين اثنين وإن كانوا وإن كانا يتفاوتان فيما بينهما , فيهما مراتب كثيرة, هذان الصنفان هما عامة الناس الذين لا عناية لهم بالعلم ولا دراسة لهم بالدين فهؤلاء الذين يسمون مقلدين, هؤلاء إذا تلوت عليهم الآية لا يفقهونها إلا ما ندر من الآيات الواضحة الصريحة وإذا ذكرت لهم الحديث لا يستطيعون أن يعرفوا معناه أو يعرفوا الطريقة التي يعرفون صحته من ضعفه فهؤلاء ((لا يكلف الله نفسا إلا وسعها)) يكلفون أن يسألوا أهل العلم لكن عليهم أن يبذلوا جهدهم أيضا في اختيار أهل العلم الموثوقين الذين لا تعصب لديهم والذين هم ثقات في دينهم وفي علمهم ومع ذلك فليس عليهم أن يلتزموا واحدا بعينه من هؤلاء وإنما عليهم كما قال الله تبارك وتعالى ((فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)) لاتعلمون اسألوا أهل الذكر لم يحدد واحدا بعينه وإنما يكون ... ذلك حسب ما يتيسر ويسر له فلان ممن يثق في علمه ودينه فيسأله فيسر له في مرة أخرى آخر فيسأله ولا يضيق على نفسه و يحبب اتباعه تقليده لعالم معين.
هناك بين هذا المقلد وبين ذاك المجتهد ناس كثيرون لهم عناية بعلم دراسة للغة دراسة للعلوم الشرعية دراسة للقرآن للتفسير للحديث فهؤلاء لا نستطيع أن نقول إنهم مثل أولئك الأولين , أو المقلدين إنهم يختلفون عنهم وإننا نظلمهم حينما نسويهم بهم, لا شك أن لهم فضلا عليهم ولا يجوز أن نعاملهم مثلهم فإنهم إذا ذكرت لهم الآيات والأحاديث عرفوا معانيها أو تفقهوا في أكثرها بالجملة قد تخفى عليهم طبعا بعض المعاني لكن إذا استعانوا ببعض العلماء يفقهونها ويفهمونها فهؤلاء عليهم أن يبذلوا جهدهم, وجهدهم يحصل بأن يعرفوا الحكم الشرعي عن طريق عالم من العلماء ويعرفوا دليله الذي وصل به إلى الرأي الذي يتبناه, هؤلاء يستطيعون هذا, فكيف نسامحهم ونتساهل معهم فنقول لهم يكفي أن تقلدوا تسأل العالم, إيش حكم الشرع في هذا؟ فيقول لك كذا وكذا, أنت بإمكانك إذا ذكر لك الدليل أن تفقهه فلم تتنازل عن ذلك ولم تتساهل مع أنك في أمور الدنيا إذا كنت تاجرا مثلا فلا تكتفي بسؤال المختص بذلك سؤالا مجملا وعارضا وإنما تدقق وتحاسب وتقارن وتسأل أكثر من واحد, لم في أمور الدين تفعل ذلك وفي أمور الدنيا, وفي أمور الدنيا تفعل ذلك وفي أمور الدين قد تتهاون وتتساهل, هل أمر دينك أهون عليك وأضعف عندك وأقل شأنا من أمور دنياك, إنك إن كنت كذلك فما أخسرك وما أضلك.
فلا شك أن هناك مرتبة وسط بين المقلد والمجتهد ... هو الذي يطلع ... مستعينا بعالم مجتهد بعد أن يفقه دليله ويطلع على ... و ... بها ويرجح من أقوال العلماء ... في نفسه ... هذا لو ... السلفيين بمسألة أخذ الأحكام الشرعية ومسألة التفقه في الدين فباعتقادنا أنه هو الموقف الحق العدل الوسط الذي لا إفراط فيه ولا تفريط.

(182/7)


«
رد الشيخ على بعض من يتهم السلفيين بأنهم يوجبون الإجتهاد على كل أحد واتهامات أخرى
عيد عباسي: ويفتري علينا المخالفون افتراءات باطلة, لا نحن دائما نكرر براءتنا منها, يدعون أننا نكره الأئمة الأربعة وأننا نطعن فيهم وأننا نوجب الاجتهاد على كل مسلم وأننا نأمر كل أحد أن يكون مجتهدا عالما ولا يجوز له أن يقلد وهذا ظلم وافتراء طالما بيّنا بطلانه وطالما بيّنا براءتنا منه ومع ذلك فلا يتقون الله كما, ويصرون على نسبته إلينا ويشهد الله أننا منه براء كما يقال " براءة الذئب من دم ابن يعقوب " مع أن كتبنا طافحة ببيان هذه الحقيقة فبعضهم مثلا سوّد كتابا ملأه وحشاه بإثبات جواز التقليد والاستدلال على أن التقليد جائز وواجب على بعض الناس, كل ذلك ... على السلفيين يوهم الآخرين أنهم ينكرون التقليد, فهذا من الظلم الشنيع ومع أنه قد بيّن له ذلك وأحدث له أن السلفيين يقولون بأن الجاهل عليه أن يقلد مع ذلك يصرون على هذا وهذا يبين ما في نفوسهم من الضغينة وما في نفوسهم من الحقد والتحامل و ...
هذه المسألة الثانية.

(182/8)


«
ذكر الشيخ لمسألة التزكية النفسية والتصفية الروحية عند الصوفية
عيد عباسي: والمسألة الثالثة هي مسألة التزكية النفسية والتصفية الروحية، هذه المسألة قد شاع بين المتأخرين فيها طريق المتصوفة, هؤلاء الذين يعتمدون تزكية, على تزكية النفوس على المجاهدات الروحية والوسائل النصية وما أحدثه مشائخهم من أمور ادّعوا أنها توصلهم إلى الله وقد اعتمدوا فيها على غير ما جاءهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, هؤلاء والحق يقال هم المتصوفة إن أول درجات التصوف ابتداع وآخر درجاته زندقة, أول ما يدخل الإنسان في الصوفية لا بد أن يقوم ببعض البدع, لأنه ما الذي يميز الصوفي عن غيره من أهل السنة, أهل السنة يلتزمون بالكتاب والسنة وهدي السلف الصالح فلم يختلف الصوفي عنهم؟ إن قالوا نحن على الكتاب والسنة طيب لماذا إذًا تختصون لأنفسكم طريقا لماذا تلتزمون بأوراد لماذا تلتزمون بنوع معين من الذكر وطريقة خاصة به لماذا تفرقون المسلمين فهذا شاذلي وهذا رفاعي وهذا قادري وما أشبه ذلك, إنه لا شك أن الحقيقة البينة الناصعة تدل على أنهم يبتدعون في دين الله, فلا يكتفون بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وبهدي السلف الصالح وإنما يزيدون ما استحسنوه لأنفسهم وما أضافوه إلى الدين من أمور هو منها بريء وأمور هي ضلالات فلذلك طرق الصوفية والسلفيون ينكرونها جملة وتفصيلا وليست المسألة كما يتوهم البعض إن مسألة اتباع والمشهور الصوفية هي نفس ما جاء في الإسلام من درجة الإحسان أو ... , أو التزكية أو ترقيق القلوب أو الجانب ... الضلال الآخر وهو أنهم يعتقدون أن هناك طريقة لمعرفة الغيب ولمعرفة حقائق الأمور عن طريق الكشف ولا يرجعون فيه إلى ما جاءهم عن طريق الشرع ويزهدون في التعلم وبعضهم أحرق كتبه وقال آخرون أنتم تأخذون علومكم من ميت عن ميت علمية ونحن نأخذها عن الحي الذي لا يموت.
وهذا الذي قلنا ... الكشف من أبشع ... الباطل ومن أضل الضلال وهو إذا تقطع, إذا نظر فيها الإنسان نظرة شاملة صحيحة يجده إلغاء لكل ما جاءنا به الإسلام و ... ما جاء عن طريق ال ... والتضليل والأهواء والنزغات الشيطان, الشيطانية بهم, وهذا خطر عظيم ما بعده خطر, إنه استهانة يدعون أنه أن الملائكة تأتيهم و ... وأن الله هو الذي يخبرهم ويلهمهم, وما الدليل على ذلك؟ ما الذي يضمن أنه وحي من الله؟ أنه إلهام من الله وليس نزغات الشياطين؟
والأمور بنتائجها وتعلم من آثارها, أيضا لا يتسع المقام للإفاضة في ذلك فحسبنا أن نكتفي بهذا, هذه الأسس هامة ... للدعوة السلفية.

(182/9)


«
بيان الشيخ لأهمية الرد على البدع وأهلها
عيد عباسي: وهناك أمور أخرى تتصف بها ومن مبادئها وتركز عليها يمكن أن تكون سلبية وهي التحذير من أمور البدع وما دخل على الدين من المحدثات التي شوهت جماله وكدرت صفاءه وعكرت ما كان عليه من جمال ونقاء, هذه المحدثات دخلت على الدين فغيرت حكم الله وضللت الناس فالسلفيون يهتمون بتنبيه الناس إليها ويحذرونهم منها والاتباع أمر ليس سهلا, ليس في المسألة كما يقال شرعيات أنه شو فيها؟ زيادة الخير خير لأن حقيقة الابتداع أنه استدراك على الله عز وجل وإنه تشريع بالرأي وبالعقل, هذا الأمر يقال لك, يتعبد به ويتقرب به إلى الله عز وجل, ما مستند ذلك؟ إنه الرأي والاستحسان ليس غير وهو ينسخ آية ((اليوم أكملت لكم دينكم)) من أساسها وغير ذلك من الأيات, مع أن الرسول عليه الصلاة والسلام حذرنا من البدع كثيرا وقال عليه الصلاة والسلام (إياكم ومحدثات الأمور) وجعلها في خطبة الحاجة التي كان يكررها كل أسبوع في خطبة الجمعة وفي غيرها من المجالس كل ذلك توكيدا وتذكيرا بخطورة البدع وبأهمية الالتزام بما جاءنا عن الله ورسوله ومع ذلك فقد أصم هؤلاء الخلف أذانهم عن هذه الأحاديث البينة وعن نصوص الكتاب الواضحة وأصروا على البدع وزادوا فيها.

(182/10)


«
تنبيه الشيخ لضرورة التحذير من الأحاديث الضعيفة والموضوعة
عيد عباسي: أمر آخر أيضا سلبي يحذر منه السلفيون وينبهون عليه وهو تلك الأحاديث الضعيفة والموضوعة التي كانت عمدة كثيرا من البدع هذه الأحاديث شاع لدى الناس إيرادها وذكرها, الخطباء والمدرسون والكتّاب والمؤلفون, تجد الكتب طافحة بنسبة الأقوال إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وهذه الأقوال رسول الله صلى الله عليه وسلم منها براء, ولا يتحرجون مع أن الرسول عليه الصلاة والسلام ينبه إلى ذلك كثيرا ويحذر منه ويبين خطورته وأنه كذب عليه وليس ككذب (إن كذبا علي ليس ككذب على أحدكم) فيستحل بالحديث المنسوب إلى رسول الله مما لا يصح, يستحل به الحرام ويبنى به الأحكام ولا ... وهذا أيضا أمر هام تقوم به الدعوة السلفية وتبين ما صح من الحديث مما لم يصح, هذه مقدمة أطلت فيها أشعر ... تتمة لا يتسع الآن المقام لها وهو موقف السلفي من الدعوات الأخرى فلعل ذلك في موقف آخر ومجلس ثاني إن شاء الله وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
سائل آخر: جزاكم الله خير.
عيد عباسي: وإياك.

(182/11)


«
تعليق الشيخ الألباني على كلمة الشيخ العيد عباسي»
الشيخ: اثنتان منهما من باب التنبيه والتذكير والأخرى من باب التوضيح والتأكيد والبيان, المسألة الأولى من الاثنتين.

(182/12)


«
كلام الشيخ على ما جاء في المحاضرة من أن الشيخ محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله كان سلفيا
الشيخ: جاء في تضاعيف كلام الأستاذ عيد عباسي أنه ذكر الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله أنه من أولئك الدعاة السلفيين وهو كذلك بلا شك ولكن الواقع يشهد بأنه سلفي في العقيدة وما دمتم سمعتم شيئا من التفصيل في كلامه عن الدعوة السلفية وأن منها أنها تدعو إلى اتباع الكتاب والسنة كلا حسب استطاعته كما سمعتم وأنها تحذر من اتخاذ التقليد مذهبا ودينا مادام أن الدعوة السلفية هذا من مذهبها فيجب أن نعلم أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله كان سلفيا في العقيدة وله الفضل الأول من بعد شيخ الإسلام ابن تيمية رحمهما الله جميعا في نشر دعوة التوحيد في العالم الإسلام بصورة عامة وفي البلاد النجدية والحجازية فيما بعد بصورة خاصة يعود الفضل إليه بعد ابن تيمية ولذلك فلعل انكبابه واجتهاده في دعوة الناس إلى هذا التوحيد الخالص المصفى من أدران الشرك والوثنية بكل التفاصيل هو الذي صرفه عن الاشتغال بإتمام الدعوة السلفية وذلك في محاربة الجمود على التقليد وعلى التمذهب الذي صار فيما قبل زمانه وفي زمانه وفيما بعده صار دينا كل من ترك التقليد نبز بالزيغ والانحراف ونحو ذلك مما ألمح الأستاذ المحاضر إليه في كلمته السابقة.
وهو من هذه الحيثية أي من حيث أنه كان يدعو للتوحيد دون ما سوى ذلك مما يتعلق بالإسلام المصفى على ما سمعتم يختلف عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فإن هذا الشيخ الجليل قد دعى إلى الإسلام بعموم الإسلام من كل نواحيه أن يفهم على الوجه الصحيح على التفصيل الذي سمعتموه فهو مثلا يحذر من الأحاديث الضعيفة ويحذر من بناء الأحكام الشرعية عليها وهو إلى آخر ما هنالك من تفاصيل ذكرها الأستاذ بخلاف الشيخ محمد بن عبد الوهاب فلم تكن له هذه العناية, لا في الحديث ولا في الفقه السلفي فهو من الناحية المذهبية حنبلي ومن ناحية الحديثية كغيره فليس له آثار في الفقه تدلنا على أنه كابن تيمية سلفي المنهج في التفقه في الدين, لعل له في ذلك عذرا كما ألمحنا إليه آنفا وكذلك في الأحاديث فهو كغيره مع الأسف الشديد لا معرفة عنده بالحديث الصحيح والضعيف ومن الأدلة التي تدلنا على هذا أن له رسالة مطبوعة متداولة عند أتباعه النجديين حتى اليوم اسمها "آداب المشي إلى المسجد" وقد أورد في مطلع هذه الرسالة الحديث المعروف عند السلفيين عامة إلا القليل منه بضعفه, أورد الحديث المعروف بضعفه عند عامة السلفيين ألا وهو حديث أبي سعيد الخدري الذي أخرجه الإمام بن ماجه في سننه من طريق الفضيل بن مرزوق عن عطية السعدي, عن عطية العوفي والسعدي أيضا لكن المشهور عن العوفي أكثر عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج من بيته للمسجد قال (اللهم إني أسألك بحق السائلين إليك وبحق ممشاي هذا) إلى آخر الحديث, فهو أولا أورده دون أن ينبه على ضعفه مع أن فيه علتين اثنتين لو واحدة منهما استقلت لنهضت بتضعيف الحديث فكيف بالعلتين مجتمعتين معا وثانيا إن ظاهر هذا الحديث يخالف ما كان يدعو إليه من عقيدة ومن إخلاص التوحيد والدعوة لله عز وجل وهو التوسل بالمخلوقين فهو كابن تيمية وككل سلفي بصير في سلفيته وفي دعوته يحارب التوسل إلى الله بعباد الله عز وجل وفي هذا الحديث في ظاهر التوسل إلى الله بحق السائلين وبحق هذا العبد الذي يمشي إلى طاعة الله وإلى عبادته, أقول هذا غير ناس أن الحديث لو صح لأمكن تأويله كما كنت ذكرته في بعض مؤلفاتي لكن موضع الشاهد في هذا أنه أورده كأدب من آداب المسجد إذا خرج المسلم من بيته فعليه أن يدعو بهذا الدعاء وهو حديث ضعيف.
فهذا يدل على أن شيخ الإسلام الثاني في التوحيد محمد بن عبد الوهاب ليس كشيخ الإسلام الأول من حيث أنه كان سلفيا في كل الدعوة في كل نواحي الدعوة ومجالاتها الكثيرة, هذه الناحية الأولى أردت التنبيه عليها وهذا طبعا من باب إعطاء كل ذي حق حقه, نحن بلا شك لا يسرنا أبدا أن ينال أحد من الشيخ محمد بن عبد الوهاب كما يفعل أعداء الدعوة وأعداء التوحيد حيث يتهمونه بكل ما يُتهم به السلفيون في كل بلاد الدنيا ولكن هذا لا يحملنا على الغلو في إعطاء كل شخص من حملة الدعوة السلفية ما ليس فيه فيجب أن نفرق بين ابن تيمية وبين محمد بن عبد الوهاب ونعطي كل ذي حق حقه, من أجل هذا قلت ما قلت وإلا فشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب له منزلته في الدعوة عندنا بعد شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى.

(182/13)


«
كلام الشيخ على قوله " إن المشركين كانوا يعتقدون في الله أنه حكيم " ورده على الأشاعرة الذين ينكرون هذه الصفة
الشيخ: التنبيه الثاني جاء كلام الأستاذ عيد عباسي في صدد تحدثه عن توحيد الربوبية وأن هذا التوحيد يعتقده جماهير الناس والأمم حتى المشركين وهذا كلام حق ولكن جاء في أثناء كلامه بأنهم يعتقدون بالله أنه خالق مدبر حكيم, فأنا أريد أن ألفت النظر ولي هدف غير الهدف الظاهر من كلمتي هذه, قوله أن المشركين كانوا يعتقدون بأن لهذا الكون خالقا مدبرا لوقف إلى هنا لكان الكلام مسلما ولكنه أضاف إلى ذلك وصفا وصفة أخرى وهي صفة حق لله تبارك وتعالى ولكنه نسب إلى الكفار أنهم كانوا يعتقدون بالله هذه الصفة أيضا وهي أنه حكيم, من المؤسف أن أقول وهذا هو الشيء الآخر الذي أرمي إليه في هذا الكلام, أن اعتقاد أن الله حكيم ليس فقط مما لا يعتقده المشركون الذين كانوا يشركون في توحيد الألوهية وفي توحيد الصفات كما سمعتم شيئا من التفصيل في ذلك, ليس المشركون هؤلاء وحدهم كانوا لا يعرفون الله حكيما, يعرفونه خالقا مربيا مدبرا أمّا أنهم يعرفونه حكيما فلا ولكن مع الأسف الشديد هناك جماهير من المسلمين اليوم لا يعقتدون هذه الصفة لله رب العالمين, هذا ما أردت التنبيه عليه يعني وصف المشركين بأنهم يعتقدون بأن الله حكيم هذا خطأ لأننا نعلم أن هذه الحكمة هي في كثير من الأمور إيمانية ومن أجل ذلك شك في هذه الصفة بعض الطوائف الإسلامية, بعض المذاهب الإسلامية ولا أكتم الحق ولذلك أقول إن كتب الأشاعرة طافحة بأن الله عز وجل لا يوصف بأنه حكيم مع علمهم بأن هذا الاسم الكريم مذكور في القرآن الحكيم الكريم ولكنهم يتأولون هذا الإسم حكيم بأنه من الحُكم وليس من الحكمة فهو حكيم على وزن فعيل بمعنى فاعل أي إنه حاكم أما أنه حكيم بمعنى أنه يضع الشيء في محله مقرونا بالحكمة فهذا مع الأسف الشديد لا أقول إن الأشاعرة لا يؤمنون به بل يصرحون بنفيه وكتبهم طافحة بذلك وشبهاتهم معروفة لأنهم يتساءلون فيقولون ما الحكمة من تعذيب الأطفال؟ أين الحكمة في تعذيب الأطفال؟ أين الحكمة في تعذيب الحيوانات؟ لا شك أن المسلم المؤمن بحكمة الله عز وجل يقول والله قد لا أدري ما الحكمة في تعذيب الأطفال وإن كان بعض علماء التوحيد المؤمنون بهذا الاسم حكيم وبمعناه الصحيح يحاولون أن يوجدوا حكمة ظاهرة في تعذيب, في تأليم الأطفال وتعذيب الحيوانات ولكن أنا في اعتقادي ليس كل مسلم يستطيع أن يستكشف الحكمة الإلاهية في كل تصرف إلاهي ولذلك فلا بد من نهاية الأمر من الإيمان, الإيمان الذي هو الشرط الأول في وصف المؤمنين الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة, فالإيمان بالغيب هو الفصل الحق بين المؤمن الصادق والمؤمن الكاذب فإذا نحن عرفنا الله عز وجل أنه وصف نفسه بأنه حكيم فيجب أن نؤمن سواء ظهرت لنا الحكمة أو لم تظهر على أن حكمة الحكيم العليم واضحة بينة في كثير من هذا الخلق المشهود لا سيما المتخصصين في دراسة نظام هذا الكون لكن تبقى هناك أمور كثيرة أو قليلة يخفى الحكمة فيها على كل الناس أو جل الناس أو أقل الناس فما الذي يمنعنا أن نقول ((ويسلموا تسليما)) عجز الأشاعرة عن أن يقفوا على الحكمة في بعض تصرفات الله عز وجل فيما يخلق حملهم إلى انحراف عن هذا النص القرآني فيقول الله قال ((فعّال لما يريد)) ((لا يسأل عما يفعل وهم يسألون)) فهموا ذلك بأنه لا يسأل عما يفعل لأنه يفعل ما لا حكمة فيه, يفعل ما لا عدل فيه, فعال لما يريد يعني كأي جبار من جبابرة الأرض يتصرف في حدود جبروته دون أن يتقيد بعدل أو بحكمة, هكذا وهم يقولون ((ليس كمثله شيء)) ويغالون في ذلك حتى نفوا عنه الصفات التي وصف الله بها نفسه في كتابه ووصفه بها نبيه في حديثه مع ذلك يتأولون هذه الصفات لماذا؟ قال تنزيها لله رب العالمين ثم ينسون هذا كله فيصفون الله عز وجل بمثل ما يصفون به الجبابرة, إنه فعال لما يريد بدون عدل وبدون حكمة ومن هنا توصلوا إلى التصريح بقولهم في عقيدة الجوهرة المشهورة عند الأشاعرة, " لله تعذيب الطائع وإثابة العاصي " وشرح هذا عند بعضهم ممن لا يستحيي ولا يخجل أن الله تبارك وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا له أن يدخل محمدا عليه الصلاة والسلام وأن يلقيه في الدرك الأسفل من النار مكان إبليس الرجيم وأن يرفع إبليس الرجيم ويجعله في الدرجة الوحيدة التي قال الرسول عليه السلام (أرجو أن أكون أنا هو) في الحديث المعروف لديكم جميعا, قالوا هذا في كتبهم, له إثابة العاصي وتعذيب الطائع فلماذا لا يعذب الحيوان ولماذا لا يعذب الطفل الذي لا يعرف الطاعة من المعصية, وهم يقولون لله أن يعذب الطائع أن يدخل الرسول في الدرك الأسفل من النار ويرفع إبليس في أعلى درجات الجنان.
قالوا هذا صراحة, من أين أخذوا هذا؟ من إطلاقات الآيات الكريمة ((فعال لما يريد)) بلا شك هو فعال لما يريد, هل أحد يستطيع أن يحول بينه وبين ما يريد لكن هل فعال لما يريد بمعنى أنه لا عدل عنده حاشا لله, هل فعال لما يريد بمعنى أنه لا حكمة عنده حاشا لله ولذلك يجب كما نقول دائما وأبدا كل مسألة يجب أن تضم النصوص فيها بعضها إلى بعض وتؤخذ الخلاصة من مجموع هذه النصوص ففعال لما يريد إنما يريد الله عز وجل من هذا النص وأمثاله أن لا أحد يستطيع أن يحول بينه وبين ما يريد أن يفعله لكن هذا ليس معناه أنه ليس بحكيم وليس بعادل كيف والله عز وجل يقول ((أفنجعل المسلمين كالمجرمين ما لكم كيف تحكمون)) الجبابرة من العبيد قد يفعلون هذا كما هو الواقع اليوم والمشاهد يرفعون السفلة المجرمين في وظائف وفي منازل رفيعة جدا ويعكسون فيضعون الناس الصالحين في وظائف يستطيع أن يقوم بها الأطفال الصغار.
هذا شأن الجبابرة أن الله عز وجل الجبار بحق الحكيم العليم فهو منزه عن كل شيء ينافي صفة الكمال فيه تبارك وتعالى, هذا ما أردت التنبيه عليه بالمناسبة وأنا أريد كما قلت أن أرمي عصفورين بحجر واحد, العصفور الأول أن لا نصف الكفار بأنهم كانوا يعتقدون بأن الله حكيم لأن هذا بعض المسلمين ما آمنوا به مع أن الله عز وجل أنزل هذه الصفة في القرآن الكريم والعصفور الثاني إلفات النظر إلى أهمية الدعوة السلفية التي تدعو الناس جميعا إلى الرجوع إلى الكتاب والسنة دون انحراف إلى الأخذ بأقوال علماء الكلام ففي علماء الكلام ما هو إلحاد وكفر بالقرآن وهذا مثاله قد جاءكم من باب التحذير عن وصف الكفار بأنهم يؤمنون بأن الله في الوقت الذي يقولون بأن الله خالق ومدبر للكون يؤمنون بأنه حكيم هذا إذا أمن به المسلمون فهذا هو واجبهم لأن الله ذكر لهم في القرآن أن الكفار الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر فلا يمكن أن يؤمنوا بأن الله حكيم لأن حكمته تخفى في كثير من الأمور من أجل ذلك وقعت الأشاعرة في هذا الانحراف الخطير.

(182/14)


«
تعليق الشيخ على ما جاء في الكلمة من تمسك السلفيين بالكتاب والسنة وتنبيهه لضرورة تقييد ذالك بفهم السلف الصالح
الشيخ: المسألة الثالثة وهي في الواقع كما قلت زيادة بيان لبعض ما جاء في كلام الأخ, الدعوة السلفية تلتقي مع الدعوات الأخرى كلها قديمها وحديثها مما يحوم دعاتها في دائرة الإسلام كلهم يلتقون في كلمة سواء وهي أنهم يرجعون إلى الكتاب وإلى السنة, فالدعوة السلفية من هذه الحيثية لا مزية لها على سائر االدعوات خاصة ما كان منها قائما في العصر الحاضر اليوم ولكن إنما تتميز الدعوة السلفية في هذا المجال الذي يدندن الجميع حول الكتاب والسنة أنهم يدعون إلى فهم الكتاب والسنة على منهج السلف الصالح لا يكتفون فقط بدعوة المسلمين إلى الرجوع إلى الكتاب والسنة بل يزيدون على ذلك إلى الرجوع إلى الكتاب والسنة على منهج السلف الصالح لأنه هذه الفرق الكثيرة التي أشار إليها الرسول عليه السلام إشارة عابرة في حديث الفرق الثلاث والسبعين قال عنها كلها, (كلها في النار إلا واحدة) قالوا من هي يا رسول الله قال (هي ما أنا عليه وأصحابي) وفي الرواية الأخرى وهي أصح قال (هي الجماعة) وفي الحديث الآخر (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين) إلى آخر الحديث فنجد هنا في الحديثين تنبيه إلى هذا القيد الذي يتمسك به السلفيون من بين سائر الدعاة كتاب وسنة وفهم على منهج السلف الصالح لأن الرسول عليه السلام ما قال ما أنا عليه فقط وإنما قال (وأصحابي) ما قال عليكم بسنتي فقط وإنما قال (وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي) وهذا في الواقع اقتباس من القرآن الكريم كمثل قول رب العالمين ((ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا)) فالله عز وجل قال ويتبع غير سبيل المؤمنين لماذا جاء بهذا الجملة, هذه الجملة بيانية خطيرة جدا كان يكفي أن يقول ((ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ... نوله ما تولى)) ولكنه أضاف إلى مشاققة الرسول قوله عز وجل ((ويتبع غير سبيل المؤمنين)) لحكمة بالغة ألا وهي أن مشاققة الرسول إنما تظهر بمخالفة سنة المؤمنين ومنهج السلف الصالح الذي سمعتم عنه الكلمة السابقة لذلك يقول ابن القيم تأكيدا وإشارة عابرة سريعة إلى هذا القيد في فهم الكتاب والسنة يقول:
"
العلم قال الله قال رسوله قال الصحابة ".
أيضا لم يكتف بقوله العلم قال الله قال رسوله كما يقول جماهير المسلمين وإنما أضاف إلى ذلك قال: " ........... *** الصحابة ليس بالتمويه.
ما العلم نصبك للخلاف سفاهة *** بين الرسول وبين قول فقيه.
كلا ولا جحد الصفات ونفيها *** حذرا من التعطيل والتشبيه ".
أريد باختصار أن الدعوة السلفية تدندن في جملة ما تدندن حول فهم الكتاب والسنة على منهج السلف الصالح ومن هنا تأتيهم العصمة من الوقوع في الوقائع التي تكلم عنها علماء الإسلام وأنها انحرفت عن الجادة كالمعتزلة وكالمرجئة وكالجبرية ونحو ذلك ومن الأفكار الحديثة اليوم التي يتكلم بها ويسطرها كثير من الكتاب الإسلاميين باسم الإسلام وهي ليست من الإسلام في شيء ولا يمكن لأحد من أهل العلم أن يعرف ذلك إلا إذا كان متمسكا بالكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح هذه ذكرى والذكرى تنفع المؤمنين وبهذا القدر كفاية والحمد لله رب العالمين.

(182/15)


«
شرح الشيخ لحديث سعد ابن أبي وقاص رضي الله عنه " ... الثلث و الثلث كثير ... ولعلك أن تخلف حتى ينتفع بك أقوام ويضر بك آخرون ... ".»
الشيخ: قال وعن أبي إسحاق سعد بن أبي وقاص مالك بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي القرشي الزهري رضي الله عنه أحد العشرة المشهود لهم بالجنة رضي الله عنهم قال جاءني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هنا رضي الله عنهم أشكل عليّ لأنه سعد ... ما أعلم أن أباه كان صحابيا.
السائل: لا من العشرة رضي الله عنهم, من العشرة رضي الله عنهم.
الشيخ: أحسنت, طيب قال جاءني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعودني عام حجة الوداع من وجع اشتد بي فقلت يا رسول الله إني قد بلغ بي من الوجع ما ترى وأنا ذو مال ولا يرثني إلا ابنة لي أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال (لا) قلت فالشطر يا رسول الله قال (لا) قلت فالثلث يا رسول الله قال (الثلث والثلث كثير أو كبير إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى ما تجعل في في امرأتك) قال فقلت يا رسول الله أخلف بعد أصحابي قال (إنك لن تخلف فتعمل عملا تبتغي به وجه الله إلا ازددت به درجة ورفعة ولعلك أن تخلف حتى ينتفع بك أقوام ويضر بك آخرون اللهم أمض لأصحابه هجرتهم ولا تردهم على أعقابهم لكن البائس سعد بن خولة) يرثي له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن مات بمكة متفق عليه.
الشاهد من هذا الحديث هو قوله المناسب للباب تبتغي بها وجه الله تبارك وتعالى أي إن كل إنفاق ينبغي أن يقصد به المنفق وجه الله تبارك وتعالى ونعود لشرح ما قد يكون غامضا في الحديث, في حجة الوداع مرض سعد بن أبي وقاص أحد العشر المبشرين بالجنة مرضا أشرف منه على الهلاك على الموت فجاء فعاده الرسول عليه الصلاة والسلام فشكى إليه أمره قال يا رسول الله إني قد بلغ بي من الوجع ما ترى أي فأخشى أن يدركني الموت وأنا ذو مال لا يرثني إلا ابنة لي أفأتصدق بثلثي مالي أي قبل موتي قال (لا) قلت فالشطر يعني النصف يا رسول الله فقال (لا) قلت فالثلث يا رسول الله قال (الثلث والثلث كثير) و فيه الشك إلي شك فيه الراوي قال أو كبير فالثلث كثير أو كبير فنجد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم مع تصريح سعد بأنه ليس له وارث يرثه إلا ابنة له لم يسمح لسعد بأن يوصي بشطر من المال فضلا عن الثلثين ولمّا قال سعد إذًا أتصدق بالثلث قال (الثلث والثلث كثير) هذا تعبير يبيح للغني أن يتصدق بثلث ماله ولكن مع ملاحظة أنه خلاف الأفضل لأنه قال (الثلث والثلث كثير) يعني إذا كان ولا بد فتتصدق بالثلث لكن مع ذلك فالثلث كثير أي اجعل صدقتك لورثتك فإن الأقربين أولى بالمعروف لا تتصدق بأكثر من مالك, لا تتصدق ولو بالثلث وإن كان ولا بد فالثلث والثلث كثير يعلل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم هذا الذي حضه عليه من الإقلال من الصدقة بقوله عليه الصلاة والسلام (إنك أن تذر) أي أن تترك (ورثتك أغنياء من بعدك خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس) يمدون أكفهم يسألونهم من المال الذي أعطاهم الله عز وجل فلذلك لا ينبغي لك أن تتصدق بثلثي مالك ولا بنصف مالك وإن كان ولا بد فالثلث والثلثان يبقيان لمن يرثك لتمنعهم بهذا المال الذي تتركه لهم من أن يتكففوا أيدي الناس وأن يسألوهم ويشحدوا منهم ثم يذكر الرسول عليه السلام جملة أخرى فيها بيان فضل الإنفاق على العيال بصورة خاصة فيقول (وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها) مهما كانت هذه النفقة يسيرة وبسيطة في أعين الناس (حتى ما تجعل في في امرأتك) يعني في فمها اللقمة يرفعها الرجل إلى فم زوجته فهي صدقة ولكن بشرط أن يبتغي بذلك وجه الله تبارك وتعالى هنا الشاهد من هذا الحديث أن المسلم مهما عمل من أعمال صالحة فهي لا تكون صالحة مقبولة عند الله إلا إذا ابتغى بها وجه الله تبارك وتعالى, (وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى ما تجعل في في امرأتك) قال فقلت يا رسول الله أخلّف بعد أصحابي؟ يعني أعيش وأحيى مدة من الحياة بعد أصحابي الذين ماتوا قال (إنك لن تخلف فتعمل عملا تبتغي به وجه الله إلا ازددت به درجة ورفعة) هذا كالحديث الذي رواه الإمام أحمد وغيره (خيركم من طال عمره وحسن عمله) فهو يقول (إنك لن تخلف يعني تعيش من بعد أصحابك فتعمل عملا تبتغي به وجه الله إلا ازددت به درجة ورفعة ولعلك أن تخلف حتى ينتفع بك أقوام ويضر بك آخرون) هنا في نكتة قلما تأتي في النصوص الشرعية يقول (ولعلك أن تخلّف فينتفع بك أقوام) ما وقف إلى هنا بل قال (ويضر بك أخرون) كيف يضر الآخرون؟ بسبب كفرهم وعصيانهم وضلالهم يعني الرسول عليه السلام لما بعث فانتفع به ناس وتضرر به آخرون الذين انتفعوا واضح أمرهم أما الذين تضرروا فقد أقيمت حجة الله عليهم, ببعثة الرسول صلى الله عليه وسلم فتضرروا بذلك.

(182/16)


«
رد الشيخ على من يزعم أن الدعوة للكتاب والسنة تفرق الناس
الشيخ: ولهذا فلنا في مثل هذا النص النبوي عبرة بالنسبة لبعض الناس الذين ينقمون علينا أن في دعوتنا تفرقة للأمة وهم يريدون تجميع الأمة وتكتيلها لكن هذا التجميع وهذا التكتيل ليس على هدى من الله بينما نحن حينما ندعو الناس إلى اتباع الكتاب والسنة لا شك أن في ذلك تفريقا للناس وهذا التفريق ليس خيرا ولكن نحن لسنا مسؤولين, نحن نقدم الخير إلى أهل الخير الذين يقبلونه ولا علينا بعد ذلك إذا رفضه آخرون فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لسعد (ولعلك أن تخلف من بعدك فينتفع بك أقوام ويضر بك آخرون).
وهذا جاء وأخبره بأنه يصلي الصلاة التي رأها من الرسول عليه السلام فهو يطيل في الأوليين ويخفف الأخريين فأقره عمر على ذلك فأظن أنه في هذه المناسبة أو في غيرها دعا سعد بن أبي وقاص على هذا الرجل.
السائل: ... .
الشيخ: نعم؟
السائل: ... أرسل عمر إلى الكوفة نفسها ... استطلع.
الشيخ: ... المهم بهذه المناسبة دعى سعد بن أبي وقاص عليه فاستجاب الله فيه دعاءه فعاش رجلا مريضا هزيلا كان يصرح بأن دعوة سعد بن أبي وقاص أدركته, أي نعم.
فهذا جاءت أو بهذه القصة الصحيحة كمثال على قول عليه السلام (ويضر بك آخرون) أي نعم. نعم؟
السائل: ... .
الشيخ: طبعا, (ولعلك أن تخلّف حتى ينتفع بك أقوام ويضر بك آخرون) ثم يدعو الرسول عليه السلام فيقول (اللهم أمض لأصحابي هجرتهم) يعني تقبلها منهم ووفقهم للعمل بمستلزماتها ولا تردهم على أعقابهم بأن يصبحوا نادمين على هجرتهم من مكة إلى المدينة وقد جاء في السنة الصحيحة بأن المهاجريّ الذي هاجر من مكة إلى المدينة ثم جاء إلى مكة حاجا أو معتمرا لا يجوز له أن يمكث في مكة أكثر من ثلاثة أيام وفورا يجب أنه يسحب إلى موطن هجرته لماذا؟ خشية أن يركن ويحن إلى وطنه فيندم على هجرته السّابقة فينقلب على أعقابه خاسرا لذلك قال عليه السلام (اللهم أمض لأصحابي هجرتهم ولا تردهم على أعقابهم لكن البائس سعد بن خولة يرثي له رسول الله صلى الله عليه وسلم أن مات بمكة) البائس هو سعد بن خولة هو من المهاجرين, هاجر من مكة إلى المدينة ولكن جاءه الأجل فمات في مكة ويعتبر الرسول عليه السلام هذا نقص في أجر هذا الإنسان مع أنه لا يملك الموت, الموت مفروض عليه فيقول لكن البائس سعد بن خولة يرثي له رسول الله صلى الله عليه وسلم أن مات بمكة.

(182/17)


«
كلام الشيخ على زيادة " لكن البائس سعد ابن خولة ... ".»
الشيخ: أذكر أن لبعض العلماء من المحدثين كلاما في هذه الجملة الأخيرة لكن البائس سعد بن خولة يقولون إن هذه الزيادة مدرجة في الحديث ليست من رواية سعد بن أبي وقاص الذي روى لنا هذا الحديث كله وإنما هذا مدرج في آخر الحديث من كلام الزهري وممن ذكر ذلك الحافظ ابن حجر العسقلاني ومن فوائد كتابي مختصري لصحيح البخاري بسبب الطريقة التي يعلمها بعضكم في جمع الروايات من مواطنها المتفرقة من صحيح البخاري أنني وجدت في صحيح البخاري زيادة في بعض الروايات قال سعد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ولكن البائس) فوضع هذه كما تعلمون بين معقوفتين كزيادة في صحيح البخاري.

(182/18)


«
بيان حكم الجماعة الثانية
الشيخ: ... معه وبينما لو كان فصلى به لأنه لو كان فصلى به أي إماما أي كان هو الإمام بينما صلى معه أي كان هو المقتدي والذي دخل متأخرا هو الإمام, الآن يرد السؤال بالنسبة للجماعات التي تقام اليوم في كثير من المساجد وأثبتنا آنفا عدم شرعيتها.
رسولنا صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الثاني (ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه) حينما يدخل اثنان من الشارع أو أكثر فيتقدم أحدهم ويصلي بهم إماما من هو المتصدق ومن هو المتصدق عليه؟ أنبئني يا أستاذ.
السائل: ... .
الشيخ: لا أنا أسأل الذي طرح الحديث, من المتصدق ومن المتصدق عليه؟
السائل: ما شاهد ... .
الشيخ: الحديث بارك الله فيك الرسول عليه السلام قال لمن حوله.
السائل: لا إلي دخلوا ... دخلوا اثنان؟
الشيخ: إيه.
السائل: ... دخلوا اثنان؟
الشيخ: أيوه إذا دخل اثنان في المسجد متخلفين.
السائل: نعم.
الشيخ: أو أكثر.
السائل: نعم.
الشيخ: فتقدمهم أحدهم وصلى بهم إماما فمن المتصدق ومن المتصدق عليه؟
السائل: هذا ما فيش ... .
الشيخ: هاه أحسنت إذًا لماذا نحشر هذا الحديث في موضوع تكرار الجماعة؟ بمعنى آخر وهذا هنا يعين الطريق الثاني الذي أشرت إليه يحتاج إلى شيء من التفصيل.
الرسول عليه السلام حينما قال (من الذي يتصدق على هذا) فيه إشارة دقيقة ورائعة جدا إلى أن هناك فقيرا وهناك غنيا فمن الذي يتصدق آلفقير على الغني أم الغني على الفقير!.
السائل: ... .
الشيخ: الغني على الفقير, الرجلين إلي صلوا في المسجد بحضرة الرسول عليه السلام من منهم الغني ومن منهم الفقير؟
السائل: إلي صلى هو الغني.
الشيخ: الاثنين صلوا ما يكفي هذا الجواب.
السائل: إلي صلوا ... .
الشيخ: صدقت الاثنين صلوا مع بعض.
السائل: لا صلوا مع النبي عشان, إلي صلى مع النبي, حضر الجماعة مع النبي الأولى.
الشيخ: يا ... هذا مكلّف يعني وضّح الجواب؟ إذًا الغني هو إلي صلى مع الرسول عليه السلام, واضح؟ طيب لماذا كان هذا غنيا لأنه أولا اكتسب فضل سبعة وعشرين درجة ثانيا صلى وراء الرسول عليه السلام.
إذًا هذا هو الغني وذاك الفقير فهنا واضح جدا أنه في متصدق وفي متصدق عليه فإذا تكررت هذه الصورة بعد الرسول عليه السلام فسيكون هناك متصدق وسيكون هناك متصدق عليه.
لنصور الآن نفس الصورة إلي وقعت في زمن الرسول عليه السلام رجل دخل المسجد ويجد الإمام يقول السلام عليكم ورحمة الله السلام عليكم ورحمة الله, وواحد فليكن أحد الحاضرين الآن سمع هذا الحديث وفهم فقهه فقام وصلى معه فهذا الذي قام وصلى معه هو المتصدق وذاك الذي فاتته صلاة الجماعة هو المتصدق عليه, هذا من جهة, من جهة ثانية وهذا تعبير علماء الحنفية الذي يأتي قالوا لا يصح الاستدلال بهذا الحديث على شرعية الجماعة الثانية لأن البحث صلاة مفترض وراء مفترض بينما هذا الحديث يعني صلاة متنفل وراء مفترض.
السائل: نعم.
الشيخ: والتنفل بالنسبة للفرض أضعف ولذلك هم يعبرون تعبيرا آخر فيقولون هذه الصلاة صلاة ضعيف وراء مفترض, نحن نريد مفترض وراء مفترض وهذا لا وجود له إذًا تبيّن المعنى جليا إن شاء الله بأن هذا الحديث إنما يستدل به على جواز تكرار الجماعة مِن الذي صلى الجماعة المشروعة بأن يصليهما إنسان فاتته الجماعة المشروعة فيكتب له هذه الفريضة التي صلاها بسبع وعشرين درجة ويكتب له نافلة كما جاء في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في حجة الوداع صلاة الفجر في مسجد الخيف فلما سلم وجد رجلين يوحي وضعهما بأنهما ما صليا مع الرسول عليه السلام فناداهم فقال لهما (أولستما مسلمين؟) قالا بلى يا رسول الله قال (فما منعكما أن تصليا معنا؟) قالا يا رسول الله إنا كنا صلينا في رحالنا قال عليه الصلاة والسلام (فإذا صلى أحدكم في رحله ثم أتى الجماعة فليصل معهم فإنها تكون له نافلة) كذلك في الحديث الآخر (سيليكم أمراء يأخرون) وفي رواية (يميتون الصلاة عن وقتها فإذا أدركتموهم فصلوا أنتم الصلاة في وقتها ثم صلوها معهم تكون لكم نافلة).
السائل: نكتة ... .
الشيخ: تفضل.
السائل: في ناس.

(183/1)


«
ما حكم قضاء الصلاة التى تفوت الإنسان خصوصاً صلاة الفجر وذلك يتكرر منه كثيرا وهل هو معذور في ذلك؟»
السائل: ... أو العصر فاتته صلاة ... وقام من نوم وصلى يوميا هذا بتفوته صلاة الفجر حتى يرفع رأسه من النوم بيقوم يتوضأ ويصلي, بيجوز أو لا يجوز؟
الشيخ: قضاء الصلاة يا أخي له صورتين.
السائل: الله يجازيك خير.
الشيخ: قضاء الصلاة التي تعمد إخراجها عن وقتها فهذا القضاء لا أصل له في شرعنا, القضاء الثاني ... تفضل على اليمين.
سائل آخر: جزاكم الله كل خير
سائل آخر: ... .
الشيخ: القضاء الثاني رجل نام عن الصلاة أو نسيها هذا ساعة يستيقظ لها وساعة يتذكرها يصليها ولو مثلا والشمس طالعة ولو غربت الشمس وهو ما صلى العصر فيصلي هذا معذور ذاك غير معذور, المعذور له رخصة أن يصليها ساعة التذكر أو ساعة الاستيقاظ من النوم وهذا صريح قوله عليه السلام.
إذا بدك تعجلني ... .
السائل: نعم.
الشيخ: بدك تحمل الكاسة بقى للشرب باليد اليسرى.
السائل: ... يقطع.
الشيخ: إيه أنت.
السائل: نحن موظفين مع الأوقاف في صلاة الفجر بالذات في العادة نؤخر إقامة الصلاة بعد أربعين دقيقة أو خمس وأربعين.

(183/2)


«
كيف نجمع بين هذين الحدثين" أسفروا بالفجر فإنه أعظم لأجوركم" و حديث عائشة رضي الله عنهما أن الصحابيات كن يرجعن من صلاة الفجر في الظلمة (في الغلس)؟»
السائل: فيه من المعترضين من يقول ذلك كثير فوجه الخلاف هنا بين حديثين الحديث الأول (أسفروا بالفجر فإنه أعظم بالأجر) , لا أدري هل هو صحيح أم لا الله أعلم والثاني حديث عائشة أن النساء كن يخرجن وعليهن ... .
سائل آخر: ... .
السائل: نعم, كيف التوفيق بين ..
الشيخ: من الغلس.
سائل آخر: التوفيق إن شاء الله
الشيخ: أي نعم
سائل آخر: إن ... .
الشيخ: في اعتقادي أنه لا خلاف بين الحديثين إذا ما نظر إليهما بمنظار بعض القواعد العلمية الفقهية الأصولية منها وهذا مهم جدا لخصوص هذه المسألة وغيرها كثير.
كل نص صدر من النبي صلى الله عليه وسلم له دلالة عامة فلا يجوز أن نفسره على دلالته العامة إلا ونحن نلاحظ تفسير هذه الدلالة بالسنة العملية لأننا في الأصل نعتبر أنه لا تناقض ولا تعارض بين قوله عليه السلام وفعله ولذلك كان من القواعد العلمية كما لخص ذلك الحافظ أحمد بن حجر العسقلاني في رسالته الفذة النادرة في علم مصطلح الحديث وهي شرح النخبة في نوع أو فصل مختلف الحديث قال " إذا جاء حديثان متعارضان من قسم المقبول وجب التوفيق بينهما بوجه من وجوه التوفيق الكثيرة فإن لم يمكن اعتبر الناسخ من المنسوخ منهما فإن لم يمكن صير إلى الترجيح أي القوة " فإذا كان أحدهما حسنا كما قلنا في الداخل والآخر صحيحا تركنا الحسن وأخذنا الصحيح, كان أحدهما صحيحا فردا والآخر كان صحيحا مستفيضا أو مشهورا ترك الفرد وأخذ بالمشهور وإذا كان حديثا صحيحا مستفيضا أو مشهورا ومعارضه كان متواترا أخذ به وترك ذاك, قال فإن استويا في القوة قلنا الله أعلم وترك الأمر لعالمه ولا نقول " تعارضا فتساقطا " هذه عبارة يقولها بعض الناس الشاهد أنه يقول أول ما يقول وجب التوفيق بين الحديثين الصحيح, الآن نحن أمام حديثين صحيحين.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
السائل: شيخ يعمل بال ... ما أمكن.
الشيخ: هو هذا معنى التوفيق, هو هذا معنى التوفيق.
وعليكم السلام ... ابن حجر لما قال في المرتبة الأولى إذا جاء حديثان متعارضان من قسم المقبول وفق بينهما بوجه من وجوه التوفيق ما ذكروا وجوه التوفيق كم هي, شيخه الحافظ العراقي في حاشيته أو شرحه لكتاب علوم الحديث لابن الصلاح ذكر أن وجوه التوفيق بين الأحاديث تتجاوز المائة وجه, مائة وجه فإذا عجز العالم عن التوفيق بوجه من هذه الوجوه نزل مرتبة اعتبار الناسخ من المنسوخ إلى آخره.
الأن هنا في سؤالك لدفع التعارض المتبادر لبعض الأذهان بين حديث السيدة عائشة رضي الله عنها أن نساء المسلمات كن في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ينصرفن من صلاة الفجر متلفعات بمروطهن لا يعرفن من الغلس فهو حديث في صحيح البخاري ومسلم, الحديث الثاني الذي يُتوهم أنه يعارض الحديث الأول (أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر) يستدل الحنفية بهذا الحديث أن تأخير صلاة الفجر إلى الإسفار هو الأفضل لكن هذا يخالف السنة التي جرى عليها الرسول عليه السلام طيلة حياته المباركة فلو كان هو الأفضل لكان الرسول يعمل بالأفضل لكن على العكس من ذلك كان يصلي الصبح في الغلس كما أفادنا إياه حديث عائشة وكما يدل على ذلك أيضا حديث أبي برزة الأسلمي في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الصبح في الغلس.
إذًا يجب الآن التوفيق بين الحديثين, حديث (أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر) يحتمل معنيين وينبغي نأخذ المعنى لا يتصادم مع الحديث الأول لأنه هذا هو طريق الجمع وعدم ضرب الحديث بالآخر, ما هما المعنيان؟ (أسفروا بالفجر) خروجا (أسفروا بالفجر) دخولا, فالذين يأخذون بهذا الحديث تاركين حديث عائشة وحديث أبي برزة بيفسروا الحديث أسفروا يعني أدخلوا في الفجر في الإسفار, الذين يريدون التوفيق بين الحديثين يقولون أسفروا خروجا وليس دخولا, يعني بكروا بالدخول في صلاة الفجر بالغلس ثم إن شئتم الفضيلة فأسفروا أسفروا فإنه أعظم للأجر وبهذا جمع رجل من كبار علماء الحنفية مع أنه هذا قلما نجده من علماء الحنفية الذين يغلب عليهم في الغالب مع الأسف الشديد أو على الغالب التمسك بالمذهب, أبو جعفر الطحاوي حنفي المذهب لكنه مطعّم بالحديث مشرّب بالحديث فتأثر بالحديث فلما بحث هذا الموضوع قال لا تعارض بين الحديثين لأن معنى الحديث (أسفروا بالفجر) أي خروجا وليس دخولا وبذلك يزول التعارض بين الحديثين.
السائل: الصلاة يعني.
الشيخ: نعم.
السائل: توجه لأداء الصلاة.
الشيخ: أيوه من الصلاة يعني المقصود أطيلوا القراءة حتى تخرجوا ويعجبني بهذا المناسبة قصة رواها الإمام البيهقي في سننه الكبرى بالسند الصحيح أنه صلى بالصحابة في خلافته طبعا صلى إماما ويبدو أنه أطال القراءة وأطالها جدا ولو أن ذلك وقع اليوم في هذا العصر لضج المسجد بالمنكرين لكن لما خرج من الصلاة قالوا له لقد أطلت يا أمير المؤمنين الصلاة حتى كادت الشمس أن تطلع, كان جوابه رائعا جدا قال إن طلعت لن تجدنا غافلين إن طلعت لن تجدنا غافلين نحن في عبادة الله عز وجل ثم في هذا الحديث إشارة إشارة ناعمة جدا إلى قوله عليه الصلاة (من أدرك من صلاة الفجر ركعة فقد أدرك الصلاة) إذًا هو صلى الركعة الأولى في الوقت الأول وأطال فيها ما شاء الله أن يطيل ثم أطال القراءة أيضا في الركعة الثانية حتى خشي بعضهم أن تطلع الشمس فلما قيل له ذلك قال إن طلعت لن تجدنا غافلين أي هو أدرك ركعة من الصلاة وركعة طويلة مش وما كان وركعة ثانية كذلك فإذًا هم طائعون لله عز وجل فلا بأس, هذا هو الجمع بين الحديثين.
وفيكم إن شاء الله
السائل: البعض إلي يفسر الغلس على أنه قبل طلوع الفجر, البعض بيقول يعني في الليل.
سائل آخر: الظلمة الظلمة.
السائل: الظلمة.
سائل آخر: الظلمة غلس.
الشيخ: ... قبل طلوع الفجر الصادق ما عاد يقوله قلت الغلس المقصود فيه الظلمة لكن الظلمة ظلمة أول الليل ونصف الليل وآخر الليل, هذا كله اسمه إيش؟ غلس, والأحاديث يفسر بعضها بعضا, فصلاة الفجر لا تصح إلا حينما يطلع الفجر الصادق أي النور الساطع.
السائل: يعني هو يقصد حديث عائشة لم يصل ... قبل الفجر
الشيخ: كيف ما هي بتقول كنا نصلي وراء النبي صلى الله عليه وسلم, لا مش معقول هذا.

(183/3)


«
الكلام على حكم الجماعة الثانية
الشيخ: ... مسألة تكرار جماعة بقية الكلام, نحن تكلمنا عن عدم شرعية الجماعة الثانية في المسجد الواحد له إمام راتب ومؤذن راتب من حيث الرواية, أريد أن أتكلم على المسألة نفسها من حيث الدراية ... سمعت الجماعة الثانية حينما يتبناها بعض الناس تصبح لهم صارفا عن الاهتمام بصلاة الجماعة الأولى.
السائل: سيارتك ... الطريق.
الشيخ: يالله بسم الله تفضل ... أظن تعودت عن الأوتوماتيك يعني.
السائل: نعم.
الشيخ: تفضل, فعدم شرعية الجماعة الثانية إذا أردنا وصح تعبيرنا هو من باب سد الذريعة أي حتى لا يتواكل الناس على الجماعة الثانية والثالثة يسد هذا الباب ويغلق خشية أن يؤدي فتح هذا الباب على التهاون بصلاة الجماعة الأولى والحقيقة أنه هذا أمر واقع والسبب لأن في اعتقادي السبب يعود إلى أمرين اثنين أحدهما أن كثيرا من طلاب العلم بل وربما من أهل العلم يرون أنه لا بأس بالجماعة الثانية وعامة الناس بيريدوا هيك رخصة هات يدك إذا يمشي يعني يسروا ولا تعسّروا بدون قاعدة وبدون ضابطة ثانيا من كانوا من أهل العلم بالسنة وبالآثار الصحيحة عن الصحابة قليل منهم من يقوم بواجب التوعية ولذلك فعامة الناس اليوم ذهنهم فارغ عن عدم شرعية الجماعة الثانية وذهنهم ممتلئ ومشحون بجواز الجماعة الثانية فما هي النتيجة الطبيعية لهذا التجويز الذي استقر في نفوسهم أنه ما لحقنا الجماعة الثانية, الأولى بنلحق الثانية والثانية ما لحقناها بنلحق الثالثة وهكذا وأنا أشهد بنفسي في أكبر مسجد في سوريا مسجد بني أمية في دمشق كان يؤذن لأذان المغرب وهناك جماعة تصلي صلاة العصر بمعنى أنه الجماعات مستمرة من بعد الأذان أذان العصر إلى أذان المغرب.
السائل: ... .
الشيخ: أنا أتكلم كما قال تعالى ((وما شهدنا إلا بما علمنا)) وإلا نستفيدها منكم أنه في عمان أيضا هكذا
السائل: أه الجماعات مستمرة يعني.
الشيخ: مستمرة لكن أنا بقول إلى أذان المغرب ما أدري.
السائل: ... .
الشيخ: أه, فالمقصود ما الذي يحملهم على هذا؟ ما استقر في أذهانهم شرعية الجماعة الثانية والثالثة وهكذا.
السائل: ربما الأعذار ... .
الشيخ: نعم؟
السائل: الأعذار سواء.
الشيخ: سواء لأنه قد تكون أنت معذور لكن أنا ماني معذور فأنت بتفتح الباب بيلحقوك الناس, تصير القضية فوضى يعني وأنا قلت لبعض إخواننا بهذه المناسبة أنا عرفت هذا في نفسي وهذا خير مثال أقدمه ناصحا لإخواني, فأنا في دمشق كان لي دكان وأنا أصلح الساعات فأنا ساعاتي هنا, مسجدي قريب مني يعني بالكثير أربعين خمسين متر أسمع الأذان في يدي ساعة بأركب لها برغي بركب لها عقرب إلخ لأركب هذا البرغي لأركب هذا العقرب وشوية بقوم وشوية بقوم وشوية بقوم وبقوم بروح على المسجد تلاقي الصلاة إيش؟ راحت, تتجدد المناقشة بين نفسي وعقلي وأنا كنت طالب علم فبتقل لي نفسي أنت مو عاجبك حالك؟ إذا, لأنه كنت أقول بلكي فاتت الجماعة يمكن نلاقي إمام ثاني بيصلي بلكي ما لقينا إمام ثاني أنت مو عاجبك حالك؟ أنت بتصلي إمام بالناس وهكذا مضيت على ذلك ما شاء الله إلى أن بصرني الله بالسنة وعرفت أنه ما في جماعة ثانية أصبحت بسمع الأذان من هون وبترك الساعة بأرضها وبقوم بصلي برجع بلاقيها مثل ما تركتها يعني النتيجة واحدة لولا النفس الأمارة إيه؟ بالسوء وأنا طالب علم هيك فما بالك بعامة الناس, كل الناس راح يقولوا يا أخي هاه الوقت معنا طويل وجماعة ثانية ما بتفوتنا إن شاء الله والثالثة والرابعة و و إلخ.
إذًا بالإضافة إلى ما ذكرنا آنفا من النصوص الدالة على عدم شرعية الجماعة الثانية يجب أن نتذكر أن عدم الشرعية حكمتها من باب سد الذرائع كما يقول الفقهاء هذا الذي أردت أن أتمم به الكلام.

(183/4)


«
هل الصلاة في الجماعة الثانية صحيحة؟»
السائل: هل الصلاة الثانية أو الجماعة الثانية لا تسأل عن الذي صلى؟
الشيخ: تريد أن تقول يعني صلاته صحيحة وإلا لا؟
السائل: ... .
الشيخ: لا طبعا صلاته صحيحة لكن الجماعة ما هي صحيحة وهذا كلام الإمام الشافعي في كتابه الأم أحسن من رأيت تكلم في هذه المسألة من الفقهاء القدامى هو الإمام الشافعي بعدين الإمام الإمام مالك في المدونة يقول الإمام الشافعي بلسان عربي مبين وهو قرشي كما هو معلوم " وإذا دخل جماعة المسجد ووجد الإمام قد صلى صلوا فرادى وإن صلوا جماعة جازت صلاتهم ولكني أكره لهم ذلك لأنه لم يكن من عمل السلف " قال " ولو كان هناك مسجد على قارعة طريق ليس له إمام راتب ولا مؤذن راتب جاز لهم أن يصلوا جماعة " ثم بيأكد قوله الأول بيقول " وأنا قد حفظنا أن جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم فاتتهم الصلاة مع الجماعة فصلوا فرادى وقد كانوا قادرين على أن يجمّعوا مرة أخرى ولكنهم لم يفعلوا لأنهم كرهوا أن يجمعوا في مسجد مرتين " هذا نص من الإمام الشافعي على المسألة سلبا وإيجابا, سلب لا تشرع الجماعة الثانية إيجابا بيفعلوا صحت صلاتهم لكن ما في فضيلة الجماعة بل هي مكروهة, أي نعم.
السائل: ... شيخ.
الشيخ: ما في عندنا نص في التحريم فنقول مكروهة وبس
السائل: أفضل ... .
الشيخ: آه.
السائل: أفضل ... .
الشيخ: فرادى بلا شك لكن هذا لا يعني أنه تكاسل في صلاة الجماعة لا هذا يجب أن يحملنا على الحرص بأداء الصلاة مع الجماعة لأنه صلاة الجماعة هذه ليست أيضا سنة كما يتوهم الكثيرون بل صلاة الجماعة فرض كالفرض نفسه, صلاة الجماعة فرض كالصلاة لأن الله عز وجل يقول ((وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين)) فقوله تعالى ((واركعوا مع الراكعين)) ليس تكرارا لقوله ((وأقيموا الصلاة)) وإنما لقوله في خاتمة الآية تشريع لحكم جديد لو رفعنا ما بين طرفي الآية الطرف الأول الطرف الأخير في عندنا ثلاث جمل ((وأقيموا الصلاة)) ((وأتوا الزكاة)) ((واركعوا مع الراكعين)) إذا رفعنا الجملة الوسطى فقلنا ((وأقيموا الصلاة)) ((واركعوا مع الراكعين)) هل هو تكرار للجملة الأولى حاشى الجملة الأولى تعني ((وأقيموا الصلاة)) أي أحسنوا أداءها وليس يعني صلوا وبس, أقيموا الصلاة يعني أحسنوا أداءها الجملة الثالثة والأخيرة ((واركعوا مع الراكعين)) أي صلوا هذه الصلاة التي أمرتم بإقامتها مع جماعة المسلمين أيضا يجب أن نحرص على صلاة الجماعة في المساجد وما نقول إذا فاتتنا بنصلي فرادى لأنه بنكون خسرنا مرتين خسرنا الجماعة المشروعة وخسرنا الجماعة الغير مشروعة عندنا ومشروع عند بعضهم.
السائل: هو الله أعلم الشافعي يقول ... .الجماعة الثانية أو الثالثة ... جماعة.
الشيخ: هو هذا, هو كذلك.
السائل: ... .
الشيخ: أي نعم.

(183/5)


«
لو صلى جماعة في المسجد فرادى فجاء من في المسجد فتصدقوا على كل واحد فهل هذه الصورة جائزة؟»
السائل: ... لو دخل جماعة للمسجد فصلوا فرادى وجاء من بالمسجد فتصدقوا على كل واحد منهم, هذه الصورة صورة جائزة؟
الشيخ: هذه الصورة قد تجوز ولا أقول جائزة, قد تجوز ... سؤالك صوري نظري لا يمكن تحقيقه!
السائل: يمكن يمكن أن يكون في تصدق فيما بعد ..
الشيخ: يمكن يمكن لكن بالنسبة لواقعنا اليوم نظري ما هو عملي, تفضل.

(183/6)


«
رجل دخل المسجد وقد فاتته الصلاة فصلى منفردا فجاء آخر فتصدق عليه فكيف تسمى هذه الجماعة ثم التحق بهم بعض المصلين فصلوا معهم؟»
السائل: دخل رجل وتصدّق عليه من صلى الفرض مع الإمام, ماذا تسمى هذه جماعة؟
الشيخ: جماعة نفل هذه.
السائل: ... طيب دخلت وهم يصلون دخل واحد ثم ثاني ثم ثالث والتحقوا بهم؟
الشيخ: أي نعم, ما يجوز.
السائل: لا يجوز.
الشيخ: إلا إذا كان يرى بجواز تكرار الجماعة الثانية أما إذا كان يرى عدم جواز الجماعة الثانية أمثالها ولما بيشوف بدل الواحد صاروا عشرة فهو يعلم أنها جماعة ثانية
السائل: ... إن الأصل الأصل أنه جوزه النبي عليه السلام
الشيخ: واحد أليس كذلك؟
سائل آخر: جماعة ... الصورة واحدة.
الشيخ: اصبر اصبر شوي اصبر شوي.
سائل آخر: الصورة ..
الشيخ: الحديث واحد.
سائل أخر: ... الصورة في واحد.
الشيخ: نعم
السائل: يعني الصورة الي تحدث عنها النبي عليه الصلاة والسلام كانت في واحد دخل رجل فقال لأحدهم من يتصدق عليه.
الشيخ: طيب.
السائل: هذه هي الصورة.
الشيخ: أي نعم.
السائل: هل تمتنع الصور الأخرى؟
الشيخ: ما هي الصور الأخرى في تصورك أنت؟
السائل: إلي ذكرت, دخلوا ناس وجدوا جماعة وصلوا معهم
الشيخ: طيب هذولي إلي دخلوا كانوا صلوا مع الجماعة؟
السائل: كانوا متأخرين يعني أرادوا أن ..
الشيخ: خير الكلام ما قل ودل, كانوا صلوا مع الجماعة قل لا
السائل: لا.
الشيخ: والأولاني؟ إذًا اختلفت المسألة ... .
السائل: إذًا لا يجوز أن ... .
الشيخ: أي نعم.
سائل أخر: سؤال ... .
الشيخ: نعم ... .

(183/7)


«
ما معنى قوله تعالى " إني متوفيك ورافعك إلي " الآية؟»
السائل: ... آل عمران. ((ورافعك إلي)) ما معنى متوفيك هنا؟
الشيخ: هذه الآية تشكل على بعض الناس والسبب أنه غلب على أفهامهم أنه الوفاة هو الموت ولا يرجعون لسبب بعدهم عن اللغة العربية وأدابها إلى أصل كلمة الوفاة, أصل كلمة الوفاة في اللغة هو قبض الشيء وافيا فيقول مثلا الإنسان أنا استوفيت ديني, شو معنى استوفيت ديني؟ يعني أخذت ديني كافيا كاملا وأصل الوفاة هو في اللغة هكذا, في الآية إنا أسلمنا غلب على ظنه أنه معنى الوفاة هو الإماتة فتفسرونها بمعنى الموت لكن هنا المقصود قبض عيسى كما هو ((إني متوفيك)) كما أنت أي قابضك بجسدك وروحك فمعنى الآية يؤكد هذا المعنى ((ورافعك إليّ)) رافعك خطاب لمين؟
السائل: ... .
الشيخ: لا, لعيسى بالروح والجسد معا هذا يشبه تماما قوله تعالى ((سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى)) الآية, اختلفوا قديما وحديثا ((ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك)) , هل كان الإسراء ببدنه عليه السلام وروحه أم بروحه دون بدنه؟ قولان معروفان لكن القول الصحيح الذي لا شك ولا ريب فيه أن إسراءه عليه السلام وكذلك معراجه كان بالروح والجسد معا, ها الآية بتدل على هذا المعنى لأنه قال ((أسرى بعبده)) فعبده محمد صلى الله عليه وسلم الذي أخبر عنه بهذه الآية هو بالروح والجسد فإذًا ((أسرى بعبده)) أسرى بمحمد بجسده وروحه كذلك الآية السابقة ((متوفيك)) أي قابضك كما أنت ورافعك كما أنت لذلك قال كان القول الصحيح أن عيسى عليه الصلاة والسلام رفعه الله عز وجل إلى السماء بجسده وبروحه ثم تأكد هذا بالحديث الصحيح بل المتواتر حيث قال عليه الصلاة والسلام (لينزلنّ فيكم عيسى بن مريم حكما عدلا فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويفيض المال حتى لا يقبله أحد وتكون السجدة للمؤمن خير من الدنيا وما فيها) إذًا هذا الذي رفعه الله إليه هذا الذي رفعه الله إليه ببدنه وروحه سينزله أيضا بجسده وروحه ليحكم بين الناس جميعا المسلمين والنصارى واليهود بشرع الله الإسلام, فهذه معجزة ابتداء وانتهاء رفعه كما هو ثم سينزله كما هو ليحكم بما جاء به عليه الصلاة والسلام من الكتاب والسنة, نعم.
السائل: فيه سؤال ... في عيسى ما بتتحرك.
الشيخ: تفضل.
السائل: جزاك الله خيرا
الشيخ: أهلا.
السائل: سيدي منذ تقريبا أوائل.

(183/8)


«
هل يجوز للجان الزكاة المتطوعين لجمعها و توزيعها على مستحقيها أن يأخذوا من الزكاة لقوله تعالى " والعاميلن عليها" و هل يجوز أن يصرفوا أموال الزاكة في مشاريع خيرية ينتفع بها الفقراء بالدرجة الأولى مثل عي»
السائل: ... أوائل الثمانينات وجدت لجان للزكاة في المملكة في الأردن هنا ومنها لجنة ... وهي تجارب تطبيقية وإن اختلف الوضع الاجتماعي الآن عما كان عليه السلف الصالح رضوان الله عليهم تجابهنا العديد من المشاكل أولا بالطبع نحن لا تكون لجنة زكاة دون أن ترخص من صندوق الزكاة أي من وزارة الأوقاف أي من الحاكم, ثانيا العاملين على شؤون الزكاة كلهم من المتطوعين يعني موظفون صباحا في أشغالهم المدرس والصيدلي والإداري وما شابه ثم بعد الظهر وفي ساعات المساء يأتون ويسعون على جمع الزكاة وتوزيعها أو في العطل أو ما شابه.
أولا: هل يجوز لهم وهم متطوعون أن يأخذو شيئا من نصيب العاملين عليها, من سهم العاملين عليها.
وثانيا هل يجوز أن يصرفوا بعض أموال الزكاة على مشاريع خيرية ينتفع منها الفقراء بالدرجة الأولى مثل عيادة تعالج الفقراء مجانا أو مثلا مشروع صغير ريعه يعاد توزيعه على الفقراء, استثماري يعني, تستثمر أموال الزكاة في مشاريع مدروسة جيدا وتعطي ريعا يعاد استثماره وتوزيعه على الزكاة يعني العاملين عليها هل ينطبق وصفهم على الشباب المتطوع؟ وهم يقومون بكل أوصاف العاملين عليها من الجمع والتوزيع والتحقق من الفقر والمسكنة وما شاكل.
وثانيا هل يصرف من أموال الزكاة على مشاريع خدمية من عيادات ورياض أطفال ينتفع منها الأيتام والفقراء وما شاكل؟
الشيخ: نعم, أما بالنسبة للمسألة الأولى فلا يجوز لهم أن يأخذوا من أموال الزكاة بصفتهم عاملين وذلك لسببين اثنين أو لعل التعبير الأدق لأحد من السببين الاثنين أحدهما كونهم موظفين كما قلت صباحا وإذا فرغوا من عمله الذي يتقاضون عليه راتبا عملوا في هذا السبيل تطوعا والسبب الثاني وهذا مهم أنه ليس لأحد أن ينصب نفسه عاملا في سبيل الخير ثم يفرض هو لنفسه حصة من هذا الخير الذي يجمعه من الناس باسم الفقراء والمساكين, هذا الأمر يعود إلى ولي الأمر أي إلى الحاكم المسلم الذي يحكم بما أنزل الله حينذاك يمكن إدخال هذا النوع من العامل في عموم قوله تعالى ((والعاملين عليها)) العاملين عليها يعني من قبل الحاكم المسلم وليس من قبل فلان وعلان ممن وظفوا أنفسهم أولا في سبيل التقرب إلى الله تطوعا كما قلت وثانيا أنه هنا في فتح باب لاستغلال الأموال التي جمعت بقصد فتصرف في قصد أخر ولا إنه هذا القصد الآخر يساعد كما قلت في السائل الثاني وسيأتي الجواب عليه, يساعد على تحقيق القصد الأول لذلك لا يجوز لهؤلاء الموظفين لأنفسهم في سبيل جمع أموال الزكاة أن يجعلوا لأنفسهم نصيبا من هذه الأموال, أما الجواب عن السؤال الثاني فأقول إذا كانت الأموال التي تجمع هي فقط زكاة الفريضة فلا يجوز صرفها إلا نقدا إلى أموال الفقراء والمساكين ولا يجوز التصرف بها ولو في سبل الخير التي أنت أشرت إلى بعضها, هذا يمكن تحقيقه بالنوع الثاني من الزكاة وهي زكاة التطوع وليس زكاة الفريضة ولذلك فنحن ننصح اللجان القائمين على جمع الأموال أن يكون عندهم صندوقين, صندوق زكاة الفريضة وصندوق زكاة التطوع أو غير زكاة, الهبة, هدية وقف إلخ.
فهذا الصندوق الثاني يخصص لتلك المشاريع التي أشرت إليها أما أن تقام هذه المشاريع بأموال الزكاة التي الأصل فيها أن يملكها الفقراء بأيديهم, أن تعطى لهم نقود كما جاءت تعطى لهم وكل واحد منهم حينذاك يتصرف بهذا المال في حدود حاجته, هذا يجد بحاجة إلى طعام ذاك إلى شراب آخر إلى لباس رابع مثلا إلى مسكن إلخ, فلا يجوز التصرف بأموال الزكاة في منفعة من المنافع أبدا إنما تعطى للفقراء يدا بيد, هذا الذي عندي جوابا عن هذا السؤال.
السائل: في سؤال شيخنا.
الشيخ: لا يمكن خلص سؤالك؟
السائل: تكملة.
سائل أخر: فتكملة.

(183/9)


«
هؤلاء المتطوعون الذين يجمعون الصدقات في الحقيقة لا يفرقون في الغالب بين الزكاة و الصدقات التطوعية ثم هم يأخذون من تلك الصدقات لمن هو محتاج من الأعضاء المتبرعين لجمع الصدقات فما حكم ذلك شرعا؟»
السائل: واحد ... قصاصات عينية يعني أحيانا ملابس رز سكر طحين لحوم مجففة معلبات ثم المتبرعون لا يقولون عنها أنها زكاة أو صدقة يعني حتى الذي يجمع لا يدري ماذا قصد بها المتبرع هو يقل لك هذا تبرع في غالب الأحيان أو صدقة للفقراء توزعها على معرفتك ففي غالب الأحيان يصعب التمييز حقيقة بين نية المتبرع أنه نواها زكاة أو نواها صدقة والأعيان غالبا ما تأتي صدقات لأنه يعني الأن معظم المتبرعين ليسوا مزارعين حتى الرز الذي يشترونه, يشترونه مشترى ليس له مزارع أرز مثلا فيشترونه من الحوانيت ويأتون به كما هو وبعد التوزيع على الفقراء قد يفيض مثلا كيس رز أو كيسين رز أنا أردت أن أكون دقيقا يعني بعد أن تكفى حاجات العائلات كلها المدروسة والمعينة والمعروفة للجنة فيفيض كيس فبعض الإخوة المتطوعون قد يكون بحاجة لبعض الأرز فيعطى قدرا نزيرا , يعني قدر حاجته تلك, الأسرة أسرته هو وأولاده يعني ما يعطى مثلا كيس يتصرف فيه على عموم عشيرته يعطى هذا يأتي ملابس بعد أن يوزع على الفقراء يبقى مثلا العفو بوت صغير أو ... يعطى لابنه الصغير في المدرس أو هكذا فهي أشياء قليلة جدا وتقدر الحاجة بقدرها و بعض الإخوان يستعف حقيقة لكن اللجنة تقول كل أدرى بحاجته إذا أنت رأيت يا عضو اللجنة العامل المتطوع أن لك حاجة بعد أن تفيض عن حاجة الفقراء والمساكين الحقيقة يعطى بالنسبة, فهل هذا التصرف شرعي أم غير شرعي؟
الشيخ: جوابك هذا فيه شعبتان تحتاج كل واحدة منها على جواب أو إلى جواب, الشعبة الأولى قولك أنه يصعب تمييز كون هذه صدقة فريضة أو نافلة والشعبة الأخرى أنه يوزع شيء من الفائض على بعض أفراد اللجنة فجوابا عن المسألة الأولى نقول هذه الصعوبة حينما تتبنى اللجنة الحكم الشرعي الذي ذكرناه آنفا فهم سيشعرون بضرورة معرفة أنواع هذه الطبقات حتى توضع كل صدقة في محلها المشروع فحينئذ إذا جاء إنسان بمال بنقد بعدما ممكن في الغالب أنه يكون زكاة مال وليس كذلك في الأمثلة التي ضربتها من ال ... مثلا ممكن هذا يكون صدقة نافلة يعني, هل الأولى من السهل جدا أن يستوضح هذا الإنسان بعبارة لطيفة حتى ما يشعر أنه في شيء من الإحراج له بتقل له يا أخي فيه عندنا صندوقين مشان تحقيق الحكم الشرعي صندوق بنصرفه للفقراء يد بيد وهو زكاة الفريضة وصندوق فيه زكاة النافلة فحتى نعرف نحن ها المال إلي تفضل به نضعه في صندوق رقم واحد وإلا صندوق رقم اثنين حيقل لك حينئذ ما في نفسه بها الصورة هاي يمكن أن يوضع في الصندوق اللائق به, واضح هذا؟
السائل: هذا سيدي هذا ... إذا كان هذا الأمر سهل في التعامل مع حوالات بنكية, نحن ... الزكاة هنا في مطعم لدينا حسابين منفصلين حساب للزكاة بعمّان وحساب للصدقات ... هذا يسهل في التبرعات التي تأتي بحوالات خارجية إلى البنك مباشرة فاكس بالتعامل البريدي
الشيخ: ... .
السائل: ثلاث أما حينما نقف أمام المسجد وعندك ألف مصلي أو ألفين مصلي.
الشيخ: إيه.
السائل: وتقول مثلا " تقدموا من أنفسكم لأنفسكم للفقراء والمساكين "
الشيخ: أي نعم.
السائل: فالبعض يدفع نصف دينار أو عشرة قروش فالبعض يدفع عشرين دينارا أو خمسين دينارا.
الشيخ: طيب.
السائل: وأحيانا يكونوا متدافعين فكيف تستوضح كل واحد تسأله هذا الذي رميته ..
السائل: ... ((لا يكلف الناس نفسا إلا وسعها)) الآن أنت أتيت ببعض الأمثلة المتباينة واحد بيدفع نصف دينار وآخر بيدفع عشرين دينار هالي بيدفع نصف دينار ما بيخطر في بال المتسلم.
السائل: أنه زكاة.
الشيخ: أنه فريضة لكن بالعكس هالي بيدفع عشرين دينار في احتمال قوي يكون زكاة مال فإذًا هذاك وأمثاله بتتركهم
السائل: ويسأل.
الشيخ: يسأل ذاك الذي يغلب على الظن أنه زكاة فريضة وعلى هذا انتهينا من الجواب عن السؤال أو الشعبة الأولى, الشعبة الثانية أمرها سهل لأنه نحن قلنا لا يجوز إعطاء العامل راتبا معاشا أما لما بيكون نفس العامل فقيرا فهو يحتاج إلى الصدقة وهو يعني ما يعف عنها كما أشرت إلى بعضهم أنهم يعفّون فيعطى لهم بل لربما هم يكونوا أولى بها.
السائل: يعطى كفقير وليس كعامل.
الشيخ: أيوه أحسنت هذا هو وبذلك ينتهي الموضوع
السائل: حدود الفقر يا شيخ؟
الشيخ: كل من لا يجب عليه الزكاة فهو فقير, تفضل
السائل: جزاك الله خيرا, في صفاء الذهن يدور.

(183/10)


«
إمام رفع رأسه من السجود وكبر لكن المأمومون لم يسمعوا تكبيره فبقوا ساجدين حتى سلم فكيف يفعل المأمومون في بقية صلاتهم؟»
السائل: قبل فترة بسيطة صلينا الفجر في جماعة في المسجد ففي الركعة الثانية في السجود الثاني كان المصلون ساجدين والإمام نعتقد أنه ساجد فلم نسمع تكبيرة القيام من سجوده بقينا ساجدين ولكنه كان قائما وقرأ التشهد الأخير ثم سلم فلم نسمع إلا تسليمه ونحن ساجدين.
الشيخ: ... .
السائل: وجميع المصلين جميع المصلين بلا استثناء, المسجد على الشارع ... السيارات ... فهذه حقيقة واقعة.
سائل آخر: آخر ركعة في آخر سجدة.
السائل: طبعا بعد ما سلم الإمام كل اجتهد بحسب فهمه للدين منهم من سلم مع الإمام ثم أتى بتشهد ومنهم من ترك التشهد الأخير.
الشيخ: ... هذا صلى مع الإمام.
السائل: ... سلم وترك التشهد الأخير.
الشيخ: إيه.
سائل أخر: قام من السجود وسلم؟
السائل: من سجوده وسلم مع الإمام بدون أن يقرأ التشهد الأخير, طبعا جاهلا ... .
الشيخ: أنا أستبعد هذه الحادثة جدا لأنه أمر غير طبيعي والحادثة بتذكرني بحادثة وقعت في عهد الرسول عليه السلام فأظن أنه كان المفروض أن يقع من بعض المصلين مثل ما وقع من أحد المصلين خلف الرسول عليه السلام, صلى بهم عليه السلام يوما صلاة العصر فسجد سجدة بين ظهراني صلاته أطالها, هي صلاته عليه السلام كما نعلم جميعا كلها طويلة قيام وركوع وسجود وإلخ لكن بهذيك الصلاة سجدة واحدة أطالها أكثر من العادة لكن هذه الإطالة كما وقع معكم بتستدعي انتباه المصلين هذا إذا كانوا يعني مع صلاتهم مش ... فبيتساهل في نفسه ما بال هذا الإمام شو ها القدر بيطول في السجود تساؤل ذلك الصحابي قال إنه الرسول عليه السلام صحيح بيطول السجدة لكن هاي طولها طولها أكثر من العادة فماذا فعل رفع رأسه من السجود ونظر هكذا نحو الرسول خشي أن يكون الرسول مات من طول السجدة وإذا به يرى منظرا غريبا يرى الرسول ساجدا وعلى ظهره الحسن أو الحسين, بعد الصلاة إيه صاحبنا لما شاف الشوفة ارتاح قلبه أنه الرسول حي ولا سيما لما هو بيتصور سجود الرسول سجود الأقوياء الأبطال مش متراخي بيجنح بيعتمد على كفيه وظهره مستقيم هكذا إذًا هو حي وبخاصة إيش حفيده الحسن أو الحسين فوق ظهره ما عن باله ... إلى سجوده, أنا بتصور لازم بيكون واحد منكم في ها الانتباه هذا يتساءل شوبو هذا إمامنا أطال هذه السجدة ما حدا انتبه كما تقول, من بعض الفائدة إتمام االفائدة بعد ما صلى الرسول عليه السلام الصلاة هذه كلها وسلم قالوا له يا رسول الله لقد سجدت بين ظهراني صلاتك سجدة أطلتها كلهم منتبهين مش واحد بس واحد تجرأ لأنه رفع الرأس من السجود قبل أن يرفع الإمام رأسه فيها شيء من المخالفة في الأصل لكن هذا الإنسان يبدو أنه من الناس ذوي العواطف الجامحة ما عاد يقدر يملك أعصابه أنه ما يطمئن على نبيه رفع رأسه فلما اطمأن رجع إلى سجوده أما الآخرون صبروا لما الرسول سلم قالوا له يا رسول الله لقد سجدت سجدة بين ظهراني صلاتك أطلتها وبس يعني كأنهم يقولون شو السبب يا رسول الله؟ صاحبنا هذاك إلي رفع رأسه وعاد إلى سجوده ما عاد بحاجة يسأل لأنه عرف السبب شاف بعينه أما الجمهور, أطلت ففيم؟ قال عليه السلام (إن ابني هذا كان قد ارتحلني) شوفوا تعبير الرسول عليه السلام (كان قد ارتحلني) يعني اتخذني راحلة يعني جمل ركبني (فكرهت أن أعجله) ما حبيت أنه أنزع كيفه وخاطره وأنزله عن السجود, لا ظللت أنا ساجد حتى إيش؟ حتى هو مل وشبع من الركوع ونزل فأنا مستغرب بقى أنه ما فيكم واحد في المسجد يفعل فعل ذلك الصحابي يرفع رأسه شو قصته إمامنا يكون مات ليكون انفلج لا سمح الله و ... .
السائل: ... .
الشيخ: كلهم صبروا بها السجدة ونحن مانا متعودين نسجد سجود طويل أما هذوك الجماعة متعودين مع الرسول عليه السلام, نحن بنشوف مشاكل في المساء, يا أخي ... طولت علينا, يا أخي ما طولنا عليكم رسول الله, وفينا المعذور وفينا الشيخ الكبير وفينا إلي معه سلس بول, يا أخي هذا كل شيء له حكمه فمع كون هذيك الجماعة كانوا متعودين على السجود الطويل فهذا صاحبنا رفع رأسه بدو يشوف شو القضية لأنه سجدة غير طبيعية غير عادية أما أنتم ما شاء الله التشهد كله والصلاة على الرسول وأنتم ساجدين ساجدين ليه ... على كل حال أنا بستغرب الحادثة بناء على ما وقع بقول سلم الإمام ما كان ينبغي للجماعة أنهم يسلموا عليهم أن يأتوا بالواجب أن يجلسوا للتشهد ويقرؤوا التشهد ويصلوا على الرسول عليه السلام ويدعوا بالأدعة الأربعة الاستعاذة من أربع اللهم إني أعوذ بك عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن شر فتنة المسيح الدجال بعدين بيسلم كل واحد لحاله فمن فعل هكذا فقد أصاب ومن لم يفعل فقد أخطأ لكن صلاته صحيحة لأنه لم يخلوا بركن إنما أخل بواجب لكن إن عادت مثل هذه الصورة وأنا ما قرأتها ولا سمعت بها إلا في هذه الساعة, إن عادت مثل هذه الصورة فينبغي أن لا يسلم مع الإمام مادام ما أدّى واجبه وهنا يرد سؤال عملي وسئلنا عنه كثيرا بعض أئمة المساجد بيقرأ بسرعة فأحدنا لا ما انتهى بعد من تتمة الصلاة على الرسول عليه السلام إلا الإمام سلم التسليمتين فهنا يأتي السؤال هل نسلم معه متابعة له أم بنتمم التشهد؟ الجواب نتمم التشهد بما يجب وليس بما يستحب, يجب الاستعاذة من أربعة يستحب أن يدعو كما قال عليه السلام في آخر الاستعاذات الأربعة والحديث يقول (إذا جلس أحدكم في التشهد الأخير فليستعذ بالله من أربعة يقول اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم) إلى آخره قال عليه السلام (ثم ليتخير من الدعاء ما شاء)، فإذا سلم الإمام ولسة بعد المؤتمين ما استعاذ من الأربعة بيكملها وبيسلموا, مو كمان بيزيدوا أدعية نافلة لأنه هنا تأخر عن الإمام أكثر من اللازم, اللازم إذا تأخر فقط بأداء الواجب والزيادة على الاستعاذة من الأربعة ليس واجبا هكذا يجب فيها ما يعني وقعنا في مثل هذه الصورة من باب هذيك الصورة أي سلّم الإمام في التشهد قبل أن يُتمم على الرسول عليه السلام وقبل أن نتعوذ بالله من أربع فنحن نتم هذا وذاك ثم نسلم.

(183/11)


«
إذا ركع الإمام والمأموم لم يتم قراءة الفاتحة فما ذا يفعل؟»
السائل: حينما الإمام ... ويركع قبل أن أتم قراءة الفاتحة فماذا نعمل؟
الشيخ: ... .
سائل آخر: ... .
الشيخ: هذا الذي لم يتم قراءة الفاتحة وركع الإمام يجب أن يجتهد وهذا الاجتهاد ميسّر فيما إذا كان المصلي يصلي وراء الإمام يعرف عادته في الركوع, هل هو ركوع طويل أم قصير, فيجتهد إن غلب على ظنه بأنه إن أتم قراءة الفاتحة أدرك الإمام راكعا قبل أن يرفع رأسه من الركوع أتم الفاتحة وإلا فلا وبالطبع هذا الكلام إنما هو في الصلاة السرية أما الصلاة الجهرية فقراءته تكفيه, قراءة الإمام تكفيه وأظن أنت سؤالك في الصلاة السرية
السائل: نعم.
الشيخ: فالجواب ما سمعت.

(183/12)


«
ما حكم مأموم يتأخر عن إمامه كثيراً؟»
السائل: ما وجهة نظركم في ... سُئل عن رجل يُؤخر أو يتأخر بعد إمامه, يتأخر بعد إمامه كثيرا ... يتأثر في حال الركوع يركع ويظل يقرأ يسجد ويظل واقف يدعو إلخ ... للمأموم أربع حالات مع إمامه أولا المتابعة أو التأخير أو الموافقة أو المسابقة. المسابقة قولا واحدا لا يجوز, الموافقة مكروهة, التأخير زائد قالوا تبطل الصلاة إلا المتابعة, ما فيه متابعة ينتهي الإمام من قوله الله أكبر ساجدا فيبدأ بالسجود ... أو راكعا فهل هذا صحيح؟
الشيخ: هذا صحيح تماما مع التفصيل بأن الركوع وبين السجود, ... قال الإمام راكعا الله أكبر فيتابعه المقتدي بقوله الله أكبر ويركع معه أما إذا قال الإمام الله أكبر ساجدا فلا يتابعه وإنما يتأخر عنه حتى يرى أنه وضع جبهته على الأرض.

(183/13)


«
دردشة الشيخ مع الطلبة حول رسالة تبحث موضوع حكم الأخذ من اللحية بما فوق القبضة
السائل: فحديث مجاهد قال (رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم طويل الله فقال لم يشوه أحدكم نفسه).
سائل أخر: ... .
السائل: كيف؟
سائل آخر: هذا الرسالة إلي كتبها أخونا قلت له لما ذكر لي إياها قلت له والله نعم ما صنعت ولكن قبل أن تطبعها وتنشرها لا بد من عرضها على شيخنا.
الشيخ: نعم.
السائل: أي نعم.
الشيخ: جزاك الله خير.
السائل: ... نحن استغلينا هذا قلنا مرسل.
الشيخ: أنا ظننت شيئا آخر أنه هذه الرسالة حرّرها ووصل إلى السنة التي ندعو الناس إليها فيجب أن تكون هذه السنة متمثلة فيه.
السائل: إيه جزاك كل خير.
الشيخ: حتى تكون لها.
سائل آخر: شيخنا هو بدايتها هذه.
السائل: أنا ولكن إلى الآن ماني مقتنع حقيقة.
الشيخ: إيش ما لك ..
السائل: بالقبضة
سائل آخر: طيب وليش ... .
الشيخ: لا اسمح لي حتى بيكون مقتنع بزيادة.
سائل آخر: هذا أعجب واحد ... .
السائل: أنا الآن سأسأل بعض الأسئلة أيضا في اللحية.
الشيخ: معليش.
السائل: تفضل.
الشيخ: لكن لكن أنت خلاصة الرسالة أليس.
السائل: جواز الأخذ.
الشيخ: جواز الأخذ؟
السائل: أي نعم.
الشيخ: جواز الأخذ كيف ما شاء الآخذ؟
سائل آخر: يعني حتى لو ذهب بالوفرة؟
الشيخ: يعني هنا يقال عندنا وقف حمار الشيخ عند العقبة
سائل آخر: هذا المثل العربي قديم.
السائل: أنا أكتب كل هذه الأمور باستحضرها وأسئلتك يعني أقول الشيخ الآن سيسألني بكذا وكذا وكذا.
الشيخ: طيب وهل ... جوابا؟
السائل: لا والله.
سائل آخر: أين الجواب؟
السائل: نتغدى هم نجلس إن شاء الله ... .
الشيخ: تفضل إذا هبت رياحك فاغتنمها.
سائل أخر: إن شاء الله تعالى, الذي نستطيع أن ... إن شاء الله غدا ... .
السائل: هو قال لي.
الشيخ: وإذا بدو مجلد بدنا أسفار معنا.
سائل آخر: هو ذكر لي الأسئلة فقلت له بعض الأسئلة لا بأس بها فقال أسئلة تتعلق بالصلاة ... .
الشيخ: أحسنت.

(184/1)


«
مقدمة لأحد الطلبة
السائل: إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله, أما بعد.
هذه أسئلة يا شيخنا تتعلق بالصلاة والحج وغير ذلك.

(184/2)


«
هل يجوز الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بين الخطبتين عند جلوس الإمام؟»
السائل: فيقول هل يجوز الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بين الخطبتين عند جلوس الإمام كالذي يسكت من بجانبه عن الكلام أثناء الخطبة؟ أو المحتبي أو غير ذلك؟
الشيخ: بين الخطبتين.
السائل: بين خطبتي الجمعة.
الشيخ: ليس هناك نص يمنع من الكلام فيه كما هو الشأن في أثناء خطبة الخطيب ولكن ينبغي أن يلاحظ هنا شيء له علاقة بباب سد الذريعة فإذا كان الآمر بالمعروفة والناهي عن المنكر حكيما وعليما ومستحضرا لمثل هذه القاعدة بحيث أنه إذا أمر أو نهى بين, في الجلسة بين الخطبتين لا يمتد كلامه هو أولا ثم لا يفسح المجال ليتكلم المنصوح منه ثانيا الأمر جائز لا غبار عليه.
السائل: والحديث إذا قال الرجل لصاحبه أنصت فقد لغى
الشيخ: متى؟
السائل: أثناء الإمام يخطب.
الشيخ: أنت بتقول ... لا يخطب.
السائل: يقول ليس هناك دليلا يعني هناك.
الشيخ: أنت سؤالك بين الخطبتين.
السائل: أي نعم.
الشيخ: وحديثك هذا يعني بين الخطبتين وإلا والخطيب يخطب؟
السائل: أنا فهمت منك يا شيخ أنه ليس دليلا, هناك أيضا الخطبة.
الشيخ: لا ... العكس.
السائل: العكس نعم.
الشيخ: على العكس بارك الله فيك, قلت ليس هناك دليل في النهي عن الكلام بين الخطبتين كما هو الشأن والخطيب يخطب, أي نعم. واسمع الشريط حتى.
السائل: أي نعم إن شاء الله, الله ... بارك الله فيك
الشيخ: وإياك.

(184/3)


«
هل يتابع المسبوق إمامه في توركه في التشهد الأخير؟»
السائل: طيب إذا كان الإمام مسبوقا, المأموم مسبوقا في الرباعية مثلا فجلس الإمام للتشهد الأخير وتورك فهل يتورك المسبوق علما أنه بقي له من صلاته من باب.
الشيخ: وما الذي نصب الكاف.
السائل: هل يتورك؟
الشيخ: وهل يتوركُ
السائل: وهل يتوركُ المسبوقَ.
الشيخ: آه المسبوقُ.
السائل: المسبوقُ.
الشيخ: أيوه, الجواب نعم, عليه أن يقتدي بالإمام.
السائل: فلم تكن له الأخيرة يا شيخ؟
الشيخ: مش مهم.
السائل: أي نعم.
الشيخ: ليس المهم هي ... الأخيرة له أو ليس الأخيرة له وهذا ينقلنا إلى مسألة هي أهم من هذه وأوسع.
السائل: أي نعم.
الشيخ: وهي قاعدة وهي, هل قوله عليه السلام.
السائل: صلى الله عليه وسلم.
الشيخ: (إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبر وإذا ركع فاركعوا وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا ولك الحمد وإذا سجد فاسجدوا وإذا صلى قائما فصلوا قياما وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعين) , هل هذا الأمر بالاقتداء بالإمام حتى فيما خالف الإمام الركن بالنسبة للمقتدي خلفه, هل هذا الأمر في الحديث خاص في هذه المخالفة فقط أم الأمر أشمل وأعم؟
السائل: أشمل يا شيخ.
الشيخ: طيب, ألا ندخل في هذا العموم والشمول سؤالك السابق ذكرا.
السائل: بلى يا شيخ.
الشيخ: أه فإذًا هذا هو لذلك لا اعتداد بالملاحظة التي هي وردت في كلامك, أنه هذا التشهد بالنسبة للمقتدي ليس هو التشهد الأخير.
السائل: أي نعم.
الشيخ: واضح؟
السائل: واضح.
الشيخ: طيب.
السائل: جزاك الله خيرا.
الشيخ: وإياك.
سائل آخر: نعم.

(184/4)


«
إذا حث ولي الأمر على صلاة الإستسقاء ونزل الغيث قبل الصلاة فهل تصلى صلاة الإستسقاء والحال هذه؟»
السائل: طيب إذا حث ولي الأمر على صلاة الاستسقاء في يوم الخميس مثلا ولكن نزل الغيث مثلا يوم الأربعاء فهل يصلى الخميس للإستسقاء؟
الشيخ: نزل الغيث قبل طلب الغوث!
السائل: أي نعم.
الشيخ: هكذا يعني؟
السائل: هكذا, نعم.
الشيخ: طيب, أنا أرى والله أعلم في هذه المسألة, إن استمر نزول المطر إلى يوم الخميس فلا حاجة إلى الاستسقاء لأن الله عز وجل أغاث عباده بفضل منه أما إذا انقطع وكان كما هو المفروض عادة النازل من الغيث من المطر لا يكفي بالنسبة لنظر الناس وعاداتهم فحينئذ يستسقون يوم الخميس, واضح الجواب؟
السائل: واضح يا شيخنا, لكن إن خرج الناس للصلاة وإمامهم وكذا, يخرج يخرجون معهم؟ نخرج معهم؟
الشيخ: ما في مانع, هي صلاة هي عبادة.
سائل آخر: أستاذ ... .
الشيخ: نعم
السائل: ... .
الشيخ: تفضلوا.
السائل: جزاك الله خير.
الشيخ: بسم الله, تفضلوا يا.
السائل: تفضلوا يا إخوان.

(184/5)


«
كلام الشيخ عن السبب الذي دفعه إلى تأليف رسالته " تحريم آلات الطرب
الشيخ: ... تسع وثلاثين سنة.
السائل: الله أكبر.
الشيخ: في الرد على ابن حزم في إباحته آلات الطرب في مسودة عندي.
السائل: ما هي مطبوعة.
سائل آخر: ما هي مطبوعة
الشيخ: ومكتوبة على ورق فنحمد الله على الوضع الذي كنا يومئذ فيه, وضع فقر مدقع ومكتوب الرسالة على ورق الصر إلي بيصروا فيه.
السائل: معروف.
سائل أخر: عجيب.
الشيخ: أه, وجه ناعم ووجه خشن, منذ تسع وثلاثين سنة بالضبط ألفت هذه الرسالة وكان هناك مناسبة, كانت مجلة الإخوان المسلمون التي صدرت في القاهرة منذ زمن حسن البنا رحمه الله.
السائل: رحمه الله.
الشيخ: والحقيقة أنه المجلة كانت تمثل يعني منهج الإخوان المسلمين في معالجة المسائل الفقهية خاصة التي ابتلي بها العصر الحاضر وسبحان الله لا يزالون على نفس المنهج مع أنه المفروض أنه حسن بنا خير من هؤلاء الذين ورثوا حزبه.
السائل: صحيح.
الشيخ: المهم العدد من أوائل الأعداد أظن رقم سبعة عشر نشروا سؤالا لشاب مصري يقول أنا شاب مسلم ومتدين حاطين بين هلالين ومخلص جدا, لكني أحب الاستماع إلى الموسيقى وآلات الطرب مع أني أحفظ كذا جزء من القرآن فهل يجوز لي ذلك أم لا؟ أحالوا السؤال إلى الشيخ محمد أبو زهرة, يا أستاذ ما أصدق أن شيخا أزهريا على ما تعلمون من يعني رأينا في الأزهر وعلماء الأزهر إلا من عصم الله ما أتصور أنه ينطق بمثل هذا الكلام, كلام هزيل جدا جدا.
السائل: كلام فقهاء.
الشيخ: يا ليت.
السائل: كلام فقهاء بدي يعني الآراءتيين.
الشيخ: لو أنك قلت المتفقه.
السائل: متفقة!
الشيخ: بيكون يعني أقرب إلى الواقع, سبحان الله لأنه الفقهاء يا أستاذ مجمعون على تحريم آلات الطرب.
السائل: أي نعم.
الشيخ: لا يستثنون من ذلك إلا الدف يوم العيد ويوم العرس وقد يلحق بعضهم الطبل مثلا في الحرب مع أنه هذا نحن نراه ضد السنة, ضد القرآن.
المهم كلام لا بيقوله إمام من أئمة المسلمين الأربعة ولا الأربعين ولا الأربعمائة كلام بيقولوا عنه بالشام "أطا ولحش" ما في ميزان إطلاقا, المهم شو بيقول؟ بيقول لا أجد لا أجد في الشرع ما يمنع من الاستماع إلى الغناء ومن ذلك الدف ويلحق بذلك الموسيقى بشرط إذا كانت لا تثير الغريزة الجنسية ثم شرق وغرب وقال لما اتصل المسلمون بفارس ودخلت أنواع من الموسيقى إلى الأمة المسلمة كان منهم من يميل إلى الإستماع ومنهم من لا يميل, القضية يعني ميلان.
السائل: ذاتية.
الشيخ: ذاتية أو شخصية.
السائل: طبعا.
الشيخة: أيوه ما لها علاقة بالدين, لما قرأت هذه الفتوى اندفعت للرد عليها هذا من تسع وثلاثين سنة ثم بعد سنة أو نحو ذلك هذا مذكور في المقدمة أوقفني بعض إخواننا على مجموعة رسائل ابن حزم وفيها رسائل في إباحة الملاهي وهو أعني ابن حزم قد تعرض لهذا الموضوع في كتابه المحلى بشيء من التفصيل وذكر هناك نحو عشرة أحاديث وضعّفها كلها ثم كما هو معلوم عن ابن حزم رحمه الله.
السائل: عدم ... تأويل القرآن ..
الشيخ: بالغ مبالغة خطيرة جدا فحكم بالوضع مع أنه النقل الحديثي ما يصل به الأمر أن يقول بأنه حديث موضوع وإنما ضعيف.
السائل: أي نعم.
الشيخ: فاندفعت على الرد أيضا على ابن حزم في صفحات كبار يعني المهم ملحوشة الرسالة عني لا أبه لها.
السائل: ... هذا وقتها يعني زفافها.
الشيخ: قلنا آنفا إذا أراد الله أمرا هيأ أسبابه, نحن بدأنا منذ شهور لإعادة طبع المجلد الأول من سلسلة الأحاديث الصحيحة
السائل: ما شاء الله.
الشيخ: وفيه برقم واحد وتسعين حديث البخاري (لا يكونن في أمتي أقوام يستحلون الحرا والحرير والخمر والمعازف يمسون في لهو ولعب ويصبحون قد مسخوا قردة وخنازير) هذا الحديث من جملة الأحاديث التي تعقبني فيها هذا الإنسان نرجو الله له الهداية أو أن يقسم الله ظهره.
السائل: آمين.
الشيخ: ابن عبد المنان هذا, كتب مقالا في جريدة الرباط.
السائل: ... أو السبيل.
الشيخ: لا بعدها صارت سبيل.
السائل: في ذاك الزمان يا شيخ.
الشيخ: من أول.
السائل: مجلة أردنية.
الشيخ: قريبا نعم, مقال في نحن ثلاث أعمدة طوال حول هذا الحديث في التضعيف وجاء هنا بعجائب من كتم العلم وادّعاء ما لا علم له به ونحو ذلك, قلت في نفسي لا بد نرد عليه لكن كان الكتاب طبع لما اطلعت على المقال كان الكتاب قد طبع فعملت استدراكات في آخر المجلد هذا إلي هو تحت الطبع الآن ورددت على الرجل بشيء من التفصيل في عدة صفحات.
قلت إذًا أنا لماذا لا اهتبلها فرصة وبعيد النظر في الرسالة وبأربطها بهذا الواقع وبنشرها على الناس, وأنا الآن في هذا الصدد.
السائل: الحمد لله
الشيخ: يعني بيضت رسالة وأنا انتهيت فقط من الفصل الأول الذي هو خاص في سرد الأحاديث الصحيحة من تلك الأحاديث التي ضعّفها.
السائل: ابن حزم
الشيخ: ابن حزم لأنه هو ساق نحو عشرة أحاديث, وضعّفها كلها بما فيها حديث البخاري وهنا ما في مجال الآن لضيق الوقت لبيان خطأ ابن حزم في تضعيف الحديث, كذلك قلده هذا عبد المنان إنما الشاهد انتهيت من الفصل الأول في سرد هذه الأحاديث وتخريجها بشيء من التفصيل العلمي وأنا في هذا الصدد وهنا الشاهد نقف على رسالة مؤلفها أنا هنا منذ سنة ألف وأربعمائة وسبعة, هنا في الرد على الغماري الذي ألّف رسالة في تصحيح حديث (حياتي خير لكم) هالي أثاروا هذا
السائل: صاحبنا.
الشيخ: الطحان والله أنه يجازيه خير أخونا علي الحلبي ذكرني قال لي يا شيخ هاي مناسبتها الآن, أعيد النظر في الرسالة وفي المقدمة ترد على الطحان هذا وتنشرها, قلت له والله صدقت إن شاء الله بعد ما انتهي من رسالة الملاهي والرد على ابن حزم نشرع في تلك وننشرها إن شاء الله.

(184/6)


«
كلام الشيخ على الأناشيد وذكره لقصة وقعت له مع أحد الشباب
الشيخ: هذا الذي أردت ... .
سائل آخر: والله شيخنا ... بدو إياها بيذكرني كان محمد, محمد ... .
الشيخ: محمد بن ال ... .
السائل: ال ... .
الشيخ: نعم.
السائل: بيقل لك الرسالة هذه كمان بتتناول الرد على الغزالي
الشيخ: أه.
السائل: ويا ريت شيخنا معليش بس إذا كان ... بتكلم أنه موضوع الأناشيد الإسلامية هذه شيخنا.
سائل آخر: أي نعم.
الشيخ: ... .
السائل: ... .
الشيخ: لأنه ... منذ القديم, الآن نتمتع فيها.
السائل: من هاي يا شيخنا ... .
سائل أخر: صارت مهزلة.
السائل: بيوصل زوجته في إحدى صديقاتها بتتزوج فوصلها جهة البيت, أنا والله على ما أسمع الواحد مار بالشارع بسمع
الشيخ: تعلموا أنه هؤلاء ... .
السائل: بسمع الأنغام شيخنا أنه الأنغام هذه الماجنة فلما وقفت أمام ال ... بسمع قلت لها لا ... حاطين أغاني
الشيخ: أه.
السائل: استمعت ... لا هذه مش أغاني هذه أناشيد إسلامية, والله على نفس الوزن وعلى نفس اللحن ولا تختلف بشيء.
الشيخ: صحيح.
السائل: وما بأظن وما بقدر أميز هل هذه حقا ما فيها آلات موسيقية أوم لا لأنها جاية بشكل عجيب شيخنا مع المؤثرات الصوتية وغيرها ... يا ليت شيخنا هاي ... .
الشيخ: هذا مُتعرض له والحمد لله حتى ذكرت قصة كيف جرت بيني وبين أحد طلبة العلم من ... أبو الخير الميناني لو كنت سمع عنه.
السائل: تمام.
الشيخ: رئيسها رابطة العلماء في سوريا يومئذ, تلميذ له زبون عندي يعني كنت يومئذ ساعاتي فجاءني يتأبط شيئا, أكدت فيه وإذا هو ظرف مربع فاستنبطت من تربيعة الظرف هذا أنه في ما يسمى عندنا.
السائل: ... .
الشيخ: بال لا لا.
السائل: ظرف ظرف.
الشيخ: فيه ما يسمى بالكوانات عندنا أي الألواح.
السائل: الإسطوانات.
الشيخ: الصندوق.
السائل: أي الأسطوانات.
الشيخ: الكوانات شو بتسمونها هذون؟
السائل: أسطوانة.
الشيخ: أسطوانة.
السائل: دائرية هذه.
الشيخ: فهمت أنه ... متأبط إيش؟ أسطوانات.
السائل: متأبط شرا.
الشيخ: أردت أدخل معه في الموضوع لكن بطريقة فيها شوية من البعد عنه لأنه هذا معنى أنه هو بيستمع إلى هذه الأنواع فقلت له مستنكرا بطبيعة الحال أنت بتغني؟ طبعا هو أنا قلت ما بيغني طالب علم لفة ... إلي بيسموها عندنا في الشام, صفراء.
السائل: نعم.
الشيخ: ولحية وباعرفه أنا من زمان, أنت بتغني؟ قال لا قلت له طيب شو هذا؟ قال أيكوانات قلت له إذًا أنت تستمع للغناء؟ قال نعم بس أنا نية طيبة هنا الشاهد.
السائل: معليش ... سؤال.
الشيخ: هنا الشاهد, قلت له كيف يعني نية طيبة؟ قال شوف مساكين , قال بيحط الكرسي وبيحط الصندوق هذا بيشغله على أغنية أم كلثوم وبيأخذ المسبحة بيسبح الله.
السائل: لا حول.
الشيخ: وبيشغل أغاني أم كلثوم ويتذكر بها أغاني حور العين.
السائل: هذا هذا الزبون؟
سائل آخر: لا حول ... .
الشيخ: تكلمت معه ... ماذا خلى الساعة عندي مشان أصلح له إياها, طبعا نحن عادة نعطي موعدا , إيجا الموعد وإيجا هو ومعه زميل له من بيت ال ... عندنا في دمشق طوال من الرجال وأعرف أنه أقوى من الزبون علما ومن المقربين عند الشيخ أبو الخير ميناني رئيس رابطة العلماء وإذا به قد جاء به يستعين به عليّ.
السائل: أيوه, اتخذه ظهيرا.
الشيخ: آه, المهم فتح هو الموضوع أو فتحت أنا ما عاد أذكر المهم ذكر نفس الكلام الذي ذكره صاحبه في الأول, قلت له يا شيخ أنتم لستم بتخالفوا أدلة الشرع, القرآن ((اتخذوا دينهم لهوا ولعبا)) أحاديث الرسول عليه السلام إلي بتحرم تحريما عاما آلات الطرب بل أنتم أيضا تخالفون الأئمة الذين تحرجون على الناس أن يخالفوهم ولو في سبيل اتباع الكتاب والسنة فمن من الأئمة قال لكم بأنه يجوز للإنسان أن يستمع لأغنية امرأة أجنبية بنية طيبة, بنية طيبة أنه بدنا نتذكر غناء الحور العين, قلت له هنا الشاهد, قلت له ماذا تقول لإنسان إذا اختلى بكم ورأيتموه قد أخذ يعاقر الخمرة فلما أنكرتم عليه قال أنا أتذكر خمر الجنة فبهتوا وسكتوا.
في هالرسالة في الرد على الشيخ محمد, لا الشيخ محمد في المقدمة هلي قيّد الموسيقى بأنه ... سبحان الله سلك مسلك وأنت ذكرت الغزالي نقلا عن أخونا محمد الخطيب, الغزالي في هالقضية هاي كسحته كسحة فضيعة جدا في مقدمة الرسالة لأنه في كتابه السنة.
سائل آخر: نعم.
الشيخ: تعرض أيضا لهذا الحديث المهم في عندك ورق شيء؟
السائل: ... .
الشيخ: ... إيش هذا القيد خلاف النصوص الي بتحرم آلات الطرب بعامة, فالقيد من أين جئت به؟ هذا أولا ثانيا هل هذا القيد يمكن ضبطه, قد يكون نوع من الموسيقى لا يثير الغريزة الجنسية بالنسية لشيخ.
سائل آخر: صح.
الشيخ: لكن قد يثير الغريزة الجنسية بالنسبة لشاب قد وقد إلخ, وضربت مثلا للشيخ الغزالي نفسه.
سائل آخر: ... .
الشيخ: معليشي, قلت الشيخ ..
السائل: ... .
الشيخ: لكن هذيكا أحسن من هذا ... .
سائل أخر: هات ... كاس ماء.
الشيخ: لا في وجه أبيض يعني بقل لك ... ممكن بكتب عليها أما هذا بيروح هش.
السائل: لأنه شيخنا ورق ... يعني بالمناسبة حديثنا مع ... .
الشيخ: إيه, المقصود ضربت مثلا إذا كان الشيخ الغزالي جلس مرة وهو يصرح بيستمع لأم كلثوم.
السائل: أي نعم.
الشيخ: وعنده زوجة ربما يكون عنده بنت وعنده ولد إلخ, هو قد لا يكون يتأثر لأنه هذه موسيقى وأغاني غير مثيرة بالنسبة له لكن هل ... يعني أن يقال هذا بالنسبة لزوجته بالنسبة لأمه إلخ.
وضربت مثلا أنه هذا القول يشبه قولا لأهل الرأي من أمثالكم قديما حين فرقوا بين الخمر المتخذ من العنب والخمر المتخذ من الذرة والتمر ونحو ذلك, قالوا في الأول كما قال عليه السلام, (قليله وكثيره حرام) , قالوا في النوع الثاني لا يحرم منه إلا الكثير فقلنا كيف يمكن معرفة الكثير من القليل يعني بيشرب الإنسان بيشرب كاسة ما يسكر بها كاسة ثانية ما يسكر بها أول ما بيمص المصة الأولى من الكاسة الثالثة هذا هو الحرام, هذا كلام؟
السائل: نعم.
الشيخ: هذا كلام؟ يعني المصة إلي سكّرت وإلا مجموع ال, هذا يشبه هذا تماما.
السائل: يمنعون بنقول يعني المصة والمصتان تحرمان يعني؟
الشيخ: ... ثم عرجت بهذه المناسبة ضربت رأي حزب التحرير ولا أقول ضربت حزب التحرير, ضربت رأي حزب التحرير الذي يقول ويا للعجب, قال يجوز للرجل الغريب إذا لقي امرأة مسلمة في الطريق وليس فقط يصافحها بل ويقبّلها ولكن بشرط نية طيبة.
السائل: ... نية.
الشيخ: إيش هذا يا جماعة, ما يفكرون فيما يقولون, هذه مصيبة هاي!
السائل: للأسف بعض الملتزمين ... ما بيقولوه.
الشيخ: ما بيقولوه ... .
السائل: نعم, نرجع لموضوعنا.
الشيخ: تفضل.
السائل: بارك الله فيكم.
الشيخ: ... .

(184/7)


«
مناقشة أحد الطلبة للشيخ في مسألة الأخذ من اللحية بما فوق القبضة
السائل: عندنا حديث جابر بن عبد الله قال رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا مجفل الرأس واللحية فقال علام يشوه أحدكم نفسه قال وأشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى لحيته ورأسه يقول خذ من لحيتك ورأسك هذا حديث ضعيف جدا ولكن له شاهد مرسل, عن مجاهد قال رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا طويل اللحية طويل اللحية فقال (لم يشوه أحدكم نفسه) قال ورأى رجلا ثائر الرأس يعني شعثا فقال (مه أحسن إلى شعرك أو احلقه) مرسل صحيح رواه داود في المراسيل فالآن عندنا حديث ضعيف وعندنا حديث مرسل وهو صحيح وهذا المرسل.
الشيخ: أخطأت.
السائل: تفضل.
الشيخ: تقول عندنا حديث ضعيف.
السائل: جدا.
الشيخ: أه.
السائل: جابر نعم.
الشيخ: أصبت.
السائل: نعم حديث ضعيف جدا ومجاهد قلت أنا سلّمك الله سلم الجميع إن شاء الله.
سائل آخر: أمين.
السائل: يظهر مما مما تقدم جميع في هذا الفصل أن جميع المرويات وهي الأخذ من اللحية ضعيفة ومنها الضعيف جدا ولكن توجد روايتين مرسلين صحيحتين.
الشيخ: ... .
السائل: روايتين مرسلتين صحيحتين.
الشيخ: أيوه.
سائل آخر: مرسلتان
السائل: إيه؟
سائل أخر: قل روايتان.

(184/8)


«
ذكر الطالب شروط قبول الحديث المرسل ومناقشة الشيخ له
السائل: المرسل من كبار التابعين ومجاهد وعطاء وبن يسار منهم ثانيا إذا شاركوا الحفاظ المأمونون ولم يخالفوه ولا نعلم لهم مخالفا ثالثا إذا سمى من أرسل عنه ... ثقة وينضم إلى هذه الشروط الثلاثة شرط واحد أولا أن يُروى الحديث من وجه آخر مسندا قلت وقد رُوي عن ابن عمر أه عن أبي سعيد عفوا عن نعم عن جابر ثانيا أو يُروى من وجه آخر مرسلا أرسله من أخذ العلم غير رجال المرسل الأول وقد رُوي من طريق عطاء بن يسار ثالثا أن يوافق قول صحابي وقلت وقد وافق قول أربعة من الصحابة ابن عمر وأبو هريرة وجابر وبن عباس أن يفتي بمقتضاه أكثر أهل العلم وهو كذلك لأنه عندنا التابعين أيضا أفتوا. والصحابة, فما رأيك في هذه الحجة؟
الشيخ: الآن أنت سردت ما عندك.
السائل: نعم.
الشيخ: الآن إذا كنت تريد المناقشة ينبغي أن نقف عند كل حديث.
السائل: نعم.
الشيخ: ونحدد وجهة نظرنا فيه أولا من حيث روايته وثانيا من حيث درايته.
السائل: نعم.
الشيخ: أولا نعمل عملية تصفية ما صح نضعه بين أيدينا ولو كان مرسلا كما هو في أثر مجاهد, وما لم يصح وضعف فإن كان ضعيفا يمكن الاستشهاد به نضعه أيضا أمامنا على المنصة, أما إذا كان ضعيفا شديد الضعف فنعرض عنه جانبا.
الآن نريد أن تلخص لنا بناء على هذا الأمر الأول وهو ما هو الصحيح عندك الذي فيه التصريح بالأخذ باللحية من اللحية.
السائل: رواية مجاهد.
الشيخ: فقط.
السائل: فقط.
الشيخ: طيب، وإلي عندك ضعيف يمكن أن يستشهد به ما أظن من عندك!.
السائل: عندي ولكن حديث أبي سعيد الخدري.
الشيخ: الله يهديك أنا بقول يمكن أن يستشهد به يعني ليس
السائل: ضعيف يعني ضعيف.
الشيخ: مش ضعيف يا أخي بدو شديد الضعف, أنا سؤالي هل عندك حديث ضعيف يمكن أن يستشهد به وهو أن يكون غير شديد الضعف.
السائل: عندي.
الشيخ: إيه هاتو.
السائل: حديث أبي سعيد الخدري رضي الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يأخذ أحدكم من طول لحيته ولكن من الصدغين).
الشيخ: طيب.
السائل: يعني نحو.
الشيخ: معليش.
السائل: أصل اللحية.
الشيخ: هذا ضعيف فقط.
السائل: ضعيف, رواه أبو نعيم في الحلية من طريق أبي إبراهيم الهيثم و ... رواه الخطيب في تاريخه وفيه عفير بن معدان وهو ضعيف.
الشيخ: طيب.
السائل: نعم.
الشيخ: هل تتبعت ترجمة الرجل؟
السائل: عفير؟
الشيخ: هو ما عندنا غيره الآن.
السائل: نعم.
الشيخ: تتبعت ترجمته؟
السائل: تتبعت ترجمته.
الشيخ: طيب قولك وهو ضعيف هو قولك أم هو قول غيرك؟
السائل: لا قولي.
الشيخ: من سبقك إلى هذا؟
السائل: ما أحد سبقني.
الشيخ: أه, هاي يشكل هذا!
السائل: إلى وجدت هذا الرجل فيه فاعتمدت عليه بضعفه لأجل هذا لأن نعيم يقول غريب عفوا.
الشيخ: لا بد أن يكون أحدنا اليوم مسبوقا إلى القول الذي قاله هو.

(184/9)


«
بيان الشيخ مسألة الإتباع في مسائل الجرح و التعديل
الشيخ: باجتهاد من عنده لأنه نحن الآن ليس بإمكاننا أن نؤسس علم الجرح والتعديل وننطلق من حيث هم انطلقوا, نحن علينا الآن نشوف أئمة الجرح والتعديل شو قالوا فإن اتفقوا على توثيق راو نحن لا يسعنا إلا التوثيق, إن اتفقوا على تضعيف راو لا يسعنا إلا التضعيف, إذا اتفقوا على الحكم بوضعه أو كذبه كذلك لا يسعنا.
السائل: نعم.
الشيخ: إن اختلفوا هنا مجال بقى البحث والاجتهاد لأمثالنا.
السائل: نعم.
الشيخ: أن يأخذ من هذه الأقوال المختلفة ما يناسب علم الجرح والتعديل فأنت حينما أجبتني على سؤالي سبقك أحد إلى هذا؟ قلت لا, هذا مش معقول وإلا سيقال لك وهذا سؤال أحرج من الأول, من أين لك إذًا هذا التضعيف؟
السائل: من أجل عفير بن معدان.
الشيخ: أي وشو عرفك أنه ضعيف؟
السائل: لأنه الأئمة قالوا عنه ضعيف.
الشيخ: شوف الآن.
سائل آخر: عاودها.
السائل: سبقني بتضعيف الحديث وإلا بتضعيف الرجل؟
الشيخ: نحن الآن نتكلم الآن عن ماذا؟
السائل: عن الرجل أنا ظننت عن الحديث.
الشيخ: طيب, عفى الله عما سلف.
السائل: الحمد لله.
الشيخ: عودا.
السائل: أي نعم.
الشيخ: قولك ضعيف هذا من عندك أم سبقك إليه أحد؟
السائل: مسبوق ما يمكن.
الشيخ: طيب من الذي قال.
سائل آخر: رجع شيخنا.
الشيخ: معليش.
سائل آخر: رجع شيخنا .... صار راجعوك.
السائل: عفوا.
الشيخ: الرجوع إلى الحق فضيلة, مش عار يا أخي هذا فضيلة الله يهديك, ينسبك إلى الفضل.
السائل: الحمد لله.
الشيخ: أي هذا هو, إيه من الذي قال إنه ضعيف؟ مثلا.
السائل: ... الحافظ بن حجر الذهبي وغيره.
الشيخ: لا هؤلاء متأخرون.
السائل: متأخرون نعم.
الشيخ: بدنا نشوف من المتقدمين.
السائل: لا أذكر الآن.
الشيخ: لا تذكر, طيب ليس بينهم خلاف؟
السائل: الظاهر ما في خلاف.
الشيخ: لا هاي ما بيمشي الحال, هيك ما بيمشي الحال.
السائل: أبو نعيم بيقول غريب من حديث عطاء لا أعلم عنه راويا غير عفير بن معدان.
الشيخ: إيش علاقة هذا ببحثنا؟
السائل: يعني أنه الأن قال عنه غريب أبو نعيم.
الشيخ: أنتم يا جماعة انتهيتم من السماع, ما أكلتم.
سائل آخر: أكلنا في المساء ... .
الشيخ: صار عندنا هنا جاري بالجنب ما أكل ويبدو أنه أكل آخر أشهى لديه من هذا.
السائل: إيه والله يا شيخي الله يجازيك خير.
سائل أخر: السلام عليكم.
سائل أخر: الله يبارك فيك.
الشيخ: وين؟
السائل: سلام, شيخ في عندي موعد ... أتأخر على الخمسة ونصف لكن ... .
الشيخ: خير إن شاء الله.
السائل: يالله السلام عليكم.
سائل أخر: في أمان الله.
سائل أخر: وعليكم السلام ورحمة الله.
السائل: وعليكم السلام.
السائل: ... في سؤال يا شيخنا؟
الشيخ: أستأذن من صاحب البحث.
السائل: يا أبا ..
سائل أخر: لكن خليه خليه, خليه حتى لا تختلط الأسئلة.

(184/10)


«
كلام الشيخ عن الراوي عفير بن معدان الحمصي
السائل: ولهذا كتبوا في الهامش عفير بن معدان الحمصي.
الشيخ: ... موجود عند؟
السائل: نعم.
الشيخ: طيب هذا ليش ... ؟
السائل: الحافظ ابن حجر قال عنه ضعيف.
الشيخ: طيب ما حد قال عنه مثله.
السائل: لا ما ... .
سائل آخر: هذا ... يقول هنا ... .
السائل: نعم.
سائل آ خر: عن عطاء الليثي عن وليد بن مسلم وعلي بن عياش قال النسائي ليس بثقة.
الشيخ: أه.
سائل أخر: الخلاصة وفي هامشه تمام كلام النسائي ولا يكتب حديثه, ما ..
الشيخ: بايخة بايخة يا أستاذ.
السائل: طيب يعني متروك؟
الشيخ: متروك.
السائل: إذًا ضعيف جدا.
الشيخ: لكن هذا نحن بنقول متروك على الدراسة المستعجلة أعطي بالك.
السائل: نعم نعم نعم.
الشيخ: والله أعلم خليف هذا لكأنه مخرجه في بعض الكتب
السائل: ... شيخنا.
الشيخ: أعطيني ها القلم.
السائل: ... .
الشيخ: فيه ورقة؟
السائل: عن أبي سعيد الخدري ... .
الشيخ: منين حصلت ... .
السائل: من التتبع.
الشيخ: هذا الجواب بيضيع.
السائل: من الفهارس حقيقة لكن أنا ما كثير ما أرجع إلى الفهارس.
الشيخ: طيب.
سائل آخر: فهارس هذا شيخنا لأنه لعلها أفسدت أكثر مما أصلحت ... .
سائل آخر: حقيقة
السائل: ولها فوائد.
سائل آخر: لا لا بقول سبحان الله.
الشيخ: ... .
السائل: أي نعم.
سائل آخر: أي نعم.
السائل: بقول سبحان الله لما متى كانت هذه الفهارس موجودة كانت بالدقة في التتبع أكثر؟
الشيخ: أي نعم.
السائل: ... .
سائل آخر: نعم؟
السائل: يقرأ الإنسان.
سائل آخر: أي نعم, أي نعم.
الشيخ: طيب.
السائل: نعم.
الشيخ: طيب الآن شو بقي عندنا؟
السائل: عندنا مرسل مجاهد.
الشيخ: مين رواتهم؟
السائل: أبو داود في المراسيل.
الشيخ: المراسيل.
السائل: أي نعم.
الشيخ: بإسناده صحيح؟
السائل: نعم.
الشيخ: طبعا المراسيل التي اعتمدت عليه هي التي بتحقيق شعيب؟
السائل: نعم.
الشيخ: ورأيته صحّح الإسناد؟
السائل: صحح.
الشيخ: نعم, الآن نحن في ظني قلنا نبدأ قبل كل شيء في بحث الأحاديث من ناحية الرواية.
السائل: نعم.
الشيخ: وكأنه انتهينا من هذا.
السائل: نعم.
الشيخ: بقي علينا نبحث من حيث الدراية, أه؟
السائل: نعم.
الشيخ: كويس.

(184/11)


«
مناقشة الشيخ للطالب في تنزيل شروط قبول الحديث المرسل على حديث " لم يشوه أحدكم نفسه؟ ".»
الشيخ: الآن الحديث من حيث الدراية صريح لكن هو مرسل
السائل: نعم.
الشيخ: الآن نريد أن نتطلب ما نقوّي به هذا المرسل بناء على القواعد الحديثية, أليس كذلك؟
السائل: نعم.
الشيخ: كويس, الآن ذكرنا بالقواعد التي أشرت إليها رقم واحد اثنين ثلاثة ذكرت أربعة ... .
السائل: نعم, وهذه الشروط الأربعة التي وضعها الإمام الشافعي كون المرسل من كبار التابعين ومجاهد كذلك إذا شاركه الحفاظ المأمونون لم يخالفوه, إذا سمّى من أرسل عنه سمى ثقة كأنه إذا سُئل يعني يقول فلان ثقة.
الشيخ: طيب.
السائل: وأن ينضم إلى هذه الشروط الثلاثة.
الشيخ: هذه ... عارف.
السائل: أه أه.
الشيخ: نحن هلا آنفا مررنا على هذه الشروط.
السائل: نعم.
الشيخ: الآن بدنا نشوف ما يصلح منها إن كان فيها ما يصلح لتقوية هذا المرسل.
السائل: نعم.
الشيخ: الآن الأول هل هو يصلح؟
السائل: نعم يصلح مجاهد من تلاميذ بن عباس, من الثالثة مات سنة إحدى واثنيتين أو ثلاث أو أربعة مائة وله ثلاث وثمانون سنة.
الشيخ: طيب, هل أنت تفهم من هذه الشروط أنه كل شرط واحده ينهض لتقوية المرسل وإلا لا بد من اجتماعها كلها.
السائل: لا اجتماعها.
الشيخ: حسنا, هات الشرط الثاني.
السائل: إذا شاركه الحفاظ المأمونون لم يخالفوه.
الشيخ: طيب, هذا الشرط ينطبق؟
سائل آخر: ... .
السائل: أه, هو الآن في رواية ابن عباس بارك الله فيك.
الشيخ: ما أنت خالفت ما مشينا آنفا أو ... فضيلة ثانية على مذهب الأستاذ هنا شو رجوع يعني؟
السائل: الرجوع إلى الحق, نعم.
الشيخ: طيب, شو حديث ابن عباس؟
السائل: حديث ابن عباس في قوله سبحانه تعالى ((ثم ليقضوا تفثهم)) قال التفث حلق الرأس وأخذ الشاربين ونتف الإبط وحلق العانة وقص الأظافر وأخذ العارضين ورمي الجمار إلخ
الشيخ: طيب.
السائل: ثم أيضا عن مجاهد يقول نفس هذا الكلام.
الشيخ: واحدة واحدة.
السائل: نعم.
الشيخ: شو إسناد هذا الأثر؟
السائل: هذا صحيح.
الشيخ: مين رواه؟
السائل: رواه الطبري في تفسيره.
الشيخ: أه.
السائل: وسعيد بن منصور أيضا في تفسيره من طريق بن هشيم حدثنا عبد الملك بن أبي سليمان ..
الشيخ: من طريق مين؟
السائل: عبد الملك بن أبي سليمان.
سائل آخر: هشيم هشيم.
السائل: هشيم أول.
الشيخ: ... هشيم.
السائل: هشيم نعم.
الشيخ: بعدين.
السائل: حدثنا عبد الملك بن أبي سليمان.
الشيخ: أه.
السائل: وهو إمام عن عطاء عن ابن عباس.
الشيخ: أه.
السائل: نعم.
الشيخ: طيب.
السائل: فالحديث صحيح.
الشيخ: الأثر.
السائل: أو الأثر صحيح.
الشيخ: أه, طيب.
السائل: ومحمد بن كعب القرضي ... قال تفسير هذه الآية كذلك والأخذ من العارضين.
الشيخ: طيب.
السائل: أي نعم.
الشيخ: كويس.
السائل: فهم هنا كأنهم يوافقوا.
الشيخ: مجاهدا.
السائل: مجاهد.
الشيخ: طيب.
السائل: نعم.
الشيخ: غيره, هذا الشرط إيش؟ الثاني.
السائل: الثاني.
الشيخ: أعطينا الثالث.
السائل: إذا سمى من أرسل عنه سمى ثقة.
الشيخ: إيه.
السائل: وكأن أولئك يعني لا يروي إلا عن ثقة.
الشيخ: إيه, هذا الشرط قائم؟
السائل: لا.
الشيخ: مو قائم؟
السائل: نعم.
الشيخ: طيب, الرابع؟
السائل: أن ينضم إلى هذه الشروط الثلاثة واحد مما يلي
الشيخ: طيب وهو؟
السائل: أن يروى الحديث ال ... بآخر مسندا.
الشيخ: وهذا مفقود عندنا.
السائل: ما اشترط في الصحة أو الضعف.
الشيخ: كيف ما اشترط؟
السائل: يعني أن يروى الحديث بوجه آخر مسندا وقد رُوي مسندا ولكن بإسناده ضعيف, أما هنا في هذا الشرط لم يشترط الضعف أو الصحة.
الشيخ: ... تقول كان بإسناد ضعيف.
السائل: ضعيف جدا جدا.
الشيخ: ... طيب.
السائل: الشرط الثاني.
الشيخ: لا لسى الأولاني ما خلصنا منه.
السائل: لا هذا ما.
سائل آخر: ... شيخنا إذا أنا يعني ... ناصحا لأبي الفيصل
الشيخ: بلا شك ولا أنت ... .
السائل: هذا ما ليس يعني.
الشيخ: لا بس أنا بأكّد النصيحة أنه مهما كانت الرسالة هذه ... نافعة وبعد تنقيحها و و و إلخ لا تفيد بعد أن يعمل هو بالسنة.
السائل: ... سنعمل بها إن شاء الله.
الشيخ: إيه متى ... اقتنعت.
سائل أخر: أنا شيخنا أنا كنت, أنا الآن لفت نظري إلى شيء ما كان له.
السائل: أي نعم.
سائل أخر: كانت أوفر.
الشيخ: عجيب.
سائل آخر: أي نعم كانت إلى.
السائل: أنا ... ما بدأت بالرسالة قال لي الأخ سعد الحميّد نفس الكلام قلت إن شاء الله ... ولكن ما لي يعني سبحان الله بدو ما تجينا الأردن.
الشيخ: " وجاهد النفس والشيطان واعصهما *** وإن هما محضاك النصح فاتهم ".
السائل: أنا الآن لي ... عندي أسئلة هل الحديث هل الأخذ من اللحية هل حلق اللحية من الكبائر أم من الصغائر ثم هل الأخذ من اللحية من الكبائر أم من الصغائر وهكذا هاي بعض الأسئلة إذا انتهينا أنه هذه يريد يعني.
سائل آخر: انتهينا أظن من هذه المسألة.
الشيخ: والله ... .
سائل أخر: يبدو شيخنا ال ... .
الشيخ: ما انتهى هو.
سائل أخر: يعني سقط ال, الأثر, الحديث, أه؟
السائل: والله أريد أن أعطيه الشيخ لينظر فيه يعني ..
سائل أخر: لا يعني شرطا.
السائل: هو قال هذا المرسل معليش يعني في أفعال الصحابة أيضا هل أفعال الصحابة ما تقوّي هذا المرسل؟ فرضا أنه ما جاءنا مسند المسند كلها ضعيفة جدا.
الشيخ: كيف يا أخي ... أنت تدري بماذا نفتي.
السائل: نعم.
الشيخ: يعني نفتي بأثر بن عمر وأثر أبي هريرة وكلاهما قد روى ال ... بإعفاء اللحية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلاهما رأيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فمثلهما وبخاصة أولهما وهو ابن عمر بن الخطاب الذي عرف عنه الشدّة تحريه صفة الرسول ... .
سائل آخر: عبد الله بن عمر.
الشيخ: عبد الله بن عمر نعم وإلى درجة المبالغة التي لا يقرّه عليها والده عمر بن الخطاب فلا يتصور بالنسبة لهذا الصحابي الجليل يرى الرسول قد أسبلها على سجيّتها وعلى طبيعتها ثم هو يأخذ ما زاد عن القبضة.
السائل: إيه جزاك الله خيرا.
الشيخ: هذا يكفينا فإذا انضم, اصبر, إذا انضم إلى ذلك أثر عن مجاهد صحيح وفيه أنا في ذهني آثار أخرى مسجلها في بعض الحواشي أو التعليقات فرجعت مثلا إلى مصنف بن أبي شيبة.
السائل: ... أنا رجعت.
الشيخ: رجعت؟
السائل: ... عن المرسل عن ال ... الآثار الواردة عن الرسول
الشيخ: ... .
السائل: عفوا الآن هذا من المرفوع والآن عندي الموقوف وعندي الآثار, عندي عن الصحابة في حوالي أربعة خمسة وعن التابعين حوالي عشرة ... التابعين قالوا بهذا الموضوع, أنا الآن هذا هذا الفصل الآثار المرفوعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم
الشيخ: أي أنا الحرارة هذه ما ... لأحد.
السائل: جزاك الله خيرا.
الشيخ: الحرارة في البحث.
السائل: نعم لا لا أنا مش حرارة.
الشيخ: ما بتقدر لا أنا بشوفك هلا.
السائل: نعم.
الشيخ: لأنه أنت كنت عم بتحاول تقوّي حديث مجاهد المرسل
السائل: نعم.
الشيخ: أنا عم الفت نظرك أنه هناك فعل ابن عمر وأبي هريرة فإذا انضم إلى هذين الأثرين أثر مجاهد, مرسل مجاهد ما بيتقوّى فيهما؟
سائل آخر: ... .
الشيخ: ... سؤال فنحن بحثنا الآن كان في هذا المرسل عن مجاهد.
السائل: نعم.
الشيخ: يتقوى بفعل أبي هريرة بفعل ابن عمر وأفعال سلف آخرين مذكورين في ابن أبي شيبة وأردت أيضا أن ألفت نظرك إلى شعب الإيمان للبيهقي, هل رجعت إليه؟
السائل: نعم.
الشيخ: طيب.
السائل: نعم.
الشيخ: شو نقلت عنه؟
السائل: شعب الإيمان في بعض الآثار.
الشيخ: إيه مثلا؟
السائل: هاي هو حديث جابر بن عبد الله قال رأى النبي صلى الله عليه وسلم رواه البيهقي في شعب الإيمان (أحسن إلى شعرك أو احلقه).
الشيخ: أنا في عم تقول آثار
السائل: هو نعم.
الشيخ: أه, بقل لك عجلة بتقل لي لا.
السائل: أنا أريد أنا يعني مشان الوقت والله بس.
الشيخ: ما تستعجل, ما بتستعجل.
سائل أخر: بعدين شيخنا هو بالنسبة لحديث, حديث.
السائل: هاي مجاهد.
سائل آخر: حديث مجاهد, طيب هو حديث مجاهد الحقيقة يعني ما في هناك تعارض بينه وبين ما ... .
الشيخ: لا هو تعارض ما فيه لكن هو يريد بحث يريد أن يدعم
السائل: هو الآن يعني الشيخ جزاه الله خير ... أو يستشهد الشيخ بفعل ابن عمر وبفعل أبي هريرة وما يمكن يخالفه, نعم أقول أنا عندنا مرسل الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بهذا, هذا الذي ... الرسول صلى الله عليه وسلم بنفسه أمر بهذا
سائل آخر: يا شيخ ... .
السائل: ... أي نعم أحسن يا شيخ, هذا واحد ... حديث عن إبراهيم بن يزيد النخعي والأثر قال كانوا ينبطون لحاهم ويأخذون من عوارضها, صحيح؟ رواه بن أبي شيبة ورواه البيهقي في شعب الإيمان ولكن جاء وينظفونها بدل وينبطونها والصحيح و ينبطونها كما في غريب الحديث للهروي, هذا ما رجعت له وهذه رسالة دكتوراه عندنا في ... .
الشيخ: صحيح؟ شو لفظة صحيح؟
السائل: كانوا ينبطونهم, ينظبون أو ينطبون ينطبون.
الشيخ: إيش ينطبون؟
السائل: جاء عن إبراهيم النخعي كان يعجبهم التبطن والأخذ من العارضين.
الشيخ: طيب.
السائل: رواه السرقسطي في الدلائل من طريق الحميدي عن سفيان ورواه الهروي في غريب الحديث أيضا كان إنه كان يبطّن لحيته كان يأخذ من بطنها هذا هو.
الشيخ: ... .
السائل: أي نعم.
الشيخ: طيب أنت رجعت إلى شعب الإيمان مباشرة؟
السائل: نعم, شعب الإيمان.
الشيخ: شو لفظه؟
السائل: ينظفونها.
الشيخ: ينظفونها.
السائل: نعم.
الشيخ: ويأخذوا من العوارض؟
السائل: نعم.
الشيخ: طيب, هون هلا ماذا يفيدنا أثر البيهقي هذا؟ من هم الذين كانوا يفعلون؟
السائل: كانوا إبراهيم النخعي.
الشيخ: هون بقى أنت بدك يعني تعمل ملاحظة.
السائل: نعم.
الشيخ: لأنه هو إما أن يعني تابعين وإما أن يعني الصحابة.
السائل: أي نعم.
الشيخ: فإذا كان يعني الصحابة فهو أقوى لك مما لو عنى التابعين فهو.
السائل: عليكم السلام ورحمة الله.
الشيخ: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فيزيد بن إبراهيم.
السائل: رأى عائشة.
الشيخ: أه يزيد بن إبراهيم أكثر رواياته عن التابعين.
سائل آخر: حياك الله.
سائل أخر: أهلا بالشيخ.
الشيخ: أهلا, كيف حالك؟
السائل: الله يعطيك العافية.
الشيخ: عافاك الله.
سائل أخر: حياكم الله, أهلا وسهلا.
الشيخ: أهلا مرحبا.
السائل: حياكم الله أهلا وسهلا, الله يعطيكم العافية.
الشيخ: المهم نحن باختصار وبتلخيص حديث مجاهد هذا المرسل يتقوّى بما ذكر آنفا لكن في ذهني شيء, ما أدري هذا مر عليك وإلا أنا واهم أو ناسي, أن مجاهد كان يفعل هذا, مر بك وإلا لا؟ ولعله موجود في تفسير ابن جرير الطبري.
السائل: مجاهد جاء في قوله ((ثم ليقضوا تفثهم)) قال حلق الرأس وحلق العانة وقص اللحية.
الشيخ: هذا هو.
السائل: أه.
الشيخ: هذا هو.
السائل: أي نعم, في الطبري.
الشيخ: فإذًا.
السائل: نعم.
الشيخ: فإذًا هذا مرفوع تأيّد بعامل رافعه أو مرسله, هذا قوي.
السائل: أنا هذا ... يعني أنه ... طيب يا شيخ.
الشيخ: ... بس ... تخلي الدور لغيرك؟
السائل: نعم مشان ننهي وهذا الشريط يكون يعني فيه ... .
الشيخ: تفضل.

(184/12)


«
هل القبضة المعتبرة في الأخذ من اللحية هي من منبت الشعر أو من أسفل الذقن؟»
السائل: هل القبضة من منبت الشعر أو من أسفل الذقن؟
الشيخ: من, كان يقبض على ماذا؟ في كل الآثار والأحاديث التي مرت بك كان يقبض على ماذا؟
السائل: على لحيته.
الشيخ: طيب, الجواب في جوابك.
السائل: إذًا من الذقن؟
الشيخ: ... .
السائل: إذًا من منبت اللحية.
الشيخ: إيه الله يبارك لك فيها.
السائل: عم بحامي.
سائل آخر: وفيها.
السائل: إذًا من منبت طيب.
الشيخ: أي نعم.

(184/13)


«
هل حلق اللحية من الكبائر أو من الصغائر؟»
السائل: هل حلق اللحية من الكبائر أم من الصغائر؟
الشيخ: أولا أنا لست حريصا على التعمّق في التمييز بين المحرمات الكبائر والصغائر كما أني لست حريصا في تأويل أحاديث الترغيب والترهيب لأن الحرص على خلاف هذا الذي أقوله يذهب بأثر الأحاديث المحرِّمة ويذهب بأثر أحاديث الترغيب والترهيب من أذهان السامعين, لما بتقول هذا قيل من المبالغة ذهب أثر الترهيب.
السائل: نعم صحيح.
الشيخ: وإلخ هذا أولا, ثانيا.
سائل آخر: من أين يأتون بهذا؟
الشيخ: نعم؟
السائل: من أين أتو بهذا التأويل يعني؟
الشيخ: قد يعذرون لأنه الرسول عليه السلام كما تعلمون جميعا قد نص على, في أكثر من حديث واحد على أن هناك ذنوب من الكبائر.
السائل: نعم.
الشيخ: إيه فلا شك أنه هذا التفريق موجود في السنة لكن أنا قصدت أنه أي نهي أو أي محرم ثبت تحريمه في الشرع بنص من الكتاب أوالسنة ليس من مصلحة الدعوة والموعظة الحسنة أنه نجي بقى نقول يا ترى هذا يفيدنا أن هذا الذنب من الكبائر أم الصغائر؟
أعيد الكلام للسامعين لست حريصا على هذا لكن قد يضطر الإنسان في بعض الأحيان أن يلج مثل هذا المولج الضيق, فإن رأى نفسه أنه لا بد له من ذلك فيدرس الأحاديث فإن بدا له أنه من الكبائر فليقلها.
السائل: نعم.
الشيخ: وإن لم يبدو فلينظر هل الأنفع في سبيل الدعوة والموعظة الحسنة أن تبقي الأحاديث كما جاءت أم تؤولها إلى أنها تعني أنه من الصغائر وليس من الكبائر وأنا الآن أضرب لك مثلا بنص يتعلق بموضوع حلق اللحية هذا الحلق الذي أنت سألت عنه هل هو من الكبائر أم من الصغائر, في ظني أنك لا بد أنك تطرقت في هذه الرسالة إلى النصوص التي تمنع من حلق اللحية.
السائل: نعم.
الشيخ: أليس كذلك؟
السائل: نعم, الفصل الأول.
الشيخ: نعم؟
السائل: الفصل الأول.
الشيخ: الفصل الأول وهذا المفروض, إذا كان الأمر كذلك ما هي الحصيلة التي أنت ... عليها وخرجت بها من هذه النصوص, قلها حتى نناقشها, الحصيلة الخلاصة.
السائل: ... الحديث أو.
الشيخ: لا لا الحصيلة.
السائل: حصيل الأمر.
الشيخ: لا, هذا ليس جواب على سؤالي.
السائل: أعد أعد عفوا.
الشيخ: طيب أنا بقول أنه هذه النصوص التي جمعتها إما أنها ألقت في نفسك أن حلق اللحية من الكبائر أو ألقت في نفسك أنها من الصغائر أو أنه لم يتضح لك الأمر لا هذا ولا هذا, فأنا حينئذ أعطيك الجواب.
السائل: ألقت في نفسي أنها من الكبائر.
الشيخ: أه.
السائل: أي نعم.
الشيخ: وعليكم السلام.
الشيخ: حسنا.

(184/14)


«
بيان خطر البدع
الشيخ: إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ((يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون)) ((يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا)) ((يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما)) أما بعد,
فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
كان بودي الأمس القريب حينما ألقى الأستاذ علي كلمته حول البدعة وأكّد فيها قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم (كل بدعة ضلالة ولك ضلالة في النار) ثم ثنى الأخ أبو أحمد على كلمته بكلمة أخرى طيبة بيّن فيها خطورة البدعة وإدخالها في الدين, كان في ودي أن أتكلم بكلمة لعلها مفيدة إن شاء الله حول تلك المسألة الخطيرة والآن وقد نشطت بعض الشيء وجدت إلزاما علي أن أقول ما كان قد جال في نفسي في الأمس القريب فأقول إن موضوع حديث كلِّ بدعة ضلالة أو (كلُّ بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار) يظن كثير من الدعاة الإسلاميين أنه أمر خطب سهل لا يستحق الدندنة حوله كثيرا وكثيرا كما نفعل نحن الدعاة السلفيين فأقول بيانا لخطورة هذه المسألة يجب أن نعلم أن لها علاقة كبيرة وكبيرة جدا بالبحث السابق الذي ألمحنا إليه وذكرنا أنه لا بد من الجماعات الإسلامية أن تجعلها حقيقة واقعة في نفوسهم ألا وهي جعل الحاكميّة لله عز وجل في نفوسهم قبل أن يملؤوا الدنيا صياحا بأنه لا بد من جعلها حقيقة واقعة على وجه الأرض ونحن لمّا نقمها بعد في نفوسنا.
فلا شك أن كون البدعة مشروعة أو غير مشروعة لها علاقة وثقى بالموضوع السابق فإن هذه إن لم يكن مشروعة كما نعتقد نحن فقد أدخلنا في الشريعة ما ليس منها.
بما لم يشرعه لنا وإنما شرعه لنا بعض الذين استحسنوا الابتداع في الدين بشبهات بدت لهم فمن هنا يبدو لكم خطورة هذه المسألة وهي قوله عليه السلام (كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار) حيث أن الذي يخالف هذا النص الصريح في ذم عموم البدعة فهو في الوقت نفسه إنما يحمل الناس على أن يتقربوا إلى الله بما لم يشرعه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
ونحن حينما نقرر هذه الحقيقة نعلم جيدا أن للذين يذهبون إلى استحسان بعض البدع أو إلى تقسيم البدعة إلى خمسة أقسام بعد تقسيمهم ذلك التقسيم الإجمالي, بدعة حسنة وبدعة سيئة لا نعلم أن لهم أدلة زعموها وإنما هو شبهات إذا عرف حقيقة أمرها المتفقه المسلم تبيّن لها, تبيّن له أنها ((كسراب بقيعة يحسبه الظمأن ماء)) فوجدت تقوية للبحث السابق بالأمس القريب أن أذكر بعض تلك الأدلة المشار إليها التي يتمسك جماهير المشايخ اليوم ويتكؤون عليها في القول بأنه هناك في الإسلام بدعة حسنة, من أشهر هذه الشبهات هو ذاك الحديث الصحيح ألا وهو قوله عليه الصلاة والسلام (من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة دون أن ينقص من أجورهم شيء, ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة دون أن ينقص من أوزارهم شيء) هذا الحديث لا شك في صحته ولكن الشك كل الشك هو في استدلالهم بهذا الحديث على أن الرسول عليه السلام قرر به أن في الإسلام بدعة حسنة وبيان هذا من وجهين أو أكثر من وجهين, الوجه الأول هو النظر في سبب ورود هذا الحديث فإننا إذا عرفناه تبين لنا لأول ... أول وهلة أن هذا الإستدلال هو خطأ واضح بل فاضح ذلك لأن سبب الحديث يقول وهو في صحيح مسلم متنا وسببا فالحديث برواية جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم فجاءه أعراب مجتبي النمار متقلدي السيوف عامتهم من مضر بل كلهم من مضر فلما رأى ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تمعّر وجهه ثم خطب في الصحابة فتلا عليهم قول الله تبارك وتعالى ((يا أيها الذين أمنوا أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصّدق وأكن من الصالحين)) وقال عليه الصلاة والسلام في جملة ما خطب به (تصدق رجل بدرهم بدينار بصاع بره بصاع شعيره) فما أتم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم خطبته حتى قام رجل من الحاضرين وانطلق ثم رجع يحمل في طرف ثوبه ما تيسّر له من صدقة من طعام ودراهم ووضع ذلك أمام النبي عليه الصلاة والسلام فلما رأى سائر أصحابه ما فعل صاحبهم الأول قام أيضا كل منهم وجاء بما تيسّر له من صدقة فاجتمع أمام الرسول عليه الصلاة والسلام كأمثال الجبال من الطعام والدراهم فلما رأى ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تنوّر وجهه كأنه مُذْهبة أي كأنه فضّة مطلية بالذهب كناية عن أن الرسول عليه السلام بعد أن كان حزن على ما شاهد من فقر أولئك الأعراب تهلل وجهه فرحا وسرورا حينما شاهد أصحابه عليه الصلاة والسلام بادروا إلى الاستجابة لتحقيق ما حضهم عليه من الصدقة وقال عليه الصلاة والسلام حينذاك (من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة) إلى آخر الحديث.

(185/1)


«
الرد على من يقسم البدع إلى حسنة وسيئة
الشيخ: وهاهنا لا بد أن نتساءل, إذا كان الجمهور المعاصر اليوم يستدل بهذا الحديث على أن في الإسلام بدعة حسنة وعلى ذلك فهو يفسره بالمعنى المعروف عنهم وهو قولهم (من سن في الإسلام سنة حسنة) معناه من ابتدع في الإسلام بدعة حسنة فله أجرها فنحن نسألهم الآن بعد أن عرفنا سبب هذا الحديث أين موضع هذه البدعة المزعومة والموصوفة عندهم بأنها بدعة حسنة في هذه الحادثة التي وقعت في مجلس الرسول عليه الصلاة والسلام وقال بمناسبتها (من سن في الإسلام سنة حسنة)؟ لقد سألت كثيرين ممن يحتجون بهذا الحديث على أن في الإسلام حسنة فلم يستطع أحد منهم إطلاقا أن يقول البدعة الحسنة هي هذه مما وقع في المجلس لأنه لا يوجد في المجلس إلا أمرين اثنين يستحق الوقوف عندهما.
الأمر الأول هو صدقة الصحابة بدأ من الأول وانتهاء بآخر من تصدق منهم والشيء الآخر هو أن رجلا منهم قام قبل كل أصحابه الآخرين وسن هذه الطريق وفتحها لأولئك الذين كانوا كما هو طبيعة الجماهير حينما يحضهم الواعظ المذكر بأمر مشروع قطعا فنجدهم واجمين ساكتين لكنّ فردا منهم يتنبه للموضوع ويتحمس له فينطلق ويتصدق إما آنيا أو ينطلق إلى بيته فيأتي بما يتيسر له من صدقة كما فعل ذلك الرجل في مجلس الرسول عليه الصلاة والسلام.
فإذًا قال الرسول عليه السلام (من سن في الإسلام سنة حسنة) بهذه المناسبة التي قام الرجل الأول فتصدق بما تيسر له ثم تبعه الآخرون فهل الصدقة بدعة؟ الجواب لا لأن الرسول عليه السلام أمرهم بنص من الآية الكريمة ثم هو فوق ذلك حضّهم على الصدقة بكلامه فلا أحد يتخيل أن يقال إن البدعة في ذلك المجلس إنما هي الصدقة.
إذًا ماهي البدعة؟ ليس هناك أيضا في بدعة يمكن أن توصف بأنها حسنة اللهم إلا أن يقال إنّ انطلاق الرجل الأول إلى داره ورجوعه بالصدقة هذا الانطلاق هو البدعة ولا أحد يقول بهذا لأنه الانطلاق والذهاب والإياب إنما هو من الأمور العادية التي ينطلق الإنسان فيها في نهاره وليله عشرات إن لم نقل مئات المرات فما هي البدعة إذًا في هذه الحادثة لم يستطيعوا ولن يستطيعوا مطلقا أن يقولوا إن في هذه الحادثة شيء وقع يمكن أن يوصف بأنه بدعة حسنة.
إذًا لم يصح تفسيرهم للجملة الكريمة من كلام الرسول عليه السلام (من سن في الإسلام سنة حسنة بقولهم من ابتدع في الإسلام بدعة حسنة بأنه ليس في هذا المجلس بدعة وقعت وبناء على ذلك قال الرسول عليه السلام (من سن في الإسلام سنة حسنة) فهذا أعني ملاحظتنا لسبب ورود هذا الحديث يدلنا على بطلان تفسير الحديث بذلك التفسير الخاطئ (من ابتدع في الإسلام بدعة حسنة) بأنه ليس في هذه الحادثة بدعة أو أمر وقع يمكن أن يسمى بالبدعة.
إذا ممكن شوية تتراصوا ... دعوا الفرجات هذه لا تدعوها.
إذًا فمعنى الحديث كما يدل عليه سبب وروده هو هذا الرجل الذي انطلق وجاء بالصدقة فتح الطريقة الآخرين للصدقة حيث كانوا واجمين وكانوا منكمشين على أنفسهم فهذه هي السنة الحسنة انطلاق الرجل ورجوعه بالصدقة هي هذه هي السنة الحسنة, هذا الجواب من الوجه الأول والجواب من الوجه الثاني هو هب أن معنى (من سن في الإسلام سنة حسنة) أي من ابتدع إلى آخر كلامه لكني أستدرك الأن فأقول بعد أن عرفنا أن سبب ورود الحديث يدل على المعنى الصحيح للحديث وهو على ظاهره من سن أي من فتح طريقا إلى سنة حسنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قام هذا الرجل فأحياها بالنسبة للناس الحاضرين فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة, بعد أن عرفنا هذا الحديث أقول فمن المستحيل أن نتصور أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يقول بمناسبة قيام هذا الرجل الأول ورجوعه بالصدقة المأمور بها نصا في القرآن والسنة أن يقول الرسول عليه السلام بمثل هذه المناسبة (من ابتدع في الإسلام بدعة حسنة) هل تتصورون أنه هذا الذي يتكلم الآن بين ظهرانيكم إذا حضكم على صدقة مثلا فقام رجل هو أبو أحمد مثلا ودخل البيت وجاء بقرش بفرنك بليرة وضعها صدقة فتحمس الحاضرون وجاء كل منهم بصدقة فقلت أنا وأنا أعني من أنا رجل أعجمي ألباني هو ما فعل إلا صدقة فأقول من ابتدع في الإسلام بدعة حسنة هل يعني تهضمون هذا التعبير وهو لم يفعل إلا الصدقة ومع ذلك أنا أقول بمناسبة هذه الصدقة وانطلاقه ومجيئه بها (من ابتدع في الإسلام بدعة حسنة) هذا إن قلته وليس بعيد عني لأنه العرق دساس فأنا رجل أعجمي قد أخطئ في كثير من الأحيان أو قليلها من حيث التعبير العربي فما هو غريب عني إن أخطأت من هذا الخطأ لكن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي هو أفصح من نطق بالضاد حقا وإن كان هذا الحديث لا أصل له (أنا أفصح من نطق بالضاد) هذا حديث لا أصل له عند علماء الحديث لكن كواقع هو بلا شك أفصح من نطق بالضاد إذ الأمر كذلك فكيف يقول هو ما لا يليق بأعجمي مثلي أن يقول بمناسبة صدقة (من ابتدع في الإسلام بدعة حسنة) الواقع إن الذين ينسبون إلى الرسول عليه الصلاة والسلام هذا التفسير لهذا الحديث الصحيح هم ينسبون الرسول عليه السلام إلى العي من الكلام والجهل بالبيان الذي هو عليه الصلاة والسلام من مزاياه ومن خصائصه أنه كما جاء في الحديث الصحيح أوتي من جوامع الكلم فهذا النبي الذي خصصه ربنا تبارك وتعالى بخصائص امتاز بها على سائر الرسل والأنبياء منها أنه أوتي جوامع الكلم, كيف يقول بمناسبة صدقة قام إنسان فسنها للحاضرين ابتدع في الإسلام بدعة حسنة هذا أبعد ما يكون صحة أن ينسب إلى رجل عادي مثلي فضلا أن ينسب إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو الذي في الأصل أفصح من نطق بالضاد ثم إن الله عز وجل ميزه بأنه أوتي جوامع الكلم, هذا الدليل وحده يكفي لإبطال تأويل الحديث بقولهم من ابتدع في الإسلام بدعة حسنة, الوجه الثاني الذي يدل على بطلان هذا التأويل لهذا الحديث الذي هدموا به حديثا صحيحا بعمومه ألا وهو قوله (كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار) كذلك الوجه الثاني فإننا نقول إن هذا الوجه يؤكد هذا البطلان ذلك التفسير السابق لأننا نقول عفوا يؤكد الوجه الثاني على أنه لا يصح لهم أن يتخذوا الحديث دليلا على أن في الإسلام بدعة حسنة حتى لو سلمنا لهم بصحة تفسيرهم للحديث فنقول لهم هبوا أن معنا من سن في الإسلام سنة حسنة , من ابتدع في الإسلام بدعة حسنة, هبوا جدلا أن الأمر كذلك لكننا نجد أن الحديث ذكر السنتين بوصفين أو بصفتين متباينتين الصفة الأولى حسنة والصفة الأخرى سيئة, تُرى ما هو السبيل لمعرفة السنة الحسنة من السنة السيئة, ما هو الطريق لتمييز هذه السنة الحسنة من السنة السيئة؟ أهو العقل؟ الجواب لا, أهو العادة التي وجدنا عليها الآباء والأجداد أيضا سيقولون لا, إذًا أهو الشرع؟ سيقولون نعم هو الشرع لا ريب.
إذ الأمر كذلك فنحن نسلم إذا كان هذا هو التفسير لهذا الانتباه لوصف السنة بأنها حسنة وبأنها سيئة إذًا ليس الأمر بوصف السنة التي بمعنى البدعة أنها حسنة أو أنها سيئة راجع لعقول الناس وأهوائهم وعاداتهم أو عواطفهم وإنما المرجع في كل ذلك إنما هو الشرع, إذا كان الأمر كذلك فنحن نقول لهم هاتوا بدعة بمعنى لغوي أي حدثت بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهاتوا الدليل من الشرع على أن هذه البدعة حسنة حتى نتفق جميعا على أنه يوجد في الإسلام مثل هذه البدعة لأن الخطر يكمن في تبني القول بالبدعة الحسنة من جهة تحكيم عقولنا وأهواءنا على استحسان بعض البدع لما ذكرته آنفا أنه حينذاك هذا الموضوع ينافي التوحيد الخالص لله تبارك وتعالى الذي من أجل هذه المنافاة قال الله عز وجل في حق النصارى ((اتخذوا ورهبانهم أربابا من دون الله)) فإذا كانت البدعة التي يحسّنها بعض الناس استحسان من عند أنفسهم ثم تابعهم ناس على ذلك فهو التشريع في الشرع بدون دليل, أما إذا سلموا معنا أن السنة الحسنة هي التي جاء وصفها أو قام الدليل الشرعي على وصفها بأنها حسنة فحينئذ نحن لا نكون في الحالة متبعين لأهواء الناس وعاداتهم وعقولهم وإنما نكون متبعين للشرع الذي أقام الدليل على استحسان هذه البدعة بذاتها.

(185/2)


«
ذكر الأمثلة على السنة المستحسنة شرعا لا اجتهاداً و استحساناً عقلا
الشيخ: أضرب لكم بعض الأمثلة الموضحة لهذه الحقيقة الهامة فأقول مثلا لعلنا جميعا نعلم أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لما فتح خيبر صالح اليهود على شروط ومن تلك الشروط أن سلّم لهم خيبر يعملون فيها على طريقة المزارعة ولهم نصف الخارج منها وللرسول عليه السلام وأصحابه النصف الآخر وكان مما شرط عليهم أن قال لهم عليه الصلاة والسلام (إننا نقركم فيها ما نشاء) يعني تعلمون أن خيبر فتحت عنوة بالسيف وأن.
وأصحابها وسكانها صاروا عبيدا للرسول عليه الصلاة والسلام أي أسرى لكن رأى الرسول عليه الصلاة والسلام من مصلحة المسلمين يومئذ أن تبقى خيبر تحت يد اليهود يزرعونها ويستصلحونها للمسلمين لهم النصف ولليهود النصف الآخر لكن قال لهم نقركم فيها ما نشاء يعني المدة التي نراها ثم توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم واليهود لا يزالون في خيبر وجاء من بعد ذلك أبو بكر وتوفي وهم كذلك ثم جاء عمر وهم كذلك إلى أن بدا لعمر أن يخرجهم من خيبر فأنذرهم وأمرهم أن يحملوا ما استطاعوا من المتاع الخفيف الحمل لأنهم كانوا قد شورطوا على أن يُقرّوا ما شاؤوا وقد بدا للخليفة خليفة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أن يخرجهم من خيبر, هذا هو المثال الذي يبين لكم السنة الحسنة في المعنى الأول الصحيح والبدعة الحسنة في تفسير الجماعة إذا ما رأوا لفظة حسنة فنقول لا شك أن عمر فعل شيئا لم يفعله الرسول عليه الصلاة والسلام فإنه أخرج اليهود من خيبر حيث أقرهم الرسول عليه السلام فيها ومات عنهم وهم فيها وكذلك أبو بكر من بعد الرسول عليه السلام ما أخرجهم منها فإخراج عمر لليهود هو أمر جديد لا شك ولا ريب في ذلك فما حكم هذا الأمر؟ أنسميه بدعة؟ نحن نقول لا أمّا هم فيسمونها بدعة ويصفونها بأنها بدعة حسنة, نقول لا بأس مادام أن الدليل قام على شرعية فعل عمر فهو ليس في اصطلاحنا ليس بدعة وإنما هو في اصطلاحكم بدعة, في اصطلاحنا ليس بدعة لأن عمر نفذ أمرا من أوامر الرسول عليه السلام ذلك أولا في صريح قوله عليه السلام (أخرجوا اليهود من جزيرة العرب) وثانيا لاحظ الشرط السابق (نقركم فيها ما نشاء) , انتهت مشيئة المسلمين فأخرجوهم من خيبر فإذًا عمر لم يحدث أمرا في الدين وإنما نفذ أمرا سابقا من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ألا وهو قوله (أخرجوا اليهود من جزيرة العرب) نحن لا نسمح لأنفسنا أن نقول بأن عمر ابتدع في دين الله ما لم يكن منه أما الذين يقولون بالبدعة الحسنة والسيئة فهم ولو لفظا يقولون ابتدع عمر, ماذا؟ أخرج اليهود من خيبر, لكن هذه بدعة حسنة وربما لا يخطر في بالهم الجواب السابق أنه نفذ أمرا صدر من الرسول عليه الصلاة والسلام لكن يأتون بالدليل العام (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين) إلى آخر الحديث.
فنحن نقول حينذاك يبقى الخلاف بيننا وبينهم إذا لاحظوا هذا الوصف حسنة, سنة حسنة وأن الحسنة ليست هي التي يستحسنها الناس في عقولهم وإنما هي التي قام الدليل الشرعي على حسنها حينئذ يبقى الخلاف بيننا وبينهم خلافا لفظيا, هذه حقيقة يجب أن نعلمها ويجب أن نتخذها سبيلا لاستجلاب المخالفين إلى هذه الحقيقة الشرعية لأننا لا يهمنا الألفاظ بقدر ما تهمنا المعاني التي صبت وسبكت في هذه الألفاظ.
فإذا اتفقوا معنا أن هناك بدعة حسنة في الإسلام وأن الحسنة هي التي تعرف بطريق الإسلام فليسموها ما شاؤوا لكن نحن نربأ بأنفسنا أن نسمي تنفيذ عمر لأمر نبوي كريم أنه بدعة, هذا مثال, مثال آخر وهذا الذي يستشهد به جماهير هؤلاء الناس الذين يذهبون إلى أن في الإسلام بدعة حسنة يقولون جمع الصحابة للقرآن, نحن موقفنا تجاه هذا الأمر كموقفنا تماما تجاه إخراج عمر لليهود من خيبر, نقول مستنكرين أشد الاستنكار جمع القرآن بدعة؟ عياذا بالله من هذا الكلام لأنه مهما يكن وصف هذا الأمر الواجب الذي قامت إشارات في القرآن الكريم وفي السنة لضرورة المحافظة على القرآن بمثل قوله تعالى ((ألم ذلك الكتاب لا ريب فيه)) فهنا إشارة إلى أن هناك كتابا, طيب سيكون هذا كتابا وكقوله عليه الصلاة والسلام (بلغوا عني ولو آية) فأي وسيلة تحقق هذه الغاية التي أمر بها ربنا عز وجل في القرآن والنبي عليه الصلاة والسلام في السنة فهي وسيلة واجبة اتخاذها ولذلك يقول العلماء والفقهاء كل ما لا يقوم الواجب إلا به فهو واجب فجمع القرآن لا سيما حينما تعرض للضياع بضياع حملته هذا أمر من أوجب الواجبات لأنه لولم يقوموا بذلك لضاع الإسلام ولأصبح دين الإسلام كاليهودية والنصرانية لا سنام لها ولا خطام ليس لهم مرجع لو أراد أحدهم أن يعرف كلمة قالها موسى أو قالها عيسى عليهما الصلاة والسلام لكان ذلك أمرا مستحيلا فلولا أن الصحابة بادروا إلى جمع القرآن لأصاب كتابهم مثل ما أصاب الإنجيل والتوراة ولذلك قام في الواقع فعلوا مثل عمر فيما بعد قاموا بواجب تقتضيه أدلة الشريعة فهو ابتدع بدعة؟ نحن نبرأ كما قلنا أن نسمي فعلهم هذا بأنه بدعة لكننا نقول قام بواجب لم يكن هذا الواجب قد قام المقتضي لتحقيقه في زمن الرسول عليه الصلاة والسلام لذلك جاء في نفس الحديث بيانا للسبب المقتضي لجمع القرآن ألا وهو قوله لما استحرّ القتل في قرّاء اليمامة أي اشتد فيهم فقتل في يوم واحد سبعون قارئا, جاء عمر يعرض على أبي بكر الصديق جمع القرآن واتفقا على ذلك ثم أتيا بزيد بن ثابت فعرضا عليه فلم يزالا به حتى اقتنع وهنا حكمة بالغة ولكن لا تغني النذر مع الأسف, الحكمة البالغة أنه جمع القرآن الذي هو أسّ القرآن لأنه لم يكن في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام لما كلف زيد بن ثابت أن يقوم بجمع القرآن قال لهما كيف تصنعان أو تفعلان شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
انظروا الفرق بين الصحابة الذين فهموا خطر الابتداع في الدين كيف يخافون أنهم إن جمعوا القرآن يكونوا قد أحدثوا في الإسلام شيئا نكرا بينما تجد اليوم أجهل جاهل وأعلم عالم إذا قيل له لا تفعل كذا بيقل يا أخي شو فيها ما هو إلا ذكر الله والصلاة على الرسول عليه السلام, طيب جمع القرآن شو فيه؟ فيه محافظة على الشريعة كلها فهم كانوا حذرين جدا جدا من الإحداث في الدين حتى ربما تركوا شيئا وهو يغلب عليه أنه سنة مشروعة خشية أن يبتدعوا في الإسلام ما لم يكن من السنة، فهذا مثلا عبد الله بن عمر بن الخطاب يسمّي صلاة الضحى بدعة فيضطر العلماء تجاه النصوص الكثيرة الصريحة في مشروعية صلاة الضحى من فعله عليه الصلاة والسلام ومن قوله أن يقولوا لعله يعني صلاة الضحى في المسجد صلاة الضحى في المسجد لأنه أخذت هذه الصلاة طابعا لم يكن في عهد الرسول عليه السلام لأنه الأصل في النوافل أن تصلى في البيوت كما قال عليه الصلاة والسلام (فصلوا أيها الناس في بيوتكم فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة) فانظروا الفرق بين السلف وبين الخلف, السلف يتورعون عن جمع القرآن خشية الابتداع في الدين والخلف يبتدعون ما شاءت أنفسهم وأهواؤهم والجواب مهيّأ شو فيها ذكر الله والصلاة على الرسول عليه السلام فيها شيء خطير جدا وهو الافتيات على الله وتقدم بين يدي رسول الله الذي هو المبلّغ عن الله, فإذا قلت هذه بدعة حسنة ولو ما فعلها الرسول ولو ما فعلها الصحابة ولو ما فعلها الأئمة الأربعة معناها أنت عم بتشرع شيء من نفسك وتعرض عن الحجج القاطعة بأنه هذا الشيء إحداث في الدين وضلالة ولذلك فجمع الصحابة للقرآن ليس بدعة في الدين بل هو أمر واجب قام به عمر وأبو بكر الصديق وتبعهم على ذلك كاتب وحي الرسول زيد بن ثابت وأجمع الصحابة على ذلك لما رأوا أنه من ضروريات الدين.

(185/3)


«
الرد على من يستدل بقول عمر رضي الله عنه عن صلاة التراويح " نعمت البدعة هذه" على تحسين البدع
الشيخ: من الأمثلة التي أيضا يوردونها صلاة أو أمر عمر بن الخطاب أبيّ بن كعب أن يصلي بالناس جماعةً صلاة التراويح في رمضان.
يقولون هذا أيضا بدعة ونحن نقول حاشى لعمر وللصحابة أن يتفقوا على شيء اسمه بدعة في الدين والرسول يقول (كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار) لكن الحقيقة أن موقف عمر في هذه الحادثة موقفه وموقف أبي بكر الصديق وموقف زيد بن ثابت في حادثة جمع القرآن وأن موقفه في هذه الحادثة هو نفس موقفه في حادث الإخراج اليهود من جزيرة العرب لم يأت بشيء من نفسه مستحسنا له بعقله وإنما حقق حكما شرعيا كان مقررا في عهد النبي عليه الصلاة والسلام وبيان هذا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما نعلم جميعا كان يصلي صلاة القيام في كل ليالي السنة لم يخص رمضان بقيام دون سائر الليالي هذا شيء وشيء ثاني أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلى ثلاث ليال في رمضان في آخر حياته عليه الصلاة والسلام صلى بالناس جماعة أي إن قيام الليل الذي كان من عادته عليه الصلاة والسلام أن يقومه وحده فهو في رمضان هذا أي آخر رمضان من حياته الكريمة صلاها مع الجماعة ثلاث ليال ولما اجتمعوا وصلوا خلفه عليه الصلاة والسلام ما أنكر ذلك بل أقرهم على هذا الاجتماع وفي الليلة الثانية كذلك وفي الليلة الثالثة كذلك وقد غص المسجد فلا يمكن أن يصلي ناس آخرون في هذا المسجد واجتمعوا في الليلة الرابعة وانتظروا الرسول عليه السلام كما هو وارد في صحيح البخاري ولما ملّوا من شدة من طول الانتظار أخذ بعض من لا صبر عنده يحصب, يرمي باب الرسول عليه السلام بالحصباء فخرج الرسول عليه السلام مغضبا وقال (يا أيها الناس إنه لم يخف علي مكانكم هذا إني عمدا تركت إني خشيت أن تكتب عليكم فصلوا أيها الناس في بيوتكم فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة) فنجد في هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد أن أقرهم على الصلاة خلفه تلك الليالي الثلاث امتنع من الخروج في الليلة الرابعة للصلاة معهم وبهم وبيّن لهم السبب قائلا (إني خشيت أن تكتب عليكم) فهنا علّة هي التي منعت الرسول عليه الصلاة والسلام من المثابرة والمتابعة على صلاة التراويح جماعة, خشي عليه الصلاة والسلام أنه إن رأوا الرسول استمر على الإحياء جماعة أن يُلقى في نفوسهم أن هذا أمر حتم لازم لازب فدفعا لهذه الخشية ترك وما صلى وكل أهل العلم يعتقدون أن الدين بوفاة الرسول عليه الصلاة والسلام تمّ وكمل فلا يقبل الزيادة ولا النقص لذلك وجدنا عمر بن الخطاب عاد إلى إحياء تلك السنة التي أحياها الرسول عليه السلام بفعله المذكور ثم بقوله الآتي فأحيا تلك السنة لأنه الخشية زالت ومن القواعد الفقهية الأصولية " أن الحكم يدور مع العلة وجودا وعدما " فحكم الامتناع كان قائما على الخشية فلما زالت الخشية زال حكم الامتناع وعاد إلى أصله المشروع, مشروع بفعله ثلاث ليال وتأكدت هذه الشرعية بقوله عليه السلام الذي أشرت إليه وهو ما رواه أبو داود وغيره بإسناد صحيح عن أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلى بهم في رمضان ثلاث ليال قال أو أربعة ثم قال (من صلى العشاء مع الإمام ثم صلى قيام رمضان مع الإمام كتب الله له قيام ليلة) هذا قول من الرسول عليه السلام فيه الحض على أمرين اثنين الأمر الأول معروف وهو صلاة الجماعة الفريضة مع الإمام والأمر الآخر حض الرسول عليه السلام المصلين للجماعة للعشاء أن يصلوا أيضا مع الإمام صلاة القيام وأن من جمع بين الجماعتين جماعة الفرض لصلاة العشاء وجماعة السُنة لصلاة التراويح كتب الله له قيام ليلة أجر قيام ليلة بتمامها وكمالها, هذا قول صدر من الرسول عليه الصلاة والسلام تأكيدا لمشروعية التجميع في صلاة التراويح في رمضان خلافا لمن يظن أنه الأفضل في صلاة التراويح في رمضان أن يصليها في بيته ومع أهله, لا هذا يخالف سنة الرسول العملية التي تركها للعلة التي خشي ويخالف قوله العام الموجه شريعة عامة إلى أمته وهو حضه عليه الصلاة والسلام على صلاة العشاء جماعة وصلاة القيام جماعة فيكون له ثواب قيام ليلة بتمامها.
إذًا ماذا فعل عمر؟ لقد أحيا سنة من فعله عليه السلام مؤكدة بقوله كيف يقال إن عمر ابتدع في الإسلام بدعة لكن هذه بدعة حسنة, ولهم هنا شبهة أقوى مما سبق حكايته عنهم ولكنها أيضا شبهة داحضة ذلك أنه جاء في قصة إحياء عمر بن الخطاب لهذه السنة أنه خرج ثاني يوم فوجد الناس يصلون جماعة وراء إمام واحد أبيّ بن كعب رضي الله عنهما فقال " نعمة البدعة هذه والتي ينامون عنها أفضل ", فتمسك المستعجلون في الاستدلال بهذه الحادثة, تمسكوا بكلمة عمر " نعمة البدعة هذه " فقالوا هاه يوجد في الإسلام بدعة تمدح فنحن نذكرهم بأننا اتفقنا معكم جدلا بأن قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم (من سن في الإسلام سنة حسنة) لا يعني البدعة لكن قلنا لكم جدلا إن أصررتم على تفسيرها بمن ابتدع في الإسلام بدعة حسنة فنقبل منكم البدعة الحسنة, وأي بدعة حسنة أحسن من هذا التجميع الذي فعله عمر اتباعا منه لصلاة الرسول ثلاث ليال بأصحابه واتباعا منه لقول الرسول عليه السلام في حقه على التجميع, فإذًا هو لم يحدث شيئا في الدين لكان إذًا لم سماها بدعة؟ بدعة باعتبار ما كان من ترك الناس, لا يجتمعون في صلاة التراويح في خلافة عمر في خلافة أبي بكر الصديق وشيء من خلافة عمر.
وخلافة عمر وبعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كان الناس هكذا يصلون زرافات ووحدانا فهو لما قال نعمة البدعة فيعني بالنسبة لما بين صلاة الرسول عليه السلام لصلاة التراويح جماعة وبين إحياء عمر لهذه الصلاة, سماها بدعة فهي بدعة لغوية نسبية بالنسبة لهذا الوقت الضيق لكنها ليست بدعة شرعية لأن الدليل قام على حسنها أي شرعا, قام الدليل على حسنها شرعا, فمن جاءنا بأمر حادث لم يكن في عهد الرسول عليه السلام ولا في عهد السلف الصالح وأتانا بالدليل الشرعي الملزم به بالأخذ بها هذه البدعة فنحن نقول حينذاك نحن نتقرب إلى الله بهذا الذي تسمونه بدعة لكن نخالفكم بهذه التسمية لأن الإسلام ذم الإبتداع في الدين ذما عاما فإذا وجد شيء قام الدليل على حسنه وعلى شرعيته فليس بدعة لأن الإسلام أمر بذلك, هذا الحديث ...
وقصة عمر بن الخطاب في إحيائه هما من أقوى الشبهات التي يتمسك بها الجماهير في استحسان بعض البدع في الدين وقد تبيّن لنا والحمد لله بوضوح أنه لا متمسك لهم في شيء من ذلك.

(185/4)


«
الرد على من يستدل بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " ما رآه المسلمون حسنا فهو حسن" على تحسين البدع
الشيخ: ويبقى شيء ثالث هام لا بد من التنبيه عليه وبذلك أنهي هذه الكلمة, هذا الشيء الهامّ هو ما اشتهر على ألسنة العوام بل كثير من الخواص من قولهم قال رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم (ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن) (ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن) والجواب عن هذا من وجهين اثنين الأول أن هذا ليس بحديث مرفوع إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فنسبته إلى النبي خطأ واضح لا يجوز أن يقع فيه المسلم وإنما رواه جماعة من أئمة الحديث كأبي داود الطيالسي والإمام أحمد في مستندهما وغيرهما بإسناد حسن من حديث ابن مسعود موقوفا عليه من قوله وليس من قول النبي عليه الصلاة والسلام, هذا الجواب رقم واحد.
الجواب رقم اثنين أن هذا الحديث مع كونه موقوفا فليست دلالته عامة لجميع المسلمين في كل زمان ومكان وإنما دلالته خاصة بطائفة من المسلمين هم الذين خاطبهم رب العالمين في القرآن الكريم بقوله مباشرة ((كنتم خير أمة أخرجت للناس)) وهم أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام, هؤلاء هم المقصودون بقول ابن مسعود " ما رآه المسلمون " فـ" أل " في المسلمون ليست للإستغراق والشمول وإنما هو للعهد ذلك لأن أيضا لهذا الحديث مع كونه موقوفا مناسبة إذا عرفنا أيضا هذه المناسبة يتحدد المعنى الصحيح لهذه الجملة, ذلك أن ابن مسعود رضي الله عنه قال هذه الكلمة بمناسبة اختيار الصحابة لأبي بكر الصديق وانتخابهم خليفة له بدون خلاف ونزاع بينهم فقال ابن مسعود " إن الله تبارك وتعالى بعث إلينا نبيه صلى الله عليه وآله وسلم رسولا وجعل له وزراء وأنصارا فما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن " إذًا فالمسلمون ههنا قيل بمناسبة ذكر أصحاب الرسول عليه السلام من المهاجرين والأنصار الذين هم نخبة أصحاب الرسول عليه السلام فحتى لا يدخل - قص المروحة - حتى لا يدخل في هذا اللفظ كل صحابي ولو كان جاء إلى الرسول عليه السلام وأمن به ثم عاد إلى باديته ولم يخالط الرسول عليه السلام مخالطة كثيرة بحيث أنه يتفقه في الدين تفقها واسعا لا يشمل هذا الحديث إلا الوزراء والأنصار الذين جعلهم الله عز وجل قوة ودعما للرسول عليه السلام في دعوته الأولون في بلده والآخرون في دار هجرته المهاجرون في مكة والأنصار في المدينة فالله عز وجل نصر نبيه عليه الصلاة والسلام بهذين الطائفتين فهؤلاء اجتمعوا على اختيار أبي بكر الصديق رضي الله عنه خليفة عليهم فقال ابن مسعود " فما رأه المسلمون " أي هؤلاء المهاجرون والأنصار " حسنا " أي من اختيار الصديق خليفة فهو حسن فأين الاستدلال بهذا الحديث, أجهل واحد يرى شيئا حسنا في عقله مع جهله العميق بالشريعة بيقل لك يا أخي هاي المسلمين يفعلون هذا.
من هؤلاء المسلمون قد يكون العامة دون الخاصة ثم إن كان هناك خاصة مهما هؤلاء الخاصة هم الذين سدوا باب الاجتهاد في التفقه في الدين ليسوا هم السلف الصالح ...
لسببين اثنين الأول أنه موقوف والموقوف لا تقوم به حجة والسبب الآخر هو أنه عنى بالمسلمون طائفة معينة من الصحابة, طبقة من الصحابة وهم المهاجرون والأنصار فإن قال هذا الحديث في كل بدعة يبتدعها بعض الناس ثم يتبع الناس بعضهم بعضا هذا إدخال للحديث فيما لم يقصده قائله وهو عبد الله بن مسعود نفسه رضي الله عنه ولعل في هذا القدر كفاية والحمد لله رب العالمين.
السائل: سؤال سؤال يتعلق بنفس الموضوع, يقول السائل.

(185/5)


«
نعلم أن الأمم قد تكالبت على المسلمين والقاعدة الشرعية تقول ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب فا معنى هذه القاعدة؟»
السائل: نعلم أن الأمم تكالبت على المسلمين والقاعدة الشرعية تقول ما لا يتم الواجب به " ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب " فهل البحث في ... هو الأمر المطلوب من هذه القاعدة أم أن هناك طريق آخر مطلوب من المسلمين؟ وما هو؟
الشيخ: إنّ السائل مع الأسف لم يفهم خطورة البدعة, فقد قلنا إن الابتداع في الدين هو مشاركة من المبتدع لرب العالمين في أخص صفات ربوبيته ألا هو الأمر الذي أنكره الله عز وجل على المشركين السابقين حين قال ((أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله)) ((اتخذوا احبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله)) هذا من جهة من جهة أخرى نقول لهذا السائل وأمثاله إن مجابهة هؤلاء الذين تكالبوا على المسلمين لا يكون بإبقاء القديم على قدمه سواء كان خطأ أم صوابا كان توحيدا أم شركا, فلا بد ولعل السائل ما حضر كلمتنا السابقة في كيف يستطيع المسلمون أن يقيموا دولة الإسلام في أرضهم وأنهم لا يستطيعون ذلك قبل أن يقيموها في قلوبهم فمن هذه الإقامة التي يجب على كل فرد أن يحققها في نفسه تأتي خطورة هذا البحث الذي سمعه وحين ذاك سيشعر بأن تكالب الكفار والدول الكبيرة في ضلالها وفي قوتها المادية ليس هو لأن المسلمين مسلمون حقا وإنما لأنهم انصرفوا عن شرعهم بعاملين اثنين ذكرتهما آنفا وهو سوء فهمهم لدينهم وسوء تطبيقهم لما فهموه من هذا الدين, وقد أشار الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إلى هذه الحقيقة حين قال (إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد في سبيل الله سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم) فالعلاج هو الدين لكن أي دين هذا؟ هذا الذي يختلف فيه المسلمون, لا يزالون في كلمة التوحيد, لا يزالون في رب العالمين يجهلون أين هو بل كما قال ذلك الأمير الذكي الكيس حينما أحضر شيخ الإسلام ابن تيمية وخصومه المخالفين له في التوحيد وفي صفات رب العالمين الذي هو من تمام التوحيد فجرى البحث بحضور ذلك الأمير ولما جاء موضوع علو الله على خلقه واستواءه على عرشه قال المشائخ الحاضرون الله ليس له مكان, الله لا فوق ولا تحت ولا يمين ولا يسار ولا أمام ولا خلف لا داخل العالم ولا خارجه, هذا الأمير الكيّس ما هو عالم لكنه عاقل قال لشيخ الإسلام ابن تيمية وهو يضحك عليهم قال هؤلاء قوم أضاعوا ربهم.
هذه حقيقة اليوم منتشرة في المسلمين, فهؤلاء المسلمون الذين يخاطبهم رب العالمين على لسان نبيه (سلّط الله عليهم ذلا لا ينزعه عنهم حتى يرجعوا إلى دينهم) كيف الرجوع إلى الدين إذا كانوا العقيدة بعد لا يزالون قد تلقوها من علم الكلام المخالف للقرآن وللسنة, لذلك أرجو من السائل أن يتفهم هذه الحقيقة وأن يعلم يقينا أن هذا التكالب على المسلمين ما سببه إلا ابتعادهم عن الدين وابتعادهم عن الدين له سببان أحدهما سوء فهمهم والآخر سوء تطبيقهم إياه لذلك قلنا في سابق كلامنا لا بد من التصفية والتربية.
السائل: يعطيك العافية.

(185/6)


«
التعليق على كتاب الترغيب والترهيب " .... وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: الاقتصاد في السنة أحسن من الاجتهاد في البدعة رواه الحاكم موقوفا وقال: إسناده صحيح على شرطهما»
الشيخ: ... نقرأ ما بقي من الأحاديث المرفوعة والآثار الموقوفة في هذا الباب, فيقول وعن بن مسعود رضي الله عنه قال " الاقتصاد في السنة أحسن من الإجتهاد في البدعة " هذا كلام ابن مسعود ليس حديثا منسوبا مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
هنا في كتاب الترغيب والترهيب للحافظ المنذري في فصل الترغيب في اتباع الكتاب والسنة وقد قرأنا منه بعض الأحاديث التي صحت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في هذا الباب والآن نقرأ ما بقي من الأحاديث المرفوعة والآثار الموقوفة في هذا الباب فيقول وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال " الإقتصاد في السنة أحسن من الإجتهاد في البدعة " هذا كلام ابن مسعود ليس حديثا منسوبا مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وإنما هو من كلام عبد الله بن مسعود الصحابي الجليل المعروف بقدم صحبته للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وبأنه كان من كبار فقهاء الصحابة رضي الله عنهم أجمعين يقول هذا الصحابي الجليل " الاقتصاد في السنة أحسن من الاجتهاد في البدعة " إيش معنى الكلام؟ يعني لأن يعمل المسلم بقليل من السنن الثابتة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم خير له من أن يجتهد ويكثر من العمل من البدع التي لم تثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهذا العامل بهذه البدع يظن أنه يعمل خيرا وهو لا يعمل شيئا من الخير, لذلك فالعمل بقليل من السنة خير من الإكثار من العمل بالبدعة أي البدعة التي يسمونها بالبدعة الحسنة لأنه لا يحسن المقابلة بين السنة وبين البدعة التي يتفق الجميع على أنها ضلالة إنما يحسن هنا المقابلة بين السنة الثابتة عن الرسول عليه السلام وبين البدعة التي عليها شائبة أو مسحة كونها خير فالعمل بقليل من السنة الثابت الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم خير من الإكثار من هذه البدع التي يظن الناس أنها بدع لأن العمل بشيء من القليل من الخير محصور بأنه خير, خير من العمل بكثير من الأمور التي لا يخفى على الإنسان أن فيها خيرا وأن فيها أجرا عند الله تبارك وتعالى, وإذا عرفنا معنى هذا القول عن ابن مسعود رضي الله عنه كان هذا القول في الواقع دليلا على أن ابن مسعود لا يعرف أن في العبادات ما يمكن أن يسمى بالبدعة الحسنة التي يؤجر ويثاب صاحبها عند الله لأنه يرغب الناس في العمل بالقليل من السنة والإعراض عن الإكثار من البدعة ولا يمكننا أن نقابل العمل بقليل من السنة بالعمل بقليل من البدعة لأن غرض الحديث هذا الموقوف عن ابن مسعود صدف الناس وصرفهم عن العمل بالبدعة سواء كثرت أو قلت إلى العمل بالسنة ولو شيئا قليلا فالعمل ... من السنة مما قل منها خير من العمل بكثير من البدعة لأن هذا كثير هباء وغثاء كغثاء سيل ليس له أجر والآثار التي صحت عن ابن مسعود رضي الله عنه في النهي عن الابتداع في الدين والتمسك بالسنة أكثر من أن يذكر أو يحصى فهو مثلا يقول رضي الله عنه " اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم عليكم بالأمر العتيق " " اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم " يعني أن الشارع قد كفاكم من التشريع بما يغنيكم ويشبع نهمتكم ورغبتكم في الطاعة فإذًا ما عليكم إلا أن تتبعوا وتتمسكوا بالأمر العتيق أي ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.

(186/1)


«
وعن عبد الله بن مسعود قال إن هذا القرآن شافع مشفع من اتبعه قاده إلى الجنة ومن تركه أو أعرض عنه أو كلمة نحوها زج في قفاه إلى النار
الشيخ: هناك حديث ثان موقوف أيضا عن ابن مسعود رضي الله عنه يقول " إن هذا القرآن شافع مشفّع " يعني أن القرآن يوم القيامة يشفع لصاحبه يشفع لتاليه والله هو يشفّعه وهذه الشفاعة ثابتة في بعض الأحاديث الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم كما قال (إن القرآن والصيام يشفعان للعبد يوم القيامة) هذه الجملة من الحديث هي موقوف في حكم الموقوف قول بن مسعود " إن هذا القرآن شافع مشفّع " هذا في حكم المرفوع لأن معناه ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم, يقول بن مسعود " إن هذا القرآن شافع مشفّع من اتبعه قاده إلى الجنة ومن تركه أو عرض عنه " أو كلمة نحوها الراوي يشك هل قال هذه الكلمة من تبعه من اتبعه قاده إلى الجنة ومن تركه أو أعرض عنه يشك الراوي في اللفظة التي نطق بها ابن مسعود وهذا من احتياطهم في الرواية وإلا فالمعنى حاصل " ومن ترك القرآن أو أعرض عنه أو كلمة نحوها زخّ " هنا ترغيب زجّ وهو تصحيف والصواب زخّ في قفاه إلى النار أي دفع.
السائل: الصواب زخّ؟
الشيخ: زخّ, أي دفع.
السائل: ... .
الشيخ: ... ما أدري قد تأتي بنفس المعنى لكن رواية الحديث ... ابن مسعود هو زخّ وهذا الحديث كما ترون من كلام ابن مسعود فيه الأمر الصريح باتباع القرآن والنهي الصريح عن ترك العمل بالقرآن فمن عمل به.
السائل: السلام عليكم.
الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فمن عمل بالقرآن في الدنيا شفّع له يوم القيام وقبلت شفاعته وأدخل الجنة وبالعكس من ترك العمل بالقرآن أو أعرض عنه زخّ في قفاه إلى النار والعياذ بالله تبارك وتعالى، هذا الحديث ... في الباب هذا الترغيب في العمل بالكتاب والسنة.
ما علاقة وما موقف المسلمين اليوم من كلام ابن مسعود هذا الذي هو مأخوذ قطعا من الكتاب والسنة, " إن القرآن شافع مشفّع فمن عمل به أدخله الجنة ومن ترك العمل به أو أعرض عنه زخّ في قفاه إلى النار " المسلمون اليوم ولو كانوا أو كان قسم كبي منهم لا يزالون يحافظون على صلواتهم وعباداتهم لكنهم في الواقع قسم كثير منهم يعملون بعبادات وبطاعات لم تأت في الكتاب ولا في السنة بل إن فيهم من يعمل بكثير من الطاعات هي على خلاف الكتاب وعلى خلاف السنة فإذا قيل لهم ذلك وبيّن أن ما يفعلونه اليوم هو على خلاف الكتاب والسنة أعرضوا عنه أعرضوا عنه بزعم أن الذي هم عليه هو الصواب وأن الذي يدعيه بعض الناس أمثالنا اليوم أن القرآن على خلاف ما هم عليه هو الجهل بعينه, فحينئذ هؤلاء ينطبق عليهم أثر بن مسعود هذا " ومن أعرض عن عمل القرآن زخّ في قفاه إلى النار يوم القيامة " نضرب على هذا مثلا واضحا,
السائل: السلام عليكم.
الشيخ: إن كثيرا من المسلمين اليوم يعتقدون اعتقادات ويعملون أعمالا على خلاف القرآن فضلا عن السنة مثلا كثير منهم يستغيثون بالألياء والصالحين عند الشدائد, يقولون يا باز يا خضر أعنّا ... يا سيدي أحمد المدد إلخ مما تسمعونه في أناشيدهم وفي مجالس أذكارهم فإذا قيل لهم هذا شيء ... القرآن ((إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم)) والرسول عليه السلام يقول (الدعاء هو العبادة) فإذا دعوت غير الله فإنك عبدته من دون الله وأنت تقول في كل صلاة ((إياك نعبد وإياك نستعين)) إياك أي للحصر, إياك نعبد أي لا نعبد سواك وإياك نستعين أي لا نستعين بغيرك فكيف تستعين بالموتى والصالحين والأولياء إذا قيل لهم هذا هو القرآن وهذا هو السنة كان جوابهم إما بلسان حالهم أو لسان مقالهم هكذا ((إنا وجدنا أباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون)) فهل هؤلاء ينطبق عليه قول ابن مسعود " ومن أعرض عنه زخّ في قفاه إلى النار يوم القيامة " نخشى كل الخشية أن ينطبق مثل هذا الكلام على هؤلاء الناس الذين لا يصغون لكلمة الحق المستخرجة من كتاب الله ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمادا منهم فقط على ما وجدوا عليه الآباء والأجداد إذًا في هذا الحديث ترغيب وترهيب, فيه ترغيب لنا على العمل بالكتاب والسنة وفيه ترهيب لنا عن ترك العمل بالكتاب والسنة وين أنت ... كذا سواء كانت الحجة أنه نحن مسلمين وأباءنا وأجدادنا مسلمون وهم كانوا على هدى والقرآن على خلاف ما يدعون أو كما يقول بعض الشبيبة في العصر الحاضر أنه ما لنا بحاجة الأن لا للقرآن ولا للسنة ولا للشريعة إنما نحن جماعة علمانيين وعقليين فهذا الحديث يشمل الفريقين, الفريق الذي يدّعي الإسلام ثم يخالف القرآن ويخالف الحديث الوارد عن الرسول عليه السلام ويشمل الفريق الآخر الذي ألحد في دين الله وأنكر النبوة والرسالة رسالة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

(186/2)


«
وعن عابس بن ربيعة قال رأيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقبل الحجر يعني الأسود ويقول إني لأعلم أنك حجر لا تنفع ولا تضر ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك
رواه البخاري ومسلم و»
الشيخ: وعن عابس بن ربيعة قال رأيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقبل الحجر يعني الأسود ويقول " إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقبلك ما قبلتك " , هذا الحديث عن ابن عمر أشهر من أن يذكر.
السائل: ... .
الشيخ: عن عمر رضي الله عنه أشهر من أن يذكر ولكن مع الأسف الشديد قليل من الناس جدا من يستفيد منه الفائدة التي رمى إليها عمر رضي الله عنه من هذه الكلمة حين قالها بين يدي الحجر الأسود, ما يستفيدون الفائدة التي أرادها عمر رضي الله عنه مع كونها صريحة في هذه الكلمة, لما وقف عمر بن الخطاب في حجه من حجاته في خلافته أمام الحجر الأسود ليقبله قال " إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك " إن كلمة عمر هذه لتمثل مبدأ الدعوة السلفية التي نسميها نحن.
-
وعليكم السلام -.
كلمة عمر هذه هي في الحقيقة منهاج دعوتنا التي ندعو الناس إليها وهي اتباع الرسول عليه السلام كانت فعلا وتركا, ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلناه من الطاعات والعبادات وما تركه رسول الله صلى الله عليه وسلم مما نظنه نحن أنه من الطاعات والعبادات تركناه, مافعله فعلناه وما تركه تركناه لأن عمر رضي الله عنه يقول صراحة يا حجر لولا أني رأيت رسول الله يقبلك ما قبلتك, ليه؟ لأنه إيش معنى التقبيل شيء الرسول عليه السلام ما شرعه لنا إلا أننا نشبه أنفسنا بالمشرّع وهو الله الذي يشرع للناس ما يشاء فنحن نشرع من عند أنفسنا ما نشاء وهذا لا يجوز ((أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله)) لا فرق أبدا بين رجل يقبل, لا فرق أبدا بين رجل يقبّل شيئا يتقرب به إلى الله عز وجل لم يشرعه لنا رسول الله كما يفعل بعض الناس من القبوريين الذين يقبلون الأعتاب والأبواب والنوافذ والشبابيك على قبور الأولياء والصالحين, لا فرق أبدا بين هذا التقبيل الذي لم يشرعه الرسول عليه السلام وبين رجل اتخذ للناس بيتا وكلفهم أن يطوفوا حوله أو هو طاف بنفسه حوله, لا فرق كافر اللهم إلا فرق واحد وهو اعتاد كثير من الناس أن يقبلوا الأبواب الأعتاب عند الأولياء والصالحين فاستساغوا ذلك و استحسنوه ولم ... وما وجد حتى اليوم والحمد لله شيخ من المشايخ بنى بيتا وزخرفه وجمله ثم أخذ يطوف حوله هو وأصحابه.
هذا لم يقع لكنه لو وقع ما هو وهذا التقبيل الذي يفعلونه اليوم ... لماذا؟ لأنه هذا الذي شرعه رسول الله وذاك الذي شرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
اليوم نقبّل أشياء كثيرة لم يفعلها الرسول صلى الله عليه وسلم فلماذا لا نقول نحن كما قال عمر مادام أنه الرسول صلى الله عليه وسلم ما قبلك فأنا لا أقبلك وحين قبّل نقول مادام أن الرسول قبّلك فنحن نقبلك لماذا لا نسلك طريقة عمر في هذا؟ لأننا انحرفنا عن الإسلام وانحرفنا عن سنة الخلفاء الراشدين ونحن نزعم بأننا نتبع الخلفاء الراشدين, نحن إذا قلنا للناس صلوا التراويح إحدى عشر ركعة فقامت القيامة علينا وقالوا عمر بن الخطاب صلاها عشرين, وهم في ذلك مخطؤون وعمر ما صلاها إلا كما صلاها الرسول عليه السلام إحدى عشر ركعة ففي الشيء الذي لم يفعله عمر ولم يثبت عنه يتمسكون به ويعملون به وهو غير ثابت عن عمر بل هو على خلاف السنة وفي الشيء الذي لن يفعله عمر يتمسكون به ويقولون يا أخي شو فيها؟ ونضرب على هذا مثلا محسوسا, الآن هذا الكتاب وحديث الرسول عليه السلام فإذا أنا عندما افتتحت الدرس به أخذت وفعلت به هكذا, هذا يفعله كثير من الناس خاصة في القرآن الكريم فإذا أنكرت على الناس تقبيل القرآن الكريم قاموا عليك قومة واحدة بيقل لك آيه هذا تعظيم للقرآن, نحن نقول كما قال عمر بن الخطاب لولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك فهل قبّل رسول الله صلى الله عليه وسلم المصحف هل قبل القرآن الكريم هل قبل حديث مكتوب في عهده عليه السّلام؟ لا, هل قبل جدران وأعتاب الصالحين من أصحابه من الشهداء الذين كانوا يموتون بين يديه في سبيل الله؟ كل ذلك لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فإذًا هل يشرع لنا أن نقبل المصحف؟ ليس ثمة ليس هناك كتاب أفضل من كتاب الله عز وجل وهو القرآن الكريم فهل يشرع تقبيله؟ الناس كلهم يقبلون القرآن والناس إذا أدخل القرآن إلى مجلس فهم ... قياما, هذا تميل إليه النفوس بلا شك تستعبده النفوس لأنا لقضية قضية عاطفية جدا حساسة لذلك لا تكاد تجد أحدا ينكر هذا العمل ألا وهو القيام للقرآن إذا أدخل به إلى مجلس أو تقبيله إذا استلمه الإنسان ليقرأ فيه فنحن نمشي على قاعدة عمر لولا أني رأيت رسول الله يقبلك ما قبلته فعمر كان لا يقبّل الحجر لو أنّ الرسول لم يقبله لكن رأى الرسول يقبله فقبله فهل قبل الرسول عليه السلام المصحف؟ الجواب لا ... ونترك البدع لا نقبله أما الناس الذين يأخذون الدين بعقولهم وعواطفهم فهم يقولون نحن الذين ندعو الناس إلى اتباع الكتاب والسنة فنحن لا نفعل شيئا مما لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم وأدلتنا على ذلك كثيرة جدا ولسنا الآن في صدد سوقها وإنما نحن في صدد قراءة ما جاء في هذا الباب في هذا الكتاب المشهور ألا وهو الترغيب والترهيب للمنذري فهذا قول عمر يخاطب الحجر الأسود " لولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك ", هذا هو مبدأ كل مسلم أو يجب أن يكون مبدأ كل مسلم أن لا يفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ومما يناسب هذا المكان أن عبد الله بن عباس حجّ في زمن معاوية مع معاوية فلما جاء معاوية إلى الطواف وبدأ كما هو العادة والسنة بالحجر الأسود قبّل الحجر الأسود ثم لما مر بالركن الشامي الأول والثاني الركن الثاني الشامي مسح يده بهما وهكذا للركن اليماني أيضا مسح يده فأنكر ذلك عليه عبد الله بن عباس وقال له امسح فقط الركنين اليمانيين فكان جواب معاوية نقولها صراحة جواب المبتدعة اليوم ومعاوية ... صحابي لكن يخفى عليه شيء من السنة كما سترون ونحن ينبغي علينا أن نأخذ عبرة, كان جواب معاوية لابن عباس حينما أنكر عليه تمسحه بالأركان الأربعة من الكعبة, قال له " ما من البيت شيء مهجور" , كل بركة البيت ليش حتى ما أتمسح أنا بجميع أركانه؟ قال له " سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم خير ما تقول لقد كان صلى الله عليه وسلم يمسح الركن اليماني ويقبل الحجر الأسود وما كان يمسح الركنين الشاميين " فاحتج ابن عباس على معاوية بسنة الرسول عليه السلام قال له تتبرك, تتمسح بما تمسح هو واترك ما ترك هو, السنة خير من قولك هذا ونحن يجب أن نصور لكم الآن بالنسبة لمن لم يحج قد يخفى عليه المراد من هذا الكلام.
السائل: ... .
الشيخ: هذا يا سيدي في الغالب في صحيح مسلم.
السائل: ... .
الشيخ: نعم؟
السائل: ... .
الشيخ: نعم, الكعبة هي بناء ضخم مكعب يعني له أربعة أركان هذا ركن وهذا ركن ومربعة هي وهنا ركن وهنا ركن.
السائل: السلام عليكم.
الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الركنين هذولا, الكعبة تقريبا ارتفاعها تقريبا خمسة عشر متر عالي, هي مكعبة تقريبا يعني الإرتفاع بقدر الطول هذا نحو شبر هكذا فهذول الركنين واحد اثنين ثلاثة أربعة ركنان منهما نحو الجنوب أي نحو اليمن ركنان منها نحو الشام نحونا فالركنين نحو الشام يسميان ويعرفان بالركنان الشاميين والركنين هذول هالى نحو اليمن يسميان بالركنين اليمانيين هذا واحد وهذا الثاني, هذا الركن الذي هو جهة الشرق جنوب شرقي وهذا ركن جنوب غربي هذول الركنين ... الركن هالي هو الركن الجنوبي الشرقي فيه الحجر الأسود هي الزاوية هاي فحينما يستأنس ويتكئ الطائف طوافه يبدأ من هنا من عند الحجر الأسود.
السائل: حجر شمالي شرقي وإلا جنوب شرقي ز
الشيخ: جنوب شرقي, هذا هو كما
السائل: الجهات الأربعة.
الشيخ: كما هو ... .

الشيخ: كما نمثل الواقع, أنا حججت والحمد لله أربعة مرات فأصف لك كما رأيت
السائل: ... الرحمة ... الرحمة بين الركنين الشاميين.
الشيخ: ميزاب الرحمة ما عرفته وما عرفته إلا وأنا ... لأنه هذا ما له أصل.
السائل: لا يعني في ... .
الشيخ: ما بكافي هذول الركنين اليمانيين الشاميين.
السائل: الشاميين.
الشيخ: وهذول الركنين اليمانيين.
سائل آخر: أي نعم.
الشيخ: الركن الجنوبي الشرقي هو الذي فيه الحجر الأسود فما, لما يبتدأ الإنسان الطواف يقف هنا تجاه الحجر الأسود ويمشي منطلقا إلى جهة الشمال فيمر بهذا الركن هذا الركن الشامي الأول وهذا الركن الشامي الثاني, هذا الركن اليماني الثاني لأن الأول هو إلي فيه الحجر الأسود وهذا الثاني إلي بيكون غرب جنوب, معاوية ماذا فعل؟ لما وقف مبتدأ الطواف عند الحجر الأسود قبل الحجر وهذا سنة, لما جاء إلى الركن الشامي الأول تمسح به تبرك به ثم لما جاء إلى هنا أيضا تمسح به وتبرك به ولما جاء إلى هنا أيضا تمسّح به, بن عباس يلاحظه فأنكر عليه ذلك وقال إن الرسول عليه السلام ما تمسّح إلا بالركنين اليمانيين هذا قبّله وهذا مسحه بيده وهذا لا يشرع تقبيله إنما يشرع التمسح به فقط, شو كان جواب معاوية؟ أنه كل البيت بركة فما فيه شيء مهجور قال له سنة الرسول عليه السلام خير مما تقول يعني ألا يعلم الرسول عليه السلام إلي منه نحن علمنا أداب الطواف والكعبة وسننها وواجباتها وأركانها ألا يعلم هو أنه البيت كله بركة؟ بلا شك هو يعلم, فلماذا قبّل هذا ومسح بيده هذا وترك هذا وهذا، لأن الله عز وجل هو الذي شرع له ذلك وأعلمه بأنه يشرع هذا تقبيله وهذا التمسح به أما هذا وهذا فلا يشرع تقبيله فلذلك لم يفعل الرسول عليه السلام فلو كان تقبيل الركنين الشاميين يشرع ومن السنة كان الرسول عليه السلام شرع ذلك للأمة فلمّا ترك ذلك كان من السنة علينا ترك ذلك وقد ذكر العلماء السر في ترك الرسول عليه السلام للتمسح بالركنين الشاميين, ما هو السّر؟ قال السر أنه هذولا الركنين الشاميين هذولي مو على وضع إبراهيم عليه السلام, الوصف اللي وصفت لكم إياه الركنين هذول يوجد جدار قدر ارتفاعه متر يشكل نصف دائرة.
السائل: السلام عليكم.
الشيخ: وعليكم السلام.
قوس حول الركنين لكن طرفي القوس غير متصلين بها الركنين في فجوة هنا نحو متر تقريبا, فجوة من الركن إلى الطرف الأول من هذا القوس ثم فجوة أخرى في الطرف الثاني بحيث الإنسان يستطيع ... في وسطه هو الذي يسمى بالحجر أو يسمى بالحطيم فالناس حين يطوفون لا يدخلون في ها الفجوة بل يمرون من وراء القوس من وراء الجدار هذا إلي ارتفاعه نحو متر فالرسول صلى الله عليه وسلم قد بيّن لنا ما هو حقيقة هذا المكان الذي أحاط به القوس من الجدار فإنه لما دخل في حجة الوداع, لما دخل الكعبة وصلى فيها أرادت السيدة عائشة رضي الله عنها أن تدخل الكعبة وتصلي فيها اتبّاعا للرسول صلى الله عليه وآله وسلم وهذا أيضا حديث جاء عرضا بمناسبة بابنا هذا في اتبّاع الصحابة للرسول عليه السلام, السيدة عائشة شافت النبي صلى الله عليه وسلم دخل جوف الكعبة فأحبت هي أن تفعل كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ولكن الدخول إلى بيت الله, إلى الكعبة, إلى جوف الكعبة كان ولا يزال مع الأسف الشديد من أصعب الأمور ذلك لأنه لا يمكن الدخول إليها إلا بدرج, بسلّم لأنه بابه عالي فوق قامة الإنسان ولذلك اليوم من عادتهم بعد موسم الحج بيجي الأمير أو بيجي الملك نفسه, أمور طبعا ليست من الإسلام في شيء, مظاهر ما أنزل الله بها من سلطان فيضعون هذا الدرج للباب فيأتي الأمير أو الملك فيصعد ويدخل ويصلي في جوف الكعبة, يسمح لبعض الوجهاء من الناس أما عامة الناس فيسمح لهم بالدخول إلا مع المقاتلة والمضاربة لبيت الله الحرام, هكذا الآن وضع الكعبة لا يمكن الدخول إليها إلا بسلّم ولا يسمح بالدخول إليها إلا لوجهاء الناس أما الرّعاة وأما عامة الناس فلا يمكنهم أن يدخلوا إلى جوف الكعبة ويقتدوا بالرسول صلى الله عليه وسلم.
هكذا الآن وهكذا كان في زمن الرسول عليه الصلاة والسلام وهذا بدعة من الأمر أي كون أرض الكعبة عالية وباب الكعبة عالي لا يمكن الصعود إليها إلا بسلّم هذا خلاف ما كانت الكعبة عليه حينما بناها أبونا إبراهيم عليه الصلاة والسلام, هكذا وجد الرسول عليه السلام الكعبة حينما صلى فيها فأرادت السيدة عائشة أن تصعد وتدخل تصلي بجوف الكعبة, قال لها عليه السلام صلي في الحجر شو هو الحجر؟ المكان إلي هو بين الركنين الشاميين وبين القوس من الجدار, هذا اسمه الحجر, قال عليه السلام لعائشة (صلي في الحجر فإنه من البيت) هذا المكان المكشوف الآن والذي أحيط بهذا القوس من الجدار هو من البيت فليه راح تتعبي حالك إنت وتطلعي إلى فوق ... الزحام وتفوتي تصلي في الكعبة لا تتعبي حالك, صلي في ها المكان المكشوف السّهل الوصول إليه فإنه من البيت وإن قومك (لمّا قصرت بهم النفقة أخرجوا هذا الحجر من الكعبة ولولا أن قومك حديثو عهد لهدمت الكعبة ولبنيتها على أساس إبراهيم عليه السلام) , يعني أدخلت المكان المكشوف إلي أحيط بهذا القوس من الجدار ضميته إلى الكعبة لأنه هو أصله من الكعبة, المشركون حينما هدم البيت في زمان قبل بعثة الرسول عليه السلام, أصابه حريق فلم يستطيعوا أن يعيدوا بناء الكعبة على أساس إبراهيم عليه السلام أي بأن يضموا الحجر إلى جوف الكعبة فأخرجوا الحجر عن الكعبة فصارت الكعبة قسمين, قسم مبني مكعب وقسم خارج الكعبة وهو الحجر المحاط بهذا القوس من الجدار (ولولا أن قومك حديثو عهد بالشرك لهدمت الكعبة ولبنيتها على أساس إبراهيم عليه السلام) أي أدخلت الحجر إلى الكعبة ولجعلت له أو لها بابين وجعلتهما مع الأرض, الارتفاع هذا كله يذهب به عليه السلام ويقضي عليه (ولجعلتهما من الأرض بابا يدخلون منه وبابا يخرجون منه) , هذا تنظيم أراده الرسول عليه السلام ليسهل على الناس الدخول إلى الكعبة والصلاة فيها ثم الخروج منها من الباب الآخر وهذا هو من التنظيمات التي يمشي عليها الناس اليوم في بناء بيوتهم فضلا عن قصور كبيرة لكن الرسول عليه السلام لم يهدم الكعبة ولم يفعل الذي أراده للناس من التيسير بأن يجعل للكعبة بابين مع الأرض بابا يدخلون منه وبابا يخرجون منه, لماذ ا؟ خشية أن يتأثر بعض ضعفاء الإيمان بعملية الهدم فيقول هؤلاء إيه ما خلى لنا شيء إلا هدمها لنا وخيرها لنا حتى الكعبة ما خلاها على ما وجدنا عليها آباءنا وأجدادنا هدمها لنا فالرسول عليه السلام كان عنده طبعا إحساس وكان عنده انتباه شديد وحسبنا أنه يوحى إليه من السماء فكان يلاحظ عواطف الناس ويلاحظ وساوس الناس فيداريهم إلى حدود كبيرة جدا من ذلك أنه أبطى بناء الكعبة على ما وجده عليه وقسم كبير منها خارج الكعبة, لماذا؟ حتى لا يتضعضع إيمان بعض الناس فيما لو هدم الكعبة وجدد بنيانها وجعل لها بابين, بابا يدخلون منه وبابا يخرجون منه.
إذا عرفنا هذا وهو ثابت في الصحيحين فالرسول عليه السلام لم يستلم هذين الركنين لأنه ليس ليس هذان الركنان من بناء إبراهيم عليه السلام, الركنان لازم يكونوا عند الجدار عند القوس من الحجر فكانت الحكمة التشريعية تقتضي ترك مس الركنين الشاميين هذول لأنه ليسوا مما بناه إبراهيم عليه السلام بخلاف, نعم هذا السبب, بخلاف الركنين اليمانيين فهما على وضع إبراهيم عليه السلام لا سيما والأول فيه الحجر الأسود فعمر بن الخطاب حينما وقف ليقبّل الحجر الأسود قال " إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك " هذا الحديث فيه ضرب مثل كبير جدا لنا من ناحيتين, ناحية إيجابية التي تثبت أن المؤمن خاضع متبع لرسول الله صلى الله عليه وسلم دون أن يحكّم عقله والناحية السلبية أيضا متبع للرسول عليه السلام في الأشياء التي تركها ولم يفعلها فهو تابع متبع للرسول عليه السلام أتم الاتباع فعلا وتركا, رأى عمر نبيه يقبل الحجر والحجر لا يضر ولا ينفع فقبله وهو يعلم أنه حجر لا يضر ولا ينفع , لماذا قبله؟ لأنه يعلم أن الرسول معصوم عن الخطأ وأنه إذا فعل فعلا فإنما هو بوحي السماء وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ولماذا لا يقبل هذين الركنين الشماليين؟ لأنه رأى الرسول عليه السلام لا يقبلهما لماذا لا يمسهما؟ لأنه رأى الرسول عليه السلام لا يمسهما.
هذا هو مثال المؤمن المتبع تماما فعلا وتركا قبل الرسول عليه السلام الحجر فهو يقبله, ترك الرسول عليه السلام تقبيل الركن اليماني الثاني ما قبله الرسول عليه السلام فلا يشرع تقبيله خلاف ما يفعله كثير من الحجاج اليوم بسبب جهلهم بالسنة فهم إذا أتوا إلى الركن اليماني هالي هو هذا قبّلوه أيضا مع أن السنة فقط لمسه باليد أما الركنان الشاميان فلا يمسحان باليد ولا يقبّلان بالفم, لماذا لأن الرسول عليه السلام لم يفعل ذلك فإذًا " ولولا أني رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم يقبّلك ما قبلتك " هذا هو نهج كل مسلم سلفي يريد أن يعمل كما كان السلف الصالح أن يفعل ما فعلوا وأن يترك ما تركوا.
المصحف ما قبله السّلف الصالح فلا يشرع لنا تقبيله, إذا قال إنسان شو علينا قبلناه؟ بيكون هذا الكلام كله ضايع معه, شو عليه لو قبل عمر شيئا ما قبله الرسول عليه السلام من أركان الكعبة الأخرى؟ عليه أنه خالف الرسول صلى الله عليه وسلم.
المخالفة للرسول لا تكون فقط بالزنا والسرقة بل بالتعبد والتقرب إلى الله بشيء لم يشرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هذا مخالفة للرسول عليه السلام وحديث عمر هذا بين أيدينا أكبر مثال على ذلك فاحفظوا هذه الكلمة عن عمر ولا تظنوا أنه هي فقط أنه تشرع لنا تقبيل الحجر الأسود, لا هي تضع لنا قاعدة ومنهج في الانطلاق في هذه الأعمال التي يفعلها الناس أو يتركونها.
نحن إما أن نفعل أو نترك ومبدأ الفعل والترك هو سنة الرسول عليه السلام, ما فعله فعلنا وما تركه تركناه.
فإذا تركنا تقبيل المصحف وجئنا إلى تقبيل ثوب الرجل العالم أو التمسح ببدن الشيخ إلي خطب الخطبة ونزل من الخطبة يوم الجمعة وبيجوه الناس ويتبركوا فيه ويتمسحوا فيه, هل كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يفعلون هذا مع أنه عليه السلام وهو أطهر إنسان وجد على الأرض, الجواب لا, إذًا من هؤلاء الذين يتمسح بهم الناس ويتبركون بهم, هذا بدعة من جملة البدع التي ينص كلام عمر على ذلك, لولا أني رأيت رسول الله يقبّلك ما قبّلتك, نقرب هذا لولا أني رأيت رسول الله فعل هذا ما فعلته, لولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ كذا ما قرأت وهكذا بقى تستطيعون أن تقولوا أن هذه الزيادات قبل الأذان وبعد الأذان وبين يدي الإقامة وبعد الإقامة, بين يدي الإقامة الصلاة مما يسمونه الترقية يوم الجمعة وما أشبه ذلك, كل هذه الأشياء لم يفعلها الرسول عليه الصلاة والسلام, فهل نفعل ذلك نحن؟ لا لأن عمر علمنا فقال " لولا أني رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم يقبّلك ما قبلتك " فإذا علمنا أن الرسول ما فعل شيئا فنحن لا نفعله لأن عمر لولم يعمل أن الرسول قبل ما كان يقبّل لذلك وجدناه قبل ما قبل الرسول وترك ما ترك تقبيله الرسول صلى الله عليه وسلم.

(186/3)


«
كلمة لبعض المشايخ السلفين بعنوان " الإسلام والقضية الفكرية ".»
الشيخ: ... وهو الداعية المشهور في إدلب للدعوة السلفية المحمدية الطاهرة, نغتنم فرصة وجوده هو وصديقه الأستاذ ... فنطلب منهم أن يفيدونا بكلمة يوجهون يوجهون إليها جميعا فلعل فيها فائدة وذكرى والذكرى تنفع المؤمنين إن شاء الله, وكان فضيلة الأستاذ الشيخ محمد نافع ألقى كلمة في ... ألقيت عنه بالنيابة فلربما سيلقيها علينا لما فيها من فوائد بلا شك نافعة ولكننا لا نقتصر في هذا القدر منه بل نرجو أن يلقيها بكلمة أخرى يوجهها إلى إخواننا السلفيين يضمنها ما ... لا سيما بالنسبة للظرف الذي نحن فيه وهو شهر رمضان المبارك فليتفضل إذا شاء.
الشيخ محمد نافع: بارك الله فيك, الكلمة التي أذيعت في الراديو.
السائل: السلام عليكم.
محمد نافع: والتي اخترتها من أربع كلمات خيرنا في معالجة واحد منها وعنوانها الإسلام والحرية الفكرية.
بسم الله الرحمن الرحيم, لا شيء كالإسلام يربي أتباعه ومعتنقيه على حرية الفكر فهو الدين الوحيد الذي حرر العقول من الأباطيل والخرافات ومن أسر التبيعة العمياء كما حرر النفوس بعبوديتها لله من حبائل الشيطان و ... الشهوات وجعل من المؤمنين به خير أمة أخرجت للناس, من الواضح أن الحرية الفكرية تعني انطلاق الفكر ليقوم بوظيفته الطبيعية من الفهم والعلم فهما ميدانه الفسيح إذ الفكر هو إعمال النظر في الأمر سعيا وراء الحقيقة المنشودة والإنسان بحكم فطرته ميّالا لمعرفة الحقيقة من كل ما يرى ويسمع والله سبحانه إذْ منح الإنسان قوى الحس والتعرف , جعله مسؤولا عنها حتى لا يستسهل إهمالها فقال جل شأنه ((إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا)) وعاب عليه أن ... على منوال ما تقدم من غير تأمل وتعقل حيث قال ... رسوله محمد صلى الله عليه وآله وسلم ... الجاهل من الأمم السابقة ((وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا ءاباءنا على أمة وإنا على ءاثارهم مقتدون قال أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه ءاباءكم قالوا إنا بما أرسلتم به كافرون)) وفي عدة مواطن من القرآن الكريم نعى على المقلدين تقليدهم الخالي من التفكير.
و ... تعاليم الإسلام نجده أطلق العنان للعقل ليستنبط الأحكام من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم و ... النظر إلى الكون ليستفيد مما أودعه الله فيه من كنوز ومعادن ومنافع ونواميس جعلها الله متاعا بين عباده ينال حظه منها كل من أدرك سر العمل والسعي و ... ((ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون)) فهو يلفت النظر إلى ما خلف ((أولم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شيء)) ثم يأمره بالحث على التفكر والتدبر فيقول ((أفلا تتفكرون)) ((أفلا تعقلون)) ((أولم يتفكروا في أنفسهم)) ((إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون)) ((إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون)) ((وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون)) ((كذلك نفصل الآيات لقوم يعقلون)) ((هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا)) أترونه خلق من ذلك ليهملوه؟ أم ليستفيدوا منه؟ ومن يعرف وفرة المستفيدين من الآيات مثل الإسلام سواء من الصحابة ومن التابعين وتابعيهم يدرك أنهم ما سلكوا طريق الاجتهاد إلا لأن الإسلام سهل لهم وكلفهم أن يجتهدوا في كل أمر فاتهم فيه نص من الشارع فلم يحظوا به أو يطلعوا عليه أو محتملا أكثر من وجه, قال الله تعالى ((أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها)) وقال أيضا ((أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم)) وقال صلى الله عليه وسلم (إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر) وكفى الإسلام شرفا أنه فتح مغاليق العقول وحطم قيودها حضها على الانطلاق ... ولم يحجر ... العلوم التجريبية ... ولا أدل على ذلك من ... المسلمين في الطب والفلك وطبقات الأرض وعلوم البحر و ... وأحوال الحيوانات وسائر العلوم ولم ... لأنه يرى ذلك دينا كما لو سد حاجة الأمة من الصناعات التي تغنيهم عن الاحتياج إلى غيرهم فرض كفاية تأثم الأمة كلها جميعها على ذلك, وقد تأثم أيضا إن لم تفكر في مصدر أسباب القوة المادية الحربية وغير الحربية وتنجزها مصداق قول الله جل شأنه ((وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة)) و ... رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته بإعمال الفكر ... حياة أمرا يربي الإنسان خشية الله في السر والعلانية وعدّ منها وأن يكون ... فيها فكرا و ... ذكرا كما علمهم أن لا يتقبلوا قولا بغير دليل ((قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين)) وذم الاسترسال مع الأهواء ذما شديدا وخفض من شأن من يهمل فكره ولا يستفيد من سمعه وبصره حتى جعله في مستوى الأنعام بل أحط منهم فقال جل شأنه ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم أذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون)) وإذ أوضحنا مدى الحرية الفكرية في الإسلام وإذ أوضحها مدى الحرية الفكرية في الإسلام وتشجيعه للتحرر الفكري واحترامه للعقلاء المفكرين نرى من الضروري التلميح بما أصاب المسلمين في فترات الضعف من انحراف عن التربية الإسلامية القويمة أساء به مسببوه إلى الإسلام والمسلمين عن قصد أو غير قصد فشّل عقولهم وعطل تفكيرهم وحوّل استسلامهم فجعله للشيوخ والمربين بعد أن كان لله وللرسول صلى الله عليه وآله وسلم.
فلا يتم للمريد وصف الصالح إلا بتمام استسلامه لشيخه بحيث يصبح بين يديه كالميت بين يدي الغاسل وعلّموه بأنه لا يفلح مريد يقول لشيخه لم مع أن كبار أئمة الدين والعلم كانوا لا يسمحون لمقلديهم أن يأخذوا باجتهاداتهم أن يفتوا بها حتى يعلموا دليلهم فيها.
فانظر يا أخي المسلم إلى هذا الانقلاب العظيم الذي قطع الإجتهاد وعطل التفكير ومسخ الحرية الفكرية ومنع التلميذ أن يعترض على شيخه ولو رأه يفعل المنكر كما صرحت بذلك شيوخهم نطقا وكتابة وهم بذلك قد مهدوا للاستعمار حيث استغل المستعمر هذه التربية المنحرفة التي أعطيت صفة الدين فاشترى من المسلمين ضمائر أناس متبوعين وبحكم الطاعة العمياء لهم وصل إلى الكثير من متطلباته وفرض الكثير من سلطانه فأرعب وأخاف وسكت كثير منهم عن الجهر بالحق وأغفلوا الكلام على الآيات المحرر والأحاديث الموقظة وتفاقمت الغفلة في المسلمين من جراء السكوت الناجم عن ظلم الحاكم وتعسفه وتضاءلت الحرية الفكرية ودفعت الحاجة كثيرا من أحرار الفكر أن يصانعوا المتحكمين في رقابهم وأن يكيّفوا أبحاثهم حسب رغبات المستبدين فاختلطت فلسفة الفكر بسياسة الأمر وأنتجت توجيها عقيما لم يلد إلا تفريق الكلمة وتوسيع الخلاف وتعديد الميول والاتجاهات ورزحت الشعوب المسلمة تحت نور الاستعمار المباشر وغير المباشر بمختلف أنواعه العسكري والسياسي والاقتصادي والثقافي ولكن الردى أصبح قويا بأجيالنا الصاعدة التي بدأت يقظتها الفكرية أول القرن العشرين على أيدي بعض المجددين الإسلاميين وسترد الحق إلى نصابه بعون الله تعالى وتجثت داء الجمود والغفلة من العقول والنفوس وتصحح السلوك المعوج الذي ملأ أوساط المسلمين بالفجور والاستهتار والله المستعان على ذلك وهو حسبنا ونعم الوكيل.
السائل: جزاكم الله خيرا.

(186/4)


«
تحدث الشيخ عن حكم المواقيت اللتي تكتب في رزنامة أو كتب
الشيخ: إذا كان توقيتا موافقا للتوقيت الشرعي أو مثل كتب الحديث والفقه وما سواها.
السائل: بس الآن يعني يعتمدون على التوقيتات هذه ولا عاد ينظرون إلى الشمس هل غربت وإلا ما غربت.
الشيخ: ما أجبتني, سمعت ما قلت؟
السائل: نعم.
الشيخ: إيش قلت؟
السائل: هل هي موافقة يعني توقيتها.
الشيخ: لا قلت إذا, قلت إذا كان هذا التوقيت أو هذه المواقيت المسطرة في الرزنامة أو في كتاب فهي ككتابة الأحاديث والفقه في كتب, إذا كانت موافقة للتوقيت الشرعي معنى هذا كلا.
السائل: لكن يا شيخ الآن هم يعني أذان الفجر يقدمون الأذان عشر دقائق أو خمس دقائق.
الشيخ: الله يهديك.
السائل: هذه موجودة في كل التوقيتات.
الشيخ: الله يهديك, أنا بقلك إذا كان موافق، أنت بتقول مش موافق, طيب إيش فيه؟ أنا أنبؤك بهذا أحسن مما تنبؤني أنت أكثر البلاد الإسلامية يصلون الفجر قبل الوقت فاحذروا أن تكونوا أنتم هكذا!
السائل: جزاك الله خير.
الشيخ: أنا أسكن في عمّان كما تعلمون وأسكن في جبل وأرى الفجر حين ... ويؤذنون قبل الفجر بنحو خمس وعشرين دقيقة إلى نصف ساعة وتقام الصلاة في المسجد إلي هو قريب مني مع طلوع الفجر أي بعد نصف ساعة, إقامة الصلاة يدخلون في الصلاة مع طلوع الفجر أي يصلوا سنة الفجر قبل الوقت بكثير ولذلك كنت وهذا من فضل الله عليّ وعلى كثير منا, قبل أن أصاب بوجع على الركب كنت أنزل مع أذان الفجر الذي هم يؤذنون أي قبل الأذان الشرعي بنحو نصف ساعة, أركب سيارتي وأمرّ على بعض إخواننا فأشحن السيارة بما تتسع لها من الركاب إخواننا ونروح لمسجد, أنا في شرق عمّان والمسجد غربي عمّان مشان نصلي صلاة وراء إمام سلفي عقيدته سلفي صلاته على السنة إلى آخره وبعد أن يكون تبيّن الفجر, وهكذا عندنا أخبار في الكويت الفجر, يصلون الفجر قبل الوقت وأخبار من المغرب الشيخ تقي الدين الهلالي رحمه الله الذي كان أستاذا في الجامعة الإسلامية ألّف رسالة في هذه المسألة وهي مطبوعة ومنذ نحو سنتين أيضا بلغني عندنا رجل في الطائف يقول أيضا أنهم يؤذنون الفجر قبل الوقت, وعندنا في عمّان في رمضان أثيرت مشاكل في أنهم يؤذنون بعد المغرب في رمضان كسائر الأيام لكن نخص رمضان لأنه هي ... بعد غروب الشمس وأنا أراها كما أرى طلوع الفجر وطلوع الشمس أيضا أرى غروب الشمس بعيني , تغرب الشمس فأفطر كما هو السنة على تمرات, يمضي عشر دقائق حتى يؤذنون علما أن المؤذن الذي يؤذن هو في مكان عالي جدا في عمّان فيسمونه الأشرفية والمسجد الكبير في عمّان في وسط البلدة يعني في الوادي فمعلوم على الجميع إلي بيراعوا اختلاف المطالع أنه إذا غربت الشمس عندي قبل أذانهم بعشر دقائق, يا ترى ألا تكون عمن كانوا في الوادي؟ قبل خمسة وعشرين, خمسة عشر دقيقة وعشرين دقيقة على الأقل, هذا كله بسبب التوقيت الفلكي الموجود في الرزنامات والتقاويم هذه لكن إذا كان لماذا قلت لك ولفت نظرك المرة بعد المرة إذا كان موافقا للشرع فليس فيه أي شيء كأي كتاب فيه ما يوافق الشرع فتسجيله فيه تيسير للناس ليتعرفوا على المواقيت لكن الواقع أن هذه المواقيت هي مواقيت فلكية ولذلك هلا أنتم تسمعوا في إذاعتكم أنه الآن وقت أذان العشاء وين؟ أو المغرب في الرياض مع مراعات فرق إيش الأوقات في البلاد الأخرى, من الذي يراعيها؟
ما في أحد بيراعيها الآن ... لأنه المؤذنين, نعم؟
السائل: الفقيه يراعيها.
الشيخ: طيب الفقيه, المؤذنين لا يعرفون المواقيت الشرعية وهذا الحقيقة مما أصيب المسلمين اليوم في العصر الحاضر فلا تأخذنّ تسجيل المواقيت الشرعية لكن خذ عليهم أن توقيت هذا خطأ ليس شرعيا.

(187/1)


«
ما حكم توقيت الإقامة الذي يكون بعد الأذان؟»
السائل: شيخ توقيت الإقامة توقيت الإقامة بعد الأذان بربع ساعة مثلا بعد أذان العشاء والمغرب عشرة دقائق الحين من قبل الوزارة؟
الشيخ: أي نعم, ما أظن فيه كبير شيء لأنه المقصود به يعني تعيين الوقت الذي يمكن أن يدركه كل إنسان في أوله لأنه الحقيقة نحن نستعمل السّاعات سواء كانت يدوية أو جلدية كما كانت قديما هو لمعرفة الأوقات كأي وسيلة حديثة كما نستعمل هذه الوسيلة أو مكبر الصوت فإذا كان لا يعارض الشرع هذه نعمة من الله كسائر الوسائل المخترعة, نركب السيارة بدل الدابة ونركب الطيارة بدل السيارة كل هذه نِعَمٌ تقرب إلينا البعيد فمثل هذا التوقيت أو التحديد ربع ساعة أو خمس دقائق أو ما شابه ذلك, نلاحظ أنه فيه مراعاة فرق الوقت بين المغرب وقت المغرب والظهر والعصر ونحو ذلك فما أرى في ذلك بأسا.

(187/2)


«
هل يجهر الإمام والمنفرد بربنا ولك الحمد بعد الرفع من الركوع؟»
السائل: بالنسبة لأذان ... كنت سألتك شيخ عن قضية الإسرار والجهر بقول الإمام والمنفرد "ربنا ولك الحمد" فهمت من الجواب أنه نقولها جهرا؟
الشيخ: هذا هو الظاهر من وصف أبي هريرة أن الرسول عليه السلام كان إذا صلى بالناس ورفع رأسه من الركوع قال سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد فلم نرى في الأحاديث تفريق بين الأولى والأخرى, فالأولى مثلا جهرا والثانية سر, نعم.

(187/3)


«
هل يلزم من ثبوت اللقي ثبوت السماع؟»
السائل: شيخنا مسألة اللقيّ بالسّماع يا شيخ هل يلزم يعني هل يشترط من اللّقي ثبوت السماع أو ما يشترط؟
الشيخ: هل يلزم من ثبوت اللّقي ثبوت السماع وإلا العكس؟ سؤالك؟
السائل: هل يلزم من ثبوت اللقي ثبوت السماع.
الشيخ: أه كررت عبارتك ... .
السائل: نعم شيخ أأكدها.
الشيخ: لا يلزم ثبوت السماع لكن يكتفى بثبوت اللقي عن إثبات السّماع في أي حديث يرويه الذي لقي شيخه وعرف لقياه له إلا إذا ثبت لدينا أنه مدلس فحينذاك لا يثبت, واضح جوابي؟ طيب.

(187/4)


«
كلام الشيخ عن اشتراط البخاري وابن رجب رحمهما الله اللقاء بين الراوي و من حدث عنه في قبول الحديث
السائل: يا شيخ الآن ابن رجب رحمه الله يعني خالف في المسألة هذه وذهب إلى منهج المتقدمين كالبخاري وبن المديني.
الشيخ: لم يخالف هذا.
السائل: تقرأ يا شيخ هو ذكر هذا الكتاب.
الشيخ: لا ما ... أنت مخطئ.
السائل: طيب أنا قريت يا شيخ ووجدته خالف.
الشيخ: يا شيخ أنا بقل لك.
السائل: هات.
الشيخ: ابن رجب وافق البخاري.
السائل: نعم.
الشيخ: البخاري ما قال لا يلزم من ثبوت اللقيّ عدم ثبوت السماع بل اشترط فيمن روى عن شيخ ما بصيغة ما فيها تصريح بالسماع أن يكون قد ثبت لقيه لهذا الشيخ هذا الذي قاله البخاري وهذا الذي قاله ابن رجب أو اختاره بينما أنت الآن تقول هل يلزم من ثبوت اللقي ثبوت السماع يعني في أي حديث جاء رجل روى عن شيخ له ثابت أنه لقيه, هل يلزم أنه في هذا الحديث سمعه من هذا الشيخ, هذا الحديث سمعه, قلنا لك لا يلزم لكن يكون حجة الآن بنرجع لرأي الجمهور ورأي الإمام مسلم خلافا للبخاري, ليس من الضروري أن يكون ثبت اللقاء مادام أن هذا الراوي الذي روى عن شيخه بصيغة ما فيها إثبات اللقاء ليس مدلسا وهو معاصر له, ابن رجب اختار مذهب البخاري فما الذي تريد أن تريني؟
السائل: بس هنا يا شيخنا.
الشيخ: إذا روى راو ما عن شيخ ما معاصر له ولم يكن قد ثبت عنده لقاءه إياه فهو يحمل على الانقطاع والجمهور يكتفون بالمعاصرة, هذا أنت فهمان غير هيك وإلا فهمان هيك؟
السائل: فهمان غير هيك.
الشيخ: وهو؟
السائل: لا بد يعني مثل يعني قول الراوي أنه روى هذا الحديث يعني كل حديث لا بد يعني.
الشيخ: ولو كان غير مدلس؟
سائل آخر: في الإجابة اذكر إلي تفهمها أنت. اذكر إلي ... إلي في عقلك الأن
الشيخ: ولو كان غير مدلس؟
السائل: ... لا إذا كان مدلسا إذا كان مدلستا لا بد إذا كان غير مدلس نعم.
الشيخ: إذا كان غير مدلس؟
السائل: لا.
الشيخ: وأنا بقول إيه.
السائل: بس مثلا.
سائل أخر: السلام عليكم.
الشيخ: ... نفس بقى الكلام وصولا واحد اثنين ثلاثة, ألم تقل بأن البخاري يشترط ثبوت اللقاء بين الراوي والمروي عنه؟
السائل: بلى.
الشيخ: وأنا أقول بلى, ماشي؟
السائل: نعم.
الشيخ: طيب, وأن الإمام مسلم يكتفي بالمعاصرة؟
السائل: نعم.
الشيخ: وأن الحافظ ابن حجر مع البخاري؟
السائل: نعم.
الشيخ: وأنا بقول نعم, طيب, شو بقي بقى؟ هو السؤال الأخير, هل يشترط البخاري إذا روى راو عن من ثبت لقياه إياه إذا روى حديثا عنه بلا عنعنة دون التصريح بالتحديث أنه لا يقبل هذه الرواية؟
السائل: بلى يقبل.
الشيخ: طيب هذا بقل لك إياه من ساعة.
السائل: جزاك الله خير.
سائل أخر: ... .
الشيخ: ارفع صوتك.

(187/5)


«
توضيح الشيخ لمسألة الخلاف بين البخاري ومسلم في اشتراط اللقاء
السائل: المسألة التي طرحت قبل قليل مسألة الخلاف بين البخاري ومسلم في مسألة السماع.
الشيخ: نعم.
السائل: ... ما اتضحت يا شيخ.
الشيخ: إلى.
السائل: ما اتضحت.
سائل آخر: ما هي واضحة مش واضحة كلامك مو كان يعني
السائل: ... شيخ تعيد.
الشيخ: مش واضحة.
السائل: لا.
الشيخ: إيه, أنا الراوي وهذا شيخي أقول قال فلان أو أذكر لكم عن فلان هذه الرواية متصلة أم منقطعة؟ عند بعضهم يفترض لتكون متصلة لنفترض أن أنت البخاري يعني محمد بن إسماعيل البخاري, أنت تشترط لتكون روايتي هذه عن هذا صحيحة أن يكون قد ثبت لديك أنني لست فقط عاصرته بس لقيته واجتمعت به وسمعت منه هذه واضحة.
السائل: واضحة نعم.
الشيخ: طيب هذا هو مسلم القشيري هو يكتفي بالاتصال بشرط الاتصال أنا وهذا الشيخ متعاصرين ثابت من التاريخ أننا متعاصران فهذا لا يشترط الذي اشترطته أنت أن يكون ثابتا عنده كما ثبت عندك أنني التقيت به وسمعت منه لكنه يشترط شرطا واحدا هو ما ذكرته آنفا المعاصرة يعني إن كان السّماع منه وإن كان لقائه ماشي إلى هنا؟
السائل: نعم.
الشيخ: لكن بشرط أن أكون أنا عنده غير مدلس لأن من عادة المدلس أنه يروي عمن سمع منه ما لم يسمع منه فإذا كنت أنا عند هذا الإمام مسلم غير معروف بالتدليس ولا أقول غير مدلس, غير معروف بالتدليس, لعلك تفرق بين العبارتين
السائل: نعم.
الشيخ: ما تقول بعدين أنه شتتنا وشرقنا وغربنا أنا بقول أنه يشترط عنه أنه أنا لست معروفا عنده بالتدليس فحينئذ يحمل روايتي هذه عن هذا على الاتصال أما أنت فلا تقبل ادّعاء الاتصال إلا بشرط أنه يكون أنا لقيته من قبل ولا يكتفي أو لا تكتفي بأنني عاصرته, زال الإشكال؟
السائل: نعم.
الشيخ: الحمد لله.
السائل: بالنسبة للتدليس الذي ذكرته يا شيخ التاريخ.
الشيخ: قلت.

(187/6)


«
الحديث الحسن لغيره هل يؤخذ به في باب العقائد؟»
السائل: الحديث الحسن لغيره هل يؤخذ في باب العقائد؟
الشيخ: الذي أعتقده أن التفريق بين حديث ثابت في مرتبة ما وحديث آخر أعلى ثبوتا منه بين العقائد وبين الأحكام هذه بدعة لا يعرفها علماء المسلمين الأولين, واضح إلى هنا؟
السائل: نعم.
الشيخ: وعلى هذا إذا كان الحديث الحسن يثبت به حكم الشرع فيثبت به عقيدة كذلك, ماشي؟
السائل: ... .
الشيخ: إيه, بل أنا أقول شيئا ما أظن أنكم قرأتموه وقد حاججت جماعة هناك في دمشق الشام ممن شوشوا أذهان المسلمين اليوم بهذا النقل الذي نقلوه طرحوه كأنه عقيدة لا شية فيها ولا عيب عليها أنه حديث الآحاد لا تثبت به العقائد, قلت لهم يرد عليكم شيئان لا خلاص لكم منهما, الشيء الأول أنكم لا تتبنون عقيدة من حديث مهما كان شأن هذا الحديث قوة وصحة حتى لو كان متواترا, قالوا كيف ذاك؟ قلت وهذه حقيقة يعرفها كل طلاب العلم المبتدئين في علم الحديث, أن كون الحديث أو كون حديث ما متواترا فإنما ذلك أمر نسبي أي هو متواتر بالنسبة لمن تتبع طرق الحديث فحصل القناعة في القلب أنه هذا حديث متواتر يستحيل أن يكون كاذبا, لكن هل كل حافظ ولا أقول كل مسلم هل كل حافظ ضروري أو لزاما عليه أن يكون حديث ما ثبت عند حافظ ما بأنه متواتر لزام على الحافظ الآخر أن يكون أيضا عنده متواترا؟ ليس الأمر بلازم, واضح هذا؟
السائل: نعم.
الشيخ: جميل, ومعلوم في تعريف الحديث المتواتر أنه يشترط فيه - وعليكم السلام - في تواتره أن يستمر الطبقة من الطبقة الأولى إلى الثانية إلى أن تصل إلى الذي يقول بأنه حديث متواتر, ماشي هذا الكلام. فإذا انقطع التواتر في طبقة ما, هل يظل الحديث متواترا؟ الجواب لا.
أنا أقول الآن الإمام البخاري قال في حديث ما أنه متواتر وهنا نهاية الدقة في الموضوع, هل هو عندي أنا متواتر؟ الإمام البخاري حكم على حديث ما بأنه متواتر هل هو عندي متواتر؟
السائل: لا.
سائل آخر: ليس بالضرورة.
الشيخ: هذا سؤال امتحان هاه
السائل: ليس بالضرورة.
الشيخ: ليس بالضرورة, يحتمل.
السائل: أن يكون وأن لا يكون.
الشيخ: نعم.
السائل: يحتمل أن يكون وأن لا يكون.
سائل آخر: لا يحتمل.
السائل: يحتمل أن يكون عندك متواترا ويحتمل أن لا يكون
الشيخ: لا, إذًا أنا جوابك صحيح وجوابه صحيح.
لكن لربط أحدهما بالآخر أقول إذا قال الإمام البخاري في حديث ما إنه حديث متواتر وأنا لم أقف على هذا الحديث إلا من طريق واحدة, هل يكون عندي والحالة هذه متواترا؟
السائل: لا يكون.
الشيخ: فيها شك هذه؟
السائل: لا.
الشيخ: هنا لا يرد الإحتمال السابق لكن أنا.
سائل آخر: السلام عليكم.
الشيخ: وعليكم السلام. بسبب نظرتك إلى أن لي ممكن أنه أكون أنا بحثت وما وجدت التواتر فجوابك صحيح لكن في الصورة التي عرضتها آنفا فجوابه صحيح.
الآن عند من ليس عنده خبر بالحديث إطلاقا وقد قال البخاري فيه إنه متواتر فبالأولى أن لا يكون عنده متواترا, قلنا لذلك الحزب افترضوا أن رئيسكم هو علامة الزمان في الحديث أو بخاري الحديث, قال لكم الحديث الفلاني هو متواتر, أصبح عندكم متواترا؟
السائل: نعم.
الشيخ: الجواب لا فانقطعت السلسلة متى يصبح عندكم متواتر؟ إذا كان عندكم أئمة في الحديث عشرة عشرين على حسب اختلافهم في عدد التواتر ثم اتصلت أنتم مع هذا العدد, حينذاك يعود الحديث بالنسبة إليكم متواترا ومادام أن الواقع خلاف ذلك والفرضية أن رئيسكم هو الذي حكم على هذا الحديث بالتواتر حينئذ هذا الحديث يصبح عندكم آحادا ذلك لأن الذي نقل إليكم خبر تواتر الحديث عنده هو فرد, وعلى هذا قلت لهم إنكم لا تتبنون عقيدة من حديث صحيح, واضح هذا؟
السائل: واضح.
الشيخ: طيب النقطة الأولى وهي مهمة, النقطة الثانية وهي التي اقتضاها البحث السابق أن نقول كل حديث يحمل حكما فقد, فهو ينطوي تحته عقيدة, وإذا فصلت العقيدة عن هذا الحكم أذهبت قيمة هذا الحكم من الناحية الشرعية, واضح هذا أيضا؟
السائل: واضح.
الشيخ: بمعنى إذا جاءك أمر من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مؤكد بأنه على الوجوب أو على الاستحباب أو جاءك ناهي مؤكد أنه للتحريم أو للتنزيه, ذاك الأمر أو هذا النهي إذا فصلت عنه اعتقادك بمضمونه الأمر يفيد الوجوب أو الاستحباب إذا فصلت اعتقادك عن هذا لم يبق للحكم أثر ما في نفسك فكذلك بالنسبة للنواهي, واضح هذا أيضا؟
السائل: نعم.
الشيخ: إذًا نستنتج مما سبق أن الحكم لو كان التفصيل السابق الذي ذهب إليه بعض علماء الكلام قديما وتبناه بعض المعاصرين حديثا لو كان هذا التفريق له وجاهة بين العقائد وبين الأحكام لكان وضعه في الأحكام أولى من العقيدة لأن الحكم قلنا وهذا واضح جدا يحمل عقيدة فإذا رفعنا العقيدة منه لم يبق له أي تأثير.
إذا عرفنا هذا كله رجعنا إلى سؤالك الحديث الحسن, فالحديث الحسن إما أن يقال يثبت به حكم شرعي أو لا يثبت فإذا كان من المعروف عند جماهير العلماء أنه يثبت فإذًا هو تضمن عقيدة فلا بد من الأخذ به لأنه حكم ولا يضرنا بعد ذلك أن فيه عقيدة لأن هذا أمرا شبه متفق عليه في الحديث الحسن أما الحديث الصحيح فما فيه إشكال أنه يجب العمل به في الأحكام وإذا عرفنا ما سبق من البيان فالعمل بالحديث الحسن يتضمن حكما ومعنى هذا أنه إذا جاء خبر لا يتضمن حكما لكن يتضمن عقيدة ولكن إسناده حسن وجب الأخذ به كما وجب الأخذ به في الحكم لأنه حكم زايد عقيدة.
ومما يتفرع من هذا الكلام وهو في اعقادي شيء هام لأنه لا يوجد مسطورا فيما علمت ما قلته أيضا لأولئك الحزبيين, ها أنتم تفرقون عمليا بين حديث الآحاد في العقيدة وحديث الآحاد في الأحكام فماذا تفعلون إذا جاء حديث يحمل في طواياه عقيدة من جهة وحكما من جهة ولو أنه عندنا كما بيّنا لا فرق بين حديث فيه حكم أو حديث فيه عقيدة فمن كان فيه حكم أو ما كان فيه حكم ففيه عقيدة لكن حسب فلسفتهم الخاصة, قلت لهم ما موقفكم؟ حاروا في السؤال فطلبوا المثال, قلت لهم مثلا قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح في البخاري وغيره (إذا جلس أحدكم في التشهد الأخير فليستعذ الله من أربع, يقول اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر ... ) وبقية الحديث معروف, هم أعرفهم لا يؤمنون بعذاب القبر لأنهم بزعمهم عذاب القبر أحاديثه لم تبلغ مبلغ التواتر إذًا هذا فيجوز الاعتقاد به, قلنا لهم الآن أمركم رسول الله صلى الله عليه وسلم بغض النظر الأمر بالوجوب أو الاستحباب, أمركم رسول الله أن تستعيذوا من أربع منها عذاب القبر فإن قلتم هذا حديث أحكام يجب الأخذ به ناقضتم قولكم هذا حديث آحاد لا يجوز الأخذ به في العقيدة لأن عذاب القبر عقيدة فماذا تفعلون؟ أتأتمرون بأمره عليه السلام كحكم شرعي أم ترجعون إلى فلسفتكم أن العقيدة لا تثبت بها حديث آحاد وهذا حديث آحاد فلا نأخذ به؟ سواء قلت هذا أم قلتم هذا خالفتم عقيدتكم, نحن لا نقول خالفتم الشرع وهم مخالفون للشرع لكن خالفوا عقيدتهم بسبب تفريقهم بين حديث الآحاد في الأحكام وحديث الآحاد في العقيدة, هذا ما عندي حول هذه المسألة الطريفة.
السائل: لو سمحت سؤال يا شيخ.
الشيخ: نعم.
السائل: سأل الأخ عن الحسن لغيره.
الشيخ: إيه.
السائل: كذلك.
الشيخ: هو.
السائل: ما ذكرته من ... .
الشيخ: هو كذلك, إيش؟ تفضل.

(187/7)


«
كتاب الجامع الصغير للسيوطي هل يعتمد عليه في إخراجه الأحاديث؟»
السائل: السلام عليك يا شيخ كتاب الجامع الصغير للسيوطي هل نعتمد عليه بإخراجه للأحاديث كلها؟ أم فيه قول؟
الشيخ: أنت تعني الإخراج وتعني ما تقول؟
السائل: نعم.
الشيخ: يعني العزو ... .
السائل: صحيح.
الشيخ: لا هذا ليس من عمل الجامع الصغير, أنت تسأل عن عملي وإلا عن عمل السيوطي؟
السائل: لا عن عمل السيوطي.
الشيخ: السيوطي لا يصحح.
السائل: الرموز الي ذكرها في كتابه.
الشيخ: إيه هذا بقول, أنت تعني الرموز مش تعني تعني. الصحيح والحسن والضعيف؟
السائل: نعم نعم.
الشيخ: نعم, الرموز.
السائل: في كتابه.
الشيخ: نعم, الرموز الأصل أن يعتمد عليها لأنه يغلب عليها الصحة وأحيانا فيها سهو إما منه أو من الناسخ وأنا وإن كان هذا لم يكن عملي فيه سوى بيان مراتب الحديث, أحيانا نبهت في التعليق في الحاشية على بعض الأوهام التي وقعت في الرموز وأذكر منها جيدا أنه في كثير من الأحيان ينحرف حرف العين إلى أربعة والأربعة عنده يشير إلى أصحاب السنن الأربعة وعين يعني أبا يعلى في مسنده فانحرف هذا الحرف عين على بعض الناسخين وطبع الكتاب على هذا مكتوب الأربعة أي أصحاب السنن بينما الحديث ليس عند أصحاب السنن مثل هذا يقع وهذا يقع في كل كتاب لأنه كما قيل عن الإمام الشافعي رحمه الله " أبى الله أن يتم إلا كتابه " وكثيرا ما ينحرف ليس في الجامع هذا بل وفي بعض كتب الفقه, رواه البخاري أصله رواه ابن النجار فتحرف بن النجار إلى البخاري وهذا خطأ فاحش جدا لأن الأحاديث التي يرويها ابن النجار في ذيله على تاريخ بغداد يغلب عليها إذا تفرد بها الضعف فإذا كان الفقيه عزى الحديث إلى ابن النجار معناه أنه قد ضاق عليه مصادر التخريج كل الضيق حتى لم يجد من يعزو الحديث إليه إلا ابن النجار فالظاهر أنه يكون الناسخ رجل لا ثقافة عنده بالعلم وبصورة خاصة بالحديث ومخرجي الأحاديث أو رواة الأحاديث فيكون ربما ما سمع أن هناك عالما اسمه ابن النجار وقد امتلأ سمعه بالبخاري فيقول هذا خطأ ممن قبله فيتصرف ابن النجار فيجعله البخاري, لكن خلاصة هذا الكلام أنه إذا كان في أي كتاب بعض الأخطاء من هذه الرموز أو غيرها فذلك لا يسقط الاعتماد عليه والاعتداد به لأنه لا يخلو أي كتاب من أي خطأ من هذا النوع أو من غيره وإنما العبرة بالغالب على هذا الكتاب كما هو الشأن في مؤلف الكتاب, العبرة بالمؤلف إذا كان صوابه خيرا من خطئه في علمه الذي برز فيه فهو الذي يوثق به أما أن تطلب مؤلِفا أو مؤلَفا خاليا معصوما عن الخطأ فهذا خلاف سنة الله الكونية ولن تجد لسنة الله تبديلا.

(187/8)


«
هل حديث الآحاد ظني الدلالة أوقطعي؟»
الشيخ: نعم.
السائل: حديث الآحاد ظني الدلالة وإلا قطعي؟
الشيخ: بعضه ظني وبعضه قطعي كما شرح ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في كتبه وكذلك ابن القيم واختصره الحافظ ابن كثير في مختصره في المصطلح المسمى باختصار علوم الحديث.
فأي حديث أخرجه الشيخان في صحيحيهما وتلقته الأمة بالقبول دون طعن فيه حتى من الذين لم يأخذوا به وإنما تأولوه ففي هذه الحالة يدل اتفاقهم على أن الحديث يقينا قاله الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لأنهم كلَّهم قد أجمعوا على إثباته, من عمل به فواضح ومن لم يعمل به لأنه لم يطعن فيه بالتخلص منه كما يقول بعضهم أحيانا بحق أو بباطل بل اعترفوا بثبوته وتأولوه والتأويل كما يقول العلماء فرع التصحيح, التأويل فرع التصحيح ولو كان عندهم مجال لرده من حيث ثبوته فحينئذ استراحوا منه قالوا هذا حديث لا يصح فإجماع هؤلاء وهؤلاء وهم من الأمة على إجراء هذا الحديث على التسليم بصحته هذا يفيد القطع إذًا إذا كان هناك قرينة مع حديث الآحاد فهذه القرينة ترفع دلالة ثبوت هذا الحديث من الثبوت الظني إلى الثبوت اليقيني العلمي, واضح؟ طيب نعم.

(187/9)


«
هل الشواهد تكون للمتون أوللأسانيد؟»
السائل: بالنسبة يا شيخنا الشواهد تشهد للمتن أو للإسناد؟
الشيخ: لا الشواهد إنما هي في المتون وليس في الأسانيد, الشواهد ما فيه إشكال تكون في المتون وليس في الأسانيد.

(187/10)


«
هل يلزم من قرأ حديثا من صحيح الجامع أن يرجع إلى المصدر الذي أحلت إليه؟»
الشيخ: تفضل.
السائل: بالنسبة للأحاديث التي في صحيح الجامع تعزوها أنت غالبا لأحد كتبك التي قد خرجت فيها الحديث.
الشيخ: أي نعم.
السائل: كالسلسلة الصحيحة وال ... فإذا أراد طالب العلم أن يعمل بالحديث من هذه الأحاديث التي في الجامع ... صحيح الجامع هل يلزمه الرجوع إلى الكتاب المخرج منه الحديث أو ... الصحيح؟
الشيخ: هذا يختلف اختلاف هذا الطالب, هذا المثال يمكن تصويره أو تطويره بصورة أخرى, هل يجب على كل مسلم أن يعرف الحديث الصحيح من الحديث الضعيف أم لا, لا شك أن الجواب سيكون يجب عليه أن يعرف الصحيح من الضعيف حينئذ.
السؤال الثاني وهو بيت القصيد هل يجب على هذا السائل أن يرجع إلى معرفة طريق الوصول إلى معرفة هل هذا الكلام أي كون الحديث صحيحا أو ضعيفا أن يرجع إلى تتبع الأصول والطرق التي بها يتمكن من المسلم عادة من معرفة الحديث الصحيح أو لا يجب, الجواب بدهي جدا إن كان من أهل هذا العلم وهذا الفن وجب وإلا فلا, الجواب في هذا وذاك أيضا هو ككثير من المسائل الفقهية, ربنا عز وجل يقول في القرآن الكريم ((فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)) فالآية تجعل الناس قسمين عالم وجاهل وأوجب على كل منهما شيئا لم يوجبه على الآخر, أوجب على من ليس بالعالم أن يسأل أهل العلم وأجب على العلماء أن يجيبوا, فالسائلون في كل عصر حتى في عصر النبوة والرسالة أغلبهم لا يستطيع أن يعرفوا صحة الجواب الذي تلقاه من العالم, يا ترى هل أخذه من كتاب الله أو من سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أو من الإجماع ثم يا ترى هذا الإجماع هو من القسم الأول الذي لا يتختلف فيه الأمة وهو ما أجمعت على صحته الأمة أو من القسم الثاني الذي هو إجماع العلماء علماء الأمة وليس يشترط كل الأمة إلى أخر ما هنالك من تعاريف للإجماع الذي تقوم به الحجة, لا شك أنه هذه التفاصيل أكثر الناس لا يستطيعون الوصول إليها, هؤلاء يكتفون بجواب العالم يجوز لا يجوز فرض سنة إلخ, كذلك هذا الجنس يكتفي بقول العالم الموثوق بعلمه هذا صحيح هذا حسن هذا ضعيف لكن قد يمكن أن هذا السائل أو ذلك القارئ في صحيح الجامع أنه هذا الحديث صحيح, يمكن أن يرجع إلى المصدر الذي أحلت إليه أو لا يمكن فإذا كان لا يمكنه الرجوع إلى المصدر فقد يمكنه أن يرجع إلى الطرق التي أنا سلكتها مثلا في الوصول إلى الحكم على هذا الحديث بالصحة فإن كان يستطيع فليس هو بحاجة إلى أن يرجع حينئذ إلى مصدر لا تطوله يده, وبخاصة أنه الواقع أنه بعض المصادر التي أعزو إليها التصحيح أو التضعيف لا يزال في عالم المخطوطات ولم يتح لنا بعد طباعته, هذا جواب ما سألت.
السائل: جزاك الله خير.
الشيخ: وإياك.

(187/11)


«
هل يحسن الحديث الضعيف بكثرة طرقه؟»
السائل: شيخ أحسن الله إليك شيخ, سائل ينقل عنكم أنكم تحسنون الحديث بكثرة طرقه.
الشيخ: نعم.
السائل: كيف ذلك؟
الشيخ: إن كنت قرأت في المصطلح فقد كفيتني المؤنة وإلا فأنا أجيبك, أو إذا كان عندك شك في القاعدة المطروحة في علم المصطلح فنسمع وإلا نجيبك.
السائل: ... .
الشيخ: طيب, علماء الحديث يقولون بأن الحديث الضعيف إسناده يعني الإسناد الذي لم يشتد ضعفه إذا جاء هذا الحديث من طرق أخرى فهذه الطرق يقوي بعضها بعضا وهذه قضية وجدانية, الإنسان يطمئن إلى هذا الحكم الذي قرره علماء الحديث وبخاصة إذا ما لوحظ قولهم الآنف الذكر أن لا شرط أن لا يشتد ضعفه.
لكن المسألة هذه ليست مقطوعة عند كل علماء الحديث وإنما هذا هو المشهور المعمول به في علم المصطلح, أقول هذا لأن الحافظ الإمام أحمد بن تيمة رحمه الله كان يرى, ليس يصرح بهذا وإنما كلامه يدل على هذا, يقول إذا جاء الحديث من طرق وكان الرواة مختلفي البلاد بحيث يبعد التواطئ بينهم على رواية حديث ودسّه بين الناس فحينئذ يتقوّى الحديث بكثرة الطرق دون نظر إلى الشرط الذي ذكر في علم المصطلح وهو أن لا يشتد ضعفه.
هذا شيء يقابل هذا أننا نجد بعض الأحاديث التي ضرب بها المثل بأنها من قسم الحديث الضعيف الذي كثرت طرقه وضرب على ذلك مثالا ابن الصلاح في مقدمته بحديث (الأذنان من الرأس) فاعترف هو رحمه الله بأن هذا الحديث له طرق كثيرة ولكن لا يشتد قوة الحديث بها, ومن هذا قال أنه يشترط في الحديث أن لا يشتد ضعف طرقه, لكن عند التتبع قد وجدنا أن هذا الحديث له أسانيد كثيرة وبعضها يتقوّى ببعض لأنه لم يشتد الضعف والآخر إسناده لوحده قوي فخرج الحديث عن دائرة التمثيل به على أنه حديث ضعيف مع كثرة طرقه فيبقى حينئذ الأمر, أقصد من هذا ومن ذاك الكلام المتقدم أن الحكم على الحديث الضعيف بأنه حسن أو صحيح أو ضعيف هذه قضية نسبية تختلف باختلاف العلماء علما وفهما وبحثا وسعة استيعاب واطلاع على طرق الحديث.
هذا جواب ما سألت.

(187/12)


«
ماهو السبب في إيراد بعض الأحاديث في السلسلة الصحيحة مع أنه لم يترجح لديك فيها الصحة ولا الضعف؟»
السائل: فضيلة الشيخ هناك بعض الأحاديث أوردتها في السلسلة الصحيحة مع أنه لم يترجح لديك فيها الصحة أو الضعف فما السبب في إيرادها مع عدم إيراد سبب الترجيح؟
الشيخ: يقول في السلسلة الصحيحة؟
السائل: أي نعم.
الشيخ: كيف يعني؟
السائل: مثال.
الشيخ: ليكون في صحيح الجامع, السلسلة الصحيحة فيها بحث.
السائل: نعم يقول مع أنه لم يترجح لديك فيها الصحة والضعف.
الشيخ: جايب مثال؟
السائل: لا.
سائل آخر: السائل موجود.
الشيخ: تفضل.
السائل: نعم السؤال هذا أنا أذكر كنت أقرأ في السلسلة الصحيحة فمرت علي بعض بعض الأحاديث وفي عملية البحث فيها أثرت أنها لم يظهر لك شيء في هذا الحديث.
الشيخ: أنا قلت هذا صراحة لأنني لمّا أوردته في الصحيحة كان في تصوّري أنه يستحق أن يودع في الكتاب ولكن لما تتبعت الكلام على طريقه أو طرقه فالذي كان في ذهني انقلب عليّ أو توقفت على الأقل عن الجزم به فأفصحت بما نقلته عني, هذا هو الوجه, واضح إن شاء الله؟
السائل: نعم نعم.
الشيخ: الحمد لله.

(187/13)


«
هل يجب على العامي سؤال أهل العلم عن دليل المسائل الإجتهادية؟»
السائل: شيخ المسائل الاجتهادية.
الشيخ: نعم.
السائل: المسائل الاجتهادية هل يجب على العامي سؤال العالم عن الدليل عن دليلها يعني؟
الشيخ: إذا كان من الفهم للدليل ف ... وإلا فلا, واضح
السائل: نعم.
الشيخ: تفضل.

(187/14)


«
أليس هناك مبالغة في أن يقال عن ابن حزم أنه جهميٌ جلد كما جاء ذالك عن ابن عبد الهادي وقد أوردتم هذا في الصحيحة لديكم؟»
السائل: الإمام ابن حزم رحمه الله يعني فترة بن عبد الهادي نقلته في السلسلة بأنه يقول بأنه جهمي جلد وعندما قال ابن القيم الجهمية الذين قالوا بخلق القرآن وقد تقلّد كفرهم ... من العلماء, كيف يجمع بين هذا وهذا؟
الشيخ: شغل بالي بقولك الذي نقلته لأني ظهر لي فيه شيء من الخطأ فأرجو أن تعيد عليّ, من القائل جهمي جلد ومن المقول فيه ذاك؟
السائل: قال ابن عبد الهادي.
الشيخ: إيه فيمن قال؟
السائل: ابن حزم.
الشيخ: ابن عبد الهادي هو القائل؟
السائل: نعم.
الشيخ: أو هو المقول فيه؟
السائل: لا هو القائل.
الشيخ: والمقول فيه؟
السائل: ابن حزم.
الشيخ: ابن حزم, صحيح والعبارة الثانية؟
السائل: ابن القيم.
الشيخ: إيش قال؟
السائل: ولقد تقلد كفرهم خمسون في عشر من العلماء ... .
سائل آخر: ... .
الشيخ: ارفع صوتك يا أخي ... يغيب عني شيء بدنا نتطرق
السائل: ولقد تقلد كفرهم خمسون في عشر من العلماء في البلدان.
الشيخ: طيب, ... .
السائل: على الجهمية والذين يقولون بخلق القرآن.
الشيخ: أيوه فأنت سؤالك الذي سمعته جيدا ما التوفيق بين هذا وهذا؟
السائل: أي نعم ... .
الشيخ: وين وين التعارض؟
السائل: أنا الآن.
الشيخ: ينبغي أن يقال في السؤال أليس في هذا مبالغة فيما يتعلق بابن حزم أما ما فيه تعارض بين القولين حتى تقول كيف التوفيق؟
السائل: ... بن حزم الآن ذكر أنه يقول بأنه جهمي جلد وبن القيم ينقل خمسمائة عالم يعني منتسب للجهمية, كيف نقول بأن ابن حزم يعني ليس من ... .
الشيخ: كيف نقول أن ابن حزم إيش؟
السائل: ليس بكافر.
الشيخ: إيه هذا الذي بقل لك, بقل لك أنا صحت السؤال أنه ليس هناك مبالغة في أن يقال في ابن حزم أنه جهمي جلد لأنه هذا يساوي أنه كافر!
السائل: نعم.
الشيخ: طيب وهذا من جملة أولئك الكفار في حد تعبير, وهل هناك تعارض؟ حتى يكون سؤالك كيف التوفيق؟ فالسؤال ساقط وإنما الحقيقة أنه كيف يقال في ابن حزم بأنه جهمي جلد وبخاصة أنه ابن القيم كفّر الجهميين.
السائل: نعم.
الشيخ: وضح الآن أنه السؤال كان خطأ؟
السائل: نعم.
الشيخ: طيب, الجواب كنا تكلمنا في بعض مجالسنا في هذه الرحلة أن من الخطأ الشائع بين المسلمين اليوم علمائهم إلا من عصم الله منهم جعل الدين أو تقسيمه إلى قسمين أصول وفروع, ويفرعون على هذا التقسيم أن الخطأ في الأصول كفر والخطأ في الفروع مغتفر, هذا التقسيم لا أصل له وهذا هو الذي يشرحه ابن تيمية رحمه الله في بعض كتبه شرحا وافيا جدا, الخطأ الذي يكفر به المسلم لا يتعلق بكونه في العقيدة دون الفروع بل يتعلق بأن يتبيّن له الخطأ ثم يصر عليه عقيدة وليس عملا ولما كانت الأحكام فيها عمل والعمل قد يصحبه عقيدة سيئة وقد لا يصحبه عقيدة سيئة أما القسم الأول قسم العقائد فليس فيها عمل فإذا تكلم أحد العلماء بعقيدة خالف فيها نص الكتاب والسنة في وجهة نظر الآخرين فهل يكفر أم لا يكفر كما لو أخطأ في حكم عملي مثلا لعلكم تعلمون بعض العلماء الموقرين يرون أن الخمر ليس كل خمر حراما خلاف للحديث الوارد في صحيح مسلم (كل مسكر خمر وكل خمر حرام) بل يفصلون فيقولون ما كان مستنبطا من الخمر من العنب فهذا قليله وكثيره حرام, وما كان مستنبطا من غيره فكثيره المسكر هو الحرام أما قليله فحلال, هذا وجد في العراقيين من قال هذا القول وهو مصادم لقوله عليه السلام ... أي (كل ما أسكر كثيره فقليله حرام) فهل يكفر مثل هذا المخالف؟ الجواب لا لأنه صدر منه اجتهاد لكن لو جئنا إلى الخمر الذي اتفق على تحريمه فاستحل مستحل بقلبه هذا ارتد عن دينه مع أنه حكم ليس عقيدة ولكن آنفا أظن قبل ما أن يأتي كثير منكم كنا نبيّن خطأ من يفرق في وجوب الأخذ بحديث الآحاد بين ما إذا كان فيه عقيدة أو كان في العقائد فلا يجوز الأخذ به بخلاف الأحكام فقد أثبتنا بشيء من التفصيل والبيان أن كل حكم شرعي يتضمن عقيدة لا بد أن يتدين المسلم بها وإلا لم يكن قوله بما تضمنه هذا الحكم مفيدا له لأنه أي حكم هذا حرام فالحرام يجب أن يكون في قلبه معتقدا حرمته فإذا لم يعتقد ذلك فلا قيمة لهذا الحكم حينذاك فأقول فإذا نقلنا موضوع الخمر من غير العنب وفيه ذاك الخلاف الذي اشرت إليه آنفا إذا الخمر المجمع على تحريمه وصرح أحد المسلمين أنه هذا ليس بحرام كما هو الشأن في خمر غير العنب لا شك أنه هو باعتقاده في هذا الحكم أنه غير حرام قد كفر لماذا؟ لأن هذا الحكم تضمن كما قلنا آنفا عقيدة فحينئذ ننتقل إلى نص فيه عقيدة وليس فيه حكم كما هو يعني في موضوع ما نحن فيه آنفا فيما يتعلق بالجهمية الذين أنكروا كثيرا من صفات الله عز وجل الثابتة في الكتاب فضلا عن السنة فالآن فلندخل في صميم الموضوع, من أنكر عقيدة ما وهو يعتقد أن هذه العقيدة قد جاءت عن الله ورسوله فهو كافر ولا نقول فقط أنه جهمي جلد بل وكافر مرتد عن دينه ولكن إذا كان لا يغلب على ظننا على الأقل أنه هو حينما وقع في هذا الإنكار وفي هذا الجحد لصفة من صفات الله عز وجل إنما وقع في ذلك خطأ وتوهما وليس قصدا فحينذاك لا يلزم من قولنا فيه إنه جهمي جلد أنه كافر وعلى العكس من ذلك إذا قلنا في أحد إنه كافر جهمي جلد فهذا لا يحتمل أي معنى أخر سوى التكفير أما مجرد قولنا فيه أنه جهمي جلد فهذا لا يعني أنه كافر, لعلك وصلت إلى الجواب عن سؤالك؟
السائل: شيخ الآن عندنا الجهمية ... .
الشيخ: أنا سألتك؟
السائل: نعم.
الشيخ: طيب أرحتني جزاك الله خير, قل الآن استدرك ما شئت
السائل: الآن شيخ عندنا الجهمية الأن ما ذهبوا إلى ما ذهبوا إليه إلا من أجل التأويل والخطأ وإنما أنكروا الأسماء والصفات ..
الشيخ: إلا من أجل التأويل والخطأ أنت زدت عليّ شيئا؟
السائل: لا لأني لأنه ما ينكر.
الشيخ: كأنه, زدت عليّ شيئا؟
السائل: لا ما أنا زدت شيئا.
الشيخ: إذًا ما ما محل ذلك الاستدراك من الإعراب
السائل: الاستدراك كان كلامك الأول منصب إلى ابن حزم والكلام منصب إلى الجهمية.
الشيخ: طيب, يعني أنت مشيت معي ... الدائرة أكذلك؟
السائل: نعم.
الشيخ: طيب, أنا أقول كلمة عامة كل من وقع في التجهّم بعد أن تبيّنت له الحجة أنه على ضلال وأصر فهو كافر لكن تعيين فلان هذا موضع اجتهاد فابن حزم هل يقول باحث مسلم يعرف قيمة هذا الإمام وعلمه وفضله و و إلخ كالجعد الجهمي هل يسوِّي بينهما؟ فمن ذلك تأخذ الفرق ولا تستطيع أن تقيس وتقول مثلا لماذا يقال عن جعد إنه كافر وقتل أو ذبح على كفره وهذا ابن حزم إمام من أئمة المسلمين وهو يشترك معه في ذلك, ذلك لأن هذا ينفك بعلمه وفضله بالكتاب والسنة عن ذاك وإن كان يشترك معه في ضلالة من الضلالات لكن هذا لا يُلزمنا أن نحكم عليه بنفس الحكم الذي صدر عن غيره ممن لا يعرف عنه له جهاد في العلم بالكتاب والسنة, هذا ما لدي عندي جوابا عن ذاك كالسؤال, تفضل.
السائل: فضيلة الشيخ ما المرجح الذي تنصحون بالرجوع إليه مشان موضوعنا.

(187/15)


«
هل هناك فصل في عدد الطرق التي يحسن بها الحديث الضعيف؟»
الشيخ: تفضل.
السائل: عطفا على السؤال يا شيخ كثرة الطرق هل هناك يعني حصر للعدد الطرق؟
الشيخ: حصر تقصد شرعي وإلا بحثي تاريخي؟
السائل: يعني بحث حسب يعني ... هذا أي حسب بحثكم في تحسين الحديث هل يحصل تحسين الحديث بعدد الطرق أي كثلاث.
الشيخ: لا يصح فرض عدد من الطرق كما قيل تماما في التواتر, قد اختلفوا كثيرا في عدد التواتر على أقوال عديدة, لا يصح أن يفرض عدد معين لأن القضية تختلف بالنظر إلى صفة الرواة من حيث العدالة والضبط كذلك الأمر تماما بالنسبة للحديث الضعيف الذي يتقوى بكثرة الطرق, أنا قد أرى أن الحديث الضعيف يرتقي إلى مرتبة الحسن بمجيئه من طريقين فقط لأن كلا من الطريقين رجاله ثقات إلا أن في أحدهم ضعفا لا يجعل حديثه في مرتبة الحسن ولا يجعله في مرتبة الضعيف شديد الضعف فهذا الضعف جاء مثله بإسناد آخر في نفس الحديث الأول فأحدهما يقوّي الآخر لأنه يبعد جدا مع ملاحظة التي ذكرتها آنفا عن ابن تيمية أنه إذا كان هؤلاء الرواة مختلفي البلاد بحيث لا يتصوّر أن يتواطؤوا أو يكون طبقتهم مختلفة بحيث لا يمكن أن يتعاصروا فحينئذ يمكن تقوية الحديث بمجموع الطريقين لأن الضعف الموجود في حفظ كل الراويين الواردين في إسنادين ضعف لا يجعل السند ضعيف جدا.
الآن ننتقل إلى مثال آخر قد يكون الضعف في حديث آخر في كل من الرواة أشد مما هو في المثال الأول فيحتاج لتطمئن النفس إلى ثبوت هذا الحديث إلى طريقة آخر ثالث وربما رابع وهكذا ولذلك فمن الخطأ البيّن أن يوضع نسبة معيّنة جامدة من الأسانيد لنقول بهذا العدد في كل حديث جاءت له أسانيد فهو يرتقي بذلك إلى مرتبة الحسن أو لا يرتقي لا يصح أن يقال لا هذا ولا هذا, نعم.

(187/16)


«
هل يؤخذ من حديث " ومن أتاني يمشي أتيته هرولة " صفة الهرولة لله عزوجل؟»
السائل: أحسن الله إليك يا شيخ حديث (من أتاني يمشي أتيته هرولة ... ) هل يؤخذ من الحديث إثبات صفة الهرولة لله؟
الشيخ: سئلت هذا مرارا فأجبت بأنه لا يوجد عندي جواب ونصف العلم لا أدري, هذا جوابي نعم!

(187/17)


«
ما المرجع الذي تنصحون بالرجوع إليه في الإجماع؟»
السائل: يقول السائل فضيلة الشيخ ما المرجع الذي نتصحون بالرجوع إليه بشأن موضوع الإجماع؟
الشيخ: مشان موضوع إيش؟
السائل: الإجماع؟
الشيخ: الإجماع , خير كتاب في التعريف بالإجماع الذي هو حقا إجماع والإجماعات التي تدعى أنها إجماع هو كتاب ابن حزم المسمّى بالإحكام في أصول الأحكام, هذا هو جواب السؤال.

(187/18)


«
ما رأيكم فيمن يقول أن الكذب على رسول الله كفر لأن هذا معناه نشر الشرائع الباطلة والأحكام الفاسدة بين الناس على أنها وحي من الله؟»
السائل: يقول السائل فضيلة الشيخ ما رأيكم فيمن يستدل على أن الكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كفر لأن الكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم معناه إثبات الشرائع الباطلة ونشر الأحكام الفاسدة بين الناس على أنها وحي من الله عز وجل , ويقول وفاعل هذا يدل على رقة دينه وفساد عقيدته واستهزائه بالله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم فلا يبعد أن يكون كافر مرتدا حلال الدم والمال, كيف والرسول صلى الله عليه وسلم أمر بقتل من كان يكتب الوحي فيغير الرحيم بالغفور ويبدل الآيات من عنده والكذب في الحديث مثله لأنه ينشر الأحكام على أنها وحي من الله.
الشيخ: ... على هذا السؤال أن نعود إلى الكفر وما قاله العلماء في تقسيمه إلى قسمين, كفر عملي وكفر اعتقادي فمن كذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم معتقدا جوازه فلا شك في أن كفره كفر ردة ومن كذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للوصول إلى غرض دنيوي محض أو شهوة يحققها فهو كفره كفر عملي لأنه لا يستحل الكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعمل, بقلبه فهو ونيته, هذا شأن كل الأعمال التي تصدر من المسلم لا ينبغي أن نقطع بأنه استحلها بقلبه وعمله أم استحلها بعمله دون قلبه, هذا مرجعه إلى الله تبارك وتعالى أولا وثانيا ... من عمله في بعض الأحيان ومن عمله قوله لأنه مستحل لذلك بقلبه ففي هذه الحالة يحكم بردته فيستتاب فإن تاب وإلا قتل ردة وبهذه المناسبة يعجبني جدّا ما ذكره شيخ ابن تيمية رحمه الله في تارك الصلاة حيث ذكر أن العلماء اختلفوا حينما يعثر أو يؤتى بتارك للصلاة فيؤمر بالصلاة فلا يستجيب فيقتل, هذا مذهب الجمهور منهم الإمام الشافعي فضلا عن الإمام أحمد رحمهما الله تبارك وتعالى, لكن الإمام الشافعي فيما نقلوا عنه قال يقتل كفرا ويدفن في مقابر المسلمين أما الإمام أحمد فقال يقتل كفرا ولا يدفن في مقابر المسلمين, يقول شيخ الإسلام.
السائل: لا هو يقتل حدا.
الشيخ: كيف؟
سائل أخر: يقتل حدا.
السائل: يقتل حدا.
الشيخ: اصبر يا أخي, نعم.
السائل: أول يقتل حدا وإلا كفرا.
سائل آخر: الشافعي الشافعي.
الشيخ: الشافعي حدا أحمد كفرا.
السائل: لأنه كان في سبق لسان.
الشيخ: إيه هذا من شأن الإنسان وبخاصة مثلي أنا, وجزاك الله خير.
الشاهد ابن تيمية يأتي بكلام فصل في الموضوع فيقول إذا استتيب وأمر بالصلاة فلم يقبل وآثر القتل على الحياة مع الصلاة فلا شك أن هذا الإنسان كافر قلبيا لأنه لا يتصور لإنسان يعتقد بفرضية الصلاة ثم هو يخير بين القتل والموت على تركه للصلاة وبين إيه أن يصلي فيعفى من القتل فإذا آثر القتل فهذا يقتل كفرا ولا يدفن في مقابر المسلمين ولا أسف ولا أسى عليه, هنا لاحظ الإمام ابن تيمية قضية عملية ظاهرة لا يتصور أنه إنسان يؤثر الموت على الحياة مع الصلاة إلا إذا كان ذو عقيدة كافرة في قلبه كالشيوعيين وأمثالهم.
فحينئذ هذا يقتل كفرا ولا يدفن في مقابر المسلمين, هذا التفصيل هو الذي ينبغي أن يقال في كل الأعمال التي قد يكون في بعضها قد جاء النص الصريح على أن عمله كفر كالصلاة مثلا وكقتال المسلم لأخيه المسلم ونحو ذلك فيمكن أن يكون كفره كفرا اعتقاديا على التفصيل السابق فيقتل كفرا لا حدا ويمكن أن يكون كفره عمليا فحينئذ عمله عمل الكفار واعتقاده اعتقاد المسلمين فتترجح هنا العقيدة على فعله وهذا شأن كثير من العصاة اليوم الذين يأكلون الربا يأكلون أموال الناس بالباطل كالرشوة ونحو ذلك يسرقون يزنون كل هذه معاصي فبعضها يكون بالكبائر, هل يحكم عليهم بالكفر, لا بد من التفصيل السابق, هذا الذي أدين الله به والله تبارك وتعالى أعلم, نعم.

(187/19)


«
من يقاتل المسلمين ثم إذا أسر قال لايجوز لكم قتلي لأني مسلم فبماذا يرد عليه؟»
السائل: في مقابلة في مجلة المجاهد بأن الذين يقاتلوا الأفغان الشيوعيين بأنهم إذا قالوا لا إله إلا الله فلا يقتلون لأنه يقول لا إله إلا الله ويصلون ويزكون إلى غير ذلك فالآن الموجود من المجاهد, من المجاهدين الذين يقاتلون الموجود في أفغانستان غالبهم على هذه الشاكلة يقولون نحن مسلمون ونحن نقول لا إله إلا الله ونحن بنصلي فلماذا تقاتلون أيها المجاهدون والنجيب بنفسه يقول أنا مسلم ولا أقبل أحد معي جندي إلا وهو يصلي فلماذا تقاتلون إنما أنتم اتبعتم هؤلاء الوهابيون الذين يقاتلون وكذا وكذا و ... هؤلاء العرب, فكيف نقول لهؤلاء؟
الشيخ: وهذا إشكال عندك؟
السائل: إي نعم لأنه الآن ... المجاهدون يقاتلون فيهم, كيف يقاتلون مسلمون؟ وأنت تقول يا شيخ؟
الشيخ: إذا كان إشكال عندك مو بس عند نجيب فهذه مشكلة كبيرة أما إذا كانت عند نجيب فلا إشكال لأنه رجل رضي بقتال المسلمين لأنهم يطلبون الحكم بما أنزل الله فهو في رأيك أنت بقى مادام الكلام معك مو مع نجيب فهو باغي وإلا ليس بباغي؟
السائل: باغي.
الشيخ: أكثر من باغي كمان وما رأيك في قوله تعالى ((وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما)) هل طلب نجيب للصلح لما كان قويا فأبى؟
السائل: أبى.
الشيخ: أبى ((فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله)) فإذا كان نجيب باغيا بل كافرا فهل هناك إشكال في شرعية قتاله؟ لو صدر هذا من نجيب لكان غير مقبول منه فكيف من مسلم؟
السائل: الآن تقول أنت في المجلة أنه لا يقتل أي شخص يقول لا إله إلا الله لا يقتل.
الشيخ: مين يقول؟
السائل: في المجلة في المقابلة لك أنت.
الشيخ: أي مجلة؟
السائل: مجلة المجاهد.
سائل آخر: في الإمارات العام الماضي المقابلة مع الشيخ ... السبت مجاهد.
الشيخ: إيه يعني أنا أفتي.
السائل: أي نعم.
الشيخ: طبعا إذا, لأنه الصورة التي طرحت وطرحت علي أيضا في هذه الرحلة حينما يقع الأسير الشيوعي تحت يد المسلمين وقبل أن يقع تحت يد المسلم يرفع راية الإسلام فيقول أشهد أن لا إله إلا الله, هذه الصورة أنا أقول لا يجوز قتله لأني سأقول الآن افترض عشرة من هؤلاء عشرين مائة مائتين إلخ ...
أنفسهم تحت ضربة سيف المسلم أو بندقيته أو نحو ذلك رفع راية الإسلام, ألا يمكن أن يكون فيهم واحد على الأقل من بين هؤلاء العشرة أو العشرات أن يكون حقيقة قالها من قلبه, يمكن؟ طيب فحينئذ ألا يمكن على التعيين كل من قال في هذه الصورة لا إله إلا الله الاحتمال السابق لا يزال قائما كما كان في عهد الرسول عليه السلام الذي أنكر على الذي قتل المشرك حينما رأى نفسه تحت ضربة السيف قال أشهد أن لا إله إلا الله فما بالاه وقتله فأنكر الرسول عليه واحتج الصحابي كما يحتج الآن بعض الناس بالنسبة لهؤلاء الشيوعيين أنه ما يقولونها إلا خلاصا من القتل, هذا هو جواب الرسول عليه السلام, هلا شققت عن قلبه؟ فحينئذ مادام فيه احتمال أن هذا الشيوعي الذي يقول أشهد أن لا إله إلا الله قالها عن عقيدة فلا يجوز قتل الجميع مع احتمال أن يكون هذا الواحد قد قالها عن عقيدة وإخلاص, فهذا هو الأصل لكن لا يجوز معالجة بقى على أساس مخالفة الشرع وتطريق احتمالات على هذا الحكم الشرعي وإنما هذا الذي قال هذه الكلمة يوضع في مكان ويراقب حتى لا يستغل نفاقه إن كان قالها نفاقا, هذا أدين الله به ولا شك فلا سبيل لنا إلا إلى هذا.
السائل: أحسن الله إليك يا شيخ, ذهب أحد الإخوان إلى مجموعة من الإخوان إلى مكان قريب منهم وبدون أن يكون مثل الأسرى ولا شيء ورأهم يتوضؤون لكي يؤدوا الصلاة ولم يقع في أسر ولا شيء.
الشيخ: إيه هذا.
السائل: فهل نقاتلهم؟
الشيخ: مادام يقاتلون يا أخي بارك الله فيك سبق الجواب عن هذا.
السائل: يقاتلون؟
الشيخ: مادام يقاتلون المسلمين وهم بغاة فالسؤال الآن تطور نقاتلهم انتهينا من هذا السؤال, يقاتلون لأنهم بغاة!
السائل: نحن نقاتل لأنهم كفار ليس لأنهم بغاة!
الشيخ: لا.
السائل: هذا الذي ندين الله عز وجل بأنهم كفار.
الشيخ: يا أخي أرجوك أن تثبت على شيء, هؤلاء قلنا إما أنهم كفار وإما أنهم بغاة مش هيك؟ فلما وقع الأسير منهم في يد المسلمين فهؤلاء لماذا يقتلون, قلت أنت حكاية عن نجيب ونحن نشهد أن لا إله الله جوابنا لإقامة الحجة على هؤلاء إن كنتم صادقين أنكم مسلمون حقا فأنتم بغاة وإلا فأنتم كفار ثم أنا أقول عقيدة كنت أقولها في الشام وفي الأردن ولا أزال أقولها كثير من المسلمين إن كانوا شيوعيين أو كانوا بعثيين هم لا يكونون بعثيين ولا شيوعيين عقيدة وإنما مصلحة دنيوية عاجلة, هذا نحن نعرفه في سوريا وفي غير سوريا.
سائل آخر: ... .
الشيخ: وفعلا يصلون ويصومون إلخ لكن الدنيا فتنتهم فلا نستطيع أن نقول عن كل فرد أنه كافر يكفينا أنهم يقاتلوننا فنقاتلهم على الأقل أنهم بغاة والأن انصرفوا إلى الصلاة.

(187/20)


«
هناك أحاديث في المسند في الترهيب من الذهب المحلق لماذا لم تذكرها في آداب الزفاف؟»
السائل: فضيلة الشيخ هل هناك أحاديث في المسند في الترغيب من الذهب المحلق عن أسماء بنت يزيد من رواية شهر بن حوشب وغيره لم تذكرها في آداب الزفاف هل لأنك لم تستوعب كل ما عندك أم لأنك لم تقف عليها أم أنها ليست من القوة بحيث تصلح للاستشهاد؟
الشيخ: سامح الله النساء لقد ذكرت حديث شهر بن حوشب وبينت ضعفه فعليهن بمراجعة آداب الزفاف الطبعة القديمة فضلا عن الطبعة الجديدة.

(187/21)


«
هل يمكن أن يتزوج الإنسي بالجنية ثم هل يجوز ذلك؟»
السائل: هل يجوز أن يتزوج.
الشيخ: لا لا تسجّلوا, ليس هل يجوز شرعا؟
السائل: نعم.
الشيخ: وإلا مصر على سؤالك؟
السائل: لا أنت عرفت المضمون؟
الشيخ: عرفت أنا المضمون والمضمون الذي عرفته دل على أنه سؤالك خطأ وإلا صواب؟
السائل: المضمون الذي عرفته أنت, ما عرفت المضمون الذي عرفته أنت.
الشيخ: كيف؟
السائل: ... مضمون ماذا ... المضمون الذي عرفته.
الشيخ: سبحان الله, أنا أقول لك بلسان عربي مبين لا بلسان ألباني مهين قلت لك تعني لا يجوز شرعا أم لا يمكن أن يقع زواج إنسي بجني؟
السائل: الذي بلغني أنه يمكن أن يحصل زواج لكن أسأل هل يجوز شرعا؟
الشيخ: إذًا هذا هو الجواب فأنت مصر, أنت بتقول عرفت المضمون, أنا ما عرفت المضمون, الآن عرفت المضمون, عرفت أنه يمكن بنص من القرآن؟ بنص من السنة؟ من أين عرفت إذًا؟
السائل: سمعت الشيخ الشرقاوي تكلم عن هذه المسألة في شريط.
الشيخ: فقال؟
السائل: تحدث عن شخص أراد أن يتزوج جنية وأيضا هناك أحد الإخوة أخبرني أن مالك سئل هذه المسألة.
الشيخ: مين؟
السائل: أحد الإخوة أخبرني ما اطلعت عليها بعيني لكن أخبرني أن مالك سئل قال لا لكي لا تأتي الزانية فتقول تزوجت جنيا
الشيخ: مالك الإمام مالك؟
السائل: ما ... بس ما رأيته.
الشيخ: أنا أقص لك الآن ما قرأته في ترجمة الصوفي الكبير محي الدين ابن عربي النكرة, تعرفه؟
السائل: نعم.
الشيخ: إيه, هذا كان في دمشق, كان يقول بأنه لا يمكن أن يتزوج الإنسي بالجنية لاختلاف الطبيعة فرئي يوما وقد عصب جبينه بعصابة فسئل عن السبب فأجاب بأنه اختلف هو وزوجته الجنية فرمته بالقبقاب فأصابته في جبهته أو جبينه فهذه العصابة هي لهذا السبب.
اتهمه الذهبي بالكذب لأنه من قبل كان يقول هذا لا يمكن لاختلاف الطبيعة وإذا الآن بيقول أنا متزوج جنية واختلفت أنا وإياها ورمتني بالقبقاب!.
الآن إذا كان المقصود بتزوج الإنسي بالجنية أو الجني بالإنسية فإما أن يكون المقصود أنهما يتزاوجان والجني أو الجنية على طبيعته وليس قد تشكل بجنس البشر لأنه يستطيع ذلك, فإن كان بالمعنى الثاني ممكن أما بالمعنى الآخر الأول لا يمكن لأنه خلق من نار وخلق بنو آدم من تراب, فكيف يعقل حينئذ إمكانية التزاوج بين المختلفي طبيعة الخلق, هذا من نار وهذا من طيب ولذلك إن أمكننا أن نصل إلى حقيقة واقعية أنه حصل تزاوج بينهما فذلك يكون بعد أن يتطور الجني إلى إنسي أو إنسية أما مع البقاء على الأصل هذا لا يعقل, مع عدم وجود في الكتاب والسنة مثل هذا التزاوج.

(187/22)


«
جاء في بعض الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقر بعض التغييرات في بعض ألفاظ الآيات مالم تبدل آية رحمة بآية عذاب كيف تفسر ذالك؟»
السائل: أنزل القرآن على سبعة أحرف, ورد في أحاديث كثيرة وبعضها مذكورة في سلسلة الأحاديث الصحيحة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعني يجيز أن تغير الألفاظ إذا دلت على معنى واحد وكان كتبة الوحي يسترجعون النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الآيات فيقولون له مثلا سميع عليم أو حكيم خبير فيقول كل ذلك أيما كتبته صحيح وغيرها من الأمثلة؟
الشيخ: ما لم يبدل آية رحمة بأية عذاب.
السائل: ... الحديث هذا وغير هذا يعني المعنى الحديث هذا يا شيخ مع العلم أنه ابن عبد البر قرأت بن عبد البر وغيره الطبري يقولون بأن الموجود الآن عندنا هو حرف واحد فقط وباقي الحروف أحرق في عهد عثمان رضي الله عنه؟
الشيخ: ... هذا هو يعني الآن ما عندنا إلا لغة قريش.
السائل: طيب شيخ القراءات هذه كيف يعني؟
الشيخ: أي قراءات؟
السائل: اختلاف مثلا في الألفاظ.
الشيخ: الاختلاف هذا المذكور.
السائل: أي نعم.
الشيخ: اختلاف الموجود اليوم ليس من هذا القبيل.
السائل: أي صحيح ما هو من هذا القبيل لكن.
الشيخ: أي هذا هو.
السائل: كيف يفسر؟
الشيخ: يفسر أنه هذا مما أقر يعني وليس مما أحرق والله أعلم.
السائل: مسألة فيها إشكال من حيث الشبهات؟
الشيخ: شو الشبهات التي ترد؟
السائل: يعني كون ... القرآن الذي أنزل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كله يعني.
الشيخ: أنزل بعد وجود, هذا صريح شو الإشكال؟ تفضل.

(187/23)


«
مضاعفة الصلاة في الحرم هل هي في جميع الصلوات أوفي الفريضة فقط؟»
السائل: فضيلة الشيخ الصلاة المضاعفة في الحرم هل هي عامة في الصلوات أم في الفريضة فقط, ما تحقيقكم في المسألة؟
الشيخ: جوابي على هذا السؤال أنها عامة أي أن قوله عليه السلام (صلاة في مسجدي هذا بألف صلاة مما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام) فالصلاة فيه بمائة ألف صلاة تشمل أو يشمل هذا الحديث الفريضة والنافلة وإذا كنا مستحضرين أن صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في مسجدها فحينئذ إذا صلت في المسجد الحرام أنه يكتب لها نفس المضاعفة التي تضاعف للرجال لأنها صلت في هذا المكان المقدس ولكنها إذا صلت في بيتها فيكتب لها نفس الأجر وزيادة فضيلة البيت كما قلته آنفا يكتب لها مائة ألف صلاة زايد على الأقل عشر حسنات لأن الحسنة بعشر فأكثر وهذا يوصلنا إلى القول هل صلاة السنة بالنسبة للرجال فضلا عن النساء في المسجد أفضل وإلا في الدّار إذا ذكرنا قوله عليه السلام (أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة) نقول صلاة الرجل لغير الفريضة في المس, في مكة وفي المدينة أفضل له من صلاته في المسجدين وإذا كانت الصلاة في المسجدين لها تلك الفضيلة وكان صلاته للنافلة في البيت أفضل فنخرج بالنتيجة السابقة أن صلاة الرجل للنافلة في بيته أفضل من صلاته في المسجد النبوي أو في المسجد الحرام, هذا هو الجواب.

(187/24)


«
حديث حذيفة رضي الله عنه في قوله " ... وهل بعدهذا الشر من خير؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: نعم وفيه دخن ... "ما رأيكم فيمن يفسر الدخن بالتمثيليات والأناشيد وتقليد لباس الغرب؟»
السائل: يا شيخ حديث حذيفة, حذيفة بن اليمان كنا في جاهلية وشر فأتى الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر قال (نعم) ثم قال وهل بعد هذا الشر من خير قال (نعم وفيه دخن) قال وما دخنه قال (قوم يهدون بغير هديي ويستنون بغير سنتي) , يا شيخ ما رأيكم في ها الصفة الدخن بالدعوة بالتمثيليات والأناشيد وتقليد لباس الغرب؟
الشيخ: بلا شك هذا دخن مضاعف لأنه دخل على المسلمين في العصور المتأخرة ثم هم الذي أفهمه من الدخن هنا هو التقصير في تطبيق الأحكام الشرعية في بعضها يعني لكن أولى وأولى أن يكون دخن إذا ابتدعوا بدعا كثيرة وتقربوا بها إلى الله عز وجل فأشد ما تكون هذه البدعة ضلالة أن تقوم مقام تلاوة القرآن الكريم, وهذا كما كان قديما بين الصوفية حيث كانوا يتغنون بأناشيدهم الصوفية ويستغنون بها عن التغني بالقرآن فهذا سيعيد التاريخ نفسه وسيصبح الشباب ينصرفون عن تلاوة القرآن وعن التغني به إلى التغني بالأناشيد التي يسمونها بالأناشيد الدينية أو الإسلامية.

(187/25)


«
ما رأيكم في الدعاء بأطال الله عمرك؟»
السائل: كانوا يكرهون الدعاء بأطال الله بقاءك, هذا اطّلعتم على شيء من هذا؟ كان إذا دعي لهم بهذا الدعاء يقولون هذا شيء مقدر ويكرهون ذلك؟
الشيخ: أنا ما اطّلعت على هذا ولو اطّلعت لما تبنيت لأنه خلاف ما صح من قوله عليه السلام.
السائل: عليه الصلاة والسلام.
الشيخ: (من أحب أن ينسأ له في أجله ويوسع له في رزقه فليصل رحمه) وقد دعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأنس بن مالك بكثرة الرزق وطول العمر في بعض الروايات الصحيحة ولذلك فلا أرى أنا الدعاء بطول العمر وإن كان هذا غير مستعمل في أكثر البلاد العربية إلا في هذه البلاد لكن الحقيقة السّنة معهم وأنا حينما أسمع الدّعاء من رسول الله صلى الله عليه وسلم بطول العمر لخادمه أنس فلا شك أنه يعني بذلك طول العمر بالعمل الصالح مقرونا بالعمل الصالح فقد قال عليه الصلاة والسلام (خيركم من طال عمره وحسن عمله وشركم من طال عمره وساء عمله) فالحديث الأول الذي ذكرناه (من أحب أن ينسأ له في أجله ويوسع له في رزقه فليصل رحمه) فيه حضّ على تعاطي الأسباب الشرعية التي تكون سببا لأمرين اثنين الأول طول العمر والآخر سعة الرزق, فتأويل بعض العلماء لهذا الحديث بأنه ليس المقصود ظاهره فهذا أشبه بالتعطيل لبعض آيات الصفات وأحاديث الصفات لأن الحامل لهم ظنهم أن ظاهر الحديث هذا لو أخذنا به فنخالف ما هو مقطوع عند المسلمين بأنّ كلا من الرزق وطول العمر محدود في اللوح المحفوظ ومؤكد حينما ينفخ الروح في الجنين وهو في بطن أمه ولكن ذلك لا يعني أن لكل من هذه الخواتيم من طول العمر وسعة الرزق أسباب كالسعادة وكالشقاوة تماما فكما أن الله عز وجل جعل لكل من السعادة والشقاوة سببا فسبب السعادة الإيمان بالله وسبب الشقاوة الكفر به تبارك وتعالى كذلك جعل أسبابا لطول العمر وسعة الرزق لكن هذا لا يعني أن ذلك غير مقدر كل شيء بقدر كما قال عليه الصلاة والسلام (كل شيء بقدر حتى العجز والكسل) فإذا كما يجب على المسلمين أن يتخذوا السبل المؤدية بهم إلى السعادة والابتعاد عن الطرق المؤدية بهم إلى الشقاوة كذلك عليهم أن يتخذوا.

(187/26)


«
كلام الشيخ على مسند الإمام أحمد رحمه الله
الشيخ: وبخاصة منها مسند الإمام أحمد الذي هو فيما بين أيدينا اليوم من الأسانيد أوسع وأغزر مسانيد ما ذكر, وفيما يذكره أهل العلم لا يوجد أوسع منه إلا مسند بقي بن مخلد أو مخلّد وهذا مع الأسف لا يزال في عالم المخطوطات ففيما بين أيدينا اليوم من مسند الإمام أحمد الجزء الثاني المجلد الثاني منه يبلغ نحن ستمائة صحيفة النصف الثاني منها خاص فقط لمسند أبي هريرة والنصف الأول يجمع مسانيد عبد الله بن عمر بن الخطاب وعبد الله بن عمرو بن العاص وصحابي ثالث معروف بكنيته ألا وهي أبو رمثة فمسانيد هؤلاء الثلاثة تشكل النصف الأول من المجلد الثاني من مسند الإمام أحمد والنصف الثاني كله مسند أبي هريرة.

(188/1)


«
ذكر الشيخ لسبب كثرة مرويات أبي هريرة
الشيخ: فأحاديث أبي هريرة تكاد تبلغ خمسة ستة آلاف تقريبا أو تزيد قليلا أو تنقص وأما أحاديث عبد الله بن عمر فهي ممكن تبلغ ألف وألف وخمسمائة أو نحو ذلك فهي على كل حال أقل من نصف أحاديث أبي هريرة والسبب باختصار هو اجتهاده واكتفاؤه من الطعام والشراب واللباس على الشيء الضروري والسبب الثاني دعاء الرسول عليه السلام وهذا أقوى الأسباب له والسبب الثالث أنه كان يجمع الأحاديث من الصحابة وهذا السبب في الواقع سبب واضح جدا لأننا نجد الإمام أحمد من بين الأئمة الأربعة نجده أكثرهم حديثا لماذا؟ لأنه طاف على علماء الحديث في أقطار البلاد الإسلامية وغيرهم فجمع منهم ما لم يجمعه الآخرون فكان هو وإن كان متأخرا عنهم كان أكثر منهم حديثا.
إذًا هذا الحديث يعطينا معنى الحكمة المعروفة " من جدّ وجد " " وبقدر الكد تكتسب المعالي " فإذًا نأخذ من هذا الحديث عن أبي هريرة أمرين اثنين وهي والأول منهما ما له علاقة بصلب الموضوع وهو قناعة الصحابة بالعيش القليل وعدم انصرافهم إلى التمتع بالدنيا وإن كان هذا التمتع مباحا.
والشيء الآخر الذي نأخذه أن الإنسان باجتهاده وبتخصصه في أمر ما ينبغ فيه ويتفوق فيه على الآخرين ولو كانوا أقدم منه علما وأكبر منه سنا.

(188/2)


«
شرح الشيخ لأثر محمد بن سيرين قال: كنا عند أبي هريرة رضي الله عنه وعليه ثوبان ممشقان من كتان فمخط في أحدهما ثم قال " بخ بخ ... لقد رأيتني وإني لأخر فيما بين منبر رسول صلى الله عليه وسلم وحجرة عائشة من ا»
الشيخ: الحديث التالي وهو صحيح أيضا قال وعن محمد بن سيرين قال كنا عند أبي هريرة رضي الله عنه وعليه ثوبان ممشقان من كتان فمخط في أحدهما ثم قال بخْ بخْ يمتخط أبو هريرة في الكتاب, لقد رأيتني وإني لأخَر مما بين منبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وحجرة عائشة من الجوع مغشيا علي فيجيء الجائي فيضع رجله على عنقي يرى أن بي الجنون وما هو إلا الجوع رواه البخاري والترمذي وصححه المِشق بكسر الميم المغرة وثوب ممشق مصبوغ بها, والمَغْرَة هذا من العجائب التي نسمعها هو الطين الأحمر فكانوا يصبغون ثيابهم بالطين الأحمر نوع من المهنة يومئذ ويبدو أن هذا اللون جميل ولذلك يقول أبو هريرة إيه بخٍ بخٍ يمتخط أبو هريرة في الكتان, رئي أبو هريرة وعليه ثوبان ممشّقان يعني مصبوغان بلون أحمر من كتان فمخط في أحدهما ثم قال بخ بخ يمتخط أبو هريرة في الكتان كناية أن أبا هريرة تغيرت أحواله المادية عما كان عليه في عهد النبوة والرسالة حيث أنه صار أميرا وصار واليا في بعض الأماكن وكثرت الفتوحات الإسلامية التي كانت سببا ليكثر الخير الوارد بسبب هذه الفتوحات إلى المسلمين خاصة الولاة منهم فكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه وسائر الخلفاء يعطون الوالي من الراتب أكثر مما يأخذه أي فرد سواه, فأبو هريرة رئي وعليه ثوبان من كتان مصبوغين بالحمرة ثم جاء له بصاق فتمخط في أحد ثوبيه ثم تذكر كيف كانت حالته في عهد النبي عليه السلام فقال مبشرا نفسه بخ بخ متعجبا من حاله السابق وحاله الحالية قال يمتخط أبو هريرة في الكتان, يصف كيف كان بعد أن ذكر ما عليه صار لقد رأيتني وإني لأخر فيما بين منبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وحجرة عائشة من الجوع مغشي علي ليس هناك ما يجد من الطعام ما يسد به جوعه فيجيء الجائي فيضع رجله على عنقي يرى يظن أن بي الجنون وما هو إلا الجوع.
هذا الحديث ليس فيه شيء جديد إلا ناحية واحدة تخطر في بالي وهي أن المسلم إذا انصرف بهمته إلى الدين عن الدنيا فالله عز وجل يرسل الدنيا إليه وهي صاغرة ومن هنا من مثل هذا الحديث أخذ بعض السلف فقال " إن كنت تريد الآخرة فعليك بالعلم وإن كنت تريد الدنيا فعليك بالعلم " طبعا هو لا يعني أن يتخذ أحدنا العلم مهنة يعتاش بها فهذا كما نعلم جميعا لا يجوز في الإسلام لأنّ العلم عبادة وكل عبادة يتعبد المسلم بها ربه لا تكون هذه العبادة عبادة مقبولة إلا إذا أخلص لله عز وجل فيها كما قال الله عز وجل, ((قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا)) ولا يشرك بعبادة ربه أحدا أي لا يطلب بأي عبادة ربه إلا وجه الله تبارك وتعالى وهذا بحث طويل قد كنا تعرضنا له مرارا لا سيما في أول كتابنا هذا الترغيب والترهيب باب خاص للإخلاص لله عز وجل, وإنما يعني ذلك القائل ومن أراد الدنيا فعليه بالعلم أن العلم باعتباره باعتبار كونه علما فهو سبب لكل خير عاجل أو آجل وخلاصة القول أن المسلم إذا طلب العلم لوجه الله تبارك وتعالى فالله عز وجل يجازيه على ذلك في الدنيا قبل الآخرة لأنه طلب الخير إرضاء لله عز وجل فالله عز وجل يرضيه بأن يعطيه من الدنيا ما يغنيه عن الناس أما في الآخرة فكما قال تعالى ((والآخرة خير لك من الأولى)).

(188/3)


«
شرح الشيخ لحديث فضالة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى بالناس يخر رجال من قامتهم في الصلاة من الخصاصة وهم أصحاب الصفة ... "»
الشيخ: الحديث الذي بعده صحيح أيضا وهو قوله وعن فضالة بن عبيد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا صلى بالناس يخر رجال من قامتهم في الصلاة من الخصاصة وهم أصحاب الصفة حتى يقول الأعراب هؤلاء مجانين أو مجانون فإذا صلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم انصرف إليهم فقال (لو تعلمون ما لكم عند الله لأحببتم أن تزدادوا فاقة وحاجة) رواه الترمذي وقال حديث صحيح وابن حبان في صحيحه, الخصاصة بفتح الخاء المعجمة وصادين مهملتين هي الفاقة والجوع.
يقول فضالة بن عبيد أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا صلى بالناس يخر رجال من قامتهم في الصلاة من الخصاصة من الجوع ترتخي أعصابهم فلا يملكون أنفسهم فيخرون يقعون على الأرض رغما عنهم وهم أصحاب الصفة فإذا رأهم بعض الأعراب الذين لا يعرفون حال هؤلاء الصحابة وشدة فقرهم قالوا هؤلاء مجانين أو مجانون المعنى واحد لكن الراوي يشك هل قال فضالة مجانين أو مجانون وهو جمع شاذ كما يقول أهل اللغة, فإذا صلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم انصرف إليهم يعزيهم ويسليهم بل ويصبرهم فيقول لهم عليه الصلاة والسلام (لو تعلمون ما لكم عند الله لأحببتم أن تزدادوا حاجة وفاقة) هل في هذا الحديث حض على أن يتقصد المسلم الفقر للفقر أم ماذا؟ قد يظن بعض الناس أن الأمر كذلك وليس كذلك وإنما في هذا الحديث تسلية لمن قد يصاب بشيء من الفاقة والحاجة ولا يجد هناك ما يسد عوزه ورمقه فحينئذ يجد هذه الأحاديث هي الدواء والشفاء له وهي التي حينئذ تصرفه عن أن يكون عالة على غيره أو كلا على الناس.
هذا الذي نفهمه من هذه الأحاديث وإلا فالفقر نفسه في كثير من الأحيان يكون وبالا على صاحبه لأنه يحتاج إلى كثير من الصبر والرضا بالقضاء والقدر وهذا ما لا يستطيعه كثير من الناس ...
ولذلك كان مما كان يستعيذ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم الفقر كان يقول (أعوذ بك من الفقر) والسبب هو ما ذكرنا أن كثيرا من الناس لا يصبرون على شظف العيش أما أن يتقصد الإنسان أن يكون فقيرا فهذا ليس من الإسلام في شيء إطلاقا ذلك لأن الفقر إنما يأتي الإنسان إذا كان مشغولا بشيء يمدح عليه صاحبه شرعا كما تقدم معنا في وصف أبي هريرة في حالته من الجوع والفقر, أما أن يعيش هكذا في زعمه متوكلا على الله وهو في واقع أمره متواكل متواكل على الناس وعلى جيوبهم وصدقاتهم فهذا ليس مما يرغب فيه الإسلام بل لقد جاء في القرآن قول الله تبارك وتعالى ((وتزودوا فإن خير الزاد التقوى)) يعني تزودوا الزاد المادي إذا ما خرجتم من بلادكم من آمّين البيت الحرام قاصدين الحج أو العمرة فتزودوا ولا تتكلوا على زاد الرفقة الذين أنتم تسافرون معهم.
ولذلك قال عليه الصلاة والسلام (اليد العليا خير من اليد السفلى) واليد العليا هي المعطية واليد السفلى هي الآخذة فالغني القائم بالواجب هو أحب إلى الله عز وجل إذا قوبل بفقير الصابر لكن لا يقال الغني الشاكر أفضل من الفقير الصابر لأنه فاضل بين إنسان وأخر لا يكون بالنسبة لناحية واحدة هو الغني للغني والفقر للفقير وإنما يكون بما اجتمع في كل من الشخصين من حسنات ومن طاعات وعبادات فمن كانت عبادته أكثر فهو عند الله أفضل لكن إذا قوبل الفقر مع الغنى وكل منهما واقف في حدود الشرع فالظاهر أن الغنى سعة دائرة الخير فيه أكثر من رضى الفقير وصبره على فقره, ومن هنا تروى قصة قد تكون صحيحة أو لا تكون وإنما فيها عبرة يقولون بأن رجلا من أولئك الزهاد المشهورين بالصوفية خرج سائحا في البرية كما هي عادتهم علما بأن مثل هذه السّياحة بأن مثل هذه السياحة ليست مشروعة والأمر كما قال عليه الصلاة والسلام (سياحة أمتي الجهاد في سبيل الله) الخروج هكذا في البراري يعيش الإنسان مع الوحوش ويدع بني جنسه ولا يتعامل معهم فهذا أقل ما يقال أنه خالف حديث الرسول عليه السلام المعروف من حديث ابن عمر (المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم) فهذه السّياحة التي تذكر عن الصوفية هي سياحة غير شرعية فزعموا أن أحدهم خرج كعادتهم ثم مازال يمشي ويمشي حتى جاع وتعب فلجأ إلى خربة وإذا به يطل منها على خربة أخرى فرأى أسدا يأتي يحمل بين فكّيه فريسة له يقدمها إلى كلبة جاثية هناك باركة فقال هذا الرجل سبحان الله سبحان الرزاق كيف سخّر هذا الأسد لهذا الكلب قال فسمع هاتفا يقول له كن أسدا ولا تكن كلبا.
وهذا المغزى من هذه القصة هو واضح جدا من عشرات الأحاديث وقد أسمعتكم بعضها (اليد العليا خير من اليد السفلى) (المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم).

(188/4)


«
شرح الشيخ لأثر أبي هريرة رضي الله عنه قال" لقد رأيتنا ومالنا ثياب إلا البرد المتفتقة وإنه ليأتي على أحدنا الأيام ما يجد طعاما يقيم به صلبه ... "»
الشيخ: وصل بنا الدرس الماضي من الأحاديث الثابتة في كتاب الترغيب والترهيب إلى الحديث الستين أو الواحد والستين وهو حديث صحيح قال رحمه الله وعن عبد الله بن شقيق قال أقمت مع أبي هريرة رضي الله عنه بالمدينة سنة فقال لي ذات يوم ونحن عند حجرة عائشة لقد رأيتنا وما لنا ثياب إلا البرد المتفتقة وإنه ليأتي على أحدنا الأيام ما يجد طعاما يقيم به صلبه حتى إن كان أحدنا ليأخذ الحجر فيشد به على أخمص, على أخمص بطنه ثم يشده بثوبه ليقيم صلبه, رواه أحمد ورواته رواة الصحيح.
ليس في هذا الحديث شيء جديد بالنسبة للأحاديث السابقة, ويؤكد ما ورد في بعض الأحاديث المتقدمة وبصورة خاصة عن أبي هريرة رضي الله عنه ما كانوا عليه من شظف العيش الشديد حتى كان أحدهم لا يجد ما يقيم به صلبه أي لا يجد القوت الضروري فضلا عن الإدام ونحوه من الكماليات.

(188/5)


«
شرح الشيخ لحديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: " نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الجوع في وجوه أصحابه فقال " أبشروا ... " الحديث»
الشيخ: فالحديث الذي بعده صحيح أيضا وهو قوله وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال نظر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى الجوع في وجوه أصحابه فقال (أبشروا فإنه سيأتي عليكم زمان يغدى على أحدكم بالقصعة من الثريد ويراح عليه بمثلها) قالوا يا رسول الله نحن يومئذ خير قال (بل أنتم اليوم خير منكم يومئذ) , رواه البزار بإسناد جيد وهو كما قال المصنف.
في هذا الحديث ناحية لغوية قد تفيدنا قد يفيدنا الانتباه لها وقد يربطنا ذلك بنواحي أخرى تتعلق بالعقيدة, يقول ابن مسعود نظر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى الجوع في وجوه أصحابه فهل الجوع شيء يرى؟ طبعا لا ولكن يكون المعنى بداهة نظر إلى أثر الجوع فإذًا هنا مضاف محذوف والمضاف المحذوف معروف في اللغة وأدابها.

(188/6)


«
رد الشيخ على بعض المؤولة في تأويلهم لبعض صفات الله تعالى
الشيخ: ومن هنا ننتقل إلى ما أشرت إليه آنفا من أن لمثل هذا البحث صلة بالعقيدة فهناك آيات الكتاب الكريم وأحاديث في السنة الصحيحة تأتي جمل وعبارات ينصرف كثير من الخلف عن تفسيرها على ظاهرها بطريق يشبه هذه الطريق من التأويل ومن تقدير للمضاف المحذوف فمثلا (ينزل الله تبارك وتعالى في كل ليلة إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل ... ) إلى آخر الحديث وكقوله عز وجل في القرآن الكريم ((وجاء ربك والملك صفا صفا)) فللعلماء هنا موقفان الموقف الأول وهو الموقف الصحيح تفسير هذه النصوص من الكتاب والسنة المتعلقة بصفات الله عز وجل على ظاهرها بدون تأويل, جاء ربك أي ربك, المثل الثاني وهو خطأ بلا شك لمخالفته لمنهج السلف ((وجاء ربك)) أي جند ربك مثلا أو عذاب ربك أو نحو ذلك من التقديرات لمضافات محذوفة كذلك تأوّل هؤلاء الخلف خلافا لمذهب السلف الحديث السابق الذكر وأمثاله ينزل الله فقالوا الله ... وإنما ينزل الله أي رحمته فقدروا أيضا هنا مضافا محذوفا فالذي أريد أن نقوله الأن بشيء من الإيجاز والاختصار هو أنه وإن كان تقدير المضاف المحذوف معروفا في اللغة العربية وهذا هو المثال واضح بين أيديكم, رأى الجوع في وجوه أصحابه قلنا رأى أثر الجوع كذلك في القرآن ((واسألوا القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها)) أيضا أهل القرية فهنا مضاف محذوف فأقول وإن كان هذا معروفا في اللغة العربية فلا بد من وضع ضابطة وقاعدة متى يجوز أن يقدّر المضاف المحذوف ومتى لا يجوز وإلا صار الأمر فوضى, و ... هذه القاعدة قد وضعها علماء اللغة وليس علماء السلف فقط ولكن الفرق أن الذين وضعوا هذه القاعدة من الخلف لم يلتزموها تطبيقا وعلما, القاعدة العلمية اللغوية تقول الأصل في كل عبارة الحقيقة لا المجاز إلا إذا تعذرت الحقيقة فحينذاك يكون تعذر الحقيقة أي يكون عدم إمكان تفسير الجملة العربية على حقيقتها وعلى ظاهرها دليلا صارفا إلى تفسير العبارة بالمجاز, ذكروا هذا وهذا هو الضابطة والقاعدة كما أشرنا لكن لم يلتزموها إلا من نهج منهج السلف وها نحن الآن بين بعض الأمثلة المعلقة بالله عز وجل وصفاته فهم أولوا ((جاء ربك)) بجاء عذاب ربك مثلا أولوا ((يد الله)) فقالوا قدرته ونحو ذلك كثير وكثير جدا.
والحديث السابق (ينزل الله ... ) يعني رحمته, ما الذي اضطر هؤلاء ماهي القرينة الصارفة عن تفسير هذه النصوص عن الحقيقة؟ لا شيء سوى أن عقولهم ضاقت عن الإيمان بصفة من صفات الله عز وجل, هذا الله الذي لا يرى ولا يحسّ به وإنما يعلم به كذلك صفاته يقال فيها ما يقال في الذات فنحن لا نعرف الله إلا من آياته ومن آثاره فإذا كان الله عز وجل يقول عن نفسه ((وجاء ربك)) وعطف ((والملك)) فلماذا نقول جاء عذاب ربك أو جند ربك؟ نريد أن نقول الله لا يجيء لماذا؟ لأنهم يتوهمون أن الله حينما يقول عن نفسه جاء يجيء على رجلين مثلا, يجيء وهو متعب يلهث ونحو ذلك من الصفات التي تتعلق بالبشر لكن الله عز وجل لكي لا يتبادر إلى ذهن أحد مثل هذا المعنى الباطل ويتأول من أجله الجملة الحق قال ((ليس كمثله شيء وهو السميع البصير)) ((ليس كمثله شيء)) تنزيه ((وهو السميع البصير)) إثبات لصفتين من صفات الله عز وجل فهل يتبادر إلى ذهن إنسان حينما يقرأ ((وهو السميع)) أن سمعه كسمعنا؟ لا ((البصير)) أن بصره كبصرنا؟ لا, كذلك كل صفات الله عز وجل يقال فيها ليس كمثله شيء وهو القدير العليم الحكيم لكن في علمه وفي حكمته وفي صفته صفاته كلها لا يشبه شيئا من مخلوقاته سبحانه وتعالى عن ذلك.
كذلك حينما وصف نفسه بأنه جاء لماذا نتخيل أن مجيئه كمجيء البشر المخلوق العاجز فلنقل يجيء مجيئا هو يعلم حقيقة نحن لا ندري حقيقة ذاته حتى ندري حقيقة صفاته.
كذلك ينزل الله لا يستطيع هؤلاء الخلق بحكم كونه بشرا أن يدركوا حقيقة نزول الله وكل بشر كذلك فهل هذا عذر لتأويل النزول الجواب لا لأنه إن جاز تأويل صفة من صفات الله لعجز البشر عن إدراك حقيقتها هذا يؤدي إلى الجحد المطلق لوجود الله عز وجل لأنه يؤدي إلى جحد كل الصفات.
الله مثلا حي وأنا حي فهل ننكر حياة الله حتى ما يقال أنه حياته كحياتنا نحن ما نقول إن حياته كحياتنا ولا حياتنا كحياته لكن حياته ليس كحياته إذًا مجيئه ليس كمجيئنا ونزوله ليس كنزولنا لأن ذاته ليست كذواتنا, وانتهت المشكلة لذلك هذا التقدير الذي يلجأ إليه المؤولة لا دافع لهم عليه إلا تصور التشبيه ففروا من التشبيه فوقعوا في التعطيل لذلك أرجو من كل مسلم أن يحفظ هذه القاعدة من الناحية اللغوية ومن الناحية الشرعية, من الناحية اللغوية لا يجوز تفسير العبارة على غير ظاهرها بتقدير مضاف محذوف إلا لضرورة قاهرة مثلا يقول الإنسان جاء الأمير فهل يصح للسامع أن يفهم العبارة جاء خادم الأمير يعني بتقدير مضاف محذوف, هذا إذًا عطلنا وسيلة التفاهم بين الناس ألا وهي اللغة, القائل قال جاء الأمير ففهم السامع بأنه يعني جاء خادم الأمير, من أتى هذا وقال جاء الأمير فسكت فتقول أنت هو يعني جاء خادم الأمير هذه تعطيل.
هذا إذا كان البشر مثلنا فما بالنا إذا كان المتكلم هو ربنا وخالقنا سبحانه وتعالى يقول عن نفسه وما ندري عنه شيئا إطلاقا إلا ما أخبرنا بنفسه عن نفسه, يقول ((جاء ربك)) نحن نقول جاء ربنا يأتي ربنا لكن كيف؟ ... ينزل الله, ينزل حقيقة نزولا يليق بجلاله وكماله وعظمته لكن لا نعطل ... و لا نؤول, يقولون يا أخي تقدير المضاف معروف في اللغة العربية, نحن نقول نعم لكن لا بد هناك من ضرورة قاهرة, ما هي الضرورة القاهرة؟ إما أن تكون لفظية مذكورة في السّياق أو السّباق أو تكون عقلية ضرورية, مثلا الآية السّابقة ((واسألوا القرية)) كل ذي عقل ولب يعلم أن القرية لا تُسأل والعرب حينما تكلموا بهذه اللغة تكلموا بجمل ظاهرها أنها مجاز ولكنها هي الحقيقة بعينها.
وهذا هو الذي تفرد بتفصيل الكلام عليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حتى قيل عنه بأنه ينكر وجود المجاز في اللغة العربية لكن الحقيقة هو ينكر هذا المجاز الذي يسير إليه المعطلة أو المؤولة بدون حجة فهو يأتي بمثال أو بالجملة العربية المعروفة وهي "سال الميزاب" يذكره العلماء كمثال للمجاز وجرى بنحوه يقول ابن تيمية هذا تركيب ظاهره المجاز لكن هذه الجملة التي يسمونها مجازا هي تعطي المعنى الذي لا يتبادر سواه للأذهان "سال الميزاب" هل أحد من العرب يفهم ذاب؟ ذاب من شدة الحرارة مثلا الميزاب وإلا الذي يتبادر إلى أذهان كل العرب "سال الميزاب" سال ماء الميزاب إذًا هذه الجمل التي يتبادر من معانيها تقدير هذا المضاف المحذوف هو في الأصل بنيت هذه الجملة على هذا الترتيب وعلى هذا المعنى أما حينما تقول جاء الأمير فممكن يكون في هناك مضاف محذوف لأنه ممكن أن يأتي الخادم وممكن أن يأتي الأمير فهنا تبقى العبارة على ظاهرها لا تؤول بمجاز إلا إذا وجدت قرينة أما "سال الميزاب" لا يمكن أن يفهم منه أنه سال نفس الميزاب, جرى النهر والنهر هو الأخدود لا يعني التراب هذه الحفرة هي سالت وإنما سال ماء النهر.
فمقابلة هذه العبارات التي استعملت على أن المقصود منها المعنى المجازي قطعا بعبارات ظاهرها أن المراد منها حقيقتها مثل جاء فلان وذهب فلان ففلان نفسه هو المقصود بهذه العبارة من هنا قال ابن تيمية لا يجوز تأويل آيات الصفات وأحاديث الصفات بتقدير مضاف محذوف لأن هذه الآيات وهذه الأحاديث في الوقت التي تتحدث عن الله عز وجل وإذا بالمؤولة حينما تأولوا هذه الآيات والأحاديث أصبحت تتحدث عن غير الله عز وجل فالله إذا قال عن نفسه جاء وتؤول بأنه جاء الملك أو جاء العذاب أو جاءت الرحمة أو نحو ذلك صار الحديث عن غير الله تبارك وتعالى وينتج من وراء ذلك مشاكل جليّة واضحة جدا أقتصر الآن على مثال واحد في الحديث السابق, (ينزل الله تبارك وتعالى ... ) إلى آخر الحديث تأولوا النزول بنزول الرحمة فجاء الاعتراض عليه في تمام الحديث فيقول (ألا فهل من داع فأستجيب له ألا هل من سائل فأعطيه ألا هل من مستغفر فأغفر له) من الذي يقول أنا كذا أنا كذا حتى يطلع الرحمة فسد المعنى هذا كله من مفاسد تأويل النصوص الشرعية لعجز العقول البشرية عن فهم حقيقة المعنى فيما إذا تركت النصوص على ظاهرها لسنا مكلفين أبدا أن نفهم حقائق الصفات الإلاهية لأنه من المستحيل أن نتمكن من ذلك, من أين لنا بهذه العقول أن ندرك حقيقة الصفات فهل نحن أدركنا حقيقة الذات, نحن كما يقول بعض العلماء ذاتنا هذه وهي معنا ونعيش فيها ما أدركناها وما أدركنا ما فيها من حقائق كالروح مثلا فكيف ندرك الله تبارك وتعالى وندرك صفاته تبارك وتعالى هذا أمر مستحيل إذًا ليس هناك إلا الإيمان المجرد عن كل فلسفة من جهة وتعليل وإلا الإيمان بدون تأويل أو تعطيل أو تشبيه أو تمثيل وما أحسن ما قال ابن القيم رحمه الله ثم وجدت هذه الكلمة من شيخه ابن تيمية " المعطل يعبد عدما والمجسم يعبد صنما " ولذلك لا يجوز التأويل لأنه يؤدي إلى التعطيل كما أنه لا يجوز التكييف لأنه يؤدي إلى التمثيل وكله مخالف للقرآن الكريم وبصورة خاصة للآية السابقة ((ليس كمثله شيء وهو السميع البصير)) إذًا هنا في هذا الحديث نقول نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الجوع قلنا أثر الجوع لأن الجوع لا يرى فكان هذا قرينا صارفيا أن المتكلم عربي يعني أثر الجوع في وجوه أصحابه فقال عليه السلام (أبشروا فإنه سيأتي عليكم زمان يغدى على أحدكم بالقصعة من الثريد ويراح عليه مثلها) يعني غداء وعشاء, يذكرهم الرسول عليه السلام بأن الله سيوسّع عليهم وأنهم سوف لا يبقون في هذا الضيق والضنك من العيش المادي فستأتيهم الخيرات بسبب الفتوحات الإسلامية فيغدى عليهم بالقصعة من إناء كبير إلي فيه ثريد اللحم ويراح عليهم أيضا ب ... فلما سمعوا هذه البشارة المادية من الرسول صلوات الله وسلامه عليه بادروه بالسؤال وهذا مما يدل على فقه الصحابة وعلى عدم ميلهم إلى الدنيا على حساب الآخرة قالوا " يا رسول الله نحن يومئذ خير " خير هنا ليس اسما إنما هو إسم تفضيل يعني أخْيَر, يومئذ حالنا أحسن أم الآن؟ قال (لا) قال (بل أنتم اليوم خير منكم يومئذ) ليه؟
يظهر أن طبيعة هذه الدنيا لا تنفي التوسع فيها مع التقوى لله تبارك وتعالى فلا يمكن أن يستوي الكفتان للإنسان من حيث التوسع في الدنيا ومن حيث التوسع في الآخرة فالاعتدال بين أو التسوية بين الأمور الدنيا والآخرة يبدو أنه أمر مستحيل فكلما مال المسلم في طاعته وفي عبادته والاستزادة منها في حساب الآخرة نقص ميله ونقص ثمرته أيضا فيما يحصله من الكسب المادي فالعكس بالعكس لا يمكن هناك تسوية الكفين تماما وهذا الحديث مما يدلنا على ذلك, وستأتي أحاديث أخرى فهاهنا لما بشرهم الرسول صلوات الله وسلامه عليه أنه لا تأسوا الآن على تعيشوا في حياة ضنك وجوع لا تجدون القوت الضروري فسيأتي عليكم زمان قريب يأتيكم الخير أكثر من اللازم ... وكما هو واقع كثير من المسلمين اليوم حيث يطبخون الطبخة أكثر من الحاجة فيضطرون في نهاية الأمر بعد يوم يومين وربما لمّا يفسد الطعام بعد, تأنف النفس من أكل ما أكلت منه يوم يومين فيكون مصير هذا الطعام الرمي إلى الأرض, هذا فيه إسراف والإسراف إضاعة للمال كذلك بما نهى عنه الشرع كتابا وسنة لذلك الرسول صلى الله عليه وسلم قال لهم إن هذا الوضع الذي تعيشون فيه سوف يزول وسيأتي زمن قريب تأتيكم القصاع صباح مساء بالثريد فقالوا يا ترى في هذه الحال التي نحن الآن من حيث الناحية الآخروية الذي كانوا التي كانوا فيها في أحسن حال ومن الناحية الدنيوية التي كانوا في أسوأ حال, هم الآن خير أم يومئذ يوم تأتيهم القصاع بالثريد قال (لا بل أنتم اليوم خير من يومئذ).
هذه سنة الله في خلقه ولذلك لا تجد إنسانا مال إلى الدنيا ولو من طريق الحلال فضلا عن الحرام إلا ويكون قد قصّر من ناحية دينه كثيرا أو قليلا.
إذًا نأخذ من هذا الحديث موعظة أن المسلم إذا وجد في حياته شيء من شظف العيش فلا يأس على نفسه ولا يحزن وليتذكر أنه إذا تحمّل هذه الحياة أو هذا الشظف من العيش ورضي بقضاء الله وقدره فهو خير من أولئك الذي قدر لهم شيء من التعب في العيش خيرا منه.
بهذا الحديث الذي يقول الرسول عليه السلام للصحابة أنتم أنفسكم يوم تأتيكم الدنيا وتوسع عليكم لا تكونون كما أنتم اليوم, أنتم اليوم خير من يومئذ.
الحديث الذي بعده فيه عندي وقفة يعني على الاصطلاح السابق بياض لم نتمكن من التحقيق فيه.

(188/7)


«
شرح الشيخ لحديث جابر رضي الله عنه قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر علينا أبا عبيدة رضي الله عنه نلتقي عيرا لقريش ... ".»
الشيخ: أما الحديث الذي بعده وهو الرابع والستين فصحيح قال وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال بعثنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأمّر علينا أبا عبيدة رضي الله عنه نلتقي عيرا لقريش وزودنا جرابا من تمر لم يجد لنا غيره فكان أبو عبيدة يعطينا تمرة تمرة فقيل له كيف كنتم تصنعون بها؟ قالوا نمصها كما يمص الصبي ثم نشرب عليها من الماء فتكفينا يومنا إلى الليل وكنا نضرب بعصينا الخبطة ثم نبلّه فنأكله.
هاي حياة الصحابة حياة المجاهدين حقا الذين نقلوا الإسلام إلى هذه البلاد وإلى غيرها.
هذا الحديث رواه مسلم في صحيحه, يقول جابر بعثنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأمّر علينا أبا عبيدة نلتقي بعثنا لنلتقي عيرا لقريش, قافلة فيها ... فيها مؤنة وإلخ, فبماذا زودهم الرسول عليه السلام قال وزودنا جِرابا من تمر, قرب صغير فيه تمر لم يجد لنا غيره فكان أبو عبيدة يعطينا تمرة تمرة فقيل كيف كنتم تصنعون بها قالوا نمصها كما يمص الصبي ثم نشرب عليها من الماء فتكفينا يومنا إلى الليل.
أكثر من هذا كانوا يضيفون إلى التمر والماء ما قاله ما بيّنه بقوله وكنا نضرب بعصينا الخبَط يعني يضربون الشجر الذي عليه الورق وهذا الورق علف للإبل فكانوا هم يخبطون الشجر فيتساقط الورق فيبلونه بالماء ويأكلونه فيكون هذا مساعد للتمرة التي كانوا كان غداؤهم في اليوم والليل.
وسيأتي في بعض الأحاديث الأخرى وفي الدرس الآتي إن شاء الله أنه في بعض الغزوات أو السّريا من كثر ما أكلوا ورق الشجر من هذا الخبط تشققت أشداقهم, لأنه الظاهر شيء قاسي وشيء صاحب حرارة ويأتي في أحاديث أخرى أنهم كانوا إذا خرجوا لقضاء الحاجة بعّروا بعرا مثل الغنم شيء جامد لأنه ما فيه شيء طري في بطونهم هكذا كانت حياة الصحابة وكما قلت لكم أول ما بدأنا هذا الدرس وهو كتاب الزهد من كتاب الترهيب أن المطلوب من هذه الأحاديث هو تربية النفس المسلمة أن لا تتكالب على الدنيا فتفرطها من قيام ما يجب عليه تجاه دينه وتجاه أمته وأنه إذا أصيب بشيء من الشظف من العيش سواء يعني لم يعتده أو كان في ... أنه لازم يتذكر سيرة الرسول عليه السلام وسيرة هؤلاء الصحابة فيرضى بعيشه لأنه ليس خيرا من سيد البشر عليه الصلاة والسلام وسيد الناس من بعد الأنبياء ألا وهم الصحابة الكرام فنسأل الله تبارك وتعالى أن يلهمنا الاقتداء بهم في كل شيء شرعه الله عز وجل لنا القدوة به.

(188/8)


«
شرح الشيخ لأثر سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: " إني لأول العرب رمى بسهم في سبيل الله ... ".»
الشيخ: نعود إلى أحاديث الترغيب والترهيب ونحن على شرطنا السابق الذي نبهنا عليه مرارا أن نختار منه ما ثبت من الحديث, حديثنا الليلة هو في نسختي ذو الرقم السابع والستين قال وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال إني لأول العرب رمى بسهم في سبيل الله ولقد كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما لنا طعام إلا ورق الحبْلى وهذا السّمُر حتى إن كان أحدنا ليضع كما تضع الشاة ما له خِلْط, رواه البخاري ومسلم.
يفسر بعض غريبه فيقول الحُبْلى بضم الحاء المهملة وإسكان الباء الموحدة والسّمُر بفتح السين المهملة وضم الميم كلاهما من شجر البادية يعني لا ثمر له كان هذا طعامهم, كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما لنا طعام إلا ورق الحبْلى وهو شجر في البراري والصحاري وهذا السّمُر أيضا نوع آخر من شجر تلك البلاد وهذا النوع من الشجر يعطي قبضا في باطن الإنسان ولذلك يصف هذا الإمساك الذي يصابون به بسبب أكلهم من هذا الورق لا يجدون مكانا أو بديلا له من الطعام, قال " حتى إن كان أحدنا ليضع كما تضع الشاة ما له خِلط " , تضع يعني يصير معه إمساك وكأنه امرأة تضع ولدها كم تلاقي من الصعاب, هذا يشعر به بعض المبتلين بالإمساك المزمن فهو يعالج كثيرا وكثيرا حتى يُخرج فضلات طعامه وكان مر معنا في بعض الأحاديث كانوا يُبعِّرون بعرا يعني مثل بعر الماعز لماذا؟ ما له خلط ليس هناك طعام آخر يأكلونه فيختلط مع ذلك الطعام فيلين منه وإنما هو يابس كالحجر ولذلك كانوا إذا خرجوا لقضاء حاجتهم فإنما هم يضعون كما تضع الشاة, فيجدون صعوبة بسبب هذا الإمساك الناتج من أكلهم لورق الشجر الذي ليس فيه حلاوة وليس فيه من الأغذية التي تلين الباطن.
هذا كان طعام من؟ طعام أولئك الصحابة الغزاة الذين فتحوا لنا هذه البلاد ومن هنا نأخذ عبرة بأن الجيل الذي ينشأ على الترف وعلى النعيم وعلى التمتع بكل ملذات الحياة فهذا من الصعب أن يجاهد هذا الجهاد في سبيل الله عز وجل ذلك لأن الإنسان بطبيعة كونه إنسانا له غرائزه وله طبائعه كلما تأدب على الحب للدنيا والإقبال عليها والرغبة فيها كلما كان معرضا عن كل ما ينافي هذه الحياة ولا سيّما الموت في سبيل الله عز وجل, فهما أمران مرتبطان كلما تشبع الإنسان من دنياه كلما أعرض عن آخرته وكل ما يؤدي إليها وأعظم ما يؤدي إلى الآخرة ويعجل الإنسان إليها إنما هو الجهاد في سبيل الله عادة والعكس من ذلك إذا كان الإنسان ليس مقبلا على الدنيا فإقباله على الآخرة هو ديدنه وهو شأنه ونحن نرى حوادث ونقرأ في كل يوم أن بعض الذين يصابون بشيء مما يزعجهم في الدنيا وليس عندهم إيمان بالآخرة وليس عندهم شيء من الصبر الذي أمر المسلم أن يتمتع إما إذا أصيب بشيء من مصائب الدنيا نجد بعض هؤلاء الناس يعجلون على أنفسهم بالموت وذلك بأن يقتلوا أنفسهم, لماذا؟ لأنه لم يعد له رغبة في هذه الدنيا لأي أمر كان فإذًا الرغبة في الدنيا تصرف الإنسان عن الآخرة والرغبة على الآخرة تصرفه عن الدنيا وليس معنى هذا أن لا يعمل لدنياه مطلقا وهنا يتدخل الإيمان والإسلام فيعدّل من واقع الإنسان فلا هو بالذي يُقبل على دنياه بحيث ينسى آخرته ويخسرها ولا هو بالذي يقبل على الآخرة بالكلية فينسى دنياه وإذا به أيضا خسر آخرته لأن الله عز وجل جعل هذه الدنيا مزرعة الآخرة والشاهد من الحديث أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يعيشون حياة شديدة جدا ولذلك فهم كانوا صابرين كل الصبر على الموت لا يبالون أي مبالاة بأن ما ادّخر الله لهم في الآخرة من النعيم المقيم كان ذلك ينسيهم ما يلقونه من شدة العيش وشظف الحياة في دنياهم حتى وهم خارجون غزاة في سبيل الله عز وجل.
من فضائل سعد كما يشهد هو بنفسه وهو من أصدق الناس أنه قال " إني لأول العرب رمى بسهم في سبيل الله عز وجل " النفس تتوق في الواقع لمعرفة تفصيل هذا الأمر ولكني فيما استطعت لم أجد رواية تشرح هذه الأسبقية متى كانت وكيف كانت لكن على كل حال هو يخبر عن هذه المنقبة التي خصه الله عز وجل بها وهي أنه كان أول من رمى بسهم في سبيل الله عز وجل, هل كان هذا في معركة من المعارك المعروفة أم كان في غير معركة في مناسبة أخرى ذلك مما لم أقف عليه.
فهذا الرجل الذي هو كما تعلمون جميعا أحد العشرة المبشرين بالجنة يقول ولقد كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما لنا طعام إلا ورق الحبْلى وهذا السمر شجرتان كما ذكرنا حتى إن كان أحدنا يضع كما تضع الشاة ما له من خِلْط.

(188/9)


«
شرح الشيخ لأثر خالد بن عمير العدوي قال: خطبنا عتبة بن غزوان رضي الله عنه وكان أميرا بالبصرة فحمد الله وأثنى عليه ثم قال " أما بعد فإن الدنيا قد آذنت بصرم ... ".»
الشيخ: الحديث الثاني وهو أيضا صحيح قال وعن خالد بن عمير العدوي قال خطبنا عتبة بن غزوان رضي الله عنه وكان أميرا للبصرة فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد فإنّ الدنيا قد أذنت بصرم اسمعوا بقى هذا خطبة رجل من أصحاب الرسول عليه السلام وبطبيعة الحال يتكلم بلغة عربية لكن مع الأسف لا نكاد نفهم منها إلا شيئا قليلا يعظ الناس وهو أمير كما سمعتم في البصرة فيقول " أما بعد فإن الدنيا قد أذنت بصُرْم وولت حذاءة ولم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء يتصابها صاحبها وإنكم منتقلون منها إلى دار لا زوال لها فانتقلوا بخير ما بحضرتكم فإنه قد ذكر لنا أن الحجر يلقى من شفير جهنم فيهوي فيها سبعين عاما لا يدرك لها قرارا والله لتملأن أفعجبتم ولقد ذكر لنا أنما بين مصراعين من مصاريع الجنة مسيرة أربعين عاما وليأتينّ عليه يوم وهو كظيظ من الزحام ولقد رأيتني " هنا الشاهد " ولقد رأيتني سابع سبعة مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما لنا طعام إلا ورق الشجر حتى قرحت أشداقنا فلتقطت بردة فشققتها بيني وبين سعد بن مالك فاتزرت بنصفها واتزر سعد بنصفها فما أصبح اليوم منا أحد إلا أصبح أميرا على مصر من الأمصار وإني أعوذ بالله أن أكون في نفسي عظيما وعند الله صغيرا " يقول رواه مسلم.
يفسّر غريب الحديث أو بعض غريب الحديث بالأحرى يقول أذنت بمد الألف أذنت بمد الألف أي أعملت بصُرْم هو بضم الصاد وإسكان الراء بانقطاع وفناء, حذّاء هو بحاء مهملة مفتوحة ثم ذال معجمة مشددة ممدودا يعني سريعة والصُبابة بضم الصاد هي البقية اليسيرة من الشيء يتصابّها بتشديد الموحدة قبل الهاء أي يجمعها والكظيظ بفتح الكاف وظاءين معجمتين هو الكثير الممتلئ, نعود إلى خطبة هذا الصحابي الجليل وهو عتبة بن غزوان رضي الله عنه حمد الله وأثنى عليه ثم قال " فإن الدنيا قد أذنت بصرم " عرفنا أن الصرم هو الانقطاع والمقصود هنا واضح وهي أنها مائلة إلى الانقطاع وإلى الفناء قد أذنت بصرم وولت حذّاء أي سريعة إلى الفناء إذ الأمر كذلك يعظ أصحابه فيقول فقبل يتابع فيقول ولم يبق منها إلا صُبابة كصبابة الإناء يتصابُها صاحبها لم يبق من الدنيا إلا الشيء القليل والرسول صلوات الله وسلامه عليه يشير في بعض الأحاديث الصحيحة أنه (لم يبق من دنياكم هذه بالنسبة لما مضى إلا مثل ما بين صلاة العصر والمغرب) , هذه البقية الباقية من الدنيا وهذا ما يشير إليه هذا الخطيب المسقع عتبة بن غزوان فيقول ولم يبق منها إلا صُبابة كصبابّة الإناء يتصابها صاحبها وإنكم منتقلون منها إلى دار لا زوال لها فانتقلوا بخير ما بحضرتكم يعني اجعلوا الدنيا مزرعة الآخرة وخذوا منها زادا تتزودون به إلى تلك الدار دار الآخرة التي لا زوال لها كما هو طبيعة هذه الدنيا حيث أنها زائلة.

(188/10)


«
شرح قول النبي صلى الله عليه وسلم " ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثا قالوا بلى يا رسول الله قال الإشراك بالله وعقوق الوالدين وجلس وكان متكئا فقال ألا وقول الزور قال فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت". روا»
الشيخ: رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (ألا أنبئكم بأكبر الكبائر) ثلاثا أي قالها ثلاث مرات قلنا بلى يا رسول الله قال (الإشراك بالله وعقوق الوالدين وكان متكئا فجلس فقال ألا وقول الزور وشهادة الزور) فمازال يكررها حتى قلنا ليته سكت رواه البخاري ومسلم والترمذي.
تكلمنا لكم في الدرس الماضي عن أكبر الكبائر وهو الإشراك بالله عز وجل وبيّنا لكم أن الشرك المنافي للتوحيد ينقسم إلى ثلاثة أقسام كالتوحيد فالتوحيد الأول توحيد ربوبية وينافيه الشرك في الربوبية والتوحيد الثاني هو توحيد العبادة وبعضهم يقول توحيد الألوهية وكلاهما معنى واحد ومؤدى واحد والتوحيد الثالث توحيد الله عز وجل في صفاته فبيّنا أن المقصود من توحيد الربوبية هو اعتقاد أن الخالق لهذا الكون المربّي له هو الله رب العالمين لا شريك له ولا ند له, وذكرنا أن هذا التوحيد قلّ من يخل به من البشر قاطبة حتى العرب في الجاهلية كانوا لا يخلون به كانوا يؤمنون بأن الله الخالق للسماوات والأرض وحده لا ند له في ذلك ولا شريك وتوحيد الألوهية وتوحيد العبادة ذكرنا أن المقصود بذلك أن هذا الله الذي خلق السماوات والأرض وخلق الإنس والجن لا يستحق العبادة أحد سواه فمن عبد غير الله بأي نوع من أنواع العبادة كما شرحنا بعض الشيء في الدرس الماضي, فمن عبد غير الله بنوع من أنواع العبادات فيكون قد وقع في الشرك الأكبر لكن في الشرك في الألوهية والعبودية.
وقلنا في شرك الصفات أن تصف عبدا من عباد الله بصفة اختص الله بها عز وجل كصفة العلم بالغيب فالغيب كما نعلم جميعا لا يعلمه إلا الله وآيات كثيرة وردت في ذلك وأحاديث وذكرنا أيضا ما يسّر الله منها في الدرس الماضي والآن أريد أن ألفت نظركم إلى تقسيم آخر للشرك حتى لا تقعوا في شيء منه ولو أن هذا النوع من الشرك الذي قد يقع فيه بعض الناس هو أهون من الشرك من نوع من الأنواع الثلاثة السابقة الذكر فقد قسّم العلماء المحققون من علماء التوحيد الشرك قسمة أخرى فقالوا الشرك ينقسم إلى قسمين شرك اعتقادي أو قلبي وشرك لفظي فالشرك الأول الإعتقادي هو الذي يشمله هذا الحديث وتشمله الآيات الكثيرة التي من أهمها قوله تبارك وتعالى ((إن الله ليغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء)) فهذا الشرك الذي لا يغفره الله أبدا هو الشرك الاعتقادي أو القلبي أي الشرك الذي استقر في قلب الإنسان وآمن به بعد أن أقيمت الحجة عليه, يجب أن نلاحظ هذا القيد, الكفر الذي لا يغفره الله هو الذي استقر في قلب صاحبه بعد أن أقيمت الحجة عليه فجحد هذه الحجة وأنكرها وضل معاندا ومتمسكا بكفره كما كان شأن المشركين في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كأمثال أبي جهل وأضرابه فهؤلاء تبينت لهم حقيقة الدعوة الإسلامية وأن ما دعى إليه الرسول عليه السلام من التوحيد أولا ومن ادّعائه النبوة صادقا ثانيا كل هذه الحقائق تبينت لهم فأنكروها وكما قال تعالى ((وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم)) هذا الكفر الذي إذا استقر في القلب بعد أن تقام عليه الحجة فهو الذي لا يغفره الله أبدا.

(189/1)


«
بيان الكفر اللفظي مع ذكر بعض ضوابط التكفير
الشيخ: أما القسم الثاني من هذا التقسيم الجديد الآن وهو كفر لفظي فالمقصود به أي كفر يتلفظ به صاحبه دون أن يعلم أنه كفر أو يعلم أنه كفر ولكنه لم يقصده بقلبه, هذا كفر لفظي وهو يشمل صورتين اثنتين أن يتلفظ بلسانه بالكفر وهو لا يقصده بقلبه وهذا يقع فيه جماهير الناس كما سنشرح لكم, والكفر الثاني أو من الكفر الثاني هو أن يتلفظ بالكفر ويعنيه ولكن لا يدري أنه كفر أو لا يتنبه له.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أما الكفر اللفظ الذي ينطق به ولا يقصده فقد يكون قاصدا اللفظ أو جاهلا له لكن في كل من الصورتين هو لا يعني الكفر الذي هو كفر قلبي فالكفر الذي قد يتكلم به الإنسان ولا يعنيه ذلك هو الذي جاء ذكره في القرآن وبخصوص قصة عمار بن ياسر رضي الله عنه حينما نطق بالكفر ليتخلص من العذاب الأليم بين أيدي المشركين فمعلوم من التاريخ الإسلامي الأول أن المشركين كانوا ألقوا القبض فيما ألقوا القبض من الصحابة المعذبين كان في هؤلاء عمار بن ياسر فعذبوه عذابا شديدا كما عذبوا صاحبه بلالا الحبشي رضي الله عنهما أجمعين ولكن يبدو أن طاقات البشر وصبرهم يختلف بعضه عن بعض فعمار بن ياسر لم يصبر على ذلك العذاب ولمسوا ذلك منه أعني المشركين فعرضوا عليه أن ينال من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأن يسبه وأن يشتمه على أن يطلقوا سبيله فأجابهم على ما طلبوا منه بلسانه فقال عنه هو ساحر هو شاعر هو كذّاب ساحر فلما سمعوا منه كلمة الكفر أطلقوا سبيله وهو ما تكلم بها لولا أن أذاقوه العذاب الأليم ثم لما وجد الراحة ندم على ما تلفظ به من كلمة الكفر فذهب إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم يشكو إليه ما صدر منه من سب النبي صلى الله عليه وسلم وشتمه فقال له عليه الصلاة والسلام (كيف تجد قلبك؟) قال أجده مطمئنا بالإيمان فقال له عليه الصلاة والسلام (فإن عادوا فعد) أي إن عادوا إلى القبض عليك وصب العذاب الأليم فعد أنت إلى الخلاص منهم بهذه الكلمة التي يتلفظ بها فمك ولا يقر بها قلبك (فإن عادوا فعد) فدلنا هذا الحديث وبهذه المناسبة نزل قوله تعالى ((إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان))
فهذا لا مؤاخذة على تكلمه بكلمة الكفر فدل هذا الحديث وهذه الآية على أن الإنسان إذا اضطر إلى التلفظ بكلمة الكفر اضطرارا وقلبه مطمئن بالإيمان فهذا لا بأس عليه ونوع آخر.
السائل: ... .
الشيخ: ما فيه ... هذه أمور نسبية, هذه أمور نسبية الاضطرار مذكور في القرآن يشمل كثيرا من الأمور إلا ما اضطررتم إليه مثلا في أكل الميتة والمحرم فمن الذي يستطيع أن يحدد لكل إنسان نسبة معينة من الاضطرار وفي مثل هذا يقال (استفت قلبك وإن أفتاك المفتون) فإنسان بيأكل مثلا بيأكل مائة عصاية ولا بيشعر إنه مضطر إيش؟ إلى أن يستجيب لرغبات الكفار باللفظ وآخر ما بيتحمل خمسين وسرعان ما يتلفظ بلفظة الكفر فالطاقات البشرية مختلفة والمهم أن لا يتكلم بكلمة الكفر ويعنيها بقلبه.

(189/2)


«
بيان النوع الثاني من أنواع الكفر اللفظي
الشيخ: نوع آخر من الكفر اللفظي ليس كالنوع الأول من حيث أنه لا يؤاخذ, هو يؤاخذ على تلفظه بكلمة الكفر لكنه لا يؤاخذ على سبيل أنه كفر اعتقادا لأنه لم يعتقد ما تظمنته كلمة الكفر من ذلك مثلا ما جاء في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قام خطيبا في الصحابة يوما فقام رجل منهم فقال له كلمة لم يلق لها بالا ما شاء الله وشئت يا رسول الله, ما شاء الله وشئت يا رسول الله فقال له عليه السلام وهو في حالة شديدة من الغضب (أجعلتني لله ندا قل ما شاء الله وحده) قل ما شاء الله وحده, قال عليه السلام (أجعلتني لله ندا قل ما شاء الله وحده) وفي رواية أخرى (قل ما شاء الله ثم شئت) والقصة الأخرى أو الحديث الآخر أن رجلا من الصحابة جاء ذات يوم النبي صلى الله عليه وآله وسلم وحكى له رؤية رأها بالأمس قال رأيت أني أمشي في بعض طرق المدينة فلقيت رجلا من اليهود فقلت له نعم القوم أنتم معشر يهود لولا أنكم تشركون بالله فتقولون عزير بن الله فأجابه اليهودي, هذا في المنام, ونعم أنتم معشر المسلمون لولا أنكم تشركون بالله فتقولون ما شاء الله وشاء محمد, قال ثم تابع طريقه فلقي رجلا من النصارى فقال له نعم القوم أنتم معشر النصارى لولا أنكم تشركون بالله فتقولون ما شاء الله وشاء محمد.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أه, عفوا, قال الصحابي الرائي للرؤية لذلك النصراني الذي لقيه في الطريق نعم القوم أنتم معشر النصارى لولا أنكم تشركون بالله فتقولون عيسى ابن الله فأجابه ذلك النصراني ونعم القوم أنتم معشر المسلمين لولا أنكم تشركون بالله فتقولون ما شاء الله وشاء محمد, فقال له عليه السلام (هل قصصت رؤياك على أحد؟) قال لا فجمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أصحابه ثم وقف فيهم خطيبا وقص عليهم هذه الرؤيا التي سمعها من ذلك الصحابي وقال لهم عليه الصلاة والسلام (كنت أسمعكم وأنتم تقولون ما شاء الله وشاء محمد فكنت أستحيي منكم فلا يقولنّ أحدكم ما شاء الله وشاء محمد ولكن ليقل ما شاء الله وحده) ولكن ليقل ما شاء الله وحده.
السائل: السلام عليكم.
الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله. فهذا الحديث وذاك يفيدنا أن المسلم المؤمن بالله ورسوله قد يتكلم بكلمة الكفر وهو لا يدري ولا يشعر وأكبر دليل على هذا الصحابة أنفسهم الذي طهرهم الله عز وجل من دنس الشرك إلى نور الإيمان ومع ذلك فاستمر بعضهم يقول كلمة الكفر, الكفر شرعا وهو ما شاء الله وشاء محمد, فما استمر آخرون منهم وفي مقدمتهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه استمر يحلف بأبيه حتى سمعه النبي صلى الله عليه وآله وسلم يحلف بأبيه يوما فقال له (لا تحلفوا بآبائكم من كان منكم حالفا فليحلف بالله أو يصمت) (لا تحلفوا بآبائكم من كان منكم حالفا فليحلف بالله أو ليصمت) أي يسكت, وتأكيدا لهذا النهي عن الحلف لغير الله عز وجل قال عليه الصلاة والسلام (من حلف بغير الله فقد كفر) وفي رواية (فقد أشرك) فيقول عمر وهذا الذي قاله هو المفروض في كل مسلم قال " فبعد أن نهاني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الحلف بغير الله فوالله ما ذكرته لا حاكيا ولا قاصدا " أي الحلف بالله ما عاد الحلف بغير الله ما عاد صدر من عمر بن الخطاب لا قاصدا كما كان من قبل يفعل ولا آثرا ناقلا له عن غيره حتى على سبيل الحكاية ما عاد يحلف عمر بن الخطاب بغير الله عز وجل لأنه علم نهي الرسول صلى الله عليه وسلم عنه واعتباره إياه كفرا وشركا فهذه الأحاديث تدل على أن نوعا من الكفر لا يكفر به الإنسان كفرا يخرج به عن الدين فهذا النوع اصطلح العلماء على تسميته بالكفر اللفظي لأنه لا يقصد ما يبدو من الكفر القلبي من هذا اللفظ, ذاك الإنسان الأول الذي قال للرسول عليه الصلاة والسلام ما شاء الله وشئت يا رسول الله قال له (أجعلتني لله ندا) هل قصد فعلا ذلك الصحابي أن يجعل رسول الله ندا وهو يعلم قول الله ((فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون)) نحن نقطع دون أي شك أو ريب أن هذا الصحابي ما قصد بقلبه أن يجعل رسول الله شريكا لله في مشيئته وفي إرادته لأنه كان قد تفقه في الإسلام وفي الإسلام آيات ونصوص كثيرة تدل على أن مشيئة العبد بعد مشيئة الرب تبارك وتعالى كما في قوله عز وجل ((وما تشاؤون إلا أن يشاء الله)) ولكن مع هذا الإعتقاد الذي لا نشك أنه كان قد استقر في ذلك الصحابي أخطأ بلسانه فقال للرسول عليه السلام ما شاء الله وشئت يا رسول الله فكان ينبغي أن يقول كما علمه الرسول عليه السلام (ما شاء الله ثم شئت) فثم في اللغة العربية تعطي معنى أدق من الواو العاطفة ما شاء الله أولا ثم ما شئت أنت يا رسول الله في المرتبة الثانية والدنيا بعد مشيئة الله عز وجل, لم يحسن أن يقول هذا وإنما قال ما شاء الله وشئت فاعتبره عليه السلام شركا ولكن ما اعتبره شركا قلبيا وإلا لكان أمر ذلك الصحابي أن يجدد إيمانه فاعتبره فقط شركا لفظيا لأنه فعلا قال ما شاء الله وشئت لأنه لفظ في الأسلوب العربي يسوّي بين مشيئة الرسول ومشيئة الله, هذا شرك وهذا كفر ولكن لمّا كان لا يقصده بقلبه أطلق على هذا النوع من الشرك بأنه شرك لفظي, هذا النوع من الشرك يقع فيه جماهير الناس اليوم ولكن مع الأسف الشديد بعضهم يقعون في هذا النوع من الشرك في الشرك القلبي أيضا وإليكم البيان والتنبيه, تسمعون كثيرا من الناس ولا مؤاخذة خاصة إخواننا الفلسطينيين بتلاقيهم بيلهجوا دائما بالحلف بالشرف بشرفي ولا يعتبرون ذلك شيئا مطلقا.
فالحلف بغير الله سواء حلفت بشرفك أو بشرف أبيك أو جدك أو برأس أبوك أو بأي شيء آخر سوى الله عز وجل فهو شرك, ونحن أيضا الشوام مانا خالصين إنما أنا أحببت أن أنبه على حلف معين وهو بالشرف, نحن أيضا نحلف هذا اليمين ونقول.

(189/3)


«
بيان أن الكفر اللفظي قد يصل إلى الكفر الاعتقادي
الشيخ: "وحياة رأس أبي", هذا الحلف كله من النوع اللفظي الذي لا يكفر به صاحبه ولكن مع الأسف بعض الحالفين بغير الله يقعون في عين الشرك القلبي وذلك يكون من النوع الذي صورته أن بعض الناس من الجهلة المغرقين في الضلال يقول بعضهم عليّ حق فينكره عليه فيحلفه بالله فيحلف كذبا ولا يبالي, تحلف بالسوجي بطاح الجمل يخشاه لا يحلف كذابا ويضطر أحيانا أن يعترف بالحق الذي كان من قبل منكرا له حينما يطلب منه أن يحلف بالسوجي أو أمثاله هذا معناه أن هذا الجاهل يخشى الوليّ أو الرجل الصالح أن يبتليه ببلوى في بدنه في أهله أكثر مما يخشى الله عز وجل وهذا شرك عجيب جدا لا يخاف الله فيحلف به كاذبا ويخاف عبد من عباد الله فلا يحلف به كاذبا إذًا هذا النوع من الحالفين بغير الله قد جمع شركين, الشرك اللفظي والشرك القلبي.

(189/4)


«
مثال للشرك اللفظي يقع فيه كثير من الخطباء ألا وهو قولهم" بسم الله و الوطن" مع بيان بعض الأحاديث الضعيفة في موضوع الوطن مع بيان المحبة الحقيقة للوطن
الشيخ: ومن النوع الذي يكثر من الخطباء اليوم الذين لا يبالون بالأحكام الشرعية من الشرك اللفظي هو أن يذكر اسم الله أن تفتح المجالس والمحاضر باسم الله والوطن, أليس هذا واقعا كلكم يسمع هذا, هذا من الشرك اللفظي لأنه إذا كان رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم قد أنكر أن يقول ما شاء الله وشئت لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي اعتبر الله طاعته من طاعة الله واعتبر طاعته طاعة لله مع ذلك قال له أجعلتني لله ندا فكيف يقرن الوطن مع اسم الله تبارك وتعالى وما هو هذا الوطن ليته كان الوطن الإسلامي العام الذي لا حدود له وإنما هو قطعة أرض قد تكون اليوم تحت أيدينا فتصبح بعد يوم تحت أيدي غيرنا مع الأسف الشديد فلا يجوز إذًا أن يقول القائل بسم الله والوطن وإنما بسم الله وحده ولا يذهبن بال أحد ما إلى أنه معنى هذا الكلام أنه لا ينبغي لا أقول تقديس الوطن وإنما أقول لا يذهبن بال أحد إلى أن معنى هذا الكلام أنه لا يجب الاهتمام بالوطن وبالحفاظ عليه, لا ليس هذا المقصود كما أنه لما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لذلك الصحابي (أجعلتني لله ندا قل ما شاء الله وحده) لم يقصد من ذلك محمد نفسه أن ينكر نفسه لأن ذلك الصحابي قرن محمد عليه السلام مع ربه, فحينما أمر أن يذكر الله وحده في هذه العبارة.
لا بد أن تفرق في لفظك وفي تعبيرك بين المشيئتين فتقول ما شاء الله ثم ما شاء فلان, كذلك نقول نحن إذا كان لا يجوز كما ذكرنا لكم أن يقول المسلم ما, بسم الله والوطن فليس معنى ذلك أن الوطن لا قيمة له وأن الوطن لا ينبغي المحافظة عليه لا ولكن ليس الوطن بأعظم شأنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا كان رسول الله لم يشأ ولم يرد أن تذكر مشيئته بمشئة الله عز وجل معا فمن باب أولى وأحرى أن لا يرضى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يذكر الوطن وشأنه ما ذكرنا مع اسم الله تبارك وتعالى وبهذه المناسبة أريد أن أذكّر بأن حديث " حب الوطن من الإيمان " هذا حديث ما أنزل الله به من سلطان, هذا حديث بتعبير أهل الحديث لا أصل له أي ليس له إسناد إطلاقا وإنما بعض الناس ذكره في بعض الكتب قاصدا أو ساهيا ثم ورثه الخلف عمن قبله دون أن يعلموا وزن هذا الحديث عند أهل العلم بالحديث وسار على ألسنة الناس وشاع حتى أصبح كأنه حديث متواتر عند الناس وحقيقة أمره أنه كحديث آخر ولكن هذا شأنه ألطف من الأول لأنه لم يشع ولم يذع ذيوع الحديث الأول وإنما هو معروف عند الخاصة أمثالنا ولكن معروف بأنه أيضا كسابقه لا أصل له وهو حب الهرة من الإيمان فهناك حديثان على وزان واحد " حب الوطن من الإيمان " و " حب الهرة من الإيمان ".
السائل: ... .
الشيخ: لا ليس في الحب, " النظافة من الإيمان " النظافة من الإيمان هذا حديث أيضا مشهور ولكنه ضعيف السند وليس كسابقيه, السابقان لا أصل لهما وكذلك أريد أن أذكر بمناسبة حب الوطن من الإيمان وقولنا فيه أنه لا أصل له ليس معنى هذا الكلام أن حب الوطن ليس من الواجب على الإنسان, هناك فرق بين أن يكون حب الوطن غريزيا فطريا طبيعيا في الإنسان في البشرية كلها لا فرق بين مؤمن وكافر, هذا شيء وبين أن يأتي الحديث أو الرسول فيقول عن هذا الشيء الغريزي الفطري في الإنسان كله يقول هذا من الإيمان, إذًا من إيمان الألمان أنهم دافعوا عن بلادهم حتى خربوها بأيديهم فهذا من الإيمان؟ لقد أشار الله عز وجل في آية من القرآن أن حب الوطن هو كحب النفس وكحب الحياة ((ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم)) ليش؟ لأنه طبيعة البشر التعلق بالحياة والتعلق بالوطن فبطبيعة الإنسان يتعلق إذًا بوطنه سواء كان مؤمنا أو كافرا فإذًا حب الوطن ليس شعارا يتميز به المسلم على غيره بل هو يشترك فيه مع غيره فلا فرق في ذلك بل مع الأسف الشديد نرى كثيرا من الكفار يفوقون كثيرا من المسلمين في حبهم لأوطانهم لكن الفارق بين المسلم وبين الكافر في حب الوطن الغريزي أن المسلم يشوب حبه لوطنه بعقيدة مسلمة مؤمنة فهو يفترق عن الحب الغريزي للوطن الذي يشترك فيه الكفار لأنه لا يحب الوطن للوطن لأنه أرض من نوع أرضها مثلا ترابها أحمر أو أرضها مخضرة أو فيها الأنهار تجري وهكذا وإنما يحبها لغيرها, يحبها كوسيلة لنشر كلمة الله في الأرض وليجعل كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا هي السفلى.
هذا هو الفرق بين حب المؤمن لوطنه وبين حب الكافر لوطنه فالمسلم يحب الوطن ولكنه حينما يرى أن هذا الوطن عاد بلاء عليه ووباء وهو يدعه ويفتش عن أرض أخرى يتخذه وطنا له وإذا هذه الحقيقة بجانبيها أشار الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أشار إلى إحداهما بهجرته من مكة إلى المدينة وأشار إلى الأخرى بقوله لما هاجر منها ووقف على الجبل مطلا عليها وخاطبها بقوله عليه الصلاة والسلام (أما إنك أحب بلاد الله إلى الله وأحب بلاد الله إلي ولولا أن قومي أخرجوك منك ما خرجت) ولكن لا نستطيع أن نسوي بين مكة المقدسة وبين اي بلدة أخرى على وجه الأرض فمكة حرم حرمه الله عز وجل وبلاد مقدسة قدسها هي أفضل أرض الله على وجه الأرض إطلاقا فإذا أحبها الإنسان لذاتها لا يكون كالذي يحب وطنه أي وطن آخر لأنها مما اصطفاه الله عز وجل على خيرها من البلاد, الشاهد أن الشرك اللفظي له صور عديدة جدا فعلى المسلم أن لا يقع في شيء منها وإذا رأى أخاه المسلم قد تلبس بشيء منها أن ينبهه وأن ينصحه وهذا شيء كثير وكثير جدا فأنتم تسمعون الناس اليوم يقول بعضهم بعضهم لبعض لأدنى مناسبة ما لي غير الله وأنت هاي هي بذاتها ما شاء الله وشئت بل أفظع "ما لي غير الله وأنت" ... "إيد الله وإيدك" "توكلت على الله وعليك" كل هذا شرك فإن قصده كما أشرنا بعض الجهال فهو شرك أكبر شرك قلبي وإن لم يقصده كما هو شأن غالب الناس فهو شرك لفظي ولكن.

(189/5)


«
تحذير الشيخ من التساهل بالشرك اللفظي مع التنبيه على أهمية الظاهر وأن له تعلق بالباطن
الشيخ: حذار أن يقول أحد مادام أنه شرك لفظي معليشي أنا لكان أفعل هذا الشيء لأنه العبرة بما في القلوب, هذا خطأ يقع فيه كثير من الناس فيجب أن نعلم أن الله عز وجل حينما بعث نبيه صلى الله عليه وآله وسلم لإصلاح القلوب وتطهيرها من دنس الشرك والكفر لم يبعثه فقط لهذا الإصلاح بل إصلاحه عليه الصلاة والسلام أوسع وأشمل من ذلك فقد تعدّى إصلاحه القلوب إلى إصلاحه الأعمال والألفاظ ولذلك فالحديث الذي يرويه بعضهم ناقصا قاصرا لعله من أسباب انحراف الناس عن هذه الحقيقة وهي أن الشارع يُعنى أيضا بإصلاح الألفاظ والأعمال نحو إصلاحه للقلوب, ذلك الحديث هو قوله عليه الصلاة والسلام (إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أجسادكم ولكن ينظر إلى قلوبكم) في الحديث تتمة لا يذكرها كثيرون وهي (أعمالكم) (ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم) يجب أن لا ننسى هذه الحقيقة فالله عز وجل لا ينظر فقط إلى القلب بل وإلى العمل أيضا ولفظك عمل فإن كان خيرا فهو خير وإن كان شرا فهو شر ولا يغنيك أن تقول قلبي طاهر قلبي نظيف كما يفعل كثيرون ممن يبتلون بالتشبه بالكفار والتشبه أنواع ولا يخلو إلا القليل من هذا التشبه ولكن أفظع صور التشبه وضع البرنيطة على الرأس لأنها كالغطاء على شخصية هذا المسلم بأنه كافر وهذا شعاره ينطق بذلك فحينما تنكر ذلك عليه يبادرك بقوله قلبه طيب إيمانه طيب وقد يحتج بالحديث السّابق يرويه مبتورا (إن الله لا ينظر إلى صوركم) ويعتبر الصورة التي هو صوّرها أي الإنسان بأن لبس البرنيطة هذه لكن لا إنما مقصود الحديث الصورة التي صوره الله فيها فقد يكون أسود البشرة ... ونحو ذلك فلا ينظر الله عز وجل إلى هذه الصور التي هو فطر الناس عليها ولكن ينظر إلى قلوبهم التي أمروا بإصلاحها وتعميرها بالإيمان وإلى أعمالهم أيضا إن كانت صالحة فاثابهم عليها خيرا وإلا فالعكس بالعكس فإذًا ربنا ينظر أيضا إلى الأعمال ليس فقط إلى القلوب هذه يجب أن لا ننساها في مثل هذه المسائل, طبعا نحن نصلي ونصوم ونتصدق ونحج من كان يستطيع هذه كلها أعمال فلا ننساها ولكن في مثل مناسبة البحث في المسألة ... بها الإنسان ولا يعني معناها بيقل لك نيتي طيبة والله لا ينظر إلا إلى ما في القلوب نقول هذا الجواب خطأ, الشارع الحكيم ينظر أيضا إلى الأعمال ومن الأعمال الألفاظ.
السائل: ... .
الشيخ: أفصح ماذا تريد من الحديث؟
السائل: ... .
الشيخ: نعم.
السائل: ... .
الشيخ: ... تكمّل الحديث أفصح ماذا تريد من الحديث؟
السائل: قصدي أنه عدم مبالاة في الكلام الآن
الشيخ: يعني أنت فهمت من البحث في هذا كله أنه هذا كفر لفظي معليشي.
السائل: لا.
الشيخ: إذًا؟
السائل: إذًا إنه تأييد لهذا ..
الشيخ: ... من قبل هذا.

(189/6)


«
التنبيه على خطورة اللسان مع بيان أهمية الألفاظ في الدين الإسلامي
الشيخ: الأستاذ هنا يلفت النظر إلى حديث مروي في الصحيحين في البخاري ومسلم وهو قوله عليه الصلاة والسلام (إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالا يهوي بها في النار سبعين خريفا) أي سبعين سنة وأفظع كلام يتكلم به الإنسان هو ما يمس مقام الألوهية والربوبية بمثل هذه الكلمات التي رويناها في بعض الأحاديث ومن مثل هذه الكلمات التي نمثل بها مما يقع فيه بعض الناس اليوم "توكلت على الله وعليك" هذه حقيقتها شرك في الألوهية لأن الله يقول ((وعلى الله فليتوكل المتوكلون)).
السائل: ((وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين)).
الشيخ: ((وعلى الله)) أيضا ((فتوكلوا إن كنتم مؤمنين)) هذا كقوله ((إياك نعبد وإياك نستعين)) أي كما أنه هذه الآية تفيد لا نعبد غيرك ولا نستعين بغيرك كذلك لا نتوكّل على غيرك وإنما نتوكل عليك ... فيقول " توكلت على الله وعليك " وبإيش توكل عليك؟ بأبسط مسألة, هاي كانت تصير معنا لما كنا نشتغل بمهنة الساعات يدور المسكين عند الساعاتيين الكثر ويرجع لعندي أخيرا يقول غشوني ما نصحوني إلخ وبعد هذه المقدمة كلها بيقول " توكلنا على الله وعليك " وممكن أنا أكون غشاش مثل ها الغشاشين هالي الله بلاهم فيه.
فهذا التوكل على غير الله لو كان قلبيا فهو كفر مرتد عن دينه ولكن نظن بالناس خيرا فنقول إنهم لا يقصدون إنما اللفظ خطأ, وهذا اللفظ يجب الابتعاد عنه وهذا مما يدخل في قوله عليه السلام (إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالا يهوي بها في النار سبعين خريفا) فقلت إن الله عز وجل بعث الرسول عليه السلام لإصلاح القلوب والأعمال والألفاظ كل هذا داخل في عموم قوله عليه الصلاة والسلام المحكي في القرآن ((إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت))، هذا من الإصلاح أول إصلاح هو إصلاح القلوب, ثاني إصلاح إصلاح الأعمال ثالث إصلاح إصلاح الألفاظ ولقد بلغ عناية الشرع الإسلامي بتهذيب الألفاظ إلى مستوى لا يخطر في بال البشرية إطلاقا ألا وهو قوله عليه الصلاة والسلام (لايقولنّ أحدكم خبثت نفسي ولكن لقست) (لايقولن أحدكم خبثت نفسي ولكن لقست) هذا شيء عجيب الإنسان نفسه خبيثة لقوله تعالى ((وإن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي)) وهذا قليل فالنفس الأمّارة بالسّوء هي بلا شك خبيثة مع ذلك يقول الرسول عليه السلام معنى الحديث وشرحه إذا وجد أحدكم في نفسه خبثا بحيث أنه شعر بأن نفسه خبيثة فلا يعبر عن هذا الشعور وعن هذا الوجدان باللفظ الخبيث فلا يقل خبثت نفسي مع أنها خبيثة ولكن ماذا يقول؟ لقست ومعنى لقست خبثت فهذا أدب رفيع جدا جدا لا يرضى لك رسول الله أن تتلفظ عن نفسك الخبيثة بلفظ خبثت أو هي خبيثة وإنما يرشدك ويأمرك بأن تقول لقست نفسي والمعنى واحد ولكن اللفظ مختلف وكل واحد منا يشعر بأن لفظ لقست ألطف بكثير من لفظ خبثت, فماذا نقول عن رب العالمين إذا كان رسول الله بوحي من الله يؤدبنا أن نكون مع نفسنا الخبيثة متأدبين فلا نستعمل لفظة خبيث وإنما نقول لقست فكيف يجوز لمسلم أن يتلفظ بمثل هذه الألفاظ أو أن يحلف بغير الله أن يعظّم غير الله فيحلف به دونه والواجب عليه أن يحلف بالله لأن الحلف معناه تعظيم للمحلوفين فكيف يجوز لغير المسلم أن ينسى الله فلا يحلف به أو أن يقرن معه قوله في مثل هذه الأمثلة التي وردناها, هذه الأمثلة كلها تدخل في الشرك الثاني وهو الشرك في الألفاظ.

(189/7)


«
بيان ملخص ما تقدم
الشيخ: يتلخص معنا من هذا الدرس والدرس الماضي أن الشرك ينقسم في حقيقته إلى ثلاثة أقسام وهو في هذا كالتوحيد ينقسم إلى ستة أقسام فما نافى أي قسم من هذه الأقسام فهو شركٌ توحيد الربوبية توحيد العبودية أو الألوهية وتوحيد الصفات وتقسيم ثان هو الأول تقسيم شرك القلب والاعتقاد والشرك أو الكفر في الألفاظ فما كان شركا في الإعتقاد فهو ردة عن الدين وما كان شركا في الألفاظ فهو حرام ولا يصل أمره إلى أن يكفر به صاحبه فحينما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الذي بين أيدينا أكبر الكبائر الإشراك بالله, أي نوع من القسمين قصد؟ أالشرك القلبي أم الشرك اللفظي؟ الشرك القلبي لأنه هذا هو أكبر الكبائر, هذا هو النوع الأول من الكبائر المذكورة في هذا الحديث.

(189/8)


«
شرح قوله صلى الله عليه وسلم " .... وعقوق الوالدين ". تكلم الشيخ على عقوق الوالدين
الشيخ: ثم قال عليه الصلاة والسلام (وعقوق الوالدين) سبق أن شرحنا فلا نقف كثيرا عند عقوق الوالدين فعقوق الوالدين معروف عند كل الناس لا فرق في ذلك بين أميّ وقارئ وبين عالم وجاهل إلا في ناحية واحدة هي التي شرحتها لكم في درس مضى وأنبّه الآن عليه تنبيها سريعا كي لا نقف عنده كثيرا, عقوق الوالدين هو مخالفتهما في طاعة الله عز وجل يعني لو لم يكن لك والد فأنت تعصي الله عز وجل في أمر ما هذا الأمر مع أمر الله إياك به, يأمرك به والدك فتخالفه ففي هذه المخالفة مخالفة تكون عاقا لوالديك لأنك جمعت بين مخالفتين أومعصيتين, معصية الرب ومعصية الوالد أما إذا كان والدك يأمرك بأمر لم يسبق أن الشارع الحكيم أمرك به فأنت عاص لوالدك غير مطيع له, فأنت مذنب ولكن لا تُسمّى عاقا لأن العقوق هو شدة المخالفة والمبالغة في المخالفة وذلك صورته بأن يجتمع فيك مخالفتان مخالفة لله ومخالفة لأحد الوالدين, تفضل.

(189/9)


«
ما صحة حديث " لا يقاد والد بولده"؟»
السائل: لا يقاد والد بولده ولا سيد بعبده؟
الشيخ: حديث (لا يقاد والد بولده) هذا حديث صحيح أما سيد بعبده فهذه الزيادة ليست في الحديث المعروف بالصحة (لا يقاد والد بولده) هذا حديث صحيح.
السائل: ... .
الشيخ: إيه ممكن لكن هذا ... فيما بعد الدرس.

(189/10)


«
شرح بقية الحديث" ..... وجلس وكان متكئا فقال ألا وقول الزور قال فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت".»
الشيخ: ثم قال أبو بكرة في تمام الحديث وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم متكئا أخذ راحته مستريح عليه الصلاة والسلام بالاتكاء فجلس الجلوس الطبيعي مهتما بما سيحدث الناس به ألا وهو قول الراوي فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (ألا وقول الزور وشهادة الزور) هذا من أكبر الكبائر, ذكره الرسول عليه السلام بعد الإشراك بالله في هذا الحديث وبعد عقوق الوالدين وأعطى أهمية لشهادة الزور وقول الزور أكثر من الأهمّية التي أعطاها لما قبلها من الخصال, عقوق الوالدين والإشراك بالله حيث أنه عليه السلام كان متكئا هكذا فجلس حينما وصل إلى هذه الجملة فقال (ألا وقول الزور وشهادة الزور) فمازال يكررها حتى قلنا ليته سكت, كررها مش مرة ولا مرتين مرارا كثيرة حتى تمنى أصحابه عليه الصلاة والسلام إشفاقا منهم عليه أن يسكت ويستريح من هذا التكرار فدل هذا الصنيع من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على أن شهادة الزور وقول الزور أي الكذب هو من الكبائر ومن الأمور التي لها الأثر البالغ في إفساد المجتمع فإن كثيرا من الناس بسبب شهادة الزور وقول الزور يخلطون الأنساب, يدّعون بأن فلانا هو زوج فلان وهي حرام عليه فيحكم القاضي بشهادة الزور هذه فيواطئها وقد يأتي وراء ذلك نسل ويكون النسل من أولاد الزنا وهذا يقال أيضا في الأموال وفي الحقوق الأخرى كل ذلك أثر من أثار شهادة الزور وقول الزور وكأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بجلوسه بعد أن كان متكئا يشير إلى الأضرار الاجتماعية التي تنتج من وراء انتشار قول الزور وشهادة الزور في مجتمع ما, ثم هذا الحديث ذكر ثلاثة أنواع من الإشراك بالله عز وجل بينما هناك أحاديث أخرى تضم أنواعا أخرى إلى هذه الأنواع الثلاثة المذكورة.
السائل: كبائر.
الشيخ: من الكبائر نعم, فكيف ذلك؟ فمثلا يذكر في بعض الأحاديث ولعل ذلك يأتي الليلة بعضها يذكر السحر ويذكر الفرار من الزحف ونحو ذلك من الكبائر فهل هناك خلاف بين هذا الحديث الذي اقتصر على ذكر الثلاث من الكبائر وبين أحاديث أخرى ذكر فيها سبعة من الكبائر وربما صرح في بعضها بقوله الكبائر سبع فهل هناك خلاف بين حديث يذكر ثلاثا منها وبين حديث أو أحاديث أخرى يذكر أكثر منها؟ الجواب لا خلاف لأن العدد لا مفهوم له في اللغة لا سيما حينما يأتي نص آخر فيه عدد أكثر من العدد الأول فالعدد لا مفهوم له, إذا قال العربي عندي ثلاثة دراهم أو عندي ثلاثة دور, هذا لا ينفي أن يكون عنده أكثر من ذلك ولكن ينفي أن يكون عنده أقل من ذلك فحينما يقول الرسول عليه السلام مثلا (صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بخمس وعشرين درجة ... ) هذا لا ينفي أن يكون التفضيل أكثر من خمس وعشرين درجة ولكننا نحن لا يجوز أن نتكلم بغير علم فإذا جاء الحديث بعدد الخمس والعشرين وقفنا عنده ولكننا إذا رأينا حديثا آخر ذكر بدل خمس وعشرين سبع وعشرين لا نقول هناك خلاف بين العددين بين الخمس والعشرين والسبع والعشرين.

(189/11)


«
تعليق الشيخ على رياض الصالحين للنووي قال رحمه ...... ".السابع عشر: عن سعيد بن عبد العزيز، عن ربيعة بن يزيد، عن أبي إدريس الخولاني، عن أبي ذرٍ جندب بن جنادة، رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم ف»
الشيخ: ... كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله تعالى عليه وآله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
نسمعكم الليلة حديثا من أحاديث كتاب رياض الصالحين للإمام النووي رحمه الله في باب تحريم الظلم وهو الحديث الثاني عشر قال عن سعيد بن عبد العزيز عن ربيعة بن يزيد عن أبي إدريس الخولاني عن أبي ذر جندب بن جنادة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم روي عن الله تبارك وتعالى أنه قال (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم يا عبادي إنكم تخطؤون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني أغفر لكم يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا, ياعبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد ما نقص ذلك من ملكي شيئا ياعبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنّكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومنّ إلا نفسه).
قال سعيد وهو ابن عبد العزيز كان أبو إدريس يعني الخولاني إذا حدث بهذا الحديث جثى على ركبتيه كناية عن اهتمامه بما في هذا الحديث من معاني تتعلق بالله عز وجل واستغنائه عن العالمين جميعا, هذا الحديث يقول المصنف رواه مسلم أي في صحيحه وروينا عن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله قال " ليس لأهل الشام حديث أشرف من هذا الحديث " يعني بالعبارة الأخيرة ليس لأهل الشام أن هذا الحديث سنده كل رجاله شاميون فهذا الحديث أشرف حديث رواه الشاميون في جملة الأحاديث التي رووها بأسانيدهم عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
نعود إلى الحديث فنقرأه فقرة فقرة مع شيء من البيان والتوضيح.

(190/1)


«
التعريف براوي الحديث مع بيان تعريف الحديث القدسي و الفرق بينه وبين القرآن الكريم
الشيخ: أولا راوي هذا الحديث هو أبو ذر الغفار الصحابي المشهور ومن شهرته زهده الشديد الذي تميز به عن سائر أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقل من يعرف اسم أبي ذر ولذلك ذكره المصنف بكنيته زائدا بذكر اسمه فاسمه جندب واسم أبيه جنادة فأبو ذر اسمه جندب بن جنادة يقول راويا لهذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولكن قال فيما يروي عن الله تبارك وتعالى أنه قال أي إن هذا الحديث من الأحاديث القدسية ليس من الأحاديث العادية النبوية والفرق بين الحديث القدسي وبين الحديث النبوي هو أن الحديث القدسي يرويه النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن ربه عز وجل من قوله تبارك وتعالى ومن كلامه كما يروي الصحابي الحديث العادي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من قوله ومن كلامه فالحديث القدسي يرويه النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن ربه تبارك وتعالى أنه قال كذا وكذا ومن هذه الأحاديث القدسية هذا الحديث الذي بين أيدينا الأن, والفارق بين الحديث العادي والحديث القدسي أن الحديث العادي لا يذكر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيه أن الله قال هذا الكلام مثلا (من قال لصاحبه يوم الجمعة أنصت والإمام يخطب فقد لغى) هذا الحديث نبوي عادي يقول فيه الصحابي قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (من قال لصاحبه يوم الجمعة أنصت والإمام يخطب فقد لغا) فكما ترون لم يذكر فيه قال الله تبارك وتعالى وعلى الخلف من هذا وأمثلة الأحاديث العادية كثيرة جدا فهي الغالبة من الأحاديث كلها أما الحديث القدسي فيتميز بأن يبتدأه الرسول عليه السلام بقوله قال الله تبارك وتعالى كما في هذا الحديث وكما في أحاديث أخرى غير قليلة كمثل قوله عليه السلام (قال الله تبارك وتعالى أعددت لعبادي الصالحين في الجنة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر) فهذا يقول فيه الرسول عليه السلام أيضا قال الله تبارك وتعالى فقد عرفنا الفرق بين الحديث العادي وبين الحديث النبوي وهو فرق واضح كل ... الحديث القدسي نعم, عرفنا الفرق بين الحديث العادي والحديث القدسي والفرق بينها واضح كل حديث تسمعون فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى كذا وكذا فهو حديث قدسي وعلينا بعد أن عرفنا هذا الفرق بين الحديث النبوي العادي وبين الحديث القدسي أن نعرف الفرق بين الحديث القدسي وبين القرآن الكريم فقال الله عز وجل في القرآن الكريم نقول ((قل هو الله أحد)) فالقرآن كله من أوله إلى آخره كلام الله تبارك وتعالى فما الفرق إذًا بين كلام الله عز وجل المكتوب في المصحف وبين الحديث القدسي؟ الفرق هو من ناحيتين الناحية الأولى أن القرآن هو كلام الله عز وجل بلفظه ومعناه ثابت ذلك بالتواتر الذي لا يمكن أن يكون فيه زيادة حرف أو نقصان حرف أما الحديث القدسي فهو الذي لم يرو من طريق القرآن أي المصحف ولا روي بطريق التواتر إلا ما ندر جدا وإنما هو جاء من طريق الآحاد وطريق الآحاد ليس من الضروري أن يحافظ فيها حتى على الحرف الواحد فيمكن أن يكون الصحابي نفسه لما سمع الحديث هذا الحديث القدسي مثلا عن النبي صلى الله عليه وأله وسلم أن يكون وضع لفظة بدل لفظة أخرى بسبب اشتراكهما في المعنى, اللفظ يختلف ولكن المعنى واحد فمن هذه الحيثية يختلف الحديث النبوي عن القرآن الكريم وهناك اختلاف آخر بين الحديث القدسي وبين القرآن الكريم وهو أن القرآن معجز في بلاغته وفصاحته وأما الحديث النبوي فهو ليس في مستوى القرأن الكريم, الحديث القدسي فهو ليس في مستوى القرآن الكريم من حيث فصاحته وبلاغته كما أننا متعبدون بتلاوة القرأن بمثل قوله عليه الصلاة والسلام (من قرأ القرآن فله بكل حرف عشر حسنات لا أقول ((ألم)) حرف ولكن ألف حرف لام حرف ميم حرف) فهذه الفضيلة التي يعبر عنها أهل العلم بأننا متعبدون بتلاوة القرآن هذه خصوصية للقرآن وليست للحديث بمعنى أنك إذا قرأت الحديث أي حديث كان حتى لو كان حديثا قدسيا فليس لك بكل حرف عشر حسنات هذا أمر خاص بالقرآن الكريم لكن بالطبع لك على تلاوته وعلى ذكره وعلى روايته ثواب دون ثواب تلاوة القرآن بعد هذا البيان من الفرق بين القرآن وبين الحديث القدسي من ناحية وبيان الفرق بين الحديث القدسي والحديث العادي من ناحية أخرى.

(190/2)


«
بيان عقيدة أهل السنة والجماعة في القرآن الكريم مع الرد على المخالفين في ذلك
الشيخ: نعود إلى متن هذا الحديث حيث يقول (قال الله تبارك وتعالى) هنا مسألة لها علاقة بعلم التوحيد وقد انحرف عن الصواب فيها جماعة كثيرة من العلماء المتأخرين ممن نسميهم بالخلف, هذه المسألة هي كلام الله تبارك وتعالى فكلام الله عز وجل هل هو حقيقة كلام بحيث أنه كان من قبل غير مسموع فلما تكلم الله به صار مسموعا؟ أهو هكذا؟ أم هو كما يقول الأشاعرة والماتوريدية وغيرهم من الفرق الإسلامية أن كلام الله ليس مسموعا وإنما هو كلام نفسي يعبرون عنه بالكلام النفسي أي إن الكلام الذي منه القرآن ومنه الأحاديث القدسية لم يتكلم الله بها هذا معنى الكلام النفسي, إن الله لم يتكلم بها ولم يسمعها أحد منه تبارك وتعالى لا من الملائكة ولا من البشر إطلاقا ومن أجل هذا الانحراف عن دلالة الكلام على الحقيقة لكلام الله عز وجل جاؤوا بأشياء عجيبة جدا من تحريف الآيات القرآنية مثلا حينما قال الله تبارك وتعالى لموسى ((وما تلك بيمينك يا موسى)) يقول علماء الخلف ما قال الله لموسى ((وما تلك بيمينك يا موسى)) بل قول الله تبارك وتعالى هذا وكل كلامه هو كعلمه تبارك وتعالى قائم في ذاته لا يمكن أن يسمعه ولا أن يعني يحسّ به باعتباره إنسانا وإنما كيف خاطب الله موسى؟ خلق الله كلاما في الشجرة فقالت الشجرة لموسى وما تلك بيمينك يا موسى وقالت الشجرة إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري هذا مما يقوله أهل الاعتزال ومن اغتر بكلامهم وضلالهم في هذه المسألة من الأشاعرة والماتوريدية بينما هناك آيات صريحة أن كلام الله عز وجل يُسمع وهناك نصوص تدل على أن كلام الله قسمان أحدهما الكلام النفسي لكن النوع الآخر وهو الكلام المسموع فهذا ينكره أهل البدع ممن ذكرنا وغيرهم مثلا في الحديث الصحيح أيضا هو حديث قدسي (من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي) (قال الله تبارك وتعالى من ذكرني) يعني من عباده في نفسه (ذكرته في نفسي ومن ذكرني في ملإ ذكرته في ملإ خير من ملإه) إذًا كلام الله على نوعين, كلام نفسي وكلام ماذا نقول قولي فالكلام النفسي هو الذي صرح في هذا الحديث إذا إنسان ذكر الله خاليا ذكر الله سرا ذكره الله عز وجل في نفسه, أما إذا دعى الله وذكر الله على مسمع من الناس, الله عز وجل من باب هل جزاء الإحسان إلا الإحسان يذكره الله لهذا العبد في ملإ خير من الملأ الذين ذكر هذا الإنسان ربه من بينهم.
وهذا الملأ الذين هم خير من ذاك الملأ بلا شك هم الملائكة فإذا ذكر الله عبده بالخير أمام الملائكة فمعنى ذلك أن الملائكة يسمعون ذكر الله لهذا العبد الذاكر لله عز وجل على الملأ, فهذه المسألة في الواقع من المسائل التي خالف فيها الخلف السلف الصالح فأنكروا حقيقة كلام الله وعبروا عنه بأن كلام الله هو كلام نفسي ومن محاذير هذا الانحراف أن هذا القرآن الذي نحن معشر المسلمين نفخر به على سائر البشر أنه كلام الله المحفوظ بكل حرف أنزله الله فهو كذلك من محاذير القول والتفسير لكلام الله بأنه الكلام النفسي إنكار أن يكون هذا القرآن الكريم هو كلام الله فإذًا هنا يرد سؤال الله عز وجل ذكر بشرّ.
السائل: السلام عليكم.
الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أهلا مساء الخير تفضل.
نعى على بعض الكفار الذين قالوا عن هذا القرآن الكريم بأنه هو من قول البشر فقالوا ((إن هو إلا قول البشر)) هذا كلام باطل بداهة بالنسبة للمسلمين فما هو الحق والصواب الذي يقابل هذا الضلال من الكلام هو أن يقال أنه القرآن كلام الله تبارك وتعالى وقوله لأن الكفار قالوا ((إن هو إلا قول البشر)) فالمسلم ماذا يقول وماذا يعتقد إن هو إلا قول رب البشر أي قول و كلام رب العالمين فهل يقول هؤلاء الخلف بضد ما قال هؤلاء الكفار الذين نعى الله عليهم قولهم هذا ((إن هو إلا قول البشر)) مع الأسف الشديد إن تأويلهم لكلام الله المسطور في القرآن الكريم وفي الأحاديث القدسية كهذا الحديث الذي هو بين أيديكم الآن كل هذا الكلام هو عندهم في الحقيقة ليس كلام الله وإنما هو مخلوق وحينئذ تعرفون خطر هذه العقيدة لأنه لا فرق عند المسلم بين كافر يقول إن هذا القرآن هو كلام البشر وبين قائل آخر يقول هذا الكلام ما هو كلام البشر أي بشر كان وإنما هو كلام سيد البشر فهل هناك فرق في الضلال بين من يقول هذا القرآن هو كلام أي بشر وبين من يقول إنه هذا الكلام هو كلام محمد سيد البشر, هل هناك فرق في الضلال طبعا الجواب لا فرق لأن المقصود أن نعترف بأن هذا الكلام وهو القرآن والحديث القدسي هو كلام الله ليس كلام أحد سواه فإذا كان الله عز وجل ذم المشركين على قولهم في القرآن ((إن هو إلا قول البشر)) فمن قال إن هذا القرآن هو قول محمد عليه السلام فهو أيضا كافر وكذلك ولا فرق أبدا إذا قال هذا الكلام هو من قول جبريل عليه السلام كذلك هو كافر لأن المقصود أن يعتقد المؤمن بأن القرآن هو كلام الله وليس كلام أحد غيره فلا فرق حينئذ نسب هذا القرآن لبشر مطلق بشر أو لسيد البشر هو محمد عليه السلام أو لسيد الملائكة هو جبريل عليه السلام كل هذا ضلال لأن المقصود أن يعتقد المسلم أن القرأن هو كلام الله ليس إلا, فالذين يقولون بأن كلام الله هو كلام نفسي يرد عليهم سؤال فمن تكلم به؟ أول من تكلم, من هو الذي تكلم به؟ تجد أقوال وأجوبة عجيبة جدا منهم من يقول إن القرآن كتب في اللوح المحفوظ فنقله جبريل, إذًا هذا معنى أن أول من تكلم به من هو؟ جبريل.
إذًا هذا الكلام ليس هو كلام الله عز وجل بهذا التأويل, وناس آخرون يصرحون فيقولون لا ندري أول من تكلم به ولكن كلام الله مخلوق والمعتزلة يفترقون عن الأشاعرة في ناحية ويلتقون في ناحية أخرى المعتزلة صريحون في هذه الضلالة فهم يقولون كلام الله مخلوق أي القرأن هذا مخلوق ولذلك قام النزاع في زمن المأمون وبعد المأمون في هذه المسألة بين المعتزلة وبين أهل السنة وفي مقدمتهم الإمام أحمد رحمه الله, فالمعتزلة يصرحون بأن هذا القرأن هو كلام الله وبناء على ذلك هو ليس كلام الله وإنما هو مخلوق وبناء على ذلك يقولون من الذي قال لموسى ((وما تلك بيمينك يا موسى)) الشجرة ومن الذي قال ((إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري)) ((وإنك بالواد المقدس طوى)) إلخ من الذي قال في رأي المعتزلة يقولون هذا كلام خلقه الله في الشجرة فالشجرة هي التي تكلمت وسمعها موسى, أما الأشاعرة فجاؤوا ببدع من القول لكي لا يوافقوا المعتزلة في حقيقة قولهم فهم لا يقولون كلام الله مخلوق بل يقولون كما يقول أهل السنة أهل الحديث بأن كلام الله صفة من صفات الله وصفات الله كذاته فهي كلها أزلية وليس شيء منها بحادث فالأشاعرة لا يقولون بقولة المعتزلة لكن هم في الحقيقة يوافقونهم على ذلك الكلام مع شيء من اللّف والدوران في البيان فهم يقولون كلام الله الأزلي القديم هو الكلام النفسي هو الكلام النفسي الذي لا يسمع كالعلم والحقيقة الكلام النفسي والعلم سواء ليس شيء آخر أما هذا القول الذي سمعه موسى وسمعه محمد عليه السلام فهذا حادث, هذا كلام الأشاعرة في كل كتبهم وهذا من الانحراف الذي طرأ على المسلمين المتأخرين فيجب أن نعلم جميعا أن القرآن كلام الله منه بدأ كما يعتقد السّلف وإليه يعود وكلام الله سمعه موسى منه مباشرة وسمعه محمد عليه السلام ليلة أسري به من وراء حجاب أي نعم وتسمعه الملائكة حتى جاء في بعض الأحاديث أن الله عز وجل إذا تكلم بكلام كان له صوت كصلصلة الحديد كصوت الحديد فتسمعه الملائكة فيخشعون ويسجدون خائفين من رب العالمين فيتساءل بعضهم لبعض ماذا قال ربكم قالوا الحق فتتحدث الملائكة بما كلمهم الله فكان من قبل بعثة الرسول عليه السلام الجن يصعدون إلى طبقات السماء فيسترقون هذا الكلام الذي تتحدث به الملائكة مما تكلم الله به فسمعته الملائكة وتحدثوا بينهم فيسترقون السّمع فينزل أحد هؤلاء القرناء من الجن فيلقيه إلى بني إلى قرينه من الإنس فكلام الله يسمعه الملائكة ويسمعه الأنبياء فهو كلامه حقيقة ليس مخلوقا وليس هو الكلام النفسي الذي يزعمه الأشاعرة وإنما الكلام النفسي هو أقل من أن يذكر بالنسبة للكلام الحقيقي كما في ذاك الحديث الذي ذكرناه آنفا (من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ومن ذكرني في ملإ ذكرته في ملإ خير من ملإه) فهذا كما يقول الإمام الذهبي هذا الحديث يجمع بين الكلامين, يثبت الكلامين, الكلام النفسي والكلام اللفظي إذا صح هذا التعبير.
وهذا بحث في الواقع يطول فحسبنا منه هذا القدر.

(190/3)


«
شرح قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن الله تبارك وتعالى أنه قال: يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا، .... ".»
الشيخ: لنعود إلى الحديث القدسي الذي هو (قال الله تبارك وتعالى يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته محرما بينكم فلا تظالموا) هذا الحديث له دلالة ظاهرة واضحة يشترك في معرفتها كل من يسمع هذا الحديث وله دلالة خفية بعض الشيء لا يتنبه لها إلا ذوي العلم والفهم أما المسألة الأولى فهي أن الله تبارك وتعالى حرّم الظلم فضلا منه على عباده حرم الظلم على نفسه تبارك وتعالى وبالتالي حرمه على البشر فأمرهم بأن لا يتظالموا فإن الله عز وجل الذي هو مالك كل شيء وخالق كل شيء إذا كان تنزه وترفع عن ظلم هذا المملوك لديه فأنتم يا عبادي أولى بكم وأحرى أن لا يظلم بعضكم بعضا, هذا هو الفهم الأول الواضح وهناك فهم آخر فيه شيء من الخفاء وهو, هو يتعلق بعلم التوحيد وهو ما يسمونه بعلم الكلام, معنى هذا الحديث (إني حرمت الظلم على نفسي).
فمعنى قوله تبارك وتعالى في هذا الحديث (إني حرمت الظلم على نفسي) أي إنه قادر لو شاء أن يظلم الناس وهو قادر على ظلمهم ولكنه تبارك وتعالى منزه عن أن يظلمهم كما قال في العديد من الآيات بعبارات مختلفات منها (إن الله لا يظلم الناس مثقال ذرة).
السائل: ((إن الله لا يظلم مثقال ذرة)).
الشيخ: ((إن الله لا يظلم مثقال ذرة)) أي نعم, ((وما ربك بظلام للعبيد)) آيات كثيرة تصرح بأن الله عز وجل تنزه عن أن يظلم الناس شيئا وتنزه الله عن أن يفعل شيئا معناه أنه بقدرته الواسعة قادر على أن يفعل ذلك ولكنه لا يفعل لأن له صفات الكمال فالله عز وجل قادر على الظلم, يتصور في العقل وفي الذهن أن يظلم رب العالمين بعض خلقه إذا شاء ولكنه لا يفعل ذلك, لماذا؟ لأنه قدوس, لأنه منزه عن كل صفات النقص, ومن ذلك منزه عن الظلم فجاء هذا الحديث يؤكد هذا المعنى فيقول (إني حرمت الظلم على نفسي) , مع هذا الحديث هناك في كتب الكلام مثل كتاب الجوهرة وشروحها وحواشيها التصريح بأن الله عز وجل لو عذب الناس كلهم وفيهم محمد عليه السلام وأدخله النار لم يكن ظالما, لماذا يقولون هذا الكلام لأنهم يعتقدون أن الظلم بالنسبة لله غير ممكن وهنا الدقة في المسألة كما أشرت إليها آنفا, نحن قلنا إن الله قادر على أن يظلم الناس ولكنه لا يفعل ذلك لأنه مترفع ومتنزه عن الظلم أما الأشاعرة وغيرهم فيقولون إن الظلم بالنسبة لله غير متصور لا يمكن تخيله لأن الظلم ما هو في رأيهم هو أن تتصرف في مال الغير بغير إذنه, والله عز وجل كل خلقه هم عبيد له فإذا تصرف فيهم بأي تصرف كان فهو ليس ظلما لهم لذلك لا يقولون إن الله قادر على الظلم ولكنه لا يفعل بل هذا الظلم من المستحيلات التي لا تتعلق بهذه المستحيلات القدرة الإلاهية والإرادة الإلاهية, بناء على ذلك فصلوا فقالوا لله عز وجل تعذيب الطائع وإثابة العاصي, قالوا لله عز وجل أن يُدخل محمدا عليه الصلاة والسلام وأن يجعله في أسفل سافلين في مكان إبليس وبالعكس أن يرفع إبليس إلى أعلى درجة في الجنة وأن يعطيه المقام المحمود الذي وعد به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
إن فعل هذا رب العالمين فليس هناك شيء من الظلم, هكذا يقولون ويصرحون ولكن الحديث هذا لكن الحديث هذا من أصرح الأدلة في الرد عليهم فإنه يقول (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي) كلمة حرمت الظلم معناها أستطيع أن أظلم ولكن أنا حرمت ذلك على نفسي, إذا قال الإنسان أنا حرمت على نفسي شرب الدخان ليس معنى ذلك أنه عاجز عن شرب الدخان فحرمه على نفسه, هذا كلام لا يقوله أي إنسان عاقل فكذلك قول الله عز وجل هنا (إني حرمت الظلم على نفسي) معناه أن الله عز وجل من حيث قدرته يستطيع أن يظلم الإنسان وهذا واضح بداهة, يستطيع أن يأخذ أي إنسان صالح ويدخله النار, قادر على ذلك ولكنه منزه أن يفعل ذلك لأن لله كل صفات الكمال فحينما قال (إني حرمت الظلم على نفسي ... ) إذًا لا يجوز لنا أبدا أن نطلق ذلك الكلام الذي تقوله بعض كتب علم الكتاب " يجوز لله تعذيب الطائع" هذا لا يجوز في حق تبارك وتعالى أبدا بدليل الآيات التي تصرح بأن الله لا يظلم الناس شيئا وبصريح هذا الحديث الذي يصرح أن الظلم حرمه ربنا على نفسه ولذلك دعانا نحن أن لا يظلم بعضنا بعضا.

(190/4)


«
تتمة شرح قوله عليه الصلاة والسلام " .... يا عبادي كلكم ضالٌ إلا من هديته؛ فاستهدوني أهدكم، يا عبادي كلكم جائعٌ إلا من أطعمته؛ فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي كلكم عارٍ إلا من كسوته، فاستكسوني أكسكم .... ".»
الشيخ: قال الله تبارك وتعالى (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم) هذا الحديث له علاقة بالقضاء والقدر الذي أساء فهمه كثير من المسلمين فكان فيهم من يقول بالجبر وبأن الإنسان لا يملك أن يكون سعيدا ولا يملك أن يكون شقيا وإنما هو القدر المحتوم فهذا الحديث يردّ على هؤلاء فيقول كلكم ضال إلا من هديته ...
إذًا مادام الله كما قال في القرآن الكريم ((يهدي من يشاء ويضل من يشاء)) نستسلم نحن لهذا الأمر الحقيقي الواقع أن الله يهدي من يشاء ويضل من يشاء فإن كنا من المهتدين فسنهتدي وإن كنا من الضالين فلا سبيل للهداية فلنقل هكذا يأتي تتمة الجملة هذه في الرد الصريح على مثل هذا الكلام المفضوح فيقول (فاستهدوني أهدكم) بعد أن يقرر كلكم ضال إلا من هديته يقول رب العالمين اطلبوا مني الهداية أجعلكم من المهتدين, إذًا هذا الحديث يقرر حقيقتين اثنتين, إحداهما تتعلق برب العالمين والأخرى تتعلق بالمكلفين أما القضية الأولى التي تتعلق برب العالمين هي أن الهداية هي من الله والضلال من الله ((يضل من يشاء ويهدي من يشاء)) بلا شك ولكن الناس في واقع أمرهم أو بعضهم على الأقل يؤمنون في عقيدتهم ببعض الكتاب ويكفرون ببعض, صحيح ربنا يقول ((يضل من يشاء ويهدي من يشاء)) ولكن يأتي سؤال, من الذي أو الذين يضلهم الله ومن الذين يهديهم الله؟ يأتي الجواب في القرآن وفي السنة, أما الذي يضلهم الله فقد قال الله عز وجل في حق القرآن ((يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا وما يضل به إلا الفاسقين)) إذًا الله يضل الفاسقين أي الذين يتعمدون الخروج عن طاعة رب العالمين فهؤلاء الذين يضلهم ومن الذين يهديهم الله, تسمعون الجواب في هذا الحديث هم الذين يقبلون على الله بقلوبهم يطلبون منه أن يهديهم فإذًا الحديث يجمع بين حقيقتين اثنتين, إحداهما تتعلق بالله عز وجل وأنه فعال لما يريد يهدي من يشاء ويضل من يشاء, هذه حقيقة لا يجوز لأي مسلم أن يشك فيها أبدا لكن هذه الحقيقة تتعلق بالله عز وجل وباختصاصه ليس لنا نحن دخل في ذلك أما الحقيقة الأخرى فهي التي تتعلق بنا فهو تبارك وتعالى بعد أن يقول (كلكم ضال إلا من هديته) يأمرنا فيقول (فاستهدوني أهدكم) إذًا هذا الحديث يثبت لنا قاعدة, يؤسس لنا قاعدة وهي قاعدة الأخذ بالأسباب, قاعدة الأخذ بالأسباب حتى في الهداية وفي الضلال فهل الذي يطلب الهداية من الله فلا بد أن الله يهديه والذي يعرض عن الله عز وجل ولا يستهديه فسوف لا يهديه تبارك وتعالى وفي صدد بيان هذا جاء قوله تبارك وتعالى في سورة الليل ((فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى)) فهذه الآية أو هاتان الآيتان تفسران لنا مبدأ الأخذ بالأسباب كهذا الحديث (فاستهدوني أهدكم) خذوا بسبب الهداية وهو أن تطلبوا الهداية من الله دعاء وعملا لا يكفي أن تدعوه أن يهديك وأنت تعرض عنه وقد هداك كما قال تعالى ((وهديناه النجدين)) دلنا على الطريقين طريق الخير وطريق الشر ومن تمام دلالته تبارك وتعالى لنا على الطريقين أن قال لنا هذا طريق الخير فاسلكوه وهذا طريق الشر فاجتنبوه فكما أنه هذا الحديث يضع لنا سبب الهداية وذلك بأن نطلب من الله عز وجل بألسنتنا وقلوبنا أن يهدينا لما أنزل علينا من الحق من القرآن الكريم وأن نستجيب نحن بدعوته وأن نعمل بهدايته تبارك وتعالى فكما أن هذا الحديث يثبت هذا المبدأ, مبدأ الأخذ بالأسباب كذلك الآيات السابقات ((فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى)) فهؤلاء هم الذين يهديهم الله عز وجل لا العكس ((وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى)) إذا عرفنا هذه الحقيقة وهي تتلخص بأن الله يهدي من توجه إليه وطلب الهداية منه ويضل المعرضين عنه إذا عرفنا هذه الحقيقة سهل علينا أن نفهم كثيرا من الآيات وكثيرا من الأحاديث النبوية التي أحسن ما يقال بالنسبة لبعض الناس أنهم لم يحسنوا فهمها والواقع أنهم أساؤوا فهمها أشد الإساءة, من ذلك مثلا الحديث المشهور ذلك الحديث المشهور الذي يقول إن الله عز وجل لما خلق الخلق في عالم الذر قبض قبضة بيمينه فقال هؤلاء إلى الجنة ولا أبالي وقبض قبضة بشماله وكما في بعض الأحاديث (وكلتا يدي ربي يمين) وقبض قبضة بشماله فقال هؤلاء للنار ولا أبالي يقول بعض الناس من أولئك الجبرية إذًا القضية منتهية فأنا إما من هذه القبضة قبضة اليمين أي هو من أهل اليمين من الجنة وإما من هذه القبضة الأخرى فإن كنت من أهل القبضة الأخرى فما يفيدني العمل الصالح شيئا أبدا وإن كنت من أهل القبضة الأولى فلا يضرني العمل الصالح أبدا فلماذا نعمل؟ جاء الجواب في الحديث (اعملوا فكل ميسر لما خلق له فمن كان من أهل الجنة فسيعمل بعمل أهل الجنة ومن كان من أهل النار فسيعمل بعمل أهل النار) إذًا أهل الجنة يدخلون الجنة بأعمالهم وأهل النار يدخلون النار بأعمالهم, وقد صرح ربنا عز وجل بشيء من هذا فقال ((ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون)) والآية الأخرى ((وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون)) ما قال بما كتب عليكم أو بمن كان من قبضة اليمين فهو من أهل الجنة ومن كان من قبضة الشمال فهو من أهل النار.
ومن باب التوضيح لهذا الحديث حديث القبضتين يوجب علينا التذكير بأن الله عز وجل ((ليس كمثله شيء وهو السميع البصير)) فكثير من الناس بسبب غفلتهم أو جهلهم أو ضلالتهم يتوهم أن قبضة الله هي كقبضة عبده من عباد الله فأي إنسان اليوم من العلافين أو بياعين الحمّص فهؤلاء مثلا بيجعلوا مثلا الحمص قسمين الحمص الفحل والحمص الصغير فكيف يميزونه, كما تعلمون يضعونه في المنخل وبيتموا رايحين جايين فهالي بيسقط فيكون دليل على أنه صغير الحجم فيباع بثمن والي يبقى فايش على المنخل فهو فحل هذا من عجز الإنسان أما الإنسان لو كان أعطي صفة الله عزّ وجل ما في حاجة لها الغلبة كلها كان بيقبض قبضة من الكوم الذي فيه مثلا الحمص هذا فتخرج في قبضته هالي بدو إياها شو بدو؟ الفحلة تخرج بقبضته اليمنى شو بدو الصغيرة أو المسوسة بتطلع بيده اليسرى لكن الإنسان عاجر غير قادر أما رب العالمين فليس كذلك فقبضته صاحبها صفات الله كلها مثلا القدرة مثلا الخبرة مثلا الحكمة العدالة فالله عز وجل ذات متصف بكل صفات الكمال لا تنفصل هذه الصفات عن ذاته تبارك وتعالى في أي فعل يصدر منه عز وجل من هذه الأفعال التي صدرت منه هاتان القبضتان, فترى لما قبض من ذلك العالم الذي بيعد الملايين بلايين ملايين إلخ البشر من يوم قدّر آدم إلى قيام الساعة هذا العدد الضخم حينما قبض الله قبضة بيمينه لا شك يجب أن نتصور أن هذه القبضة مقرون بها القدرة والعلم والخبرة والعدل والحكمة وكل صفات الكمال.
إذًا لما قبض الله القبضة الأولى إنما قبض من علم الله أنه حينما يبعث في الدنيا وحينما يكون بشرا سويا وتأتيه النذر والأنبياء والرسل ويدعونه إلى طاعة الله يستجيب فهذه القبضة إنما أحاطت بهؤلاء الذين سبق في علم الله عز وجل أنهم سيستجيبون لطاعته فهذه القبضة بحكمة وبعلم وبعدالة والعكس بالعكس القبضة الأخرى إنما أحاطت بالذين سبق في علم الله عز وجل أنهم سيعصونه تبارك وتعالى فإذًا هذه القبضة ليست قضية فوضى يعني خبط عشواء كما يقال صدفة حظ نصيب هالي طلع باليمين فهو من أهل الجنة وهالي طلع بالشمال فهو من أهل النار حاشا لله عز وجل أن يكون كذلك, ((ليس كمثله شيء وهو السميع البصير)) إذا كل حديث وكل آية يجب أن تفسر على ضوء الأخذ بمبدأ الأسباب, الله عزّ وجل جعل لكل شيء سببا, فلكل مسبب سبب فسبب دخول الجنة الإيمان ولذلك قال عليه الصلاة والسلام لما أرسل أبا بكر الصديق قبل حجة الوداع إلى الموسم وأمره أن ينادي بكلمات كان من هذه الكلمات وأنه لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة أو مؤمنة فإذًا الجنة بالسبب وهو الإيمان والعمل الصالح والنار بالسبب وهو الكفر والعمل الطالح فهنا يقول الله عزّ وجل منبها عباده بأننا فقراء وهو الغني بأننا ضعفاء وهو القوي بأننا ضالون فيجب علينا أن نطلب الهداية من الله فهو يهدينا (يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم) أما الإنسان يعيش الأبد الجهر كله ولا ينتصب إلى الله ولا يطلب منه هدايته ثم يقول إن كان كتب بي ... السعادة فأنا من أهل السّعادة وإن كان كتب لي ... الشقاوة فأنا من أهل الشقاوة, فهذا ضلال ليس بعده ضلال فهو ينكر مبدأ الأخذ بالأسباب ومن عجائب الناس اليوم أنهم فيما يتعلق بأمور الإيمان والإسلام هم جبريون وفيما يتعلق بمسائل الحياة والمعيشة فهم معتزلة لا يؤمنون بالقدر فهم يسعون في الأرض سعيا حثيثا ليش؟ لأنهم بيعرفوا بالتجربة أنه إذا ما خرجوا من بيته وركض وراء رزقه ما بيجيه الرزق لكن هل من هذا الرزق ورزق الجنة هذا يأتيه بخبط عشواء كما يظن إن كان من القبضة اليمنى فهو من أهل الجنة وإلا فهو من أهل النار.
هذه العقائد هي في الواقع من أعظم الأسباب التي أودت بالمسلمين إلى هذا الحضيض الذي هوو فيه, لأنه عكسوا الأمور فيما يجب الأخذ فيه بالأسباب تركوا فيه العمل كأن يقول الإنسان اليوم وهذا موجود أيضا إذا كان الله بينصرنا على اليهود بينصرنا, ما في حاجة نتخذ الوسائل الوسائل التي أمر الله بها في العديد من الآيات كمثل الأية المشهورة ((وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة)) إلى آخر الآية.
وهذا ما وقع فيه كثير من المتأخرين ما في خلاص الأمة الإسلامية كل ما لها في تأخر حتى ينزل عيسى عليه السلام من السماء ويلتقي مع المهدي عليه السلام فيقتل الدجال ويخرجون اليهود من بيت المقدس فحكموا على نفسهم بالموت وأنهم لا يحييون إلا بنزول عيسى, من أين جاءهم هذا؟ من ترك الأخذ بوسائل الحياة بوسائل العزة والسعادة في الدنيا قبل الآخرة أما السّعادة التي لارتباط لها بالحياة الآخروية فهم كما سمعتم معتزلة يأخذون بكل الأسباب أما الأسباب التي تعزهم في الدنيا قبل الأخرة فهم في ذلك موتى فعلينا أن نتعظ بهذا الحديث خاصة في قوله تبارك وتعالى (يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم) إذًا فنصيحتي إياكم أن لا تنسوا هذه القاعدة, قاعدة الأخذ بالأسباب أسباب الحياة سواء كانت دنيوية أو كانت أخروية ومن ذلك من هذه الأسباب أن نطلب من الله تبارك وتعالى خاشعين ضارعين أن يجعلنا من عباده المهتدين ومن تمام ذلك أن ندرس شرعه كتابه وحديث نبيه صلى الله عليه وسلم لأنه بذلك هدانا كما قال عليه الصلاة والسّلام وبذلك أختم هذا الدرس في الحديث الصحيح المشهور (تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما كتاب الله وسنتي لن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض) وبهذا القدر كفاية والحمد لله رب العالمين, ولعلنا غدا إن شاء الله نتمم هذا الحديث الشريف بيانا وتوضيحا.

(190/5)


«
كلام الشيخ على بعض مسائل القدر
الشيخ: ... وفسرنا حديث القبضتين يعني أن الملك حينما يأمره الله تبارك وتعالى بأن يكتب سعادة الجنين وهو لا يزال في بطن أمه ولم يخرج إلى قيد الحياة إنما يكتب الله له ما سبق في علمه مما سيفعله حينما يوجد في قيد الحياة ويبلغ مبلغ التكليف خمسة عشر أربعة عشر ... فإما سعيد فذلك ما عرفه الله بسابق علمه فكتبه في اللوح المحفوظ وبالتالي أمر الملك أن يكتب ذلك كتابة جديدة وهو لا يزال جنينا في بطن أمه, كل, أنا أشرت إشارة سريعة جدا, كل نص في القرأن أو في السنة يوهم الجبر ففسروه على ضوء ما فسرنا لكم من حديث القبضتين أي الكتابة سواء الكتابة في اللوح المحفوظ أو الكتابة في ليلة مباركة في رمضان أو الكتابة للجنين من الملك كما سألت كل ذلك على وفق ما سبق في علم الله عزّ وجل فعلم الله هو علم ذاتي يكتشف الوقائع قبل وقوعها ثم يأكد اكتشافه لذلك بكتابات قديمة أزلية يكتبها كشأن المتثبت مما يعلم وهذا واضح من باب التقريب لا التمثيل بالطبع والتحديد.
الإنسان الواثق بعلمه لا يتردد أبدا أن يذيعه بين الناس, لا يتردد في أن يخطب به ولا أن يسجله في كتاب ... الناس لأنه متمكن فيه فربنا تبارك وتعالى وله المثل الأعلى هو علمه ذاتي ولا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه فكل شيء سبق في علم الله سطره في اللوح المحفوظ ثم يأتي التفصيل الجزئي على وفق التفصيل الكلي فإذًا كتابة السعادة من الملك للجنين أو الشقاوة وهو في بطن أمه ليس معناه إجباره على إما السعادة وإما الشقاوة وإنما ذلك اكتشاف لما سيصير إليه هذا الجنين باختياره لا باضطراره لأن الجبر والتكليف لا يجتمعان أبدا.

(190/6)


«
ورد في حديث عن النبي صلى الله عليه سلم أن الله تبارك وتعالى قبض قبضة بيمينه و قبضة بيساره .. " الحديث وذكرت أنت يا شيخ أن كلتا يدي الله يمين فكيف الجمع"؟»
الشيخ: تفضل.
السائل: ورد في حديث أنه الرسول, الله سبحانه وتعالى قبض قبضة بيمينه وقبضة بيساره.
الشيخ: ورجعت قلت كلتا يديه يمين.
الشيخ: نعم.
السائل: ... مثال ... كلتا يديه يمين؟
الشيخ: لأنه في بعض الأحاديث يقول الرسول عليه السلام من باب بيان من باب تفصيل أو بعض التفصيل لقوله تعالى ((ليس كمثله شيء)) فالله له يدان ((ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي)) هذا في نص القرآن وكثير كثير من النصوص فيه نعم إثبات اليدين لله عز وجل ففي بعض الأحاديث كهذا الحديث القبضتين يمين وشمال, جاء في بعض الأحاديث الأخرى تأكيدا لقوله ليس كمثله شيء وكلتا يدي ربي يمين, ... .
السائل: ... .
الشيخ: عرفت كيف؟
السائل: نعم, يعني هذا من صفات الله ومما يتميز به على عباده وخلقه ومما يعني من كماله هو أن الله عز وجل كلتا يديه يمين, قلت ماذا؟
السائل: المقسطون على منابر.
الشيخ: نعم, أي نعم.
سائل أخر: يقول ... يمين وشمال.
الشيخ: إيه.
السائل: ... بالتالي يمين.
الشيخ: أي نعم, نجمع بين.
السائل: متناقضات ..
الشيخ: لا ما في تناقض لأنه.
السائل: هذا فهمنا نحن ما ... .
الشيخ: هذا ما بيجوز, هو من هنا جاء الخطأ لما بتقول الله موجود.
السائل: نعم.
الشيخ: لكن ما بيجوز تتصور أنه وجوده كوجودنا وإنما هذا قدر مشترك بينك وبينه وجودك غير وجوده حقيقة وجودك غير حقيقة وجوده وهكذا ((ليس كمثله شيء وهو السميع البصير)) لكن الله عز وجل وصف الإنسان بأنه سميع بصير فقال ((فجعلناه سميعا بصيرا)) هل معنى ذلك أنه سمع الله كسمع الإنسان أو بالعكس سمع الإنسان كسمع الله لا, هذا كما يقول أهل العلم اشتراك لفظي أما الحقيقة فهي مختلفة أشد الاختلاف, إيه, من جملة الاختلاف في بعض صفات الله عز وجل أن كلتا يدي ربي يمين هذا مما يميزه على خلقه ومما يؤكد في هذه الصفة قوله تبارك وتعالى ((ليس كمثله شيء)) ... أعظم على الله الفرية وذكرت رؤية الله.
السائل: ذكرت لنا اثنين ..
الشيخ: ثم الثاني لا ما ذكرت إلا واحدا " ومن حدثكم.
السائل: ... .
الشيخ: " أن محمد صلى الله عليه وأله وسلم كان يعلم ما في غد فقد أعظم على الله الفرية ثم تلت قول الله تبارك وتعالى ((قل لا يعلم من في السماوات والأرض)) والأرض وإلا من في الأرض؟ ".

(190/7)


«
يا شيخ حرمتم المعاملة مع البنوك فمع من نتعامل إذن يا شيخ؟»
السائل: ألو ألو ألو.
الشيخ: نعم.
السائل: مرحبا الشيخ الألباني.
الشيخ: أهلا.
السائل: كيف صحتك؟
الشيخ: الحمد لله.
السائل: يا سيدي.
الشيخ: نعم.
السائل: هلا في زميل عندنا سألك أنه بالنسبة لفوائد البنك أنها حرام إسلامي أو غير إسلامي يعني ولعله, مع مين نروح نتعامل نحن؟
الشيخ: ما أعرف.
السائل: ولكيف نتعامل؟ مع من نروح حتى ... .
الشيخ: لا أعرف مع من تتعامل, ماني تاجر مثلك.
السائل: أه؟ تاجر؟
الشيخ: يا أخي لا أعرف, فهمت وإلا ما فهمت, لا أعرف مع من تتعامل لكن أعرف أنك تتعامل مع ربك بما أمرك به والربا محرم هذا الذي أعرفه.
السائل: أما, إسلامي وغير إسلامي؟

(191/1)


«
ما حكم توزيع بعض الشركات مسابقات على المواطنين فيها أسئلة ثقافية واجتماعية وغيرها وترصد لمن يجيب على الأسئلة جوائز من هذه الشركة فما حكم ذلك وهذه المسابقة عبارة عن دعاية لتلك الشركة؟»
عيد: السائل يسأل يا شيخي أن شركة من الشركات تقوم بتوزيع مسابقات على المواطنين أو على الناس فيها أسئلة هذه الأسئلة ثقافية وإسلامية واجتماعية، وترصد لمن يجيب على هذه الأسئلة جوائز من هذه الشركة.
يجيب مثلا عشرة عشرين إجابات صحيحة وهم قد رفضوا لعشرة فقط على سبيل المثال لا الحصر فالعشرين يعمل لهم قرعة حتى يستخرج منهم عشرة يعطون هذه الجوائز التي رصدت من قبل هذه الشركة.
فهذه الصورة التي ذكرها السائل لي.
كنت سألته سؤال كما يعني دائما تسألون يا شيخي السائل حتى يعني نخرج بنتيجة أنه ما الفائدة وما الثمرة من هذه المسابقة التي تعود على الشركة؟ فلم يجب بشيء قال أنا لا اعلم ولكن فيما يظهر يعني لنا أنها دعاية لأنه الأوراق تكون مُروّسة باسم المؤسسة وأنها تبيع كذا وكذا وكذا يعني حتى تكون عباة عن دعاية لها, فهذه الصورة يا شيخي ما الحكم الشرعي في هذا؟
الشيخ: المسألة الجواب عليها أولا تعود إلى توفر شرطين اثنين.
عيد: نعم.
الشيخ: الشرط الأول أن لا يكون في الأسئلة أشياء تتعلق بصالح الشركة ولو خالفت الشريعة.
السائل: نعم, يعني كبضائع مثلا محرمة كذا, شيء.
الشيخ: أي شيء لأن السؤال مغمغم السؤال معمّى.
عيد: نعم.
الشيخ: ولذلك نحن نحط هذا الشرط.
عيد: جزاك الله خيرا, نعم.
الشيخ: الشرط الثاني أنه ما, أنه يكون المكافئات هذه خارجة من كيس الشركة وليس مثلا من كيس المشتركين في الإجابة عن السؤال أو كيس اللي بدهم يتعاملوا مع الشركة في المستقبل القريب فترفع هي الأسعار من أجل أنه تطالع قيمة هذه المكافئات التي تقدمها على المجيبين.
عيد: نعم, في نقطة شيخي الورقة بيبعوها بخمسين فلسا.
الشيخ: بدأت هلا.
عيد: نعم.
الشيخ: هذه بدأت.
السائل: فهذه فيها.
الشيخ: لكان؟
عيد: فيها شيء.
الشيخ: إيه, بيبيعوا ألف ورقة بخمسين فلس بيطلعوا مجموع قيمة الهدايا.
السائل: أي نعم.
الشيخ: وبيوزعوها.
السائل: أي نعم, إذًا، إذا أخذ القيمة فهذا يدخل في باب المقامرة.
الشيخ: في ... حاطين بس رقم عشرة بيطرحوا العشرة الآخرين الذين اشتركوا
عيد: نعم
الشيخ: وبيحصروا بعشرة وبيديروا القرعة فهذيك العشرة الآخرين دفعوا خمسين فلس كل واحد منهم، هاالخمسين فلس هذول.
عيد: نعم.
الشيخ: راحوا للمكتسبين.
السائل: نعم, إذًا فهمنا إذا كان فيها قيمة لهذه الأوراق تصبح يعني تدخل في باب المقامرة يا شيخي؟
الشيخ: أي نعم.
سائل آخر: ليست الأوراق فقط ... أيضا فيه سلع.
الشيخ: هذاك شرط أخر هلا انكشف هذا النوع.
عيد: هذان الشرطان هل يضاف لهم شرطا ثالثا أم لا يكون قيمة في هذه ... .
سائل آخر: شغلة على الصورة الثانية عندنا في الشام بيوزعوا المحارم نفس السّعر لكن في عليها القسيمة داخلها فيها رقم ..
الشيخ: نفس الجواب هلا هذا كثير نوعه.
السائل: بس.
الشيخ: هلاّ مثلا ... القازوزات بالسدادات تبعها بيكبتوا إيش نصيب، أشياء كثيرة جدا فالجواب إن كان ها المكافئات خلينا نسميها نحن المكافئة هذه جعالة وفي سبيل الدعاية لشركة أو للمعمل أو أو إلى آخره، إذا كانت هذه الجعالات هذه طالعة من كيس الشركة ما فيها شيء أما إذا كانت طالعة من كيس الزبائن لأنهم هم رفعوا السعر ولو بشيء بسيط جدا جدا، فهي بتكون من ها القبيل هذا مقامرة يعني بين تكون مكافئة وبين تكون مقامرة, بين تكون الشركة تنفق من جيبها في سبيل الدعاية لشركتها أو بتحتال بطريقة أو بأخرى لأخذ هذه المكافئات من جيوب الشراة الذين بدهم يشترون من عندهم.
السائل: حتى لو تحقق الشرط أنه ما أخذوا من المشتري لكن جعلوا اختيار الرقم عن طريق ... الحظ؟
الشيخ: معليش هذه قرعة، الحظ استعماله كقمار هو المحرم أما القرعة مشروعة.

(191/2)


«
أسئلة عن بعض أحكام التبرعات وذلك باجتماع موظفي التلفزيون ويجمعون التبرعات عن طريق الهاتف وذلك لأجل بعض المستشفيات؟»
عيد: شيخي أود ... حول هذه الأمور في, بعد صلاة الجمعة أخونا أبو مالك ذكر كما سمعتم حول التبرع لمستشفى الأمل تبع السرطان وأمس كنت عند بيت الوالد ورأيتهم كذلك يجمعون بطريقة سبحان الله شيخي عجيبة يعني فعلا طريقة أو يعني سياسة عجيبة جدا حتى أنهم أصبح تنافس بين الناس وحتى يريد من يدفع ويتبرع لهذا المستشفى.
الشيخ: إيه أنا ما أدري من سمعت من سهام هذه.
عيد: نعم
الشيخ: قالت شيء, مبالغ يعني فظيعة جدا.
عيد: أعلاها شيخي.
الشيخ: طيب شو الطريقة؟
عيد: أي نعم, هذه حتى تكون عندكم الصورة, جيبين طبعا بث مباشرة مجموعة من الموظفين في التلفزيون يجلسون على طاولات وماسكين هواتف مباشرة المواطن بيتصل عليهم بتطلع ألو من المتبرع؟ أنا المتبرع شو اسمك؟ أنا صاحب شركة كذا وتبرعت بألف دينار بيسجلوا اسمه بوقت كذا, بيحطوا التلفون, بيقولوا وشكرا له كذا يعني مدح وثناء بعد شوي بيتصل واحد ثاني ... الفلاني بخمسة آلاف دينار بعدها بكذا بعدها يجي يقول مثلا بيصيروا ... بعضهم ببعض يا فلان جايبين ممثلين يا فلان طيب الأن شو ظل ناقصنا؟ والله ظل ناقصين ها الغرفة الإنعاش هذه شو بتكلف؟ بتكلف خمسة عشر ألفا دينار بعد شوي هو واحد متصل يا أخي أنا متبرع بغرفة إنعاش بخمسة عشر ألف دينار بعد شوية كذلك أنا متبرع كذا حتى أن أحدهم تبرع بربع مليون, مائتان وخسمون ألفا دينار وبهذه الصورة هذه خلال يمكن ساعات معدودة اتصل واحد قال يعني نريد نشوف كم جمعتوا فوصّل الرقم إلى أربع مليون دينار أردني فهل الأسلوب هذا يا شيخي وها الطريقة هذه, طبعا بعدين بيجيبوا صورة ثانية على الاستيديو, هنا في جمعية أو ما أدري إيش بسموها هذه بيجيبوا صورة ... بأطفال طفل ماسك ورقة بيقل له تفضل يا عمي أيوه شوفوا هذ الطفل النزيه البريء جايب خمس دينارات! إيه واحد ثاني شوف واحد جايب حصالته فيها يمكن دينار أو دينارين, واحد جايب صار ... الطريقة هذه.
ففعلا استقطبوا قلوب الناس حتى إيش؟ يعتني يعطوا ها المبالغ هذه الطائلة فإذا كان فيه ملاحظة يا شيخي أو شيء على هذا حتى يعني الإنسان يكون على؟
الشيخ: ملاحظة. في شيء أولا أنا بيغلب على ظني أنه فيها أمور تمثيلية غير حقيقة.
عيد: من أي ناحية شيخي؟
الشيخ: إيه متفقين هم مع أفراد منهم أنه اتصل معنا وقل أنا بدي أتبرع بربع مليون وهذا الخمسة ألاف وإلى أخره.
عيد: نعم.
الشيخ: هذا حبر على ورق فقط لإثارة الشعب وتحريكه وتحميسه.
عيد: نعم.
الشيخ: أنا لا أستبعد هذا.
عيد: أه هذا.
الشيخ: هذا من جهة من جهة ثانية تحريك النفوس بهذه الطريقة تدفعها للمراءات فالمراياء وعدم الإخلاص في الصدقة أو في التبرع لله عز وجل.
نحن نقول هؤلاء الذين يتبرعوا هم ونواياهم.
عيد: نعم.
الشيخ: لكن لا نؤيد هذا الأسلوب.
عيد: يعدين شيخي هم شاطرين عارفين ... جابو الدكتور أحمد العوايشة وسووا معاه مقابلة أمام الأطفال وأمام الناس قالوا يا دكتور أحمد تفضل يعني نود منك كلمة, طبعا الحقيقة يعني تكلم بكلام حق, الصدقة والتشجيع على الصدقة وكذا وبعدين هو قال في النهاية وأنا أتبرع بمبلغ كذا, تبرع يتعني بمبلغ معين, فحتى يعني يشيروا للناس أن حتى من الناحية الشرعية يعني هاه يحضكم هذا الشيخ حتى يعني تتبرعوا.
الشيخ: أيوه.
عيد: والصدقة بعشر أمثالها، إذًا بس الملاحظة هذه أنك يعني المشروع شيخي ودعمهم ترون هذا؟
الشيخ: أيه أنا يعني إلى حد أنه هذاك اليوم, البارحة أظن, اتصلت معي أم محمد هذه العبدينية يمكن تعرفوها، وزيرة الإتصال.
عيد: وزيرة الإتصال نعم يا شيخي.
الشيخ: هذه متفقة مع زوجها لإيقاف مقبرة على الطريقة السلفية لدفن الموتى.
عيد: ما شاء الله.
الشيخ: فكانوا يتكلموا معي منذ سنة تقريبا بهذا الخصوص وأعطيتهم الفكرة المشروعة في إتخاذ المقبرة.
عيد: نعم.
الشيخ: على سبيل المثال مثلا قلنا لهم تُشترى أرض خليها تكون مثلا مائة متر في مائة متر أكثر كلما كان أحسن المهم التنفيذ.

(191/3)


«
مكالمة باللغة الألبانية عبارة عن سؤال؟»
(
اتصال هاتفي)
الشيخ: نعم.
السائل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
السائل: باللغة الألبانية.
الشيخ: باللغة الألبانية.
(
حوار باللغة الألبانية)
الشيخ: وفي فهمكم الكفاية
(
حوار باللغة الألبانية)
عيد: هاه المشكلة ضحك عليها ... مهل بالألباني.
الشيخ: أي نعم, هذا بالعربي المعروف باحكيه أنا دائما أنه الشجرة إذا أثمرت كثر الي بيرموها بالحجارة.
السائل: أيوه أيوه.
(
اتصال هاتفي)
الشيخ: نعم.

(191/4)


«
ما الفرق بين الفجر الصادق والفجر الكاذب؟»
السائل: السلام عليكم.
الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله.
السائل: كيف حال شيخنا؟
الشيخ: الحمد لله بخير.
السائل: لدي بعض الأسئلة يا شيخ ممكن؟
الشيخ: تفضل.
السائل: أحد هذه الأسئلة بتتعلق بالخيط الأبيض.
الشيخ: نعم.
السائل: فحقيقة أنا عندي جهل كبير بها الموضوع وإن كنت يعني تابعت ما قلتم في السلسلة.
الشيخ: نعم.
السائل: يعني يشتبه علينا تميّز الخيط الأبيض من الخيط الأسود في صلاة الصبح ولا سيما عندنا في النزهة.
الشيخ: أيه.
السائل: أنا يعني كلمتي شبه مسموعة لدى المصلين في المسجد.
الشيخ: أيوه الحمد لله.
السائل: اللي باذكره في إقامة الصلاة.
الشيخ: كويس.
السائل: نعم, فأنا بأحاول يعني قدر المستطاع تكون عندي خلفية علمية.
الشيخ: نعم.
السائل: بالموضوح تماما حتى أستطيع أن أقنعهم ولاسيما أنه عندنا المنطقة مكشوفة.
الشيخ: طيب, كويس.
السائل: فبدي يعني تعطين يعني طرف الخيط حتى أكون يعني يكون منطلق لي.
الشيخ: أعطيك طرف الخيط حتى تعرف الخيط.
السائل: نعم.
الشيخ: هذه بسيطة جدا.
السائل: نعم.
الشيخ: طيب هل أنت جربت؟
السائل: أنا جربت نعم, أنا أرى يعني أول شيء غباش ..
الشيخ: شو اللي أشكل عليك؟
السائل: نعم.
الشيخ: شو ها اللي أشكل عليك أو عمى الأمر عليك؟ هات يدنا نشوف؟
السائل: اللي عمّى الأمر عليّ أنه الحديث بيقول إذا كان البياض جاء مستطيل في عرض السّماء مش عفوا مش ممتد بالعرض من الطرفين؟
الشيخ: لا بالعكس, بالعكس يقول الحديث.
السائل: إيه قصدي أظهر الفجر الكاذب قصدي, فاللي ... إذا كان انتشار البياض في أفق السماء مش بالعرض؟
الشيخ: شو بدنا هلا بالكاذب نحن؟
السائل: أيوه.
الشيخ: نحن هلا بدنا نعرف الفجر الكاذب وإلا الصادق؟
السائل: بدنا الفجر الصادق بس ..
الشيخ: طيب أنا عم أسألك.
السائل: حتى يتبين أنه أكثر.
الشيخ: يا أخي عم إسألك الأن, شو ها اللي أشكل عليك بالنسبة لرؤية الفجر الصادق؟ ما هو الإشكال؟
السائل: الإشكال أني مش عارف أميزه يعني أجد ..
الشيخ: طيب، أتصور معي الأن أنت وقفت في مكان ترى منه الأفق الشرقي.
السائل: نعم.
الشيخ: طيب, افترض الأن الفجر بيطلع أظن الخمسة وشوية, ونص يمكن افترض الأن أنك استيقظت مش السّاعة الخامسة ونص, الساعة خمسة, الساعة الرابعة والنصف.
السائل: نعم.
الشيخ: ونظرت إلى جهة المشرق.
السائل: نعم.
الشيخ: شو راح تشوف في جهة المشرق؟
السائل: بدي بشوف غباش من الإحمرار, أول الإحمرار غباش بس.
الشيخ: لا لا لا لا الحق معك ما راح تشوف شيء عم أقول لك إذا استيقظت قبل الوقت بساعة
السائل: لا شيء طبعا.
الشيخ: ونظرت إلى الأفق الشرقي ماذا ترى؟
السائل: سوادا.
الشيخ: أيوه هذا هو الجواب, فلو التفتت إلى المغرب ماذا سترى؟ سوادا.
السائل: نعم.
الشيخ: أه؟
السائل: نعم.
الشيخ: سوادا, فأنت بقى بتم تعمل رياضة جديدة, ما عمرك عملتها.
السائل: نعم.
الشيخ: رياضة تتعلق برقبتك.
السائل: نعم.
الشيخ: مرة بتلتفت هيك إلى الشرق ومرة هيك إلى الغرب لما بيبدأ الأفق الشرقي من حيث سواده يختلف عن الأفق الغربي, من هذه الحيثية نفسها الأن تهيأ لاكتشاف الفجر الصادق لكن هذا التفارق بين الأفقين هو بداية إيش؟ طلوع الفجر الصادق, ماشي معي إلى هون؟
السائل: نعم.
الشيخ: طيب, فالأن تظلت واقف جهة الشرق الأن فقط.
السائل: نعم.
الشيخ: راح تبدأ تشوف ها الفرق البسيط الذي لاحظته بين المشرق والمغرب سيبدأ يكبر ويكبر.
السائل: نعم.
الشيخ: لكن كِبَره راح يكون بطريقة امتداد لهذا النور البسيط من الشرق, عفوا من الجنوب إلى الشمال, قد ترى النور المتطاول إلى السماء كذنب السرحان.
السائل: نعم.
الشيخ: وهذا هو الفجر الكاذب ما لنا فيه قد تراه وقد لا تراه.
السائل: نعم.
الشيخ: المهم أن ترى نور الفجر الصادق فإذا رأيت هذا النور امتد وظهر في الأفق بياضه ممتدا من الشمال إلى الجنوب.
السائل: نعم.
الشيخ: فهذا هو الفجر الصادق, أول أمره بيكون فيه بياض وتراه لكن الآية تقول ((فكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر)) إلى أخر الأية.
السائل: نعم.
الشيخ: وإبن عباس رضي الله تعالى عنه يقول "لا يكون الفجر الصادق فجرا صادقا واثنان ينظران إلى الفجر الصادق أحدهما يقول تبيّن والأخر يقول ما تبيّن" فيعمل بقول هذا الأخر ما تبيّن هذا يتفق الاثنان آه الآن تبيّن الفجر الصادق, واضح؟
السائل: إلى حد هنا يعني ما اعرفش بس بردو عندي شوية شبهات يعني حول الموضوع؟
الشيخ: خيرا إن شاء الله.
السائل: يعني إذًا نفهم من كلمة ((يتبيّن)) في الأية "تبيّن" المقصود به يعني من دلالات هذه اللفظة الامتداد النور من الشمال إلى الجنوب؟
الشيخ: أي نعم.
السائل: نعم, إذًا إن لم يمتد إذًا يعتبر فجرا كاذبا؟
الشيخ: أي نعم.
السائل: أه, طيب يا شيخ ما أعرف يعني مجرد سؤال يعني مش, مثلا لو اتفق شيخ خلال يومين ثلاث فهل تستطيع أن تعطيني بالضبط الساعة إلي خرج فيها خلال ها اليومين أو الثلاث؟ ..
السائل: نحن صرنا, نحن هلا أخي بنصلي الفجر بدون أن ننظر إلى الفجر لأنه عرفنا, أنظر أنت هلا بعد ما تعمل هذه التجربة وتتأكد مما أقول.
السائل: نعم.
الشيخ: حط الرزنامة عندك.
السائل: نعم.
الشيخ: وامشي مع الرزنامة بتأخُّر نصف ساعة إلا خمسة دقائق على الأقل.
السائل: من ال, أي نعم.
الشيخ: من الرزنامة.
السائل: نعم.
الشيخ: أه, ونحن هلا عندنا هون مسجد بعد ما تبيّن هذه الحقيقة الشرعية المخالفة للرزنامات الحسابية.
السائل: نعم.
الشيخ: صرنا هلا نسمع الإقامة في المسجد القريب منا في وقت الأذان الشرعي فكثيرا ما أنا أُأذن في الدار وهو يقيم في المسجد, فهمت عليّ؟
السائل: نعم.
الشيخ: يعني هلا الفرق بين الرزنامة وبين طلوع الفجر الصادق ثابت, خمسة وعشرين دقيقة على طول الخط قد يختلف أخيانا باختلاف اضطراب الجو, هذا ما له حساب.
السائل: نعم.
الشيخ: فالأن مادام أنت في مكان تتطلع منه على الفجر الصادق راقب مرتين ثلاثة أربعة راح تشوف هذا الفرق جليا واضحا.
السائل: معليش يا شيخ بالنسبة احنا عندنا في النزهة في مسجد عمار هاي على شارع الإستقلال جاي, منطقتنا مشكوفة جدا فأنا بأتابع حقيقة كل يوم ولذلك أنا عُمّي عليّ الأمر اتصلت بك.
الذي ألاحظه أنه خلال خمس وعشرين دقيقة ما يمتد النور من الطرفين إنما يبقى تقريبا يعني أول طلعة النور بعد خمس وعشرين دقيقة.
الشيخ: لا ما أعتقد, على كل حال أعد التجربة أنت وبس تشوف النور انتشر يمينا شمالا جنوبا شمالا هذا هو الفجر الصادق.
السائل: طيب معليش أخر سؤال في ها النقطة هذه.
الشيخ: نعم.
السائل: إذا كان الأمر كذلك يعني يبدو أنه ربما قصدي يعني أنه ما نستطيع أن نعطيه بالدقة بالثانية مثل؟
الشيخ: بالثانية, الله مكلفنا بالثانية؟
السائل: إذًا هذا ما نستطيعه.
الشيخ: جبنا لك أثر ابن عباس الله يهديك مشان القضية هذه.
السائل: طيب يا شيخ في سؤال ثاني ممكن.
الشيخ: تفضل.

(191/5)


«
ما حكم وضع إعلان عن إنشاد الضالة في المسجد؟»
السائل: طبعا البحث عن شيء مفقود في المسجد فيه مخالفة شرعية؟
الشيخ: ليس البحث وإنما إنشاد الضالة.
السائل: إنشاد الضالة نعم.
الشيخ: نعم.
السائل: فهل يمكن مثلا تعليق إعلان نَنشد فيه ضالة مثلا؟
الشيخ: لا شو ها اللي يضطرك أنك تحط الإعلان في المسجد, تحطه خارج المسجد.
السائل: أه خارج المسجد.
الشيخ: أي نعم.
السائل: إيه لكن في فناء المسجد يعني من الخارح ممكن؟
الشيخ: خارج, خارج المسجد, أول, قبل ما يدخل على المسجد حطه على عضادتي باب المسجد من اليمين إلى اليسار خارج المسجد.
السائل: نعم, طيب عندي سؤال أخر ممكن يا شيخ؟
الشيخ: إيه بس هذا بيناقض كلامك الأول.
السائل: أنه؟
الشيخ: أنه أخر سؤال.
السائل: أخر سؤال في النقطة هذيك نقطة الخيط الأبيض.
الشيخ: الله يهديك, هذه ترقيعة هاي حلوة.
السائل: هزار ... قصدي.
الشيخ: أه.

(191/6)


«
ما حكم الصلاة في القبور؟»
السائل: بالنسبة يا شيخ للصلاة في القبور إيش حكمها مثلا؟ يعني.
الشيخ: محرمة لا تجوز.
السائل: الصلوات الخمسة، أما صلاة الجنازة طيب؟
الشيخ: تجوز, إذا كان الرجل فاتته الصلاة على الجنازة.
السائل: نعم.
الشيخ: ودُفن الميت يجوز أن يصلى على قبره أما نفس الجنازة قبل أن تدفن توضع في مكان من المقبرة ويُصلى هذا لا يجوز.
السائل: أعد جوابك, الله يبارك فيك ما انتبهت جيدا؟
الشيخ: أي نعم, أقول إذا دُفن الميت في قبره ولم يستطع أحد المصلين أن يصلي عليه قبل دفنه صلى عليه وهو في قبره, أمّا أن يصلى على الجنازة قبل دفنها, توضع بين القبور ويصفّ الناس ويصلون عليها فهذا لا يجوز, ومن أجل ذلك بُنِيت المصليات أي خارج المقبرة بجانب المقبرة دون استقبال للمقبرة فهو جائز وإلا فلا.
السائل: طيب يُوجّه حديث صلاة الرسول على تلك المرأة التي كانت تقمّ في المسجد, قد صًلّيَ عليها, صلى عليها الصحابة؟
الشيخ: الله يهديك, وهل هذا يخالف ما ذكرته لك؟
السائل: الذي فهمت منك أنك قلت إن لم يُصلّى على الجنازة, إن لم يصلي عليها بعد أن تدفن قصدي, إن لم يُصلّي عليها أحد.
الشيخ: ما, أنا ما قلت "أحد".
السائل: أه.
الشيخ: هذا من كيسك.
السائل: (ضحك) طيب يا شيخ شكرا لك يا شيخ.
الشيخ: أه؟
السائل: شكرا لك.
الشيخ: أهلا.
السائل: السلام عليكم.
الشيخ: لحظة.
السائل: نعم.
الشيخ: فيه هنا أخ.

(191/7)


«
هل الفجر الصادق يمتد من الشمال إلى الجنوب أو العكس؟»
عيد: فهمت علي, هل تعنون بأن يكون نور الفجر الصادق ممتدا من الشمال إلى الجنوب أو العكس يملأ هذه المنطقة وإلا؟
الشيخ: كيف كيف العكس؟ ما هو العكس؟
عيد: يعني الشمال الجنوب أو الجنوب إلى الشمال؟
الشيخ: أه طيب, بلا هاي.
عيد: خذ راحتك شيخي.
الشيخ: طيب.
عيد: فأعني شيخي الأن أنه أكدّ هو على هذه الناحية, هل يمتد امتداد لو تصورنا أنه هذا الشمال وهذا الجنوب يمتد النور من هنا ولا بس عملية الامتداد؟
الشيخ: هذا أمر مستحيل إذا كنت يعني.
عيد: هو.
الشيخ: هذا مش ممكن.
السائل: ... بس لو تشوف شيخي هل فهم هذا كما فهمت أنا.
الشيخ: هنا أحد الإخوان الحاضرين هنا توهّم, تسمعني؟
السائل: نعم نعم أسمعك.
الشيخ: أه, أنه مثلا الأفق قداش طوله؟
السائل: أي نعم.
الشيخ: طوله مثلا خمسين كليومتر, توهّم أنه كلامي يعني أنك بدك تشوف النور الممتد من الشمال إلى الجنوب خمسين كليو مترا.
السائل: أي نعم.
الشيخ: فأراد أنه من باب يعني تثبيت الرأي الصحيح, أنه هذا ليس هو المقصود, المقصود الامتداد.
السائل: ... .
الشيخ: نعم؟
السائل: ... .
الشيخ: الامتداد ها اللي يصح أنه امتد يمينا ويسارا كما قلت أنفا.
السائل: نعم.
الشيخ: أو جنوبا وشمالا, ليس المقصود أنه الأفق, الأفق مثلا يكون الإنسان في مكان أفقه محصور جدا وقد يكون في مكان آخر أفقه ممتدا جدا جدا, فليس المقصود أن الأفق كله يمتلئ بياضا وإنما يصح الامتداد لهذا البياض يمينا وشمالا, ما يكون في مكان معيّن بحيث أنه يظهر كإهرام طالع إلى السماء مش ممتد يمينا وشمالا, هذا هو المقصود في الاحتياط.
السائل: نعم.
الشيخ: وعلى كل حال إن شاء الله صار فيه فائدة.
السائل: إن شاء الله.
الشيخ: من المحاضرة.

(191/8)


«
ما المقصود بذنب السرحان؟»
السائل: أه إن شاء الله, بس المقصود إيش المقصود بذنب السرحان يا شيخ؟
الشيخ: ذنب الثعلب, ممتدا إلى فوق مثل بعض الكلاب.
السائل: أه.
الشيخ: والسلام عليكم.
السائل: وعليكم السلام ورحمة الله.
عيد: وهل يؤثر النور الأن على نور هذا الشيء؟
الشيخ: أنو نور يا أخي؟
عيد: الأنوار.
الشيخ: طبعا ما بيؤثر؟ بيؤثر.
عيد: ... يا شيخ.

(191/9)


«
ما حكم بيع الطوابع وذلك بأن يشتريه بقرش ويبدل جهداً حتى يأتي به من البريد؟»
(
اتصال هاتفي)
الشيخ: نعم.
السائل: السلام عليكم.
الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله.
السائل: كيف حال فضيلة الشيخ؟
الشيخ: الحمد لله بخير.
السائل: بشرنا عن صحتك؟
الشيخ: الله يحفظك, كيف حالك؟
السائل: ثلاثة أسئلة؟
الشيخ: شلونك؟
السائل: الله يسلمك يا سيدي.
الشيخ: تفضل.
السائل: السؤال الأول عن بيع الطوابع؟
الشيخ: نعم.
السائل: الطابع يشتريه كاتب الاستدعايات بقرش.
الشيخ: نعم.
السائل: ويبذل جهدا حتى يأتي به من البريد.
الشيخ: أي نعم.
السائل: فيقول إني أريد ثمن هذا الجهد الذي بذلته يعني كجعالة؟
الشيخ: أيوه.
السائل: أه؟
الشيخ: نعم فهمت.
السائل: أي نعم, فهل يجوز له ذلك؟
الشيخ: أنت بتقول كجعالة, ما هو؟
السائل: يعني هو الآن كتب استدعاء.
الشيخ: أي نعم.
السائل: الإستدعاء يحتاج أنك تجيب عشر قروش طوابع.
الشيخ: أي نعم.
السائل: فهو اللي عنده الطوابع اشتراها سلفا.
الشيخ: أي نعم.
السائل: بيقول لك أنا بدل ما جبت لك العشرة وسطات طلع لي باثنا عشر قرش مثلا.
الشيخ: نعم.
السائل: هل يجوز له ذلك؟
الشيخ: أي هنا عندي استفسار؟
السائل: نعم.
الشيخ: كنا مرة بحثنا هذه المسألة مع بعض الإخوان.
السائل: أنا وصّيت لك سؤالا فيها.
الشيخ: أي بيجوز, مادام أنت المرسل.
السائل: نعم.
الشيخ: فمقابل المرسل بمرسل أخر.
السائل: نعم.
الشيخ: وهو أنا.
السائل: أي نعم.
الشيخ: فأنا أسأل الأن.
السائل: أخي يشتغل في البريد.
الشيخ: نعم.
السائل: ها اللي سألته وهو يعمل في البريد.
الشيخ: أيوه.
السائل: قال لو يشتري بمائة ألف دينار ما حسبت فلسا؟
الشيخ: أه, إذًا.
السائل: الطابع ... قلّت الكمية أو كثرت نفس السعر؟
الشيخ: إيه, فعلى هذا ممكن أن يقال له أن يأخذ أجرت أتعابه.
السائل: جزاك الله خيرا.
الشيخ: وإياك إن شاء الله.
السائل: هذا السؤال الأول.

(191/10)


«
كلفني رجل بأن أبيع له أرضاً يعني أن أكون له سمساراً وبعد أن حصلت له مشتريا بعد سنة من البحث تراجع البائع فما حكم تعبي؟»
الشيخ: أيوه.
السائل: السؤال الثاني, كلفني رجل أن أبيع له قطعة أرض.
الشيخ: نعم.
السائل: ويعني طلعنا عليها مشترين عدة, حوالي سنة وإحنا نطلع عليها مشترين.
الشيخ: إيه.
السائل: وفي النهاية جاء أحدهم وقال أنا أريد أن أشتري هذه القطعة, بنفس الثمن الذي عيّنه صاحبها.
الشيخ: أي نعم.
السائل: وعندما يعني بعد كل هذه الجهود وصلت الأمور وأخذنا ألف دينار على ... من الرجل هذا لإعطائه للبائع, جاء البائع قال أنا بطّلت الأن لأنه والله ابني بدو يأخذ القطعة, فهل لنا شرعا أن نطالبه بأتعابنا؟
الشيخ: أنت سمسار يعني مثلا؟
السائل: أي نعم, ... .
الشيخ: أيوه.
السائل: السّمسار عند الشيخ ماخذ له قطعة أرض.
الشيخ: فهمت, فهمت, ما فيه داعي للإعادة.
السائل: أه, يعني هل للسمسار.
الشيخ: ليس لك أن تطالب بتعبك إلا الناكل.
السائل: ما عرفت.
الشيخ: الناكل الناكل إما البائع أو الشاري.
السائل: يعني الذي نكل ..
الشيخ: من نكل تطالبه بأتعابك.
السائل: طيب و, ما هو ضيّع على ال, عليك كمان شيئ من الجهة الأخرى.
الشيخ: يا أخي الله يهديك.
السائل: وعرفت ... .
الشيخ: بارك الله فيك أعرفك كالطائر.
السائل: أي نعم.
الشيخ: أنا عم أقل لك.
السائل: ... .
الشيخ: من نكل فهو سبب خسارة جهد السمسار الوسيط.
السائل: أيوه, إذًا هذا هو.
الشيخ: هذا هو.
السائل: جزاك الله خيرا.
الشيخ: وإياك إن شاء الله.
السائل: السؤال الثالث، سبحان الله, نسيته والله.
الشيخ: ((وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره)) لعلك تذكره, لعلك تذكره إن شاء الله.
السائل: جزاك الله خير, إذا ذكرته كلمتك إن شاء الله.
الشيخ: اذكر ربك إذا نسيت.
السائل: الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحي وميت وهو على كل شيء قدير.
الشيخ: سبحانه وتعالى.
السائل: سبحان الله والله ذهب من ذهني.
الشيخ: طيب خيرها في غيرها.
السائل: أسألك ... .
الشيخ: خيرها في غيرها.
السائل: السلام عليكم ورحمة الله.
الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
عيد: شيخي عندي استفسار حول قوله أنه يبذل جهدا في استجلاب هذه الطوابع وأقول يا شيخي لا جهد ... في اشتراك كما يشتري الإنسان أي سلعة من البقالة يا شيخي.
الشيخ: لا مش وارد هذا الكلام.

(191/11)


«
ما حكم رقص النساء ((الدبكة))؟»
(
اتصال هاتفي)
الشيخ: نعم.
السائلة: السّلام عليكم ورحمة الله.
الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
السائلة: الشيخ محمد ناصر الدين الألباني؟
الشيخ: نعم.
السائلة: أي جزاك الله ممكن الإجابة عن مجموعة من الأسئلة إذا سمحت؟
الشيخ: إيه خفّفي لأنه الوقت في نهايته.
السّائلة: طيب ممكن يعني؟
الشيخ: أقول خفّفي الأسئلة, الوقت في نهايته, باقي لي خمس دقائق.
السائلة: إن شاء الله, أي جزاك الله خيرا ما حكم رقص النساء؟
الشيخ: ما هو رقص النساء؟
السائلة: عموما يعني في بعض الرقص يكون في تمايل.
الشيخ: ما ما عندي جواب على العموميات لأنها تكون معمّيات.
السائلة: طيب القفز مثلا الدبكة؟
الشيخ: إيه الدبكة.
السائلة: نعم.
الشيخ: هل, أولا هل تكون النساء متستّرات تماما كما ينبغي؟ نعم؟
السائل: لا لا قد تكون تلبس القصير أو ... أو كذا.
الشيخ: أيه طيب مبيّن المكتوب من عنوانه, لا يجوز؟

(191/12)


«
كيف ينكر المنكر في مجالس رقص النساء ممن يحضرن في تلك الجلسة؟»
السائلة: طيب, جزاك الله خيرا لضيق الوقت أنا يعني باذكر لك الواقعة اللي حصلت ونريد حكما فيها, كنا في زواج لإحدى الأخوات الطيبات طيب، و على أساس أن الزواج كان زواج إسلامي ويضرب فيه الدف, بعد ذلك حصل أن يعني قام ... بأخذ الدفوف منا وقاموا يدبكون ويعني ... الأغاني المعهودة لديهم، مش أغاني أغاني لكن بعض الأناشيد التي يدبكون عليها, بعد ذلك أخذوا أخيّتنا وأمروهم بالدبكة يعني خلوها تجلس معهم فإحنايعني ما كنا نعرف إيش الحكم في ذلك لأنه يعني حسينا أنه في بعض التمايل فيعني ما أدري ... الإنسان البعض سكت والبعض قام من المجلس فما ندري إيش الحكم؟ هل يعني نمنع الأمر أو كيف تكون طريقة الإنكار؟
الشيخ: والله هذه طريقة الإنكار تختلف من مكان إلى مكان وأنت بتعرفي أنه الإنكار له ثلاث درجات (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطيع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) لكن في مثل هذه القضايا يتدخّل أية في القرأن وهي قوله تبارك وتعالى ((فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين)) فإذا قامت إمرأة من الحاضرة للحفلة وأنكرت هذا الأمر المخالف للشرع فاستجابوا وهذا نادر جدا جدا أن يستجيبوا لأن المجتمع فاسد ولأنه التربية تكاد أن تكون معدومة اليوم مع الأسف فالإستجابة غير متوقعة, فإن استجابوا فالحمد لله فإن لم يستجيبوا فما على الآمر بالمعروف حينئذ إلا أن يخرج وكما يقال في بعض البلاد أن ينجو بريشه, أي بنفسه, عملا بالأية السابقة ((فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين))

(191/13)


«
ما حكم مسكة الورد من بعض النساء بين النساء؟»
السائلة: جزاك الله خيرا يا شيخ, طيب ما حكم مسكة الورد؟
الشيخ: إيش؟
السائلة: يعني العروس تمسك وردا في يدها, ورد يعني منسّق ويكون كباقة في يديها؟
الشيخ: يعني أخذة بيدها باقة ورد؟
السائلة: نعم.
الشيخ: وماذا تفعل بهذه الباقة؟
السائلة: لا تفعل بها شيئا مجرد مسكة في يد يعني؟
الشيخ: أمام النساء.
السائلة: نعم.
الشيخ: وما فيه غريب؟
السائلة: لا.
الشيخ: إيه, لا شيء في ذلك.

(191/14)


«
ما حكم رش الورد في الأفراح؟»
السائلة: طيب ورش الورد يعني أن يعني ... الورد ويرش.
الشيخ: رش الورد على الطريقة التي يصنعها الكفار؟ إن كانت عادة يعني عامة في البلاد كلها بحيث إنه لا يظهر فيها سمة التشبّه فالجواب هو نفس الجواب, أما إذا كان بطريقة فيها تشبّه فمعلوم أن التشبّه بالكفار والكافرات أمر ممنوع شرعا لكن هذا النثر ليس أمرا جديدا في المجتمعات الإسلامية لأنه معروف منذ القديم وقد جاءت هناك أحاديث ولا أذكر الأن إذا كان يصحّ منها شيء, بعض الأحاديث الصحيحة أنها تنهى عن النهب لكن نهب النثار على العروس فهذا مستثنى بالنسبة لبعض الأحاديث الأخرى التي أنا لا أستحضر الأن صحتها لكن من الناحية الشرعية فما ينثر يحل إلتقاطه، وأنا أذكر جيدا لما كنت في ألبانيا صغيرا وتزوّج أحد أخوالي فقد نثر على العروس عُملة فضيّة يومئذ كانت العملة عُملة عثمانية أو تركية في قسم يُسمّى المجيدة وقسم يُسمى بنصف المجيدة وقسم أصغر يسمى بأبو الماية وقسم أخير وهنا الشاهد يُسمى البرغوث لصغره والجمع كما تعلمين البراغيث فهذه قطعة فضية خفيفة جدا فتخلط مع السكر والملبّس وتُنثر على رأس العروس فيقع على الأرض فيهجم الأطفال الصغار ذكورا وإناثا وينتهبون هذه الأمور الساقطة من سكر, من براغيث وما شابه ذلك, فهذا النثر ليس عادة أجنبية فإذا كان نثر الورد من هذا القبيل فما نرى فيه شيئا.
السائلة: طيب جزاك الله خيرا يا شيخ.
الشيخ: وإياك, وانتهى الوقت والسلام عليكم.
السائلة: وعليكم السلام.

(191/15)


«
سؤال عن فسخ النكاح قبل الدخول بالمرأة؟»
(
اتصال هاتفي)
السائل: ... وافقوا على كل شيء وأردت أن أوصّل يعني أترك, هل عليّ أن أدفع المبلغ؟
الشيخ: أنت تدفع نصف المبلغ.
السائل: أدفع نصف المبلغ؟
الشيخ: إيه, وليش بطّلت؟
السائل: نعم؟
الشيخ: ليش بطّلت؟
السائل: والله يا شيخ ... الموضوع تبعي, البنت اللي اتصلت فيك ... الجامعة الأردنية.
الشيخ: إيه.
السائل: عرفتها؟
الشيخ: لا ما عرفتها وعرفت سؤالها.
السائل: أيوه, هذا قصدي أنا, الله يجزيك بالخير، لأسألك عن السؤال فأنا, سبحان الله ذهبت أنا وزوجتي وطلبنا يدها ووافقت زوجتي فالأن زوجتي تحكي لي صراحة أنا متضايق جدا يعني وباحث أكثر عشان تتزوج كمان واحدة ثانية فقلت لها البنت يعني ناوين نأخذ لله عز وجل كونه فيها ابتلاء في قدمها اليمنى, تعرج؟
الشيخ: طيب.
السائل: والله زوجتي ... .
الشيخ: إيه هلا بدك تتحمل مسؤلية استعجالك وعدم استشارتكك لأصحابك وأقاربك.
السائل: نعم.
الشيخ: فإدفع نصف المهر وإن شاء الله مو كثير؟
السائل: مائة دينار متقدم وخمسائة متأخر.
الشيخ: إيه, بسيطة.
السائل: نعم, لازم أدفع يعني؟
الشيخ: أي نعم, نصف المهر.
السائل: لا, لا محالة يعني؟
الشيخ: إلا إذا هم تنازلوا, هذا بحث ثاني.
السائل: بيجوز أحكي لهم أقل لهم أنه أنتم بدكم مني مصاري وإلا أحكي لهم بس سامحوني؟
الشيخ: شو الفرق بين عبارتينك؟
السائل: كويس, هم ما يعرفوا الحكم الشرعي أنه إذا أنا تركت, هنا ما عملت عقد زواج ما بعرفوا أنه أنا إيش؟ إذا وصّلت بدي أدفع المبلغ.
الشيخ: كيف أنت عم تقول ما علمت عقد زواج؟
السائل: أنا ما عملت؟
الشيخ: لكان شو عملت؟
السائل: اتفقنا عندهم ... رجال وقال نحن أعطيناك والله يبارك لك كما أنتم ... لإسم جاهة.
الشيخ: يعني صار عقد شرعي؟
السائل: أنا قلت لك, ما أدري أنت أعلم مني بالحكم الشرعي, قلت لك ذهبنا رجال وحكوا لهم أنه بدنا بنتكم لأخونا محمد كامل وحكوا الرجال أنه ... متقدم وخمسمائة متأخر أنا اللي حكيت و ... وافقنا والله يبارك لكم مبروك عليك.
الشيخ: إيه تفاهم أنت وأبو عبد الله أنه هذا في عرفكم عقد شرعي وإلا لا؟
السائل: نعم.
الشيخ: فإن كان عقد شرعي بيطلع عليهم, بيطلع لهم نصف المهر وبعدين تتفاهم أنت وإياهم, لكن قبل كل شيء افهم مع أبو عبد الله.
السائل: نعم.
الشيخ: أنه هذا ها اللي بتسموه الجاهة وما الجاهة هل هو عقد شرعي وإلا لا في عرف الأردنيين.
السائل: نعم.
الشيخ: فإذا كان عقد كما أظن, عقد شرعي بيطلع عليك نصف المهر.
السائل: نعم.
الشيخ: فإن سامحوك فالحمد لله.
السائل: يعني إذا كان عقد شرعي أحكي لهم أنكم بدكم مني نصف القيمة, هكذا أقول؟
الشيخ: أيه لا بد.
السائل: يعني أشعرهم يعني.
الشيخ: لا مو لازم, ما لازم تكتم عليهم.
السائل: أيوه, الله يجزيك الخير.
الشيخ: الله يحفظك.
السائل: سامحنا السلام عليكم.
الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

(191/16)


«
سؤال غير واضح؟»
الشيخ: نعم.
السائل: السلام عليكم ورحمة الله.
الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
السائل: كيف حال شيخنا؟
الشيخ: الحمد لله بخير.
السائل: كيف صحتك؟
الشيخ: الله يحفظك.
السائل: إحنا في سؤالين ... .
الشيخ: تفضل.
السائل: الله يبارك فيك, التبرع بأعضاء الجسم.
الشيخ: كيف؟
السائل: التبرع بأعضاء الجسم يعني واحد قبل ما يموت يقول إني إنني أتبرع ... أعضاء الجسم ... يعني.
الشيخ: ليس له ذلك.
السائل: يعني لا يجوز؟
الشيخ: لا يجوز.
السائل: نعم, جزاك الله خير.
الشيخ: وإياك.

(191/17)


«
سؤال عن محققي مختصر البخاري " للزبيدي "" إبرهيم موسى و أحمد. راغب علوش"؟»
السائل: شيخنا, جاءني كتاب هدية.
الشيخ: إيه, جاءك كتاب؟
السائل: هدية.
الشيخ: وهو؟
السائل: مختصر صحيح البخاري.
الشيخ: أيوه.
السائل: مراجعينه الشيخ إبرهيم بركة وأحمد بركة أو إبراهيم بركة, يعني ما رأيك فيك؟
الشيخ: هؤلاء شو مسووين؟
السائل: وأحمد راتب علوش.
الشيخ: شو بهم هذول؟
السائل: هؤلاء محققين الكتابا.
الشيخ: أي كتاب؟
السائل: مختصر صحيح البخاري المسمى " تجويد المسمى"
الشيخ: تجويد إيش؟
السائل: " تجويد المسمى " جامع كتاب جامع ... الصحيح, جامع الصحيح.
الشيخ: ماني فهمان عليك؟
السائل: يعني هؤلاء الاثنان محققان كتاب.
الشيخ: الكتاب شو إسمه؟ وتأليف من؟
السائل: تأليف الإمام الزبيدي.
الشيخ: إيه، طيب شو السؤال؟
السائل: يعني السؤال أنه ما رأيك في ... ؟ إذا عندك معلومات عنهم؟
الشيخ: لا ما عندي معلومات
السائل: ما عندك معلومات.
الشيخ: لكن عندي معلومات.
السائل: نعم.
الشيخ: كافية عن المختصر هذا وأنه لا قيمة له.
السائل: نعم, لا قيمة له,
الشيخ: أي نعم.
السائل: جزاك الله خيرا.
الشيخ: وإياك إن شاء الله.
السائل: السلام عليكم.
الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

(191/18)


«
سؤال عن سجود السهو؟»
الشيخ: نعم.
السائل: السلام عليكم.
الشيخ: و عليكم السلام.
السائل: أزيك يا شيخ ناصر؟
الشيخ: نعم؟
السائل: كيف حالك؟
الشيخ: بخير والحمد لله.
السائل: أنا الأخ الذي اتصلت بك من قبل, أنا من مصر؟
الشيخ: نعم.
السائل: وطلبت منك سؤالا فقلت بعد العشاء.
الشيخ: نعم.
السائل: يا شيخ ... مصطفى العدوي؟
الشيخ: نعم؟
السائل: الشيخ مصطفى العدوي ... .
الشيخ: احك يا أخي شو سؤالك؟
السائل: ... إذا نسي القنوت في الوتر, هل عليّ سجدة سهو؟
الشيخ: إذا نسي؟
السائل: القنوت في صلاة الوتر الدعاء.
الشيخ: نعم, عليه سجود السهو إذا كان يرى ذلك من السنة.
السائل: طيب, جزاكم الله خيرا.
الشيخ: و إياك.

(191/19)


«
ما صحة حديث " جنبوا صبيانكم المساجد "؟»
السائل: حديث (جنبوا صبيانكم المساجد)؟
الشيخ: لا يصح.
السائل: جزاكم الله كل خير.
الشيخ: وإياك.

(191/20)


«
ما حكم مأموم يتأخر عن الإمام؟ (غير واضح
السائل: مصلي كان يصلي مع الإمام, يعني مصلي مأموم وكان يتأخر لا يقوم بعد تكبيرة الإمام؟ ماشي يا شيخ؟
الشيخ: لماذا يتأخر؟
السائل: هو الله أعلم, سواء الإمام كبّر للقيام من السجدة الأولى, هو لم يقم وظل ساجدا حتى كبّر للنزول للسجدة الثانية فما حكم صلاته؟
الشيخ: يجب أن يعيدها.
السائل: جزاكم الله خيرا يا شيخ.
الشيخ: وإياك.
السائل: السلام عليكم.
الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
السائل: ... .
الشيخ: نعم ... .
السائل: ... يعتبر هذا ... .
الشيخ: لا بد من السجود.
(
اتصال هاتفي)
الشيخ: نعم؟
(
اتصال هاتفي)
الشيخ: نعم؟ نعم؟
الشيخ: وعليكم السلام.
السائل: كيف حال فضيلة الشيخ؟
الشيخ: الحمد لله بخير.
السائل: كيف أخباركم؟
الشيخ: الله يحفظكم.
السائل: أنا اسمي حمدي.
الشيخ: نعم؟
السائل: إسمي حمدي.
الشيخ: فندي؟
السائل: حمدي.
الشيخ: حمدي.
السائل: اللي قابلت الجزء الأول من الصحيحة.
الشيخ: طيب.
السائل: أي نعم, شوف يا سيدي, بالنسبة للشيخ زهير.
الشيخ: نعم.
السائل: سامع أنه مريض ... في المستشفى.
الشيخ: نعم.
السائل: وتقريبا بغرفة العناية المركزة أظن على ما سمعت.
الشيخ: نعم.
السائل: فشو رأيكم أنه تكون بادرة خير منكم تزوره؟
الشيخ: هل كانت هذه البادرة منك أن تتصل معي بغير هذه المناسبة؟
السائل: نعم.
الشيخ: هل كانت هذه المبادرة منك.
السائل: نعم.
الشيخ: أن تتصل بي بغير هذه المناسبة؟
السائل: كيف؟
الشيخ: كيف, مش أنت بتقول صاحب النقد؟
السائل: صاحب النقد؟
الشيخ: أه.
السائل: لا, صاحب اللي قابلت الجزء الأول من السلسلة الصحيحة من قبل الأخ نظام.
الشيخ: أنت رأيتني؟
السائل: أين؟ نعم رأيتكم كثيرا.
الشيخ: أين.
السائل: كان بالمسجد عند أبو مالك وعند بعض الإخوان بالزيارات الخاصة وكذا يعني.
الشيخ: حضرت عندي بالدار؟
السائل: بالدار لا والله ما حضرت؟
الشيخ: إيه أنا ما أذكرك يا أخي.
السائل: نعم, أنا بأقول إني أنا اللي قابلت الجزء الأول من السلسلة الصحيحة.
الشيخ: يا أخي فهمت.
السائل: أي نعم.
الشيخ: لكن أنا ما أعرفك.
السائل: ربما.
الشيخ: ربما.
السائل: نعم.
الشيخ: ونسأل الله عز وجل أن يحيينا جميعا حياة طيبة.
السائل: آمين اللهم.
الشيخ: والسلام عليكم.
السائل: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الشيخ: نعم.
الشيخ: عليكم السلام ورحمة الله.
السائل: حمدي.
الشيخ: نعم.
السائل: شوف يا سيدي.
الشيخ: نعم.
السائل: إحنا بيشرفنا الزيارة عندكم على البيت إذا أردت؟
الشيخ: لا يا أخي.
السائل: في عندك مانع؟
الشيخ: ما عندي وقت يا أخي, الله يهدينا وإياكم.
السائل: يعني ما في مانع نزورك أنا والأخ حسان بكرة؟
الشيخ: ما عندي وقت.
السائل: ما فيه وقت.
الشيخ: أي نعم.
السائل: طيب جزاكم الله خيرا.
الشيخ: وإياك إن شاء الله.
السائل: كيف حالك يا شيخ؟
الشيخ: الحمد لله بخير.
السائل: عندي أربعة أسئلة يا شيخ, تتحمل؟
الشيخ: حسبك السؤال الأهم عندك؟
السائل: كلها مهمة.
الشيخ: أقول لك إختر من هذه الأسئلة السؤال الأهم عندك.

(191/21)


«
ما الفرق بين السرورية والسلفية؟»
السائل: طيب يا شيخ يتناقلون الإخوان في الرياض, السرورية؟
الشيخ: نعم؟
السائل: يتناقلون الإخوان في الرياض إسم السرورية, الطائفة السرورية.
الشيخ: إيه.
السائل: ما الفرق بينها وبين السلفية؟
الشيخ: لا أعرفهم.
السائل: نعم؟
الشيخ: لا أعرفهم.
السائل: طيب تعرفون يا شيخ وليد بن عثمان الرشودي؟ نعم؟
الشيخ: زارني مرة أو أكثر.
السائل: ماذا ترى في منهجه؟
الشيخ: هو طالب مستمع عندي لا أعرف منهجه.
السائل: ما تسمع عنه ولا بشيء؟
الشيخ: إسأل عما ينفعك الله يهديك.
السائل: السلام عليكم.
الشيخ: وعليكم السلام.
الشيخ: شخص هو نفسه أنا أعرفه من يمكن ثلاثين سنة هو من الإخوان المسلمين وأعرفه الأن من مجلته ها اللي بيسميها "السنة" وليس فيها من السنة شيء وإنما هو ضليع في الأخبار السياسية, وعدو لدود وبيصر ... ضد حافظ الأسد ضد تبع مصر وفهد, تقريبا كل حكّام العرب.
فهناك أفراد كثيرون في السعودية يقال عنهم سروريون لكن شو منهجهم؟ شو مخططهم؟ من جملة الذين يقال عنهم أنهم سروريون سفر الحوالي, لا بد سمعت أنت عنه وسلمان العودة
السائل: ما سمعت عنهم.
الشيخ: وناصر العمر الإثنين الأولانيات أنا ما التقيت بهم لكن قرأت لهم الكثير أو سمعت لهم أشرطة, ومن حيث العقيدة هم سلفيون لا شك في ذلك, من حيث المنهج لسّى مش واضح لي منهجهم هل هم معنا أم يختلفون عنا؟ نحن نقول بالتصفية والتربية هذا كل شيء يمكن الأن يعني الدعاة الإصلاح أن يعملوه وأن يقوموا به.
ناصر العمر جاء لعندي إلى هون زارني ومعه كتابه "فقه الواقع" ولفتت نظره إلى كثير من النقاط وتقبّل الكثير منها بقبول سريع حسن، ووعد بإعادة نظر في نقاط أخرى وما علمت عليه من سوء في المدة هذه التي نزل عندي ونام أيام مع هذا الوليد الذي قال عنه, سألني عنه.
السائل: إيه.
(
اتصال هاتفي)
الشيخ: نعم.
السائل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ومغفرته.

(191/22)


«
ما الجمع بين حديث" شرار أئمتكم الذين تلعنوهم ويلعنونكم" و حديث " لا تغشوهم ... "؟»
السائل: أقول يا شيخ فيه حديثان متعارضان نريد الترجيح بينهما؟ التوفيق.
الشيخ: وهما؟
السائل: الحديث الأول في صحيح مسلم (شرار أئمتكم الذين تلعنوهم ويلعنونكم) والحديث الثاني جوّدت إسناده في ظلال الجنة قوله صلى الله عليه وسلم (لا تسبوا أمراءكم ولا تغشوهم ولا تبغضوهم واتقوا الله واصبروا فإن الأمر قريب) و ... إسناده جيد ورجاله ثقات وفي بعضهم كلام لا يضر؟
الشيخ: وين التعارض هداك الله؟
السائل: أقول الظاهر يا شيخ التعارض, الأول ..
الشيخ: وين التعارض؟
السائل: ... .
الشيخ: أين التعارض؟
السائل: نعم؟
الشيخ: شو نعم, بعد ساعة أنا بأكرر ثلاث مرات أين التعارض؟
السائل: نريد التوفيق بينها يا شيخ؟
الشيخ: الله يهديك أظهر التعارض حتى أوفّق, أنا ماني شايف فيه تعارض.
السائل: الحديث الأول (ما تسبوا الأمراء) ... الثاني ..
الشيخ: هذا الحديث الثاني.
السائل: تلعنونهم ويلعنونكم.
الشيخ: يعني هلا إذا واحد لعنك ضروي تلعنه؟
السائل: لا.
الشيخ: هاه إذًا وين التعارض؟
السائل: ... يعني ما بينها تعارض؟
الشيخ: ما بيناتهم تعارض ألبتة.
السائل: طيب في حديث أخر يا شيخ في صحيح الجامع.
الشيخ: نعم.

(191/23)


«
فيه حديث في صحيح الجامع " كان إذا آوتي بثمرة الباكروة يضعها النبي صلى الله عليه وسلم على عينيه ثم على شفتيه ... " فما المقصود بوضعها على شفتيه؟»
السائل: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرفوعا (كان إذا أوتِيَ بباكورة الثمرة وضعها على عينيه ثم على شفتيه ثم يعطيها من يكون جنبه من الصبيان) فما المقصود بوضعها على عينيه؟
الشيخ: التبرك بها.
السائل: التبرك بها؟
الشيخ: بنعمة الله عز وجل الحديثة على نحو ما كان يفعل حينما ينزل المطر ويقول إنه (حديث عهد بربي) على هذا النحو, تعرف هذا الحديث؟
السائل: أي نعم يا شيخ.
الشيخ: إيه, ثم لا ينبغي للمسلم أن يتنطع وأن يتعمق ما المقصود؟ المقصود ما فعله الرسول فهو خير وينبغي أن نقتدي به, أما التعمق لماذا فعل؟ فنحن نسلِّم تسليما.
السائل: جزاك الله خيرا يا شيخ.
الشيخ: وإياك إن شاء الله.
السائل: السلام عليكم.
الشيخ: وعلكيم السلام ورحمة الله وبركاته.

(191/24)


«
هل يجوز لي أن أدرس في كلية الحقوق؟»
السائل: هل يجوز يا شيخ أنه أنا أدرس في كلية الحقوق؟
الشيخ: مشان إيش تدرس في كلية الحقوق؟ وما هي الدراسة في كلية الحقوق؟ هل يُبتغى بها وجه الله أم وجه الدنيا حراما كان أم حلالا؟ كل هذا أنا أريد أن أعرفه حتى أتمكن من الإجابة عن سؤالك؟
السائل: يا شيخ أنا كنت توليشي ما بأصلي وبالسنة الثالثة, السنة هذه الحمد لله، الله تاب علي وصرت أصلي وملتزم بالسنة وربّيت ذقني والحمد لله أغلب صلواتي في المسجد, وبالدارسة الماجستير والدكتوراة أنا أنوي أني أدرس الفقه الإسلامي, المعاملات الإسلامية؟
الشيخ: إيه, بالحقوق ما تدرس المعاملات الإسلامية؟
السائل: لا ... يا شيخ بالدكتوراه بيصير واحد المعاملات الإسلامية, العقود الإسلامية أو الشهادة أو أي شيء من القبيل هذا؟
الشيخ: إيه, يعني ما بتقدر ها الدراسة هاي إلا بالحقوق؟
السائل: لا أنا بأقدر بس أنا كنت توليشي ما بأصلي قبل لا أخش كلية الحقوق حتى وصلت رسالتي يعني.
الشيخ: يا أخي الموضوع عدم الصلاة والحمد لله وصلاتك الأن ما لها علاقة بموضوع سؤالك ودراستك, نحن لا ننصح أحدا أنه يدرس الحقوق, ننصحه أن يدرس الشريعة و ..
السائل: ... الشريعة لأنه ..
الشيخ: وكذلك إذا نصحناه أن يدرس الشربعة مش على طريقة الدكاترة ها اللي بيدرسوا الفقه المقارن وبيطلع الطلاب حيارى لا يعرفون الحق الذي اختلف فيه الناس.
السائل: نعم.
الشيخ: ما ننصح خلاصة القول بدراسة الحقوق.
السائل: ... شكرا يا شيخ, جزاك الله خيرا.
الشيخ: أهلين.
سائل آخر: ... أنه أنا دارس ... لما بيوصل لسن معينة ... هاي ... .
الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله.
السائل: كيف حالك يا شيخ؟
الشيخ: الحمد لله بخير.

(191/25)


«
ما حكم الدراسة في الجامعة المختلطة؟»
السائل: أريد أن أسأل يا شيخ؟
الشيخ: تفضل.
السائل: بالنسبة للجامعة عندنا هنا بالجزائر, الجامعة الإسلامية.
الشيخ: نعم.
السائل: أولا فيها الإختلاط, ثانيا العقيدة فيها تغلب عليها العقيدة الأشعرية فبالنسبة للفقه يغلب عليها الفقه المالكي, فماذا تنصحون بالنسبة لطالب العلم؟
الشيخ: ألا يدرس في الجامعات المختلطة.
السائل: نعم, شكرا.
الشيخ: أهلا.
السائل: أريد أن أسألك يا شيخ عن صحتك؟
الشيخ: الحمد لله أنا بخير.
السائل: والله يا شيخ إننا ندعو الله أن يطيل في عمرك.

(191/26)


«
شرح الشيخ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته في سوقه وبيته بضعا وعشرين درجة ... ".»
الشيخ: الحديث الحادي عشر قال وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم (صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته في سوقه وبيته بضعا وعشرين درجة وذلك أن أحدهم إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى المسجد لا يريد إلا الصلاة لا ينهزه إلا الصلاة لا يدفعه إلا الصلاة لم يخطو خطوة إلا رفع له بها درجة وحط عنه بها خطيئة حتى يدخل المسجد فإذا دخل المسجد كان في الصلاة ما كانت الصلاة هي تحبسه والملائكة يصلون على أحدكم ما دام في مجلسه الذي صلى فيه يقولون اللهم ارحمه اللهم اغفر له اللهم تب عليه مالم يؤذ فيه - في المسجد - مالم يحدث فيه) متفق عليه وهذا لفظ مسلم وقوله صلى الله عليه وأله وسلم (ينهزه) هو بفتح الياء والهاء وبالزاي أي يخرجه وينهضه.
في هذا الحديث بيان فضيلة صلاة الجماعة وليس هذا فقط وفضيلة الخطوات التي يخطوها لصلاة الجماعة وليس هذا فقط بل والجلوس في المسجد ينتظر صلاة الجماعة, في كل هذه المقدمات بين يدي صلاة الجماعة هذه الفضائل وهذه الحسنات التي ذكرها عليه الصلاة و السلام, أما صلاة الجماعة نفسها ففضلها سبع وعشرون درجة كما في بعض الأحاديث الصريحة وهذه تفسير للبِضع المذكور في هذا الحديث حيث قال عليه السلام (صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته في سوقه, في محله, في دكانه, في متجره, وفي بيته إذا صلى وحده بضعا وعشرين درجة) فالبضع هنا من حيث اللغة معلوم أنه ما دون العشرة فجاء تفسيره في حديث أيضا من البخاري ومسلم سبع وعشرين درجة وهذا العدد لا ينافي الرواية الأخرى خمس وعشرين درجة لأنه من القواعد المعروفة عند علماء الأصول وعلماء الحديث أنه دائما يؤخذ بالزائد فالزائد من الأحكام ومن الأخبار فالخمس والعشرون داخلة في السبع والعشرين وكل من العددين الخمس والعشرون والسبع والعشرون مفسر للبضع من الناحية العربية.
ولذلك فالذي ينبغي اعتقاده أن صلاة الجماعة تزيد على صلاة الفرد سواء صلاها في البيت أو صلاها في السوق بسبع وعشرين درجة.

(192/1)


«
بيان الشيخ للجماعة التي يكون لها فضيلة سبع وعشرين درجة
الشيخ: ولا بد هنا من إلفات النظر إلى مسألة إختلف العلماء فيها قديما والذي جرى عليه السلف هو الذي يُحرّر الخلاف ويرفعه ألا وهي فهم الجماعة التي لها هذه الفضيلة (صلاة الرجل في جماعة) وفي اللفظ الأخر (صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة) صلاة الجامعة هذه هل هي كل صلاة جماعة تقام في كل مسجد وفي أي وقت أم إنها جماعة واحدة لا تتكرر ولا تتعدد؟ مسألة فيها خلاف والذي يترجح عندما تُراجَع أدلة المسألة أن الجماعة التي لها هذه الفضيلة إنما هي الجماعة الأولى والتي تصلَّى وراء الإمام الراتب, فلا يكفي فقط أن تكون جماعة أولى فقد يأتي جماعة إلى المسجد على عجل ويفتاتون ويتقدمون ويعتدون على الإمام الراتب فيصلون جماعة ثم يدبرون ثم تقام صلاة الجماعة النظامية الرسمية, فلا تكون الجماعة هذه هي الأولى وهي التي لها هذه الفضيلة لأنها جماعة باغية معتدية على الجماعة الراتبة, فالجماعة التي لها هذه الفضيلة إنما هي الجماعة الأولى والجماعة المقَيَّدة بالإمام الذي جُعِل إماما لهذا المسجد.
فهذه الجماعة الأولى هي التي لها هذه الفضيلة سبعون وعشرون درجة فليست هي الأولى التي تتقدم الجماعة الراتبة ولا هي الثانية أوالثالثة أو الرابعة أو أكثر من ذلك التي تتأخر عن الجماعة الراتبة والدليل على هذا التقييد هو واقع الحياة العملية الجماعية في عهد النبوة والرسالة وفي عهد السلف الصالح.

(192/2)


«
بيان الشيخ حكم تكرار الجماعة في المسجد الواحد
الشيخ: فقد جاء في مصنف إبن أبي شيبة من رواية الحسن البصري رحمه الله أنه قال " كان أصحاب النبي صلى الله عليه وأله وسلم إذا دخلوا المسجد فوجدوا الإمام قد صلى صلوا فرادى "، وإلى هذه الرواية أشار الإمام الشافعي رحمه الله الذي بسط القول في هذه المسألة بسطا لا نكاد نجده في كتاب أخر من المتقدمين فقد قال في الجزء الأول من كتابه الأم " وإذا دخل جماعة المسجد فوجدوا الإمام قد صلّى صلّوا فرادى وإن صلُّوا جماعة أجزأتهم صلاتهم ولكني أكره ذلك لأنه لم يكن من عمل السلف وقد كانوا قادرين على أن يجمِّعوا مرة أخرى ولكنهم لم يفعلوا لأنهم كرهوا أن يُجمِّعوا في مسجد مرتين " فهذا النقل العام من الحسن البصري عن الصحابة الكرام أنهم كانوا لا يعدّدون الجماعة في المسجد يُعطينا صورة الحياة التي كانوا يَحيَوْنها في مساجدهم من حيث الصلاة جماعة, وهي أنهم كانوا حريصين على المحافظة على الجماعة الأولى, فإذا ما فاتتهم لعذر ما فضلا عن غير عذر صلّوا فرادى.
وهذا الذي يدل عليه أحاديث مرفوعة للنبي صلى الله عليه وأله وسلم ولكن بشيء من الإستنباط والتأمل, من ذلك حديث أبي هريرة أيضا الذي أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم (لقد هممت أن آمر رجلا فيصلي بالناس ثم آمر رجالا فيحطبوا حطبا ثم أخالف إلى أناس يدعون الصلاة مع الجماعة فأحرِّق عليهم بيوتهم والذي نفس محمد بيده لو يعلم أحدهم أنه يجد في المسجد مرماتين حسنتين لشهدها) يعني صلاة العشاء.
في هذا الحديث دلالة صريحة في تحريم التخلف عن صلاة الجماعة لأن النبي صلى الله عليه وأله وسلم همّ بتحريق بيوت المتخلفين عنها, هذا واضح وليس لنا كلام فيه, وإنما الكلام فيما نحن فيه, في صدده الأن ألا وهو تكرار الجماعة فما علاقة هذا الحديث بعدم مشروعية تكرار الجماعة؟ لنتصور الأمر الواقع اليوم في كثير من مساجد المسلمين من التكرار والتعدد, تُرى هذا الوعيد الصريح في هذا الحديث على أيّة جماعة ينصَبُّ لو افترضنا أن هناك جماعات كثيرة؟ فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول (لقد هممت - طبعا تلخيص الحديث - أن أحرّق بيوت المتخلفين عن صلاة الجماعة) فلو أن الرسول عليه السلام فعلا باشر التحريق وخالف أولئك الجماعة في بيوتهم وهمّ بالتحريق, ما هذا يا رسول الله؟ إنّكم تتأخرون عن صلاة الجماعة, لا يا رسول الله نحن نصلى مع الجماعة الثانية, مع الجماعة الثالثة, مع الجماعة الخمسين أتكون حجّة الرسول حينذاك قائمة على هؤلاء المتخلفين أم الأمر العكس؟
إذا لاحظنا هذا نفهم أن هذه الحُجّة النبوية لا تكون قائمة على المتخلفين عن صلاة الجماعة إلا إذا استحضرنا تلك الحقيقة التي أنبأنا بها الحسن البصري أولا ثم أيّده اللإمام الشافعي في كلامه السابق آنفا، وإلا أُبطِلت حجة وحاشا من ذلك بأن يقول قائلهم يا رسول الله إن فاتتنا الصلاة معك فنصلي مثلا مع معاذ في مسجده, سنصلي مع أبيّ, سنصلي مع فلان ممن نفترض أنهم كانوا يعدّدون الجماعة في المسجد كما هو الشأن اليوم في المساجد الكبيرة والصغيرة أو يمكن أن يقال أن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول لهم صحيح أنه فيه هناك جماعات عديدة لكن أنا يَهُمُّني الجماعة الأولى من بين كل الجماعات, هذا ممكن أن يقوله قائلا أيضا وسواء كان الإحتمال الأول أو الاحتمال الأخر فالحجة قائمة على أن المسلم حينما يسمع نادِيَ الله يقول " حي على الصلاة حي على الفلاح " فإنما يعني بذلك الجماعة الأولى لأن الرسول صلوات الله وسلامه عليه همّ بتحريق المتخلفين عنها.
فإذًا الجماعة الأولى هي الجماعة الواجب حضورها وليست الجماعات الأخرى التالية من بعدها حتى ولو سلّمنا جدلا أنها جائزة ولكن حاشا أن نتصور هذا التصور, الجماعة الأولى هي الواجبة والجماعات التي بعدها جائزة, ضدان لا يجتمعان لأن القول بجواز الجماعات التي تلي الجماعة الأولى يُناقض القول بوجوب الجماعة الأولى لأن الإعتقاد بشرعية الجماعة الثانية فما بعدها يؤدي كما يقولون اليوم أتوماتيكيا إلى التساهل عن الجماعة الأولى, وأكبر مثال على هذا من حيث الواقع ومن حيث النقل أن الواقع اليوم أن المسلمين لا يتأخرون عن صلاة الجمعة, من كان منهم عازما على صلاة الجمعة لا يتأخر عن صلاة الجمعة, لماذا؟ لأنه قد استقر في ذهنه واعتقد في علمه أنه لا جمعة بعد الجمعة الأولى ولذلك فهو يحرص حتى مَن كان متساهلا بالصلوات الخمس وحريصا على صلاة الجمعة لا يُفوِّت صلاة الجمعة إطلاقا لأنه لم يقم في نفسه ما يحمله على التهاون للجمعة لأنه يعلم أن لا جمعة إلا جمعة واحدة.
هذا دليل من حيث الواقع يدلّنا على تأثير الرأي الخاطئ في صاحبه, فلما قام في رأي كثير من الناس جواز الجماعة الثانية فما بعدها صرفتهم عن الإهتمام بأن تكون الصلاة مع الحماعة الأولى.
بينما لمّا لم يقم مثل هذا الخطأ في أذهانهم تجاه صلاة الجمعة لم يكن لهم هذا التأثّر الخاطئ فكلهم يصلون صلاة الجمعة في وقتها, هذا من حيث الواقع.

(192/3)


«
قياس الشيخ صلاة الجماعة على صلاة الجمعة في تحريم تكرار الجماعة في المسجد الواحد
الشيخ: ومن حيث النقل لقد وجدنا مع حديث أبي هريرة السابق الذي يقول في طرفه الأول (لقد هممت) - استوصي بجارك خيرا - لقد وجدنا مع أبي هريرة السابق (لقد هممت أن آمر رجلا فيصلي بالناس) إلى آخر الحديث الذي فيه (لشهدها) يعني صلاة العشاء, وجدنا مع هذا الحديث حديثا يشببهه في صلاة الجمعة يرويه الإمام مسلم في صحيحه من حديث عبد الله بن مسعود قال عليه الصلاة والسلام (لقد هممت ان آمر رجلا فيصلي بالناس صلاة الجمعة ثم أحرّق على أناس بيوتهم يتخلفون عن صلاة الجمعة) فمثل ما قال الرسول عليه السلام في صلاة الجماعة قال مثله تماما في صلاة الجمعة.
وهذا يدلنا عل شيئين اثنين, الشيء الأول أن صلاة الجماعة فرض مثل صلاة الجمعة, طبعا المثليّة هنا ليس من الضروري أن تكون بالمائة مائة لأنه زيد مثل الأسد يعني من زاوية معيّنة ولذلك فأنا أعني أنه صلاة الجماعة مثل صلاة الجمعة من حيث الفرضية لكن الفرضية درجات, هذا ما يدل عليه الحديث أولا, وثانيا كما أن صلاة الجمعة لا تتكرر في المسجد الواحد ولذلك همّ بتحريق المتخلفين عنها فكذلك صلاة الجماعة لا تتكرر ولذلك همّ بتحريق المتخلفين عنها.

(192/4)


«
ذكر الشيخ إتفاق الأئمة على عدم مشروعية تكرارالجماعة في المسجد الواحد الذي له إمام راتب و مؤذن راتب؟»
الشيخ: من هنا اتفق الأئمة الأربعة على عدم شرعية الجماعة الثانية, أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد في رواية عنه، إتفقوا كلهم على أن الجماعة الثانية غير مشروعة ويطلق الحنفية الكراهة عليها وإنما يعنون الكراهة التحريمية, لكن نصُّوا وبخاصة منهم الإمام الشافعي على أن المسجد الذي تُكره فيه تكرار الجماعة هو المسجد له إمام راتب ومؤذن راتب لأن تحقق هاتين الصفتين في المسجد هو الذي يجمع المسلمين في ذاك المسجد, الإمام والمؤذن أما مسجد على قارعة الطريقة ليس له مؤذن يدعوهم وليس له إمام يجمعهم فلا تُكره تكرار الجماعة في هذا المسجد والفرق واضح جدا وهو الذي رمى إليه هؤلاء العلماء والفقهاء ذلك أن تكرار الجماعة في المسجد له إمام راتب ومؤذن راتب عاقبة ذلك تفريق الجماعة, وما سُمِّيت صلاة الجماعة إلا للتجميع فأي عمل عارض المقصد من شرعية الجماعة وهو تفريق الجمع يكون طبعا مخالفا للشرع ولذلك فلا يُشرع إتخاذ أي سبب أو أي وسيلة يؤدي إلى تفريق الجماعة الأولى.
أما المسجد الذي ليس له إمام راتب ولا مؤذن راتب فليس هناك جماعة تفرّق بل على العكس من ذلك هناك جماعات تُجمّع كمثل مثلا عائلة في الدار يُصلِّي جماعة منهم وناس منهم آخرون مشغولون أو غائبون ثم يعودون إلى الدار فيصلون جماعة ثانية لا أحد يقول بكراهة ذلك لأنه لا يؤدّي إلى تفريق جماعة منتظمة.
لذلك قال أولئك العلماء بأن هذا الحكم حكم كراهة تكرار الجماعة إنما يختص بالمسجد له إمام راتب ومؤذن راتب.
فإذًا حينما نسمع الأحاديث التي تُبيّن أن صلاة الجماعة تزيد على صلاة الفرد بسبع وعشرين درجة فلا ينبغي أن نفهم لفظة "الجماعة" أو بعبارة أدق أن نفهم أن "أل" في الجماعة للإستغراق والشمول وإنما هي للعهد, فنقول صلاة الجماعة هي الجماعة الأولى, وبالشرط السابق ما تكون جماعة معتدية على الجماعة الراتبة فصلاة الجماعة هي الجماعة الأولى ف "أل" هنا ليست للإستغراق والشمول وإنما هي للعهد.
من أجل هذا الحديث وأمثاله نقول يجب أن تُفسّر نصوص الشريعة وأقوال الرسول عليه الصلاة والسلام على ضوء الواقع والحياة النبوية الكريمة.

(192/5)


«
بيان الشيخ أن الواجب نحو النصوص الشرعية حمل مطلقها على مقيدها وعامها على خاصها
الشيخ: فلا يجوز أن نأتي إلى نصّ مطلق فنُطبِّقه نحن اليوم على إطلاقه مع أننا نعلم أنه لم يُطبّق في عهد النبوة والرسالة على إطلاقه كذلك لا يجوز أن نأتي إلى نص عام فنُطبِّقه على عمومه ونحن نعلم أنه لم يُطبّق على عمومه ومراعاة هذه القاعدة يُخلِّص صاحبها من الإنحراف ومن الوقوع في محدثات من الأمور يقع فيها جماهير الناس حينما يأتون إلى مثل هذه النصوص المطلقة أو العامة فيفسرونها بتقيّد فقط بالأسلوب العربي دون أن يعودوا في ذلك إلى ملاحظة ما فسّره الرسول عليه السلام إما بقوله أو بفعله أو بتقريره ولعله مما يُوضِّح لكم هذه القاعدة الخطيرة الهامة, بالإضافة إلى هذا الحديث الذي كنا في صدده أن نقرب لكم هذا الموضوع بالآية المعروفة ((والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما)) إذا أردنا أن نفسر هذه الآية إعتمادا منا فقط على الأسلوب العربي لفهمنا من قوله تعالى ((والسارق)) أيّ سارق كان، أيّ سارق كان, سواء سرق قلما من رصاص أو قلما من ذهب, هذا إسمه سارق وهذا إسمه سارق, فهل هذا السارق وذاك كلاهما سواء من حيث أنهما يدخلان في عموم قوله تعالى ((والسارق والسارقة))؟ أما من حيث اللغة العربية فالجواب نعم، أما من حيث الواقع النبوي والتفسير النبوي فالجواب لا، لماذا؟ لأنه الرسول صلى الله عليه وآله سلم كان يقول (لا قطع إلا في ربع دينار فصاعدا) إذًا ما دون الربع من المسروق لا يجوز قطع يد هذا السارق.
فإذًا كيف أخيرا نفهم ((والسارق)) "أل" للعهد وليس للإستغراق والشمول أي ((والسارق)) الذي سرق ما قيمته ربع دينار فصاعدا فهو الذي يستحق القطع المذكور في تمام الآية, كذلك السارقة.
هذا من جهة السارق المطلق ذكره في الآية, فهمنا أن هذا الإطلاق غير مقصود من بيان الرسول عليه السلام القولي.
ثم قال تعالى ((فاقطعوا أيديهما))، تُرى اليد في اللغة هل هي محصورة في الكف وإلا بالذراع وإلا هذه كلها يد, هذه كلها يد, تُرى من سرق ربع دينار فصاعدا هل يجوز أن نقطع يده من ها هنا؟ أما لغة فالجواب نعم، لأنها يد فحيثما قطعت فقد قطعت اليد لكن شرعا هل يجوز أن تقطع يد السارق من هنا؟ الجواب لا, من أين أخذنا هذا؟ من بيان الرسول عليه السلام الواقعي العملي فهو كان يقطع من هنا وليس من هنا و لا من هنا, هذا مثال يجب أن تُلحق به أمثلة بالمئات وما أحوجنا نحن اليوم في العصر الحاضر إلى استحضار هذه القاعدة لأن كثيرا من الناس يأتون إلى نصوص عامة لم يَجْرِ العمل عليها فيستدلون بها وبيقولون النص العام حجة, نقول صحيح ولكن النص العام إذا لم يَجْرِ العمل على عمومه فليس بحجة, إذا لم يَجْرِ العمل على عمومه فليس بحجة.

(192/6)


«
ذكر الشيخ مسألة التسوية بين الرجال والنساء في الحقوق ومنها الإمامة و القضاء
الشيخ: مثلا لو جاء شخص يدعي الفقه والفهم وهو من جهة أخرى يَرمي إلى تقريب وإلى ما يزعمونه من التسوية بين حقوق الرجال وحقوق النساء, هذه الدعوة العارمة اليوم التي صرفت كثيرا من المسلمين عن العقيدة الإسلامية وعن الأحكام الإسلامية.
يقولون مثلا أن المرأة صِنو الرجل وأن التفريق بين المرأة والرجل هذه جمود وهذه رجعية, فيجب أن نعامل المرأة معاملتنا للرجل, وقد لا يعدمون بعض النصوص التي تؤيدهم في هذا الاتجاه, مثلا يقول الرسول عليه الصلاة والسلام في صحيح مسلم (يؤمّ القوم أقرؤهم لكتاب الله فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسّنة) وكثيرا ما ينعقد الإجتماع ما في دار, ما في عائلة ما فيتّفق أن تكون إمرأة من بين هذا القوم أفقههم وأقرؤهم, فهل يجوز للمتفقه يريد هذا التقريب بين النساء والرجال يقول يا أخي الرسول يقول (يؤم القوم أقرؤهم) فمن أقرؤنا؟ فاطمة, قومي يا فاطمة صلي بنا إماما.
هذا دليل تضحكون منه ولكم الحق لكن لو لاحظتم أن استدلالهم بالعموم صحيح فهو صحيح ولكن الجواب ليرد هذه الدعوة المزعومة صِحتها, نقول هل جرى عمل السلف الصالح على الإستدلال بهذا الحديث على عمومه بحيث تقدم المرأة لفقهها فتؤم الرجال؟ الجواب لا, كذلك مثلا القضاء و الإفتاء هل نَنْصِب امرأة تفتي الناس, تقضي بين الناس وهي فقيهة وقاضية وأعطيت خصال قد لا توجد في كثير من الرجال؟ الجواب لا, لم؟ لأنه يخالف الحياة, حياة السلف, الصحابة فمن بعدهم فقد كان فيهم كثير من الفقيهات وكثير من المحدّثات ومع ذلك فبقي التفريق في الأحكام وفي المعاملات بين الرجال والنساء ماشيا كما هو المعلوم اليوم عند جماهير المسلمين.
والأمثلة في هذا يعني كثيرة وكثيرة جدا لكني أخيرا أختم التمثيل بالمثال حساس وواقعي.

(192/7)


«
ذكر الشيخ مسألة خروج النساء للدعوة إلى الله وبيان أن هذا من البدع التي لا يعرفها كثير من الناس اليوم
الشيخ: اليوم توجد نغمة عند النساء المسلمات وليس النساء المتبرجات اللاتي لا يبالين بالحرام والحلال, النغمة الجديدة عند النساء المسلمات هو أنه يبرز من بينهن عدد منهن يدعين أنهن داعيات فتراهن ينطلقن يمينا و يسارا ويسافرن في سبيل ماذا؟ في سبيل الدعوة ويسمَّيْن بالداعيات مثل ما فيه دعاة فيه أيضا داعيات, هذه بدعة في الإسلام لا يعرفها المسلمون إطلاقا وهذا معناه إفساح المجال للنساء أن يتولّوا أحكام وخصائص الرجال.
ولا يبعد أن يأتي زمن أن نرى النساء تجلس وتنصب نفسها للإفتاء, وتنصب نفسها للقضاء, فما هي الحجة للرد على هذه الإتجاهات التي بعضها قد ذرّ قرنه وبعضها يأتي والله أعلم فيما بعد, الجواب (وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار).
هذه بعض الأمثلة لبيان أن النص العام إذا لم يجر عليه العمل فلا يجوز الاعتماد على عمومه.

(192/8)


«
هل يتابع الإمام فيما خالف فيه السنة في الصلاة؟»
الشيخ: هل يتابع إمامه إذا سجد على الركبتين أم يخالف إمامه ويطبق هذا الشيء الواجب ونرجوا تبيين كيفية متابعة الإمام؟
هذه المسألة طالما تكلمنا فيها وهي تتعلق بأصل وبفروع تفرّعت من ذاك الأصل، ألأصل هو قوله عليه الصلاة والسلام (إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبّر فكبّروا وإذا ركع فاركعوا وإذا سجد فاسجدوا وإذا صلى قائما فصلوا قياما وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعين) أو (أجمعون)، وهذا الحديث في الصحيحين من رواية جماعة من الصحابة منهم أبو هريرة ومنهم عائشة ومنهم أنس بن مالك وبعضهم يزيد على بعض والشاهد أن في هذا الحديث أمر الرسول عليه الصلاة والسلام المصلين بالإئتمام بالإمام, وجاء في آخر هذا الحديث كما سمعتم (وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعون) هذا الحديث يضع لنا هذا الأصل وهو وجوب الائتمام بالإمام حتى لو صلى جالسا أي وهو عاجز عن القيام فعلينا أن نتابعه في الصلاة جالسين أي نُسقط الركن الذي هو القيام في سبيل تحقيق الإئتمام والقدوة التامة بهذا الإمام, هذا هو الأصل في موضوع السؤال الوارد آنفا, أما المسائل التي تؤكد هذا النص العام (إنما جعل الإمام ليؤتم به) فمثلا السنن من حديث المغيرة بن شعبة أن النبي صلى الله عليه وأله وسلم صلى ذات يوم فلما أراد الجلوس للتشهّد نسي وقام إلى الركعة الثالثة فسبّح به أصحابه فلم يعد للتشهد وتابع الصلاة ثم سجد سجدتي السهو, وقعت هذه الحادثة نفسها لراوي الحديث وهو المغيرة بن شعبة حيث نسي هو بدوره التشهد الأول وذلك في صلاة المغرب فسبّح به من وراءه فما التقت إليهم وفي أخر الصلاة سجد سجدتين وقال صليت وراء النبي صلى الله عليه وأله وسلم فنسي التشهد فسبّحوا له ففعل كما فعلنا قال وقال عليه الصلاة والسلام (إذا نسي أحدكم التشهد الأول فقام فإن استتمّ قائما فلا يعد وعليه سجدتا السهو وإن لم يستتمّ قائما فيرجع ولا شيء عليه) هذا معنى حديث المغيرة بن شعبة, فنجد هاهنا هذا الحديث يوجب على المقتدين الذين تنبهوا لخطأ الإمام أن يتابعوه في خطئه وقد ترك واجبا من واجبات الصلاة ألا وهي التشهد جلوسا وقراءة, بل هناك في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وآله سلم صلى بأصحابه يوما صلاة الظهر خمس ركعات دون أن يتشهّد في الركعة الرابعة وإنما تشهد في الركعة الخامسة ولما سلَّم عليه الصلاة والسلام قيل له يا رسول الله أزيدَ في الصلاة؟ قال لا, قالوا له فقد صليّت خمسا فسجد الرسول عليه السلام سجدتي السهو ثم قال (إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون فإذا نسيت فذكّروني) فنجد في هذه الحادثة أن الصحابة تابعوا الرسول عليه الصلاة والسلام حتى لمّا قام للركعة الخامسة من صلاة الظهر ويقال بهذه المناسبة أن متابعة الصحابة للرسول عليه السلام إنما كان لظنهم أنه من المحتمل أن يكون قد نزل حكم جديد على الرسول عليه السلام وهو لذلك هو صلى خمسا, وبناء على هذا الظن كما قيل قالوا له أزيدَ في الصلاة؟ فأجابهم بالنفي وسجد سجدتين واعتذر بأنه كان ناسيا, هكذا يقول البعض بأن متابعة الصحابة للرسول عليه الصلاة والسلام إنما كان لأنه قام في أذهانهم أنه من المحتمل أن يكون جاء حكم جديد, يعنون أنهم لو كانوا على علم يقيني أنه لا احتمال الزيادة على أربعة الظهر لم يتابعوه فنحن نردّ على هؤلاء من وجهين, الوجه الأول أنه هذه مجرد دعوى ليس هناك دليل على ما ذهبوا إليه, والشيء الثاني وهو أقوى أن الصحابة وكثير من التابعين قد وقعت لهم حادثة أغرب بكثير من هذه الحادثة ومع ذلك فما, ما رأوا بأنفسهم جائزا أن يخالفوا الإمام فقد جاء أيضا في صحيح البخاري أن أحد الولاة الحكام في زمن بني أميّة صلى بالناس صلاة الفجر أربعا وهو كأنه لا يزال متأثّرا بشراب كان قد شربه وبعد أن سلّم بهم التفت إليهم قائلا " أزيدكم؟ " إذا ما يكفيكم أربعة بدل ركعتين فأنا مستعد للزيادة, أزيدكم؟ فلا نجد في هذه الحادثة مهما فيها من شذوذ وغرابة وزيادة لا نجد أحد من الصحابة والتابعين قال هذه الصلاة باطلة والسبب هو مراعاتهم لمبدأ (إنما جعل الإمام ليؤتم به).
يؤكد لكم هذا ما روى الإمام أبو داود في سننه بإسناده الصحيح أن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه كان إذا صلى خلف عثمان رضي الله عنه في منى يتابعه وكان يصلي عثمان أربعا وهو مسافر كسائر الصحابة لأن ذلك كان في موسم الحج وهو في منى, أيام منى, أيام التشريق فكان يصلي بالناس تماما, لا يقصر فكان ابن مسعود ينكر عليه ذلك ويُذكِّره بما كان عليه الرسول عليه السلام في حجة الوداع وفي كل أسفاره من أنه لا يزال يقصر حتى يرجع إلى المدينة.
كان أصحاب ابن مسعود يسمعون منه هذا الإنكار على عثمان ثم يرونه من جهة أخرى يصلي خلفه أربعا, فيقولون له كيف هذا؟ تنكر عليه الإتمام ثم تتابعه؟ كان جوابه " الخلاف شرّ " كأنّ ابن مسعود رضي الله عنه يقول إننا بين شرين, الشر الأول مخالفة السنة في القصر, الرسول عليه السلام كان يقصر دائما وأبدا, فمخالفة هذه السنة بلا شك شر لكن هناك شر آخر, مخالفة الإمام الذي نقتدي به هذا شر, وكأنه يقول فيما أفهم, فالرسول يقول (إنما جعل الإمام ليؤتم به) وفي حديث آخر يزيد فيقول (فلا تختلفوا عليه) لا تخالفوه افعلوا كما يفعل فابن مسعود يقول فنحن بين شرين فأنا أختار أخف الشرين وأخفهما أن لا أخالف الإمام فإذا صليت أنا بالناس إماما قَصرْت, أما إذا صليت بإمام لا يقصر وإنما يتمّ فمخالفته شر فهذا يدلنا على أن ابن مسعود وقد رُوِيَ مثله أيضا عن بعض الصحابة الآخرين كأبي الدرداء وأبي ذر, الشك مني الأن, أيضا كان يصلي وراء عثمان تماما ويجيب بنفس الجواب " الخلاف شر ".
فمن هذه المجموعة من النصوص أنا اطمئننت إلى أن المقتدي إذا اقتدى بإمام ورضيه قدوة له فينبغي أن تضمحلّ شخصيته وراء شخصيته وراء شخصية هذا الإمام, وأن تنقلب صلاته إلى صلاة الإمام أصاب أو أخطأ لأن الإصابة والخطأ في مثل هذه القضايا هي أمور إجتهادية وكل إنسان يدّعي طبعا أن السنّة معه ولذلك فالسنّة من مثل الأدلة السابقة توحّد المسلمين في صلاتهم وتجمعهم وراء هذا الإمام الواحد, وتجعل صلاتهم واحدة, لا خلاف بينهم فيها, ذلك لأن الإختلاف في البلدة الواحدة أشدّ تأثير من الإختلاف الواسع العام, إذا كان الله عز وجل يحذّر تحذيرا عاما عن الإختلاف فيقول ((ولا تكونوا من المشركين من الذين فرّقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون فالاختلاف في ذات العبادة نفسها أشد خطرا على المختلفين لا يقولنّ قائل كما سمعنا مرارا وتكرار "فكيف نحن نترك السنة، مثلا نترك وضع اليدين على الصدر" ومثل ما جاء في السؤال "هو بيبرك على ركبه نحن نتابعه" لا يقولنّ قائل هذا, لأننا لا نقول اتبعوا الإمام على ما نعتقده من أنه أخطأ أو مخالف للسنة من أجل خاطر الإمام وإنما نقول هذا من أجل خاطر السنة نفسها إذا صح التعبير, بل من أجل أمر الرسول عليه السلام الصريح في قوله السابق (إنما جعل الإمام ليؤتم به) إلى أخره يقول (فإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعون) الإمام حينما يصلي جالسا يصلي معذروا, الإمام الذي لا يرفع يديه في الصلاة, لا يرفع معذورا, الإمام الذي يبرك على ركبه يبرك معذورا, لأنه يظن أن هكذا السنة, وليتصوّر أحدنا نفسه يصلي وراء إمام من الأئمة السابقين من مثل الصحابة وأمثالهم فهم لم يكونوا كلهم متفقين على كل مسألة وكل جزئية, فهناك مثلا بعض الصحابة لا يتوضّؤ من مسّ المرأة, وأخرون يتوضؤون من مسّ المرأة, وهناك صحابة لا يتوضؤون من خروج الدم مهما كان كثيرا, وناس أخرون منهم يتوضؤون, هل كان أحدهم يأبى عن الصلاة خلفه مخالفا لهم في المذهب؟ الجواب لا, إذا ما قام الإمام ليصلي بالناس جميعا انمحت الأراء الشخصية وراء هذا الإمام فهو مثلا لمس امرأته ولم يتوضأ, أنا أرى أنه هذا اللمس ينقض الوضوء مذهبي يطيح حينما أصلي وراء هذا الإمام, والعكس بالعكس, الإمام يرفع يديه, ابن مسعود كان لا يرفع يديه, ابن مسعود معروف أنه عمدة الحنفيّة في عدم رفع اليدين, فهل كان ابن عمر مثلا إذا اقتدى بابن مسعود لا يرفع يديه؟ يعني لا يصلي وراءه؟ يقول هذا مخالف للسنّة أو ابن مسعود إذا صلى وراء ابن عمر يقول هذا مخالف للسنّة, لم تكن هذه الأمور تفرّق بينهم إطلاقا، فأنا أقول إذا كان صحّة الصلاة وبطلانها يذهب الإختلاف بمجرد الإقتداء, أن من يرى صلاته باطلة لو فعل مثل فعل الإمام تصبح صلاته صحيحة إذا صلى وراء ذاك الإمام لأنه صلاة الإمام صحيحة, فأنت إذا صليت وراء إمام لا يرفع يديه وتركت رفع اليدين, تُرى هذا أخطر أم إذا صليت وراء إمام صلاته باطلة بالنسبة لمذهبك, أنا مثلا أرى أن أكل لحم الجزور ينقض الوضوء فإذا رأيت رجلا أكل من لحم الجزور حتى انفزر وقام يصلي وما توضأ بأقول أنا صلاتي ما بتصح وارءه؟ لا, لأن القدوة تمحو هذه الخلافات كلها.
لذلك أعود فأقول ما يتساءل أحدكم فيقول كيف نترك السنّة من أجل القدوة؟ الجواب نحن تركنا أكثر من السنّة, تركنا الفرض, تركنا الطهارة حينما نصلي وراء إمام صلاته غير صحيحة بالنسبة لوجهة نظرنا نحن.

(192/9)


«
بيان الشيخ أن الإقتداء بالإمام من أسباب تقريب الخلاف بين المسلمين
الشيخ: ولذلك فهذه المسألة أنا أعتبرها من أكبر المسائل التي شرعها الشارع الحكيم في سبيل تقريب الخلافات بين المسلمين الكثيرة, فحينما يرى المقلّد تصلي وراءه صلاته, فهذا سينتبه لماذا هو يصلي خلفي أولا, وثانيا يتابعني ثم إذا صلى هو بالناس إماما رجع يصلّي كما يعتقد؟ سيعلم أنه هذا كله من أثار السنّة وأنا في الواقع أتبنّى هذه المسألة.

(192/10)


«
تفريق الشيخ في مسألة الإقتداء بين الإمام الذي يقلد إمامه ولم يتبين له الحق وبين من يعرف السنة ويخالفها عمدا
الشيخ: هنا يجب أن نفرّق بين قضيّتين اثنتين وبذلك أنهي الجواب عن المسألة السابقة وهي ينبغي أن نفرّق بين إمام يصلي حسبما تلقّى من العلم المذهبي, وبين إمام أخر تبيّنت له السنّة ثم هو يخالفها عامدا متعمدا, فالبحث السابق كله إنما يتعلّق بالجنس الأول من الأئمة وهم أكثر الناس اليوم.
أما الجنس الأخر ممن يتبيّن لنا أنه يعاند السنّة وقد تبيّنت له فحينئذ عناده لا حُرمة له, نحن نحترم إمامه الذي يتّبعه ويقلّده.
أما إذا تبيّن لنا بأنه توضّحت له السنّة فخالف السنّة وخالف إمامه نفسه حين يقول إذا صحّ الحديث فهو مذهبي, حينذاك لا حُرمة لمثل هذا الإمام لأنه يتعمّد مخالفة السنّة وليس هو مجتهدا بطبيعة الحال, ولا هو متّبع في ذلك لمجتهد, لأن المجتهد قال له إذا صحّ الحديث فهو مذهبي.
ولذلك فأنا أريد أن أذكّر بهاتين النقطين والفرق بينهما لأني ألاحظ من كثير من إخواننا ... يسألني دائما عن النوع الثاني يعني عن الجنس الذي يتعمّد مخالفة السنّة, هذا كمان نتابعه؟ فأنا حينما يأتيني سؤال خارج المجلس العلمي بأقول له للسائل, واليوم وقع هذا أيضا بيني وبين أحد إخواننا حيث صلينا في مسجد إمامه حنفي, وأنا كما فهمتم مني مرارا لا أرفع يدي حول مثل هذا الإمام, فخرج معي المشار إليه قال يا فلان إذا صلينا وراء إمام تبيّنت له السنّة وهو يخالفها نتابعه؟ قلت له لماذا تسأل عن ذاك الإمام ولا تسأل عن هذا الإمام؟ لماذا تترك هذا الإمام الذي أنت تصلي خلفه؟ أنا أشاهده كل يوم تقريبا يصلي هناك, لماذا لا تسأل عن هذا؟ هذا هل بَلَغَتْه السنّة؟ هل بلّغته السنّة؟ قال لا, قلنا لذا لماذا لا تسأل عن هذا؟ هل نتابعه؟ فتدع هذا وتمسك صورة هي نادرة وهو الإمام الذي تتبيّن له السنّة ثم يعاند ويصر على مخالفتها.
إذًا ينبغي أن نفقه المسألة أولا من الناحية العلمية فقها صحيحا, وثانيا يجب أن نطبّقها تطبيقا عمليا صحيحا.
فأكثر الأئمة الذين نصلي ونصلي وراءهم هم لا يعلمون السّنّة ولا يعلمون المذهب ولا يعلمون أنه إمام المذهب قال " إذا صحّ الحديث فهو مذهبي ".
التفاصيل التي نحن نحياها بصفتنا سلفيين هم ممن حرموا أن يعيشوا في هذا الجو العلمي, ولذلك فلا تفترضوا أن كل إمام بلغتْه الحجّة وقامت عليه البيّنة ولذلك فنعتبره معاندا, ليس كذلك, بل أنا أقول أكثر من ذلك وبه أنهي الجواب إنه لا يعني أن كل واحد ممكن اتصل بأي إمام من هؤلاء الأئمة أنه أقام الحجّة عليه, لأن إقامة الحجة تحتاج إلى علم وتحتاج إلى أسلوب في البيان والمناظرة, فليس مجرّد ما تعلّم أحدنا مسألة ومسألتين وجاء يجادل فيها إمام من أولئك الأئمة, خلاص أقام الحجّة عليه, الله أعلم, هل أقامها عليه أم لم يقمها؟
خلاصة القول, المبدأ (إنما جعل الإمام ليؤتم به) يجب تنفيذه تنفيذا عاما, فلا مذهبية وراء القدوة, فإذا ما تبيّن الإنسان بيانا يقينيّا أن إماما ما عرف السنّة ثم هو يَدَعُهَا فحينئذ نحن لا نتابعه, وأنا شخصيا أفعل هذا, إمام شافعي مثلا لا يرفع يديه, لماذا؟ قال مراعاة للحنفية, هذا لا يقول به لا الحنفية ولا الشافعية و إنما يقوله الهوى, بينما هذا الإمام شافعي المذهب يقنت في الفجر وهذا مذهب الإمام الشافعي فأنا شخصيا أقنت معه في الفجر وأرفع يديّ خلفه, وهو لا يرفع لأنه مخالف لمذهبه الذي ينتمي إليه مراعاة للناس, فالمسألة تحتاج إلى علم, تحتاج إلى تفصيل.
السائل: ... .
الشيخ: نفس السؤال يعني, لا يكون بس نفس السؤال؟
السائل: لا ... الموضوع.
الشيخ: الموضوع, بس ما يكون ... الجواب, تفضل.
السائل: بالنسبة للحديث (إنما جعل الإمام ليؤتم به) الإمام معرّفا بأل, أيّ إمام؟ الإمام الشرعي الذي نصّ عليه الشارع الحكيم الذي وصفه بأقرؤهم لكتاب الله, أعلمهم بالسنّة إلى أخره، فنحن نرى اليوم كثير من الأئمة لا تتوفر فيهم هذه الصفات التي أمروا بها فهم موظفون أو جاهلون خلفهم من هو أحق ... فهل يعني يتغيّر حكم الموضوع في ملاحظة هذه الحالة الحاضرة؟
الشيخ: ما بيتغير بطبيعة الحال, أنت تصلي خلفه وإلا لا؟
السائل: نعم.
الشيخ: ليش عم تصلي خلفه ما دام ليس هو الإمام؟
السائل: يعني.
الشيخ: (إنما جعل الإمام) مادام ليس هو هذا الإمام ليش بتصلي خلفه؟
السائل: لا يوجد أحد غيره.
الشيخ: إيه هذا هو الجواب, لما بتلاقي أحسن منه اتركه وروح عنده, لما بتلاقي أحسن منه اتركه وروح لعنده.

(192/11)


«
بيان الشيخ أهمية إضافة قيد " على منهج السلف الصالح " في قولنا "الرجوع إلى الكتاب والسنة ".»
الشيخ: وأنا, سؤالك هذا يذكرني ببعض المواضيع التي طرقتها في مصر بكثرة, وفعلت هنا بعض المرات, وهو لا يكفي أن ندعوَ الناس إلى الكتاب والسّنة فقط بل يجب أن نضمّ إلى هذه الدعوة الكتاب والسنّة وعلى منهج السلف الصالح, تدرون لماذا هذا القيد؟ وهذا القيد هنا في بلاد الشام يعني ربما ذكرت مرات قليلة وقليلة جدا لكني في مصر شعرت بأهمية هذا القيد جدا جدا حتى بين أنصار السنة, فقد كنا نحاضر حول هذه النقطة بالذات ساعات طويلة, فأنا أذكركم الأن ببعض الأحاديث التي ندندن حولها دائما وأبدا (تفرقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة والنصارى على اثنتين وسبعين فرقة وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة) قالوا من هي يا رسول الله؟ قال (الجماعة) وفي الرواية الأخرى المشهود لها من حديث العرباض قال (هي ما أنا عليه وأصحابي) حديث العرباض يقول (فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي) تُرى, هنا الشاهد, لماذا لم يقتصر الرسول في الحديث الأول بذكر (ما أنا عليه) وإنما ضمّ إلى ذلك (وأصحابي) تُرى لماذا لم يقتصر الرسول عليه السلام في حديث العرباض على قوله (فعليكم بسنتي) وإنما ضمّ إلى ذلك (وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي)؟ تُرى لماذا قال ربنا عز وجل في القرآن الكريم ((ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين)) لماذا قال ((ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا)) لماذا لم تكن الأية على النسق الأتي "ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى نوله ما تولى ونصله جهنم ونصله جهنم وساء مصيرا" وإنما جاءت بالنص القرأني ((ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين)) شو السر في الأية؟ شو السر في الحديثين السابقين أن الله عز وجل لم يقتصر على الوعيد لمشاققة الرسول فقط بل ضمّ إلى ذلك قوله ((ويتبع غير سبيل المؤمنين)) والرسول نفسه ولم يقتصر على ذكر سنّته وإنما ضمّ إليه أصحابه والخلفاء الراشدين منهم بصورة خاصة؟ السر في هذا أننا حينما ندرس الثلاثة والسبعين فرقة من الفرق الإسلامية, لا نجد فيها فرقة تقول "نحن براء من السنّة" فعندكم أخر فرقة عرفناها تدعي الإسلام وتصلي وتصوم وإلى أخره "القاديانية" فهم يقولون "نحن على الكتاب والسنة" كل الفرق حتى هذه لا تتبرّأ من السنّة, فكل واحدة من الفرق الضالة تقول "نحن على الكتاب والسنة" يأتي الحكم الفصل (ما أنا عليه وأصحابي) أي يجب ليكون المسلم في عصمة من الإنحراف ويكون من الفرق الضالة, لكي لا يكون من الفرق الضالة أن يتمسك بما كان عليه الصحابة من المفاهيم لنصوص الكتاب والسنّة وإلا فالضلال الجذري لكل هذه الفرق الضالة ما جاء من إنكارهم للسنّة فضلا عن القرآن وإنما جاء من إنكارهم لمعاني القرأن ومعاني السنّة, فجاؤوا بمعاني جديدة ما يعرفها السلف الصالح.
فالمعتزلة مثلا من أشهر الفرق الضالة والمخالفة لأهل السنّة حينما يُنكرون عقيدة السلف الصالح المصرّح فيها الكتاب والسنة مثلا ((وجوه يومئذ ناضرة إلى ربنا ناظرة)) يُنكرون هذه الأية؟ أقول ينكرونها ولا ينكرونها، لا ينكرونها كلفظ ثابت في القرأن الكريم, لا ينكرون منه ولا حرف واحد لكنهم ينكرونها حينما ينكرون معناه الحقيقي, فيقولون بكل بساطة المعنى ((إلى ربها ناظرة)) أي إلى نعيم ربها ناظرة, أبطلوا النص بمضاف محذوف, ربنا بيقول ((إلى ربها ناظرة)) هم يقولون إلى نعيم يعني إلى جنة ربها ناظرة, كأنه ربنا عز وجل بكل الأيات والأحاديث التي بشّر بها عباده المؤمنين وأنهم سيدخلون الجنة كأنه خُشِيَ أن يدخلوا الجنة ويفهم أحد أنهم لا ينظرون نعيم الجنة فجاء ربنا بهذه الأية ليقول لهم ((إلى ربها)) أي إلى نعيم ربها ناظرة, ليبيّن لهم أنه شايفين أنتم نعيم الجنة ما بتفوتوا مغطّين, هذا هو التعطيل بعينه فكي لا يقع ها المسلمون فيما بعد في شيء من هذه الإنحرافات, فلا بد من الضميمة التي ذكرناها كتاب وسنّة وعلى منهج السلف الصالح وإلا إذا تركنا هذا المنهج ضللنا ضلالا بعيدا وكنا فرقة.

(192/12)


«
ما هي شروط المسح على الخفين؟»
السائل: السؤال ما هي صفات الجوربين التي يجوز المسح عليها من خلال الأحاديث الصحيحة وهل يجوز للمقيم المسح عليها متى شاء؟
الشيخ: ليس في السنة تقييد, قيودا أو شرط شروط للجورب الذي مَسَحَ عليه الرسول عليه السلام, المسح على الجوربين كالمسح على الخفين, حينما أذِن الشارع الحكيم على لسان نبيه أو فعله بالمسح على الخفين وبالمسح على الجوربين لم يشترط أي شرط إلا أن يكون خفا أو جوربا.
فالشروط التي تُذكر في بعض كتب الفقه على كثرة الخلاف فيها وبينها لا يوجد فيها شرط منصوص عليه يُلزم الأخذ به اللهم إلا ما جاء في الأحاديث الصحيحة من قوله عليه السلام (يمسح المقيم على الخفين يوما وليلة والمسافر ثلاثة أيام بلياليها) هذا هو الشرط الوحيد الذي جاء في السنّة الصحيحة وهذا يتضمن الجواب عن الشرط الأخير من السؤال وهو أنه ليس للمقيم أن يمسح بدون توقيت بعد أن وقّت الرسول عليه السلام له أن يمسح يوما وليلة وللمسافر ثلاثة أيام بلياليها فقط.
ولهذا قام خلاف بين العلماء قديما وحديثا فمنهم من يُجيز المسح على الجوربين بشروط إذا أريد التزامها لزم أن نفقد هذه الرخصة مطلقا لقسوة الشروط التي فرضوها, من ذلك مثلا أن يكون الجورب منعّلا, يعني يكون في أسفله نعل, بعضهم تساهل بالنسبة لهذا الشرط فلم يعتدّ له ولكنه اشترط أن يكون الجورب ثخينا, وهؤلاء الذين اشترطوا اختلفوا في تحديد الثخانة, ما بين قائل بأنه الذي يثبت بنفسه وبين قائل الذي يمكن السير عليه مسافة نصف ساعة تقريبا ونحو ذلك, وهكذا اختلفوا مما يدل أنه هذا الاختلاف ليس من الله عز وجل وهذا نص القرأن ((ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا)) وهذا يجرّنا إلى التذكير أن الحديث المشهور " اختلاف أمتي رحمة " لا أصل له في السنّة, والإختلاف ليس رحمة بل هو نقمة.
وأخيرا انتهى مطاف العلماء المحققين بعد هذا الخلاف الطويل العريض إلى ما ذكره الإمام النووي في كتابه الكبير "المجموع" شرح المهذّب عن عمر بن الخطاب أنه مسح على جوربين رقيقين، مسح عمر بن الخطاب على جوربين رقيقين ومن المعتاد الإستدلال بمثل هذه المناسبة أن عمر بن الخطاب من الخلفاء الراشدين وقد أمرنا بالاقتداء بهم وهو هاهنا بلا شك موضع القدوة لأنه ليس هناك في السنّة ما يُخالف هذا الذي ذكره الإمام النووي عن عمر بن الخطاب بل إطلاق جواز المسح في الشرع على الجوربين, هذا الإطلاق يشمل أي جورب كان, كان ثخينا أو رقيقا، كان شفّافا أو صفيقا, لأنهم أيضا من جملة الشروط التي شدّدوا فيها أن لا ... الماء منه إلى القدم, هذا أيضا شرط من تلك الشروط, وحسبكم أن تتذكّروا معي قول رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم (كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل ولو كان مائة شرط) وهذا كلام واضح لأن أيّ حكم في الشرع جاء مطلقا سواء كان فرضا أو كان نهيا أو كان رخصة حينما يأتي إنسان فيضع لكل ذلك شرطا من عنده ألغى الحكم من أصله.
فإذا قيل رَخَّص الرسول عليه السلام في المسح على الجوربين ثم جاء إنسان فقال لكن بشرط كذا, أن يكون كرّاديّا مثلا وقد قيل هذا, يكون من الجوارب التي ما عاد نلبسها نحن اليوم ها اللي محيكة بصنع بيتي من الصوف المبروم الثخين, إيه هذا وين بدنا نحصلّه؟ معناها بقى لا تمسح على الجوربين لأنه وضع شرط لا يمكننا الأن أو يتعسّر علينا الأن تحقيقه.
فإذًا هذا الشرط لا يجوز وضعه إلا بأمر من الله أو من نبيه عليه السلام, فمادام أنه لم يأت أيّ شرط فنحن على الإطلاق, مسح على الجوربين, مسح على الخفين, الحمد لله رب العالمين كما قال ((وما كان ربك نسيا)) وكما في حديث في سنده ضعف لكن معناه يشهد له الأية السابقة (وسكت عن أشياء) شو أول الحديث؟
عيد: (إن الله)
الشيخ: (إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها وحدّ حدودا فلا تعتدوها وسكت عن أشياء رحمة بكم من غير نسيان فلا تسألوا عنها) أو (لا تبحثوا عنها).
فإذًا هذه الشروط لو كان الله عز وجل يريدها أن تكون مشروعة في عباده ما نسيها وإنما كان شرعها, فمادام أنه لم يشرعها فنحن على الرخصة المطلقة, وأحسن ما ألّف في هذا الموضوع بخصوص المسح على الجوربين والشروط التي قيلت فيه هو كتاب الشيخ جمال الدين القاسمي وهو "المسح على الجوربين" فهو في الواقع كتاب جمع أقوال العلماء وناقشها مناقشة في مقرونة بعلم وفقه وكنت أنا علّقت عليه وحقّقته وجعلت له ذيلا في أخره, بيّنت فيه بعض الأحكام التي تهمّ أيضا العامل بهذه الرخصة وهو مسألة متى يبدأ المسح ومتى ينتهي فمن شاء التوسع فليرجع إلى هذه الرسالة.

(193/1)


«
ذكر الشيخ مسألة المسح على العمامة
الشيخ: لكن في السنّة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان له عمامة وأن هذه العمامة هي عبارة عن خمار الذي يُغطّى به الرأس ويمكن التصرف به في صورة عديدة, يعني هذه الحَطّة التي بنسميها نحن اليوم أو في بعض البلاد ... هذه هي إيه؟ هي العمامة وهذه في الواقع يمكن تكبيرها على الرأس عند العمل, عند الحر, في الشوك, ضربة الشمس يمكن التلفّح بها لدفع أذى البرد ونحو ذلك.
فهذا كان مستعملا حتى جاء ذكره في بعض الأحاديث الصحيحة حيث أمر عليه الصلاة و السلام بالمسح على الخفين والخمار، أمَرَ يعني رخّص بالمسح على الخفين وعلى الخمار, الخفين لباس القدمين والخمار لباس الرأس, رخّص الشارع الحكيم بالمسح على الخمار بدون ما تعمل هيك وتمسح رأسك كله, لا تمسح فوق منه.
فإذًا لبس هذا الغطاء الذي قال عليه السائل وهو الخمار أو العمامة هذا ثابت في السنّة في أحاديث كثيرة لكن.

(193/2)


«
شرح الشيخ للحديث الوارد في فضل صلاة الجماعة وتفصيل القول في مسألة تكرار الجماعة الثانية
الشيخ: الحديث الحادي عشر قال وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم (صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته في سوقه وبيته بضعا و عشرين درجة وذلك أن أحدهم إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى المسجد لا يريد إلا الصلاة لا ينهزه إلا الصلاة لا يدفعه إلا الصلاة لم يخطو خطوة إلا رفع له بها درجة وحط عنه بها خطيئة حتى يدخل المسجد، فإذا دخل المسجد كان في الصلاة ما كانت الصلاة هي تحبسه, والملائكة يصلون على أحدكم ما دام في مجلسه الذي صلى فيه, يقولون "اللهم ارحمه اللهم اغفر له اللهم تب عليه" ما لم يؤذ فيه - في المسجد - مالم يحدث فيه) متفق عليه وهذا لفظ مسلم وقوله صلى الله عليه وأله وسلّم (ينهزه) هو بفتح الياء والهاء وبالزاي أي يُخرجه ويُنهضه.
في هذا الحديث بيان فضيلة صلاة الجماعة وليس هذا فقط وفضيلة الخطوات التي يخطوها لصلاة الجماعة وليس هذا فقط بل والجلوس في المسجد ينتظر صلاة الجماعة, في كل هذه المقدمات بين يدي صلاة الجماعة هذه الفضائل وهذه الحسنات التي ذكرها عليه الصلاة والسلام, أما صلاة الجماعة نفسها ففضلها سبع وعشرون درجة كما في بعض الأحاديث الصريحة, وهذه تفسير للبضع المذكور في هذا الحديث حيث قال عليه السلام (صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته في سوقه, في محله, في دكانه, في متجره وفي بيته إذا صلى وحده بضعا وعشرين درجة) فالبضع هنا من حيث اللغة معلوم أنه ما دون العشرة فجاء تفسيره في حديث أيضا للبخاري ومسلم (سبع وعشرين درجة) وهذا العدد لا ينافي الرواية الأخرى (خمس وعشرين درجة) لأنه من القواعد المعروفة عند علماء الأصول وعلماء الحديث أنه دائما يؤخذ بالزائد فالزائد من الأحكام ومن الأخبار فالخمس والعشرون داخلة في السبع العشرين, وكل من العددين الخمس والعشرون والسبع والعشرون مفسِّر للبضع من الناحية العربية, ولذلك فالذي ينبغي اعتقاده أن صلاة الجماعة تزيد على صلاة الفرض سواء صلاها في البيت أو صلاها في السوق بسبع وعشرين درجة.
ولا بد هنا من إلفات النظر إلى مسألة اختلف العلماء فيها قديما والذي جرى عليه السلف هو الذي يحرّر الخلاف ويرفعه ألا وهي فهم الجماعة التي لها هذه الفضيلة, صلاة الرجل في جماعة وفي اللفظ الأخر (صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة) صلاة الجامعة هذه هل هي كل صلاة جماعة تقام في كل مسجد وفي أي وقت أم إنها جماعة واحدة لا تتكرر ولا تتعدد؟ مسألة فيها خلاف والذي يترجح عندما تُراجَع أدلة المسألة أن الجماعة التي لها هذه الفضيلة إنما هي الجماعة الأولى والتي تصلَّى وراء الإمام الراتب فلا يكفي فقط أن تكون جماعة أولى, فقد يأتي جماعة إلى المسجد على عجل ويفتاتون ويتقدمون ويعتدون على الإمام الراتب فيصلون جماعة ثم يدبرون ثم تقام صلاة الجماعة النظامية الرسمية فلا تكون الجماعة هذه هي الأولى وهي التي لها هذه الفضيلة لأنها جماعة باغية معتدية على الجماعة الراتبة, فالجماعة التي لها هذه الفضيلة إنما هي الجماعة الأولى والجماعة المقَيَّدَة بالإمام الذي جُعِلَ إماما لهذا المسجد.
فهذه الجماعة الأولى هي التي لها هذه الفضيلة سبعون وعشرون درجة, فليست هي الأولى التي تتقدم الجماعة الراتبة ولا هي التي الثانية أوالثالثة أو الرابعة أو أكثر من ذلك التي تتأخر عن الجماعة الراتبة, والدليل على هذا التقييد هو واقع الحياة العمليّة الجماعية في عهد النبوة والرسالة وفي عهد السلف الصالح فقد جاء في مصنف ابن أبي شيبة من رواية الحسن البصري رحمه الله أنه قال " كان أصحاب النبي صلى الله عليه وأله وسلم إذا دخلوا المسجد فوجدوا الإمام قد صلَّى صلّوا فرادى "، وإلى هذه الرواية أشار الإمام الشافعي رحمه الله, الذي بسط القول في هذه المسألة بسطا لا نكاد نجده في كتاب أخر من المتقدمين فقد قال في الجزء الأول من كتابه "الأم" " وإذا دخل جماعة المسجد فوجدوا الإمام قد صلى صلوا فرادى وإن صلوا جماعة أجزأتهم صلاتهم ولكني أكره ذلك لأنه لم يكن من عمل السلف, وقد كانوا قادرين أن يجمّعوا مرة أخرى ولكنهم لم يفعلوا لأنهم كرهوا أن يجمّعوا في مسجد مرتين " فهذا النقل العام من الحسن البصري عن الصحابة الكرام أنهم كانوا لا يعددون الجماعة في المسجد, يعطينا صورة الحياة التي كانوا يحيونها في مساجدهم من حيث الصلاة جماعة, وهي أنهم كانوا حريصين على المحافظة على الجماعة الأولى, فإذا ما فاتتهم لعذر ما فضلا عن غير عذر صلَّوْا فرادى, وهذا الذي يدل عليه أحاديث مرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وأله وسلم ولكن بشيء من الإستنباط والتأمل, من ذلك حديث أبي هريرة أيضا الذي أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم (لقد هممت أن أمر رجلا فيصلي بالناس ثم أمر رجالا فيحطبوا حطبا ثم أخالف إلى أناس يدعون الصلاة مع الجماعة فأحرّق عليهم بيوتهم والذي نفس محمد بيده لو يعلم أحدهم أنه يجد في المسجد مرماتين حسنتين لشهدها) يعني صلاة العشاء، في هذا الحديث دلالة صريحة في تحريم التخلّف عن صلاة الجماعة لأن النبي صلى الله عليه وأله وسلم همّ بتحريق بيوت المتخلّفين عنها, هذا واضح وليس لنا كلام فيه وإنما الكلام فيما نحن في صدده الأن ألا وهو تكرار الجماعة, فما علاقة هذا الحديث بعدم مشروعية تكرار الجماعة؟ لنتصور الأمر الواقع اليوم في كثير من مساجد المسلمين من التكرار والتعدّد تُرى هذا الوعيد الصريح في هذا الحديث على أيّة جماعة ينصبّ لو افترضنا أن هناك جماعات كثيرة فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول لقد هممت - طبعا تلخيص الحديث - أن أحرّق بيوت المتخلفين عن صلاة الجماعة، فلو أن الرسول عليه السلام فعلا باشر التحريق وخالف أولئك الجماعة في بيوتهم وهمّ بالتحريق, ما هذا يا رسول الله؟ إنّكم تتأخرون عن صلاة الجماعة, لا يا رسول الله نحن نصلِّي مع الجماعة الثانية, مع الجماعة الثالثة, مع الجماعة الخمسين, أتكون حجّة الرسول حينذاك قائمة على هؤلاء المتخلفين أم الأمر بالعكس إذا لاحظنا هذا نفهم أن هذا الحجة النبوية لا تكون قائمة على هؤلاء المتخلّفين أم الأمر بالعكس؟ إذا لاحضنا هذا نفهم أن هذه الحجّة النبوية لا تكون قائمة على المتخلّفين عن صلاة الجماعة إلا إذا استحضرنا تلك الحقيقة التي أنبأنا بها الحسن البصري أولا ثم أيّده اللإمام الشافعي في كلامه السابق أنفا، وإلا أبطلت حجّة وحاشا من ذلك بأن يقول قائلهم يا رسول الله إن فاتتنا الصلاة معك فسنصلي مثلا مع معاذ في مسجده, سنصلي مع أبيّ, سنصلي مع فلان ممن نفترض أنهم كانوا يعدّدون الجماعة في المسجد كما هو الشأن اليوم في المساجد الكبيرة والصغيرة أو يمكن أن يقال إن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول لهم صحيح أنه في هناك جماعات عديدة لكن أنا يهمّني الجماعة الأولى من بين كل الجماعات, هذا ممكن أن يقوله قائلا أيضا, وسواء كان الإحتمال الأول أو الإحتمال الأخر فالحجّة قائمة على أنّ المسلم حينما يسمع نادِيَ الله يقول "حي على الصلاة حي على الفلاح" فإنما يعني بذلك الجماعة الأولى لأن الرسول صلوات الله وسلامه عليه همّ بتحريق المتخلفين عنها.
فإذًا الجماعة الأولى هي الجماعة الواجب حضورها وليست الجماعات الأخرى التالية من بعدها حتى ولو سلّمنا جدلا أنها جائزة ولكن حاشا أن نتصوّر هذا التصوّر, الجماعة الأولى هي الواجبة والجماعات التي بعدها جائزة ضدان لا يجتمعان لأن القول بجواز الجماعات التي تلي الجماعة الأولى يناقض القول بوجوب الجماعة الأولى لأن الإعتقاد بشرعية الجماعة الثانية فما بعدها يؤدي كما يقولون اليوم "أتوماتيكيا" إلى التساهل عن الجماعة الأولى, وأكبر مثال على هذا من حيث الواقع ومن حيث النقل أن الواقع اليوم أن المسلمين لا يتأخرون عن صلاة الجمعة, من كان منهم عازما على صلاة الجمعة لا يتأخّر عن صلاة الجمعة, لماذا؟ لأنه قد استقر في ذهنه واعتقد في علمه أنه لا جمعة بعد الجمعة الأولى ولذلك فهو يحرص حتى من كان متساهلا بالصلوات الخمس وحريصا على صلاة الجمعة لا يُفوّت صلاة الجمعة إطلاقا لأنه لم يقُم في نفسه ما يحمله على التهاون بالجمعة لأنه يعلم أن لا جمعة إلا جمعة واحدة.
هذا دليل من حيث الواقع يدلّنا على تأثير الرأي الخاطئ في صاحبه فلما قام في رأي كثير من الناس جواز الجماعة الثانية فما بعدها صرفتهم عن الإهتمام بأن تكون الصلاة مع الحماعة الأولى, بينما لمّا لم يقُم مثل هذا الخطأ في أذهانهم تجاه صلاة الجمعة لم يكن لهم هذا التأثّر الخاطئ فكلهم يصلون صلاة الجمعة في وقتها, هذا من حيث الواقع.
ومن حيث النقل لقد وجدنا مع حديث أبي هريرة السابق الذي يقول في طرفه الأول (لقد هممت) - استوصي بجارك خيرا - لقد وجدنا مع أبي هريرة السابق (لقد هممت أن أمر رجلا فيصلي بالناس) إلى أخر الحديث الذي فيه (لشهدها) يعني صلاة العشاء, وجدنا مع هذا الحديث حديثا يشببهه في صلاة الجمعة يرويه الإمام مسلم في صحيحه من حديث عبد الله بن مسعود قال عليه الصلاة والسلام (لقد هممت أن أمر رجلا فيصلي بالناس صلاة الجمعة ثم أحرّق على أناس بيوتهم يتخلفون عن صلاة الجمعة) فمثل ما قال الرسول عليه السلام في صلاة الجماعة قال مثله تماما في صلاة الجمعة وهذا يدلّنا عل شيئين اثنين, الشيء الأول أن صلاة الجماعة فرض مثل صلاة الجمعة, طبعا المثليّة هنا ليس من الضروري أن تكون بالمائة مائة لأنه زيد مثل الأسد من زاوية معيّنة, لا, ولذلك فأنا أعني أنه صلاة الجماعة مثل صلاة الجمعة من حيث الفرضية لكن الفرضية درجات, هذا ما يدل عليه الحديث أولا, وثانيا كما أن صلاة الجمعة لا تتكرر في المسجد الواحد ولذلك همّ بتحريق المتخلفين عنها فكذلك صلاة الجماعة لا تتكرر ولذلك همّ بتحريق المتخلفين عنها.
من هنا اتفق الأئمة الأربعة على عدم شرعية الجماعة الثانية أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد في رواية عنه، اتفقوا كلهم على أن الجماعة الثانية غير مشروعة ويطلق الحنفية الكراهة عليها وإنما يعنون الكراهة التحريمية, لكن نصّوا وبخاصة منهم الإمام الشافعي على أن المسجد الذي تُكره فيه تكرار الجماعة هو المسجد له إمام راتب ومؤذن راتب, لأن تحقق هاتين الصفتين في المسجد هو الذي يجمع المسلمين في ذاك المسجد, الإمام والمؤذن, أما مسجد على قارعة الطريقة ليس له مؤذن يدعوهم وليس له إمام يجمعهم فلا تُكره تكرار الجماعة في هذا المسجد والفرق واضح جدا وهو الذي رمى إليه هؤلاء العلماء والفقهاء, ذلك أن تكرار الجماعة في المسجد له إمام راتب ومؤذن راتب عاقبة ذلك تفريق الجماعة, وما سُمّيت صلاة الجماعة إلا للتجميع فأيّ عمل عارَضَ المقصد من شرعية الجماعة وهو تفريق الجمع يكون طبعا مخالفا للشرع ولذلك فلا يُشرع اتخاذ أي سبب أو أي وسيلة يؤدي إلى تفريق الجماعة الأولى أما المسجد الذي ليس له إمام راتب ولا مؤذن راتب فليس هنا جماعة تُفَرَّق بل على العكس من ذلك, هناك جماعات تُجَمَّع, كمثل مثلا عائلة في الدار يصلي جماعة منهم وناس منهم أخرون مشغولون أو غائبون ثم يعودون إلى الدار فيصلون جماعة ثانية لا أحد يقول بكراهة ذلك لأنه لا يؤدّي إلى تفريق جماعة منتظمة.
لذلك قال أولئك العلماء بأن هذا الحكم حكم كراهة تكرار الجماعة إنما يختص بالمسجد له إمام راتب ومؤذن راتب.
فإذًا حينما نسمع الأحاديث التي تُبيّن أن صلاة الجماعة تزيد على صلاة الفرض بسبع وعشرين درجة فلا ينبغي أن نفهم لفظة "الجماعة" أو بعبارة أدق أن نفهم أن "أل" في الجماعة للإستغراق والشمول وإنما هي للعهد فنقول صلاة الجماعة هي الجماعة الأولى وبالشرط السابق, ما تكون جماعة معتدية على الجماعة الراتبة فصلاة الجماعة هي الجماعة الأولى ف"أل" هنا ليست للاستغراق والشمول وإنما هي للعهد.
من أجل هذا الحديث وأمثاله نقول يجب أن تُفَسَّر نصوص الشريعة وأقوال الرسول عليه الصلاة والسلام على ضوء الواقع والحياة النبوية الكريمة.
فلا يجوز أن نأتي إلى نص مطلق فنُطبِّقُه نحن اليوم على إطلاقه مع أننا نعلم أنه لم يُطبَّق في عهد النبوة والرسالة على إطلاقه.
كذلك لا يجوز أن نأتي إلى نص عام فنطبِّقًه على عمومه ونحن نعلم أنه لم يُطبَّق على عمومه, ومراعاة هذه القاعدة يُخلِّص صاحبها من الإنحراف ومن الوقوع في محدثات من الأمور, يقع فيها جماهير الناس.
حينما يأتون إلى مثل هذه النصوص المطلقة أو العامة فيُفسِّرونها بالتقيّد فقط بالأسلوب العربي دون أن يعودوا في ذلك إلى ملاحظة ما فَسَّرَه الرسول عليه السلام إما بقوله أو بفعله أو بتقريره.
ولعله مما يُوضِّح لكم هذه القاعدة الخطيرة الهامة بالإضافة إلى هذا الحديث الذي كنا في صدده أن نُقرِّب لكم هذا الموضوع بالأية المعروفة ((والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما)) إذا أردنا أن نفسر هذه الأية اعتمادا منا فقط على الأسلوب العربي لفهمنا من قوله تعالى ((والسارق)) أيّ سارق كان، أيّ سارق كان, سواء سرق قلما من رصاص أو قلما من ذهب, هذا إسمه سارق وهذا إسمه سارق, فهل هذا السارق وذاك كلاهما سواء من حيث أنهما يدخلان في عموم قوله تعالى ((والسارق والسارقة))؟ أما من حيث اللغة العربية فالجواب نعم، أما من حيث الواقع النبوي والتفسير النبوي فالجواب لا، لماذا؟ لأن الرسول صلى الله عليه وأله سلم كان يقول (لا قطع إلا في ربع دينار فصاعدا).
إذًا ما دون الربع من المسروق لا يجوز قطع يد هذا السارق, فإذًا كيف أخيرا نفهم ((والسارق)) ((والسارق)) "أل" للعهد وليس للإستغراق والشمول أي ((والسارق)) الذي سرق ما قيمته ربع دينار فصاعدا فهو الذي يستحق القطع المذكور في تمام الأية كذلك السارقة, هذا من جهة السارق المطلق ذِكْرُه في الأية فهمنا أن هذا الإطلاق غير مقصود من بيان الرسول عليه السلام القولي.
ثم قال تعالى ((فاقطعوا أيديهما))، تُرى اليد في اللغة هل هي محصورة للكف وإلا بالذراع وإلا هذه كلها يد؟ هذه كلها يد, تُرى من سرق ربع دينار فصاعدا هل يجوز أن نقطع يده من ها هنا؟ أما لغة فالجواب نعم، لأنها يد فحيثما قطعت فقد قطعت اليد لكن شرعا هل يجوز أن تقطع يد السارق من هنا؟ الجواب لا, من أين أخذنا هذا؟ من بيان الرسول عليه السلام الواقعي العملي فهو كان يقطع من هنا وليس من هنا و لا من هنا, هذا مثال يجب أن تُلحَق به أمثلة بالمئات وما أحوجنا نحن اليوم في العصر الحاضر إلى استحضار هذه القاعدة لأن كثيرا من الناس يأتون إلى نصوص عامة لم يجّرِ العمل عليها فيستدلون بها وبيقولوا النص العام حجّة, نقول صحيح ولكن النص العام إذا لم يجْر العمل على عمومه ليس بحجّة, إذا لم يجْرِ العمل على عمومه فليس بحجّة.
مثلا لو جاء شخص يدّعي الفقه والفهم وهو من جهة أخرى يرمي إلى تقريب, وإلى ما يزعمونه من التسوية بين حقوق الرجال وحقوق النساء, هذه الدعوة العارمة اليوم التي صرفت كثيرا من المسلمين عن العقيدة الإسلامية وعن الأحكام الإسلامية.
يقولون مثلا أن المرأة صِنْوَ الرجل وأن التفريق بين المرأة والرجل هذه جمود وهذه رجعية, فيجب أن نعامل المرأة معاملتنا للرجل, وقد لا يَعْدَمون بعض النصوص التي تؤيدهم في هذا الإتجاه, مثلا يقول الرسول عليه الصلاة والسلام في صحيح مسلم (يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسّنة) وكثيرا ما ينعقد اجتماع ما, في دار ما, في عائلة ما, فيتّفق أن تكون امرأة من بين هذا القوم أفقههم وأقرؤهم, فهل يجوز للمتفقه يريد هذا التقريب بين ها النساء والرجال يقول يا أخي الرسول يقول (يؤم القوم أقرؤهم) فمن أقرؤنا؟ فاطمة, قومي يا فاطمة صلّي بنا إماما.
هذا دليل تضحكون منه ولكم الحق لكن لو لاحظتم أن استدلالهم بالعموم صحيح فهو صحيح, ولكن الجواب لرد هذه الدعوة المزعومة صِحّتها نقول هل جرى عمل السلف الصالح على الاستدلال بهذا الحديث على عمومه بحيث تقدّم المرأة لفقهها فتؤم الرجال؟ الجواب لا, كذلك مثلا القضاء و الإفتاء هل ننْصِب امرأة تفتي الناس, تقضي بين الناس وهي فقيهة وقاضية وأعطيت خصال قد لا توجد في كثير من الرجال؟ الجواب لا, لم؟ لأنه يخالف الحياة, حياة السلف, الصحابة فمن بعدهم فقد كان فيهم كثير من الفقيهات وكثير من المُحدِّثات ومع ذلك فبَقِيَ التفريق في الأحكام وفي المعاملات بين الرجال والنساء ماشيا كما هو المعلوم اليوم عند جماهير المسلمين, والأمثلة في هذا يعني كثيرة وكثيرة جدا لكني أخيرا أختم التمثيل بمثال حساس وواقعي.
اليوم توجد نغمة عند النساء المسلمات وليس النساء المتبرجات اللاتي لا يبالين بالحرام والحلال, النغمة الجديدة عند النساء المسلمات هو أنه يبرز من بينهن عدد منهن يدّعين أنهن داعيات فتراهن ينطلقن يمينا و يسارا ويسافرن في سبيل ماذا؟ في سبيل الدعوة, ويسمَّيْن بالداعيات, مثل ما فيه دعاة فيه أيضا داعيات, هذه بدعة في الإسلام لا يعرفها المسلمون إطلاقا, وهذا معناه إفساح المجال للنساء أن يتولّوا أحكام وخصائص الرجال ولا يبعد أن يأتي زمن أن نرى النساء تجلس وتنصب نفسها للإفتاء, وتنصب نفسها للقضاء فما هي الحجة للرد على هذه الاتجاهات التي بعضها قد ذرّ قرنه وبعضها يأتي والله أعلم فيما بعد؟ الجواب (وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار)، هذه بعض الأمثلة لبيان أن النص العام إذا لم يجْرِ عليه العمل فلا يجوز الاعتماد على عمومه.
حديث بيوتهم, في حديث أخر, في أثر أخر يرويه الإمام الطبراني في معجمه الكبير عن عبد الله بن مسعود أنه كان في بيته وعنده رجلان فأذِّنَ لصلاة الظهر فتهيّأ لها ثم خرجوا جميعا فما وصل المسجد إلا وبدأ الناس يخرجون من المسجد, الصلاة انتهت فعاد بهما إلى البيت وصلّى بهما جماعة في البيت, فهذا أثر غير أثر الحسن البصري.

(193/3)


«
هل يستدل بحديث أنس رضي الله عنه وأنه صلى الفجر مع جماعة بعد ماانتهت الجماعة الأولى على مشروعية تكرار الجماعة الثانية؟»
الشيخ: تفضل.
السائل: في مصنف عبد الرزاق أن الصحابي أنس رضي الله عنه صلى صلاة الفجر بعد ما انتهت الجماعة مع ... .
الشيخ: نعم.
السائل: فهل نستدل من هذا الحديث على وجوب صلاة الجماعة الثانية؟
الشيخ: لا, لو تذكرت القيد الذي ذكرتُه أنفا لعرفت أن هذا الأثر لا يدل على خلاف ما سبق, قلت لكم إن الإمام الشافعي رحمه الله وغيره من الأئمة إنما حَكَموا بعدم شرعية تكرار الجماعة في مسجد له إمام راتب ومؤذن راتب, وإنما يصحّ الاستدلال بأثر أنس فيما لو كان قد وُصف فيه ذلك المسجد وهو أن له إماما ومؤذنا راتبا وهذا بلا شك لا يوجد فيه هذا الوصف, ولا يصح أن يقال أن الحديث مطلق أو الأثر مطلق لأن الإطلاق والعموم إنما يكون في الإنشاء من الأخبار أما إذا كنت تتحدث عن أمر واقع فهذا الأمر الواقع لا عموم له، يعني ذلك المسجد له صفة من صفتين إما أن يكون له إمام راتب ومؤذن راتب أو ليس كذلك, فلما لم يأت وصف المسجد بأن له إماما راتبا ومؤذنا راتبا يسقط الاستدلال بهذا الأثر, هذا من جهة، من جهة أخرى هذا لو كان قد صرّح في الأثر بأن المسجد كان له إمام راتب ومؤذن راتب نقول هذا فعل صحابي خالف أفعال الصحابة الأخرين الذين في مقدمتهم عبد الله بن مسعود فضلا عن الجمع الأخر الذين عبّر عنهم الحسن البصري حين قال " أن صحابة النبي صلى الله عليه وسلم كانوا إذا دخلوا المسجد فوجدوا الإمام قد صلى صلوا فرادى " فيبقى عندنا تعارض بين جماعة الصحابة وفي رأسهم ابن مسعود بدليل أثر الطبراني في المعجم الكبير فهؤلاء في جانب وأثر أنس بن مالك في جانب أخر ولا شك أن النفس تطمئن لما عليه عمل جماعة الصحابة أكثر بكثير مما عَمِل أحدهم على خلاف عمل الجماعة لا سيما وفي الجماعة كما ذكرنا ابن مسعود وهو أفقه بكثير من أنس بن مالك.

(193/4)


«
كيف يوجه حديث " ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه "؟»
السائل: ما حكم صلاة الرجل ... في ذلك؟
الشيخ: لا, هذا بلا شك معروف عند كثير من الناس أنهم يستدلون على نقيض ما سبق بيانه ولا حجّة في ذلك, لأنه يا إخواننا يجب أن تلاحظوا البحث في تكرار جماعة مثل الجماعة الأولى، الجماعة الأولى فريضة الوقت, فريضة الوقت, صُلِّيَ ثم يأتي جماعة يريدون أن يصلوا أيضا فريضة الوقت, هذا هو البحث, تشرع هذه الجماعة الثانية أم لا؟ الجواب لا, كما ذكرنا, أما الحديث الذي ذكرته أخيرا فنصّه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى ذات يوم الظهر أو العصر ثم جاء رجل يريد أن يصلي فقال عليه الصلاة والسلام لمن حوله ممن قد صلّوا الفرض في الوقت مع الرسول عليه السلام (ألا رجل يتصدّق على هذا فيصلي معه) فقام رجل, في رواية ضعيفة السند أنه أبو بكر, فصلّى معه, هنا صلاة جماعة لكن هل هذه الجماعة هي الجماعة التي نحن كنا نتكلم عنها؟ الجواب لا, لم؟ لأن الرجل يريد أن يصلي وحده فقام أبو بكر الصديق إن صحت الرواية, فتصدّق عليه وتطوّع عليه, فلا بأس من هذا العمل, لذلك الحديث يدلّ على مثل ما وقع, أنت إذا صلّيت مع الجماعة الأولى فوجدت إنسانا تأخّر ويريد أن يصلي وحده فقم وصلّ خلفه فهي له فريضة ولك نافلة.
فإذًا صلاة جماعة شخص فيها مفترض وشخص فيها متنفل لا يصح الاستدلال بهذه الجماعة على الجماعة الثانية وكلهم مفترضون يصلون فريضة.
والذي يؤكد لك هذا من الناحية اللفظية الدقيقة في الحديث (ألا رجل يتصدق على هذا فيصلّي معه) نستطيع بكل سهولة وكل فرد منا أن يجيب عن السؤال التالي بناء على صراحة الحديث, من المتصدِّق ومن المتصدَّق عليه من بين هذين الرجلين؟ من المتصدِّق؟
السائل: أبو بكر.
الشيخ: أبو بكر, أليس كذلك؟ وهو المتصدِّق والمتصدَّق عليه إذًا هو الذي صلى الفريضة.
طيب, الأن احفظوا هذا ونأتي إلى واقعنا اليوم من التفرّق في صلاة الجماعة, دخلنا ها الجماعة هذول لمسجد بعد ما صلوا الجماعة الأولى فتقدمت أنا لا سمح الله وصليت بكم إماما, فمن المتصدِّق ومن المتصدَّق عليه؟
السائل: ... .
الشيخ: إذًا هذا أكبر دليل أنه ربط هذا الحديث بموضوعنا السابق خطأ من حيث المبنى والمعنى تماما, لهذا يقول علماء الأحناف خاصة, ما يصحّ الاستدلال بحديث (ألا رجل) وهو مروي من حديث أبي سعيد الخدري وأنس بن مالك، ألا يقولون لا يصح الاستدلال بهذا الحديث لأنه من باب قياس القوي على الضعيف وهذا لا يجوز, من باب قياس القوي على الضعيف وهذا لا يجوز, تفسير هذا, هذه جماعة نافلة (ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه) هذه جماعة نفل لأنه لولا المتصدق ما كان هناك جماعة, هي جماعة نفل, فكيف يبنى عليها جماعة فرض, هذا من باب قياس القوي على الضعيف وهذا لا يجوز.
لعله في هذا القدر كفاية والحمد لله رب العالمين.

(193/5)


«
هل ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على رقبته في الوضوء أو عن أحد من أصحابه؟»
الشيخ: صح عن النبي صلى الله عليه وأله سلم أنه مسح على رقبته في الوضوء أو عن أحد من أصحابه؟ هذا السؤال الأول والجواب, لم يأتي عن النبي صلى الله عليه وأله سلم في حديث صحيح أنه مسح على رقبته أو حضّ على ذلك بل جاءت أحاديث صحيحة في البخاري و مسلم وغيرهما عن جمع من أصحاب الرسول عليه السلام أنهم وصفوا لنا وضوءه صلى الله عليه وأله وسلم فلم يذكر أحد منهم مطلقا أنه صلى الله عليه وأله وسلم مسح على رقبته.
ولذلك كان المذهب الصحيح من المذاهب المتّبعة اليوم في هذه المسألة إنما هو مذهب الإمام الشافعي رحمه الله الذي لا يرى مشروعية مسح الرقبة لعدم ثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وأله وسلم.
أما الحديث " مسح الرقبة أمان من الغل يوم القيامة " فهو حديث موضوع كما كنت بيّنت ذلك قديما في أوائل كتابي "سلسلة الأحاديث الضعيفة" أما هل جاء ذلك عن أحد من أصحابه عليه الصلاة والسلام؟ فذلك مما لا نعلمه.

(193/6)


«
أرجوا أن توضحوا لنا رأيكم في تحقيق الشيخ ابن القيم رحمه الله في مسألة الهوي إلى السجود على الركبتين " في زاد المعاد "؟»
الشيخ: نرجوا أن توضحوا لنا رأيكم في تحقيق الشيخ ابن القيم الجوزية في مسألة الهويّ إلى السجود حيث أفاد في زاد المعاد أن الصحيح وضع الركبتين على الأرض قبل اليدين أرجوا مناقشة. والسلام عليكم.
ولولا أن هذا السؤال تكرر فعلا عشرات المرات ولولا كثرة الابتلاء بمخالفة السنة الصحيحة لما فرّغنا أنفسنا للإجابة على رغبة السائل التي هي مناقشة أدلة ابن القيم.
وابن القيم قد كتب نحو أربع صفحات في هذه المسألة وأطال فيها النفس جدا ولكنه مع الأسف الشديد في هذه المسألة كان بعيدا كل البعد عن تحقيق الصواب فيها ووجدت له عذرا في ذلك حيث أنه ذكر في مقدمة الكتاب وهذا ما ذكره في الواقع وحده يكفي ليدلنا على كون هذا الرجل علّامة ولكن إذا أخطأ في بعض المسائل وقد ألّف الكتاب وهو مسافر فلا غرابة في أن يقع في مثل هذه الأوهام التي سننبه عليها الأن إن شاء الله.
يقول في مطلع هذه المسألة وكان صلى الله عليه وأله وسلم يضع ركبتيه قبل يديه ثم يديه بعدهما ثم جبهته وأنفه قال " هذا هو الصحيح الذي رواه شريك عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر: رأيت رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه ولم يرد في فعله ما يخالف ذلك ".
هنا نلاحظ في هذه الكلمات القصيرة نلاحظ أمرين اثنين غريبين جدا, الأمر الأول يقول هذا هو الصحيح الذي رواه شريك بإسناده الذي ذكره, شريك هذا هو شريك ابن عبد الله القاضي وهو معروف عند علماء الجرح والتعديل بأنه ضعيف بسبب سوء حفظه, وطبعا الوقت لا يتسع لنقرأ عليكم كلمات الأئمة في تجريح هذا الراوي وهو شريك ولكن نكتفي بنقلين اثنين النقل الأول هو أنّ ممن أخرج هذا الحديث الحافظ الإمام الدراقطني في سننه ولما انتهى من سياق إسناده ومتنه قال "وشريك ليس بالقوي" فهذا مُخرِّج أو أحد مُخرِّجي الحديث يُضعِّف هذا الحديث ويعلله بأن شريكا هذا ليس قويا في الحديث, ثم نقْل أخر ننقله مباشرة من كتاب لأحد المؤلفين الذين لا يشك مبتدأ في علم الحديث فضلا عن غيره بأن له قدم صدق في هذا العلم ألا وهو علم الجرح والتعديل وأعني بذلك الحافظ أحمد بن حجر العسقلاني, فاسمعوا قوله فيه يقول "صدوق يخطئ كثيرا, تغيّر حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة وكان عادلا فاضلا عابدا شديدا على أهل البدع" هذا ترجمة الحافظ ابن حجر لشريك بن عبد الله القاضي رواي هذا الحديث, فهو يعطيه ما يستحق من الفضل من العبادة من الصلاح من نحو ذلك وهو أهمه فيما يتعلق بعلم الحديث الصدق أي إنه لا يكذب ولكنه غُلِبَ على أمره فكان يخطئ كثيرا وتغيّر حفظه أي ازداد سوء حينما ولي القضاء بالكوفة, وهذا أمر طبيعي معروف أن كل عالم اتجه إلى ناحية قوي فيها وعلى العكس من ذلك ضعف في النواحي الأخرى التي انصرف عنها.
فنستغرب بعد هذا قول ابن قيم الجوزية أنه هذا هو الصحيح الذي رواه شريك وشريك لا يروي الصحيح لأنه ضعيف الحفظ لذلك ذكر الحافظ الذهبي نفسه في خاتمة ترجمة شريك هذا من كتابه الميزان "ميزان الاعتدال في نقد الرجال" قال وأخرج مسلم له متابعة يعني أن مسلم لم يحتج بشريك وذلك لسوء حفظه وإنما روى له مقرونا أو متابعة من غيره, كلمة "المتابعة" وحدها تكفي المشتغل بعلم, بهذا العلم أن يعلم أن الرواي لا يحتج بحديثه حتى يأتي من يتابعه أو من يقارنه في رواية الحديث نفسه, والواقع ها هنا أن شريكا تفرّد بهذا الحديث, هذا أول ما يؤخذ على الإمام ابن القيم في الجملة السابقة.
والشيء الثاني والأخير قوله "ولم يرد في فعله ما يخالف ذلك" هذا سبق قلم لانشغال الرجل, قضية سفر, كتابة في أثناء السفر, لماذا؟ لأنه هناك حديثا, أظن أنه ذكره هو نفسه وهو حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وأله وسلم كان يضع يديه قبل ركبتيه هو نفسه أورد هذا الحديث وسيأتي الكلام في محلّه إن شاء الله فيُستغرب قوله أنه لم يُرْوَ في أو "لم يرد في فعله ما يخالف ذلك"، ثم يقول ابن القيم مجيبا عن سؤال يرد في خاطر الدارس لكتابه فيقول وأما حديث أبي هريرة يرفعه (إذا سجد أحدهم فلا يبرك كما يبرك البعير وليضع يديه قبل ركبتيه) يجيب عن هذا الحديث الصريح في مخالفة حديث وائل الذي ادّعى ابن القيم أنه هو الصحيح، فيعارضه حديث أبي هريرة مرفوعا للنبي عليه السلام ومن قوله (إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير) أي لا يضع ركبتيه قبل يديه لأنه يقول عليه السلام في تمام الحديث (وليضع يديه قبل ركبتيه) اسمعوا جواب ابن القيم فإنه في مطلعه تشعرون بضعفه فيقول "فالحديث والله أعلم قد وقع فيه وهم من بعض الرواة فإن أوله يخالف أخره فإنه إذا وضع يديه قبل ركبتيه فقد برك كما يبرك البعير فإن البعير إنما يضع يديه أولا", هذه شبهة كل الناس وكأنها شبهة ليست مستوحاة فقط من كلام ابن القيم بل شبهة تغلب على عامة الناس الذين لا يشاهدون البعير حين هويِّه دائما وأبدا, فلنناقش ابن القيم في هذه الدعوى, هو يقول "أن البعير حينما يسجد, حينما يبرك فإنما يضع يديه قبل ركبتيه" أرجو إنما يضع ركبتيه.
السائل: هو يقول يديه.
الشيخ: هو يقول يديه نعم, قال "فإن أوله يخالف أخره فإنه إذا وضع يديه قبل ركبتيه - أي المصلي - فقد برك كما يبرك البعير فإن البعير إنما يضع يديه أولا"، هو يقول البعير يضع يديه أولا فنحن نتذكّر الحقيقة المشاهدة دائما وأبدا أن البعير ككل الحيوانات ذوات الأربع يمشي على أربع فهو لا يَتصوّر أن يقاس به الإنسان أو هو يقاس بالإنسان, الإنسان يمشي على رجلين أما البعير فهو يمشي على أربع ولذلك فقوله بأن البعير أول ما يضع إذا برك يضع يديه, هنا فيه قفزة أو فيه غفلة لأننا نقول البعير هل هو حينما يمشي يكون غير واضع لرجليه؟ طبعا لا يقول إنسان غير واضع لرجليه, هو واضع رجليه.
طيب هل يمشي وهو غير واضع يديه؟ الجواب نفسه هو يمشي واضع يديه ورجليه فهو يمشي على أربع.
إذًا للانتباه لهذا الخطأ و الغريب العجيب يجب أن نتهيأ للإجابة عن سؤال بسيط جدا ومع ذلك فالناس أكثرهم غافلون عن الإجابة الصحيحة عليه, ما هو إذا برك البعير, ما هو أول شيء يتلقى الأرض به من بدنه؟ لا يصح أن يقول يداه لأن يديه موضعتان كرجليه إذًا ما هو أول شيء يتلقى به الأرض البعير إذا سجد إذا برك؟ الركبتان لا يصح أن يقال اليدان كما يقول ابن القيم, أن البعير أول ما يبرك إنما يضع يديه, غلط هذا لأنه هو واضعهما الأبد من يوم يسقط من بطن أمه يقع على أربع لا يميل لا يمينا ولا يسارا ثم يمشي هكذا فهو يمشي على أربع, كيف يقال أول ما, إذا برك أول ما يضع يضع يديه وهما موضوعتان؟ إذًا الجواب الصحيح إذا برك البعير فأول ما يضع ولا نقول ركبتيه الأن لأنه هنا في مناقشة من نفس المصنف وسنناقشه في ذلك, إنما نقول إنما يضع على الأرض أول ما يبرك المفصل الذي في مقدمتيه, المفصل الذي في مقدمتيه, هذا المفصل ما اسمه؟ علماء اللغة والحديث والسيرة النبوية كلهم مطبقون على أن هاذين المفصلين في مقدمتي البعير هما ركبتان لكن المصنف لا يسلّم بهذا فاسمعوا قوله تماما من كلامه السابق, قال "ولمّا علم أصحاب هذا القول - يعني الذين يقولون بالحديث الثاني الذي قال إن فيه وهم وهو حديث أبي هريرة (وليضع يديه قبل ركبتيه) شو بيقول ابن القيم رحمه الله؟ "ولما علم أصحاب هذا القول ذلك قالوا ركبتا البعير في يديه لا في رجليه فهو إذا برك وضع ركبتيه أولا فهذا هو المنهي عنه", فعلا ابن القيم يحكي رأي علماء الحديث وعلماء اللغة وغيرهم ممن ذكرنا أنهم يقولون ركبتا البعير في يديه.

(193/7)


«
ذكر الشيخ لهدي النبي صلى الله عليه وسلم في خطبه
الشيخ: ودعى فسقاهم الله تبارك وتعالى, أما عادته في الخطبة هو أن لا يلتفت يمينا ويسارا ثم لا يُخاطب الناس ولا يُكلمهم وإنما يعظهم ويذكّرهم, فجاء في حديث جابر بن عبد الله الأنصاري أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خطب الناس علا صوته واشتدّ غضبه كأنه منذر جيش يقول صبّحكم ومسّاكم، هكذا كانت أو هكذا كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم في خطبه.
والواقع الذي يؤسف له أن الخطبة لها رجال, ليس كل من يُحسن أن يتكلّم حتى ولو في العلم يُحسِن أن يخطب, هذه مزايا وخصائص ومنح يمنحها الله تبارك وتعالى من يشاء من عباده, فالخطيب يجب أن تتوفر فيه صفات فطرَه الله عليها, فضلا عن العلم بالكتاب والسنّة بحيث أنه يهزّ المشاعر ويحرّك القلوب وربما يتمكّن من إسالة الدموع من العيون بسبب تأثيره كما كان الرسول عليه السلام حسبما سمعتم, فلمّا شعر أكثر خطباءنا بهذا النقص أداروا الخطبة إلى ما يُشبه درس من الدروس, وليته كان درسا أيضا وإنما إلى ما يشبه ذكر من الأذكار, فقد جاء في السؤال هنا وهذا نعرفه مع الأسف وهو يخطب يقل لهم صلّوا على النبي, يا أخي هذا ليس مجلس للصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم, على أنه عقد مجلس للصلاة على النبي هذا أيضا من الأشياء التي حدثت من بعد النبي, عاقد مجلس خاص يسمّى بمجلس الصلاة على النبي هو مما حدث بعد النبي عليه الصلاة والسلام, وهذا أيضا سببه بدل ما يجتمعوا هؤلاء الناس فليكونوا بهذا العدد أو أكثر, بدل ما يجتمعوا نصف ساعة يتعلّمون فيها أية من كتاب الله أو حديثا من أحاديث رسول الله أو مسألة فقهية من المسائل الشرعية, ما عندهم هذه النفس التي تحتاج إلى جهاد, يقعدوا بيجتمعوا بيتسلّوا, بيتسلّوا بماذا؟ بمجلس الصلاة على الرسول عليه السلام.
الصلاة على الرسول عليه السلام يستطيعه كل إنسان والذكر الخفيّ عند العلماء جميعا أفضل من الذكر الجليّ العلنيّ, فيعكسون القضايا، العلم لا يمكن الخطأ والناس بحاجة إلى علماء فبدل أن يجتمعوا ليتعلّموا العلم يجتمعون على الذكر وعلى الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم, وهذا الذكر وهذه الصلاة بإمكان كل إنسان أن يتفرّغ لهما حينما يجد الوقت المناسب له.
فبدل أن يجتمعوا على الفقه الذي قال فيه الرسول صلوات الله وسلامه عليه (من يرد الله به خيرا يفقه في الدين) فتجد أكثر هؤلاء الذين يجتمعون على الذكر لا فقه عندهم, ومن الدليل أن ذكرهم يخالف الفقه, الإجتماع في الذكر على صوت واحد هذا خلاف الفقه, لا سيما إذا انضم إلى الذكر شيء من التمايل, وشيء مما يسمّى بالرقص, هذا أيضا يخالف الفقه, أيضا وظيفة الخطيب ليس هو أن يقول للناس اذكروا الله صلوا على النبي, زيدوا صلاة, هذا كله لإضاعة الوقت لأنه ما فيه عنده بضاعة يقدّمها إلى الناس, هذا مع الأسف أمر يعني يسترعي الانتباه ويدلنا على ما يصل إليه حال الخاصة من المسلمين اليوم فضلا عن العامة.
الخلاصة, الخطيب يوم الجمعة ليس من السنّة أن يلتفت يمينا ويسارا وقد صرح ابن أبي شامة في كتابه "الباعث على إنكار البدع والحوادث" أن من البدع, بدع الخطيب يوم الجمعة أن يلتفت يمينا ويسارا, فكيف لو رأى هذه الإشارات والشوبرات يمنيا ويسارا وهذا اللهج برفع الصوت من الحاضرين الذين يتجاوبون مع الخطيب وأكثرهم لا يعلموا مع الأسف الشديد.
خلاصة القول هذه المسألة الأولى مما جاء في السؤال يظهر بدهيّا أنها خلاف السنّة المحمدية.
الشيخ: أما بعد, فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وأله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.

(194/1)


«
هل تبطل صلاة المأموم إذا أساء الإمام في خطبته وما حكم من يحضر الخطبة في مسجد هذا شأنه؟»
الشيخ: أما هل تبطل الصلاة بذلك؟ الجواب لا، لا علاقة أولا بالحكم بالصلاة ثم ثانيا لا علاقة للمسيء وهو هذا الخطيب الذي يحضّ الناس على أن يفعلوا أفعالا, إنما يجب عليهم أن يُنصتوا ويسكتوا, فإذا أخطأ الخطيب فما بال المصلي, نحن ننظر بقى إلى صلاته فإن كانت صلاته صحيحة فالصلاة صحيحة وإلا فهنا تختلف المذاهب, من يقول تبطل صلاة المقتدي ببطلان صلاة الإمام فتكون صلاة المقتدي باطلة, ومن يقول أمثالنا بأنه صلاة المقتدي صحيحة ووزر بطلان صلاة الإمام على نفسه إن كان عامدا أو مخطئا لأن الرسول عليه السلام يقول (يُصلّون بكم فإن أصابوا فلكم ولهم وإن أخطؤوا فلكم وعليهم).
والجملة الأخيرة يقول وما حكم من يحضر الخطبة في مسجد هذا شأنه؟ نقول بلا شك إذا وُجِدَ مسجد ليس فيه مثل هذا المنكر وكان من المُيَسَّر على المسلم أن يتقصّد ذلك المسجد هذا هو الواجب فقد ثبت عن ابن عمر رضي الله عنه أنه دخل يوما مسجدا فسمع فيه رجلا ينادي بعد الأذان كما يفعلون في بعض المساجد حتى اليوم " الصلاة الصلاة يا مصلين الصلاة " فقال لصاحبه "اخرج بنا فهذا مسجد فيه بدعة" فلو رأى ابن عمر مساجدنا اليوم ما صلى في مسجد منها إطلاقا.
ولكن هل هذا يصحّ؟ الجواب لا يصحّ إنما يصحّ أن تختار المسجد الذي هو أقل بدعة من غيره, أما أن تتطلّب المسجد الذي ليس فيه بدعة ويكون إمامه على السنّة وصلاته وخطبته فإنما تطلب عدما مع الأسف الشديد هذا, انتهينا من السؤال.

(194/2)


«
تنبيه الشيخ طلبته باستحباب صلاة النافلة في البيت ووجوب صلاة الفريضة في المسجد وعدم رفع الأصوات في المجلس
الشيخ: لأن الواجب أداء الصلوات المكتوبة في المساجد وليس في البيوت أو في أي مكان أخر سواها, وأن هذا المكان هو كغيره من بيوتنا التي نسكنها ونأوي إليها إنما يؤدّى فيها النوافل وليس الفرائض, ونحن عملا بهذه السنّة التي أماتها جماهير الناس لا أستثني منهم خاصتهم, فهم يؤدون السنن في المساجد كالفرائض مع العلم أنه من المتفق عليه بين العلماء جميعا لا خلاف بينهم أن النوافل الأفضل فيها البيوت, وإنما اتفقوا على ذلك لتتابع الأحاديث الكثيرة على الحضّ على ذلك كقوله عليه السلام في صحيح البخاري ومسلم (فصلوا أيها الناس في بيوتكم فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة) وكذلك قال عليه الصلاة والسلام (صلّوا في بيوتكم ولا تتخذوها قبورا).
من أجل هذه الأحاديث وغيرها نحن نحاول في أكثر الأحيان على أن نصلّي السنن في غير المسجد الذي نصلّى فيه الفرض, فأنا أتي إلى هنا من المسجد فورا, فتارة أصلّي السنّة والوتر هنا وتارة في الدار فإذا رأني راء أني أصلّي هنا فإنما هي السنّة, أما الفريضة فهي في المسجد, فأنا لم أنهى عن الصلاة هنا لمثل هذه الصلاة وهي السنن وإنما أحضّ على ذلك, وإنما في المقابل أحضّ إخواننا أن لا يتقاعسوا عن أداء الفريضة في المساجد وأن لا يأتوا إلى هنا فيُقيموا جماعة أخرى لأن الجماعة يجب أن تكون في المسجد لكن إن فاتته الفريضة في المسجد لعذر شرعي ثم جاء إلى هذا المكان فحين ذاك لا مانع من أن يصلّيَ فيه جماعة هو وبعض من كان على شاكلته, هذه تذكرة وهناك تذكرة أخرى لفت نظركم إليها بعض إخواننا أنفا وهي أن لا ترفعوا أصواتكم بالحديث بعضهم مع بعض وهذه النصيحة كانت في محلِّها وكان الرد عليها خطأ مزدوجا لأن الناصح أمر بعدم رفع الأصوات لكي لا يُشوَّش بها على من يصلّي سواء كانت صلاته أو كانت فريضة فاتته في المسجد.
فإذًا يجب أن نلاحظ هنا قضيّتين اثنتين إحداهما يجب أن تكون لازمة مستمرة, فهذا المكان ينبغي أن لا ترفع فيه الأصوات سواء كان هناك من يصلّي أو ليس هناك من يصلّي, لأنه هذا من أدب المجالس, وألأمر الأخر الحرص على أداء الفريضة في المسجد فإن فاتت فلا مانع من الإجتماع هنا بينما, ريثما يبدأ الدرس فيصلّي من فاتته الفريضة إما لوحده أو مع جماعة من أمثاله.
هذه هي ذكرى وهي تنفع المؤمنين إن شاء الله.

(194/3)


«
هل يجوز للمفترض أن يصلي خلف المتنفل؟»
عيد: هل يجوز تأدية فرض وراء من يصلّي النافلة كالتراويح؟
الشيخ: الجواب نعم بناء على حديث معاذ بن جبل الثابت في صحيح البخاري أنه كان يصلي فرض العشاء وراء النبي صلى الله عليه وسلم ثم يأتي مسجد حيّه فيصلي بهم إماما, هي له نافلة وهي لهم فريضة, فعلى هذا تصحّ صلاة من دخل المسجد والإمام يصلي التراويح وهذا الداخل لم يكن بعد قد صلى صلاة العشاء فعليه أن يباشر الإقتداء بهذا الإمام, فإذا أدرك ركعتين قام وأتى بركعتين وإذا ما أدرك ولو قبل السلام فليشترك معه ثم يأتي بالركعات الأربع.

(194/4)


«
هل الإلتزام بمكان معين في المسجد هو ركن في الإعتكاف؟»
عيد: هل الإلتزام بمكان معيّن في المسجد هو ركن من أركان صحة الإعتكاف أم هو السنّة؟
الشيخ: ماذا يعني التزام ركن؟ يعني إذا كان يعني عدم جواز التنقّل مثلا من مكان إلى مكان في نفس المسجد فهذا ليس باللازم, إذا مثلا اعتكف في زاوية شرقية ثم بدا به أن يعتكف من نفس المسجد في الزواية الغربية فما في شيء يمنع من ذلك أما إذا كان يعني غير هذا ما هو بالواضح.
السائل: أي نعم هو سؤاله يفيد هذا لكن إذا عنى أنه ينتقل من مسجد إلى مسجد هذا الذي.
الشيخ: إذا ما فيه ضرورة ما ينتقل.
عيد: حضوره درس مثل هنا.
الشيخ: لا.
عيد: ما يحضر.

(194/5)


«
تنبيه الشيخ إلى وجوب إتخاذ السترة في الصلاة؟»
الشيخ: وإنما أردت التذكير بمسألتين إحداهما أن المسلم إذا دخل المسجد. فقبل أن يباشر الصلاة تحية المسجد أو سنّة الوضوء أو سنّة الوقت, عليه أن تذكّر أن عليه واجبا قبل أن يباشر الصلاة, هذا الواجب هو أن يصلّي إلى سترة, أن يصلي إلى سترة, يعني مثلا الأن بعض إخواننا يدخلون هذا المكان فيصلّي أحدهم كيفما اتفق, هذه سارية هي سترة له, وتلك سارية أخرى هي سترة له ثم الجالسون من الإخوان كل واحد جالس يستقبل هذه الجهة فيمكن أن يصلّي من يريد الصلاة خلف الجالس فيكون هو سترته.
هذه هي المسألة الأولى أريد أن أنبه عليها وقد نبهنا عليها كثيرا ولكن نحمد الله عز وجل أننا في كل درس تقريبا نرى وجوها جديدة لم يسبق لهم أن سمعوا مثل هذا التذكير وهذه الموعظة.

(194/6)


«
هل يسن التكبير في سجود التلاوة؟»
السائل: هل يُسنّ التكبير لسجدة التلاوة مع الإشارة إلى حديث ابن عمر الذي فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُكبّر لها؟
الشيخ: الحديث في إسناده رجل مُضعّف عند علماء الحديث وهو عبد الله بن عمر العمري وهما رجلان بل أخوان, أحدهما هذا عبد الله بن عمر والأخر أخوه مُصغّر عبيد الله بن عمر، عبيد الله ثقة، عبد الله ضعيف بسبب سوء حفظه وهذا الحديث رواه الأخوان, أما الثقة فلم يذكر التكبير, تكبير الرسول عليه السلام لسجود التلاوة, أما عبد الله المُكبّر هكذا يُعبِّرون عنه السيّء الحفظ قد جاء بهذه الزيادة, ولذلك كانت زيادته ضعيفة بل مُنكرة, ولذلك فكل الأحاديث التي جاءت تتحدث عن سجدة الرسول صلى الله عليه وأله سلم, سجدة التلاوة لا يُذكر فيها شيء من التكبير أو التسليم, وإنما ذُكِر التكبير في هذا الحديث فقط, فمع بعض عبد الله بن عمر هذا العمري المُكبّر فقد خالف كل تلك الأحاديث الصحيحة وما كان من الحديث كذلك يكون حديثا منكرا.

(194/7)


«
هل يجزئ أن تقرأ بعض الآيات من سورتي السجدة والدهر في صلاة الصبح من يوم الجمعة؟»
السائل: هل يُجزئ أن يُقرأ صُبح الجمعة بعض أيات سورتي السجدة والدهر؟
الشيخ: أما الإجزاء فيجزي أن يقرأ الفاتحة فقط, أما السنّة فلا تحصل إلا بقراءة سورة السجدة بتمامها في الركعة الأولى و سورة الدهر بتمامها في الركعة الأخرى.
بل أقول شيئا إن تقصّد قراءة شيئ من سورة السجدة بزعم أن سورة السجدة إنما شُرع تلاوتها في صُبح الجمعة لأن فيها سجدة فهذا يكون من محدثات الأمور, أي لا يجوز للإنسان أن يتقصّد قراءة القسم الذي فيه السجدة ولو مثلا قسم السورة في ركعتين, ويكون أتى ولا بد بالسجدة, لا يجوز هذا القصد لأننا لا نعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم إنما قرأ سورة السجدة لأن فيها سجدة, بل الأقرب كما يقول ابن قيم الجوزية وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما قرأ هذه السورة وتلك لما فيها من التذكير بالأخرة والبعث والنشور ونحو ذلك.
ولذلك فالإمام إما أن يأتي بالسنّة بتمامها أي يقرأ كل سورة في ركعتها وإما أن يقرأ ما تيسر من القرأن بعد الفاتحة والأمر كما قلنا واسع, لو قرأ الفاتحة فقط لقد أجزأته صلاته, أما إذا كان المقصود السنّة فالسنّة أن يقرأ السورتين المعروفتين.

(194/8)


«
هل يشرع قيام ليلة عيد الفطر؟»
السائل: هل يُشرع القيام جماعة في الليلة التي سيكون عاقبها نهار أول رمضان أو ليلة العيد أو في ليلة العيد؟
الشيخ: الإجتماع في صلاة الليل لا يجوز إلا في صلاة التراويح في رمضان والليلة الأولى إذا ثبت رمضان بعد صلاة المغرب مباشرة مثلا بحيث إنه كنا مكلّفين أن نصوم غدا, فهذه الليلة يُشرع قيامها تبعا للتروايح وليس كذلك أخر ليلة من رمضان حيث ثبت لدينا أن غدا العيد فليلة العيد هذه لا يُشرع إحياؤها فرادى فضلا عن أنه لا يُشرع إحياؤها جماعة ... .

(194/9)


«
ما هي المسافة المشروعة أمام المصلي التي تبيح للآخرين المرور أمامه في حال عدم وجود سترة؟»
الشيخ: هنا يقول قائل ما هي المسافة المشروعة أمام المصلي التي تبيح للأخرين المرور من أمامه في حال عدم وجود سترة؟ المقصود داخل المسجد.
يجب أن يعلم السائل بأن حكم المرور سواء في المسجد أو خارج المسجد, وسواء كان المسجد كبيرا أم صغيرا, سواء كان في الأربعين ذراعا أو أقل أو أكثر, فلا يجوز المرور بين يدي المصلي والمقصود بهذا الممنوع من المرور هو المرور بين المصلي وموضع سجوده, بين المصلي وبين موضع سجوده, يعني إذا كان بين قيامه وبين موضع سجوده مثلا متر فمرّ المار وراء ها المتر, هذا شرعا لا يُعتبر أنه مرّ بين يدي المصلي ولكن إذا مر في حدود ها السنتيمترات اللي هي متر, في أي مكان مرّ فهو آثم, لا يجوز له المرور.
وهذا كما قلت لكم لا فرق بين المسجد وبين غير المسجد, لا فرق بين المسجد الصغير والمسجد الكبير وما جاء ذكره في بعض كتب المذاهب الفقهية أنه المسجد إذا كان أصغر من أربعين في أربعين فهو الذي يمنع فيه المرور أما إذا كان أكبر من ذلك فلا بأس من ذلك, هذا من جملة الأحكام التي قيلت بأراء واجتهادات لم يستطيعوا حتى اليوم أن يأتوا لها بما يدعمه من دليل من السنّة فضلا عن الكتاب.
إذًا المسافة ها اللي ممكن يمرّ من وراءها المار بين يدي المصلي هي من وراء موضع السجود لكن المصلي يجب أن يضع سترة, ويجب أن يضع سترة مش معناها أنه يعني يغرزها, وإنما يأتي هو إليها مثلا في المسجد يصلي وراء السارية, يصلي أمام الجدار القبلي, يصلي خلف كرسي يعني وسائل كثيرة وكثيرة جدا.

(194/10)


«
ذكر الشيخ لبعض الأحكام التي تتعلق بالسترة؟»
الشيخ: فلا بد من اتخاذ السترة, وفي حالة الاتخاذ تترتب أحكام هامة, أولا إذا مر المار بينه وبين موضع سجوده فلا إثم عليه, على المصلي, أما الإثم على المار كما شرعنا أنفا.
ثانيا, له شرعا أن يدفع المار ولو بالضرب, رَجُل يصلي إلى سترة فجاء رجل يمر بين يديه, فدفعه بالتي هي أحسن, ما استطعم كما يقولون, ما اندفع بالتي هي أحسن, دفعه ثاني مرة, ما استدع أيضا, له أن يضربه ضربة ولو وقع فيها على استه.
(
ضحك الحاضرون)
أي نعم, أما إذا كان لا يصلي, إذا كان يصلي لا إلى سترة فلا يجوز له هذه المدافعة أبدا, هذه من أحكام السترة.
الحكم الأخير والأهم, هناك حديث في صحيح مسلم أخذ به إمام السنّة, الإمام أحمد بن حنبل, ثلاث أشياء إذا مرت بين يدي المصلي يعني بينه وبين موضع سجوده تُبطِل عليه صلاته, المرأة البالغة والكلب الأسود والحمار, هذا إذا لم يكن يصلي إلى سترة, فإذا كان بين يدي السترة فلا يضره من مرّ بين يديه.
هذه أشياء مهمة جدا لا يبالي بها الناس ونحن نشاهد خاصة في المسجد الحرام ثم في المسجد النبوي نساء تمرّ بين أيدي الرجال ولا أبالي, لا المارّ يبالي ولا المصلي يبالي, مع أنه بطلت صلاتهم هؤلاء الذين يصلون, طبعا حينما يصلون السنن والنوافل وربما يصلون قضاء مما عليهم زعموا إلى أخره.
أما إذا كانوا يصلون خلف الإمام فالإمام سترة لمن خلفه.

(194/11)


«
هل يجوز إلقاء الخطبة للأعاجم بغير اللغة العربية؟»
عيد: سؤال أخر هل يجوز إلقاء خطبة الجمعة بغير اللغة العربية؟
الشيخ: الأصل أن الخُطَب يجب أن تكون باللغة العربية حتى بين الأعاجم, لأن الغرض من الفتوح الإسلامية ليس هو فقط نقل الإسلام مترجما إليهم, هذا لا بد منه ولكن يجب في أثناء هذه الفتوحات نقل القرأن إليهم أي نقل لغة القرأن إليهم حتى يتمكن أولئك الأعاجم من فهم الإسلام فهما صحيحا مباشرة من مصدريه من الكتاب والسنّة.
وسبيل التعليم للغة خاصة في العصور السابقة لم تكن ميسّرة ومذلّلة ولا, فلا أقل أن تُتخذ السبل الممكنة يومئذ ليتلقى الأعاجم اللغة العربية بتلك الوسيلة, منها مثلا قراءة القرأن في الصلاة كما أنزل بلغة القرأن, وبسبب هذه التلاوة تعلّم الأعاجم القرأن مع أنه ليس بلغتهم ومع الزمن تعلّموا نفس اللغة العربية بهذه الوسيلة وبأمثالها من مثل الخُطَب يوم الجمعة والعيد ونحو ذلك, ولكن لا ينبغي أن يَخفى على أحد بأن هذا الخطيب العربي أو الأعجمي المستعرِب إذا خطب في قومه العجم باللغة العربية وهم بعد حديثوا عهد بها فسوف لا يفهمون منه شيئا.
ولذلك فلا بد من الجمع بين المصلحتين, مصلحة إلقاء الخطبة باللغة العربية كوسيلة لتعليم هؤلاء القوم لغة القرأن, والمصلحة الأخرى ترجمة هذه الخطبة إلى لغتهم ليفهموها, ومن أجل ذلك قال الله عز وجل ((وما أرسلنا من رسول الله إلا بلسان قومه ليبين لهم)) فنحن نأخذ من هذه الأية هذه الجملة التعليلية ((ليبين لهم)) فهذا الخطيب لا ينبغي أن يقتصر فقط على إلقاء الخطبة باللغة العربية ثم ينزل, فحينئذ لم يستفد الحاضرون منها شيئا وإنما عليه أن يُترجِمها لهم بالمقدار الذي يُحقِّق الغرض من هذه الخطبة.

(194/12)


«
ما مدى صحة الحديث القدسي الوارد في المسند " صل لي ابن آدم أربع ركعات في أول النهار ... ".»
عيد: سؤالهم مُسجّع بسم الله أبدأ ثم أثني فأحمد لأشير بعده إلى المقصد والسؤال عما ورد في المسند من سيدنا أحمد قال نقلا عن ربه الأمجد (صلي لي ابن أدم أربع ركعات في أول النهار أكفيك أخره) عن مدى صحة الخبر وجزاك الله الخير و ... ؟
الشيخ: الخبر بلا شك صحيح ... في المسند وغيره ولكن غير مسجّع بطبيعة الحال.
عيد: حمدي يسأل أربع ركعات ... الضحى.
الشيخ: نعم, الضحى.
عيد: حمدي يسأل أربع ركعات ... الضحى.
الشيخ: نعم, الضحى.

(194/13)


«
هل يجوز لمن جاء بعد تسليم الإمام أن يقتدي بمسبوق؟»
عيد: هل يجوز لمسلم إذا جاء إلى المسجد متأخرا بعد تسليم الإمام هل يقتدي بأخر قام ليتمّ صلاته يعني مسبوق وهل هناك من الأئمة من يجيز هذا؟
الشيخ: نعم هناك من يقول بجواز مثل هذه القُدوة ولكن نحن نرى أنها كالجماعة الثانية المستأنفة بعد الجماعة الأولى, وسببنا في ذلك أمران اثنان, الأمر الأول أن هذا لم يُنقل عن السلف الصالح كما لم يُنقل عنهم الجماعة الثانية والسند الأخر وهو بلا شك أقوى لأنه إيجابي.
حديث المغيرة بن شعبة في الصحيحين وخلاصته أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في سفر, ففي الفجر خرج ليقضي حاجته ويتوضأ وكان أصحابه ينتظرونه ليصلي بهم صلاة الفجر, ويظهر أنه تأخر عنهم حسب عادتهم, فظنوا أن هناك أمرا أخرّه عنهم فقدّموا ليصلي بهم إماما عبد الرحمن بن عوف وكان المغيرة مع النبي صلى الله عليه وسلم حيث هيّأ له الوَضوء, الماء الذي يُتوضأ به ثم صب عليه الماء وكان لابسا الخفين فهم المغيرة بنزعهما فقال له عليه السلام (دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين) يعني أنه لبس الخفين على وضوء.
الذي كانوا هيؤوه للصلاة فيه وهم في السفر وهنا إشارة لا بد من الإفصاح عنها وهي اهتمام الرسول صلى الله عليه وأله وسلم بصلاة الجماعة وبتعليم على ما كان واعتباره مصلى كمسجد, وهم في سفر وربما يقيمون هناك يوم أو أقل من يوم فيُعيّنون مكانا ويُوجّهون المكان إلى القبلة, فمن أراد أن يصلي هناك صلاة يعرف القبلة بتحديد تسوير هذا المكان بحجارة قليلة.
فهناك لما انتظروه في هذا المسجد, أقول هذا لأنه قد يُشكل على البعض أنه جماعة في سفر ويأتي في الحديث أنهم انتظروه في المسجد, وين المسجد؟ أي المسجد المؤقت, فلما تأخّر عنهم الرسول عليه السلام للسبب السابق صلى بهم عبد الرحمن هم بعد أن أتم الرسول عليه السلام وضوءه يمّم شطر المسجد هو وصاحبه المغيرة, وإذا به يرى الناس في الصلاة فيهمّ المغيرة بتنبيه الإمام بمجيء الأصيل, الإمام الأصيل وهو الرسول عليه السلام فأشار إليه أن دعهم ثم اقتدى وعليه الصلاة والسلام والمغيرة بعبد الرحمن بن عوف ثم سلّم عبد الرحمن من الصلاة فقام عليه الصلاة والسلام ليصلي ما فاته وهو ركعة في صلاة الفجر, كانت الصلاة ... وبعد أن سلّم التفت الناس فرأوا الرسول الإمام صار مأموما, عظُم الأمر عليهم ورأى ذلك في وجوههم فقال لهم مطمئنا مُحسِّنا لفعلهم (أحسنتم هكذا فاصنعوا) هذا فيه معاني عظيمة جدا منها تطمين المسلم أنه إذا عمل خيرا منها أن نُبعد الأمور العاطفية ونُحِلّ محلّها الأمور الشرعية أي الإمام الرسمي تأخر, ما فيه مانع أن يقدموا من هو أحق بذلك إماما ولا يُشُق على الناس, يا أخي ما بيصير عيب, يجيء هو يلاقينا سبقناه بالصلاة وما شابه ذلك, لا الرسول عليه السلام قال لهم (أحسنتم هكذا فاصنعوا).
كما أن العكس أيضا لا يجوز إذا كان هناك نظام في مسجد يتأخّرون خمس دقائق, عشرة دقائق عن الأذان فبيجي واحد يفتات على الإمام وبيتقدّم, الأمر لا يجوز.
المهم أنه عليه السلام لما قال لهم (أحسنتم هكذا فاصنعوا) اطمئنوا حينذاك, الشاهد أنه لم يأتي في هذا الحديث وفي غيره أن المغيرة بن شعبة ائتم بالرسول عليه السلام في هذه الركعة التي كانت فاتتهما.
من هنا نقول من جاء إلى المسجد أو إذا جاء اثنان تأخرا في المسجد وسُبِقوا بركعة أو أكثر يصلّي كل واحد منهم بنفسه, هكذا الذي جرى عليه العمل وبهذا القدر كفاية والحمد لله رب العالمين.

(194/14)


«
ذكر الشيخ لمسألة الهوي إلى السجود على الكفين و القيام إلى الركعة الثانية اعتمادا على اليدين
الشيخ: أما الخاطرة التي خطرت في بالي فهي كما قلت لتأييد حكم شرعي.
هذا الحكم الشرعي وإن كان أكثر على جهل به فنحمد الله تبارك وتعالى أن وفق كثيرا من المسلمين وبخاصة الشباب منهم إلى أن يتعرفوا على هذا الحكم وإلى أن يعملوا به ألا وهو الهويّ إلى السجود على الكفين وليس على الركبتين, جماهير المصلين حينما يسجدون إنما يسجدون على ركبهم والسنّة أن يسجد على كفيه, أن يتلقى الأرض بكفيه لا بركبتيه وذلك له حكم من أوضحها أنه يدفع صدمة الأرض عنه فيما لو سجد على ركبتيه.
لا أريد الخوض في هذا ولكن هناك سنّة مقابلة لهذه وهي أن المصلي إذا أراد القيام من السجدة الثانية إلى الركعة الثانية أو من التشهد إلى الركعة الثالثة فكيف يقوم؟ هل يقوم معتمدا على كفيه كما نعتقد أنه السنّة الصحيحة أم يقوم معتمدا على ركبتيه؟ هذه المسألة فيها خلاف قديم بين الفقهاء والسنّة الصحيحة الصريحة الثابتة في صحيح البخاري هو أنّ الرسول صلوات الله وسلامه عليه كان إذا نهض إلى الركعة الثانية لا ينهض إلا أن يجلس جلسة خفيفة وهي التي تُعرف عند الفقهاء بجلسة الاستراحة ثم يقوم معتمدا أي على يديه.
إلى هنا القضية مبسوطة ومشروحة في كتب الحديث والفقه لكن هناك إشكال عند بعض الناس حتى العلماء بالنسبة لحديث الذي كان من أدلة الهويّ على الكتفين إلى الأرض, ذاك الحديث وهو قوله عليه السلام (إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير وليضع كفيه قبل ركبتيه) أي شطر الحديث الثاني يفسّر الشطر الأول منه, الشطر الأول يقول (فلا يبرك كما يبرك البعير) كأن قائلا يقول فكيف يبرك البعير؟ وكيف تكون مخالفة البعير؟ الجواب (وليضع كفية قبل ركبتيه)، إذًا المخالفة للبعير في الهويّ تكون بهذه الصورة التي فُسِّرت في نفس الحديث, هناك تفاسير واختلافات لسنا في صددها.
الأن لم يتعارض الحديث لكيفية النهوض, هذا الحديث بالذات لم يتعرّض لكيفية النهوض لكني أقول, وهذه هي الخاطرة, هنا موضع البحث, إذا كان هناك مبدأ عام هو أنه لا يجوز للمسلم أن يتشبه بالحيوان كما لا يجوز أن يتشبه بالكافر فهذه قاعدة في الإسلام, لا يجوز للمسلم أن يتشبه بالحيوان كما أنه لا يجوز له أن يتشبه بالكافر, وهناك أحاديث كثيرة في كل من الأمرين في النهي عن التشبه بالكفار وفي النهي عن التشيه بالحيوانات لا سيما في الصلاة، ففي الصلاة مثلا حديث نهى رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم عن بروك كبروك الجمل وعن التفات كالتفات الثعلب وعن نقر الغراب للصلاة, الاستعجال فيها, الشاهد فنهى عن التشبه بهذه الحيوانات, الأن إذا استحضرنا في أذهاننا كيف يبرك البعير يجب بالتالي أن نستحضر كيف ينهض البعير, هناك خلاف في المسألة الأولى كيف يبرك البعير خلاف عجيب جدا لأنه لو كان البعير يعيش في عالم غير عالمنا قد نكون معذورين أن لا نعرف كيف يبرك أما وهو يعيش في عالمنا بل في بلادنا فمن أعجب العجائب أن لا يزال علماء المسلمين فضلا عن غيرهم أنهم يختلفون في تصوّرهم لكيفية بروك البعير, والذي قطع به الحديث الذي يطابق المشاهد هو أن البعير يبرك على ركبيته لكن ركبتاه في مقدمتيه, هنا ندع البحث المفصل إلى مكانه المعروف من زاد المعاد وغيره في هذا الاختلاف لكني أقول الأن, البعير هو يمشي على أربع فإذا برك لا يصح أن نقول "برك على يديه" لأن يديه موضوعتان كرجليه الأبد, إذًا هو يبرك على ماذا؟ على مفصليه اللذين هما في مقدمتيه ما اسم هذين المفصلين الركبتان, هذا محله في كتب اللغة وهذا معروف.
إذًا لما كان البعير يبرك على ركبتيه فنحن منهيّون أن نتشبه بالحيوانات بصورة عامة وبهذا الحيوان الحقود المضروب به المثل في الحقد بصورة خاصة, فلا نبرك كما يبرك البعير أي لا نضع ركبنا قبل كفيّنا, بمعنى أخر لا نتلقّى الأرض بالركبتين كما يفعل البعير وإنما نتلقى الأرض بالكفين حيث لا يستطيع ذلك البعير لأن البعير يمشي على أربع.
الأن العكس, هنا الشاهد, يؤكد لهم هذه الحقيقة, البعير حين ينهض على ماذا يعتمد؟ قولوا لنا الأن, البعير حينما ينهض يعتمد على ماذا؟
السائل: ركبتيه.
الشيخ: على ركبتيه, تصوّروا معي, بعير ثاني, مقدمتيه فهو يعتمد على ها المفصلين اللذين هما الركبتان, فإذا ما قام المصلي معتمدا على ركبتيه فقد شابه البعير, لذلك جاءت السنة في الإعتماد على ماذا حين القيام؟ على الكفين, فإذا لانفصال أبدا لأحد إذا خالف هذه السنة الصحيحة وتلك أيضا لكن هذه أوضح لا يرد عليه الإشكال المعروف بالنسبة للهوىّ, لا مناص لكل من يخالف سنّة الإعتماد على الكفين حين النهوض من أن يشابه البعير لأن البعير حتما إنما يعتمد على ركبتيه حين ينهض وليس على كفيه لأنه كفي خفيه صايرين بالخلف فهو يعتمد على ركبتيه, فأنت أيهما المسلم إذا أردت أن تتمثل وأن تتحقق بأمر النبي صلى الله عليه وسلم (صلوا كما رأيتموني أصلي) فلا تبركنّ أولا بروك البعير, لا تتلقى الأرض بركبتيك وإنما بكفيك ثم لا تنهض معتمدا على ركبتيك وإنما على كفيك, الكفان هما الاعتماد عليها هويّا ونهوضا, هويّا على الكفين ... ونهوضا على الكفين نعتمد.
هذه النقطة بصورة خاصة الثانية هي الخاطرة التي خطرت لي ليتمكن إخواننا من طلاب العلم من استيعاب هذه القضية من كل نواحيها بحجتها من الكتاب والمنطق السليم الموافق للواقع.
هذا الذي أردت بيانه والأن هات الأسئلة التي عندك.
السائل: ها الكفين ... بالنسبة ليديه.
الشيخ: هذاك كان بالنهوض.
السائل: أي عند النهوض.
الشيخ: نعم, نحن بحثنا الأن بصورة خاصة كما قلنا فقط لبيان الفرق إيه؟ أنه البعير يقوم معتمدا على الركبتين أما التفصيل فمعروف أنه يعتمد على قبضتيه.

(194/15)


«
ما حكم الصلاة خلف المدفئة؟»
عيد: ما حكم الصلاة في مسجد أو بيت خلف مدفئة؟
الشيخ: بيت أو مسجد خلف مدفئة؟
عيد: نعم, أمام المدفئة, فهو يصلي
الشيخ: أه هو خلف المدفئة؟
عيد: أي نعم, نعم.
الشيخ: هو ... شو ... .
عيد: لا هو يعني المقصود توجد المدفئة أمامه.
الشيخ: طيب, يعني الصلاة إلى المدفئة.
عيد: الصلاة إلى المدفئة.
الشيخ: يبدو لي والله أعلم أنه لا شيء في الصلاة خلف هذه المدفئة لأن الصلاة خلف النار التي نص الفقهاء على كراهة الصلاة إليها ما ذلك إلا لأن فيه تشبّها بعبّاد النار, فهذا التشبّه في اعتقادي لا يظهر في مثل هذه النار الموقودة في هذه الحجرة الضيقة المحصورة, التشبّه لا يحصل في صلاة المسلم خلف المدفئة وفيها هذه النار المحصورة في هذه الحجرة الضيقة, فظاهر التشبه غير واردة هنا لذلك أقول لا شيء في ذلك, لكن الأهم من هذا وهذا الذي يجب أن نُكثر السؤال عنه والتنبيه عليه والتحذير منه هو أن وضع المدفئة في المسجد لا يجوز إلا مع الجدار, وإن كان ولا بد فبين السواري, وإن كان ولا بد فبين الصفين بحيث لا يقطع الصف.
الناس اليوم في غفلة شديدة وشديدة جدا والسبب في ذلك أن الناس ابتعدوا عن العلم والفقه بصورة عامة أي فقه كان كان, كان سلفيا أم خلفيا, ما عاد الناس عندهم هذه الرغبة لدراسة الفقه للعلم لله عز وجل لأنه الناس اليوم كلهم إلا قليلا, أي جلّهم إنما يطلبون العلم الذي ينفعهم ماديا, وهذا هو السر في أنكم لا تجدون في العالم الإسلامي طيلة القرون, لا تجدون محدثين, وإنما تجدون الفقهاء ملؤوا الدنيا, على المذاهب الأربعة ليه؟ لأنه هؤلاء بيتوظفوا قضاة ومفتين وأئمة مساجد ومؤذنين, أما المحدثون فليس لهم وظيفة هؤلاء كانوا في الغالب يعملون لله عز وجل.
الشاهد, فاليوم الناس ابتعدوا عن دراسة الفقه بصورة عامة ودراسة الفقه السّلفي بصورة خاصة, فإن كان وُجِد في هؤلاء الأئمة, أئمة المساجد أو غيرهم من المدرسين والوعاظ, إن كان وُجِد فيهم متفقّهة فهم مُقيّدون, فهم أسرى ما يقرؤونه في هذه الكتب ولا يجدون في هذه الكتب التنبيه على ما قد جدّ من الأمور إن كان خيرا أو شرا, من ذلك لا يجدون في الكتب ما صرّحتُ لكم أنفا, لا يجوز إقامة المدفئة بين الصفوف لأنها تقطع الصفوف, وإنما ينبغي وضعها مع الجدار يمينا أو يسارا, لا يجدون مثل هذه العبارة لكنهم لو كانوا فقهاء لاستطاعوا أن يقيسوا, إما أن يقيسوا على نص ذكره فقهاؤهم, وإذا كانوا فقهاء على الكتاب والسنّة أن يقيسوا على النص, فالفقهاء ذكروا أن المنبر لا يجوز أن يكون طويلا لأنه يقطع الصف, ذكروا هذا جزاهم الله خيرا, ونصوا على أن المنبر الطويل الذي يقطع الصف فإذا تم الصف الأول فما وراء المنبر لا يعتبر صفا أول الصف الأول هو الصف الثاني الذي خلف الإمام أي أن الصف الأول ينتهي مع جدار المنبر، الجدار الثاني يعني الغربي بالنسبة لبلادنا هذا ليس صفا أولا, كذلك الصف الثاني إنما الصف الثالث أو الرابع اللي بيتصل فهذا ماشي من الجدار إلى الجدار, ذكروا هذا ونبهوا عليه لأنه يقطع الصف.
إذًا الصوبيا حكمها حكم المنبر والمنبر بلا شك أفضل من الصوبيا لأنه فيه الخطبة وفيه التعليم وإلى أخره, مع ذلك مادام يقطع الصفوف لا ينبغي أن يكون طويلا وإنما ينبغي على السنّة, فهذه استدراكات فقط.
فالصوبيا إذًا يجب إذا احتاج أهل المسجد في أيام الشتاء الباردة إلى صوبيا فإما أن يضعوه بين ... حيث لا يصفّ بينها وإما أن يضعوها مع الجدار بحيث أنه لا يقطع الصف, أما الصلاة إليها فلا شيء في ذلك كما شرحت لكم أنفا, غيره.

(194/16)


«
بيان الشيخ لقاعدة " من حفظ حجة على من لم يحفظ ".»
السائل: فهناك مثلا مسألة خلافية قديمة ومما يؤسف له أن يظل هذا الخلاف في هذه المسألة وأمثالها مع وضوح الحجة مع الذين أثبتوا لا مع الذين نفوا, مثلا في الصلاة, المسألة فرعية بسيطة كما يقولون لكنها لها ثمار مُرّة مع الأسف الشديد, الخلاف منذ ألف سنة وزيادة لا يزال بين الحنفية والشافعية وغيرهم في رفع اليدين في الصلاة, مثل المذهب الحنفي يقول تُكره يُكره رفع اليدين في الصلاة إلا عند تكبيرة الإحرام, الجمهور يقول بسنّية ذلك, ليس للحنفية حجة إلا حديث فيه نفي أي ليس فيه علم, هذا الحديث هو المرويّ عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال لأصحابه يوما ألا أصلي لكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى فرع يديه وكبّر ثم لم يعد إلى الرفع فأخذ الحنفية بهذا الحديث وقالوا لا يُشرع الرفع, بينما الجمهور معهم أحاديث كثيرة جدا في الصحيحين والسنن والمسانيد وغيرها عن نحو من أكثر من عشرين صحابيا كلهم يُثبت هذا الرفع عن النبي صلى الله عليه وأله وسلم, فنحن إذا طبّقنا هذه القاعدة استرحنا من الخلاف الذي أثبت الرفع معنى ذلك أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يرفع يديه فهو عنده علم ومعنى الذي نفى الرفع أنه لم ير الرسول عليه السلام, فنحن لا نلومه ولا نقول له لم لم ترى؟ وكيف خفِيَ عليك هذا؟ لا الإنسان يعني له حدود وطاقات محدودة, لكننا نقول للذين يتشبّثون بهذا الخبر النافي لرفع اليدين, لماذا تأخذون بخلاف القاعدة التي أنتم أنفسكم تعترفون بها وتقررونها في علم الأصول؟ " من حفظ حجة على من لم يحفظ " فالجماعة من الصحابة مثل ابن عمر, مثل مالك بن حويرث, مثل أنس بن مالك وجماعة كثيرون منهم من سُمّي ومنهم من لم يسمّى كلهم يقولون كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع يديه عند الركوع وعند الرفع منه, ابن مسعود لم ير ذلك ولذلك لم يَثبت عنه أنه رفع وأصحابه الكوفيون سلكوا مسلكه ومشو طريقه, فلا عَتَبَ على ابن مسعود لأنه هذا الذي عَلِمَه أو بلغه لكن أتعصّب له والأخذ بحديثه ... خلاف هذه القاعدة المتفق عليها " من علم حجة على من لم يعلم ومن حفظ حجة على من لم يحفظ " ولذلك حَجَّ أي أقام الحُجّة الإمام البخاري رحمه الله في جزئه الخاص الذي ألّفه في رفع اليدين على المختلف فيه, فأقام الحجة على النافين لشرعية الرفع عند الركوع ... بهذه القاعدة وقال إن هذه القاعدة مأخوذة من نصوص شرعية أكثر منها أنه ذكر قصة الخلاف بين الصحابيين الجليلين أحدهما ابن عمر عن بلال والأخر ابن عباس, بلال يقول لابن عمر وعمر يروي عنه أنه دخل مع النبي صلى الله عليه وسلم جوف الكعبة في وسط الكعبة وصلى ركعتين ويصف وصفا دقيقا أنه حين صلى الركعتين كان بينه وبين جدار الكعبة نحو ذراعين وأنه كان عن يمينه عمود وعن يساره عمود فهو صلى بين العمودين وهذا الوصف يعني أنه على علم بأنه يصف صلاة الرسول عليه السلام في ذلك المكان الطاهر وصفا دقيقا ولما خرج الرسول عليه السلام مع أصحابه تلقاهم ابن عمر فسأل بلالا فذكر له أن الرسول عليه السلام صلى ركعتين هكذا, ابن عباس وكل الحديثين في الصحيح في البخاري, ابن عباس يقول لم يدخل الكعبة ولم يصلي إلا في قُبُل الكعبة, يعني خارجها مستقبلا لها, يقول البخاري رحمه الله بعد أن يروي الخبرين عن صحابيين جليلين كلا منهما ثقة قال في, بخبر من أخذ العلماء؟ بخبر من أثبت لأن الذي أثبت علم والذي نفى لم يعلم فلا نقول له كما قلنا أنفا لمَ لم تعلم؟ لكننا نستفيد من الذي علم علما لا نستفيده من هذا الذي لم يعلم.
من هذا الحديث وأمثاله وُضِعت هذه القاعدة " من علم حجة على من يعلم ومن حفظ حجة على من لم يحفظ " وبهذه القاعدة تُحلّ مشاكل كثيرة، لا يفوتني أن أقول بأن مسألة الخلاف في رفع اليدين صحيح أنها مسألة فرعية وبسيطة كما يقولون ولكن تَرتَّب وراءها أشياء خطيرة جدا منها أن الصلاة وراء الذي يرفع يديه مكروهة تحريما ومنها أي من أثر هذا القول انفصال أئمة المسلمين المساجد منذ مئات السنين إلى أكثر من إمام واحد في المسجد الواحد, هذا حنفي وهذا شافعي وهذا يختلف باختلاف البلاد فإذا كانت البلاد في الدولة والصولة والسطوة لمذهب فليس هناك إلا إمام واحد, وإذا كانت الصولة والجولة لمذهبين فهناك لا بد من أن يوجد إمامان وإلا فأربعة وهذا نحن كنا نشاهده إلى عهد قريب في المسجد الكبير هنا في مسجد بني أمية, أربعة محاريب, في كل محراب إمام, حنفي شافعي مالكي حنبلي فهذا التفرّق من أين جاء؟ من هذه الخلافات التي يسمّونها بأنها خلافات سهلة وبسيطة فرفع اليدين في الصلاة مكروه تحريما لأنه هكذا مذهبنا يقول يعني مذهب الحنفية والصلاة وراء من يرفع يديه أيضا تفرَّع من وراء ذلك هذا القول مكروهة, فللخلاص من الكراهة نتخذ إمام يصلي على مذهبنا ... ونحو ذلك من الخلافات.
فإذًا, على المسلمين فقهائهم وطلاب العلم منهم أن يحاولوا القضاء على مثل هذه الخلافات بالرجوع إلى القواعد والأصول التي اتفقوا عليها ومنها " من علم حجة على من لم يعلم ".

(194/17)


«
كيف توجه الأحاديث التي احتج بها من قال بوجوب قراءة الفاتحة خلف الإمام في الجهرية؟»
السائل: سؤال في صفة صلاة النبي ... في أن المصلي يقرأ وراء الإمام في السرية ولا يقرأ في الجهرية وفي كتاب "سبل السلام" ساق المصنف أدلة تفيد قراءة أم الكتاب بالسلام بالصلاة دائما وعلى أن الصلاة بدونها باطلة, فما صحة هذه الأحاديث أولا ثم كيف نوفّق بينها وبين ما رأيكم؟
الشيخ: مثل هذا السؤال لا يحسن بل لا يمكن الجواب عليه لأنه هذا يحتاج إلى استحضار الأدلة ومنها ما هو صحيح ومنها ما هو ليس بصحيح والصحيح عليه جواب أو أكثر من جواب ولكن السائل الذي يريد فعلا أن يستفيد بأقرب طريق هو يدرس صفة الصلاة ويدرس الأحاديث الواردة فيها, بيحطها قدام منه جانب ثم يدرس ما جاء في سبل السلام أو غيره من كتب فقه الحديث, فالحديث الذي بيُشكِل عليه ويتضارب معه أو عنده مع ما جاء في صفة الصلاة يحط عليه علامة بيسجل أو يكتبه في ورقة وبيسأل شو رأيك في هذا الحديث؟ أولا صحيح؟ نعم صحيح, ثانيا أيدل على وجوب قراءة الفاتحة وراء الإمام في الجهرية أم لا يجب؟ ممكن جواب, أما يعطينا موضوع اختلف علماء المسلمين فيه منذ ألف سنة وزيادة وهناك أدلة كثيرة لكل من الفريقين, إيه أنا لو كنت حافظ الدنيا لا يمكن أن أجيب عن هذا السؤال إلا في ساعات فما بالك ونحن يعني نسأل الله أنه يشملنا إيش؟ برحمته وبفضله نستحضر شيئ ويفوتنا أشياء وأشياء كثيرة, أضرب لكم على ذلك مثلا من هذه الأحاديث التي يحتج بها من يذهب إلى فرضية قراءة الفاتحة وراء الإمام في الجهرية, حديث (فلا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب) هذا الحديث جرى العلماء الذين يذهبون ذاك المذهب على الاستدلال به وهات إيدك وإمشي لكن هو ليس فيه دليل أبدا ليه؟ وهذا يظهر بطبيعة الحال بصورة خاصة لمن كان عنده شيء من المعرفة بعلم أصول الفقه فعلم أصول الفقه يقول " إذا جاء أمر بشيء بعد النهي عنه هذا الأمر لا يفيد الوجوب "، إذا أمر الشارع الحكيم بشيء وكان قد نهى عنه من قبل فهذا الأمر لا يفيد وجوب ذاك الشيء وإنما يرفع النهي عنه, فهنا الحديث هكذا, هل تقرؤون قالوا نعم قال (لا تفعلوا لا تقرؤوا وراء الإمام) هذا نهي قال (إلا بفاتحة الكتاب) هذا استثناء, استثناء من النهي, الإستثناء من النهي ما بيفيد الوجوب وإنما يفيد الجواز، فأين دليل الوجوب؟ لا دليل في هذا الحديث على الوجوب, هذا مثال ولذلك فالبحث كما قلت لكم يطول فشوف الحديث ها اللي مثل هذا الحديث مثلا يمكن يكون من الأحاديث التي أشكلت عليك, شوف حديث ثاني ممكن نعطيك الجواب وإلا فالقرأن والسنة الصحيحة يتجاوبان في هذا الموضوع ((فإذا قرئ القرأن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون)) والأحاديث التي جاءت تدلّ بظواهرها على الوجوب فهي إما من هذا القبيل الذي لا يدلّ على الوجوب, كل ما يدلّ عليه هو الجواز والجواز المرجوح أو أن ذلك كان في مرحلة من مراحل التشريع وعلى هذا جرينا في كتابنا صفة صلاة النبي صلى الله عليه وأله وسلم وبهذا القدر كفاية والحمد لله رب العالمين.

(194/18)


«
مناقشة الشيخ لأدلة ابن القيم رحمه الله في مسألة الهوي إلى السجود على الركبتين والرفع منه بالإعتماد عليهما
الشيخ: نرجوا أن توضحوا لنا رأيكم في تحقيق الشيخ ابن القيم الجوزية في مسألة الهويّ إلى السجود حيث أفاد في زاد المعاد أن الصحيح وضع الركبتين على الأرض قبل اليدين أرجوا مناقشة. والسلام عليكم.
ولولا أن هذا السؤال تكرر فعلا عشرات المرات ولولا كثرة الإبتلاء أيضا بمخالفة السنة الصحيحة لما فرّغنا أنفسنا للإجابة على رغبة السائل التي هي مناقشة أدلة ابن القيم.
وابن القيم قد كتب نحو أربع صفحات في هذه المسألة وأطال فيها النفس جدا كما هو شأنه في كثير من المسائل.

(195/1)


«
ذكر الشيخ سبب بعد ابن القيم رحمه الله عن تحقيق الصواب في هذه المسألة
الشيخ: ولكنه مع الأسف الشديد في هذه المسألة كان بعيدا كل البعد عن تحقيق الصواب فيها ووجدت له عذرا في ذلك حيث أنه ذكر في مقدمة الكتاب وهذا ما ذكره في الواقع وحده يكفي ليدلنا على كون هذا الرجل علّامة ولكن إذا أخطأ في بعض المسائل وقد ألّف الكتاب وهو مسافر فلا غرابة في أن يقع في مثل هذه الأوهام التي سننبه عليها الأن إن شاء الله.
يقول في مطلع هذه المسألة وكان صلى الله عليه وأله وسلم يضع ركبتيه قبل يديه ثم يديه بعدهما ثم جبهته وأنفه قال " هذا هو الصحيح الذي رواه شريك عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر: رأيت رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه ولم يَرِد في فعله ما يخالف ذلك ".
هنا نلاحظ في هذه الكلمات القصيرة نلاحظ أمرين اثنين غريبين جدا, الأمر الأول يقول هذا هو الصحيح الذي رواه شريك بإسناده الذي ذكره

(195/2)


«
بيان الشيخ ضعف شريك وأقوال بعض المحدثين فيه
الشيخ: شريك هذا هو شريك ابن عبد الله القاضي وهو معروف عند علماء الجرح والتعديل بأنه ضعيف بسبب سوء حفظه, وطبعا الوقت لا يتسع لنقرأ عليكم كلمات الأئمة في تجريح هذا الراوي وهو شريك ولكن نكتفي بنقلين اثنين النقل الأول هو أنّ ممن أخرج هذا الحديث الحافظ الإمام الدراقطني في سننه ولما انتهى من سياق إسناده ومتنه قال "وشريك ليس بالقوي" فهذا مُخرِّج أو أحد مُخرِّجي الحديث يُضعِّف هذا الحديث ويعلله بأن شريكا هذا ليس قويا في الحديث, ثم نقْل أخر ننقله مباشرة من كتاب لأحد المؤلفين الذين لا يشك مبتدأ في علم الحديث فضلا عن غيره بأن له قدم صدق في هذا العلم ألا وهو علم الجرح والتعديل وأعني بذلك الحافظ أحمد بن حجر العسقلاني, فاسمعوا قوله فيه يقول "صدوق يُخطِئ كثيرا, تغيّر حفظه منذ وَلِيَ القضاء بالكوفة وكان عادلا فاضلا عابدا شديدا على أهل البدع" هذا ترجمة الحافظ ابن حجر لشريك بن عبد الله القاضي راوي هذا الحديث, فهو يعطيه ما يستحق من الفضل من العبادة من الصلاح من نحو ذلك وهو, أهمه فيما يتعلق بعلم الحديث الصدق أي إنه لا يكذب ولكنه غُلِبَ على أمره فكان يخطئ كثيرا وتغيّر حفظه أي ازداد سوء حينما ولي القضاء بالكوفة, وهذا أمر طبيعي معروف أن كل عالم اتجه إلى ناحية قوي فيها وعلى العكس من ذلك ضعف في النواحي الأخرى التي انصرف عنها.
فنستغرب بعد هذا قول ابن قيم الجوزية أنه هذا هو الصحيح الذي رواه شريك وشريك لا يروي الصحيح لأنه ضعيف الحفظ لذلك ذكر الحافظ الذهبي نفسه في خاتمة ترجمة شريك هذا من كتابه الميزان "ميزان الاعتدال في نقد الرجال" قال وأخرج مسلم له متابعة يعني أن مسلما لم يحتج بشريك وذلك لسوء حفظه وإنما روى له مقرونا أو متابعة من غيره, كلمة "المتابعة" وحدها تكفي المشتغل بعلم, بهذا العلم أن يعلم أن الراوي لا يحتج بحديثه حتى يأتي من يتابعه أو من يقارنه في رواية الحديث نفسه, والواقع ها هنا أن شريكا تفرّد بهذا الحديث, هذا أول ما يؤخذ على الإمام ابن القيم في الجملة السابقة.
والشيء الثاني والأخير قوله "ولم يرِد في فعله ما يخالف ذلك" هذا سبق قلم لانشغال الرجل, قضية سفر, كتابة في أثناء السفر, لماذا؟ لأنه هناك حديثا, أظن أنه ذكره هو نفسه وهو حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وأله وسلم كان يضع يديه قبل ركبتيه هو نفسه أورد هذا الحديث وسيأتي الكلام في محلّه إن شاء الله فيُستغرب قوله أنه لم يُرْوَ في أو "لم يرِد في فعله ما يخالف ذلك"، ثم يقول ابن القيم مجيبا عن سؤال يرد في خاطر الدارس لكتابه فيقول وأما حديث أبي هريرة يرفعه (إذا سجد أحدهم فلا يبرك كما يبرك البعير وليضع يديه قبل ركبتيه) يجيب عن هذا الحديث الصريح في مخالفة حديث وائل الذي ادّعى ابن القيم أنه هو الصحيح، فيعارضه حديث أبي هريرة مرفوعا للنبي عليه السلام ومن قوله (إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير) أي لا يضع ركبتيه قبل يديه لأنه يقول عليه السلام في تمام الحديث (وليضع يديه قبل ركبتيه) اسمعوا جواب ابن القيم فإنه في مطلعه تشعرون بضعفه فيقول "فالحديث والله أعلم قد وقع فيه وهم من بعض الرواة فإن أوله يخالف أخره فإنه إذا وضع يديه قبل ركبتيه فقد برك كما يبرك البعير فإن البعير إنما يضع يديه أولا", هذه شبهة كل الناس وكأنها شبهة ليست مستوحاة فقط من كلام ابن القيم بل شبهة تغلب على عامة الناس الذين لا يشاهدون البعير حين هويِّه دائما وأبدا, فلنناقش ابن القيم في هذه الدعوى, هو يقول "أن البعير حينما يسجد, حينما يبرك فإنما يضع يديه قبل ركبتيه" أرجو إنما يضع ركبتيه.
السائل: هو يقول يديه.
الشيخ: هو يقول يديه نعم, قال "فإن أوله يخالف أخره فإنه إذا وضع يديه قبل ركبتيه - أي المصلي - فقد برك كما يبرك البعير فإن البعير إنما يضع يديه أولا"

(195/3)


«
بيان الشيخ أن البعير حين وقوفه يكون واضعا يديه ورجليه على الأرض فكيف يقال إنه إذا برك فأول ما يضع على الأرض يديه
الشيخ: هو يقول البعير يضع يديه أولا فنحن نتذكّر الحقيقة المشاهدة دائما وأبدا أن البعير ككل الحيوانات ذوات الأربع يمشي على أربع فهو لا يَتصوّر أن يقاس به الإنسان أو هو يقاس بالإنسان, الإنسان يمشي على رجلين أما البعير فهو يمشي على أربع ولذلك فقوله بأن البعير أول ما يضع إذا برك يضع يديه, هنا في قفزة أو فيه غفلة لأننا نقول البعير هل هو حينما يمشي يكون غير واضع لرجليه؟ طبعا لا يقول إنسان غير واضع لرجليه, هو واضع رجليه.
طيب هل يمشي وهو غير واضع يديه؟ الجواب نفسه هو يمشي واضع يديه ورجليه فهو يمشي على أربع.
إذًا للانتباه لهذا الخطأ و الغريب العجيب يجب أن نتهيأ للإجابة عن سؤال بسيط جدا ومع ذلك الناس أكثرهم غافلون عن الإجابة الصحيحة عليه, ما هو إذا برك البعير, ما هو أول شيء يتلقى الأرض به من بدنه؟ لا يصح أن يقول يداه لأن يديه موضعتان كرجليه إذًا ما هو أول شيء يتلقى به الأرض البعير إذا سجد إذا برك؟ الركبتان, لا يصح أن يقال اليدان كما يقول ابن القيم, أن البعير أول ما يبرك إنما يضع يديه, غلط هذا, لأنه هو واضعهما الأبد من يوم يسقط من بطن أمه يقع على أربع لا يميل لا يمينا ولا يسارا ثم يمشي هكذا فهو يمشي على أربع, كيف يقال أول ما, إذا برك أول ما يضع يضع يديه وهما موضوعتان؟ إذًا الجواب الصحيح إذا برك البعير فأول ما يضع ولا نقول ركبتيه الأن لأنه هنا في مناقشة من نفس المصنف وسنناقشه في ذلك

(195/4)


«
بيان الشيخ أن البعير إذا برك فأول ما يضع على الأرض المفصلين الذين في مقدمتيه وهما ركبتاه باتفاق علماء اللغة والحديث والسيرة
الشيخ: إنما نقول إنما يضع على الأرض أول ما يبرك المفصل الذي في مقدمتيه, المفصل الذي في مقدمتيه, هذا المفصل ما اسمه؟ علماء اللغة والحديث والسيرة النبوية كلهم مطْبِقون على أن هاذين المفصلين في مقدمتي البعير هما ركبتان لكن المصنف لا يسلّم بهذا فاسمعوا قوله تماما من كلامه السابق, قال "ولمّا علم أصحاب هذا القول - يعني الذين يقولون بالحديث الثاني الذي قال إن فيه وهم وهو حديث أبي هريرة (وليضع يديه قبل ركبتيه) " شو بيقول ابن القيم رحمه الله؟ "ولما علم أصحاب هذا القول ذلك قالوا ركبتا البعير في يديه لا في رجليه فهو إذا برك وضع ركبتيه أولا فهذا هو المنهي عنه", فِعْلا ابن القيم يحكي رأي علماء الحديث وعلماء اللغة وغيرهم ممن ذكرنا أنهم يقولون ركبتا البعير في يديه فهو إذا برك وضع ركبتيه أولا فهذا هو المنهي عنه، يردّ هذه الدعوة من وجوه فيقول وهو فاسد لوجوه أحدها أن البعير إذا برك فإنه يضع يديه أولا وتبقى رجلاه قائمتين فإذا نهض فإنه ينهض برجليه أولا وتبقى يداه على الأرض وهذا هو الذي نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم وفعل خلافه, هنا أخذ المؤلف ابن القيم رحمه الله جانبا أخر يعالج الرد على القائلين بوضع الكفين قبل الركبتين, ترك موضوع وضع الكفين قبل أم الركبتين وأخذ ظاهرة أخرى وهذه في الواقع تحتاج إلى تمثيل, فأفسحوا للأستاذ علي شوية, خلي يورّيكم الصورة التي يعنيها ابن القيم وهي ليست وارادة على الذين يقولون بوضع اليدين قبل الركبتين يعني ابن القيم يَتَصوَّر أن دِلالة الحديث إنما يعني سجود إنسان عاجز في ... كيف بيسجد العاجز؟ أه صار إيش؟ مؤخرته صارت فوق رأسه هكذا عم يتصوّر ابن القيم, صحيح هذه الظاهرة تشبه بروك البعير تماما, لاحظتم كيف؟ لكن هذه القضية غير ما نحن فيه.

(195/5)


«
رد الشيخ شبهة ابن القيم بأن السجود على اليدين يؤدي إلى علو الظهر على الرأس حال السجود وهذا مايشبه بروك البعير
الشيخ: فنحن نستطيع أن ندفع الشبهة, شبهة ابن القيم نقول مش ضروري يعلو دبر الساجد رأسه هذا الشيء الذي ينكره ابن القيم وبه يردّ الحديث, نحن نستطيع أن نجمع بين ظاهر حديث (وليضع يديه قبل ركبتيه) ونرفض الصورة التي عم يردها ابن القيم ونحن بنردها معه, الأن نسجد السجود الذي نحن بنطبقه، أه يعني الفرق بيننا وبين الذين يسجدون على رُكَبِهم, لا فرق بيننا وبينهم من حيث أنه نحن بيصير مؤخرتنا فوق رأسنا وإنما أول ما نتلقى الأرض نتلقاها بالكفين بدل تلقيهم بالركبتين.
السائل: ... .
الشيخ: أي نعم, ... .
السائل: ... .
الشيخ: نعم.
السائل: ... .
الشيخ: وأعيد كمان لأبو محمد شذوذ الأخرين اللي يلاصقوا بالأرض شو بيساوو؟
السائل: سجود الأخرين هيك.
(
ضحك الحضور)
الشيخ: إذًا هذا الإيراد, أظن ظهر لكم جميعا, إيراد ابن القيم ما هو وارد على الحديث لأنه هو عم يتصور أنه يَلْزَم من وضع اليدين قبل الركبتين أن يسجد هكذا مؤخرته فوق رأسه, هذا مش لازم, كل ما في الأمر أن السّاجد بدل أن يتلقى الأرض بركبيته ويصير تحت منه بسبب سجوده رجة, تشبه رجة الجمل لا سيما إذا كان محمّلا بالأثقال, بدل هذه الظاهرة التي لا تليق بالهدوء والاطمئنان بالصلاة يتلقى هذا الساجد الأرض بكفيه, فتندفع حينئذ تلك الرجة وتلك الصدمة في الأرض.
إذًا لا نختلف نحن وابن القيم وكل من يخالف هذا الحديث الصحيح حديث أبي هريرة وليضع يديه قبل ركبتيه لا نختلف معه لأنه لا ينبغي أن يسجد بحيث يصير رأسه في الأرض ولسّى إيش؟ ولا مؤاخذة دبره فوق منه, هذا نحن متفقون معه أنه غير مشروع لأنه من جهة أخرى فيه مشابهة بالبعير لكن نحن نقول له ماذا تقول في هذه الهيئة التي رأيتموها؟ لم يَعْلُ دُبُرُهُ رأسه وهذا الذي ينكره ابن القيم, إنما تلقى الأرض بكفيه, هذا صريح الحديث (إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير وليضع يديه قبل ركبتيه) لأن البعير يتلقى الأرض بركبتيه ولا يمكنه سوى ذلك أما الإنسان فهو كما قال تعالى خلقه في أحسن تقويم فهو يستطيع يتصرف أكثر من الحيوان فهو يستطيع أن يبرك على ركبتيه ويستطيع أن يبرك على يديه, فنهى الرسول صلوات الله وسلامه عليه المصلي أن يشابه البعير بتلقيه الأرض على أو بركبتيه.
فهذا جواب لإشكال أو إيراد ابن القيم على الذين قالوا بحديث أبي هريرة (وليضع يديه قبل ركبتيه).
بعدين يقول "هذا هو الذي نهى عنه صلى الله عليه وأله وسلم" نقول لا, الحديث, لو كان الحديث فقط "إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير" وبس فممكن أن يقال باسم الإشارة ثم الحصر هذا هو الذي نهى عنه الرسول عليه السلام, نحن نقول لا, هو بيّن ما الذي نهى عنه فقال (وليضع يديه قبل ركبتيه) فما هو المنهي عنه؟ وضع الركبتين قبل اليديه لأن المأمور به هو العكس وضع اليدين قبل الركبتين.
إذًا قوله هذا هو المنهي عنه هو ردّ للشطر الثاني من الحديث وهو (وليضع يديه قبل ركبتيه) لكن عذر ابن القيم في الواقع هو يقول أنه في الحديث وهم, سيأتي في تمام كلامه أنه يقول أراد الراوي أن يقول (وليضع ركبتيه قبل يديه) فوَهِمَ وقال (وليضع يديه قبل ركبتيه) هذا وجهة نظر ابن القيم حينما يقول هذا هو الذي نهى عنه الرسول عليه السلام وهو أن يسجد رأسه منخفض عن وسطه.
نقول الحديث واضح حيث قال (وليضع يديه قبل ركبتيه) ثم يقول "وكان - يعني الرسول عليه السلام - أول ما يقع منه على الأرض الأقرب منها فالأقرب و كان" هنا هذه اللفظة بالضبط ليس لها صحّة وإنما هي خلاصة حديث وائل ابن حجر الذي ذكره أنفا من طريق شريك وقد عرفتم ضعفه ثم عطف على ذلك وقال "وأول ما يرتفع عن الأرض منها الأعلى فالأعلى" هذا يعني به ردّ حديث أخر صحيح وهو أن النبي صلى الله عليه وأله وسلم كان إذا نهض في وتر من صلاته نهض معتمدا على يديه مثِّل بقى النهوض على الوجه الصحيح والنهوض على الوجه غير الصحيح.
السائل: ... معتمد على يديه هكذا يكون هكذا ينهض معتمدا على يديه, هكذا يعني ... عن رفع اليدان, صلاة الأخرون ... هكذا أخر ما يرفع عنه اليدين عن الأرض اليدين وأما الأخرون ... يفعلون هكذا.
الشيخ: هذا بناءً على حديث وائل بن حجر, هذه الصورة الثانبة بناءً على حديث وائل بن حجر الضعيف الذي تفرّد براويته شريك.

(195/6)


«
بيان الشيخ أن حديث وائل بن حجر الذي هوضعيف بسبب شريك يخالف الزيادة الصحيحة من حديث أبي هريرة " وليضع يديه قبل ركبتيه " ويخالف أيضا حديث مالك بن حويرث أن النبي صلى عليه وسلم كان إذا نهض في وتر من صلاته»
الشيخ: وهنا تجدون كيف أن الحديث الضعيف بيخالف الأحاديث الصحيحة وليس حديثا واحدا, فحديث شريك له طرفان الطرف الأول يتعلق بكيفية الهويّ للسّجود والطرف الأخر يتعلق بكيفية النهوض من السجود, فحديث شريك في طرفه الأول خالف حديثين اثنين ذكر حتى الأن أحدهما ابن القيم وهو (إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير وليضع يدي قبل ركبتيه) الطرف الأخر من حديث وائل يخالف حديث في صحيح البخاري وهو حديث مالك بن الحويرث أن النبي صلى الله عليه وأله وسلم كان إذا كان إذا نهض في وتر من صلاته قام معتمدا على يديه بينما حديث وائل بيقول قام معتمدا على ركبتيه وعلى رؤوس قدميه رؤوس أصابع قدميه.
فإذًا حديث وائل بن حجر في كلّ من طرفيه يخالف أحاديث صحيحة, لذلك فقول ابن القيم أنه كان يقوم الأعلى فالأعلى هذا مُخالف لحديث البخاري ثم قال تأكيدا وتفصيلا لحديث وائل بن حجر "وكان يضع ركبتيه أولا ثم يديه ثم جبهته وإذا رفع رأسه أولا ثم يديه ثم ركبتيه وهذا عكس فعل البعير" الأن نعود لتعكيس العكس ليتبيّن أن حديث مالك بن حويرث هو اللي بيخلصنا من مشابهة البعير في نهوضه وليس كما يظن ابن القيم وغيره.

(195/7)


«
بيان الشيخ أن نهوض البعير إنما يكون باعتماده على ركبتيه
الشيخ: الأن نقول حينما ينهض البعير قائما من الأرض على ماذا يعتمد من بدنه؟
الحضور: على ركبتيه.
الشيخ: على ركبتيه, طيب هل أنت أيها الساجد إذا نهضت معتمدا على ركبتيك فأنت الذي تتشبه بالبعير أما إذا قمت معتمدا على راحتيك وكفيك وجعلت بعد ذلك ركبتيك تبعا لكفيك فقد خالفت البعير مخالفة واضحة جلية.
وهكذا تتبيّن أن السنّة الفعلية الصحيحة لا تختلف أبدا مع السنّة القولية الصحيحة فحديث أبي هريرة (وليضع يديه قبل ركبتيه) لا يختلف أبدا مع الحديث الصحيح الذي سيأتي عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضع كفيه قبل ركبتيه والشطر الثاني من حديث وائل يختلف مع حديث مالك بن حويرث والواقع أن الشطر الثاني من حديث وائل فيه مشابهة للبعير كما أن الشطر الأول فيه مشابهة للبعير لأن البعير حينما يبرك يبرك على ركبتيه وحينما ينهض ينهض على ركبيته فأنت أيها المصلي إذا أردت أن تصلي كما أمرك الرسول عليه السلام فمخالفتك للبعير هويّا ونهوضا إنما يكون بالإعتماد على الكفين وليس على الركبتين، ثم قال "وهذا عكس فعل البعير وهو صلى الله عليه وأله وسلم نهى في الصلوات عن التشبه بالحيوانات فنهى عن بروك البعير والتفات كالتفات الثعلب وافتراش كافتراش السبع وإقعاء كإقعاء الكلب ونقر".
هذا كلام بلا شك مُسَلَّم فيه لكن نحن بقى نناقش ابن القيم أنه هل التشبه بالبعير الذي نهى عنه الشارع في أكثر من حديث واحد يكون بوضع اليدين قبل الركبتين أم العكس فتبيّن بوضوح أن العكس هو التشبه, وضع الركبتين قبل اليدين هو التشبه ووضع الكفين قبل الركبتين مخالفة لبروك البعير وبالنهوض أيضا النهوض على الكفين مخالف لنهوض البعير لأنه ينهض معتمدا على ركبتيه.
هذا هو الوجه الأول الذي اعتمد عليه المصنف في الرد الذين قالوا بأن ركبتي البعير في مقدمتيه فعلى ذلك ينبغي السجود على الكفين, وعرفتم الجواب بالتفصيل.
يقول في الوجه الثاني "أن قولهم ركبتا البعير في يديه كلام لا يعقل" هذا من وراء كلمات المؤلفين قال ابن القيم "قولهم" يعني الذي أخذوا بحديث (وليضع يديه قبل ركبتيه) "قولهم ركبتا البعير في يديه كلام لا يعقل ولا يعرفه أهل اللغة".
كلمات المؤلفين قال ابن القيم "قولهم" - يعني الذي أخذوا بحديث (وليضع يديه قبل ركبتيه) "قولهم ركبتا البعير في يديه كلام لا يعقل ولا يعرفه أهل اللغة".

(195/8)


«
بيان الشيخ أن كتب اللغة تنص على أن ركبتي البعير في مقدمتيه وكذلك في السيرة يوجد ما يدل على ذلك في قصة ملاحقة سراقة للنبي صلى الله عليه وسلم في هجرته
الشيخ: وهذا كلام مردود ما فيه حاجة بقى كل إنسان منكم يستطيع أن يطالع كتب اللغة مادة "ركب" فسيأتي مشتقات الركبة فستجدون هناك التنصيص بأن الركبة في البعير في مقدمتيه وكذلك كل ذوات الأربع رُكَبُها في مقدمتيها, هذا نص كتب اللغة ها اللي يقول ابن القيم رحمه الله وعفا الله عنا وعنه لأن هذا المعنى أي كون ركبتي البعير في مقدمتيه لا تعرفه اللغة العربية هذا وهْم من أوهامه ثم عندنا نحن استعمالات عربية في كتب السنة الصحيحة تردّ أيضا على ابن القيم ليس فقط من حيث الإعتماد على كتب اللغة بل كتب الحديث والسيرة, فمثلا في قصة هجرة الرسول صلوات الله وسلامه عليه من المدينة إلى مكة وملاحقة سراقة ابن مالك له عليه السلام على فرسه حتى لما اقترب سراقة منهما يقول في صحيح البخاري "فغاصت مقدمتا الفرس إلى ركبتيها"، هذا حديث في صحيح البخاري وحديث صحيح البخاري كفى حجّة ليس في الشريعة فقط بل وفي اللغة العربية فهذا نص من استعمالات رواة الحديث يعني من الصحابة والتابعي ومن بعده على أنهم كانوا يفهمون بسليقتهم العربية أن ركبتي الفرس في مقدمتيها لذلك قال "غاصت مقدمتا الفرس إلى ركبتيها".
هذا استعمال، لكن قد يقال إن ابن القيم رحمه الله ما استحضر هذا الحديث حينما قال ما قال, أن اللغة لا تعرف أن ركبتي البعير في مقدمتيه لكن نجد في نفس ما كتبه هو حجّة عليه ولعلي أستحضره الأن بسرعة, اسمعوا ما يقول في أخر الصفحة الثالثة يقول "وأما الأثار المحفوظة عن الصحابة فالمحفوظ - ومعنى المحفوظ يعني الثابت في الصحيح - عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان يضع ركبتيه قبل يديه ذكره عنه عبد الرزاق وابن المنذر وغيرهما وهو المروي عن ابن مسعود رضي الله عنه, ذكره الطحاوي عن سهل عن عمر بن حفص عن أبيه عن الأعمش عن إبراهيم عن أصحاب عبد الله علقمة والأسود قال حفظنا -هنا انتبهوا- حفظنا عن عمر في صلاته أنه خرّ بعد ركوعه على ركبتيه كما يخرّ البعير" هذا نص ابن القيم نفسه يقوله "خرّ على ركبتيه كما يخرّ البعير" إذًا كيف يخرّ البعير؟ على ركبتيه, هو يقول هناك بأن هذا استعمال غير معروف في اللغة العربية.
فإذًا صار عندنا نصّان حتى الأن غير المنصوص عليه في كتب اللغة أن ركبتي البعير في مقدمتيه صار عندنا نصّان, نص أورده هو وهو حجّة عليه, هو أورده لأجل أن يثبت أن عمر بن الخطاب كان يبرك على ركبتيه, كان يسجد على ركبتيه وما لاحظ رحمه الله وهذا طبيعة الإنسان, الذي ما كُتِبَت له العصمة أنه في نفس الرواية هذه التي عم يحتج بها لمذهبه من ناحية ما انتبه أنه من ناحية أنه يهدم ما قال لأن اللغة لا تعرف أن البعير يخرّ على ركبتيه أي على مقدمتيه, على ركبتيه اللتين في مقدمتيه.
فإذًا دعواه فيما يتعلق أنه اللغة لا تعرف مردودة بوجوه كثيرة وكثيرة جدا قال "وإنما الركبة في الرجلين" هو بقى عم يعمل قياسات, الرجلين بالنسبة للإنسان أما في الحيوان لا, "وإن أطلق على اللتين في يديه اسم الركبة فعلى سبيل التغليب".

(195/9)


«
رد الشيخ دعوى ابن القيم أن إطلاق الركبتين على المفصلين الذين في المقدمة هي من باب التغليب لأنها مخالفة للنصوص
الشيخ: هذا الأن يقع ابن القيم رحمه الله في مشكلة طالما تعلّمنا منه إنكارها أنه شو الدافع لمثل هذا التأويل أن يقول إن أطلق الركن على المفصل مقدمة البعير فهذا من التغليب, إيش يعني من باب التغليب؟ يعني لما كان الإنسان و, في الإستعمالات يطلق الركبة في الرِجْل فقيل إن الركبة في الحيوان في المقدمة هذا من باب إيش؟ التغليب, ما فيه تغليب, دعوى مردودة عليه لغة واستعمالا عربيا وإلا فالتغليب يقال مثلا الشمسان والقمران وعمران ونحو ذلك, هذا هو التغليب, أما اللغة تصرّح أن ركبتي البعير في مقدمتيه والإستعمالات والنصوص العربية كذلك, فهذه الدعوة مردودة لأنها أولا لا حجّة فيها وثانيا تخالف النصوص العربية التي ذكرناها.
يقول في الوجه الثالث "أنه لو كان كما قالوها لقال فليبرك كما يبرك البعير" هذا طبعا على حسب فهمه السابق يورد هذا القول أو هذا الإحتمال الذي كان ينبغي أن يكون، الرسول ينهى عن بروك كبروك الجمل فكيف يقول فليبرك كما يبرك الجمل؟ نحن نقول لابن القيم نحن متفقون معك أن الرسول نهى عن بروك كبروك الجمل فكيف تقول "فليقل إذًا وليبرك كما يبرك الجمل" لا, لكننا مختلفين كيف يبرك الجمل؟ هو يقول يبرك بهذا الهويّ يعني يضع رأسه قبل إيش؟ نصفه, لا, إنما هو يبرك بأن يضع ركبتيه قبل أي شيء أخر من بدنه فأمر الرسول عليه السلام بمخالفته فلو قال الرسول عليه السلام "وليبرك كما يبرك البعير" ما ...
المقصود أن لا يبرك الإنسان بروك البعير لأنه هو ذكر أحاديث فيها نهي المصلي عن أن يشابه الحيوانات في الإلتفات في النقر, نقر الغراب كذلك في بروك الجمل لكن البحث ما هي حقيقة بروك الجمل؟ وقد تبيّنت هذه الحقيقة بإذن الله قال "ولو كان كما قالوا لقال فليبرك كما يبرك البعير وإن أول ما يمس الأرض من البعير يداه" شايفين أول ما يمس الأرض من البعير يداه, خطأ, اللي هي ممسوس في الأرض دائما يديه وإنما الركبتان
"
وسر المسألة أن من تأمل بروك البعير وعلم أنه نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بروك كبروك البعير علم أن حديث وائل بن حجر هو الصواب والله أعلم ".
إذًا خلاصة القول أن ابن القيم رحمه الله ما هو مُتصَوّر أبدا صحة أو واقعية بروك البعير بدليل أنه أول ما يقع إنما هو يداه, ويداه كرجليه واقعتان دائما وأبدا، وإنما الصواب يقع أول ما يقع من بدنه الركبتان اللتان في مقدمتيه, هذا جوابه عن حديث المُعارض لحديث وائل بن حجر وقد عرفتم ضعفه.

(195/10)


«
رد الشيخ دعوى ابن القيم أن حديث أبي هريرة " وليضع يديه قبل ركبتيه " مما انقلب متنه على بعض الرواة
الشيخ: ثم يقول في إتمام الجواب " وكان يقع لي أن حديث أبي هريرة كما ذكرنا مما انقلب على بعض الرواة متنه وأصله ولعله (وليضع ركبتيه قبل يديه) " هكذا يكون ردّ الحديث إذا جاء حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقال لعلّه أخطأ الراوي و لعل الصواب كذا وكذا, هذا خلاف تعلمناه من ابن تيمية والشيخ ابن القيم أنه كما جاء في صحيح البخاري لما روى ابن عمر للناس من التابعين أن السنّة تقبيل الحجر الأسود بالنسبة للطائف قال له أحدهم قال يا ابن عمر أرأيت إن زوحِمْتُ قال له اجعل أرأيت عند ذاك الكوكب.
أنا عم أوَرِّي لك السنّة شو عم تقول لي زوحِمْت ما زوحِمْت ... أخرى إنما أنت احرص على أن تفعل السنة هذه كلمة أرأيت جوابها اجعلها عند ذاك الكوكب, يعني ارم بها ولا تُطرِّق الإحتمالات على الأحاديث النبوية الصحيحة, هذا مذهب أهل السنة, مذهب أهل الحديث, مذهب ابن تيمية وابن القيم ولكن كما قال الإمام الشافعي بالنسبة للكتب أبى أن يتمّ إلا كتابه, يعني القرأن الكريم ثم أبى أن يتمّ إنسان على وجه الأرض بعد رسول الله صلوات الله وسلامه عليه, فالعصمة له وليست لغيره.
فيقول "فلعلّ أصل الحديث وليضع ركبتيه قبل يديه"، يضرب مثلا للأحاديث التي يدّعي أيضا فيها القلب فيقول " كما انقلب على بعضهم حديث ابن عمر أن بلالا أو (إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم) فقال (ابن أم مكتوم يؤذن فكلوا واشربوا حتى يؤذن بلال) " هو يشير إلى حديثين اثنتين, الحديث المشهور في الصحيحين وغيرهما هو قوله عليه الصلاة والسلام (لا يغرنّكم أذان بلال فإنما يؤذن بليل ليقوم النائم وليتسحّر المتسحّر فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم) هذا هو اللفظ المشهور والصحيح وهو الذي يُركّز عليه ابن القيم ليثبت أن هذا الحديث الصحيح انقلب على بعض الرواة, فجعل مكان بلال في الأذان الأول للفجر ابن أم مكتوم وعلى العكس جعل بلالا مكان ابن أم مكتوم في الأذان الثاني فقال بعض الرواة (إنما يؤذن) (لا يغرنكم أذان مكتوم فكلوا واشربوا حتى تسمعو أذان بلال) يقول ابن القيم إنه هذا قلب وقد قال هذا كثير من علماء الحديث ولا يهمنا هذا البحث الأن كثيرا لأنه القلب موجود فعلا من بعض الناس كما انقلب الأمر على نفس المؤلف رحمه الله.

(195/11)


«
بيان الشيخ ما ذهب إليه ابن حجر من أنه لا قلب في حديث ابن عمر رضي الله عنهما " إن بلال يؤذن بليل فكلوا واشربو حتى يؤذن ابن أم مكتوم " بخلاف ما ذهب إليه ابن القيم وغيره
الشيخ: لكن أقول بهذه المناسبة أن الحافظ بن حجر وغيره يذهب إلى أنه لا قلب وكل من الحديثين صحيح أي إنه كان هناك زمنين, ففي زمن كان يؤذن بلال الأذان الأول وابن أم مكتوم الأذان الثاني وفي هذا الزمن قال عليه السلام (لا يغرنكم أذان بلال) إلى أخر الحديث وفي زمن أخر انقلب الوضع فكان ابن أم مكتوم يؤذن الأذان الأول وبلال يؤذن الأذان الثاني فصحّ الحديثان وليس هناك ضرورة لادعاء القلب في أحدهما كما فعل ابن القيم رحمه الله, وأيّدوا ذلك بروايات كثيرة وباستنباطات فيها دقة منها مثلا أنه في نفس الحديث الصحيح (فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم) فيه في صحيح البخاري وغيره "وكان رجلا ضريرا أعمى وكان لا يؤذن" حتى يقال له أصبحت أصبحت, كيف يكون هذا الأذان أدق من الأذان الأول الظاهر لحكمة أنه يصير مبادلة بين المؤذنين فيؤذن الأذان الثاني بلال البصير ويؤذن الأذان الأول الضرير.
فعلى كل حال دعوى القلب في هذا الحديث الثاني في الأذانين غير مُسَلّم لابن القيم كما أنه غير مُسَلّمة الدعوى له في ادعاءه القلب في حديث أبي هريرة, والصواب هو كما جاء في الحديث (وليضع يديه قبل ركبتيه).

(195/12)


«
بيان الشيخ بأن حديث " ... وأما الجنة فينشئ الله لها خلقا يسكنهم إياها "انقلب على بعض الرواةفقال " وأما النار ... "وكذالك حديث السبعة الذين يظلهم الله تحت ظله انقلب على بعض الرواة فقال " ورجل تصدق بشماله ح»
الشيخ: ويأتي بمثال انقلب على بعض الرواة وهذا مثال صحيح حيث قال " و كما انقلب على بعض الحديث (لا يزال يلقي في النار) يعني أهل النار يلقيهم في النار (فتقول هل من مزيد) إلى أن قال (وأما الجنة فينشأ الله لها خلقا يسكنهم إياها) فقال أي الراوي الذي انقلب عليه الحديث فبدل الجنة وضع النار فقال (وأما النار فينشأ الله لها خلقا يدخلهم إيّاها) " فهذا اللفظ لفظة النار انقلبت على الراوي لا شك في هذا.
خلاصة القول أن وقوع القلب في بعض الأحاديث لا يمكن إنكاره لكن لا يلزم من كون الحديث الفلاني انقلب أنه بقى يكون كل حديث في الدنيا انقلب على الراوي, فالانقلاب لا بد من إثباته بالحجّة القاطعة كمثل هنا "أما الجنة فينشأ الله لها خلقا أخر" هذا من فضل الله عز وجل على عبادة أما أنه يخلق خلقا يعذبهم في النار من دون سبب هذا يخالف العدل الإلهي المعروف في قواطع الشرعية بالإضافة إلى أنه هذا الراوي خالف الرواة الثقات الذين رووا الحديث على الصواب حيث قالوا (وأما الجنة).
أنا أتي بمثال أخر يعني يَشْعر الإنسان بالقلب بدون ما يدرس الأحاديث، الحديث الذي تعرفونه جميعا وهو في الصحيحين من حديث أبي هريرة أيضا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (سبعة يظلهم الله تحت ظله يوم لا ظل إلا ظله) أخرها (ورجل تصدق بيمينه فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما أنفقت يمينه) هكذا الحديث في صحيح البخاري وغيره, وكذلك في صحيح مسلم إلا أن الجملة الأخيرة انقلبت على بعض الرواة فقال (ورجل تصدق بشماله حتى لا تعلم يمنيه ما أنفقت شماله) هذا أيضا مثال للحديث المقلوب لا شك عندنا في قلبه لكن كون وقع مثل هذا القلب في هذه الأحاديث لا يعني سلامة دعوى ابن القيم أيضا وقوع الانقلاب في حديث (إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير وليضع يديه قبل ركبتيه) يقول هذا مقلوب ولعله (وليضع ركبتيه قبل يديه) لا يُسَلّم له هذا لأن الحديث كما سيأتي بيانه ثابت عن الرسول عليه السلام بهذا اللفظ والحجّة منفيّة من عند المصنف في دعواه القلب كما سيأتي بيانها, حيث قال في تمام الكلام بيقول "حتى رأيت أبا بكر ابن أبي شيبة" هذا ربط بكلامه السابق أنه كان يُلقى في نفسه أنه لعله الحديث مقلوب لكن يريد أن يقول بس كنت أخلّيه في نفسي لأنه ما عندي دليل "حتى رأيت أبا بكر ابن أبي شيبة رواه كذلك" أي رواه بلفظ (وليضع ركبتيه قبل يديه) حينئذ اطمئن ابن القيم رحمه الله لما كان يجول في خاطره سابقا من أن الحديث مقلوب وأن الصواب فيه (وليضع ركبتيه قبل يديه) ليه؟ قال رأى في ابن أبي شيبة رواه كذلك " فقال ابن أبي شيبة حدثنا محمد بن فضيل عن عبد الله بن سعيد عن جده عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وأله وسلم قال (إذا سجد أحدكم فليبدأ بركبتيه قبل يديه) " صحت دعوى ابن القيم حتى الأن " (ولا يبرك كبروك الفحل) ورواه الأثرم في سننه أيضا عن أبي بكر كذلك وقد رُوِيَ عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يُصَدِّق ذلك ويوافق حديث وائل ابن حجر " قبل دراسة هذا الشيء.

(195/13)


«
بيان الشيخ ضعف الحديث الذي رواه ابن شيبة والذي استدل به ابن القيم إلى ما ذهب إليه وذلك لأن فيه رجلا متروكا وهو يحيى بن سعيد المقبري
الشيخ: سنفهم الجواب عما ادّعاه من الرواية عن أبي هريرة ما يوافق حديث ابن أبي شيبة, هنا بقى يتعجّب الإنسان، ابن القيم بيقول كان بيتردد في نفسه لعله الحديث مقلوب وكان لا يجرأ على الجزم بهذه الدعوى حتى وجد ابن أبي شيبة روى الحديث باللفظ الذي هو كان يخطر في باله (وليضع ركبتيه قبل يديه) ييسوق إسناده بيقول ابن أبي شيبة قال حدثني محمد بن فضيل عن عبد الله بن سعيد عن جده عن أبي هريرة, بدنا نشوف بقى هذا عبد الله بن سعيد من هو؟ هذا عبد الله بن سعيد قد اتهم بالكذب, والأن على الطريقة السابقة من الإختصار ممكن يشوف ابن حجر شو قال؟ عبد الله بن سعيد هذا عبد الله بن سعيد ابن أبي سعيد المقبري وهو مدني, عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد المقبري أبو عبّاد الليثي مولاه المدني متروك, هذا ابن حجر يقول فيه متروك, بنشوف مثلا الذهبي شو بيقول؟ وهو تقريبا قرين ابن القيم ومعاصر له, عبد الله بن سعيد - الشيخ يبحث في كتابى - ما جاني هوني, بلى, عبد الله بن سعيد ابن أبي سعيد المقبري عن أبيه تركوه كذلك الذهبي يقول هكذا.
إذًا هذا الحديث الذي استروح إليه ابن القيم واعتمد عليه في تأكيد خاطره السابق أنه لعله الحديث مقلوب, الأولى أن نقول هذا هو المقلوب لأنه الذي رواه متروك يعني شديد الضعف لو روى حديثا ليس فيه أي إشكال لا يُحتج بحديثه ويرمى به عرض الحائط لأنه متهم, ولعله من المستحسن أيضا تتأكدوا من خطورة هذا الرجل بحيث إنه لا يصحّ بقى الإعتماد عليه في دعوى القلب.
تفاصيل بعض الكلمات التي قالها الأئمة في هذا الرجل، قال أبو قدامة عن يحيى بن سعيد جلست إليه مجلسا فعرفت فيه - يعني الكذب - جلست إليه مجلسا يعني حضر له مجلس سماع للحديث فتبيّن له من أحاديثه الكذب, قال أبو طالب عن أحمد - الإمام أحمد - قال منكر الحديث متروك الحديث وكذا قال عمرو بن علي عن ابن معين ضعيف, الروايتان ليس بشيء كمان بيقول لا يُكتب حديثه وقال أبو زرعة ضعيف الحديث, لا ... منه على شيء وقال البخاري تركوه, وقال النسائي ليس بثقة, تركه يحيى و عبد الرحمن وقال الحاكم أبو أحمد ذاهب الحديث, وقال ابن عدي وعامة ما يرويه الضعف عليه بيّن, ضعّفه البرقي ويعقوب ... وداود الساجي وقال الدراقطني متروك ذاهب الحديث وقال ابن حبان كان يقلب الأخبار, شوف هذه حجّة في الصميم يعني، يقول ابن حبان كان يقلب الأخبار حتى يسبق إلى القلب أنه المتعمد لها, فكيف يجوز بقى ادعاء قلب حديث لرواة ثقات بسبب رواية هذا الرجل المتروك والمتهم بالكذب؟
قال "وقد رُوِيَ عن أبي هريرة ما يُصَدِّق ذلك ويوافق حديث وائل بن حجر, قال ابن أبي داود حدثنا يوسف ابن عدي حدثنا الفضل, يمكن أنا في خطأ محمد بن فضيل عن عبد الله بن سعيد نفس الرجل ها اللي قال صاحبكم من جديد عن عبد الله بن سعيد عن جده عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد بدأ بركبتيه قبل يديه"، شو رأيكم بقى؟ عم يحتج بنفس الرجل الضعيف ها اللي روى الحديث الأول مقلوبا مخالفا لرواية الثقة, روى أيضا مقلوبا من ناحية أخرى, الحديث من قوله عليه السلام فقلبه وجعله من فعله.
ثم قال "وقد روى ابن خزيمة في صحيحه من حديث مصعب بن سعد عن أبيه قال كنا نضع اليدين قبل الركبتين وأمرنا بالركبتين قبل اليدين وعلى هذا فإن كان حديث أبي هريرة محفوظا" يعني حديث القولي (وليضع يديه قبل ركبتيه) قال "فإن كان حديث أبي هريرة محفوظا فإنه منسوخ وهذه طريقة صاحب المغني وغيره ولكن للحديث علتان إحداهما" أنو حديث؟ حديث ابن خزيمة الذي استند عليه في ادعاء نسخ حديث أبي هريرة الصحيح, عم يستدرك على حاله عم يقول له علتان يعني الحديث بلفظه كنا نضع اليدين قبل الركبتين فأمرنا بالركبتين قبل اليدين بيقول له علتان " إحداهما أنه من رواية يحيى بن سلمة بن كُهيْل وليس ممن يحتج به وقال النسائي متروك وقال ابن حبان منكر الحديث جدا لا يحتج به وقال ابن معين ليس بشيء ".
إذًا هذا حديث إذا بدنا نلخّص هذه الكلمات نطلع بنتيجة أنه هذا الحديث ضعيف جدا، الحديث أنه كانوا من قبل يضعون يديهم قبل ركبتيهم ثم أمروا بالعكس, هذا حديث ضعيف جدا بشهادة أقوال الأئمة التي نقلها نفس المؤلف, هذه العلة الأولى العلة الثانية وهي أهم بكثير أن المحفوظ من رواية مصعب بن سعد عن أبيه هذا إنما هو قصة التطبيق وقول سعد كنا نضع هذا فأمرنا أن نضع أيدينا على الركب، هذا الحديث المحفوظ الصحيح وهو مروي في صحيح مسلم, ابن مسعود رضي الله عنه كان يرى أن الراكع إذا ركع لا يضع يديه على ركبتيه وإنما يُطبِّق بين كفيه هكذا ثم يدخلهما بين فخذيه, هذا هو التطبيق وكان شديد التمسك بهذا التطبيق.
مع مصعب هذا اللي هو ابن سعد كان يصلي ذات يوم بجانب عبد الله بن مسعود فلمّا ركع ابن مسعود طبّق وصاحبه مصعب بجانبه أخذ على الركب فما كان من ابن مسعود إلا فك له يديه من ركبتيه وطبّق له إليهم ودحسله إياهم بالتعبير الشامي بين فخذيه.
الرجل يعرف قدر ابن مسعود فغلب على ظنه أنه هذه السنّة التي فارق الرسول عليه السلام أصحابه عليها فاستجاب له, كان هذا في الكوفة, في البلدة التي فيها ابن مسعود ثم رجع إلى المدينة حيث هناك أبوه سعد بن أبي وقّاص أحد العشرة المبشرين بالجنة فحكى له ما فعل به ابن مسعود فقال سعد رضي الله عنه صدق أخي ابن مسعود فقد كنا نفعل ذلك ثم أمِرْنا بالأخذ بالركب، يقول بقى ابن القيم وهذا من إنصافه طبعا, يقول إن الحديث المحفوظ عن مصعب بن سعد التابعي عن أبيه الصحابي هو ليس له علاقة بقضية نسخ وضع اليدين عند السجود بوضع الركبتين وإنما هذا الحديث له علاقة بالتطبيق فذاك الراوي المتروك شديد الضعف هو إما تعمّد قلب أيضا هذا الحديث أو لسوء حفظه الشديد اختلط عليه الأمر فبدل ما يروي قصة التطبيق روى شيئا لا وجود له وهو أنهم كانوا يضعون أيديهم عند السجود فأمروا بوضع الركب قبل الأيدي.
إذًا ابن القيم رحمه الله في هذه.
القوم فيها وبيّن أنه لا يجوز الاعتماد عليها لشدة ضعف راويها أولا ولأن الحديث المحفوظ الصحيح إنما هو في قصة التطبيق وليس في قصة الهويّ إلى السجود.
قال "وأما قول صاحب المغني عن أبي سعيد قال كنا نضع اليدين قبل الركبتين فأمِرنا أن نضع الركبتين قبل اليدين فهذا والله أعلم وهْم في الاسم وإنما هو عن سعد وهو أيضا وهْم في المتن كما تقدّم وإنما هو في قصة التطبيق".
أرى أن نكتفي الأن وقد مضى من الوقت أكثر من ساعة على أن نتم البحث إن شاء الله في الجلسة الأتية ولعله لا يأخذ من الوقت كثيرا حتى نتفرغ للإجابة عن بقية الأسئلة أو بعضها إن شاء الله, فلذلك نُنهي جلستنا هذه بهذا المقدار والحمد لله رب العالمين.
الشيخ: نعم.

(195/14)


«
ما صحة حديث " ... النعال فصلوا في الرحال "؟ وتنبيه الشيخ إلى السنة في الآذان حال الصلاة في الرحال
السائل: (إذا ابتلَّت النعال فصلوا في الرحال)؟
الشيخ: الحديث معناه صحيح لكن بهذا اللفظ أيضا لا يعرف لكن في السنّة الصحيحة أحاديث كثيرة منها أن المؤذن وهذا من السنن المهجورة المتروكة لجهل المسلمين بالسنّة, المؤذن في الأذان بدل ما يزيد الزيادات المقدمة والمؤخرة التي ما أنزل الله بها من سلطان, لا يزيدون الزيادات التي أنزلها الله على قلب النبي عليه الصلاة والسلام منها أن المؤذن إذا قال في أذانه "حي على الصلاة حي على الفلاح" هناك سنّتان, إما أن يستبدل فيقول بدل "حي على الصلاة حي على الفلاح" "الصلاةَ في الرحال الصلاةَ في الرحال" أو إن شئت ضممت تقول "الصلاة ُفي الرحال الصلاةُ في الرحال" أو تجمع بين "حي على الصلاة" كما هو النظام والقاعدة "حي على الصلاة حي على الفلاح حي على الفلاح" ثم يقول "الصلاة في الرحال الصلاة في الرحال" لم يبقى هذه السنّة بين الناس, أولا لجهلم ثانيا لغلبة المذهبية على بعض البلاد الإسلامية ولو عرفوا السنّة, فالسنّة إذا خالفت المذهب تنعكس القضية عندهم يصبح المرجوح راجحا والراجح مرجوحا, يصبح المذهب هو الراجح والسنّة هي المرجوحة والعياذ بالله.
فهناك في السنن الصحيحة الثابتة جواز الجمع في المسجد للمطر وهذا من أدلته لكن مَنِ الذي يجمع اليوم في المسجد من أجل المطر؟ نادر جدا جدا, وقد كنت ذكرت لكم أنه ... هذه الأخيرة لما كثرت الثلوج في الزبداني صعدت إلى ... يوم الجمعة فصلّيت العصر فأحسن جدا من الإمام لأول مرة أسمع يقول يا إخواننا, عفوا لم يكن ذلك يوم الجمعة كان غير يوم الجمعة, صلى الظهر ثم نبّههم قبل الصلاة بناء على المذهب الشافعي إنه يا إخواننا انووا منذ الأن أن نجمع بين العصر والظهر من أجل إيش؟ الثلج, فكان هذا إحياء للسنّة في الواقع مهجورة.
فإذًا الصلاة في الرحال هذا أمر ثابت في عديد من الأحاديث أما هذا اللفظ, كيف كان اللفظ؟
السائل: (إذا ابتلّت النعال)
الشيخ: (إذا ابتلّت النعال فالصلاة في الرحال) فلا نعرفه في السنّة الثابتة, نعم.

(195/15)


«
كلام الشيخ عن صفة العلو و الآية التي يتوهم منها معارضتها لهذه الصفة وهي قوله تعالى " وهو معكم أينما كنتم ".»
الشيخ: كان وُجِّه السؤال فيما سبق من الجلسات حول صفة العلو لله عز وجل والأية التي يتوهّم الكثيرون منها أنها تنافي صفة العلو لله تبارك وتعالى ألا وهي قوله عز وجل ((وهو معكم أينما كنتم)) فيجب أن نعلم في هذا الصدد أن الله تبارك وتعالى له كل صفات الكمال وهو مُنزّه عن جميع صفات النقصان.

(196/1)


«
ذكر الشيخ لصفة الفوقية وأنها من الصفات التي تثبت لله تعالى بالعقل فضلا عن النقل
الشيخ: وأن صفات الكمال منها ما هو معلوم بمجرّد العقل والفطرة السليمة, وهذا قليل, مثل كون الله عز وجل فوق المخلوقات كلها فهذا يُعرف بمجرد العلم بأن الله عز وجل يليق به كل صفات الكمال كأن يكون الله عز وجل فوق المخلوقات ولا العكس فهو مما يعرف ببديهة العقل.
ومع ذلك فقد جاءت النصوص الكثيرة في الكتاب والسنّة تصرّح تصريحا ليس بعده تصريح بأن الله عز وجل فوق المخلوقات كلها, وبعض هذه النصوص تُبيّن بأنه فوق العرش بصورة خاصة, فأية ((الرحمن على العرش استوى)) التي تكرّرت في عديد من الأيات الكريمة أشهر من أن تُذكر.
فالعرش خلق من خلق الله عز وجل بل هو أعظم مخلوقات الله تبارك وتعالى, فتنصيص رب العالمين على أنه فوق العرش العظيم هو من العقائد التي يجب على المسلم أن يتبنّاها ولا أن, ولا يجوز له أن ينحرف عن دِلالتها الظاهرة إلى المعاني المخترَعَة المبتدعة والتي يذهب إليها كثير من علماء الكلام المعروفين بانحرافهم عما كان عليه السلف الصالح من الإيمان بأيات الصفات كلها وأحاديث الصفات كلها دون أي تحريف أو تأويل.

(196/2)


«
ذكر الشيخ لأثر الإمام مالك في الإستواء وأن الواجب إثبات هذه الصفة من غير تمثيل
الشيخ: وقد تواتر أو على الأقل اشتهر عن الإمام مالك رحمه الله أنه جاءه رجل فقال يا مالك ((الرحمن على العرش استوى)) كيف استوى؟ فكان جوابه رحمه الله أن قال " الإستواء معلوم - يعني لغة وهو العلو, الإستواء لغة معناه العلو هكذا يعني الإمام مالك بقوله - الإستواء معلوم والكيف مجهول والسؤال عنه بدعة "، " والكيف مجهول والسؤال عنه بدعة " "والسؤال عنه" أي عن الكيف بدعة, فالإمام مالك رحمه الله يُقرّر في جوابه هذا للسائل العقيدة السلفية الجامعة لكل صفات الله عز وجل, فهي تُثْبَت كما جاءت وبالمعنى الثابت لغة ولكن لا.
تمثيلها وتشبيهها لأن الله عز وجل يقول في القرأن الكريم ((ليس كمثله شيء وهو السميع البصير)) ففي الأية نفي وهو تنزيه ((ليس كمثله شيء)) وفي الأية إثبات لصفتين من صفات الله عز وجل وهو أنه سميع بصير, فسَمْعه لا يُشبِه الأسماع وبصره لا يشبه الأبصار ((ليس كمثله شيء وهو السميع البصير)).
كذلك بهذه الأية حين قال تعالى ((ليس كمثله شيء)) منفي عنه مشابهته للحوادث ومشابهة الحوادث له ولكن ذلك لا يعني أن ننفي عنه الصفات التي أثبتها تبارك وتعالى لنفسه.
ومن هنا جاء انحراف الذين انحرفوا عن طريقة السلف الصالح وهو من عدم جمعهم بين التنزيه والتثبيت للصفات لأن الأية نفت وأثبتت, نفت شيئا وأثبتت شيئا, فلا يكون الإيمان بالله عز وجل إلا بالإيمان بهذين الأمرين اللذين ذكرهم الله في هذه الأية, تنزيه وإثبات, تنزيه الله عز وجل عن مشابهته للحوادث وإثبات الصفات لله عز وجل التي أثبتها الله عز وجل لنفسه.
فصفات الله كثيرة وهي مبثوثة في نصوص الكتاب والسنة, وفي بعضها اتفاق وفي كثير منها اختلاف.

(196/3)


«
كلام الشيخ عن الفرق التي أنكرت صفة العلو لله تعالى وتأويلهم للنصوص التي جاءت في ذلك
الشيخ: ويهمنا الأن البحث بصورة خاصة في صفة من هذه الصفات التي اختلف فيها المسلمون منذ أن وُجِدَت المعتزلة وتأثّر من تأثّر بهم ممن ينتمي إلى مذهب أهل السنة كالأشاعرة بصورة خاصة, فالمعتزلة أنكروا كثيرا من الصفات الثابتة في الكتاب والسنة.
يهمنا البحث الأن في صفة العلو لله العلي الغفار, فقد ذهبت المعتزلة وتبعتهم الأشاعرة ثم لحقهم في ذلك جميع المسلمين الذين هم اليوم على وجه الأرض إلا قليلا منهم وهم أهل الحديث.
فالمعتزلة والأشاعرة و أكثر المسلمين اليوم يُنكرون أن يكون الله تبارك وتعالى فوق مخلوقاته كلِّها بل يُصَرِّحون بأن الله عز وجل في كل مكان وأن الله تبارك وتعالى موجود في كل الوجود, أما في الأيات الكثيرة والأحاديث الأكثر التي تثبت لله صفة عُلُوِّهِ على خلقه فهم يتأولونها بتآويل يُعطِّلون معانيها أي هذه التآويل تؤدي بهم إلى إنكار حقائق هذه المعاني التي تضمّنتها النصوص المشار إليها من الكتاب والسنّة.
فمثلا من هذه النصوص الصريحة في إثبات العلوّ لله عز وجل الأية السابقة ((الرحمن على العرش استوى)) فهم يُؤوّلون هذه الأية فيُعطِّلون معنى العلو فيها بقولهم ((الرحمن على العرش استوى)) أي استولى, هكذا يُفسّرون الأية ((الرحمن على العرش استوى)) يعني استولى من الإستيلاء ويحتجون على ما ذهبوا إليه من التأويل المذكور بشعر معروف وهو:
"
استوى بِشْر على العراق *** بغير سيف ودم مهراق ".
"
استوى بشر على العراق" بمعنى استولى هكذا يُفسِّرون الأية الكريمة ((الرحمن على العرش استوى)) معناه عندهم استولى.
وهم حينما يُفسّرون هذا التفسير لا يتنبّهون مع الأسف الشديد إلى أنهم صحّ فيهم المثل العامي " كان تحت المطر صار تحت المزراب " لأنهم بزعمهم نزّهوا الله من أن يكون فوق المخلوقات بزعمهم أنه هذا لا يليق بالله عز وجل لأننا إذا قلنا إنه فوق المخلوقات حصرناه في مكان, هذه شبهتهم وسنأتي على إبطالها قريبا إن شاء الله, فرارا من هذا الزعم الذي زعموه أنه يلزم من وصف الله بأنه فوق المخلوقات تحجيزه في مكان فرّوا بزعمهم من هذا ووقعوا فيما هو شر منه, وذلك حينما فسّروا استوى بمعنى استولى, فإن معناه أن الله عز وجل قبل ذلك لم يكن مستوليا لأنه في بعض الأيات المتعلقة باستواء الرب على عرشه قال تعالى ((ثم استوى العرش))، ((خلق سبع سموات ثم استوى على العرش)) وكلنا يعلم أن ثم تفيد التراخي فبعد أن خلق السموات والأرض استولى على العرش ومعناه أن قبل ذلك لم يكن مستوليا ولازم هذا أنه كان عاجزا عن الإستيلاء شأن الخالق الأكبر سبحانه وتعالى كشأن بِشْر الذي ضربوا به المثل فقالوا في الشعر: " استوى بِشْر على العراق " هذا بلا شك معناه لم يكن قبل ذلك مستويا, ولماذا؟ لأنه لم يكن قادر على الإستيلاء ولذلك قال " استوى بِشْر على العراق *** بغير سيف ودم مهراق "، فكلمة استوى بمعنى استولى فيه تعجيز لرب العالمين لم يتنبهوا له لأنه ((ثم استوى)) أي ثم استولى وقبل ذلك ماذا كان؟ كان غير مُسْتول, مع أن المسلم بمجرد أن يستحضر عظمة الله تبارك وتعالى وأنه قادر على كل شيء, مجرد استحضاره لهذا المعنى يعلم أنه ما يخلق شيئا إلا وهو مسيطر عليه لا تنفك سيطرته عنه لحظة مهما دَقَّت وصغُرت.
فإذًا هم بزعمهم في سبيل تنزيه الله عن المعنى الخاطئ الذي قام في نفوسهم وقعوا في تنقيص الله عز وجل وفي نسبتهم له إلى العجز والتقصير لأنه لم يكن مستوْليا على العرش ولو لحظة من الزمن ثم استولى على العرش وهذا ضلال لا يحتاج إلى كبير شرح.

(196/4)


«
ذكر الشيخ للشبهة الذي أوقعتهم في هذا التأويل وتفنيده لها
السائل: ما الذي أوصلهم إلى مثل هذا التأويل؟ زعموا بأنهم أرادوا الخلاص من جعل الله عز وجل في مكان وبظنّهم أن المسلم إذا أمن بقوله تعالى ((ثم استوى على العرش)) أي استعلى بظنّهم أن معنى هذه الأية أن الله عز وجل في مكان, وهذا ظن خاطئ ورأي عاطل لا ينبغي أن يتورط أو أن يغترّ به مسلم لأن الله تبارك وتعالى ليس في مكان, لا قبل المخلوقات ولا بعد المخلوقات, كان الله ولا شيء معه فالله تبارك وتعالى غني عن مخلوقاته فإنه تبارك وتعالى من أوصافه وهو الغني عن العالمين كما قال ((ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين)) فكان الله كما نعلم جميعا ولا شيء معه ولا خلق معه ثم خلق المخلوقات كلها فقبل أن يخلق المخلوقات لم يكن في مكان قطعا لأن المكان وجد بوجود الخلق أما قبل وجود الخلق فلم يكن هناك مكان, فإذًا كان الله ولا خلق معه أي ولا مكان معه أيضا فلما خلق الله تبارك وتعالى المخلوقات وُجد المكان فهل حلّ في هذا المكان؟ حاشا لربنا أن يكون فقيرا محتاجا إلى شيء من خلقه فهو عز وجل من هذه الحيثية ليس في مكان وليس بحاجة إلى مكان فهو الأن كما عليه كان قبل وجود المكان، قبل وجود المكان لم يكن في مكان فهو كذلك بعد وجود المكان ليس في مكان.
هذه حقيقة بدهية وهؤلاء الذين يفسرون الأية السابقة استوى بمعنى استولى هم يريدون الفرار من إثبات المكان لله وليس هذا طريق هذا الفرار كما قيل:
"
أوردها سعد وسعد مشتمل *** ما هكذا يا سعد تورد الإبل ".
على المسلم أن يثبت أن الله عز وجل لم يكن في مكان وهو كذلك بعد أن خلق المكان ليس في مكان فاعتقاد المسلم أن الله فوق المخلوقات لا يعني أنه في مكان لأن المخلوقات محدودة في المدى, فكل شيء محدود من المخلوقات, فإذا كانت المخلوقات محدودة فما وراء المخلوقات عدم ليس هناك مكان, فإذا كنا نقول كان الله ولا شيء ولا مكان فإذًا هو لم يكن في مكان فهو كذلك أيضا مادام أنه وراء المخلوقات فهو ليس في مكان.
إذًا المشكلة التي اضطرتهم إلى تأويل عشرات النصوص من الكتاب والسنّة هو وهْم وخيال لأنهم يتوهّمون أن إثبات الفوقيّة لله معنى ذلك جعله في مكان, والفوقيّة التي هي صفة لله عز وجل لها علاقة بالله الأزلي القديم وليس لها علاقة بالحادث المخلوق الذي وُجِدَ بعد أن لم يكن.
هذا المخلوق محدود ففي حدوده المكان والزمان أما ما وراء هذا المخلوق فلا مكان ولا زمان, فأي شيء وراء هذا المخلوق ليس إلا الله تبارك وتعالى.

(196/5)


«
بيان الشيخ أن النافين لصفة العلو لله تعالى إنما هم في الحقيقة يريدون نفي وجود الله تعالى
الشيخ: ومن هنا يقول السّلف رضي الله عنهم كالإمام أحمد وعبد الله بن المبارك وغيرهم أن الذين ينفون صفة العلو عن الله تبارك وتعالى وأن الله ليس فوق مخلوقاته إنما يريدون إنكار وجود الله عز وجل ولكن بطريقة ملتوية ليست صحيحة في الإنكار فَهُم بدل أن يقولوا لا إله مطلقا يقولون مثلا الله لا فوق ولا تحت ولا يمين ولا يسار ولا أمام ولا خلف, لا داخل العالم ولا خارجه, فأين الله إذًا؟ لو قيل لأفصح العرب بيانا صف لنا المعدوم لم يستطع أن يصف المعدوم بأكثر مما يصف هؤلاء نفاة العلوّ, لا يستطيع هذا الفصيح أن يصف المعدوم بأكثر مما يصف هؤلاء الذين ينكرون صفة الله عز وجل إذ يقولون الله تبارك وتعالى لا فوق ولا تحت ولا يمين ولا يسار ولا أمام ولا خلف, لا داخل العالم ولا خارجه, إذًا وين الله؟ بعض الملوك العقلاء جمع في زمانه, أو بالتعبير الأدق بعض النواب نائب أحد الملوك هنا في دمشق جمع شيخ الإسلام ابن تيمية مع أمثال هؤلاء العلماء النفاة لصفة العلوّ, جمعهم في مجالس عديدة وجرى نقاش بين ابن تيمية رحمه الله وبين هؤلاء النفاة وسَمِعَ من ابن تيمية حُجَجُهُ وكلامه وسمع من الأخرين فقال ذلك النائب، نائب الملك في أخر الحديث, قال هؤلاء قوم ضيّعوا ربهم, هذا الرجل ما هو عالم لكنه عاقل, لمّا سمع حُجَج ابن تيمية في إثبات لله عز وجل وجودا وصفة, ومن صفاته أنه هو القاهر على عباده, وسمع حجج النفاة لهذه الصفة أن الله لا يوصف بأنه فوق, لا تحت ولا يمين ولا أمام ولا خلف ولا لا داخل العالم ولا خارجه وبعضهم يزيد على ذلك فيقول لا متصلا به ولا منفصلا عنه تأكيد للتعطيل, لمّا سمع هذا النائب أو الوالي بالتعبير العصري اليوم قال هؤلاء قوم ضيّعوا ربهم, هذه كلمة حق لأن الذي لا يعرف ربه فوق المخلوقات كلها معناه أنه لم يعرف ربه, لأنه إن لم يكن لا داخل العالم ولا خارجه فليس الكون إلا شيء يا هذا العالم المخلوق يا شيء خارج العالم المخلوق وليس هو إلا الله تبارك وتعالى.
فإذا عرفنا هذه الحقيقة عرفنا بالتالي يقينا أن لا ضرورة لتأويل الأية ((الرحمن على العرش استوى)) فلا نقول استوى بمعنى استولى لا نقول هكذا وإذا قلنا استوى بمعنى استعلى ليس معنى ذلك أننا جعلنا لله مكانا لأن المكان في الخلق والله وراء الخلق وفوق الخلق.
لذلك نجد الأحاديث فضلا عن الأيات الكثيرة تؤكد هذه الصفة الإلهية أن الله عز وجل فوق خلقه.

(196/6)


«
بيان الشيخ أن إنكار العلو لله تعالى هي طبيعة الملاحدة قديما و حديثا وذكره لبعض الأدلة على علوه سبحانه وتعالى
الشيخ: ونجد أن إنكار الفوقية هي طبيعة الملاحدة قديما وحديثا فاسمعوا مثلا إلى قول فرعون حين قال لوزيره هامان ((ابنِ لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب أسباب السموات فأطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذبا)) يُكذِّب موسى عليه الصلاة والسلام ويريد أن يُكذِّبه ببرهان مادي يُخيِّل به على أتباعه الذين ألّهوه من دون الله تعالى بأن يبني قصرا شامخا رفيعا ممتدا هكذا في السماء, إيه ماذا يعني بهذا البناء الشاهق الرفيع؟ قال ((لعلي أبلغ الأسباب أسباب السموات فأطلع إلى إله موسى)) الذي يقول, ماذا يقول موسى؟ يقول الله فوق ((وأني لأظنه كاذبا))، سأبني هذا البنيان الشامخ الرفيع ثم لا أجد الإله الذي يدعوكم موسى إلى عبادته من دوني فرعون يقول هكذا.
إذًا هذه الأية فيها إثبات حقيقة وهي التوحيد ووجود الله عز وجل وإثبات من كان يُنكر هذه الحقيقة, هذه الأية فيها إثبات أن الأنبياء والرسل وفي مقدمتهم موسى عليه الصلاة والسلام كان يثبت لله صفة الفوقية وصفة العلوّ والإستعلاء على عرشه وأنه دعا موسى فرعون وجُنْده إلى أن يؤمنوا بهذا الإله الموصوف بصفة الفوقية فكذّبه موسى بقوله ((وإني لأظنه كاذبا)) وفي الأية إثبات أن الذي يُنكر هذه الصفة, صفة الفوقية فإنما هو ملحد كفرعون تماما, هذه الأية من جملة تلك الأيات التي تثبت هذه الصفة, ويجب أن نتنبه لهذه الأية إذا تلوناها فنفهم أن فيها إثبات لهذه الصفة وردّ على فرعون الذي أنكرها في ردّه على موسى وقومه ((إني لأظنه كاذبا)).
كذلك هناك أية ((إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه)) فإذًا لله صفة العلوّ ولذلك يرفع العمل الصالح إليه.
كذلك وهذا من عجائب الأمور قال تعالى ((تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة)) فالملائكة تعرج هل معنى العروج النزول أم الصعود؟ الصعود, تعرج إلى من؟ إلى الله تبارك وتعالى, تُقدّم إليه ما سجّلته من أعمال الإنسان في الأرض, والأدهى من هذا كله أن المسلمين جميعا يؤمنون بأن الله عَرَجَ بنبيه إلى السموات العلى, إلى من عرج؟
هؤلاء الذين ضيّعوا أنفسهم, ضيّعوا ربهم فضيّعوا أنفسهم يُثبتون حقائق وينكرون حقائق، يثبتون هذه الحقيقة ويحتفلون بها كل سنة أن الله عَرَجَ بنبيه إليه وإلا إذا كان الله ليس له صفة العلوّ فإلى من عرج الرسول عليه الصلاة والسلام, إذا كان كما يتوهمون الله موجود في كل مكان فإذًا الرسول هذا العروج لم يكن عروجه إلى الله لأن الله معنا في كل مكان, وسيأتي البحث على كل حال في قوله تعالى ((وهو معكم أينما كنتم)).
إذًا فهذه الحقائق حينما يدخل التأويل تتعطل هذه الحقائق من أذهان الناس وتتبخّر ويصير أمرهم أنهم يُنكرون ما أثبت الله عز وجل في كتابه وما شرحه نبيه صلى الله عليه وسلم في حديثه.
فلنذكر مثلا من أحاديث الرسول صلى الله عليه وأله وسلم وهذا حديث أيضا يلهج به الناس ويروونه بمناسبات كثيرة كما يذكرون الإسراء و المعراج ثم لا يتنبّهون أبدا بأن فيه إثبات صفة الفوقية لله عز وجل, من منا لا يعرف قول الناس اليوم (ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء) (ارحموا من في الأرض) هنا إذًا فيه أمران متَقابَلان أو شيء مقابل شيء, فشيء في الأرض وشيء في السماء (ارحموا من في الأرض) من هم من في الأرض؟ ممّا خلق الله عز وجل (يرحمكم من في السماء) من هو الذي في السماء؟ الله تبارك وتعالى.
فيُنكرون أيضا هذا الذي يلهجون به صباح مساء ليلا نهارا, الله في السماء وليس هذا مما اقتصر به الحديث ففي القرأن الكريم في سورة تبارك التي يسنّ قراءتها قبل النوم ((أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا فستعلمون كيف نذير)) إذًا الله في السماء فكيف يُقال الله في كل مكان؟

(196/7)


«
ذكر الشيخ لحديث الجارية وتأويل النفاة له و رده عليهم في ذلك وكذلك آية " أأمنتم من في السماء ".»
الشيخ: وإذا استحضرنا هذه الأية وما قبلها من أيات وأحاديث حينئذ يحسن بنا أن نأتي إلى حديث الجارية الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه من حديث معاوية بن الحكم السُّلمي, وإذا أردنا أن نعرف انحراف المسلمين اليوم إلا من شاء الله وقليل ما هم عن السنّة فاذْكرن أن هذا السؤال لا يجوز عند المشايخ, هذا السؤال الذي وَجَّهَه الرسول عليه السلام على سبيل الإختبار والإمتحان إلى الجارية لا يجوز لمسلم أن يتلفّظ به فضلا عن أن يمتحن به الناس كما فعل الرسول عليه الصلاة والسلام.
وإذا لم يجوز السؤال لم يجز الجواب عندهم, فكما أنه لا يجوز توجيه السؤال الذي وجّهه الرسول عليه السلام إلى الجارية أين الله؟ كذلك لا يجوز أن يكون الجواب الله في السماء, مع أن الجارية التي أجابت بهذا الجواب شهد الرسول لها بالإيمان, والعجيب أن تعرفوا أن المشايخ إذا قيل لهم كيف لا تُجيزون السؤال ولا تُصحِّحون الجواب مع أنه الرسول سأل وأقرّ الجواب قال هذا مجاراة من الرسول للجارية أي إن الجارية مثل البدوية يعني ما هي مثقفة ولا هي متعلّمة ولذلك فهو نزل إلى مستواها - كما يقال اليوم - وكلّمها بالمنطق الذي هي تفهمه فهو قال لها (أين الله) على اعتبار أنه عقلها مادي, تفهم الأسئلة المادية وجاوبت جوابا ماديا وقالت في السماء وتعني - هذه تأويلات المشايخ اليوم - تعني أنه فيه بالأرض أصنام تُعبد من دون الله فالله غير هذه الأصنان, أما أن الله في السماء لا, الله لا يوصف بأنه في السماء على الرغم من أن الرسول عليه السلام سأل هذا السؤال وقالت الجارية في السماء فالجواب خطأ, فإذا قيل لهم كيف يقرّ الرسول عليه السلام الخطأ, هنا دارت حماليق عيونهم، كأنهم حيارى لا يُبصرون بها, وهذه حقيقة كل إنسان ينحرف عن النور الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وأله وسلم فيُصبح يشكّ في البدهيّات, في الحقائق, فمن البديهات أن الرسول لا يُقِرّ الخطأ ولا يُقِرّ الباطل, فكيف استساغوا أن يقولوا أنه الرسول أقرّ هذا الخطأ لأنه الجارية, جارية غير مثقّفة, هذا لو سُلِّم تأويلهم, ومع ذلك فتأويلهم من أبطل الباطل لأن الجارية في الحقيقة، قد جاوبت بنص القرأن الكريم.
وهذا مما يؤسف له أن الجارية راعية الغنم بتكون عارفة بما يجوز لله عز وجل من الصفات أكثر من أهل العلم المتخصّصين في دراسة التوحيد لأن الجارية التي قالت الله في السماء تُعيد القرأن ((أأمنتم من في السماء)) فمن هو الذي في السماء؟ الله إذًا الجارية جاوبت بجواب تلقّته من القرأن وإذا كنّا نحن كأشخاص غير مثقّفين, غير متعلمين وغير دارسين للقرأن كما ينبغي فقد تخفى علينا هذه الأية لكن ما بال العلماء والمشايخ الذين يدرسون القرأن ليلا نهارا ويدرسون علم التوحيد, ألا يتلون هذه الأية ((أأمنتم من في السماء)) إلى أخرها؟ نعم يتلون هذه الأية ولكن مِعْوَل التأويل الذي هو مِعْوَل هدّام لا يزال بأيديهم ولذلك فقد جاؤوا إلى هذه الأية أيضا فتأوّلوها في جملة الأيات التي تأوّلوها, تعرفوا شو قالوا ((أأمنتم من في السماء)) أي الملائكة, الله ما له علاقة بالأية, ((أأمنتم من في السماء)) يعني الملائكة، طيب والله؟ هل من صفات الملائكة تمام الأية ((أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا))؟ فهذه الصفات التي هي صفات رب العالمين أيضا نقلوها عنه إلى بعض خلقه ألا وهم الملائكة, شو سبب هذا التأويل؟ هو نفس سبب تأويل استوى بمعنى استولى مع أنه تأويل استوى بمعنى استولى أفحش وأخطر من تأويل ((أأمنتم من في السماء)) ليش؟ لأن وصف الملائكة بمثل هذه الصفة يُمكن على تأويل أن الله يقدرّهم على ذلك أي ((أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض)) يعني أن الله يأمر الملائكة فتخسف الأرض بمن فيها, ممكن أن تُعطى هذه الصفة للملائكة لكن الصفة الأساسية لمن؟ لله عز وجل, لكن تأويل استوى بمعنى استولى عرفتم بأنه باطل من أكثر من جهة واحدة.
إذًا فالمؤمن يجوز أولا إقتداء بالرسول صلى الله عليه وأله وسلم أن يسأل أين الله؟ ثم يجب عليه أن يكون الجواب جواب الجارية الله في السماء, ليه؟ لأن الأيات والأحاديث متضافرة متوافرة على إثبات صفة العلوّ لله تبارك وتعالى.

(196/8)


«
تفسير الشيخ للآية " أأمنتم من في السماء ".»
الشيخ: هنا في الأية وفي جواب الجارية بيان لا بد منه ((أأمنتم من في السماء)) السماء في اللغة لها عدة معان, فالمطر سماء والسقف سماء والسّحاب سماء وسبع سموات طباقا, سموات إلى أخره، فأي معنى هل هو المراد في قوله تعالى ((أأمنتم من في السماء))؟ يجب أن نذْكر أن المقصود بهذه السماء في هذه الأية خاصة هي العلو المطلق حتى تكون هذه الأية متماشية في معناها مع ((الرحمن على العرش استوى)) ذلك لأن العرش فوق المخلوقات كلها, فوق السموات, فليس وراء العرش خلق مطلقا, ليس وراء العرش إلا خالق العرش وخالق الكون كله سبحانه وتعالى.
فحينما نقرأ ((أأمنتم من في السماء)) يجب أن لا نستحضر السماء بمعنى ظرف لأنه هذا الإستحضار صار معنا مثل ما صار مع غيرنا حينئذ إذا بدنا نقول الله في السماء يعني في هذا الخلق الذي خلقه فمعناه أنه حصرناه في مكان لكن المقصود بالسماء هنا هو العلوّ المطلق أي خارج المخلوقات أي فوق العرش ((الرحمن على العرش استوى)).
الأيات والأحاديث و أقول السلف والأئمة كلها تمشي على إثبات هذه الحقيقة وهي أن لله صفة العلو.
ومن لطائف الأيات الواردة في هذه المسألة هي أن الله عز وجل يصف عباده بقوله ((يخافون ربهم من فوقهم)) وهذا في الحقيقة كأنه امتحان لنا غير مباشر, نحن الذين نفترض في أنفسنا أننا نخاف من ربنا فتُسيطر أحيانا علينا خشية الله وعظمته, فهل نلاحظ أن هذا الرب العظيم هو فوقنا أم هو ممازج ومخالط لنا؟ ربنا بيقول هنا في صفات المؤمنين ((يخافون ربهم من في فوقهم)).
إذًا من صفات المؤمنين ما أجابت به الجارية في حديث السابق الله في السماء لإنه يقول ربنا تبارك وتعالى في حق المؤمنين ((يخافون ربهم من فوقهم)).
هذه العقيدة لا يوجد في الكتاب ولا في السنّة ما يخالفها أو ما يضطرّنا أن نسلك فيها سبيل المتأولين لها, وإنما لهم بعض الشبهات.

(196/9)


«
ذكر الشيخ لبعض شبه المعطلة ورده عليها منها قوله تعالى:" وهو معكم أينما كنتم " وبيانه المراد بالمعية في الآية
الشيخ: من هذه الشبهات الأية السابقة ((وهو معكم أينما كنتم)) فيجب أن نعلم أن هذه الأية مثل قوله تبارك وتعالى لموسى وهارون ((إنني معكما أسمع وأرى)) الأية فيها تفسير المعيّة المذكورة فيها ((إنني معكما أسمع وأرى)) أي علما ورؤية, ليس معنى الأية إنني معكما يعني مخالط لكما مثل هارون مع موسى, موسى مع هارون, رب العالمين لو كان كذلك لكان كلامه وخطابه لهما, لو كان الله مع العباد يعني مُخالط لهم ومُمازج لهم دائما وأبدا لكان قول الله لهما ((إنني معكما أسمع وأرى)) تحصيل حاصل لأنه لو كان الأمر كما يقول المعطّلة أن الله في كل مكان, فإذًا حيث كان موسى وهارون فالله معهما فشو معنى قوله ربنا عز وجل لموسى وهارون ((إنني معكما)) إذا كان هو معهما دائما وأبدا؟ لا, هذه معيّة صفة ليست معيّة ذات, ((إنني معكما)) بصفة أسمع وأرى.
كذلك ((إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون)) هذه معية أيضا معية صفة, مع الذي اتقوا إعانة ونصرة وتوفيقا ونحو ذلك من الصفات التي لا تليق إلا بالمؤمنين.
هناك معية عامة ((إنني معكما)) معية خاصة ((أسمع وأرى))، ((إن الله مع الذين اتقوا والذي هم محسنون)) معية خاصة أيضا بالنسبة للمتقين والمحسنين وهناك معية عامة هي ما أفادته الأية السابقة ((وهو معكم أينما كنتم))، أي هو معكم بعلمه هكذا فسّر الأية علماء السلف رضي الله عنهم، ((وهو معكم)) بعلمه ((أينما كنتم)) تفسيرها في أية ((لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء)).

(196/10)


«
سياق الشيخ أثر ابن المبارك في إثبات الفوقية والمعية لله تعالى
الشيخ: وما أحسن قول شيخ الإمام أحمد رحمه الله واسمه عبد الله بن المبارك من كبار أئمة الحديث والفقهاء والمجاهدين في سبيل الله كان يقول كلمة موجزة جمع فيها الإشارة إلى الأيات التي تُثبت لله صفة العلوّ فوق مخلوقاته والإشارة إلى الأيات التي تُثبت أن الله عز وجل مع مخلوقاته بعلمه تلك الكلمة هي قوله رحمه الله " الله تبارك وتعالى فوق عرشه بذاته " هذا في الجملة الأولى, الجملة الثانية قال " بائن من خلقه " , في الجملة الثالثة " وهو معهم بعلمه ".
المسلم إذا حفظ هذه الكلمة لإمام السنّة عبد الله بن المبارك جمع هذا البحث وكل البحوث التي طرقها علماء السلف في ذهنه بأوجز عبارة " الله تبارك وتعالى فوق عرشه بذاته بائن من خلقه وهو معهم بعلمه ".
فإذا جاءتنا أية ((وهو معكم أينما كنتم)) عرفنها شو الجواب؟ بعلمه, وإذا قيل إن الله عز وجل موجود في كل مكان كما يقال اليوم قلنا لا, أئمة السلف وفيهم عبد الله بن المبارك يقول: " الله فوق عرشه بذاته بائن من خلقه " يعني مفصول عنهم, يعني غنيّ عنهم ليس مخالطا لهم.

(196/11)


«
رد الشيخ على الصوفية في عقيدتهم الحلولية
الشيخ: ليس كما يقول غلاة الصوفية: "إن الله تبارك وتعالى في خلقه ممزوج مع خلقه امتزاج الماء في الثلج وامتزاج الزبدة بالحليب" ها الوحدة هذه هي الله، زعْم الصوفية "وما الله إلا راهب في كنيسة" هكذا يقولون, "وما الله في التَّمثال إلا كثَلْجة" الله في المثال مثل الثلج ... تمام الشعر ماني حافظه الأن، هكذا يقول ابن عربي في "الفتوحات المكية" وفي "فصوص الحكم"، "وما الله بالتمثال إلا كثلجة بها الماء"، بيقدر أحد يفصل بين الماء والثلج؟ الماء والثلج مشكلين وحدة، ها الوحدة هي الثلج, مثال هذا الكون هو الله فليس هناك خالق ولا مخلوق وليس هناك وجودان، وجود واجب الوجود وهو الله ووجود ممكن حادث وهو المخلوق, لا قال في صريح العبارة "كل ما تراه بعينك فهو الله"، الذين يُنكرون صفات الله وعلوّ الله على خلقه يلتقون مع الصوفية في هذه الضلالة الكبرى لأن علماء الكلام وعلماء الفقه, صحيح لا يؤمنون بوحدة الوجود التي يقول بها الصوفية لكنهم يلتقون معهم, فهم يقولون الله موجود في كل مكان، الله موجود في كل الوجود وهذه هي وحدة الوجود تماما.
لذلك يجب الإيمان بأن الله عز وجل فوق المخلوقات كلها وأنه على العرش استوى وأنه مستغن عن العالمين ليس ممازجا ومخالطا للخلق كما تعتقد الصوفية وكما تُعطيه العبارة الشائعة اليوم بين الناس أجمعين, من منكم ما بيسمع الله موجود في كل مكان؟ من منكم ما بيسمع الله موجود في كل موجود؟ وهذا هو الكفر بعينه، ولا أحد ينتبه كأنه الناس مخدّرون أو مسحورون يقولون خلاف ما أجمع عليه علماء السلف وفيهم الأئمة الأربعة, مثلا أبو حنيفة في كتاب الفقه الأكبر المنسوب إليه وأقول المنسوب إليه لأنه الحقيقة لا يثبت هذا الكتاب ولا يثبت أن أبا حنفية ترك كتابا بعده ولكن هكذا أتباعه ينسِبون هذا الكتاب إليه ومحققوهم يقولون المنسوب إلى أبي حنيفة, مع ذلك ففيه توحيد فهو يقول "من أنكر أن الله ليس في السماء فقد كفر" وهذا ليس بالغريب لأنه يُنكر أن, قول الله ((أأمنتم من في السماء)) ويُنكر الأيات الكثيرة التي أشرنا إلى بعضها والتي هي صريحة لأن الله عز وجل فوق السماوات كلها وفوق العرش استوى.
هذا ما يحسن القول فيه بمناسبة هذه المسألة الخطيرة, وقبل أن ننتقل إلى غيرها فإذا كان عند أحد من الحاضرين سؤال أو استفسار حول هذا الموضوع فنسمعه ونجيب عنه إن شاء الله.

(196/12)


«
ما معنى الآية " وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله "؟»
السائلة: ما معنى الأية ((وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله))؟
الشيخ: أي نعم.
السائلة: شو بقى ... .
الشيخ: " إله " معناه معبود، إله معبود فهو معبود في السماء ومعبود في الأرض, ما فيها شيء الأية, معبود في السماء ومعبود, نعم؟
السائلة: ... السماوات والأرض
الشيخ: إله السموات وإله الأرض.
السائلة: ... .
الشيخ: هو رب السماوات, الرب يجب أن نذْكر الرب معناه غير الإله، الرب هو الخالق المربّي أما الإله فهو المعبود بحق, ولذلك فليس كل من يؤمن بالله ربا يؤمن به إلها, كمان هذه من الأشياء اللي الناس غافلين عنها, لو قال قائل من الملاحدة أو الكفار "أمنت بأنه لا رب إلا الله"، ما بيصير مسلم إنما يجب أن يقول "أمنت بأنه لا إله إلا الله" ليه؟ لأنه معنى "لا إله" أخفّ من معنى "لا رب" لأن المشركين الذين بُعِث إليهم رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم ودعاهم إلى ما دعاهم إليه من أنه لا إله إلا الله فكفروا, قال تعالى ((وإذا قيل لا إله إلا الله يستكبرون)) لكن في الأية الأخرى ((ولئن سألتهم من خلق السموات و الأرض ليقولن الله)) إذًا هم ليسوا منكرين لوجود الله, هم معتقدين بأن هذا الكون له ربا خالقا ولكن ما هم معتقدين أنه العبادة يجب أن تُوَجَّه إلى هذا الرب وحده, فلا إله إلا الله هو أرقى بكثير مما لو قال القائل "لا رب إلا الله"، لا رب إلا الله أي لا خالق إلا الله, المشرك كان يقول لا خالق إلا الله بنص القرأن لكان لم كفر؟ لأنه عبد غير الله مع الله فجعل له شريكا في العبادة.

(196/13)


«
كلمة ممثل جمعية إحياء التراث الإسلامي
السائل: بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم, أما بعد, فهذه, هذا اللقاء من جملة اللقاءات المتعدّدة التي تُعقد مع فضيلة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني والذي يزور البلاد بدعوة من جمعية إحياء التراث الإسلامي ونسأل الله عز وجل أن ينفعنا في هذه الجلسة والموضوع الذي نرجو أن يتحدث فيه فضيلة الشيخ هو ما هو العلم؟ يعني مع المقصود بكلمة العلم؟ ومن هم العلماء؟ وكيف التوصل إلى معرفة العلم الصحيح من غيره؟ وبعد ذلك إن شاء الله نستمع إلى أسئلة أخرى والتي ستكون مكتوبة على ورق.

(197/1)


«
افتتاح الشيخ بخطبة الحاجة
الشيخ: إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
((
يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون)).
((
يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا)).
((
يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يُطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما)) أما بعد,
فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وأله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار, وبعد.

(197/2)


«
كلمة الشيخ حول العلم الشرعي وحقيقته
الشيخ: فإن الباعث على البحث في العلم النافع, العلم الشرعي الذي تقوم به الحجّة على المسلم إنما هو ما نسمعه ما بين آونة وأخرى من فتاوى تصدر من بعض من يُظن أنهم من أهل العلم وفي الغالب تكون هذه الفتاوى مخالفة لما جرى عليه عمل الأئمة السابقين من السلف الصالح والأئمة المجتهدين.

(197/3)


«
ما معنى قوله تعالى:" وفي سبيل الله " في مصارف الزكاة ومن يدخل فيه، وهل يشمل بناء المساجد والمرافق العامة؟»
الشيخ: وكان أقرب مثال وقع لي أنفا سؤال كنت سئلت عنه فيما مضى من بعض الجلسات ألا وهو معنى ((وفي سبيل الله)) في أية مصاريف الزكاة ((إنما الصدقات للفقراء والمساكين)) إلى أخر الأية ثم قال تعالى ((وفي سبيل الله))، كان السؤال هل في سبيل الله يختص بالجهاد في سبيل الله أم يشمل أيضا مصالح أخرى للمسلمين كبناء المساجد والمدارس واتخاذ المرافق والمنافع العامة للمسلمين؟ فهل في سبيل الله في هذا الموضع من أية مصاريف الزكاة يشمل غير الجهاد في سبييل الله مما ألمحنا إليه أنفا فيجوز إذًا كانت الأية تشمل تلك الأمور فيجوز للغنيّ أن يُعطيَ ماله لبناء مسجد أو لبناء مدرسة أو مستشفى أو غير ذلك؟ فكان جوابي أن معنى قول الله عز وجل في هذه الأية الكريمة ((وفي سبيل الله)) خاص في مسألتين اثنتين لا ثالث لهما.
الأولى ما هو معروف لدى الجميع ألا وهو الجهاد في سبيل الله, فهذا مصرف من مصارف الزكاة يصرفه المكلّف بها في سبيل الله، في الجهاد في سبل الله.
الأمر الثاني مما جاء الدليل الشرعي ليُوسّع كلمة ((وفي سبيل الله)) فيُدخل في هذه الجملة إنفاق المال في الإحجاج للفقير إلى بيت الله الحرام, فيكون معنى ((وفي سبيل الله)) أي في الجهاد والحج, ولم يأت عن أحد من السلف بل ولا الأئمة المجتهدين توسعة لهذه الجملة بأكثر من الأمرين المذكورين ((وفي سبيل الله)) أي في الجهاد في سبيل الله وفي الإحجاج أيضا للفقير المحتاج إلى بيت الله الحرام.
الأمر الثاني هذا الإحجاج للفقير قد جاء فيه حديث صحيح في سنن أبي داود ومسند الإمام أحمد وغيرهما أن رجلا من الصحابة يُعرف بأبي طلْق حجّ مع النبي صلى الله عليه وأله وسلم حجّة الوداع فلما رجع جاءت زوجته إلى النبي صلى الله عليه وأله وسلم تشكوه إليه عليه الصلاة والسلام وقالت يا رسول الله إن زوجي أبا طلق لم يحجّجني على جمله فلان, فأرسل الرسول عليه السلام خلف أبي طلْق فسأله عن هذه الفتوى, فقال يا رسول الله جملي هذا أعددته في سبيل الله عز وجل فقال عليه الصلاة والسلام لو أنك أحججتها عليه لكان ذلك في سبيل الله, فأخذ الإمام أحمد رحمه الله من بين الأئمة الأخرين الذين حصَروا معنى ((وفي سبيل الله)) في الجهاد في سبيل الله أخذ الإمام أحمد من هذا الحديث معنى أخر فأضافه إلى المعنى ألأول فقال ((وفي سبيل الله)) أي الجهاد والإحجاج أيضا في سبيل الله, كما دل عليه هذا الحديث الصحيح.
لم يأت عن أحد من السلف معنى أوسع من هذا المعنى الذي سمعتموه وهو الإحجاج بينما نجد اليوم فتاوى تصدُر من هنا وهناك أن معنى هذه الجملة ((وفي سبيل الله)) واسع بحيث يدخل كل المصالح التي يَنتفع فيها المسلمون ومن ذلك ما أشرنا إليه أنفا بناء المساجد والمدارس ونحو ذلك.
هذا كان السبب لإثارة هذا البحث الأن وهو.

(197/4)


«
المقصود بالعلم المحمود في الكتاب والسنة، وبيان مصادره
الشيخ: ما هو العلم الذي يذكره الله عز وجل في غير ما أية ويشيد الرسول عليه السلام بفضله في أحاديث كثيرة, الله عز وجل يقول مثلا ((هل يستوي الذين يعلمون والذي لا يعلمون)) ((يرفع الله الذين أمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات))، الرسول صلى الله عليه وأله وسلم يقول مثلا (من سلك طريقا يلتمس فيه علما سلك الله به طريقا إلى الجنة) والأحاديث في هذا كثيرة وكثيرة جدا منها قوله عليه السلام (من يرد الله به خيرا يفقّه في الدين) فما هو هذا العلم الذي مدح الله عز وجل أهله ثم أكّد ذلك نبيّه عليه الصلاة والسلام في الأحاديث الكثيرة, أهو مجرّد أن نسمع قولا لعالم مهما كان شأن هذا العالم يفسِّر لنا أية أو يفسّر لنا حديثا تفسيرا لم يُسبق إليه من علماء السلف الصالح ومَنْ جاؤوا من بعدهم أو مَن كان منهم من الأئمة المجتهدين وأتباعهم الذي سلكوا طريق الأولين, هل هذا هو من العلم في شيء؟ الجواب نسمعه من كلام ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى فإنه يقول
"
العلم قال الله قال رسوله *** قال الصحابة ليس بالتمويه
ما العلم نصبك للخلاف سفاهة *** بين الرسول وبين رأي فقيه
كلا ولا جحد الصفات ونفيها *** حذرا من التعطيل والتشبيه ".
ما هو العلم؟ كلام عربي واضح مبين, العلم قال الله أوّل مرتبة هذه ثم قال رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم ثم قال الصحابة وهذا طبعا إذا اتفقوا على شيء كان اتفاقهم حجّة كما أوضحنا ذلك في كلمة سابقة منذ ليال قريبة إدلالا بمثل قوله تبارك وتعالى ((ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبيّن له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين)) فسبيل المؤمنين هو سبيل الصحابة الكرام, فلا يجوز مخالفتهم فالعلم إذًا إنما نأخذه من قول الله عز وجل ثم من قول نبيه صلى الله عليه وأله وسلم ثم مما جاءنا عن أصحابه الكرام.
فإذا جاء مُفسّر إلى أية مثل هذه الأية ((وفي سبيل الله)) فوسّع المعنى توسعة دخل فيها صرف أموال الزكاة في بناء المساجد, صرف أموال الزكاة في بناء المدراس وهكذا, لا ينبغي أن ننصاح لمثل هذه التوسعة أو لمثل هذا التفسير لأنه تفسير بالرأي مُخالف لتفسير السلف الصالح, لو رجعنا إلى كتب التفسير لا سيما ما كان منها من الأمهات ومن المراجع الأساسية التي يعتمد عليها كل المفسرين الذين جاؤوا من بعدهم كتفسير محمد بن جرير الطبري المُفسّر والمُحدّث و المُؤرّخ المشهور أو رجعنا في ذلك إلى تفسير الحافظ ابن كثير الدمشقي, أيضا المُفسّر والمُحدّث والمُؤرّخ لم نجد لمثل هذا التفسير في جملة ((وفي سبيل الله)) أنه بالمعنى العام الشامل لكل طرق الخير وإنما وجدنا فيهما وفي غيرهما من كتب التفسير بل وكتب الفقه أيضا في سبيل الله الجهاد والحج إلى بيت الله الحرام, فحينما نجد مثل هذا التوسّع فلا ينبغي لنا أن نتقبّل مثله لأنه خلاف ما كان عليه سلفنا الصالح، وقد ذكرنا أكثر من مرة بأننا حينما ندعو الناس إلى اتباع كتاب الله وحديث رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم فإنما ينبغي أن يكون اتباعنا لهذين المصدرين على ما كان عليه سلفنا الصالح فهما لهما وتطبيقا لهما في حياتهم المباركة, فحينما نراجع تفسير هذه الأية لا نجد هذا التوسّع فيكون هذا التفسير فيه انحراف عما كان عليه السلف الصالح, وهذا وحده يكفي لنتبيّن خطأ مثل هذا التفسير.

(197/5)


«
الرد على من يبيح الموسيقى وآلات الطرب، وتفسير خاطئ لقوله تعالى: {ومن الناس من يشتري لهو الحديث}.»
الشيخ: كثيرا ما نسمع أيضا فتاوى تخالف ما كان عليه السلف الصالح والأئمة الأربعة وغيرهم مما يذهب إليه بعض الكتّاب الإسلاميين اليوم زعموا من باب التيسير والتوسعة للناس فلا بد أنكم سمعتم من يّصرّح بإباحة ألات الطرب مع أن العلماء قديما وأتباعهم حديثا يُفسّرون قوله تعالى ((ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله)) فسّروا لهو الحديث بالغناء الذي فيه إلهاء للذين يتعاطوْن هذا الغناء عن القيام بواجبات إسلامية كثيرة وقد يكون منها المحافظة على الصلاة, فحينما يأتي بعض الناس يُفسّرون هذا التفسير "لهو الحديث" بالكلام الذي يُخالف الشريعة مثلا أو فيه إثارة الغوغاء والضوضاء على كلام الله فقط, ولا يُفسّرونه أيضا بأنه الغناء أيضا مع مجيء الأحاديث الكثيرة عن النبي صلى الله عليه وأله وسلم في تحريم ألات الطرب مما يؤيّد هذا التفسير الوارد عن السّلف أن من لهو الحديث هو الغناء, فمن تلك الأحاديث مثلا ولست في صددها كلها ما أخرجه البخاري في صحيحه تعليقا ووصله جمع كبير من المحدّثين بالسند الصحيح عن النبي صلى الله عليه وأله وسلم أنه قال (ليكونن في أمتي أقوام يستحلون الحرَ) أي الزنا (والحرير) أي الحرير الحيواني والمسمّى في بعض البلاد بالبلدي أي غير النباتي (يستحلون الحر والحرير والمعازف يُمسون في لهو ولعب ويُصبحون وقد مسخوا قردة وخنازيز) نسمع اليوم كثيرا من الناس من يُعلنها صريحة إما كتابة أو محاضرة بأن ألات الطرب جائزة على ما تفنّن الكفار الأوروبيون اليوم من ابتكار ألات كثيرة وكثيرة جدا إذا سمعها السامع انهارت قواه وذهبت معانيه الإسلامية والمروءة الإسلامية وصار لا يهتمّ بما يقع هناك من فسق أو فجور, حينما نسمع مثل هذه الفتاوى يجب أن نقف أمامها متسائلين ولا يجوز أن نقف أمامها مستسلمين لنقول لهم ((هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين)) كيف توسّعون معنى ((وفي سبيل لله)) بحيث أنه يدخل فيها بناء المساجد فلا يبقى غنيّ يتبرّع من ماله الكثير الوفير تبرّعا فوق ما فرض الله عز وجل عليه من الزكاة فهو لا يعمل خيرا إلا في حدود الفرض أما التطوّع فقد منع نفسه منه لأن هؤلاء العلماء أوجدوا له طريقا أنه كل سبيل خير تنفقه فيمكنك أن تعتبر ذلك من الزكاة المفروضة.
وهكذا فالأمثلة تتعدد في تفسير نصوص من الكتاب ونصوص من السنّة على خلاف ما كان عليه علماء المسلمين قديما.

(197/6)


«
حقيقة العلم ومن هم العلماء
الشيخ: فإذًا ما هو العلم حتى إذا قيل لنا قوْلٌ فلا نقول والله أفتى بهذا فلان العالم؟ يجب أن نفهم العلم على حقيقته ما هو؟ وبذلك نعرف من هم العلماء قد سمعتم أنفا أن العلم قال الله قال رسول الله قال الصحابة, وليس العلم وهذا تسمعونه صراحة ... من بعض هؤلاء الذين يأتونكم بالفتاوى الجديدة بيقل لك هذا رأيي وأنت حرّ, ليس في الإسلام هذا رأيي وأنت حر وإنما عليك أن تفتي بما قال الله وما قال رسول الله وبما كان عليه سلفنا الصالح فإن كان ليس هناك رأي لهؤلاء العلماء الذين مضوْا في مسألة جدّت, والله هنا لا بد من اجتهاد ولا بد من إبداء الرأي لكن الرأي المبني على تلك المصادر الثلاثة الكتاب والسنّة والإجماع, أما أن ينتصب الإنسان فيُفتي بفتوى يخالف فيها من كان قبلنا من السّلف بل ويُخالف فيها نصوص الكتاب والسنّة بتأويل هذه النصوص تأويلا يتفق مع ما يذهب عليه من الرأي وختاما يقول هذا رأيي, يقول أهل العلم " إذا جاء الأثر بطل النظر " إذا جاء الأثر عن الله ورسوله أو أصحابه فلم يبق هناك مجال للنظر ويقولون بعبارة أخرى " لا اجتهاد في مورد النص " " وإذا جاء نهر الله - أيضا يقولون بلسان عربي قديم - بطل نهر معقِل "، فهذا الرأي إنما يُمكن أن يكون له وجاهة وأن يكون له قَبول فيما إذا لم يخالف إما أية وإما حديث أو ما كان عليه السلف من تفسير أية أو من تفسير حديث صحيح, لذلك يجب أن نعرف كيف نتفقّه وكيف نتعلّم ونحن لا نفرض كما يتوهّم بعض الناس بل وقد يُصرّح بعضهم لا نريد من كل إنسان أن يصير عالما وفقيها في كتاب الله وفي حديث رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم فإن هذا ليس بالأمر المتيسّر لأكثر الناس حتى لكثير من هؤلاء الذين نَصبوا أنفسهم لإبداء أراء لهم تخالف الكتاب والسنّة, ليس من السّهل لأمثال هؤلاء أن يجتهدوا الاجتهاد الذي يستند على الكتاب وعلى السنّة, فال ... على الكتاب لا بد فيه أن يرجع المعتمد إلى ما أشرنا إليه من كتب التفسير والاعتماد على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا بد في ذلك من الاعتماد على ما صحّ من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وهكذا حينما يريد أن يجتهد وأن يُبديَ رأيه في مسألة حدثت لابد أن يكون استند إلى عمومات الأدلة من كتاب الله ومن حديث رسول الله صلى الله عليه وأله وسلّم وإلا فمَن لم يكن بهذه المثابة لا يكون عالما لأن العلماء جميعا اتفقوا على أن العالم هو الذي يقول في كل ما يذهب إليه قال الله قال رسول الله.

(197/7)


«
المقلد ليس عالما بالإجماع
الشيخ: والمقلّد ليس عالما بإجماع العلماء, المقلّد الذي يقول قال الشيخ الفلاني أو أفتى الشيخ الفلاني بكذا هذا ليس من العلم في شيء بل هذا من الجهل الذي أشار إليه رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم في الحديث الصحيح وهو ما أخرجه الشيخان في صحيحيهما من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم (إن الله لا ينتزع العلم انتزاعا من صدور العلماء ولكنه يَقبِض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يُبْق عالما اتخذ الناس رؤوسا جُهّالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلّوا وأضلّوا) هذا حديث صحيح وقد صرح فيه الرسول عليه الصلاة والسلام أن العلم ينقرض رويدا رويدا ولا يذهب العلم انتزاعا ينتزعه ربنا من أهل العلم والفضل وإنما يموت أهل العلم سنّة الله في خلقه ثم يبقى ناس لا يعرفون من العلم شيئا وأعود لأذكركم العلم قال الله قال رسول الله وليس قال فلان وأفتى فلان وهذا هو واقعنا في العصر الحاضر.
لذلك ننصح إخواننا المسلمين جميعا وبخاصة من كان منهم معنا على هذا الخط والصراط المستقيم في اتباع كتاب الله وفي حديث رسول الله أن يسألوا هؤلاء المفتين لا أقول أن يجتهدوا هم وهُم ليسوا أهل اجتهاد وإنما أن يسألوا المفتين حينما يُفتونهم برأي لهم في مسألة, من أين جئت بهذا؟ إذا كان من لغة العصر الحاضر اليوم التدقيق في ما يتعلّق بجمع الأموال ويُلفتون النظر بان من النظام الإسلامي أن يُحاسب الحُكّام والولاة الذين يُثرون ويغتنون بعد أن انتصبوا في وظائفهم أن يُسألوا من أين لكم هذا المال؟ فأولى من المال العلم أن يُقال لهم من أين جئتم بهذا الذي تفتنون به الناس؟ إن قالوا قال الله قلنا لهم فسّروا لنا قول الله بما فسّره السلف لا بما أنتم ترونه ويراه غيركم من أهل الرأي في هذا العصر, وإذا قالوا لنا قال رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم نسألهم هل هذا الحديث صحيح أم ليس بصحيح فإذا قالوا هذا حديث صحيح فنُحمّلهم تَبْعَتَهُ وليس علينا نحن من مسؤولية لأنه المفروض أن يكونوا أهل أمانة فإذا أفتنونا بحديث ضعيف وكان الواقع أنه حديث, لا أفتونا بحديث كان واقعه ضعيفا وقالوا إنه حديث صحيح فعليهم ما حُمّلوا لأنهم هم المسؤولون عن أداء الأمانة إلى الناس.

(197/8)


«
الناس صنفان عالم وجاهل ومعنى قوله تعالى: {فاسألوا أهل الذكر} وذكر واجب العالم والجاهل بالنسبة للآخر
الشيخ: إذًا لا ننسى أن الناس جميعا طائفتان مُصرّح بهما في القرأن حيث قال عز وجل ((فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)) أهل الذكر هم أهل القرأن لأن الذكر قد ذُكِر في غير هذه الأية واتفق العلماء من أجل ذلك على أن المقصود بالذكر هنا وهناك إنما هو القرأن فالله عز وجل حينما قال ((إنا نحن نزّلنا الذكر وإنا له لحافظون)) كان المقصود بهذا الذكر هو القرأن الكريم, كذلك لما قال عليه الصلاة والسلام في الأية السابقة التي قسمت الناس إلى علماء وغير علماء لما قال ((فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)) فالمقصود بالذكر في هذه الأية أيضا هو عين المقصود في الأية السابقة ألا وهو القرأن.
فإذا سألنا أهل القرأن وأيضا من البداهة في مكان أنه ليس المقصود بأهل القرأن هنا هم الذين يرتّلون القرأن ويحفظون حروفه وأحكامه المتعلّقة بعلم التجويد وقد يُطرِبون فيه طربا غير مشروع لكنهم لا يفقَهون من معاني ما يتلون, ليس المقصود بأهل القرأن هؤلاء الذين يَحفظون حروفه دون معانيه وإنما المقصود بالقرأن إنما هم أهل العلم أي أهل الفهم بكتاب الله عز وجل وبحديث رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم.
لا يمكن إذا لم نقل لا يجوز لمسلم أن يتصوّر عالما بالقرأن بتفسيره وبمعانيه وهو جاهل بالسنّة ولذلك يجب أن نستحضر في بالنا وفي خاطرنا أننا حينما نُفسّر هذه الأية ((فاسألوا أهل الذكر)) بأهل القرأن وأنه المقصود به أهل العلم بالقرأن والفهم لمعانيه يجب أن نستحضر أنهم أيضا على علم بالسنّة وإلا فمن كان جاهلا بالسنّة أو لا يُميّز صحيحها من ضعيفها وضعيفها من موضوعها فهذا لا يمكنه أن يفْقَه القرأن بصورة باتة لا يمكن لإنسان أن يُفسّر القرأن إلا اعتمادا على سنّة الرسول عليه الصلاة والسلام.
وهذا مما يدلّ عليه القرأن نفسه لأن الله عز وجل قد قال فيه مخاطبا به نبيه ((وأنزلنا إليك الذكر لتبيّن للناس ما نُزّل إليهم)) فبيان الرسول عليه السلام للقرأن هو سنّته, هذا البيان إذا لم يعرفه العالم فلن يستطيع أبدا أن يُفسّر القرأن تفسيرا صحيحا ولذلك فنحن نرى في هذا العصر وقبل هذا العصر كثيرا من الناس لا يعرفون من السنّة شيئا يُذْكر.
واجب العلماء أن يفتوا غير العلماء, واجب غير العلماء أن يسألوا أهل العلم بصريح هذه الأية فكل من القسمين عليه واجبه من ليس عالما ((فاسألوا أهل الذكر)) أهل العلم ومن كان من أهل العلم فعليه أن يُبلِّغ هذا العلم وإلا شَملته اللعنة التي جاء ذكرها في القرأن ووعيد حديث الرسول عليه الصلاة والسلام (من سُئِل عن علم فكتمه ألجِم يوم القيامة بلجام من النار) ولذلك أي تحقيقا لوجوب السؤال ممن ليس بعالم أن يسأل أهل العلم قد قال عليه السلام في حديث معروف (ألا سألوا حين جهلوا فإنما شفاء العيّ السؤال)، فإذا نحن سألنا من ليس عالما بالكتاب والسنّة فلم نسأل عالما فإذا أفتانا هذا الذي ليس عالما بالكتاب والسنّة أو أفتانا على خلاف الكتاب والسنّة فلم يُقدّم إلينا علما فلا يجوز لنا حينئذ أن نتبعه وإلا بنكون ضللنا معه كما سمعتهم في الحديث السابق (إن الله عز وجل لا ينتزع العلم انتزاعا من صدور العلماء ولكنه يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يُبْقِ عالما اتخذ الناس رؤوسا جهّالا فسُئلوا فأفتوا بغير علم فضلّوا وأضلّوا) فإذا كان هناك بعض الناس لا يهُمّهم أن يضِلوا بسبب إفتائهم بالرأي المخالف للعلم الصحيح فينبغي على جماهير المسلمين الذين ليسوا من أهل العلم وواجبهم كما ذكرنا أن يسألوا فينبغي عليهم أن يتنبّهوا، وأن لا يضِلوا مع من ضل من هؤلاء الذين يُفتون بغير علم وسبيل ذلك هو أن نتأدّب بأمر الله عز وجل في القرأن ((هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين)) وإن لم نفعل كما يأمرنا ربنا في هذه الأية ضللنا مع الضالين وكنا من أهل الجحيم نسأل الله عز وجل أن يحفظنا وإياكم من كل ما يُضلّلنا ويخرجنا عن سواء السبيل ولعل في هذا القدر كفاية لبيان أن العلم النافع إنما هو قال الله قال رسول الله قال الصحابة.
السائل: جزاك الله خيرا.
الشيخ: وإياك.
السائل: ويلاحظ على الأسئلة التي جاءت أن الكثير منها طُرِح في لقاءات سابقة كسياقة المرأة للسيارة مثلا وموضوع الخروج على الحُكّام المعاصرين وموضوع ستر الوجه بالنسبة للمرأة وأمور متعلّقة بالصلاة ولذلك فهذه الأمور يعني نرجئها لأنها قد طرحت في لقاءات أخرى وبالإمكان الحصول عليها من الأشرطة السابقة.

(197/9)


«
قلتم يجب علينا اتباع الكتاب والسنة على فهم السلف الصالح، لكن هناك من الناس من يقول: ما لنا وللصحابة هم رجال ونحن رجال وقد اختلفوا فيما بينهم، فكيف نرجع إليهم وهم قد اختلفوا في عدة مسائل؟»
السائل: وهناك بعض الأسئلة الجديدة هي مجمل الأسئلة تدور على أساس فضيلة الشيخ أنكم قلتم أننا يجب أن نتّبع الكتاب والسنّة لكن هناك من الناس من يقول بأننا يعني ما لنا والصحابة فهم رجال ونحن رجال وهم اختلفوا فيما بينهم فكيف يكون نرجع لهم وهم مختلفين فيما بينهم في أمور متعددة؟
الشيخ: أنا أشرت في كلمتي السابقة أن الصحابة إذا كانوا على تفسير واحد لا يجوز الخروج عليهم أما إذا كان كما في سؤال السائل إذا الصحابة أنفسهم اختلفوا فحينذاك وجب على أهل العلم أن يُقوموا بتحقيق نص من نصوص الكتاب الكريم ألا وهو قوله تبارك وتعالى ((فإن تنازعتم في شيء فردّوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الأخر ذلك خير وأحسن تأويلا)) بحثنا السابق كان - يا إخواننا يجب أن تفهموا علينا جيدا ما نطرحه عليكم من النصائح والعلم - نحن نقول أية ((وفي سبيل الله)) قد فسّرها المفسّرون قديما صحابة وتابعين وأئمة مجتهدين وبَنوا عليها بعض الأحكام الفقهية على أن المقصود بها الجهاد في سبيل الله, قول أخر للإمام أحمد أنه أيضا يدخل فيه الحجّ في سبيل الله, ما أحد من الصحابة خالف في هذا إطلاقا ولذلك فهذا السؤال لا يرد فيما نحن فيه, قد يرد في مكان أخر فجوابه أنهم إن اختلفوا فصحيح حينذاك نحن رجال وهم رجال لكن هذا الذي يقول نحن رجال ما وزنه في العلم؟ هل هو هذا الذي قلنا إنه يفتي بما قال الله وما قال رسول الله ويَدْرس أقوال السلف ويعرف إنه المسألة هذه فيها قولان وإلا ما فيها إلا قول واحد إن كان كذلك فقد يجوز أن يقول الإنسان هم رجال ونحن رجال, وإن كان هذا فيه شيء من التزكية للنفس وذلك طبعا محضور شرعا ولكن على كل حال إذا ما قاله بلسان القال فيمكن أن يقوله بلسان الحال فمن الذي يجوز أن يقول عن نفسه بلسان الحال نحن رجال ومتى يجوز له أن يقول نحن رجال كما هم رجال؟ الجواب أولا إنما يجوز أن يقول القائل من المتأخّرين هُم الصحابة رجال نحن رجال إذا كان جرى على سَنَنِهم وعلى خطتهم وعلى من منهجهم من حيث عدم الإفتاء بالرأي وإنما بما جاء في الكتاب والسنّة فإن كان هذا الذي يقول هم رجال ونحن رجال سار على المنهج الذي جرى عليه أولئك الرجال جاز له أن يقول ولو بلسان الحال نحن رجال وهم رجالز
هذا أولا وثانيا متى يقول هذا؟ يقول هذا إذا اختلفوا أما إذا اتفقوا فليس هو برجل بل قول ونحن رجال دليل على أنه ليس من الرجال لأن الله عز وجل قد ذكر في الأية السابقة التي احتججت بها على أنه لا يجوز لأحد اليوم أن يأتي بتفسير جديد بنصّ من قرأن الله القديم فُسّر على وجه سبق, فلا يجوز الأن أن نُفسّر نحن هذا النص بتفسير جديد لم يُسبق إليه.
هذا يكون قد خرج على ما كان عليه أولئك الصحابة وهناك يتحقّق فيه قول الله عز وجل وقول الرسول عليه السلام معروف, أما قول الله فهي الأية السابقة ((ومن يشاقق الرسول من بعد تبيّن له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نولّه ما تولّى ونصله جهنم وساءت مصيرا)) لماذا ذكر الله عز وجل في هذه الأية ((ويتبع غير سبيل المؤمنين))؟ لماذا لم تكن الأية "ومن يشاقق الرسول من بعد تبين له الهدى نولّه ما تولى"؟ لماذا زاد هذه الجملة المعطوفة على الرسول فقال ((ويتبع غير سبيل المؤمنين)) ذلك لما ذكرناه أنفا أن الصحابة الذين تلقوا العلم أي القرأن والحديث من الرسول عليه الصلاة والسلام مباشرة كانوا أفهم الناس عقولا وأطهر الناس قلوبا وأزكى الناس نفوسا ولذلك كانوا يُبادرون إلى تطبيق أحكام الله عز وجل مهما كانت شديدة على النفس لاسيما إذا كانت حديث عهد بالإسلام, هؤلاء الصحابة هم الذين تلقوا القرأن والسنّة وفهموه وطبّقوه إذا نحن جئنا في أخر الزمان فخالفناهم في فهمهم في عملهم انطبقت علينا تلك الأية ((ومن يشاقق الرسول من بعد تبيّن له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين)) فنكون قد اتبعنا سبيل غير سبيل المؤمنين, والمثال الأن بين أيديكم إذا لم يوجد في السلف من قال ((وفي سبيل الله)) يدخل فيه كل المشاريع الخيرية فمعنى الذي يُفتي ويُفسّر الأية بهذه الكليّة أنه خالف سبيل المؤمنين, أما إذا اختلفوا كما جاء في السؤال فحينذاك لنا جواب ثاني وهو منصوص أيضا في القرأن الكريم ((فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الأخر ذلك خير وأحسن تأويلا))، نعم.
ومشكلة جديدة اليوم إن كثيرا من الناس يعلمون أن المسألة فيها خلاف فعلا, فكيف يتبنّون قولا ويرجّحونه على قول؟ ليس اعتمادا على هذا الأمر الإلهي وتنفيذا له ((فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول)) لا يرجعون إلى الله والرسول ومعنى الأية كما هو معلوم لدى الجميع الرجوع إلى كتاب الله وإلى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
إذًا إلى ماذا يرجعون؟ والله هذا الأيسر, هذا الأصلح وهذا يعني بيشجّع الناس على التمسّك بالدين, أهكذا أمر رب العالمين في الأية؟ لا ((فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الأخر ذلك خير وأحسن تأويلا))، فمن لم يرجع هذا المرجع ما يكون يعني فيه إشعار في الأية أنه في قلبه زغل وفي إيمانه ضعف, لذلك ينبغي نحن معشر المسلمين جميعا بالقسمين السابقين, من كان من أهل العلم حقا فسبيله أن يرجع إلى كتاب الله وحديث رسول الله وما اتفق عليه أصحاب رسول الله, فإن تنازعوا رجع إلى كتاب الله وحديث رسول الله بحكم هذه الأية, ومن كان من عامة الناس ليس من أهل العلم يرد الأية السابقة الذكر ((فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)) من هم أهل الذكر؟ عرفنا بوضوح كما قال ابن القيم " العلم قال الله قال رسوله "، أهل الذكر أهل العلم بالقرأن وبالسنّة أما السؤال هذا فعما تنازعوا فيه, لقد تنازع الصحابة كثيرا في بعض المسائل الفرعية ولم يختلفوا والحمد لله في شيء من العقيدة بخلاف الخلف, فلما تنازعوا رجع العلماء المسلمين وبخاصة منهم المجتهدين إلى القرأن وإلى السنّة فرجّح كل منهم ما تبيّن له أنه الراجح.
فأرجو أن لا يختلط الأمر على أحد من الحاضرين بين وجوب اتباع الصحابة فيما اتفقوا عليه وعدم الخروج عليهم برأي جديد وبينما إذا كانوا اختلفوا فحين ذلك نقول أو يقولون هم رجال ونحن رجال بالشرط السابق أن يكونوا يتحاكمون إلى كتاب الله وحديث رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم.

(197/10)


«
هل الصحابة اختلفوا في مسائل العقيدة؟»
السائل: سؤال مرتبط بهذا الموضوع هل الصحابة اختلفوا في العقيدة؟
الشيخ: سبق الجواب، " سبق السيف العذل " قلت أنفا أنه الصحابة اختلفوا في بعض المسائل الفرعية ولم يختلفوا والحمد لله في شيء من العقائد كما اختلف الخلف.
السلف والحمد لله ليس فيهم معتزلي ولا فيهم مرجئي ولا فيهم أشعري ولا فيهم ماتوريدي بل كلهم سلفيون كما نقول نحن اليوم لأنهم كلهم اتبعوا سيد السلفيين وهو الرسول عليه السلام دون أن يميلوا يمينا ويسارا, دون أن يحكّموا عقولهم وآراءهم في الأمور الغيبية, فأنتم تعلمون مثلا المعتزلة أنكروا رؤية الله في الأخرة, بأي دليل؟ قالوا مش ممكن الإنسان العاجز الضعيف البصر أن ينظر إلى الله الخالق القدير, ما فيه عندهم علم سوى مش معقول, ربنا قد بيّن لنا أن يوم القيامة له نظام يختلف عن نظام هذه الدنيا الفانية ولذلك أنبأنا بأمور غيبية لنؤمن بها ونُسلّم لها تسليما كما جاء في الأية السابقة ((ويسلّموا تسليما)) لا أن نقول هذا مش معقول وهذا بعيد عن العقل والمنطق, وقع في مثل هذه الانحرافات المعتزلة والأشاعرة وغيرهم.
السائل: جزاكم الله خيرا.

(197/11)


«
هل الشارع اسم من أسماء الله؟»
السائل: تذكر أحيانا في كتبك ويذكر كذلك شيخ الإسلام ابن تيمية كلمة "الشارع" فهل هذا اسم من أسماء الله؟
الشيخ: هذا ليس اسما من أسماء الله لكن هذا إخبار عن وصف ((أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله)) نحن نقول مثلا بكل بساطة ولا إنكار ولا جحود الله موجود, فهل اسم موجود من أسماء الله عز وجل؟ طبعا لا, الذي يُنكره العلماء أنه لا يجوز تسمية الله عز وجل ووصفه إلا بما سمّى ووصف به نفسه لا يعنون الجملة الخبرية التي يطلقها الإنسان ثم لا يقف عندها فيصف الله عز وجل بأنه من أسماءه أنه موجود ومن أسماءه بأنه شارع وإنما هو يخبر خبرا محضا وهذا ما يُبيّنه ابن تيمية الذي يقول السائل بأنه يستعمل كلمة الشارع لأنه هذا إخبار عن معنى قائم في الذهن يُعبّر عنه الإنسان, فالله عز وجل إذا قال قائل ليس بمفقود ليس بمعدوم لا يكون قد أطلق اسما على الله أو صفة من صفات الله لكنه بهذه الكلمة لبس بمعدوم يعبّر عن كلمة الباقي أو اسم الباقي والحي القيوم ونحو ذلك, لهذا لا يُنكَر مثل هذا الاستعمال إذا لم يُستعمل على أنه اسم جاء عن السلف أو إنه صفة جاء في الشرع منصوصا عليها.

(197/12)


«
يتهم البعض السلفيين بأنهم مهتمين فقط بقضية التوحيد وخاصة توحيد الأسماء والصفات أكثر من غيره فلماذا؟»
السائل: يُشاع أو يَتهم البعض السلفيّين بأنهم مهتمين فقط بقضية التوحيد وخاصة توحيد الأسماء والصفات أكثر من غيره, فلماذا؟
الشيخ: هذا السؤال ألاحظ في الحقيقة أن فيه اعتدالا وأرجو أن يكون السائل قد قصد ذلك ولم يكن منه رمية من غير رام كما يقال لأنه جاء في ختام السؤال أكثر من غير ذلك, فنقول صدقت وهل هذا خطأ أن يهتم الدعاة السلفيون بدعوة المسلمين إلى أسّ الإسلام ألا وهو التوحيد أكثر من غير ذلك مما هو دون ذلك بكثير؟ فهذا يعني هو السؤال فيه إشارة إلى أنه هذا خطأ؟ إن كان الأمر كذلك فالسائل هو المخطئ لماذا؟ لو سألنا أي أحد من هؤلاء الذين يَنقمون على السلفيين اهتمامهم بالتوحيد وما يتفرّع منه من محاربة الشركيّات والوثنيات والخرافات والعقائد الباطلة, إذا قلنا لهؤلاء المُنكرين فأيّ شيء ينبغي أن نهتم أكثر؟ أنا أتحداهم أن يقولوا أنه هناك شيء أهم من هذا, نعم فيه هناك أشياء هامة وهامة كثيرة جدا وقد لا يستطيع أن يقوم بالدعوة إليها أو بفهمها شخص واحد بل ولا أشخاص, بل قد لا يستطيع أن يقوم بها جماعة واحدة وإنما جماعات وكما قيل,
"
العلم إن طلبته كثير *** والعمر عن تحصيله قصير
فقد الأهم منه فالأهم ".
فإذا كان الداعية السلفي لا يستطيع أن يبحث مثلا في السياسة وفي الاقتصاد وفي ... أشياء تسمّى اليوم في العصر الحاضر واصطلاحات, لا يستطيع لأنه لم يعطَ الإنسان قدرة تتّسع وحافظة تتّسع لكل ما يجب أن يعلمه جماعة المسلمين, فيحيط به فرد من أفرادهم, هذا امر مستحيل والله عز وجل يقول ((لا يكلِّف الله نفسا إلا وسعها)).
فإذًا على كل مسلم أن يقوم بواجب من الواجبات خاصة إذا كانت واجبات عينية فإذا انتهى منها قام بواجبات كفائية, أما لماذا فلان يعمل في كذا ولا يعمل في كذا؟ هذا خطأ مَن مِن الناس مهما أحسنتم الظن به يقوم بكل شيء يجب أن يقوم به المسلم؟ هذا أمر مستحيل خاصة في باب الفروض الكفائية, مثلا أولئك الذين نراهم يشتغلون مثلا بالناحية السياسية الإسلامية زعموا, لماذا لا يهتمّون بإصلاح عقائد المسلمين ويعيش الفرد الواحد منهم في حزبهم وفي جماعتهم بضع سنين أو أكثر ثم يخرج بعد ذلك لم يفقه العقيدة, لم يفقه معنى لا إله إلا الله التي فهمها العرب في أول الإسلام وهم لا يزالون في كفرهم وفي ضلالهم لكنهم بعد أن فهموها كفروا بها كما قال الله عز وجل حكاية عنهم أنهم قالوا ((أجعل الألهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب))؟
المسلمون اليوم كثير منهم جدا لا يفقهون هذه الكلمة فلماذا هؤلاء الذين يشتغلون زعموا بالسياسة ويشتغلون زعموا بالتربية, لماذا لا ُيْعنون بإصلاح العقيدة؟ لماذا لا يُعنون بتصفية الإسلام مما دخل فيه من أحاديث ضعيفة موضوعة ومن عقائد منحرفة؟ ولماذا ولماذا, هذا أسئلة لا ننتهي أبدا, نحن نكتفي بأن أمثال هؤلاء إذا عملوا بواجب نشكرهم على ذلك لأنه هذا واجب من الواجبات الكفائية ولكن بشرط أن لا يُحاربوا أولئك الناس الذي يقولون عنهم بأنهم صرَفوا حياتهم في إيش؟ الدعوة إلى التوحيد, وهذا فيه شيء من الإنصاف وإلا كثيرا ما سمعنا بل رأيناه مطبوعا على رسالة هناك في الأردن يقولون وماذا عند السلفيين سوى أنه تحريك الأصبع سنّة وتحريك الساعة الدقاقة في المسجد بدعة, وهو هذا الذي يكتب هذا يعلم أن هؤلاء السلفيين يُعالجون أهمّ قضيّة اليوم يحتاجها العالم الإسلامي ألا وهي معرفة أوّلا توحيد الله عز وجل في عبادته وفي أسماءه وصفاته وثانيا إفراد الرسول عليه السلام في اتباعه دون الناس أجمعين, هذا هو معنى لا إله إلا الله محمد رسول الله.
السلفيون بفضل الله أنعم الله عليهم أنهم يدعون إلى هذا الإخلاص لله عز وجل في توحيده وإلى إفراد الرسول عليه السلام في اتباعه دون غيره حتى الأنبياء والرسل فضلا عمّن دونهم من العلماء والصالحين, ولعلكم تذكرون والشيء بالشيء يُذكر حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما الذي أخرجه الإمام أحمد في المسند وغيره أن النبي صلى الله عليه وأله وسلّم رأى في يد عمر يوما صحيفة يقرأ فيها, قال ما هذه؟ قال هذه صحيفة من التوراة كتبها لي رجل من اليهود, فقال عليه الصلاة والسلام وهو غضبان (أمُتهوّكون أنتم كما تهوّكت اليهود والنصارى والذي نفس محمد بيده لو كان موسى حيّا لما وسعه إلا اتباعي) موسى لو كان حيا ما استطاع أن يتّبع إلا الرسول عليه السلام, من يتبع اليوم جماهير المسلمين؟ هل يتبعون الرسول عليه السلام؟ من المؤسف أن أقول بكل صراحة خذ أيّ شيخ تعتقدون فيه العلم قل له صف لي كيف كان رسول الله يصلي حتى أصلي صلاته؟ إن كان منصفا فسيبادرك بالقول أنا مذهبي شافعي وإن كان حنفيا سيقول أنا مذهبي حنفي إذا سألته عن أركان الوضوء وشروط الوضوء سيقول أنا حنفي هي أربعة, إذا كان شافعي سيقول هي ستة, يا أخي دلني كيف الرسول عليه السلام توضّأ, لا يعرفون الرسول عليه السلام وانقطعت الصلة مع الأسف الشديد بينهم وبين الرسول فاتبعوا غير الرسول حقيقة بينما كان واجبهم أن يُفرِدوا الرسول عليه السلام بالاتباع تماما كما يُفردون الله في العبادة لأنه هذا حق الله وعبادته وحده لا شريك له, وهذا حق رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو اتباعه وحده لا شريك له أيضا في هذا الاتباع, لا نجد اليوم علماء المسلمين يخلصون للرسول عليه السلام في اتباعه بل يتخذون معه متّبعين كثيرين وكثيرين جدا.
إذًا نحن ندعو إلى تفهيم المسلمين حقيقة هذه الشهادة لا إله إلا الله محمدا رسول الله, فعلى أولئك الذين يشتغلون بما دون ذلك من الإسلام أن لا يُحاربوا هذه الدعوة لأن دعوتهم لا تساوي كما يقول عندنا في الشام " قشرة بصلة " إذا لم يؤمنوا بهذا التوحيد الذي بيّنه الله تبارك وتعالى في كتابه وشرحه نبينا صلى الله عليه وسلم في سنّته, ربنا يقول ((لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين)) ((لئن أشركت ليحبطن عملك)) اليوم مئات الألوف من المسلمين يُصلّون ليس فقط الصلوات الخمس بل يصلّون والناس نيام, يحجون إلى بيت الله الحرام وليس فقط حجّة الإسلام بل قد يحجّون في كل عام ومع ذلك ففي بيت الله الحرام نسمع الشرك يعمل عمله, ما فائدة هذه العبادات إذا كان ربنا عز وجل يُصرّح في كتابه كما سمعتم ((لئن أشركت ليحبطن عملك)) وقال عز وجل في حق الكفار ((وقدِمنا إلى ما علموا من عمل فجعلناه هباء منثورا)).
إذًا نحن إن كان يجوز لنا أن نفخر بأننا ندعو في أكثر أمورنا ودعوتنا إلى التوحيد وتوحيد الأسماء والصفات, إن كان يجوز لنا أن نفخر بذلك فنحن فخورون جدا لأننا نحقّق نصا في القرأن ((فاعلم أنه لا إله إلا الله) فعلى الأخرين أن لا يُحاربوا هذه الدعوة بل ينقادوا معها حتى يستفيدوا من جهودهم الأخرى التي هي دون تلك الدعوة في درجات سحيقة وسحيقة جدا.

(197/13)


«
ما حكم من يساعد في نشر كتب الأشاعرة وغيرهم من الفرق الضالة؟»
السائل: يقول السائل ما حكم من يساعد في نشر كتب الأشاعرة وغيرهم من الفرق الضالة؟
الشيخ: هذا السؤال لا بد من توضيح الجواب عليه, إذا كان الذي يطبع هذه الكتب ليتعلّم الناس فيها عامة الناس ليتثقّفوا بما فيها من كلام بل من علم الكلام فهذا طبعا يَصْدق فيه الشطر الثاني من قول الله عز وجل في القرأن الكريم ((وتعاونوا عل البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان)) ففي هذا النشر تعاون على الإثم والعدوان أما إذا كان النشر في حدود.

(197/14)


«
ما رأيكم في التوسع في إطلاق كلمة الشهيد؟»
السائل: معنى شهيد أو استشهد في سبيل الله؟
الشيخ: الشهيد في الإسلام يا إخواننا الكرام له حالتان, إما أن تكون شهادته حقيقية وإما أن تكون شهادته حُكمية وليست حقيقية.
الشهادة شهادتان الشهادة الأولى هو القتيل من المسلمين يقع شهيدا في المعركة وهو يقاتل في سبيل الله فهذا هو الشهيد حقيقة وهذا له أحكام معروفة في الإسلام فهو لا يُغْسل ولا يكفّن ويُدفن في ثيابه التي تضمّخت بالدماء الزكية ويُدفن في المكان الذي وقع في صريعا, هذه أحكام خاصة بالشهيد في المعركة.
ثم هناك شهادة حكميّة ولا يترتّب من وراءها شيء من هذه الأحكام المتعلقة بالشهادة أو الشهيد الحقيقي, هذا النوع من الشهادة وهي الشهادة الحكمية إنما تؤخذ بطبيعة الحال من ما حكم الشارع الحكيم بأن من اتصف بكذا فهو شهيد, مثلا يقول الرسول صلى الله عليه وأله وسلم (من مات دون ماله فهو شهيد ومن مات دون دمه فهو شهيد ومن مات دون أرضه فهو شهيد) (من قتله بطنه فهو شهيد) (من قتل بالغرق أو الهدم فهو شهيد) (من قتل بداء السل فهو شهيد) (المرأة الجمعاء تموت في نفاسها فهي شهيدة) هذه بعض النماذج مما صحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أطلق عليه اسم شهيد ومع ذلك فالعلماء مجمعون على أن هذا الإطلاق لا يُعطيه فضيلة الشهيد حقيقةً الذي مات في المعركة وإنما هو من باب التقريب في الفضل يعني هؤلاء الذين أطلق عليهم الرسول عليهم السلام أنهم أو أن كل واحد منهم شهيد له فضل لا يساويه في ذلك سائر الناس الذين لا يموتون في حالة من هذه الأحوال.
ألسنتكم, (جاهدوا المشركين بأنفسكم وأموالكم وألسنتكم) فهذا الذي يؤلّف المقالات أو يطبع الرسالات في الرد على الكفار المشركين, هذا نوع من الجهاد بلا شك, هذا الذي يُساعد هؤلاء بماله فهو أيضا نوع من الجهاد في سبيل الله عز وجل لكن لا يُسمّى شرعا إذا مات والحالة هذه إنه شهيد ذلك لأن الشهادة حكم شرعيّ لا يجوز إطلاقه على كل من جاهد في سبيل الله نوعا من أنواع الجهاد وإنما هو الوقوف مع النص.
نحن نضرب لكم مثلا برجل قلّما ولدت النساء مثله في الجهاد بالمعنى العام ألا وهو شيخ الإسلام ابن تيمية ويكفيكم أنه مات في السجن محبوسا ظلما وعدوانا لأنه كان يصدع بالحق ولا تأخذه في الله لومة لائم, فأرونا أي كتاب من كتب علماء المسلمين الذي يُترجمون لهذا الرجل ويبيّنون أنه كان أمة واحدة وصفوه بابن تيمية الشهيد, الشهيد ابن تيمية.
الحق والحق أقول إن هذه الكلمة أصبحت اليوم مُبتذلة إلى درجة نَضحك نحن من بعض الناس أنه رجلا قتل أخر ظلما وبغيا وعدوانا فيأتي أخر فيقتل القاتل وإذا بهذا القاتل الذي صار قتيلا وأخذ جزاءه في الدنيا حينما يُحمل على النعش وعلى الرؤوس, تسمع الناس يقولون والشهيد حبيب الله فأصبحت الشهادة كلمة مبذولة, عندنا في سوريا كان شاعت قصة رجل في الحرب مع اليهود اسمه جورج جمال يمكن سمعتم باسمه, هذا رجل نصراني وأصبح بين الناس حتى المسلمين لجهلهم وضلالهم وبُعدهم عن الإسلام, الشهيد جورج جمال وحتى أطلق اسمه على مدرسة ولافتة كبيرة مدرسة الشهيد جورج جمال.
ما الذي سوّغ هذا الانحراف البالغ في إطلاق هذا الاسم حتى على الكافر؟ تساهلنا نحن في استعمال هذه الكلمة حتى أدخلنا فيها أو تحتها أي معنى له يعني منزلته في الإسلام, هذا لا يجوز إسلاميا يجب أن نقف كما قال تعالى ((وتلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون)).
فنحن إذًا خاصة الكلام لا نُطْلق لقب أو اسم الشهيد إلا على ما جاء في السنّة بأنه شهيد مهما كان عمله عظيما كما ضربنا لكم مثلا بهذا الرجل العظيم ألا وهو شيخ الإسلام ابن تيمية الذي مات وهو سجين, لا نقول عنه إنه شهيد وإن كنا نريد أن نُطْلق هذه الكلمة على بعض الناس من الأبطال الذي أبلوْا بلاء حسنا في سبيل خدمة الإسلام ومحاربة أعداء الإسلام لقلنا الشهيد ابن تيمية ولكن حاشا لله أن نعظّم الناس بألفاظ ما جاء الإذن لنا في شريعة الله عز وجل أن نستعلمها وفي ذلك عبرة لمن يعتبر وذكرى لمن يتذكّر.

(197/15)


«
يشيع البعض أنكم تصححون وتضعفون بدون ضوابط والدليل على ذلك أنكم أحيانا تتشددون في التصحيح وأحيانا تتشددون في التضعيف أحيانا تصححون في الصحيح وتضعفون في صحيح الجامع وتقولون رجعنا عن كذا وكذا فما قولكم؟»
السائل: يُشيع البعض بأنكم تضعّفون وتصحّحون دون ضوابط والدليل على ذلك أنكم أحيانا تتشدّدون في التصحيح وأحيانا تتشدّدون في التضعيف, أحيانا تصحّحون في الصحيح وتضعّفون في صحيح الجامع وتقولون رجعنا عن كذا وكذا, فما قولكم؟
الشيخ: نقول من كان من أهل العلم فنحن مستعدون لنناقشه فيما يدّعيه أما إذا كان ليس من أهل العلم فلا وزن لكلامه, هذا من جهة.
من جهة أخرى أنا أعترف وأقول كما قلت أنفا إن جاز لي أن أفتخر فأنا أفتخر بأنه إذا تبيّن لي الخطأ رجعت عنه ولا أصرّ عليه كما يفعل غيري, ومن المؤسف جدا أن تنقلب الفضيلة اليوم مع بعض الناس إلى قباحة أو قبيحة بل ربما إلى رذيلة, فماذا في الإنسان إذا تبيّن له خطؤه في كتاب فتراجع عنه لا سيما في مثل هذا العلم، علم الحديث والتصحيح والتضعيف الذي أعرض عنه ملايين علماء المسلمين طيلة هذه القرون الطويلة؟ لماذا؟ لصعوبته وأنا أضرب لكم مثلا بسيطا جدا ولو أنه له علاقة بالمصطلح لكنه واضح المثال.
الحديث ينقسم عند علماء الحديث وأقول الصحيح ينقسم إلى صحيح لذاته وصحيح لغيره وكذلك الحديث الحسن ينقسم عند أهل العلم إلى حديث حسن لذاته وحسن لغيره.
وهنا البحث الأن, ما معنى هذا حديث حسن لذاته وحديث حسن لغيره؟ معناه أن هذا الحديث ليس له سند صحيح لكن له سند صحيح, هذا تعريف ماذا؟ الحديث الحسن لذاته والحديث الحسن لذاته هو الذي توفّرت فيه شروط الحديث الصحيح كلها لكن أحد رواته قلّ ضبطه وحفظه عن مستوى حفظ وضبط راوي الحديث الصحيح, لذلك قالوا عن حديثه حديث حسن لذاته, يأتي بعد ذلك المثال في النهاية الحديث الحسن لغيره ما هو؟ يعني هو الحديث الذي ليس له إسناد صحيح, فيأتي الشيخ الألباني ما غيره هذا الذي موضوع في قفص الاتهام يأتي إلى حديث فيقف على إسناده فيضعّفه.
ويمضي زمن ويمضي زمن وهو يقول إنه هذا حديث ضعيف وإذا به وهو منغمس كل حياته في دراسة المخطوطات فضلا عن المطبوعات وإذا به يرى لهذا الحديث طريق أخرى وأقلّ ما يُفيد هذه الطريق الأخرى ذلك الحديث الذي هو ضعيف أنه يرفعه من الضعف إلى مرتبة الحسن لغيره فأقول في كتاب أخر هذا حديث حسن ليه؟ لم قلت من قبل إنه ضعيف ثم قلت أخيرا في كتاب أخر إنه حسن؟ لأنه تبيّن لي شيء كنت لا أعلمه, وإن كان الإنسان بطبيعة الحال كما وصفه الله عز وجل ((وما أوتيتم من العلم إلا قليلا)) لكن أصدَق ما يصدق مثل هذا النص هو بالنسبة للذي يشتغل في علم الحديث لكثرة الطرق بالألوف المؤلّفة ولذلك فالواجب على الإنسان أنه يبحث في حدود ما يستطيع, وأنا فعلت ربما لا أقول هذا مدحا بل بيانا للواقع بحثت وفتّشت عن طرق الحديث بصورة يُمكن لا وجود له في العصر الحاضر, وكثير من أهل الإنصاف والعلم يعترفون بهذه الحقيقة لكن هل أنا أحطت بكل شيء علما هيهات هيهات, فاتني ويفوتني الشيء الكثير, هذا مثال بسيط فالذي يجهل هذه الحقيقة, إيه ليه الألباني ضعّف الحديث في الكتاب الفلاني ثم صحّحه في الكتاب الفلاني؟ هذا مثال للحديث الذي ضعّفته في كتاب وقوّيته في كتاب أخر والعكس أيضا صحيح يقع, أي ربما أصحّح حديثا في كتاب وتمضي السنين وإذا بي أكتشف علة خفيّة في ذلك الإسناد الذي كنت صحّحته فأنقد نفسي بنفسي وقد ينقدني غيري فأستفيده منه فأعلنها صريحة أنه هذا الحديث ضعيف السند, إن كان في مجال للبيان فعلتُ ذلك وبيّنت وفصلت القول ومجال ذلك الكتابان المشهوران "سلسلة الأحاديث الصحيحة" و"سلسلة الأحاديث الضعيفة" وإن كان ما فيه مجال اقتصرت لبيان المرتبة كما جريت على ذلك في "صحيح الجامع" و"ضعيف الجامع".
هذه الأمور أهل العلم لا يكادون يتنبّهون لها فضلا عن طلبة العلم فضلا عمّن دونهم لذلك أنا أنصح إخواننا طلبة العلم جميعا مهما كانت اتجاهاتهم وحزبيّتهم - عافانا الله وإيّاهم - أن يتريّثوا في النقد وأن يتساءلوا في أنفسهم كما جاءني نقد من بعض الإخوان في بعض الليالي التي سهرناها في الخارج أنه مثلا ينتقدني في حديث أنه حديث الطِيَرة يعني " وما منا إلا يصيبه الطيرة ثم يذهبه الله بالتوكل " فكتب إليّ يعني قرابة صفحة يقول أنت أخطأت حينما ذكرت " وما منا " هذا ليس من الحديث وإنما هذا مُدْرج، على حسب ما نقل هو فقط قلت والله هذه خطيئة وما منا من أحد إلا ويخطئ, لما رجعت إلى الحديث الذي أوردته في السلسلة وإذا أنا أشرت الكلام الذي هو يواجهني به ويقول إنه هذه الجملة مدرجة فكيف أنت صحّحتها؟ وإذا به أجد الكلام هناك في الصحيحة أشير إلى الإدراج وأنقل كلام بعض الأئمة الذين هو نقل عنهم أن هذه الزيادة مدرجة ولكني أتبنّى رأي علماء أخرين أنه هذا ليس مدرجا لأنه جاء في صلب الكلام, هذا مثال يعني من أمثلة تسرّع بعض إخواننا لأنكار وكأنه المقصود هو مجرّد الإنكار وليس البحث العلمي.
خلاصة القول قد أصحّح حديثا ثم يتبيّن لي علّة فيما بعد والعلل كثيرة في هذا العلم, قد يكون مثلا هناك إرسال خفي والإرسال الخفي من العلل التي يقول بعض أهل العلم أنه معرفة علل الحديث من حيث الإرسال هو أدق أنواع علم الحديث, منِ الذي يعرف هذا المجال وأهمّيته وكونه قد يخفى على أكبر العلماء؟ ما يعرف ذلك إلا الذي مارس الأمر بنفسه.
خلاصة القول أنه هذا السؤال الذي سمعته الأن ليس هو بالأمر الجديد, تأتينا رسائل ومناقشات كثيرة والجواب باختصار أن الذي ينقد هذا النقد ما أظنه من أهل العلم وإن حسّنت الظن به فهو من شبابنا المسلم المتحمّس ثم ينطلق بدون وعيه إلى النقد, هذا إذا كان ليس من أهل الشحناء والبغضاء الذين ابتلينا بهم في بعض البلاد, ونسأل الله عز وجل أن يصلح ذوات نفوسنا وأن يطهّر قلوبنا من الغل والحقد والحسد وأن يجمعنا على كتاب الله وهدي رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم.
السائل: أخر سؤال.

(197/16)


«
كيف يكون الرد على من يقول: أنتم معشر السلفيين تنكرون التقليد، وأنتم تقلدون الألباني بقولكم: صححه الألباني وحسنه وضعفه، مع أنه يخالف في بعض الأحيان أئمة الحديث كالحافظ ابن حجر والذهبي فما قولكم؟»
السائل: يقول كيف يكون الرد على من يقول أنتم معشر السلفيين أو السلفيون تنكرون التقليد، وأنتم تقلّدون الألباني بقولكم صحّحه وحسّنه وضعفه، مع أنه يُخالف في بعض الأحيان أئمة الحديث كابن حجر والذهبي وغيرهما؟
الشيخ: شوف بقى السؤال, أظن سمعتموه؟ ماذا يفعل المسلم إذا وجد العلماء قد اختلفوا في حديث ما تصحيحا وتضعيفا؟ لا بد له على طريقة السائل من أن يقلّد, إما الذي صحّح أو الذي ضعّف ثم هو ليس بين يديه من يساعده أو يبصّره على ترجيح قول من القولين على الأخر لكن وُجِد هناك رجل ابتلي بالناس وابتليَ الناس به أنه خصّص حياته لهذا العلم، واقتنع بعض الشباب المسلم بأنه هذا الرجل على شيء من هذا العلم فيسمّي السائل أو من يُشير إليه أنه هذا الشباب في العالم الإسلامي كله بيدعو أنه هم سلفيين ما بيقلّدوا وها هم يقلّدون الألباني, طيب من يقلّدون إذا؟ يقلّدون الذين ماتوا واختلفوا وتركوا لنا هذا الاختلاف, لا بد لهم من أن يتبنّوْا رأيا من الرأيين صحيحا أو ضعيفا, فإذا وُجِد إنسان يُقرِّب لهم وجهة الاختلاف ويبيّن هذا سبب التضعيف وهذا سبب التصحيح ثم يعمل عملية ترجيح, فهل هذا يكون يعني خير من الله عز وجل أن قيّض لهم إنسانا يبعث لهم هذا العلم من جديد ويبصّر الشباب المسلم ويُحرّكهم ليعلموا بعلم الحديث؟ لا أقول أمرا يعني أو لا أكشف سرا كما يقال, قبل ثلاثين سنة لم يكن في العالم الإسلامي عالم كاتب خطيب يذكر حديثا في خطبته أو في كتابه أو في أي مجال من مجالات العلم يقول رواه البخاري ورواه مسلم أو رواه فلان أو صحّحه فلان أو إذا جاب حديث ويقول كمان إسناده ضعيف, هذا ليس له ذكر إطلاقا في العالم الإسلامي كله قبل ثلث قرن من الزمان لكن اليوم الحمد لله تجد النشاط بالإعتناء بالحديث وتخريجه وحتى البعض يحاول يصحّح وهو لمّا يبلغ مرتبة التصحيح والتضعيف, معناه صار في العالم الإسلامي حركة علمية عجيبة جدا, يعرف هذا كبار السن من أمثالي, أما أنتم فتعيشون الأن في بحبوبة من العلم, بهذا العلم الشريف ألا وهو علم الحديث.
الخلاصة نعود إلى هذا السؤال يقولون يقلّدون الألباني, قلنا لا بد من التقليد على حد تعبيرهم لكن علماء الأصول والفقه في الأصول وبخاصة منهم الإمام الصنعاني, الأمير الصنعاني له رسالة سمّاها "تيسر الاجتهاد" أو "في تيسر الاجتهاد" يذكر هناك أن الرجل حينما يسمع عالما يقول في حديث ما إنه حديث صحيح أو في حديث ما يقول حديث ضعيف، فعلى من لا علم عنده أن يتّبعه وأن اتباعه هذا ليس تقليدا وإنما هو اتباع ويفصّل القول هناك بناء عل علم الحديث, خلاصة ذلك أن الرجل إذا قال لك عن رجل ما لا تعرفه, هذا رجل حسن المعاملة لا بأس أن تشاركه فأطعته في هذا وانطلقت لتشاركه, هذا ليس هو اسمه تقليد وإنما هو اتباع, التقليد هو أن تسلّم قيادة عقلك وتفكيرك لمن تقلّده دون أن تجتهد, يا ترى هذ رجل عالم, رجل صادق فيما ينقل, هذا هو التقليد لما تغمّض عيونك لأنه التقليد يقول أهل العلم مشتق من إيش؟ من القلادة كأنك بتقيم القلادة من عنقك وبتلبسوا في عنقه ... وهذا طبيعة الإيش؟ المقلدين والليلة سمعنا بمناسبة البحث السابق في أية ((وفي سبيل الله)) أنه سمعنا من أحد العلماء أنه ما فيه مانع نُخرج الزكاة ونعطيها لبناء المساجد أو بناء المستشفيات وذكر أثرا معروف وأنا ذكرته في "سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة" " من قلّد عالما لقي الله سالما " فهو إيش سوّى؟ قلّد هذا العالم مجرّد ما قال له هيك خلاص كأنه هو مع النص ويسلموا تسليما.
ليس كذلك شأن من يحاول أن يتبصّر أنه هذا الرجل اللي بيقول هذا حرام أو بيقول حلال أو بيقول حديث صحيح أو ضعيف, يحاول يستوثق منه هل هو متمكّن في هذا العلم, هل هناك مجال مثلا لمناقشته أو لا مجال, فبعد ما بيطمئن بيتبعه, فلا يقال في هذا مقلّد كما جاء في سؤال السائل لكن إذا كان ما اقتنع بهذا لأنه ليس من أهل العلم بطبيعة الحال فأنا أقول له ماذا تقعل أنت؟ أنت تقلّد وهؤلاء يقلّدون لكن هؤلاء يقلّدون على شيء من البصيرة أما أنت فكما نرى كثيرا من الناس اليوم يقولون بقول هذا العالم بدون دليل وبكرة يقولون بقول ذلك العالم بدون دليل, أما الدليل فيوصلك إلى اتباع الحق حيث كان سواء كان لك أو كان عليك.
هذا مما تيسّر من الجواب عن الأسئلة المقدّمة وأسأل الله عز وجل أن يوفّقنا وإياكم للصواب واتباعه حيث ما كان ومع من كان.
والسلام عليكم ورحمة الله.
السائل: في النهاية يعني نرجو الله عز وجل أن ينفعنا بما سمعنا ونقول يعني إذا كان في الدعوة مميزات فإن الدعوة السلفية امتازت لأنها هي الوحيدة التي كتبت في التوحيد وبيان الشرك والانحراف وهي الوحيدة أيضا علماءها قديما وحديثا كتبوا في التصحيح والتضعيف وكل الناس وكل الدعوات الموجودة الأن ما قرأنا لأحدهم كتاب يعتدّ به في قضايا التوحيد والشرك أو في قضايا التصحيح والتضعيف, وهذا من فضل الله عز وجل علينا وجزاكم الله خيرا.

(197/17)


«
خطبة الحاجة
الشيخ: إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
((
يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون)).
((
يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا)).
((
يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما)) أما بعد,
فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وأله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.

(198/1)


«
السبب الباعث لالقاء هذه الكلمة
الشيخ: لم يكن بِودّي في هذه الليلة أن أتكلم بشيء لأننا رغبنا أن نسمعكم صوتا جديدا من أخ لنا قديم من إخواننا السلفيين الذين استجابوا لله والرسول حين دعاه وإخوانه إلى اتباع الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح, أردنا أن نعطيه هذا الوقت ليتكلّم بما يبدو له مما ينفع الناس جميعا والسلفيّين بخاصة وكنت رأيت أنه إن بقي عندنا شيء من الوقت المعتاد أن نجيب عن الأسئلة التي يوجهها إخواننا عادة.

(198/2)


«
ذكر الشيخ لقصة وقعت مع أحد الإخوة الزائرين
الشيخ: ولكن بدا لي وأنا داخل إلى هذا المكان أن أتكلم بكلمة على الرغم من ذلك، ذلك لأنه جاءت أيضا مناسبة وهي أن أخا لنا في الغيب لا نعرفه من قبل زارنا قبل أيام ثم زارنا في هذه الليلة ولاحظ في مجلسنا شيئا من الحرية من إخواننا معي باعتباري شيخا لهم عند هذا الزائر الكريم, فحدثته بأننا نحن لسنا كما تعلم مع إخواننا من المشايخ مع مريديهم وتلامِذَتِهم, وأردت أن ألفت نظره بأننا سندخل الأن إلى المجلس فقد ترى شيئا أيضا لا يعجبك, قال ماذا؟ قلت ستراني دخلت ولا أحد يتحرّك إطلاقا, فأجاب كما هو بالطبع متعلّم وعاش على ذلك مدة من الزمن أجاب لهم أن لا يقوموا ولهم أن يقوموا وباعتباره زائرا وقد لا تُتاح لي هذه الفرصة أن أتكلم معه بهذه المسألة في جلسة خاصة من جهة, فخشية أن يفوتني هذه الفرصة وأن يفوتني هذا الصيد المُثمن المُدهن, هذا من جهة ومن جهة أخرى أنني أعلم أنه يحضر جلستنا هذه كثيرا من الإخوان الطيبين والذي تثقفوا بثقافة يظنونها أنها من الإسلام وهي ليست من الإسلام في شيء إنما هي تقاليد تسرّبت إلينا منذ القديم من تقاليد فارس والروم.

(198/3)


«
ذكر الشيخ لحديث جابر رضي الله عنه الذي رواه مسلم (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بهم صلاة الظهر جالسا ..... ) الحديث والكلام عليه
الشيخ: ولقد جاء في الحديث الصحيح الذي أخرجه الإمام مسلم من حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وأله وسلم صلى ذات يوم صلاة الظهر بهم جالسا فصلى أصحابه خلفه قياما فأشار وهو في صلاته أن اجلسوا فجلسوا وحينما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة قال لهم (إن كدتم لتفعلن أنفا فعل فارس بعظمائها يقومون على رؤوس ملوكهم إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا وإذا ركع فاركعوا وإذا سجد فاسجدوا وإذا صلى قائما فصلوا قياما وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعين) الشاهد من هذا الحديث هو أن من عادة الأمم أن يأخذ بعضها عن بعض وأن يقلد بعضها بعضا, وإنما يأخذ الضعيف من القوي, وإنما يقلد الضعيف القوي كما هو واقعنا اليوم تماما, فقد أصبحنا على الرغم من ديننا وإسلامنا بسبب بعدنا عن إسلامنا أصبحنا أمة ضعيفة تقلّد الأقوياء في المادة ليتهم كانوا أقوياء في الدين وفي العقيدة و في الخلق.
أصبحنا نقلّدهم لأننا ننظر إليهم بعين الإجلال والإكبار والتعظيم, هذه هي عادة الأمم ضعيفها مع قويها وحقيرها مع عظيمها.

(198/4)


«
من المقاصد والقواعد التي جاء بها الاسلام النهي عن التشبه بالكفار والحكمة من ذلك
الشيخ: لذلك جاء الإسلام في جملة ما جاء به من المقاصد والقواعد أن نهى المسلمين أن يتشبهوا بالكافرين ذلك لأن التشبه هو مدعاة لإضاعة شخصية الأمة ولتمييعها في شخصية أمة أخرى فطالما جاءت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وأله وسلم تترى بعبارات متنوعة شتى كلها تؤدي إلى حقيقة واحدة ألا وهي حافظوا على شخصيّتكم المسلمة ولا تقلّدوا الكفار في شيء من تقاليدهم ومن عاداتهم, لست أريد الخوض في شيء من التفصيل في هذا كأصل من تلك الأصول التي ألمحت إليها أنفا فقد كنت تحدثت بشيء من التفصيل عن ذلك في كتابي "حجاب المرأة المسلمة في الكتاب والسنة".

(198/5)


«
الكلام على مسألة القيام للغير وذكر الشيخ لبعض الأحاديث الواردة في ذلك مع الكلام عليها وذكر موقف الصحابة وبعض تأويلات المجيزين والرد عليها
الشيخ: وإنما أردت أو عزمت على الكلام على جزئية من الجزئيات التي فشت اليوم في مجالس المسلمين, وبناء على كلمة الأخ المشار إليه سابقا أن الشيخ إذا دخل المجلس فللناس الجالسين أن يجلسوا, أن يظلوا جالسين وأن يقوموا فنحن نقول إذا دخل الشيخ مجلسا فليس لأحد أن يقوم له لأن هذا الشيخ مهما سما وعلا فلن يكون من رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم شيئا مذكورا, وقد علمنا من السنة الصحيحة أن النبي صلى الله عليه وأله وسلم هو سيد البشر وأن أصحابه عليه الصلاة والسلام هم أفضل البشر بعد الأنبياء والرسل, فإذًا هم أعرف الناس بما يستحقه أعظم الناس وسيد الناس وهو رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم من التبجيل والإكرام والتعظيم, كيف لا؟ وقد سمعوه عليه الصلاة والسلام يقول لهم مرارا وتكرارا (ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا ويعرف لعالمنا حقه)، هذا حديث رواه إمام الأئمة محمد بن إسماعيل البخاري في كتابه "الأدب المفرد" من طرق عديدة وعن جماعة من الصحابة, ومما روى أيضا (أن من إجلال الله - من تعظيم الله - إجلال ذي الشيْبة المسلم).
فإذًا هؤلاء الصحابة الذين تأدّبوا بأدب رسول الله صلى الله عليه وسلم, وتخرجوا من مدرسته وصاحبوه ما شاء الله عز وجل من السنين كلّ بحسبه, ما كان لهم أن لا يعظموا رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم التعظيم الذي يستحقه, ما كان لهم إلا أن يعظموا الرسول عليه السلام التعظيم الذي يستحقه, فهل كان من ذلك أنه إذا دخل عليهم رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم في مجلس كهذا - وبدون تشبيه كما يقولون - هل كان أحد منهم يقوم له؟
إذا رجعنا إلى السنّة الصحيحة وجدنا الجواب صريحا بالنفي وذلك أيضا مما رواه إمام الأئمة في الكتاب السابق الذكر "الأدب المفرد" عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال " ما كان شخص أحب إليهم من رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم وكانوا لا يقومون له لما يعلمون من كراهيته لذلك ".
فإذًا أصحاب الرسول صلى الله عليه وأله وسلم كانوا لا يقومون لسيّدهم بل سيد الناس جميعا, ترى أهذا استهتار منهم ولا مبالاة بتعظيم الرسول عليه السلام وإكرامه الإكرام الذي يليق ويجوز شرعا أم هو تجاوب منهم مع نبيهم صلى الله عليه وأله وسلم الذي أفهمهم بأن هذا القيام هو من عادة الأعاجم وقد نهوا كما أشرنا في مطلع هذه الكلمة في أحاديث جمّة عن التشبّه بالأعاجم يعني الكفار؟ لا شك أن عدم قيامهم للرسول صلى الله عليه وأله وسلم إنما كان من احترامهم له وتعظيمهم له لأن الله عز وجل يقول ((قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله))، فاتباع الرسول صلى الله عليه وأله وسلم حق الاتباع وذلك يستلزم أن يُعرِض الإنسان عن أهواءه وعن عواطفه تجاه أمر نبيه صلى الله عليه وأله وسلم وسنته, لذلك كان أصحاب الرسول عليه السلام لا يقومون له, لماذا؟ الجواب في نفس الحديث لما يعلمون من كراهيته لذلك.
فرسول الله صلى الله عليه وأله وسلم كان يكره من أصحابه أن يقوموا له, تُرى لماذا؟ بعض الناس ممن اعتادوا مخالفة هدي السنّة ممن يقومون لغيرهم وممن يقام لهم يتأوّلون هذا الحديث بغير تأويليه ومع ذلك فتأويلهم هذا يعود عليهم ولا يرجع إليهم, يقولون "لما يعلمون من كراهيته لذلك" أي الرسول عليه السلام كان متواضعا, كان أشد الناس بلا شك تواضعا, فمن تواضعه أنه لا يحب أن يقوم الصحابة له, نحن لا نسلّم بهذه العلة, نحن نسلّم أن الرسول عليه السلام بلا شك أشد الناس تواضعا لكن لا نسلّم أبدا بأن هذه العلة وسنذكر ما هي العلة لكن نقول لهؤلاء المتأولين بهذا التأويل فما بالكم أنتم لا تتواضعون تواضع الرسول عليه السلام؟ أليستم أنتم أولى بأن تتواضعوا من الرسول صلى الله عليه وسلم, الرسول صلى الله عليه وأله وسلم إذا قال للناس (صلوا عليّ) - وكلام يجُرّ كلام كما يقولون - (صلوا عليّ) تدرون ما معنى؟ يعني أدعو لي بأنه الله بيزدني شرفا ومجدا و و ومنزلة, هذا قد يخالف التواضع لكن نحن نقول حينما يأمر الناس بأن يصلوا عليه إنما يأمرهم بأمر الله له أن يأمرهم بأن يصلوا عليه لأن ذلك أقل ما يستحقه الرسول عليه السلام بسبب أنه كان هداية للناس كما قال تعالى في القرأن ((وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم))، فإذا كان الرسول عليه السلام لم يتواضع هذا التواضع فلا ضير عليه لكن أنتم عليكم الضير كله لأنه يُخشى عليكم الفتنة يُخشى عليكم أنكم إذا اعتدتم من الناس أن يقوموا لكم أن يدخل الشيطان والشيطان يجري من ابن أدم مجرى الدم أن يدخل فيكم الشيطان دخولا خاصا فيغيّر من أخلاقكم ومن عاداتكم وأطباعكم فيصبح أحدهم إذا دخل المجلس ولا يقوم واحد من المجلس وكأنما كفر بالله ورسوله, ماذا فعل هذا الإنسان؟ أقل ما يقال كما سمعتم حكاية منا أنفا أنه له أن يقوم وله أن لا يقوم, فهذا ما قال, لماذا قامت عليه القيامة؟ لأنهم فهموا أن هذا القيام دليل احترام وتركه دليل إهانة وعدم الإكرام, تُرى الصحابة هذا كانوا مع الرسول عليه السلام؟ كانوا لا يكرمونه؟ كانوا يهينونه بترك القيام؟ حاشا وكلا لكن لما انحرف الفهم الصحيح لهذا الحديث كراهية الرسول عليه السلام بذلك لما يعلمون من كراهيته, لذلك انحرف بهم الأمر فقالوا الإكرام للقيام لا بأس به, لماذا كان أصحاب الرسول لا يقومون للرسول؟ تواضعا منه هكذا يقولون, نقول تشبّهوا برسول الله واقتدوا به وتواضعوا تواضعه ولا تطلبوا من أصحابكم أن يقوموا لكم بل أشيعوا بينهم أنكم تكرهون هذا القيام, فماذا تكون النتيجة والعاقبة؟ كما كان الأمر بين الرسول عليه السلام و بين الصحابة, يدخل الرسول المجلس لا أحد يقوم, إهانة له؟ حاشا, لماذا؟ إكراما له عليه السلام لأنه كره منهم ذلك بذلك, فلو أننا نحن الذين ننتمي إلى العلم وننتمي إلى التمشيخ, سلكنا سبيل الرسول عليه السلام في كل شيء, ومن ذلك نكره ما كرهه عليه السلام خاصة من مثل هذه الأداب الإجتماعية التي تُفسد القلوب وتُفسد الأخلاق, كنا في مجتمع ليس كهذا المجتمع, كنا في مجتمع ليس فيه تقاليد الأعاجم الكفار.
أما الجواب الصحيح لقول أنس بن مالك السابق الذكر "لما يعلمون من كراهيته ذلك" كراهية شرعية, الرسول يكره هذا القيام, لماذا؟ لأنه من عادة الأعاجم, وقد سمعتم أنفا حديث جابر, وهم وقفوا خلف الرسول عليه السلام قياما, لمن؟ ولماذا؟ تحقيقا لنص القرأن الكريم ((وقوموا لله قانتين)).
إذًا ما قاموا لمحمد عليه السلام القاعد في صلاته مضطرا, وإنما قاموا لله رب العالمين أي نيتهم تعظيم الله عز وجل لا غير, ماذا فعل معهم الرسول عليه السلام؟ ما صبر حتى انتهى من صلاته وإنما عجل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فأشار إليهم في الصلاة بيده أن اجلسوا, بعد الصلاة شرح لهم بلسانه وبيانه فقال (إن كدتم لتفعلن أنفا فعل فارس بعظماءها يقومون على رؤوس ملوكهم).

(198/6)


«
الفرق بين ملوك كسرى وموقف النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه في الصلاة
الشيخ: هناك فرق كبير كما يبدو لكل إنسان يسمع هذا الحديث, بين ملوك فارس, كسرى يجلس على عرشه المطنطن المفخم وحوله حاشيته ووزراءه قياما, هو يجلس تعاظما وهم يقومون تعظيما له, أين هذه الظاهرة من جلوس الرسول عليه السلام في الصلاة وليس خارج الصلاة, ومضطرا وليس اختيارا وقيام الصحابة أيضا في الصلاة وليس في المجلس, أيضا مضطرين إطاعة لرب العالمين يقومون لله قانتين, أين هذه الظاهرة من تلك؟ شتّان ما بينهما, مع ذلك قال لهم عليه الصلاة و السلام أنتم شو ... ح تساووا مثل ما بيساووا جماعة الأعاجم مع ملوكهم, يقومون على رؤوس ملوكهم, يا رسول الله هم يقومون تعظيما لمَلِكِهم مش للعبادة لكنهم يفهمون أن هناك أمور محرمة وأمور أخرى محرمة لغيرها لأنها تؤدي إلى شيء محرم, من ذلك تبنّي المسلمين العادات عادات الأجانب وعادات الأعاجم.

(198/7)


«
سبب إبتلاء جماهير المسلمين اليوم بهذا القيام
الشيخ: فمن هذه العادات هذا القيام الذي ابتلي به جماهير المسلمين اليوم والسبب تعرفونه جميعا وهو الإبتعاد عن السنّة وعن الإهتداء بهدي السلف الصالح, وهذا بحث طويل وأنا أريد أيضا الإستمرار فيه لنُفْرِغ المجال لضيفنا الكريم ليُلقي ما شاء الله عز وجل أن يلقي عليكم من الفوائد.

(198/8)


«
ختم الشيخ لهذه الكلمة بذكره لقصة يذكرها أهل العلم في ترجمة ابن بطة تتعلق بمسألة القيام
الشيخ: وإنما أختم هذه الكلمة بقصة فيها علْم وفيها طرافة وفيها فائدة, يَذْكُرُ أهل التاريخ في ترجمة أبي عبد الله بن بطة, من كبار علماء الحديث والحنابلة أنه كان يكره أشد الكراهة هذا القيام الذي اعتاده الناس اليوم وقبل اليوم بمئات السنين, فخرج ذات يوم مع صديق له شاعر إلى السوق فمرا برجل عالم جالس في محله وهذا من أدب العلماء قديما كانوا يعتمدون في تحصيلهم لرزقهم على كدّ يمينهم وعرق جبينهم فمرّوا بهذا العالم مُسلِّمين فقام هذا العالم لابن بطة فقال ابن بطة لصاحبه الشاعر, قبل ذلك قام العالم وهو يعلم أن ابن بطة يكره هذا القيام, على نحو ما تسمعون الأن فاعتذر إليه ببيتين من الشعر قال له:
لا تلمني على القيام حقي *** حين تبدو ألّا أمل القيام.
أنت من أكرم البرية عندي *** ومن الحق أن أجل الكرام.
كلام العالم بعضه صحيح, من حقه يجل الكرام, قد ذكرنا حديثا بل حديثين أنفا, من حق المسلم إجلال الرجل الكبير ولكن هل يكون الإجلال بغير السنّة؟ بمخالفة السنّة؟ هل مثلا يكون الإجلال بالسجود؟ لا.

(198/9)


«
ليس كل المشايخ يقولون بأن السجود لغير الله لا يجوز
الشيخ: كل الناس كل المشايخ يقولوا لا السجود لغير الله لا يجوز, عفوا لقد قلت كل المشايخ يقولون بأنه لا يجوز السجود لغير الله, كنت أتمنى أن أكون موفّقا للصواب حينما قلت كل المشايخ لكن أسف ومُضطر أن أقول ليس كلهم يقولون كذلك, فهناك في بعض الطرق من تقاليدهم أن المُريد حينما يريد أن يأخذ الإذن من الشيخ بأن يطوف في المجلس, فيسجد للشيخ, ويقولون هذا السجود تعظيم وليس سجود عبادة, نحن قرأنا هذا في كثير من المسائل, فهل يعظم المسلم بالسجود؟ الجواب والحمد لله لا, على الأقل عند الجمهور وأما أولئك فهم شذاذ.

(198/10)


«
ذكر الشيخ لحديث معاذ بن جبل الذي فيه نهي النبي صلى الله عليه وسلم له عن السجود له
الشيخ: وعندنا حديث معاذ بن جبل لما جاء إلى هذه البلاد قبل فتحها بالإسلام ورجع للمدينة فأول ما وقع بصره على النبي صلى الله عليه وأله وسلم هوى ليسجد له, قال له (مه يا معاذ) قال يا رسول الله إني أتيت الشام فرأيت النصارى يسجدون لقسّيسهم وعظمائهم فرأيتك أنت أحق بالسجود منهم, هذا الكلام صحيح, لو كان السجود لغير الله جائزا فهو أحق من أن يسجد له من أن يسجد القسيسون والرهبان لعلماءهم, قال عليه الصلاة والسلام (لو كنت أمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها لعِظَمِ حقه عليها)، في أحاديث أخرى (لكن لا يصلح السجود إلا لله تبارك وتعالى) إذًا لا يجوز تعظيم المسلم بالسجود لأن هذه الخصوصية لله عز وجل.
طيب هل من إجلال المسلم أن نركع له؟ الجواب أيضا لا إلا في بعض الطرق, فهم الذين استجازوا السجود من باب أولى يستجيزون الركوع.

(198/11)


«
ذكر الشيخ لحديث أنس الذي رواه الترمذي (أحدنا يلقى أخاه أفيلتزمه قال لا .... ) الحديث
الشيخ: جاء في حديث أنس بن مالك أيضا في سنن الترمذي وغيره قال السائل يا رسول الله أحدنا يلقي أخاه أفيلتزمه قال (لا) قال (أفينحني له) قال (لا) قال أفيصافحه قال (نعم) إذًا الإنحناء أيضا كتحية أجنبية لا تصح من مسلم لمسلم, فذاك العالم لما قال " ومن الحق أن أجِلَّ الكرام " هذا الكلام صحيح لكن عمله ليس صحيحا لأنه ليس وسيلة مشروعة لتعظيم الرجل العالم, لذلك قال ابن بطة لصاحبه الشاعر ويبدو أن هذا الصاحب كان يعرف رأي ابن بطة بدقة وكان فيما يبدو أيضا شاعرا بالفطرة وبالسليقة فعلى الفور وعلى القافية أجابه بقوله:
"
أنت إن كنت لا عَدِمْتُكَ تَرى *** لِيَ حقا وتظهر الإعظاما.
فلك الفضل في التقدم والعلم *** ولسنا نريد منك احتشاما ".
الشاهد هنا,
"
فاعفني الأن من قيامك أولا *** أفسأجزيك بالقيام قياما.
وأنا كاره لذلك جدا *** إن فيه تملقا وأثاما.
لا تكلف أخاك أن يتلقّاك بما *** يستحِلُّ به الحراما.
كلنا واثق بود أخيه *** ففيما انزعاجنا وعلاما ".
لذلك واجب الدعاة المسلمين المخلصين حقا أن يرجعوا بهذا المجتمع الإسلامي الضخم إلى العهد الأول في كل شيء ليس فقط في العقيدة وليس فقط في العبادة وليس وليس وإنما الإسلام كله ومن ذلك العادات والتقاليد, نحافظ عليها كما ورِثناها عن سلفنا الصالح.
وهذا واضح جدا لو أن المجتمع الإسلامي اليوم كان مُربًّى على ما رَبَّى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه لم يكن لهذا القيام لا محل له من الإعراب كما يقولون, لماذا؟ قال هذا الشاعر المتفقّه من العالم الفقيه,
"
وإذا صحّت الضمائر منا *** اكتفينا من أن نتعب الأجسام.
كلنا واثق بود أخيه *** ففيما انزعاجنا وعلاما ".
لذلك نسعى بما عندنا من علم ونتعاون مع إخواننا المسلمين جميعا على أن نعود إلى هدي الرسول عليه الصلاة والسلام فهو كما سمعتم أنفا وتسمعون بين يدي كل كلمة نقولها فإن خير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وأله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.

(198/12)


«
خطبة الحاجة للشيخ
الشيخ: إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
((
يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون)).
((
يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا)).
((
يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما)) أما بعد,
فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وأله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.

(198/13)


«
نرجوا التفصيل في بيان المشابهة المقصودة من أحاديث النهي عن مشابهة الكفار
السائل: بسم الله الرحمن الرحيم نرجوا التفصيل في بيان المشابهة المقصودة من أحاديث النهي عن مشابهة الكفار ... ومعرفة هذه المشابهة وجزاكم الله خيرا؟
الشيخ: نقول كل شيء هو من خصائص الكفار ومن عاداتهم التي يتميّزون بها على غيرهم فالمسلم لا يجوز له أن يتزيّ بشيء من تلك الأشياء, ولا شك أن المسألة لا يمكن ضبطها بدقة كما يبدو أن السائل يريد ذلك، ذلك لأن التشبّه مراتب وأنا أضرب لكم على ذلك بعض الأمثلة للتوضيح, لا يزال المسلمون اليوم والحمد لله في أكثر بلادهم يستهجنون أن يلبس المسلم ويضع على رأسه القبعة "البرنيطة" فالقبعة هذه هو شعار للكفار فإذا المسلم وضعها على رأسه يكون قد تشبّه بأبرز صفةأو زيّ خاص بالكفار فلا يبقى هنا شك عند من كان على علم بهذا الحديث وأمثاله أن هذا التزيّ وهذا اللباس لا يجوز, لأن هذا المسلم الذي نفترضه تقبّع إذا صحّ التعبير بهذه القبعة وأخذ يمشي بين المسلمين وهي عليه, لا شك أنه بذلك ضيّع شخصيته المسلمة, ولازم ذلك أنه فك الرباط الوثيق الذي بينه وبين إخوانه المسلمين وذلك يستلزم أن له حقوقا عليهم كما أن لهم حقوقا عليه، فنحن نذْكُر جيدا قول النبي صلى الله عليه وأله وسلم (حق المسلم على المسلم خمس) فذكر أول ما ذكر فقال (إذا لقيته فسًلّم عليه) فهذا حينما تلقاه في الطريق وقد تزيّ بهذا الزيّ, لا يتبادر ولا يخطر في بالك إطلاقا أن هذا الذي مرّ بك ومررت به هو رجل مسلم له هذه الحقوق, وإنما تظنه واحد من أولئك الكفار جورج أو ... أو نحو ذلك, فلا تندفع لإلقاء السلام عليه, وذلك من واجبه عليك لأنك مسلم وهو مسلم, لكن الفرق أنه هو ضيّع شخصيته المسلمة بلباسه هذا لباس الكفار فمنع رحمة الله عنه, أقول هذا لأنكم تذْكُرون شرحْتُ لكم أن السلام الذي اختص الله به المسلمين هو اسم من أسماء الله كما جاء في الحديث الصحيح وضعه في الأرض (فأفشوه بينهم) فحينما يقول المسلم لأخيه المسلم "السلام عليكم" فهو كأنه يقول بالتعبير الشامي " اسم الله عليك " يعني أنت محاط باسم الله السّلام, فهو بسبب إضاعته لشخصيته المسلمة ... وافتقد هذه النعمة التي خصّ الله بها عباده المسلمين, وهذا طبعا يستلزم أمورا أخرى من التباعد والتقاطع والتدابر لأن هذا اللباس ليس الأمر كما يتوهم الكثير من الناس خاصة أهل العلم والنظر أنه لا تأثير له في أخلاق الناس ولا تأثير له في أطباعهم بل وفي قلوبهم, ليس الأمر ليس كذلك.
الظواهر لها تأثير في البواطن, هذا ثابت في نصوص شرعية كثيرة جدا كنت ألممت بشيء منها في دروس مضت وحسبي أن أذَكِّرَكُم الأن بقول الرسول عليه السلام في حديث النعمان الذي يقول في أخره (ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب)، فلباس الكفار هذا ليس صلاحا إنما هو فساد, وهذا اللباس يؤثِّر في قلب لابسه ويطْبَعُه بطابع أولئك الناس الذين لبس هو لباسهم, وهنا أريد أن أهتبلها فرصة قبل أن أتوسع في الموضوع بأكثر, أريد أن ألفت النظر الأن كيف أن المسلمين شخصيتهم في زوال مستمر, في اضمحلال وانحلال.
لقد ظهرت الأن ظاهرة غريبة جدا عمّت كثيرا من الشباب وهي أنهم يلبسون أقمصة بيضاء إما أن تكون مطبوعة هنا في الصدر ما يشبه الهلال أو ربع قوس بالأحرف الإفرنجية, وكثير منها مُصوَّر عليها صور بشر, وبعضها صور تُمَثِّل بعض الأبطال زعموا من الملاكمين أو المصارعين وما شابه ذلك, وشاهدت قريبا في بعض المساجد وأنا قائم أصلي بين يديّ شاب وأعرفه يصلي ويحافظ على الصلاة كل قميصه فيه صور أمام وخلف والجانبان هكذا الثوب طبع بهذا الطابع, وما هي الصور؟ صور رجل يسبح وهذا السابح اليوم صار من طبيعته أن يكون لباسه هو التبان, في اللغة العربية هو الشورت يعني هو الذي لا يستر إلا السوءتين بل لا يسترهما لأنه يُجسّمهما, فأنا أصلي وبين يدي هذه الصورة, فهذه غفلة شديدة جدا من هؤلاء المسلمين سببه الجهل بإسلامهم.
وهذا معناه أن المسلمين يعني كل ما مضى عليهم عهد, زمن غير قصير كل ما هم يبتعدون عن الإسلام رويدا رويدا, فأين الإعتداد بالعزة الإسلامية و ... والمحافظة على عاداتنا التي ورثناها عن أباءنا وأجدادنا؟ عجب لا ينتهي منه العجب, إنسان يلبس قميص فيه جندي مصوّر فما حلاوة هذه الصورة؟ أصبح كل شيء غريبا علينا نحن أن نتأسّى وأن نقتديَ.
هذا معناه أن المسلمين لم يعودوا يعرفون قيمة التشبّه بالكفار, لذلك كان من رحمة ربنا عز وجل بنا أن أرسل إلينا نبينا محمد صلى الله عليه وأله وسلم بشرْع وصفه ربنا في قوله عز وجل ((اليوم أكلمت لكم دينكم)) الأية, وزاد ذلك بيانا قوله عليه السلام (ما تركت شيئا يقربكم إلى الله إلا وأمرتكم به وما تركت شيئا يبعدكم عن الله ويقربكم إلى النار إلا و نهيتكم عنه) مما نهانا عنه النبي صلى الله عليه وسلم محافظة على ديننا وعلى شخصيتنا المسلمة أن لا نتشبّه بالكفار, مطلق التشبه لكني ضربت لكم مثلا لا يمكن أن يشك فيه إنسان متجرد عن اتباع الهوى أن وضع القبعة هذه على الرأس هو إضاعة لهذا المسلم لشخصيته و انخلاع منه من هذا المجتمع الإسلامي إذا كان بقي لهذا المجتمع ما يستحق أن يُسَمّى بأنه مجتمع إسلامي.
ولعل من المفيد أن أذْكُر لكم خلاصة قصة لتعرفوا أثر التشبّه, يعرفه الكفار فبالأحرى نحن المسلمين أن نعرف ذلك, كنت مرة في قطار إلى مضايا فاجتمعت مع قسيس ماروني لبناني وجرى بيني وبينه نقاش طويل لسنا الأن في صدده لكنه الرجل أنكر على المسلمين تشدّدهم في ... اللباس وتحريم البرنيطة وكان من تشدّدهم أن أنكروا على مصطفى كمال ذلك الذي لم يرضى لاسمه, لنفسه اسم المصطفى فوضع له اسم أتاتورك, هو يُنكر على المسلمين لماذا أنكروا عليه وضع البرنيطة, وضعه البرنيطة أو فرضه على الشعب التركي لبس البرنيطة, هنا الأن مع الأسف يعيش كثير من الأشخاص بهذا الزيّ الكافر, فناقشته في هذه المسألة وكما قلت أريد أن أقدّم إليكم العبرة من هذه المناقشة، هو يقول أنه هذا لباس عالمي فما الذي يضر المسلمين أن يلبسوا هذا اللباس؟ قلت له إذًا وهو كما تفهمون من وصفي إياه بأنه قسيس ماروني, الماروني يلبس ال, ماذا يسموه هذا الطويل الأسود؟
عيد: الطربوش يعني.
الشيخ: طربوش طويل أسود هذا خاص بالمارونيين هؤلاء, قلت له إذًا لا بأس عليك من أن تنزع هذه القلنسوة السوداء وتضع بدلها العمامة البيضاء على ... الأحمر وهو لابس جبة سوداء بطبيعة الحال ... زي ... أول ما قلت له هذا قال لا, نفر من هذا - هنا الشاهد - قلت له لم؟ قال نحن ما يجوز نحن رجال دين, فأخذته من هذه الكلمة, قلت هذا هو الفرق بيننا نحن معشر المسلمين وبينكم معشر النصاري, أنتم جعلتم أنفسكم طائفتين رجال دين ورجال لا دين, فرجال الدين لهم أحكام خاصة منها أن لهم لباسهم الخاص فأنت لماذا فررت من أن تتشبّه بالإسلام؟ لأنك تريد أن تحافظ على شخصيتك النصرانية, نحن كل مسلم عندنا أصغر مسلم عندنا كأكبر مسلم يجب عليه ما يجب على أكبر شيخ عندنا ويجوز له ما يجوز على أكبر شيخ عندنا, فكما لا يجوز لك أن تتشبّه بالمسلم كذلك لا يجوز عندنا لأي مسلم مش للشيخ المسلم اللي هو رجل دين عنده, وإنما لأي مسلم لا يجوز التشبّه بالكافر.
فأيضا موضوع التشبّه ما هو موضوع تعبدي موضوع علمي نفسي دقيق جدا وعلماء الفلسفة والإجتماع كما يقولون اليوم يقولون الأمم بقاءها بمحافظتها على عاداتها, بمحافظتها على لغتها, بمحافظتها على تاريخها, المسلمون مع الأسف رويدا رويدا يختارون ويضيّعون هذه الأسس التي بها تقوم شخصيتهم, فالتشبه بالكفار أصبح أمرا سهلا جدا, فضربت لكم مثلا خلاصة بالبرنيطة, ننزل درجة فوضع العقدة هذه التي يسمّونها الكرافيت, هذه ما المقصود منها يا ترى؟ لا شيء أبدا إلا أنه هذا زيّ كافر نقله الكفار حينما استحلوا بلادنا فزيّن الشيطان لنا ذلك الزيّ فقلدناهم تشبهنا به, وإلا يكفي أن يستحضر العاقل الوقت اللي بيضيعه هذا ... إن صحّ التعبير, أن يقف أمام المرأة ويضيع كذا دقائق من الساعات حتى يزيّنها ثم هو يتضايق فعلا كما يتضايق كل واحد منكم مبتلى بلباس هذا البنطلون ... فالخلاصة فهذا أيضا لا يراد به إلا التشبّه فقط ولكن لا مجال لإنكار أن هذا الذي يلبس الكرافيت تشبّهه بالكفار ليس كذاك الذي تشبّه بوضع البرنيطة بأن كما كنا نسمع بعض المشايخ هنا من بني قومي كانوا يسألون أنه هذا الذي وضع البرنيطة على رأسه معناه وضع الغطاء انتهى يعني أعلن أن الرجل ليس مسلما, ثم ننزل إلى مراتب أخرى هذا اللباس الذي ابتلي به جماهير الشباب المسلم اليوم بلبس البنطلون والقميص لاسيما البنطلون التي نلاحق المبتدعين هؤلاء بالموضات اللي شو يسمّوها كل ما جتنا موضة بنكون نحن راكضين وراها, مما يذكرني بنكتة كانت تقال في النساء فأصبحت تقال في الرجال, قرأت مرة أن رجلا رأى صديقه يحمل في ذراعه شيئا وهو يركض قال وين يا أخي؟ ليش مستعجل؟ قال له والله هذا فستان أخذه لزوجتي راح أسلمه لها إياه قبل ما تطلع موضة جديدة باضطر أشري لها غيره، فأصبحت الموضة وتجددها مو بس خاصة بالنساء مع الأسف حتى في الشباب, هذا كله يدل ويؤكد لنا أن المسلمين أصبحت عقولهم مع غيرهم وليت هؤلاء كانوا مسلمين أمثالهم.
أخيرا المراتب لا تنحصر إطلاقا لكن حسب المسلم أن يُحاسب نفسه ليعلم أن التشبّه هو كل شيء جاءنا من الكفار ولا فائدة فيه مطلقا سوى التقليد فهو تشبّه, على أن هناك مرتبة أخرى إذا ما تذكّرها المسلم أعتقد حينذاك لم يبق هناك ضرورة لمثل ذاك السبب الذي يطلب تفصيل التشبّه ومراتب الدرجات, ذلك هو تقصّد مخالفة الكافر, فالتشبّه أن تفعل فعل الكافر وهذا كما رأيتم مراتب ودرجات, لكن هناك شيء في الشرع يطالبك أن تتعاطى أعمالا تصدر منك تقصد بها مخالفة الكفار حتى في شيء ليس من منسك ولا من ... ذلك ما أفادنا إياه الرسول صلوات الله وسلامه عليه في حديث البخاري (إن اليهود والنصارى لا يصبغون شعورهم فخالفوهم) (إن اليهود والنصارى لا يصبغون شعورهم) إذا ما شابت شعورهم فاقصدوا أنتم مخالفتهم بصبغكم لشعوركم.
الإنسان يشيب سنّة الله في خلقه ((ولن تجد لسنة الله تبديلا)) لا فرق بين مسلم وكافر, بين صالح وطالح كلهم لا بد من أن يمروا في هذا الطريق وهو الشيب, والرسول الله صلى الله عليه وسلم قد شاب كما نعلم وله من الشيب لم يعمّ لحيته عليه الصلاة والسلام, فها, مع هذا كله يقول الرسول عليه صلى الله عليه وأله وسلم (إذا شاب أحدكم فليصبغ شعره) لماذا؟ (ليخالف اليهود والنصارى الذين لا يصبغون شعورهم).
إذًا نحن لسنا منهيّين فقط عن التشبّه بالكفار بل نحن مأمورون بأن نقصد مخالفتهم أي إذا لبسوا لباس فعلينا نستقصد أن نلبس غير لباسهم وأن نجعل حياتنا كلها جملة وتفصيلا غير حياة الكفار, وهذا كما قلت لكم أنفا ليس أمرا عبثا, الظواهر تؤثّر في البواطن إن كان خيرا فخير وإن كان شرا فشر ولعل في هذا القدر كفاية والحمد لله رب العالمين.
السائل: ... .
الشيخ: سواح.
السائل: ... .
الشيخ: طبعا ... ولكنها مشروعة ... ولذلك تجدهم يصنعون شيئا المتبرنطون يدخلون المساجد فيخلعون ما على رؤوسهم كما يخلعون ما على أرجلهم, فيه أحد له سؤال حول الموضوع السابق؟
السائل: ... .
الشيخ: لا.
السائل: ... .
الشيخ: حول الموضوع السابق؟ تفضل.
السائل: ... .
الشيخ: العمائم هو لباس من لباس العرب, فمن لبسه كعادة عربيّة فذلك أمر حسن لكن ليست سنّة تعبّديّة, ليس كما جاء في بعض الأحاديث الضعيفة والموضوعة " أنه صلاة في العمامة تفضل سبعين صلاة بغير عمامة " فهو من أزياء العرب ولا يزالون يستعملونها ولكن لا يظنّن ظان أن هذه العمامة هي هذه التي تكوّر على الرأس طبقات ودرجات ولكل درجة ... في الجنة درجة, هذا شيء لا أصل له, العمامة هو هذه, هذه الحطّة اللي نضعها على رؤوسنا, نصوّرها أحيانا من البرد أو من الحر وهكذا والسلام عليكم.

(198/14)


«
كلمة للمقدم في الجلسة»
السائل: ... صلى الله عليه وأله وسلم فكما جرت العادة في هذه الأمسيات الطيبة التي وفقنا الله سبحانه وتعالى فيها لأن نكون مستمعين ونسأل الله عز وجل أن يوفقنا كذلك لأن نكون عاملين, فإنه كما تعلمون العلم دون العمل لا ثمرة فيه ولذلك نسأل الله عز وجل أن نوفَّق بأن نعمل بما نسمع.
في هذه الأمسية كذلك نستمع إلى كلمة طيبة من فضيلة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني ثم كما جرت العادة أيضا نستمع إلى أسئلة الإخوة وأجوبة الشيخ عليها, فليتفضل الشيخ.

(199/1)


«
افتتاح الشيخ بخطبة الحاجة»
الشيخ: إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
((
يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون)).
((
يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا)).
((
يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما)) أما بعد.

(199/2)


«
بيان عورة المرأة المسلمة أمام المرأة المسلمة»
الشيخ: فقد بدا لي أن أذكّر إخواننا الحاضرين في هذه الجلسة المباركة إن شاء الله ومن يبْلغهم كلمتي بأمر أظن أن كثيرا من المسلمين هم عنه من الغافلين, وليس يخفى على أحد بأن تذكير الناس بما هم عنه غافلون وله جاهلون أولى من أن نُطرق مسامعهم بأمور طالما سمعوها من الخطباء والمدرّسين والوعاظ ومن الإذاعات ونحو ذلك من الوسائل التي يسّرها الله عز وجل في هذا العصر الحاضر.
ولمّا كان من قوله عليه الصلاة والسلام (خير الناس أنفعهم للناس) فلا شك أننا نأخذ منه أن نفع الناس إنما يكون بتعليمهم بما هم له جاهلون أو بتذكيرهم بما هم عنه غافلون.
ومن هذا القبيل أن نعلم ما هي عورة المرأة المسلمة بالنسبة للمرأة المسلمة فإن من المذكور في بعض الكتب الفقهية أن عورة المرأة أمام المرأة المسلمة هي كعورة الرجل مع الرجل, أي من السرة إلى الركبة, ومعنى هذا أنه يجوز للمرأة المسلمة أن تظهر أمام أختها المسلمة وقسمها الأعلى نصف بدنها الأعلى عار مكشوف وكذلك ما تحت ركبتيها, فالذي أريد أن أذكّركم به هو أن نعلم قبل كل شيء أن هذا الحكم ليس له دليل في كتاب الله ولا في حديث رسول الله صلى الله عليه و أله وسلم.

(199/3)


«
تفسير قوله تعالى: {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها
الشيخ: وشيء أخر أن كتاب الله يدل على خلاف هذا التوسّع في تحديد عورة المرأة مع أختها المسلمة, إن علماء التفسير يذكرون أن هناك بالنسبة للمرأة زينتين زينة ظاهرة وزينة باطنة وأخذوا هذا من أيتين كريمتين.
الأية الأولى, قول ربنا تبارك وتعالى ((ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها)) ((ولا يبدين زينتهن)) للرجال ألأجانب ((إلا ما ظهر منها)) فالزينة الظاهرة لها علاقة بالأجانب, والزينة الظاهرة كما ثبت في غير ما حديث مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وأله وسلم إنما هو بالنسبة للمرأة الوجه والكفان فقط وما سوى ذلك فهي الزينة الباطنة وهي التي لا يجوز لها أن تُظهر شيئا منها أمام الغرباء عنها.

(199/4)


«
تفسير قوله تعالى: {ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن - إلى قوله- أو نسائهن} الآية
الشيخ: أما الزينة الباطنة فهي مما أباح الله عز وجل أن تُظهرها لمحارمها كلّهم ولنساء المسلمين في الأية المعروفة حين قال ربنا عز وجل ((ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو أبائهن)) وهكذا يَسرد ربنا عز وجل تتمة المحارم حتى يقول ((أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن)) فقوله تبارك وتعالى ((أو نسائهن))، فيه دِلالة صريحة على أنه يجوز للمرأة المسلمة أن تُظهر من زينتها الباطنة ما تُظهر لأبيها ولأخيها وأختها وغير ذلك من المحارم, فكذلك عورة المرأة مع المرأة المسلمة محدودة بهذه الزينة الباطنة, ولِنفهم ما هي الزينة الباطنة يجب أن نرجع إلا ما كان عليه النساء في الجاهلية وقبل دخولهن في الإسلام وحينما أمنّا بالله ورسوله وتبنّوا الإسلام دينا جاءت هذه الأحكام تُبيّن لهم في هذه النسوة ما يجوز لهن بالنسبة للأجانب وهو الوجه واليدين فقط فهي الزينة الظاهرة, وما يجوز لهن بالنسبة للمحارم وهي الزينة الباطنة, فما هي الزينة الباطنة؟ هنا يجب أن نقف قليلا عند تفسير العلماء لقول الله تبارك وتعالى ((ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن)) الأية, ما المقصود بهذه الكلمة؟ ((لا يبدين زينتهن)) هل المقصود الزينة نفسها أم موضع الزينة؟ أي هل معنى الأية لا يبدين مواضع الزينة ولو لم يكن عليها شيء من الزينة أم المقصود لا يبدين تلك المواضع وعليها الزينة؟ قولان للعلماء ولا شك أن القول الصحيح الذي اعتمده علماء التفسير إنما المعنى هو لا يبدين مواضع الزينة, وليس المقصود لا يبدين الزينة, ذلك لأن المرأة إذا أخذت عِقْدا تضعه على صدرها في يديها فقد أبدت الزينة, فهل هذا هو الذي نُهِيَت عنه؟ الجواب لا, وإنما نُهِيَت عن إبداء الزينة وهي في موضعها.
فإذًا المقصود من الأية ((ولا يبدين زينتهن)) أي مواضع الزينة إلا لهؤلاء المحارم ثم للنساء المسلمات كما ذكرنا، ومعنى هذا أننا نستحضر في أذهاننا أن هناك مواطن لم يكن حتى هذه الساعة من عادة النساء أن يضعن زينة عليها, فمثلا هل في الفخذ زينة؟ الجواب لا, هل في الظهر زينة؟ الجواب لا, هل على الثدين زينة؟ الجواب لا, هل تحت الإبط زينة؟ وعدّوا ما شئتم كل الجواب لا لا.

(199/5)


«
شرح قوله صلى الله عليه وسلم:" المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان " وذكر مواضع زينة المرأة
الشيخ: إذًا ربنا عز وجل في هذه الأية إنما أباح للنساء أن يُظهرن للمحارم مواضع الزينة من أبدانهن ليس إلا، مواضع الزينة من أبدانهن لا أكثر من ذلك أبدا, ولكي نتأكد من هذا المعنى يجب أن نستحضر قول الرسول صلى الله عليه وأله وسلم (المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان) يعني تطلّع إليها وأوحي إليها بما يوحي بإفتانها بمثل ما لو قال الشخص لأخر أهلا وسهلا ما أجملك ما أحسنتك ما أحلاك وهكذا (المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان)، إذًا هذه المرأة التي هي كلها عورة إلا ما استثنى الشارع فقد عرفنا من الزينة الظاهرة أن الشارع أكثر ما استثنى بالنسبة لزينتها الظاهرة أمام الأجانب إنما هو الوجه والكفان فقط, وبالنسبة للمحارم إنما استثنى مواطن الزينة, فما هي مواطن الزينة التي كانت في عهد الرسول صلى الله عليه وأله وسلم؟ ذلك محصور في مواضع معروفة, أول ذلك مثلا الأساور في المعصم, ثاني ذلك الدُملج التي أو الذي كان يوضع في العضد، في عضد المرأة, ثالثا الطَوْق سلسلة توضع على الرقبة وعلى شيء من الصدر, أخيرا الخلخال الذي أشار ربنا عز وجل إليه وبيّن أنه من الزينة الباطنة حين قال ((ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن)) فكانت المرأة التي تنحرف ولو بعض الشيء عن الحجاب الشرعي والأداب الإسلامية التي يجب على المرأة المسلمة أن تتزيّن بها وأن تتخلّق بها, أنها تضرب بأرجلها ليسمع الرجال صوت الأجراس التي كانت توضع على الخلخال فيكون له رنة فهذه الرنة تُلْفِت نظر الرجال إليها, هكذا كان يفعل بعض النساء ولا سيما في أول الإسلام حينما كانوا حديث عهد به فأدّبهن الله تبارك وتعالى بهذه الأية فقال ((ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن)).
إذًا هذه أخر زينة معروفة في زمن الإسلام الأول, فإذا ما علمنا من الأية السابقة أن الله عز وجل أباح للنساء أن يُظهرن مواطن الزينة وقد عرفنا هذه المواطن فينكشف لنا بوضوح ما هي المواضع التي يجوز للمرأة أن تظهر بها أمام أبيها وأخيها وابن أخيها ثم بالنهاية أمام نساء المسلمات.
إذًا عندنا اليد والذراع وإلى قريب من العضد حيث كان الدملج ثم عندنا الرأس حيث عليه شيء من الزينة في الأذنين والعنق كما ذكرنا ثم القدم وشيء من السابق الذي عليه الخلخال هذا, هذه هي المواطن التي أباح الله عز وجل للمرأة أن تكشفها أمام محارمها وأيضا أمام أختها المسلمة.

(199/6)


«
توسع النساء في كشف العورة أمام المحارم
الشيخ: والأن كيف يعيش المسلمون في بيوتهم؟ يعيشون بتعرّ أشبه ما يكون بتعرّي النساء اللاتي لا يَعْرِفْن دين الله تبارك وتعالى, لا أدري ما مبلغ هذا التعرّي في البيوت لأني حديث عهد بهذه البلاد لكن عندنا في سوريا وفي مصر حدّث ولا حرج عن توسّع الناس في بيوتهم بالتكشف, تكشّف المرأة عن شيء كثير من بدنها فوق ما أباح الله لها من إظهاره ألا وهو مواطن الزينة فقط, مثلا قد ابتلينا باللباس القصير الذي ليس له أكمام اللباس الداخلي والذي يسمى في لغة العرب القديمة بالتُبّان ويعرف اليوم بالشرت, البنطلون الشرت القصير الذي يظهر دونه الأفخاذ, فالنساء اليوم تلبس الأم والبنت مثل هذا اللباس القصير, فتجلس البنت أمام أمها بل وأمام أخيها الشاب الممتلئ فُتوّة وشهوة فترفع رجلها وتضعه على فخذها فيظهر فخذها مشكوفا عاريا بحجّة ماذا؟ بحجّة أنه ما في أحد غريب, هذا أخوها, هذا خلاف الأية السابقة لأن الله كما ذكرنا إنما أباح الكشف عن مواضع الزينة فالفخذان لم يكونا يوما ما مواطن للزينة, وعسى أن لا يكون ذلك أبدا, كذلك تخرج المرأة أمام أخيها فضلا عن أنها تخرج كذلك أمام أبيها وهي عارية الزندين, هذا خلاف النص السابق ((لا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن)) فهنا العضد ليس زينة والإبط ليس زينة فكل هذا باق على التحريم في حدود تصريح قوله عليه السلام (المرأة عورة)، وأكثر من ذلك يقع, تدخل المرأة الأم الحمّام حمّام المنزل, فتأمر ابنتها بأن تُدلِّك لها ظهرها, فتكشف عن ظهرها وعن ثديها والقسم الأعلى كما قلنا من البدن ولا حَرَج إطلاقا, من أين جاء هذا؟ مع أن الأية صريحة بأنه إنما أجاز ربنا عز وجل للمرأة أن تكشف فقط عن مواضع الزينة و الصدر ليس موضعا للزينة والظهر ليس موضعا للزينة لذلك كان سلفنا الصالح رضي الله عنهم يعيشون في بيوتهم في حدود السترة التي رخّص الله عز وجل لهن بها, فلم يكن هناك هذا التعرّي الذي فشى اليوم في البلاد الإسلامية, فأنا أريد أن أذكّر بهذا المفهوم الصريح في القرأن وأن نتأدّب بأدب القرأن ونأدّب بذلك نساءنا وبناتنا ولا نتأثّر بالأجواء المحيطة حولنا لأن هذه الأجواء إنما تحكي تقاليد أوروبية كافرة في الغالب.

(199/7)


«
المراد بقوله تعالى: {أو نسائهن} وخطر استقدام الخادمات الكافرات
الشيخ: وإذًا علينا أن نقف عند هذه الأية ((ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن)) ثم قال تعالى ((أو نسائهن)) والنساء هنا هن النساء المؤمنات ولذلك فهنا أدب أخر يجب أن نتنبه له وهذا يقع في هذه البلاد التي امتنّ الله تبارك وتعالى عليها بالمال الوفير, فقد رأيت هذه البلوى حيث لا نراها في البلاد الفقيرة الأخرى و هي استكثار المسلمين من استخدام النساء الكافرات فضلا عن الرجال خَدَما لهم في بيوتهم فتدخل المرأة الخادم الكافرة إلى غرفة المرأة المسلمة وهي كما تقف أمام زوجها, هذا لا يجوز يجب على المرأة المسلمة أن تتحجّب أمام المرأة الكافرة كما لو كانت هذه المرأة رجلا مسلما فضلا عن كافر, فلا يجوز للمرأة المسلمة أن تكشف عن شيء من زينتها الباطنة للمرأة الكافرة لأن الله عز وجل إنما أباح لها أن تكشف عن مواضع الزينة للمرأة المسلمة ولذلك فلم يكن عبثا قول الله تبارك وتعالى حين أضاف النساء اللاتي يجوز للمرأة أن تظهر أمامها إلى المسلمات فقال ((أو نسائهن)) ولم يقل أو النساء فيشمل حينذاك النساء كلهن سواء كن مسلمات أو كافرات, لم يقل شيئا من ذلك وإنما قال ((أو نسائهن)) فلا يجوز إذًا للمرأة المسلمة أن تتسامح مع الخادم الكافرة فتظهر أمامها كما تظهر أمام المرأة المسلمة وفي هذه الحدود التي ذكرناها من كتاب الله تبارك وتعالى.
هذا ما أردت أن أذكّر به والذكرى تنفع المؤمنين والأن نتلقّى ما عندكم من أسئلة لنجيب عنها بما يُيَسّر الله وإذا كان أحد له ملاحظة أو سؤال حول هذه الذكرى فعسى أن نتعاون في فهم ذلك السؤال أو إزالة ذلك الإشكال.

(199/8)


«
هل يجوز للمرأة أن تظهر عورتها أمام الطبيب الرجل في حال الولادة؟»
السائل: سؤال بس ..
الشيخ: لا ما جاك الإذن, أنا لفتت النظر ... .
السائل: يعني ... بين المرأة أو المرأة واختها تكون بينهم يعني ... يختلف عن يعني بقية النساء يعني مثلا في حالة الولادة أو, يعني يكون بينهم أشياء أكثر مما هذا فما حكم يعني أن تنكشف يعني المرأة يعني على أمها في أثناء فترة الولادة أو يعني بعدها اللي هي فترة ماني عارف حكم هذا الشيء في الإسلام؟
الشيخ: وضّح يا أخي, أي شيء؟ حكم الولادة وهي تضع؟
السائل: وهي تضع.
الشيخ: إيه.
السائل: قد يكون يعني طبعا يا دكتور قريب أو هذا.
الشيخ: إيش علاقة هذا بالسؤال؟ هذا له علاقة بالضرورات التي بحثناها أنفا وبحثناها بالأمس القريب، الضرورات تبيح المحظورات وقلنا أنه ما يجوز للمرأة أن تُعرِّض نفسها لتكشف عن عورتها أمام المرأة فضلا عن الرجل إلا لضرورة, فالأن أنت تعيد نفس سؤال وليس له علاقة بالبحث السابق إطلاقا
والجواب معروف " الضرورات تبيح المحظورات " ما فيه ضرورة فلا يجوز.
سائل آخر: في بعض أسئلة متعلقة في موضوع النساء.
الشيخ: نعم.

(199/9)


«
ما حكم ذهاب المرأة إلى النساء اللاتي يعملن مزيلات شعر الجسد فقد يتكشفن لهن تكشفا كليا؟»
السائل: يقول ما حكم ذهاب النساء إلى النساء اللاتي يعملن مزيلات للشعر حيث يتكشّفن عليهن تكشّفا أحيانا كليّا؟
الشيخ: هذا أيضا سؤال لا محلّ له من الإعراب, وفُهِم الجواب من البحث السابق.
السائل: ماشي.
الشيخ: ماشي.

(199/10)


«
ما الحكمة من عدم كشف شعر المرأة المسلمة أمام الكافرة؟»
السائل: ما الحكمة من عدم كشف شعر المرأة المسلمة أمام الكافرة؟
الشيخ: بمناسبة هذا السؤال أريد أن ألفت النظر, حكم التشريع ليست مبيّنة في الكتاب والسنّة وإنما يمكن الوصول إلى بعضها بالنسبة لطريقة الإستنباط والتفكّر ومن بعض العلماء وليس منهم جميعا.
ونحن نعلم أن كثيرا من الأحكام الشرعية تعبَّدنا الله تبارك وتعالى بها وطلب منا أن نُسَلِّمَ بها تسليما امتحانا لنا أنُؤمن أم نَكفر؟ فإذا كان هناك حكم شرعي وجب الانقياد والاستسلام له مباشرة, إن تبيّن لعالم ما حكمة ما فلا بأس من إظهارها ولكن بشرط ألا يعتاد المسلمون على أن لا يتقبّلوا أحكام الله المنصوصة في كتاب الله وفي حديث رسول الله إلا إذا عرفوا الحكمة, حينئذ هذا ينافي الإيمان والتسليم.
فبالنسبة لهذه المسألة نحن نقول قد عرفنا من الأية السابقة أن المرأة عورة بالنسبة للكافرة كالرجل, ما الحكمة؟ قد يقول قائل ونفترض أنه هو أنا, لا أدري, فماذا يقول موقف السائل إذا سمع الجواب لا أدري؟ هل يبقى شكّ في نفسه لأنه شيخ ما عَرف حكمة هذا الحكم الشرعي؟ طبعا يجب أن لا يكون موقفه كذلك وإنما يجب أن يُسلِّم تسليما كما هو نص القرأن الكريم.
أما هل هناك حكمة ظاهرة فمن البيّن أن المرأة الكافرة شعورها وذوقها وتربيتها تختلف كل الإختلاف كما نشاهد عن تربية المرأة المسلمة, فهي مثلا لا تتحرّج أن تخادِن الرجال وأن تُصادِقهم وأن تخرج معهم في الخلوات والفلوات وإلى أخره, ذلك لأنه لم يبق عند هذه النسوة شيء مما يعرف في لغتنا الإسلامية بالغيرة, (إن سعدا لغيور وإن الله لأشد غيرة من سعد ومن أجل ذلك حرّم المحارم).
الكفار ليس عندهم شيء اسمه الغيرة حتى سمعت أن في بعض اللغات الأوروبية لا يوجد هذه اللفظة العربية مرادف في لغتهم لأنهم لا يعرفون الغيرة ما هي؟ فالشاهد لمّا كانت المرأة الكافرة بهذه المثابة فهي حينما تخالط المرأة المسلمة وترى شيئا من زينتها الباطنة كما ترى المرأة المسلمة فقد يكون سبب, يكون ذلك سببا يدعوها إلى أن تصِف ملامح هذه المرأة وجمالها إلى بعض الرجال سواء كانوا من المسلمين أو من الكافرين فيكون ذلك سببا لفتح طريق لتقع هذه المرأة في فتنة لا قبل لها بردها, قد يكون هذا من الحكمة وأنا في النهاية أقول إن كان هذا صوابا فمن الله وإن كان خطأ فمن نفسي لكن عليكم أن تتبنّوا حكم الله وأن تسملوا له تسليما.

(199/11)


«
جاء في حديث أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أيما امرأة نزعت ثيابها في غير بيت زوجها خرق الله عنها سترها " نرجو معنى هذا الحديث؟»
السائل: جاء عن أم سلمة أنه النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أيّما امرأة نزعت ثيابها في غير بيتها خرق الله عنها سترها) نرجو بيان معنى هذا الحديث؟
الشيخ: هذا الحديث له علاقة بالبحث السابق أي أن المرأة إذا زارت امرأة في بيتها ولو لم يكن هناك أحد من الرجال فلا يجوز لها أن تكشف عن مواطن زينتها إلا بالمقدار الذي سمح الشارع به, أما إذا كان هناك رجال فيجب أن تضل في حجابها الذي تمشي فيه في الطرقات, هذا معنى هذا التهديد الوعيد (أيما امرأة وضعت ثيابها في غير بيت أبيها أو زوجها) عدة روايات (فقد هتكت الستر الذي بينها و بين ربها) وهذا معناه باختصار أنه لا تكشف عن عورتها أمام المرأة المسلمة, وقد عرفنا أنها كلها عورة إلا مواضع الزينة وهي أماكن معروفة, أصبحت معروفة عندكم إن شاء الله.

(199/12)


«
بعض الناس يضعف الزيادة الواردة في الحديث " إلعنوهن فإنهن ملعونات " وإذا صحت هذه الزيادة فكيف تكون طريقة هذه اللعنة؟»
السائل: يقول البعض يُضعّف زيادة الحديث (ألعنوهن فإنهن ملعونات) وإذا صحّت هذه الزيادة فكيف تكون طريقة اللعن؟
الشيخ: الذين يُضعِّفون هذه الزيادة هم في الواقع مبتدؤون في هذا العلم, فيظنّون أن كل راو تُكلِّم فيه بجرح يصبح هذا الراوي حديثه ضعيفا, وليس الأمر كذلك فهناك قواعد كما كنا وجّهنا إليكم نصيحة بوجوب تعلّم أصول الفقه وتعلّم أصول الحديث حتى لا يقع طالب العلم في شيء من الخطأ فقها أو حديثيّا, فهناك قواعد تقول في المصطلح " أن الجرح مُقدّم على التعديل مع بيان سبب الجرح " ثم بعد هذا البيان لا بد أن يُلاحظ هل هذا الجرح المُبَيَّن هو في نفسه جرح يُسقط الاحتجاج بحديث هذا الراوي أم هو قد يكون جرحا وقد لا يكون جرحا.
ونحن نعلم من دراسة تاريخ كثير من أئمة الحديث وحفّاظهم أن بعضهم كان عنده شدّة في الجرح وكان يُسْقِط الإحتجاج بالرجل لأدنى سبب, مثلا قيل لأحدهم لماذا لا تَرْوِ عنه؟ قال لأنه, لأني رأيته راكبا بِرْذَوْنا, وما أدري لعل البِرْذوْن غير معروف عندكم في بلادكم, البِرْذوْن هو فرس أو جنس من الفرس لكنه.
إلا أن نعامل أن أئمتنا أهل السنّة والجماعة بمثل هذه المعاملة التي فيها التصريح بالعصمة, هم من فضلهم علينا أنهم قالوا لنا لسنا معصومين, وأبو حنيفة يقول لتلميذه أبي يوسف واسمه يعقوب: " يا يعقوب لا تأخذ برأي فإني أقول اليوم القول وأرجع عنه غدا، وإنما خذ من حيث أخذنا " والشافعي يقول: " ما من أحد إلا وتخفى عليه سنّة من سنّة النبي صلى الله عليه وأله وسلم فمهما أصّلْتُ من أصل أو قلتُ من قول وحديث رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم بخلاف قولي فخذوا بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم واضربوا بقولي عرض الحائط " هذا إمام يقول عن قوله اضربوا به عرض الحائط, نحن ما نقول هكذا، نحن نتأدّب مع أئمتنا ونقول هذا رأيه وهذا اجتهاده وهو مأجور لكننا نرى أن القول الأخر الذي قاله الإمام ألأخر هو الصواب بدليل كذا من كتاب أو من سنّة أو من أثار عن سلفنا الصالح, فهذا مع الأسف الشديد من الظلم الذي يُصيبنا لكن لسان حالنا يقول,
"
إن أنت إلا أصبع دُمِيتي *** وفي سبيل الله ما لاقيت ".

(199/13)


«
ذكرتم في صفة الصلاة حديث " بين سجوده وبين الجدار ممر الشاة " وقلت إنه متفق عليه، ولا يوجد بهذا اللفظ وإنما يوجد " بين مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والجدار " وقلت عن هذا الحديث في مختصر البخاري إ»
السائل: أقول ذكرتم في صفة الصلاة حديث " بين سجوده و الجدار ممر الشاة " وقلت متفق عليه، ولا يوجد بهذا اللفظ وإنما يوجد " بين مصلّى رسول الله صلى الله عليه وسلم والجدار " وقلت عن هذا الحديث إنه شاذ كما في مختصر البخاري؟
الشيخ: من الصعب هذا الإجابة عن هذا الكلام لأنه في كثير من الأحيان يكون في خطأ من الراوي لأنه لما, من الناقل, النص الذي في البخاري, أعد عليّ.
السائل: ... النص يقول (بين سجوده) أنت الذي ذكرت في الصفة (بين سجوده وبين الجدار ممر الشاة).
الشيخ: طيب.
السائل: وقلت متفق عليه.
الشيخ: كويس.
السائل: يقول ولا يوجد بهذا اللفظ وإنما يوجد " بين مصلّى رسول الله صلى الله عليه وسلم والجدار " وقلت عن هذا الحديث إنه حديث شاذ؟
الشيخ: بين المصلى والجدار ما معناه؟ أحد شيئين إما بين موقف الرسول والجدار وهذا مستحيل وإما بين موضع سجوده والجدار وهذا هو الذي فسّره العلماء, فإذا روينا نحن الحديث بطريقة لا بد منها أن تُفهم هكذا, يُقال إن هذا الحديث ليس في البخاري وإنما في البخاري (بين المصلّى والجدار) الخلاف هنا يبقى خلاف لفظي، والعلماء اتفقوا على أنه يجوز رواية الحديث بالمعنى لا سيما في مثل هذا الكتاب المختصر الموجز كما تعرفونه, أما قوله إنه قلنا إنه هذا شاذ فهذا حقيقة يحتاج إلى استحضار المكان الذي قلنا فيه إنه شاذ, أما النقد الأول فهذا خطأ من السائل.
السائل: خليه ... .
الشيخ: كويس.

(199/14)


«
هل الاستمناء حرام، وما الدليل؟»
السائل: يقول هل نكاح اليد أو ما يُسمّى بالإستمناء أو العادة السرية حلال أم حرام؟ وهل توجد أدلة في هذه القضية؟
الشيخ: نحن نتبنّى في هذه المسألة قول الإمام الشافعي رحمه الله الذي ذهب إلى تحريم الإستمناء مستدلا بقوله تبارك وتعالى في وصف المؤمنين ((الذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت إيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون)) من ابتغى صرف شهوته بغير طريق الزواج والتسرّي يكون عاديا باغيا ظالما لنفسه, غيره.

(199/15)


«
ما مدى صحة تحسين الحافظ العراقي لحديث أبي داود " كبرت خيانة أن تحدث أخاك بحديث هو لك به مصدق وأنت له كاذب
السائل: يقول ما مدى صحة تحسين الحافظ العراقي لحديث أبي داود (كبُرت خيانةً أن تحدّث أخاك بحديث هو لك به مصدق وأنت له كاذب)؟
الشيخ: لا أستحضر الأن الكلام على هذا الحديث من الناحية الحديثية.

(199/16)


«
ما حكم العقيقة عن الكبير، ومن عنده عدة أبناء لم يعق عنهم هل يبدأ بنفسه أم بهم؟»
السائل: يقول ما حكم العقيقة عن الكبير؟ وهل الذي لديه عدّة أبناء لم يعُقّ عنهم يبدأ بنفسه أم بهم؟
الشيخ: يبدأ بأولاده, يعُقّ عن أولاده قبل كل شيء لأنه هذا هو الواجب عليه أما العقّ عن نفسه فهذا كان واجبَ أبيه وربنا عز وجل يقول ((أم لم ينبأ في صحف موسى وإبراهيم الذي وفّى ألا تزر وازرة أخرى))، فهذا الولد الذي صار أبًا لولد لا يحمل وزر والده الذي ما عقّ عنه حين ولادته, ولكن من السنّة إقتداء بالنبي صلى الله عليه وأله وسلم أنه عقّ عن نفسه بعد النبوّة, فهذه السنّة إذا استطاع أن يحييها بعد أن يعقّ عن أولاده الذين ماعقّ عنهم وهذا هو النظام, لكن هذا إنما يقال فيما إذا لم يكن متمكنا من العقّ عن أولاده في الوقت المشروع, وذلك في اليوم السابع فإن يعني كان له عذر ففي اليوم الرابع عشر وأخيرا في الحادي والعشرين, فإذا استطاع أن يعقّ عن ولده في هذه الأيام ثم لم يفعل إهمالا وتكاسلا فقد فاته العمل, كالذي يخرج الصلاة عن وقتها, أما إذا كان فقيرا أو كان في ظروف مثلا سفر أو ما شابه مما لا يتيسّر له القيام بهذا الأمر فحينما يتيسّر له ذلك فعل على المنهاج الذي ذكرناه أنفا, غيره.

(199/17)


«
ما حكم من يجد في نفسه صفة الحسد ولكنه يدعو الله أن يزيل عنه هذه الصفة، فهل هناك مسالك أخرى للعلاج من هذا الداء؟»
السائل: يقول ما حكم من يجد في نفسه صفة الحسد وعدم حب الخير للناس ولكنه يدعو الله أن يزيل عنه هذه الصفة؟
الشيخ: والعياذ بالله.
السائل: هل توجد أساليب أخرى تساعد هذا الشخص؟
الشيخ: لا نعلم في هذا غير ما ذكره السائل نفسه ولكن ليدعو الله عز وجل بقلب خاشع خالص عسى الله عز وجل أن يستجيب له والرسول عليه السلام يقول في بعض الأحاديث ولعله من الأحاديث الثابتة فإن ذاكرتي الأن غير مستحضرة لمرتبته (وإذا حسدتَ فلا تبغي) أي خلّي حسدك في نفسك ولا يحملنّك هذا الحسد على الإعتداء والبغي على ذاك المحسود فإن مثل هذا الحسد يكون يعني وزره خفيفا جدا على صاحبه, فهو إذًا أمامه سبيلين, السبيل الأول هو ما أشار إليه من أن يدعو الله عز وجل على النحو الذي وصفنا, السبيل الثاني أن يُجاهد نفسه فلا يبغي بسبب حسده على المحسود, ومن ذلك مثلما اليوم تباحثنا مع بعض إخواننا إنه زيد من الناس عنده كتاب فيه علم مفيد فطلبه فلان فأبى أن يعطِيَه إياه لا لأنه يخاف أن يستعصي به أو يخاف أن يُمزِّقه وإنما حسدا, هذا الحسد هو الذي فيه البغي وفي الإعتداء وفيه منع الخير عن أخيه المسلم, ومَن كان يشعر بشيء من هذا الحسد فيُجاهد هواه ويعطي مثل هذا الكتاب لهذا الطالب له ليتفقه فيه, نعم.

(199/18)


«
ما مدى صحة حديث " الحجر الأسود يمين الله في الأرض " وما معناه؟»
السائل: يقول هناك حديث (الحَجر الأسود يمين الله في الأرض) كيف يُفسّر أو كيف يُفهم هذا الحديث إن كان صحيحا؟
الشيخ: الحديث ضعيف السند فلنسترح منه.

(199/19)


«
هناك أثر عن علي رضي الله عنه يقول: حدثوا الناس بما يفهمون أتريدون أن يكذب الله ورسوله، فقد نقل الحافظ ابن حجر عن الإمام مالك أن هذا في الصفات فهل هذا الأثر صحيحا، وإن كان صحيحا فما المراد بهذا الأمر؟»
السائل: هناك أثر عن علي رضي الله عنه يقول " حدّثوا الناس بما يفهمون أتحبون أن يُكذّب الله ورسوله "، وقد نقل الحافظ ابن حجر قولا عن مالك أن المراد بذلك أحاديث الصفات فهل هذا الأثر صحيح؟ وإن لم يكن صحيحا فما المراد بذاك الأمر؟ ... وإن كان صحيحا.
الشيخ: الحديث صحيح أو الأثر هذا صحيح موقوفا على عليّ رضي الله عنه فقد رواه البخاري متصلا الإسناد إلى عليّ رضي الله عنه فهو صحيح لا ريب فيه، أما المعنى المقصود به فهو أنه يجب أن لا نحدِّث عامة الناس بشيء لا تتحمّله عقولهم وليس من هذا القبيل كما ذُكر عن مالك أن لا نحدّث الناس بأيات الصفات وأحاديث الصفات أو أحاديث الصفات لأنه معنى هذا أن لا نحدث الناس بأيات الصفات وهذا لا يقوله من هو دون مالك بمراحل فضلا عن أن يقوله الإمام مالك, إمام دار الهجرة.
لاسيما وفطرة الناس, عامة الناس أقرب إلى العقيدة السلفية في هذه القضية من المثقّفين المتأثّرين بعلم الكلام, لأن عقيدة السلف هي باعتراف الخلف أسلم, فكيف يقال بأنه لا ينبغي أن نحدّث العامة بالعقيدة التي هي أسلم؟ فهذا المثال لهذا الأثر غير مطابق له ولا هو المقصود مثله, منه, وإنما نأخذ مثالا له ما رواه البخاري نفسه في ظني أنه في هذا الباب أن معاذا رضي الله عنه كان رِدْف النبي صلى الله عليه وأله وسلم فقال له عليه الصلاة والسلام (ألا أبشّرك يا معاذ) قال بلى يا رسول الله قال (من مات وهو يشهد أن لا إله إلا الله حرّم الله بدنه عن النار) قال معاذ يا رسول الله أفلا أبشّر الناس قال (دعهم يعملون إذًا يتكلوا) (دعهم يعملون) فقول الرسول عليه السلام لمعاذ و تبشيره إياه بفضيلة هذه الشهادة, هذه الكلمة الطيبة أن من قالها مخلصا من قلبه حرّم الله بدنه عن النار قد يفهم بعض الناس كما هو الواقع في كثير من البلاد خاصة عندنا في سوريا أنه خلاص مادام هو بيشهد أن لا إله إلا الله دخل الجنة ترنزيت لا حساب ولا عذاب, بينما ليس المقصود من هذه الشهادة التي لها تلك الفضيلة هو أن من قال بها مجرد قول أنجاه الله من النار, بل لا بد أن يؤمن بها, ثم الإيمان بها لا بد أن يتقدمه معرفة معناها, ونحن مع الأسف الشديد لا نزال نجادل جماهير المسلمين في تفهيمهم معنى هذه الكلمة الطيبة, فإنهم يفسّرونها, لا يزالون تفسيرا ناقصا يقولون معنى "لا إله" أي لا رب وهذا التفسير قاصر ولا أريد أن أدخل في هذا الموضوع وإنما المعنى "لا إله" أي لا معبود بحق إلا الله, فإذا عرفت المسلم المعنى الصحيح لهذه الكلمة الطيبة ثم أمن به جازما من قلبه, هذا بلا شك كما قال عليه السلام في حديث أخر (من قال لا إله إلا الله نفعته يوما مت دهره) لكن من مستلزِمات هذه الكلمة الطيبة أن يعمل بمقتضاها, ومقتضاها العمل على الأقل بالأركان, فمن عمِل بلوازم هذه الشهادة حرّم الله بدنه عن النار تحريما مطلقا, هذا المعنى الصحيح الكامل, أما إذا قصّر في قليل أو كثير من العمل بلوازم هذه الشهادة, فهو أمره إلى الله كما قال ربنا تبارك وتعالى في كتابه ((إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء)) فإذا مات هذا المُوحّد القائل المؤمن بهذه الشهادة أنجته من الخلود في النار, لكن لا تحول بينه وبين أن يدخل النار بسبب ذنوب كان قد اقترفها أو أصابها, إن شاء الله عذبه وإن شاء غفر له, ففهم هذا النص كثير من الناس يسيئونه, لذلك لمّا استأذن معاذا رسول الله في أن يُبشّر الناس قال له (لا, إذًا يتكلوا دعهم يعلمون).
فهذا مثال صادق لأثر عليّ " كلموا الناس على قدر عقولهم " فالناس أو الأشخاص الذين يفهمون منك إذا بشّرتهم بهذه البشارة النبوية خلاف المعنى الصحيح فلا ينبغي أن تحدثهم به إلا أن تُحدّثهم وتشرح لهم المعنى شرحا كاملا بحيث أن هذه الشهادة حينذاك إذا ما عرفوها زادتهم إيمانا على إيمانهم وصلاحا على صلاحهم.

(199/20)


«
سمعنا تردد بجزم أن طريقنا السلفي هو الصحيح وهو الموصل الوحيد، فما الدليل على هذا الجزم؟»
السائل: يقول فضيلة الشيخ سمعناك تردد بجزم أن طريقنا السلفي هو الصحيح وهو المُوصِّل وهو الوحيد، فما الدليل على هذا الجزم؟
الشيخ: يبدو أن السائل ما حضر جلسات إخواننا السلفيّين إلا لأول مرة, ماذا يقول هذا السائل لمن يقول طريقنا قال الله قال رسول الله قال السلف الصالح؟ هل الطريق غير طريق؟ فإن كان الجواب كما نرجو لا طريق إلا هذا, فإذًا فمن فمك أدينك, وإن كان يظن أن هناك طريق أخرى فليُبيّنها لنا حتى نُثبت له خطأ هذا القول.

(199/21)


«
يتهم السلفيون بأنهم كثيروا التهجم على مخالفيهم، وخاصة في كشف النقاب، ويقولون إنهم كثيروا التجريح ولا يحسنون الظن بالمخالفين، فما الرد؟»
السائل: لا نزال في اتهامات السلفيين, يقول يُتهم السلفيون بأنهم كثيروا التهجّم على مخالفيهم، وخاصة في كشف النقاب، ويقولون إنهم كثيروا التجريح ولا يحسنون الظن بالمخالفين، فما الرد؟
الشيخ: هذا السؤال يذكرني.
السائل: يعني السائل يعني ما أظنه متأثر بالمقولة.
الشيخ: إن شاء الله, فيُذكِّرني بفقه لبعض العلماء, يقول إذا رأيت رجلا يركض خلف رجل والراكض في يده عمامة والذي خلفه يلحق به ليس على رأسه عمامة, فإذا رأيته لا تتهم ذلك الذي في يده العمامة بأنه سارق لعمامة اللاحق به وأنت تراه اللاحق حاسر الرأس ليس على رأسه عمامة, الملحوق على رأسه عمامته وبيده عمامة الرجل, لا تتهم هذا الذي على رأسه عمامته وعلى يده عمامة الرجل إلا بعد أن تتحقق لأنه من الممكن أنه هذه العمامة التي في يد الرجل كان اللاحق به سرقها منه فاستعادها, عمامته إلى نفسه بهذه الطريقة وركض, ولسان حاله يقول ((هذه بضاعتنا ردت إلينا)) هذا المقصود أيضا كما كنت قرأت في بعض المجلات العصرية أنه من حكم سعد زغلول مصر قال "إنه لا تزال هذه الأمة في نكد وفي ضلال ما دام أن أحدهم يمرّ بالرجل يضرب أخر فيشارك معه فإذا سألته لم تضربه؟ يقول والله ما أدري بس شفته عم يضربوا فأنا معاونوا", هذا كله مقصود فيه أنه لا يجوز المسلم أن يُسارع إلى اتهام المسلم إلا بعد تبيّن الحقيقة, فهذا السؤال سواء كان نابعا من السائل مباشرة أو حاكيًا عن غيره كما يرجو الأستاذ عبد الله يتمثّل تماما بالصورة الأولى, هو لا يدري ما السبب أو يدري ويتجاهل وأحلاهما مرّ, ما السبب الذي حمل مؤلف كتاب " كشف النقاب " وكشف النقاب اسم على مسمّى وهو وصف المردود عليه بما فيه, يعتبرون هذا طعنا ولا يدرسون هذا المردود عليه ماذا قال في الراد من التهم ومن الأكاذيب الكثيرة والكثيرة جدا؟ هذا مثالنا تماما ولا يصلح بطبيعة الحال الأن أن نُضيّع وقت الإخوان في مدافعاتي الشخصية لكن أنا أرجو ممّن يُوجّه مثل هذا السؤال أنه هذا "كشف النقاب" الرد على مين؟ على فلان, فلان ماذا فعل بالرد, ثم يقابل وحينئذ يصدق قول القائل وبضدها تتبيّن الأشياء.
السائل: في النهاية نرجو الله عز وجل أن يطيل هذه اللقاء وأن يُكثِّر منها وأن نوفّق جميعا كما قلنا إلى إلتزام هذه الطريق الصحيح ونسأل الله عز وجل أن يحيينا وأن يميتنا على هذا الطريق ولعل في هذا الذي سمعناه وفيما قبله يجعل الإنسان الذي يتمسّك بطريق السلف الصالح رضي الله عنهم ويسير في هذا الطريق يجعل له, يفخر باعتزاز على أنه ما جاب بشيء جديد وإنما هو على نهج السابقين من الصحابة والتابعين يسير, ونسال الله عز وجل الهداية والتوفيق وجزاك الله خيرا فضيلة الشيخ.
الشيخ: وإياكم.

(199/22)


«
هل يصح ما يقوله الشافعية من أن التيمم لا يصح إلا لصلاة واحدة فقط؟»
السائل: معك سالم من السعودية.
الشيخ: أهلا مرحبا.
السائل: عندي مسا, مسألتان أبغى أسألك فيها؟
الشيخ: تفضل.
السائل: بالنسبة للتيمّم يا شيخ.
الشيخ: نعم.
السائل: هل صحيح ما يقوله الشافعية بأن التيمم لفرض واحدة فقط؟
الشيخ: ليس صحيحا, وإنما المتيمم يصلي بالتيمم ما يصلّي بالوضوء لكن إذا وَجد الماء وجب عليه أن يستعمل الماء ولا يجوز أن يصلّي بذلك التيمم شيئا بعد أن وَجد الماء أما قبل ذلك فالأمر كما قال عليه الصلاة والسلام (التيمم طهور المسلم ولو لم يجد الماء إلى عشر سنين) أي نعم.
السائل: طيب, هم يتفقون, أنا سألتك وناقشت بعض الطلبة فيستدلون بأن الرسول عليه الصلاة والسلام بحديث عمر في مسلم وفي منتقى ابن الجارود وفي غيره, يستدلون بأن الرسول عليه الصلاة والسلام لما في فتح مكة خطب، خطب الرسول عليه الصلاة و السلام ولم يعني بوضوء واحد ولم يعد لكل صلاة وضوء, هذا دل على أن الوضوء يعني يقولون أن الوضوء كان في بداية عهدهم بالإسلام كان لكل صلاة وضوء لكن بعد فتح مكة صار يعني إيش؟ نُسِخ الأمر ... التيمم بقي على الأصل وهو أن التيمم لكل صلاة؟
الشيخ: هذا ما يقول هذا الكلام عالم.
السائل: لا لكني ... حتى ابن رشد الحفيد في المقدمات يذكر هذا الكلام عن الإمام النووي يقولون أنه ذكره في المجموع؟
الشيخ: ما يقول هذا الكلام عالم.
السائل: يعني الإستدلال باطل.
الشيخ: أي نعم.
السائل: طيب, فيه مسألة أخرى يا شيخ.
الشيخ: تفضل.

(200/1)


«
هل يصح أن علي القاري ذم حال ابن أبي العز رحمه الله و كتابه شرح الطحاوية؟»
السائل: بالنسبة لابن أبي العز هل صح أن علي القاري في شرح الفقه الأكبر ذمّه؟
الشيخ: لا أعلم ذلك.
السائل: يقولون إن بن أبي العز ذم, علي القاري ذم ابن أبي العز وقال إنه صاحب بدعة؟
الشيخ: لا أعلم ذلك وأستبعده, وابن أبي العز رجل عالم فاضل.
السائل: أيوه.
الشيخ: ولا يجوز لمثل علي القاري أن يغمز من قناته.
السائل: طيب, بالنسبة للشرح, شرح ابن أبي العز على الطحاوية هل يصح نسبته إليه؟
الشيخ: نعم.
السائل: يعني ما فيه غمز أو لمز ... ؟
الشيخ: لا أبدا وقد يلمز بعض المبتدعة, أما هذا اللمز مردود على المبتدعة.
السائل: آه يعني نسبته غير صحيحة.

(200/2)


«
نقمتم يا شيخ على الكوثري تضعيفه لأحاديث في صحيح البخاري وأنتم تضعفون بعض الأحاديث في الصحيحين؟»
السائل: طيب فضيلة الشيخ ما أنكرتموه في مقدمة شرح العقيدة الطحاوية للكوثري
الشيخ: نعم.
السائل: بأن هناك أحاديث انتقدها في الصحيحين.
الشيخ: أي نعم.
السائل: ف ... عندنا هناك في الرياض يقولون أنكم كذلك أنتم ضعّفتهم بعض الأحاديث في البخاري ومسلم؟
الشيخ: أي نعم.
السائل: فكيف انتقدتم على الكوثري وأنتم يعني فضيلة الشيخ قد يعني بعض الأحاديث القليلة القليلة جدا ضعّفتموها؟
الشيخ: نحن أولا لم ننتقد بعض الأحاديث في الصحيح, في البخاري أو مسلم على طريقة نقد زاهد الكوثري, هو ينقدها لأنها تخالف عقيدته ومذهبه الماتوردي.
السائل: أيوه.
الشيخ: أما نحن فإذا انتقدنا فإنما ننطلق من القواعد الحديثية العلمية.
إنما أشرت هناك في المقدمة إلى نقد الكوثري وطعنه في بعض الأحاديث المتفق على صحتها ردا على مقلّده الكوثري الصغير حيث أنه أخذ عليّ فقط أنني أقول في تخريج أحاديث شرح الطحاوي بين يدي كل حديث أقول صحيح
السائل: أيوه.
الشيخ: أو أقول حسن.
السائل: ... صحيح
الشيخ: أه.
السائل: ما ردكم على هذا؟
الشيخ: فردي على هذا هناك تجده, المهم فأنا رددت عليه أنت تأخذ عليّ.
السائل: نعم نعم.
الشيخ: ألا تأخذ على شيخك التي انتقد أحاديث متفق على صحتها ولم يُسبق إلى الطعن فيها مطلقا فشتّان ما بيني وبينه وكما قال الشاعر قديما,
"
فحسبكم هذا التفاوت بيننا *** وكل إناء بما فيه ينضح "
فرق بين الكوثري مثلا وبين الدارقطني حينما انتقد مسلما في ثلاثمائة حديث.
السائل: صح مضبوط.
الشيخ: لا يقال لماذا انتقده؟ لأنه انتقده بناء على القواعد الحديثية.
السائل: إيوه نعم.
الشيخ: أما الكوثري فإنما انتقده بناء على أهواءه الشخصية فشتّان ما بين هذا وهذا.
السائل: جزاكم الله خيرا.

(200/3)


«
سؤال عن كتاب " الإلتزمات و التتبع"؟»
السائل: فضيلة الشيخ بقي سؤال بسيط عندي.
الشيخ: نعم.
السائل: بالنسبة ... الأن بالنسبة لكتاب الدراقطني "الإلتزامات والتتبع".
الشيخ: نعم.
السائل: هذا الكتاب هل الأحاديث كلها التي انتقدها صحيحة على البخاري ومسلم أم فيها الطم و ... وإلا كيف؟
الشيخ: والله أنا الأن لا أستحضر ما في هذا الكتاب لكن في الجملة الأمر كما يروى عن الإمام الشافعي " أبى الله أن يتم إلا كتابه " وبس.
السائل: نعم صحيح.
الشيخ: وبس.
السائل: وأنا أيضا معي طبعة "الالتزمات والتتبع" بتحقيق الشيخ مقبل بن هادي الوادعي.
الشيخ: أي نعم.
السائل: أه طيب بالنسبة يا شيخ.

(200/4)


«
ما حكم من يقول أن السلف أولوا بعض الصفات كحسن السقاف؟»
السائل: فيه سؤال أخير نحن وصلنا هناك كتاب أظن دفع, دفع صفات التشبيه لابن الجوزي وفيه الحقيقة حسن السقاف وفي بعض في بعض في المقدمة بالذات في المقدمة نحن قرأناها في المقدمة ... نقول ونقول ينقلها عن السلف الصالح بأنهم أوّلوا الصفات؟
الشيخ: أولا يا أخي الله يهديكم, لا يجوز لكم أن تقرؤوا أي كتاب يقع بين أيديكم.
السائل: أيوه.
الشيخ: لأنه ليس كل من خطّ خطا أسود وسطّر سطرا في بياض يكون عالما, هذا ما يجوز يجب أن تأخذوا العلم عمن عُرِف بالعلم وبالعلم النافع في العالم الإسلامي, أما هذا فشاب أولا.
السائل: أيوه.
الشيخ: مغرور.
السائل: أيوه.
الشيخ: جاهل.
السائل: أيوه.
الشيخ: ووراءه ناس يدفعونه.
السائل: أيوه.
الشيخ: لمحاربة السنّة ومنهج السلف الصالح.
السائل: أه.
الشيخ: فنحن أعرف الناس به ولذلك فننصحكم أن لا تلتفتوا إلى رسائله أو مؤلفاته إطلاقا لأنه أولا جاهل وثانيا هو مُغرِض وحسبك أنه يطعن في أئمة الحديث القدامى والمحدثين اليوم.
السائل: نعم صحيح.
الشيخ: وحسبك أنه يصف ويقول عن الشيخ الفاضل ابن باز يقول هذا لا يوثق بعلمه لأنه رجل أعمى.
السائل: الله أكبر الله أكبر, أين يقول ذلك؟
الشيخ: يقول في نفس هذا الكتاب.
السائل: الله أكبر.
الشيخ: لو قرأت الكتاب كله فوجدت هذا الكلام في أوائل الكتاب.
السائل: عجيب.
الشيخ: ولذلك إياكم وإياه أن يضلكم.
السائل: نعم نعم, جزاك الله خيرا يا شيخ.
الشيخ: وإياك إن شاء الله.
السائل: والله يعني صراحة بصرّتنا إلى هذا الموضوع المهم.
الشيخ: إيه أهلا وسهلا وهذا واجبنا يا أخي.
السائل: جزاك الله خيرا.
الشيخ: وإياك.
السائل: كتب المبتدعة بشكل عام لا يمكن لطالب العلم أن يقرأها؟
الشيخ: أي نعم.
السائل: وإن كان مثلا يريد يعرف أدلتها في المسألة؟
الشيخ: لا لا هو قد يعرف أدلة هذه السنّة لأنك إذا عرفت الحق عرفت ما يعارضه من الباطل.
السائل: آه نعم نعم.
الشيخ: أما الذي يريد أن يعرف الباطل فهذا يجب أن يكون متمكّنا في العلم.

(200/5)


«
ما حكم المسح على العمامة مع الناصية؟»
السائل: أي وهناك شيخ في مسألة فقهية بسيطة وهي إني قرأت في "نيل الأوطار" أن المسح على العمامة فهل يجزي مسح على العمامة فقط دون المسح على الناصية؟
الشيخ: يجزئ إذا كانت العمامة قد عمّت الرأس كله.
السائل: نعم.
الشيخ: يجوز وإن كان لم يعمّ الرأس كله فيمسح كما جاء في السنّة مقدّمة الرأس ثم يُكمل على العمامة.
السائل: أه, جزاك الله خيرا.
الشيخ: وإياك.
السائل: فيه مسألة أخيرة إن شاء الله نختم بها هذه ... معك يا فضيلة الشيخ.

(200/6)


«
ما حكم تكرار الجماعة في المسجد الواحد؟»
السائل: مسألة بالنسبة لإعادة الجماعة, نحن قد سمعنا من الشيخ ابن عثمين أنه يجوز إعادة الجماعة واستدل بحديث أبي بكر الصديق؟ هل يعني ..
الشيخ: هذا خطأ مع احترامنا للشيخ ابن عثمين وهو صاحبنا وصديقنا لكن الإستدلال بهذا الحديث خطأ.
السائل: أيوه.
الشيخ: خطأ مُجسّم واليوم بعد صلاة الجمعة سُئلت هذا السؤال.
السائل: أيوه, هو رد.
الشيخ: أه؟
السائل: الرد على هذا الإستدلال؟
الشيخ: الرد هذا فيه شرح طويل وربما تجده مسطورا في بعض الأشرطة ولكني أقول لك كلمة موجزة.
السائل: نعم.
الشيخ: أقول أولا هذه الجماعة التي في حديث أبي بكر هي جماعة نافلة، جماعة نافلة.
السائل: ليست بفريضة.
الشيخ: ليست بفريضة, هذه واحدة والثانية وأريد أن أجعلها الأخيرة لأن البحث طال وأمثالك من السائلين كثر وراء حجاب, فلذلك فأنا أقول لك كلمة موجزة.
السائل: جزاك الله خير.
الشيخ: أقول, أبو بكر الصديق كان قد صلى وراء الرسول عليه السلام.
السائل: اللهم صلي وسلم وبارك عليه.
الشيخ: فاكتسب فضيلتين, الفضيلة الأولى فضيلة الصلاة خلف الرسول عليه السلام والفضيلة الأخرى فضيلة الجماعة التي هي بسبع وعشرين درجة.
السائل: أيوه.
الشيخ: فهو إذًا غنيّ ومليء أما الرجل الذي دخل المسجد بعد أن صلى عليه السلام فقد فاته خير كثير, فهو فقير.
السائل: الحمد لله.
الشيخ: الذي صلى خلفه هو أبو بكر الصديق الغنيّ فهو الذي يتصدق عليه، جوابا لقوله عليه السلام (ألا رجل يتصدق على هذا فيصلّي معه) فإذا أنت أدركت هذا الذي أقوله لك.
السائل: أنا أدركت.
الشيخ: فالأن قل لي إذا دخل جماعة المسجد وقد انتهت الجماعة الأولى فتقدّمهم أحدهم فمن المتصدِّق ومن المتصدَّق عليه؟ كلهم فقراء.
السائل: كلهم فقراء نعم؟
الشيخ: فحسبك هذا والسلام عليكم.
السائل: وعليكم السلام.

(200/7)


«
ما حكم من كان يداوم على دعاء الاستفتاح ثم نسيه في بعض الصلوات ثم تذكر بعدما سلم فهل عليه سجود السهو؟»
السائل: شيخ لي بعض الأسئلة جزاكم الله خيرا
الشيخ: تفضل.
السائل: بالنسبة يا شيخ للإنسان الذي يواظب على دعاء الاستفتاح في الصلاة ثم سهى عنه يوما, تذكّره بعد ما سلّم من الصلاة؟ ماذا عليه؟
الشيخ: عفوا يداوم على ماذا؟
السائل: يُداوم على دعاء الإستفتاح في الصلاة؟
الشيخ: دعاء الإستفتاح؟
السائل: نعم يا شيخ.
الشيخ: ثم نَسِيَهُ يوما؟
السائل: نعم يا شيخ.
الشيخ: عليه أن يسجد سجدتي السهو.
السائل: بارك الله فيك.

(200/8)


«
هل يصح دعاء دخول المنزل "اللهم إنا نسألك خير المولج وخير المخرج ... "؟»
السائل: بالنسبة يا شيخ لحديث دخول المنزل (اللهم إنا نسألك خير المولج وخير المخرج بسم الله ولجنا وبسم الله خرجنا وعلى ربنا توكلنا)؟
الشيخ: هذا تبيّن أنه منقطع.
السائل: بارك الله فيك.

(200/9)


«
سؤال عن حديث النهي عن الإرفاه والترجل كل يوم؟»
السائل: شيخ بالنسبة اطّلعنا على حديث في كتاب السلسلة الصحيحة حديث رقم خمسائة واثنان فيه نهى عن الإحتفاء والترجّل كل يوم، لكن في كلامك عن هذا الحديث أتيت بزيادة من أحمد وأبو دواد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نحتفي أحيانا وقلت هذا الإسناد صحيح ... شرط الشيخان سمعنا من بعض إخواننا أنك تراجعت عن هذا؟ هل ... ؟
الشيخ: لا ما أعلم هذا.
السائل: أه صحيح ... .
الشيخ: أي نعم.
السائل: بارك الله فيك.

(200/10)


«
هل إذا كبرت تكبيرة الإحرام أضعهما على الصدر أم أرسلهما ثم أضعهما على الصدر؟»
السائل: شيخ بالنسبة لتكبيرة الإحرام عندما أكبّر هل أرسل يدي أم أحاذي بهما بطني أو صدري لأن رأينا بعض الشباب؟
الشيخ: إذا كبرت تضعهما فورا على الصدر ولا ترسلهما ثم تضعهما.
السائل: على صدري.
الشيخ: نعم؟
السائل: يعني أحاذي صدري ثم أقبضهما؟
الشيخ: هو هذا تضعهما على الصدر قابضا إحداهما للأخرى، المقصود لا إرسالا أولا.
السائل: نعم, هذا ... .
الشيخ: أي نعم.

(200/11)


«
ما حكم من يضع الصحون والكؤوس على سطوح البيوت لدفع العين فما حكم من يأخذها ليستفيد بها؟»
السائل: كما تعلم يا شيخ أن في معظم البلاد الإسلامية يضعون أشياء فوق القبور كالكؤوس والصحون, ما حكم من يأخذ تلك الأشياء ليستفيد بها؟
الشيخ: لا يجوز أن يأخذها, عليه أن ينصح أهلها أن لا يفعلوها.
السائل: بارك الله فيك.

(200/12)


«
ما حكم صلاة المسافر أربع ركعات بالناس إماماً ناوياً النافلة ثم يصلي لنفسه ركعتين؟»
السائل: شيخنا أن أنك ... الصلاة الرباعية ... المائية يعني ... الصلاة لكن إذا قدّموني أصلي بهم فهل يجوز أن أنويها لهم نافلة ثم أعيدها ظهرا؟
الشيخ: ما هي الصلاة؟
السائل: ... الظهر والعصر وال, إذا قدّموني وأنا مسافر ... ؟
الشيخ: أه أنت مسافر؟
السائل: نعم.
الشيخ: ولماذا تصلّيها تماما ثم تصلّيها قصرا, هلا علّمتهم قولا وعملا؟
السائل: لا يا شيخ ما علّمتهم.
الشيخ: إذًا علّمهم قولا وعملا, بيّن لهم السنّة ثم صلّ على السنّة ولا تَحْتَل عليها.
السائل: ربما شيخ استمعنا في شريط للشيخ عدنان عرور هذه شيخ الكلمة هذه أنا أصليها ... وأنويها نافلة, يعني أصلي بهم يعني في الجزائر, أنا في الجزائر وصلّى بهم الصلاة الرباعية ثم قصّر بعد إتمام صلاته؟
الشيخ: نعم يا أخي هو فاته هذا الذي قلته لك.
السائل: نعم ... .
الشيخ: وفيك بارك.
السائل: هل تختصر الصلاة أم فيه أحاديث أخرى تجمعها تخالف ... اليد.
الشيخ: لا هو خارج الصلاة أيضا.
السائل: حتى ... في جلسة ك.
الشيخ: حتى خارج الصلاة أيضا.
السائل: بارك الله فيك.

(200/13)


«
ما حكم من لا يستطيع أن يتاجر إلا أن يضع أمواله في البنوك لأجل العملة الأجنبية؟»
السائل: ... في الجزائر عنده مشكلة وهو تاجر في الخردوات يعلم بأنه لا يجوز له أن يحتفظ بماله في البنوك الربوية لكن لا يستطيع أن يشتري المواد ليُتاجر فيها إلا بالعملة الورقية يعني ... وهو لا يستطيع أن يكسب تلك العملة الورقية إلا إذا وضع ماله في تلك البنوك فماذا يفعل؟
الشيخ: لا يستطيع ماذا؟
السائل: أن شيخ يحصل تلك, على العملة الورقية ... .
الشيخ: أنت لا تعد الكلام قل لي لا يستطيع ماذا؟
السائل: أن يتاجر, لأنه يعمل في الخردوات.
الشيخ: وهل الغاية تبرر الوسيلة؟
السائل: لا يا شيخ.
الشيخ: فإذًا ما هذا السؤال؟
السائل: هو طلب مني لكي أسأل يا شيخ.
الشيخ: وأنا أطلب منك أن تبلّغه جواب ما سألت عنه.
السائل: بارك الله فيك.

(200/14)


«
ما حكم وضع الكتاب على المصحف؟»
السائل: شيخ هل يجوز لي أن أضع كتاب ما فوق مصحف؟ وما معنى كلمة "يعلى ولا يعلى عليه" لأن بعض الإخوان إذا ما وضعت كتاب فوق مصحف يقول هذا لا يجوز هذا؟
الشيخ: إذا و ضعت كتابا فوق المصحف؟
السائل: نعم شيخ.
الشيخ: نعم, هذا يتنافى مع قوله تعالى ((ومن يعظّم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)).
السائل: بارك الله فيك.

(200/15)


«
ما معنى الحديث الواهي؟»
السائل: شيخ ما معنى الحديث الواهي ... بعض الأحاديث يقول حديث واهي؟
الشيخ: الواهي هو الضعيف.
السائل: شيخ بارك الله فيكم.
الشيخ: وفيك بارك.
السائل: جزاكم الله خيرا.
الشيخ: أنت هون, بعيد عني كثير, ... وعليكم السلام.
السائل: مبارك شيخ ناصر الدين الألباني؟
الشيخ: أيوه نعم.
السائل: كيف حالكم شيخ؟
الشيخ: الحمد لله بخير.

(200/16)


«
سؤال عن الحلف بالطلاق من رجل لزوجته؟»
السائل: بدي أسألك سؤال والله بس حلفت يمين طلاق, قلت لزوجتي أنت طالق إذا خرجت من البيت, من هنا لغاية شهر؟
الشيخ: الله يهديك.
السائل: والله إني انصدعت يعني بدي أتراجع عن الطلاق شو ..
الشيخ: الله يهديك, أنت يبدو أنك عصبي المزاج؟
السائل: آه والله كثير يا شيخ.
الشيخ: الله يهديك, ألا تعلم قول النبي صلى الله عليه وأله وسلم (ليس الشديد بالصُرعة ولكن الشديد من يملك نفسه عند الغضب).
السائل: والله عاد يا شيخ هذا اللي صار.
الشيخ: أنا أعيذك أن تكون من الجاهلين.
السائل: إن شاء الله.
الشيخ: وأعيذك أن لا تعود إلى الحلف بيمين الطلاق مرة أخرى أبدا الأبدين.
السائل: إن شاء الله.
الشيخ: وأن تتوب في الساعة الحاضرة إلى رب العالمين.
السائل: إن شاء الله.
الشيخ: أما حلّ المشكلة فهو أن تكفّر عن يمنيك وأن تُطعم عشرة مساكين طعاما ولا تعطيهم فلوسا.
السائل: طعاما.
الشيخ: طعاما ولا تعطيهم فلوسا ويكون هذا تكفير يمينك
السائل: نعم.
الشيخ: ثم أنت وشأنك وزوجتك.
السائل: جزاك الله خيرا يا شيخ.
الشيخ: وإياك.
السائلة: الله يطول عمرك يا رب, أول ناحية فضيلة الشيخ لو تتذكّر حضرتك.

(200/17)


«
سؤال حول الحضانة إذا تزوجت المرأة؟»
السائلة: أنا تكلمت معكم في موضوع الحضانة إذا الأم تزوّجت وحضرتك شرحت لي مفهوم الحضانة من, لما ذكرت "زاد المعاد" تبع ابن القيم؟
الشيخ: أي نعم.
السائلة: ففي مجال يا ترى أحصل على هذا الشرح هذا مكتوب من حضرتك لأنه هون ممكن ... الفتوى الشرعية لأني كل ما أخت صار معاها ها المشكلة هذه و ... مباشرة الفتوى اللي تذكر إياها يعني الغلط أنه راح تُسقط عنها الحضانة؟
الشيخ: طيب عفوا أنا أولا معذرة لا يوجد عندي مثل هذا الفراغ وثانيا لماذا أنت لا تصوّرين كلام ابن القيم وتقدمّيها للجنة إذا كانت تحترم ابن القيم, وإن كانت تحترم كلام بن القيم انحلت المشكلة, وإذا كانت لا تحترم كلام ابن القيم فمن هو الألباني حتى يحترموه ولو لم يحترموا من هو أعلم منه وأقدم منه.
السائلة: ... يا فضيلة الشيخ هو الحقيقة بالنسبة للناس اللي الشخص القائم عليها هو شيخ باكستاني وكان ... يعني لل, إيش اسمه, للكتاب وشرح له هو يقرأ العربية جيدا يعني درس بالسعودية.
الشيخ: أيوه.
السائلة: فرغم ذلك على ما يظهر يا إما ما بيحترم الكلام, الله أعلم, يا إما ما قدر يستوعب أنه فعلا ها الشيء هذا يعني هو الصح، ... إذا فيه محكمة انجليزية, فيه خلاف بين رجل وزوجته أعطاها الحضانة.
الشيخ: نعم.
السائلة: بيطلبوا أحيانا منهم رأيهم الشرعي, يعني صحيح ما بيحكموا به ولكن شوية بيأخذوا بعين الإعتبار اختلاف العادات والدين عنهم.
الشيخ: نعم.
السائلة: وهو الحقيقة ... لاقى فتوى شرعية ... بالمحكمة بقضية ابني, اللي مباشرة متى تزوجت الأم تسقط عنها الحضانة مباشرة بدون أي نقاش ف ... إذاعة الحقوق في مصيبة كمان يعني ظهر الإسلام أنه هذا فيه, فيه مصيبة يعني أول ما واحدة تتزوّج, بغض النظر عن صلاح زوجها الجديد من عدمه, مباشرة الأطفال بينشالوا بينحطوا عند أبوهم ... وإلا ملتزم وإلا ما هو ملتزم.
خلاص سحبت الحضانة فبيتكلموا معي أنه هذا الشيء مو طبيعي, بدي ... أنا بدي أشرح لهم يعني في هذا ... رسمية عم تقل لهم لا هذا الكلام غلط, كلامي أنا غلظ في ,فيه خلاف بين كلامي وكلامه ... فلما بتيجي تقرأ مثلا ... معاصرة يعني ما يخيل في يرجع قاضي إنجليزي لكتاب ابن القيم طبعا لا بيعرفه ولا ... لكن أديكي فتوى معاصرة من جهة الأن شرعية ثاني غير هذه الجهة من بلد مسلم ... ليش هؤلاء مختلفين ... الكلام, شو رأي حضرتكم؟
الشيخ: أي بارك الله فيك أولا راح أقول أنا.
السائلة: نعم.
الشيخ: المشكلة ستعود أيضا بصورة أخرى وهي.
السائلة: نعم.
الشيخ: قلت لي أنه زوجك شرح لهذا الباكستاني؟
السائلة: نعم.
الشيخ: طيب فسيعود نفس الإشكال على بياني أنا, هذا أولا, وثانيا لازم أنت بقى تتوجّهي إلى هيئة من العلماء الكبار الذين لهم شهرة في العالم الإسلامي حتى يكون لفتواهم الوقع في ..
السائلة: ... .
الشيخ: أيوه أما الألباني ..
السائلة: كما هيئة الإفتاء بالسعودية؟
الشيخ: أه, أما الألباني إذا كتبنا لك الرأي لو أننا كنا متفرّغين لمثل هذا وقدمتيه إلى هذيك اللجنة.
السائلة: نعم.
الشيخ: سيتساءلوا من هذا الألباني؟
السائلة: نعم.
الشيخ: هذا رجل أعجمي و و إلى أخره والله أعلم بما يقولون, المهم ترجعي إلى السعودية.
السائلة: نعم.
الشيخ: وتشرحي لهم القضيّة وهم سيفتون ويوقّعوا توقيع الرسمي وحينئذ هذا التوقيع هو الذي يحمل هناك أولئك الناس أن يعتدوا بمثل هذا الكلام.
السائلة: طيب.
الشيخ: هذا ما عندي.
السائلة: حاضر فضيلة الشيخ.

(200/18)


«
هل تتحجب المرأة المسلمة أمام والديها الكفار؟»
السائلة: سؤال ثاني الله يخليكم ولو سمحت, المرأة المسلمة اللي هي أهلها كفار هل تستطيع أن يعني أن ترى أمها وأبوها مثلا شعرها وإلا لازم تتحجب قدام أمها وأبوها؟
الشيخ: لا لا تتحجب.
السائلة: لا تتحجب, لا في بيتها ولا في بيتهم أمامه.
الشيخ: أي نعم.

(200/19)


«
سؤال عن تعليم المرأة عند الكفار وذلك بحضور محرمها؟»
السائلة: طيب, بالنسبة ل, يعني لموضوع الاختلاط فضيلة الشيخ دائما فيه مثل ما تفضلت حضرتك دائما في تساؤلات ومشاكل على هذا الموضوع.
الشيخ: أي والله.
السائلة: إذا امرأة محجّبة كاملا مثلا لو حتى منتقبة وبتتعلم مثلا واحتاجت أنه هي تتعلم ... تتعلم في ما فيه امرأة علّمتها, إذا تعلمت من رجل بوجود محرم مثلا زوج أو أب في الغرفة أو في المكتب أو في شيء من هيك هل هذا يجوز وإلا ما يجوز؟
الشيخ: إذا كان كما تقولين بحضور محرم أولا.
السائلة: نعم.
الشيخ: وإذا كان حجابها حجابا شرعيا ثانيا.
السائلة: نعم.
الشيخ: وأخيرا إذا كان جلوسها بين يديه ومكالمته إياها ومكالمتها إياه أيضا في حدود الأداب الشرعية ليس هناك يعني كلمة مزح أو ضحك فأقول يجوز وإلا فلا.
السائلة: ولو كان هذا المعلم كافر؟
الشيخ: لا, لأنه الكافر لا يوثق به.
السائلة: ما يجوز.
الشيخ: لا.
السائلة: طيب لو في يعني ها العلم الذي عم تتعلمه ما ... ها المعلم الكافر هذا؟
الشيخ: طيب أولا هل يمكنك أن تُفصِحِي وتُبيّني عن هذا العلم الذي ..
السائلة: أنا يعني أنا اللي بيتعلق في أنا, أنا عم بادرس ماجستير بالكمبوتر فعندي مشكلة لازم حلها ما عاد اقدر أوصل لحد مدرسة تعلمني إياها, وفي واحد مدرس متوسط
الشيخ: معليش.
السائل: ... حوالي ثلاثة ساعات من التعليم
الشيخ: معليش بس ..
السائلة: في موجود هل يجوز لي أتعلم منه وإلا لا يجوز؟
الشيخ: ما هو بارك الله فيك كان الموضوع ليس أنه المرأة يجب أن تتعلم من المرأة لأنه هذا أمر مفروغ منه, مفهوم منه كان الموضوع هل يجوز أن تتعلم هذه المسلمة بالشروط التي ذكرتُها أنفا من كافر, فالأن أنت قفزت من المرأة إلى الرجل الكافر بينما هناك حل وسط, المرأة غير متوفرة فابحثي عن الرجل المسلم بحضور المحرم وبحضور الشروط المذكورة أنفا, أنا أشعر بأنك ..
السائلة: ... حرام الكافر.
الشيخ: نعم.
السائلة: إذا ما تيسر رجل مسلم يعلمني ... هل حرام إني أتعلم من كافر؟
الشيخ: والله هذه بقى تدخل في القاعدة العامة, إذا كنت مضطرّة فالضرورات تبيح المحظورات وإلا فالأصل لا يجوز.
السائلة: نعم.
الشيخ: أي نعم.

(200/20)


«
سؤال عن الفرق بين الحجاب (لبس خمارين اثنين تحت الجلباب) والجلباب؟»
السائلة: طيب بالنسبة للحجاب الشرعي الذي تكلمنا عليه المرة الماضية, رضيت أنا تكلمت مع الأخوات الحقيقة فضيلة الشيخ فيه ناحية لما بتكون الواحدة لابسة الجلباب العريض اللي هو مثل العباية بس يبدأ من الكتف إلى تحت ومعه غطاء الصلاة مثلا يوصل للركبة, شو الفرق بالنسبة للغاية بالأخير, شو الفرق بين ها الشكل هذا من اللباس والمعقوس اللي هو غطاء الصلاة تحت وفوقه العباية من الرأس, أنا عم اسأل السؤال مو من مو يعني من الواحد ناحية ... من الناحية العملية, ناحية اللي بتعملوها الطريقة الثانية عملية أكثر أسهل باللباس وبالحركة خاصة هون بتضطر مثلا تطلع هي تجيب أكل لأولاده وإلا تشتغل وإلا كذا, ما لها محرم مثلا، بيبقى سهولة الحركة أسهل لمّا تكون لابسة جلباب عريض وفوقها غطاء صلاة طويل مثلا يوصل ممكن يوصل للركبة, فشو الفرق من الناحية الشرعية بين هذا وبين هذا؟
الشيخ: عفوا أنا أخشى أنه يكون فيه سوء تفاهم ولا أقول سوء فهم.
السائلة: نعم.
الشيخ: ما هي الصورة التي أنت الأن تشيرين إليها وتقولين ما الفرق بينها وبين ما كنت فهمت مني سابقا؟ ما هي هذه الصورة التي هي أيسر؟ صفيها لي؟
السائلة: لأن تلبسها الأن.
الشيخ: أه.
السائلة: مثلا جلباب عريض وفوقه غطاء صلاة طويل إلى حد الركبة مثلا.
الشيخ: تمام, هذا هو؟
السائلة: أيوه.
الشيخ: الفرق الأن أقوله لك لأنه واضح جدا.
السائلة: نعم.
الشيخ: من الناحية الشرعية طبعا أنت ما أظنك من أولئك الناس المسلمين نساء ورجالا الذين لا يقبلون الحكم الشرعي إلا إذا عرفوا حكمته.
السائلة: لا, إن شاء الله أقبله سواء عرفت الحكمة أولا.
الشيخ: إيه هذا هو الظن بك يا أم عمرو.
السائلة: الله يبارك فيكم وبيطول عمرك ..
الشيخ: لذلك اسمحي لي.
السائلة: نعم.
الشيخ: فأنت تعرفين أن هناك في القرأن الكريم.
السائلة: نعم.
الشيخ: الأمر بشيئين اثنين.
السائلة: نعم.
الشيخ: الأمر بالخمار وهذا الذي أنت تحدّثت عنه والأمر بالجلباب.
السائلة: نعم.
الشيخ: فهل أنت فعلت الأمرين؟ هذا هو الفرق, الفرق أنك طبّقت أمرا وأهملت أمرا فعليك أن تجمعي بين الأمرين، لعله وضح لك الأن؟
السائلة: هو مثلا.
الشيخ: أقول.
السائلة: نعم.
الشيخ: لعله وضح لك الأمر إلى الأن؟
السائلة: نعم.
الشيخ: وضح؟
السائلة: نعم وضح.
الشيخ: طيب أزيدك وضوحا.
السائلة: نعم.
الشيخ: أنت هذا الخمار الذي قلت يصل إلى مكان كذا من بدن المرأة.
السائلة: نعم.
الشيخ: وتحت هذا الخمار الإيش؟ ها اللي عم تسموه الجلباب ..
السائلة: ... مثلا لونه أسود وإلا ... بحيث يكون عريض جدا ما يظهر ما يظهر أي شيء من الجسم.
الشيخ: طولي بالك, طولي بالك
السائلة: ... صح.
الشيخ: جميل جدا, افترضي الأن أنك أنت ألقيت خمارا ثانيا على ذاك الخمار.
السائلة: نعم.
الشيخ: هل يعني رجعْت للمشكلة التي قلت متسائلة ما الفرق بين هذا وبين هذا الذي كنت فهمتيه مني من قبل والأن أنا أكدته لك بتنبيهي إياك بأنك أتيت أمرا وتركت أمرا؟
السائلة: نعم.
الشيخ: الأن أنت إذا وضعت خمارين.
السائلة: نعم.
الشيخ: يكون طبّقت الأمرين وزال الإشكال التي أشرت إليه أنفا, أليس كذلك.
السائل: نعم.
الشيخ: طيب, انتهت إذًا أيضا المشكلة, صح؟
السائلة: يعني إذا وضعت خمارين خمار فوق الثاني انتهت المشكلة.
الشيخ: أيوه, هيك أفهم من كلامك.
السائلة: ويكون الجلباب واصل إلى الأرض.
الشيخ: ويكون الجلباب واصل للأرض, هذا انتهينا منه، يعني أنت بارك الله فيك ما عم تقولي ..
السائلة: البانطوا.
الشيخ: إيه البالطوا.
السائلة: البالطو هو واصل إلى الأرض.
الشيخ: هو واصل للأرض.
السائلة: وفيه خماران.
الشيخ: وفيه خماران, في إشكال في هذا؟
السائل: نعم واضح الخمارين ... واحد يكون واصل للأرض, ... لطول الركبة مثلا.
الشيخ: سبحان الله, أنا عمرأعالج واقعك تماما, متصوّرك لما بتوصفي لي أنك لابسة الجلباب ها اللي هو البالطوا الطويل وفوق منه الخمار الطويل, فأنا عم أقول لك ضعي فوق هذا الخمار الطويل خمار أخر.
السائلة: أيوه.
الشيخ: فبيكون نفّذتي الأمرين وما فيه هذاك الإشكال.
السائلة: خلاص, والخماران يكونون بس بالطول.
الشيخ: هذا هو.
السائلة: خلاص.
الشيخ: هذا هو.
السائلة: خلاص.
الشيخ: اسمعي.
السائلة: نعم.
الشيخ: هذا هو, ولكن هناك رخصة في أن يكون الخمار الأدنى أقصر من الخمار الأعلى.
السائلة: نعم.
الشيخ: الأن راح أذكر لك ما هي الغاية التي رَمى الشارع الحكيم إليها حينما أمر بالجمع بين الخمار وبين الجلباب.
السائلة: نعم.
الشيخ: أولا الخمار المقصود فيه هو ليّه أو إلقاءه على الرأس وضربه على النحر والصدر.
السائلة: نعم.
الشيخ: أه, ثانيا لما بيجيك جلباب فوق هذا الخمار أو على الطريقة التي أشرنا إليها أنفا بيجي خمار ثاني فوق منه صار هنا الرأس وما حوى غير مُحجّم.
السائلة: نعم.
الشيخ: غير مُحجّم.
السائلة: نعم.
الشيخ: والصدر أيضا، لما يكون فيه خمار واحد بيكون مُحجّم, خاصة إذا كانت امرأة ناهد.
السائلة: نعم.
الشيخ: تفهمين عليّ؟
السائلة: نعم.
الشيخ: أه, فلما بيجي الخمار الثاني بيضيّع التحجيم أكثر.
السائلة: نعم.
الشيخ: فإذا كان الخمار الأدنى التحتاني أسفل الثدين والخمار الفوقاني إلى ما دون ذلك مثلا إلى ما دون خلينا نقول الأليتين.
السائلة: نعم.
الشيخ: ماشي الحال إذا كان الخمار الأدنى أقصر من الخمار الأعلى.
السائلة: نعم.
الشيخ: واضح؟
السائلة: واضح هو ها الطريقة اللي أنا بالبس فيها الخمار طويل وتحته في ... يغطي الرأس بحيث حتى لو فرضنا الهواء طيّر الخمار الفوقاني, الرأس مضمون أنه مغطّى.
الشيخ: إيه بس ما بيكفّي الرأس بارك الله فيك مثل ما قلت لك.
السائلة: الرأس مغطّى طبعا من الرقبة إيه هذا واضح يعني.
الشيخ: لا لا والثديين قلنا لك.
السائلة: نعم.
الشيخ: لازم يكون الخمار الأدنى يغطّي أيضا الثديين.
السائلة: نعم نعم خلاص واضح فضيلة الشيخ.
الشيخ: قلت لك إلا خير.
الشيخ: نعم.
السائل: السلام عليكم ورحمة الله.
الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
السائل: أبو عبد الرحمان.
الشيخ: أهلا.
السائل: إن شاء الله مبسوط؟
الشيخ: الحمد لله بخير.

(200/21)


«
سؤال عن صحة حديث حذيفة الموقوف وحديث الحسن رضي الله عنهما؟»
السائل: ممكن فيه مجال للأسئلة؟
الشيخ: تفضل.
السائل: الله يبارك فيك، اليوم حضرنا خطبة في مسجد صلاح الدين.
الشيخ: نعم.
السائل: والشيخ محمد ذكر حديث (لو مات هذا على حاله هذه مات على غير ملة محمد).
الشيخ: نعم.
السائل: الحديث أنت ذاكر في صفة صلاة النبي أو في صحيح الترغيب أنه موقوف.
الشيخ: من كلام حذيفة.
السائل: أي حذيفة و ... .
الشيخ: أيوه.
السائل: ولكن بتقول وقد صحّ مرفوعا.
الشيخ: أه.
السائل: الطبراني وأبو يعلى والآجري والضياء المقدسي.
الشيخ: أيوه.
السائل: ... بن حزم وصححه ابن خزيمة.
الشيخ: نعم.
السائل: الحديث الحسن وين موجود في المصادر هذه. لأنه فيه في السند نفسه فيه اثنان مجهولان أبو صالح الأشعري و أبو عبد الله الأشعري؟
الشيخ: أنت بتقول وين موجود وأنا ذاكر لك المصادر.
السائل: نعم بس لا السند الصحيح لذاته أو الصحيح لذاته، لأنه فيه في السند أبو صالح الأشعري قال عنه الحافظ مقبول؟
الشيخ: لاتستعجل يا أخي الله يهديك.
السائل: تفضل.
الشيخ: هل سؤالك عن حديث حذيفة الموقوف؟
السائل: لا هذا في البخاري.
الشيخ: الله يهديك.
السائل: نعم.
الشيخ: أنا باسألك هو في البخاري وإلا مو في البخاري؟
السائل: لا.
الشيخ: لكان ليش عم تقلي هو في البخاري الله يهديك.
السائل: سبحان الله.
الشيخ: عم تطوّل علينا الشرح وتضيع علينا الوقت.
السائل: ... .
الشيخ: سؤالك عن حديث حذيفة وإلا عن الحديث الحسن؟
السائل: عن الحديث الحسن.
الشيخ: سألتني عن المصادر والمصادر بين يديك.
السائل: نعم.
الشيخ: طيب إيش معنى هذا السؤال والجواب موجود في الكتاب؟
السائل: طيب, فيه طلبوا علينا بعض طلاب العلم عندنا في المسجد وقالوا أنه في سند الحديث يعني الحديث ... بطريق واحدة بطريقة واحدة, وفيه بالسند أبو صالح الأشعري وأبو عبد الله الأشعري.
الشيخ: والله مشكلتكم مشكلة يا معشر الطلاب.
السائل: الله أكبر.
الشيخ: كلما واحد فهم شيئا من العلم.
السائل: نعم.
الشيخ: ... وبتقعدوا تضيّعوا أوقاتنا.
السائل: لا يا شيخ.
الشيخ: صار لنا خمسين ستين سنة نحن عم نشتغلك في ها العلم هذا.
السائل: بس ... أنا.
الشيخ: يا أخي هذه شغلة ما بتنتهي, كل ما واحد يجي يقول لك والله هذا السند فيه فلان, طيب شو درّاه هو أنه في سند ثاني؟ شو درّاه أنه هذا اللي قال فيه مقبول.
السائل: هذا ... .
الشيخ: هذا وهْم شو دراه؟
السائل: أنا اللي قلنا له إياه ..
الشيخ: معليش فأنت ليش عم تضيّع وقتي الأن, مجرد ما طالب جاء وسوس إليك وقال لك هذا الكلام.
السائل: والله أنا حاب أتعلم يا شيخ, حاب أعرف الحديث يعني هل هو صحيح أو ضعيف فقط لا غير.
الشيخ: العلم بين يديك, هذا الحديث حسن.
السائل: نعم.
الشيخ: أما اللي بيقول فيه فلان وفيه علان.
السائل: نعم.
الشيخ: يقال له ازدد علما وبارك الله فيك.
السائل: بارك الله فيك.
الشيخ: أي نعم.
السائل: والله حبينا.

(200/22)


«
سؤال عن صحة حديث " وإذا تركت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حرمت بركة الوحي .... "؟»
السائل: ... قد يكون النص غير مضبوط تماما, الحديث الأول (إذا عظّمت أمتي الدنيا نُزعت منها هيبة الإسلام وإذا تركت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حُرمت بركة الوحي وإذا تسابت أمتي سقطت من عيني الله)؟
الشيخ: لا نعرف لهذا الحديث أصلا.
السائل: هذا قرأته في حياة الصحابة لل ... .
الشيخ: حياة الصحابة يجمع ما هب ودبّ مما صح ومما لم يصح.
السائل: يعني نستطيع أن نقول غير صحيح.
الشيخ: أي نعم.

(200/23)


«
سؤال عن صحة حديث" أنتم على بينة من أمركم ما لم تظهر ... "؟»
السائل: الحديث الثاني: (أنتم على بيّنة من أمركم ما لم تظهر منكم سكرتان وأنتم يومئذ تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر)؟
الشيخ: أيضا ضعيف.
السائل: ضعيف؟
الشيخ: أي نعم.
السائل: شكرا لكم.
الشيخ: أهلا.

(200/24)


«
هل دعاء الجماع تقوله المرأة كذلك؟»
السائل: هل من السنّة أن تقول الزوجة عند جماعها كما يقول الرجل (بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا)؟
الشيخ: هو الحديث جاء بالنسبة للرجل؟
السائل: فقط.
الشيخ: أي نعم.

(200/25)


«
ما حكم رجل جامع زوجته من دبرها؟»
السائل: سؤال أخر رجل جامع زوجته من المكان المحرم في دبرها الأن إيش يترتب عليه من عقوبة هذا الشخص؟
الشيخ: هنا للعلماء كلام.
السائل: نعم.
الشيخ: إذا وقع ذلك مرّة فيتوب إلى الله عز وجل ويستر على نفسه ولا يعود إليه مرة أخرى.
السائل: نعم.
الشيخ: أما إذا كانت متواطئة مع الزوج على ذلك وغلب أمرهما إلى القاضي الشرعي, يُفرِّق بينهما.
السائل: نعم, ولو لم ... لا يفرّق بينهما.
الشيخ: ولو إيش؟
السائل: لم لو لم يطلب هو الفراق يعني ..
الشيخ: رغم أنفهما.
السائل: نعم طيب وهل كان استقر عند بعضهم أنها تطلق شرعا في هذه العملية.
الشيخ: لا.
السائل: ليس كذلك.

(200/26)


«
رجل دخل في الركعة الرابعة من صلاته فمرت بين يديه امرأة فما حكم صلاته؟»
السائل: سؤال أخر إن شاء الله الثالث اللي هو, الأن شخص في الركعة الرابعة من صلاته فجاء فخطى يعني جاءت امرأة حائض يعني بالغة وقطعت صلاته في الركعة الرابعة, هل يعيد الأربعة وإلا بيعيد الركعة الأخيرة؟
الشيخ: بطلت صلاته.
السائل: كلّيات الأربع.
الشيخ: أيوه.
السائل: طيب لو ها, في نفس السؤال لو يعني كان واضعا سترة وراحت هي داخلة بينه وبين السترة, بين يديه؟
الشيخ: صلاته صحيحة.
السائل: ما يعيدها يعني؟
الشيخ: أي نعم.
السائل: بارك الله فيك, فيك كذلك.

(200/27)


«
هل ورد دعاء إذا سمع نهيق الحمار؟»
السائل: هل ورد ذكر أو دعاء عند سماع الحمار إذا نهق؟
الشيخ: هل ورد إيش؟
السائل: دعاء أو ذكر إذا سمعنا صوت الحمار عم بينهّق.
الشيخ: فليستعذ الله من الشيطان الرجيم.
السائل: نعم في يعني نص على هيك؟
الشيخ: أي نعم.
السائل: أيوه.

(200/28)


«
هل يجوز للمسلم إذا ظلم أن يضرب عن الطعام؟»
السائل: فيه كذلك هل يجوز للمسلم إذا يعني ظُلِم أو ..
الشيخ: ... الرقم شوف لي الرقم هنا أسفل, لحظة والله ... نعم.
السائل: هل يجوز للمسلم إذا ظُلِمَ أو اعتقل أن يُضرب على الطعام ليؤذي نفسه؟
الشيخ: لا لا يجوز.
السائل: إذًا يجب أن يأكل.
الشيخ: أي نعم.

(200/29)


«
هل يجوز للسائق العمومي أن تركب معه امرأة لوحدها؟»
السائل: كذلك يعني ما حكم أو هل يجوز للسائق العمومي أنه طلعت معه واحدة بيوصّلها واحدة فقط هل يقع في الخلوة الإثم؟
الشيخ: هنا خلوة ما فيه.
السائل: أيوه.
الشيخ: ولكن إذا كان يخشى على نفسه وبخاصة إذا كانت متبرّجة فلا يُركبها معه.
السائل: أويه.
الشيخ: أي نعم.
السائل: وإن كانت ملتزمة يركبها.
الشيخ: أي نعم, إذا كان لا يخشى على نفسه.
السائل: أيوه نعم, وجزاكم الله خيرا.
الشيخ: وإياكم إن شاء الله.
سائل آخر: ... (من كان قبلكم حذو القذة بالقذة)
الشيخ: نعم.
السائل: ... يعني (حذو القذة بالقذة) في البخاري وأحمد لكن في أحمد يختلف اللفظ ... ؟
الشيخ: وإيش يهمك؟
السائل: لفظ "حذو القذة بالقذة".
الشيخ: إيش يهمك؟ مادام المعنى صحيح وما وجدت "حذو القذة بالقذة" شو بيهمك؟
السائل: يا شيخ ... .
الشيخ: أنا عم أسألك الله يهديك, شو بيهمك شو الفرق عندك, هو قرأن؟
السائل: لا يا شيخ الله يجزيك خيرا.
الشيخ: عما أقول لك شو بيهمك؟ قولي؟

(200/30)


«
سؤال عن صحيح البخاري؟»
السائل: يهمني بس براعي ال, يعني في بعض الكتب يقول لك المؤلف (لتتبعن سنن من قبلكم حذو القذة بالقذة).
الشيخ: لا حول ولا قوة ..
السائل: فرجعنا للبخاري ما قال (حذو القذة بالقذة).
الشيخ: الله يهديك.
السائل: ... محمد بن عبد الوهاب.
الشيخ: الله يهديك.
السائل: وإياك يا شيخ.
الشيخ: الله يهديك, البخاري جمع كل شيء؟
السائل: ... قل يا شيخ في سؤال ثاني شيخ لو سمحتم.
الشيخ: نعم.
السائل: ... السلام عليكم.
الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله.
السائل: أقول يا شيخ
الشيخ: نعم.
السائل: أنا نواف بن فضيل الشمري
الشيخ: نعم.
السائل: ... صاحب ... كتاب التوحيد يبلغك السلام يا شيخ.
الشيخ: ... نعم, عليك وعليه السلام.

(200/31)


«
بعض الدعاة عندنا يحث على التفقه في الواقع و يقول رب محدث لا يعمل بالحديث؟»
السائل: قل يا شيخ ... أحد الدعاة عندنا يا شيخ يقول وقِسْم أخر يهتمون بتصحيح الأحاديث وتضعيفها وربما يَصْحَبُ ذلك شيء من ضعف التعبّد وعدم الثقة في الواقع, ما رأيك في هذا القول؟
الشيخ: وربما, تعرف شو معنى ربما؟
السائل: أي نعم.
الشيخ: إيش معنى ربما.
السائل: الله أعلم يعني.
الشيخ: إذا كنت لا تعلم فإذًا إسال أهل العلم شو معنى ربما حينئذ يزول الإشكال عندك, يعني هل كل مسلم يعمل بإسلامه؟
السائل: نعم؟
الشيخ: هل كل مسلم يعمل بإسلامه؟
السائل: لا, ليس كل مسلم يعمل بإسلامه.
الشيخ: أه, الأن هل كل ممن يشتغل الحديث بيعمل بالحديث؟
السائل: لا يا شيخ.
الشيخ: إيه هذا معنى ربما.
السائل: بس هذا يا شيخ يعني ربما يكون تنقّص لأهل الحديث.
الشيخ: الله يهديك.
السائل: اللهم آمين.
الشيخ: الله يهديك.
السائل: اللهم آمين يا شيخ.
الشيخ: المعنى إذا فهمته دع ربما عند ذاك الكوكب.
السائل: نعم.
الشيخ: قولك أنت ربما أرم به عند ذاك الكوكب, أما هذا الكلام كما نقول ليس كل مسلم يعمل بإسلامه كذلك ليس كل فقيه يعمل بفقهه, كذلك ليس كل حديث يعمل بحديثه, كم من مسلم يأكل الربا وهو يقرأ القرأن الكريم والسنّة الصحيحة؟ فإذا قال قائل رب مسلم يأكل الحرام أي شيء في هذا, رب مشتغل بالحديث لا يعمل بالحديث, أما إيش نيّته؟ نيّته ربنا يعرف إيش نيته, أما أنت ما يجوز أن تسيء الظن بأخيك المسلم ولا يجوز أن تتشبّث بكلمة تبْني عليها علالِيَ وقصورا, هذا حرام عليك وقديما رُوِيَ عن عمر " التمس لأخيك عذرا " والسلام عليك.
السائل: يا شيخ.
الشيخ: السلام عليك.
السائل: سؤال أخير
الشيخ: السلام عليك.
السائل: سؤال أخير.
الشيخ: وعليكم السلام.

(200/32)


«
سؤال عن كيفية مناقشة المخالفين الذين يدعون العمل بالحديث الصحيح مع أنهم قد يكونون متعصبين لمذاهبهم؟»
السائل: كيف حا ... .
الشيخ: الحمد لله بخير.
السائل: ... يحكي معاك.
الشيخ: أهلين.
السائل: اليوم في صلاة العشاء.
الشيخ: أه.
السائل: أمّ فينا أحد الأئمة ودخل أحد المصلين وطرح السلام.
الشيخ: أي نعم.
السائل: فأخينا أصرّ إلا يعمل محاضرة بعد الصلاة بعدم جواز طرح السلام على المصلين.
الشيخ: نعم.
السائل: وقال هذا مذهب أبو حنيفة وقلنا له نحن بنقل لك مذهب الرسول صلى الله عليه وسلم.
الشيخ: (ضحك الشيخ) إيه.
السائل: أنه كانوا يسلموا على المصلين وعلّمهم كيف الرد يعني.
الشيخ: أي نعم.
السائل: ففي ممكن نرجع لبحث مُكتمل في كتاب معين اللي لأنه هو صار حاكي أنه الجمعة ... نجلس احنا وإياها على أساس بيجيب أدلته هو من المذهب.
الشيخ: أظن أنك غلطان يا جمال؟
السائل: أي نعم.
الشيخ: هؤلاء المتعصّبة لا يؤمنون بك ولو جئتهم بكل أية.
السائل: أي نعم.
الشيخ: شو الفائدة تضيّع وقتك معه, فهل هو متأسّس أنه يأخذ بما قال الإمام أبو حنيفة وكل الأئمة إذا صح الحديث فهو مذهبي؟ لا.
السائل: هو زعم.
الشيخ: لا.
السائل: أنه وقّاف عند الدليل؟
الشيخ: الله يهديك.
السائل: أي نعم.
الشيخ: ما أجبتني عن السؤال؟
السائل: أنا ما سمعت لأنه.
الشيخ: ما سمعت كلامي؟
السائل: نعم, الصوت ضعيف.
الشيخ: بأقول لك - كيف ضعيف؟ - بأقول هل هو متأسّس على الأخذ بقول الأئمة كلهم " إذا صح الحديث فهو مذهبي "؟
السائل: هو الذي يظهر من كلامه يعني ظاهرا يقول أنه مؤسّس على هذا الشيء.
الشيخ: طيب ولماذا لم يأخذ بما ذكرت له؟
السائل: هذا لأنه هو كأنه أخذته حمية العالم أمام الناس يعني.
الشيخ: إيه هذه هي المشكلة فلماذا تريد أن تجالسه؟
السائل: ما هو الدكتور عرفان ... كان حاضر فأصرّ أنه يوم الجمعة القادم قال كل واحد بيجيب أدلته.
الشيخ: وأنت أتيت بالأدلة وانتهيت.
السائل: أي نعم.
الشيخ: أنت لا تُطالب بأكثر مما فعلت.
السائل: أي نعم.
الشيخ: فهو الذي يُطالب أن يأتي بالدليل وذلك أمر مستحيل.
السائل: أي نعم.
الشيخ: فقصدي أقل لك لا تتعب حالك معه.
السائل: أي نعم.
الشيخ: فالذي ذكّرته يكفي من كان فعلا كما قلت أنه هو يدّعي أنه يعمل بالحديث الصحيح.
السائل: أي نعم.
الشيخ: هو لو كان كذلك كان بيقول لك والله أنا هذا الحديث ما طرق سمعي سابقا, هل هو حديث صحيح؟ ستقول له نعم، طيب من رواه؟ يمكن أنت ما تُذْكر من رواه بتقول له سأتيك من رواه.
السائل: أي نعم.
الشيخ: أما هو لم يعبأ بحديثك مطلقا, فمعنى الرجل أنه متعصّب خلاف ما تنقل عنه.
خلاصة القول أنا لا أرى لك أن تُجادل أمثال هؤلاء الناس لأنه المجادلة يا أخي بدّها أولا علم وبدّها طولة بال وأخذ ورد وصد و و إلى أخره.
أنت لا تتعب حالك.
السائل: أي نعم.
الشيخ: اصبر عليه شوف شو بيجيب لك؟
السائل: أيوه.
الشيخ: لكن الشيء اللي أنا بأقول لك إليك.
السائل: أي نعم.
الشيخ: أنه إذا سألك بعد ما أنت تُحسن وتُحكم إحاطة الكمّاشة حوله بحيث أنه يجد نفسه مضطرا للتسليم بالحديث لكن يبقى في نفسه وهو معذور أنه يعرف هذا الحديث من رواه بتقول لهرواه أبو داود في السنن.
السائل: أبو داود في السنن.
الشيخ: أيوه.
السائل: أي نعم.
الشيخ: ثم مشان أنت تكون على توسّع في العلم أظن أنا معالج المسألة في "تمام المنة في التعليق على فقه السنة" عندك الكتاب؟
السائل: لا والله أعلم لا.
الشيخ: الله يهديك.
السائل: على شأن جديد الكتاب؟
الشيخ: شلون جديد يا أخي؟ تعليق على فقه السنّة هذا مطبوع طبعتين قديمة وحديثة.
السائل: عاد هاي أول مرة أنا أسمع باسمه تقريبا.
الشيخ: إذًا جزائي معك أن أقدم إليك نسخة هدية.
السائل: الله يجزيك بالخير.
الشيخ: لعلك تقبلها.
السائل: الله يجزيك بالخير.
الشيخ: وإياك إن شاء الله.
السائل: في سؤال ثاني ... .

(200/33)


«
امرأة كان لها أطفال يموتون فنذرت إن عاش لها ولد فستذبح كل سنة خروفاً فعجزت عن ذلك فهل يجوز لزوجها أن يفي به؟ وهل كفارة النذر هي كفارة اليمين؟»
الشيخ: تفضل.
السائل: أنه فيه امرأة نذرت يعني يجيها أولاد ويموتوا فنذرت إذا.
الشيخ: لحظة والله شوية, لحظة.
السائل: أي نعم.
الشيخ: (لكن المكتبة "تمام المنة" جيبي لنا نسخة حطيها على الدرج) تقدر تجي بكرة تأخذها؟
السائل: والله بكرة ما أظن لأنه إن شاء الله إذا استطعت بأجي إن شاء الله, في البيت غدا وإلا طالع؟
الشيخ: اسمع يوم الثلاثاء فيه درس.
السائل: أي نعم.
الشيخ: زوجتي تأخذها النسخة لزوجتك.
السائل: الله يجزيك الخير.
الشيخ: ماشي؟
السائل: الله يجزيك بالخير.
الشيخ: طيب سؤالك الثاني؟
السائل: امرأة كان يجيها أولاد ويموتوا فنذرت أنه الله أحيا لها ولد أنها تذبح له كل سنة خروف فهذه المرأة الأن عجزت أنها تذبح؟
الشيخ: من أي ناحية؟
السائل: عجزت ماديا.
الشيخ: أيوه.
السائل: فهل يجوز أولا أنها تنذر مثل هيك نذر بدون إذن زوجها؟
الشيخ: يجوز لأنه هذه طاعة.
السائل: أي نعم, وكفارة النذر كفارة اليمين؟
الشيخ: هو كذلك.
السائل: الله يجزيك خير.
الشيخ: الله يحفظك.
السائل: السلام عليكم.
الشيخ: وعليكم السلام.
سائل آخر: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
(
تحاور باللغة الألبانية)

(200/34)


«
هل الهادي من أسماء الله؟»
السائل: اتصلت عليك وكنت مشغولا.
الشيخ: البارحة؟
السائل: نعم.
الشيخ: (الشيخ يتحدث مع زوجته قال وين كنا مبارح؟ فأجابته كان عندك ضيوف)
السائل: ضيوف.
الشيخ: أي عندي ضيوف نعم.
السائل: يا شيخ بارك الله فيك الهادي هل هو اسم من أسماء الله وهل هو ثابت؟
الشيخ: والله الأن ماني مستحضر.
السائل: طيب, طيب يا شيخ.

(200/35)


«
هل فيه حديث" يحث على التقارب في حلقات العلم"؟»
السائل: نريد أن تذكّرنا بحديث يأمر بالإقتراب والتقارب في حلق الذكر, أنا أذكر أنك مرة حدثتنا بهذا ولكن لا أستحضره وإنما أستحضر المعنى؟
الشيخ: الحديث في مسند الإمام أحمد.
السائل: الحديث.
الشيخ: في مسند الإمام أحمد.
السائل: نعم.
الشيخ: من رواية أبي ثعلبة الخُشني رضي الله تعالى عنه.
السائل: نعم.
الشيخ: قال ما معناه.
السائل: نعم.
الشيخ: كنا إذا نزلنا منزلا.
السائل: نعم.
الشيخ: مع رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم.
السائل: نعم.
الشيخ: تفرقّنا في الوديان والشعاب فقال لنا يوما (إنما تفرقكم هذا من علم الشيطان) فكنا فيما بعد إذا نزلنا منزلا اجتمعنا حتى لو جلسنا على بساط لوَسِعنا.
السائل: نعم.
الشيخ: وأيضا هناك حديث في صحيح مسلم أنه دخل المسجد, أنه عليه السلام دخل المسجد ورأهم متفرّقين فقال لهم (مالي أراكم عزين) الحديث صحيح يقينا.
السائل: أهاه.
الشيخ: لكني أشك أن يكون في صحيح مسلم أو لا.
السائل: أيهم؟
الشيخ: الثاني هذا.
السائل: آه الثاني وهو صحيح يقينا ... يا شيخ.
الشيخ: أي نعم.
السائل: طيب بارك الله فيك.
الشيخ: وفيك بارك.

(200/36)


«
هل هناك فرق بين الفرقة الناجية والطائفة المنصورة وأهل الحديث؟»
السائل: هل هناك فرق بين الفرقة الناجية والطائفة المنصورة وأهل الحديث؟
الشيخ: يا أخي لا أرى لكم أن تدخلوا في مثل هذا النقاش الذي يَصْدَع القلوب ويفرقها، فسواء كان هناك فرق أو لم يكن ثمة فرق لأنه إن كان هناك فرق فيكون فرقا دقيقا جدا قد ينتبه له البعض ولا ينتبه له البعض ثم إذا نُبّه عليه ذاك البعض قد يتبيّنه وقد لا يتبيّنه, المهم ألا يكون هناك خلاف بين هؤلاء المختلفين والمتسائلين هل هناك فرق بين الطائفة المنصورة وبين الغرباء وبين الفرقة الناجية.
أن يكون هؤلاء كلهم على كلمة سواء هي, وجوب الرجوع إلى العمل بالكتاب والسنّة وعلى منهج السلف الصالح, فإذا ما اتفق هؤلاء المختلفون في كون هذه الألفاظ الثلاثة هل هي مترادفة بمعنى واحد أم هناك خلاف بين بعضها البعض؟ إذا اتفق هؤلاء المختلفون على ذاك المنهج القائم على الكتاب والسنّة والسلف فهذا الإختلاف اختلاف يسير وليس باختلاف جديد من مثله, فقد اختلف الصحابة اختلافا أشدّ من هذا بكثير ومع ذلك فما كان هذا سببا لأن يتفرّقوا بل ضلوا كما قال تبارك وتعالى في القرأن الكريم ((واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا)) فقد كان هناك من يقول بأن الرجل مثلا إذا جامع زوجته ولم يُنْزل الماء فليس عليه غسل وأخرون يقولون بلى عليه غسل, ولكن هل هذا الإختلاف صدع الصف بينهم؟ حاشاهم, والأمثلة كثيرة وكثيرة جدا لا حاجة بنا فلم يبق من وقت الأسئلة إلا دقيقة أو دقيقتين فأنا أنصحك أن لا تتحيّز لهؤلاء ولا لهؤلاء بل تنصحهم بنصيحتي هذه لا تجعلوا خلافات يسيرة غير جوهرية ليست لها علاقة بأصول الشريعة, لا تجعلوا هذه الخلافات السهلة سببا للفرقة لأنكم بذلك تخالفون المنهج الذي تزعمون كلكم جميعا أنكم عليه وهو أنكم على منهج السلف الصالح, فالسلف الصالح فاختلفوا في مثل هذه الأمور ولم يتفرقوا, لعل كلامي واضح؟
السائل: نعم.
الشيخ: إن شاء الله.
السائل: طيب يا شيخ.

(200/37)


«
سؤال عن كلام بعض المؤلفين في كتبه" الثورة الإيرانية ثورة إسلامية ... "؟»
السائل: فيه هنا جملة اعترضت لنا في بعض الكتب ويقول صاحبها يعني يقول " إن الثورة الخمينية ثورة إسلامية والقائمون عليها هم جماعة إسلامية فيجب على المسلمين جميعا مناصرة وتأييد هذه الثورة والتعاون معها في جميع المجالات "؟
الشيخ: يا أخي هذا (ضحك الشيخ رحمه الله) كلام " أكل الدهر عليه وشرب " كما يقال - سامحكم الله - الذي قال هذا الكلام سُرعان ما تراجع عنه والذي قال هذا الكلام هو لا يعرف الشيعة ولا يعرف الرافضة ولم يدرس عقائدهم وبواطيلهم ولذلك تاب إلى الله وأناب, فما لكم تنبشون هذه الخطيئات في هذا اليوم؟
السائل: لأنها مسطّرة يا شيخ؟
الشيخ: مسطّرة يا أخي لكن لم يبق أحد يتحمّل هذا الكلام أو يعتقده, لأنه بيقولوا عندنا بالشام " الريحة طلعت " تفهم هذا الكلام؟
السائل: نعم نعم.
الشيخ: طيب, فما لكم ولهذا الكلام الذي يعني ظهر بطلانه لكل الناس حتى الذين قالوا وتورّطوا, كان عندنا هنا ناس من حزب معروف ذهبوا لمبايعة الخميني لكن هل بقوا على ذلك؟ تراجعوا ولذلك فدعو هذه الأشياء التي تَبيّن بطلانها واشتغلوا بمعالجة أخطائهم التي يُصِرّون عليها حتى اليوم، حيث يعتبرون الدعوة للكتاب والسنّة تفرقة ويقولون أنه لا ينبغي الأن إثارة الخلافات, لا الخلافات العقدية ولا الخلافات الفقهية هذا هو الداء الوبيل.

(200/38)


«
ماحكم الجهاد في أفغانستان؟»
السائل: ما حكم الجهاد في أفغانستان؟
الشيخ: إلي أعتقده وأدين الله به وأفتيت به أكثر من مرة أن الجهاد في أفغانستان هو فرض عين على كل مستطيع وما يقوله البعض من أنه فرض كفاية هذا إنما يصح ويصدق إذا حصلت الكفاية بمعنى إذا كان الذين حضروا عددا وعدة يكفي بأن يقوموا برد صولة العدو عن أرض ... كلنا يعلم أن قوة روسيا عددا وعُددا لا تساوي ما يحضر الآن من أفراد المسلمين وعدتهم جزء من ألوف مؤلفة مما عند الروس لذلك نحن نقول بأنه يجب وجوبا عينيا على كل من يستطيع أن يجاهد هناك في سبيل الله حتى إذا ضافت الأرض بما رحبت من المجاهدين عددا وعُدة حينئذ نقول حصل الكفاية ويصبح من شاء ذهب لأنه فرض كفائي أما الأن ابتداء فهو فرض عين لأنه لا أحد يقول خاصة الذين شاهدوا المعارك هناك أنه يكفينا ما نحن فيه فإذا ما حصل هذا وأرجو أن يحصل حينذلك يصح أن يقال بأن الذهاب إلى هناك تطوع أي ليس بفرض عين إنما هو فرض كفاية.

(201/1)


«
ما حكم استئذان الوالدين لمن يريد الذهاب إلى الجهاد؟»
السائل: السؤال الثاني ما حكم استئذان الوالدين لمن يريد الذهاب إلى الجهاد؟
الشيخ: هذا سُئلته كثيرا وبخاصة من السعودية كان جوابي ولا يزال كالآتي ظروف الذي يرغب في الجهاد وفي القيام بهذا الواجب العيني تختلف من شخص إلى آخر ولذلك فلا يصح ... وفي زعمي فيمن كان فقيها أن ... في هذا السؤال الفرعي جوابا عاما وهو أن يقول يستأذن أو لا يستأذن, قد يقال مثال يعني من أوضح الأمثلة قد يقال أنه هذول الوالدين عجوزين جدا لا يوجد من يقوم بإعانتهم وإعالتهم وتقديم الشراب والطعام الضروري إليهما, في هذه الحالة نقول أمكث حيث أنت وكما جاء في الحديث الصحيح (ففيهما فجاهد) وقد يكون الأمر ليس كذلك والوالد.
فإذا كان الولد الذي يريد أن يجاهد يعلم بأن أبويه ليسا بحاجة إليه ولا إلى خدمته وإعالته على اعتبار أنه يوجد من ينوب منابه فحينئذ الحكم الشرعي أن الجهاد الواجب العيني لا يستأذن فيه الوالدان.
السائل: والذي بعده.

(201/2)


«
ماحكم من عليه دين ويريد الذهاب إلى الجهاد؟»
السائل: فضيلة الشيخ ما حكم من عليه دين ويريد الذهاب إلى الجهاد؟
الشيخ: نعم, الذي يبدو لي والله أعلم أن المدين مع دائنه له حالتان اثنتان الأولى أن يسمح الدائن للمدين بأن يخرج للجهاد في سبيل الله أو الحج إلى بيت الله ففي هذه الحالة ينبغي أن يجاهد وأن يحج قولا واحدا.
أما إذا كان الدائن لا يسمح ويُلح في الطلب من المدين بالوفاء, في هذه الحالة يأتي التفصيل السّابق, الجهاد العيني لا يستأذن أيضا لقوله عليه السلام في الحديث المعروف في الصحيحين (فدين الله أحق أن يقضى) أما في الفرض الكفائي فلا يجوز له أن يجاهد إلا بإذن هذا الدائن أي في الحالة الأولى أما إذا لم يأذن فلا يجوز له ... الجهاد في سبيل الله.
السائل: إذا كان الجهاد فرض كفاية؟
الشيخ: أيوه.
السائل: ... فرض عين يخرج.
الشيخ: يخرج نعم بحجة (فدين الله أحق أن يقضى).
السائل: أما السؤال الآخر.

(201/3)


«
ما حكم القاعد عن الجهاد بدون عذر؟»
السائل: فضيلة الشيخ ما حكم القاعد عن الجهاد بدون عذر وهل يأثم الآن؟
الشيخ: في اعتقادي أن الجواب عن هذا السؤال يُفهم مما سبق من التفصيل والبيان وإيجاز ذلك بأن نقول يأثم في الجهاد العيني وليس له عذر أما إذا كان الجهاد كفائيا أو كان عينيا كما قلنا بالنسبة للجهاد في الأفغان فحينئذ يأثم إلا لعذر, نعم.
السائل: السؤال الذي بعده فضيلة الشيخ.

(201/4)


«
ماهو الأفضل طلب العلم أم النفير إلى الجهاد وهل العذر بطلب العلم والقعود عن الجهاد جائز؟»
السائل: ما هو الأوجب والأولى طلب العلم أم النفير إلى الجهاد وهل العذر بطلب العلم والقعود عن الجهاد جائز؟
الشيخ: طلب العلم كالجهاد في سبيل الله وهو بلا شك من الجهاد في سبيل الله, هو أيضا قسمان فرض عين وفرض كفاية فإذا كان المقصود في السؤال بالعلم هو ما عليه أكثر الطلبة اليوم من الدراسة النظامية سواء في المدارس أو في الحلقات المعروفة قديما فهو فرض كفاية أما إذا كان المقصود بالعلم هو العلم الذي يجب وجوبا عينيا فيما يتعلق بتصحيح العقيدة مثلا يأخذ درس أو دروس في تصحيح العقيدة أو دروس تصحيح الطهارة والصلاة وأي عبادة هو مكلف بها فحينئذ هذا فرض عين فهنا يتقابل أمران أو يتقابل فرضان كل منهما فرض عين, الفرض الأول هو الجهاد الأفغان كما قلنا الفرض الثاني في الصورة الثانية من طلب العلم وهو العلم العيني وهذه الصورة هي أقرب إلى الخيال منها إلى الواقع, فهنا فيه تعارض بين فرضين, ففي هذه الحالة فالمكلّف هو الذي يُكلف بأن يوازن بين الأمرين أيّهما يشعر هو بأنه أنفع له في تهذيب نفسه وإطاعته لربه يقدمه على الآخر مثاله, هذا المثال مطروق من بعض الفقهاء الذين يستقون علمهم من كتاب الله ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الشاب الأعزب عنده مقدار من المال يستطيع به أن يقوم بواجب من الواجبين الأول الحج إلى بيت الله الحرام والآخر أن يحصّن نفسه فيتزوج فماذا يفعل؟ أيتزوج قبل أن يحج أم يحج قبل أن يتزوج الجواب يختلف هذا باختلاف الشباب فمن الشباب مثلا من يتوق إلى الزواج وعنده عرامة وعنده شدة وعنده شبق وشهوة شديدة إلى الزواج فهذا يقال له هذا المال الذي عندك تزوج به خير من أن تذهب إلى بيت الله الحرام بقصد القيام بما فرض الله عليك فتقوم بمشكلة هناك بسبب حرارتك الجنسية هذه فحصّن نفسك أولا ثم اجتهد لجمع المقدار الذي تتمكن به من القيام بالفرض الثاني ألا وهو الحجّ.
وإن كان الشاب ليس بهذه الصفة وإنما هو في عنده برود في الجنس فهو ... الحمد لله.
السائل: يرحمكم الله.
الشيخ: فهو في هذه الحالة يحج ثم أيضا يسعى حتى يجمع المقدار الذي يمكنه من القيام بواجب الزواج ونحن نعتقد جازمين بأن الزواج بالنسبة للشاب الأعزب هو واجب عليه لقوله عليه السلام (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباء فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج فمن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء) لا نرى عدم وجوب الزواج إلا في صورة نادرة بل قد تكون خيالية بالنسبة لغالب الشباب وهو أن لا يعرف ولا يشعر بما يسمى اليوم بالجنس فهو لا يفكر إطلاقا بالزواج ولا ينظر إلى النساء ونظرته إلى النساء التي يمر بهن ويقع بصره عليهن كنظرته إلى الرجال بل وإلى الجمادات, هذا شيء خيالي لكن إن فُرض وجود مثل هذا الشاب هذا ليس بالواجب عليه لأنه لا يخشى عليه أما إذا كان كما هو المفروض في الشباب وكما هو يعني طبيعة الكون كما أشار إلى ذلك ربنا تبارك وتعالى في قوله ((خلق الذكر والأنثى)) فهو يجب أن يسعى ليتزوج ولريثما يتمكن من الزواج فعليه بالصوم فإنه له وجاء.
والخلاصة أو المقصود من هذا المثال هو أن طالب العلم الذي وصفناه بأنه عالم فرض عين تحصيله يقابله هذا الفرض من الجهاد فرض عين, هنا طالب العلم هو الذي يحكم ويرشح أحد الفرضين على الأخر كما قلنا بالنسبة للشاب الذي عنده مال لا يستطيع إلا أن يقوم بواجب من الواجبين إما الزواج وإما الحج فيختلف الأمر من شاب إلى آخر كما سبق التفصيل.
هكذا ينبغي على طالب العلم أي علم هذا؟ العلم العيني المفروض فرضا عينيا أما الفرض الكفائي فلا مقابلة ولا يصح السؤال, مثاله أيضا وأختم الجواب رجل حج إلى بيت الله الحرام أدّى فريضة الحج وعنده مقدار من المال يستطيع أن يحج لكنه لم يتزوج بعد, هل يقال له حج ثم تزوج؟ نقول له تزوج لأن الحج الثاني هذا نافلة وليست الفريضة.
السائل: نعم.
الشيخ: فيجب أن تقدم الفريضة فهنا فريضتان كلتاهما في وزن واحد المرجح ليس هو المستفتَى أو المفتي وإنما هو المستفتِي لأنه أدرى بنفسه من غيره وهنا يأتي قوله عليه السلام فيما يبدو لي (استفت قلبك وإن أفتاك المفتون) أو (وإن أفتوك وأفتوك وأفتوك) , غيره.
السائل: سؤال آخر فضيلة الشيخ.

(201/5)


«
مارأيك فيمن يقول أنه لا يجوز الجهاد مع إخواننا الأفغان لأنهم مشركون أو لأنهم تكثر عندهم البدع و الشركيات؟»
السائل: ما قولك أو ما رأيك فيمن يقول أنه لا يجوز الجهاد مع إخواننا الأفغان لأنهم مشركون أو لأنهم كثر عندهم البدع والشركيات؟
الشيخ: أقول هذه الدعوى ليس فيها علم ولا عقل لأن حصيلة هذا الكلام أنه لا جهاد في هذا الزمان في أي بلد من بلاد الإسلام لأنه مع الأسف كل أو نقول بعبارة أقرب إلى الصواب جُلّ بلاد الإسلام هي هكذا, مصر وسوريا وغيرهم من البلاد العربية ودعك البلاد الأعجمية كلها تنتشر فيها البدع والخرافات والشركيات لكن ذلك مما لا يجوّز لنا أن نحكم على هذه الشعوب بأنها ليست شعوبا مسلمة مادام أنها تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله بأن الحديث الصحيح المعروف لدى الجميع صحته بل هو عندي متواتر (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فإذا قالوا فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم عند الله) فهؤلاء يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فيهم بلا شك انحرافات كما قالوا وكما ذكرنا ولكن هذا لا يسقط عنا وجوب أن ننصرهم لا سيما وهم شاعرون بأنهم لا يستطيعون أن يدفعوا شر غزو هذا الكافر الملحد عن بلادهم فواجبنا أن ننصرهم وأن نجاهد معهم حتى يخرج الكافر من بلادهم.
هذه البلاد مهما قيل فيها وفيها فلا شك أن فيها من أهل العلم والفضل والصلاح والتقوى والعقيدة الصحيحة ولو كانوا قلة لأنه هذه القلة هي قلة في كل البلاد الإسلامية فإذا تبني هذا الرأي الذي قلنا إنه لا علم ولا عقل معنى ذلك أنه سقط فرض الجهاد اليوم عن المسلمين جميعا ولا يقول هذا الكلام أحمق إطلاقا, وهنا لا بد من أن نذكر بالحديث المعروف الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم أنكر على ذلك الصحابي الذي قتل المشرك حينما قال لا إله إلا الله, وجد نفسه تحت ضربة السيف, فلما سأله الرسول عليه السلام لم فعلت ذلك وقد قالها قال يا رسول الله ما قالها إلا خوفا من القتل قال هلا شققت عن قلبه, هلا شققت عن قلبه, فنحن ما شققنا عن قلوب جماهير هؤلاء الذين يقال أنه فيهم كذا وكذا, صحيح نحن نرى فيهم كما نرى في سائر البلاد كما ذكرنا آنفا شركيات ووثنيات لكن ذلك لا يخرجهم من دائرة الإسلام, قد يخرج بعضهم من دائرة الإيمان عند الله عز وجل هذا يختلف ميزاننا غير ميزان رب العالمين الذي يعلم الجهر والسّر لذلك فهذا القول من أسقط ما يقال ولا يجوز الإلتفات إليه ويجب أن ننصر إخواننا هناك بكل ما نستطيع عددا وعدة.
سائل آخر: جزاك الله خيرا.
الشيخ: وإياك
السائل: هناك سؤال أيضا بصدد هذا نفس هذا الموضوع ... الإجابة عليه.

(201/6)


«
هل يعذر بالجهل في التوحيد؟»
السائل: وهو هل يؤخذ العذر بالجهل في التوحيد؟
الشيخ: نحن سئلنا مرارا وتكرارا من كثير من البلاد الإسلامية بمثل هذا السؤال وكان جوابنا ولا يزال أن المؤاخذة أو عدم المؤاخذة بالجهل أو هل الجهل عذر, هذا يختلف باختلاف البلاد من جهة ويختلف باختلاف الأحكام من جهة أخرى فضابط ذلك أن المسلم إذا كان يعيش في بلاد إسلامية ليس اسما فقط وإنما إسما وعلما وعملا ثم كانت المسألة التي هو يجهلها من الأمور المعروفة في هذا المجتمع الإسلامي ثم افترضنا أن مسلما في هذا المجتمع الإسلامي يجهل شيئا مما عليه هذا المجتمع ففي هذه الصورة لا يعذر لكن هذا شيء مؤسف أكثر البلاد الإسلامية لا يوجد فيها وعي إسلامي أو توعية إسلامية أو ثقافة إسلامية بحيث تعم البلاد كلها لا فرق فيها بين عاصمة وبلد, لا فرق فيها بين بلد وقرية لأن الوعي انتشر وعم كل هذه البلاد, هذه البلاد اليوم ليست كذلك العلم والعلم الصحيح المستقى من كتاب الله ومن حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الصحيح هذا كما كانوا يقولون قديما " أندر من الكبريت الأحمر " لأنه المعروف الكبريت الأسود أما الكبريت الأحمر فنادر فلذلك كانوا يضربون به المثل وهذا طلاب العلم من إخواننا السلفيين وأهل السنة وأنصار السنة أو أهل الحديث على اختلاف الأسماء باختلاف البلاد أعرف الناس بهذه الحقيقة لذلك لا يجوز لنا أن نقول لأن الجاهل لا يعذر بجهله إلا إذا كان يعيش في مجتمع إسلامي انتشرت فيه التوعية الإسلامية الصحيحة, أضرب مثلا على ذلك أبيّن فيه الفرق بين المجتمع الإسلامي الواعي وبين المجتمع الإسلامي اللاواعي إن صح التعبير وهو مجتمعنا اليوم, اليوم لو سئل أهل العلم بأكثر البلاد الإسلامية السؤال النبوي الكريم " أين الله " استنكروه أشد الاستنكار وهم إذا سمعوا الجواب بالغوا في الإنكار مع أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سأل الجارية التي كانت ترعى الغنم وأعني بهذا المثال جارية ترعى الغنم ليس المفروض فيها أن تكون عالمة بأنها جارية وترعى غنم سألها هذا السؤال فأجابت الجواب الصحيح الذي بنى رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه شهادته لها بأنها مؤمنة فأمر سيدها أن يعتقها, اليوم إذا سألت كبار علماء الأزهر أو غيرهم أعوذ بالله قالوا لك ما هذا السؤال؟ " أين الله " ما يجوز هذا, يا شيخ هذا حديث في صحيح مسلم كيف تقول أنت لا يجوز هذا السؤال والرسول هو السائل؟ إيه هو سأل لأنه الجارية, يأتونك بتعاليل ما أنزل الله بها من سلطان, هذا هو الفرق بين المجتمع الإسلامي وبين مجتمع غير إسلامي, هذه المرأة كيف عرفت وهي جارية ترعى الغنم الجواب الصحيح بهذه العقيدة؟ لأنها كانت تعيش في مجتمع إسلامي بمعنى أنه هي حيث جلست في أي مجلس مع سيدها مع ابنه مع زوجته إلخ على غير قصد منها تفقها تسمع مثل هذا الكلام وأنا الآن أضرب لك مثلا واقعيا مع عامة الناس اليوم لا يوجد عامي إلا وهو يعرف الحديث المشهور وهو قوله عليه السلام (الراحمون يرحمهم الرحمان ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء) هذا حديث معروف حتى عند العامة لكن العامة إذا سمعوا درسا سمعوا تأويلا لهذا الحديث كما سمعوا التأويل لقوله تعالى ((أأمنتم من في السماء)) يعني الملائكة, هذا المجتمع هو الذي يعيش فيه هؤلاء الناس الذين نسمع منهم أفكار منحرفة عن الكتاب والسنة فنقول هؤلاء ليسوا بمعذورين لأنهم هم جهلة, نقول أنهم معذورون ليسوا بمعذورين لأنه لا عذر بالجهل؟ نقول هم معذورون لأنهم يعيشون في مجتمع غير إسلامي ثقافة لأنهم يلقنون خلاف الإسلام الصحيح!
السائل: نعم.
الشيخ: فهم إذًا معذورون فمن بلغته الحجة من هؤلاء الجهلة من كتاب الله ومن حديث رسول الله ثم أصر على جهله وضلاله في هذه الحالة يقال ليس معذورا أما وهو يعيش في جو كله جهل حتى ممن يفترض أن يكونوا هداة إلى الخير فإذا هم هداة إلى الشر والعياذ بالله لذلك نحن نقول تارة يكون عذرا وتارة لا يكون عذرا, يكون عذرا إذا كان يعيش في مجتمع غير إسلامي, نحن نفرق مثلا بين المسلم الأوروبي, مسلم في أوروبا سمع منقبة من مناقب الإسلام فقال أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وهو ظل يعاقر الخمرة ويشربها نقول يا ترى يعذر أم لا يعذر؟ نقول إذا سمع عالما من علماء المسلمين يتلوا عليه بعض الآيات ويفسرها بلغته أنه الخمر محرم ثم أصر على شربه الخمر فلا يعذر وعلى ذلك فقس سواء ما كان يتعلق بالعقيدة أو كان يتعلق بحكم من الأحكام الشرعية أو الفقهية, غيره.
السائل: ... هناك.

(201/7)


«
السؤال حول استشارة الوالدين للجهاد؟»
السائل: سؤال يا شيخ هنا من يستدل بإلزامية استشارت الوالدين حتى وإن عُيِّن الجهاد ويستدلون بحديث أورده الطبراني في الأوسط وهو قول الرسول عليه الصلاة والسلام ...
هناك يا شيخ من يستدل في حديث الرسول عليه الصلاة والسلام (لا تجاهد إلا برضاء والديك وإن كان الأعداء على باب دارك) وأنه لا يجوز الجهاد وإن عيّن الجهاد إلا باستشارة الوالدين, ... الحديث يا شيخ هون؟
الشيخ: جوابي على هذا من ناحيتين, الناحية الأولى أن الحديث لا يصح من حيث اسناده وذلك لأنه إن لم يروه أحد من الصحيحين ولا من الكتب الستة من أصحاب الكتب الستة وبقية السنن الأربعة وإنما رواه بعض الذين يترجمون للرواة المتكلم فيهم, في صدقهم أو في حفظهم وضبطهم وأعني بذلك لم يروه من أصحاب السنن فضلا عن الصحيحين إلا الحافظ ابن عدي في كتابه المعروف بالكامل وإسناده ضعيف وأنا كنت تكلمت عليه في كتابي الروض النضير في ترتيب وتخريج معجم الطبراني الصغير فإذًا لا يصح الاستدلال بهذا الحديث لأن إسناده ضعيف وثانيا اللفظ المذكور أنا ما أعرفه, أعرفه بلفظ (إذا كان الجهاد على باب أحدكم فلا يخرج إلا بإذن أبويه) هذا الحديث هذا هو الشيء الثاني.
السائل: نعم.
الشيخ: أزيد عليه فأقول هذا الحديث لو صح لكان نصا صريحا فيما زعموا ومن هنا يتبين لإخواننا طلاب العلم ضرورة معرفة الحديث الصحيح من الضعيف حتى لا يقعوا في أخطاء علمية فقهية ولذلك فأنا أنصح طلاب العلم أنه لا يجوز لأحدهم أن يستنبط حكما شرعيا من حديث ما إلا بعد أن يتأكد من صحته أو من ثبوته على الأقل إما بنفسه إن كان من أهل العلم تصحيحا وتضعيفا وإما بسؤال أهل العلم كما قال تعالى ((فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)) وفي الآية الأخرى ((فاسأل به خبيرا)) فإذًا لا يصح هذا الكلام لأنه قائم على حديث ضعيف.
السائل: أيضا هناك سؤال آخر يا فضيلة الشيخ.

(201/8)


«
ما حكم إطلاق كلمة شهيد على من يقتل في أفغانستان مجاهدا؟»
السائل: ما حكم إطلاق كلمة شهيد على من يُقتل في أفغانستان مجاهدا؟
الشيخ: لا أرى جواز ذلك إلا بقيد فيما نظن فيما نحسب كما جاء في الحديث الذي في صحيح مسلم (المدح هو الذبح المدح هو الذبح المدح هو الذبح إذا كان أحدكم لا بد مادح أخر فليقل أحسبه كذا وكذا والله حسيبه ولا أزكي على الله أحدا) , فنحن نظن أنه هذا الرجل مات في ساحة الحرب والجهاد في سبيل الله فنظن أنه مات شهيدا لكن لا نتألّى على الله ولا نحكم ولا نجزم على الله بأن فلان مات شهيدا أي معنى ذلك أنه في الجنة.
يعجبني في هذا الصدد حديث لا نستطيع أن نصححه على طريقتنا الحديثية لأنه سنده أو إسناده عبد الله بن لهيعة وهو سيئ الحفظ لا يحتج به, رواه هو عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناده (رب قتيل بين الصفّين الله أعلم بنيته) هذا الحديث نقول نحن وعلته ابن لهيعة لكن ليس كله حديث رواه يرويه الضعيف يكون معناه ضعيفا وكم وكم من أحاديث ضعيفة المبنى صحيحة المعنى فإذا قام الدليل على صحة معناه قلنا بمعناه ولم نقل بمبناه أي لا ننسبه إلى الرسول عليه السلام لأنه لم يصح لدينا على الطريقة الشرعية التي بها تثبت الأحاديث الشرعية عندنا وهي الأسانيد وكما قال عبد الله بن مبارك " الإسناد من الدين ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء ".
(
رب قتيل بين الصفّين الله أعلم بنيته) من يستطيع أن ينكر هذا المعنى؟ لا أقول الحديث.
السائل: نعم.
الشيخ: ... ننكر هذا المعنى لا أحد يستطيع لأن النبي صلى الله عليه وسلم جاء عنه في الصحيحين بالسّند الصحيح قال عليه السلام (إن الرجل ليعمل عمل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار) فيما يبدو للناس ولا شك أن الجهاد في سبيل الله هو من أفضل أعمال أهل الجنة وسبب ورود هذا الحديث الصحيح قصة معروفة خلاصتها أن رجلا في إحدى المعارك قاتل قتالا شديدا حتى عجب أصحاب الرسول الأبطال الشجعان من شدة قتاله وحملهم ذلك إلى أن ذكروه إلى الرسول عليه السلام وكان جوابه رهيبا جدا (هو في النار) رجعوا إليه مرة ثانية ذكروا له استبساله وجهاده قال (هو في النار) هكذا ثلاث مرات, في كل مرة يقو (هو في النار) في المرة الثالثة قال الراوي حتى كدنا أن نشك في قوله عليه السلام قام رجل قال أنا معه فأخذ يتتبعه وأينما هجم هجم معه حتى رآه قد كثرت عليه الجراحات فلم يصبر عليها فوضع السّيف على بطنه واتّكأ عليه حتى خرج من ظهره فمات فأسرع هذا الرجل, الرجل أسرع إلى الرسول فقال يا رسول الله فلان الذي قلنا لك كذا وكذا وقلت هو في النار فعل كذا و ... وقتل نفسه قال (الله أكبر صدق الله ورسوله إن الله لينصر هذا الدين بالرجل الفاجر وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار).
السائل: الله أكبر.
الشيخ: هذا لم يُرَ هذه الرؤية التي رأها ذلك الصحابي رئي قتيلا بين القتلى وبين الكفار.
السائل: نعم.
الشيخ: فقيل فيه شهيد فإذًا ما هو نحن نعلم جميعا أنه يشترط في الشهادة ما يشترط في كل الأعمال الصالحة وههنا أهتبلها فرصة لأوجه كلمة قصيرة إلى إخواننا المسلمين المجاهدين في تلك البلاد أذكرهم بقوله تبارك وتعالى ((قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا)) قال العلماء وبخاصة منهم علماء التفسير هذه الآية تدل على أن العمل الصالح يشترط فيه شرطان اثنان الأول أن يكون على السّنة لأنه لا يكون صالحا إلا إذا كان على السنة.
السائل: نعم.
الشيخ: الشرط الثاني أن يكون خالصا لوجه الله تبارك وتعالى وإذا اختل أحد الشرطين لم يكن العمل صالحا, إذا كان العمل موافقا للسنة لكن النية ليست خالصة لوجه الله بطلت وعلى العكس إذا كان العمل خالصا لوجه الله ولكن هو على خلاف السنة فليس عملا صالحا هذا صريح في قوله عليه السلام (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد) أي مردود على صاحبه لهذا قال عليه الصلاة والسلام (بشّر هذه الأمة بالسّناء والمجد والرفعة والتمكين في الأرض ومن عمل منهم عملا للدنيا فليس له في الآخرة من نصيب) فأنا أرجو من المجاهدين أن يخلصوا نواياهم في خروجهم لهذا الجهاد في سبيل الله لا ليقال فلان جاهد وفلان جاء اسمه في زمرة المجاهدين أو أيّ نية من النوايا الأخرى التي تحبط عمله كما جاء في صحيح البخاري من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رجلا قال يا رسول الله الرجل منا يقاتل شجاعة هل هو في سبيل الله قال (لا) قال الرجل منا يقاتل حميّة هل هو في سبيل الله قال (لا) ثالث ورابع وما أدري كم كل واحد يسأل سؤال قال لا لا قالوا فمن في سبيل الله؟ قال عليه الصلاة والسلام (من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله) هذه نصيحة أوجهها ولعلها تكون الختام لهذه الجلسة وإلا بعد عندك سؤال آخر؟
السائل: فيه سؤال يا شيخ.
الشيخ: أه.
السائل: في سؤال يا شيخ مهم شوي بسيط
الشيخ: تفضل.

(201/9)


«
هل السنة والأفضل في الجهاد الجمع والقصر معا أم القصر فقط؟»
السائل: في الجهاد جبهات تكون بعض تكون بعض الوقت الإقامة في مكان واحد هل السّنة والأفضل الجمع والقصر معا أم القصر فقط؟
الشيخ: هذا حسب ما يغلب على قائد السّرية أو هذه الجماعة, إذا كان يغلب على ظنه أنه مقيم وغير متنقل هذا فيما يغلب على ظني وإن كنت لم أبتل بالخير بحضور تلك الأماكن هذا فيما أظن صعب جدا إذا غلب على ظنه أنه واعي هناك ومقيم فيصلي صلاة المقيم وإلا صلى قصرا وهذا هو الذي يغلب على ظني وأنا بعيد عن تلك الأماكن كما قلت لأنه ثبت عن عمر عن عبد الله بن عمر بن الخطاب أنهم أقاموا شهورا في بعض البلاد في تلك الجهات خراسان ونحوها ستة أشهر وهم يصلون في صلاة المسافرين فالغالب أنهم لا يزالون في حكم المسافر, نعم, لكن ينبغي هنا أن ننبه إلى شيء يختلف هذا الحكم عن بين العرب والأفغان لأن الأفغان قد يكون بعضهم من أهل تلك البلاد.
السائل: المسافات كبيرة يعني ممكن يكون من أقرب خراسان مثل ما ..
الشيخ: معليش من كان من أهل تلك البلاد فله حكمه ومن كان خرج من بلده أيضا بحيث أنه يأخذ حكم المسافر أو حكمه حكم هؤلاء العرب.
السائل: وإن لم تحدد المدة يعني ... .
الشيخ: لا ما موش شرط المدة هذه.
السائل: نعم.
الشيخ: نعم, ... .
السائل: ما حكم المسح على الخفين ... .
الشيخ: السؤال.

(201/10)


«
ما حكم المسح على الخفين في البرد في أفغانستان وما صفة الخف والمدة المحددة وهل تجب المجاهد؟»
السائل: ما حكم المسح على الخفين وخاصة وقت البرد في أفغانستان, تكون الوقت كثير الثلج فما صفة الخف والمدة المحددة؟ وهل تزيد للمجاهد المدة؟
الشيخ: الجواب المسح على الخفين رخصة وليس بعزيمة أي ما شاء مسح على الخفين ومن شاء لم يمسح ... لا فرق في ذلك بين يوم وآخر وفصل وآخر لكن المبدأ العام والنص العام يجعلنا نختار أفضلية المسح على الخفين لقوله عليه السلام في الحديث الصحيح (إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه) وفي رواية (كما يكره أن تؤتى معصيته) فمن أجل هذا الحديث ومن أجل أن الإسلام قام على اليسر ((يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر)) نرى أن الأفضل أن لا يتكلف الإنسان فينزع خفيه أو جوربيه أو نعليه من غير حاجة إلا تنفيذا لحكم الشرع ومنه أن المقيم يمسح يوم وليلة ثم لا بد من النزع والمسافر يمسح ثلاثة أيام بلياليها ثم لا بد من النزع.
إذا كان هذا حكم المسح هو الأفضل لما ذكرنا من الحديث بروايتيه.
السائل: نعم.
الشيخ: فأولى وأولى أن يكون ذلك كذلك في تلك البلاد الباردة في الأفغان.
السائل: نعم.
الشيخ: وليس هناك شرط في الممسوح عليه سواء كان خفا أو غيره مما ذكرنا إلا ما جاء في الحديث من شرطية اليوم والليلة للمقيم والأيام الثلاثة بلياليها للمسافر.
فإذا كان الخف ممزقا مخرقا مادام أنه خف وملبوس على القدمين ولم يخلعه أو يخلع أو يخلعه طيلة أيام المسح فيجوز المسح عليه مهما كان شأنه ورحم الله الحسن البصري الإمام المجاهد العالم حيث قال " ما كانت جوارب الأنصار إلا " لعله ذكر المهاجرين أيضا فقال " ما كانت جوارب الأنصار والمهاجرين إلا مخرقة "
السائل: نعم.
الشيخ: فلا يشترط إذًا في المسح على الخفين أو سواهما أي شرط سوى التقيد بالمدة.
السائل: نعم.
الشيخ: وثمة شرط أخر معروف لدى الجميع, أن يلبس على طهارة, طيب, أما هل يجوز للمجاهد أن يمسح أكثر من ثلاثة أيام بلياليها نقول ليس عندنا نص بالجواز ومفهوم الحديث السابق حيث قيد المسح بثلاثة أيام يمنع من الزيادة على ذلك لكن قد ثبت بالسند الصحيح في سنن الدارقطني سنن البيهقي وفي غيرهما بأن عقبة بن عامر جاء بريدا أظنه هو كتبنا عليه, جاء بريدا إلى عمر بن الخطاب ولم يخلع نعليه طيلة سفره أو خفيه لم يخلع خفيه وظل يمسح عليهما طيلة سفره حتى ... المدينة يعني في نحو عشرة أيام فقال له عمر " أصبت السنة " نستطيع أن نأخذ من هذا الأثر الصحيح عن أمير المؤمنين المحدّث الملهم الذي نزل القرآن وفق اجتهاده واستنباطه نستطيع أن نأخذ منه أن المجاهد في ظروف خاصة هو يقدرها يجوز له أن يمسح مسحا مطلقا غير مقيد بالأيام الثلاثة.
السائل: نعم.
الشيخ: وبخاصة أن هذا مذهب الإمام مالك في الأيام العادية يعني هو لا يقيد المسح على الخفين فيه مدة وهذا طبعا لا نراه صوابا على هذا الإطلاق لكن نحن نستفيد من هذا التوسع في الوقت الذي نحتاج فيه إلى هذا التوسع ... أنه ثبت ما يؤخذ منه هذا التوسّع من الأثر المذكور عن عمر آنفا.
لعل في هذا القدر كفاية.

(201/11)


«
نصيحة عامة للمجاهدين في أفغانستان و أخرى خاصة للسلفيين
الشيخ: وسلامي ونصيحتي السابقة إلى إخواننا المجاهدين هناك بصورة عامة وإخواننا السلفيين الحريصين على دعوة الناس إلى الكتاب والسنة أن يحافظوا على الكتاب والسنة حيث ما كانوا وأن يدعوا الناس إليها وأن يتلطفوا في الدعوة معهم فيها لما عرفوا من قوله تعالى لسيد الأنبياء جميعا ((ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك)) وقوله عز وجل ((ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن)) وإذا رأوا ناسا من صوفيين أو خلفيين أو مذهبيين فلا يعنفوا عليه ولا يشتدوا عليهم بل يترفقوا بهم, هم بحاجة إلى الرفق والتلطف معهم أكثر من الشدة عليهم وليذكر أحدنا أنه كان مثلهم يوما ما كان ضالا فهداه الله عز وجل فعليه أن يشفق على هؤلاء الضالين ولا يشتد عليهم وأن يساعدهم على الهداية قولا ودعوة ودعاء وسلامي إليهم جميعا.
السائل: جزاك الله خير يا شيخ.
الشيخ: وأهلا ومرحبا.
السائل: حياكم الله.
الشيخ: يا الله.

(201/12)


«
ذكر الشيخ لخطبة الحاجة
الشيخ: إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ((يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون)) ((يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا)) ((يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما)) أما بعد,
فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار, وبعد.

(202/1)


«
ذكر الشيخ لأصلين عظيمين قام عليهما الإسلام وهما توحيد الله بالعبادة وإفراد الرسول صلى الله عليه وسلم بالمتابعة
الشيخ: فمما لا خلاف فيه بين علماء المسلمين قاطبة أن الإسلام قام على أصلين عظيمين وقاعدتين كبيرتين ألا وهما توحيد الله تبارك وتعالى بالعبادة وإفراد النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالاتباع والقدوة أما توحيد الله تبارك وتعالى بالعبادة فالبحث فيه من باب ما يقال " كناقل تمر إلى هجر " فأنتم إن شاء الله جميعا في غنية عن الخوض في هذا البحث العظيم.

(202/2)


«
بحث الشيخ في الأصل الثاني
الشيخ: والذي أريد البحثَ فيه إنما هو في الأصل الثاني والقاعدة الثانية ألا وهي إفراد النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالإتباع والقدوة فنحن نعلم جميعا كما أشرت آنفا أنه لا يتم إيمان امرء مسلم إلا بالإيمان بأن محمدا رسول الله وأن إنسانا ما على وجه الأرض لو شهد لله عز وجل بالوحدانية بمعانيها الثلاثة فلا يكون مؤمنا إلا إذا ضم إلى ذلك إيمانه بأن محمدا عبده ورسوله وإذا الأمر كذلك فكما ينبغي لكل مسلم أن يتعلم معنى الكلمة الطيبة ((فاعلم أنه لا إله إلا الله)) ويجب عليه بعد أن يتعلمها وأن يتعرف على حقيقة معناها أمران اثنان الإيمان بها أولا ثم تحقيقها في نفسه وفي عبادته وفي عقيدته بالله ثانيا كما أشرت إليه آنفا أنكم لستم إن شاء الله بحاجة إلى الخوض في تفاصيل ذلك.

(202/3)


«
شرح الشيخ لمعنى (وأن محمدا عبده ورسوله).»
الشيخ: كذلك يجب على كل مسلم أن يعرف معنى أن محمدا عبده ورسوله هذه الشهادة المتممة للشهادة الأولى ولذلك فأدندن الآن حول هذه الشهادة الثانية وأبيّن أنها لا تتم إلا إذا آمن المسلم بهذه الشهادة عن معرفة وإيمان واعتقاد جازم أولا ثم طبق ذلك في منطلقه في حياته ثانيا فقولنا أشهد أن محمدا عبده ورسوله يستلزم في جملة ما يستلزم الإيمان بأن محمدا صلى الله عليه وآله وسلم بلّغ الرسالة وأدّى الأمانة بتمامها وكمالها بحيث أنه لم يدع لمن بعده مهما سما وعلا أن يستدرك عليه شيئا ما كما أشار ربنا عز وجل إلى هذه الحقيقة بقوله تبارك وتعالى ((اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا)).

(202/4)


«
ذكر الشيخ لقوله صلى الله عليه وسلم (ما تركت شيئا يقربكم إلى الله ... ) الحديث
الشيخ: من أجل ذلك صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من طرق متعددة أنه قال (ما تركت شيئا يقربكم إلى الله ويبعدكم عن النار إلا وأمرتكم به وما تركت شيئا يقربكم إلى النار ويبعدكم عن الله إلا ونهيتكم عنه) لم يبق ثمة مجال لاستدراك ما مهما كان هذا الأمر المستدرك سهلا أو قليلا.

(202/5)


«
ذكر الشيخ لقول مالك رحمه الله (من إبتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمدا صلى الله عليه وسلم خان الرسالة .... ) الأثر
الشيخ: من أجل ذلك جاء عن إمام دار الهجرة الإمام مالك بن أنس رحمه الله أنه قال " من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمدا صلى الله عليه وآله وسلم خان الرسالة اقرؤوا قول الله تبارك وتعالى ((اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا)) قال مالك رحمه الله ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها فما لم يكن يومئذ دينا لا يكون اليوم دينا " هذا من فقه الإمام مالك رحمه الله إمام دار الهجرة حيث صرح بلسان عربي مبين أن من ابتدع في الإسلام بدعة واحدة وزعم أنها حسنة فقد زعم أن محمدا صلى الله عليه وآله وسلم خان الرسالة ومن زعم هذا الزّعم فلم يؤمن بأن محمدا عبده ورسوله كما هو واضح جدا من كلام هذا الإمام الجليل.
"
من ابتدع في الإسلام بدعة " أي واحدة " يراها حسنة فقد زعم أن محمدا صلى الله عليه وآله وسلم قد خان الرسالة اقرؤوا قول الله تبارك وتعالى ((اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا)) ولا يصلح آخر هذه الأمة هذا من تمام كلام مالك, ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح أولها فما لم يكن يومئذ دينا لا يكون اليوم دينا " ((اليوم أكملت لكم)) فليس على المسلم إلا أن يحقق اتباعه للنبي صلى الله عليه وآله وسلم حتى يكون صادقا بأنه محمد رسول الله عبده ورسوله وأنه جاءنا برسالة كاملة وافية لا شطط فيها ولا وقص.

(202/6)


«
تذكير الشيخ بما ينبغي على المسلم من الوقوف عند الحدود التي حدها له رسول الله صلى الله عليه وسلم
الشيخ: إذا كان الأمر كذلك فينبغي على كل مسلم أن يعرف قدره وأن يقف عند ما حده له نبيه صلى الله عليه وآله وسلم من العبادات والطاعات فقد جفّ القلم بما سبق من الشرع ولم يبق هناك مجال لاستحسان عبادة لم تكن فيما مضى من الزمن الأول, على ذلك جرى سلفنا الصالح رضي الله عنهم عارفين بقدر النبي صلى الله عليه وآله وسلم من حيث أنه أولا أدى الرسالة وبلغ الأمانة كما عرفتم وأنه أعبد عباد الله وأشدهم وأخشاهم لله عز وجل فلا مجال للاستدراك عليه أولا من ناحية التشريعية من الناحية التشريعية كما سمعتم في الآية وفي تعليق الإمام مالك عليها وثانيا من حيث ادّعاء أن هناك من هو أعبد من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هذا أمر يستحيل فمن عرف هاتين الحقيقتين المتعلقتين بإيمانه بأن محمدا عبده ورسوله اقتصر في عبادته لله تبارك وتعالى على ما جاءه من النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولم يضع بين يديه قدوة سوى النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وفي تأييد هذه الناحية الثانية أي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يمكن أن يسبق إلى ذهن مؤمن إلى ذهن مؤمن أنه أتقى لله وأخشى لله وأعبد لله منه هذا أمر مستحيل.

(202/7)


«
ذكر الشيخ لحديث أنس رضي الله عنه في الرهط الذين جاءوا يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم والكلام عليه
الشيخ: نذكر الآن لزعمي هذا ما جاء في صحيح البخاري وفي صحيح مسلم بالسند الصحيح يقينا عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أن رهطا جاؤوا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فسألوا نساءه حيث لم يجدوه هو نفسه عليه السلام, سألوهن عن عبادته عن قيامه في الليل وعن صيامه في النهار وعن إتيانه للنساء فذكرن لهم ما يعلمن من ذلك من هديه عليه السلام والهدي هذا خير هدى على وجه الأرض كما تسمعون منا ومن غيرنا في افتتاح خطبنا " وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وآله وسلم " ذكرنا لهم أنه عليه الصلاة والسلام كان يصوم ويفطر وكان يقوم الليل وينام وكان يتزوج النساء, قال أنس لما سمعوا ذلك من نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم تقالوها أي وجدوا عبادته صلى الله عليه وآله وسلم قليلة تقالوها بناء على ما كان قد قام في أذهانهم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا بد أن يقوم الليل كله وأن يصوم الدهر كله وأن يكون راهبا لا يقرب نساءه ففوجؤوا بما لم يكن في خاطرهم فعللوا ذلك بعد أن تقالّوا عبادته عليه السلام, عادوا إلى أنفسهم فعللوا تلك القلة التي زعموها خطأ منهم ولا شك فقالوا هذا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فكأنهم يقولون عفا الله عن قولهم وخطأهم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إنما اقتصر على هذه العبادة التي تقالّوها لأن الله قد غفر له فلم يبق لديه وازع يحمله على أن يكثر من عبادة ربه عز وجل, هذا خطأ منهم ولا شك لأنهم لم يعلموا أن تلك العبادة التي تقالّوها كانت عبادة لا يستطيعها أعبد البشر حتى ولو كان داود عليه الصلاة والسلام الذي صح في صحيح البخاري عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال (كان داود أعبد البشر) لم يعلم هؤلاء الرهط أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في تلك العبادة كان أعبد الناس وكانت عبادته لا يستطيعها أعبد الناس كما ذكرت آنفا وذلك مما استدعى أنه سئل وقيل له عليه الصلاة و السلام لما وجدوه, وجده العارفون بعبادته وليس أولئك الرهط الجاهلون بعبادته, العارفون بعبادته عليه الصلاة والسلام أشفقوا عليه لأنهم رأوهم قد قام حتى تفطرت قدماه فقالوا له يا رسول الله قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر أي يعنون اشفق يا رسول الله بنفسك وارفق بها فقد تعبت وتشققت قدماك فكان جوابه عليه السلام (أفلا أكون عبدا شكورا) هذا رد لتعليل الفاسد الذي صدر من أولئك الرهط حيث عللوا قلة عبادته صلى الله عليه وأله وسلم بأن الله قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر لم يعلموا أن النبي قد قام حتى تشققت قدماه فلمّا قيل له ما سبق قال (أفلا أكون عبدا شكورا) , بناء على ما توهموا من قلة عبادة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وما علموا من أن الله قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر قام في نفوس كل واحد من أولئك الرهط أنه يجب على كل واحد منهم أن يبالغ في العبادة وأن يزيد على ما سمع من عبادة النبي صلى الله عليه وآله وسلم من صيامه وقيامه وقربانه لنسائه فتعاهدوا بينهم على ما يأتي, أما أحدهم فقال إني أقوم الليل ولا أنا وقال الثاني أما أنا فأصوم الدهر ولا أفطر أما الثالث فقال إني لا أتزوج النساء, لماذا؟ لأنهم ظنوا أن التزوج بالنساء مشغلة وصارف عن تمام العبادة لله عز وجل ولم يعلموا.

(202/8)


«
تذكير الشيخ بأن الزواج عبادة مع ذكر بعض الأحاديث الدالة على ذلك
الشيخ: ويبدو لي والله أعلم أن هذا الرهط كان حديث عهد بالإسلام لم يتفقه بعد في شرائع الإسلام وأحكامه, لم يعلم مثلا أن الزواج عبادة كما جاء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في غيرما حديث كمثل قوله عليه السلام في الحديث المعروف لما جاءه الفقراء وقالوا له يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالأموال والأجور يصلون كما نصلي ويصومون كما يصومون ويحجون كما نحج ويتصدقون ولا نتصدق فقال لهم عليه الصلاة والسلام مواسيا لهم (أفلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه سبقتم من قبلكم ولم يدرككم من بعدكم إلا من فعل مثلكم) فعاد رسول الفقراء إلى أصحابه الفقراء فبشرهم بهذه البشارة التي صدرت من النبي صلى الله عليه وآله وسلم ففرحوا بها كثيرا ولكنهم لم يلبثوا إلا قليلا حتى عاد رسولهم إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليقول له عليه الصلاة والسلام يا رسول الله لقد بلغ الأغنياء ما قلت لنا ففعلوا مثل فعلنا فقال عليه الصلاة والسلام (ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء) هذه رواية الإمام مسلم في صحيحه وفي رواية أخرى في حديث آخر أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لهم (إن لكم بكل تسبيحة صدقة وبكل تحميدة صدقة وبكل تكبيرة صدقة وبكل تهليلة صدقة وأمر بالمعروف صدقة ونهي عن منكر صدقة وإماطة الأذى عن الطريق صدقة ... ) ومازال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعد كثيرا من مكارم الأخلاق ثم قال في ختام الحديث (وفي بضع أحدكم صدقة) , قالوا مستغربين يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته وله عليها أجر؟ قال (أرأيت إن وضعها في الحرام أليس يكون عليه وزر) قالوا بلى يا رسول الله قال (فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له عليها أجر) فخفي مثل هذا الحديث وغيره مما جاء في باب الحض على التزاوج وبخاصة على الصبر على الأولاد والنسل.

(202/9)


«
ذكر الشيخ لحديث تزوجوا الولود الودود
الشيخ: كما جاء في الحديث الصحيح من قوله عليه الصلاة والسلام (تزوجوا الولود الودودفإني مباه بكم الأمم يوم القيامة)، (تزوجوا الولود الودودفإني مباه بكم الأمم يوم القيامة) فالذي يتزوج ويحصن نفسه ويحصن زوجه فله على ذلك أجر جهل هذا أولئك الرهط فكان من أحدهم أن نذر على نفسه ما سبق ما سبق ذكره, قال أما أنا فلا أتزوج النساء وانطلقوا ثم لما رجع النبي صلى الله عليه وآله وسلم وذكرن له ما سمعن من أولئك الرهط مما تعاهدوا بينهم خطب الرسول عليه السلام في مسجده فقال (ما بال أقوام يقولون كذا وكذا وكذا) يعيد عليه الصلاة والسلام على مسامع الحاضرين ما قاله كل فرد منهم هذا الأخير لا يتزوج النساء والثاني قال أنا أقوم الدهر, أصوم الدهر ولا أفطر وذاك قال أقوم الليل ولا أنام.

(202/10)


«
تذكير الشيخ بأن من أدب النبي صلى الله عليه وسلم الستر على من أخطأ
الشيخ: لكنه عليه الصلاة و السلام كان من أدبه في موعظته للناس ومن تأديبه للناس وتعليمه للناس أنه يستر على الخاطئين أو المخطئين فلا يفضحهم فيقول كما سمعتم (ما بال أقوام يقولون كذا وكذا وكذا).

(202/11)


«
لافائدة من ذكر المخطئ إلا إذا كان خطأه على ملإ من الناس
الشيخ: لأنه لا فائدة من ذكر المخطئ إلا إذا كان خطأه على ملإ من الناس وهو حاضر فإذا انصرف الناس وانصرف هو فات تذكير الناس بخطئه فهو في هذه الحالة لا بد من التذكير علنا وليس كما يتوهم ولو أنني استطردت شيئا قليلا ليس كما يتوهم بعض الناس من الذين يعرفون الحكمة والرفق في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولكنهم قد فاتهم أن الرفق في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا ينافي المصارحة بانتقاد المخطئ إذا كان خطؤه على ملإ من الناس وسيرة سلفنا الصالح ممتلأة والحمد لله بكثير من الشواهد.

(202/12)


«
تذكير الشيخ بحديث عبد الله بن عمر الذي فيه إنكار عمرعلى عثمان رضي الله عنهما»
الشيخ: وحسبي أن أذكركم بما رواه الشيخان في صحيحيهما من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن عمر بن الخطاب كان يخطب يوم جمعة طبعا في مسجد الرسول صلى الله عليه وأله وسلم لما دخل رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفي رواية أنه عثمان بن عفان فقطع عمر خطبته وتوجه إلى هذا المتأخر عن التبكير للحضور لسماع الذكر وسماع خطبة يوم الجمعة فأجاب بأنه يا أمير المؤمنين لم يكن مني إلا أن سمعت الأذان فتوضأت وجئت إلى المسجد فقال له منكرا بالإستفهام الإستنكاري " آلوضوء أيضا وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول (من أتى منكم الجمعة فليغتسل) " الشاهد من هذا أنه أنكر على عثمان بن عفان علنا على رؤوس الأشهاد لأنه تأخر عن الحضور إلى صلاة الجمعة وخطبة الجمعة.
نعود إلى ما كنا في صدده إن قاعدة التعليم والتذكير قائمة على أساس الستر على الناس إلا إذا اقتضت المصلحة ذلك على هذه القاعدة جرى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حينما خطب فيما يتعلق بالرهط قال وقد كنى عنهم ولم يسمه أحدا منهم (ما بال أقوام يقولون كذا وكذا وكذا) الشاهد أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال (أما إني) هذا رد في صميم ما قالوا معللين قلة عبادته عليه السلام أن الله قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر (أما إني أخشاكم لله وأتقاكم لله أما إني أصوم وأفطر) أي لا أصوم الدهر (وأقوم الليل وأنام) أي لا أحيي الليل كله كما يفعل بعض الغلاة المتعبدين الزائدين المستدركين على عبادة الرسول عليه الصلاة والسلام يحيون الليل كله بالصلاة والعبادة وتلاوة القرآن هذا خلاف هدي الرسول عليه الصلاة والسلام ولذلك قالت السيدة عائشة كما في صحيح مسلم وما أحيى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليلة بتمامها فقال صلى الله عليه وآله وسلم مذكرا بأن الشرع وسط والعبادة وسط لا إفراط ولا تفريط (أما إني أخشاكم لله وأتقاكم لله أما إني أصوم وأفطر وأقوم الليل وأنام وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني) إذًا سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيما جاءنا من الإسلام هو الذي يجب على كل المسلمين أن يلتزموها وأنا ضامن على أن داود عليه الصلاة والسلام الذي سمعتم آنفا شهادة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بحقه أنه كان أعبد البشر لو كان بعد بعثة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بهذا الإسلام الكامل التام لم يستطع أن يحيط عملا بكل عبادات الرسول أي بكل العبادات التي جاء بها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بقوله أو بفعله أو تقريره, من أجل ذلك لم يبق هناك مجال لأحد من المسلمين أن يستدرك عبادة بعد أن أكمل الله عز وجل دينه بإرساله لنبيه صلى الله عليه وسلم بهذا الإسلام كاملا وبعد أن عرفنا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو أعبد الناس وأتقاهم وأخشاهم فليس هناك إلا اتباع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ونحن على يقين أننا لن نستطيع أن ندندن حول عبادة النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلا لماما وإلا وقتا يسيرا وإلا فنحن عاجزون تماما عن أن نتأثر وأن نتتبع خطوات الرسول في عبادته, هذا أمر مستحيل بالنسبة لكل أفراد البشر من بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

(202/13)


«
الحرص على شيئين اثنين وهما الحرص على تعلم سنة النبي صلى الله عليه وسلم، والحرص على العمل بها
الشيخ: ولذلك فلم يبق أمامنا إلا أن نحرص كل الحرص على شيئين اثنين الشيء الأول أن نتعلم سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم في كل ما جاءنا من الإسلام في العقيدة أو في العبادة أو في السلوك والأخلاق ولن نستطيع كما قلت لكم إلا أن نتشبه به عليه الصلاة والسلام وكما قيل " فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم *** إن التشبه بالكرام فلاح " ليس لنا أن نتشبه بأحد من البشر إلا به صلى الله عليه وآله وسلم لأنه أكمل البشر اتفاقا وكل من تشبه به بعده فهو إنما يغترف من بحر عبادته صلى الله عليه وآله وسلم هذا هو الأمر الأول أن نتعلم سنة الرسول عليه السلام بالمعنى الواسع.

(202/14)


«
شرح الشيخ لقوله صلى الله عليه وسلم (فمن رغب عن سنتي فليس مني).»
الشيخ: وهنا لا بد من جملة معترضة, سمعت آنفا قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حديث أنس حول الرهط (فمن رغب عن سنتي فليس مني) لا يعني رسولنا صلوات الله وسلامه عليه بهذه الجملة من هذا الحديث الهام, (فمن رغب عن سنتي) أي من ترك السنن الرواتب مثلا فهو ليس مني, ليس هذا هو معنى الحديث وإنما معنى الحديث (فمن رغب عن سنتي) أي عن طريقي وعن سلوكي وعن منهجي في كل حياته الدينية فهذا هو الذي ليس منه عليه السلام وذلك يختلف بنسبة ابتعاده عن الاقتداء بنبيه صلى الله عليه وآله وسلم.

(202/15)


«
شرح الشيخ لمعنى السنة»
الشيخ: فالسنة لها معنيان أحدهما لغة عربية شرعية وهو ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ومن سار بسيرته والعرف والمعنى الثاني ما جرى عليه عرف الفقهاء من تقسيم العبادات إلى فرض وسنة وتعلمون تعريف الفرض وتعلمون تعريف السنة والسنة في تعريفهم ما يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه أما الذي يترك سنة الرسول بالمعنى الأول أي طريقته ومنهجه فهذا يكون في ضلال وضلاله يكون كثيرا أو قليلا كما قلنا آنفا على نسبة بعده عن اقتدائه بسنته عليه السلام وقربه منها.
من أجل ذلك يجب علينا أن نتعلم السنة أولا ثم أن نعمل بها ما نستطيع ثانيا وحينئذ سنجد أنفسنا أننا لسنا بحاجة إلى أن نستدرك أو نسن بدعة حسنة في الإسلام بزعم أن هذه البدعة لا شيء فيها لأننا سنجد كما قلنا سنجد أنفسنا قاصرين وعاجزين عن الاقتداء بالنبي الكريم في كل ما جاءنا من العبادات سواء ما كان منها متعلقا بالأدعية أو الأذكار أو الصلوات فحسبنا أن نقتدي به عليه الصلاة والسلام بقدر استطاعتنا.

(202/16)


«
تذكير الشيخ بحديث الحبر الذي جاء إلى عمر رضي الله عنه .. الحديث
الشيخ: وهنا يروق لي أن أذكركم بما أخرجه البخاري في صحيحه لتعرفوا قيمة تلك الآية التي ذكرناها آنفا ((اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا)) روى البخاري أن حبرا من أحبار اليهود جاء إلى عمر بن الخطاب في خلافته فقال له يا أمير المؤمنين آية في كتاب الله لو علينا معشر يهود نزلت لاتخذنا يوم نزولها عيدا قال رضي الله عنه ما هذه الآية فذكر هذه الآية ((اليوم أكملت لكم دينكم)) إلى آخرها فقال عمر لقد نزلت في يوم عيد في يوم الجمعة ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في عرفات أي في حجة الوداع فقد نزلت هذه الآية في يوم عظيم جدا اجتمعت فيه فضيلتان وعيدان عيد الجمعة وعيد عرفة كأنه يقول لذلك الحبر أبشر فقد نزلت هذه الآية في يوم عيد، عيد الجمعة وعيد عرفة لماذا قال هذا اليهودي لو أن هذه الآية نزلت علينا لاتخذنا يوم نزولها عيدا لأنه عرف عظمة هذه النعمة التي امتنّ الله تبارك وتعالى بها على عباده أما نحن المسلمين اليوم فقد فإننا مع الأسف الشديد لم نقدر هذه النعمة حق قدرها ولذلك تجد كثيرا من الناس قديما في العصور المتأخرة قد شغلوا المسلمين بكثير من الصلوات والأذكار والأوراد لم يأت بها النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفيما جاء به عليه السلام كما أشرنا كفاية وغنية بل وزيادة على طاقتنا نحن البشر, وإنما كل منها يأخذ منها هذه العبادة ما يستطيع وما يناسب قدرته وطاقته.
إذا عرفنا هذه الحقيقة.

(202/17)


«
رد الشيخ على بعض الشبهات المتعلقة بإفراد النبي صلى الله عليه وسلم بالمتابعة
الشيخ: فهناك بعض الشبهات تقوم حجر عثرة في طريق البقاء على هذا الإفراد الذي أشرت إليه في مطلع كلمتي هذه وهي كما نوحد الله في عبادته فعلينا أن نفرد الرسول عليه السلام في الإقتداء به وقف أمام تحقيق هذا الاقتداء بعض الشبهات ففتح بعض الناس على المسلمين الاقتداء أيضا بغير ما جاء به النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومعنى ذلك فتحوا باب الإشراك مع الرسول في اتباعه وفي الاقتداء به وهذا إخلال بالشهادة الثانية " وأشهد أن محمدا عبده ورسول " تمسكوا ببعض الشبهات فأذكر الآن شبهة واحدة وأجيب عليها ليقاس على غيرها ما قد تسمعون من شبهات أخرى لا تقلقل هذا الركن الثاني من الشهادتين " وأن محمدا عبده ورسوله " ذلك الدليل أو الشبهة التي استندوا عليها من الحديث ما جاء في صحيح مسلم ومسند الإمام أحمد وغيرهما من كتب السنة من حديث جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال (من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة دون أن ينقص من أجورهم شيء ... ) إلى آخر الحديث, يقولون في تفسير هذا الحديث (من سنّ في الإسلام) أي من ابتدع في الإسلام (سنة حسنة) أي بدعة حسنة (فله أجرها) إلى آخر الحديث فالذي أريد بيانه الآن في هذه الساعة المباركة إن شاء الله أن أقول ليس معنى الحديث كما يزعمون ليس الحديث من ابتدع في الإسلام بدعة حسنة وإنما معنى الحديث من فتح طريقا إلى سنة حسنة مشروعة معروفة في الإسلام وليست محدثة كما يزعمون فله أجر إحيائه لهذه السنة وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة دون أن ينقص من أجورهم شيء والدليل على هذا الذي نقول أمور أولها: سبب ورود الحديث وقد تعلمنا من علمائنا علماء التفسير خاصة أن من عرف سبب نزول الآية فقد عرف نصف معناها فعليه أن يتعرف على النصف الأخر من اللغة العربية وأدابها فاقتبست من قولهم هذا أن من عرف سبب ورود حديث ما, حديث ما من عرف سبب ورود حديث ما سهل عليه فهم نصف المعنى ولم يبق عليه إلا أن يفهم النصف الآخر ونحن نذكر الآن سبب ورود هذا الحديث لتتأكدوا معي أن تفسيرهم للحديث بما حكيناه آنفا من أبطل الباطل لا يليق برجل أعجمي أن يفسر ذلك التفسير فضلا عن رجل عربي فضلا عن أن ينسب ذلك المعنى إلى أفصح من نطق بالضاد صلى الله عليه وآله وسلم سبب ورود الحديث قال جرير رضي الله تبارك وتعالى عنه كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم فجاءه أعراب مجتابي النمار متقلدي السيوف عامتهم من مضر بل كلهم من مضر فلما رأهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تمعّر وجهه تمعّر وجهه أي تغيرت ملامح وجهه عليه الصلاة والسلام حزنا وأسى وأسفا على فقر هؤلاء الأعراب فقال عليه الصلاة والسلام فقام عليه الصلاة والسلام خطيبا في الصحابة وتلا قوله عز وجل ((يا أيها الذين ءامنوا أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين)) ثم قال عليه الصلاة والسلام (تصدق بدرهمه بديناره بصاع شعيره فما كان من أحد أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن نهض بعد أن سمع هذه الخطبة المباركة ليذهب إلى داره ويعود وقد حمل في طرف ثوبه ما تيسر له من طعام أو دراهم ودنانير فوضعها أمام النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلما رأى أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذلك قام كل منهم إلى داره ليعود بما تيسّر له من طعام ودراهم فاجتمع أمام النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الصدقات كأمثال الجبال أكوام فلما رأى ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تنوّر وجهه عليه الصلاة والسلام كأنه مذهبة أي كأنه فضة مطلية بالذهب تلألأ فرحا عليه الصلاة والسلام باستجابة أصحابه لحثه إياهم على الصدقة وقال بهذه المناسبة (من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة دون أن ينقص من أجورهم شيء ... ) إلى آخر الحديث وهنا نقول كيف يصح تفسير الحديث بالتفسير السابق وهو لا يتلاءم بل يتنافر تمام التنافر مع ما وقع من الصدقة في مجلس النبي صلى الله عليه وأله وسلم بعد أن سمعتم سبب ورود الحديث لا تجدون هناك بدعة حدثت بعد أن لم تكن معروفة بينهم, لا شيء من ذلك أبدا لا شيء إلا الصدقة كما سمعتم وقد تلا على أصحابه عليه السلام الآية الكريمة التي تأمر بالصدقة ثم أكّد ذلك بقوله عليه السلام (تصدق رجل بدرهمه بديناره بصاع بره بصاع شعيره) فإذًا هذا كله يدل على أن القصة ليس فيها بدعة وإنما فيها سنة مشروعة ألا وهي الصدقة, الإنفاق على هؤلاء الفقراء الذين جاؤوا ضيوفا على أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم بهذه المناسبة قال عليه الصلاة والسلام (من سن في الإسلام سنة حسنة) في تمام الحديث اختصرته اختصارا (ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها يوم القيامة دون أن ينقص من أوزارهم شيء).

(202/18)


«
السنة سنتاني سنة حسنة وسنة سيئة
الشيخ: إذًا السنة سنتان سنة حسنة وسنة سيئة, من أحيى سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ومن أحيى سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة, الآن نقول شيئا ثانيا بعد أن ذكرنا الشيء الأول أن القصة ليس فيها ذكر بما يمكن أن يوصف بأنه بدعة وكل ما في الأمر أن النبي صلى الله عليه وسلم حض أصحابه على الصدقة, نقول شيئا ثانيا إذا غضضنا النظر عن سبب النزول وكثيرون أولئك الذين يقتصرون في دراسة الحديث النبوي على المختصرات من كتب الحديث وقليل منهم جدا من يعود إلى الأمهات وللأصول ليقف على أسباب الورود كمثل هذا الحديث, نغض الآن عن سبب ورود الحديث ونقف عند لفظه.

(202/19)


«
ذكر الشيخ لمعنى (من سن في الإسلام سنة حسنة .... ،ومن سن في الإسلام سنة سيئة .. ) والسبيل لمعرفتهما
الشيخ: (من سن في الإسلام سنة حسنة) من سن معناه من فتح طريقا سنة طريقا حسنة (من سن في الإسلام سنة حسنة) الآن نتساءل ما هو السبيل لمعرفة السنة الحسنة لنحتذي بها ولنتمسك بها وما هو الطريق لمعرفة السنة السيئة لنجتنبها ونكون بعيدين عنها, هل هناك طريق غير الطريق الذي جاء به الرسول عليه السلام كتابا وسنة؟ الجواب لا شيء آخر لقوله عليه الصلاة والسلام (تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما كتاب الله وسنتي ولن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض) إذًا طريق معرفتنا للسنة الحسنة وللسنة السيئة إنما هو الشرع كتابا وسنة, هذه حقيقة لا يستطيع أن يماري وأن يجادل فيها عالم عالم حقيقة, إذا كان نابعا علمه من كتاب الله ومن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.

(202/20)


«
ذكر الشيخ لمنهج أهل السنة في (التحسين والتقبيح).»
الشيخ: ذلك لأن مما اتفق عليه أهل السنة وخالفوا في ذلك المعتزلة أن معرفة الأحكام الشرعية ومعرفة الحسن والقبح لا سبيل إلى ذلك إلا الشرع فإذًا إذا كان هذا أمرا متفقا بين أهل السنة وخالف في ذلك المعتزلة فقالت المعتزلة الحسن ما حسّنه العقل والقبيح ما قبّحه العقل, رد عليهم أهل السنة قالوا الحسن ما حسّنه الشرع والقبيح ما قبّحه الشرع فإذا جئنا إلى هذا الحديث (من سن في الإسلام سنة حسنة) فما هو طريق معرفة السنة الحسنة آلعقل؟ أم الشرع؟ الجواب بصورة قاطعة إنما هو الشرع, حينئذ نقول بالمقابل (ومن سن في الإسلام سنة سيئة) من أين نعرف كون هذه السنة سيئة أهو العقل أم الشرع؟ الجواب أيضا الشرع.
إذًا إذا افترضنا أن أحدا ادّعى بأن سنة ما سنة حسنة قلنا له ((هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين)) فإن جاء بهذا البرهان فقد ألزمنا بالشرع أن نخضع له وإن قال كما يقول كثير من الناس " يا أخي القضية سهلة وما فيها شيء وهاي زيادة وزيادة الخير خير " ونحو ذلك من الكلام الذي هو من كلام العامة وليس من كلام أهل العلم فكلام أهل العلم كما سمعتم التحسين والتقبيح العقليّين هو من مذاهب المعتزلة وأهل السنة التحسين والتقبيح هو من وظيفة الشرع فنحن مع الشرع تحسينا وتقبيحا.

(202/21)


«
تلخيص الشيخ لما تقدم من الرد
الشيخ: هذا ما أردت إزالة الشبهة عن هذا الحديث من طريقين اثنين الطريق الأول الرجوع إلى سبب هذا الحديث فإنه يأكد أنه لا بدعة هناك فلا يجوز أن يقول الرسول بمناسبة صدقة وليست ببدعة (من سن في الإسلام سنة حسنة) أي من ابتدع في الإسلام بدعة حسنة هذا كلام يدفع بعضه بعضا وكما قلت آنفا يخجل منه الأعجمي أن يقول مثل هذا المعنى فكيف ينطق به سيد من نطق بالضاد وبهذا القدر كفاية والحمد لله رب العالمين.
إذا كان هناك مجال لبعض الأسئلة لا بأس.
السائل: في عشر دقائق إن شاء الله, الحمد لله وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجهم واتبع طريقتهم إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا أما بعد فجزى الله شيخنا خير الجزاء على ما قدمه من نفع لطلبة العلم ونبتدأ بالملاحظات والأسئلة.
أما أول ورقة وصلت إلينا ونبتدأ بها فيقول الذي يقرأ الأسئلة اتق الله أولا في إخراج الأسئلة وقدّم الأهم ثم الأهم ولا تقرأ الأسئلة المعروفة ولا الخلافية ولكن اقرأ الأسئلة الغير معروفة لدى كثير من الناس فجزاكم الله خيرا الله عز وجل أعطى كل إنسان طاقة محدودة والشيخ أيضا محدودة طاقته ووقته محدود فنحن نختار من الأسئلة ما هو مهم للجميع إن شاء الله تعالى المتكرر ندعه فأيضا إذا كان لديك سؤال لديك معروفا لعله لدى آخر غير معروف فاعذرنا جزاك الله خيرا ولا تلومونا على التقصير.

(202/22)


«
فضيلة الشيخ بعد هذه الكلمة الطيبة نطلب منك وصية و نصيحة نحن طلاب العلم نريد أن نتعرف على الكتب النافعة المفيدة في الآتي التفسير، السيرة، الفقه، الأخلاق والسلوك، التوحيد؟»
الشيخ: فضيلةَ الشيخ بعد هذه الكلمة الطيبة نطلب منك وصية ونصيحة نحن طلاب العلم نريد أن نتعرف عن الكتب النافعة المفيدة في الآتي التفسير السيرة الفقه الأخلاق والسلوك التوحيد.
الشيخ: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
الذي أعتقد أن خير ما ألّف في التوحيد القائم على كتاب الله وعلى حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلى منهج سلفنا الصالح إنما هي بصورة عامة كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه بن قيم الجوزية فإنهما من أبرز من ألّف في هذا المجال وبرز فيه وصار قدوة للذين جاؤوا من بعده وإن كان ذلك لا ينفي أن يكون قد تقدمهم علماء من علماء المسلمين وبخاصة من أهل الحديث ولكن الذين ألّفوا قديما ألّفوا لزمانهم ولا يصلح ما ألّفوا سابقا لعامة المسلمين اليوم وإنما لخاصتهم ككتاب "السنة " للإمام أحمد بن حنبل رحمه الله وكتاب " السنة " لابن أبي عاصم ونحو ذلك من كتب علماء الحديث فهي المرجع والأصول لأهل العلم أما كتب شيخ الإسلام ابن تيمية فهي نافعة إن شاء الله لعامة المسلمين الذين عندهم شيء من المعرفة باللغة العربية وآدابها.
كذلك يوجد هناك بعض المختصرات مع بعض الشروح لمن تقدم الشيخين ولكن على شيء من التزام لبعض الآراء المخالفة لما كان عليه سلفنا الصالح وأنا أشير بهذا الكلام الأخير إلى كتاب " العقيدة الطحاوية " للإمام أبي جعفر الطحاوي الحنفي وهو من علماء الحنفية في الفقه ومن علماء الحديث المبرّزين في الحفظ وفي سوْق الأسانيد للأحاديث التي يذكرها في كتبه ككتاب "شرح معاني الآثار" وكتابه الآخر " مشكل الآثار " فهو في الواقع من نوادر علماء الحنفية الذين جمعوا بين الفقه والحديث من جهة وبين العقيدة الصحيحة من جهة أخرى وقد أودع عقيدته في كتابه المذكور آنفا أو رسالته " العقيدة الطحاوية " وقد قام بشرحها جماعة من الأحناف وغيرهم وخير من شرح هذا الكتاب شرحا على منهج السلف الصالح واستقى شرحه من كتاب ابن القيم وكتب ابن تيمية رحمه الله تبارك وتعالى ففي هذا الكتاب مسألة واحدة خالف فيها علماء الحديث في العقيدة وما سوى ذلك فهو على السّنة تماما وهذا نادر جدا أن نجد في المتمذهبين بالمذاهب المتبعة اليوم من لا من لا يخرج عن منهج السلف إلا في مسألة واحدة وهذا أمر عظيم جدا لأننا لا نتصور إنسانا خاليا من خطأ (فكل بني أدم خطاء وخير الخطائين التوابين).

(202/23)


«
التنبيه على الخطأ الذي وقع فيه الطحاوي في كتابه العقيدة الطحاوية في مسألة الإيمان وبيان مذهب السلف في ذلك
الشيخ: فأبو جعفر الطحاوي رحمه الله في كتابه هذا نهج منهج علماء السلف الذين تقدموه والذين جاؤوا من بعده كالشيخين المذكورين أنفا إلا في مسألة الإيمان فإنه ذهب فيه مذهب ما يعرف اليوم بالماتوريدية وهو مذهب أبي حنيفة رحمه الله حيث ذهب إلى أنه إلى أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص وهنا مسألة لا بد من التعرّض لها لأنها أشكلت على بعض الطلبة فقد تظاهر بعض المتعصبين للمذهب الحنفي دون تعصبهم للمذهب السّلفي تظاهروا بأنه لا خلاف خلافا جوهريا بين ما ذهب إليه أبو جعفر الطحاوي في هذه المسألة وبين ما ذهب إليه السلف ومن سار على طريقتهم في مسألة الإيمان, قالوا أو زعموا بأنه لا خلاف خلافا جوهريا وإنما هو خلاف لفظي وهم يشيرون حقيقة إلى مسألة فيها دقة وهي أن علماء السلف حينما يدخلون في مسمى الإيمان العمل الصالح لا يجعلون العمل الصالح شرط كمال شرطا كاملا في الإيمان بحيث إذا انتفى هذا الشرط انتفى الإيمان وإنما يجعلون العمل الصالح شرط كمال وليس شرط صحة خلافا للخوارج الذين يكفّرون من ارتكب الكبيرة وارتكاب الكبيرة بلا شك ينافي العمل الصالح وعلى ذلك فهم يكفّرون مرتكب الكبائر, أما السلف فلا يكفرون مرتكب الكبائر ولكن يجعلون ذلك سببا لنقص يقع في إيمانه, فالخلاف بين أهل الحديث والسّلف ومن سار مسيرتهم وبين الحنفية في هذه القضية ليست جوهرية فعلا لأن الأحناف حينما يقولون العمل الصالح ليس من الإيمان فإنما يعنون أنه ليس شرط صحة أما أنه شرط كمال فهنا الخلاف فالحنفية لا يلتقون مع الخوارج كالسلفيين قديما وحديثا ولكنهم يختلفون عنهم في نقطة أخرى وهنا تكمن الدقة التي أشرت إليها فهم يلتقون مع السلفيين في أن العمل الصالح ليس شرط كمال ولكن ليس شرط صحة ولكن يختلفون عنهم في وقول السلفيين أهل التوحيد الكامل أن الإيمان يزيد وينقص زيادته العمل الصالح ونقصه العمل الطالح, الأحناف أي الماتوريدية يقولون ليس الإيمان بالشيء الذي يزيد أو ينقص فهي حقيقة ثابتة لا فرق بين أتقى الناس وأفجر الناس مادام أنهم يشتركون بالإيمان الذي مقره القلب, هنا حقيقة الخلاف بين الحنفية وبين السلفيين قديما وحديثا أما أنهم لا يجعلون العمل الصالح ركنا في الإيمان فهنا يلتقون مع السلفيين ولكن هذا لا يعني أنهم لا يختلفون معهم في أن الإيمان يزيد وينقص فهذه عقيدة معروفة عن السلف متداولة بينهم أما الأحناف فيذهبون ما سمعتم من أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص, هذه نقطة يجب ملاحظتها لمن قرأ العقيدة الطحاوية تأليف أبي جعفر الطحاوي رحمه الله في هذه القضية فقط خالف منهج السلف أما في سائر ذلك فنحن نحض المسلمين على قراءة هذه العقيدة مع الإستعانة على فهمها بشرح بن أبي العز الحنفي فقد شرح الكتاب على طريقة منهج السلف الصالح, هذا مما يتيسر ذكره من الكتب التي ينبغي أن يرجع إليها من كان يريد أن يأخذ عقيدة التوحيد سالمة من كل زغل ودخيل.

(202/24)


«
الإشادة بكتب مجدد الدعوة محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى
الشيخ: يأتي بعد ذلك كتب إمام الدعوة ومجدد دعوة التوحيد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله فكتبه أيضا في هذا المجال بمنزلة الكتب التي لا مثيل لها فإنه رحمه الله قد لخّص عقيدة السلف في كتاب التوحيد المعروف به والواقع أن هذا الكتاب له أثر طيب جدا ليس في البلاد السعودية فقط وفي كثير لا أقول في سائر البلاد الإسلامية بل وفي كثير من البلاد الإسلامية فقد أخذ المسلمون يتعرفون على هذه الدعوة دعوة التوحيد الخالصة لله عز وجل من الكتب التي يطبعها علماء هذه المملكة سواء ما كان منها من كتب الشيخ نفسه أو من شروح كتبه الكثيرة وهي معروفة لديهم لديكم.

(202/25)


«
بيان أهم كتب التفسير و الفرق بين تفسير ابن جرير و تفسير ابن كثير
الشيخ: أما فيما يتعلق بكتب التفسير فأعتقد أن مجال كتب التفسير في الواقع تحتاج إلى خدمة جديدة وذلك لأن الكتب التي ننصح بتلاوتها وبتداولها إنما هي مراجع أساسية للمؤلفين في هذا العلم الشريف علم تفسير القرآن الكريم فإن أحسن الكتب في هذا المجال تفسير ابن جرير الطبري ثم تفسير ابن كثير الدمشقي مع فارق كبير بينهما من حيث ناحيتين اثنتين, الناحية الأولى أن ابن جرير الطبري تأليفه للكتاب جرى فيه مجرى علماء الحديث الذين يروون كل رواية بالسند المتصل منهم إلى قائلها سواء كان القائل هو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أو كان صحابيا أو كان تابعيا أو كان دون ذلك فهم يروون كل هذه الروايات فهو يروي هذه الروايات بالسند المتصل منه إليه لكن هذا الأسلوب إنما يستفيد منه أهل العلم بل أقولها بصراحة بعض أهل العلم الذين جمعوا بين المعرفة بالعلوم كلها وبخاصة علم الحديث مصطلحا وجرحا وتعديلا, هذا الفريق من العلماء هو الذي يستفيد من تفسير ابن جرير الطبري لأنه يتمكن من دراسة هذه الروايات على ضوء علم الحديث وإلا فنحن نجد كثيرا من المتأخرين ينقلون أحاديث ذكرها ابن جرير في تفسيره بسنده فهم يحذفون السند ويقتصرون على ذكر المتن وحينذاك تصير المسؤولية قائمة على هذا الذي نقل الحديث وحذف السند بينما المسؤولية منتفية على ابن جرير لأنه ذكر السند مع المتن فكأنه يقول وهذا أمر معروف عند علماء الحديث أن المحدّث إذا ساق الحديث بإسناده فقد برئت ذمته وارتفعت مسؤولية من هذا الحديث إذا كان ضعيفا أو كان منكرا أو كان موضوعا, فحينما يأتي بعض المتأخرين ويحذفون السند ويأتون بالمتن فمعنى ذلك أنهم قطعوا الوسيلة بين القارئ وبين التمكن من معرفة إسناد هذا الحديث إذا كان من أهل المعرفة, هذا أسلوب ابن جرير في تفسيره أما بن كثير فقد جرى مجرى المحدثين حذف السند اختصارا وهذا أليق بعامة الناس ولكنه في أكثر الأحيان ولا أقول في كل الأحوال حينما يحذف السند يذكر خلاصة السند من صحة أو ضعف أو وضع وإن كان هو أحيانا أيضا لرفع المسؤلية عنه يسوق السند الذي ساقه ابن جرير أو بن أبي حاتم أو غيرهما ممن كان يروي التفسير المأثور بالسند ثم يتميز ابن كثير على بن جرير بمزية أخرى وهي أنه اطلع على التفاسير التي ألّفها من جاء بعد بن جرير فهو يأخذ من كل هذه التفاسير ما هو أقرب إلى الصواب وأقرب إلى اللغة العربية وإلى إحاطته بسيرة الرسول عليه السلام وسنته فلذلك بهذا الاعتبار وبالنظر إلى هاتين الخصلتين يكون تفسير ابن كثير رحمه الله أنفع لعامة الناس من تفسير ابن جرير الطبري لكن الأمر كما قلت كل من هذين التفسيرين يحتاج إلى تأليف جديد يجمع بين فوائد كل منهما وبأسلوب يفهمه أهل العصر على أساس أننا أمرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم.
لقد اختصر تفسير ابن كثير فيما علمت في مختصرين اثنين لكن هذا الاختصار لا يليق لا يليق بعامة الناس فإنه بحاجة إلى تأليف وتصنيف جديد بعبارة تتناسب مع أسلوب التأليف والكتابة في العصر الحاضر وبهذا القدر كفاية والحمد لله رب العالمين.

(202/26)


«
بدأ الشيخ بخطبة الحاجة
الشيخ: إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ((يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون)) ((يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا)) ((يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما)) أما بعد,
فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.

(203/1)


«
بدأ الشيخ بشرح الحديث السابع والعشرين من كتاب الترغيب والترهيب وهو (طوبى لمن هدي للإسلام و كان عيشه كفافا وقنعا).»
الشيخ: وصل بنا الدرس الماضي من كتاب الترغيب والترهيب إلى الحديث السابع والعشرين من نسختي وهو قوله رحمه الله وعن فضالة بن عبيد أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم يقول (طوبى لمن هدي للإسلام وكان عيشه كفافا وقنعة) (طوبى) هنيئا له أو شجرة له في الجنة فهو بشارة له بأنه من أهل الجنة, من هو؟ لمن هدي للإسلام وكان عيشه كفافا لا مقتّرا عليه في الرزق ولا موسّعا وليس ذلك رغما عنه وإنما بقناعة من نفسه حيث قال (وكان عيشه كفافا وقنعة) أي رضي بما قسم الله عز وجل له كما جاء في الحديث الصحيح (وارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس) ومثل هذا الحديث الحديث الآتي بعده لكن.

(203/2)


«
إستدراك الشيخ على المنذري
الشيخ: الحديث الأول رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح والحاكم وقال صحيح على شرط مسلم, وفي هذا التخريج شيء من التساهل أو السّهو في التخريج ذلك لأنه وُجِد من الرواة والمخرجين له من هو أعلى طبقة من المخرج الثاني لهذا الحديث ألا وهو الحاكم ذكر أن الحديث رواه الترمذي والحاكم بينما هناك مخرج آخر هو أرقى طبقة من الحاكم وأصفى رواية منه ألا وهو ابن حبان في صحيحه فكان حقه لو أراد الإجازة في التخريج أن يقول رواه الترمذي وابن حبان إن كان يريد أن يقنع في التخريج باثنين وإن زاد فهو خير فإذًا كان ينبغي أن يقول رواه الترمذي وابن حبان والحاكم ولكن هذا مما لا ينجو منه إنسان فقد يفوته مخرّج فلا بأس من أن يضم إلى المخرّجين المذكورين في الكتاب هذا المخرج الثالث ألا وهو ابن حبان في صحيحه.

(203/3)


«
تفسير الكفاف
الشيخ: أما الحديث الذي بعده وهو بمعنى السابق فهو قوله وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال (قد أفلح من أسلم ورزق كفافا وقنّعه الله بما أتاه) رواه مسلم والترمذي وابن ماجه, قال في تفسير الكفاف, الكفاف الذي ليس فيه فضل عن الكفاية يعني الرزق الكفاف هو ما يكفي صاحبه لا ينقص عن حاجته ولا يزيد عليها, هذا هو الرزق الكفاف الذي نسب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إلى صاحبه أنه هُدي للإسلام وأنه أفلح في الحديث الثاني, هذا هو الكفاف لكن يذكر المصنف رواية عن بعض المحدثين فيها غرابة.

(203/4)


«
تنبيه الشيخ على أنه إذا اجتمع أبو الشيخ وابن حبان فهو تصحيف
الشيخ: يقول روى أبو الشيخ ابن حبان هكذا في الكتاب ولكن أبو الشيخ إذا اجتمع أبو الشيخ وابن حبان فهو تصحيف والصواب ابن حيان, أبو الشيخ بن حبان لا يجتمعان, الصواب أبو الشيخ ابن حيان في كتاب الدواء روى عن سعيد بن عبد العزيز أنه سئل ما الكفاف من الرزق قال شبع يوم وجوع يوم هذا زاد على أو ضيّق في الكفاف حيث قال شبع يوم وجوع يوم لكن المعنى المعروف هو أن يرزق ما يكفيه وهذا بلا شك في كل يوم وليلة وليس أن يجوع, فمن جاع لم يرزق الكفاف.

(203/5)


«
حض المسلم على الاعتدال في الأمور
الشيخ: وهذا في الواقع هذا الحديث والذي قبله إنما فيه حض للمسلم على أن يرضى بالاعتدال في الأمور فلا هو يطلب الرزق الواسع خشية أن يشغله هذا الرزق وتحصيله عن القيام بما يجب عليه من الأمور كما أنه لا يحمل على نفسه ولا يشق عليها بأن لا يقدم إليها حاجتها وكفافها كما هو توجيه كثير من الصوفيين والطرقيين الذين يزعمون أن من وسائل تربية النفس الأمارة بالسوء إنما هو التجويع.

(203/6)


«
كلام الشيخ على حديث (إن الشيطان ليجري من ابن آدم مجرى الدم فضيقوا مجاريه بالجوع).»
الشيخ: وتأكيدا لذلك جاء في كتاب " إحياء علوم الدين " حديث طرفه الأول صحيح وطرفه الأخير باطل لا أصل له أما الطرف الأول الصحيح فهو قوله عليه الصلاة والسلام (إن الشيطان ليجري من بن آدم مجرى الدم) هذا هو الصحيح زاد في الإحياء (فضيّقوا مجاريه بالجوع) , ضيّقوا مجاريه العروق يعني بالجوع هذه الزيادة لا أصل لها والحمد لله كما نص على ذلك مخرّج ذاك الكتاب ألا وهو الحافظ العراقي، ومن أخطاء بعض العلماء التي لا ينجو أي عالم على وجه الأرض أن هذه الزيادة وقعت حتى في بعض كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وهذا مما يذكّر طالب العلم بأن الإنسان لا يزال عالما ما ظل طالبا للعلم لأنه لا أحد يولد عالما فيتبين لنا في مطالعتنا لكتب العلماء المكثرين من التأليف تغايرا بين تأليف وتأليف بين بحث وآخر وذلك سنة الله في خلقه لأن الإنسان لما يكون صبيّا يبدأ يطلب العلم ثم لا يزال يترعرع ويزداد علما يوما بعد يوم حتى يستوي إلى مرتبة من مراتب أهل العلم ولكن مع ذلك لا يزال بحاجة وبحاجة مصداق قوله تعالى ((وما أوتيتم من العلم إلا قليلا)).

(203/7)


«
لاسبيل للعلم إلا بالتلقي
الشيخ: والعلماء لا سبيل لهم لتحصيل العلم إلا بطريق التلقي, تلقي الخلف عن السلف أن يأخذ التلميذ من شيخه وأن يأخذ الطالب من كتب من سبقه من أهل العلم يزداد علم على علم.

(203/8)


«
ذكر الشيخ لتلقي شيخ الإسلام للعلم في أول طلبه
الشيخ: ومن الظاهر أن شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله لم يتلق فور ابتدائه طلب العلم وهذا الأمر الطبيعي أن كتاب إحياء علوم الدين فيه ما فيه من أحاديث ضعيفة وموضوعة فهو درس هذا الكتاب وكانت عنده حافظة عجيبة وعجيبة جدا فرسخت محفوظات هذا الكتاب في حافظته ثم إذا ما سئل عن مسألة أفاض في الجواب عليها بذكر الآيات والأحاديث ثم مع الزمن بدأ يصفّي معلوماته سواء من ناحية الرواية أو من ناحية الدراية فنجد في بعض كتبه آثارا من دراسته الأولى حيث كان لا يزال في طلب العلم فيبدو أن هذه الزيادة في هذا الحديث تلقّاها هو من الإحياء أو من غيره من أمثال كتب الإحياء التي فيها أحاديث مما هب ودب فكما قيل في الإحياء نقول من باب أولى في شيخ الإسلام ابن تيمية اقتراها وما افتراها ولكن الله عز وجل أنعم على شيخ الإسلام بالعلم الصحيح فيما بعد حتى صار مرجعا في ذلك حتى في علم الحديث بصورة خاصة إلى درجة أن بالغ الحافظ الذهبي فقال " كل حديث لا يعرفه بن تيمية فليس بحديث " نعتقد أن في هذا شيئا من البلاغة ولكن العلماء حينما يريدون أن يظهروا منزلة العالم في علم ما لا سيّما إذا كان مظلوما كشيخ الإسلام ابن تيمية مهضوم الحق فيقولون مثل هذا الكلام " كل حديث لا يعرفه بن تيمية فهو ليس بحديث " إذًا الكفاف المذكور في هذين الحديثين هو ما يكفي الإنسان لا ينقص عن حاجته, ولا يزيد هذا هو الوسط وخير الأمور أوساطها.

(203/9)


«
شرح الشيخ للفظة: (الإٍسلا م).»
الشيخ: وقبل أن ننتقل إلى حديث ثالث وهو تقريبا بمعنى الحديثين السابقين لا بد لي من أن أقف قليلا عند لفظة الإسلام في الحديث الأول (طوبى لمن هُدي للإسلام) وفي الحديث الثاني (من أسلم) أسلم بمعناه هُدي للإسلام, ففي هذا الحديث بيان واضح أن المرء إذا جمع بين هذين النعمتين النعمة المعنوية الروحية وهو أن يُهدى إلى الإسلام والنعمة الأخرى المادية التي بها يحيى للإسلام فهنيئا لهذا الإنسان الذي هُدي للإسلام ورُزق كفافا أو قنع بما رزقه الله عز وجل.

(203/10)


«
شرح الشيخ لحديث أبي هريرة: (اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا).»
الشيخ: من مثل الحديثين السابقين قوله وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول (اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا) رواه البخاري ومسلم والترمذي وابن ماجه.

(203/11)


«
ذكر الشيخ لمعنى: الآل
الشيخ: نجد ههنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يدعو لآل محمد أي لنفسه ولأهل بيته لأزواجه ولذريته كلها هؤلاء آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم لغة ويمكن أن نوسّع لفظة الآل ههنا من الناحية الشرعية من ناحية اللغة الشرعية فيدخل فيها كل تابع لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم متابعة صادقة ليس مجرد ادّعاء أو هوى وإنما يتبعه اتباعا صادقا مخلصا فحينئذ يمكن أن ندخل في قوله (اللهم اجعل آل محمد قوتا) كل مسلم على وجه الأرض سواء كان من آل النبي صلى الله عليه وآله وسلم لغة أو لا وإذا عرفنا هذا فلا يخفى عليكم جميعا أن دعاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم لنفسه ولأهله ولمحبيه ومتبعيه بأن يجعل الله زرقهم قوتا إنما يدعو لهم بما هو خير لهم في دينهم وفي دنياهم والسر في هذا كما شرحنا بعض الشيء في الدرس السابق أن تحصيل المال يتطلب جهودا جبارة يتطلب قبل كل شيء أن يسعى إليه الساعي من الطريق الحلال المشروع ثم إذا ما حصّل عليه وكثر هذا المال كثرت الواجبات عليه فوجبت عليه واجبات جديدة كان في راحة منها لو أنه كان رُزق كفافا وقوتا, لذلك فالرسول صلى الله عليه وآله وسلم إنما يختار لنفسه ويختار لأهله ويختار لمحبيه ما هو خير لهم ألا وهو الوسط من كل الأمور لا الزيادة ولا النقص وإنما هو الرزق الكفاف كما تقدم في الجديث الذي قبله.
السائل: ... .
الشيخ: نعم؟
السائل: ... .
الشيخ: نقاد الأزدي هذا حديث ضعيف مادام عندك الكتاب فأبشر بالبيان, الحديث الذي بعد الحديث السابق وهو قوله عليه السلام (اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا) الحديث الذي بعده ضعيف جدا.

(203/12)


«
ذكر الشيخ لحديث أنس رضي الله عنه: (يتبع الميت ثلاث .... ) الحديث
الشيخ: أما الذي بعده فهو حديث صحيح وهو قوله وعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال (يتبع الميت ثلاث) , انظروا هذا التصوير لقيمة المال في هذه الحياة قال عليه السلام (يتبع الميت ثلاث أهله وماله وعمله فيرجع اثنان ويبقى واحد يرجع أهله وماله ويبقى عمله) إذًا ما دمت أنك ستضطر إلى الاستغناء عنه وأن تخلّفه من وراءك لا تستفيد منه شيئا فكن خفيفا, خفيف الحمل لأن هذا المال ستضطر أن تتركه وأكثر من العمل الصالح قال عليه الصلاة والسلام (يتبع الميت ثلاث أهله وماله).

(203/13)


«
تفسير الشيخ لقوله: ( .. وماله .. ).»
الشيخ: قد يشكل على البعض كلمة " المال " كيف يتبعه, الأهل بيطلعوا طبعا مشيّعين له فالمال كيف يتبعه؟ فسّر قديما بما كان واقعا ويمكن أن نفسره اليوم بواقع جديد سواء كان مطابقا للشرع أو مخالفا لأنه واقع على كل حال, فسّر المال هنا الذي يتبع الميّت بالعبيد بالخدم وبالعبيد وهذا لا يزال مشاهدا بالنسبة لبعض الملوك الذين لا يزالون يسترقّون بعض الناس فعلى ما كان الواقع عليه يومئذ قال عليه الصلاة والسلام يتبعه أهله وماله.

(203/14)


«
تنبيه الشيخ على أن تشيع الميت بالسيارات بدعة
الشيخ: اليوم الأهل يخرجون مشيّعين على سياراتهم وهذه بلا شك يجب أن ننبه أن تصبح سنّة يجب أن ننبه أن تشييع الميت بالجنائز هذه بدعة ضلالة بل هي بدعة مزدوجة ذلك لأنها من حيث مخالفتها لطريقة تشييع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم للجنائز فهي بدعة لأن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه إنما كانوا يشيعون الجنائز على أقدامهم مشاة من جهة ومن جهة أخرى كانوا يحملون النعش على أكتافهم فإذا ما نحن وضعنا في سيارة وحبسنا هذا النعش عن النظارة حتى ما ينزعجوا برؤية الموت من على رؤوسهم ثم شيعناه إلى مقره الأخير في السيارات أيضا, لا شك بأن في هذه الصورة من التشييع مخالفات كثيرة لتلك الصورة النبوية في التشييع, هذه بدعة بل بدع تأتي الضلالة الأخرى من جهة التشبه بالكفار فإن تشييع الميت على هذه الطريقة تتناسب مع الأمة التي لا تؤمن بالله ولا باليوم الآخر وهي أمم غير أمة الإسلام.

(203/15)


«
تذكير الشيخ بأن اليهود والنصارى لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر
الشيخ: لا تظنوا ولا تخطؤوا مع الخاطئين أن تعتقدوا أن النصارى واليهود يؤمنون بالله واليوم الآخر, لا وهذه حقيقة أيضا من تلك الحقائق الكثيرة والكثيرة جدا التي يغفل عنها أهل العلم فضلا عن غيرهم ربنا عزّ وجل يقول في صريح القرآن الكريم ((قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب)) من هؤلاء؟ نعم؟
السائل: ... .
الشيخ: نعم؟
السائل: ... .
الشيخ: ((ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب)) ((من الذين أوتوا الكتاب)) بيان لقوله تبارك وتعالى ((قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر)) ((من الذين أوتوا الكتاب)) إذًا الذين أوتوا الكتاب وهم اليهود والنصارى بنص هذا القرآن الكريم لا يؤمنون بالله واليوم الآخر, أعتقد أن كثيرين منكم يستغربون هذا مع أنه كلام الله لأننا نعيش في جو ابتعدنا فيه جدا عن العلم الصحيح وليس هذا فقط بل حل محله ضلال من العلم يظنه الكثيرون علما.
وفينا من يقول عن النصارى إخواننا ولا أستبعد يوما يأتي قريبا أو بعيدا يصبح اليهود إخواننا أيضا هكذا ذلك لأن السياسة لا دين لها ولذلك نحن لا نشتغل بالسياسة وإنما نشتغل بالإسلام وفيه الكفاية فإذا علمتم بنص القرآن السابق أن اليهود والنصارى لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر فإذًا هؤلاء الذين يشيعون الجنائز على هذه الصورة بالسيارات إنما أخذوا هذه الضلالة من تلك الأمم التي لا تؤمن بالله واليوم الآخر ومن كان كذلك فهو يضع حدودا مادية تبعده عن أن يتذكر الموت لأنه لا يؤمن بالموت لا تقولوا يؤمنون لأن الله قال ((لا يؤمنون)) وسأفصل لكم ولا بد من التفصيل ولو أننا وقفنا قليلا عن المتابعة في دراسة هذه الأحاديث لأن الواقع أننا لا نريد من تدريسنا عليكم هذه الأحاديث أن تكون دراستنا لها معكم على طريقة آخرين منا يقولون صراحة بأنهم إنما يدرسون الحديث للبركة فقط وليس للتفقّه وليس للتعلم وليس للتذكر, نحن نقرأ هذه الأحاديث لنتدبرها ونستفيد منها علما وفقها وتذكرة الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر وهم غير المسلمين كما علمتهم, هؤلاء يضعون السدود بينهم وبين كل ما يذكرهم بالموت فأول مثال بين أيديكم الآن, صورة تشييعهم للموت هذه ظاهرة واضحة يرهبون أن يحملوا الميت على رؤوسهم فإن هذا يذكرهم بالموت وقد ركب أكاكهم, هل يفعلون؟ عياذا بالله هكذا يقولون لذلك ابتدع لهم الشيطان ما يريح يريح بالهم فأوحى إليهم أن يضعوا الميت في نعش مقفول في السيارة ثم هم أيضا لا يمشون خلفه وإنما يركبون مراكبهم التي اعتادوها فكأنما هم في سير معتاد أو في نزهة, هذه ظاهرة مما يدل على أنهم لا يريدون وسائل تذكرهم بالموت, ظاهرة أخرى إذا مررت أيها المسلم بمقابرهم لم تشعر بأن فيها موتى لكثرة ما يزخرفونها وما يضعون فيها من أشجار خضرات باسقات أيضا هذا ما هو المقصود به؟ حجب الأنظار عن أن يروا هذه القبور وقد استن جماهير المسلمين سنتهم ولكن على طريقة الشيطان, طريقة خطوة خطوة فأول ما زيّن لهم تسوير المقابر, فبادر لأذهان بعض الناس أنه هذا لصالح الأموات واحتراما لهم, لأنه يفعل فيها كذا وكذا وإلخ والكلاب و و إلخ, كان من قبل الجدار والحائط عبارة عن ما دون قامة الرجل فأصبح الجدار اليوم يساوي الآن قامتين للرجل ذلك حتى إذا مر وفد أو مر ناس من هؤلاء الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر لا يرون مناظر ولا يشهدون مشاهد تكفهر أو تسّود أو تنزعج منها قلوبهم, هذه أيضا ظاهرة بدأت في المسلمين ثم تسربت الخطوة الثانية إليهم فبدؤوا يزرعون أيضا الأشجار في القبور ويعللون ذلك بتعليل طبي وهو مشان تعقيم الجو وتطهيره من المكروبات والجراثيم ونحو ذلك من الفلسفة المادية المحضة, هؤلاء لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر لذلك فمن سخف المسلمين وجهلهم أنهم يقلدون الذين يفارقونهم في أصل العقيدة, نحن مؤمنون بالله واليوم الآخر وهم غير مؤمنين غير مؤمنين بالله وباليوم الآخر ومع ذلك فترانا نحتذي حذوهم حذو القذة بالقذة كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

(203/16)


«
ذكر الشيخ لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه (لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع ..... ) الحديث، وذكر بعض رواياته
الشيخ: وكما في حديث أبي سعيد الخدري في صحيح البخاري (لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر وذراع بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه) قالوا يا رسول الله اليهود والنصارى قال (فمن الناس؟) مين في الأرض ممن يُذكرون كأمة لها حضارتها زعموا لها حضارتها لها قوتها لها ثقافتها ما فيه غير اليهود والنصارى, يشير الرسول عليه الصلاة والسلام إلى أن من طبيعة الأمة إذا ما انحطت وضعفت أن تقلّد من هي أقوى منها فيشير الرسول عليه السلام في هذا الحديث إلى أنه سيأتي زمن على أمة الإسلام التي ينبغي أن تكون أقوى أمة في كل زمان ومكان سيأتي عليها يوم من الأيام تتبع وتستن بسنة اليهود والنصارى حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه حتى لو دخلوا في أي مأزق ضيق لقلدناهم في ذلك وإني لأزداد عجبا في كل يوم, أجد كثيرا من الشباب المسلم يفرح القلب من ناحية حينما أدخل المساجد ويحزنه من ناحية أخرى, أجد شبابا مقبلا على طاعة الله في المساجد ولكنه لا يفقه من الإسلام إلا قليلا, يصلي في الصف الثاني أو الثالث فأجد بين يدي شابا عجيب الملبس, هو مسلم يقف في الصف ليصلي لله عز وجل ولكن إذا رأيته في السوق ظننته إفرنسيا أو أمريكيا أو لعلك تظنه لو كان في البلاد هنا يهود يهوديا, لماذا؟ لبس البنطلون "الشالوستون" هالي ينبغي أن يكون في مكان معيّن ضيقا وقد وسعه شبرين وفي المكان الذي ينبغي أن يكون واسعا قد ضيقه على نفسه حتى عض على إليته عضا ثم لم يقنع إبليس بهذا التسويل حتى يلفت أنظار الشباب بعضهم إلى بعض حتى طبع على إليتهم طابعا جديدا صورة من مظهر غصن أو زهرة أو ما شابه ذلك لا فرق في ذلك بين الشاب والشابة وهو يقف يصلي, كيف هذا؟ هذا لأنه لم يترب تربية إسلامية لا يزال في نفسه عاطفة على الإسلام ويصلي لكنه لا يفهم أن الإسلام ليس فقط في الصلاة, الإسلام كل لا يتجزأ المسلم يجب أن يثبت أنه مسلم حيثما كان ليس فقط في المسجد حينما نراه يصلي, حتى لو دخل الكنيسة للعبرة والاطّلاع لقيل لأشير إليه بالبنان, هذا مسلم فمن من المسلمين اليوم لو دخلوا الكنائس للفرجة وللعبرة ما يظن أهل الكنيسة أنه منهم, هذا مصداق قول الرسول صلى الله عليه وسلم (لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر وذراع بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه) وفي رواية أخرى أعجب من هذا التقليد الأعمى وبدأت المظاهر تظهر, قال عليه الصلاة والسلام (حتى لو كان فيهم من يأتي بأمّه على قارعة الطريق لكان فيكم من يفعل ذلك) (حتى لو كان فيهم من يأتي بأمّه على قارعة الطريق لكان فيكم من يفعل ذلك) لذلك يا إخواننا الشباب فيجب أن لا تقنعوا بما أوتيتم من المعرفة بالإسلام هذه المعرفة السطحية بل عليكم أن تتوسعوا في التعرف على الإسلام وأن تُقرنوا العمل به حتى لا يكون العلم بالشيء وبالا عليكم ولا ينطبق علينا قوله تبارك وتعالى ((يا أيها الذين ءامنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون)) فالمال المذكور في هذا الحديث (إذا مات الميت تبعه أو يتبعه أهله وماله) عرفنا المقصود بهذا المال هو قديما العبيد والخدم والآن واضح الأقارب الأولاد ونحو ذلك والمال هو السيارات التي يركبونها وهذه مخالفة من المخالفات أحببنا أن نذكركم بها لأنه الواقع أن المعصية إذا ظهرت فشت وضرت أما إذا كتمت انطوت وماتت وبذلك جاء في الشرع الحض على أن المسلم إذا كان ولا بد من المعصية فليتكتم بها لأنه هذا التكتّم فيه خير لنفسه ولغيره, بالنسبة لنفسه أنه لا يزال يشعر بوخس كما يقولون اليوم في قلبه وفي ضميره أما إذا استهتر وأعلن فقد مات هذا الشعور وهذا معناه أنه لم يبق في قلبه مثقال ذرة من إيمان.

(203/17)


«
ذكر الشيخ لحديث (كل أمة معافى إلا المجاهرين .. ) الحديث
الشيخ: لذلك قال عليه الصلاة والسلام (كل أمتي معافا إلا المجاهرين) قالوا من هم يا رسول الله؟ قال (هو الرجل يمسي يعصي الله تبارك وتعالى فيصبح فيكشف ستر الله عنه يقول أمس فعلنا كذا وفعلنا كذا) فهذا لو كتم عليه ربما الله عز وجل غفر له فبمناسبة المال في هذا المال أحببت أن أذكركم أن هذا التشييع الذي عم وطم البلاد العواصم ينبغي أن تشعروا إذا ما اضطررتم إلى تشييع مثل هذا التشييع, مع هذا التشييع أن تشعروا أن هذا خلاف السنة بل هو بدعة وضلالة وقد جمعت هذه البدعة ضلالات كثيرة كما ذكّرناكم آنفا.
قال عليه الصلاة والسلام (يتبع الميت ثلاث أهله وماله وعمله فيرجع اثنان ويبقى واحد يرجع أهله وماله ويبقى عمله) رواه البخاري ومسلم وبهذا القدر كفاية والحمد لله رب العالمين ...
وكان وصل بنا الدرس الأخير إلى الحديث الحادي والعشرين من " كتاب الزهد في الدنيا الترغيب في الزهد في الدنيا والإكتفاء منها بالقليل والترهيب من حبها والتكاثر فيها والتنافس وبعض ما جاء في عيش النبي صلى الله عليه وآله وسلم في المأكل والملبس والمشرب ونحو ذلك ", هذا هو عنوان الكتاب الذي كنا بدأنا قراءته في آخر درس مضى, وهذا الكتاب هو في الواقع آخر كتب كتاب الترغيب والترهيب للحافظ المنذري فإنه لم يبق بيننا وبين إنهاء هذا الكتاب العظيم في بابه والفريد في موضوعه إلا كتب قليلة جدا سيتلوا هذا الكتاب كتاب الجنة والترغيب للعمل فيها أو من أجلها وكتاب النار والترهيب من العمل إلى ما يوصل إليها.

(203/18)


«
شرح الشيخ للحديث الحادي والعشرين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة أن يقال له ألم أصح لك جسمك .... ) الحديث
الشيخ: فالآن نبدأ حيث كان درسنا وقف عنده ألا وهو الحديث الحادي والعشرون, بالنسبة لترقيم نسخة الكتاب التي عندي وهي طبع منير دمشقي رحمه الله وهذا الحديث هو من حديث أبي هريرة يقول المصنف رحمه الله تعالى. أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم (أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة أن يقال له ألم أصحّ لك جسمك وأروك من الماء البارد) , الله طبعا يخاطب عباده جميعا يوم القيامة يذكرك, يذكرهم بما كان قد أنعم عليهم, يذكرهم ببعض النماذج والأمثلة وإلا الأمر كما تعرفون من قوله تبارك وتعالى ((وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها)) فالله عز وجل يوم القيامة في المحشر يخاطب كل فرد من عباده بقوله (ألم أصحّ جسمك ألم أروك من الماء البارد؟) ومعنى هذا الاستفهام هل قمت بواجب الشكر لهذه النعم التي أنعمت بها عليك أيها العبد هل قمت بواجب شكر الصحة التي كسوتك إياها في جسدك وهذا الماء البارد الذي سخرته لك فأرويت به جسدك ونفسك هل قمت بهذا الواجب من الشكر؟ ((لئن شكرتم لأزيدنكم)) مناسبة الحديث واضح جدا في الباب وهي أن الله عز وجل حينما أنعم على عباده بنعم شتى لا تعد ولا تحصى والناس في ذلك مختلفون فليس كل الناس يجد المال, يجد الماء البارد في كل زمان وفي كل مكان ولكن هذا الذي قد لا يجد الماء البارد قد يجد المركب الفاره وهذا كتفصيل الآية السابقة ((وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها)) فالإنسان محاط بالألوف المؤلفة من النعم الإلاهية سبحانه وتعالى ولذلك فعلى كل مسلم أن يقوم بشكر الله عز وجل على نعمائه وذلك إنما يكون بتحقيق عبادة الله عز وجل وحده لا شريك له.

(203/19)


«
ذكر الشيخ لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي فيه (أنه خرج ذات يوم في الهاجرة فوجد أبا بكر الصديق فسأله ما أخرجك؟ فقال: الجوع ... ) الحديث
الشيخ: نحن نذكر بهذه المناسبة قول النبي عليه الصلاة والسلام فيما صح عنه من الحديث أنه خرج ذات يوم في الهاجرة في الضحوى الوقت الحار فوجد أبا بكر الصديق فسأله ما أخرجك؟ قال الجوع ثم لم يلبثا إلا يسيرا حتى لقيهما عمر بن الخطاب في الهاجرة يعني في وقت ليس من طبيعة الناس في تلك البلاد الحارّة أن يخرجوا فيها فسأله الرسول عليه السلام ما أخرجك؟ قال الجوع قال عليه السّلام وأنا أيضا ما أخرجني إلا الجوع فانطلقا ثلاثتهم يمشون حتى أتيا دار رجل من الأنصار يعرف بأبي التيهان فطرق الباب فخرجت زوجته فاستقبلتهم وكان زوجها قد خرج لصالح له وسرعان ما جاء فوجد الرسول عليه السلام وصاحبيه الكريمين قد نزلا عليه ففرح بذلك فرحا شديدا فأمر زوجته بأن تهيئ لهم الخبز وذبح لهما سخلة أو نعجة كانت عنده ثم شوى لهم من هذه النعجة وأتى لهم بالماء البارد واقتطف لهم من البسر والتمر ووضع لهم من هذا الطعام وهو ألذ طعام في تلك البلاد فأكلوا وشربوا وتحلّوا بالتمر والبسر ثم قال عليه الصلاة والسلام والشاهد ههنا (هذا من النعيم الذي ستسألون عنه يوم القيامة ((ولتسألن يومئذ عن النعيم))) هذا السؤال ما وراءه؟ وراءه أن يكون الجواب الإعتراف بأن الله عز وجل هو الذي أنعم على هذا الإنسان بما أنعم وأن هذا الإنسان قد قام بواجب شكر الله عز وجل على نعمه الكثيرة أما إن كفر فكما قال تعالى ((ومن كفر فإن الله غني عن العالمين)) إذًا فإذا وجدنا أنفسنا نعيش في نعمة قد فضلنا الله تبارك وتعالى بها على غيرنا من الناس فيجب أن نشكره شكرا خاصا لقاء هذا التفضيل وهذا التخصيص الذي خصنا الله عز وجل بنعمة من نعمه الكثيرة ذلك لأن هناك نعما مشتركة بين جميع العباد وهناك نعم خاصة يخص الله عزّ وجل بها من يشاء من عباده.

(203/20)


«
ذكر الشيخ لقوله صلى الله عليه وسلم: (في الإنسان ثلاث مائة وستون سلامى وعلى كل سلامى في كل يوم صدقة .... ) الحديث والكلام عليه
الشيخ: فمن النعم الخاصة ما أشار إليه, عفوا من النعم العامة التي يشترك فيها جميع الناس ما أشار إليه الرسول صلوات الله وسلامه عليه في الحديث الصحيح حين قال عليه الصلاة والسلام (في الإنسان ثلاثمائة وستون سلامة) (في الإنسان ثلاثمائة وستون سلامة) السّلامة المفصل في أي مكان من الجسد الأصابع الكف مع الذراع الذراع مع العضد العضد مع الكتف والرقبة وما فيها من مفاصل لا يعلمها الطب اليوم مع ما وصل إليه من الرقي, يقول الرسول عليه السلام (في الإنسان ثلاثمائة وستون سلامة) مفصلة (وعلى كل سلامة في كل يوم صدقة) الشاهد هنا على كل سلامة في كل يوم صدقة الشكر لله عز وجل أنه لم يخلق هذا الإنسان قطعة كهذه السارية, لو كان كذلك ما عاش ولا كان بشرا سويا فخلقه الله عز وجل في أحسن تقويم كما قال في القرآن الكريم, قال (وعلى سلامة في كل يوم صدقة) قالوا يا رسول الله ومن يستطيع ذلك؟ قال عليه الصلاة والسلام (في كل تسبيحة صدقة وفي كل تحميدة صدقة وفي كل تكبيرة صدقة وأمر بالمعروف صدقة ونهي عن منكر صدقة وإماطة الأذى عن الطريق صدقة) وهكذا عدد عليه الصلاة والسلام كثيرا من الخصال ومن الأخلاق الفاضلة الكريمة ثم قال عليه الصلاة والسلام في ختام ذلك ويجمع لك ذلك كله ركعتا الضحى) (ويجمع لك ذلك كله ركعتا الضحى) أي في هذا الحديث من جهة يلفت الرسول عليه الصلاة والسلام أنظارنا إلى أن هذه النعم التي منها هذه المفاصل فقط دعكم عن النعم الأخرى فهذه المفاصل التي يشترك فيها جميع المخلوقات البشر وغيرهم لكن البشر هو مكلف, لفت الرسول عليه السلام نظرنا إلى أن هذه النعم في هذه المفاصل يجب أن يشكر الله عز وجل أن يشكر الله عز وجل على ذلك وذلك بأن يتصدق كل مسلم عن كل مفصل في كل يوم صدقة, أن يتصدق في كل يوم بثلاثمائة وستين صدقة, هال الصحابة ذلك وفعلا أنه شيء مهول من الذي يستطيع أن يتصدق في كل يوم بثلاثمائة وستين صدقة فمن جهة أخرى يسّر الرسول صلوات الله وسلامه عليه لهم الطريق بطريقين أحدهما مفصل والآخر موجز ومختصر جدا, الأول وهذا هو الذي ينبغي على كل مسلم أن يهتم به وذلك أن يعوّد نفسه على خصال الخير وعلى عمل الخير على التسبيح والتكبير وإعانة الأخ المسلم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونحو ذلك مما هو مبسط في هذا الكتاب خاصة فالعمل بهذه التكاليف الشرعية إذا كان ذلك من دأب الإنسان وديدنه فهو سيقوم إن شاء الله بواجب شكر الله عز وجل على هذه السلامة أي سيقوم في كل يوم بثلاثمائة وستين صدقة ولكن ليس كل الناس يستطيعون أن يحققوا هذا الأمر على التفصيل المشار إليه ولذلك فقد لفت الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه أنظار عامة الناس الذين قد يعتذرون بأنهم لا يستطيعون أن يقوموا بواجب الشكر التفصيلي قال (ويجزئ عن ذلك ركعتا الضحى) فهل منكم من عاجز عن أن يصلي في كل يوم ركعتي الضحى؟ ليس هناك من عاجز ولو أن يصلي قاعدا لأن صلاة التطوع كما تعلمون يجوز أداؤها من القادر جالسا ولكن ثوابها على النصف من صلاة القائم فإذًا ينبغي أن نحرص على أن نمرن أنفسنا قبل كل شيء بطاعة الله عز وجل فيما شرع لنا ليس في الواجبات فقط بل وفي المستحبات المندوبات كالتسبيح والتكبير ونحو ذلك فإذا لم يتيسر لكل إنسان ذلك فأمامه أن يصلي ركعتي الضحى, فذلك يغنيه أو كأنه قام بثلاثمائة وستين صدقة ولكن أين شكر النعم الأخرى فهذه التفاصيل وهذا الإيجاز بركعتي الضحى ذلك صدقة عن هذه المفاصل فقط, لكن الطعام والشراب والماء البارد والملبس والمسكن ونحو ذلك مما كما قال تعالى وليس بعد كلام الله كلام, ((إن تعدوا نعمة الله لا تحصوها)) هذه النعم كيف يمكننا أن نقوم بشكرها ذلك أن نبالغ دائما في طاعة الله عز وجل كل أنواع الطاعة التي نتمكن بها وكل بحسب استطاعته, هذا هو المقصود تقريبا من مخاطبة الله عز وجل لعباده يوم القيامة (ألم أصحّ جسمك ألم أروك من الماء بالبارد) أي نعم فعلت يا رب ذلك فهل قمت أنت عبدي بشكري على ذلك هنا بقى من يستطيع أن يقول نعم ومن يصمت ولا يستطيع أن يفي مع الله عز وجل لأنه يعلم السر وأخفى, أعود إلى هذا الحديث مرة أخرى لعل بعضكم يحفظه جيدا قال عليه الصلاة والسلام (أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة أن يقال له ألم أصح جسمك وأروك من الماء البارد) رواه ابن حبان في صحيحه والحاكم وقال صحيح الإسناد, الحديث الذي بعده من الأحاديث الضعيفة جدا ولذلك نتنكبه وإنما أقول هذا لعل هناك أحدا قد أتى بنسخة الترغيب فيشير هناك بأن هذا الحديث ضعيف جدا.

(203/21)


«
شرح الشيخ للحديث الذي ذكره سعد رضي الله عنه لسلمان رضي الله عنه لما قدم عليه يعوده»
الشيخ: الحديث الآتي حديث حسن وهو قوله وعن أبي سفيان عن أشياخه قال قدم سعد على سلمان يعوده قال فبكى فقال سعد ما يبكيك يا أبا عبد الله توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنك راض وترد عليه الحوض وتلقى أصحابك فقال ما أبكي جزعا من الموت ولا حرصا على الدنيا ولكن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عهد إلينا عهدا قال - العهد هو يفسره بقوله قال- (ليكن بلغة أحدكم من الدنيا كزاد الراكب) وحولي - هذا حديث الرسول يرويه سلمان لسعد- (ليكن بلغة أحدكم من الدنيا كزاد الراكب) انتهى الحديث قال سلمان وحولي هذه الأساود قال وإنما حوله أُجّانة وجَفْنة ومِبْخرة فقال سعد اعهد إلينا فقال " يا سعد اذكروا الله عند همك إذا هممت وعند يديك إذا قسمت وعند حكمك إذا حكمت " رواه الحاكم وقال صحيح الإسناد كذا قال, سنتكلم من الناحية الحديثية فيما بعد بعد أن نشرح بعض الشيء هذا الحديث, لما دخل سعد وهو صحابي جليل بل هو أحد العشرة المبشرين بالجنة سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه لما دخل على سلمان الفارسي يعوده وكأنه كان في مرض موته رضي الله عنهما بكى سلمان الفارسي فقال له سعد ما يبكيك يا أبا عبد الله, أبو عبد الله كنية سلمان الفارسي يعزّيه ويسليه ويقول له توفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو عنك راض, ليه الحزن ولم البكاء وترد عليه الحوض لأنك من أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام ومن الذين فارقهم الرسول عليه السلام وهو عنهم راض لذلك قال توفي رسول الله وهو عنك راضٍ وترد عليه الحوض وتلقى أصحابك فلم الحزن ولم البكاء؟ قال ما أبكي جزعا من الموت ولا حرصا على الدنيا ولكن الله صلى الله عليه وأله وسلم عهد إلينا وأنا أخشى أن أكون لم أف له بهذا العهد, ماذا قال الرسول له ولأصحابه (ليكن بلغة أحدكم من الدنيا كزاد الراكب) أي ليكن ما يحصله ويبلغه إلى هدفه وإلى غايته من الزاد بمقدار زاد الراكب, زاد الراكب يومئذ ما هو؟ مهما حمّل الراكب دابته من الزاد فهو عبارة عن قليل من التمر وقليل من الماء بحيث لا يستطيع أن يعيش بهذا الزاد وبذلك الماء إلا أياما قلائل, (ليكن بلغة أحدكم من الدنيا) يعني ما يقتنيه ويجمعه ليقتاته ويعيش به كزاد الراكب يعني شيئا قليلا كما سيأتي في بعض الأحاديث الآتية القريبة إن شاء الله ... ليكن ما يجمعه أحدكم من الدنيا كفافا رزقا كفافا قوتا ما يقتاته ويعيش ولا يكن قصده أن يتزود زيادة على ما هو بحاجة إليه, أنا حين أقول هذا أتصور بأن كثيرين من الحاضرين وغيرهم سيقع في أنفسهم هل معنى هذا الكلام أنه لا يجوز إذًا نتوسع في الطعام والشراب لا سيّما في هذا العصر الذي تفنن فيه الناس كل الناس مسلموهم وكافروهم بالتوسّع في المطاعم والمأكل والمشارب, هل معنى هذا توجيه من هذا الحديث وأمثاله من الأحاديث الآتية أنه لا يجوز في الإسلام التوسّع في كل ما ألمحنا إليه آنفا, الجواب لا, ليس الموضوع الآن موضوع حرام وحلال وإنما الموضوع الآن تربية النفس على القناعة وعلى عدم الاهتمام بحطام الدنيا وبالتزود منها بأكثر من اللازم أمّا من أراد التوسّع فهذا التوسّع له قيوده وله شروطه ولست أنا في هذا الصدد لا سيّما وأذكر أني كنت توسّعت في هذه الناحية أول ما طرقنا هذا الباب وهو الترغيب في الزهد في الدنيا ولذلك فيجب أن تربطوا أذهانكم بأن البحث هنا ليس الغرض منه تحريم الإكثار من جمع المال الحلال لا, فأذكركم مثلا في جملة ما كنت ذكرته سابقا.

(203/22)


«
ذكر الشيخ لقوله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن العاص: (نعما المال الصالح للرجل الصالح).»
الشيخ: قوله عليه السلام لعمرو بن العاص (نعمّا المال الصالح للرجل الصالح) لكن ينبغي أن ننظر إلى هذين القيدين في كل من الأمرين المذكورين, المال مش المال مطلقا, الصالح للرجل وليس لكل رجل وإنما للرجل الصالح فمن استطاع أن يحصّل المال الحلال الصالح وكان هو رجلا صالحا فنعمّا هما كما قال عليه الصلاة والسلام, وأنا على يقين بأن أكثر الناس لا يمكنهم أن يحققوا هذين الشرطين أن يكون المال صالحا وأن يكون الرجل في نفسه صالحا لأنه إذا كان المال صالحا فتصرف به تصرفا غير صالح كان هذا المال نقمة عليه ووبالا وإذا كان الرجل صالحا وكان مكسبه غير صالح أي كان حراما فما فائدة هذا المال.

(203/23)


«
بدأ الشيخ المحاضرة بخطبة الحاجة
الشيخ: إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ((يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون)) ((يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا)) ((يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما)) أما بعد,
فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار, وبعد.

(204/1)


«
ذكر الشيخ لموضوع المحاضرة
الشيخ: فإن الموضوع الذي رأيته مناسبا لإلقائه عليكم بمناسبة بعض المؤلفات التي ظهرت لا تقيم وزنا للسنة على أنها مبيّنة للقرآن أردت أن أقدم إليكم ما عندي من علم قليل حول هذه المسألة الهامة من باب ((وتعاونوا على البر والتقوى)).

(204/2)


«
تذكير الشيخ بأن دستور الإسلام القرآن
الشيخ: كلنا يعلم ما هو من, وما هو معلوم من الدين بالضرورة أن الإسلام دستوره القرآن الذي أنزله الله تبارك وتعالى على قلب محمد عليه الصلاة والسلام وأن هذا القرآن كثير من الناس قد استقلوا في فهمه بناء على معرفتهم بشيء من اللغة العربية بعد تحكيمهم عقولهم إن لم نقل بعد تحكيمهم أهواءهم في تفسير كتاب الله تبارك وتعالى في كثير من آياته الكريمة.

(204/3)


«
رد الشيخ على القرآنيين
الشيخ: لذلك كان لزاما على كل من كان عنده شيء من العلم يبطل هذا النهج الذي ظهر أو أظهر قرنه في هذا العصر الحاضر بعد أن سمعنا منذ نحو نصف قرن من الزمان عن جماعة ينتسبون إلى القرآن ويسمّون أنفسهم بالقرآنيين حيث أنهم اكتفوا بادّعاء أن الإسلام إنما هو القرآن فقط, والآن فقد ظهرت دعوة جديدة تشابه تشابه إلى موضع قريب جدا تلك الدعوة السابقة وإن كانت لا تتظاهر بالاقتصار على القرآن وحده كما كانت تلك الفئة تصارح الناس بذلك وتدّعي أن الإسلام لا شيء منه سوى القرآن الكريم, ولسنا بحاجة إلى أن نثبت بطلان هؤلاء الذين يصرحون بأن الإسلام إنما هو فقط القرآن الكريم ولكننا نريد أن نبين أن بعض الناس ممن يتظاهرون بأنهم يدعون إلى الإسلام كتابا وسنة قد انحرفت بهم أهواؤهم أو عقولهم عن السنة ووقعوا في نحو ما وقع أولئك الناس من الاعتماد على القرآن فقط لذلك أريد أن أبيّن لكم خطر هذا المنهج الذي سلكه هذا البعض, فنحن نعلم جميعا قول ربنا تبارك وتعالى مخاطبا نبينا صلوات الله وسلامه عليه بقوله ((وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزّل إليهم)) والآيات الكثيرة التي يلهج دائما بها خطباء السنة في الأمر بالرجوع إلى الكتاب والسنة هي أشهر من أن تذكر فلا أطيل المجلس الآن بذكرها.

(204/4)


«
كلام الشيخ على معنى قوله تعالى: (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس مانزل إليهم).»
الشيخ: وإنما أدندن حول هذه الآية الكريمة التي فيها كما سمعتم قوله تبارك وتعالى ((وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزّل إليهم)) ففي هذه, ففي هذه الآية الكريمة نص صريح أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنزل عليه القرآن وكلّف بوظيفة البيان لهذا القرآن, هذا البيان المذكور في هذه الآية الكريمة هو السنة المطهرة فمعنى هذا أن الله عز وجل لم يكل أمر فهم القرآن إلى الناس حتى ولو كانوا عربا أقحاحا فكيف بهم إذا صاروا عربا أعاجم فكيف بهم إذا كانوا أعاجم تعربوا فهم بحاجة لا يستغنون عنها إلى بيان النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأن هذا البيان هو الوحي الثاني الذي أنزله الله تبارك وتعالى على قلب النبي عليه الصلاة والسلام ولكن حكمة الله تبارك وتعالى اقتضت أن يكون هناك وحي متلو متعبد بتلاوته ألا وهو القرآن الكريم ووحي ليس متلوا كالقرآن ولكنه يجب حفظه لأنه لا سبيل إلى فهم المبيّن ألا وهو القرأن إلا بالمبيِّن أو البيان الذي كلف به عليه الصلاة والسلام.

(204/5)


«
ذكر الشيخ لبعض الآيات التي أشكلت على بعض الصحابة
الشيخ: وقد يستغرب البعض حين أقول إنه لا يستطيع أحد أن ينفرد أو أن يستقل بفهم القرآن ولو كان أعرب العرب وأفهمهم وألسنهم وأكثرهم بيانا ومن يكون أعرب وأفهم للغة العربية من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذين أنزل القرآن بلغتهم ومع ذلك فقد أشكلت عليهم بعض الآيات لم يفهموها فتوجهوا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بسؤاله عنها من ذلك ما أخرجه الإمام البخاري في صحيحه والإمام أحمد في مسنده عن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وأله وسلم لمّا تلى على أصحابه قوله تبارك وتعالى ((الذين أمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وأولئك هم المهتدون)) شقت هذه الآية على أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما شق عليهم آيات أخرى لا لأنهم لم يفهموها كهذه وإنما لما كان فيها من حكم فيه شيء من الشدّة لست الآن في صدد ذلك وإنما أنا في صدد بيان ما أشكل عليهم من هذه الآية الكريمة ((الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وأولئك هم المهتدون)) قالوا يا رسول الله وأيّنا لم يظلم وأيّنا لم يظلم يعنون بذلك أنهم فهموا الظلم في هذه الأية الكريمة أنها تعني أي ظلم كان سواء كان ظلم ظلم العبد لنفسه أو كان ظلم العبد لصاحبه أو لأهله أو نحو ذلك فبيّن لهم الرسول عليه السلام أن الأمر ليس كما تبادر لأذهانهم وأن الظلم هنا إنما هو الظلم الأكبر وهو الإشراك بالله عز وجل وذكّرهم بقول العبد الصالح لقمان إذا قال لابنه ((يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم)) ((لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم)) وإذا كان أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهم العرب الأقحاح أشكل عليهم هذا اللفظ من هذه الآية الكريمة ولم يزل الإشكال عنهم إلا ببيان النبي صلى الله عليه وآله وسلم هذا هو الذي أشار الله عز وجل في الآية السابقة ((وأنزلنا إليك الذكر لتبيّن للناس ما نزّل إليهم)) ولذلك.

(204/6)


«
تذكير الشيخ بأنه لامجال لأحد أن يستقل بفهم القرآن دون الاستعانة بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم
الشيخ: فيجب أن يستقر في أذهاننا وأن نعتقد في عقائدنا أنه لا مجال لأحد أن يستقل بفهم القرآن دون الاستعانة بحديث الرسول عليه الصلاة والسلام فلا جرم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال (تركت فيكم أمرين أو شيئين لن تضلوا ما إن تمسّكتم بهما كتاب الله وسنتي) وفي رواية (وعترتي ولن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض) (تركت فيكم أمرين) وليس أمرا واحدا, وحيين ليس وحيا واحدا (لن تضلوا ما إن تمسّكتم بهما كتاب الله وسنتي) ومفهوم هذا الحديث أن كل طائفة تمسكوا بأحد الأمرين فإنما هم ضالون خارجون عن الكتاب والسنة معا فالذي يتمسك بالقرآن فقط دون السنة شأنه شأن من يتمسك بالسنة فقط دون القرآن كلاهما على ضلال مبين والهدى والنور أن يتمسك بالنورين بكتاب الله تبارك وتعالى وبسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقد بشّرنا عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث الصحيح أننا لن نضل أبدا ما تمسّكنا بكتاب ربنا وبسنة نبيّنا صلى الله عليه وآله وسلم.

(204/7)


«
ذكر الشخ لبعض قواعد وأصول علم التفسير
الشيخ: ولذلك كان من أصول التفسير وقواعد علم التفسير أنه يجب تفسير القرآن بالقرآن والسنة وأرجو أن تنتبهوا لهذه النقطة, يجب تفسير القرآن بالقرآن والسنة ولا أقول كما قد تقرؤون في بعض الكتب يجب تفسير القرآن بالقرآن أولا ثم بالسنة ثانيا هذا خطأ شائع مع الأسف الشديد لأن السنة كما عرفتم تبيّن القرآن تبيّن تفصّل مجمله وتخصص عامه وتقيّد مطلقه إلى غير ذلك من البيانات التي لا مجال للمسلم أن يستغني عن شيء منها إطلاقا ولذلك فلا يجوز تفسير القرآن بالقرآن فقط وإنما يجب تفسير القرآن بالقرآن والسنة معا فلا جرم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال في الحديث السابق (ولن يتفرّقا حتى يردا عليّ الحوض) لذلك يجب على كل مفسّر يريد أن يفسّر أية من القرآن وبخاصة إذا كانت هذه الآية تتعلّق بالعقيدة أو بالأحكام أو بالأخلاق والسلوك فلا بد له من أن يجمع بين القرآن والسنة لماذا؟ لأنه قد تكون قد تكون آية في القرآن بحاجة إلى بيان من رسول الله عليه الصلاة والسلام.

(204/8)


«
تضعيف الشيخ لحديث معاذ بن جبل لما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن سندا ومتنا
الشيخ: وإتماما لهذا الموضوع لا بد من التذكير بحديث معروف عند طلاب العلم وبخاصة الذين درّس عليه علم أصول الفقه حيث يذكر هناك في مناسبة التحدّث عن القياس وعن الاجتهاد يذكر هناك حديث مرويّ في بعض السّنن عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال له لما أرسله إلى اليمن (بم تحكم؟) قال بكتاب الله قال (فإن لم تجد؟) قال فبسنة رسول الله قال (فإن لم تجد؟) قال أجتهد رأيي ولا آلوا, قال في الحديث (الحمد لله الذي وفّق رسول رسول الله لما يحب رسول) الله صلى الله عليه وآله وسلم فيجب أن نعلم أن هذا الحديث لا يصح من حيث إسناده عند علماء الحديث تنصيصا وتفريعا أعني بالتنصيص أن كثيرا من علماء الحديث قد نصّوا على ضعف إسناد هذا الحديث كالإمام البخاري إمام المحدثين وغيرهم وقد جاوز عددهم العشرة من أئمة الحديث قديما وحديثا من أقدمهم الإمام البخاري فيما أذكر ومن آخرهم الإمام ابن حجر العسقلاني وما بينهما أئمة آخرون كنت ذكرت أقوالهم في كتابي " سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيء في الأمة " فمن أراد البسط والتفصيل رجع إليه, الشاهد أن هذا الحديث لا يصح بتنصيص الأئمة على ذلك وأيضا كما تدل على ذلك قواعدهم حيث أن هذا الحديث مداره على رجل معروف بالجهالة أي ليس معروفا بالرواية فضلا عن أن يكون معروفا بالصدق فضلا عن أن يكون معروفا بالحفظ كل ذلك مجهول عنه فكان مجهول العين كما نص على جهالته هذه الإمام النقاد الحافظ الذهبي الدمشقي في كتابه العظيم المعروف بـ"ميزان الاعتدال في نقد الرجال " فهذا الحديث إذا عرفتم أنه ضعيف عند علماء الحديث تنصيصا وتفريعا كما ذكرنا فيجب بهذه المناسبة أن نذكر لكم أنه منكر أيضا من حيث متنه وذلك يفهم من بياني السّابق لكن الأمر أوضح في هذا الحديث بطلانا مما سبق بيانه من وجوب الرجوع إلى السنة مع القرآن الكريم معا, ذلك لأنه صنّف السنة بعد القرآن وبعد السنة الرأي فنزّل منزلة السنة إلى القرآن منزلة الرأي إلى السنة متى يرجع الباحث أو الفقيه إلى الرأي؟ إذا لم يجد السنة ومتى يرجع إلى السنة؟ إذا لم يجد القرآن هذا لا يستقيم إسلاميا أبدا ولا أحدا من أئمة الحديث والفقه يجري على هذا التصنيف الذي تضمنه هذا الحديث, بم تحكم؟ قال بكتاب الله فإن لم تجد؟ قال فبسنة رسول الله, وينبغي أن نقرّب نكارة متن هذا الحديث ببعض الأمثلة وإن كان مثالا واحدا حتى لا نطيل الجلسة, لكنا يعلم قول الله تبارك وتعالى في القرآن الكريم ((حرّمت عليكم الميتة والدم)) الآية لو أن سائلا سأل فقيها يمشي على التصنيف المذكور في حديث معاذ المجهول عن ميتة البحر نظر في القرآن فوجد الجواب في هذه الآية الصريحة ((حرّمت عليكم الميتة والدم)) فسيكون جوابه إذا ما اعتمد على هذه الآية أنه يحرم أكل ميتة السمك كذلك إذا سئل عن الكبد والطحال سيقول أيضا حرام لأنه معطوف على الميتة ((حرمت عليكم الميتة والدم)) فالكبد والطحال دم فإذًا سيكون حكمه بناء على اعتماده على هذه الآية الكريمة وحدها سيكون حكمه غير إسلامي ذلك لأن الإسلام كما ذكرت آنفا ليس هو القرآن فقط بل القرآن والبيان, القرآن والسنة فماذا كان بيان الرسول عليه السلام فيما يتعلق بهذه الآية الكريمة؟ لقد جاء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بإسناد فيه كلام ولكنه صح عن بن عمر موقوفا وكما يقول علماء الحديث هو في حكم المرفوع لأن لفظه (أحلت لنا ميتتان ودمان الحوت والجراد والكبد والطحال) بالإضافة إلى هذا الحديث وفيه التصريح بإباحة بعض الميتة وبعض الدم, يوجد هناك حديث آخر صحيح رواه الإمام مسلم في صحيحه.
صلى الله عليه وآله وسلم أرسل سرية وأمّر عليها أبا عبيدة بن الجراح وساروا مع ساحل البحر وكان قوتهم التمر حتى كاد أن ينفد أن ينفد ولما قل التمر كان يوزع على كل فرد تمرة تمرة ثم بدا لهم من بعيد شيء عظيم على ساحل البحر فذهبوا إليه فإذا هو حوت ضخم عظيم جدا فأخذوا يأكلون منه ويتزودون منه وكان من ضخامته أنهم نصبوا قوسا من أقواس ظهره على الأرض فمر الراكب من تحته وهو على جمله من عظمة هذا الحوت ألقاه البحر بقدرة الله عز وجل وبتسييره للبحر لإطعام أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولما عادوا إلى النبي سألهم (هل معكم شيء منه تطعموني إياه) , فهذا الحديث يدل على بعض ما دل حديث ابن عمر الأول أن ميتة البحر حلال فما موقف القرآني الذي لا يعتمد على السنة أو من تأثر بشبهات القرآنيين إذا ما سُئل عن ميتة البحر عن هذا الحوت وأمثاله إذا اعتمد على القرآن فسيقول قال الله عز وجل ((حرّمت عليكم الميتة والدم)) وهذه ميتة لكنه إذا ما رجع إلى ما في القرآن الكريم من الآيات التي تثبت أن طاعة الرسول عليه الصلاة والسلام كطاعة الله تبارك وتعالى, حينئذ يجد لزاما عليه أن يعود أيضا إلى السنة وأن يضمها إلى القرآن الكريم وأن لا يفرق بينهما فيكون الحكم حينذالك في هذه المسألة المتعلقة بهذه الآية الكريمة حرّمت عليكم الميتة إلا ميتة البحر والدم إلا الكبد والطحال, من أين أخذنا هذا الاستثناء؟ من بيان الرسول عليه الصلاة والسلام فهذا أمر مهم جدا, الشريعة كلها قامت على ضم السنة إلى القرآن.

(204/9)


«
ذكر الشيخ لقول الشافعي رحمه الله (السنة كلها هو مما أفهمه الله نبيه عليه الصلاة والسلام) والتعليق عليه
الشيخ: ولذلك جاء عن الإمام الشافعي رحمه الله أنه قال " السنة كلها ", يعني بطبيعة الحال ما صح منها هو مما أفهمه الله تبارك وتعالى نبيه عليه الصلاة والسلام يعني الإمام الشافعي أن السنة ينطوي القرآن عليها وأن الله عز وجل ألهم نبيه عليه الصلاة والسلام ببيان ما كان المسلمون بحاجة إلى بيانه من الآيات الكريمة وهذا مثال واحد وحسبكم ذلك.
فالقاعدة في تفسير القرآن أعود لأذكر فأقول إنما هو بالرجوع إلى القرآن والسنة ولا ينبغي أن نقول بالرجو, إلى القرآن ثم السنة لأن هذا فيه تصريح بأنه في المرتبة الثانية, نحن لا نريد أن نتكلم فيما لا يليق إلا بأهل العلم فنقول نعم السنة من حيث ورودها هي بالمنزلة الثانية بالنسبة للقرآن الذي جاءنا متواترا ولكن من حيث العمل السنة كالقرآن لا يجوز أن نفرق بين الله ورسوله, بين كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وآله وسلم والتفريق الذي يلاحظه بعض العلماء المتخصصين في علم الحديث هذا تفريق يتعلق بعلم الرواية أما ما يتعلق بعلم الدراية والفقه والفهم للكتاب فلا فرق بين كتاب الله وبين حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

(204/10)


«
كلام الشيخ على أحاديث الآحاد والاحتجاج بها
الشيخ: وهذا يجرنا إلى بحث آخر طالما تطرق له بعض الريبيين أو الشكاكين في سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم لجهلهم بها وبأصولها وتراجم رواتها ألا وهو ما يسمى بحديث الآحاد وحديث التواتر, حديث الآحاد لا يستفيد منه إلا الأفراد والآحاد من علماء الأمة ألا وهم المتخصصون في علم الحديث والسنة، أما عامة المسلمين فلا يستفيدون من هذا التفصيل شيئا يذكر بل يكون ذلك مدعاة وسببا لتشكيكهم فيما جاءهم عن نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم من الأحاديث التي قد لا تتسع عقول بعض الشكاكين والريبيين للإيمان بها, الحديث هو ما صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأي طريق يعرفه علماء الحديث أما التفصيل فليس عامة المسلمين بحاجة إليه, تقسيم الحديث إلى حسن وصحيح , حسن لذاته, حسن لغيره صحيح لذاته صحيح لغيره صحيح غريب صحيح مستفيض صحيح مشهور صحيح متواتر هذا لأهل العلم أما لعامة المسلمين فحسبهم أن يعلموا من أهل العلم أن الحديث صحيح فوجب الإيمان والتصديق به أما الذين يتشبثون بهذه التفاصيل التي هي تليق بأهل العلم وليس بعامة المسلمين فهم يتشبثون بها لحمل جماهير المسلمين على عدم الإيمان بكثير من الأحاديث الصحيحة لماذا؟ لأنها حديث آحاد ومعنى حديث آحاد باختصار أنها لم تبلغ درجة التواتر ويعنون بالتواتر أن يرويه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عدد كثير وفير يستحيل تواطؤهم على الكذب على الكذب وقد اختلفوا اختلافا كثيرا وذلك في اعتقادي من رحمة الله لأن الاختلاف في الشيء يدل على أنه لا قيمة له, منهم من يقول أن عدد التواتر مائة شخص ومنهم من يقول كذا وكذا وكذا إلى أن وصلوا إلى عدد العشرة أي إذا لم يرو الحديث الواحد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مائة شخص على أعلى الأقوال أو عشرة أشخاص على أدنى الأقوال ثم عن هؤلاء الصحابة مائة أو عشرة من التابعين وهكذا إلى أن يصل الأمر مسجلا في بطن في بطون كتب الحديث لا يكون الحديث متواترا, وماذا يترتب على كون الحديث متواترا أو على عدم كونه غير متواتر, على عدم كونه متواترا رتبوا على ذلك أن الحديث الآحاد غير متواتر لا يجوز الأخذ به فيما يتعلق بالغيبيات وهم يعبرون عنها بالعقائد فكل حديث يتعلق بغير الأحكام وإنما يتعلق بالغيب إذا لم يكن متواترا فلا يؤخذ به, هكذا زعم الذين تشبثوا بالتفصيل المذكور آنفا وهو تفصيل يصادم في الواقع لكن من الذي يكتشفه؟ لا يكتشفه إلا أفراد قليلون جدا في كل عصر من علماء الحديث المتخصصين.
لنضرب مثلا من المتفق عليه عند علماء الحديث جميعا أن أوضح مثال للحديث المتواتر قوله عليه الصلاة والسلام (من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار) , هذا حديث متواتر فعلا لماذا؟ لأنه وجد له من الرواة من الصحابة أكثر من مائة وهكذا دواليك وأنت نازل لكن من منكم الآن حصّل هذه الطرق حتى يصبح الحديث عنده متواترا, إذا أنا قلت لكن هذا الحديث متواتر فقد انقطع التواتر عنكم من عندي فيجب عليكم أن تتبعوا أو تتبّعوا الأحاديث كما فعلت وفعل غيري من قبلي حتى يصبح الحديث عندكم متواترا, ماذا يهمكم مثل هذا التفصيل الذي هو أشبه بالفلسفة التي لا تنفع عامة المسلمين إطلاقا فاشتراط التواتر في الحديث هو تعطيل للحديث النبوي ولذلك وجدنا كثيرا من الناس اليوم بعضهم متحزبون وبعضهم قد يكونوا غير متحزبين يردون أحاديث صحيحة بحجة أنه هذا ليس في الأحكام وإنما هو في أمور الغيب أو في العقائد فهو أحاديث آحاد فينبذونه نبذ النواة.

(204/11)


«
ذكر الشيخ لكيفية نقل الصحابة للحديث لمن بعدهم
الشيخ: لنرجع بكم الآن إلى العهد الأول, عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم لنرى كيف كان أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم ينقلون أحاديث الرسول إلى من بعدهم سواء كانوا من المعاصرين للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ولكنهم لم يتشرفوا بصحبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم كاليمانيين الذين كانوا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في اليمن ولم يتيسر لهم أن يفدوا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأرسل إليهم معاذا وأرسل إليهم عليا وأرسل إليهم أبا موسى الأشعري بفترات متفاوتة.

(204/12)


«
ذكر الشيخ لحديث معاذ لما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن يدعوا إلى التوحيد
الشيخ: ماذا قال لمعاذ بن جبل رضي الله عنه حينما أرسله داعية إلى الإسلام, قال كما جاء في الصحيحين ولعل الجمهور الحاضر إن شاء الله يذكر هذا الحديث قال له عليه الصلاة والسلام (ليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فإذا هم أجابوك فمرهم بالصلاة) إلى آخر الحديث, الشاهد الصلاة حكم من الأحكام ومع ذلك فقد جاء قبل ذلك أمره عليه السلام لمعاذ بأن يدعوهم إلى التوحيد, التوحيد هو أسّ الإسلام وهو أصل كل عقيدة في الإسلام, ترى معاذ بن جبل إذا بلّغهم هذا الأمر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم, هذا الخبر خبر متواتر أم خبر آحاد؟ لا يشك كل ذي لب وعقل أنه خبر أحاد خبر فرد, ترى أقامت حجة الله ثم حجة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على اليمانيين الذين أرسل إليهم معاذ بدعوة التوحيد أم لم تقم؟ الذين أدخلوا فلسفة حديث الآحاد لا تثبت به عقيدة معنى كلامه لا تقوم حجة الله ورسوله بإرسال الرسول لصاحبه معاذ بن جبل وحده بل كان عليه أن يرسل عدد التواتر ولذلك فأنا قلت لبعضهم مرة ممن يدعي أن خبر الأحاد لا تؤخذ به عقيدة, قد يذهب أحدكم يخاطب من لا يحتج بحديث الآحاد, قد يذهب أحدكم إلى بلاد من بلاد الكفر يدعوهم إلى الإسلام ومما لا شك فيه أنه سيدعوهم أول ما يدعوهم إلى العقيدة وأول عقيدة في الإسلام هي شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله لكن هذا الحزب الذي أشير إليه قد وضع له رئيسهم فصلا في كتاب له سمى هذا الفصل بطريق الإيمان وهذا الطريق هو الذي يسلكونه في الدعوة, دعوة المسلمين في بلاد الإسلام ودعوة الكفار في بلاد الكفر والطغيان, قلت فإذا ذهب أحدكم يقرر عليهم طريق الإيمان وفي هذا الطريق يأتي في آخره حديث الآحاد لا تثبت به عقيدة وكان الناس مجتمعين يسمعون المحاضرة تلو المحاضرة إلى أن انتهى من بيان طريق الإيمان ومنه أن حديث الآحاد لا تثبت به عقيدة فقام أحد الذين تتبعوا محاضرات الرجل فقال له يا أستاذ يا فضيلة الشيخ أنت الآن تعلمنا عقيدة الإسلام وتذكر فيما ذكرت أن العقيدة لا تثبت بخبر الآحاد فأنت واحد من هؤلاء المسلمين الذين جئت من عندهم لتعرفنا بعقيدة الإسلام هذا على منهجك الذي علمتنا إياه لا تقوم حجة الله علينا لأنك فرد واحد فعليك أن تعود إلى بلادك وأن تجلب عدد التواتر ليشهدوا معك على أن هذا هو الإسلام فهل هذا هو الإسلام, وأين أنتم من حديث الرسول عليه السلام الذي ذكرناه آنفا حينما أرسل معاذا وأرسل عليا وأرسل أبا موسى أفرادا يعلمون الناس الإسلام فمن هنا تفهمون أن هذه العقيدة دخيلة في الإسلام لا يعرفها السلف الصالح تقسيم الحديث إلى متواتر وآحاد حسبكم أن يصلكم الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صحيحا بشهادة أهل التصحيح وليس بشهادة العقول المأفونة العقول التي لم تتطهر بفقه الكتاب والسنة معا, إذًا يجب تفسير القرآن بسنة الرسول عليه الصلاة والسلام ولو كانت ليست متواترة وإنما هي آحاد.

(204/13)


«
ذكر الشيخ للطريق الصحيح لتفسير القرآن
الشيخ: هذا هو الطريق الذي يجب علينا أن نسلكه دائما في تفسيرنا لكتاب الله تبارك وتعالى إيمانا بقوله عز وجل ((فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا)) هذا هو المنهج الذي يجب أن نسلكه في تفسير القرآن ولكن.

(204/14)


«
تفسير القرآن بأقوال السلف
الشيخ: من الملاحظ أن هناك بعض الآيات لا نجد فيها حديثا يفسر لنا القرآن الكريم فما هو الطريق المكمل للمنهج الأول؟ الجواب كما هو معروف عند أهل العلم أنه يجب إذا لم نجد في السنة ما يفسّر القرآن نعود بعد ذلك إلى تفسير سلفنا الصالح وعلى رأسهم أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفي مقدمتهم عبد الله بن مسعود رضي الله عنه لقدم صحبته للنبي صلى الله عليه وآله وسلم من جهة ولعنايته بسؤاله عن القرآن وفهمه وتفسيره من جهة أخرى ثم عبد الله بن عباس رضي الله عنه وعن ابن مسعود فقد قال ابن مسعود فيه إنه ترجمان القرآن, ابن مسعود يشهد لابن عباس بأنه ترجمان القرآن على هذا إذا لم نجد بيانا في الكتاب في السنة للكتاب نزلنا درجة إلى الأصحاب وأولهم ابن مسعود وثانيهم ابن عباس ثم بعد ذلك أي صحابي ثبت عنه تفسير آية ولم يكن هناك خلاف بين الصحابة نتلقى حينذالك التفسير بالرضى و التسليم والقبول وإن لم يوجد وجب علينا أن نأخذ عن التابعين الذين عُنُوا بتلقوا التفسير من أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام كسعيد بن جبير وطاووس وابن إيش؟
السائل: ... .
الشيخ: نعم, وسعيد بن جبير ونحوهم ممن اشتهروا بتلقي تفسير القرآن عن بعض أصحاب الرسول عليه السلام وبخاصة ابن عباس كما ذكرنا.

(204/15)


«
ذكر الشيخ لتفسير بعض المتأخرين لبعض الآيات حسب المذهب والرد عليهم
الشيخ: هناك بعض الآيات تفسَّر بالرأي ولم يأت في ذلك بيان عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مباشرة فيستقل بعض المتأخرين في تفسيرها تطبيقا للآية على المذهب وهذه نقطة خطيرة جدا حيث تفسّر الآيات تأييدا للمذهب وعلماء التفسير فسّروها على غير ما فسّرها أهل ذلك المذهب, يمكن أن نستحضر على ذلك مثالا من قوله تبارك وتعالى في سورة المزمل ((فاقرؤوا ما تيسّر من القرآن)) ((فاقرؤوا ما تيسّر من القرآن)) فسرته بعض المذاهب بالتلاوة نفسها أي الواجب من القرآن في كل الصلوات إنما هو آية طويلة أو ثلاث آيات قصيرة مع ورود الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حيث قال (لا صلاة لمن يقرأ بفاتحة الكتاب) وفي الحديث الآخر (من لم يقرأ بفاتحة الكتاب فصلاته خداج فصلاته خداج فصلاته خداج غير تمام) ردت دلالة هذين الحديثين بتفسير الآية السابقة بدعوى أنها أطلقت القراءة فقالت الآية ((فاقرؤوا ما تيسّر من القرآن)) فقالوا هؤلاء بعض المتأخرين من المذهبيين قالوا لا يجوز تفسير القرآن إلا بالسّنة المتواترة عودا إلى بحث الحديث المتواتر لا يجوز تفسير القرآن إلا بالسنة المتواترة أي لا يجوز تفسير المتواتر إلا بالمتواتر فردوا الحديثين السّابقين اعتمادا منهم على فهمهم للآية على ما يبدو للقارئ لها أول وهلة ((فاقرؤوا ما تيسّر من القرآن)) لكن العلماء بيّنوا كل علماء التفسير لا فرق بين من تقدم منهم ومن تأخر أن المقصود بالأية الكريمة ((فاقرؤوا)) أي فصلوا ما تيسر لكم من صلاة الليل لأن الله عز وجل ذكر هذه الآية بمناسبة قوله تبارك وتعالى في سورة المزمل ((إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك والله يقدر الليل والنهار)) إلى أن قال ((فاقرؤوا ما تيسّر من القرآن)) أي فصلوا ما تيسر لكم من صلاة الليل فليست الآية متعلقة بما يجب أن يقرأ الإنسان في صلاة الليل بخاصة وإنما يسّر الله عز وجل للمسلمين أن يصلوا ما تيسر لهم من صلاة الليل فلا يجب عليهم أن يصلوا ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي كما تعلمون إحدى عشر ركعة, هذا هو معنى الآية وهذا في الأسلوب العربي من باب إطلاق الجزء وإرادة الكل ((فاقرؤوا)) أي فصلوا الصلاة هي الكل والقراءة هو الجزء.

(204/16)


«
ذكر الشيخ لأسلوب: (إطلاق الجزء وإرادة الكل).»
الشيخ: ويقول أهل العلم باللغة العربية إن هذا الأسلوب العربي إذا أطلق الجزء وأراد الكل فهذا من باب بيان أهمّية هذا الجزء في ذلك الكل وذلك كقوله تبارك وتعالى في الآية الأخرى ((أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر)) ((وقرآن الفجر)) أقم أيضا قرآن الفجر أي صلاة الفجر فأطلق أيضا هنا الجزء وأراد الكل, هذا أسلوب في اللغة العربية ولذلك فهذه الآية بعد أن ظهر تفسيرها من علماء التفسير دون خلاف بين سلفهم وخلفهم لم يجز رد الحديث الأول والثاني بدعوى أنه حديث آحاد لا يجوز تفسير القرآن بحديث الآحاد لأن الآية المذكورة فسرت بأقوال العلماء العارفين بلغة القرآن أولا ولأن حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يخالف القرآن بل يفسّره ويوضحه كما ذكرنا في مطلع هذه الكلمة فكيف والآية ليس لها علاقة بموضوع ما يجب أن يقرأه المسلم في الصلاة سواء كانت فريضة أو نافلة أما الحديثان المذكوران آنفا فموضوهما صريح لأن صلاة المصلى لا تصح إلا بقراءة الفاتحة (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب) (من لم يقرأ بفاتحة الكتاب فصلاته خداج فصلاته خداج فصلاته خداج غير تمام) أي هي ناقصة ومن انصرف من صلاته وهي ناقصة فما صلى وتكون صلاته حينئذ باطلة كما هو ظاهر الحديث الأول (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب) إذا تبينت لنا هذه الحقيقة حينئذ نطمئن إلى الأحاديث التي جاءت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مروية في كتب السنة أولا ثم بالأسانيد الصحيحة ثانيا ولا نشك ولا نرتاب فيها بفلسفة الأحاديث التي نسمعها في هذا العصر الحاضر وهي التي تقول لا نعبأ بأحاديث الآحاد مادامت لم ترد في الأحكام وإنما هي في العقائد والعقائد لا تقوم على أحاديث الآحاد هكذا زعموا فقد عرفتم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أرسل معاذا يدعوهم إلى العقيدة الأولى ألا وهي التوحيد وهو شخص واحد وبهذا القدر كفاية في هذه الكلمة التي أردت بيانها وهي تتعلق بكيف يجب علينا أن نفسر القرآن الكريم, وقبل أن نتكلم عن الأسئلة التي قد تجمعت مع بعض إخواننا وأراها كثيرة وكثيرة جدا واحد منهم صفحة مليئة بالأسئلة, واحد منهم صفحة مليئة بالأسئلة لو أننا جلسنا للإجابة عليها لربما طلع علينا الصباح ولذلك فيجب أن نفسح المجال لكل إخواننا الحاضرين ليسأل كل فرد سؤالا حتى تكون الأسئلة مشاعة بين الأفراد الحاضرين ولا يحظى بالجواب عن كل الأسئلة فرد واحد لأن ذلك يتعلق بحب الذات أو ما يقال بالأنانية وهذا ليس من الإسلام في شيء فينبغي أن نكون منظمين في الأسئلة ولا نعتدي أو يعتدي بعضنا على بعض فيها.

(204/17)


«
تذكير الشيخ بقوله صلى الله عليه وسلم: (جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم).»
الشيخ: ثم أذكر والذكرى تنفع المؤمنين بحديث الرسول عليه الصلاة والسلام الذي يقول (جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم) فالجهاد ينقسم إلى ثلاثة أقسام بعد القسمين المعروفين عندكم جميعا, القسم الأول فرض عين والقسم الآخر فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن الباقين ولكن هذا الجهاد سواء كان من القسم الأول فرض عين أو من القسم الآخر فرض كفاية ليس محصورا بالجهاد بالمال فقط ولا بالنفس فقط وهي أعز شيء على الإنسان ولا باللّسان فقط وهي أرخص شيء ولكن الرسول عليه السلام لحكمته البالغة في تعليمه الأمة يقول (جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم) يلفت نظرهم إلى وجوب الجهاد بكل وسيلة ولكن قد لا يستطيع الفرد الواحد سواء في الفرض العيني أو في الفرض الكفائي قد لا يستطيع الفرد الواحد أن يجمع بين هذه الأنواع من الجهاد بالنفس وبالمال وباللسان ولذلك فكل يأخذ نصيبه من هذا الحديث الصحيح فيجاهد إن كان يستطيع أن يجاهد بنفسه فبنفسه وفضل الجهاد معروف عندكم جميعا إن شاء الله.
وإن كان لا يستطيع أن يجاهد بنفسه فليجاهد بماله فإن كان فقيرا معدما لا مال لديه فعلى الأقل أن يجاهد بلسانه والجهاد باللسان له صور كثيرة ومن ذلك حض المسلمين على الجهاد في سبيل الله تبارك وتعالى وبخاصة إذا قام السبب على الجهاد كما هو مشاهد الآن في أفغانستان ثم في أريتريا.

(204/18)


«
كلام الشيخ على الجهاد في أفغانستان
الشيخ: أما في أفغانستان فقد علم الجميع أن الأفغانيين قد كادوا أن ينتصروا على عدوهم الشيوعي بعد جهاد مديد طويل نحو عشر سنين وقد قام بعض المسلمين في بعض البلاد العربية والإسلامية بمساعدة هؤلاء سواء كانت المساعدة كما جاء في الحديث السّابق بالنفس أو بالمال أو باللسان ولكن يبدو أن هذه المساعدة لم تكن كافية بدليل أن ذلك التقدم والنشاط الذي فرحت قلوب المؤمنين به قد وقف بعض الشيء بسبب أسباب قرأتموها في الجرائد والمجلات ولذلك فيجب على المسلمين أن يعيدوا النظر في موقفهم من هذا الجهاد الأفغاني وأن يمدوه بكل وسيلة تمكنهم من متابعة النصر وإقامة ما يدندنون حوله دائما وأبدا من إقامة الحكومة الإسلامية في تلك البلاد وعسى أن يكون ذلك قريبا ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله تبارك وتعالى وبهذا القدر كفاية والحمد لله رب العالمين.
السائل: جزاكم الله خيرا, جزى الله شيخنا خير الجزاء على ما قدم فنبتدأ بالأسئلة, نستسمح منه البداية بالأسئلة فالأسئلة كثيرة جدا إخوة الإسلام فنحن نختار منها ما يهم الجميع إن شاء الله تعالى والذي لم يُجب على سؤاله فلا يغضب علينا وجزاكم الله خيرا.
وإن شاء الله في فرص أخرى يمكن أن يتناول الشيخ هذه الأسئلة أما السؤال الأول أكثر الأسئلة كلها يبين أصحابها محبتهم لفضيلة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني فيقولون يا شيخنا نحبك في الله.
الشيخ: أحبكم الله الذي أحببتموني له.

(204/19)


«
قرأت في كتاب صغير حديثا يقول: (خذ من القرآن ماشئت لماشئت) فهل هذا الحديث صحيح؟»
السائل: فضيلة الشيخ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد قرأت في كتاب صغير حديثا يقول " خذ من القرآن ما شئت لما شئت " فهل هذا الحديث صحيح؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا.
الشيخ: " خذ من القرآن ما شئت لما شئت " حديث مشتهر على بعض الألسنة ولكنه مع الأسف الشديد من تلك الأحاديث التي لا أصل لها في السنة ولذلك فلا يجوز روايته ونسبته إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أولا ثم هذا المعنى الواسع الشائع لا يصح ولا يثبت مطلقا في شريعة الإسلام "خذ من القرآن ما شئت لما شئت" أنشاء وأن أجلس في عقر داري وأن لا أعمل في مهنتي وصنعتي وأطلب الرزق من ربي ينزله من السماء علي لأني آخذ من القرآن لهذا, من يقول هذا؟ هذا كلام باطل ولعله من وضع أولئك الصوفية الكسالى الذين طُبعوا على الجلوس والسكن في - ما يسمونها - روابط وإلا إيش؟
السائل: ... .
الشيخ: الرباطات، الرباطات ينزلون فيها وينتظرون رزق الله ممن يأتيهم به من الناس, علما أنه هذا ليس من طبيعة المسلم لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد ربى المسلمين جميعا على علوّ الهمة وعلى عزة النفس فقال عليه الصلاة والسلام (اليد العليا خير من اليد السفلى واليد العليا هي المعطية واليد السفلى هي الآخذة) ويعجبني بهذه المناسبة مما كنت قرأته في ما يتعلق ببعض الزهاد والصوفية ولا أطيل في ذلك فقصصهم كثيرة وعجيبة, زعموا أن أحدهم خرج سائحا ضاربا في الأرض بغير زاد فوصل به الأمر إلى أنه كاد أن يموت جوعا فبدا له من بعيد قرية فأتى إليها وكان اليوم يوم جمعة وهو بزعمه خرج متوكلا على الله وليس بالمتوكل على الله كما تدل السنة فلكي لا ينقض بزعمه توكله المزعوم لم يظهر شخصه للجمهور الذي في المسجد وإنما انطوى على نفسه تحت المنبر لكي لا يشعر به أحد لكن هو في نفسه يحدث نفسه لعل أحدا يحس به وهكذا خطب الخطيب خطبته وهو لم يصل مع الجماعة لعله يعتقد بأنه مسافر والمسافر ليس عليه جمعة ليس يومنا هذا القصة المقصود منها العبرة فبعد أن انتهى الإمام من الخطبة والصلاة وبدأ الناس يخرجون زرافات ووحدانا من أبواب المسجد حتى شعر الرجل بأن المسجد كاد يخلو من الناس وحينئذ تقفل الأبواب ويبقى وحيدا في المسجد لا طعام ولا شراب ولا أي شيء فلم يسعه إلا أن يتنحنح ليثبت وجوده للحاضرين فلتفت بعض الناس فوجدوه قد تحول كأنه فرخ من الجوع والعطش فأخذوه وأغاثوه وسألوه أخيرا ما أنت يا رجل قال أنا زاهد متوكل على الله قال كيف متوكل على الله وأنت كدت أن تموت ولو كنت متوكلا على الله لما سعُلت ولما نبهت الناس حتى تموت بذنبك, هذا مثال إلى ما يؤدي به مثل هذا الحديث, " خذ من القرآن ما شئت لما شئت" هذا حديث لا أصل له, نعم.

(204/20)


«
فضيلة الشيخ يقول القرآنيون قال تعالى: (وكل شيء فصلناه تفصيلا) وقال تعالى: (ما فرطنا في الكتاب من شيء) ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن هذا القرآن طرفه بيد الله والطرف الآخر بأيديكم فتمسكوا»
السائل: فضيلة الشيخ يقول القرآنيون قال تعالى ((وكل شيء فصلناه تفصيلا)) وقال تعالى ((ما فرطنا في الكتاب من شيء)) ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم (إن هذا القرآن طرفه بيد الله والطرف الآخر بأيديكم فتمسكوا به لن تضلوا) نرجو من فضيلتكم التعليق على ذلك؟
الشيخ: أما قوله تعالى ((ما فرطنا في الكتاب من شيء)) هذه الآية إنما تعني بالكتاب هنا اللوح المحفوظ ولا تعني القرآن الكريم, إذا رجعتم إلى كتب التفسير فستجدون ذلك واضحا جليا, ((ما فرطنا في الكتاب)) أي في اللّوح المحفوظ أما ((وكل شيء فصلناه تفصيلا)) فإذ ضممتم إلى القرآن الكريم ما تقدم بيانه آنفا ألا وهو السّنة فحينئذ يتم أن الله عز وجل قد فصل كل شيء تفصيلا لكن بضميمة أخرى فإنكم تعلمون أن التفصيل قد يكون تارة بالإجمال بوضع قواعد عامة إذا فهمها المسلم دخل تحتها جزئيات لا يمكن حصرها لكثرتها فبوضع الشارع الحكيم لتلك الجزئيات الكثيرة قواعد معروفة يمكن أن يكون ذلك تفصيلا كما جاء في الآية الكريمة وتفصيل من نوع آخر وهو المتبادر من هذه الآية كما قال عليه السلام في الحديث الذي أخرجه الإمام الشافعي في سننه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال (ما تركت شيئا يقربكم إلى الله ويبعّدكم عن النار إلا وأمرتكم به وما تركت شيئا يبعّدكم عن الله ويقربكم إلى النار إلا ونهيتكم عنه) فالتفصيل إذًا تارة يكون بالقواعد التي تدخل تحتها جزئيات كثيرة وتارة يكون بالتفصيل لمفردات عبادات وأحكام تفصيلا لا يحتاج الرجوع إلى قاعدة, من هذه القواعد مثلا التي يدخل تحتها فرعيات كثيرة وتظهر بها عظمة الإسلام وسعة دائرة الإسلام في التشريع قوله صلى الله عليه وآله وسلم على سبيل المثال (لا ضرر ولا ضرار) وقوله عليه السلام (كل مسكر خمر وكل خمر حرام) وقوله عليه السلام (كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار) هذه قواعد وكليات لا تفوتها شيء مما يتعلق بالضرر بالنفس أو الضرر بالمال في الحديث الأول, وما يتعلق بما يسكر سواء كان المسكر مستنبطا من العنب كما هو المشهور أو من الذرة أو من أي مادة من المواد الأخرى فمادام أنه مسكر فهو حرام (كل مسكر خمر وكل خمر حرام) كذلك في الحديث الثالث (كل بدعة ضلالة ولك ضلالة في النار) لا يمكن حصر البدع لكثرتها ولا يمكن تعدادها ومع ذلك فهذا الحديث مع إيجازه يقول بصراحة ما بعدها صراحة (كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار) هذا تفصيل لكن بقواعد والأحكام التي تعرفونها تفصيل بمفردات جاء ذكرها في السّنة على الغالب وأحيانا كأحكام الإرث مثلا المذكورة في القرآن الكريم أما الحديث الذي جاء ذكره فهو حديث صحيح والعمل به هو الذي نحن بإمكاننا أن نتمسك به وكما جاء في الحديث الذي ذكرناه قبل الصّلاة (لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما كتاب الله وسنتي) فالتمسك بحبل الله الذي هو بأيدينا إنما هو العمل بالسنة المفصلة للقرآن الكريم, نعم.

(204/21)


«
هنالك من يقول إذا عارض الحديث آية من القرآن فهو مردود مهما كانت درجة صحته وضرب مثالا على ذلك بحديث (إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه) واحتج بقول عائشة رضي الله عنها في ردها الحديث بقول الله عزوجل (ولا»
السائل: سؤال آخر فضيلة الشيخ هنالك من يقول إذا عارض الحديث آية من القرآن فهو مردود مهما كانت درجة صحته وضرب مثال على ذلك بحديث (إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه) أو كما قال صلى الله عليه وسلم واحتج بقول عائشة في ردها الحديث بقول الله عز وجل ((ولا تزر وازرة وزر أخرى)) فكيف يرد على من يقول ذلك؟
الشيخ: رد هذا الحديث هو من مشاكل رد السنة بالقرآن وقد فصّلنا آنفا الكلام على انحراف ذلك عن الخط المستقيم أما الجواب عن هذا الحديث وبخاصة من تمسك بحديث عائشة فهو أولا من الناحية الحديثية حديث (إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه) هذا الحديث لا سبيل لرده من الناحية الحديثية لسببين اثنين الأول أنه قد جاء بسند صحيح عن ابن عمر رضي الله عنه والسبب الثاني أن ابن عمر لم يتفرد به بل تابعه على ذلك عمر بن الخطاب وهو وابنه لم يتفردا به فقد تابعهم المغيرة بن شعبة وهذا مما يحضرني في هذه الساعة لأن هذه الروايات عن هؤلاء الصحابة الثلاثة في الصحيحين صحيح البخاري وصحيح مسلم أما لو أن الباحث بحث بحثا خاصا في هذا الحديث فسيجد له طرقا أخرى وكل هذه الأحاديث الثلاثة كلها أحاديث صحيحة الأسانيد فلا تردّ بمجرد دعوى التعارض مع القرآن الكريم ذلك لأن قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم (إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه) قد أجاب أو قد فسر العلماء هذا التفسير بوجهين اثنين, الوجه الأول أن هذا الحديث إنما ينطبق على الميت الذي كان في قيد حياته يعلم أن أهله بعد موته سيرتكبون مخالفات شرعية يعلم ذلك ثم هو لم ينصحهم ولم يوصهم أن لا يبكو عليه لأن هذا البكاء يكون سببا لتعذيب الميت, بعبارة عربية (إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه) الميت هنا ال للتعريف ليست للاستغراق والشمول أي ليس الحديث بمعنى إن كل ميت يعذب ببكاء أهله عليه وإنما ال هنا ال العهد أي الميت الذي لا ينصح أهل بأن لا يرتكبوا بعد وفاته ما يخالف الشرع فهذا الذي يعذب ببكاء أهله عليه أما من قام بواجب النصيحة وبواجب الوصية الشرعية أن لا يبكوا أن لا ينوحوا عليه وأن لا يأتوا بالمنكرات التي تفعل خاصة بهذا الزمان فإذا لم يوص ولم ينصح عذّب وإذا نصح ووصّى لم يعذب, هذا التفصيل هو الذي يجب أن نفهمه من التفسير الأول لكثير من العلماء المعروفين والمشهورين كالنووي وغيره.
وإذا عرفنا هذا التفصيل وضح أن لا تعارض بين هذا الحديث وبين قوله تعالى ((ألا تزر وازرة وزر أخرى)) إنما يظهر التعارض فيما لو فهم الميت أن الـ هناك إنما هو للاستغراق و الشمول أي كل ميت يعذب حينئذ يشكل الحديث ويتعارض مع الآية الكريمة أما إذا عرفنا المعنى الذي ذكرناه آنفا فلا تعارض ولا إشكال لأن الذي يعذب إنما يعذب بسبب عدم قيامه بواجب النصح والوصية, هذا هو الوجه الأول مما قيل في تفسير هذه الحديث لدفع التعارض المدعى, أما الوجه الثاني وهو الذي فهو الذي ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في بعض مصنفاته أن العذاب هنا ليس عذابا في القبر أو عذابا في الآخرة وإنما هو بمعنى التألم وبمعنى الحزن أي إن الميت إذا سمع بكاء أهله عليه أسف وحزن لحزنهم هم عليه هكذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية وهذا لو صح لاستأصل شأفة الشبهة لكني أقول إما هذا التفسير يتعارض مع حقيقتين اثنتين لذلك لا يسعنا إلا أن نعتمد على التفسير الأول للحديث, الحقيقة الأولى إن في حديث المغيرة بن شعبة الذي أشرت إليه آنفا زيادة تبيّن أن العذاب ليس بمعنى التألم وإنما هو بمعنى العذاب المتبادر أي عذاب في النار إلا أن يعفو الله تبارك وتعالى كما هو صريح قوله عز وجل ((إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء)) ما هو رواية المغيرة قال (إن الميت ليعذب ببكاء أهله يوم القيامة) يعذب بسبب بكاء أهله عليه يوم القيامة وليس بالقبر الذي فسره ابن تيمية بالألم والحزن, الحقيقة الأخرى هي أن الميت إذا مات فالذي تدل عليه أدلة الكتاب والسنة أنه لا يحس بشيء يجري من حوله سواء كان هذا الشيء خيرا أم شرا اللهم إلا في بعض المناسبات التي جاء ذكرها في بعض الأحاديث إما كقاعدة لكل ميت أو لبعض الأموات حيث أسمعهم الله عزّ وجل بعض الشيء الذي يتألمون به.
من الأول الحديث الذي رواه البخاري في صحيحه من حديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (إذا وضع الميت في قبره وانصرف الناس عنه إنه ليسمع قرع نعالهم وهم عنه مدبرون) يسمع قرع نعالهم وهم عنه مدبرون في هذا الحديث الصحيح إثبات سمع للميت خاص في وقت دفنه وحين ينصرف الناس عنه أي في الوقت الذي يجلسه الملكان الذان يسألانه عن ربه عن دينه عن نبيه فقد أعيدت الروح إليه فهو في هذه الحالة يسمع قرع النعال فلا يعني الحديث بداهة أن هذا الميت وكل الأموات هكذا تعاد إليها أرواحهم إنهم يظلون يسمعون قرع نعال المارة بين القبور إلى يوم يبعثون لا إنما هذا وضعٌ خاص وسماع خاص من الميت لأنه أعيدت روحه إليه وحينئذ لو أخذنا بتفسير ابن تيمية وسّعنا دائرة إحساس الميت بما يجري حوله سواء عند نعشه قبل دفنه أو بعد وضعه في قبره معنى ذلك أنه يسمع بكاء الأحياء عليه هذا يحتاج إلى نص, النص أولا مفقود وثانيا بعض نصوص الكتاب والسنة الصحيحة تدل على أن الموتى لا يسمعون وهذا بحث طويل ولا أريد أن أضيع عليكم الجواب عن بقية الأسئلة بل لا أستطيع الإجابة عن بقية الأسئلة إنما على الأقل عن بعضها ولكني سأذكر شيئا أو حديثا واحدا وأنهي الجواب عن هذا السؤال, لا شك أنكم قرأتم أو سمعتم قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم (إن لله ملائكة سياحين يبلغوني عن أمتي السلام) (إن لله ملائكة سياحين يبلغوني عن أمتي السلام) سيّحين طوّافين على المجالس فكلما صلى مسلم على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فهناك ملك موكل يوصل هذا السلام من ذاك المسلم إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلو كان الأموات يسمعون لكان حق هؤلاء الأموات أن يسمع هو؟ نبينا صلى الله عليه وآله وسلم لم فضله الله تبارك وتعالى وخصه بخصائص على كل الأنبياء والرسل والعالمين.
فلو كان أحد يسمع لكان سمع الرسول صلى الله عليه وسلم ثم لو كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يسمع شيئا بعد موته لسمع صلاة أمته عليه ومن هنا تفهمون خطأ بل ضلال الذين يستغيثون ليس بالنبي صلى الله عليه وسلم بل وبمن دونه سواء كانوا رسلا أو أنبياء أو صالحين لأنهم لو استغاثوا بالرسول عليه السلام لما سمعهم كما هو صريح القرآن ((إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم)) إلى آخر الآية.
فإذًا الموتى بعد موتهم لا يسمعون إلا ما جاء النص في قضية خاصة كما ذكرت أنفا من سماع الميت قرع النعال وبهذا ينتهي الجواب عن هذا السؤال.

(204/22)


«
هنالك صناديق للتبرعات في المسجد نرجوا من فضيلتكم توجيه كلمة تحث الحاضرين على التبرع؟»
السائل: هناك صناديق للتبرعات في المسجد نريد هؤلاء الأحبة الذين أحبوك في الله لو وجهت إليهم كلمة لكي يتبرعوا في هذه الصناديق؟
الشيخ: هذا السؤال يذكرني بما جاء في صحيح مسلم من حديث جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه أن قوما من الأعراب دخلوا على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعليهم نمار.

(204/23)


«
ذكر الشيخ لخطبة الحاجة
الشيخ: إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ((يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون)) ((يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا)) ((يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما)) أما بعد,
فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار, وبعد.

(205/1)


«
كلام الشيخ على إصلاح الظاهر و الباطن
الشيخ: فخطر في نفسي حينما جلست في مجلسكم هذا أن أذكركم بأمر يعتبر في الإسلام قاعدة هامة يرتبط بها أدب من آداب المجالس العلمية, أما تلك القاعدة فهي أن الإسلام بعظمته وسعة دائرة توجيهه وتثقيفه لأتباعه المؤمنين به قد أمر المسلمين هؤلاء بأن يهتموا بإصلاح ظاهرهم كما أمر بإصلاح باطنهم فهناك أحاديث كثيرة فيها تعداد لمعان كبرى تلتقي في حقيقة واحدة وهي أن المسلم يجب أن يهتم بإصلاح ظاهره كما يهتم بإصلاح باطنه وأن لا يقول كما يقول بعض الناس من المغفلين أو من المنحرفين عن الدين أن العبرة بالباطن وليست العبرة بالظاهر والحق أن هذا الكلام بعضه حق وبعضه باطل, الإسلام يهتم بإصلاح الباطن ولكن يأمر أيضا بمع ذلك بإصلاح الظاهر وهذه الحقيقة نوردها كما ألمحت آنفا مبثوثة في عديد من الأحاديث الصحيحة.

(205/2)


«
تذكير الشيخ ببعض آداب المجلس مع ذكر بعض الآحاديث الدالة على ذلك
الشيخ: فأنا أريد أن أذكر ببعضها لا سيما ما كان منها له علاقة بذلك الأدب الذي أشرت إليه آنفا وهو أدب المجلس, المجلس العلمي.
لقد روى الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه قال كنا إذا سافرنا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم فنزلنا منزلا تفرقنا في الوديان والشّعاب فسافرنا مرة مع النبي صلى الله عليه وسلم ونزلنا منزلا وتفرقنا فيه كما كنا نتفرق دائما فقال لهم عليه الصلاة والسلام (إنما تفرقكم هذا في الوديان والشعاب من عمل الشيطان) (إنما تفرقكم هذا في الوديان والشعاب من عمل الشيطان) قال أبو ثعلبة فكنا بعد ذلك إذا سافرنا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم سفرا اجتمعنا وانضم بعضنا إلى بعض حتى لو جلسنا على بساط لوسعنا, ففي هذا الحديث اهتمام النبي صلى الله عليه وآله وسلم بتجميع المسلمين بأبدانهم وأشخاصهم وتحذيره إيّاهم من أن يتفرقوا في ذلك حتى في السفر في الوديان والشعاب واستجاب أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم لتوجيهه هذا فكانوا بعد ذلك لا يتفرقون تفرقهم السابق وكانوا يتضامون بعضهم إلى بعض حتى أنهم مع كثرتهم لو جلسوا على بساط واحد لوسعهم.
فهذا التفرق الذي لم يكن إلا في السّفر لم يرتضه رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما نهاهم عنه فماذا يكون الشأن فيما إذا تفرق أهل العلم وطلاب العلم في مجالسهم العلمية, لا شك أن هذا التفرق يكون من عمل الشيطان من باب أولى ولذلك فنحن نذكركم على اعتبار أن قسما طيبا منكم يرجى أن يكونوا من المسؤولين بتوجيه الأمة وتعليمهم الكتاب والسنة فهذا من السنة التي ينبغي أن يبدؤوا بتذكير الناس بها ألا وهي تجميعهم في المجلس الواحد وألا يضلوا هكذا متفرقين بعضهم بعيد عن بعض.
وقد تأيّد هذا الحديث من حيث مضمونه الذي يحض على تجميع الناس في المجلس ينهى عن تفرقهم فيه حديث آخر رواه الإمام مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم دخل المسجد فوجدهم فيه متفرقين فقال عليه الصلاة والسلام لهم (ما لي أراكم عزين) (ما لي أراكم عزين) أي متفرقين فكذلك نفهم من هذا الحديث أن التفرق في المسجد أيضا بل هو من باب أولى أنه لا يشرع بل ينبغي عليهم أن يجتمع بعضهم إلى بعض وأن يهتموا بسماع العلم والموعظة الحسنة.
ونهي الرسول عليه السلام عن هذا التفرق يرتبط مع تلك القاعدة التي أشرنا إليها أن الإسلام يهتم بإصلاح الظاهر كما يهتم بإصلاح الباطن لأن كلا منهما مرتبط بالآخر ارتباطا وثيقا لانفصام بينهما ولانفصال.

(205/3)


«
ذكر الشيخ لحديث النعمان بن بشير رضي الله عنه المشهور (الحلال بين .... ) الحديث
الشيخ: مما يؤكد لكم هذه الحقيقة الحديث الذي أخرجه الشيخان في صحيحيهما من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (إن الحلال بيّن والحرام بيّن وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه ومن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه) قبل ذلك (ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه ألا ومن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه) قال عليه الصلاة والسلام وهنا الشاهد (ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب) ففي هذا الحديث التصريح بما قلناه في المقدمة وهو أن صلاح القلب في صلاح البدن وصلاح البدن بصلاح القلب والأمر في هذا الصلاح المعنوي أو الروحي وارتباط كل من البدن مع القلب تماما كما هو الشأن في الناحية البدنية الطبية المادية فكما أنه لا يستقيم جسد إنسان ولا يصح إذا كان قلبه مريضا وكما أن هذا القلب لا يمكن أن يكون سليما صحيحا والجسد مريضا ضعيفا فكل منهما يشد من عضد صاحبه قوة أو ضعفا كما هو الشأن في الناحية المادية فالشأن كذلك في النواحي الروحية الدينية, هذا الحديث صحيح صريح في ذلك لأنه يقول إذا فسد الجسد فسد القلب وإذا فسد القلب فسد الجسد (ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب).

(205/4)


«
ذكر الشيخ لحديث (إن الله لا ينظر إلى صوركم ...... ) الحديث
الشيخ: وقد أكد أيضا هذا المعنى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث الذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال (إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أجسادكم ولا إلى أموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم) فهنا ارتبط العمل بالقلب والعمل كما لا يخفى عليكم إنما مصدره جسد فقال عليه السلام إن الله لا ينظر إلى هذه المظاهر من جسد جميل ومن مال وفير وإنما ينظر إلى العمل الصالح والقلب الصالح إنما ينظر إلى قلوبكم وإلى أعمالكم فموضع نظر الله عزّ وجل هو القلب الجسد إن خير فخير وإن شر فشر, كل هذه الأحاديث تؤكد أن الشرع يأمر بإصلاح الظاهر والقلب أيضا الذي هو أمر باطن وعلى ذلك فرع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.

(205/5)


«
كلام الشيخ على أن الاختلاف في الظاهر يؤدي إلى الاختلاف في الباطن والاستدلال على ذلك
الشيخ: ونص على قضية خطيرة جدا ألا وهي أن المسلمين إذا اختلفوا في مظاهرهم التي يأمر ربنا عز وجل بأن تكون على وتيرة واحدة فذلك يؤدي بهم إلى اختلافهم في بواطنهم وفي قلوبهم ومن ذلك الحديث الذي جاء في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا قام إلى الصلاة كان لا يكبر للصلاة إلا بعد أن يأمر بتسوية الصفوف وكان له عدة عبارات حينما يأمر الناس بتسوية الصفوف من ذلك مما له علاقة بموضوعنا هذا قوله عليه الصلاة والسلام (لتسوّن صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم) (لتسوّن صفوفكم) تسوية مادية كما هو معروف في السنة العملية أن النبي صلى الله عليه وسلم كان حينما يسوي الصفوف يقول للمتأخر تقدم وللبارز بجسده تأخر واستو, هذه التسوية أمر الرسول عليه السلام بها وربط الاختلاف في ذلك أنه سبب لاختلاف قلوب هؤلاء المختلفين في تسوية الصف فقال عليه الصلاة والسلام (لتسوّن صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم) فجعل عليه الصلاة والسلام الاختلاف من المسلمين القائمين في الصف لرب العالمين هذا الاختلاف يكون سببا ليقع الإختلاف بينهم أنفسهم في قلوبهم وهذا الإختلاف في القلب لا شك أنه يؤدي إلى فساد الأمة وإلى ضعفها وقد يؤدي ذلك بها إلى اضمحلالها بالكلية وهذا في الواقع مما ينبغي أن يلفت نظر أهل العلم وطلاب العلم إلى أن ما عليه المسلمين اليوم من الضعف والهوان والذل حتى سلط الله عز وجل عليهم أذل الأمم بشهادة القرآن إنما سببه ابتعادهم عن الشرع تارة فهما وتارة عملا وتارة فهما وعملا فكثير من الناس لا ينتبهون أبدا إلى أن إصلاح المسلم لظاهره هو واجب من الواجبات التي حض الإسلام عليها وأمر المسلمين بها ويعتقد أن هذه الأمور أو خير هؤلاء الناس من يعتقد أن هذه الأمور أمور شكلية ظاهرية لا يقيم الإسلام لها وزنا كبيرا.

(205/6)


«
رد الشيخ على من يقول إن في الإسلام قشور»
الشيخ: وبناء على ذلك تصدر من بعضهم كلمات لو كان يعني معناها لكان الشرع مما يحكم عليه بالرّدة ذلك لأنه يسمي هذا الاهتمام بالظواهر من الأمور خاصة ما كان منها متعلقا بالأبدان يسميها قشور أو يقول إنها من توافه الأمور وطالما سمعنا هذا وقرأنا في بعض الرسائل فهذا غفلة عن هذه الحقيقة العلمية الشرعية والتي أصبحت بعد الإسلام حقيقة علمية تجربية أي ما يسمونها اليوم بعلم النفس قد تبيّن له أن الظاهر صلاحا وفسادا يؤثر في الباطن, البدن ضعفا وقوة يؤثر في القلب ضعفا وقوة, ثبت عندهم أخيرا بينما الإسلام كان كما هي عادته دائما وأبدا سباقا إلى ذلك.
ثبت الآن بتجاربهم أن الإنسان إذا غير هيئته تتأثر طبيعته وأخلاقه ويضربون على ذلك مثلا بسيطا جدا, يقولون الشخص الواحد يختلف في لحظات بسبب اختلاف زيه ولباسه فيقولون مثلا الرجل الفقير الذي لا يجد من اللباس ما يتزين به فيلبس الثوب الرث وهو يمشي في الأرض ذليلا مهينا وهو في واقع نفسه ليس كذلك لكن هذا اللباس يشعره بالضعة والمذلة فيمشي هكذا متمسكنا, هذا الشخص نفسه إذا ما قيّض له أو تسنى له أن يلبس اللباس الجميل اللباس الفاره وإذا به تغيرت صورته وتغيرت مشيته فبينما كنت تراه آنفا يمشي مشية الذليل المسكين وإذا به الآن تراه قد استقام جسده وأخذ يمشي على الأرض بقوة وآنفة واستكبار, ما الذي أصاب هذا الإنسان؟ وهو الذي كان من قبل يمشي تلك المشية المهينة, تأثر من قبل بلباسه الرث ثم تأثر بعد بلباسه الجديد الفاره الثمين.
هذا مثال يذكرونه أن الظاهر يؤثر في الباطن, كذلك وهذا الذي يهمني أن أصل إليه أيضا بعد التنبيه على أدب الاجتماع في الدروس الدينية أن الرجل حينما يتأنق في لباسه ويتشبه في ذلك بنسائه.

(205/7)


«
كلام الشيخ على حلق اللحية
الشيخ: بل حينما يتشبه بأخص خصائص النساء في الظاهر ألا وهو حلق اللحية فيتشبه بالمرأة فيجب أن نعلم أن حلق هذه اللحية لا أريد أن أدخل في موضوع حكم اللحية فأظن أنكم على علم بذلك ولكن أريد أن ألفت النظر بأن هذه المعصية التي يرتكبها الرجل في نفسه حين يحلق أو يأخذ من لحيته ويتشبه بالمرأة لا شك أن هذه المعصية ستجعل في نفسه طبيعة الالتهاء بتوافه الأمور وعدم الاهتمام بعزائم الأمور لأنه هذا هو طبيعة النساء اللاتي طبعهن الله عز وجل ليحققن هدفا من الحياة ومن ذلك أن تكون زوجة لهذا الزوج أو لهذا الرجل وأن يسكن إليها وتسكن إليه لكن الله خصها بمهمة لم يكلفها بمهمة الرجال كما هو معروف مثلا بأن الجهاد إنما فرض على الرجال دون النساء والعمل خارج البيوت إنما فرض على الرجال دون النساء وكما قيل " كتب القتل والقتال علينا *** وعلى الغانيات جر ذيولي " فهذا الرجل الذي يتشبه بالمرأة ويحلق لحيته وقد يزيد على ذلك بأنه يستأصل شأفة شاربه أيضا فتتم المشابهة بينه وبين النساء بصورة عامة وحين ذاك لا نعجب من حديث ابن عباس الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه عنه قال (لعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال) وفي حديث آخر لعن الله الرجلة من النساء وهو بمعنى المتشبهات من النساء وكما نلاحظ في المتشبهين من الرجال بالنساء شيء من النعومة والالتهاء بتوافه الأمور مما لا يليق بالرجال كذلك نشعر بل نلمس في النساء اللاتي يتشبهن بالرجال أنهن يستأسدن ويصبحن كالرجال قوة وترجلا فينسين أنوثتهن ونعومتهن بسبب التشبه بالرجال. هذا كله يلتقي مع أن الظاهر مرتبط بالباطن ولذلك فالذي أريد أن أنتهي إليه هو أن نتذكر دائما وأبدا ألا نستهين بإصلاح الظاهر ويدخل في ذلك غير التشبه تشبه الرجال بالنساء يدخل في ذلك أيضا تشبه المسلمين بالكفار, وهذا التشبه أيضا من أثاره الملموسة أنه يصبح هذا المتشبه بالكافر لا يبقى عنده تلك العزة والقوة الإسلامية التي تحمله على محاربة أعداء الله عز وجل ولو فكريا لأنه يتشبه بهم ومن الثابت في فلسفة التاريخ التي تحدث عنها الإمام المؤرخ الشهير ابن خلدون في مقدمته أنما يتشبه الضعيف بالقويّ, هذه حقيقة واقعة الذي يتشبه بالآخر هو الضعيف يتشبه يتشبه بالقوي فلذلك لا يجوز أيضا أن يتشبه المسلم بالكافر لأنه سيأخذ من طبائع هذا الكافر وحينئذ كأنه تمهيد لاحتلال الكفار لتلك البلاد التي استساغت عادات الكفار واستهونتها بل استحلتها فإذًا ينبغي أن نقف عند توجيهات الإسلام في أن الظاهر كما يقول العلماء عنوان الباطن " الظاهر إنما كان عنوان الباطن " لارتباط كل منهما صحة وضعفا وأولى من يتمسك بهذا التوجيه الإسلامي إنما هم العلماء وطلاب العلم والمدرسون منهم الذين يرجى أن يكونوا قدوة صالحة للأمة الحائرة اليوم و الضائعة ما بين جهل المسلمين بالإسلام وتقليدهم للغربيين فعلينا أن نتفقه في ديننا وأن ندعو الناس إلى العمل بما فيه من هدى ونور ليكتب لنا عند الله تبارك وتعالى أجر من اتبعنا ومن اقتدى بنا إلى يوم الدين كما قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح (من دعا إلى هدى كان له أجره وأجر من عمل به إلى يوم القيامة دون أن ينقص من أجورهم شيء) ولعل في هذا القدر كفاية والحمد لله رب العالمين.

(205/8)


«
في بعض مدارس الكويت تعمل حصص تقوية للطلاب في هذا اليوم تفوت على الطلبة صلاة الظهر فهل يعتبر هذا من تأخير الصلاة؟»
السائل: شيخ هناك سؤال يقول يتعلق بالتدريس, في بعض المدارس في الكويت تعمل حصص تقوية للطلاب, في هذا اليوم تفوت على الطلبة الراسبين صلاة الظهر هل يعتبر هذا من ناحية من تأخير الصلاة في الحديث الذي يقول, يعني يضطر الطلاب للتأخر أخذ درس إضافي وبالتالي لا يصلون الظهر في وقتها؟
الشيخ: لم؟ كم وقت الدرس؟
السائل: خمس وأربعين.
سائل آخر: ساعة إلا ربع.
الشيخ: بين الظهر والعصر فيه وقت طويل يمكن أن يتسع. للصلاة فلم تفوتهم الصلاة؟
السائل: لا يفوت الوقت.
سائل آخر: أو الجماعة.
السائل: جماعة المسجد في المدارس.
الشيخ: أه تقصد الجماعة؟ والجماعة تقام في ... .
السائل: المدارس.
الشيخ: المدارس؟
السائل: نعم.
الشيخ: ليس في المساجد؟
السائل: لا, في المدارس فيها مساجد.
الشيخ: نعم, وهل هذا في طوعهم وملكهم وإلا رغم أنوفهم؟
سائل آخر: لا في طوعهم.
الشيخ: نحن نسأل بقى هنا السائل ونرجو أن نحافظ على النظام, فالسائل يعني ماذا؟ إن كنت أنت لا تدري فاسأل السائل ماذا يعني؟ باختياره؟
السائل: أي نعم.
الشيخ: فإذًا هذا لا يجوز بطبيعة الحال يعني نعم؟
سائل آخر: الطالب كيف يكون باختياره؟
الشيخ: بتناقشني أنا؟ ناقش إلي يقول ... .
السائل: نحن الآن.
الشيخ: نحن وعلى كل حال.
السائل: نعم.
الشيخ: أنا أشرح المسألة فأقول وبشيء من الإيجاز قدر الإمكان, صلاة الجماعة هي فرض كالصلاة نفسها ولا أريد الخوض في أدلتها وحسبنا منها قول ربنا تبارك وتعالى ((وأقيموا الصلاة وأتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين)) فأمر بإقامة الصلاة التي قال فيها ((وأقيموا الصلاة)) بأن تصلى مع الجماعة الراكعين وعنى ذلك بقوله ((واركعوا مع الراكعين)) فصلاة الجماعة فرض كالصلاة نفسها طبعا هذا بغير عذر شرعي أما إذا كان له عذر هذا له حكم آخر ولسنا الآن في صدده فإذا كان الطالب أو إذا كان الطلاب باستطاعته أن يقيموا صلاة الجماعة فتركوها وأعرضوا عنها وتركوها جانبا فيكون تاركين للفرض وتارك الفرض أثم لا شك ولا ريب فيه أما إن كانوا لا يستطيعون أن يصلوا صلاة الجماعة هذه فأقول لعلهم يكونون معذورين وأنا أعني ما أقول لعلهم يكونون معذورين ذلك لأنه كان من المفروض عليهم أو على الأقل على آبائهم أن يطالبوا إدارة المدرسة بأن يكلفوا الطّلاب بالمحافظة على صلاة الجماعة كما يكلفونهم على الحضور في حصص الدروس وكل مسلم يعلم أن هذه الدروس التي يسعى الطلاب اليوم على تحصيلها هي ليست من الفروض العينية بل هي من الفروض الكفائية فإذا دار الأمر بين أن يقوم المسلم وهو هنا الطالب للعلم إذا دار الأمر بين أن يقوم بالفرض الكفائي ويضيع الفرض العيني لم يجز هذا بل يكون الصواب أن يحافظ على الفرض فرض العين وألا يهتم بفرض الكفاية مادام أن هناك من يقوم به, فجمعا بين بين الفرضين فرض العين وفرض الكفاية المفروض أن ولاة الأمور أو أقرب ذلك الآباء أن يطالبوا المدرسين بأن يحملوا الطلاب على المحافظة على صلاة الجماعة في كل وقت السنة سواء كان في هناك اختبار أو امتحان أو لم يكن.
باختصار يجب على الطلاب أن يحرصوا على أداء صلاة الجماعة ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا, فمن كان له عذر شرعي فالله عز وجل هو الذي يعلم حقيقة أمره هل هو معذور أو ليس بمعذور فالآن أنا ما أستطيع أن أقول أنه هذا الطالب معذور أو غير معذور لكن الحكم أنه يجب على الطلاب سواء في بيوتهم أو في مدارسهم أن يحافظوا على صلاة الجماعة فإذا كان نظام المدرسي لا يساعدهم على ذلك فيجب أن يطالبوا المسؤولين بأن يهتموا بإقامة صلاة الجماعة هذه في الوقت وقت الصلاة.

(205/9)


«
أستاذ يدرس التربية الإسلامية وقد يمر عليه في الكتاب حديث ضعيف أو حكم يخالف السنة وهو ملزم بتدريس ما جاء في المنهج فهل يقول للطلاب هذا حديث ضعيف وهذا حكم مخالف للسنة أو لايقول؟

(205/10)


«
هل يجوز للأستاذ أن يستعمل رسم إنسان أو حيوان لتقريب القضية للطلاب؟»
السائل: الأستاذ وهو يدرّس يحتاج إلى وسيلة تعليمية فهل يجوز أن يستخدم الرسم الإنسان أو حيوان كوسيلة تعليمية لتقريب القضية للطلاب أو لا يجوز؟
الشيخ: أقول جوابا عن هذا السؤال لعلنا جميعا متفقون على أنه الإسلام حرّم التصوير عملا واقتناء فكما لا يجوز للمسلم أن يصوّر صورة فكذلك لا يجوز له أن يقتنيها إلا في حدود الضرورة وكما يقول أهل العلم في أصولهم " الضرورات تبيح المحظورات " لكن لما كانت هذه القاعدة العلمية " الضرورات تبيح المحظورات " قد تستعمل وتوضع في غير موضعها أو قد يتوسع في استعمالها وتطبيقها فضبطا لها وضعوا بجانبها " الضرورة تقدر بقدرها " القاعدة الأولى " الضرورات تبيح المحظورات " القاعدة الأخرى بجانبها " الضرورة تقدر بقدرها " ما معنى هذه القاعدة الثانية؟ معنى ذلك في نفس الآية الكريمة التي ذكرت المحرّمات ((حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزيل)) ثم قال في خاتمتها ((إلا ما اضطررتم إليه)) أي إلا المقدار الذي اضطررتم إليه لتنجوا من الهلاك والموت, إلا المقدار ((إلا ما اضطررتم إليه)) فهذا المقدار هو الذي تبيحه الضرورة, توضيحه إذا رجل تعرض للموت جوعا في الصحراء فوجد لحم محرّما إن كان لحم خنزير أو لحم ميتة فلا يجوز له أن يأخذ من هذا اللحم ويشويه على النار ويجلس ويأكل وكأنما يأكل من لحم ضأني طازج وحلال في المائة مائة, لا وإنما يأكل منه لقيمات يقمن صلبه وهذه اللقيمات التي تنجيه من الموت هذا هو ما اضطررتم إليه فلو فرضنا أنه عشر لقمات تقويه وتنجيه مما تعرّض له من الموت فاللقمة التي تلي العاشرة هي حرام عليه فلذلك قالوا " الضرورة تقدّر بقدرها " فالقدر المباح هنا في هذا المثال عشر لقمات فالحادية عشر هي حرام لأنها في الأصل محرم والله يقول ((إلا ما اضطررتم إليه)) هذا معنى الفقهاء في أصولهم الضرورة " الضرورات تبيح المحظورات " و " الضرورة تقدّر بقدرها " الآن التصوير محرم لا شك في ذلك عند أهل العلم فيأتي هنا أنه هل يجوز للأستاذ أن يقدّم أو يصور صورة للطلاب كوسيلة تعليمية نقول أولا إذا كان لا بد من هذه الصورة بمعنى أن التلامذة لا يفهمون كلام الأستاذ إلا بهذه الصورة ثانيا لا يوجد هناك وسيلة أخرى لتفهيم هذا الطالب المراد من كلام الأستاذ إلا بهذه الصورة حينئذ نقول لا حول ولا قوة إلا بالله ما عندنا طريق لإفهام الطلاب إلا بهذه الطريقة ...
((
قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الأخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون)) فهؤلاء لا يحرمون ولا يحللون فأصبحنا نمشي نحن وراءهم لاهثين ومقلدين في كل ما يفعلونه دون أن نزن هذا الذي نريد أن نستفيده منهم لدنيانا فضلا عن أخرتنا بميزان الشرع والقسطاس المستقيم.
أصبح العليم اليوم عبارة عن تقليد لذلك لا بد من دراسة هذه الوسائل التي أخذناها من الأوروبيين في حدود الشريعة الإسلامية, مثلا أنا أضرب لكم مثلا وبسيطا جدا نريد مثلا أن نُفهم الطالب أنه الجمع ما هو فنتصور إيش له صورة الجمل والجمل في بلادنا دائما ذاهب وآيب وإلخ لكن لو صوّرت هذه الصورة في بلاد التي ليس فيها جمال يأخذ حكما غير الحكم السابق لأنه نقول آنفا " الضرورة تقدر بقدرها " لكن لا هذا نظام مطرد ففي أوروبا مثلا الجمال مش معروفة فما دام هم هناك يقدمون الطلاب صورة جمل, ضروري بقى نحن نقدم لطلابنا العرب كمان إيش صورة جمل, هذا مثال صغير وصغير جدا, خلاصة القول هذا الأستاذ يجب قبل كل شيء أن يكون فاهما للدّين وحريصا على تطبيق أحكامه ومن تلك الأحكام أن " الضرورة تقدر بقدرها " فلا ينطلق وراء القراءة مثلا أو الكتاب المقرر للطّلاب وفيه من الصور ما هبّ ودبّ ما يُشعر هذا المدرس بأنه هناك حاجة لتصويرها وتقديمها للطلاب وما يشعر بأنه ليس هناك حاجة ففي هذه الحدود يجوز للمدرس المسلم أن يتعاطى من وسائل التصوير ما لا يجد وسيلة أخرى تُغنيه عنها.

(205/11)


«
هل يجوز للأستاذ أن يدرس البنات في الإبتدائية أو العكس؟»
السائل: في المرحلة الابتدائية عندنا يكون عمر الطالب فيه يبدأ يدخل المدرسة السادسة عمره ثم يتخرج في العاشرة يعني أربعة سنوات, هل يجوز في هذه الفترة المرحلة الابتدائية أن بدل أن يدرّس رجال تدرس نساء؟
الشيخ: من سن السابعة إلى العاشرة؟
السائل: السادسة إلى العاشرة يعني هو ينتهي من الروضة
الشيخ: أه.
السائل: في السادسة هو من الرابعة إلى السادسة تدرسه امرأة في الروضة, من السادسة إلى العاشرة في المرحلة الإبتدائية ... هل يجوز أن تدرّسه نساء؟
الشيخ: الحقيقة هذه المسألة يجب استنزال لرأي بعض من يسمّونهم اليوم بعلماء النفس لأننا نعلم أن كثيرا من الصبيان أو الأطفال يصير عندهم تحسّس من النواحي الجنسية قبل هذا السّن العاشرة فإذا كان أنه الغالب على الشباب هؤلاء أو الصبيان هؤلاء أنهم يتحسّسون بالنواحي الجنسية فحينئذ لا يجوز أن نرفع السّنة إلى السّنة العاشرة وإنما ننزل إلى السّنة التي يغلب فيها أن هذا الولد لا يفكّر ولا يخطر في باله النواحي الجنسية لأنه في كتب الفقه صحيح أنهم يذكرون في بالنسبة لكثير من الأحكام منها مثلا تكليف الصبي متى يكلف؟ طبعا حينما يبلغ سنّ التكليف حينما يبلغ الحلم وهو يختلف بطبيعة الحال من شخص إلى آخر لكن هذا التكليف غير ما قد يترتب من المفاسد من بعض لم يبلغوا سن التكليف بعد من الصبيان, مثلا في القرأن الكريم أن الطفل إذا كان يعني لم يطلع على عورات النساء جاز أن يدخل إلى النساء وهن في ثيابهن البيتية أما إذا صار عنده علم واطّلع على عورات النساء ويحسّ بما هناك من شهوة ولو لم يبلغ سن التكليف لا يجوز للمرأة أن تظهر أمامه ولا يجوز لولي هذا الصبي أن يسمح له بالدخول على النساء ولو أنه ما بلغ سن التكليف فكذلك هنا إذا كان الغالب على الأطفال أنهم يشعرون بشيء من النواحي الجنسية فلا يجوز للمرأة المسلمة أن تدخل عليهم وعلى العكس من ذلك إذا كان الغالب ليس كذلك فيجوز, هذه هي الضابطة في هذه المسألة.

(205/12)


«
ما حكم ضرب الأستاذ للطالب وهل يجوز الضرب على الوجه؟

(205/13)


«
هل يجوز استخدام الخادمة غير المسلمة سواء كانت كتابية أو غير ذلك؟»
السائل: فيه السؤال يقول هل يجوز استخدام الخادمة غير المسلمة سواء كانت كتابية أو غيرها يعني بوذية أو نصرانية, هل يجوز استخدامها في البيوت؟
الشيخ: يجوز استخدام المرأة الغير المسلمة مهما كان نوع كفرها وضلالها بشرط أن تعيش المرأة المستخدِمة لذاك الخادم كأنها تعيش مع رجل ... لم تكن ربة البيت هكذا لم يجز لها أن تستعمل أو تستخدم هذه المرأة الكافرة لأن الله عز وجل لما أباح للنساء المسلمات أن يبدين زينتهن الباطنة ذكر في جملة ذلك بعد أن قال في أول الآية ((ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو أبائهن أو أبنائهن)) ثم قال في آخرها أو أواخرها ((أو نسائهن)) ((أو نسائهن)) يعني المسلمات هذا هو التفسير الصحيح الذي نجده في كتب التفسير عامة أما تفسير هذه الجملة من هذه الآية بنسائهن في الخلق لا في الدين فهذا تفسير يعني مبتدع ليس له أصل في تفاسير السلف الصالح وهذا مثال من مئات الأمثلة التي تحملنا نحن على التزام المنهج السلفي القائم على الكتاب والسنة فكما قلنا أكثر من مرة نحن ندعو للكتاب وإلى السنة وعلى منهج السلف الصالح لأننا نعلم أن كثيرا من المسلمين يأتون إلى آيات فيفسرونها بآرائهم فبماذا تقيم الحجة عليه إذا قال لك يا أخي هذا أنا رأيي وهذا اجتهادي فنقول له ليس لك اجتهاد تخالف فيه ما كان عليه السلف الصالح فهو اتفق المفسرون من الصحابة وغيرهم على تفسير هذه الآية بأن المقصود بها إنما هو نساء المسلمات لم يجز نحن نقول لا ليس المقصود المسلمات وإنما المقصود المتخلقات بأخلاق الإسلام سواء كانت مسلمة أو غير مسلمة, ولذلك فهذه البلاد التي رزقها الله عز وجل بهذه النعم والأموال الكثيرة التي وسّعت عليهم في الرزق وتمتعوا بما لا يتمتع به كثير من البلاد الإسلامية كان من عاقبة ذلك أن استخدموا النساء بل الرجال أيضا وهم يعلمون أن الرجل لا يجوز المرأة أن تظهر أي السيدة ربة البيت لا يجوز لها أن تظهر أمام الرجل ومع ذلك فنجد الكثيرين منهم يتساهلون على علم من أزواجهن, يتساهلن في خروجهن أمام الخادم وكأنه شقيق لها أو ابن لها فكيف يكون الحال بالنسبة للخادمات الخادمات يتساهلن ربات البيوت في الخروج أمامهن أكثر بكثير من الرجال, لذلك أقول كلمة حق لا يجوز للزوج أن يسمح لزوجته بأن تستخدم رجلا بل لا يجوز له أن يأذن لزوجته أن تستخدم امرأة غير مسلمة إلا بشرط أن يعلم منها التدين والخوف من الله عز وجل فتحتجب من هذه المرأة كلما دخلت أو خرجت وهذا أمر عسير جدا إلا بالنسبة للنساء المؤمنات اللاتي اعتدن أن يعشن في عقر دورهن وهن متحجبات وهذا في هذا الزمن لا يكاد يكون له وجود, ولذلك فعمليا لا يحل استئجار هذه الخادمات الكافرات وأنا عشت هناك في الإمارات خاصة في الشارقة يعني شهرين أو أكثر ووجدت هناك مصيبة كبيرة جدا من الشكاوى من دخول هاته الخادمات الكافرات على ربات البيوت المسلمات وكأنها مسلمة ولمّا نذكّر يقولون ما نفعل والضرورة وما الضرورة وللضرورة أحكام وهنا بقى يلعب الشيطان بأهواء الناس فنسأل الله عز وجل أن يعصمنا من مخالفة الشرع, نعم؟
السائل: ... .

(205/14)


«
رجل ابتلي بسلس الريح أو البول فإذا قامة الصلاة أحس بخروج شيء فما حكم هذه الصلاة؟»
السائل: في سؤال بالنسبة للرجل إذا ابتلي بالريح أو إخراج شيء من ذكره فهو يتوضأ ثم يذهب ليصلي, يتوضأ قبل الأذان قبل الإقامة ولكن في أثناء الإقامة أيضا يحس بخروج شيء, فما حكم صلاة هذا الإنسان؟
الشيخ: هذا يعتبر من أهل الأعذار وأهل الأعذار مأمورون شرعا أن يتوضؤوا لكل صلاة ومعنى هذا أنه لا يجوز له أن يتوضأ إلا بعد دخول الوقت ثم لا يجوز له أن يتوضأ إلا أن يصلي مباشرة فإذا دخل وقت وتوضأ ثم صلى بعد نصف ساعة وبيكون السيلان عمل فيه عملا, هذا لا يجوز وإنما بعد أن يؤذن يتوضأ ويتعاطى بعض الأسباب المشروعة مما يساعده على تقليل خروج السائل أو الريح ويساعده على تقليل انتشار النجاسة من بول أو غيره ثم يقوم إلى الصلاة حينما تقام فلا يضره والحالة هذه إذا ما خرج منه شيء لأنه من أهل الأعذار وشأنه هذا مهما كان يعني سيلانه قويا فهو شأنه أخف بكثير من المرأة المستحاضة وهي التي يخرج منها الدم في غير ميعادها حتى كانت امرأة في زمن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وهي فاطمة بنت أبي حبيش استمرت سنتين وهي ترى الدم وكانت إذا جلست في المركن وفيه ماء يصبح هذا الماء دما من كثرة ما ينضح منها من ذلك الدم دم الإستحاضة وكانت تظن جهلا منها بحكم الشارع في هذه القضية أنه هذا دم حيض فتركت الصلاة سنتين لظنها أنه هذا الدم هو دم الحيض المانع من الصلاة ثم جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فشكت أمرها إليه فقال (إنما هو عرق فدعي الصلاة أيام أقرئك ثم صلي بعد ذلك ولو سال الدم ولكن - قال لها - توضئي لكل ضلاة) وبعض العلماء يفسرون هذا الحديث بمعنى توضئي لوقت كل صلاة وهذا توسعة لا دليل عليها في السّنة لأنه تأويل الحديث ولا يجوز أن نصير إلى التأويل إلا بدليل ولا دليل ههنا فالواجب أن نقول أن نقف عند ظاهر الحديث وهو مذهب جمهور الفقهاء (توضئي لكل صلاة) ومعنى هذا أنه هذه المرأة لا تستطيع أن تصلي سنة الوقت وفرض الوقت, إذا أرادت أن تصلي السنة فبعد الانتهاء منها يجب أن تتوضأ للفريضة وإلا اقتصرت على الفرض وهذا هو الواجب عليها لا أكثر, فإذًا إذا كان الشارع سمح للمستحاضة التي لا يكاد ينقطع عنها الدم أن تتوضأ للصلاة وتصلي ولو كان الدم يخرج منها فصاحب العذر من سلس بول أو ريح أولى بأن يُعطى له هذا الحكم.

(205/15)


«
هل يبدأ باليمين أو بالكبير في المجالس؟»
السائل: جرت العادة أن يبدأ في التقديم للكبير في المجالس سواء للشرب أو.
الشيخ: نعم.
السائل: غيرها وذكر ابن حجر في الفتح أنه هناك إسنادا للرسول صلى الله عليه وسلم إسنادا قواه كان إذا استقى قال ابدؤوا بالكبير, فهل هذا الأثر صحيح أم يبدأ باليمين؟
الشيخ: ... هذا الأثر من حيث السند لا نوافق الحافظ ابن حجر على تقويته لأنه لأن فيه رجلا اسمه مجارد بن سعيد وقد ضعّفه نفس بن حجر في كتابه " التقريب " بقوله " ليس بالقوي " فتقويته لإسناد هذا الحديث ينافي قوله في أحد رواته " ليس بالقوي " هذا أولا وثانيا هذا الحديث مع ضعف سنده كما بيّنا يخالف حديث في الصحيحين المروي من طريقين أحدهما من رواية أنس بن مالك والأخرى من الطريقين طريق سهل بن سعد الساعدي وكل ولك منهما روى القصة الآتية وهي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم استسقى فأتي بقعب كأس كبير فيه لبن قد شيب بماء فشرب وعن يمينه ابن عباس أو في رواية من الروايتين أعرابي وعن يساره أبو بكر وفي رواية الأشياخ من قريش فلمّا شرب وبقي في الكأس فضلة التفت إليّ من عن يمينه ابن عباس أو ذاك الأعرابي فقال أتأذن أن أعطي أبا بكر قال والله يا رسول الله لا أوثر أحد على فضلة شرابك فأعطاه وقال (الأيمن فالأيمن) وفي رواية أخرى (الأيمنون فالأيمنون فالأيمنون) انتهى الحديث.
فقه الحديث يتوهم كثير من الناس أن بدء الساقي للرسول هو تأكيد لذاك الحديث الذي بيّنا ضعف إسناده أنه أمر عليه السلام بالبدء في السقيا بكبير القوم وليس كذلك, والسبب أن في هذا الحديث الصحيح من رواية الصحابيين المشار إليهما آنفا ابن عباس, سهل بن سعد وأنس فيه التصريح بأن النبي عليه السلام استسقى أي طلب السقيا فإذًا إنما بدأ الساقي به لأنه كان طالبا ولو أن هنا طفل صغير طلب الشراب من الماء وبدئ به لا أحد يقول أنه السنة أن نبدأ بالطفل الصغير لكن السنة أن نبدأ بالساقي فالساقي أن نبدأ بالطالب للسقيا فهذا الطالب يبدأ به سواء كان كبيرا أو صغيرا, فالذين يقولون أن هذا الحديث فيه دليل على أن الساقي يبدأ بكبير القوم في الحقيقة أنهم ما وقفوا على هاتين الروايتين التي فيهما التصريح بمن كل منهما بقوله استسقى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتي بقعب فيه لبن قد شيب بماء إلى آخره, والسبب أن هذه الرواية قد وردت مختصرة في بعض الروايات حتى في الصحيحين وهي أوتي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقعب فيه لبن قد شيب بماء إلى آخر الحديث فلما نظروا إلى هذه الرواية ساعدتهم على أن يفهموا أنه إنما بدئ به لأنه كبير القوم ولكن لما جاءت الرواية الأخرى استسقى رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي كما يقولون اليوم في لغة العصر الحاضر " وضعت النقاط على الحروف " وبيّنت السبب في بدء الساقي به عليه الصلاة والسلام وذلك لأنه كان هو الطالب, هذا أولا وشيء آخر ومهم جدا في الموضوع يأكد أن البدء به عليه السلام ليس لأنه كان كبير القوم وهو كبير قطعا وإنما لأنه كان السّاقي, يُدل هذا ويؤكده أن الرسول عليه السلام لمّا شرب.
الآن السّاقي الذي قدم القعب والكأس إلى يد النبي صلى الله عليه وسلم انتهت مهمته, لمّا أصبح الكأس في يد الرسول عليه السلام أصبح الآن هو السّاقي فحينما نظر عن يمينه وجد ابن عباس وعن يساره أبا بكر لو كان الرسول عليه السلام ربنا عز وجل شرع له أن يبدأ السّاقي بكبير القوم لما كان به من حاجة أن يستأذن ابن عباس الصغير السن في أقل من الرابعة عشر, لمّا كان به حاجة أن يستأذنه لأنه كبير القوم هنا فكان يقدم إليه لكن من الواضح من قوله في نفس الحديث (الأيمن فالأيمن) أن الشرع يقدّم من كان على يمين السّاقي صغيرا كان أم كبيرا ذلك لأن الرسول عليه السلام الآن هو السّاقي فلمَ لم يبدأ بكبير القوم وهو أبو بكر؟ ذلك لأنه يقرر في نفس القصة أن الشرع يقول الأيمن فالأيمن ولمّا كان أوحي إليه بهذا المعنى استاذن ابن عباس لأنه الأحق فإن أذن الأحق جاز تقديم الآخر الذي هو أثره على نفسه لكن هو رجل يعرف مصلحة مصلحة نفسه الدينية يقول والله يا رسول الله لا أوثر أحدا على فضلة شرابك فلم يسع الرسول عليه السلام شرعا إلا أن يعطي ذلك وعمر في المجلس يراقب الوضع ومن الناحية العاطفية وكلنا نعيش في كثير من الأحيان هذه العواطف كيف سيعطي الرسول عليه السلام من هو أصغر القوم لكن الرسول نفذ الشرع وألحق ذلك بقوله (الأيمن فالأيمن) وفي الرواية الأخرى (الأيمنون فالأيمنون) هذان حديثان يؤكدان أن السّنة المطردة أن يبدأ الساقي بمن عن يمينه وهكذا, هذا من الناحية الشرعية أما من الناحية الاجتماعية فالإسلام من كماله أنه لا يكلف الناس التكلّف ولا يكلفهم التحرج و و إلخ فنحن مثلا إذا جلسنا جلسة عادية, لا جلسة مدرس يتوسط المكان لتسميع الناس فدخل هذا الدّاخل وهو السّاقي من أين له أن يعرف من هو أسنّ القوم ومن هو أجلّ القوم ومن هو أفضل القوم, هذا يمكن لو كان ابن خلدون زمانه ما راح يستطيع في كل مجلس يجي يحكم أنه فلان هو الأحق حتى يبدأ به لذلك جاء الإسلام باليسر فقال للسّاقي أي مجلس حضرت ابدأ عن يمينك وانتهت المشكلة, هذا هو الذي يلتقي بمثل قوله تعالى ((وما أنا بالمتكلفين)) وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (أنا وأمتي براء من التكلف) وأنتم لا بد أنكم تشعرون معي كم يتحرج بعض الناس في بعض المجالس الشكلية أو الرسمية أنه يبدأ بالشيخ الفلاني وإلا القاضي الفلاني يا ترى الأمير الفلاني وإلا الأمير الفلاني فحسم هذا الموضوع الشارع الحكيم لكي لا يصير في نفوس بعض الناس أنه بدأ بفلان قبلي (الأيمن فالأيمن) ((وقضي الأمر الذي فيه تستفتيان)).
السائل: ... .
الشيخ: نعم.
السائل: كان جاء في حديث السؤال.
الشيخ: إيش هو؟
سائل آخر: لحظة أنت موضوعك, سؤال أخر يسأل هل التسوك يكون باليمين أو بالشمال؟
السائل: لا لا لا.
سائل آخر: أه.
السائل: البدء بالكبير بالنسبة للسؤال؟
الشيخ: إيه هذا صحيح وصريح.
السائل: أيوه يعني جاء في أحاديث ..
الشيخ: نعم نعم هذا في السواك كذلك لكن في السقيا جاء الحديث كما سمعت (الأيمن فالأيمن) نعم.

(205/16)


«
معلوم أن هناك أحاديث نهت عن الصلاة في السروال والبنطلون هو من السروال لكن إذا لم يصل الطالب الظهر في المدرسة فستفوته لأنه يصل مع العصر إلى بيته فماذا يفعل؟»
السائل: فيه سؤال صغير يعني يحتاجه الكثير من الطلاب المدارس وهو سؤال هل أن البنطلون.
الشيخ: نعم.
السائل: يقول مع أنه هناك أحاديث نهت عن الصلاة في السروال والبنطلون يقول هو من السروال لكن إذا ما صلى الظهر في المدرسة فتفوته صلاة الظهر لأنه يصلي مع العصر إلى بيته فماذا يفعل؟
الشيخ: يخلص حاله من البنطلون!
السائل: ما يقدر.
الشيخ: ليه؟
السائل: لأن الزاما لبس البنطلون في المدارس.
الشيخ: طيب غيّروا البرنامج كله, غيّروا ها الإلزام هذا واحتجوا لدى الحكام أنه نحن مسلمين ونريد أن نتعبد الله كما شرع لنا ربنا وإذا كان طبعا أن هذا الأمر يحتاج إلى جهود جبارة وإلى أن يتحقق ذلك فعلى الطالب المتدين أن يستعمل العباءة أو أي شيء يستر به عورته.
السائل: طيب.
الشيخ: وليس هذا بعذر له.
السائل: لكن نحن ... .
السائل: لأن في بعض الأسئلة قد جاوب عليها الشيخ في لقاءات أخرى والاتفاق أن يكون حدود ساعة وثلث أو ساعة ونصف والآن قاربنا من هذا إحنا فنكتفي بهذا ولكن هذه الأسئلة إن شاء الله قد تأتي فرصة أخرى قريبة في مجالس أخرى يجيب عليها الشيخ وجزاكم الله خير.
سائل آخر: جزاك الله خير.

(205/17)


«
حول وجوب الزكاة في عروض التجارة
السائل: ... في وجوب الزكاة في عروض التجارة والقول الآخر بعد الجواز بوجوب الزكاة عموما من غير حول ولا نفاق وقول الجمهور بوجوب الزكاة حولا ونفاق, السؤال نريد تحرير المسألة على ضوء الكتاب والسنة وفهم السلف الصالح لهذه المسألة بحيث أن نخرج بها متيقنة قلوبنا بهذا القول الصحيح؟
الشيخ: إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله, أما بعد,
فمن المعلوم عند أهل العلم قاطبة أن الأصل في الأموال كما هو الأصل في الدماء وفي الفروج ألا وهو الحرمة وأنه لا يجوز إيجاب شيء من هذه الأمور الثلاثة إلا بنص من كتاب الله أو من حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أو بإجماع متيقن من علماء الأمة وفيما علمت واطّلعت عليه ووقفت لم أجد دليلا مما ... إلى هذه المصادر الثلاثة على ما ذهب إليه أكثر العلماء من الفقهاء المتقدمين والمتأخرين من إيجاب الزكاة على عروض التجارة بالشرطين المذكورين آنفا في السؤال ألا وهو أن يبلغ النصاب أولا ثم أن يحول عليه الحول ثانيا وشيء ثالث يقولونه أنه إذا تحقق هذان الشرطان في شيء من عروض التجارة فلا بد من تقويم هذه العروض في آخر كل سنة بعد أن حال الحول فبعد التقويم يخرج من القيمة المقدرة من المائة اثنين ونصف كما هو الشأن في زكاة النقدين, مثل هذا التفصيل لم نجده منصوصا كما ذكرنا آنفا في الكتاب والسنة وإجماع الأمة لكان الأصل مما ذكرنا فنحن موقفنا موقف المنع من أن يفرض زكاة على أموال التجارة بكيفية وتقييد لم يرد لهما ذكر في مصدر من تلك المصادر لكن لا يخفى على كل باحث أو عالم أن هناك نصوصا عامة تأمر بإخراج الزكاة وبتطهير النفوس بإخراج الزكاة نصوصا عامة ثم هناك نصوص خاصة بيّنت ما هي الأشياء التي وجب عليه الزكاة وما هي ... التي تجب سواء ما كان منها متعلقا بالنقدين كما سبقت الإشارة آنفا أو ما كان منها متعلقا ببعض الحيوانات الأهلية كالغنم والبقر والإبل أو كان متعلقا ببعض الثمار ونحو ذلك.
هناك نصوص تتعلق ببيان ما يجب على هذه الأنواع فنحن نقول نلتزم هذه النصوص ولنفرضها ولا نزيد عليها استعمالا للنظر أو القياس لأن هناك ما يمنع منه ألا وهو ذاك الأصل الذي قدمت ذكره في مطلع هذه الكلمة لا سيّما وقد جاء في بعض الأحاديث ما يؤكد هذا الأصل كمثل حديث معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه حينما أرسله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى اليمن داعية ومبشرا ومعلما قال له عليه الصلاة والسلام (لا تأخذ الصدقة إلا من هذه الأنواع الأربعة ... ) فذكر القمح والشعير والتمر والزبيب فإذًا قوله لا تأخذ تأكيد لتلك القاعدة أن الأصل في الأموال المنع والحرمة إلا فيما جاء فيه النص وانضم إلى هذا أحاديث أخرى تصرح فتقول مثلا في الحديث المتفق عليه ألا وهو قوله عليه الصلاة والسلام (لا صدقة على عبد الرجل ولا على فرسه) فـ ... الحديث إلى قوله صلى الله عليه وآله وسلم (لا صدقة على عبد الرجل ولا على فرسه) أيضا قال عليه السلام والحديث في الصحيحين ولذلك لما جاء بعض التجار من الشام إلى عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه ومعهم خيل للبيع للتجارة قالوا له يا أمير المؤمنين خذ منا زكاتها قال رضي الله تعالى عنه " إنه لم يفعل ذلك صاحباي من قبلي " فألحوا فألح وكان في المجلس علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال يا أمير المؤمنين خذها منهم على أنها صدقة من الصدقات فأخذها فطابت قلوبهم, فهذا دليل على أن الخيل كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم والحديث في مسند الإمام أحمد ففيه بيان أن الخيل التي كانت تربى وتشرى من أجل المتاجرة بها أنه لا زكاة عليها أي كما فرض عليه السلام الزكاة على الحيوانات الأخرى التي سبق ذكرها كالغنم والبقر والإبل, إلى هنا ينتهي بيان ما عندي جوابا عن ذاك السؤال ولكن يظن كثيرا من الفقهاء المعاصرين إن لم أقل من المتفقهة لأن أكثر هؤلاء المعاصرين لم يتفقهوا في كتاب الله ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإنما إن كانوا قد تفقهوا فتفقهوا بما قرؤوه في الكتب الفقهية التقليدية المذهبية التي تفرض على قارئها وعلى المتفقه بها أن يلتزمها دون أن يعرف دليل أصحابها وخير من هؤلاء من يتفقه على المذاهب الأربعة وهو مما يسمى اليوم بالفقه المقارن فيقرأ قول هذا المذهب وذاك المذهب ويعيش في الاختلافات ثم ينقل رأي كل مذهب مقرونا بدليل الذي يذكره المذهب دون أن يدرس هذه الأدلة على ضوء الأصول العلمية من أصول الحديث أو أصول الفقه أو ومثلا لا يُعمل أصلا من أصول الفقه عام وخاص ومطلق ومقيد ونحو ذلك مما يكون قد قرأه في علم الأصول ودرسه وربما قتله بحثا نظريا ولكنه لم يطبق ذلك عمليا كذلك ما يتعلق بالأصل الآخر ألا وهو أصل علم الحديث وأصوله فهو مثلا حينما ينقل أدلة كل قول أو مذهب لا يبني عليها التحقيق العلمي فيقول هذا حديث صحيح وهذا حسن وهذا ضعيف ونحو ذلك والذي يقعون فيه اليوم أنهم لسهولة ما يذهبون إليه ويقعون فيه يراعون ما يسمونه بالمصلحة وذلك يغنيهم عن أن يجهدوا أنفسهم وأن يطبقوا الأصول العلمية المشار إليها آنفا, ثم إذا رعوا المصلحة فماذا يراعون أمصلحة الفقير أم مصلحة الغني أم المصلحتين المتعلقتين بكل من الفريقين إنما هي مصلحة واحدة أما الشارع الحكيم فقد رأى مصلحة الفريقين وهذا هو الفرق بين حكم الشارع الحكيم ونظر الناظرين والرائين من أهل الرأي, هذا أريد أيضا أن ألفت النظر إليه وشيء أخر وأرجو أن يكون هو الأخير, هؤلاء الرائين والناظرين والذين يبحثون في مصلحة الفقراء والمساكين هؤلاء ينظرون إلى المسألة التي نحن في صدد الكلام حولها, ينظرون إليها بعين واحدة وهاكم البيان, يقولون ليس من مصلحة الفقراء والمساكين ولا هو مما يدل على ذلك حكمة أحكم الحاكمين أن يكون الرجل عنده الملايين المملينة قيمة عروض التجارة أن لا يفرض عليها الزكاة ففيه تحريم الفقراء والمساكين من أن يحصلوا على حقهم المعلوم والمذكور في عموم قوله تعالى ((وفي أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم)) وجوابي على هذا من ناحيتين اثنتين ولعلنا ننتهي من بيانهما من الكلام حول هذه المسألة لنتلقى ما قد يرد علينا من إشكالات أو شبهات أو اعتراضات, الجواب الأول أننا نحن نتمسك بالأصل العام الذي سبق الإشارة إليه في أول الكلام, فنقول يجب على هؤلاء الأغنياء بعروض التجارة زكاة منها نفسها لتحقيق الغاية المفروضة التي من أجلها فرضت الزكاة بكل أنواعها وأشكالها كما أشار إلى ذلك ربنا عز وجل في القرآن الكريم بقوله ((خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها)) فإذًا على كل غني عنده عروض تجارة أن يُطهر نفسه مما أحضرت عليه الأنفس ألا وهو الشح كما قال عز وجل ((وأحضرت الأنفس الشح)) أن يطهر نفسه من هذا الشح بأن يخرج ما تطيب به نفسه زكاة واجبة عليه لكي يطهر نفسه من دنس البخل والشح, هذا الجواب الأول فلا يفهمن أحد أن الأغنياء بعروض التجارة ألا زكاة عليها مطلقا لأن بحثنا إنما هو ألا زكاة عليها مقننة لما سبق بيانه في أول الكلام أما الزكاة المطلقة فلا بد منها كما قال تعالى ((وآتوا حقه يوم حصاده)) هذا الحق قسم منه مطلق فيجري على إطلاقه وقسم منه مقيد كما جاء بيانه في السنة وفي كتب الفقه أيضا على خلاف بينهم في بعض الفروع أما الأمر الآخر فأنا أقول والواقع يؤكد ذلك أن من حكمة أحكم الحاكمين أن الله عز وجل فرض على المال المكنوز زكاة معينة بنصاب معلوم ما دام هذا المال مكنوزا ولم يفرض مثل هذه الزكاة على هذا المال الذي كان مكنوزا وتحوّل إلى عروض تجارة في ذلك حكمة بالغة لأن الفائدة الكبرى بالنسبة للفقراء والمساكين بل وبالنسبة للمجتمع الإسلامي ككل تتحقق بعد فرض هذه الزكاة المقننة على هذه الأموال التي المعروضة للتجارة أكثر بدليل أن هذا المال المكنوز حينما يتحول إلى تجارة في ذلك تحريك هذه الأموال وتشغيل الفقراء والمساكين فيكون فتكون فائدتهم أولا أكثر من هذه النسبة المائوية التي تفرض على الأموال المكنوزة من الذهب أو الفضة ثم تكون فيرحمك الله, ثم تكون أطهر وأشرف لهم كما أشار إلى ذلك عليه الصلاة والسلام في الحديث المعروف (اليد العليى خير من اليد السفلى واليد العليى هي المعطية واليد السفلى هي الآخذة) وكما قال في الحديث المعروف أيضا (أطيب الكسب كسب الرجل من عمل يده وإن أولادكم من كسبكم) فإذًا تحوّل المال المكنوز إلى عروض تجارة ذلك أنفع للمساكين وأشرف لهم لأنهم يأخذونه بكسب يمينهم, هذا ما عندي والآن نسمع ما عندكم.
السائل: تفضل.

(206/1)


«
كلمة لناصر العمر حول عروض التجارة»
السائل: بسم الله الرحمان الرحيم أقول استمعت إلى ما تحدثتم به بارك الله فيكم وفيمن يسمع وحقيقة عندما أقرأ في كتب العلماء وأجدهم يقررون زكاة عروض التجارة كانت هناك أشياء في نفسي لم أجد الإجابة عليها مثلا نجد أن رجلا عنده عمارة يؤجرها ولنقول قيمتها عشرة ملايين يؤجرها بمليون ريال, من العلماء من يقول بأنه يزكي على هذا المليون منذ ... الأجرة ومنهم من يقول إذا حال الحول على هذا الأجرة يزكي على المليون وهو خمس وعشرين ألف ريال بينما نجد رجلا آخر هو أيضا يشتغل بالتجارة ورأس ماله عشرة ملايين ولا يربح وقد يخسر مليون ونجد من يقول بعروض التجارة أنه عليه أن يزكي قرابة مائتين وأربعين ألف أو قريب من ذلك وكان في نفسي هذا الأمر هل زكاة عروض التجارة على كل التجارة؟ مع أننا نجدها في المزارع ليست إلا على ناتج الأرض نجدها أيضا في كما قلت المؤجر على من قال به إذا حال الحول على الأجرة وما يستفيد منها وغيرها من عنده أشياء أخرى فكانت هذه قضية لم أجد عنها إجابة أو لها إجابة والفرق الذي ذكرتموه بين المال المكنوز وبين عروض التجارة واضح فعلا لأنه هذا دفعا للتاجر لأن يحرك ماله وهو في الحقيقة نفع لعموم الفقراء والأغنياء ولغيرهم وهذا أمر لا ينكر ومشاهد فأشرتم إلى مسألة أخرى وهي قضية مراعاة حال الفقير وحال الغني وكنت منذ يومين أكتب في هذه المسألة وأنا أقرر منهج الوسطية فقلت إنني وقفت أمام قوله تعالى ((من أوسط ما تطعمون أهليكم)) وقلت إن الوسطية فيما أفهمها خلاصة ما توصلت إليه أن الوسطية لا يمكن أن تسمى وسطية إلا إذا كانت تتضمن معنى الخيرية ومعنى البينيّة ..
الشيخ: معنى الخيرية ومعنى؟
السائل: والبينيّة هل تكون أمر بين أمرين.
الشيخ: نعم.
السائل: ويكون خيرا وقلت مثال على ذلك ((من أوسط ما تطعمون أهليكم)) قد يأتي إنسان ويقول أنك تطعم أفضل الأنواع هذا هو الأفضل فهو الوسطية أقول له لا أقول أكمل الخير الأفضل هو أن تطعم الوسط بين الأمرين لأن فيه مراعاة لحال الغني ومراعاة لحال الفقير.
الشيخ: نعم.
السائل: لو قلنا للغني أطعم أفضل ما عندك لراعينا حال الفقير دون الغني ولوقلنا أطعم ما شئت بدون قيد لأطعم ما يضارّ به الفقير, قد جاء الشرع ليراعي حال الاثنين, حال الفقير وحال الغني وهو في النهاية له أيضا افضلية ودلالات بعيدة المدى حتى يُخرج ونفسه طيبة وهو مقتنع فأنتم أشرتم إلى هذه القضية وأيضا وجدت قبولا في نفسي بارك الله فيكم مراعاة حال الطرفين وهو الغني وأيضا الفقير في هذه المسألة فأقول جزاكم الله خيرا, هذه المسألة وهي مسألة عروض التجارة كما تعلمون كلام العلماء فيها فأشعر من خلال ما تحدثتم به أن المسألة أقول فيما ... لا تزال, مهمة جدا بحثها مهم جدا والحديث فيها وتحرير هذه القضية بشكل أوسع ومرة أخرى أرجو أن لا تزعلوا أو تغضبوا مني عندما أقول كم أتمنى أن تفرد في رسالة لأهميتها ولا أرى أنها تقل عن غيرها من الرسائل التي أفردتم وهي كثيرة جدا والحمد لله لأنها مسألة عامة وتحرر فيها الأقوال والأدلة وينتهى فيها إلى القول الصحيح الذي يصل ... فيه وتبارك الله فيكم وجزاكم الله خيرا.
الشيخ: وأنت جزاك الله خيرا على حسن ظنك بأخيك أولا.
السائل: بشيخي.
الشيخ: بارك الله فيك أنا أخوك وحسبنا فضلا أن نكون إخوة بمعنى الإسلام!
السائل: الله يبارك فيك.
الشيخ: والتناصح في دين الله عز وجل, ثم أشكرك على اقتراحاتك العلمية المفيدة للأمة الإسلامية فأنا قد استفدت منك على قلة مكثك معي وهذا من سوء حظي, استفدت منك اقتراحين فيا ترى كم ستكون اقتراحاتك لو حضيت بأيام كثيرة منك!
السائل: ولها.
الشيخ: وحينئذ سأقول لك بأي اقتراحات أبدأ؟
السائل: اقتراحاتي كلها سهلة ميسرة.
الشيخ: ... هكذا أنت تظن.
السائل: لذلك قلت لك يا شيخ الأولى أن لا أطيل عندكم, كل ساعة باقتراح
الشيخ: ... هذا محذور لأنه هذا ليس من التعاون, تفضل ما عندك.
سائل آخر: شيخ.

(206/2)


«
هل يفهم من حديث معاذ الحصر؟»
السائل: الأول هل يفهم من حديث معاذ ال ... حينما قال النبي صلى الله عليه وسلم لا تأخذ إلا من الزبيب و ..
الشيخ: وكيف لا يؤخذ.
السائل: جزاك الله خيرا.
الشيخ: وهو كذلك.

(206/3)


«
ما المراد من قولكم في الجواب السابق: (يخرج منها نفسها)؟»
السائل: الثاني أنت قررت أن القول الصحيح أنه يؤخذ من قول الله ((قد أفلح من زكاها)) ((خذ من أموالهم صدقة)) ((وفي أموالهم حق معلوم)) فهو الذي يربط التكافل الاجتماعي بين الغني وبين الفقير.
الشيخ: أحسنت.
السائل: الذي وأنت تقول وأن يخرج منها نفسها, هل تقصد منها نفسها أن لا يقوّمها مالا ويخرج من نفس عينها؟
الشيخ: هنا لي تفصيل, أنا أقول بعض العروض منها عينها لأن الفقير لا يستغني عن مثلها والبعض الآخر لا يمكن أن تخرج للفقير فحينئذ تقوّم ويعطى للفقير القيمة يعني نفترض مثلا تاجر سيارات ومليونير فهو قد يجب عليه مش سيارة واحدة سيارات لمن يعطيها؟ للفقير, الفقير ما بحاجة لسيارة فإذًا هو يقوّم هذه النسبة التي تجود بها نفسه ويظن أنه يطهر ويزكي بها نفسه ثم يوزعها على الفقراء والمساكين في حدود ما يعلم هو فإذًا هما قسمان قسم بحاجة أن توزع إلى الفقراء والمساكين وليسوا بحاجة إلى بيعها للاستفادة من قيمتها والقسم الآخر كما ذكرنا تقوّم وتعطى للفقراء والمساكين قيمة هذه العروض وليس ذات العروض.
السائل: طيب, سؤال.

(206/4)


«
هل يمكن القول بإخراج الزكاة على الأرباح ولماذا؟»
السائل: سؤال قريب آخر كان في نفسي هل يمكن القول بإخراج الزكاة على الأرباح؟
الشيخ: لا.
السائل: لماذا؟
الشيخ: لأنه لا يجب الزكاة على مال حتى يحول عليه الحول!
السائل: أنا أقول نعم على المال حتى يحول عليه الحول لكن إذا حال عليه الحول ألا يخرج على أرباحها أنا أقول إذا حال الحول يخرج على الأرباح؟
الشيخ: أه إذًا أنت تعني شيئا فهمته الآن وهو رجل نفترض بدأ كمل النصاب عنده في أول شهر محرم.
السائل: نعم.
الشيخ: وحال الحول على هذا المال في رأس محرم السّنة القابلة
السائل: نعم.
الشيخ: لكن في أثناء السنة الأولى جاءته مرابح كما تقول أو أرباح.
السائل: نعم.
الشيخ: لما دخلت السنة الثانية نظر فوجد عنده أنصبة وليس نصابا واحدا.
السائل: نعم.
الشيخ: فهل يخرج عن النصاب الواحد الذي حال عليه الحول دون الأنصبة الأخرى التي لم يحل عليه الحول أن يخرج ... ومما لم يحل عليه الحول تعني هذا؟
السائل: نعم الحقيقة أعني هذا.
الشيخ: والجواب أن العلماء اختلفوا أيضا في هذه المسألة على قولين, منهم من قال بأنه يخرج عن مجموع ما عنده عن النصاب الذي وجد عليه بانطباق النص عليه وعلى الأنصبة الأخرى التي لم يحل عليها الحول لكنها تلحق بالنصاب فيخرج عن مجموع ما لديه, القول الثاني كلما توفر عنده نصاب سجل عنده وانتظر أن يحول عليه الحول, هذا قد قاله بعض العلماء لكن إذا نظرنا إلى القواعد الشرعية التي منها قوله عز وجل ((يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر)) خاصة في هذا الزمن الذي التجار يفاجؤون بمرابح كل لحظة.
السائل: نعم.
الشيخ: فليس من اليسر أن يعمل حساب كل مال يأتيه وقد بلغ النصاب ويسجل ويسجل شيء يشوش عقل كمبيوتر إذا صح التعبير.
السائل: صحيح.
الشيخ: فضلا عن بعض الإنسان وعجزه ولذلك كان هذا هذه الملاحظة من الأسباب التي حملتني بل ودفعتني دفعا لترجيح القول الأول فإذًا المرابح يخرج عليها زكاة بشرط أن يكون في هناك أصل ألا وهو النصاب وقد حال عليه الحول وليس كذلك مثلا كما ضربت آنفا بارك الله فيك عمارة شاهقة يأتيه كل رأس سنة مثلا كذا ألوف مؤلفة من الدراهم أو الدنانير فهذا ربح هل يجب عليه أن يخرج الزكاة فور استلامه لهذا الربح؟ الجواب لا
السائل: نعم.
الشيخ: لكن إذا كان عنده نصاب وحال عليه الحول وكان قد جاءه هذا الربح الوفير يخرج عن المجموع.
السائل: نعم وهذا هو الراجح نعم.
الشيخ: إيه نعم هذا الذي عندنا, تفضل.

(206/5)


«
هل يمكن أن نحدد مقدارا معينا أقله وأكثره لزكاة العروض يفرض على التجار؟»
السائل: شيخ أحسن الله إليك لما قلنا بأنه يجب عليه أن يخرج من باب عموم الأدلة, نحن لم نقيد لأنه لم يرد في الشرع ما يقيد له هذه النسبة ورجعناها إلى نفسية صاحب المال وتقواه؟
الشيخ: نعم.
السائل: وعموم قول الله عز وجل ((ومن يوق شح نفسه)) طيب هل أليس لو دخل علينا رجل وقال إن في هذه الفتيا اضطراب لأن الناس لا يعلمون كم يخرجون وتختلف أحوال الناس قد يكون تاجر لكنه جاهل لا يعرف, هل نستطيع أن نحدد مقدار معين أقله وأكثره؟
الشيخ: بارك الله فيك, لا ما نستطيع لكن هذه الحجة حجة داحضة لأنه قد يوجد تجار لم يسمعوا مطلقا أنه يجب على عروض التجارة زكاة فهل يكون هذا عذر له؟ لا, ولذلك قال تعالى ((فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)) وفي الأمس القريب قلنا إن هناك يعني فروض عينية وفروض كفائية وأن كل مكلف بلغ سن الرشد فيجب عليه أمور عينية من الصلاة وشروطها لكن إذا كان فقيرا لا يجب عليه أن يعرف أحكام الزكاة, لا يجب عليه أن يعرف مناسك الحج, أما وقد صار غنيا فهنا يجب أن يعرف عليه تفاصيل أحكام الزكاة, فكون هذا الغني بعروض التجارة لا يعرف النسبة وهذا ما أراده الله حيث لم يعرفنا ((وما كان ربك نسيا)) كما قال عز وجل في القرآن فإذًا يجب أن يعرف أنه يجب أن يخرج ما تطيب به نفسه وقد قال عليه السلام في الحديث المعروف صحته (لا يحل ما امرء مسلم إلا بطيب نفسه) وهنا بلا شك وهذه حكمة الإلاهية بالغة فحينما ربنا عز وجل أطلق هنا ولم يقيد أراد امتحان هؤلاء الناس وكما نعلم كثير من الأحكام قسم منها مطلق وكَلَهَا إلى المكلف والإطلاق قد يكون من جانب أو التقييد يكون من جانب قد يختلف عن جانب آخر, التقييد قد يكون من جانب يختلف عن جانب آخر مثلا, الزكوات المحدودة الأنصبة والكمية نجدها على قسمين شرعا قسم منها ما يأتي السّاعي من قبل الحاكم المسلم يأتي إلى الغني فيأخذ تلك الزكاة رغم أنفه وهي زكاة المواشي وزكاة الثمار, قسم آخر وَكَلَ ذلك إلى نفس الغني كالزكاة النقدين طيب قد يقول قائل ربما هذا الغني الذي لم يكلّف الشارع الحكيم الحاكم المسلم أن يرسل إلى الغني ويحصي ماله ويأخذ منه بالمائة اثنين ونصف ربما هذا الغني لا يقوم بهذا الواجب, فهل هذا سؤال يصدر من مسلم؟ الجواب لا لماذا؟ لأن الله عز وجل في كل ما شرع له حكم بالغة عرفها من عرفها وجهلها من جهلها فلو تساءلنا ما هي الحكمة في أن الله عز وجل جعل قسم من هذه الواجبات على أموال الأغنياء يأتي الساعي فيأخذها منه وهنا تعلمون في أحكام تتعلق بالسّعاة فهو لا يأخذ أحسن ما فيها ولا يأخذ أدنى ما فيها رجعنا إلى الوسطية التي أشرت إليها.
السائل: نعم.
الشيخ: فما الحكمة من أن الله شرع على لسان نبيه أن هذا النوع من الزكاة يجبى من موظفين ولهم نصاب معروف في الزكوات, بينما جعل زكاة النقدين يُكلّف فيها الغني نفسه فقد يخرج وقد لا يخرج كما هو مشاد اليوم كثير من الأغنياء لا يخرجون زكاة أموالهم بل يصرفون أضعاف أضعافها فيما لا ينبغي بل فيما لا يجوز بل فيما يحرم.
الحكمة واضحة جدا لأنه لم يرد رب العالمين أن يجعل كل حكم يقوم به المسلم رغم أنفه ولكن يريد أن يتطهر هو بنفسه ولذلك كان من الحكمة البالغة أن جعل زكاة النفدين يخرجها بطواعية من نفسه بينما الزكاة تخرج منه رغم أنفه, فعلى هذا يصلح أن يكون جوابا عما سألت يعني هو يتقي الله عز وجل وليس لنا سبيل أن نفرض نحن من عندنا سواء كنا من ولاة الأمور أي الحكام أو من ولاة الأمور بمعنى العلماء, ليس لنا أن نفرض عليه فرضا فيما لم يفرض رب العالمين وهذا من هذا النوع فأنت تخرج زكاة النقدين بطيب نفسك ولا تعلم ماذا يجب عليك, كذلك تماما مسألة عروض التجارة هذا المسلم يُدان ويقال له لا يستوي من عنده عشرة آلاف بمن عنده مائة ألف بمن عنده ملايين فاتقي الله عز وجل وكما قال عليه السلام وهذا أعتقد محله في مثل هذه المسألة (استفت قلبك وإن أفتاك المفتون).

(206/6)


«
ما صحة الحديث الذي رواه أبو داود عن سمرة قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نخرج الزكاة مما نعده للبيع)؟»
السائل: طيب يا شيخ حديث أبو داود عن سمرة كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نخرج الزكاة مما نعدّه للبيع؟
الشيخ: أي نعم هذا حديث منه فيه ضعيف أبي داود وفيه جهالة في سنده جهالة فلا تقوم به حجة ولا شك أن السنة العملية أن الأغنياء ما كانوا يخرجون زكاة أموالهم على هذا التفصيل الذي سبق شرحه آنفا, الحديث مع ضعف إسناده فيخالف السنة العملية التي جرى عليها سلفنا الصالح وقريبا نشرنا ما رواه الإمام أحمد في مسنده وغيره أيضا في غيره, نعم.

(206/7)


«
ما مدى صحة قول عمر رضي الله عنه: لحماس أدي زكاة مالك فقال: مالي إلا جعاب وأدم، فقال قومها وأدي زكاتها؟»
السائل: طيب وقال عمر ل, الضبط ما أدري لحِماة أو حُماة أو حَمّاة.
الشيخ: حُماة.
السائل: خُماة.
الشيخ: أه.
السائل: (أد زكاة مالك) فقال (مالي إلا دعاب وأدم) فقال (قوّمها وأد زكاتها).
الشيخ: هو نفس العلة.
السائل: مثلها.
الشيخ: أي نعم.
السائل: طيب.

(206/8)


«
ما رأيكم في قول المجد ابن تيمية - في زكاة العروض - هو إجماع؟»
السائل: وقال المجد هو إجماع.
الشيخ: وقال؟
السائل: المجد المجد ابن تيمية.
سائل آخر: المجد ابن تيمية.
سائل آخر: نفس شيخ الإسلام.
الشيخ: المجدُ.
السائل: نعم.
الشيخ: قال المجدُ نعم.
السائل: فقال المجد هو إجماع يعني إخراج زكاة العروض وأنت قلت في الأول لا نعلم إجماعا.
الشيخ: لا ما في إجماع, هذا واضح من كتاب المحلّى لابن حزم ومن ما ذكرتُ عن عمر بن الخطاب في الخيل التي طلبوا منه أن يأخذ زكاتها فقال ما فعله صاحباي من قبل فقال عليّ خذها على أنها صدقة من الصدقات, نعم.

(206/9)


«
كيف يكون إخراج الزكاة لمن كان راتبه نصاب؟»
السائل: اكتفاء للموضوع بالنسبة لسنة الإخراج وإن لم يكن متعلقا بزكاة العروض.
الشيخ: أه.
السائل: بالنسبة لنا كموظفين في الحكومة.
الشيخ: نعم.
السائل: أو ما شابه أو في الشركات نستلم رواتب شهرية ونحمد الله عز وجل رواتبنا هي نصاب هي نصاب؟
الشيخ: جميل.
السائل: كيفية إخراج هذه الرواتب؟
الشيخ: إذا حال الحول.
السائل: على كل راتب مستقل؟
الشيخ: لا سبق الجواب ..
السائل: يعني على نفس طريقة التاجر الذي رجّحته أنت.
الشيخ: أي نعم نعم.
السائل: أي جزاك الله خيرا.
الشيخ: وإياك.

(206/10)


«
تنبيهات مهمة جدا من الشيخ لناصر العمرعلى بعض الأخطاء التي وقع فيها في كتابه
الشيخ: هنا يا أبا بدر.
السائل: نعم.
الشيخ: أنا قرأت للصفحة الثامنة والعشرين بدا لي كملاحظة تبقى في ذهنك إن شاء الله.
السائل: نعم.
الشيخ: ثم إن بدا لك الطواف فيما ذكرنا تعدل.
السائل: نعم.
الشيخ: كل ما ذكرت طالب العلم في هذه المسألة تحذف طالب العلم وتخص الموضوع ببعض العلماء وليس بكل العلماء, تفضل
السائل: أنا ذكرت هذا للشيخ وليد وقلت أعمل إحدى طريقتين.
الشيخ: تعمل؟
السائل: نعم, إحدى طريقتين أما سأذكر هذا ..
الشيخ: إحدى طريقتين؟
السائل: نعم.
الشيخ: تفضل.
السائل: أما هذا التحفظ الذي ذكرت سأقول قال شيخنا كذا وكذا.
الشيخ: نعم.
السائل: ولو بقيت على حالها.
الشيخ: نعم.
السائل: وأبيّن مرادي أو قد ألجأ وأحذفها.
الشيخ: نعم.
السائل: وينتهي الموضوع.
الشيخ: إيه أنا أرى هذا عدل كلامك هذا عدل لكن أرى من الضروري أن تفكر لتستغني عن أن تنسب القول إليّ وهذا إنصاف بلا شك!
السائل: نعم.
الشيخ: لكن الأولى أن تفكر في الموضوع وأن تتبناه أنت ثم إذا أضفت إلى ما تبنّيته وقلت أنه هذا فلان رأيه كذا ما فيه عندي مانع.
السائل: نعم.
الشيخ: أما أن تبقي العبارة كما هي وتقول أنه فلان يقول كذا فأرى أنه هذا فيه شيء من الضعف بالنسبة لعلمك.
السائل: نعم.
الشيخ: فأرى أن تعزم وأن تجمع أمرك وتفكّر في مثل هذه القضايا بحيث يترجح صواب هذا الرأي وتتبناه ثم إن شئت عزوته إلى من سمعته منه كما نقول نحن لبعض إخواننا الذين يستفيدون من دروسنا بل ومن كتبنا.
السائل: نعم.
الشيخ: ومع ذلك فحينما يعرضون لما استفادوه ما يظن القارؤون لكتابهم إلا أنه من علمهم وسنقول لهم يقول أهل العلم من بركة العلم عزو كل قول إلى قائله ولذلك فأنا أشكرك على هذا العزو لكن أحب لك الأفضل.
السائل: نعم.
الشيخ: ولعله وضح لك ما هو الأفضل على الأقل في وجهة نظري, واضح؟
السائل: نعم واضح يا شيخ.
الشيخ: جزاك الله خير.
السائل: وحقيقة إلى الأن مقتنع بما ذكرت لكن بقيت نقطة أنني إن أبقيتها لأنني عندما أوجه الحديث إلى طلاب العلم وللعلماء لأنني لا أشعر أن هناك ظرفا كبيرا أحيانا لأن طالب العلم اليوم هو عالم في الغد إن شاء الله.
الشيخ: إن شاء الله.
السائل: فمن هذا الباب عندما أبقيها ليأخذ ليبقى أيضا فرض كفاية على طلاب العلم ليستعدوا أن يكونوا علماء وهم يستعدون, لهذا الباب فقط.
الشيخ: أي هذا صحيح لكن ما أرى هذا له علاقة بهذا, على كل حال الرأي لك.
السائل: الله يبارك هذا من كرمكم يا شيخ.
الشيخ: وأنا ليس لي إلا التذكير فقط.
السائل: الله يبارك فيكم.
الشيخ: الله يحفظك.
السائل: أنا سأضع إن شاء الله مقدمة وقلت للشيخ وليد مقدمة أبيّن فيها توجيهاتكم وما توصلنا إليه وأضع المقدمة وأشير إلى بعض ... إن شاء الله.
الشيخ: جزاك الله خير وبارك فيك.
السائل: نعم.
الشيخ: هنا تقولون ومن هذا المنطلق وجدت أن جهلنا بواقعنا سبب رئيس من أسباب مصيبتنا وأيقنت أن فقه الواقع علم هجره الكثير من طلاب العلم وروّاد الصحوة, أقول في هذا الكلام مبالغة.
السائل: كم صفحة يا شيخ.
الشيخ: مبالغة شديدة.
السائل: ... الصفحة.
الشيخ: ... حريص.
السائل: نعم.
الشيخ: أنا معك على الطريق فأقول ربنا عز وجل حينما قال ((إن تنصروا الله ينصركم)) يعني إذا قلتم بما فرض الله عليكم من الأحكام الشرعية نصركم الله على عدوّكم, أنا أعتقد أن السبب الرئيس على حد تعبيرك ليس هو الجهل بالواقع من الكثيرين خاصة حينما تنسب ذلك إلى طلاب العلم, السبب الرئيس هو جهل المسلمين بدينهم بارك الله فيك.
السائل: نعم.
الشيخ: ابتداء من العقيدة إلى الفقه إلى السّلوك, هذا هو السبب الرئيس ولذلك فليس من الحكمة في شيء مطلقا أن نعظم الحقير الصغير والعكس بالعكس تماما فنرفع من شأن هو من فروض الكفاية فنجعله سببا رئيسيا إذا صح هذا التعبير بسبب ما أصاب المسلمين من ذل وهوان وسيطرة الكفار على القسم الأكبر من بلادهم وسيطرت الفساق الحكام على حكمهم و وإلخ وإنما هذا سبب من الأسباب, سبب من الأسباب وليس سببا جوهريا رئيسيا, هذا أيضا لعلك تلقي النظر أيضا قلت " ثم ألقيتها في محاضرتنا " معتبر أنت المؤلف وأنت تذكر ما قبل هذا الكلام وما بعده فالحر تكفيه الإشارة فحينما أنا أسمعك قولك " ثم ألقيتها في محاضرتنا " تعرف ماذا تعني بهذا الكلام فلست بحاجة إلى أن أسمعك ما قبله وما بعده أليس كذلك.
السائل: بلى بلى.
الشيخ: أحسنت, أنا أقول بارك الله فيك مثل هذه المسألة لا يجوز إثارتها في المحاضرات العامة وهذا أيضا لعلك تفكر في هذا, يعني مثل هذه البحوث يصلح بحثها مع طلاب العلم الأقوياء أما أن تثار هذه القضية في محاضرات عامة فهذه أعتقد أنها من أسباب إيجاد البلبلة والقلقلة في نفوس الطلبة أنفسهم فضلا عن العامة الذين تنتقل إليهم عدوى الخلاف بين طلبة وآخرين.
السائل: تسمح لي هنا.
الشيخ: تفضل.
السائل: يا شيخنا.
الشيخ: نعم.
السائل: أقول إذا كان هذا الأمر اتفقنا على أنه فرض من فروض الكفاية.
الشيخ: نعم.
السائل: وقلنا أنه إذا قام به البعض سقط عن الباقين.
الشيخ: نعم.
السائل: وبعضهم من العلماء.
الشيخ: نعم نعم.
السائل: أقول إذا كانت هذه القضية لو كانت هذه القضية مسلمة عند العلماء وعند طلاب العلم وعند العامة لكن نظرا لجهل الناس بها أصلا فهناك من أصلا ينكر أنها فرض كفاية ومن لا يرى ذلك فبيانها وإيضاحها حتى من حقوق من حق العامة ومن حق طلاب العلم أيضا أن أبين لهم أن هذه القضية من فروض الكفاية.
الشيخ: ليست كذلك فيما أرى أنا, ما دام اتفقنا أنه من فروض الكفاية فرض الكفاية لا يجب على عامة المسلمين يا أستاذ, هذا يجب على خاصة الخاصة هذا النوع من العلم.
السائل: نعم.
الشيخ: لو كان هناك علم ماذا يسمى " فيسيولوجيا ".
السائل: نعم.
الشيخ: علم " فيسيولوجيا " علم ضروري لكن ما لنا والعامة نقعد نشغل بالهم بعلم اسمه " فيسيولوجيا " ونقعد نشرح لهم ونضع لهم أصول وقواعد وإلخ وهذا العلم إنما يجب على طائفة قليلة من عموم المسلمين فأعود وأقول هذه المحاضرة تصلح بينك وبين أمثالك من العلماء.
السائل: نعم.
الشيخ: وإذا اعتبرت هذا مبالغة مني.
السائل: نعم.
الشيخ: فأنا أقول من طلاب العلم الأقوياء مثلك.
السائل: الله يبارك لك.
الشيخ: ممن ممن لا يرون رأيّك هذا, هذا يفيد معهم أما في محاضرة عامة، أنا لا أزال عند رأيي على كل حال أرجو أن تعيد النظر.
السائل: أنا سأسألك سؤال آخر يا شيخ.
الشيخ: تفضل.
السائل: أنا علمت أنكم الآن علمت أنكم سئلتم سؤال عن علم الواقع وأجبتم كما تذكرنا أمس في أشرطة وتحدثتم عن ذلك.
الشيخ: نعم.
السائل: وسيكتب في ذلك رسالة أو كتاب.
الشيخ: نعم.
السائل: أليس هذا يعتبر رسالة عامة.
الشيخ: لا.
السائل: وانتشرت الأشرطة.
الشيخ: لا لا.
السائل: ولا أعني المقارنة بينكم وبيني وبيني وبينكم.
الشيخ: لا لا ولو قارنت.
السائل: نعم.
الشيخ: الجواب لا والجواب على المثل العربي القديم " قال الحائط للوتد لما تشقني قال سل من يدقني ".
السائل: نعم.
الشيخ: فأنت السبب أنت لما أخفيت هذه المحاضرة على عامة المسلمين ونتج من وراء ذلك أنا الآن يعني أزداد إيمانا بظني السابق نتج من وراء ذلك اختلاف بين الطلبة!
السائل: نعم.
الشيخ: باعترافك أنت قلت آنفا.
السائل: نعم.
الشيخ: أه فلما أنت أثرت, أمام الناس جميعا فحينئذ غيرك ممن يفاوقك في أصل الموضوع لا في تفصيله إن لم أقل تفاصيله فهو مكره أخاك لا بطل, فهو مضطر الآن أن يعدل من موقف هذا الأخ في الغيب كان.
السائل: نعم.
الشيخ: ثم صار أخا في ال ... والحمد لله.
السائل: الحمد لله.
الشيخ: فإذًا لا يستويان مثلا فليس لك حجة في هذه المقابلة, طيب.
السائل: جزاكم الله خير.
الشيخ: وإياك أنا عندي هنا تعليق سطر أو أقل من سطر, قلت " انظر فقه السيرة للغزالي فقد صحح الألباني هذا الحديث " أقول هذا خطأ في التخريج يجب أن يقال "انظر تخريج فقه السنة للغزالي فقد صحح الألباني هذا الحديث ".
السائل: نعم.
الشيخ: أما " انظر فقه السنة " لا " انظر تخريج فقه السنة " لأنه هناك.
سائل آخر: ... .
الشيخ: عفوا فقه السيرة نعم فأنت قلت هنا " انظر فقه السيرة للغزالي ".
السائل: نعم.
الشيخ: فلعله سقط إما من الطابع أو الكاتب.
السائل: لا من الكاتب.
الشيخ: يعني أيّ كان.
السائل: نعم.
الشيخ: المهم الآن.
السائل: نعم.
الشيخ: هذا يضاف إما تخريج.
السائل: نعم.
الشيخ: وجزاك الله.
السائل: هنا يا شيخنا.
الشيخ: نعم.
السائل: مادام يقول ما هو لو, فهمت الفرق بدقة أنا أريد أن أفهم الفرق بدقة بين الأمرين.
الشيخ: أه الفرق ..
السائل: ما الذي يترتب على الفرق بين الكلمتين؟
الشيخ: أنا أذكر لك الفرق إذا قلت كما قلت.
السائل: نعم.
الشيخ: " انظر فقه السيرة للغزال " أي أنه هذا الحديث مذكور في فقه السيرة " وقد صحح الألباني هذا الحديث " لا يفهم القارئ أنه هذا التصحيح هو معلق على فقه السّيرة للغزالي بينما إذا ذكرت الواقع أي نعم " انظر تخريج فقه السيرة " فالذهن لأي قارئ مهما كان ذكيا أو بليدا أو مغفلا أو إلخ ما يستطيع أن يفهم إلا الذي أنت أردته في نفسك, على العكس مما هو الواقع الآن فلا أقل من أن يتوقف قليلا ويتساءل أين هذا التصحيح؟ أه الذي يعرف أنه فقه السيرة للغزالي عليه تخريج الألباني إذًا المقصود تخريج الألباني.
السائل: فهمت بارك الله فيك.
الشيخ: وبارك فيك أيضا.

(206/11)


«
ذكرالشيخ لموقف الغزالي منه
الشيخ: والآن يبدو لي شيء أخر, وهذه من مصيبة النفوس التي كنا نتحدث عنها اليوم, في الوقت الذي كان الغزالي هذا!
السائل: نعم.
الشيخ: قد أشاد بالألباني ورفع من شأنه وعلمه في علم التخريج والتصحيح والتضعيف في مقدمة الطبعة الرابعة إذا به تحركت به نفسه, إذا به يطبع طبعة جديدة وعلى بعض أحاديثي تعقيبات, ما أدري لا أستبعد أبدا أن يكون استأجر واحدا من هؤلاء المُحْدَثِين وقال له اكتب إيش فيه تعقيبات لك خاصة والذين يعني يتوجهون لتعقب الألباني بحسن نية أو بسوء نية فربنا حسيبهم فبدأ يكتب تعقّبات على تخريج الألباني, فإذًا ربما يأتي يوم إن لم يأت هذا أن يطبع فقه السيرة بدون تخريج الألباني وكل يوم كما تعلم أنت المطابع تنتج مؤلفات كثيرة وكثيرة جدا فلو فرضنا أن طبعة من الطبعات كتب الغزالي تعقيبا سواء بقلمه أو قلما كلفه على هذا الحديث الذي صححته أنا.
السائل: نعم.
الشيخ: فيأتي آخر ويقول لا هذا ضعيف مثل هذا صاحبنا وهو حسّان هذا عبد المنان فقد يأتي إلى حديث في صحيح البخاري أنا كنت صححته لأنه أولا وجدته في صحيح البخاري وما وجدت فيه علة تقدح في صحته فيأتي هو ويكتشف في جهله علة فيقول لا هذا ولو رواه البخاري فهو ضعيف أما لو كان هنا في تخريج ... وقع هذا من كلام ..
السائل: ... .
الشيخ: طيب.
السائل: نعم.
الشيخ: هنا تقولون " وهنا يأتي السائل الذي أوجهه إلى طلاب العلم ".
السائل: نعم.
الشيخ: " فأقول إنني أرى أن روسيا وأمريكا تمثلان دور فارس والروم في الماضي فهل كنا ندرك ما كان يجري بين الدولتين أيام الحرب الباردة أو أننا نقول هذه أمور لا تعنينا ثم هل أدركنا وحللنا مرحلة الوفاق بعد ذلك وأثر هذا الأمر على المسلمين أو أننا نقول الكفر ملة واحدة ".
السائل: نعم.
الشيخ: أنا أقول هذا كلام بارك الله فيك أيضا ما ينبغي أن يوجه مثل هذا السؤال إلى طلاب العلم!

(206/12)


«
خطبة الحاجة للشيخ
السائل: بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم, أما بعد, فهذه, هذا اللقاء من جملة اللقاءات المتعدّدة التي تُعقد مع فضيلة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني والذي يزور البلاد بدعوة من جمعية إحياء التراث الإسلامي ونسأل الله عز وجل أن ينفعنا في هذه الجلسة والموضوع الذي نرجو أن يتحدث فيه فضيلة الشيخ هو ما هو العلم؟ يعني مع المقصود بكلمة العلم؟ ومن هم العلماء؟ وكيف التوصل إلى معرفة العلم الصحيح من غيره؟ وبعد ذلك إن شاء الله نستمع إلى أسئلة أخرى والتي ستكون مكتوبة على ورق.
الشيخ: إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
((
يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون)).
((
يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا)).
((
يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يُطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما)) أما بعد,
فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وأله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار, وبعد.

(207/1)


«
ذكر الشيخ للسبب الباعث على هذا الموضوع
الشيخ: فإن الباعث على البحث في العلم النافع, العلم الشرعي الذي تقوم به الحجّة على المسلم إنما هو ما نسمعه ما بين آونة وأخرى من فتاوى تصدر من بعض من يُظن أنهم من أهل العلم وفي الغالب تكون هذه الفتاوى مخالفة لما جرى عليه عمل الأئمة السابقين من السلف الصالح والأئمة المجتهدين. وكان أقرب مثال وقع لي أنفا سؤال كنت سئلت عنه فيما مضى من بعض الجلسات

(207/2)


«
كلام الشيخ على معنى قوله تعالى: (وفي سبيل الله) في آية مصاريف الزكاة
ألا وهو معنى ((وفي سبيل الله)) في أية مصاريف الزكاة ((إنما الصدقات للفقراء والمساكين)) إلى أخر الأية ثم قال تعالى ((وفي سبيل الله))، كان السؤال هل في سبيل الله يختص بالجهاد في سبيل الله أم يشمل أيضا مصالح أخرى للمسلمين كبناء المساجد والمدارس واتخاذ المرافق والمنافع العامة للمسلمين؟ فهل في سبيل الله في هذا الموضع من أية مصاريف الزكاة يشمل غير الجهاد في سبييل الله مما ألمحنا إليه أنفا فيجوز إذًا كانت الأية تشمل تلك الأمور فيجوز للغنيّ أن يُعطيَ ماله لبناء مسجد أو لبناء مدرسة أو مستشفى أو غير ذلك؟ فكان جوابي أن معنى قول الله عز وجل في هذه الأية الكريمة ((وفي سبيل الله)) خاص في مسألتين اثنتين لا ثالث لهما.
الأولى ما هو معروف لدى الجميع ألا وهو الجهاد في سبيل الله, فهذا مصرف من مصارف الزكاة يصرفه المكلّف بها في سبيل الله، في الجهاد في سبل الله.
الأمر الثاني مما جاء الدليل الشرعي ليُوسّع كلمة ((وفي سبيل الله)) فيُدخل في هذه الجملة إنفاق المال في الإحجاج للفقير إلى بيت الله الحرام, فيكون معنى ((وفي سبيل الله)) أي في الجهاد والحج, ولم يأت عن أحد من السلف بل ولا الأئمة المجتهدين توسعة لهذه الجملة بأكثر من الأمرين المذكورين ((وفي سبيل الله)) أي في الجهاد في سبيل الله وفي الإحجاج أيضا للفقير المحتاج إلى بيت الله الحرام.
الأمر الثاني هذا الإحجاج للفقير قد جاء فيه حديث صحيح في سنن أبي داود ومسند الإمام أحمد وغيرهما أن رجلا من الصحابة يُعرف بأبي طلْق حجّ مع النبي صلى الله عليه وأله وسلم حجّة الوداع فلما رجع جاءت زوجته إلى النبي صلى الله عليه وأله وسلم تشكوه إليه عليه الصلاة والسلام وقالت يا رسول الله إن زوجي أبا طلق لم يحجّجني على جمله فلان, فأرسل الرسول عليه السلام خلف أبي طلْق فسأله عن هذه الفتوى, فقال يا رسول الله جملي هذا أعددته في سبيل الله عز وجل فقال عليه الصلاة والسلام لو أنك أحججتها عليه لكان ذلك في سبيل الله, فأخذ الإمام أحمد رحمه الله من بين الأئمة الأخرين الذين حصَروا معنى ((وفي سبيل الله)) في الجهاد في سبيل الله أخذ الإمام أحمد من هذا الحديث معنى أخر فأضافه إلى المعنى ألأول فقال ((وفي سبيل الله)) أي الجهاد والإحجاج أيضا في سبيل الله, كما دل عليه هذا الحديث الصحيح.
لم يأت عن أحد من السلف معنى أوسع من هذا المعنى الذي سمعتموه وهو الإحجاج بينما نجد اليوم فتاوى تصدُر من هنا وهناك أن معنى هذه الجملة ((وفي سبيل الله)) واسع بحيث يدخل كل المصالح التي يَنتفع فيها المسلمون ومن ذلك ما أشرنا إليه أنفا بناء المساجد والمدارس ونحو ذلك.
هذا كان السبب لإثارة هذا البحث الأن وهو.

(207/3)


«
كلام الشيخ على العلم النافع والعلماء، ومن هم العلماء؟»
الشيخ: ما هو العلم الذي يذكره الله عز وجل في غيرما أية ويشيد الرسول عليه السلام بفضله في أحاديث كثيرة, الله عز وجل يقول مثلا ((هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون)) ((يرفع الله الذين أمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات)) الرسول صلى الله عليه وأله وسلم يقول مثلا (من سلك طريقا يلتمس فيه علما سلك الله به طريقا إلى الجنة) والأحاديث في هذا كثيرة وكثيرة جدا منها قوله عليه السلام (من يرد الله به خيرا يفقه في الدين) فما هو هذا العلم الذي مدح الله عز وجل أهله ثم أكّد ذلك نبيه عليه الصلاة والسلام في الأحاديث الكثيرة أهو مجرد أن نسمع قولا لعالم مهما كان شأن هذا العالم يفسر لنا أية أو يفسر لنا حديثا تفسيرا لم يسبق إليه من علماء السلف الصالح ومن جاؤوا من بعدهم أو من كان منهم من الأئمة المجتهدين وأتباعهم الذين سلكوا طريق الأولين هل هذا هو من العلم في شيء؟ الجواب نسمعه من كلام بن قيم الجوزية رحمه الله تعالى فإنه يقول " العلم قال الله قال رسوله *** قال الصحابة ليس بالتمويه
ما العلم نصبك للخلاف سفاهة *** بين الرسول وبين رأي فقيه
كلا ولا جحد الصفات ونفيها *** حذرا من التعطيل والتشبيه " ما هو العلم؟ كلام عرب واضح مبين, العلم قال الله أول مرتبة هذه ثم قال رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم ثم قال الصحابة وهذا طبعا إذا اتفقوا على شيء كان اتفاقهم حجة كما أوضحنا ذلك في كلمة سابقة منذ بياني قريبة استدلالا بمثل قوله تبارك وتعالى ((ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين)) فسبيل المؤمنين هو سبيل الصحابة الكرام, فلا يجوز مخالفتهم فالعلم إذًا إنما نأخذه من قول الله عز وجل ثم من قول نبيه صلى الله عليه وأله وسلم ثم مما جاءنا عن أصحابه الكرام, فإذا جاء مفسر إلى أية مثل هذه الأية ((وفي سبيل الله)) فوسّع المعنى توسعة دخل فيها صرف أموال الزكاة في بناء المساجد, صرف أموال الزكاة في بناء المدارس وهكذا لا ينبغي أن ننصاع لمثل هذه التوسعة أو لمثل هذا التفسير لأنه تفسير بالرأي مخالف لتفسير السلف الصالح, لو رجعنا إلى كتب التفسير لا سيما من, ما كان منها من الأمهات ومن المراجع الأساسية التي يعتمد عليها كل المفسرين الذين جاؤوا من بعدهم كتفسير بن جرير الطبري, محمد بن جرير الطبري المفسر والمحدث والمؤرخ المشهور أو رجعنا في ذلك إلى تفسير الحافظ بن كثير الدمشقي أيضا المفسّر والمحدث والمؤرخ, لم نجد لمثل هذا التفسير لجملة ((وفي سبيل الله)) أنه بالمعنى العام الشامل لكل طرق الخير وإنما وجدنا فيهما وفي غيرهما من كتب التفسير بل وكتب الفقه أيضا في سبيل الله الجهاد والحج إلى بيت الله الحرام فحينما نجد مثل هذا التوسع فلا ينبغي لنا أن نتقبل مثله لأنه خلاف ما كان عليه سلفنا الصالح وقد ذكرنا أكثر من مرة بأننا حينما ندعو الناس إلى اتباع كتاب الله وحديث رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم فإنما ينبغي أن يكون اتباعنا لهذين المصدرين على ما كان عليه سلفنا الصالح فهما لهما وتصريفا لهما في حياتهم المباركة, فحينما نراجع تفسير هذه الأية لا نجد هذا التوسع فيكون هذا التفسير فيه انحراف عما كان عليه السلف الصالح وهذا وحده يكفي لنتبين خطأ مثل هذا التفسير, كثيرا ما نسمع أيضا فتاوى تخالف ما كان عليه السلف الصالح والأئمة الأربعة وغيرهم مما يذهب إليه بعض الكتاب الإسلاميين اليوم زعموا من باب التيسير والتوسعة على الناس فلا بد أنكم سمعتم من يصرح بإباحة ألات الطرب مع أن العلماء قديما وأتبعهم حديثا يفسرون قوله تعالى ((ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله)) فسروا لهو الحديث بالغناء الذي فيه إلهاء للذين يتعاطون هذا الغناء عن القيام بواجبات إسلامية كثيرة وقد يكون منها المحافظة على الصلاة فحينما يأتي بعض الناس يفسرون هذا التفسير ((لهو الحديث)) بالكلام الذي يخالف الشريعة مثلا أو فيه إثارة الغوغاء والضوضاء على كلام الله فقط ولا يفسرونه أيضا بأنه الغناء أيضا مع مجيء الأحاديث الكثيرة عن النبي صلى الله عليه وأله وسلم في تحريم ألات الطرب مما يؤيد هذا التفسير الوارد عن السلف أن من ((لهو الحديث)) هو الغناء فمن تلك الأحاديث مثلا ولست في صددها كلها ما أخرجه البخاري في صحيحه تعليقا ووصله جمع كبير من المحدثين بالسند الصحيح عن النبي صلى الله عليه وأله وسلم أنه قال (ليكونن في أمتي أقوام يستحلون الحرا) أي الزنا (والحرير) أي الحرير الحيواني والمسمى في بعض البلاد بالبلدي أي غير النباتي (يستحلون الحرا والحرير والمعازف يمسون في لهو ولعب ويصبحون وقد مسخوا قردة وخنازير) نسمع اليوم كثيرا من الناس من يعلنها صريحة إما كتابة أو محاضرة بأن ألات الطرب جائزة على ما تفنن الكفار الأوروربيين اليوم من ابتكار ألات كثيرة وكثيرة جدا إذا سمعها السامع انهارت قواه وذهبت معاليه الإسلامية والمروءة الإسلامية وصار لا يهتم بما يقع هناك من فسق أو فجور.
حينما نسمع مثل هذه الفتاوى يجب أن نقف أمامها متسائلين ولا يجوز أن نقف أمامها مستسهلين لنقول لهم ((هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين)) كيف توسعون معنى ((وفي سبيل الله)) بحيث أنه يدخل فيها بناء المساجد فلا يبقى غني يتبرع من ماله الكثير الوفير تبرعا فوق ما فرض الله عز وجل عليه من الزكاة فهو لا يعمل خيرا إلا في حدود الفرض أما التطوع فقد منع نفسه منه لأن هؤلاء العلماء أوجدوا له طريقا أنه كل سبيل خير تنفقه فيمكنك أن تعتبر ذلك من الزكاة المفروضة, وهكذا فالأمثلة تتعدد في تفسير نصوص من الكتاب ونصوص من السنة على خلاف ما كان عليه علماء المسلمين قديما فإذًا ما هو العلم حتى إذا قيل لنا قول فلا نقول والله أفتى بهذا فلان العالم, يجب أن نفهم العلم على حقيقته ما هو؟ وبذلك نعرف من هم العلماء, قد سمعتم أنفا " أن العلم قال الله قال رسول الله قال الصحابة " وليس العلم وهذا تسمعونه صراحة من بعض هؤلاء الذين يأتونكم بالفتاوى الجديدة بيقل لك هذا رأيي وأنت حر, ليس في الإسلام هذا رأيي وأنت حر وإنما عليك أن تفتي بما قال الله وما قال رسول الله وبما كان عليه سلفنا الصالح فإن كان ليس هناك رأي لهؤلاء العلماء الذين مضوا في مسألة جدت, والله هنا لا بد من الإجتهاد ولا بد من إبداء الرأي لكن الرأي المبني على تلك المصادر الثلاثة الكتاب والسنة والإجماع أما أن ينتصب الإنسان فيفتي بفتوى يخالف فيها من كان قبلنا من السلف بل ويخالف فيها نصوص الكتاب والسنة بتأويل هذه النصوص تأويلا يتفق مع ما يذهب إليه من الرأي وختاما يقول هذا رأيي, يقول أهل العلم " إذا جاء الأثر بطل النظر "، " إذا جاء الأثر عن الله ورسوله أو أصحابه فلم يبق هناك مجال للنظر " ويقولون بعبارة أخرى " لا اجتهاد في مورد النص " و " إذا جاء نهر الله " أيضا يقولون بلسان عربي قديم " بطل نهر معقل " فهذا الرأي إنما يمكن أن يكون له وجاهة وأن يكون له قبول فيما إذا لم يخالف إما أية وإما حديث أو ما كان عليه السلف من تفسير أية أو من تفسير حديث صحيح, لذلك يجب أن نعرف كيف نتفقه وكيف نتعلم ونحن لا نفر كما يتوهم بعض الناس بل وقد يصرح بعضهم لا نريد من كل إنسان أن يصير عالما وفقيها في كتاب الله وفي حديث رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم فإن هذا ليس بالأمر المتيسر لأكثر الناس حتى لكثير من هؤلاء الذين نصبوا أنفسهم لإبداء أراء لهم تخالف الكتاب والسنة ليس من السهل لأمثال هؤلاء أن يجتهدوا الإجتهاد الذي يستند على الكتاب وعلى السنة فالإعتماد عن كتاب لا بد فيه أن يرجع المعتمد إلى ما أشرنا إليه من كتب التفسير والإعتماد على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا بد في ذلك من الإعتماد على ما صح من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وهكذا حينما يريد أن يجتهد وأن يبدي رأيه في مسألة حدثت, لا بد أن يكون استند إلى عمومات الأدلة من كتاب الله ومن حديث رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم وإلا فمن لم يكن بهذه المثابة لا يكون عالما لأن العلماء جميعا اتفقوا على أن العالم هو الذي يقول في كل ما يذهب إليه قال الله قال رسول الله والمقلد ليس عالما بإجماع العلماء, المقلد الذي يقول قال الشيخ الفلاني أو أفتى الشيخ الفلاني بكذا هذا ليس من العلم في شيء بل هذا من الجهل الذي أشار إليه رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم في الحديث الصحيح وهو ما أخرجه الشيخان في صحيحيهما من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم: (إن الله لا ينتزع العلم انتزاعا من صدور العلماء ولكنه يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا) هذا حديث صحيح وقد صرح فيه الرسول عليه الصلاة والسلام أن العلم ينقرض رويدا رويدا ولا يذهب العلم انتزاعا ينتزعه ربنا من أهل العلم والفضل وإنما يموت أهل العلم سنة الله في خلقه ثم يبقى ناس لا يعرفون من العلم شيئا وأعود لأذكركم " العلم قال الله قال رسول الله وليس قال فلان وأفتى فلان " وهذا هو واقعنا في العصر الحاضر لذلك ننصح إخواننا المسلمين جميعا وبخاصة من كان منهم معنا على هذا الخط والصراط المستقيم في اتباع كتاب الله وفي حديث رسول الله أن يسألوا هؤلاء المفتين لا أقول أن يجتهدوا هم وهم ليسوا أهل اجتهاد وإنما أن يسألوا المفتين حينما يفتونهم برأي لهم في مسألة, من أين جئت بهذا؟ إذا كان من لغة العصر الحاضر اليوم التدقيق في ما يتعلق بجمع الأموال ويلفتون النظر بأن من النظام الإسلامي أن يُحاسب الحكام والولاة الذين يثرون ويغتنون بعد أن انتصبوا في وظائفهم أن يُسألوا من أين لكم هذا المال؟ فأولى من المال العلم أن يقال لهم من أين جئتم بهذا الذي تفتون به الناس؟ إن قالوا قال الله قلنا لهم فسّروا لنا قول الله بما فسره السلف لا بما أنتم ترونه ويراه غيركم من أهل الرأي في هذا العصر وإذا قالوا لنا قال رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم نسألهم هل هذا الحديث صحيح أم ليس بصحيح فإذا قالوا هذا حديث صحيح فنحملهم تبعته وليس علينا نحن المسؤولية لأن المفروض أن يكونوا أهل أمانة فإذا أفتونا بحديث ضعيف وكان الواقع أنه حديث, يأتون بحديث كان واقعه ضعيفا وقالوا إنه حديث صحيح ((فعليهم ما حملوا)) لأنه هم المسؤولون عن أداء الأمانة إلى الناس, إذًا لا ننسى أن الناس جميعا طائفتان, مصرح بهما في القرأن حيث قال عز وجل ((فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)) أهل الذكر هم أهل القرأن لأن الذكر قد ذكر في غير هذه الأية واتفق العلماء من أجل ذلك على أن المقصود بالذكر هنا وهناك إنما هو القرأن فالله عز وجل حينما قال ((إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون)) كان المقصود بهذا الذكر هو القرأن الكريم كذلك لما قال عليه الصلاة والسلام في الأية السابقة التي قسمت الناس إلى علماء وغير علماء لما قال ((فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)) فالمقصود بالذكر في هذه الأية أيضا هو عين المقصود في الأية السابقة ألا وهو القرأن فإذا سألنا أهل القرأن وأيضا من البداهة في مكان أنه ليس ب, ليس المقصود بأهل القرأن هنا هم الذين يرتلون القرأن ويحفظون حروفه وأحكامه المتعلقة بعلم التجويد وقد يطربون فيه طربا غير مشروع لكنهم لا يفقهون شيئا من معاني ما يتلون, ليس المقصود بأهل القرأن هؤلاء الذين يحفظون حروفه دون معانيه وإنما المقصود بالقرأن إنما هم أهل العلم أي أهل الفهم بكتاب الله عز وجل وبحديث رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم لا يمكن إذا لم نقل لا يجوز لمسلم أن يتصور عالما بالقرأن بتفسيره وبمعانيه وهو جاهل بالسنة

(207/4)


«
تفسير الشيخ لقوله تعالى: (فسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون).»
الشيخ: ولذلك يجب أن نستحضر في بالنا وفي خاطرنا أننا حينما نفسر هذه الأية ((فاسألوا أهل الذكر)) بأهل القرأن وأنه المقصود به أهل العلم بالقرأن والفهم لمعانيه يجب أن نستحضر أنهم أيضا على علم بالسنة وإلا فمن كان جاهلا بالسنة أو لا يميّز صحيحها من ضعيفها وضعيفها من موضوعها فهذا لا يمكنه أن يفقه القرأن بصورة باتة لا يمكن لإنسان أن يفسر القرأن إلا اعتمادا على سنة الرسول عليه الصلاة والسلام, وهذا مما يدل عليه القرأن نفسه لأن الله عز وجل قد قال فيه مخاطبا به نبيه ((وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم)) ((وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم)) فبيان الرسول عليه السلام للقرأن هو سنته, هذا البيان إذا لم يعرفه العالم فلن يستطيع أبدا أن يفسر القرأن تفسيرا صحيحا ولذلك فنحن نرى في هذا العصر وقبل هذا العصر كثيرا من الناس لا يعرفون من السنة شيئا يذكر.
واجب العلماء أن يفتوا غير العلماء, واجب غير العلماء أن يسألوا أهل العلم بصريح هذه الأية فكلٌّ من القسمين عليه واجبه من ليس عالما ((فاسألوا أهل الذكر)) أهل العلم ومن كان من أهل العلم فعليه أن يبلغ هذا العلم وإلا شملته اللعنة التي جاء ذكرها في القرأن ووعيد حديث الرسول عليه الصلاة والسلام (من سُئل عن علم فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار) ولذلك أي تحقيقا لوجوب السؤال ممن ليس بعالم أن يسأل أهل العلم قد قال عليه السلام في حديثه المعروف (ألا سألوا حين جهلوا فإنما شفاء العيّ السؤال) فإذا نحن سألنا من ليس عالما بالكتاب والسنة فلم نسأل عالما فإذا أفتانا هذا الذي ليس عالما بالكتاب والسنة أو أفتانا على خلاف الكتاب والسنة فلم يقدم إلينا علما فلا يجوز لنا حينئذ أن نتبعه وإلا بنكون ضللنا معه كما سمعتم في الحديث السابق (إن الله عز وجل لا ينزع العلم انتزاعا من صدور العلم ولكنه يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يُبق عالما اتخذ الناس رؤوسا جهّالا فسُئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا) فإذا كان هناك بعض الناس لا يهمهم أن يضلوا بسبب إفتائهم بالرأي المخالف للعلم الصحيح فينبغي على جماهير المسلمين الذين ليس, ليسوا من أهل العلم وواجبهم كما ذكرنا أن يسألوا فينبغي عليهم أن يتنبهوا وألا يضلوا مع من ضل من هؤلاء الذين يفتون بغير علم وسبيل ذلك هو أن نتأدب بأمر الله عز وجل في القران ((هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين)) وإن لم يفعل كما يأمرنا ربنا في هذه الأية ضللنا مع الضالين وكنا من أهل الجحيم, نسأل الله عز وجل أن يحفظنا وإياكم من كل ما يضللنا ويخرجنا عن سواء السبيل ولعل في هذا القدر كفاية لبيان أن العلم النافع إنما هو قال الله قال رسول الله قال الصحابة.
السائل: شيخ ويلاحظ على الأسئلة التي جاءت أن الكثير منها قد طُرح في لقاءات سابقة كسياقة المرأة للسيارة مثلا وموضوع الخروج على الحكام المعاصرين وموضوع ستر الوجه بالنسبة للمرأة وأمور متعلقة بالصلاة ولذلك فهذه الأمور يعني نُرجؤها لأنها قد طُرحت في لقاءات أخرى وبالإمكان الحصول عليها من الأشرطة السابقة.

(207/5)


«
ما رأيكم فيمن يقول: (إن الصحابة رجال ونحن رجال) وقد اختلفوا فيما بينهم فكيف نرجع إليهم؟»
الشيخ: وهناك بعض الأسئلة الجليلة في مجمل الأسئلة تدور على أساس فضيلة الشيخ أنكم قلتم أننا يجب أن نتبع الكتاب والسنة لكن هناك من الناس من يقول بأننا يعني " لا ما لنا والصحابة فهم رجال ونحن رجال " " وهم اختلفوا فيما بينهم فكيف يكون مرجعا لهم وهم مختلفون فيما بينهم في أمور متعددة "
الشيخ: أنا أشرت في كلمتي السابقة أن الصحابة إذا كانوا على تفسير واحد لا يجوز الخروج عليهم أما إذا كان كما في سؤال السائل إذا الصحابة أنفسهم اختلفوا فحينذاك وجب على أهل العلم أن يقوموا بتحقيق نص من نصوص الكتاب الكريم ألا وهو قوله تبارك وتعالى ((فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الأخر ذلك خير وأحسن تأويلا)) بحثنا السابق كان يا إخواننا يجب أن تفهموا علينا جيدا ما نطرحه عليكم من النصائح والعلم, نحن نقول أية ((وفي سبيل الله)) قد فسرها المفسرون قديما, صحابة وتابعين وأئمة مجتهدين وبنوا عليها بعض الأحكام الفقهية على أن المقصود بها الجهاد في سبيل الله, قول أخر للإمام أحمد أنه أيضا يدخل فيه الحج في سبيل الله, ما أحد من الصحابة خالف في هذا إطلاقا ولذلك كان السؤال لا يرد فيما نحن فيه, قد يرد في مكان أخر فجوابه أنهم إن اختلفوا فصحيح حينذاك نحن رجال وهم رجال لكن هذا الذي يقول نحن رجال ما وزنه في العلم؟ هل هو هذا الذي قلنا إنه يفتي بما قال الله وما قال رسول الله ويدرس أقوال السلف ويعلف أنه المسألة هذه فيها قولين وإلا ما فيها إلا قول واحد, إن كان كذلك فقد يجوز أن يقول الإنسان " هم رجال ونحن رجال " وإن كان هذا فيه شيء من التزكية للنفس وذلك طبعا محذور شرعيا ولكن على كل حال إذا ما قاله بلسان القال فيمكن أن يقوله بلسان الحال فمن الذي يجوز أن يقول عن نفسه بلسان الحال " نحن رجال " ومتى يجوز له أن يقول " نحن رجال " كما هم رجال؟ الجواب أولا إنما يجوز أن يقول القائل من المتأخرين هم الصحابة رجال ونحن رجال إذا كان جرى على سيرهم وعلى خطتهم وعلى منهجهم من حيث عدم الإفتاء بالرأي وإنما بما جاء في الكتاب والسنة فإن كان هذا الذي يقول هم رجال ونحن رجال سار على هذا المنهج الذي جرى عليه أولئك الرجال جاز له أن يقول ولو بلسان الحال نحن رجال كما هم رجال هذا أولا
وثانيا متى يقول هذا؟ يقول هذا إذا اختلفوا أما إذا اتفقوا فليس هو برجل بل قوله نحن رجال دليل على أنه ليس من الرجال لأن الله عز وجل قد ذكر في الأية السابقة التي بينت بها على أنه لا يجوز لأحد اليوم أن يأتي بتفسير جديد لنص من قرأن الله القديم فُسّر على وجه الفلق فلا يجوز الأن أن نفسر نحن هذا النص بتفسير جديد لم يسبق إليه هذا يكون قد خارج على ما كان عليه أولئك الصحابة وهناك يتحقق فيه قول الله عز وجل وقول الرسول عليه السلام المعروف أما قول الله فهي الأية السابقة ((ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا)) لماذا ذكر الله عز وجل في هذه الأية ((ويتبع غير سبيل المؤمنين)) لماذا لم تكن الأية "ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى نوله ما تولى" لماذا زاد هذه الجملة المعطوفة على الرسول وقال ((ويتبع غير سبيل المؤمنين)) ذلك لما ذكرناه أنفا أن الصحابة الذي تلقوا العلم أي القرأن والحديث من الرسول عليه الصلاة والسلام مباشرة كانوا أفهم الناس عقولا وأطهر الناس قلوبا وأزكى الناس نفوسا ولذلك كانوا يبادرون إلى تطبيق أحكام الله عز وجل مهما كانت شديدة على النفس لا سيّما إذا كانت حديث عهد بالإسلام, هؤلاء الصحابة هم الذين تلقوا القرأن والسنة وفهموه وطبقوه إذا نحن جئنا في أخر الزمان فخالفناهم في فهمهم في عملهم انطبقت علينا تلك الأية ((ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين)) فنكون قد اتبعنا سبيل غير سبيل المؤمنين ومثال الأن بين أيديكم إذا لم يوجد في السلف من قال ((وفي سبيل الله)) يدخل فيه كل المشاريع الخيرية فمعنى الذي يُفتي ويُفسّر الأية بهذه الكلية أنه خالف سبيل المؤمنين أما إذا اختلفوا كما جاء في السؤال فحينذاك لنا جواب ثاني وهو منصوص أيضا في القرأن الكريم ((فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الأخر ذلك خير وأحسن تأويلا)) نعم.
ومشكلة جديدة اليوم أن كثيرا من الناس يعلمون أن المسألة فيها خلاف فعلا فكيف يتبنون قولا ويرجحونه على قول ليس اعتمادا على هذا الأمر الإلاهي وتنزيها له ((فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول)) لا يرجعون إلى الله والرسول ومعنى الأية كما هو معلوم لدى الجميع الرجوع إلى كتاب الله وإلى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم, إذًا إلى ماذا يرجعون؟ والله هذا الأيسر, هذا الأصلح وهذا يعني بيشجع الناس على التمسك بالدين, أهكذا أمر رب العالمين في الأية؟ لا ((فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الأخر ذلك خير وأحسن تأويلا)) فمن لم يرجع هذا المرجع ما يكون يعني في تعارض الأية أنه في قلبه زغل وفي إيمانه ضعف لذلك ينبغي نحن معشر المسلمين جميعا بالقسمين السابقين, من كان من أهل العلم حقا فسبيله أن يرجع إلى كتاب الله وحديث رسول الله وما اتفق عليه أصحاب رسول الله فإن تنازعوا رجع إلى كتاب الله وحديث رسول الله بحكم هذه الأية ومن كان من عامة الناس ليس من أهل العلم يرد الأية السابقة الذكر ((فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)) من هم أهل الذكر؟ عرفنا بوضوح كما قال بن القيم " العلم قال الله قال رسوله " أهل الذكر أهل العلم بالقرأن وبالسنة, أما السؤال هذا فعما تنازعوا فيه, لقد تنازع الصحابة كثيرا في بعض المسائل الفرعية ولم يختلفوا والحمد لله في شيء من العقيدة بخلاف الخلف فلمّا تنازعوا رجع العلماء المسلمين وبخاصة منهم المجتهدين إلى القرأن وإلى السنة فرجّح كل منهم ما تبين له أنه الراجح فأرجو أن لا يختلط الأمر على أحد من الحاضرين بين وجوب اتباع الصحابة فيما اتفقوا عليه وعدم الخروج عليهم برأي جديد وبين ما إذا كانوا اختلفوا فحينذلك نقول أو يقولون هم رجال ونحن رجال بالشرط السابق أن يكونوا يتحاكمون إلى كتاب الله وحديث رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم.

(207/6)


«
هل الصحابة اختلفوا في العقيدة؟»
السائل: الأن نرتبط بهذا الموضوع, هل الصحابة اختلفوا في العقيدة؟
الشيخ: سبق الجواب, سبق السيف العذل قلت أنفا أنه الصحابة اختلفوا في بعض المسائل الفرعية ولم يختلفوا والحمد لله في شيء من العقائد كما اختلف الخلف, السلف والحمد لله ليس فيهم معتزلي وليس فيه مرجئي ولا فيهم أشعري ولا فيهم ماتوريدي بل كلهم سلفيون كما نقول نحن اليوم لأنهم كلهم تبعوا سيد السلفيين وهو الرسول عليه السلام دون أن يميلوا يمينا أو يسارا دون أن يحكموا عقولهم وأراءهم في الأمور الغيبية فأنتم تعلمون مثلا المعتزلة أنكروا رؤية الله في الأخرة, بأي دليل؟ قالوا مش ممكن الإنسان العاجز الضعيف في نظر أن ينظر إلى الله الخالق القدير, ما في عندهم علم سوى " مش معقول " ربنا قد بيّن لنا أن يوم القيامة لها نظام يختلف عن نظام هذه الدنيا الفانية ولذلك أنبأنا بأمور غيبية لنؤمن بها ونسلم لها تسليما كما جاء في الأية السابقة ويسلموا تسليما لا أن نقول هذا مش معقول وهذا بعيد عن العقل والمنطق وقع في مثل هذه الإنحرافات المعتزلة والأشاعرة وغيرهم.
السائل: حياك الله

(207/7)


«
هل الشارع اسم من أسماء الله؟»
السائل: تذكر أحيانا في كتبك وكتب كذلك شيخ الإسلام بن تيمية كلمة " الشارع " فهل هذا اسم من أسماء الله؟
الشيخ: هذا ليس إسما من أسماء الله لكن هذا إخبار عن وصف ((أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله)) نحن نقول مثلا بكل بساطة ولا إنكار ولا جحود الله موجود فهل اسم موجود من أسماء الله عز وجل؟ طبعا لا, الذي ينكره العلماء أنه لا يجوز تسمية الله عز وجل وصفه إلا بما سمّى ووصف به نفسه لا يعنون الجملة الخبرية التي يطلقها الإنسان ثم لا يقف عندها فيصف الله عز وجل بأنه من أسمائه أنه موجود ومن أسمائه بأنه شارع وإنما هو يخبر خبرا محضا وهذا ما يبينه بن تيمية الذي يقول السائل بأنه يستعمل كلمة " الشارع " لأن هذا إخبار عن معنى قائم في الذهن يعبر عنه الإنسان فالله عز وجل إذا قال قائل ليس بمفقود ليس بمعدوم لا يكون قد أطلق إسما على الله أو صفة من صفات الله لكنه بهذه الكلمة ليس بمعدوم يعبر عن كلمة الباقي أو اسم الباقي والحي القيوم ونحو ذلك لهذا لا ينكر مثل هذا الإستعمال إذا لم يستعمل على أنه اسم جاء عن السلف أو أنه صفة جاءت في الشرع منصوصا عليها

(207/8)


«
يتهم البعض السلفيين بأنهم يهتمون فقط بقضية التوحيد وخاصة توحيد الأسماء والصفات أكثر من غير ذلك فلماذا؟»
السائل: يشاع أو يتهم البعض السلفيين بأنهم مهتمين فقط في قضية التوحيد وخاصة توحيد الأسماء والصفات أكثر من غيرها فلماذا؟
الشيخ: هذا السؤال نلاحظ في الحقيقة أن فيه اعتدالا وأرجو أن يكون السائل قد قصد ذلك ولم يكن منه " رمية من غير رام " كما يقال لأنه جاء في ختام السؤال أكثر من غير ذلك فنقول صدقت وهل هذا خطأ أن يهتم الدعاة السلفيون بدعوة المسلمين إلى أسّ الإسلام ألا وهو التوحيد أكثر من غير ذلك مما هو دون ذلك بكثير فهذا يعني هو سؤال فيه إشارة إلى أنه هذا خطأ, إن كان الأمر كذلك فالسائل هو المخطئ, لماذا لو سألنا لو سألنا أي واحد من هؤلاء الذين ينقمون على السلفيين اهتمامهم بالتوحيد وما يتفرع منه من محاربة الشركيات والوثنيات والخرافات والعقائد الباطلة, إذا قلنا لهؤلاء المنكرين فأي شيء ينبغي أن نهتم أكثر؟ أنا أتحداه أن يقولوا أنه هناك شيء أهم من هذا, نعم في هناك أشياء هامة وهامة كثيرة جدا وقد لا يستطيع أن يقوم بالدعوة إليها أو بفهمها شخص واحد بل ولا أشخاص بل قد لا يستطيع أن يقوم بها جماعة واحدة وإنما جماعات وكما قيل " العلم إن طلبته كثير *** والعمر عن تحصيله قصير
فقدم الأهم منه فالأهم *** " فإذا كان الداعية السلفي لا يستطيع أن يبحث مثلا في السياسة وفي الإقتصاد وفي ... أشياء تسمى اليوم في العصر الحاضر الإجتماعات لا يستطيع لأنه لم يعط الإنسان قدرة تتسع وحافظة تتسع لكل ما يجب أن يعلمه جماعة المسلمين فيحيط به فرد من أفراده, هذا أمر مستحيل والله عز وجل يقول ((لا يكلف الله نفسا إلا وسعها)) فإذًا على كل مسلم أن يقوم بواجب من الواجبات خاصة إذا كانت واجبات عينية فإذا انتهى منها قام بواجبات كفائية أما لماذا فلان يعمل في كذا ولا يعمل في كذا؟ هذا خطأ منْ منْ من الناس مهما أحسنتم الظن به يقوم بكل شيء يجب أن يقوم به المسلم, هذا أمر مستحيل خاصة في باب الفروض الكفائية مثلا أولئك الذين نراهم يشتغلون مثلا بالناحية السياسية الإسلامية زعموا, لماذا لا يهتمون بإصلاح عقائد المسلمين ويعيش الفرد الواحد منهم في حزبهم وفي جماعتهم بضع سنين أو أكثر ثم يخرج بعد ذلك لم يفقه العقيدة لم يفقه معنى لا إله إلا الله التي فهمها العرب في أول الإسلام وهم لا يزالون في كفرهم وفي ضلالهم لكنهم بعد أن فهموها كفروا بها كما قال الله عز وجل حكاية عنهم أنهم قالوا ((أجعل الألهة إله واحدا إن هذا لشيء عجاب)) المسلمون اليوم كثير منهم جدا لا يفقهون هذه الكلمة فلماذا هؤلاء الذين يشتغلون زعموا بالسياسة ويشتغلون زعموا بالتربية لماذا لا يُعنون بإصلاح العقيدة؟ لماذا لا يعنون بتصفية الإسلام مما دخل فيه؟ من أحاديث ضعيفة موضوعة ومن عقائد منحرفة ولماذا ولماذا هذا أسئلة لا تنتهي أبدا, نحن نكتفي بأن أمثال هؤلاء إذا عملوا بالواجب نشكرهم على ذلك لأن هذا واجب من الواجبات الكفائية ولكن بشرط أن لا يحاربوا أولئك الناس الذين يقولون عنهم بأنهم صرفوا حياتهم في الدعوة للتوحيد وهذا فيه شيء من الإنصاف وإلا كثيرا ما سمعنا بل رأيناه مطبوعا على رسالة هناك في الأردن يقولون وماذا عند السلفيين سوى أنه تحريك الإصبع سنة وتعليق الساعة الدقاقة في المسجد بدعة, وهو هذا الذي يكتب هذا يعلم أن هؤلاء السلفيين يعالجون أهم قضية اليوم يحتاجها العالم الإسلامي ألا وهي معرفة أولا توحيد الله عز وجل في عبادته وفي أسمائه وصفاته
وثانيا إفراد الرسول عليه السلام في اتباعه دون الناس أجمعين, هذا هو معنى لا إله إلا الله محمد رسول الله, السلفيون بفضل الله أنعم الله عليهم أنهم يدعون إلى هذا الإخلاص لله عز وجل في توحيده وإلى إفراد الرسول عليه السلام في اتباعه دون غيره حتى الأنبياء والرسل فضلا عمن دونهم من العلماء والصالحين ولعلكم تذكرون والشيء بالشيء يذكر, حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما الذي أخرجه الإمام أحمد في المسند وغيره أن النبي صلى الله عليه وأله وسلم (رأى في يد عمر يوما صحيفة يقرأ فيها قال ما هذه؟ قال هذه صحيفة من التوراة كتبها لي رجل من اليهود فقال عليه الصلاة والسلام وهو غضبان، أمتهوكون أنتم كما تهوكت اليهود والنصارى والذي نفس محمد بيده لو كان موسى حيا لما وسعه إلا اتباعي) موسى لو كان حيا ما استطاع أن يتبع إلا الرسول عليه الصلاة و السلام, من يتبع اليوم جماهير المسلمين؟ هل يتبعون الرسول عليه السلام؟ من المؤسف أن أقول بكل صراحة خذ أي شيخ تعتقدون فيه العلم قل له صف لي كيف كان رسول الله يصلي حتى أصلي صلاته إن كان منصفا فسيبادرك بالقول أنا مذهبي شافعي وإن كان حنفيا سيقول أنا مذهبي حنفي, إذا سألته عن أركان الوضوء وشروط الوضوء سيقول أنا حنفي في أربعة, إذا كان شافعي فسيقول هي ستة, يا أخي دلني كيف الرسول عليه السلام توضأ؟ لا يعرفون الرسول عليه السلام وانقطعت الصلة مع الأسف الشديد بينهم وبين الرسول فاتبع غير الرسول حقيقة بينما كان واجبهم أن يفردوا الرسول عليه السلام بالإتباع تماما كما يفردون الله بالعبادة لأنه هذا حق الله وهو عبادته وحده لا شريط له وهذا حق رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو اتباعه وحده لا شريك له أيضا في هذا الإتباع, لا نجد اليوم علماء المسلمين يخلصون للرسول عليه السلام في اتباعه بل بتخذون معه أتباع كثيرين وكثير, متبعين كثيرين وكثيرين جدا إذًا نحن ندعو إلى تفهيم المسلمين حقيقة هذه الشهادة لا إله إلا الله محمد رسول الله فعلى أولئك الذين يشتغلون بما دون ذلك من الإسلام أن لا يحاربوا هذه الدعوة لأنه دعوة لا تساوي كما يقول عندنا في الشام " قشرة بصلة " إذا لم يؤمنوا بهذا التوحيد الذي بينه الله تبارك وتعالى في كتابه وشرحه نبينا صلى الله عليه وسلم في سنته, ربنا يقول ((لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين)) ((لئن أشركت ليحبطن عملك)) اليوم مئات الألوف من المسلمين يصلون ليس فقط في الصلوات الخمس بل يصلون والناس نيام, يحجون إلى بيت الله الحرام وليس فقط حجة الإسلام بل قد يحجون في كل عام ومع ذلك ففي بيت الله الحرام نسمع الشرك يعمل عمله, ما فائدة هذه العبادات إذا كان ربنا عز وجل يصرح في كتابه كما سمعتم ((لئن أشركت ليحبطن عملك)) وقال عز وجل في حق الكفار ((وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا)) إذًا نحن إن كان يجوز لنا أن نفخر بأننا ندعو في أكثر أمورنا ودعوتنا إلى التوحيد وتوحيد الأسماء والصفات, إن كان يجوز لنا أن نفخر بذلك فنحن فخورون جدا لأننا نحقق نصا في القرأن ((فاعلم أنه لا إله إلا الله)) فعلى الأخرين أن لا يحاربوا هذه الدعوة بل ينقادوا معها حتى يستفيدوا من جهود أخرى التي هي دون تلك الدعوة بدرجات سحيقة وسحيقة جدا. نعم.

(207/9)


«
ما حكم من يساعد على نشر كتب الأشاعرة وغيرهم من الفرق الضالة؟»
السائل: يقول السائل ما حكم من يساعد في نشر كتب الأشاعرة وغيرهم من الكتب الضالة؟
الشيخ: هذا السؤال لا بد من توضيح الجواب عليه, إذا كان الذي يطبع هذه الكتب ليتعلم الناس فيها عامة الناس يتفقهوا بما فيها من كلام بل من علم الكلام فهذا طبعا يصدق فيه الشطر الثاني من قول الله عز وجل في القرأن الكريم ((وتعانوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان)) ففي هذا النشر تعاون على الإثم والعدوان أما إذا كان النشر في حدود.

(207/10)


«
هل يقال فلان شهيد أو استشهد في سبيل الله؟»
السائل: أن يقال فلان شهيد أو استشهد في سبيل الله
الشيخ: الشهيد في الإسلام يا إخواننا الكرام له حالتان إما أن تكون شهادته حقيقية وإما أن تكون شهادته حكمية وليست حقيقية, الشهادة شهادتان الشهادة الأولى هو القتيل من المسلمين يقع شهيدا في المعركة وهو يقاتل في سبيل الله وهذا هو الشهيد حقيقة وهذا له أحكام معروفة في الإسلام فهو لا يغسل ولا يكفن ويدفن في ثيابه التي تضمخت بالدماء الزكية ويدفن في المكان الذي وقع فيه صريعا, هذه أحكام خاصة للشهيد في المعركة ثم هناك شهادة حكمية ولا يترتب من ورائها شيء من هذه الأحكام المتعلقة بالشهادة أو الشهيد الحقيقي, هذا النوع من الشهادة وهي الشهادة الحكمية إنما تؤخذ بطبيعة الحال من ما حكم الشارع الحكيم بأن من اتصف بكذا فهو شهيد مثلا يقول الرسول صلى الله عليه وأله وسلم (من مات دون ماله فهو شهيد) (ومن مات دون دمه فهو شهيد) و (من مات دون عرضه فهو شهيد) (من قتله بطنه فهو شهيد) (من قُتل بالغرق أو الهدّ) الهدم (فهو شهيد) (من قُتل بداء السل فهو شهيد) (المرأة الجمعاء تموت في نُفاسها فهي شهيدة) هذه بعض النماذج مما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أطلق عليه اسم شهيد ومع ذلك فالعلماء مجمعون على أن هذا الإطلاق لا يعطيه فضيلة الشهيد حقيقة الذي مات في المعركة وإنما هو من باب التقريب في الفضل يعني هؤلاء الذين أطلق عليهم الرسول عليه السلام أنهم أو أن كل واحد منهم شهيد له فضل لا يساويه في ذلك سائر الناس الذين لا يموتون في حالة من هذه الأحوال.
ألسنتكم جاهدوا المشركين بأنفسكم وأموالكم وألسنتكم فهذا الذي يؤلف المقالات أو يطبع الرسالات في الرد على الكفار المشركين, هذا نوع من الجهاد بلا شك, هذا الذي يساعد هؤلاء بماله فهو إيضا نوع من الجهاد في سبيل الله عز وجل لكن لا يسمى شرعا إذا مات والحالة هذه إنه شهيد ذلك لأن الشهادة حكم شرعي لا يجوز إطلاقه على كل من جاهد في سبيل الله نوعا من أنواع الجهاد وإنما هو الوقوف مع النص, نحن نضرب لكم مثلا برجل قلما ولدت النساء مثله في الجهاد بالمعنى العام ألا وهو شيخ الإسلام بن تيمية ويكفيكم أنه مات في السجن محبوسا ظلما وعدوانا لأنه كان يصدع في الحق ولا تأخذه في الله لومة لائم, فأرونا أي كتاب من كتب علماء المسلمين الذين يترجمون لهذا الرجل ويبينون أنه كان أمة وحده, وصفوه بابن تيمية الشهيد, الشهيد بن تيمية, الحق والحق أقول إن هذه الكلمة أصبحت اليوم مبتذلة إلى درجة نضحك نحن من بعض الناس أن رجلا قتل أخر ظلما وبغيا وعدوانا فيأتي أخر فيقتل القاتل وإذا بهذا القاتل الذي صار قتيلا وأخذ جزاءه في الدنيا حينما يحمل على النعش وعلى الرؤوس تسمع الناس يقولون والشهيد حبيب الله فأصبحت الشهادة كلمة مذلولة, عندنا في سوريا كان شاعت قصة رجل في الحرب مع اليهود اسمه "جون جمال" يمكن سمعتم باسمه, هذا الرجل نصراني وأصبح بين الناس حتى المسلمين بجهلهم وضلالهم وبعدهم عن الإسلام الشهيد جون جمال وحتى اطلق اسمه على مدرسة ولافتة كبيرة " مدرسة الشهيد جون جمال ", ما الذي سوغ هذا الإنفراط البالغ في إطلاق هذا الإسم حتى على الكافر تساهلنا نحن في استعمال هذه الكلمة حتى أدخلنا فيها أو تحتها أي معنى له يعني منزلته في الإسلام, هذا لا يجوز إسلاميا, يجب أن نقف كما قال تعالى ((تلك حدود الله فلا تعتدوها)) ... ((فلا تعتدوها)) ((ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه)) فنحن إذًا خلاصة الكلام لا نطلق لقب أو اسم الشهيد إلا على ما جاء في السنة بأنه شهيد مهما كان عمله عظيما كما ضربنا لكم مثلا بهذا الرجل العظيم ألا وهو شيخ الإسلام بن تيمية الذي مات وهو سجين, لا نقول عنه إنه شهيد وإن كنا نريد أن نطلق هذه الكلمة على بعض الناس من الأبطال الذين أبلوا بلاء حسنا في سبيل خدمة الإسلام ومحاربة أعداء الإسلام لقلنا الشهيد بن تيمية ولكن حاشى لله أن نعظم الناس بألفاظ ما جاء الإذن لنا في شريعة الله عز وجل أن نستعملها وفي ذلك عبرة لمن يعتبر وذكرى لمن يتذكر.
السائل: أخر ... أواخر.

(207/11)


«
يشيع البعض بأنكم تضعفون وتصححون دون ضوابط والدليل على ذلك أنكم أحيانا تتشددون في التصحيح وأحيانا تتشددون في التضعيف وأحيانا تصححون وتضعفون في صحيح الجامع وتقولون رجعنا عن كذا وكذا فما قولكم؟»
السائل: يُشيع البعض لأنكم تضعفون وتصححون دون ضوابط والدليل على ذلك أنكم أحيانا تتشددون في التصحيح وأحيانا تتشددون في التضعيف وأحيانا تصححون في الصحيح وتضعفون في الصحيح الجامع؟
الشيخ: نعم
السائل: وتقولون رجعنا عن كذا وكذا فما قولكم؟
الشيخ: نقول من كان من أهل العلم فنحن مستعدون لنناقشه فيما يدعيه أما إذا كان ليس من أهل العلم فلا وزن لكلامه, هذا من جهة, من جهة أخرى أنا أعترف وأقول كما قلت أنفا إن جاز لي أن افتخر فأنا أفتخر لأنه إذا تبيّن لي الخطأ رجعت عنه ولا أصر عليه كما يفعل غيري ومن المؤسف جدا أن تنقلب الفضيلة اليوم مع بعض الناس إلى قباحة أو قبيحة بل ربما إلى رذيلة فماذا في الإنسان إذا تبين له خطؤه في كتاب فتراجع عنه لا سيما في مثل هذا العلم العزو للحديث والتصحيح والتضعيف الذي أعرض عنه ملايين علماء المسلمين طيلة هذه القرون الطويلة, لماذا؟ لصعوبته وأنا أضرب لكم مثلا بسيطا جدا ولو أنه له علاقة بالمصطلح لكنه واضح المثال, الحديث ينقسم عند علماء الحديث وأقول الصحيح ينقسم إلى صحيح بذاته وصحيح لغيره وكذلك الحديث الحسن ينقسم عند أهل العلم إلى حديث حسن لذاته وحسن لغيره وهنا البحث الأن ما معنى هذا حديث حسن لذاته وحديث حسن لغيره؟ معناه أن هذا الحديث ليس له سند صحيح لكن له سند صحيح هذا تعريف ماذا؟ الحديث الحسن لذاته والحديث الحسن لذاته هو الذي توفرت فيه شروط الحديث الصحيح كلها لكن أحد رواته قل ضبطه وحفظه عن مستوى حفظ وضبط راوي الحديث الصحيح لذلك قالوا عن حديثه حديث حسن لذاته يأتي بعد ذلك المثال في النهاية الحديث الحسن لغيره ما هو؟ يعني هو الحديث الذي ليس له إسناد صحيح فيأتي الشيخ الألباني مع غيره الذي موضوع في قفص الإتهام يأتي إلى حديث فيقف على إسناده فيضعفه ويمضي زمن ويمضي زمن وهو يقول أنه هذا حديث ضعيف وإذا به وهو منغمس كل حياته لدراسة المخطوطات فضلا عن المطبوعات وإذا به يرى لهذا الحديث طريق أخرى وأقل ما يفيد هذه الطريق الأخرى ذلك الحديث الذي هو ضعيف أنه يرفعه من الضعف إلى مرتبة الحسن لغيره فأقول في كتاب أخر هذا حديث حسن, إيه لما قلت من قبل أنه ضعيف ثم قلت أخيرا في كتاب أخر أنه حسن؟ لأنه تبيّن لي شيء كنت لا أعلمه وإن كان الإنسان بطبيعة الحال كما وصفه الله عز وجل ((وما أوتيتم من العلم إلا قليلا)) لكن أصدق ما يصدق مثل هذا النص هو بالنسبة للذي يشتغل في علم الحديث لكثرة الطرق بالألوف المؤلفة ولذلك فالواجب على الإنسان أن يبحث في حدود ما يستطيع وأنا فعلت ربما لا أقول هذا مدحا بل بيانا للواقع, بحثت وفتشت عن طرق الحديث بصورة يمكن لا وجود له في العصر الحاضر وكثير من أهل الإنصاف والعلم يعترفون بهذه الحقيقة لكن هل أنا أحطت بكل شيء علما هيهات هيهات فاتني ويفوتني الشيء الكثير, هذا مثال بسيط فالذي يجهل هذه الحقيقة إيه ليه الألباني ضعّف الحديث في الكتاب الفلاني ثم صححه في الكتاب الفلاني, هذا مثال للحديث الي ضعفته في كتاب وقوته في كتاب أخر والعكس أيضا صحيح يقع أي ربما أصحح حديثا في كتاب وتمضي السنين وإذا به أكتشف علة خفية في ذلك الإسناد الذي كنت صححته فأنقد نفسي بنفسي وقد ينقدني غيري فأستفيده منه فأعلنها صريحة أنه هذا الحديث ضعيف السند, إن كان في مجال للبيان فعلت ذلك وبيّنت وفصّلت القول ومجال ذلك في الكتابان المشهوران سلسلة الأحاديث الصحيحة وسلسلة الأحاديث الضعيفة وإن كان ما في مجال اقتصرت لبيان المرتبة كما جريت على ذلك في صحيح الجامع وضعيف الجامع.
هذه الأمور أهل العلم لا يكادون يتنبهون لها فضلا عن طلبة العلم فضلا عمن دونهم لذلك أنا أنصح إخواننا طلبة العلم جميعا مهما كانت اتجاهاتهم وحزبيتهم عافانا الله وإياهم أن يتريثوا في النقد وأن يتساءلوا في أنفسهم كما جاءني نقد من بعض الإخوان في بعض الليالي التي سهرناها في الخارج أنه مثلا ينتقدني في حديث أنه حديث الطيرة يعني (وما منا إلا) من إيه يصيبه الطيرة (ثم يذهبه الله بالتوكل) فكتب إليّ يعني قرابة صفحة يقول أنت أخطأ حينما ذكرت (وما منا) هذا ليس من الحديث وإنما هذا مدرج على حسب ما نقل هو فقط قلت والله هذه خطيئة (وما منا) من أحد إلا ويخطئ لما رجعت إلى الحديث الذي أردت في السلسلة وإذا أنا أشرت الكلام الذي هو يواجهني به ويقول أنه هذه الجملة مدرجة فكيف أنت صحّحتها وإذا بي أجد الكلام هناك في الصحيحة أشير إلى الإدراج وأنقل كلام بعض الأئمة الذين هو نقل عنهم أنه هذه الزيادة مدرجة ولكني أتبنى رأي علماء أخرين أنه هذا ليس مدرجا لأنه جاي في صلب الكلام, هذا المثال يعني من الأمثلة فصرّوا بعض إخواننا بإنكار وكأنه المقصود هو مجرد الإنكار وليس البحث العلمي, خلاصة القول, قد أصحّح حديثا ثم يتبيّن لي علة فيما بعد والعلل كثيرة في هذا العلم قد يكون مثلا هناك إرسال خفي والإرسال الخفي من العلل التي يقول بعض أهل العلم أنه معرفة علل الحديث من حيث الإرسال هو أدق أنواع علم الحديث, من الذي يعرف هذا المجال؟ وأهميته؟ وكونه قد يخفى على أكبر العلماء؟ ما يعرف ذلك إلا الذي مارس الأمر بنفسه, خلاصة القول أنه هذا السؤال الذي سمعته الأن ليس هو بالأمر الجديد, تأتينا رسائل ومناقشات كثيرة والجواب باختصار, أن الذي ينقل هذا النقد ما أظنه من أهل العلم وإن حسنت الظن به فهو من شبابنا المسلم المتحمس ثم ينطلق بدون وعي إلى النقد, هذا إذا كان ليس من أهل الشحناء والبغضاء الذين ابتلينا بهم في بعض البلاد ونسأل الله عز وجل أن يصلح ذوات نفوسنا وأن يطهر قلوبنا من الغل والحقد والحسد وأن يجمعنا على كتاب الله وهدي رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم.
السائل: هذا سؤال آخَر، آخِر سؤال.

(207/12)


«
كيف يكون الرد على من يقول أنتم معشر السلفيين تنكرون التقليد وأنتم تقلدون الألباني بقولكم صححه وحسنه وضعفه مع أنه يخالف في بعض الأحيان أئمة الحديث كابن حجر والذهبي وغيرهما؟»
السائل: يقول كيف يكون الرد على من يقول أنتم معشر السلفيين أو السلفيون تنكرون التقليد وأنتم تقلدون الألباني بقولكم صححه وحسنه وضعفه مع أنه يخالف في بعض الأحيان أئمة الحديث كابن حجر والذهبي وغيرهما؟
الشيخ: شوف هذا السؤال, أظن سمعتموه ماذا يفعل المسلم إذا وجد العلماء قد اختلفوا في حديث ما تصحيحا وتضعيفا؟ لا بد له على طريقة السائل من أن يقلّد إما الذي صحح وإما الذي ضعّف ثم هو ليس بين يديه من يساعده أو يبصره على ترجيح قول من القولين على الأخر لكن يوجد هناك رجل ابتلي بالناس وابتلي الناس به أنه خصّص حياته لهذا العلم واقتنع بعض الشباب المسلم بأنه هذا الرجل على شيء من هذا العلم فيسمّي السائل أو من يشير إليه أنه هذو الشباب في العالم الإسلامي كله بيدعوا أنه هم سلفيين ما بيقلدوا وها هم يقلدون الألباني, طيب من يقلدون إذًا؟ يقلدون الذين ماتوا واختلفوا وتركوا لنا هذا الإختلاف لا بد لهم من أن يتبنوا رأيا من الرأيين صحيح أو ضعيف فإذ وجد إنسان يقرب لهم وجهة الإختلاف ويبيّن هذا سبب التضعيف وهذا سبب التصحيح ثم يعمل عملية ترجيح فهل هذا يكون يعني خير من الله عز وجل أن قيض لهم إنسانا يبعث لهم هذا العلم من جديد ويبصر الشباب المسلم ويحركهم ليعملوا بعلم الحديث, لا أقول أمرا يعني أو لا أكتم سرا كما يقال قبل ثلاثين سنة لم يكن في العالم الإسلامي عالم كاتب خطيب يذكر حديثا في خطبته أو في كتابه أو في أي مجال من مجالات العلم يقول رواه البخاري ورواه مسلم أو رواه فلان وصحّحه فلان أو إذا جاب حديث يقول كمان إسناده ضعيف, هذا ليس له ذكر إطلاقا في العالم الإسلامي كله قبل ثلث قرن من الزمان لكن اليوم الحمد لله تجد النشاط في الإعتناء بالحديث وتخريجه وحتى البعض يحاول أن يصحّح وهو لمّا يبلغ مرحلة التصحيح والتضعيف معناه صار في العالم الإسلامي حركة علميّة عجيبة جدا يعرف هذا كبار السن من أمثالي, أما أنتم فتعيشون الأن في بحبوحة من العلم في هذا العلم الشريف ألا وهو علم الحديث, الخلاصة نعود إلى هذا السؤال يقولون يقلدون الألباني, قلنا لا بد من التقليد على حد تعبيري, لكن علماء الأصول والفقه في الأصول وبخاصة منهم الإمام الصنعاني الأمير الصنعاني له رسالة سمّاها "تيسير الإجتهاد" أو "في تيسير الإجتهاد" يذكر هناك أن الرجل حينما يسمع عالما يقول في حديث ما إنه حديث صحيح أو في حديث ما يقول حديث ضعيف فعلى من لا علم عنده أن يتبعه وأن اتباعه هذا ليس تقليدا وإنما هو اتباع ويفصل القول هناك بناء على علم الحديث خلاصة ذلك أن الرجل إذا قال لك عن رجل ما لا تعرفه هذا رجل حسن المعاملة لا بأس أن تشاركه فأطعته في هذا وانطلقت لتشاركه, هذا ليس اسمه تقليد وإنما هو اتباع, التقليد هو أن تسلم قيادة عقلك وتفكيرك لمن تقلده دون أن تجتهد يا تَرى هذا الرجل عالم؟ رجل صادق في ما ينقل؟ هذا هو التقليد لما تغمض عيونك لأنه التقليد يقول أهل العلم مشتق من إيش؟ من القلادة, كأنه ب ... قلادة من عنقك وب ... في عنقه وانتهى كل شيء وهذا طبيعة الإيش؟ المقلدين ولذلك سمعنا بمناسبة البحث السابق في أية ((وفي سبيل الله)) أنه سمعنا من أحد العلماء أنه ما في مانع أنه نخرج الزكاة ونعطيها لبناء المساجد أو بناء مستشفيات وذكر أثر معروف وأنا ذكرته في سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة (من قلّد عالما لقي الله سالما) فهو إيش ساوى؟ قلّد هذا العالم, مجرد ما قال له هيك خلاص كأنه هو مع النص ويسلموا تسليما, ليس كذلك شأن من يحاول أن يتبصر أنه هذا الرجل إلي بيقول هذا حرام أو بيقول حلال أو بيقول حديث صحيح أو ضعيف بيحاول يستوثق منه هل هو متمكن في هذا العلم؟ هل هناك مجال لمناقشته أو لا مجال, طبعا ما بيطمئن بيتبعه فلا يقال في هذا مقلد كما جاء في سؤال السائل لكن إذا كان ما اقتنع بهذا لأنه ليس من أهل العلم بطبيعة الحال فأنا أقول له ماذا تفعل أنت؟ أنت تقلد وهؤلاء يقلدون لكن هؤلاء يقلدون على شيء من البصيرة أما أنت فكما نرى كثيرا من الناس اليوم يقولون بقول هذا العالم بدون دليل وبكرة يقولون بقول ذلك العالم بدون دليل أما الدليل فيوصلك إلى اتباع الحق حيث كان سواء كان لك أو كان عليك, هذا مما تيسر من الجواب عن الأسئلة المقدمة وأسأل الله عز وجل أن يوفقنا وإياكم للصواب واتباعه حيثما كان ومع من كان والسلام عليكم ورحمة الله.
السائل: في النهاية يعني نرجو الله عز وجل أن ينفعنا بما سمعنا ونقول يعني إذا كان ... دعوة مميزات فإن الدعوة السلفية امتازت بأنها هي الوحيدة التي كتبت في التوحيد وبيان الشرك والأنحراف وهي الوحيدة أيضا علماءها قديما وحديثا كتبوا في التصحيح والتضعيف وكل الناس أو كل الدعوات الموجودة الأن ما قرأنا لأحدهم كتاب يعتد فيه في قضايا التوحيد والشرك أو في قضايا التصحيح والتضعيف وهذا من فضل الله عز وجل علينا وجزاكم الله خيرا.

(207/13)


«
سؤال عما يقع بين بعض المحارم من المحرمات وما حد الحجاب للمرأة المسلمة مع المرأة الكافرة؟»
السائل: ... ينطبق عليهم حكم الأجانب في المصافحة؟
الشيخ: هذا هو الأصل إلا إن كان هناك ما يريب من ... لأن هذا النظام ينطبق حتى على المحارم المسلمين واضح الكلام هو هذا.
السائل: ... .
الشيخ: ما بتعرف في حوادث وقعت من الأخ وأخته.
السائل: أي نعم.
الشيخ: الأصل أنه هذا محرم لها لكن إذا ظهر في الجو ضباب حينئذ حكم المحرمية هذه يتوقف.
السائل: أيوه بالنسبة الآن لوضعهم يعني.
الشيخ: ما أنا بقول نفس الشيء.
السائل: كيف وضعهم؟
سائل آخر: نعم.
السائل: كيف وضعهم؟
سائل آخر: ... .
الشيخ: مو بيعرف
سائل أخر: ... أختي مثلا إذا تصافح الآن أبوه صافحت أمه بتطلع بزينتها أمام أمه ومع أخواته, هذا الحكم يعني.
سائل آخر: طبعا ما واضح الشطر الأول ... .
السائل: شو إلي مو واضح؟
سائل آخر: بعرف أنه لا يجب الكشف عليهم وكذا ومصافحة
السائل: لا يجوز الكشف عليهم ولا يجوز مصافحتهم و ... .
الشيخ: مين ال, على من لا يجوز؟
السائل: الإنسان إلي النصرانيات يعني ... تتكشّف على
سائل آخر: ناس ب ... .
الشيخ: هو البحث بارك الله فيك ليس بحثا عاما إلي بتعرفه أنت بحث عام بمعنى المرأة المسلمة أمام المرأة الغير المسلمة نصراينة كانت أو يهودية أو بوذية هي غير مسلمة ولا يجوز لها أن تظهر أما تلك المرأة غير المسلمة إلا بوجهها وكفيها, فالمرأة الكافرة تعامل معاملة الرجل من المرأة المسلمة, هذا المبدأ العام, الأن هنا موضوع خاص فأنت أمّك بالنسبة لأخته هالي راح تصير زوجتك إن شاء الله بتكون حماة لها شايف؟ كمان أختك بيكونوا بالنسبة عفوا أخته ما بيكونوا.
السائل: لا.
الشيخ: ما بيكونوا محارم.
السائل: أبوها.
الشيخ: أبوه.
السائل: أبوه.
الشيخ: أبوه بيكون إيش بالنسبة لها محرم فهل لها أن تصافحه هل لها أن تظهر أمامه كما تظهر أمام أخيها وأبيها, هذا البحث, فأنا أجبت بأنه هذا هو الأصل لأنه الآية مطلقة ((ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آبنائهن)) إلخ هذا هو الأصل, وضح لك إلى هون؟ هذا الأصل قد يحيط به ما يفرض على العالم المسلم إيقافه بمعنى تعطيله مؤقتا, ضربنا مثال آنفا لما سألنا أبو عبد الله أنت ما بلغك بعض الحوادث منكرة جدا أنه الأخ فعل في أخته, أخ مسلم فعل بأخته المسلمة, طبعا هذا وقع أكثر من مرة مع الأسف فأنا كان جوابي للأخ تيسير أنه الحكم هنا كالحكم بين المسلمين أنفسهم كأصل عام إلا لعلك ... إلا إذا كان في بالجو ضباب أعني أنه يظهر مثلا من هالي هو محرم بالنسبة لها الزوجة هذه شيء من الانحراف الخلقي خاصة أنه ... غير مسلمين ما بيحرموا وما بيحللوا ما في عندهم الأشياء إلي موجودة عند المسلمين فمادام لا يوجد في الجو شيء فهي تعامل أباه كما لو كان مسلما إلا إذا وجد شيء يريب, وضح لك الآن المسألة؟ الحمد لله.
الشيخ: وكأنه السائل هو صاحب القصة وإن كان من وراء جدر ... لكن باشعر من سؤاله ولهجته في السؤال أنه هو صاحب المشكلة, بيقول بدي أسألك سؤال, تفضل بيقول رجل يعمل يعني معلّم له فبعثه بغرض إلى بيته فبعث الغرض هذا وسلّم على امرأته ومجرد ما يعني المرأة استلمت الغرض منه أغلقت الباب على الرجل من الداخل وطلبت منه الفاحشة, هو امتنع قال قالت والله إذا بتمتنع بارفع صوتي وباجمع الناس حولك وبافضحك أمام الناس إلا ما تخضع لما أريد.
السائل: ضريبة ... .
الشيخ: إيه, فقال لي شو بيسوي يعني هو هلا راح يقع في مشكلة يعني كأنه لسان حاله بيقول هاي الفضيحة راح تقع فليش ما باقضيها بس هو بقى عم بيحكيها عن غيره بس أنا شاعر أنه كأنه هو الفاعل أو هو الذي عرض له هذا الأمر, قلت له بدل ما يخليها تصيح خليه هو يصيح ... خلي هو يصيح ويجتمعوا الجيران ... بس.
أنه ... من الأولاد بغض النظر عن الذكور والإناث إلي بيسارع أنه يبرئ والده بعد موته يعني لو استقل أحدهم بوفاء الدين كله فهذا بيكون أنفع له في الآخرة.
السائل: ... البنت إذا أرادت المشاركة إذا مثلا أراد أن يقسّم بينهم كل واحد قسطه ... .
الشيخ: يجب.
السائل: يجب ... .
الشيخ: أه ... عم بياخذ على خاطرك أنه الشيخ التويجري رد عليك وهو كان رد عليّ بالنسبة للتعليق على كتاب السنة.
السائل: أي نعم.
الشيخ: لأنه هو بيحترمك وبيودك وبيعرفك أنك من أهل السنة ولكن هذا رأيه أنه الحديث هذا صحيح, بيّنت له كيف يكون هذا حديث صحيح يا جماعة والحديث في صحيح البخاري ينافيه ومن قبل السند غير صحيح وضعّفه الإمام ابن خزيمة في كتابه التوحيد, الله المستعان يعني التقليد كأنه مصيبة الجماعات كلها.
السائل: والله أنا بانزل معك و ... جماعة إسلامية اليوم على وجه الأرض تقول مثل هذا ... .
الشيخ: الله أكبر.
السائل: يعني هذا هذا بعدين هذا لا يأتي إذا فُتح يعني باب شر لا يغلق.
الشيخ: ... .
السائل: هذا ... .

(208/1)


«
كلام الشيخ على عبد الله الغماري في تضعيفه وحكمه على بعض الأحاديث بالشذوذ
الشيخ: قريبا أمس انتهيت من تخريج حديث, الحديث أصله ثابت في الصحيحين, حديث عائشة المعروف المشهور (فُرضت الصلاة ركعتين ركعتين فأقرت في السفر وزيدت في الحظر) هذا الشيخ عبد الله الغماري هذا الخبيث أول إنسان يعلنها كتابة أنه هذا حديث شاذ ضعيف وليته تمسّك على طريقة علماء الحديث أنه شذّ فلان عن جماعة, كل ما في الأمر أنه هذا الحديث يخالف القرأن ويخالف الأحاديث الثابتة عن الرسول عليه السلام.
السائل: يالله يا شيخ ... .
الشيخ: جمع. جمع خمسة أحاديث, في حديث صلاة جبريل عليه السلام بالنبي صلى الله عليه وسلم إماما في مكة, هذا الحديث مروي في الصحيحين باختصار أنه صلى به الخمس صلوات من حديث أبي مسعود البدري, ومروي في سنن أبي داود بإسناد حسن مفصّلا الصلوات ... به إماما ثم جاءت أحاديث تترى على هذا النحو في ذكر صلاة جبريل بالرسول عليه السلام دون تحديد الركعات للظهر والعصر والعشاء, هذا الرجل الغماري ماذا فعل, حوّش أحاديث من هنا ومن هناك مصرحا بأنه جبريل عليه السلام في تلك الحادثة صلى الظهر والعصر والعشاء أربعا أربعا أي في مكة.
السائل: حتى المغرب؟
الشيخ: لا لا بأقول الظهر والعصر والعشاء فيأتي هو بخمسة أحاديث كلها تصرح بأنه جبريل صلى هذه الصلوات الثلاث أربعا أربعا ثم بيضرب حديث البخاري عن عائشة بهذه الأحاديث, هناك بتقول فرضت الصلاة ركعتين ركعتين ويثبت بها فُرضت أربعا أربعا.
السائل: و ... في البخاري.
الشيخ: نعم.
السائل: معارض.
سائر أخر: معارض لحديث البخاري.
الشيخ: أنا أول ما قرأت هذه الأحاديث والله تعجبت منها لأنه إلي قائم في ذهني, هذا الحديث المعروف في صحيح البخاري وغيره, كيف هذا أربعا وأربعا, الأمر الذي حفزني ودفعني دفعا لتتبع طرق هذا, هذه الأحاديث الخمسة, وهو رجل خبيث جدا ومكّار ولعّاب على القرّاء, شيء شيء ... ما شفت أكبر منه إلا الشيعة وبخاصة منهم عبد الحسين هذا ال ... اللبناني.
أول حديث جابه رقم واحد بدو يكتبها بالإفرنسي لأنه طابع الرسالة هناك, جايبو من من مسند إسحاق بن راهويه بيقول بإسناد على شرط الشيخين ولا أقول أنا عليه وإن كان هو يعنيه, هو لا يقول إسناد صحيح على شرط الشيخين.
السائل: بإسناد.
الشيخ: بإسناد على شرط الشيخين.
السائل: يعني عنده هذا؟
الشيخ: أي نعم, لكن هذا لا فرق بين يقول صحيح على شرط الشيخين أو على شرط الشيخين, الخبيث من مكره يقول بإسناد على شرط الشيخين عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبي مسعود الأنصاري البدري, أبو مسعود صحابي معروف وبيذكر إمامة جبريل بالرسول وتربيع الصلاة الثلاث, تساءلت أنا من وين جابوا؟ إسحاق بن راهويه مسنده مفقود, الآن بعد أن يعني تيسّر في الكثير من الجامعات جلب المصورات بعض المخطوطات فيه عندي أنا قطعة من هذا المسند لكن هو ما أظنه نقله مباشرة ثم تأكّدت من ذلك حينما وجدت الحديث, - لا شكرا - , حينما وجدت الحديث نقله بالحرف الواحد من " نصب الراية لأحاديث الهداية " للحافظ الزيلعي, لأن الحديث موجود في " المطالب العالية " في زوائد المسانيد العشرة للحافظ ابن حجر العسقلاني فهو يختلف بعض الاختلاف في بعض الأحرف التي لا تغيّر المعنى بين لفظه في "نصب الراية " وبين لفظه في " المطالب العالية " فغلب على ظني أنه نقله من الزيلعي لكن الزيلعي نقل عن الحافظ البيهقي أنه هذا الإسناد منقطع بين أبي بكر وبين أبي مسعود وفعلا هو في الصحيح في البخاري وأقول الآن ومسلم أيضا اتفقا على رواية الحديث من طريق أبي بكر هذا عن البشير بن أبي مسعود الأنصاري عن أبيه وبذاك اللفظ المختصر الي فيه أنه صلى به خمس صلوات.
السائل: من غير تفصيل.
الشيخ: من غير تفصيل.
السائل: ... أربعا أربعا.
الشيخ: أه بينما هذا روى التفصيل ومنقطعا بين أبي بكر وبين أبي مسعود, مع ذلك دلّس على القراء وقال " بإسناد على شرط الشيخين " هو الخبيث صادق لكنه يعني ما يقول, السند على شرط الشيخين إلى أبي بكر لكن هو بقى ما بيهمه بيان الحقيقة أنه في انقطاع, تدليس على القراء.
السائل: ... .
الشيخ: تتبعت أحاديث الخمسة ورديت عليه في نحو اثنيين وعشرين صحيفة فقط لإثبات حديث السيدة عائشة , الأحاديث الخمسة تبعه.
السائل: ... .
الشيخ: لا الرابع هو الصحيح الرابع ... لإخوان.
السائل: لا أقصد الضعيف.
الشيخ: لا، هو بارك الله فيك هذا من الخمسة الصحيحة لأنه حديث السيدة عائشة صحيح وأنا في أثناء تخريج هذا الحديث, أيوه عرفني هذا الرجل بتدليسه.
السائل: إذًا ... .
الشيخ: في المجلد الخامس هو لا أكثر لأنه هو الرّقم أي نعم الرقم ألفين وثمانمائة وأربعة عشر.
السائل: معناها الثالث يعني.
الشيخ: الشاهد يا أستاذ, الأحاديث الخمسة هي في الحقيقة أربعة لكن هو من مكره جعلها خمسة, ماذا فعل الرقم ثلاثة من فلان عن الحسن البصري رقم خمسة من طريق شخص ثاني عن الحسن البصري, رقم ثلاثة ورقم خمسة عن الحسن البصري مرسلا, هذا يعتبر حديث واحد.
السائل: ... جعلهم اثنين هو.
الشيخ: يني هلا إذا كان أبو هريرة فيه طرق إلى أبي هريرة فهو حديث واحد, فهو من تدليسه على الناس رقم واحد اثنين ثلاثة أربعة خمسة كل هذه الأحاديث بتصرح أنه صلى أربعا أربعا فأنا تتبعت هذه الأحاديث ومن فضل ما وجدت فيها حديثا يستحق التصحيح بل إما مرسل ومن مراسيل الحسن البصري التي يقول فيها الحافظ العراقي أنها كالريح " مرسلات الحسن البصري كالريح لا قيمة لها " والأخريات لها يعني علل واضحة مكشوفة ثم أنا عرضت عرضت الأحاديث الأربعة للتحقيق بعد بيان ضعفها بأحاديث سبعة صحيحة كلها لا تذكر التربيع, كلها لا تذكر التربيع, إذًا هذه أحاديث الي جعلها أربعة فهي أحاديث منكرة لأنها زادت في المتن على الأحاديث الصحيحة منها حديث الصحيحين عن أبي مسعود البدري أنه صلى خمس صلوات بدون تحديد ركعات وحديث أبي داود فصّل أنه صلى المغرب وصلى الصبح وصلى ... بدون أعداد أيضا بدون أعداد.
الشاهد فبيجي هذا الخبيث بيجعل هذه الأحاديث الضعيفة أصلا وبيضعّف بها حديث متفق عليه.
السائل: أعوذ بالله.
الشيخ: شيء من أخبث ما يمكن, ومن عجائبه.

(208/2)


«
كلام الشيخ على أحمد الغماري وقصة الألباني مع عبد الله الحبشي مع مواصلة الكلام على عبد الله الغماري في تضعيفه لحديث عائشة المتفق عليه بين البخاري ومسلم وحديث ابن عباس في صحيح مسلم
الشيخ: أنه يخالف في ذلك الفعل أخاه أكبر منه سنا وعلما وهو أحمد, أحمد بن عبد الله, بن صديق الغماري.
السائل: ولازال حيا أحمد؟
الشيخ: لا هو مات مات من سنين طويلة وهو أول من تعرفت من الغماريين ولا لأنه كان جاء إلى دمشق وزار المكتبة الظاهرية وكنت أنا يومئذ في نقاش وردود مع الشيخ عبد الله الحبشي الذي الأن يعني تأتينا أخبار منه خبيثة جدا في لبنان, يدخلون مساجد ويضربون المصلين و وشيء فظيع كأنه جاسوس باسم شيخ عبد الله الحبشي الهرري, في تلك الأونة جاء الشيخ أحمد الغماري فعرضت عليه بعض كلمات عبد الله الحبشي وإذا به يرد عليها كما أنا أرد عليه فازددت يقينا بصدد ما أنا فيه من الرد على عبد الله الحبشي ثم منذ سنة تقريبا أرسل إليّ أحد إخواننا المغاربة هناك خطابين بخط أحمد الغماري يكتب إلى أحد أصدقائه عن رحلته إلى دمشق وبيقول أنه التقى هناك مع فلان وفلان والتقى مع الشيخ محمد ناصر الدين الألباني وبيحكي يا أستاذ في مدح الألباني في علم الحديث وبيقول هذا بقى على حسب مذهبه, لولا أنه وهابي وتيمي أكثر من التيميين ... لكان فريد عصره في علم الحديث, هذا ... الغماري أخونا هذا, هذا أخيرا تحصلنا على نسخة خرّج بها كتاب البداية والنهاية عفوا "بداية المجتهد ونهاية المقتصد" لابن رشد الأندلسي.
السائل: هو مالكي طبعا.
الشيخ: هو مالكي فسمّى كتابه " الهداية في تخريج أحاديث الهداية ", ابن رشد ..
السائل: مخطوط وإلا مطبوع.
الشيخ: لا مطبوع تحصلنا على نسخة من من مجلدات بس بس طابع الأصل يعني " البداية " لابن رشد هو معلق عليها لذلك
السائل: ... .
الشيخ: أي نعم, الشاهد ابن رشد رحمه الله بيقول هذا الحديث اتفق على أنه حديث ثابت, هالي ضعّفه عبد الله.
السائل: إلى هو حديث ..
الشيخ: وعليكم السلام, نعم؟
سائر آخر: حديث البخاري.
الشيخ: حديث البخاري ومسلم ومتفق عليه, الشيخ أحمد الغماري بيخرجه على البخاري ومسلم وإلخ وبيقرّه!
السائل: وأخوه بيخالفه.
الشيخ: أهلا مرحبا, وأخوه هذا الخبيث له مخالفات عجيبة جدا كأنه هذا الإنسان مبتلى بحب الظهور, " وحب الظهور يقطع الظهور" , من جملة ما فعل في رد حديث السيدة عائشة بيقول أنه السيدة عائشة ثبت عنها أنها أتمت فلو كان حديثها فرضت الصلاة ركعتين ركعتين كانت ما بتم, في حديث (فرضت الصلاة ركعتين ركعتين) عن السيدة عائشة في الصحيحين قيل للراوي للحديث عن عائشة وهو عروة بن الزبير.
السائل: ... .
الشيخ: نعم؟
السائل: ... .
الشيخ: أيوه, قيل له فما بالها كانت تتم.
السائل: ... .
الشيخ: أيه, مادام لا مادام هي تروي أنه فرضت الصلاة ركعتين ركعتين ما بالها هي تتم؟ قال عروة وهو أعرف الناس بها تأوّلت كما تأوّل عثمان, ابن تيمية رحمه الله من دقته كذلك ابن القيم بيقول لو كان الحديث الي رواه الدارقطني وغيره عن عائشة أيضا أنه الرسول كان إذا سافر قصر وأتمّ, لو كان هذا الحديث صحيحا عن عائشة لما قال عروة عنها أنها تأوّلت لأنه عثمان لما تأوّل ما قال الرسول أتمّ, وإنما جيء له ببعض الأعذار المعروفة عندكم, كمان السّيدة عائشة ما قالت أتمّ وإنما تأوّلت كما تأوّل عثمان.
الشاهد يأتي هذا الخبيث أيضا من خباثته ومكره بالقرّاء شو يحكي ... في الإنسان شيء شيء ما هذول الجماعة ما أدري بيموتوا مسلمين وإلا كفار وإلا منافقين, حديث عائشة إلي بيضعفوا ما بيبين للقراء أنه متفق عليه, ما بيقول أنه رواه البخاري ومسلم.
السائل: ... حديث عائشة.
الشيخ: أيه, يعني بيضعفوا حتى ما يخطر في بال القارئ كيف هذا بيضعّفوا ورواه البخاري ومسلم, أي على الأقل ... إن كان من أهل التحرّي على التحرّي وإلا بيشك أنه الإمام البخاري ومسلم ... ما بيخرجوا كذلك ضعّف حديث ابن عباس في صحيح مسلم (إن الله فرض صلاة في السفر ركعتين ركعتين) كمان بيضعّفه لأنه كل ها الأحاديث الصحيحة بتخالف إيش أحاديثه الخمسة الضعيفة, جاء إلى حديث عائشة في سنن الدارقطني أنه الرسول كان إذا سافر قَصَرَ وأتمّ, ضعفه ابن تيمية ضعفه ابن القيم ضعفه ابن حجر العسقلاني كل هذول هو بيرد عليهم, بيرد عليهم أخوه أحمد بينقل هذا الحديث وبيقول كل من درس سيرة الرسول عليه السلام وأسفاره يعلم أنه هذا الحديث باطل لا أصل له كما قال ابن تيمية وأنا أعرف بينهما " ما صنع الحدّاد " يعني بين الغماريين بصورة عامة وابن تيمية وابن القيم, لكن ما بيسعهم إلا أن يعترفوا بعلمهم أولا.
السائل: ... .
الشيخ: أي نعم, فهذا أحمد يمشي مع ابن تيمية في إنكار حديث الدارقطني هذا بيصححه مشان حتى يرد على حديث السيدة عائشة المتفق على صحته, فمكر عجيب جدا يعني حديث متفق عليه بيطويه تخريجه ما بيخرجه, حديث ضعيف بيقل لك رواه فلان ورواه فلان وإلخ.
السائل: ... ويدلس.
الشيخ: بيدلس تدليسات غريبة وعجيبة جدا, فهذول الجماعة يعني النجديين هذول مثل التويجري وغيره لما بيسلكوا طريقة التأويل مثل هؤلاء في النتيجة, فهنا العبرة يعني في الموضوع!
السائل: لا هو أنا ... سبحان الله إلي استغربت له أيضا كيف أنه الشيخ يعني ... الحقيقة ما أدري, الله يغفر له الشيخ ... .
سائر آخر: الشيخ بارك الله فيك.
الشيخ: وأرجو أن لا تكون استغابة وإنما هو من باب التعريف كما تعلم " القدح ليس بغيبة في ستة *** متظلم ومعرف ومحذر " , فالشيخ مع طيبة قلبه وحسن قصده وحرصه على نفع المسلمين في عنده شيء من من.
السائل: مهما كان ال ... القدر.

(208/3)


«
سؤال عن حديث أن الله تعالى له يدان اثنان يمين وشمال؟»
السائل: وحديث القبضتين القبضتين حق ...
الشيخ: أي نعم.
السائل: الرواية إلي كنت سألتك عنها أنه ... (خلق الله آدم حين خلقه فضرب كتفه اليمنى فأخرج ذريته بيضاء كأنهم الذر وضرب كتفه اليسرى فأخرج ذرية سوداء كأنهم الحمم فقال للذي في يمينه إلى الجنة ولا أبالي وقال للذي في كتفه اليسرى إلى النار ولا أبالي) فأنت ذكرت لي أنه هذه الروايات صحيحة ولكن هناك في رواية أيضا تصرح بأن اليد اليمنى واليد اليسرى؟
الشيخ: أي نعم.
السائل: فالشمال يعني.
الشيخ: الشمال نعم.
السائل: فهل هذه الرواية موجودة يعني ... في السلسلة اطلعت عليها في ..
الشيخ: لا ما هو مش موجودة, موجودة في كتب أخرى, أي نعم, أظن الحديث تبع ابن عمر يقبض.
السائل: ... بيمينه ... .
الشيخ: لا لا هو هاي,.
السائل: هذه موجودة ..
الشيخ: لا هذيك تبع يوم القيامة يوم تبدل الأرض غير الأرض أنه ويقبض على الأرض بشماله تبارك وتعالى, هذا في صحيح مسلم.
السائل: ... بشماله.
الشيخ: أي بشماله بعدين في صحيح مسلم أظن من حديث أبي موسى الأشعري (وكلتا يدي ربي يمين) أي نعم, فلفظة شمال ثابتة.
السائل: ثابتة.
الشيخ: أي نعم, مو بهذا, نعم.
السائل: يعني يجوز أن نقول أن لله يد يمنى ويد؟
الشيخ: شمال.
السائل: شمال.
الشيخ: أي نعم.
السائل: يجوز هذا.
الشيخ: أي نعم, لكن مع إتباعها بالرواية الأخرى.
السائل: (وكلتا يدي ربي يمين).
الشيخ: أي نعم, وكنت ذكرت لك أنه هذه الرواية هو مثل التفصيل فيما يتعلق بهذه الصفة في مبدأ قوله تعالى ((ليس كمثله شيء)) لأنه بالنسبة للإنسان مش معقول كلتا يديه يمين, فمن ضلال ومن ضلال يعني مواعظ كشك هذا المصري أنه في بعض كلماته بيخاطب الرسول عليه السلام وبيقول " يا من كلتا يديه يمين ".
السائل: يخاطب.
الشيخ: يخاطب الرسول ... من باب الغلو في المدح يعني يعطيه الصفة الإلاهية.
السائل: هذا في ... مقال مقالات أسطوانية.

(208/4)


«
مناقشات تخللها الكلام على الغماري و بعض تأليفاته
السائل: فكان في واحد دكتور ... كتب ليس لنا ملاذا سواك يا رسول الله, سوى شفاعتك يا رسول الله, وتكلم كلام الحقيقة هو الرجل يعني رجل عصري حتى تخصصه أدب أنجليزي
الشيخ: أه.
السائل: أي نعم.
الشيخ: ... بيغرقوا في ... .
السائل: لكن الرجل للحق لما قرأت مقاله أنا كله من هذه الأقاويل الخلط يعني و ... وعدم الوضوح وهذه العمومات التي يؤتيها أولئك الكتاب الذين يدعون أنهم يحمون دعوة الإسلام.
الشيخ: أيوه.
السائل: فأنا الحقيقة وجدته مناسبة قلت طبعا هذا هذه مناسبة ... الشفاعة.
الشيخ: كيف المناسبة؟
السائل: أن أكتب في هذا الموضوع يعني فرددت عليه نعم ليس لنا ملاذ سوى شفاعة رسول الله أي نعم وبدأت أنا أفصّل وأتكلم عن الشفاعة وتكلمت و ... ونبهت عليه طبعا رد رفيق يعني أنا أردت أن أبيّن قلت أنه هذا يعني ... لي كان في كلامه يعني.

السائل: موجود عندي ... موجود.
سائر آخر: ما بسأل عن هذا.
سائر آخر: لا جاء سألني عنه.
السائل: لا هذا موجود عندي بس أنا ... .
سائر آخر: ... .
السائل: لا أدري بس ... .
السائل: لا لا لا موجود عندي في المكتب, أما هو ... يسأل عن هذا في ... لا دفاعا عن السلفية لا بل دفاعا عنها, المهم هذا رد يعني رد.
الشيخ: ... .
السائل: ... وتطاول.
الشيخ: وين؟
السائل: فيه جريدة.
الشيخ: نفس الجريدة.
السائل: نفس الجريدة بس في موقع آخر ليس بمكان المقالة الي ينشره العادة, فالمقال ... صفحة خاصة يمكن يكتب فيها ويشار إليه في الصفحة الأولى في المقال يعني فحجة على الي رد عليه رد طويل يعني علمي رصين تتبع يعني صفقاته وهفواته كلها هي طبعا تحتاج الحقيقة القارئ الجيد إلي يعرف الحق من الباطل بمجرد أن يقرأ المقال يحكم عليه إلا أنه علي كان دقيق جدا واستخرج كل أناته في هذا المقال القصير الذي كتبه وكتب رد يعني ... يمكن عشرون صحيفة لكن ... .
سائر آخر: الجريدة.
السائل: ... الجريدة.
الشيخ: أي نعم.
السائل: وبعدين أصبح أن يكتب رسالة صغيرة ... ما استطعت أني أنا أكتب أقل من هذا ب ... المقال الذي يعني طريق ... يكتب بالعامة يعني وهذول خاصة الحقيقة ... فالشاهد أنه علي هذا الولد إلي هو حاتم الصفار, هذا الآن بين الغماريين والحبشيين, التف حول بعض ... شباب جايين من لبنان ... بيعيشوا ... وذهب وأقام عند الغماري في المغرب مدة قرابة أسبوعين كما علمت جاي لعند الأستاذ أحمد أبو منير ... هذا الكلام ... .
الشيخ: ... .
السائل: لا لا لا هو جاي يعني لغرض التشويش, ولد فاضي يعني ومن الأشياء إلي حكاها له الأستاذ قال له والله كويس حقيقة ... أن يكون أن تكون يعني طالب علم والمعنى ولا مانع أن يكون هناك ائتلاف, قال له هذه طبيعة الأشياء, أن يكون هناك ائتلاف بين طلبة العلم لكن لا يأثم مطلقا أن يكون هناك سفاهة ... طلبة العلم, يتكلموا أنه ... .
السائل: هذا منقول ... .
سائر آخر: ... هذا صحيح بدو ضرب!.
الشيخ: هذا يبدو أنه يعني أخذ مدد من عبد الله الغماري وال ... .
السائل: كأنما.
الشيخ: وحبه للظهور.
السائل: أي نعم.
الشيخ: أه.
السائل: هذا ما أفاده لي.
الشيخ: أي نعم.
السائل: ... .
الشيخ: الله أكبر, هالي سماه " الصبح الساتر لأحكام صلاة المسافر " رسالة ما هي ممكن أقل من خمسين صفحة قياس وسط, كلام متناقض جدا يعني ما بيقرره في مكان بينقضه في مكان آخر وهو لا يدري ولا يشعر, جاء إلى آية قوله تعالى ((وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا)) هو ادّعى أن أصل صلاة السفر كما سبق بيانه فرضت تماما ثم جاء القصر وحديث عائشة بيقول كما عرفنا أنه فرضت ركعتين ركعتين فزيدت في السفر وأقرت في الحضر, بيدعي أنه الأية مخالفة لحديث السيدة عائشة أنا قلت له في رد عليه الآية بتقرر القصر لكن هذا القصر متى كان الآية لا تتعرض له والسّيدة عائشة تبيّن أن أصل الصلاة فرضت ركعتين وبعدين زيدت في السفر, هذه الزيادة هي التي أشار إليها القرآن أنها قصر فكيف عم تضرب حديث عائشة بمثل هذه الآية, يعني الكلام تناقض غريب وعجيب جدا وكذلك يضرب حديث السيدة عائشة بحديث (إن الله وضع الصيام وشطر الصلاة عن المسافر) بيقول حديث عائشة ضد هذا الحديث, وهذا حديث صحيح, وين التعارض؟ عائشة بتقول (فرضت صلاة المسافر ركعتين ركعتين زيدت في السفر) هذه الزيادة هذه الزيادة التي زيدت قصرت في نص الحديث والآية وهي تقول في رواية في صحيح البخاري أنه الرسول ظل يصلي ركعتين ركعتين في السفر وفي الحضر حتى جاء إلى المدينة, هناك زيد في صلاة الحضر, هذه الزيادة التي زيدت في صلاة الحضر فيما بعد ثلاثة عشر سنة كما هو معلوم نزلت آية القصر فيما بعد لأنه هذه نزلت في المدينة فما فيه تعارض إطلاقا بين الآية والحديث من جهة وبينهما وحديث عائشة من جهة أخرى.
السائل: تعارض.
الشيخ: مخ.
السائل: أي نعم.
الشيخ: مخ معفن, سبحان الله, وكم له من مثل هذه الأمثلة, سبحان الله, وبعدين سليط اللسان خاصة على ابن تيمية وعلى العلماء بصورة عامة ولكن بنسب متفاوتة, ... .
السائل: يعني ... بهذا ابن تيمية سبحان الله ... عليه هؤلاء!
الشيخ: الله أكبر.
السائل: ... .
الشيخ: صنع ما صنع الرسول بالكفار دعاهم إلى الحق فأبوا وعادوهم, أنا اجتمعت مع عبد الله مرة واحدة في طنجة واحتالوا عليه بعض إخواننا إلي كانوا سابقا من إخواننا, إخوان الغماري هذا, احتالوا عليه حتى جمعونا في مجلس وأرادوا أنه.
السائل: ... مناظرة.
الشيخ: بالتعبير الشامي " علقوها بيناتنا " قالوا هذا ما جئت لهذا فأبى أن يدخل في بحث أو في نقاش!
السائل: هلا في بيورطوا.
سائر آخر: اختصرها.
الشيخ: شيء غريب قلتها مرة من قريب ومرة من بعيد, متناقضات.

(208/5)


«
ذكر الشيخ قصة ثلاثة إخوة سوررين وهم الإخوة الباني والفرق بينهم في المنهج. وكذلك هؤلاء الإخوة الثلاثة أحمد الغماري وعبد الله الغماري و محمد الزمزمي وبيان تناقضهم واختلافهم فيما بينهم).»
الشيخ: عندنا ثلاثة إخوة في دمشق واحد سلفي وآخر نقشبندي وثالث شَيْخِي من جماعة أمين شيخو إذا تسمعوا فيه, هذا بدك تقول عنه ملحد لأنه عنده الشرع هو القرآن فقط والأحاديث حسب كيفه, هالي بيصح في عقله هو الصحيح إلخ, هذا كان له مريد اسمه عبد الهادي الباني زوجه بنتا من بناته وماتوا صار قريب من بعده إما بتوصية منه أو جماعته إلخ, أمين شيخو كان من جماعة أمين كفتارو هالي هو والد أمين شيخو أه أمين كفارو.
السائل: محمد كفارو.
الشيخ: أبوه اسمه أمين كفارو أبو الشيخ ... مفتي سوريا الآن لما مات أمين كفتارو حطو إبنه, ابنه شاب يومئذ أحمد كفتارو قريبته من بعد أبوه, أمين شيخو تلميذ بار من تلامذة أحمد كفتارو.
السائل: هو أمين.
الشيخ: أمين عفوا أمين شيخو تلميذ بار لأبيه كفتارو, على حسب التقاليد المتبعة في الطريق وهو لازم لا يستسلم للشيخ الجديد, الشيخ الجديد أحمد كفتارو هو قدّ أولاده, عاش بسنين ما عاد أذكرها وهو تلميذ لأحمد كفتارو وأنا شفته مرة بيقبل يده وهو عملاق طويل وكفتارو ما هو يعني إلى القصر هو أقرب بعد ذلك بلغنا بأنه انفصل على أحمد كفتارو وتريّس هو على الجماعة كان من جماعته هذا عبد الهادي الباني, عبد الهادي الباني من جماعة أمين شيخو بينكر شفاعة الرسول يوم القيامة والأنبياء و وإلخ, يعني أشبه بالقاديانيين تماما, ما فيه عندهم نظام إلا القرآن حسب عقلهم وفهمهم, أخوهم الثاني اسمه البشير الباني من تلامذة أحمد كفتارو, أخوهم الثالث من إخواننا السلفيين عبد الرحمان الباني وهو الآن في الرياض, ستة إخوة كل واحد في مشرب, وجدت هذولي الغماريين أكثر من ثلاثة بس عرفت منهم ثلاثة, عرفتهم شخصيا هذا عبد الله الغماري اجتمعت به في طنجة, أحمد الغماري جاء لدمشق كما ذكرنا, أخوهم الثالث محمد الزمزمي زرته في بيته أكثر من مرة وبعدين قامت مجادلة حادة جدا بيني وبينه بحضور الأستاذ البنّا حول الصفات واستواء الله على عرشه, رجل أشعري معطّل.
السائل: في سوريا هو؟
الشيخ: لا هو في طنجة, هذا محمد الزمزمي هو أصله محمد الغماري أخوه لأحمد ولعبد الله, الآن بين محمد الزمزمي وعبد الله الغماري " ما صنع الحداد " والسبب والله يعلم هو أنهم يحبون هكذا أنه يكون كل واحد بشخصه ... محمد الزمزمي ألّف رسالة, شوفو المتناقضات بقى شو بيسميه؟ عنوانه طويل شوية إيه " الخطر العظيم على المسافر الذي يصلي وراء الإمام المقيم " تماما خطر عظيم, يذهب برسالته إلى أنه إذا صلى المسافر وراء المقتدي.
السائل: صلاته باطة.
الشيخ: وجب عليه, نعم, القصر وإلا فصلاته باطلة! , يحتج بماذا؟ بحديث عائشة, إيجا هذا بدو يهدم بقى دليله, هذاك من هذا الضلال, الضلالة, في حديث في صحيح مسلم أن أحد ... اسمه موسى ما عاد أذكر ابن مين؟ بيسأل عبد الله بن عباس بيقل له نحن إذا صلّينا خلفكم أتممنا وإذا صلينا في رحالنا قصرنا, كأنه بيقل له شو رأيك؟ بيقل له سنة أبي القاسم, رواه مسلم في صحيحه.
شو بيسوي الزمزمي؟ الزمزمي بيلف بقى على الحديث وبيقول ... ابن عباس يعني فقط ... الثانية أنه المسافر بيقصر, هو يجيبوا على هذا أما الجملة الأولى أنهم بيصلوا وراءه تماما هذه ما بيعنيها ابن عباس, تعطيل هو كالتعطيل في آيات الصفات وأحاديث ... لأنه المقصود بالتعطيل هو قلب المعاني.
السائل: أه.
الشيخ: وبناء على هذا التأويل هو بيقول أنه المسافر يجب أن يقصر وراء المقيم ومستند على حديث عائشة هذا الصحيح, عكس عليه عبد الله الغماري في ها الرسالة إلي ذكرناها , ضعّف حديث ... وصحّح حديث ابن عباس الي بيتوصل لجواب شو ... يعني أنه المسافر لازم يتم, فهذا أصاب هنا وذاك أخطأ هناك, أصاب هذاك بالاحتجاج بحديث عائشة على أنه صحيح وأخطأ هذا في تضعيف هذا الحديث , فسبحان الله وجدت هذول الاثنين متناقضين, أخوهم أحمد وسط بين هذا وبين هذا والغماري كثير, عفوا الزمزمي إلي هو غماري لكن مما ... إخوته ألغى النسبة هذه, حط نسبة خاصة الزمزمي, كثير من إخواننا هناك لما زرتهم في المغرب لأول مرة قالوا لي أنه هذا سلفي.
السائل: عن الزمزمي.
الشيخ: عن الزمزمي وأنا كنت مطلع على بعض آثاره أعرف من سلفيته أنه غير مقلد وأعرف من سلفيته أنه ينكر الطرق أما عبد الله الغماري وأحمد الغماري هذول مشايخ طرق, أي نعم , فأخوهم محمد الزمزمي عكسهم في.
السائل: الطرق.
الشيخ: الطريق أي نعم ثم هم كلهم ليس لهم مذهب وهذه حسنة لو أنهم أحسنوا استعمال هذا المنهج, أحمد الغماري لما جاء إلى دمشق وأنا قلت مرة لبعض إخواننا وأنا أتحدث عن هذا اللّقاء أنا عمري ما مشيت مع رجل عالم اعترافا بفضله, عمري ما مشيت مع واحد لأنه ... بيناتنا تلاقي وإن وجد ما فيه ها التقدير هذا إلا هذا أحمد الغماري لما جاء للمكتبة الظاهرية وجرى التعارف بيني وبينه بعض البحوث الحديثية المحضة, في أثناء الطريق ودّعته إلى الفندق, " فندق المرجل ", المرجل بيسموها هناك وطوال الطريق أنا بقى بحاول أعرف يعني عقيدته منطلقه إلخ, الشاهد إلي فهمته منه بيقول عنده كتاب, شوفوا الغلو يعني بيقول هو عنده كتاب ألّفه في الرد على المقلّدين حمل الآيات التي نزلت على المشركين كلها على المقلدين ... هو بيقول هكذا, عنده كتاب هكذا, أي نعم.
السائل: لا هو يعني اشترط ... التقليد لكن ... .
الشيخ: ... .
السائل: ... ثلاثة إخوان أشقاء.
الشيخ: كيف؟
السائل: ثلاثة إخوان أشقاء؟
الشيخ: أي في بينهم واحد اسمه عبد العزيز يمكن في مصر لعلهم أكثر من أربعة , أي نعم أشقاء, أبوهم صاحب طريق, إلي اسمه محمد صديق صاحب طريق.
السائل: محمد صديق الغماري.
الشيخ: أي, هم تلقوا منه الطريق وتلقوا منه كمان علم الحديث لكن الظاهر أنهم مثل الشيعة يعني ما عندهم لهم هدف الاستقامة على السنة إنما جعلوه وسيلة للظهور ولتأييد ما هم فيه.

(208/6)


«
نصيحة من الشيخ لمن كان يحلق لحيته أن يوفرها
الشيخ: قال تعالى ((اعملوا آل داود شكرا)) فما دام ربك أنعم عليه وزوجك ببنت صالحة إن شاء الله وحصّنت نفسك بها وتحصّنت هي بك, هذا يحتاج إلى شكر منك لربك وظاهر أنه سمعنين جماعة منك وعد أو شبه وعد بأنك يعني تعفي عن لحيتك هذه التي ترميها أرضا فهم ينتظرون الوفاء, فيه عندك مانع يعني سبب؟ أنا بعتقد في مانع, مش ممكن, أنا مش ممكن أتصور أنك أنت رجل مؤمن ومسلم وبتعرف أنه إعفاء اللحية فرض وحالق اللحية فاسق إلا يكون هناك مانع لكن هذا المانع يمكن أنت يعني يتبادر لذهنك أنه لما أنا باجزم أنه في مانع يمكن تفسّره بمانع مادي, مش ضروري يكون المانع ماديا, يمكن يكون المانع نفسي, فهناك مانع من النفس فهي التي تصدّ عن طاعة الله يعني اتباع أوامر رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلا لو أنه ربنا على لسان نبينا كلفنا بأنه نحلق اللحية وما حلقنا بنقول والله بدها حركة يعني بدنا نجيب موسى, تكون موسى حادة ماضية ونحط ذقننا بذقن لحيتنا ونحط وجهنا أمام مرايتنا, هذه بدها شغلة لكن لكن القضية بالعكس ربك بيقل لك مثل ما خلقتها لك اتركها, أيها أسهل هذا الواقع وإلا هذاك الصورة الي صورناها؟ هذه أسهل شو عم بيخلينا بقى نحن نستصعب السهل ونستسهل الصعب, لا بد فيه شيء لكن الشيء مش ضروري يكون بقى مادي كما قلنا فهو نفسي, لا تقول ما فيه شيء لأنه بتكون يعني عم بتكابر لأنه ما في مسبَّب إلا وله سبب خاصة إذا كان إيه؟ إذا كان يعني مسبب مخالف للشرع فهو.
السائل: ... .
الشيخ: نعم؟
السائل: ... .
الشيخ: ... بيكفي ... .
السائل: لا بيتحمل ... .
الشيخ: أي نعم, أي قلت له في سبب؟ قال ما في سبب قلت له مش معقول لا بد ما يكون سبب لكن أنا عمّ بتأوّل كلامه هلا بقل له يمكن هو فهم أنه في سبب مادي يعني أنه يكون موظف مثلا والرئيس تبعه إلخ لكن لا في سبب نفسي, فيه سبب نفسي.
السائل: ... أبو عبد الله بدو يتحمل ... .
سائر آخر: صح ... عينه
الشيخ: يا سيدي نحن بدنا ... .

(208/7)


«
سؤال عن حكم سفر المرأة بغير محرم للحج؟»
السائل: ... المرأة ... عمرة أو ال ... عمرة يعني ... إذا طلعت مع أكثر من امرأة يعني؟
الشيخ: مع نساء ثقات كما يعبّرون.
السائل: نعم.
الشيخ: إيه ... .
السائل: ... .
الشيخ: هيك جائز لأنه الحديث صريح ( ... إلا ومعها محرم) وهاي بقصة النساء الثقات أولا رأي واجتهاد ليس مستندا إلى نص, بعدين في حوادث تنبئ بأنه القضية نظرية ما هي عملية وابن حزم الله يرحمه في كتابه اللطيف الذي هو لا يتبادر للذهن أنه رجل فقيه وعالم بيألف مثل هذا الكتاب بيقص قصة عجيبة جدا فيها عبرة للنساء إلي بيتورطوا بمثل هذه الفتوى, بيحكي هو عن امرأة حجت مع جملة نساء وطبعا ... السفينة في البحر
السائل: ... .
الشيخ: نعم.
السائل: ... .
الشيخ: أحسن ... هالي قرأ ولكن نحن نشير إلى موضع العبرة. في الموضوع، فالمرأة هذه وهي راجعة مع النساء من الحج في السفينة وإذ قبطان السفينة أو قائد السفينة عملاق أسود يريد أن يفترس واحدة منهن فأخرى غارت لأختها فسارعت إلى السكين تريد أن تقطع عضو الرجل وقد انتعض ومجرد ما قبضت عليه ارتخت ففعل بها ما فعل بغيرها هذول النساء الثقات, لذلك يجب على المسلم أن يقف عند أحاديث الرسول عليه السلام ( ... إلا ومعها محرم) ولا يلتفت كثيرا إلى مثل هذه الاستنباطات التي تخالف صريح حديث الرسول عليه السلام.
السائل: بمناسبة هذه الموضوع أي العرف في مفهوم السفر الشرعي إلي به يعني تقصر الصلاة ويفطر الصائم؟
الشيخ: أولا هذا فصل منفصل يعني.
السائل: فصل منفصل.
الشيخ: ... .
السائل: نعم.
الشيخ: ... نقطة حديثية, تعرف النقطة الحديثية؟ كانوا عندنا ... لما بتنتهي العبارة كتابة يكتبوا بدل النقطة دائرة, دائرة صغيرة فإذا قوبل الكتاب تصحيحا خشية السقط أو التحريف أو ما شابه ذلك يحطوا نقطة وسط الدائرة أنه هذا كتاب موثوق محقق مصحح وعلى الأقل حطوا النقطة الصغيرة هذه.
السائل: ... .
الشيخ: ... أي نعم, أي.

(208/8)


«
سؤال عن تحديد مدة جواز قصر الصلاة في السفر بالعرف القائم في البلد؟»
الشيخ: شو أرادت شو هذا العرف بقى؟
السائل: بقول بالنسبة كون أنه لم يرد نص عن الرسول عليه الصلاة والسلام في بيان مدة السفر, شو هو السّفر إلي به تقصر الصلاة ويفطر الصائم في رمضان فصارت خلافات كما لا يخفاك بين الأئمة وبين الصحابة أولا قبل الأئمة ثم الأئمة وغيرهم فأنا حسب ما فهمت أنه العرف يحكّم, ما فيش نص يعني بنمشي بالتسلسل فبنصل إلى أنه العرف هو إيش؟ المحكّم في هذا الموضوع يعني العرف مختلف بين الناس, قد يكون عند هذا سفر وقد يكون عند ذاك غير سفر وهكذا, والشرع عادة لا يكون هكذا أنه هذا جائز وهذا مش جائز وها الخلاف في هذا, فبدنا نحدد الموضوع ومين يعني غير بن تيمية قال أنه والله العرف يحكم في هذا الموضوع على اعتبار أنه هذا الأمر كما عرفت أنا ما هو عند يعني عند الأئمة أو عند الصحابة أنه العرف محكّم في هذا الأمر فكلمة سفر يعني كثير بيختلف فيها كثير جدا
الشيخ: ابن تيمية في ... التعريف عم بيعبر عن التعريف قال في أذهان المسلمين الذين خوطبوا بالآيات والأحاديث التي يذكر فيها لفظة السّفر فابن تيمية ما جاب شيء جديد يعني حينما قال ربنا عز وجل (( ... أو جاء أحد من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا)) فكلمة الغائط لما يفسرها بن تيمية ما بيجيب معنى جديد وإنما هو بينقل المعنى القديم المعروف لكن المعنى القديم المعروف ما كان الناس يفسروه لأنه ما كانوا بحاجة إليه.
السائل: غير مدون مثلا.
الشيخ: أي هذا هو ما كانوا بحاجة إليه مثل علم النحو والصرف فهم كانوا يتكلمون باللغة العربية الفصحى لكن ما كانوا بحاجة إلى وضع قواعد تبيّن توضح متى الفاعل والمفعول به, يرفع وينصب وإلخ فابن تيمية لما قال أنه السفر يعود تعريفه إلى العرف هو ما عم بيجيب تفسير من عنده, وإنما هو بيعبر عن الرأي القائم يوم نزلت آية ((فمن كان منكم مريضا أو على سفر)) هو بيقول المرجع في هذا للعرف, وليس هذا رأي له إنما هو يعني تعبير عن الواقع الذي كان معروفا في الزمن الأول زمن نزول القرآن هذا من جهة, من جهة أخرى قولك أنه ما كان عند زيد من الناس عرفا فقد يخالفه غيره, هذا ليس له علاقة بالعرف, هذا رأي شخصي, العرف هو عرف الشعب عرف الأمة أو القوم أو القبيلة التي تعيش في مكان ما, مش فرد من الأفراد التي فيها اختلاف قضية يعني أنت على الأقل ذكرت أنه شخص فالقضية مو قضية شخصية, القضية قضية جماعة فحينئذ ما فيه اختلاف.
السائل: يعني مجرد مثلا ... إحنا بنروح على مثلا الغور رحلة ... .
الشيخ: ... .
السائل: أيه.
الشيخ: مين بيقول ... من هون للغور سفر؟
السائل: لا أنا حسب ما قرآنا في المأثورات.
الشيخ: ... مين بيقول الآن أنه إلى رايح على الغور أنا مسافر؟
السائل: لا ما حد.
الشيخ: أيه هذا هو فإذًا ... .
السائل: من قول من أقوال الصحابة أنه لو سافرتم إذًا لقصرت نحن معتمدين على هذا.
الشيخ: هلا أنت نقضت ما بنيت كنت عم بتحكي عن العرف في السّفر هلا رجعت للمسافة المحددة.
السائل: لا أتبنى هذا الرأي طبعا لا أتبناه ... في مثل هذا الفعل لا أتبناه.
الشيخ: أيوه.
السائل: إلي هو أنه العرف محدد في هذا.
الشيخ: عجيب و ... تبحث.
السائل: أنا ببحث بدي أشوف من وين جاء العرف, يعني ليش ابن تيمية قال العرف؟
الشيخ: طيب أنت عرفت الآن من وين جاء؟
السائل: ... .
الشيخ: وقلنا لك كمثلا أنه بلغنا عنك أنت بالغور بتقصر, هاي ... مو سفر في عرف الناس جميعا, ليش عم تقصر إذًا؟ رجعت تقول إذا إيش خرجت أو سافرت إذا قصرت كويس هذا بيأكد لك أنه السفر ليس له مسافات محدودة, طيب لكن هو إذا كان سافر ميلا فهل كان سفرا أم لا؟
السائل: هو يبدو أنه كان عنده سفر ... .
الشيخ: فإذًا إذا سافر أقل من ميل مثلا, إيه يا ترى بيعتبره سفر وإلا لا؟ ما تدري.
السائل: لا.
الشيخ: ما تدري, بيجوز يكون سفرة أخرى.

(208/9)


«
كلمة للشيخ محمد عيد عباسي بين أن طريقة السلف من الصحابة والتابعين و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين هي دين الإسلام الحق
عيد عباسي: حينذالك رأينا التشريعات تنهال على المسلمين ورأينا الله عز وجل ينزل الآيات والرسول صلى الله عليه وسلم يقول الأحاديث الكثيرة التي يشرع بها للأمة في مختلف شؤون الحياة, نجد مثلا في أخبار السيرة النبوية الصحيحة أن المسلمين حينما أنزلت آية الخمر كان بعضهم في سهرة ويطاف عليهم بالخمر وفيهم عدد من الصحابة المعروفين الأجلاء فجاءهم مناد فقال له يا قوم لقد نزلت أية على رسول الله صلى الله عليه وسلم تحرم الخمر فيقول راوي الحديث فما وجدنا إلا أحدهم الذي كان بيده الكأس يلقيه جانبا والذي كان في فمه شيء أيضا يلقيه وقاموا وقالوا انتهينا ربنا انتهينا ربنا وقاموا إلى الخوابي الأوعية الكبيرة وكلها سكبوها وألقوها في الطريق, ما الشيء الذي دفعهم إلى ذلك وهم إنما سمعوا كلام إنسان لم يتثبتوا بعد مثلا من رسول الله صلى الله عليه وسلم مباشرة سمعوا كلام مسلم, طبعا الأصل المسلم الثقة مع أننا نحن الآن نسمع كلام الله مباشرة ولا ننتهي, ... الشارب مثلا من المسلمين يسمع ((إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان)) إلى آخره ثم يبقى على شربه ويصر على ذلك كأن لم يسمعها ويسمع الأحاديث ويسمع المواعظ وما شابه ذلك, الواقع لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلُح به أولها, لا يمكن أن نستفيد أيضا من العلم الصحيح من الكتاب والسنة إلا إذا سلكنا طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم صاحب هذه الدعوة بأن أولا نؤسس عقيدتنا الصحيحة, الإيمان الصحيح في نفوسنا فنعرف ربنا سبحانه وتعالى ونؤمن به ونحبه ونقر بأنه هو وحده المشرع له نحن عبيد وهو الرب السيد, نحن متبعون ولا وليس عقولنا هي مرجعنا ولا هي شريعتنا وإنما نحكّم رسول الله صلى الله عليه وسلم في ما اختلفنا فيه, حينذالك حين تتثبت هذه القاعدة في نفوسنا وحينما نقول كلما إذا سمعنا الأمر عن الله ورسوله فعلى الرأس والعين ولا كلام لأحد مع كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم حينذالك إذا تعلمنا نسارع إلى التطبيق ونفعل ما يأمرنا به الله ورسوله وبذلك ورد عن بعض الصحابة أظنه ابن عمر أنه كان يقول كنا نتعلم, نقرأ القرآن زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا نتجاوزه حتى نتعلّم ما فيه من العلم والعمل فتعلمنا العلم والعمل جميعا ولا يحرصون على القراءة الكثيرة يعني مثل ما بعضهم يريد أن يحفظ القرآن يقرأ القرآن ويتلوه بسرعة بعضهم بيقول عن بعض العلماء أنه في ليلة أو في مثلا بين المغرب والعشاء ختم القرآن, لم تكن هذه طريقة الصحابة رضوان الله عليهم, يقرأ القرآن يقرأ الآيات القليلة يتعلم ما فيها ويعمل بها ولا يجاوزها حتى ينتهي من ذلك وهكذا يتعلمن العلم والعمل جميعا.
هذا كما يقول ... يسلمون العلم كأنه أوامر عسكرية كيف العسكري جاء أمر من العسكري من قائده يطبق ويقول على الرأس والعين ولو كان في نفسه غير مقتنع بهذا الأمر أو مثلا يراه خطأ أو سيئا هكذا كانوا يفعلون ونحن أمام ربنا سبحانه وتعالى الله يقول ((والله يعلم وأنتم لا تعلمون)) فإذا جاءكم أمر منه ففوضوا الأمر إلى الله وكذلك إلى رسوله صلى الله عليه وسلم فإذًا هذه يمكن أن نقول مثل ممهدات لتطبيق للتطبيق ممهدات الاستفادة من العلم ما هي؟ الطريقة التي تمهد للاستفادة من العلم تمهد الطريق للتطبيق إذا بلغنا العلم هي أن يتقرر في نفوسنا الإيمان بالله وحبه سبحانه وتعالى والثقة بما أنزل والثقة بأنه ربنا وأنه حاكمنا ومشرعنا وأن الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي يبلغ عن ربه وهو بابنا لمعرفة ما أمر الله به عز وجل حينذالك حينما تتوضح في نفوسنا هذه المعاني ونحبه حينذلك ترانا يعني ينصلح الأمر بسرعة وترى المسلمين لا ينصرفون عن الإسلام وإنما يقبلون عليه بكل أفئدتهم, فإذًا مثال عن ذلك إذا ابن مثلا أب له أولاد فيريد هذا الأب أن يطبق أولاده أوامره الواقع ربنا يكون كثير من المسلمين ومنهم بعض السلفيين يقعون في هذا بيشكي أنه أخي والله أولادي ما عم بيطبقي كلامي ما عم يصيروا صالحين, نحن إذا أخذنا نبحث ونفتش عن السبب ربما نجده كما نسمع عن بعضهم ... الولد مثلا أنه والله أبي ما في عنده غير حلال بيقلي يا ... هذا حرام هذا حرام هذا كذا هذا لا تساويه مجرد أوامر وزواجر لم يشُبْها مثلا بإقناع لم يشبه بمحب, بإلقاء المحبة في قلب الولد أو مثلا دعايته أو الإعتناء به هذا من الأسباب فأنت إذا أردت أن يطيعك ابنك يجب أن تكون يعني تريهم من نفسك من العناية به والمحبة له ما يجعله يثق بك حينذالك إذا أمرته أي أمر بيقول على الرأس والعين وكذلك الرسول صلى الله عليه وسلم في مكة عمل كل جهد أنه ألقى الإيمان في النفوس وأقنعهم بها وثبتها ولذلك المعاني في الآيات المكية كم تتكرر عن يوم القيامة عن آيات الله عز وجل في الكون في أدلة وجوده تتكرر في كثير من الأيات نفس المعاني لكن بأساليب مختلفة ليثبت هذا المعنى في النفس ويجعل الناس يحبون الله عزّ وجل ويجعلهم يثقون بحكمه وبه سبحانه وتعالى ويقتنعون هذه كانت الأساس الثابت في نفوسهم حتى إذا جاءهم في المدينة الأوامر المختلفة والتشريعات المتعدد الكثيرة التي تأمرهم بأي أمر تراهم يطبقون يطبقونها ويقولون سمعنا وأطعنا ربنا غفرانك ربنا وإليك المصير كذلك في أمر في حديث جلببة النساء كانوا أيضا لم يؤمروا بالجلباب فلما أمروا بالجلباب تقول إحدى الصحابيات أخذنا مروطنا فاختمرن بها وتجلببن أو كما تقول يعني سارعن إلى وبادرن إلى الامتثال دون مناقشة ودون اعتراض بينما الآن أي مسلم جرب مثلا رأيته يشرب باليسار, اشرب باليمين ما بيقل لك والله مثلا هذا أمر به الرسول عليه السلام يتثبت هذا له ذلك المسلم إذا مثلا بلغه حكم يجب أن يتثبت أنه هذا موجود شرعا ثابت هذا حق لكن إذا ثبت يجب أن يقول على الرأس والعين.
مع ذلك الآن تقول له قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثلا كل بيمينك سم الله وكل بيمينك بيقل لك أي شو فيها إذا أكل إذا صار الله خلق اليمين الله خلقها, هذا هل ترون أنه ترسخت في نفسه المعاني السابقة التي ذكرناها؟ أبدا فإذًا علينا أن نبدأ بهذه الناحية أن نرسّخ في نفوس الناس وفي ذوينا وفيمن نعرف الإيمان بالله عزّ وجل الاعتناء بالتوحيد المحبة لله عز وجل ونجعلهم يثقون بأنه سبحانه وتعالى يستحق أن يكون هو وحده المعبود ولا معبود غيره ولا إله سواه, هذا من حيث ما يتعلق بالعلم الذي هو علاج الشبهات التي تثار ضد الإسلام أما الشهوات فعلاجها الواقع أن يعزم الإنسان وأن يتذكر اليوم الآخر وأن يتذكر أن ما عند الله أعظم وأجل وأن الدنيا فانية وأن الموت قريب وأنّ إلى ربك المنتهى فحينما يتذكر ذلك ويقصر أمله يعرف أن شهوات الدنيا لا تعد شيئا أمام ما أعدّ الله له أعد الله للمؤمنين الصالحين يوم القيامة من جنة ونعيم مقيم وخلد لا كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم لهم فيها ما تشتهي كما قال عز وجل, أي نعم في الحديث فيها.
الشيخ: ... (فيها لا عين رأت)
السائل: ( ... ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر) , فهذا علاج للشهوات التي تصرف الناس كثيرا عن سبيل الله عز وجل وتريه أن هذه إلا أمور حقيرة لا تستحق منه أن يلتفت إليها أو ينتبه في شيء كثير أو قليل.
هذا ما يتعلق بمسألة سبب انصراف المسلمين عن الإسلام ولعله مما يحسن ختم الحديث أن نذكر, أنا ذكرنا أنا ذكرت بعض الأحاديثين مثلا عن سرعة التجاوب المسلمين مع في تطبيق أوامر الله عز وجل, لا لا ... المقارنة كما يقول الشاعر " وبضدها تتميز الأشياء " لنذكر حادثة تبين موقف غير المسلمين من أوامر أوامر حكوماتهم ودساتيرهم إذا أمرتهم بشيء وكيف أنهم لا يستجيبون لها, الذين يدرسون في التاريخ يعلمون في سنة ألف تسعمائة وثلاث وثلاثين تقريبا شكى الناس في أمريكا من سرعة انتشار الخمر والجرائم التي جرت بسبب ذلك فبحثوا الأمر في مجلس النواب الكنجرس ثم الحكومة وقرروا بعد حصول نقاش أن المصلحة عليهم تقتضي أن يحرم الخمر من أمريكا تحريما باتا وتبنت الحكومة هذا القرار وصارت تدعو له وسائل الإعلام المختلفة إذاعة وصحافة وخطب وما شابه ذلك والقوانين كذلك عقوبات تفرض على كل من يخالف هذا القانون, حُرّمت الخمور ومنعت المسكرات أي واحد بيهربها يعاقب وسائل الإعلام والشدة والملاحقة إلخ, ماذا كانت النتيجة؟ استمر الأمر نحو عشر سنوات والخمور تزداد انتشارا والناس يصرون استمساكا بها ويتحملون دفع الأموال الطائلة التي في بسبب غلائها ويطالبون مرة ثانية ممثليهم أن يرجعوا عن هذا القرار, وأخيرا أعلنت الحكومة رجوعها عن القرار وأباحت الخمر مرة ثانية ورجعت كأقوى مما كانت, ما سبب ذلك؟ لم رسول الله صلى الله عليه وسلم تنزل عليه آية من ربه فيقول المسلمون سمعنا وأطعنا ويلقون الخمور حتى تصير، تصير في المجاري كالسيول في الطريق وأمريكا تصرف الأموال الطائلة والملايين ووسائل الإعلام وأجهزة الدولة والشرطة وما إلى ذلك وتفشل, ما هو السبب في ذلك؟ السبب كما قلنا أنه باب الإيمان بالله عز وجل أنه الله عز وجل هو الذي فرض هذا أنا ما ما صفتي أمامه في الحياة أنني عبد لله, الله له حق الربوبية أنا سأصير سأقف يوم القيامة بين يديه سيحاسبني مصيري بين يديه مآلي إليه, أنا حياتي كلها ملك تحت أمره سبحانه وتعالى فإذًا عليّ أن أكون مطيعا ثم عاقبة الذي يطيع الجنة وعاقبة الذي يعصي النار, هذا كان أعظم يعني دافع للمسلمين إلى الاستجابة السريعة لأمر الله ثم محبة الله عز وجل ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم والثقة أنه هو الحق وأنه فيه خيره هذا الذي دفعهم أما القوانين يفرضها فلان وفلان لا يثقون بأنه مثلا صالح لا يثقون بأنه مثلا له قدسية له صلاحية فلذلك ما يتهربون منها ويحاولون إلغاءها بشتى السبل فعلينا أن نستفيد هذا, نكوّنه في نفوسنا ونبثه في الناس وننشره فيهم أن نهتم بالعقيدة الإسلامية الصحيحة وأن نمهد هذا التمهيد الذي يسهّل تطبيق الإسلام بنشر الإيمان بالله, المحبة له سبحانه وتعالى والاقتناع بأنه المشرّع وأنه الرب وأنه المعبود ثم نعلّم الناس إسلامهم وحينذالك ستجد الناس يقبلون على دين الله أفواجا إن شاء الله ويرجع المسلمون ثانية إلى عزهم وما ذلك على الله بعزيز ونرجو أن يكون قريبا بإذن الله عز وجل والحمد لله رب العالمين.
سائل آخر: الله يعطيك العافية.
سائل آخر: أجبناه.
سائل آخر: ويمكن.
السائل: بيتحلل بيتبع مذهبا معين أو هو مجتهد متبع للرسول صلى الله عليه وسلم.
سائل آخر: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
سائل آخر: السلام عليكم.
الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

(209/1)


«
كلمة للشيخ الألباني حث فيها للرجوع للكتاب و السنة على فهم سلف الأمة
الشيخ: الحقيقة أنه هذا الحديث (إن الله يبعث لهذه الأمة من يجدد لها دينها على رأس كل مائة سنة) فتجديد الدين ليس معناه بالإتيان ليس معناه الإتيان بشيء جديد وإنما معناه إزالة ما علق بهذا الدين مما ليس منه حتى يعود كما كان جديدا فتيّا, وإذا كان الأمر كذلك فذلك لا يستطيعه إلا العلماء بالكتاب والسنة لأن المفروض على المجدّد أن يعيد بيان الدين للمسلمين في زمنه كما كان في زمن النبي عليه الصلاة والسلام, وإذا كان من البدهيات أن الذي لم يدرس السنة لا يستطيع أن يبيّن للناس كيفيّة وضوء الرسول عليه السلام, أبسط الأمور لأنه هذه أمور عملية, الرسول عليه السلام توضأ أمام الناس مئات المرات وشاهدوه فإذا كان لا يستطيع أن يصف للناس وضوء الرسول عليه الصلاة والسلام أو الأحرى ... بين الناس القانون الإسلامي الجامع لكل ما يتعلق بالإسلام من أمور اقتصادية أو عسكرية أو اجتماعية أو سياسية أو تعبّديه فأولى وأحرى أن لا يستطيع ... ذلك إطلاقا وهذا بحث في الواقع طويل وطويل ولكن لنضرب على ذلك مثلا بسيطا لنقل لأي إنسان يظن به العلم صل صلاة رسول صل لنا صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, قد يعجب البعض إخواننا الحاضرين أن هذا الذي يقال له هذا الكلام إذا كان فهمان نفسه شو هو يعني فهمان نفسه أنه ما هو عالم بالسنة وإنما هو مقلّد راح يقول لك بصراحة هذا شو بيعرفني صلاة رسول الله, أنا بحكيلك الصلاة إلي درسناها في المذهب وإذا كان جاهلا أكثر من اللازم لازم يكون مقلد لأنه لا طريق للتعلم إلا التقليد لكن إذا كان جاهلا أكثر من اللازم راح يقلك صلاة الرسول كان إذا قام إلى الصلاة قال نويت أن أصلي لله تعالى أربع ركعات فرض العشاء مقتديا مؤتما مستقبل القبلة إلى آخرها هذه هي صلاة رسول الله إلى أخرها, لكنه يجهل أنه علماء المذهب نفسهم قالوا أنه التلفظ بالنية بدعة يعني الرسول ما قال نويت أصلي لله تعالى إلخ وهذا المسكين من شدة معرفته بصلاة الرسول عليه السلام أول ما افتتحها، افتتحها بمخالفة صلاة الرسول عليه الصلاة والسلام, هذه حقائق مؤسفة جدا لو كان الناس يعلمونها كانت حفزتهم شوية أنهم يغاروا على سنة الرسول عليه السلام ويهتموا بدراستها أو يجعلوا المشايخ يهتموا شوية لأنه نحن نشعر بالواقع أن بعض أهل العلم لضعف شخصيتهم بينجرفوا مع التيار إن كان هذا التيار خير أو كان شر, هذا نحن نعرفه فمنذ قبل عشرين سنة ما كنت ترى خطيبا يقول في خطبه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا رواه البخاري أبدا حتى إلي ما بيصدق منكم كشباب ما بيعرف التاريخ ما قبل عشرين سنة يشوف هالي بيسمون دواوين الإيش المنبرية.
السائل: خطب.
الشيخ: خطب المنبرية ما بتشوف فيها حديث مخرّج إطلاقا لكننا اليوم أصبحنا في كثير من المساجد في عديد من الخطباء نسمعهم يقولون بعدما ذكروا الحديث رواه البخاري رواه أبو داود ورواه فلان وفلان, وهالي ما أدرك الحالة السّابقة وهو عدم تخريج الحديث على الخطب والحالة اللاحقة في التخريج يعرف السبب, السبب أنه الشباب المسلم صار عنده شوية وعي شوية مو كثير ولكن كما قيل أول الغيث قطر ثم ينهمر إن شاء الله, صار الشاب المسلم أو الشباب المسلم ما عنده شيء من الوعي بيسمع الحديث كما كان يسمع سابقا مع أنه ... قال رسول الله ينزل الخطيب من على المنبر بيقل له سيدي الشيخ هذا الحديث من رواه؟ هاي بدعة جديدة ما كانوا المشايخ إطلاقا أن يسألوا مثل هذا السؤال هذا الحديث من رواه؟ هذا الحديث صحيح؟ لا ويزيد فعلا يعني وهذه صارت بصورة خاصة وقوية عندنا في دمشق في مدرسة الجمعية الغراء هالي اسمها جمعية لنكس ... لنكس سابقا, من شيء عشرين سنة كان في المدرسة طالبان من لبنان تعرفوا عليّ وأنا يومئذ أعمل في الدكان ساعاتي وصاروا يكثروا التردد فتفتحوا ها الشابين هذول من بين كل الطلاب الجمعية الغراء فيما يتعلق بالحديث الصحيح والضعيف رواه البخاري ورواه مسلم بعدي مو كل حديث رواه أبو داود ضروري يكون صحيحا كالبخاري ومسلم إلخ, صاروا بقى يحضروا الدرس كما كانوا يحضرون, درس الفقه بيدرس الفقه جاب حديث, أستاذ من فضلك هذا الحديث من رواه؟ صبر أول مرة ثاني مرة بعدين انتبه الشيخ أنه هذول عم بيتثقفوا بثقافة غير مدرسية ودرّس التفسير يجيب له حديث في أثناء التفسير, أستاذ الحديث هذا صحيح؟ لا والله كمان ... خلاصة حققوا دققوا عرفوا أنه هذول أنه عدوى من الألباني, شو الطريقة؟ حبسهم وعدم السّماح لهم بالخروج من المدرسة ما شفناهم إلا فلتات, شو القصة؟ ذكروا لنا شو القصة, الشاهد فكثرة المطارق على المسامع هذا الحديث من رواه؟ هذا الحديث صحيح؟ إلخ.
الخطباء مهما كانوا بشر في عندهم إحساس إخيرا ما وجدوا طريقا إلا أنهم يُجاروا مع طلبات الشباب هذول, إذًا لا بد من تحضير الخطبة ولو تحضير حديثين ولو من كتاب سهل التناول " رياض الصالحين " للإمام النووي نعم الكتاب, ... إذًا خذ لك كم حديث من الكتاب رواه البخاري رواه مسلم رواه الترمذي, والله خطبة طيبة, وهذه ظاهرة ... الآن على مسامع الناس اليوم من الخطباء من المدرسين إلخ.
ووجدنا هذا أيضا في رسائل تؤلف ما لها علاقة بعلم الشرع إطلاقا, في الأدب في اللغة في النحو يجي حديث, صار يجي مثلا هذا ... في زمانه كتاب حديث يجي عند الأستاذ الألباني دخلك مر معي هاي في الرسالة حديثين ثلاثة بدي أعرف هذول مصدرهم, فأنا إن كان مصدرهم قريب التناول يسّرت له السبيل وإلا راجع الكتاب الفلاني راجع, صار كمان هذا الأديب يقعد يشتغل بكتب الحديث, كتاب الجامع الصغير عمره ما مسكه صار يرجعوا لكتاب الجامع الصغير إلخ, صار في حركة صار في نشاط, فإذًا إذا وجدنا احنا في أهل العلم نقص من جانب نحن نقدر أنه يقدمولنا هذا النقص يستدروكوه ويقدمو لنا إياه بطريق لبق وناعم ولطيف, ولذلك فأنا أرى أنه كل خطبة تلقى فيها حديث ذكره خطيب إن كان صاحبك إن كان شيخك إن كان غريبا عنك ... بعد الخطبة لا بعد الصلاة, ... يا أستاذ من فضلك أنت ذكرت الحديث الفلاني ممكن أعرف مصدره؟ حتما ما بيعرف مصدره لكن أنت من هون والثاني من هون والثالث من هون راح يصير شيخك راح يصير صاحبك صار يصير هالي هو غريب عنك يشتغل بالحديث ... ليش؟ ... العرض والطلب ... .
السائل: ... .
الشيخ: لأنه في طلب لازم بقى إيش ... وهكذا ونحن عقيدتنا أنه المسلمين لا عودة لمجدهم الغابر ولا قيام لدولتهم المنشودة أبدا إلا بطريق الكتاب والسنة.

(209/2)


«
حث الشيخ على أهمية التصفية والتربية
الشيخ: ولذلك عندنا كلمة عنوانها مختصر لا بد من التصفية وال ... التصفية وال ... لإقامة الدولة المسلمة بدون تصفية هذا الإسلام بما ليس فيه أنا خطر في بالي آنفا لما كان الأستاذ عيد عباسي يتكلم أنه ذكر في جملة الأسباب التي يعني جعلت المسلمين يلحدون أو يبتعدون عن دينهم فهموا الإسلام فهما منكوسا معكوسا أو ما هذا معناه وهذه حقيقة مرة مؤلمة بتروح للبلاد الكافرة مع الأسف الشديد ما بتشوف سيارة معلق نعل عتيق في مقدمتها أو في مؤخرتها لكن في البلاد الإسلامية في ها الشيء هذا, هذا شو بيدل يا جماعة؟ هذا بيدل على فساد العقل طيب شو هلي ب ... العقل؟ الدين الصحيح أو الثقافة التجربية العلمية لكن الثقافة التجربية العلمية إلى نطاق محدود ومحدود جدا لكن الإسلام الذي أنزله الحكيم العليم هو إلي بيصحح المفاهيم وبوعي العقول فإذا كان المسلمون إذا كانوا وقعوا في جاهلية أجهل من الكفار فهذا أكبر دليل أنهم ما استفادوا من دينهم, ترى شو سبب عدم الاستفادة؟ من جملتها ما سبق الإشارة إليه فهمهم للإسلام منكوسا معكوسا, وما نذهب بكم بعيدا فعندكم الآن قبر يزار اسمه قاضي الحاجات, تعرفوه؟
السائل: اندثر اندثر قديما هذا.
الشيخ: قديما انقرض؟
السائل: اندثر ... .
الشيخ: الحمد لله, شالوه أي منيح هذا كمان بيدل على وعي وتقدم, هذا قاضي الحاجات.
السائل: ... .
الشيخ: لكان.
السائل: ... .
الشيخ: معجزاته وكراماته ... المرأة العقيم تركب على السّنام تبعه بتحتك به بتروح حامل بإذن الله ما ... أبدا, قاضي الحاجات تبعكم ... أي نعم, هذا له أمثلة كثيرة في البلاد هذه الإسلامية مع الأسف الشديد ولماذا نذهب بعيدا من منكم لا يعلم مسلمين مصلون يأتون لقضاء الحاجات من الأولياء والصالحين, أنكرتم قاضي الحاجات والحمد لله تقدروا تنكروا ها الحقيقة هذه؟ ذهاب عشرات ومئات الناس الطيبين الصالحين إلى الأولياء والصالحين يتوسلون بهم ينادونهم من دون الله لقضاء الحاجات ويطوفون حول قبورهم, تعرفوهم وإلا ما تعرفوهم؟ أنت ها تعرف إش فيه؟ شفتوا ها الشيء, هذول ترى فرانساويين وإلا مسلمين!
السائل: مسلمين!
الشيخ: مسلمين, شو وصلهم إلى هنا؟ سوء فهم الإسلام معكوسة, هذه بيسموها واسطة, سموها توسل وكثيرا ما نُسأل شو رأيك في التوسّل فنجيب التوسل مثل زيارة القبور نوعان مشروع وغير مشروع وندخل بقى في التفاصيل فهذا من قلب إيش الحقائق أنه يأتي مسلم يطلب الشفاء بطريق لا شرعه الله ولا الطب ولا العلم, الطب كله لا يؤمن لا بالأولياء ولا بالصالحين ما بيعرف إلا إيه شيء تجرببي لكن نحن المسلمين بنؤمن بالأولياء والصالحين لكن هذول المسلمين طائفتان, طائفة بيؤمنوا بالأولياء والصالحين كما قال تعالى ((ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون)) من هم؟ الجواب ((الذين آمنوا وكانوا يتقون)) إيه طائفة ونحن منهم وإن شاء الله كلكم تكونوا منهم.
السائل: آمين.
الشيخ: طائفة ثانية تعتقد بالأولياء هذول فيهم المتصرفين في الكون ... وأقطاب و أبدال ونقباء وأنجاب ودولة دولة وهذول هذولي يا إخواننا شبابنا الناشئ اليوم هالي فهمان الإسلام واللي مو فهمان ما عنده خبر عن هذه الضلالات وهذا كما يقال " ومن العصمة أن لا تجد " لكن عدولك مع ناس من هذول هالي بيسمون على البركة ولو كان يمشي بالزلط بالطريق لأنه هذا مأخوذ مجذوب يعني, هذا مجذوب فبتسمعوا منهم الولاية بالمعنى الآخر وأنا هلا راح احكيلكم قصة مو ... أنه تكون تعبتم في دماغكم مش ما أنا تقريبا تعبت في حنجرتي راح أحكي قصة, زرت مرة قرية دير عطية ممكن هالي بيروح منكم إلى الشام كان يمر عليها سابقا هلا طريق جديد يمر عنها جانبا, نزلت فيها ضيفا ليلة واحدة والغرفة على طريق مثل ها الدخلة بس عريضة ولها باب هنا ولها نوافذ واطية, وإذ النافذة تطرق فخرج صاحب البيت وكنا نحن مجتمعين شيء عشرة أشخاص أنا أحدهم فخرج من الغرفة يستقبل الطارق ما سمعنا غير ترحيب عجيب جدا "أهلا وسهلا بأبو فلان" ... دخل الرجل بدنا نحن بقى كلنا عيون نحو الداخل بنشوفوا مين الضيف الكريم وكانت مفاجأة لي مدهشة, وإذا به الحشّاش المفطر في رمضان التارك للصلاة الملازم ل ... المسجد جاري من خارج المسجد لا من داخله, ما شفته في المسجد إطلاقا وعيونه جاحظة صفراء من كثر ما هو محشش, وهو أيضا فوجئ بي فأول ما جلس عمل حاله ... صار يركع ويسجد ويحكي كلام مثل ما بيقولوا النحويون " جملة غير تامة " يعني مثلا بيض بندورة باذنجان أي شو بهم؟ والجملة التامة لا تقولوا بس من ها المجانين هذول لا عندكم في الأذكار, الله الله الله الله شو به الله؟ الله أعلم بقى, هاي جملة غير تامة, هذا الرجل قعد يتظاهر أنه وايف ما بيعرف شو عم بيحكي عرفت أنا أنه هذا الرجل عند صاحب البيت من كبار الأولياء فانمعطت معطة فظيعة جدا ثم انطلقت أتكلم حول الآية السابقة ((ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون)) تكلمت ما شاء الله تكلمت وما لنا في هذا الصدد, الصدد قال لي صاحب البيت قال لي والله يا أستاذ نحن كنا نعتقد هيك مثل عم بتحكي تمام لحتى جاءنا شيخ اسمه كذا ائتمارا بأمر الأخ السابق ... بالأشخاص ما راح نسميه يعني الشيخ جاء من الأزهر وقد درس ومكث في الأزهر عشرين سنة صار يعطي دروس في المساجد مسجد القرية مساجد القرية في البيوت فمن جملة تعليماته الي قدمها لنا أنه شو نقولو, أضعف خلقه, سره في أضعف خلقه, أي نعم وقال أنه الله عز وجل له عباد صالحين يعبدوه في الغيب, تشوفوهم أنتم بتحقروهم بل بتكفروهم فإياكم وإياهم ... تشوف واحد منهم تنكروا عليهم بعدين تنبطحوا تنصابوا إلخ, وقال الشاهد هون حكى لنا مضيفي عم يحكي عن هذاك الشيخ إلي حكى له القصة الآتية فاستمعوا يا أولي الأبصار!
السائل: ... .
الشيخ: نعم, درس عشرين سنة في الأزهر إيه إيه يعني الأزهر القديم حلقات وحلقات ... أول طبعا مو أزهر اليوم يا ليت كمان بقي الأزهر القديم, خلاصة الله الله " ولو كان سهما واحدا لاتقيته " شو القصة إلي حكاها له الشيخ فضبعهم فرد ضبعة وسلبهم فرد سلبة وخلاهم يؤمنوا بها المجنون هذا المتجانب أنه من كبار الأولياء والصالحين, حكى لهم القصة الآتية قال كان فيما مضى من الزمان رجل عالم فاضل يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر محتسب ينزل إلى السوق كل ما رأى منكرا غيّره, قال ذات يوم خرج كعادته وحوله أصحابه وأتباعه, تلامذته وقف على سمّان أو عطّار فرأه يبيع حشيش مخدر لشخص فأنّبه وأنكر عليه ما تستحي ما تخاف من رب العالمين كذا قال لسى ما أتم كلامه سلب الرجل وصار مثل البهيمة, الواعظ العالم الفاضل, أصحابه إلي معه دهشوا قادوه من يده كما تقاد الدّابة إلى البيت وهن بقى صاروا يسألوا شو قصته ها الإنسان العالم شو أصابه؟ تمو يسألوا تموا يسألوا حتى الله رماهم بشخص قال لهم الشيخ هو من الجماعة الي يقال عنهم ذو الجناحين, ذو الجناحين يعني يعلم الظاهر والباطن يعني جمع بين الحقيقة والشريعة لأنه الحقيقة غير الشريعة والشريعة غير الحقيقة فالإسلام إسلامان إسلام ظاهر وإسلام باطن شغلة, شغلة يا لطيف مدبّرة مكيدة للإسلام فظيعة خلاصة راحوا لعند الرجل ذو الجناحين حكو له القصة العالم عم يأمر بالمعروف وينهى صار مثل ... .
السائل: ذو الجناحين ... .
الشيخ: جناحين, قال له لأنا عرفت شو القصة هذا الرجل السمّان الحشّاش من كبار الأولياء والصالحين لذلك خذوا شيخكم لعندو واعتذروا له وطيبوا قلب الحشّاش الولي الحشّاش طيبوا قلبه على الشيخ العالم وأنا كفيل أنه بترجع حالة العالم إلى ما كانت عليه من قبل!
السائل: ... .
الشيخ: نعم.
سائل آخر: ذو الجناحين.
السائل: ... .
الشيخ: ذو الجناحين.
السائل: ... .
الشيخ: تمام القصة خلاصة جاؤوا عند الولي الحشّاش وتلطفوا له بالكلام واعتذروا له أنه أنت تعرف أنه يعني شيخنا عالمنا فاضلنا وإخلاصه ودينه وإلخ هو ما بيريد إلا إنكار المنكر مو عارف مقامك منزلتك إلخ حتى صفى قلب الولي الحشّاش ... عليه رجعت إليه كل مواهبه المسلوبة سابقا!
السائل: ... من جديد.
الشيخ: ورجع الولي الحشّاش يعظ العالم قال له يا فضيلة الشيخ أنت صحيح بتظن أنه أنا بأبيع الحشيش المخدر سامحك الله أنا بأبيع حشيش بياخذ منه المحشش قطعة صغيرة يبطل الحشيش فهذا ضد الحشيش, أنت عم بتشوفوا حشيش, هذا الأزهري عشرين سنة في الأزهر حكى له هذه القصة, صاحب البيت عم بيقل لي نحن كنا نعتقد مثل ما أنت عم بتقول الولي هو إلي بيتقي الله كل ما أكثر من الصلاة والعبادة يكون أقرب إلى الله إلخ حتى أن هذا الرجل العالم أنه هذول الأولياء لهم حالة مع الله غير غير, تشوفوهم في الظاهر فساق فجار ما بيصلوا لكن هم بيصلوا في مكة بيغمضوا عيونهم بيصلوا هنا , فالخلاصة هذا أفظع قلب للإسلام فتجد المصيبة الآن في المسلمين مزدوجة ... منهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا وهم ليسوا على دين, هل هذا دين يا إخواننا أنه كلما تقرب الإنسان إلى الله كل ما ابتعد عنه شو ها الجمع بين المتناقضات, محشش لا بيصلي صلاة جماعة لا بيصوم في رمضان السيجارة وفيها الحشيش ... عم ... أمام الناس مع الأسف ولا منكر, هذا ولي, ولي محافظ على الصلوات في أوقاتها هذا مو ولي؟ هذا من الخطورة بمكان قلب الحقائق هذا جنس من المسلمين, الجنس الثاني بيقل لك هاي هذا هو الإسلام؟ إسلام محشش مخدر إلخ يعتبر من كبار الأولياء والصالحين وكلام غير منطقي, بتشوفوا إنت وهو بالبيت لكن هو عم بيصلي في مكة, هالي عم بيدرس الدراسات العصرية اليوم بيقل لك إذا كان إسلام أنا كفرت به, أنا أعتقد الإسلام في القرآن في السنة أمور لا بد من الإيمان بها إن كان مثقف وإلا ... لا بد من الإيمان بها والتسليم ولذلك أعتقد في الكتاب وفي السنة أمور أمور تكفي لتجربة الناس هل يؤمنون بالغيب أو لا, ما بيكفينا مع الأمور الغيبية الموجودة في القرآن حتى نجيب لهم بقى سخافات وخرافات ونلبسها لباس الإسلام ونكسيها كسوة الإسلام ونقل لهم أيها الناس تعالوا إلى إلى الإسلام, معناها بتقل لهم بلسان الواقع ابعدوا هذا إسلامكم بيأخركم ما بيقدمكم, فعلا ولذلك.

(209/3)


«
التعليق على قول محمد عبده»
الشيخ: أعتقد أنه قول محمد عبده له يعني حصة كبيرة من الصواب , أي نعم شو قال تبع العمائم؟
السائل: ... .
الشيخ: " حاذروا أن تقضي عليه العوائم " , شو بيعني العمائم؟ يعني العلماء المتعممين بالعمائم البيضاء شارة العلماء وليسوا من العلماء من العلم في شيء, كمان ما بدنا نستغيب بالناس لكن هالي بدو يعرف يسأل أهل مكة " أهل مكة أدرى بشعابها " عندكم هنا في وسط حلب أيضا رجل من كبار العلماء المعروفين والمفتين توفي من عهد قريب أو بعيد لا أدري كان يحكي ويقيم الحجة على بعض من لا يؤمن بكرامات الأولياء, هوني في عندي سؤال, هل كان للرسول معجزات؟ وما هي؟ وكذلك معجزات الصحابة ما هي؟
ما بيفرق السائل بين الكرامات وبين المعجزات, فالرسول له معجزات بلا شك والأولياء لهم كرامات بلا شك ولكن إذا صحت الكرامات, بمجرد ما نتخيل مثل كرامة الشيخ المفتي الذي سأحكي لكم أو غيري من أهل بلدكم يعرف الحكاية أحسن مني, احكي لنا يا أستاذ محمد, وينو؟ وين ناصر؟ طيب, شو مساكين قداش في فرق.

(209/4)


«
ذكر قصة وقعت لبعض السلفين المنكرين للخرفات مع بعض الأولياء المزعومين
الشيخ: قداش في فرق بيننا وبين الآخرين, نحن ... منا ما بنشوفوا لا ...
خلاصة القصة على حسب ما ... مني خلاصتها حكاها الشيخ المشار إليه محتج على أحد إخواننا السلفيين ها الي لا يؤمن بالخرافات من الكرامات, مش لا يؤمن بالكرامات, الخرافات من الكرامات, قال له شو عم تحكي ما في كرامات من النوع اسمع الحكاية هاي وقعت قال الشيخ المفتي بأنه وقع أن رجلا من الخطباء كان يخطب ذات يوم على المنبر يوم الجمعة فكشف الشيخ باعتبار من كبار الأولياء والصالحين أنه أحد مريديه من الحاضرين في المسجد مزنوق باللغة العربية حاقن يعني له حاجة إلى قضاء الحاجة فعمل له الشيخ وهو عم بيصلي عمل له هيك فرجع كمه هالي هو على طريقة ما قال محمد عبده " عمائم كالأبراج وأكمام كالأخراج" فرجع كمه العريض قال فات المريد المزنوق يعني إلي بدو يقضي حاجته ... كم الشيخ الخطيب فوجد هناك بستان جميل إيه وقضى حاجته ... ولأنه هو ... أكمل القصة ... لأنه وصف أي أحلى ... وطلع هاي من كرامات الأولياء صدقوا أو.
وتبين له أنه, لك أنه الحق فاتبعوه إن شاء الله, أنت ... شيء علم الفقه وعلم أصول الفقه؟
السائل: ... .
سائل آخر: ... مقلدين.

(209/5)


«
الكلام على العلم الصحيح المحمود في دين الإسلام مع التنبيه على أهمية علم الحديث
الشيخ: طيب, نعم, مقلدين في كل شيء, طيب, إذا كنا مختلفين أنا وإياك في مسألة شرعية شو الطريق إلي نقتنع نحن وإياك
السائل: ... .
الشيخ: طول بالك, أنا مسألة من المسائل مختلف أنا وإياك.
السائل: أيوه.
الشيخ: مسألة من المسائل مثلا الدخان حرام وإلا حلال؟ أنت بتقول حرام وأنا بقول حلال.
السائل: ... .
الشيخ: ... ما بدك تبحث أنت يا ... ما ... تبحث لذلك في أحد عم يسجل كلامه؟
السائل: طبعا.
"
صوت تسجيل كلام الشيخ من قول الشيخ معاك شيء علم الفقه وعلم أصول الفقه إذا كنا مختلفين أنا وإياك في مسألة شرعية شو الطريق إلي نقتنع نحن وإياك ".
الشيخ: أنا أسألك شو الطريق أنت بتقول ... أنا بسألك سؤال إذا كنت ... سترا للعورة من تحت يعني نتم ندني إيدينا حتى كأننا نصلي عراة أو بعضهم بيفعملوا هيك وبعضهم بيسدلوا بالكلية, سلو ها السؤال هذا حينئذ تعرف أنه هذا هو رجل عالم وإلا رجل جاهل, أنا بقل لك سلفا امسك من شئت ممن أنت تعرفهم من أهل العلم ولقاؤنا سيكون بعد شهر أو شهرين إن شاء الله.
السائل: بعد شهر.
الشيخ: تعطينا إيش؟ جواب على السؤال, هذول الجماعة بيعملوا هيك ونحن منا من يعمل هيك ومنا من يعمل هيك ومنا من يسدل لا يعمل لا هيك ولا هيك ولا هيك, هيك الرسول عليه السلام كان يصلي؟ بدنا يا أستاذ تدلنا على صلاة الرسول عليه السلام, طبعا ما راح يدلك على صفة صلاة النبي, مؤلفه الألباني الشاذ الضال المضل, قل له دلنا إذًا على كتاب يعلمنا صفة صلاة النبي وحتى نخلص من الحيرة, شيء بيعمل هيك شيء هيك شيء هيك شيء مطلق الثلاثة بالثلاثة يعني لا على الصدر ولا تحت الصرة ولا على القلب, أسأل هذا السؤال البسيط جدا ورجائي إذا كنت مخلصا كما أرجو في البحث أن تتبيّن لك الحقيقة من مجرد هذا السؤال وتعلم أنه العلم ليس هو دراسة مذهب فلان ومذهب فلان وإنما العلم أن تعرف دليل المذهب الفلاني ودليل المذهب الفلاني ودليل المذهب الفلاني وليس هذا فقط كما يفعلون في كليات الشريعة بيقل لك الفقه مقارِن أو مقارَن, بيقل لك دليل الحنفي كذا دليل الشافعي كذا مالك وأحمد كذا وكذا ثم يطلع الحيران, الطالب حيران مشوش ضايع بين المذاهب الأربعة, ليش؟ لأنه فاقد الشيء لا يعطيه, هذا إلي عم يدرس الفقه المقارن هو نفسه حيران, ولذلك ستجد في التجربة هذه إن سمعت كلمتي وسألت هذا السؤال, ستجد الجواب لا ندري, هذه مسائل مقررة وكل واحد لازم يتبع مذهب, فستعلم أنه القول ابن الهمام أنه المقلد ليس عالما بل هو جاهل هو حق وستعلم بالنتيجة معنى الحديث الصحيح (إن الله لا ينتزع العلم انتزاعا من صدور العلماء ولكنه يقبض العلم بقبض العلماء) مع الأسف الشديد كم فقيها عندك هنا في البلد؟ على عدم دراستك للفقه ... لو سألنا طالب علم سيقول بالعشرات ... بالمئات بس أنت ... يمكن تقول باعرف خمسة عشرة أليس كذلك؟ أقل من هيك يعني؟ ... طيب كم محدث في عندك هون في بلدك؟ ما بتعرف, أنا ما أنكر أعط في بالك بل ... يقل لك أنك أنت ما بتعرف, شو السبب يا ترى؟ لقلتهم أو لكثرتهم؟ تعرف تجاوبني ها السؤال؟ نعم؟ ما سمعت؟
السائل: ... .
الشيخ: مو هيك, مو حرام هذا في دين الله, الحديث إلي هو الأصل الثاني بعد القرآن وإليه مرجع الفقهاء كلهم، كلهم لا خلاف بينهم بعد القرآن والحديث ما يكون في عندكم علماء أكثر من الفقهاء بيعرفوا العامّي السّوقي هالي بالسوق لشهرتهم لأنه هم المصابيح مصابيح الهدى بهم يهتدي الناس بيعرفوا صلاة الرسول صيامه قيامه وضوءه غسله أخلاقه إلخ هذول أهل الحديث بيعرفوا هذا الشيء, فإذا كان ما فيه عندنا في حلب العاصمة الثانية لبلاد سوريا علماء في الحديث ما بقل لك عالم في الحديث, قد يكون في الزوايا خفايا كما يقال ولكن مو بحثنا في هذا, بحثنا في يجب أن يكون كان يجب أن يكون هنا في حلب في ... حلب لازم يكون عشرات علماء الحديث أكثر من علماء الفقه إلي أنت تعرفهم أكثر من علماء الفقه إلي بيعرفوهم طلاب الفقه النظاميين فإذا عرفت هذه الحقيقة فاعرف أن الأمر اليوم كما قال عليه الصلاة والسلام, في حديثك الي أوردته ولكن في غير محله (إن الله لا ينتزع العلم انتزاعا من صدور العلماء ولكنه يقبض العلم بقبض العلماء) وين هذول العلماء؟ علماء الحديث باعترافك, ما بتعرفهم ولا واحد منهم!
السائل: ... .
الشيخ: (ولكنه يقبض العلم بقبض العلماء) أنا لا أريد أن أقل لك في سوريا ما فيه علماء حديث لأنه ممكن تقول هذا عم بيزكي نفسه لكن اسأل أهل العلم اسأل مجلات اللي يكتبون فستسمع ما ما يخزي ستسمع في العالم الإسلامي ما في خمسة عشرة من علماء الحديث, ستعرف مصيبة المسلمين اليوم في علمائهم بالحديث, أي نعم (ولكنه يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا) جهالا بإيش بقول أبي حنيفة بقول الشافعي لا هذول كثر باعترافك أنت واعترافي أنا لكنهم جهال في الكتاب والسنة معا لأنه السنة توضح الكتاب (اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا) ولو كان في الوقت متسع لأتينا لك بعشرات الأمثلة التي توجه اليوم إلى هؤلاء الذين يسميهم البعض بأنهم علماء ستسمع العجب العجاب, هذه الأقوال لا قال بها أبو حنيفة ولا الشافعي ولا مالك ولا ولا ولا ولا قال به دعاة التبصّر في الدين أمثالنا لكان مين قالها؟ قالها هؤلاء الذين غرّهم الناس بقولهم هؤلاء هم أهل العلم وهؤلاء إذا مات الواحد منهم يعلم بالتعزية هذا الحديث الصحيح (إن الله) إلخ.
الخلاصة يجب أن يكون في العالم الإسلامي عشرات بل مئات علماء الحديث وهؤلاء هم الذين يجب عليهم أن يحقّقوا الآية السّابقة ((فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول)) أنا أعلم أنه من هؤلاء أفراد مبعثرون مثل النقطة البيضاء في الثور الأسود كما جاء في بعض الأحاديث الصحيحة في غير هذه المناسبة, لعلنا استطردنا كثيرا ولكن لعل في ذلك فائدة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا وإن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
السائل: ... .

(209/6)


«
سؤال عن صحة حديث" اختلاف أمتي رحمة "؟»
الشيخ: نعم, فهذا الحديث في الواقع هو وغيره من كلامك هو الي أوحى لي أنك أنت متشبع بكلام من برة وجاي تكرروا هنا دون أن تحاول التبصّر فأنت رأسا يعني واجهتنا بأنه هذا حديث حسن فهل الي بدو يناقش في مثل هذا الحديث المفروض في أنه أنا الألباني المهتدي أو الضال علمه عند ربي مؤلف كتاب اسمه " سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوع وأثرها السيء في الأمة " أقول ولا فخر هذا الكتاب فريد اليوم في العالم الإسلامي كله, أقول مع الأسف " ولا فخر " لا فخر لأنه ((وأما بنعمة ربك فحدث)) أقول مع الأسف لأنه لازم يكون في عديد من الكتب مؤلفة في هذا الموضوع الخطير في العالم الإسلامي, طيب.
أنا في هذا الكتاب أوردت هذا الحديث, وذكرت أقوال العلماء مش قولي أنا من ابن عبد البر من المزني تلميذ الشافعي من ابن حزم الأندلسي من الحافظ العراقي وعلماء حفاظ آخرين لا أذكرهم الآن كلهم ذكروا أنه هذا الحديث منكر لا يصحّ فيأتي بعض من لا يصلح أن يعدّ من المتفقهة بيجي بيشوف هذا الحديث له عديد من الطرق بيأخذ القاعدة هيك على هامشها أنه الحديث الضعيف يتقوى بكثرة الطرق وبيقول هذا الحديث حديث حسن بكثرة الطرق, لو قال الألباني هذا الكلام وخصومه أعداؤه قبل محبيه بيشهدوا أنه هذا رجل متخصص في الحديث, غصب عنه بيقول هذا ما فيه مثله في الحديث, لو قال هذا الكلام بيقولوا له من سبقك إلى هذا الكلام؟ من سلفك؟ أنت بتقول سلفي من قال أنه هذا الحديث حسن؟ جيب ... حتى ألاقي له ألاقي لي سند لكن لا مو الألباني قال هذا حديث حسن, واحد عمره ما تكلم في الحديث لا صحّح ولا ضعف ولا خرج, أنا شفت كلام هذا الإنسان وقرأته في بعض المجلات الإسلامية, قال أنه هذا حديث حسن فضرب بكلمات الأئمة الي أنا استندت عليهم في تضعيف هذا الحديث عرض الحائط وجاء باجتهاد من عنده وبعدين يا سيدي باب الاجتهاد مغلق شلون بقى بالاجتهاد مغلق وأنت عم تجتهد في علم ما درسته ولا تخصّصت فيه وتحسّن ما ليس بحسن, هذا الحديث (اختلاف أمتي رحمة) أنت هذيك السّاعة مع الأسف بتسرع قعدت تقول ما في خلاف ما في تنازع, يا ترى في مسألة خروج الدم في ثلاثة أقوال شو رأيك ما راح أناقشك بالعلم لأنه أنت عم بتقول ما ... دارس فقه, عقلا إسلاميا يا ترى لو الشافعي قال خروج الدم لا ينقض وأبو حنيفة كذلك ومالك كذلك وأحمد كذلك أطمن لقلب المسلم حينما يقلد هؤلاء في هذا القول وإلا لما بيشوف أبو حنيفة بيقول ينقض ما دام تجاوز المخرج الشافعي على الخط المقابل لا ينقض ولو جرى كالأنهار مالك وأحمد بيقولوا إن كان كثيرا نقض وإن كان قليلا لا ينقض, أيهم أطيب لقلبك؟ هذا الواقع أما ذاك الفرض إلى فرضته؟ تقدر تجاوبني بتعرف جواب السؤال؟
السائل: ... .
الشيخ: أحسنت جدا, أقول الواقع الآن في ها المسألة الواحد في ثلاثة مسائل يعني ثلاثة أقوال, هي المذاهب أربعة لكن في ها المسألة ثلاثة أقوال, مذهبين اتفقوا مذهب أحمد ومالك اتفقوا قالوا إذا كان الدم الخارج من غير السبيلين كثيرا نقض وإلا لا ينقض, مذهب الشافعي لا ينقض كثيرا أو قليلا مذهب أبي حنيفة ينقض ولو كان قليلا مادام جاوز المخرج هاي ثلاثة ... هذا موجودة اليوم وكل الفقهاء يعرفون هذا الشيء, الآن أفترض لو كانت المذاهب الأربعة متفقة في هذه المسألة على قول من الأقوال, نفترض أنه قالوا جميعا خروج الدم لا ينقض الوضوء أو ينقض الوضوء, هذا أطمن لقلب عامة المسلمين إلي ما بيعرفوا الأدلة وإلا الواقع.
السائل: ... .
الشيخ: ألو.
السائل: ... مسألة واحدة ... .
الشيخ: إذا قول واحد يعني.
السائل: ... .
الشيخ: أضمن وأريح وإلخ, طيب, الآن لو حاول علماء المسلمين أنه ها الأقوال الثلاثة يشوفوا الأصح منها ويقولوا المسلمين هذا هو الأصح, هذا مو أصح؟
السائل: ... .
الشيخ: نعم.
السائل: ... .
الشيخ: ((فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول)) يا جماعة, الرسول بيقول (تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما كتاب الله وسنتي) (تركتكم على بيضاء نقية ليلها كنهارها لا يضل عنها إلا هالك) عرفت يا أخي شلون؟ قلي عرفت؟
السائل: ... .
الشيخ: لا ما بجاوبك قلي عرفت وإلا ما عرفت؟
السائل: ... .
الشيخ: لأنه إذا ما عرفت شو فائدة الحكي؟
السائل: ... .
الشيخ: الله يهديني وإياك, أخي مو عيب تقل لي ما عرفت مو عيب نحلف لك بالله أنه مو عيب ... أي مبينة هايف, ما عرفت, أقول أنت بتقول شلون بدهم يجعلوا هذا الثلاثة أقوال قول واحد؟ عم أقلك بالرجوع إلى الكتاب والسنة.
السائل: ... .
الشيخ: هاه هذا هو الطريق بالرجوع إلى الكتاب والسنة مفهوم هذا الكلام؟
السائل: ... .
الشيخ: طيب.
السائل: ... .
الشيخ: أه.
السائل: بالنسبة للحديث (إن الله لا يقبض العلم انتزاعا) هذا الحديث ما ... .
الشيخ: طبعا لا لأنك ما دارس العلم.
السائل: بدو إذا شلون بدنا ... .
الشيخ: أنا ما بقلك أنت ترجع يا أخي أنا, أنا قرأت لك خاتمة ... , أنت ما عم أكلفك وقلت لك هذيك السّاعة صراحة خليك مقلد يا أخي أنت ما تصلح, لكن نحن نريد في مقلد على مرا مغمض وماشي لا فيه مقلد ثاني مو مغمض لكن مفتح عين واحدة في مقلد ثاني مفتح عينتين مفتح بصيرته وقلبه إلخ فالعلم درجات يا أخي العلم درجات فأنت إن أردت أن تتبصر في دينك امش خطوة أولى خطوة واحدة امشي لكن إذا ما مشيت الخطوة هذه حتم ماشي على عماها مو على بصيرة مو هذه طبيعة المسلم والعلم درجات والعلماء درجات فضلا عن طلاب العلم فضلا عن العامة إلخ.
فأنا مو أقل لك عم أقل لك أما أقول لأهل العلم فليه سألت الأخ هذيك الساعة ((فإن تنازعتم)) خطاب لمن؟ ما سمعت أنه الخطاب للعلماء؟ فليش أنت عم تحمل الآية على نفسك أنت وأنا بقل لك على العلماء وما أعطيتك شهادة أنك أنت من أهل العلم بلعكس أعطيتك شهادة مقلد!
السائل: ... .
الشيخ: نعم.
السائل: ... .
الشيخ: في النهاية.

(209/7)


«
سؤال عن حكم التمذهب؟»
الشيخ: يجوز اتباع المذهب على أساس اتخاذه وسيلة إلى العلم أما, أه.
السائل: ... بعبارة أوضح يعني ..
الشيخ: معليش لو صبرت على تتمة الجواب لأني أنا قلت أما أنت شو قلت؟ " شلون " ما بيصير هاي العجلة عم تضركم أنا خليني أكمل!
السائل: ... .
الشيخ: نعم.
السائل: ... .
الشيخ: يا أخي من قال لك أنه أنا ماني ماشي بالموضوع الأساسي!
السائل: مش رأيك ... .
الشيخ: طيب.
السائل: ... شلون رأيك ومش ... .
الشيخ: يعني تريد ما أسألك يعني.
السائل: ... .
الشيخ: يعني بتريد أنه ما أسألك؟
السائل: ... عم بتظن أنه ... يريد أن يتبع في عندك آية ((يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن)) ... .
الشيخ: وأنا ظنيت بمن؟
السائل: يعني كأنه ... من ناحية حديثك ... .
الشيخ: أنا ما سميت لك شخصا!
السائل: ... الألباني.
الشيخ: أي نعم نعم هذا واقع بس أنا ما عم أسمي لك شخصا
السائل: يعني ... مو لازم.
الشيخ: لا لازم.
السائل: مالنا نحن ... مالنا ... متفقين عليه ..
الشيخ: لا مانا متفقين عليه أبدا!
السائل: يعني نحن ... الثقة ما في حتى ... .
الشيخ: مو قضية ثقة, مالنا متفقين شو هو العلم شو هم العلماء ما بنعرف نحن مين ثم أنا عم أقل لك أنا ما سمّيت لك شخص حتى تقل لي ((اجتنبوا كثيرا من الظن))!
السائل: نعم.
الشيخ: أنا بعرف.
السائل: ... .
الشيخ: أي نعم.
السائل: ... .
الشيخ: أي نعم, كل يعني كل إنسان يحضر هذه الجلسة بلا شك محمّل بأفكار!
السائل: محمّل ... .
الشيخ: نعم نعم محمّل بأفكار.
السائل: ... .
الشيخ: سبحان الله, ليس ما له الإنسان بصيرة؟ واحد بيجيب واحد بيجيب يقول رأسا ... بيقول هذا حديث حسن وبيجيب الحديث يعني مو جاي أنه يفهم, هالي جاي هنا هالي جاي يفهم يا أخي بيكون سكوته أكثر من كلامه وهذه خذوها فائدة وعبرة خاصة إذا كنتم بتعترفوا أنكم ما أنتم من طلاب العلم وأنا بشوف القضية بالعكس, أنا بسكت أكثر مما بيتكلم غيري, أي طيب أنتم جايبين جايين تُعلموا وإلا تتعلموا جايين تجادلوا وإلا تتفاهموا, فإذا كان الأمر كما نظن التفاهم مو هذا هو طريق التفاهم تسأل كلمة قصيرة وتسمع الجواب ولو طال ساعة بينما أنا هلا عم بجيب لك مثال واقع لسى ما انتهيت من الكلام بدأت " أما " قطعت أنت فورا وقلت بقى بدك توجّه سؤال! حسب كيفك, خليني أنا أتكلم يا أخي حسب كيفي وأنا أعتقد أنه ها الكلام إلي عم أتكلموا حسب كيفي ستستفيده أنتم حتما ما دمتم أردتم الفائدة, بالأخير بيجوز ما تأخذ الجواب ما فيه عندنا مانع أنك تسأل أما تقطع كلامي ما بيصير, أنت لو حكيت قطعت كلامك ما بيجوز أنا أقطعه, المهم نحن لنا نظرة ولنا تجربة ثلاثين أربعين سنة فما تجادلني في قضايا هذه من اختصاصي, تقل لي شو عرفك ما عرفك, هاي سر المهنة.

(209/8)


«
الكلام على أهمية علم الحديث مع ذكر السبب في قلة العالمين بالحديث في هذا الزمان
السائل: ... إذا جمع للحديث هذا في يرجى من وراءه فائدة وإلا لا يرجى من رواءه فائدة؟
الشيخ: قطعا بس بقى بدك تخلينا ندخل حديث طويل أيضا, الآن نحن كل الإخوان الحاضرين يعلمون أننا في زمن عرف فيه الجاهل الأمّيّ العامي مثل المثقف أننا في زمن اختصاص في العلوم, ما في واحد مهما كان مغرقا في الأمة والجهل وقلة الثقافة ما فينا واحد يجهل أنه علم الطب أقسام كثيرة وبناء على هذا العلم ما بنشوف واحد بتوجعه عينه بيروح لعند الجراح أو بتوجعه حنجرته بيروح لعند المختص في الأذن إلخ, ليش؟ لأنه علم اختصاص كذلك علم الشريعة حديث وفقه وتفسير ولغة و وإلخ طيب وكل هؤلاء الناس يعلمون في علماء حديث وفيه علماء فقه, رؤوس الفقهاء الأربعة المذاهب الأربعة الأئمة الأربعة, رؤوس أئمة الحديث الأئمة الستة من يجهل هذه الحقائق؟ لا أحد, طيب.
لكن الشيء المؤسف الواقع اليوم يا جماعة أنه لما الواحد منكم وقد يؤاخذني بعضكم في قولي منكم , أي شو عرفك؟ بارجع بقل له سر المهنة, يذهب أحدكم بدو يعرف حديث صحيح أو ضعيف لعند الشيخ الفلاني الحنفي, هذا مو اختصاصه في علم الحديث, شلون عم تسألوا عن هذا الحديث صحيح وإلا ضعيف؟ لكن بارجع باعذركم, ليش؟ ما فيه عندكم واحد من أهل الحديث ترجعوا له على اعتباره أهل اختصاص, كذلك قل ما عندكم أئمة في التفسير أو بدكم تسألوا عن آية تفهموا معناها ترجعوا لنفس الشيخ إلخ.
إذًا نحن مشكلتنا الشيء الي وعوه الناس في آخر الزمان من غيرنا ووعوه الناس منا في أول الزمان أئمة فقه وحديث إلخ , أصبحنا نحن اليوم لا من هؤلاء ولا من هؤلاء يعني أصبحنا لا من هؤلاء المعاصرين إلي عرفوا الاختصاص وقيمته ولا من علماء السلف هالي عرفوا الاختصاص فكان فيهم المحدث والمفسر والفقيه, أصبحنا نحن ضايعين لا من هؤلاء ولا من هؤلاء لذلك نعيش في جهل مطبق وشديد شديد جدا, فهون الأستاذ عم يسأل أئمة الحديث ستة وين هالي عم يدرسوا الكتب الستة؟ حتى يقال بخاري زمانه, فيه شافعي زمانه وفيه حنفي زمانه فبخاري زمانه وين؟ ما في شو السبب؟ ما في لأنه لو في بكثرة قد ينبغ واحد منهم فيفوق على الآخرين فيقال والله فلان بخاري زمانه مسلم زمانه أبو داود زمانه ترمذي زمانه إلخ.
ليش هذا الشيء ما موجود مع أنه حنفي زمانه موجود لأنه علم الحديث أصبح في خبر كان علم الحديث وصل الأمر ببعض المتفقهة أن يقول وأنا سمعت هذا بأذني هاتين, والله يسألني ((اليوم نختم على أفواههم وتُكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون)) سمعت بعض الفقهاء يقول اليوم " علم الحديث صنعة المفاليس ", هذا قيمة علم الحديث, هذا كاكتشاف لواقع المسلمين في ها العبارة السيئة " علم الحديث صنعة المفاليس " فعلماء الحديث لما اختصوا في الحديث جاؤونا بأحاديث يا جماعة وهنا تكمن العبرة, جاؤونا بأحاديث فاتت بعض الأئمة الأربعة جاؤونا بأحاديث فاتت بعض الأئمة الأربعة, يمكن هذا الكلام على الأقل بعضكم بيستهجنه ما عنده معدة تهضمه ليش؟ لأنه لأول مرة بيطرق سمعه مع الأسف أيضا أقول.
لكن هذه الحقيقة كل من اشتغل بعلم الحديث يعلم أنه من بين الأئمة الأربعة أعلمهم بالحديث أحمد بن حنبل أليس كذلك يا إخواننا ممن عنده شيء من الدراسة, أعلم الأئمة الأربعة بالحديث أحمد ليه؟ لأنه آخرهم والذي يوضح لكم هذا أحمد تلميذ الإمام الشافعي, الشافعي تلميذ الإمام مالك إذًا أحمد جمع علم الشافعي وعلم مالك في الحديث على الأقل مع أنه الإمام أحمد فقيه من كبار فقهاء الأمة أيضا فهكذا البخاري تلميذ الإمام أحمد فإذًا هو جمع علم الأئمة الثلاثة مالك والشافعي وأحمد, مسلم تلميذ الإمام البخاري, يا سلام, هذا العلم هو الذي بيجعل الإنسان على بصيرة من دينه, بيعرف حينذاك أنه إذا رجع إلى أئمة الحديث سيجد مادة لا يجدها في بطون كتب الأئمة الفقهية أنفسها, والذي نعلمه نحن أن كل مذهب من المذاهب الأربعة علماؤهم ليس لهم غنًى أبدا عن كتب أئمة الحديث خاصة منها الكتب الستة لذلك هلا لما بترجع كتب تخاريج الكتب الفقهية مثلا كتاب الهداية كتاب "نصب الراية لأحاديث الهداية " للحافظ الزيلعي الحنفي كل أحاديث هالي جايبها في الهداية بدون عزو بدون تخريج مطلقا بيجي الحافظ الزيلعي بيقول هذا الحديث رواه البخاري ومسلم و وإلخ هذا رواه أبو داود هذا رواه أحمد هذا هذا هذا غريب لا أصل له, نفس الحافظ الزيلعي الحنفي يقول في أحاديث الهداية هذا رواه فلان من الأئمة الستة أما هذا فلا أصل له, تجي إلى كتاب الحافظ ابن حجر العسقلاني الشافعي خرّج كتاب الرافعي الكبير وسمى كتابه " تلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير " كمان الرجل ما بيستغني عن كتب الأئمة الستة فإذًا أصول المسائل الفقهية الموجودة في المذاهب الأربعة يجب الرجوع فيها إلى أمّهات الكتب الستة فالفقه قائم على الحديث وهذا الحديث قائم على هذه الكتب التي ألفها أئمة الاختصاص, فما منزلة أئمة الاختصاص اليوم عند جماهير المسلمين أعني علماءهم, كأنه لم يكن شيئا مذكورا وهذا خلاف قول الله عز وجل ((ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين)) ... يكفي هذا؟ يقول ليس عندي ... .

(209/9)


«
نريد أمثلة لكيفية معالجة المسائل المختلف فيها بين المذاهب؟»
السائل: أستاذ بالنسبة للدّم على ... المذاهب ففيها ... أنا أعلم ذلك لكن ... .
الشيخ: ... مثال كيف أهل العلم بيعالجوا المسائل الخلافية فنحن أتينا بمثال الدم, المذهب الأول الحنفي بيقول خروج الدم ينقض الوضوء بيقول قياسا على الخارج من السبيلين قياسا على ما يخرج من فرج المرأة في دم الاستحاضة, هذا كل حجة الأحناف التي يقولونها من حيث الاستنباط والقياس.
السائل: ... .
الشيخ: ما خلصت يا أستاذ, لا بس من حيث الاستنباط والقياس لو غيرك قالها, ما انتبهت فأرجو الانتباه, هذا كل حجة الأحناف من حيث القياس والاستنباط لهم أحاديث لا تقوم بها حجة عند أئمة الحديث, (الوضوء من كل دم سائل) هذا حديث منكر لا صحة له, هنا بقى بيجي الاختصاص, أئمة الحديث بدنا نشوف شو قالوا في هذا الحديث؟ قالوا هذا حديث لا يحتج به لذلك نجد الفقهاء الأولين اضطروا إلى القياس, لأنه ما في عندهم حديث صحيح في الموضوع, نجي لحجة المذهب المالكي والحنبلي هالي قالوا إذا كان كثيرا تقض وإن كان قليلا لا ينقض, قالوا ذلك.
السائل: عفوا أستاذ ... حديث أبي هريرة أخرجه البيهقي عم يذكر مسائل غير ... بيذكر ... .
الشيخ: القلس ما القلس أي نعم.
السائل: بيذكر خمس مسائل.
الشيخ: نعم.
السائل: ... .
الشيخ: أي نعم.
السائل: إيه وهذا عند البيهقي هو ضعيف قطعا.
سائل آخر: يعاد الوضوء لسبع.
السائل: يعاد الوضوء لسبع.
الشيخ: نعم.
السائل: يعاد الوضوء لسبع ذكر من جملتها خروج الدم من الفم ... في الصلاة وهاي المسألة.
الشيخ: أي نعم, المالكية والحنابلة بيقولوا بنفس طريقة الأحناف بس مع شيء من التوسع أنه دم الاستحاضة حينما يحكم أنها مستحاضة فكما جاء في الحديث (إنما أثج ثجا) يعني بيكون كثيرا فهم نفس سلكوا طريق القياس لكن باعتبار أو بنظر آخر والشاهد أنه ما في كمان الجماعة عندهم حديث واضح يمكن يخضع الإنسان رأسه له كما هو الواجب, نجي للإمام الشافعي فيه عنده حديث تجده في سنن أبي داود في سنن الدارقطني في سنن البيهقي في مستدرك الحاكم في كتب السيرة أيضا, هذا الحديث مروي من طريق جابر بن عبد الله الأنصاري قال غزونا غزوة مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أصبنا فيها امرأة من المشركين وكانت زوجها غائبا عن البلدة فلما جاء وأخبر الخبر حلف أن لا يدخل القرية حتى يثأر ثأرا من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم فتتبع آثار القوم حتى وصل به الأثر إلى واد نزل فيه الرسول عليه السلام وأصحابه فاختبأ وراء صخرة يترقب فرصة لينفذ يمينه ولما كان الرسول عليه السلام وصل إلى ذلك الوادي حسب النظام العسكري الإسلامي الأول قال للصحابة من يكلؤنا الليلة؟ أي يحرسنا فقام رجلان شابان من الأنصار أوسي وخزرجي فقالا نحن يا رسول الله فقال لهما كونا على فم الشعب, طريق الجبل فذهبا ثم اتفقا على أن يتناوبا الحراسة يحرس أحدهما نصف الليل بينما ينام الأخر والعكس بالعكس فنام أحدهما وقام الآخر ليحرس ثم بدا له ألا يضيع وقته ولو في الحراسة بدون عبادة أخرى فقام يصلي وكان الرجل المشرك يترقب وإذا به وإذا به يرى هذا الرجل من الصحابة يقف ينتصب كهدف واضح أمامه فما يكون منه إلا أن يضع حربته في قوسه فيرميه بها فيضعها في ساقه هكذا يقول الراوي, يضعها في ساقه, الوضع بيكون باليد لكن هذا كناية عن دقة الرماية كأنه وضعها بيده فما كان من الرجل المصلي إلا أن انحنى وأخذ بها ورماها أرضا واستمر يصلي والدّماء تنضح منه نضحا فلما رأى المشرك أن هدفه لا يزال منتصبا قائما رماه بالثانية فوضعها فيه فرماها أرضا وهو يصلي وهكذا الثالثة فأصابه وضعها فيه فرماها أرضا حتى صلى ركعتين ثم إما استيقظ صاحبه أو هو أيقظه فلما رأى ما بصاحبه هاله الأمر ويبدو أنه سأله عن الخبر فقال لقد كنت في سورة أقرؤها والذي نفسي بيده لولا أني خشيت أن أضيع ثغرا وضعني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على حراسته لكانت نفسي فيها! , يعني أنه هذا الرجل كان يصلي كان يناجي ربه تبارك وتعالى في ذلك الليل الهادي وكان يعني كما يعبر الصوفية في بعض الأحيان كأنه أخذوا الحال يعني, يعني منغمس تماما في الشعور بالخضوع والعبادة لله عز وجل فما أبى بالحربة الأولى والثانية والثالثة ولا همه أنه يكون هلاكه فيها ولكن همه شيء واحد وهو أنه متذكر أن عليه واجبا ألا وهو حراسة معسكر الرسول عليه الصلاة والسلام فلو أنه استمر في الصلاة لاستمر العدو الرامي له ثلاثة مرات بالرمي حتى يكون هلاكه في هذه الصلاة وبذلك يضيّع الوظيفة التي أمّره الرسول عليه السلام عليها وبذلك قد يعرض العسكر المحمدي كله للاستئصال فيكون ذنبه خطيرا جدا فعمل عقد ولم يتجاوب مع عاطفته الدينية وإنما مع عقله المسلم واقتصر على الصلاة على الصلاة على ركعتين ولولا خوفه من إضاعة الوظيفة لكان هلاكه في هذه الصلاة إلى هنا ينتهي الحديث كما هو مروي في المصادر السابقة, فنجد هنا فوائد هامة وهامة وكثيرة جدا لكن الذي يهمنا الآن أنه نعرف مذهب هذا الصحابي في خروج الدم, مع أي مذهب من المذاهب الثلاثة الفقهية؟ مع مذهب الشافعي طيب, لو أنا واحد مثل حكاية صار له يدرس الحديث ثلاثين سنة رأى هذا الحديث وتشبع فيه وقال هذا معناه أنه الرسول عليه السلام ما علّم الصحابة أنه الدّم الكثير بينقض الوضوء وإلا لكان هذا الصحابي لا يجوز له أن يستمر في صلاته بدليل تصوروا رجل حنفي هو عم يسجد فاتت شوكة بيده, ما بنقول رماها ... فاتت شوكة بيده وطلع الدم, شو بيساوي بصلاته؟ بطلت صلاته ليش؟ لأنه مذهبه بيقل له خروج الدم ناقض للوضوء, ما بيهمني أنا الآن مذهبه هالي عاش فيه لكن متى بيهميني؟ سمع هذا الحديث وطنش كأنه ما سمع لكن الله بيقول ((هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون)) فهمنا قلنا لك كن حنفيا قبل ما تسمع الحديث هذا وقلنا نحن لنا رأي في التمذهب وقلنا أول ما بدأنا بس أخونا الله يسامحه قطع حديثنا قلنا أنه المذهب يجوز إذا كان طريقا قطع علينا الطريق وما عارف شو هو الطريق مالنا في هذا, المهم فلا معليش مذهبه حنفي أو شافعي في هذه المسألة أو غيره لكن هذا الحنفي قرأ في كتب السّنة إن شاء الله لأنه ما بقى فيه من يقرأ في كتب السنة! , قرأ في كتب السنة هذا الحديث فانقدح معه فقه جديد أنه أصحاب الرسول عليه السلام يصابون بجراحات تنضح الدماء منهم كالأنهار ويستمرون في صلاتهم, إيش معنى هذا؟ معنى هذا أنه الصلاة صحيحة بناء على أنه الوضوء ما فسد بخروج الدم, هذا الذي نحن نريده من الشباب المسلم أنه كما ختمنا تماما الرسالة أنه بلغكم الحديث عن رسول الله على خلاف المذهب, لا تقولوا مذهب, المذهب وسيلة ما هو غاية, الغاية هو رسول الله أن تُفردوه بالاتباع نعم.
السائل: قد يستدل قائل بقوله تعالى ((ولا تبطلوا أعمالكم))
سائل آخر: ... .
السائل: أنه هل الصلاة مثلا ... باطلة.
الشيخ: أي صلاة؟
السائل: صلاة الصحابي الي استمر بصلاته رغم ... خروج الدم
الشيخ: شو ها السؤال هذا؟
السائل: قد يقول قد يستدل إنسان يعني نريد الجواب على الشبهة, قد يستدل إنسان بأنه ها الصحابي استدل في صلاته بناء على قوله تعالى ((ولا تبطلوا أعمالكم)) بدأ في عمل وأراد أن يتمم هذا العمل؟
الشيخ: يعني لو ... الصلاة؟ شو ها السؤال؟
الشيخ محمد عيد عباسي: بسم الله الرحمان الرحيم إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله, لا بأس أن يكون الكلمة بينما يستريح الأستاذ حول أحد الأسئلة التي وردت هنا وأقرأه لكم يقول السائل.

(209/10)


«
ما هو سر انصراف المسلمين عن الإسلام وجهلهم به؟ أجاب عنه محمد عيد عباسي
الشيخ محمد عيد عباسي: ما هو سر انصراف المسلمين عن الإسلام وجهلهم به؟
فأقول ما يتيسر في هذا المجال, أما سبب انصراف المسلمين عن الإسلام فله عدة أسباب فمن ذلك ما يكون ما يثور في أمامهم ... أو ما يسمعونه من شبهات حول الإسلام فكثير من أعداء الإسلام من الملحدين أو الكافرين أو المخاصمين للمسلمين أيا كان لونهم يثيرون شبهات حول الإسلام, هذا دين رجعي هذا دين مثلا يخالف العلم يخالف التقدم يخالف كذا ويثيرون شبهات حول وجود الله حول صلاح الإسلام للحياة إلى آخر ما هنالك, فهذا سبب أول وكبير لانصراف المسلمين عن الإسلام, الشبهات التي تثار حول الإسلام, من الأسباب الأخرى أيضا الشهوات التي تصرف الناس أيضا عن دينهم فمعروف أن الله أمر النّاس باتباع أوامره واجتناب نواهيه ولكن الذي يصرفهم يصرف كثيرا منهم عن ذلك إنما هو اتباع شهواتهم, شهوة الزعامة شهوة الدنيا شهوة المال شهوة الظهور والمصالح وما شابه ذلك وهناك من الأسباب أيضا, سبب الجهل بالإسلام فكثير من الناس جهل بالإسلام على حقيقته فكثيرا من الناس لا يعرفون الدين الذي أنزله الله عز وجل نقيّا صافيا كما أنزله على قلب محمد صلى الله عليه وسلم وإنما يرونه
سائل آخر: عفوا.
السائل: وإن, كل ما يرونه عن من الإسلام أو ما يعلمونه يعلمونه عنه إنما هو واقع المسلمين الحالي من تخلف تأخر تناقض أقوال من هنا وهناك لا تقوم على منهج ولا تقوم على علم صحيح, بعد ذلك لا بأس بأن نرجع إلى هذه الأسباب ونذكر كيف تعالج, أما السبب الأول الذي هو الشبهات التي يثيرها أعداء الإسلام عن الإسلام فإنّما دواء شفاء العيّ السؤال, العيّ السؤال كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث
الشيخ: عليه الصلاة والسلام.
السائل: فما على المسلم إلا أن يتعلم كتاب ربه وسنة نبيه وينهل من ذلك فحينذلك سيجد الدواء الصحيح وستزول غشاوات الجهل والران عن قلوب كثيرين ممن صدهم أعداء الإسلام عن دين ربهم سبحانه وتعالى ولكن هناك شيء يجب أيضا أن يُتنبه له في هذا المجال وهو أن كثيرين من المسلمين يسمعون, نحن الآن نرى المسلمين عامة يسمعون كلام الله عز وجل يتلى عليهم في الإذاعات في المنابر على المنابر في الكتب يسمعون القرآن ليل نهار ومع ذلك تراه لا يحرك فيهم ساكنا ولا يغيّر منهم شأنا على منكراتهم باقون جاثمون كأنه لا يؤثر فيهم شيئا, فما هو السبب؟ هنا يظهر أن العلم وحده لا يكفي فلا بد من ناحية ثانية وهي أن ننظر في سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم فنجد أنه عليه الصلاة والسلام بقي ثلاثة عشر عاما في مكة, ماذا كان يفعل؟ وماذا يدرس الناس؟ وماذا يلقي فيهم؟ كان المحور الكبير الهام الذي كان تدور حوله الدعوة إنما هو التوحيد والإيمان بالله عز وجل والإقرار بوجوده وحدانية.

(209/11)


«
بيان الشيخ لضرورة التمسك بالكتاب و السنة على فهم السلف الصالح
الشيخ: وقال القاديانيون ((ولكن رسول الله وخاتم النبيين)) أي زينة النبيين, مش خاتمهم يعني ما في بعده فما فائدة ما فائدة إيمان القادينين بالكتاب والسنة وهم يحرفون الكلم من بعد مواضعه لعل نضرب أمثلة بفرق ضالة بالمائة مائة لكن هناك فيما نحن أهل السنة والجماعة مشايخ منتشرون في العالم الإسلامي كله يعطون مثل هذه الفتاوى منحرفة عن الكتاب والسنة لأنه لا يؤمنون بمنهج السلف الصالح فنحن الآن ندعو إلى كلمة سواء الكتاب والسنة لا أحد يقول لا لكن نحن نزيد بناء على الآية التي تفضل بها الأستاذ ((ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبيّن له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين)) الأولين ما قال ((ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ... نوله ما تولى ... )) لكنه عطف على الرسول فقال ((ويتبع غير سبيل المؤمنين)) لماذا؟ لأنه سبيل المؤمنين هو المنهج الذي نحن نجعله منهجا لفهم الكتاب والسنة وإلا المفاهيم متعددة وهذا مثال قديم وعتيق ((إلى ربها ناظرة)) يعني إلى نعيم ربها ناظرة وهذا مثال جديد ((ولكن رسول الله وخاتم النبيين)) يعني زينة النبيين مو آخرهم في أنبياء بعد الرسول عليه السلام والأمثلة بين أولئك وهؤلاء بالمئات إذا ما قلنا بالألوف, ما الخلاص يا أستاذي من هذا الإنحراف باسم الكتاب والسنة؟ الرجوع إلى ما كان عليه السلف الصالح, فنحن ندعو كل الدعاة الإسلاميين إلى أن يتفقوا معنا في هذا المنهج مادام أنت بتقول كلهم يقولون هكذا, صح لكن نريد عملا نريد تطبيقا فإذا اختلفنا في مسألة فنتحاكم إلى الكتاب والسنة ولا يصير بقى غضب مني عليك ولا غضب منك عليّ لأنه نحن متفقين في الأصل مانا مختلفين فإذا اختلفنا في فهم ما رجعنا إلى التفاسير قديمة إلى السلف الصالح فهو الحكم بيننا وحين يؤمن الدّعاة الإسلاميين بهذا المنهج فحينئذ أبشر بنصر الله عز وجل لأنه يكون بدأنا نحن بنصر الله تبارك وتعالى الذي هو شرط أساسي في أن نستحق نصر الله عز وجل فالغرض يا أستاذي هو أن نعرف القواعد الأساسية التي ينبغي أن تقام عليها الدعوة الإسلامية, الأساليب قد تختلف والصحابة اختلفوا كما قلنا لكن لم يوجد في الصحابة من يقول إيه ولو كان هيك الرسول قال لكن مذهبي قال كذا أو شيخي قال كذا أو أنا هيك وجدت ما فيه الصحابة هكذا, الإمام الشافعي الله يرضى عنه قيل له في مسألة غابت عن ذهني الآن ماذا تقول في كذا؟ قال
السائل: ... الحديث ... .
الشيخ: أي ماذا تقول قي هذا الحديث قال له أتراني خرجت من الكنيسة وشددت الزنار حتى أقول قولا أخالف فيه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم, وين الشوافعة الي بدهم الانتساب إلى هذا الإمام, إذا قيل لهم قال الله قال رسول الله مع الأسف أعرض ونأى بجانبه ليش؟ لأنه إمامه ما قال ...
يا أخي إمامك ما قال بس في عندنا أئمة آخرين عندنا أبو حنيفة عندنا مالك عندنا أحمد وعندنا الأوزاعي وعندنا ابن مهدي وكثير وكثير جدا, كل واحد منا ما يعرف إلا إماما واحدا بينما الله أنعم على الأمة المسلمة بأئمة كثيرين ووضع لهم هذه النصوص من الكتاب والسنة.
السائل: وما يستطيع إلا الطالب, طالب ولكن ... .
الشيخ: هاي مشكلة.
السائل: إذا صح الحديث فهو مذهبي, فنحن عم بصح الحديث من ... يقول لا لا لا, عقول العالم كله.

(210/1)


«
مناقشات حول معالجة واقع المسلمين اليوم
السائل: سيدي ملاحظة مرة كنا أنا والأخ محمد وعلي شاني في نقاش مع من كبار الدعاة الإسلاميين في حلب؟
سائل آخر: ... تؤمروا أنه يصلي في الجامع ... .
الشيخ: نحن جمعنا اتباعا للسنة فأنتم بتصلوا ونحن بانتظاركم
السائل: اسمع الملاحظة هذه, كنا مع كبار الدعاة الإسلاميين في حلب في نقاش في منزل أختي.
الشيخ: نعم.
السائل: فجرى نقاش حول السلفية والمذهبية فمن جملة كلامه قال الشيخ نافع شامي لو كان باقي على مذهبه القديم ولم يتبع المنهج السلفي لكان رئيسا للدعاة الإسلاميين في البلاد العربية بل بالعالم كله, لو كان باقي على مذهبه القديم!
الشيخ: هذا ... دليل على جهله!
السائل: وهو الشيخ عبد الله علوان.
الشيخ: بلاش تسمي أسماء.
سائل آخر: شيء أخير ... تضيفه.
الشيخ: تفضل.
السائل: مفروض الأخ يوافق معنا على أنه المسمين الآن الذل الذي هم فيه ليس سببه حاليا يعني أشياء حدثت الآن وإنما سببها.
سائل آخر: أي نعم.
السائل: في التاريخ فنحن نحصد ما قد مضى و ... .
الشيخ: زرع قديما.
السائل: زرع قديما, ترى ما هو السبب الذي سبب هذا الانحراف وهذا الذل هذا الضعف, ضعف السياسة لا شك أنه نتيجة للضعف الفكري للضعف العلمي الثقافي فالحقيقة لا سبب إلا الانحراف عن حقيقة الإسلام فهما وعملا فكيف يمكن أن نعيد مثل الإسلام وأن نقيم دولة الإسلام التي نحلم بيجب أن تكون على منهاج النبوة كيف يمكن أن نقيم هذا المجد العظيم على الأسباب أو ما تزال فينا الأسباب التي جعلتنا متفقين وجعلتنا متخلفين وجعلت الأعداء يتحكمون فينا لكنا لم نتخلص من الأسباب من ... التي أدى إلى هذا الضعف وإلى هذا الانهيار فكيف يمكن أن تقوم لنا قائمة, يعني الواقع إذا يجب البحث عن أسباب المرض, هذا المرض العز السياسي ما هو أو يعني ... .
سائل آخر: بدي أنا بضيف على ... أهل؟
الشيخ: أهل طبعا ولكن ما هي أهل!
السائل: سكن يعني.
الشيخ: أيوه تخلي على ... مقيما, طيب بعدين وين السؤال؟

(210/2)


«
ما حكم إيقاع الصلاة في مكان العمل و بعض الأسئلة عن صلاة المسافر؟»
السائل: السؤال هلا أذّن العصر فصليت معهم لكن بنيّة الظهر فهلا بصلي العصر؟
الشيخ: أي طبعا.
السائل: يعني لا شيء علي؟
الشيخ: لا.
سائل آخر: تصلي هناك أفضل وأحسن.
سائل آخر: أستاذ مكان العمل ... .
سائل آخر: السلام عليكم.
سائل آخر: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الشيخ: طيب شو اسمه؟ وضعه كان وضعه مستقر هناك فهو إقامة وإلا فلا.
السائل: يعني مثل.
الشيخ: نحن ما ضروري يعني نصرف الدائما نشاهده بل الذي لا نحس به, فصاحب البيت أدرى بما فيه, فإذا هو بيعتبر نفسه هناك مقيم فهو مسافر يعني رب رجل يسافر سفرا ويقطع مسافة وآخر معه أحدهما مقيم والآخر مسافر وأنا أضرب لكم مثلا بنفسي فأنا كنت قبل بضع سنين إذا سافرت من دمشق إلى عمان طبعا في سبيل الدعوة أعتبر نفسي مسافرا وأصلي قصرا وأجمع بين الصلاتين ثم كتب الله عز وجل أن زوجت بنتا من بناتي هناك فصرت إذا ذهبت هناك ولو ليلة واحدة أعتبر نفسي مقيما لأني أشعر بأنه أنا في بيتي ولا حياء في الدين يعني الإنسان لو احتاج يغتسل مثلا في الليل ولو أنه أنا لا يقع لي ذلك فما فيه عندي أي حرج, بنتي ما في أحد غريب بينما ليس كذلك الأخت والأقارب الآخرون, يسافر معي هذا تمام القضية وتصويرها يسافر معي ابني وهو ينزل في بيت أخته التي هي بنتي فهو مسافر وأنا مقيم, لأنه مش مطمئن هو لا يجلس ... عن صهره كما أجده أنا وهكذا ففي مسألة الجمع والقصر أو بالأحرى السفر والحكم أنه مسافر أو في حكم المسافر أو في حكم المقيم, المسألة فيها ملاحظات لا يمكن أن يحسّ بها من لم يقع فيها فالإنسان لازم يعرف المبادئ العامة التي تجعله مسافر أو لا ثم يجتهد في الملابسات التي تحيط به فيحكم هو, المفتي ما ... ولا يفتيه أبدا هو الي بيحكم مسافر أو غير مسافر
السائل: قرايبنا في نزهة مع أهله ومن الصباح إلى المساء فنقصر أم لا؟
الشيخ: أنت أحكم على نفسك, أنا أضرب لك أيضا مثلا
سائل آخر: السلام عليكم.
الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ... .
سائل آخر: السلام عليكم.
الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ... .
الشيخ: يتم لنا بحثنا ... .
الشيخ: أي نعم, فأنا أخرج من البلد من دمشق إلى الزبداني أنا وأولادي وزوجتي في سيارتي أي وأقيم هناك ثلاثة أربعة ساعات وبرجع والمسافة ستين خمسين كيلومتر, أصلي صلاة مقيم لكن رحنا عما قريب مع بعض إخواننا إلى مزيرين.
السائل: ناحية درعا.
الشيخ: ناحية درعا, فوجدت نفسي مسافرا لأنه أولا المسافة أبعد ثانيا في شيء من الاستعداد لا نستعده عادة لما نخرج من دمشق إلى الزبداني أو ... وهكذا فالقضية نسبية ما هي قضية مادية جامدة, هذا قصر وهذا ليس بقصر, لا نادر جدا أن يكون مثل هذا في مسائل القصر والجمع, طيب.
قبل ما يتوسع الموضوع تفضل أبو عمار.

(210/3)


«
كلمة للشيخ محمد عيد عباسي عن أسباب انحطاط المسلمين وكيف التغلب على هذا الواقع المرير
الشيخ محمد عيد عباسي: من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
كان ... قبل الصلاة إلى الطلبة التي أرجو أن نخرج عليها جميعا فنحن متفقون إن شاء الله وهي أنه لا بد لأي عمل إسلامي إذا أردنا أن يثمر وأن تكون له النتيجة المرجوة من الظفر وإعادة مجد الإسلام وإعادة العزة الإسلامية لا بد لذلك كله من أن يُبنى هذا العمل على أساس صحيح وأن يُتلافى فيه أسباب الفساد وأسباب الضعف والانحراف التي أدت بدولة الإسلام الماضية الزاهرة إلى الحضيض وإلى الانحطاط, وذلك هو بأن نعود إلى حقيقة الإسلام فهما كما قال أستاذنا حفظه الله ثم تطبيقا, وكثير من الناس يظنون أن هذه الجموع المسلمة هذه الجماعات المختلفة هؤلاء الذين يغشون المساجد بالآلاف والآلاف يظنون هم كلهم مسلمين وما عليهم إلا أن يتعاونوا فقط فهذا الكلام يدل على سطحية ويدل على سذاجة ويدل على عدم غوص وعدم عمق في التفكير, كل نهضة لا بد أن يسبقها فكر صحيح أو فكر يبيّن ما هي الغاية وما هي الوسيلة وما هي الطريقة وما هي هو المنهج الذي يجب أن تسير عليه الأمة فالفكر هو أول شيء في طريق النهضة, هذا سنة الله في خلقه بالنسبة للأديان الإلاهية أو الشرائع الإلاهية المتتالية وبالنسبة للشرائع الأرضية أيضا فنحن نعرف أيضا مما ... المثقفون ويدرسونه في المدارس ... مثلا الثورة الفرنسية التي خلعت الملكية وحققت فرنسا الحديثة ويزعمون أنها أتت بشيء جديد الأخوة والمساواة وكذا ماذا كانت البداية فيها, هل أتى حاكم فقط ثم أصلح ما أصلح؟ لا هم أنفسهم يقولون إنها بدأت بثورة فكرية قام مفكريهم هؤلاء الفرنسيين جون جاك روسو منتسكيو فولتير كذا نشروا أفكار نشروا تحضر نشروا هذه الآراء الإنسانية الأخوة حرب الإقطاع حرب الملكية, تمثلهم للمجتمع ... برأيهم القائم على المساواة والأخوة ما شابه ذلك, هذه الأفكار تفاعلت مع الناس, تبناها المثقفون تبناها عامة الناس صارت رأي عام ثم أدت إلى التغيير, هذا بالنسبة لهؤلاء الكفّار فما بالك بنا نحن المسلمين الذين من الله عز وجل علينا بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم التي كانت خاتمة الشرائع والتي حققت الأمة التي كانت خير أمة أخرجت للناس, هؤلاء بأفكارهم واستنتاجاتهم وصلوا إلى ذلك وكل مفكر كل إنسان يدرس الحضارة وسبيل النهضة يصل إلى هذه النتيجة, قبل أن تقوم نهضة سياسية عسكرية اقتصادية لا بد أن تسبقها ثورة فكرية, لا بد أن يسبقها حركة فكرية, أفكار يتجمع الناس حولها وتنشئ بينهم هذه الأفكار وحدة فكرية فهناك.
الشيخ: ... .
الشيخ محمد عيد عباسي: فهناك من الأشياء التي أرى أنها سبب كبير جدا من أسباب انحطاط المسلمين أنهم أفكارهم وأنظارهم وتصوراتهم مشوشة ومبعثرة ومتفاوتة ومتناقضة, نحن نشكو من هذا في المجتمع في المدارس في الناس هذا الوضع الواقع هو جزاء وفاق وثمرة طبيعية للأوضاع الفكرية والأوضاع الثقافية والعلمية, في المدرسة مثلا يدخل طلاب المسلمين كلهم منذ السنة السادسة من عمرهم يدخلون المدارس إلى أن يتخرجوا من المرحلة الابتدائية الإعدادية الثانوية الجامعية لا شك أن تصوراتهم في الحياة مبنية على ما يتلقونه من أفكار, سواء في المدارس أو في البيوت أو في وسائل الثقافة المختلفة من مثل الإذاعة والتلفزيون وصحف وكتب.
لننظر ما هو الشيء الذي يتلقاه الناس في هذه المؤثرات وهذه الوسائل المختلفة للثقافة, هذه الوسائل هي التي تنشئ هؤلاء الناس فلننظر ما هي أوضاعها فترى مثلا في المدرسة إذا أخذت جهاز التعليم فيه المدرس المسلم وفيه المدرس الشيوعي وفيه المدرس القومي وفيه المدرس الذي أفكاره اسماعيلية والذي أفكاره كذا وكذا, هؤلاء يدخل هذا على الصف, الطالب الواحد يسمع من هذا أشياء تقربه إلى هذا المنهج, أستاذ آخر يدعوهم إلى شيء مناقض ثالث يدعوهم إلى شيء ثالث ورابع وخامس, وإذا أخذنا الدائرة الإسلامية نفسها فنجد واحد يدعوهم إلى الإسلام الذي يرى أن غاية الأماني وأعظم صورة للإسلام هي في اتباع الشيخ الفلاني الذي نحن دعاة الإسلام فيما نزعم نعلم وتعتقد أنه منحرف وأنه ضال وأنه فاسق وأنه عميل وما شابه ذلك, فرجل آخر يدعو أو يبيّن لهم ويدعوهم إلى الإسلام الذي يمثل فكرا نرى أنه ضلال أيضا وانحراف فهؤلاء الشباب يتلقون هذه الأفكار المختلفة, الأفكار المتناقضة أيضا في الكتب في المكاتب وفي المجتمع ترى كتب الضلال وكتب الإيمان في دائرة الإسلام أيضا ترى هذا يصوب ذاك الفهم للإسلام أنه انحراف وأنه كفر وآخر يصوره بشكل معاكس وثالث بين بين ورابع وخامس وهكذا الصحف الإذاعة أحيانا تأتي مناسبات إسلام وإيمان وكذا وأحيانا أخرى تأتي ثورات أخرى.
وسائل الثقافة كلها التي تربي هذه الأجيال والتي تربي هذا المجتمع هي متناقضة متفاوتة مختلفة فكيف يتوقع نجاح ويتوقع تقدم مادامت أوضاعنا هكذا, طبعا حينما نستبعد الأفكار الغير الإسلامية نكون قد خطونا خطوة, نقول كل فكر خارج عن الإسلام لا نقبله لكن أيضا لا يحل هذا المشكلة لأن بين الأفكار الإسلامية والأفهام الإسلامية من الخلاف ما هو مثله بينه وبين الأفكار الغير الإسلامية, فكلنا يعلم أن بعض المسلمين ينظر إلى الآخرين على أنهم كفار, كثيرون يعتقدون في السلفيين مثلا أنهم هؤلاء ضالون وكفار ولا يحبون الرسول وهؤلاء يبغضون الصلاة عن النبي صلى الله عليه وسلم وكذا وكذا وكذا.
فأولا نحن حينما ندعو إلى إصلاح هذه الأوضاع يجب أن ندعو إلى إصلاحها من جذورها ويجب أن نتلمس الأسباب الحقيقية للانحراف ثم شيء آخر هو أنه يجب أن نؤمن ونعلم أن العزة وأن النصر إنما هي من عند الله عز وجل كما قال تبارك وتعالى, وما النصر إلا من عند الله فهذا النصر الذي هو من عند الله, لا يمكن أن يؤتيه الله عز وجل إلا لمن علم عنهم أنهم مخلصون في طلب الحق وأنهم متمسكون بالسبيل الذي بيّنه لهم الله تعالى في كتابه وبيّنه لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنته وأنهم مطبقون ذلك وأنهم يجاهدون أنفسهم بتطبيقه والعمل به ثم يدعون الناس إلى ذلك, إذا علم الله عز وجل منا هذا فهو الذي ينصرنا بوسائل وأسباب ربما لا ندريها يعني أنا أعتقد أننا لو سرنا على المنهج الصحيح فليس بعيدا جدا أن ينشأ الله عز وجل العداوة بين أعدائنا وبين المتسلطين علينا وبين من يستذلنا من الكفار ومن أعداء الإسلام في الداخل والخارج, كما شاء الله عز وجل ذلك في الصدر الأول من الإسلام حينما كان محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه متمسكين بحبل الله المتين, انظروا في غزوة الخندق مثلا, المسلمون ضعاف أقلة الكفار جمعوا جموعهم جاءت القبائل والعشائر وقريش واليهود من الداخل ومن الخارج وكما قال عز وجل ((إذ جاؤوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنون هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا)) فماذا كانت النتيجة لأنهم مؤمنون حق الإيمان ومتمسكون بحبل الله حق التمسك تدخلت قدرة الله مباشرة فأرسل الله الرياح التي زلزلت على المشركين خيامهم وأطفأت قدورهم وأخافتهم وأفزعتهم فصاروا يجمّعون أعتدتهم وأغراضهم ويبغون الرحيل, يريدون أن ينجو بجلدهم فليست المسألة بكثرة العدد ولا بحسن العدة إنما هي بالتمسك بما أمر الله عز وجل قد يظن البعض أن هذا الطريق طويل ولكنه هو الطريق الأوحد الذي يؤسس الحكم الراشد ويؤسس الوضع الصحيح الذي سيستمر إلى قرون وقرون لكن ربما إذا أفلح مثلا الذين لا يوافقوننا على هذا المنهج إذا أفلحوا فرضا في أن يقيموا للإسلام كيانا فأنا واثق من أنه لن يدوم طويلا, لو فرضنا أنه نجح وأقيم لأن ما كان على غير أساس متين سيكون سريع الضعف وسريع الاندثار فهذا المثل, مثل غزوة الخندق حينما تدخلت قدرة الله ففرقت جموع الأعداء وأضعفتهم وأتاهم الله عز وجل من حيث لم يحتسبوا ذلك كله لأن الله عز وجل علم منهم الإخلاص وعلم منهم أنهم قد أفرغوا جهدهم أولا تمسكوا بالحق الذي بيّنه الله لهم ثم أفرغوا جهدهم في الاستعداد والعمل بما يرضي الله عز وجل, مثال آخر ذكر الأستاذ مثالا حفظه الله مثالا عن المسلمين في غزوة حنين وهناك مثال آخر في وضع المسلمين في غزوة أحد.
المسلمون في غزوة أحد كلنا يعرف أن أول المعركة بدأت بنصر ساحق للمسلمين وولى الكفار الأدبار وكان من قصتها كما هو معروف أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بعض المسلمين أن يكونوا على الجبل وهم الرماة وأمرهم بأن لا يبرحوا مكانهم ولو رأوا الأعداء يتخطفونهم من كل جانب ولو صار حدث ما حدث.
ولما انتصر المسلمون وأخذ الذين في الأسفل يجمعون الغنائم ويلحقون بالأعداء وقد ولى الأعداء الأدبار, الذي حدث أن هؤلاء المسلمون فوق الرماة أدركهم شيء طبع من الإنسان العادي الطمع في الدنيا وإخوانهم يجمعون الغنائم ويجمعون الأموال فالحرص وجاءتهم الفتاوى السريعة التي دفعها الواقع الهوى أكثر مما دفعها الاجتهاد العلمي الصحيح والإخلاص فقالوا الرسول عليه الصلاة والسلام أوصانا بأن حتى يتحقق النصر وقد تحقق إذًا ما فيه , لا حاجة للبقاء هنا, إخوانهم وعظوهم ذكروهم بقول الرسول عليه السلام ألا تذكرون أنه قال كذا وكذا ولو رأيتمونا فأوّلوه ويعني تجاوبوا مع أنفسهم ومع حرصهم فنزلوا.
سائل آخر: وخالفوا أمر الرسول.
الشيخ محمد عيد عباسي: خالفوا أمر الرسول صلى الله عليه وسلم فماذا كانت النتيجة مخالفة أمر واحد دخل, يعني صار لهم فيه شبهة سبب هزيمة المسلمين في تلك المعركة ومعهم المسلمون الذين لم يقصّروا ولم يعصوا ولم يخالفوا, سببت أن الرسول صلى الله عليه وسلم نفسه قد جُرح ووقع وأشيع أنه قتل وأصيب إصابات شديدة كل ذلك نتيجة لمخالفة أمر واحد من أوامر الله عز وجل فكيف نتوقع النصر وننتظر ظفرا ونحن نخالف أمر الله عز وجل في آلاف وآلاف, أولا يأمرنا الله عز وجل أن نتفقه في الدين كما يقول عز وجل ((ولولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون)) ثم نحن لا نبالي بذلك أمرا نقول يكفينا أننا نؤمن بمبادئ الإسلام العامة وكلمة لا إله إلا الله أن يجتمع الناس حولها.
أو كذلك الرسول عليه الصلاة والسلام حينما يقول (من يرد الله به خيرا يفقه في الدين) مفهوم هذا الكلام أن الذي لا يفقّهه في الدين فليس يريد به خيرا وإنما يريد به شرا فنحن إذا ذكرنا بعض إخواننا بأن نقبل على الفقه في الدين وأن نتعلم وأن نعرف حقيقة الإسلام لا نهتم بهذا ونعدها من الصغائر وهذه أمور بسيطة, كما ظهر من حديث الأستاذ وبيّن أكثر من مرة لا نريد طبعا كما يتوهم البعض أن يكون كل مسلم إماما مجتهدا فقيها عالما هذا نحن أدرى من غيرنا بأنه غير ممكن والله عز وجل قد خلق الناس بعقول متفاوتة واستعدادات متباينة فهذا لا يمكن ولم يطلبه الله عز وجل لكن الشيء الذي يمكن وهو في مقدورنا وهو حقٌّ أن يقبل من لديه استعداد للعلم والفهم على طلب العلم وعلى معرفة الإسلام الحق, التفقه في كتاب الله في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الفقه في الدين فهذا بإمكان طائفة ولو يعني مهما بشرط أن تكون كافية هذه الطائفة يمكن أن تقبل على هذا والآخرون أن يكونوا متبعين على هدى متبعين على بينة متبعين على نور كما كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا عرض لهم مسألة أو أمر استفتوا عن حكم الله عزّ وجل فيها ولم يقنعوا بأن يأخذوا أي فتوى أو أدنى طريق ويقبلون به, هذه دعوة قريبة وسهلة إذا صدقت العزائم وصدقت المقاصد فلماذا نرفضها ونبتعد عنها؟ لا بد قبل أي عمل لا بد أن يكون هناك علم سابق له يعني إنسان إذا أراد أن يصنع عملا لا بد له أن يخطط لا بد له أن يبيّن يعرف ماذا يقصد, ما هو غرضه من هذا هل هذا الطريق يؤدي إلى هذا الغرض أو لا؟ فبيان الغرض وبيان الغاية وبيان الطريقة هذا شيء بدهي فهذه لا تكفي فيها العموميات لا بد من وضع النقاط على الحروف لا بد من التفصيل لا بد من أن تبحث هذه الأمور بحثا علميا مجردا وكما أيضا سمعنا جميعا المسلمون مختلفون في هذا في هذه الأسس في هذا المنهج في كيف نفهم القرآن ... مختلفون فيه, واحد يقول بالكشف الذي يرفض كل الوسائل العلمية, الكشف هكذا حدثني ربي عن ربي فكيف يتفق هذا مع الإنسان الذي لا يؤمن بهذا أصلا ويرى أنه إذا قال فلان بالكشف فإنما هو من إيحاء الشيطان وليس من إيحاء الرحمان, فالمهم والخلاصة أنه لا بد قبل أي عمل إسلامي من العلم الصحيح على ذاك المنهج الرباني الذي علمنا إياه ربنا عز وجل في كتابه الكريم وبينه لنا رسولنا صلى الله عليه وسلم في أحاديثه الشريفة والتي سمعنا بعضها في مثل قوله صلى الله عليه وسلم (تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما) بمثل قوله عز وجل ((ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى)) وفي مثل قوله صلى الله عليه وسلم (فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار) بعد العلم هذا وبعد هذه التصفية لما ران على المسلمين من ثقافات وأفكار خلال العصور بعد ذلك يأتي العمل يأتي التطبيق ثم يأتي بعد ذلك إنشاء الجيل المسلم الذي صارت له وحدة فقهية الوحدة الفقهية تنشئ وحدة شعورية, نحن نشكو الآن من التباغض والتنافر والتخاصم, هذا له فعلا أسباب فليس هو عبث وليس هو دون سبب فحينما نجد تنافرا وشحناء وبغضاء لا بد أن يكون بذلك أحد سببين.
الشيخ: أرجو اانتباه لتعبيرك بأن بعد العلم يأتي العمل, هذا الأصل غير صحيح علميا!
الشيخ محمد عيد عباسي: أي صحيح.
الشيخ: علميا.
الشيخ محمد عيد عباسي: أي نعم مع العلم العمل, الله يجازيكم خير, فأقول حينما.
الشيخ: أعد أعد الجملة.
الشيخ محمد عيد عباسي: لا وصل أي نعم الآن ذكرت أقول إن هناك نعم حينما نشاهد شحناء وبغضاء وخلافا والعواطف متنافرة بين دعاة الإسلام فهذا لا بد أن يكون له أسباب وليس صدفة, هذه الأسباب نوعان نوع منها بسبب خلاف أفكار, هذا يرى الطريق من هنا, ذاك يرى الطريق من هنا فلهذا يعتقد أن ذاك عمله عبث, دون جدوى ضائع قد يعتقد أنه يهدم ليس طريقه بالصواب, فهذا سبب يجب معالجته ومجابهته بالواقع وبالعلم بأن ننظر هذا يقول أنا منهجي صحيح وهذا يقول منهجي صحيح فليس يحل الأمر بأن نتجاهل الأمرين ... نتفق كذا مجاملات وندعوهم بالوحدة لا يمكن أن تنشأ محبة ولا أن تنشأ مودة إلا إذا اتفق على أحد المهجين فيجب أن يدرس المخلصون هذه هذه الأفكار هذا المنهج ما هي أدلته ما هي مستنداته فإذا كان صوابا يتفقون جميعا عليه وإن كان المنهج الأخر فيتفقون عليه, هذا سبب وهو سبب جوهري ويجب أن نأبه له ونهتم به اهتماما كبيرا, السبب الثاني أن يكون الخلاف تنشؤه النفوس وتنشئه الأهواء وتنشؤه المناصب وحب الزعامات فهذه لا سبيل إلى الخلاص منها إلا بالتربية الإسلامية وتقوى الله عز وجل وأن يكون المخلصون هم الذين يعني يقودون المعركة ويقودون الصفوف ويُنحُّون جانبا الذين لهم أغراض وأهواء إذًا سببان ينشأن الخلاف السبب الأول الخلاف الفقهي هذا ليس له علاج إلا بأن تبحث الأفكار المختلف فيها بحثا علميا مجردا موضوعيا بكل أمانة وبكل إنصاف مبحث عاطفي بحث بهدوء مثلا تكون لجان يبحث فيها, نختلف في كذا وكذا نسجل نقاط الإختلاف فهذه تبحث بحثا علميا بالأدلة على منهج الكتاب والسنة والسلف الصالح ثم يتفق على ما يُتوصل إليه نتيجة البحث والمواصلة والمناقشة طبعا على أن يكون ذلك بهدوء وفي خلال الأخوة وتحسين الظن لا أن كل واحد يسيء الظن بالآخر إذًا يكون هو بهذه الفكرة لتهدم الإسلام هذه كذا وإنما يحسّن الظن بالآخر ويعتقد أنه ربما يكون أخوه أيضا على حق وليس الحق محتكرا لدى واحد وإنما لدى يمكن أن يكون لدى غيره أما السبب الثاني فيجب أن نتصارح فإذا وجدنا أهواء هي التي ... .
سائل آخر: إذا اعتقد إذا اعتقد احتمال أن يكون أخوه المختلف ... أنه هو المصيب وهو المخطئ معناه أصبح في شك من الحق الذي يعتقده فكيف نجمع أو نوحّد بين حق يعتقده وحقا وبين حق يشك فيه؟
الشيخ محمد عيد عباسي: وهذه الأمور التي يختلفون فيها إذا كان لدى بعضهم نصوص وهي ثابتة ومتأكد عنها يجب أن يثق أنها هي الحق لكن يدعو الآخر إلى بحثها ويتلاطف معه ويعرض عليه ما عنده ويعني من قبيل تحسين الظن والسير خطوات يعني بيقول إذا كان عندك الحق فنحن نتبعه كما أظن في الآية لإحدى الآيات الكريمة ((قل إن كان للرحمان ولد فأنا أوّل العابدين)) أنا قصدت بمثل هذا يعني حينما نخاطبهم يا أخي إذا كان الحق معكم فنحن أوّل من يتنازل عما ندعو إليه ونسير معكم فهو من قبيل يعني الفرض, كل منهم يفرض, إذا كان الحق معك والله لا نتخلف عنه وإذا كان مع الطرف الآخر وهكذا.
لكن لا شك أن من كان معتمدا على أدلة قطعية وثابتة كالجبال فهذا يعني يؤمن بها عن قناعة لكن الإيمان التعصب هذا الذي نتج عنه التعصب وغير دليل هذا الذي يجب أن نبتعد عنه, المهم هذه خطوات ونحن نشارك إخواننا جميعا أن هناك الأخطار التي تهدد الإسلام هي ماحقة وخطيرة ولكن لو علمنا سبيلا آخر لدعونا إليه ولسرنا فيه لكن ليس هناك إلا بأن نتصارح وأن نتبين السبيل الصحيح فهذا هو العلاج وليس هناك علاج غيره
سائل آخر: ... هلا اتفقنا.
الشيخ محمد عيد عباسي: نعم.
سائل آخر: نحن واقعنا ماهو واقع مسلمين لأنه مالنا في عز المسلمين ... هذا في عز المسلمين إلي الله ارتضاه للمسلمين, سبق أنه نحن منحرفين واتفقنا أيضا العودة لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها لكن ها الدعوة إلى الرجوع إلى ما كان عليه السلف الصالح دعوة أصبحت غريبة.
الشيخ: صحيح.
سائل آخر: أيوه وليست بالسهلة والمعارضة كما سمعتم موجودة في كل مكان, الذين يعملون ويصبرون, ما أعد الله لهم؟
الشيخ محمد عيد عباسي: لا شك هذه أيات الكتاب بشرت بهذا حينما قال الله عز وجل ((يا أيها الذين أمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين)) فحينما يسير المؤمنون على طريق ربهم عز وجل ويتبعون سنة نبيهم صلى الله عليه وسلم ويجعلونه مثلهم وقدوتهم وأسوتهم الحسنة فإن النصر يأتيهم من غير شك.
سائل آخر: لكن أنه عم يقولوا غرباء
الشيخ محمد عيد عباسي: أي هذه الغربة.
سائل آخر: ها الغربة هاي.

(210/4)


«
كلمة للشيخ الألباني عن معنى حديث" طوبى للغرباء" مع مواصلة المعنى الذي تكلم عليه الشيخ محمد عيد عباس مع بيان صفات الفرقة الناجية
الشيخ: ... كما قال عليه السلام (فطوبى للغرباء) (إن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا فطوبى للغرباء) طوبى لها تفسيران لغوي وشرعي اللغوي هنيئا لهم بالتعبير الشامي العامي "نيالهم" هؤلاء الغرباء "نيالهم" أما التفسير الشرعي وهو الذي ينبغي الاعتماد عليه لأن الرسول عليه السلام قد فسّره بنفسه حين قال في بعض الأحاديث الصحيحة (طوبى شجرة في الجنة يمشي الراكب تحت ظلها مائة عام لا يقطعها) طوبى شجرة يمشي الراكب تحتها أي تحت ظل أغصانها مائة عام لا يقطعها فهذه الشجرة هي للغرباء بشرهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بهذه الشجرة الطيبة وفي اعتقادي أنه كما أنه من المهم أن نعرف ما لهؤلاء الغرباء يجب أن نعرف بل هذا أوجب بالمعرفة من هم هؤلاء الغرباء؟ لأنه أخشى أن يكون الأمر كما قال الشاعر " وكل يدعي وصلا بليلى *** وليلى لا تقر لهم بذاك " قد يظن بعض الناس أن الغرباء هم المتمسكون بدينهم مهما كان هذا الدين صحيحا أو منحرفا, وقد وقد فلدفع مثل هذه القدقدة التي يدندن حولها كثيرا الناس في بحوثهم وأقوالهم تسأله سؤال بيقل لك قد يكون كذا وقد يكون كذا فما أعطاك شيئا مطلقا بهذه القدقدة فخلاصا منها أرى أنه من الأوجب أن نعرف هؤلاء الغرباء الذين بشّرهم سيد الأنبياء بأن لهم طوبى وقد قال تعالى ((طوبى لهم وحسن مآب)) في هذه الشجرة, فمن هم هؤلاء الغرباء؟ لقد جاء في وصفهم ثلاث روايات ولا تخالف بينها كما قد يظن البعض لأنها معاني قد تلتقي في فرد أو أفراد وقد لا تلتقي, الرواية الأولى تقول قالوا من هم يا رسول الله؟ قال (هم ناس قليلون صالحون بين ناس كثيرين من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم) إذًا من صفة هؤلاء الغرباء وصفا معنويا لأولئك الغرباء وصفا ماديا حينما يهاجر من بلده إلى بلد أخرى لا أحد يعرفه وهو منبوذ من بينهم مهجور كذلك الغريب الموصوف في هذا الحديث بصفة النبذ المعنوي قال (هم ناس قليلون صالحون بين ناس كثيرين من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم) ولا شك أن الصلاح نوعان أحدهما فكري والآخر عملي وخلقي ولقد اعتاد الناس حتى الناس الطيبين الاهتمام بالناحية الثانية من الغربة وهو العمل الصالح والخلق الصالح لكن لا يفكرون أبدا أن الغرابة المثلى والتي صاحبها أحق بأن يكون له طوبى هو الغرابة في العقيدة (من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم) (من يعصيهم) في عقيدتهم وهي الأسّ والأصل في الدعوة ثم في أخلاقهم ثم في أعمالهم فهم غرباء في كل شيء في ذلك المجتمع ولذلك فهم يخالفون ويعصون ولا يطاعون, هذا وصف في الرواية الأولى ولعله من المناسب أن يذكر ههنا بأن لأمثال هؤلاء الغرباء القليلون الصالحون الذين يعيشون في مجتمع كثير وكبير (من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم لهم أجر خمسين شهيدا) وقد قال عليه الصلاة والسلام في بعض الأحاديث الصحيحة أنه يكون ناس غرباء في آخر الزمان لهم أجر خمسين قالوا منا يا رسول الله أم منهم قال (لا منكم) , لهم أجر خمسين من شهداء صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم وجاء تفسير ذلك في بعض الأحاديث وهذا التفسير كأني أشعر بأنه تفسير للقلة سبب القلة والكثرة قال (لأنكم تجدون على الحق أنصارا ولا يجدون على الحق أنصارا) هذا منتهى الغربة, الحديث الثاني في وصف هؤلاء الغرباء.
السائل: الحديث فيه شهيدا وإلا بس خمسين؟
الشيخ: خمسين منكم.
سائل آخر: ما في شهيد؟
الشيخ: لا ما في شهيد, في حديثين (المتمسك بسنتي عند فساد أمتي له مائة أجر مائة شهيد وله أجر شهيد) وكل من الحديثين ضعيف الإسناد لكن الحديث الذي تلوته عليكم آنفا هو حديث صحيح له أجر خمسين من الصحابة.
السائل: يعملون مثل عملهم, العامل فيه له أجر خمسين عاملا
الشيخ: نعم؟
السائل: العامل فيها ... خمسين عاملا منكم.
الشيخ: منكم, نعم.

(210/5)


«
شرح حديث: (من هم الغرباء يا رسول الله قال هم الذين يصلحون ما أفسد الناس من سنتي من بعدي) مع مواصلة الكلام على الموضوع المتقدم
الشيخ: الحديث الثاني سُئل أيضا الرسول عليه السلام من الغرباء يا رسول الله قال (هم الذين يصلحون ما أفسد الناس من سُنتي من بعدي) هذه أيضا غربة جلية واضحة ... كل الغرباء هذه طبيعتهم يدعون إلى إحياء السّنة وإماتة البدعة في وقت انقلبت فيه الحقائق فصارت السنة بدعة والبدعة سنة فإذا قيل للناس هذه بدعة قالوا يا غيرة الله أنكر الصلاة على الرسول أنكر ذكر الله أنكر الكرامات أنكر أنكر وهو لا ينكر شيئا من الحقائق أبدا وإنما ينكر أوهاما وأفكارا تبناها الناس على مرور الزمن حتى أصبحت جزءا من العقيدة عندهم ولذلك يستنكرون أشد الاستنكار على أولئك الغرباء الذين يقولون هذه هي السنة فعليكم بها وما أنتم عليه هي البدعة فانتهوا عنها.
(
هم الذين يصلحون ما أفسد الناس من سُنتي من بعدي) والرواية الثالثة والأخيرة وهي تنطبق على بعض الناس ليس على كلهم, من هؤلاء الغرباء ألا وهو قوله عليه السلام (هم النزّاع من القبائل) النزّاع جمع نازع والنازع هو الذي ترك وطنه يقال فلان نزع من وطنه أي هاجر منها لكن هجرته من وطنه كانت في سبيل مرضاة ربه عز وجل وذلك حينما يجد نفسه في مجتمع لا يتمكن فيه من العمل بالسنة والدعوة إليها فيهاجر كما هاجر المهاجرون الأولون من مكة إلى المدينة ليتمكنوا من القيام بالشعائر الإسلامية والتاريخ لا بد أن يعيد نفسه كما يقال فكذلك يقول الرسول عليه السلام في آخر الزمان أن الغرباء منهم النزّاع من القبائل يتركون بلادهم وأوطانهم إلى بلاد أخرى ليتمكنون فيها من القيام بشريعة الإسلام على الوجه الصحيح القائم على الكتاب والسنة فإذًا هؤلاء هم الغرباء وذلك هو أجر هؤلاء الغرباء لهم طوبى في الجنة ((طوبى لهم وحسن مآب)).

(210/6)


«
مناقاشات عن الموضوع السابق الذكر
السائل: أظن في رواية (هم الذين يصلحون إذا فسد الناس)؟
الشيخ: صحيح؟
السائل: ما ... الناس ... .
الشيخ: نعم.
السائل: وهاي التربية بالذات تربية ... .
الشيخ: أي نعم, اعتياد النفس صحيح.
السائل: أستاذ هذا ما في وطن ... ننزح إليه يكون قائم ... ؟
الشيخ: يعني ... يقول أنه جمع بين إصلاح النفس وإصلاح الغير.
السائل: أيوه, هاي ممكنة هاي ... .
الشيخ: شو قلت؟
سائل آخر: ليس هناك دولة حاليا أو وطن ننزع إليه فتكون قائمة فيه السنة والحديث النبوي الصحيح!
الشيخ: نعم.
السائل: حتى ... ذهبنا إليه.
الشيخ: أيه فحسبك أن تكون من النوع الأول والثاني
السائل: أجرها أجر ... .
الشيخ: فهمت والرابع صار الثالث يعني تتمسك بالسّنة وتدعو إليها وتعمل بها, تصلح نفسك على أساسها هكذا تُصلح غيرك بها.
السائل: تحتاج ... الذي يصبر على أذى الناس
الشيخ: لا الذي يصبر على أذى الناس ليس له علاقة بالغرباء وإنما هو قوله عليه السلام (المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم)
السائل: ... .
الشيخ: ... .
السائل: هذا حديث ... .
الشيخ: المؤمن, نعم الحديث صحيح يرويه الإمام أحمد في مسنده من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالطه ولا يصبر على أذاهم).
السائل: يعني إلى أن يقولوا عنه مجنون سيدي؟
الشيخ: سيدي إذا قالوا عنه مجنون أحسن ما يقولوا عنه كافر والي بيتحمل كلمة كافر ... .
السائل: جزاكم الله خير يعني وما قالوا على محمد مجنون كما قالوا على رسول الله!
الشيخ: الله أكبر.
السائل: في هذا حديث صحيح هذا ... حتى ... فقد قيل ... .
الشيخ: هذا حديث منكر وسترونه إن شاء الله قريبا منشورا في المجلد الثاني من سلسلة الأحاديث الضعيفة, المجلد الثاني.
السائل: أيّ حديث؟
الشيخ: (اذكروا الله حتى يقال مجنون).
سائل آخر: فضيلة الشيخ في رواية اذكر ... الله حتى يقال مجنون.
سائل آخر: يروي الطبراني حديث ما أدري مدى صحته يقول (إن لهذا الدين إقبالا وإدبارا)؟
الشيخ: ما هو صحيح, ضعيف جدا فيه رجل اسمه علي بن يزيد الألهاني وهو متروك يرويه عن أبي أمامة, نعم.
السائل: هذا هو راوي قصة ... .
سائل آخر: ... .
الشيخ: إيه هذا هو.
السائل: هو نفسه؟
الشيخ: هو نفسه.
سائل آخر: فمن إقبال هذا الدين.
السائل: متروك هذا.
سائل آخر: (إن لهذا الدين إقبالا وإدبارا, من إقبال هذا الدين أن تفقه القبيلة والقبيلتان والرجل والرجلان).
سائل آخر: ... إدباره
السائل: (ومن إدباره ألا تفقه القبيلة والقبيلتان ولا الرجل ولا الرجلان وإذا تكلما يعني هذا الرجل والرجلان الذان يلتقيان على الحق يطردا ويستهجنا وتمر المرأة في الشارع فيرفع الرجل لها كما يرفع ال ... فيقول له صاحبها هلا أخذتها وراء الحائط فهو بمنزلة أبي بكر وعمر فيهم)!
سائل آخر: يعني لأنه يقول له هذه الكلمة!
السائل: ثم (فمن جاهد وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر في ذلك الوقت له أجر خمسين رجلا من الصحابة).
سائل آخر: يا أخي هذا بيموّت الناس قبل ما يموتوا, يخلي المسلمين يعتقدوا أنه ... المرأة في الطريق أنه ... وراء الحيط, هذا مثل أبو بكر وعمر, ... موّت الناس ... .
السائل: لا تقوم الساعة حتى ... الناس ... في الطريق.
الشيخ: نعم بالإمكان لم يثبت بهذا اللفظ ففيه في معناه أحاديث كثيرة. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
السائل: عليه تقوم الساعة.
سائل آخر: مرحبا بك ... .
سائل آخر: ... إن لهذه القلوب إدبارا وإقبالا فإذا أقبلت ... وإذا أدبرت ... .
الشيخ: (ما المسؤول عنها بأعلم من السائل).

(210/7)


«
ما صحة حديث" .... ولو كان في بني إسرائيل من يأتي أمه علانية فسيكون في أمتي من يفعل ذلك"؟»
السائل: وحديث آخر مطوّل في نهايته يقول (وإنه كان في بني إسرائيل من يأتي أمه علانية وسيكون في أمتي ذلك)؟
الشيخ: هذا صحيح.
سائل آخر: لو كانت.
الشيخ: ... الآن تصحيح الألفاظ (حتى لو كان فيهم من يأتي أمه على قارعة الطريق لكان فيكم من يفعل ذلك).
سائل آخر: هذا تقليد.
الشيخ: أي نعم.

(210/8)


«
كلمة للشيخ محمد عباسي ذكر فيها أحاديث التي تبشر بالعز و التمكين للمسلمين في آخر الزمان
الشيخ محمد عيد عباسي: ... الأستاذ قال ذكر في السلسلة الصحيحة أنه ها الأخبار الواردة والتي تبيّن هذا الانحطاط وها التقليد للكفار وها ال ... ينبغي أن لا تثبط همم المسلمين لأنه قد وردت أحاديث أخرى فيها بيان أن المستقبل للإسلام فذكر طائفة صالحة في السلسلة جزاه الله خيرا منها قوله صلى الله عليه وسلم (ليبلغن هذا الأمر مبلغ الليل والنهار) ومنها الحديث الذي فيه إخبار أنه ستُفتح روما بعد القسطنطينية وحديث (ستكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون) إلى أن قال عليه السلام (ثم تكون خلافة على منهاج النبوة) فإذا تذكرنا هذه الغربة وهذا الفساد وهذه الغلبة للكفار فيجب أن لا نفقد الأمل ويجب أن لا نيأس بل نعلم أن هناك مستقبلا مضيئا مشرقا ينتظر المسلمين إذا جدّوا وعملوا وأنه قريب منهم جد قريب إذا تمسّكوا بالمنهج الصحيح وسلكوا سبيل الله عز وجل المستقيم فهذه بشارات تبيّن أن المستقبل للإسلام وأن النصر له وأن الدنيا كلها ستدخل فيه أفواجا وأنه سيكون يخضع له كل الدنيا يدخل إلى ما دخل إليه الليل والنهار ونحن مع تحسّسنا وانزعاجنا من هذا الضلال الذي فيه المسلمون نلمح بريقا من النور وأشياء مبشرة بالخير, هذه هؤلاء ... للمسلم والمسلمة والزهرات المتفتحة التي تبحث عن الحق أينما كان وتخلص له وتعمل في سبيل الله عزّ وجل حتى يكون لها النصر إن شاء الله فهذه ... كما قال الشاعر:
"
إن الهلال إذا رأيت نوره *** أيقنت أن سيصير بدرا كاملا " وما ذلك على الله بعزيز وأن عسى الله عز وجل أن ... أعيننا بمشاهدة هذا المستقبل الباهر ... .
سائل آخر: يأتينا شيخ ... صندل.

(210/9)


«
سؤال عن معنى الآثر الموقوف عن ابن عباس" أقول لكم قال رسول الله وتقولون قال أبو بكر وعمر ... "؟»
السائل: ذكرت له حديث رواية لا أدري مدى صحتها و ... لما قال بعض الصحابة لرجل كان يتناقش معه في موضوع فقالوا له يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء, أقول لكم قال رسول الله تقولون لي قال أبو بكر وعمر فأنكر عليه أشد الإنكار بهذا الحديث عندنا في ... وقال هذا طعن في الصحابة ونحن يجب أن لا يبلغ بنا التعصب إلى هذه الدرجة إلى أن نطعن في أصحاب ... .
الشيخ: وين الطعن في الصحابة؟
السائل: يعني هنا لما.
الشيخ: الطعن الذي زعمه في صاحبك أين هو في هذا الحديث؟
السائل: أقول لكم قال رسول الله؟
الشيخ: لكم وين لكم؟
السائل: يعني.
الشيخ: خطاب لمن؟
السائل: يعني يقول الصحابة يخالفون فيه قول النبي هكذا فهم من الحديث هو!
الشيخ: الحديث ليس فيه أن الكلام الذي وجّهه عبد الله بن عباس هو للصحابة, ليست الرواية ... التصريح وإنما هذا قاله حينما أمرهم بالتمتّع بالحج إلى العمرة فقيل له بأن أمير المؤمنين نهى عن التمتع بالحج إلى العمرة فقال لهم أقول لكم قال رسول الله وتقولون قال لي عمر!
السائل: ... .
الشيخ: فالشاهد هو لا يخاطب عمر ولا يخاطب الصحابة وإنما يخاطب الأتباع الذين قد بلغهم نهي عمر عن متعة الحج ثم اتبعوه واحتجوا به وقد عارضهم بن عباس بأمر الرسول عليه السلام للصحابة بأن يتحللوا من الحج إلى العمرة, من العمرة إلى الحج إلى العمرة.
الإشكال من أصله غير وارد يعني ليست من الرواية أن ابن عباس خاطب بقوله الصحابة!
السائل: ... فلو فرض أنه خاطب الصحابة فلا نتعصب للرسول صلى الله عليه وسلم؟
الشيخ: لا شك بس هو.
السائل: لا يستوي قول الرسول ..
الشيخ: هو خطأ بالغ في الموضوع أنه الصحابة لم يُذكروا لكن لو فرضنا كما قلت فهذا الجواب صحيح.
السائل: أقول لقد قال رسول الله.
الشيخ: هو المشكلة اليوم في الواقع التي نحن نئن منها ونرجو أن يشاركنا المسلمون الآخرون أنه إذا قلت أن السنة كذا وكان هذه السنة مخالفة لمذهب رجل ما ثار وغضب وصاح ليه؟ أنت عم بتخطأ الإمام, طيب التحمس للإمام أهم! والتعصب وإلا التعصب للرسول عليه السلام, إذا كان التعصب لشخص خالف شخصا يعتبر ذما للآخر فإذا الذي يتعصب للإمام هو يتعصب ضد الرسول عليه الصلاة والسلام, إذا اعتبروا تمسكنا بالسنة طعنا في الإمام الذي على الأقل فيما بين أيدينا خالف السنة فلا شك أن تمسّكهم بما عليه الإمام يعتبر طعنا من باب أولى في شخص الرسول عليه الصلاة والسلام والفرق شاسع جدا, هذا الطعن هو الكفر بعينه وذاك الطعن لو افترضنا أنه طعن فماذا؟ كل ما في الأمر أنه طعن في إمام من أئمة المسلمين, هذا طبعا لا نُجيزه لكن هل هو كفر؟ طبعا لا على أنه ليس فيه طعن وإنما هو التوحيد الخالص الذي يأمر باتباع الرسول دون اتباع سواه من البشر.

(210/10)


«
مناقشات على موضوع اختلاف أفهام السلف في المسألة المعينة
السائل: هو مما ذكر أن الشيخ ناصر وهؤلاء عالما علماء السلفية اختلفوا الشيخ ناصر وابن باز, اختلفوا في موضوع رفع اليدين وعقد اليدين؟
الشيخ: وضع اليدين.
السائل: عقد اليدين.
الشيخ: وضع اليدين أيه.
السائل: بعد الركوع.
الشيخ: أيوه.
السائل: فقال يعني هذا شيء حدث ... .
الشيخ: هو حدث يعني بين الصحابة كل ذاك, هل تخاصمنا؟ لا لأنه المبدأ واحد, قال الله قال رسول الله هو فهم الحديث على وجه وأنا فهمته على وجه!
سائل آخر: لا ... فهمت عليك أنت في حديث ابن عمر إلي سأله سائل ... قال أمر حسن جميل فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ... قال كيف وقد كان أبوك عمر ينهى عنه, قال يا هذا إذا جاءك الأمر عن أبي وعن رسول الله فأيهما تأخذ قال بقول رسول الله قال قم عني!
الشيخ: ... لو أحدهما فعل ذلك أو قالها لقامت القيامة عليه ... واحد قال للثاني قم عني!
السائل: وقام ... فهم.
الشيخ: شوف السلف كيف كانوا صرحاء ما كانوا يعرفوا ها اللّف والدوران.
السائل: أجاب أمر من ... .
الشيخ: قم عني ... .
سائل آخر: في صحيح مسلم فسبّه سبّا قبيحا عبد الله بن عمر لابنه ما رأيته سبه مثله قط, فسبّه سبّا قبيحا ما رأيته سبه مثله قط ... .
الشيخ: انظر ... صفة الصلاة المقدمة.
السائل: ... .
الشيخ: لا حديث ابن عمر.

الشيخ: أنا الذي ذكرته وإلا أنت؟
الشيخ: ... حديث ابن عباس.
السائل: أثر.
الشيخ: أثر ..
سائل آخر: ابن عباس مذكور في كتاب التوحيد بدون عزو للمصدر.
الشيخ: هو يقول هكذا.

(210/11)


«
مناقشة في الحب في الله و البغض في الله
السائل: بالنسبة لرواية المؤذن الذي كان يلحن في الأذان وإلي ا بن عمر ... عليه ويقول له أبغضك في الله ... الرواية صحيحة؟
الشيخ: أي نعم.
السائل: شوف كيف كانوا ... في سبيل ..
الشيخ: هذه المعاني اليوم مبغوضة مهجورة!
السائل: مفقودة.
الشيخ: نعم؟
السائل: مفقودة و ... .
الشيخ: مفقودة ومستنكرة أيضا وتعتبر من الشدة والواقع نحن الذين ننتمي إلى السلف الصالح في عندنا واحد في المائة من هذا الأسلوب الناصح الصريح مع ذلك نعتبر متشددين فلو كان هؤلاء المتخلفون في عهد أولئك السلف فعلا لقالوا عنهم مجانين فهذا ابن عمر أيضا يأتيه رجل يقول إني أحبك في الله قال أما أنا فاشهد علي أني أبغضك في الله قال له أحبك في الله وأنت تبغضني في الله؟ قال لأنك تُلحن في أذانك وتأخذ عليه أجرا فهذه المصارحة في البغض في الله, اليوم ما بقى في عندنا في الإسلام بغض في الله إذا بغض أحد منا غيره يبغضه لشخصه لذاته كذلك الحب في الله لم يبق له أثر ولا وجود فإن أحب أحدنا غيره فلمصالح مادية عاجلة أيضا فهكذا كان السلف يعني
السائل: ... صحيح المسألة الأولى.
الشيخ: أيها الأولى؟
السائل: ... هذه موجودة والدليل على هذا, هذا الجمع كله أحبّك في الله.
الشيخ: يا أستاذ هذا هذا صحيح.
سائل آخر: مو بدليل بقى ... .
الشيخ: لا اسمحلي لأقول إذا كنت تعني مثل هذا فأيضا كلاهما الأولى والأخرى كلتاهما موجودتان لكن هذا الشيء قليل لا يذكر والعبرة كما تعلم في الغالب الحب في الله والبغض في الله يعني كجمع إسلامي لم يبق له ذكر أما في أفراد فلا يخلو الأمر كما قال عليه السلام (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله).
السائل: سيدي الشيخ إلي يثبتوا الله يجب أن يقول له إني أحبك في الله.
الشيخ: نعم لكن الحب في الله في الواقع أستاذ له ثمن, له ثمن باهض قل من يدفعه!
سائل آخر: تعريفه.
الشيخ: أتدرون ما هو الثمن؟ ثمن الحب في الله بيكفي ... الكلام هذا نفتح فصل جديد سين جيم.
السائل: نعم.
الشيخ: ما هو ثمن الحب في الله؟ ما تقول؟ ارفع اصبعك بس هالي عندو جواب يعطينا هذا الجواب على هذا السؤال, تفضل
السائل: يقول عليه الصلاة والسلام (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله رجلان تحابا في الله اجتمعا على ذلك و ... ).
الشيخ: إيه هذا جواب, كلام صحيح في نفسه ولكن ليس جوابا للسؤال.
السائل: هذا جزاء ... .
الشيخ: أيوه, هذا تعريف للحب في الله تقريبا وليس تعريف كامل, أنا سؤالي ما هو الثمن الذي ينبغي أن يدفعه المتحابان في الله أحدهما للآخر ولا أعني الأجر الأخروي وبعبارة أخرى أنه هذا السؤال حاديث وطارئ بيجوز يكون يعني سؤالي قاصر فقد ... أعدد أعدد حتى أشوف حالي أنا أحسنت السؤال, أريد أنا من السؤال أن أقول ما هو الدليل العملي على الحب في الله بين اثنين متحابّين فقد يكون رجلان متحابين لكن تحاببهم شكلي ما هو حقيقي فما الدليل على الحب الحقيقي؟
السائل: الشيطان كمان ... .
الشيخ: أيه ممكن.
السائل: إيه.
الشيخ: اسمح لي شوي لأشوف الأشخاص الذين يستعدون للجواب, تفضل.
السائل: الحب الحقيقي ..
الشيخ: لا لا اسمح لي يا أخي الله يرضى عليك لا تستعجل, تفضل.
سائل آخر: أن أحب إليك ما أحبه لنفسي.
الشيخ: هذا صفة الحب أو بعض صفات الحب.
السائل: الخلاصة.
الشيخ: تفضل.
السائل: قال الله تعالى ((إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله)).
الشيخ: هذا جواب لسؤال آخر, جواب صحيح لسؤال آخر, تفضل
سائل أخر: الجواب قد يكون الحديث الصحيح ..
الشيخ: ابعد عن القدقدة لأنه ما بيكون جواب!
السائل: الحديث الصحيح (ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان).
الشيخ: وجد.
السائل: نعم, من ضمنه الذي يتحابّا في الله.
الشيخ: أحب الرجل فلا يحبه إلا في الله, هذا ليس جوابا, هذا أثر المحبة في الله, ما هو؟ حلاوة يجدها في قلبه وليس كان السؤال ما أثر الحب في الله, تفضل.
سائل أخر: كأنك تريد قوله تعالى.
الشيخ: ما لك وما أريد, جاوب على السؤال.
السائل: ((والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر)).
الشيخ: هذا هو الجواب أحسنت, هذا هو الجواب, شرح هذا إذا كنت أنا أحبك في الله فعلا تابعتك بالنصيحة كذلك أنت تقابلني بالمثل ولذلك فهذه المتاعبة بالنصيحة قليلة جدا بين المدعين الحب في الله عز وجل, الحب هذا قد يكون فيه شيء من الإخلاص ولكن ما هو كامل وذلك لأن كل واحد منا بيراعي الثاني, إيه بنخاف ليزعل, بنخاف ليشرد, إيه خليه معنا يعيش معنا ... بـ بـ إلخ.
مو هذا هو, الحب في الله ثمنه أن يخلص كل واحد منا للآخر وذلك بمناصحته, يأمره بالمعروف وينهاه عن المنكر دائما وأبدا فهو له في نصحه أتبع له من ظله والصورة التي ذكرها الأخ في الواقع هو من أحسن ... يمكن أن يكون عن ذلك السؤال ولذلك صحّ أنه كان من أدب الصّحابة حينما يتفرقان أن يقرأ أحدهما على الآخر ((والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين أمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر)).
السائل: الحديث (الدين النصيحة) أنه ... أشمل.
الشيخ: كيف؟
السائل: الدين نصيحة.
الشيخ: إش به؟
السائل: يشمل معنى الآية بالنسبة للجواب؟
الشيخ: طبعا.
سائل آخر: أظن النصيحة أيضا جائزة الجواب الأول.
سائل أخر: التفسير هذا ولو يؤدي إلى مفارقة الشخص.
الشيخ: طبعا هو لا في عندنا قضيتين, هذا مبدأ وعندنا الأسلوب والطريقة, مو باسم الحب في الله يجي قال من كثر ما بيحبه بيعضه, هاي ما بيجي يستعمل الشدة معه لأنه لما بيكون في حب فعلا خالص كل ما نصحته كل ما اشتد حبه إياك والعكس بالعكس تماما, لأنه حب قائم على مصالح أخروية فكما أن المصالح المادية العاجلة هنا تجمع بين اثنين عاجلا فأولى وأولى أن تجمع المصالح الأخروية بين اثنين عاجلا وأجلا
السائل: ... .
الشيخ: هاي جاء الأستاذ الشيخ نافع ... شيء.
السائل: الأستاذ جاء باكرا.
الشيخ: الساعة الخامسة.
السائل: ... .
الشيخ: في عندك بارك الله فيك كما قلنا لك اجتماع هناك في حلب ومن شاء منكم أن يتفضل.
السائل: في حلب ... .
سائل آخر: مرض المجتمع من حيث الشوائب ... المعتقدات.

(210/12)


«
كيف تكون التصفية والتربية في واقع المسلمين اليوم؟»
السائل: العلاج هو تصفية الدين والتربية؟
الشيخ: صح.
السائل: لكن مع الواقع الي عم بنعيشه هلا كيف السبيل؟ إذا أنا حتى أصفي الدين بيلزمني أني أرجع إلى مجموعة مجلدات ومجموعة كتب وكذا وهذا لا يتسنى إلا ... مع العمل ... ؟
الشيخ: هذا أخي بيرجع للبحث السابق مع الأستاذ الفاضل الذي كان جالسا هنا أنه كل واحد لازم ... الجواب أنه في هناك فروض عينية وهناك فروض كفائية فليس من الواجب العيني على كل فرد من أفراد المسلمين أن يكونوا علماء لا سيما علماء في كل شيء, في الحديث في التفسير في الفقه في اللغة في في إلخ
السائل: لكن ... .
الشيخ: لكن إذا سمحت.
السائل: عفوا.
الشيخ: لكن واجب على كل مسلم أن يسعى ليتعرف على ما يجب عليه أن يتعرف عليه, والناس في هذا كما في القرآن الكريم حيث جعلهم طائفتين ((فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)) فالآية صريحة بأن المسلمين المخاطبين بهذه الآية قسمان عالم وغير عالم, فواجب غير العالم أن يسأل العالم وفي ذلك إيماء من الله عز وجل بأنه لا يجب على كل فرد أن يكون عالما وإلا لما أقر هذه الحقيقة وهذه القسمة العادلة, على ذلك فنحن نقول لك لا يجب عليك عينيا أن ترجع بقى وتدرس الإسلام وتنفض الكتب القديمة إلي بيسموها الكتب الصفراء وفي هناك كتب ما هو أصفر من ذلك بكثير إن صح التعبير حيث هناك كتب مخطوطات ران عليها الغبار والعتار وعشّش عليها العنكبوت يمكن مضى عليها عشرات إن لم أقل مئات السنين لم يفتح منها كتاب! , نقول لا يجب عليك هذا ولكن يجب عليك على الأقل إن لم تكن كما تريد أن تكون أي عالما ((فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)) وهذا حاليا مشكلة ولا تؤاخذني لأنه من دعوتنا أن نكون صرحاء مع إخواننا ...
أنا أستغرب مثل هذا السؤال الذي أسمعه بمناسبات شتى فأستنبط من مثله أي هذا السؤال أن هناك تيار عايم شامل لأفكار طائفة كبيرة من الشباب أنه هذول السلفيين بدهم كل فرد من ثمانمائة مليون مسلم يكون أبو حنيفة زمانه في الفقه وبخاري زمانه في الحديث وسيبويه زمانه في النحو وإلخ, لا والله هذا في المنام ما نراه وهذا أمر لا يمكن
السائل: وأنا أعرف و ... يا أستاذ.
الشيخ: أنا ما أنا ما ألومك بل أقول يجب أن تسأل لكن أنا أستغرب ما الذي يدفع على هذا السؤال سوى أنه في فكرة هنا قائمة, وهم يعني, أنه هذول السلفيين بدهم كل إنسان, يا أخي نحن سلفيين مع الأسف الشديد دائما نتحدث مع إخواننا وبنحثهم مثل الأستاذ عيد عباسي وعلي خشام وغيرهم يا أخي تفرغوا لنا للعلم, ما في عندنا ناس يعني يرجع إليهم الذين يتبنون المبدأ هذا فضلا عن غيرهم فنحن ما فينا ها الأشخاص الي أنت عم تقول إذًا أنا لازم أفعل كذا وكذا فيجب أن يكون هناك طائفة كما في القرآن الكريم, طائفة يتفقهون في الدين مش كل الأفراد لكن التقصير الآن الذي يحصل في الواقع ليس هو أنك لم تدرس الفقه على الوجوه وعلى المذاهب وأدلة كل قول وما أكثر الأقوال وإنما اللّوم إن كان هناك لوم عليك هو أنك قانع إما بما قرأته في المدرسة الابتدائية وشوية معلومات سريعة أو من كلية الشريعة مسألة مشرّقة ومسألة مغرّبة ما يأخذ فقه متسلسل باب الصلاة مثلا أو الطهارة أو النكاح ... بجميع أحكامه ولو أخذته تأخذه كمذهب حنفي هو الغالب في هذه البلاد في زمن الخلافة العثمانية وتوارثنا ذلك إلى عهد قريب والآن بدأ خليط مليط شوية فقه حنفي شوية فقه شافعي إلخ, هذا إن كان عندك دراسة قنعت بهذا, تسمع صوت جديد للشيخ فلان مثلا في بلدك أو في غير بلدك يقول المسألة الفلانية يجب الأخذ بها لأن الرسول قال كذا وكذا, لا تلقي لذلك بالا, أنتم ما تفهموا أنه أنا أعنيك بشخصك لأنه لا مؤاخذة ما سبق أن اجتمعت بك وعرفتك لكن هذا هو الواقع أكثر شبابنا المسلمين, تسمع أنه العقيدة الفلانية يتبرأ منها الإسلام بل هي وثنية وشرك وضلال لا تهتم بذلك, وهناك جنس آخر يقول بحث هذه المسائل أمور تفرّق الصّف فنستغرب أيّ صف هذا والمسلمون متفرقون! ليس هناك تفرق أكثر من هذا التفرق في الواقع لذلك فالطريق كما قلنا أن نبدأ بالتصفية والتربية معا لكن هذا ليس بالواجب على كل إنسان يكون عالم لكن كما قيل في بعض الآثار عن السلف الصالح " كن عالما أو متعلما أو مستمعا ولا تكن الرابعة فتهلك " أكثر الشباب المسلم اليوم الواعي, دعك والعامة ما يتفقه في الدين ما يسأل.
السائل: شو هي الرابعة سيدي.
الشيخ: نعم.
السائل: شو هي الرابعة؟
الشيخ: يعني لا عالم ولا متعلم ولا مستمع يعني عايش هملا هكذا في الحياة
السائل: لا ... .
الشيخ: يعني خمسة؟
السائل: ... لك كن عالما أو متعلما أو مستمعا أو محبا ولا تكن الخامسة فتهلك.
الشيخ: إيه فعلت شيء يعني هيك؟
السائل: ... .
الشيخ: على كل حال ليس حديث , الغرض يا أستاذ خلاصة القول أنه من استطاع أن يحقق فهو واجب يقوم به ويدعو الناس إليه ومن لم يستطع ((فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)) هذه عقيدتنا.
السائل: ... سؤال ... أهل الذكر اليوم في عندي ... عشرات المشائخ ما يعتبرون أهل الذكر؟
الشيخ: كيف هذا يحتاج إلى بحث.
السائل: نعم.
الشيخ: وهذه فرصة في الواقع طيبة حين قال تعالى ((فاسألوا أهل الذكر)) ترى عنى بأهل الذكر يعني أهل الرقص في الذكر؟ خلاصة تقول أنت بسرعة لا, طيب, إذًا بدنا نمشي خطوة ثانية, الأمر السّلبي ليس علما. فلما بتقل لي جواب عن سؤالي ((فاسألوا أهل الذكر)) يعني أهل الرقص في الذكر هم تقل لي لا, أجبت لكن ليس في هذا الجواب علم إلى أن تقول أهل الذكر هم هؤلاء, من هم؟ هم نسمع منك أو تسمع مني كما تشاء يعني, فهل تريد أن تجيب أم أجيب أنا؟
السائل: تفضل.
الشيخ: طيب.
السائل: أعرفهم أهل السّنة.
الشيخ: أنا بأقول أهل الذكر هم أهل القرآن والرسول عليه الصلاة والسلام يقول (أهل القرآن هم أهل الله وخاصته) وإذا كان أهل الذكر هنا أهل القرآن ولو مع هذه الفضيلة التي ذكرها الرسول في الحديث الصحيح هم خاصة الله فأهل الذكر هم أهل القرآن لأن الله يقول ((وأنزلنا إليك الذكر)) وقطعا الذكر هنا هو القرآن الكريم, والقرآن يفسّر بعضه بعضا كما هو من أصول علم التفسير كما بيّن ذلك العلماء وبخاصة منهم شيخ الإسلام بن تيمية في "مقدمة التفسير" رسالة له, إذًا فأهل الذكر هم أهل القرآن لكن هل يعني أهل الذكر هم أهل القرآن فقط أي هل يكون العالم بالقرآن فقط هو عالما وهو من الجنس الذي أحال الله الجهال إليهم في الآية السابقة ((فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)) أم هناك شيء آخر؟ هناك بلا شك شيء آخر أجبت أنت بجواب مختصر حين قلت هم أهل السنة, لكن يجب أن نعرف ما الحجة على هذا الكلام أهل السنة؟ قال تعالى ((وأنزلنا إليك الذكر لتبيّن للناس ما نزّل إليهم)) إذًا هذه الآية لنا فيها دليلان على مسألتين إحداهما يتعلق بالجواب عن سؤالنا السابق الأنف الذكر, قال هنا ((وأنزلنا إليك الذكر)) وفي الآية الأخرى ((إنا نحن نزلنا الذكر)) ففي كل من هذه وهذه المقصود بالذكر قطعا هو القرآن, إذًا أخذنا دليلا آخر من هذه الآية على أنه أهل الذكر هم أهل القرآن, طيب السنة من أين جئنا بها؟ من تمام الآية السّابقة ((لتبيّن للناس ما نزّل إليهم)) إذًا أهل الذكر هم أهل القرآن والسنة مش قرآن وحده, أنا أعتقد جازما من دون أي شك أو ريب, من أراد أن يتمسّك بالقرآن وحده ويجعله إسلاما فليس مسلما لأنه لا يؤمن بالقرآن والقرآن يأمرنا باتباع الرسول عليه الصلاة والسلام ويصفه بأنه أنزل عليه القرأن ليبيّنه للناس فإذًا أهل الذكر هم الذين يجمعون بين القرآن وبين السنة لكن هنا ضميمة من عندي بيانا للحقيقة والواقع, من هم أهل السنة؟ سيقال أهل الحديث يعني العارفين بالحديث لكن هل كل أهل الحديث هم أهل السنة؟ سؤالي قد يكون فيه شيء من الغرابة, أقول ليس كل أهل الحديث هم أهل السنة ذلك لما هو معلوم عند الجميع لكن الناس غافلون عن هذه الحقائق أن السنّة كما قلنا سابقا قد دخل فيها ما ليس منها وعلماء الحديث من حيث هذه الحقيقة المرة وهي أنه دخل في السنة ما ليس منها طائفتان, طائفة وهي الأغلبية السّاحقة من علماء الحديث, تروي ما هبّ ودبّ حسب أحدهم أن يقول حدثني فلان قال حدثني فلان قال حدثني فلان إلى أن يصل إلى الرسول عليه السلام وفي هذه السلسلة رجل كما قيل عن بعضهم " لو شَهِدَ على بقلة لم تقبل شهادته " فما فائدة هذه السلسلة إذا ما انقطعت عند من يشهد على بقلة لا تقبل شهادته! , هذا شأن أكثر المحدثين المعروفين والقليل منهم هم المحدثون النّقّادون مثل البخاري ومسلم والإمام أحمد ويحيى بن معين وغيره, هؤلاء هم أهل الذكر, هذا النوع الثاني هم أهل الذكر لذلك ونحن ندعو للكتاب والسنة والعمل بالحديث نريد أن نصفّي هذا الحديث حتى ما نقدم للناس داء باسم الدواء نقدم لهم حديث عن رسول الله وهو مفترى على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقدمت إليه في الظاهر دواء وهو في الحقيقة داء وأكثر الأحاديث عفوا الكثير من الأحاديث التي تتداولها الألسنة والخطباء والوعاظ إلخ تدور بين حديث ضعيف وموضوع.
إذًا واجب من يريد أن يكون من أهل الذكر ليس أن يفهم القرآن فقط بل وأن يدرس السنة وأصعب العلوم, علوم الشريعة كلها دراسة هو علم الحديث لما فيه من طرق وأسانيد وتراجم رجال منذ عهد قريب وقفت على نقل عن بعض الكتّاب الغربيين يقول ويمجّد للمسلمين فيقول إن عند المسلمين علم الجرح والتعديل تفرّدوا به في عهد التاريخ كله دون الأمم كلها فعندهم ترجمة والله ما أذكر الآن أكثر من أربعين ألف خمسين لا والله أكثر بكثير ترجمة يقول لعلمائهم أكثر من أربعين خمسين ألف ترجمة.

(210/13)


«
التعليق على كتاب فقه السنة " ...... سؤر السؤر هو: ما بقي في الاناء بعد الشرب وهو أنواع: (1) سؤر الآدمي: وهو طاهر من المسلم والكافر والجنب والحائض. وأما قول الله تعالى: (إنما المشركون نجس) فالمراد به نجا»
الشيخ: وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ((يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون)).
((
يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا)).
((
يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما)) أما بعد:
فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله تعالى عليه وآله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار:
بحثنا الليلة في كتاب فقه السنة و" السؤر "، والسؤر كما تعلمون هو الماء الذي يشرب منه حيوان ما سواء كان إنسان أو حيوانا ثم يبقى منه بقية فما حكم هذا السؤر هذا هو بحثنا الليلة يقسم البحث إلى فصول فيقول الفصل الأول يقول سؤر الآدمي يقول: وهو طاهر من المسلم والكافر والجنب والحائض، لا فرق في سؤر الإنسان سواء كان مسلما أو كافرا وسواء كان الشارب حائضا أو طاهرا أو مشركا , هذه الأسآر كلها طاهرة وحلال سربها يستدل على ذلك أو يدفع ما قد يرد من شبهة على ذلك من قوله الله عز وجل ((إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا)) فيقول وأما قول الله تبارك وتعالى ((إنما المشركون نجس)) المراد به نجاستهم المعنوية من جهة اعتقادهم الباطل، وعدم تحرزهم من الأقذار والنجاسات، لا أن أعيانهم وأبدانهم نجسة، وقد كانوا يخالطون المسلمين، وترد رسلهم ووفودهم على النبي صلى الله عليه وسلم ويدخلون مسجده، ولم يأمر بغسل شيء مما أصابته أبدانهم.
هذا الفصل في الواقع أمر متفق عليه بين المسلمين أي أن السؤر سواء كان من مؤمن أو كافر من طاهر أو حائض أو جنب هذا السؤر طاهر باتفاق علماء المسلمين لا خلاف بينهم، ولذلك اقتصر المصنف على إيراد شبهة قد ترد في أذهان بعض الناس مع الجواب عنها وهي قوله الله عز وجل ((إنما المشركون نجس))، فأجاب بأن نجاسة المشرك ليست نجاسة عينية وإنما هي نجاسة معنوبة ذلك لما يقوم في قلوبهم من العقائد الباطلة والآراء الشركية الوثنية من أجل ذلك وصفهم الله تبارك وتعالى بأنهم نجس لا لأن أعيانهم نجسة إذا مسّوا شيئا أو داسوا في أرض فيتنجس ذلك الشيء الجواب لا , ويفسر هذه الآية على المعنى الذي من أجله ساقها المصنف حديث ورد في بعض كتب الحديث لكن بإسناد فيه ضعف أنا أذكره لفائدتين الأولى للتنبيه على ضعفه , والثانية لأن هذا الحديث يوضح معنى هذه الآية الكريمة.
ذلك الحديث يقول ما معناه أن وفد نجران لما دخلوا المسجد مسجد الرسول عليه الصلاة والسلام كأنه علم ذلك على أصحابه وكأنهم كانوا يتبادبر إلى ذهنهم المعنى الظاهر من قوله عز وجل ((إنما المشركون نجس))، كأنهم كان يتبادر إلى أذهانهم المعنى الظاهر كما فهمه الشيعة فالشيعة يفسرون على هذه أبدانهم فهذا المعنى كأنه تبادر أصحاب النببي صلى الله عليه وسلم فاستنكروا دخول هؤلاء الأنجاس هؤلاء المشركون النصارى إلى مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ولاحظ ذلك عليه الصلاة و السلام من وجوههم فأجابهم بقوله " إنه ليس من أنجاسهم على مسجدكم شيء إنما أنجاسهم في أنفسهم"، فهذه القصة على ضعفها من حيث السند ترجح المراد من قوله عز وجل ((إنما المشركون نجس))، أي نجاستهم نجاسة معنوية ليست نجاسة مادية فإذا شرب الكافر من إناء فيه ماء أو فيه أي شراب فهذا سؤر طاهر ليس فيه أي شيء كذلك إذا استعملوا الأواني طبخوا فيها وصبوا المياه والشراب الحلال فيها فيجوز لنا أن نستعملها اللهم إلا في حالة واحدة إذا كان الوعاء وعاء يغلب على الظن أنهم يستعلمونه إما للخمر المحرم عندنا وإما أن يغلب على الظن أن ذلك الوعاء يطبخون فيه لحم الخنزير النجس القذر المحرم حينئذ لا يجوز أن نستعمل هذه الأواني إلا بعد غسلها ثم أورد حديثا صحيحا.
السائل: إذا كان هذا الكافر يأكل أو يشرب الخمر أو يأكل لحم الخنزير وشربوا من إناء ... بقية السؤر يعني طاهرا أم نجسا؟
الشيخ: هذا الذي نبحثه بارك الله فيك لعلك جئت بعد أن ذكرنا النص من الكتاب وأعدناه نحن، السؤر سواء كان سؤر مؤمن أو كافر أو طاهر أو حائض أو جنب كله طاهر لأنه لا يوجد دليل في الكتاب أو في السنة على نجاسة سؤر المشرك والآية عرفنا وجهها، وأنا أوردت التفصيل السابق في بعض آنية المشركين خشية أن يفهم أو يتبادر إلى بعض الأذهان أنه ما دام السؤر نفسه يجوز شربه فأخذ الآنية من عندهم لصب الماء أو الطعام أو الشراب عليها يجوز من باب أولى كي لا يتبادر هذ المعنى حتى في هذه الجزئية الخاصة أوردت التفصيل السابق إذا كان هؤلاء المشركون يشربون الخمر ويصبونه في أواني خاصة فاستعرناها منهم مثلا أو غنمناها منهم في الحروب الإسلامية - عسى أن تعود إن شاء الله - فحينئذ لا يجوز أن نستعملها إلا بعد تطهيرها وغسلها كذلك الأواني التي يغلب على الظن أنهم يطبخون فيها لحوم الخنزير أما نفس السؤر فليس فيه خلاف بين المسلمين على طهارته وكما نعلم الأصل في الأشياء الإباحة مع اتفاق المسلمين في هذا فالقضية مقطوع بجوازها.
سائل آخر: لعل الأخ يقصد وقت شربهم الخمر وأكلهم لحم الخنزير ... .
الشيخ: الجواب هو هو ... ولو ... وإن كان ما تبادر لي هذا المعنى من سؤاله فالجواب لا يختلف لأن هذا السؤر له حكم المياه في المبدأ العام ... .
السائل: ... .
الشيخ: نعم، هذا له حكم سؤر الهرة , فسؤر الهرة بالنسبة لبعض المذاهب المعروفة له ثلاثة أحكام أما عندنا فليس له إلا حكم و احد ثلاثة أحكام أنه نجس قطعا , طاهر أو مشكوك فيه فنجس قطعا إذا رأيت الهر اصطاد الفأرة ... وجاء إيش ولغ في الإناء هذا الإناء نجس , طاهر إذا كان الهر في البيت وأنت مراقبه ما خرج لا راح ولا جاء وإنما يأكل الأشياء التي يقدمها له أهل البيت فسؤره طاهر , أم الحالة الثالثة وهي الكراهة إذا كان يشك الإنسان أنه أكل شيئا نجسا لكن ليس على يقين في ذلك.
أما عندنا فعندنا حديث (إنها من الطوافين عليكم والطوافات) فسؤره طاهر فسؤر المشرك إذا من الشرف له أن يشبه بالهر ... .

(211/1)


«
التعليق على كتاب فقه السنة " ..... وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (كنت أشرب وأنا حائض، فأناوله النبي صلى الله عليه وسلم، فيضع فاه على موضع في) رواه مسلم
الشيخ: أورد هنا حديثا ليدل على بعض أجزاء الموضوع ألا وهو سؤر الحائض أورد حديثا ليستدل به على جزء من أجزاء هذا الفصل وهو سؤر الحائض هل فيه شيء؟ الجواب ليس فيه شيء والدليل ما ورد عن السيده عائشة رضي الله عنها قالت: " كنت أشرب وأنا حائض، فأناوله النبي صلى الله عليه وسلم، فيضع فاه على موضع فيّ " رواه مسلم.
فتأخذ السيدة عائشة الكأس من الشراب فتشرب منه فيأخذ الرسول عليه السلام بدوره هذه الكأس فيضع فمه في موضع فم السيدة عائشة فليس فقط هو يشرب سؤرها بل ويباشر المكان الذي أصابه لعابها ولا بد فيضع عليه الصلاة والسلام فمه الشريف الطاهر في المكان الذي شربت منه السيدة عائشة من الكأس فهذا يدل دلالة واضحة جدا على أن سؤر الحائض طاهر كسؤرها وهي طاهر ثم في هذا الحديث أدب من آداب حسن المعاشرة للزوجة وللأهل وهذا الأدب كما ترونه أدبا رفيعا جدا غفل عنه فيما أعتقد أكثر الأزواح أكثر المسلمين من الرجال المتأهلين لا يعاملون أزواجهم بهذه المعاملة اللطيفة التي كان الرسول عليه السلام يعامل بها زوجه السيدة عائشة رضي الله عنه وهذا الأدب في حسن المعاشرة لم يصل إليه هؤلاء الأوربيون الذين يتظاهرون بأنهم يحترمون المرأة احتراما ليس بعده احترام يحترمونها احتراما نحن نراه ليس احتراما لها بل توريط لها وتضليلها مع ذلك مع مثل هذا اللطف في حسن المعاشرة للزوجة لا يفعله الأوربيون فأنتم مثلا إذا أرداوا الدخول والخروج ترونهم يقدّمون المرأة حتى لو كانت أجنبية ليست زوجة فقط والصعود إلى الطائرة والسيارة وما شابه ذلك , هذه الشكليات ... فنحن إذا قرأنا كتاب فقه السنة وأمثاله من كتب الحديث التي تجمع بين الحديث في الفقه فنحن في الواقع نرمي بذلك إلى شيئين اثنين إذا قرأنا مثل هذا الكتاب وأعرضنا بسببه عن الكتب الفقهية الكثيرة المؤلفة فإنما نفعل هذا لأن كتب الفقه بصورة عامة بالمعنى الاصطلاحي اليوم جافة كما لو قرأ الإنسان القانون أو قرأ الكيمياء أو الفيزياء أو العلوم الشديدة على الناس إلا ذوي الأغراض أو الأهواء الخاصة ... مؤقتة كذلك الفقه الإسلامي القديم مع الأسف هكذا يقرأ بصعوبة وبمشقة لماذا لأنه ليس فيه قرآن وليس فيه حديث، ليس فيه حياة ليس فيه ترغيب وترهيب ليس فيه آداب الرسول عليه السلام وأخلاقه وسيرته بخلاف فقه السنة وأمثاله الذي يستدل صاحبه على المسألة الفقهية بما جاء في الكتاب والسنة فبينما تكون أنت أيها المتفقه بفقه السنة في بحث سؤر الحيوان بصورة عامة وإذا بك تنتقل بصورة طبيعية إلى أدب من آداب حسن المعاشرة وبحديث يذكره المؤلف يصلك هذا المؤلف فورا برسول الله صلى الله عليه وسلم وبسنته وبهديه وبسيرته حيث قطعك الفقهاء الآخرون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم باقتصارهم على ذكر الآراء فقط دون أدلتها من كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم فنحن ... بحث السؤر يستدل المصنف بحديث السيدة عائشة أنها كانت إذا وضعت فمها في الكأس لتشرب أخذ الرسول عليه السلام هذه الكأس ووضع فمه في موضع السيدة عائشة فنحن إذا استفدنا من هذا الحديث فائدتين , الفائدة الأولى هي المباشرة للموضوع وهي أن سؤر الحائض طاهر والفائدة الأخرى كيف ينبغي أن نحسن معاشرة زوجاتنا والتلطف بهن لأنهن كما وصفهن الرسول عليه السلام بحق (رويدك سوقك بالقوارير) وصفهن الرسول عليه الصلاة والسلام القوارير، القوارير يعني الزجاج الذي يقبل الانكسار بسرعة فطبيعة هذا الجنس من الإنسان رقيق وحساس جدا ولذلك فينبغي أن يحسن الزوج معاملة زوجته لا يعاملها بالشدة إنما يعاملها باللطف واللين وليس معنى هذا أن يتغاضى عن مخالفتها للشريعة أن يغض النظر عن تبرجها وعن خروجها من دار زوجها بدون إذن الشرع ليس هذا هو المعنى , إنما يتلطف معها في حدود الشرع فيما ليس فيه مخالفة من ذلك في الطعام والشراب فهذا أدب من آداب الرسول عليه السلام مع زوجته في الشراب كذلك في الطعام فكانت السيدة عائشة إذا أخذت العظم فيه اللحم اسمه لغة العرق فيه لحم فتعضّ السيدة عائشة ويبقى هناك طبعا لحم قليل فيأتي الرسول ويضع فمه في المكان التي عضت منه السيدة عائشة وبقي منه بقية هذا أيضا من أدبه عليه السلام مع زوجه فعلينا أن نقتدي به عليه السلام في كل شؤون حياته في معاملته للناس وفي معاملته لأزواجه هذا الذي يذكره المصنف حول سؤر الإنسان على جميع أجناسه مسلما أو كافرا , طاهرا أو جنبا أو حائضا وبالمناسبة ينبغي التنبيه ونحن في سؤر الإنسان على حديث شائع بين الناس يقول " سؤر المؤمن شفاء " فبحثنا كان لدفع وهم قد يقوم في بعض الأذهان أن سؤر إنسان ما قد يكون نجسا فدفعنا هذا الوهم بنقل اتفاق المسلمين على أن سؤر الإنسان طاهر على التفصيل السابق لكن هناك خرافة معاكسة لهذا الموضوع وهو أنه هذا السؤر ليس هو فقط طاهر بل هو شفاء إذا كان من جنس معين من الجنس البشري وهو المؤمن " سؤر المؤمن شفاء " فهذا حديث ليس له أصل لا يصح هذا الحديث ولم يرد إطلاقا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولا بإسناد موضوع فهو مما لا أصل له البتة , إذا لا يجوز أن نصف سؤر المؤمن بصفة لم تثبت علميا لا في علم الشرع ولا في علم الطب وإلا إن قلنا ذلك فقد قلنا و قفينا ما لا علم لنا به والله عز وجل يقول ((ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا)) فلا يجوز أن نتقول على الله ونقول سؤر المؤمن شفاء، وهذه مع الأسف خرافة ماشية , خرافة سؤر المؤمن شفاء، كثيرا ما نسمعها في بعض المناسبات على النقيض من هذا بعض الناس الموسوَسين وإن شئت قلت الموسوِسين ممن عندهم شيء من الأنانية أوالكبرياء أو عندهم معرفة بشيء من قواعد الطب فغلوا في هذه القواعد فأودى ذلك بهم إلى أن يمتنعوا أن يشربوا من كأس شرب فيه إنسان ولو كان مؤمنا مسلما خشية أن يكون فيه جرثوم
السائل: الغربيون كلهم.
الشيخ: الغربيون جماعة كفار فلا غرابة في ذلك ... لكن بعض المسلمين وقعوا في هذا لا يشربون من كأس شرب منه المؤمن لا سيما إذا كان مسكينا فلاحا فقيرا فتتقزز أبدانهم وشعروهم من أن يشربوا من ذلك الكأس ... استكبار في الأرض هذا أيضا لا يجوز وقد وصل بهم الأمر إلى أكثر من ذلك لم يقفوا عند الامتناع من شرب سؤر المؤمن فهذه من مصائب البشر إفراط و تفريط كان سؤر المؤمن شفاء وإذا به يصبح داء، عند البعض شفاء وإذا الأمر ينقلب الأمر يصبح داء لا هذا ولا هذا، فلم يقف الأمر عند هذا الأمر بل ... .

(211/2)


«
الكلام على مسألة عدوى المريض للصحيح
الشيخ: ... أعرف كثيرا من الأطباء لا يصافحون الناس خشية أن يكون فيه ميكروب معدي في يد هذا المصافح ولذلك لا يصافحون الناس فهذه وسوسة وكل من ... بالوسوسة محصورة ببعض المتعبّدين وإذا بالوسوسة تتعدى هؤلاء إلى غير المتعبدين من المتطببين وأمثالهم لذلك فهذا تذكير و الذكرى تنفع المؤمينن، سؤر الإنسان بصورة عامة طاهر لكنه لا يوصف لا بأنه شفاء من جنس ما ولا بأنه داء، اللهم إلا في حالة خاصة إذا ثبت أن هذا الإنسان مريض بالفعل ومصاب بمرض معدي وهذا المرض المعدي سببه الجرثوم وهذا الجرثوم قد ينتقل ليس فقط بطريق الشراب بل وبطريق مس ما قد يمسه هذا الإنسان هنا الاحتياط لا بأس به لكن نجعله ديدننا في الحياة فمعنى هذه وسوسة تقضي على الرابطة الإنسان والعلاقات البشرية القائمة بين الناس فالأصل أن يحكم على سؤر كل إنسان وعلى معاملة كل إنسان أنه على الفطرة على الصحة و العافية.
فإذا ثبت أن زيدا من الناس فيه معه مثلا - لا سمح الله - مرض السل وشرب في كأس لك أن تبتعد عن هذا لكن تكون على علم حقيقة أنه مصاب بمرض السل أما الوسوسة لعله لعله هذا لا يجوز لأن هذا أولا إساء ظن بأخيك المسلم وثانيا فيه قطع الصلات الأخوية بينك وبين أخيك المسلم أما إذا ثبت صحيا أن هذا مصاب فلك أن تحتاط لنفسك وتبتعد عن شرب سؤره بل ومصافحته - اشرب بيدك اليمني يا أخي - وليس هذا من باب الوسوسة ولا من باب عدم الاتكال على الله عز وجل كما يروي بعض الناس - وهذه أيضا تنبيه على حديث غير صحيح - يروي بعض الناس من المحدثين كالترمذي في سننه أن النبي صلى الله عليه وسلم جلس يأكل الطعام مع رجل مجذوم مصاب بداء الجذام في يده وكأنه تحرج من أن يشارك النبي صلى الله عليه وسلم في طعامه بيده فقال له له عليه السلام " كل بسم الله ثقة بالله وتوكلا عليه "، فأكل عليه السلام مع المجذوم هذا حديث غير صحيح.
السائل: ضعيف يعني؟
الشيخ: نعم.
السائل: ... .
الشيخ: قلت رواه الترمذي، " كل بسم الله ثقة بالله وتوكلا عليه " هذا حديث إسناده ضعيف وقد جاء في الصحيح ما يخالفه في صحيح مسلم أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليبابعه فمد يده وإذا بها داء الجذام فقال له عليه السلام (ارجع فإنا قد بايعناك).
السائل: ما هو داء الجذام؟
الشيخ: ... داء خبيث يعني
سائل آخر: يأكل اللحم
الشيخ: ... يأكل اللحم يتشقق ويتمزق وهكذا ... .
السائل: ... .
سائل آخر: ... .
الشيخ: ... فإذا إذا كان هناك رجل مريض بمرض معدٍ يجوز إسلاميا أن تتحاشى مخالطته وقربانه وهذا لا ينافي التوكل لأن التوكل نفسه لا ينافي الأخذ بالأسباب إن الله عز وجل يقول ((فإذا عزمت فتوكل على الله))، أما الحديث المشهور (لا عدوى ولا طيرة ... ) إلى آخر فهذا الحديث صحيح متفق عليه بين الشيخين ... .
السائل: هذا سؤالي!
الشيخ: ... أن الشيخ يبقى مكاشف!
السائل: ... .
الشيخ: ... فقوله عليه السلام (لا عدوى) حديث صحيح لكن ليس معناه إبطال الحقيقة السابقة التي أثبتها الرسول عليه السلام للمجذوم (ارجع فإنا قد بايعناك) فهذه الحقيقة التي أثبتها الطب أيضا وهي العدوى فليس معنى قوله عليه السلام (لا عدوى) إبطال هذه الحقيقة الشرعية والطبية في آن واحد وإنما أراد الرسول عليه السلام بهذا النفي (لا عدوى) نفي خرافة أخرى كان عليها أهل الجاهلية الأولى , هذه الخرافة عليها اليوم أهل الجاهلية الأخرى في أوروبا وفي بلاد الكفر قاطبة إلا من كان مؤمنا بالله عز وجل، تلك الخرافة السابقة و اللاحقة هي الإيمان بأن العدوى شيء طبيعي مثل ما يقولون الطبيعة الطبيعة أن العدوى العدوة تنتقل بطبعها أي أن صاحب هذا الاعتقاد لا يستحضر في ذهنه إرادة الله تبارك وتعالى وأنه هو المقدر وأنه هو المدبر وأنه هو المتصرف في الكون وأنه هو الذي يسمح للعدوى أن تنتنقل من المصاب بها إلى السليم فالأطباء اليوم لا يفكرون في هذا المعنى الروحي الإسلامي بتاتا يقول لك العدوى العدوى كذلك أهل الشرك والكفر في الجاهلية كانوا يعتقدون في العدوى لا يقولون إن العدوى تعدي من يشاء الله أن يعديه بهذا الداء لا يستحضرون في أذهانهم الله تبارك وتعالى، هذا المعنى هو الذي أراد الرسول عليه السلام إبطاله بقوله (لا عدوى) أي لا عدوى جاهلية أما عدوى طبية حقيقية واقعية فهذه ثابتة بدليل (ارجع فإنا قد بايعناك) من أين جئت يا أستاذ بهذا المعنى (لا عدوى) أي لا عدوى جاهلية أي لا عدوى مقرون بها عقيدة جاهلية جئنا بهذا المعنى من تمام الحديث ألا وهو أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بعد أن أتم هذا الحديث قام رجل بدوي أعرابي من أصحاب الإبل ومن أصحاب التجارب قال له يا رسول الله إنا نرى الجمال السليمة يدخل بينها الجمل الأجرب فيعديها وأنت تقول (لا عدوى) هذا البدوي فهم من حديثه عليه السلام (لا عدوى) كما يفهم اليوم كثير من المشايخ ما فيه عدوى إطلاقا و يصدمون بذلك التجارب العلمية ... لقوله عليه السلام (لا عدوى) يعني ما فيه عدوة يعني الإبرة ضد الكوليرا وأمثالها والتي أصبحت ... نقل جرثوم معدي إلى إيش سليم لحمايته من العدوى هذا من أكبر التجارب أنه فيه عدوى هذه الحقيقة أثبتها الشرع والطب في آن واحد وأنكرها أهل الجهل بالشرع كما أنكرها ذلك البدوي قال له معترضا أو مستفهما أنت تقول يا رسول الله (لا عدوى) نحن شايفين العدوى بأعيننا نشوف عشرة جمال سليمة مائة جمل سليم ما فيه مثل الضباء مثل الغزلان يدخل بينها جمل أجرب فيعديها شلون تقول (لا عدوى) فنرى الرسول صلى الله عليه وسلم ما كذّب ولا خطّأ هذا البدوي وإنما أقرّه على مشاهدته التي حكاه بين يديه عليه الصلاة والسلام ولكنه عليه السلام لفت نظره إلى الحقيقة التي أرادها بذلك النفي (لا عدوى) حيث قال له عليه السلام (فمن أعدى الأول؟) الجمل الأجرب الأول أول واحد من أعداه؟ هو الله عز وجل إذا أراد الرسول عليه السلام بهذا الحديث أن يلفت النظر إلى أن المسبب الأول كما يقول الفلاسفة هو الله تبارك وتعالى لكن هذا لا ينفي أن يكون الجمل الأجرب سببا لنقل عدواه ومرضه للجمل السليم لكن هذا بمشيئة الله عز وجل وتقديره ومما يدل على ذلك من ناحية التجرية أننا نرى كثيرا من الأصحاء يخالطون غير قليل من المرضى المصابين بأمراض معدية فلا يصيبهم سوء بتاتا بينما نرى آخرين أصابتهم العدوى وربما أودت بحياتهم وقتلتهم فإذن قوله عليه السلام (لا عدوى) لم يرد نفي العدوى الثابتة علما و تجربة إنما أراد أن ينفي بذلك خرافة الجاهلية وهي اعتقادهم أن العدوى تعدي بنفسها وذاتها , ويؤيد هذا المعنى أن في بعض الروايات في صحيح مسلم في آخر الحديث (وفر من المجذوم فرارك من الأسد) إذا هذا أثبت العدوى و أول الحديث نفاها فالتوفيق بين النفي والإثبات هو أن المنفي شيء والمثبت شيء آخر المنفي خرافة الجاهلية أن العدوى تعدي بنفسها والمثبت للعدوى بمشيئة الله تبارك وتعالى.
السائل: ... .
الشيخ: لا أظن أنها صحت ... (لا عدوى ... ) الحديث و (فر من المجذوم فرارك من الأسد) ... نقل الشيخ الطنطاوي الجوهري في تفسيره المسمى بالجواهر والذي جمع فيه كل شيء إلا التفسير! نقل أن أحد الأطباء الألمان لما طرق سمعه قوله عليه الصلاة والسلام (و فر من المجذوم فرارك من الأسد) قال عهدنا نحن أي العلماء المجربين والبحاثين النقابين أن نبي الإسلام محمدا عليه الصلاة والسلام رجل بليغ فصيح يعرف يتكلم فهو يضع الكلمة في محلها ولحكمة بالغة فلماذا قال في هذا الحديث (فر من المجذوم فرارك من الأسد) ولم يقل مثلا من الهدم أو الغرق أو ما شابه ذلك لماذا خص لفظة الأسد؟ لا بد من حكمة فأودى به هذا التفسير إلى أن أخذ يد رجل شخص مصاب بداء الجذام فوضع مكروب هذا الداء تحت المجهر المكبر جدا وإذا به يرى جرثومة الجذام على صورة الأسد فقال هذا هو السر في قول نبي الإسلام (فر من المجذوم فرارك من الأسد) هذا في الواقع يمكن يكون كذلك لكن أنا ما رأيت هذ الخبر في كتاب من الكتب الأخرى التي قرأتها إلا في تفسير الطنطاوي الجوهري وهو كما قلت لكم صاحب غرائب وعجائب فيه كل شيء إلا التفسير طيب.
السائل: (فرارك من الأسد)؟
الشيخ: بجميع أشكاله وأنواعه ... الإنسان مؤمنا أو كافرا طاهرا أو جنبا أو حائضا كل هذا طاهر ليس في استعماله شيء

(211/3)


«
تلاوة للألباني رحمه الله
تلاوة الشيخ ما تيسر من القرآن " من سورة مريم ((من الآية 1 إلى الآية 79)) "

(211/4)


«
إجابة للشيخ على بعض الأسئلة التي تختص بمسج الجوارب و الخفاف
الشيخ: (ولم تبعثوا معسرين) ثم ... الرجل والنبي صلى الله عليه وسلم بعد أن توضأ فقال في دعائه " اللهم ارحمني ومحمدا ولا تشرك معنا أحدا! "، فماذا أجابه الرسول عليه الصلاة و السلام قال (لقد ضيقت واسعا من رحمة الله)، فانظروا هذا الإنسان ضيق واسعا من رحمة الله بكلامه هذا الكلام الذي لا أثر له إطلاقا لماذا؟ لأنه هو يدعو، والدعاء حينما يكون جائرا مخالفا لسنة الله في خلقه فلا يرفع من أرضه فإذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام يقول لهذا الأعرابي (لقد ضيقت واسعا من رحمة الله) قال - ... غيرها بغيرها إن شاء الله الليلة انتهى الأمر هكذا والخيرة فيما اختاره الله - (لقد ضيقت و اسعا من رحمة الله)، فالرسول عليه السلام كما تسمعون في هذا الحديث يقول للذي تكلم خطأ (لقد ضيقت -أو- حجرت واسعا من رحمة الله) علما بأن هذا التضييق لفظي لا مفعول له ولا تأثير له في المجتمع يومئذ فضلا عن أن يكون له تأثير بالمجتمع الآتي بعد قوله في هذه الجملة الجائرة فماذا نقول في إنسان يعلم أن هذا الشرط لا أصل له في كتاب الله وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ثم مع ذلك هو فعلا يحجر على الناس واسعا من رحمة الله لأنه يقول هذا ... لأنه بيّن منه قدر الإنسان أصبعين أو ثلاثة هذا الجورب لا تمسح عليه لأنه ممكن يمشي فيه نصف ساعة , لأنه لا يقف بنفسه على الساق , ليه؟ لأنه شفاف، فنقول هذه الشروط كلها ليس عليها دليل من الكتاب ولا من السنة وما دام أنه ثبت كما ذكرنا أن الرسول عليه السلام مسح على الخفين ومسح على الجوربين ومسح على النعلين وما شرط أي شرط من هذه الشروط فلا يجوز نحن أن نضيق على الناس هذه السعة من رحمة الله التي هي من شريعة القرآن ((يريد الله بكم اليسرى ولا يريد بكم العسر)) فنعود إلى الجوارب ذات العيون، وإن كنت أرى أن هذا السؤال كما يقال اليوم غير ذي موضوع لأن المرأة التي تلبس هذه الجوارب ما أظن أنها تفكر أن تصلي أولا , ثم تفكر ثانيا أنه يجوز المسح على الجوارب مطلقا أو ما يجوز ثم تفكر ثالثا يا ترى هذه الجوارب يجوز المسح عليها أو لا , لكننا نقول وقد يرد سؤال هو ألطف من هذا الجوارب اللحمية فبعض النساء ابتلين بالصلاة في مثل هذه الجوارب فعلا فممكن أن يرد سؤال هل يجوز المسح على الجوارب اللحمية؟ فأنا أقول الدافع على مثل هذه الأسئلة في الحقيقة هو فكرة قائمة في أذهان كثير من الناس هي أن الجوارب التي يجوز المسح عليها يجب أن تكون صفيقة مانعة لنفوذ الماء إلى القدم , أنا أقول هذا رأي بل لعل يحق لي أن أقول هذه فلسفة في الإسلام دخيلة لا يعرفها الإسلام شو علاقة كون الجورب صفيق لا يشف ولا ينفذ الماء مع ثبوت المسح على الجورب من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا علاقة لذلك إلا توهم أنه يشترط أن يكون الجورب مانعا لوصول الماء أنا أقول اقتداء بعلي بن أبي طالب الذي قال " لو كان الدين بالرأي لقلت بمسح أسفل الخف دون أعلاه لكني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على الخفين " أي لا في أسفل الخفين لو كان الدين بالرأي كان علي يقول بالمسح من أسفل لأن أسفل هو الذي يصاب بالقذر و بالوسخ , أما الأعلى فليس كذلك لكن قال " رأيت رسول الله يمسح على الخفين " وأنا قلت كما قال أبو حنيفة رحمه الله لو كان الدين بالرأي لقلت بوجوب الاغتسال من البول و الاكتفاء على الوضوء في خروج المني! يعني الاحتلام عكس ما هو ثابت في الشرع قالو له ليه قال لأن البول نجس باتفاق العلماء فلأن يقال بوجوب الاغتسال منه أولى من القول بوجوب الاغتسال بخروج المني وهو مختلف في نجاسته لكن قال ليس الدين بالرأي ولكن هكذا جاء النص بوجوب الاغتسال من خروج المني المختلف في طهارته ونجاسته وبعدم وجوب الاغتسال من خروج البول المتفق على نجاسته.
أنا أقول اقتباسا من هذين الإمامين علي بن أبي طالب وأبي حينفة النعمان بن ثابت أقول لو كان الدين بالرأي لقلت يا جماعة المسح على الجوارب التي تنفذ الماء إلى القدم أولى من عدم المسح على الجوراب التي ما تنفذ الماء لم؟ لأن الأصل وصول الماء إلى القدم فإذا تحقق شيء من هذا الأصل أولى من أن لا يتحقق لكن الحقيقة هذه فلسفة أسميها سواء قلنا هكذا أو قلنا هكذا لكننا نرجع إلى النقل المعصوم وهو مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجوربين فمسحنا ثم لا علينا بعد ذلك أن نعرف سماكة الجورب هل هي جوارب كرادية أم هي هي جوارب كرادية فيه عندكم نصف كرادي؟ ... أو هي مثلا دون ذلك كله يدخل التذير منه في مثل قوله تبارك وتعالى ((يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق)) ((لا تغلوا في دينكم)) هذا من الغلو في الدين المسح على الجوربين لا يجوز إلا بشرط كذا وكذا من أين جاءت هذه الشروط؟ عندكم علماء كثير فاسألوهم إن كانوا ينطقون ما حجتهم في هذه الشروط وأنا أتحدى أي إنسان يستطيع أن يأتي بشبه دليل على شرط من كل هذه الشروط ليس هناك إلا شرطا واحدا فقط بجواز شرط واحد فقط لجواز المسح على الجوربين وعلى النعلين وعلى الخفين وهو أن يكون ملبوسا على طهارة زايد في وقت معين يوم وليلة للمقيم وثلاثة أيام بلياليها للمسافر هذا كله جاء من الشروط بجواز المسح على هذه الأشياء الثلاثة نعم.

(212/1)


«
ما حكم الشروط التي وضعها بعض العلماء على المسح على الخفين و الجوربين؟ مع مواصلة الكلام على المسألة السابقة
السائل: ... .
الشيخ: اجتهادات ما تعرف أنه فيه اجتهاد في الإسلام والاجتهاد يقوم كما يعلم الجميع على شيء اسمه قياس والقياس معرض للخطأ والصواب كلهم يجمعهم ... إذا ما فيه إجماع استرح ما دام شبه إجماع ما فيه إجماع حين ذاك نرجع إلى الاية الكريمة ((فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول)).
السائل: ... .
الشيخ: إذا سمحت، نحن تحدثنا عن الجوارب الكرادية وإيش رأيك إذا كان الإمام النووي يروي عن عمر بن الخطاب جواز المسح على الجوربين الرقيقين، و إلا عمر بن الخطاب لا نعتبره من أئمة المسلمين لأنه ليس له مذهب ولو كان له مذهب لسميناه مذهبا خامسا! هذا ما ابتلي به المسلمون اليوم، فإذا المسألة فيها خلاف ((فإن تنازعتم ... )) إن اختلفتم فأرجعوه إلى الكتاب والسنة، لما يكون فيه إجماع هنا أولا وإجماع ثابتا يقينا مش يقال والله أجمع المسلمون بعدين بتلاقي كبار الصحابة خالفوا في ذلك فيكون ليس هناك إجماع، إذا جاءنا إجماع ثابت على الرأس والعين لأن الله عز وجل يقول ((ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا)) لكن هذا في الإجماع الصحيح حيث لا مخالف للمسلمين هناك إطلاقا أما وقضية أخالف فيها الفاروق الذي قال له الرسول عليه السلام (ما سكلت فجا إلا سلك الشيطان فجا غير فجك)، فما الذي يضطرني أنا والحالة هذه إلى أن أدع قول عمر الذي يتمشى مع قوله عز وجل ((يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر)) فآخذ بقول من اشترط أن يكون الجورب سميك ويمكن أن نقطع مسافة كذا إلى آخره وفيه تحجير على الناس كما شرحنا ذلك ما أظن هذا بالأمر الذي ينبغي أن يقع فيه الرجل المسلم تفضل
السائل: هل ينتقض الوضوء بعد أن خلع النعلين أو الجوربين؟
الشيخ: إذا خلع الماسح على الممسوح عليه سواء كان جوربين أو نعلين فوضوءه صحيح حتى ينتقض بناقض من نواقض الوضوء.
السائل: ... .
الشيخ: يذكرنا الأستاذ هنا عيد عباسي برسالة لعالم الشام في زمانه وهو قريب الوفاة وهو الشيخ جمال الدين القاسمي في المسح على الجوربين هذه الرسالة فريدة في بابها جمع فيها المصنف فأوعى فيما يتعلق بنقل النصوص عن الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين في جواز المسح على الجوربين ثم طبعت الرسالة حديثا منذ سنة أو سنتين وذيلت عليها أحكام هامة تتعلق بالشروط هذه التي ذكرناها وهي مطبوعة فباستطاعتكم أن تطلبوها لتروا البحث المفصل في هذه المسألة الهامة في كونها من جملة ما يسر الله عز وجل على المسلمين فيها.

(212/2)


«
ما صحة حديث " أهل البدع كلاب النار"؟»
الشيخ: هنا سؤال يقول ما صحة حديث " أهل البدع كلاب النار "؟
أقول لو كان الدين بالأماني لتمنينا صحة هذا الحديث ولكن الدين ليس بالأماني فهذا الحديث من الأحاديث الموضوعة ويكفي ذما للمبتدعة قوله عليه الصلاة والسلام (كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار).
السائل: ... .
الشيخ: ... على أنه حديث
السائل: ... .
الشيخ: على كل حال أذا أنت تحفظ هذا عن عائشة وصحيحا فممكن لا ما أعتقد ذلك أما عن الرسول عليه السلام فليس صحيحا.

(212/3)


«
هل سجود السهو خاص بصلاة الفرض أم للفرض والسنة؟»
الشيخ: هل سجود السهو خاص بصلاة الفرض أم بالفرض والسنة؟
بالفرض والسنة , لا فرق بين ذلك الأدلة على ذلك كثيرة منها قوله عليه الصلاة والسلام (لكل سهو سجدتان).

(212/4)


«
ما حكم العزل في الإسلام و ما حكم تناول الأدوية المانعة للحمل وما غرض العزل؟»
الشيخ: ما حكم العزل في الإسلام وما حكم تناول الأدوية المانعة من الحمل وما غرض العزل؟
قبل الجواب عن هذه الأسئلة الثلاثة أريد أن ألفت النظر إلى أن السائل كتب إشارة استفهام مع كل سؤال الإشارة الإفرنجية وهي التي تكتب على طريقة البدء باليسار إلى اليمين! فالوصواب حينما نكتب بالعربي أن نبدأ باليمين إلى اليسار مش هيك نمشي فإشارة الاستفهام تبدأ من هنا إلى هيك مش هيك، هذا أدب من آداب الكتابة في الإسلام وشو اللي رجح أن نبدأ باليسار إلى اليمين هو اعتيادنا الكتابة الإفرنجية وأظن يمكن هناك من يقول شو هذه الشدة يا رسول الله من ساعة تنكرون الشدة في جواز المسح على الجوربين والشروط التي وضعوها في سبيل ذلك نحن نقول ما فيه شدة لأنها هي عملية واحدة أنت بدك تكتب إشارة استفهام فبدل ما تبدأ على الطريقة الكافرة من اليسار إلى اليمين ابدأ من اليمين إلى اليسار , السعر واحد و الكلفة واحدة والنتيجة واحدة فما فيها شدة وإنما هو توجيه وهذه ذكرى وهذه لها كمان أمثلة أخرى ولا بأس من ... شيء منها ذكرى ((لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد))، مثلا تأتي في صلب السطر في تضاعيف السطور جملة يركز فيها المؤلف أو القارئ فيضعون خطا أفقيا من أسفل هذا خطأ إسلاميا يجب أن يوضع من أعلى عرفتم هذا الأسلوب الخط الأفقي الذي يوجد في كثير من الكتب العويصة في بعض العبارات يجب أن يوضع هذا فوق العبارة لا أسفل العبارة وهذا الخط من أسفل العبارة طريقة أجنبية وضع الخط فوق العبارة طريقة سلفية حديثية , علماء الحديث هم الذي يضعون هذه الإشارة ولكن كانوا سابقا يضعونها ما يشبه خط هكذا ثم خط إلى فوق ثم خط طويل هكذا فهذه آداب يجب أن نهتم بها نعود الآن إلى الإجابة عن السؤال.
حكم العزل في الإسلام , يختلف الحكم باختلاف العازل الذي يتعاطى العزل فتفصيله ليس هذا مجاله لأن هذه الأسئلة كثيرة وإنما إذا كان العزل لعذر شرعي أو لسبب شرعي فهو جائز وإذا كان لسبب غير شرعي فهو غير جائز و يهمني التحدث الآن باختصار عن النوع الأخير وهو إذا كان الدافع للعزل سبب غير شرعي وهو خوف الفقر , زيد من الناس معاشه مائتين ورقة جاء أول ولد وثاني ولد وثالث ولد ولا يزال المعاش هو هو! يفكر هذا على الطريقة الإفرنجية الأوربية التي لا تؤمن بقضاء الله وقدره ولطفه وتدبيره لخلقه يعمل حساب ويضرب كما يقال أخماس في أسداس هذا هلا صار عنده ولدان أو ثلاثة والمعاش هو هو بكرة يجيه خمسة ستة من أين يأتي يدبر لهم معيشتهم هذا طبعا كلام يجول في نفوس كثيرا ممن يسمون بالمسلمين وقد يكون قسم كبير منهم مسلمين جغرافيين فيجب أن يعلم من كان منهم يريد أن يعلم أن هذا التفكير لا ينبغي أن يتردد بل لا ينبغي أن يخطر في بال المسلم إطلاقا ما دام يعتقد قول الله تبارك وتعالى ((نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا))، وما دام يعتقد ((وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ما أريد منهم من رزق وما أريد منهم أن يطعمون إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين))، المسلم الذي يؤمن بهذه الحقائق الإلهية لا يفكر أبدا بما سيأتيه من ولد وما خبء له في الغيب من راتب أو من وارث ومن العجيب ... نعود إلى إتمام البحث السابق فالمسلم الذي يؤمن بهذه الحقائق الشرعية كما ذكرنا ما ينبغي أن يندفع بدافع العقيدة الجاهلية التي لا تؤمن بقضاء الله و قدره والتي كان من آثارها ما ذكر الله عز وجل في القرآن الكريم من وأد المشركين للبنات فجاء وعد الله في قلب المسلم حين يقول في الآية الكريمة ((ولاتقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطئا كبيرا))، فالذي يعزل بهذا القصد هو يصنع ويعمل عمل الجاهلية الأولى ولكن مع فارق بسيط ذاك الجاهلي لم تكن المدنية في ذلك العصر ساعدته على العزل المقنن المنظم ولذلك فكان يقضي وطره ثم تذهب زوجه حاملا فيضطر أخيرا إلى قتل الولد خشية إملاق أما اليوم بسبب الوسائل التي يسرها العلم وكثيرا ما يسر العلم وسائل هي ليست من مصالح الإنسان بل هي من مفاسده وهذا الأمر لا يحتاج إلى بيان فمن ذلك مثلا الوسائل التي تتخذ بالنسبة للمومسات أن لا يتأثرن بالمرض المعدي الزهري فهذه طبعا لو لا هذا العلم زعموا لما انتشر الزنا بين النساء بسبب مثل هذا التشجيع بحفظهن من أمراض المعدية كذلك جدت الوسائل اليوم التي تحقق للإنسان العزل وكأنها طريقة أوتوماتكية مضمونة في كثير من الأحيان مائة بالمائة فيجب أن ننظر ما الذي دفع هذا الإنسان المسلم للعزل؟ إن كانت هي علة خشية إملاق فهو ملحق بالمشركين الذين كانوا لا يؤمنون بقضاء الله عز وجل وبقدره ومن العجيب الذي ينقل عنه هؤلاء الناس بسبب بعدهم عما يهمهم من شؤون العلم تجد الرجل الفقير ذا الراتب المحدود , تجده مع ذلك الله يرزقه الولد بعد الولد والراتب هو هو لكن مع ذلك الأولاد عايشين الله تكفل رزقهم لأنه قال ((إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين)) مصداقا لهذه الآية الكريمة ثم قد يتظنن بعض الناس يا أخي هؤلاء إذا مات أبوهم من الذي يعولهم من بدهم يعيشوهم فينسى أو يتناسى وظني أن كثيرا منهم ينسى ويجهل أن كبار المخترعين وكبار العلماء أصلهم فقراء! وقد يوجد فيهم أيتام وقد يوجد فيهم عبيد عبيد أرقاء مع ذلك صاروا بعد ذلك من كبار العلماء ينسى الناس هؤلاء هذه الحقائق وهي حقائق كونية واقعية ثم يلجؤون إلى وسائل لا تفيدهم كما أشار الرسول عليه الصلاة والسلام إلى ذلك في حديث ثابت جاء رجل إلى الرسول عليه السلام - وهو جواب سؤال سبب شرعي لجواز العزل - جاء رجل للرسول عليه السلام يقول عنده جارية أي عبدة وهذا طبعا يطؤها ولا يريد أن تحمل منه فهل يجوز له أن يعزل عنها قال (لا عليك ألا تعزل وما كان مقدرا فسيكون) أو كما قال عليه الصلاة والسلام هذا معنى الحديث جاء الرجل بعد مدة قال يا رسول الله إن جاريتي حملت قال له أما قلت لك! أنه ما قدر سيكون يعني غلب الرجل على أمره فسبقه الماء وراحت حاملة منه! إذا القدر هو الغالب وحتى بعض الوسائل كما أشرت آنفا بعض الوسائل الطبية العلمية اليوم على التعبير العامي ... ما تنجح يعني ليش ليمشي قدر الله رغما عن الناس رغما عن حيلهم ووسائلهم المادية الخلاصة فالعزل يجوز إذا كان الباعث عليه شرعيا مثل السبب السابق وهو جارية ما تريد تحمل منه لأنه إذا جابت له ولد وقد يضطر إلى أن يبيعها فتصبح إيش ... وله ولد منها وقد وقد أسباب أخرى لا يحب أن تحمل منه مثل هذا الولد فالرسول عليه السلام أباح للصحابة مثل ذلك ... .
السائل: ... .
الشيخ: لا إذا كان هناك رأي طبيب مسلم بأن الحمل يضرها هذا يعتبر عذرا شرعيا.
ما حكم تناول الأدوية المانعة للحمل؟ هذا السؤال يعطف على السؤال السابق ويؤخذ الجواب عليه.
ما غرض العزل؟ كذلك.
السائل: العزل في الجاهلية معناه ... .
الشيخ: أي نعم.

(212/5)


«
هل يجوز أن نتبع مذهباً معيناً وإذا كان لا يجوز فنرجوا أن تذكر لنا دليلا للمنع مع العلم أن الذي يتبع مذهباً يقرأ دليل الحكم لأننا حتما سنخطئ أكثر منهم لأن عندنا أقل منهم ولأنه على حسب قولكم كل إنسان يخ»
الشيخ: هل يجوز أن نتبع مذهبا معينا؟ وإذا كان لا يجوز فنرجوا أن تذكر لنا دليلا يمنع ذلك مع العلم أن الذي يتبع المذهب يقرأ دليل الحكم لأننا حتما سنخطئ أكثر منهم لأن علمنا أقل منهم ولأنه على حسب قولكم كل إنسان يخطئ وخطأ صاحب المذهب أقل من خطئنا؟
صحيح، لكن هذا السائل يظن أننا نحن ندعو إلى ترك المذهب أولا يطلقه بالثلاثة هكذا يتوهّم السائل , ونحن ما هكذا نقول وسأفصل في هذا، و ثانيا يتوهم أننا سنأتي برأي من عندنا لم يقل به عالم من علماء المسلمين مطلقا من أين جاء هذا الوهم من قوله أنه إذا كانوا يخطئوا فنحن نخطئ أكثر هذا كلام صحيح لكن نحن لا نأتي برأي من عندنا نخالف ... وحين ذاك يقال إذا أخطؤوا فنحن أشد خطأ وأبين خطأ ولكننا نقول و ... ندعو الناس إليه هو ما نكرره دائما وأبدا و آنفا ذكرناه حينما سأل السائل هناك فقال أنه أجمع المسلمون على كذا، قلنا أجمعوا كلهم؟ قال لا, فقلنا له إذا نرجع إلى قول الله عز وجل ((فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول)) هذا هو واجبنا وهذه هي دعوتنا هي أن علماء المسلمين إذا اختلفوا أن لا نرضى بهذا الاختلاف وأن لا نجعله دينا وإنما نحاول التخلص منه بقدر الإمكان في خلاف مائة مسألة نحاول أن نتخلص من مسألة واحدة وكيف يمكن هذا الخلاص هو بتحكيم الآية السابقة ((فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول))، سيقول السائل طيب فأنت يجوز تخطئ سأقول نعم أنا يجوز أخطئ من باب أولى مثل ما قال ويقول كل الناس العقلاء ولكن أنا لست وحدي في الميدان أنا أقول خذ بمذهب أبي حنيفة إن كان الدليل عندك أرجح وأوقوى أو بمذهب الشافعي فحينئذ سيكون الفرق بينك وبين غيرك أو بينك أنت حينما تقلد مذهبك وبينك أنت نفسك حينما تقلد مذهبا آخر لأنك عرفت أن دليله أقوى من دليل إمامك أنت كزيد من الناس كرجل مثلا متمذهب بالمذهب الحنفي والمذهب الحنفي لا يرفع اليدين في الركوع والسجود أي عند الركوع عند الرفع من الركوع ثم وجدت عشرين حديثا مثلا في أن الرسول عليه السلام كان يرفع يديه عند الركوع ووجدت في مذهب أبي حينفة حديث ابن مسعود قال " ألا أصلي بكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فرفع يديه ثم لم يعد " ففكرت بين هذين المذهبين فترجح عندك المذهب الشافعي اللي ما هو أصل مذهبك لأنه وجدت عنده عشرين حديثا على مذهبك الأصيل لأنه وجدت عنده حديث واحد زايد أن هذا الحديث الفرد ناف سالب غير موجب أن ما ذكر أن الرسول عليه السلام رفع يديه عند الركوع بينما العشرين حديثا هي أحاديث موجبة تقول كلها أصحابها أن الرسول كان يرفع فأخذت بهذا المذهب نفترض أنه أنت محتمل بل نؤكد محتمل يكون أخطأت لكن هناك فرق بين وضعك السابق حينما كنت لا ترفع وبين وضعك اللاحق الجديد حينما أصبحت ترفع , سابقا كنت لا تعرف سوى المذهب الحنفي وأنه يكره رفع اليدين فلما تفتح لمعرفة الأدلة وللخلاص من الخلاف كما تطلب من الآية طلبت دليل الحنفي وجدت حديث ابن مسعود المشار إليه , طلبت الدليل الشاافعي وجدت عشرين حديثا فأخذت بالرفع من أجل عشرين حديثا ترى ألست الآن أنت و أنت نفس الشخص , ألست الآن أنت أرضى لله ولرسوله منك قبل أن تدرس المسألة وقبل أن تطلع على عشرين حديثا؟ بلا شك إذا ما احتمال كونك أخطأت في أخذك برأي الشافعي في هذه المسالة لكن أنت أهدى سبيلا وأقوم قيلا حينما أخذت بالعشرين حديثا زايد هو مذهب الشافعي من حينما كنت تأحذ بمذهب أبي حنيفة زايد حديث ابن مسعود فاحتمال كون الذي يريد أن يأخذ بالأصح من المذاهب ممكن يخطأ نحن هذا لا ننفيه ولكن كما أقول في كثير من مثل هذه المناسبة الفرق بين المقلد وبين المتبع كما نقول نحن فيه عندنا مقلد وفيه عندنا متبع , المقلد هو الذي لا يعرف أدلة المذهب ولا يقابل هذه الأدلة بأدلة المذاهب الأخرى أما المتبع فهو الذي يتبع الحديث حيث كان وفي أي مذهب كان من مذاهب أئمة الإسلام , الفرق بين المقلد وبين المتبع هو كما يأتي عملية حسابية مقلد زايد صفر يساوي صفر متبع زايد حديث يساوي واحد أو يساوي اثنين فهنا فيه متبع زايد حديث أما مقلد ما فيه زايد شيء إلا صفر لأنه لا يعلم شيئا ولذلك قال العلماء التقليد هو من القلادة هو الطوق فكأنه المقلد يلقي دينه كالقلادة على عنق المقلَد يعني مثل ما يقول العامة " ... جزمتك وحط رجلك في ميّة باردة " لا عاد يهمه هذا الرأي قال الله مصدره قال رسول الله مصدره إجماع أم هو الرأي والاجتهاد ما يهمه قلده دينه أما المتبع ((قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني))، هذا المتبع لا يقنع بمجرد فلان قال كذا مثل ما أنتم شايفين يسأل السائل سؤالا فيجيب جوابا سريعا حسب الظرف ويكون الجواب واضحا ومقنعا بطيبعته لأنه تعلمنا نمشي على بصيرة يرد سؤال ثاني شو الدليل كما جرى آنفا بالنسبة للمسح على الجوربين هذا هو الطريق السليم أن الإنسان ما يغمض ويمشي يفتح ويمشي لا نريد من المسلمين أكثر من أن يكونوا على بصيرة من دينهم والحقيقة أن في هذه الرسالة التي أشرنا إليها آنفا كنت ختمتها بكلمة لعله من المناسب الآن أن نقرأها عليكم لأنه في صلة بالموضوع " ... الشباب المسلم المثقف اليوم وختاما أيها الإخوة نختم كلمتي هذه أن أحملكم على أن تكونوا جميعا أئمة مجتهدين وفقهاء محققين وإن كان ذلك يسرني كما يسركم إلا أن ذلك غير ممكن عادة لضرورة اختلاف الاختصاصات وتعاون المتخصصين بعضهم مع بعض وإنما أردت منها أمرين اثنين الأول أن تتنبهوا لأمر خفي على كثير من الشباب المؤمن المثقف اليوم فضلا عن غيرهم وهو أنهم في الوقت الذي علموا فيه بفضل جهود وكتابات بعض الكتاب الإسلاميين مثل السيد قطب رحمه الله تعالى والعلامة المودودي حفظه الله وغيرهما أن حق التشريع إنما هو لله تعالى وحده لا يشاركه فيه أحد من البشر أو الهيئات وهو ما عبروا عنه بالحاكمية لله تعالى وذلك صريح تلك النصوص المتقدمة في الرسالة في أول هذه الكلمة من الكتاب والسنة أقول في الوقت هذا نفسه فإن كثيرا من هؤلاء الشباب لم يتنبه بعد أن المشاركة المنافية لمبدأ الحاكمية لله تعالى لا فرق فيها بين كون البشر المتبع من دون الله مسلما أخطأ في حكم من أحكام الله أو كافرا نصب نفسه مشرعا مع الله ومع كونه عالما أو جاهلا كل ذلك ينافي المبدأ المذكور الذي آمن به الشباب والحمد لله تعالى فهذا الذي أردت لكم أن تتنبهوا له وأذكركم به فإن الذكرى تنفع المؤمنين فقد سمعت كثيرا منهم يخطب بكل حماسة وغيرة إسلامية محمودة ليقرر أن الحاكمية لله وحده و يضرب بذلك النظم الحاكمة الكافرة وهذا شيء جميل وإن كنا الآن لا نستطيع تغييره بينما هنالك في نفوس الكثيرين منا ما ينافي المبدأ المذكور ومن الميسور تغييره لا ننبه المسلمين عليه ولا نذكرهم به ألا وهو التدين بالتقليد ونبذ نصوص الكتاب والسنة به فهذا الخطيب المتحمس نفسه لو نبهته لمخالفة منه وقعت لآية أو حديث ركن فورا إلى الاحتجاج بالمذهب دون أن يتنبه مع الأسف الشديد أنه بعمله هذا ينقض ذلك المبدأ العظيم الذي دعا الناس إليه ... -الحاكمية لله وحده أن نرد القوانين الكافرة؟ لا , هو أدق من هذا أن نرد قول المسلم لأنه مخالف للكتاب والسنة - ركن فورا إلى الاحتجاج بالمذهب دون أن يتنبه مع الأسف الشديد أنه بعلمه هذا ينقض ذلك المبدأ العظيم الذي دعا الناس إليه والله عز وجل يقول ((إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون)) فكان عليه أن يبادر إلى التسليم بما سمع من الذكر والدليل لأنه هو العلم ولا يلجأ إلى التقليد لأنه هو الجهل -المقصود من هذا الكلام هو أوائله أما بيت القصيد فهو قولي- والأمر الآخر أن تحققوا في نفوسكم مرتبة واجبة ممكنة ميسرة لكل مسلم ولو بقدر هي دون مرتبة الاجتهاد والتحقيق التي لا ينهض بها إلا خواص الرجال وهي مرتبة اتباع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وإفراده بذلك كل منكم حسب طاقته الذي أطلب ونطلب نحن السلفيين من كل المسلمين أن يفردوا الرسول عليه السلام في الاتباع كما أفردوا الله في التوحيد فإفراد الرسول في الاتباع هذه غاية لا يتم إيمان المسلم إلا بها وهو من معنى قوله لا إله إلا الله محمد رسول الله لكن تحقيق إفراد الرسول بالاتباع كما قلت أنا كل منكم حسب طاقته فالعالم أوسع دائرة بهذا التحقيق من طالب العلم وغير طالب العلم دون ذلك بكثير كل حسب طاقته فكما أنكم توحدون الله تعالى في عبادتكم فكذلك تفردون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في اتباعكم فمعبودكم واحد ومتبوعكم واحد وبذلك تحققون عملا شهادة ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فوطنوا أيها الإخوان الكرام أنفسكم على أن تؤمنوا بكل حديث ثبت لديكم عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سواء كان في العقيدة أو الأحكام وسواء قال به إمامك الذي نشأت على مذهبه بحكم بيئتك أو غيره من أئمة المسلمين ولا تتبنوا قاعدة من تلك القواعد التي وضعت من آراء بعض الرجال واجتهاداتهم وهم غير مجتهدين فيصدكم ذلك عن الاتباع ولا تقلدوا بشرا مهما علا وسما تؤثرون قوله على قول رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن بلغتموه هذا الذي نريده منكم " مش ... مجتهد أكبر هذا له أئمة له رجال ولا أيضا ... نص مجتهد على قاعدة أن الاجتهاد يتجزأ وإنما رجل عالم بلغك حديث عن الرسول لا تقل أنا ما آخذ فيه لأنه خلاف مذهبي شو مذهبك؟ وهذا الكلام مع الأسف يقولوه علماء مش من العوام الذين نحذرهم أن يجتهدوا ويكونوا علماء يفهموا الكتاب والسنة لكن غللت عقولهم بالتدين بالتقليد فصدهم عن إفراد الرسول صلى الله عليه وسلم بالاتباع " واعلموا أنكم بذلك فقط لا بغيره تحققون علما وعملا المبدأ القائل لا إله إلا الله منهج حياة ولا المبدأ القائل الحاكمية لله وحده تبارك وتعالى وبدون ذلك يستحيل أن نوجد الجيل القرآني الفريد الذي هو وحده يستطيع أن ينشأ المجتمع المسلم وخصائصه وبالتالي الدولة المسلمة المنشودة مصداقا للحكمة الصادقة التي قالها أحد الدعاة الإسلاميين الكبار رحمه الله تعالى أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم تقم لكم على أرضكم وعسى أن يكون ذلك قريبا ((يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله ورسوله إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون)) " ... إلى آخر الآية هذه الآية موجهة إلى علماء المسلمين أم إلى جهالهم أرجو أن الأخ الذي أتانا السؤال هو يتولى الجواب فإذا كان معليش طول بالك أنا راح أتوسع معك إذا أنت شعرت بالعجز عن الجواب يجوز أن توكل على طريقة المحامين واحد يجواب عنك تريد واحد يجاوب عنك إذا أنت جاوب.
السائل: ... .
الشيخ: ... تجاوبني عن سؤالي! لأنه إذا كان عندنا هنا خمسين شخصا أو مائة شخص ... إذا كان عندنا هون مائة شخص وكل واحد يسأل السؤال حسب كيفه وأنا واجبي كل واحد أجاوبه على حسب عقله وفهمه وثقافته , ترى إذا كان العدد خمسين أنا أكون واحد وخمسين إذا كان العدد مائة يكون مائة واحد الواحد هذا اللي كمل العدد واحد وخمسين أو مائة واحد ما يجوز له أن يسأل سؤالا! طيب فأرجو إذا أن أحظى بالجواب أنا سألتك قوله تعالى ((إذا تنازعتم في شيء فردوه إلى الله)) هذا خطاب لعلماء المسلمين أم لجهالهم؟
السائل: ... .
الشيخ: ليش نحن شو عرفك أنه لسنا الآن ... طول بالك يا أخي
السائل: ... .
الشيخ: أنت توافق
السائل: ... .
الشيخ: يعني الجواب الذي أقدمه إياك ... طول بالك طول بالك ... .

(212/6)


«
الكلام على معنى نجاسة المشركين
الشيخ: منذ أن صرّح الله عز وجل في القرآن الكريم بقوله ((إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام)) الحديث المقصود به نفي النجاسة المادية وليس نفي النجاسة المعنوية , فالمؤمن الذي قال له الرسول عليه السلام (إن المؤمن لا ينجس) نجاسة مادية فأولى وأولى أنه لا ينجس نجاسة معنوية فالحديث سيق للتحدث عن النجاسة المادية وأنها منفية عن المؤمن حتى في الوضع الذي قد يخطر في بال البعض أنه يكون نجسا وهو حين كونه جنبا فلما جاء أبو هريرة للرسول عليه السلام وانخنس وانسحب من المجلس لأن الرسول حضر فيه ويصافح عادة أصحابه انسحب لأنه كان جنبا فتوهم أنه لجنابته نجس فتعجب الرسول عليه السلام منه وعبر بذلك عن قوله (سبحان الله إن المؤمن لا ينجس) أي نجاسة مادية أما النجاسة المعنوية فهي مسكوت عنها في الحديث لكنها مفهومة بطريق الأولى من باب أولى لأن المسلم إذا كان لا ينجس نجاسة مادية بسبب الجنابة فما فيه من إيمان والتصديق بما جاء في الإسلام يجعله أيضا غير نجس نجاسة معنوية وليس كذلك الكافر فالكافر نجاسته المعنوية ثابتة كما ذكرنا في الكتاب وفي السنة أيضا على شح في النصوص في السنة وخاصة ما كان منها صحيحا ولكني أذكر منها نصا في سنده ضعف وهو لما جاءه وفد نجران إلى الرسول عليه الصلاة والسلام إليه في المسجد كأن الصحابة أنكروا دخلوهم فيه ولاحظ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم فقال " إنه ليس من أنجاسهم على مسجدكم شيء إنما أنجاسهم في أنفسهم " أي أن نجاستهم نجاسة معنوية ولا يوجد لدينا في السنة ما يثبت أن المشرك هو نجاسته نجاسة مادية لكونه مشركا خلافا لبعض الطوائف الإسلامية الأخرى السائل: كون أن الرسول صافح المشركين ... .
الشيخ: نعم.

(212/7)


«
الرجاء بيان در جة و مصدر الجديثين التاليين (لو كان شيء سابق القدر لسبقته العين) (عن أسماء بنت عميس)؟»
الشيخ: الرجاء بيان درجة و مصدر الحديثين التاليين (لو كان شيء سابق القدر لسبقته العين)، عن أسماء بنت عميس هذا الحديث الأول , الحديث الثاني المتضمن صلاة مخصوصة ودعاء مخصوصا لتثبيت ما يحفظ الإنسان من قرآن ونحوه؟
الحديث الأول (لو كان شيء سابق القدر لسبقته العين) هذا حديث صحيح ومن مصادره التي أذكرها الآن مستدرك الحاكم وهو مذكور في صحيح الجامع الصغير في المجلد الخامس الذي طبع ولم ينشر بعد.

(212/8)


«
سؤال عن صحة حديث " ما معناه أن فيه صلاة مخصوصة لحفظ القرآن؟»
الشيخ: الحديث الثاني وهو المتضمن صلاة مخصوصة لحفظ القرآن فهذا حديث منكر إسنادا ومتنا وإن كان صححه الحاكم فمثله لا تقوم به الحجة.

(212/9)


«
ما حكم مرور الدراجة النارية أو العادية على النجاسة فهل يطهره ما بعده؟»
الشيخ: الدراجة العادية أو النارية إذا مر فوق نجاسة هل يطهره ما بعده وهل يجب غسله ... ولماذا أيها السائل؟
السائل: ... .
الشيخ: ... شو عرفه أنه فيه نجاسة في ... ؟
السائل: يعني مر على نجاسة في الشارع ... .
الشيخ: شو عرفه أنه فيه نجاسة؟
السائل: بسبب مرروه على ... .
الشيخ: نعم أنت شفت نجاسة في ... ؟
السائل: ... .
الشيخ: هذا الجواب جواب مغمى!
السائل: ... .
الشيخ: شفت النجاسة أو ما شفت؟
السائل: ما شفت.
الشيخ: خلاص فهو طاهر بس تشوف النجاسة تسأل فإذا كان الجواب تبعك شفت النجاسة أسألك أنا شو هي النجاسة التي شفتها ... هل عرفت النجاسة فعلا و إلا قذر ففي نجاسة غنم وبقر وإبل وبغال وحمير وإلى آخره، فهل تميزت عندك البعرة التي رأيتها فحكمت عليها يقينا بأنها نجاسة حتى تجي أن تسأل هذا السؤال ما أحراك بقول عمر بن الخطاب إن صح ذلك عنه.
السائل: ... .
الشيخ: أنا ذكرت لك الحمار لكن أنت ليش تنسى الناقة و الغنم والمعز يعني هنا فيه قاذروات كثيرة بعضها نجس وبعضها طاهر شرعا فكيف تميز عندك بأي منظار نظرت فعرفت أنه هذه نجاسة؟ هذا تنطع وتشدد لما تتيقن أن هذه نجاسة تجي تسأل هذا السؤال ودون هذا التيقن خرط القتاد!
السائل: ... .
الشيخ: مراهنة.
السائل: ... .
الشيخ: يا أستاذ خليك مستريح ... بلى يا أخي ليش لا قول بلى ... .
السائل: ... .
الشيخ: مداهمة البيوت هل تجوز؟ ... مداهمة وإلا مراهنة وإلا شو؟
السائل: ... .
الشيخ: إيش تقصد ... الحكومة الإسلامية مسجل غيره؟
السائل: الخط ليس واضحا؟
الشيخ: خطك كله هذاكخط البط في الشط ... .
السائل: ... .
الشيخ: لا ما يكفي ... يوجد في كتاب سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة حديث (ما من مسلم أو رجل يسلم عليّ إلا رد الله روحي عليّ فأرد عليه السلام) يقول إنه حديث مرسل حسن الرجاء أن تشرح لنا هل هو صحيح ... أم لا؟
هذا السائل ... لأنه تجسس شهد شرطي ... .
السائل: ... .
الشيخ: القاضي أيضا شهد على أن بعضهم يرفضونها ... .

(212/10)


«
يوجد في كتاب سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة حديث (ما من مسلم أو رجل يسلم علي إلا رد الله علي روحي فأرد عليه السلام) إنه حديث مرسل حسن مع الرجاء أن تشرح لنا هل هو حديث صحيح يؤخذ به أم هو ضعيف؟»
السائل: يوجد في كتاب سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة حديث (ما من مسلم أو رجل يسلم عليّ إلا رد الله علي روحي فأرد عليه السلام) يقول إنه حديث مرسل حسن!! هذا ما بيصير صاحب سلسلة الأحاديث الضعيفة يقول في حديث إنه مرسل حسن لا بد أنه ذكر أشياء أخرى المهم جوابا على هذا السؤال وهو الذي أنهاه بقوله الرجاء أن تشرح لنا هل هو صحيح يؤخذ به أم لا؟
الجواب هذا حديث حسن أخرجه أبو داود مسندا مش مرسلا من حديث أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما من رجل يسلم عليّ إلا رد الله عليّ روحي فأرد عليه السلام) فهذا حديث ثابت في مرتبة الحسن عند علماء الحديث وممن ثبته شيخ الإسلام ابن يتيمة وغيره وهو من الأحاديث المتعلقة بعالم البرزخ وعالم البرزخ هو من جملة العوالم الغيبية التي لا يطيق العقل البشري عادة أن يصل إليها أو أن يستكشف حقائقها فإذا جاءنا شيء عن الرسول صلى الله عليه وسلم فضلا عن القرآن الكريم يتحدث عن بعض هذه المغيبات فواجبنا حين ذاك كما قال تعالى ((ويسلموا تسليما)) لأن هذا التسليم هو الذي يدل على كمال المسلم المسلِّم بهذا النص كما قال تعالى ((ألم * ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب)) من هم المتقون؟ الذين يؤمنون بالغيب والغيب لغة كل ما غاب عن علمك وعقلك فهو غيب فإذا جاء أمر يتعلق بالغيب منقولا عن الكتاب أو عن السنة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم وجب التسليم به كما ذكرنا وإن جاء مثل هذا الأمر الغيبي عن بعض الآراء، آراء الرجال فلا يجوز التسليم به لأنه يدخل في باب الخرافات والرجم بالغيب والحديث السابق هو من أحاديث الغيب يجب التسليم به ولا يجوز التوسع في محاولة الكشف عن حقيقة هذا الخبر فلا يجوز التساؤل كيف الرسول عليه السلام يرد السلام على المسلّمين عليه و هم في اللحظة الواحد ما يحصي عددهم إلا الله تبارك وتعالى لأننا نقول هذا أمر غيبي لا يجوز التوسع فيه وإنما نؤمن بالمقدار الذي حدثنا به الحديث ... ( ... يسلم عليّ إلا رد الله عليّ روحي ... ) نعم.
السائل: ... .
الشيخ: أي حديث؟
السائل: ... وقف عند قوله (ما من مسلم أو رجل يسلم علي إلا رد الله علي روحي فأرد عليه السلام) ... .
الشيخ: وهذا غير ذلك، هذا غير ذاك هذا يسأل عنه و نقول لكم في سنن أبي داود ليس فيه يقف عند قبره ... .
السائل: ... فيه نص ثابت ... السلام عليك يا رسول الله ... .
الشيخ: ... إبش نسوي له ... لا غيره هذا.

(212/11)


«
هل يأثم من ترك سنة عامدا كرفع اليدين في الصلاة؟»
الشيخ: هل يأثم من ترك سنة عامدا في ركن من أركان الإسلام كرفع اليدين؟
لا يأثم تارك السنة سواء كانت السنة هذه في الصلاة كرفعه اليدين أوكانت سنة أخرى لأن السنة ما هي إلا من باب التطوع والتنفل كما قال الأعرابي حينما علمه الرسول عليه الصلاة والسلام الفرائض الواجبة عليه سواء من صلاة أو صيام أو غير ذلك قال الأعرابي يا رسول الله هل عليّ غيرهن قال (لا , إلا أن تطوّع) فلما انصرف الرجل قال والله يار سول الله لا أزيد عليهن ولا أنقص فقال عليه الصلاة والسلام (أفلح الرجل إن صدق) وفي رواية (دخل الجنة إن صدق) فالسنن ما هي إلا من باب الكمال والفضيلة فمن جاء بها فقد ازداد بها تقربا إلى الله تبارك وتعالى، كما قال عز وجل في الحديث القدسي (ولا يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ... ) إلى آخره.

(212/12)


«
حكم السنة على ضارب الشيش؟»
الشيخ: ما هو حكم السنة على ضارب الشيش؟ وما تعليل أن صاحبه لا يصاب بأذى؟
حكم السنة على ضارب الشيش ما أحفظ في ذلك سنة مروية لكن بلا شك حينما يكون حكم الإسلام هو الحاكم وهو النافذ فلا يفسح المجال إطلاقا لأصحاب هذه الأعمال أن يضللوا الناس بمثل هذه المخاريق لأنهم يفعلون ذلك زاعمين أنها علامات على تقربهم من ربهم وانتسابهم إلى نبيهم عليه الصلاة والسلام , والحقيقة أنها هؤلاء حتى لو افترض انتسابهم نسبا ماديا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فالرسول صلى الله عليه و سلم برئ منهم على حد قوله عليه السلام (من بطأ به عمله لم يسرع له نسبه) وقوله (ألا إن آل بني فلان ليسوا بأوليائي إنما أوليائي المتقون من كانوا وحيث كانوا) إنما أوليائي المتقون وهؤلاء لا يتقون الله بل يعصون الله بأن يتظاهروا بأعمال لم يشرعها الله يزعمون أنها دليل على صلاحهم ومع ذلك لو كان هذا العمل فعلا عملا صالحا مشروعا لم يجز لهم أن يعلنوا مثل هذه الأعمال لأنهم إنما يفعلونها سمعة ورياء وظهورا والرسول عليه السلام يقول (من سمّع سمّع الله به ومن راءى راءى الله به) يعني يوم القيامة فلا أعلم كما قلنا في السنة نصا صريحا في هؤلاء وإنما يعود أمرهم إلى رأي الحاكم فيعزرهم بما يكون كافيا لتأديبهم و صرفهم عن التظاهر بهذه الأعمال أما التعليل المسؤول عنه وهو أنه لا يصاب بأذى فهذا أمره يعود إلى أن الجماعة مارسوا هذه المهنة الخبيثة وعرفوا كما يقال قديما كيف تؤكل الكتف فهم يطعنون أنفسهم في أماكن ليست بالأماكن القاتلة ولذلك يشترطون أن لا يتولى طعنهم غير أنفسهم لا يسمحوا لأحد أن يطعنهم في المكان الذي يختاره لماذا لأنهم يعلمون أن هناك أماكن لو طعن أحدهم فيها لقتل ولكن يطعنون أنفسهم في أماكن ليس فيها الأمعاء وليس فيها القلب وليس فيها إلا اللحم الهبرة اللي يقولون عنها هذه ليست مقاتل للإنسان ثم هم لا يستعلمون أي نوع من أنواع السلاح وإنما يستعلمون سلاحا معينا له رأس مدبب دقيق جدا بحيث أنه لا يمزق اللحم وإنما يثقبه مبدئيا ثقبا دقيقا جدا ثم يتوسع هذا الثقب بحكم تسلسل ثخانة الشيش الذي يطعنون به أنفسهم وقد جرب كثيرون قبلنا قديما وحديثا أن يسمحوا لأحد سواهم بطعنهم فلا يسمحون ولا يستجيبون لأنهم يعرفون كما قلنا كيف تؤكل الكتف خلاصة الكلام أن هذه أمور تعود إلى تمرين وإلى قوة القلب ليس إلا , نعم.
السائل: ... حول الموضوع جاء شخص ... .
الشيخ: أحسنت صنعا ... نعم ... .
السائل: ... حمل الحراب التي كان يلعب بها الحبشة في مسجد الرسول عليه الصلاة والسلام ... .
الشيخ: لا , الحراب معروف شوية ... .
السائل: ... .
الشيخ: والله يا أستاذ هذا تحديده صعب ولا يترتب عليه كبير أمر يعني متى وجد الله أعلم المهم أني أعرف أن هذا أمر غير مشروع وأنه لا يجوز للمسلمين أن يقروا ذلك لأنه حتما ليس من الأعمال التي تشرف أصحابها وتقربهم إلى الله زلفة بالعكس لما نشوهه الإسلام والمسلمين!
السائل: ... .
الشيخ: من قال لك لا يحترمون ... .
السائل: ... .
الشيخ: هذه قصة ابن تيمية صحيحة هو حكاها عن نفسه.
السائل: ... .
الشيخ: في مجموعة الرسائل والمسائل في رسالة البطائحية نعم.
السائل: ... .
الشيخ: فتاوى ابن تيمية ... .
السائل: الجزء الحادي عشر.

(212/13)


«
ما حكم ما قام به خالد بن الوليد رضي الله عنه من شرب السم؟»
السائل: يقول ... .
الشيخ: هذا خالد بن الوليد، خالد بن الوليد هذا صحيح ... .
السائل: ... .
الشيخ: هذا صحيح ... .
السائل: ... .
الشيخ: هذا الإقدام على العمل الذي أقدم عليه خالد بن الوليد ليس إقداما بناء على تجارب سابقة وإنما هو ثقة منه بالله عز وجل وهذا من الأمور الخارقة للعادة التي لا يقاس عليها ولا يحوز أن تتخذ أصلا يبنى عليه والناس في مثل هذه القصة قصة ... خالد للسم على طرفي نقيض فمنهم من ينكر ذلك وهو ثابت عنه بالسند الصحيح ومنهم من يجعل ذلك أصلا لمثل هذا الضلال الذي أبطلناه آنفا فلا هؤلاء أصابوا ولا هؤلاء أصابوا قصة خالد بن الوليد في ابتلاعه للسم كقصة مشي العلاء الحضرمي على ماء البحر حتى وصل للشط الثاني فكان ذلك كافيا لحمل المشركين والكفار هناك على الإسلام حينما رأوا مثل هذه الكرامة فالأمور التي تجري على خلاف السنن العامة المعروفة هي أمور على خلاف القاعدة وما كان على خلاف القاعدة فلا تتخذ قاعدة.

(212/14)


«
ما حكم مصافحة المرأة الأجنبية؟»
السائل: هنا سؤال يقول ما حكم مصافحة المرأة الأجنبية؟
هذا السؤال تحدثنا عنه مرارا وتكرار ونجيب جوابا مختصرا فنقول لا يجوز مصافحة المرأة المسلمة لقوله عليه الصلاة والسلام (إني لا أصافح النساء) وقول عائشة " ما مست يد النبي صلى الله عليه وسلم يد امرأة قط " وكون هذه المصافحة وسيلة إلى شر أو قد تكون وسيلة إلى شر كما قال عليه الصلاة والسلام (كتب على ابن آدم حظه من الزنا لا محالة فالعين تزني وزناها النظر والأذن تزني وزناها السمع واليد تزني وزناها اللمس) وفي رواية أصح (البطش) (والرجل تزني وزناها المشي والفرج يصدق ذلك كله أو يكذبه) فحرم الشارع الحكيم هذه الأشياء من باب تحريم الوسائل المؤدية إلى غايات محرمة لذلك قال شوقي مقتبسا ما قاله في ذلك الحديث
"
نظرة فابتسامة فسلام *** فكلام فموعد فلقاء "
هذه سنة الله في خلقه ولن تجد لسنة الله تبديلا فمن باب سد الذريعة منع رسول الله صلى الله عليه وسلم المصافحة للمرأة الأجنبية.

(212/15)


«
ما هو الفرق بين متروك الحديث و المتهم؟»
الشيخ: ما هو الفرق بين متروك الحديث والمتهم؟
هنا الفرق فيه دقة عموم وخصوص كل متهم في الحديث هو متروك الحديث وليس كل متروك الحديث متهما في الحديث ولكنهما في رتبة واحدة في الضعف فمتروك الحديث يعني حديثه ضعيف جدا والمتهم في الحديث حديثه ضعيف جدا وإنما الفرق أن المتهم في الحديث يعني يظن أنه يتعمد الكذب في الحديث وحينما يقطع بأنه يكذب لا يقال متهم يقال كذاب أو وضاع أو نحو ذلك من التعابير ولكن حينما لا يصل اجتهاد المحدث في الحكم على راو من رواة الحديث إلى مرتبة اليقين بأنه يكذب وإنما يظن ذلك يقول عنه إنه متهم أي بالكذب لكن قد يكون الرجل صالحا وبعيدا كل البعد عن أن يتعمد الكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولكنه سيء الحفظ جدا في روايته للأحاديث إلى درجة أنه قد يجعل الحكم التي تروى عن بعض الناس أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو الأحاديث الإسرائلية التي تروى عن أهل الكتاب من قبل الإسلام فيكون قد حفظها مع الزمن يرفعها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فهذا بالرغم من أنه صدوق في نفسه وأنه لا يكذب أو لا يظن أنه يكذي في الحديث مع ذلك يقال فيه متروك الحديث لشدة ضعفه وسوء حفظه هذا هو الفرق بين المتروك وبين المتهم.

(212/16)


«
هل ثبت عنه صلى الله ععليه وسلم أنه قال لرجل زوج امرأة فاجرة (طلقها)؟»
الشيخ: هل ثبت عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال لرجل زوج امرأة فاجرة طلقها؟
مثل هذا الحديث لا وجود له ولكن السائل يشير إلى حديث أساء هو فهمه ثم أساء تسجيله الحديث الذي يشير إليه هو ما رواه النسائي وغيره أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال " يا رسول الله امرأتي لا ترد يد لامس " فقال عليه السلام (طلقها) قال " إني أحبها " قال (فأمسكها) ففهم السائل أو غيره ممن هو سلفه في هذا التعبير فهم من قول الزوج امرأتي لا ترد يد لامس أنها امرأة فاجرة أو هو عبر عن هذا بهذه العبارة والحقيقة أن قول الرجل عن زوجته لا ترد يد لامس لا يعني هذا الزوج أن زوجته فاجرة تسلم نفسها لكل راغب فيها هذا المعنى من أبطل ما يمكن أن يخطر في بال المسلم حينما يسمع هذا الحديث ذلك لأن الزوج لو كان يعني اتهام المرأة بهذا لكان عليه أن يأتي بأربعة شهداء وإلا فيحد حد المفتري ولا نجد الرسول عليه الصلاة والسلام اهتم لمثل هذا وإنما قال له (طلقها) نعم ... .
السائل: ... .
الشيخ: الملاعنة نعم هذا حكم المدعي من الزوج على الزوجة أنا أخطأت فكان الرسول عليه الصلاة والسلام يكلفه ويطلب منه الملاعنة فلماذا وجدنا الرسول عليه الصلاة والسلام لم يلجأ إلى مثل هذا الطلب عرفنا يقينا بأن الزوج لم يعن اتهام المرأة وإنما عنى بأنها امرأة غريرة وإنما هي امرأة سطحية بسيطة طيبة القلب تظن بالرجال كل الرجال خيرا و تحسن ظنها فيهم فقد يداعبها بعضهم بيده وهذا معروف في النساء القرويات بصورة خاصة في بعضهم فقد يعلم ذلك الزوج بالرواية إليه أو يرى بأم عينيه شيئا من ذلك فيغار طبعا على زوجته ولا يهون عليه ذلك فيبدو أن هذا الرجل قد أصيب بمثل هذا فلما شكى أمره للرسول عليه السلام قال له (طلقها) لأنه الحقيقة أن الرجل الغيور لا يرضى أن لزوجته مهما كانت صافية القلب وبعيدة عن الزنا وأسباب الزنا لا يرضى لزوجته أن تكون بهذه المثابة من أن يتلاعب الرجال بها بمركهم وكيدهم لذلك قال له عليه الصلاة والسلام (طلقها) واقطع دابر الوسوسة بتطليقها فلما قال له الرجل إني أحبها قال له عليه السلام (فأمسكها إذا) فأمر الرسول عليه السلام للزوج بأن يمسكها دليل آخر على أنها ليست فاجرة وليست عاهرة وليست زانية وإنما هي كما قلنا ممكن أن يداعبها الرجال في بعض المناسبات و هي لا تتنبه لمداعبتهم ومكرهم! نعم.
السائل: ... .
الشيخ: لا ... هذا أولا لا يخطر في البال ولا رأينا أحدا من العلماء جاء بمثل هذا التفسير.

(212/17)


«
حديث " ما أبالي ما أتيت إن أنا شربت ترياقا أو تعلقت تميمة أو قلت الشعر من قبل نفسي " هل هذا حديصث صحيح وما تأويله "؟»
الشيخ: حديث " ما أبالي ما أوتيت إن أنا تعلقت تميمة أو قلت الشعر من قبل نفسي " هل هذا حديث صحيح وما تأويله "؟
الحديث ضعيف وهو في ضعيف الجامع الصغير.

(212/18)


«
أقيم الحد على حسان وحمنة ومسطح " أي حد القدف ولم يعرفوا من قبل حد القاذف فكيف تم ذلك ولماذا لم يقم الحد على عبد الله بن أبي بن سلول؟»
الشيخ: كما هو معروف أقيم الحد على حسان وحمنة ومسطح أي حد القذف ولم يعرفه من قبل ما هو حد القاذف فكيف تم ذلك؟ لماذا لم يقم الحد على عبد الله بن أبي بن سلول؟
أولا من أين للسائل أنهم ما عرفوا من قبل ما هو حد القاذف هل هو يرجم بالغيب أم هو على علم في ذلك أما أنا فما أحاط به علمي , فما هو الدليل على أنه ما كانوا يعرفون ذلك من قبل؟
السائل: ... .
الشيخ: بس نعم.
سائل آخر: ... هؤلاء الصحابة
الشيخ: فهمت لكن هل هذا السياق ينفي أن يكون معروفا لدى الصحابة من قبل في نفيه لذلك؟ يعني الذي يمكن أن يقال إنه عرفنا الحد بهذه المناسبة ولكن هل في ذلك نفي أن يكون معروفا من قبل؟ هذا ما لا يبدو لي ومع ذلك نفترض أن يكون الأمر كذلك فليس قاعدة عامة في الإسلام أن الذي لا يعرف حكم الذنب الذي يرتكبه لا يستحق العقوبة عليه ليس قاعدة هذه حتى يرد هذا السؤال!
السائل: ... نستطيع أن نستأنس به على ... وهو أنهم قاموا بعملية القذف و عرفوا أن حد القذف يشترط أن يكونوا أربعة من الرجال ...
الشيخ: هذا مثل من يقول لو عرفوا حد الزنا كذا وكذا ما زنوا! هذا ما يقال! لماذا لم يقم الحد على عبد الله بن أبي بن سلول هل هو كان متظاهرا بالاتهام أو كان يلعب من وراء الجدران؟
السائل: ... .
الشيخ: هو فيه فرق بين يكون واحد متظاهرا ومعلن ببهته وافترائه وبين يكون هو السبب الرجل يدفع دافع إلى قتل آخر فيقتل القاتل وينجو الدافع الأصيل ذلك لأنه لم يباشر القتل فيمكن أن يقال بالنسبة لابن أبي سلول هذا أنه ما ظهر منه البهت والافتراء الصريح المكشوف.

(212/19)


«
ما رأيكم في التهريب بين دولة ودولة أخرى علماً بأن الطريق مؤمن من حيث النفس وغير مؤمن من حيث المال؟ ما رأيكم في حديث البرص من حديث زيد بن أنس " ما معناه " أن احدهم أكل بردا في رمضان وقال ليس بطعام ول»
الشيخ: ما هو رأيكم في التهريب بين دولة ودولة أخرى علماً بأن الطريق مؤمّن من ناحية النفس وغير مؤمّن من ناحية المال؟ فهل حرام أو لا؟
ما رأيكم في حديث البرد من حديث زيد بن أنس بما معناه أن أحدهم أكل بردا في رمضان وقال ليس بطعام ولا شراب فأتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فحدثه بذلك فقال خذها عن عمك فهل هذا حديث صحيح و رواه الشيخان؟
هذا الحديث منكر ولم يروه الشيخان مطلقا وإنما هو من افتراء العربي إيش اسمها مجلة العربي والكاتب إيش عبد الكبير؟
السائل: عبد الوارث.
الشيخ: عبد الوراث كبير، فخلاصة ذلك أن التهريب هو ... على خلاف الشريعة الإسلامية لأنه الحقيقة الأرض الإسلامية هي أرض واحدة فلا يفترض فيها أن يكون بينها حدود ولا يفترض أن يكون بين دولة أو دويلة وأخرى مثلها أن يكون فيها هذه الحدود وهذه القيود التي منها عدم جواز إدخال البضاع من نوع معين إلى بلدة أخرى فهذا في الأصل في النظام الإسلامي غير وارد و الآن وجد فاعتقادي أنه إذا كان يترتب من وراء التهريب طعن في المسلم الذي يترتب منه الطعن في الشريعة الإسلامية على اعتبار أنه هذا نظام ويجب المحافظة على النظام فكما نقول ما لا يقوم الواجب به إلا واجب فهو واجب فكذلك نقول ما لا يمكن المحافظة على سمعة الإسلام إلا بشيء فهذا الشيء أيضا واجب لذلك التهريب من هذه الناحية لا نراه جائزا لم؟ لأنه يوصل به إلى مس الإسلام أنه في الأصل كما ذكرنا فليس هناك حدود في البلاد الإسلامية ولا جمارك ولا ضرائب!

(212/20)


«
ما الفرق بين صلاة قيام الليل و التجهد وصلاة التراويح؟»
الشيخ: ما الفرق بين صلاة قيام الليل والتهجد وصلاة التراويح؟
ليس هناك فرق فيما أعتقد.

(212/21)


«
الجورب الممزق هل يجوز المسج عليه للوضوء؟»
الشيخ: الجورب الممزق الذي بلي معظمه هل يجوز المسح عليه للوضوء؟
ما دام الجورب جوربا لغة جاز المسح عليه شرعا نعم.
السائل: ... .
الشيخ: الدليل أن الرسول عليه السلام كان يمسح على الجورب في سنن أبي دواد وسنن الترمذي ومسند الإمام أحمد ... .
السائل: ... فيه بعض الجوارب ... .
الشيخ: كل واحد يحكي! مش ... .
السائل: ... .
الشيخ: الجوارب شو بها؟
السائل: ... .
الشيخ: هذا هو الجواب ... يعني ذات العيون تقصد ... الجواب لا يختلف معنا ولكن يبدو أن الأمر يحتاج إلى شيء من التوضيح - سبحان الذي يسبح الرعد بحمد والملائكة من خيفته - كل ما كان جوربا جاز المسح عليه وكل ما كان خفا جاز المسح عليه وكل ما كان نعلا جاز المسح عليه وهذا بحث طرقناه بشيء من التفصيل قبيل ساعات في تفتناز ولذلك فأنتم تعلمون أن النفس لا تنشط لإعادة البحث في مسألة ما مضى عليها إلا بضع ساعات قليلة لكننا نقول باختصار ثبت عن الرسول عليه السلام أنه كان يمسح على الخفين بالتواتر وثبت أنه كان يمسح على الجوربين والنعلين في الحديث الصحيح فكل ما كان خفا أو جوربا أو نعلا جاز المسح عليه وكل قيد أو كل شرط يوضع لجواز المسح على أمر من هذه الأمور الثلاثة فالأصل في هذه الشروط أنها مردودة على أصحابها قد يكونون مجتهدين فأجرهم عند الله لكن نحن ... بأن نأتي إلى أمر وسع الله فيه على المسملين فنحجر فيه ونضيق عليهم بشروط ليس عليها دليل من الكتاب السنة ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل ولو كان مائة شرط) فالذي يأتي إلى الخفين فيضع شرطا أن لا يكون مخرقا ألا يكون يظهر منه كذا من قدم لابس الخف هذا شرط فما دليل هذا الشرط إذا لم يوجد في الكتاب والسنة دليل وهو فعلا غير موجود فحينئذ لا يجوز للمسلم أن يضيق على الناس واسعا من رحمة الله ويكون مثله حين ذاك أسوء من مثل ذلك الأعرابي الذي ... .

(212/22)


«
الكلام على مسألة متابعة المأمومين إمامهم في قول "آمين " في الصلاة
الشيخ: ... التي تضمن فضيلة بالغة لا يتنبه لها جماهير المصلين لذلك فهم لا يكاد نجد أحدا منهم يحرص في تطبيق هذا الحديث سواء كان بالمعنى الأول أي المقارنة أو بالمعنى الثاني وهو الأرجح لدينا لما ذكرنا , لا يكاد أحدهم بهذا التطبيق لينال جزاء هذا الأمر النبوي الكريم وهو قوله عليه السلام (فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه) ومعنى هذا أن الله عز وجل تفضل على عباده المصلين فشرع لهم من الوسائل والأسباب الميسرة القريبة التناول إذا ما قاموا بها استحقوا مغفرة الله تبارك وتعالى , لا يحتاج الأمر للحصول على هذه المغفرة إلا الانتباه لعدم مسابقة الإمام في قوله آمين فإما المقارنة على القول الأول وإما المتابعة على القول الثاني و الأرجح لدينا ولذلك فيجب أن نعلم أن ذكر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم للملائكة في هذا الحديث وقوله فإنه من وافقه تأمينه تأمين الملائكة يعني شيئا واضحا ألا وهو أن الملائكة كما قال الله عز وجل فيهم ((لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون)) أي أن الملائكة الذين يحضرون ويشهدون الصلوات مع المصلين في المسجد ليسوا كالبشر الذين يعصون الله فضلا عن أن يغفلون عن أحكام الله فهم لا يتصور في حقهم أن يسابقوا الإمام فهم إما أن مقارنين للإمام على رأي الأولين , وإما متابعين للإمام على الرأي الآخر وهو الأرجح كما قلنا فنحن ننصح إذا بأحد شيئين لابد منهما مرجحين الشيء الآخر الشيء الأول هو ألا يسابق المتقدي الإمام بآمين وإنما يقارن والمقارنة إن تمكن منها المتمكن فستكون ناقصة لأنه لا يستطيع أن يقارنه على مدى قوله هو آمين في كثير من الأحيان لأنه غير مستعد هو أن يقول آمين كما لو كان يقرأ هو نفسه القرآن ثم يؤمن بعد ذلك على وجه الترتيل , لذلك فنحن ننصح بالشيء الثاني وهو أن تضبطوا أنفسكم إذا سمعتم تأمين الإمام فلا تبدؤوا بقولكم آ من آمين إلا إذا سمعتم النون الساكنة من قول الإمام آمين وحين ذاك تحصلون على هذه المغفرة بأقل عمل وأقل جهد ما هو هذا الجهد أنه ما تكون شارد من وراء الإمام وتستسلم للعادة اللي ماشين الناس عليها هو يقول ((ولا الضالين)) يلا المسجد كله انطلق ليضج ضجته بآمين وبعدين يأتي تأمين الإمام هذا إن لم تلاحظوا فلاحظوا فيما بعد فستجدون القضية انعكست رأسا على عقب المقتدين يقولون آمين ويأتي تأمين الإمام من بعدهم لاحظوا هذا فيكون المصلي أولا خالف أمر الرسول الصريح إذا أمن فأمنوا ثانيا و هذا أهم بالنسبة لهذا المسلم العاصي المغمور بالذنوب والمعاصي أن يتطلب الأسباب التي يستحق بها مغفرة الله فيخسر هذه المغفرة لأنه خالف أمر النبي عليه السلام (إذا أمّن الإمام فأمّنوا)، ولبعض العلماء من شراح البخاري كلام صريح يقول لا يشرع مقارنة الإمام في شيء من الأذكار والأوراد إلا في آمين وهذا تصريح بأن الأصل في الاقتداء بالإمام هو المتابعة وليس المقارنة إلا في آمين فما الذي جعل هذا وأمثاله ... حملهم على أن يخصصوا التأمين بالمقارنة مع تأمين الإمام دون الأذكار التكبير والتسميع والتحميد ونحو ذلك ... نظروا إلى حديث أيضا هو في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم في حديث طويل يقول فيه (وإذا قرأ الإمام ((غير المغضوب عليهم ولا الضالين)) فقولوا آمين) أي لم يذكر في هذا الحديث ( ... غير المغضوب عليهم ولا الضالين فقولوا آمين)، فنظر بعض العلماء إلى ظاهر هذا الحديث فقالوا ما دام أن الرسول عليه السلام قال (وإذا قرأ الإمام ((غير المغضوب عليهم ولا الضالين)) فقولوا آمين) معنى ذلك أن آمين ينبغي أن تقع فور قول الإمام ((ولا الضالين)) ... شيء في هذا الحديث بعضه يرجع إلى علم الحديث وبعضه يرجع إلى علم أصول الفقه, أما الذي يرجع إلى علم الحديث فهو هذا الحديث الذي قال (وإذا قرأ الإمام ((غير المغضوب عليهم ولا الضالين)) فقولوا آمين) لم يذكر قول الإمام آمين لكن في الحديث السابق ذكر الرسول عليه الصلاة والسلام الإمام صراحة فقال (إذا أمن الإمام فأمنوا) فمن القواعد العلمية الحديثية أنه إذا جاء حديثان صحيحان وفي أحدهما زيادة على الآخر وجب ضم الزايد على المزيد عليه وأن يؤخذ مجموعهما وهذا ما يعبرون عنه بزيادة الثقة مقبولة وحين ذاك نخرج بالنتيجة الآتية في الحديث الثاني (وإذا قرأ الإمام ((غير المغضوب عليهم ولا الضالين)) -وقال آمين- فقولوا آمين) فمن أين جئنا نحن بقول الإمام آمين في الحديث الأول (إذا أمن الإمام فأمنوا) فضممنا هذه الزيادة إلى الحديث الثاني والذي يؤكد لكم هذا هو أن الاعتماد على الحديث الثاني أي على ظاهره بغض النظر عن الزيادة زيادة التأمين المصرح في الحديث الأول فسيكون الحديث فيه دلالة على أن الإمام لا يقول آمين لماذا؟ لأنه قال (وإذا قرأ الإمام ((غير المغضوب عليهم ولا الضالين)) فقولوا آمين) ما ذكر آمين الإمام والواقع أن الإمام مالك احتج بهذا الحديث لأن الإمام لا يقول آمين يعني لو كان يشرع له أن يقول آمين لكان قال الرسول عليه السلام (وإذا قرأ الإمام غير المغضوب عليهم ولا الضالين -وقال آمين- فقولوا أنتم آمين) هذه حجة مالك في عدم مشروعية تأمين الإمام عنده لكن الجمهور على أن من السنة للإمام أن يؤمن بل ومن السنة في حقه أن يؤمن جهرا كما ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم لذلك فالحديث الثاني ينبغي أن تضم إليه زيادة التأمين المذكورة في الحديث الأول فلا يختلف الحديثان ويلتقيان ويتفقان وحين ذلك يصبح حكم التأمين من حيث أن المقتدي يتابع فيه الإمام كحكم كل الأذكار الواردة في الصلاة كما فصلنا ذلك فالمقتدي فيها يتابع الإمام ولا يقارنه كالتكبير ونحو ذلك. ثم نلاحظ شيئا آخر لعله يمكن أن يصلح دليلا رابعا في ترجيح القول الثاني وهو مراعاة الحكمة في سنية رفع الإمام صوته بآمين فالحكمة في رفع الإمام صوته بآمين هو ليتمكن المقتدي من أن يحقق الحديث الأول (إذا أمن فأمنوا) لأن الإمام لو لم يجهر بآمين لم يتمكن من المقتدي من تحقيق هذا الأمر الذي ثمرته أن يغفر الله لمن حققه فإذا نحن يجب أن نصبر لفراغ الإمام من ((ولا الضالين)) بكاملها ثم نصبر حتى يتراد إليه نفسه لأنه وإن كان بعض أئمة المساجد مع الأسف الشديد لجهلم يقولون ((غير المغضوب عليهم ولا الضالين)) آمين هذا خطأ لأن آمين أولا ليست من الفاتحة وثانيا لو كانت من الفاتحة فإما أن يقطع وإما أن يصل فإذا وصل لم يقل ((غير المغضوب عليهم ولا الضالين)) آمين وإنما ((غير المغضوب عليهم ولا الضالين)) حركها ثم أتبعها بقوله آمين لكن هنا آية يجب الوقوف أولا عندها لا سيما وبها تختم الفاتحة وتتميز الفاتحة عن كلمة الدعاء وهي آمين فقصدي أنه إذا كان في بعض أئمة المساجد لجهلهم أو غفلتهم عن هذه الحقيقة يقول ((ولا الضالين)) آمين فنحن يجب أن نقتدي بالأئمة العارفين الصالحين الذين يقرؤون القرآن آية آية، وبخاصة من القرآن سورة الفاتحة ونجد كثيرا من الأئمة هكذا يفعلون ((غير المغضوب عليهم ولا الضالين)) ... اصبر عليّ لآخذ نفسا ليقول هو آمين فأنت إذا أن تترقب معك بقول الإمام جهرا آمين حتى توافق بتأمينك تأمين الملائكة إما على القول بالمقارنة وإما على القول بالمتابعة وهذا هو الأرجح لما ذكرناه من الأسباب هذا ما أحببت أن ذكركم به ولعلي فعلت أكثر من مرة في هذا المكان لكننا نجد في كل مرة على قلة ما نأتي إلى هذا المكان نجد في كل مرة والحمد لله شباب يقبلون على سماع الأئمة وعلى تطلبه ويسمع منهم بعض ... المخالفة للأحاديث الصحيحة كهذا الخطأ فرأينا من الواجب علينا أن ننبهكم جميعها حتى أولا لا تخالفوا أمر الرسول الصريح في قوله (إذا أمن الإمام فأمنوا) على التفصيل السابق وثاينا حتى لا تفوتوا على أنفسكم مغفرة الله تبارك وتعالى بهذا السبب المذلل الميسر هذه ذكرى والذكرى تنفع المؤمنين ... . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

كتاب تحفة المودود

  كتاب تحفة المودود   بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين الحمد لله العلي العظيم الحليم الكريم الغفور الرحيم الحمد لله رب العالمين الرحمن ال...