اللهم آمين

دعـــــاء ((سبحان الذي تعطف العزّ وقال به، سبحان الذي لبس المجد وتكرم به، سبحان الذي لا ينبغي التسبيح إلا له، سبحان ذي الفضل والنعم، سبحان ذي المجد والكرم، سبحان ذي الجلال والإكرام)). دعـــــاء ((سبحان الله عددَ ما خلق في السماء، وسبحان الله عددَ ما خلق في الأرض، وسبحان الله عددَ ما بين ذلك، وسبحان الله عددَ ما هو خالق، والله أكبر مثل ذلك، والحمد لله مثل ذلك، ولا حول ولا قوة إلا بالله مثل ذلك)) دعـــــاء ((سبحان الله وبحمده، لا قوة إلا بالله، ما شاء الله كان و ما لم يشأ لم يكن، أعلم أن الله على كل شيء قدير، وأن الله قد أحاط بكل شيء علماً...)) دعـــــاء ((سبحان الله وبحمده عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته)) دعـــــاء ((سبحان الله ذي الملكوت والجبروت، والكبرياء والعظمة)) دعـــــاء ((اللهم إني أسألك بأن لك الحمد، لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، المنان، بديعُ السماوات والأرض، ذو الجلال والإكرام...)) دعـــــاء ((الحمد لله عدد ما خلق الله، والحمد لله ملء ما خلق الله، والحمد لله عدد ما في السموات والأرض، والحمد لله ما أحصى كتابه، والحمد لله عدد كل شيء، وسبحان الله مثلهن)) دعـــــاء ((ربَّنا لك الحمد، مِلْءَ السموات والأرض ومِلْءَ ما شئت من شيء بعد، أهلَ الثناءِ والمجد، أحقُّ ما قال العبد وكلنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجَدِّ منك الجَدُّ)) دعـــــاء ((الحمد لله الذي يطعم ولا يُطعم، منّ علينا فهدانا، وأطعمنا وسقانا، وكلِّ بلاء حسن أبلانا، الحمد لله غير مُوَدّع ولا مكافئ ولا مكفور ولا مستغنىً عنه. الحمد لله الذي أطعم من الطعام، وسقى من الشراب، وكسا من العُرْي، وهدى من الضلالة، وبَصّر من العماية، وفضّل على كثير ممن خلق تفضيلاً، الحمد لله رب العالمين)) دعـــــاء ((الحمد لله عدد ما أحصى كتابُه، والحمد لله عدد ما في كتابه، والحمد عدد ما أحصى خلقه، والحمد لله مِلْءَ ما في خلقه، والحمد لله مَلْءَ سماواته وأرضه، والحمد لله عدد كل شيء، والحمد لله على كل شيء)) دعـــــاء ((اللهم أنت أحق من ذُكر، وأحق من عُبد، وأنصر من ابتُغي، وأرأف من مَلَك، وأجود من سُئل، وأوسع مَن أعطى. أنت الملك لا شريك لك، والفرد لا ند لك، كل شيء هالك إلا وجهَك. لن تطاع إلا بإذنك، ولن تعصى إلا بعلمك، تطاع فتشكر، وتُعصى فتغفر. أقرب شهيد، وأدنى حفيظ، حلت دون النفوس، وأخذت بالنواصي، وكتبت الآثار، ونسخت الآجال. القلوب لك مُفضية، والسر عندك علانية، الحلال ما أحللت، والحرام ما حرمت، والدين ما شرعت، والأمر ما قضيت، والخلق خلقك، والعبد عبدك، وأنت الله الرؤوف الرحيم...)) دعـــــاء ((تمَّ نورك فهديت فلك الحمد، عظم حلمك فعفوت فلك الحمد، بسطت يدك فأعطيت فلك الحمد. ربَّنا: وجهك أكرم الوجوه، وجاهك أعظم الجاه، وعطيتك أفضل العطية وأهناها. تطاع ربَّنا فتشكر، وتُعصى ربَّنا فتغفر، وتجيب المضطر، وتكشف الضر، وتَشفي السُقم، وتغفر الذنب، وتقبل التوبة، ولا يجزي بآلائك أحد، ولا يبلغ مدحتَك قولُ قائل) دعـــــاء ((لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض ورب العرش الكريم) دعـــــاء ((لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجَدِّ منك الجَدّ) دعـــــاء ((لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله وتبارك رب العرش العظيم، والحمد لله رب العالمين) دعـــــاء ((اللهم لك الحمد أنت نور السموات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت قيوم السموات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت الحق، ووعدك حق، وقولك حق، ولقاؤك حق، والجنة حق، والنار حق، والساعة حق، و النبيون حق، ومحمد حق. ) دعـــــاء اللهم لك أسلمت، وعليك توكلت، وبك آمنت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، وإليك حاكمت...) .(لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، سبحان الله رب العالمين، لا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم...) (سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر) دعـــــاء ((لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده) دعـــــاء ((لا إله إلا الله قبل كل شيء، ولا إله إلا الله بعد كل شيء، ولا إله إلا الله، يبقى ويفنى كل شيء) دعـــــاء ((اللهم ربَّ السموات السبع ورب الأرض ورب العرش العظيم، ربَّنا وربَّ كل شيء، فالقَ الحبِّ والنوى، ومنزل التوراة والإنجيل والفرقان، أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته، اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء اقض عنا الدين و أغننا من الفقر) دعـــــاء ((اللهم لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت. اللهم إني أعوذ بعزتك لا إله إلا أنت أن تضلني، أنت الحي الذي لا يموت، والجن والإنس يموتون) دعـــــاء ((يا مَن أظهر الجميل، وستر القبيح، يا من لا يؤاخذ بالجريرة، ولا يهتك الستر، يا حسن التجاوز، يا واسع المغفرة، يا باسط اليدين بالرحمة، يا صاحب كل نجوى، يا منتهى كل شكوى، يا كريم الصَفح، يا عظيم المنّ، يا مبتدئ النعم قبل استحقاقها، يا ربنا ويا سيدنا، ويا مولانا، ويا غاية رغبتنا أسألك يا الله أن لا تَشوي خلقي بالنار) دعـــــاء ((اللهم لك الحمد كله، اللهم لا مانع لما بسطت، ولا باسط لما قبضت، ولا هادي لما أضللت، ولا مضل لمن هديت، ولا معطي لما منعت، ولا مانع لما أعطيت، ولا مقرب لما باعدت، ولا مباعد لما قربت...) دعـــــاء ((اللهم بك أصاول، وبك أحاول، وبك أقاتل)) دعـــــاء ((اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت، أنت ربي وأنا عبدك، ظلمت نفسي، واعترفت بذنبي...) دعـــــاء ((اللهم إنا نستعينك ونستهديك ونستغفرك، ونؤمن بك ونتوكل عليك، ونثني عليك الخير كله، ونشكرك ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك. اللهم إياك نعبد، ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى، ونَحْفِد، ونرجو رحمتك ونخشى عذابك؛ إن عذابك الجِدَّ بالكفار مُلْحِق) دعـــــاء ((اللهم رب السموات ورب الأرضين، وربَّنا وربَّ كل شيء، فالق الحبِّ والنوى، ومنزل التوراة والإنجيل والقرآن... أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخِر فليس بعدك شيء، والظاهر فليس فوقك شيء، والباطن فليس دونك شيء...) دعـــــاء ((اللهم إني أسألك باسمك الطاهر الطيب المباركِ الأحب إليك الذي إذا دُعيت به أجبتَ، وإذا سُئلت به أعطيتَ، وإذا استُرحمت به رحمت، وإذا استُفرجت به فَرّجت...) دعـــــاء ((اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل، فاطَر السموات والأرض، عالمَ الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون...) دعـــــاء ((اللهـم أنت المـلك لا إلـه إلا أنــت، أنـت ربـي وأنـا عبـدك... لبيـك وسعديـك، والخير كله في يديك، والشر ليس إليك، أنا بك وإليك، تباركت وتعاليت... اللهم ربنا لك الحمد مِلْءَ السماء ومِلْءَ الأرض ومِلْءَ مابينهما ومِلْءَ ما شئت من شي بعد... أنت المقدم وأنت المؤخر، لا إله ألا أنت) دعـــــاء ((اللهم إنك تسمع كلامي، وترى مكاني، وتعلم سري وعلانيتي، لا يخفى عليك شيء من أمري، أنا البائس الفقير، المستغيث المستجير، الوجل المشفق، المقر المعترف بذنبه، أسألك مسألة المسكين، وأبتهل إليك ابتهال المذنب الذليل، وأدعوك دعاء الخائف الضرير، من خضعت لك رقبته، وفاضت لك عيناه، وذل جسده، ورغم لك أنفه...) دعـــــاء ((اللهم أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيت على نفسك)

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 26 يناير 2024

الحج والعمرة للالباني

 نشر: موقع روح الإسلام

http://www.islamspirit.com

 

õõ õõ õõ

أحكام الحج والعُمرة

الشيخ محمَّد ناصر الدين الألباني

رحمه الله

الشريط الأوَّل

 

الشيخ الألباني – رحمه الله-: إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمّدا عبده ورسوله، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران:103]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء:1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب:70-71]، أمّا بعد،

فإنَّ خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمّد صلَّى الله عليه وآله وسلّم وشر الأمور محدثاتها و كل محدثةٍ بدعة وكل بدعةٍ ضلالة وكل ضلالة في النار، و بعد،

سنتطرَّق إلى البحث في الموضوع الذي ألمحتُ إليه آنفًا، ألا وهو الحج، فالإنسان إذا كان في حالة استطاعة للحج فهو من أركان الإسلام الخمسة التي لابد للمُسلم أن يأتي بها، كما قال عليه الصلاة والسلام في الحديث المتفق عليه من حديث بن عمر –وقد مرَّ معنا في هذا الكتاب، كتاب الحج وفي كتاب الصلاة وغيرهم-: (بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة و وصوم رمضان وحج البيت)

، والله -عز وجل- يقول كما تعلمون ﴿ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ۚ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ﴾ [آل عمران:97] فمن الواجب على كل مُسلم استطاع الحج إلى بيت الله الحرام أن يبادر إلى هذا الحج خشيةَ أن يفجعه الموت كما أشار إلى ذلك رسول الله صلَّى الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد وغيره قال: ( من أراد الحج فليتعجَّل فقد يمرض المريض وتضل الضالَّة )،يعني يجب على الإنسان أن يغتنم فرصة شبابه وقوته وغناه وتمكنه من كل الأسباب التي توفرت لديه فصار بذلك ممن وجب عليه الحج واستطاع إليه سبيلا وإلا فالإنسان يكون اليوم سليما وإذا به يصبح مريضاً، فيعتذر ويقول أنا ما أستطيع الحج، فأين كنت في حالة صحتك؟، ولذلك جاء في الحديث: ( اغتنم خمس قبل خمس ) وذكر فيها ( شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك ) فيجب على المسلم أن يتذكر هذه الحقيقة التي يشاهدها في كل الناس، فالسليم يمرض، ويومئذ كانت الوسيلة في الحج إلى بيت الله الحرام من الأماكن البعيدة إنما هي الدابةَّ، فلذلك قال عليه السلام: ( قد يمرض المريض وتضل الدابة )، وخصَّ الإبل فهي من طبيعتها الضلال والشرود، فلذلك فقد يكون الإنسان مالكاً لبعير قد أعدّه ليحج عليه وإذا به يُفاجأ بأن هذا البعير قد ضل وشرد ...وقد يحصله بعد فوات الفرصة وبعد فوات تمكنه من الحج إلى بيت الله الحرام في تلك السنة؛ لذلك فَمِنْ تَذَكُّر المسلم بالموت أن يندفع إلى القيام بما وجب عليه قبل أن يفجعه الموت .

ونحن الآن في موسم الحج فمن كان منكم لم يحج حجَّة الإسلام بعد ووجد في نفسه الاستطاعة بمعناها الواسع، الاستطاعة في بدنه، في صحته، الاستطاعة في ماله، الاستطاعة في كل شيء يحيط به، فقد يكون مثلا موظفا عند الدولة فلا تسمح له الدولة أن يحُج فيقول أنا أحج في السنة الآتية، وهنا نقول لهذا الموظف يجب أن تتعاطى كل الأسباب لكي لا تتأخر عن المبادرة بالحج إلى بيت الله الحرام بحجَّة أن - والله - رئيسي ما يسمح لي . أنا أعلم كثيراً من الطرق يسلكها بعض الناس للإتيان لما هو أقل وجوباً من الحج إلى بيت الله الحرام وينجحون في ذلك، فتعاطي كل الأسباب الممكنة لمثل هذا الموظف فضلاً عن غيره من مبادرة إلى الحج أولى وأولى .

وأريد أن أذكّر في هذه المناسبة ببعض الأمور التي لم يجر عادة المذكّرين أو الكاتبين أو المؤلفين للتذكير بها، فمن المعتاد مثلا أن يُذَكّر من أشرنا إليه بأنه يجب على المسلم أن يحُج بالمال الحلال وهذا أمر طبعا واجب، وأن يتحلل من الحقوق التي للناس عليه وأن يقوم بأدائها إليهم وهذا أمر واجب أيضاً، لكن هذه أشياء لا تخلو رسالة في مناسك الحج إلَّا وفيها التنبيه بمثل هذه الأمور وهذا أمر جيد .

ولكن هناك أمور أخرى بحاجة أن يُذَكّر بها الحاج ومع ذلك فقلّ من نجد ممن يُذَكّر بها، ومن ذلك أن الحج ثلاثة أنواع: تمتع وقِران وإفراد، فيجب أن نعلم بأن الحج المُفرد هذا لا يجوز أن يتقصّده المسلم في حجِّه بل يجب عليه أن يصرف نظره عنه؛ ذلك لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في قصة حجة الوداع المعروفة –والتي لنا فيها رسالة أيضًا مشهورة- قال وقد خطبهم بعد أن سعى بين الصفا والمروة، فوقف على المنبر وقام فيهم خطيباً وقال في جملة ما قال: (دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة) وشبّك بين أصابعه هكذا.

دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة: هذا النص يعني أن المسلم لا يجوز أن يحج حجَّة بغير عمرة؛ لأن العمرة دخلت في الحج إلى يوم القيامة، يعني ربنا -عز وجل- جعل العمرة في الحج من الحج، وهذا النص يُشعر بأن العمرة في الحج جزء لا يتجزأ، يعني يُشعِر بأن العمرة ركن من أركان الحج، ولولا أنني لا أعلم أن أحداً ذهب إلى هذا ولذلك لولا لا أعلم أن أحداً تمسك بظاهر هذه الدلالة في هذه البلاد لقلت بها، لكن لا أحد سبقني بهذا [...]، فنقول بأن العمرة واجبة، هذا النص أقل ما يفيد وجوب العمرة في الحج لأنها صارت جزءا من هذه العبادة فقد يكون هذا الجزء ركنًا من أركان العبادة وقد يكون فرضا غير ركن فهذا محتمل، فأقل ما يقال أن العمرة في الحج فرض من فروض الحج لكن لا نستطيع أن نقول بأن العمرة في الحج ركن من أركان الحج، بمعنى إذا ترك العمرة في الحج بطل حجه، لا نستطيع أن نقول هذا لأننا لا نعلم أحدا سبقنا إلى ذلك، لكن سبقنا كثير وكثير من كبار العلماء من الصحابة وغيرهم إلى القول بوجوب العمرة في الحج، حينئذٍ ينبغي على كل من أراد الحج في هذه السنة أو في السنين الآتية أن يعتمر بين يدي الحج في أشهر الحج لتكون حجته كما قال عليه الصلاة والسلام: ( دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة ) .

ولا فرق بين أن يكون هذا الحاجّ يحج لنفسه أو يحج عن غيره، فقد سمعنا مرارًا في كل سنةٍ تقريبًا أن بعض المشايخ الذين اعتادوا أن يحجوا حجَّة بدل، يحجُّون حجة إفراد وجعلوها نظامًا بحيث قام في أذهان بعض النَّاس - ممن لا علم عندهم وممن لا يتمكنون من الاستيضاح من الذين يلقنونهم هذه المسائل - صار عرفاً عندهم أن حجَّة الإنسان عن نفسه شيء وحجته عن غيره شيء آخر، فهو يحُج عن نفسه حج التمتع أما عن الغير -حجة البدل- يحج حجة مفرد، هذا التفصيل لا أصل له في الشريعة .

فالعلماء -لا شك- اختلفوا في هذه الأنواع الثلاثة من المناسك أيها أفضل:

فالحنفية يذهبون إلى أن القِران أفضل

والشافعية إلى أن الإفراد أفضل

والحنابلة إلى أن التمتع أفضل وبعض الحنابلة يجعلون هذه الأفضلية من الواجبات التي لا يجوز التهاون بها .

فهؤلاء الذين اختلفوا كل منهم ما ذهب إليه يتبناه لنفسه سواء حج عن نفسه أو عن غيره، لكن الحقيقة أن الذين يذهبون اليوم يحجُّون حجة بدل يرمون من وراء جعل الحجة هذه -حجة البدل- حجة إفراد إلى أمر من أمرين يختلف تعلُّق أحد الأمرين بهذا الحاج يختلف باختلاف نيَّة هذا الحاج، فإذا أحسنّا الظن به فهو إنما يقصد أن يحج حجة بدل ليخفف من نفقات هذه الحجة عن الذي أنابه أو كلَّفه بأن يحج حجة بدل - هذا إذا حسنّا الظن به -، أما إذا أسأنا الظن -وهذا خلاف الأصل- فمجال الخوض واسع فهو يريد أن يقضي حجة البدل بأقل الثمن ليستفيد ممَّا زادوا مما أُعطي له لتكاليف هذه الحجة، أمَّا أن يكون هناك في الشرع تفريق بين من يحج عن نفسه وبين أن يحج عن غيره فهذا لا أصل له .

هذه الأنواع الثلاثة لا نستطيع نحن أن نفرض على النَّاس رأياً معيناً، ولكن الذي تبين لنا من دراسة الكتاب والسنَّة المبينة للكتاب هو أن حج التمتع أفضل الأنواع بلا شك ولا ريب بل هو واجب من الواجبات المتعلقة بمناسك الحج؛ فلذلك نذكّر أن من حجَّ عن غيره فكما لو حج عن نفسه يجب أن يجعل حجته حجة تمتع، على كل حال .

مع التمثيل أيضا بشيء آخر يتعلق بحجَّة البدل ألا وهو: أن التوسع في حجة البدل حتى صارت نوع من أنواع التجارة في هذا العصر، هذا التوسُّع لا أصل له في الشرع . يجب أن نعرف أن كل عبادة كلَّف الله -عز وجل- بها عباده إنما أراد بها صلاح نفوسهم وقلوبهم، فإذا ما قام أحدٌ بشيء من الواجبات هذه عن غيره فهذا الغير -إن صح التعبير- لا يستفيد من عمل ذلك الإنسان شيئاً، ذلك لآيات كثيرة من أشهرها قول ربنا -تبارك وتعالى-: ﴿ وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى ﴾ [النجم:39] وقوله عز وجل: ﴿ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ ﴾ [فاطر:18] تماما كما هو الشأن في أصل هذه العبادات كلها أصلها الإيمان، لأن هذه العبادات لا تفيد صاحبها شيئاً إذا لم يقترن معها الإيمان الصحيح، وهذا معروف لدى الجميع حيث قال -عز وجل- : ﴿ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِينَ ﴾ [الزمر:65] فإذا آمن شخص ما إذا آمن الولد وبقي والده على الشرك لم يفد إيمان ولده والده شيئاً إطلاقا، لأن هذا الإيمان الذي طهّر قلبه من أدران الشرك والضلال إنما هو خاصٌ به، فوالده لا يستفيد من إيمان ولده شيئا، كذلك إذا كان هناك والدٌ وولد كلاهما مسلم لكن أحدهما صالح والآخر طالح، فالصالح يُصلي مثلا والطالح لا يُصلي، فإذا صلَّى المصلي سواء كان والد أو ولد لم يستفد من صلاته الآخر الذي لا يُصلي، وهكذا دواليك كل العبادات، وهذه قاعدة ﴿ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ ﴾.

تمام الشأن في ذلك كما هو الشأن في الأمور المادية التي يقوى بها بدن الإنسان ويحيى، إذا كان هناك والد وولد أحدهما يأكل ما يقوم بصحته وبجسده وبقوته والآخر لا يأكل، فهذا الذي يأكل يفيد نفسه، وذاك الذي لا يأكل لا يستفيد من أكل غيره شيئًا مطلقًا، هكذا الشأن تماماً في العبادات وفي الطاعات، لذلك صح عن بعض السلف وأظنه عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما أنه قال: ( لا يصلي أحد عن أحد ولا يحج أحد عن أحد ) . فإذن حجة البدل هذه أليس لها أصل مطلقا؟ قد يبدو هذا من كلامنا السابق، ولكن نريد أن نضيّق دائرة حجة البدل في حدود النصوص التي جاءت في هذه الحجة لكن أردت أن نذكّر: بالقاعدة (لا يصلي أحد عن أحد ولا يحج أحد عن أحد) إلا ما جاء به النص، فلننظر في أي نوع أو في أي جنس من الناس جاءت حجَّة البدل وأنى تشرع عنه .

فأول ما نجد من النصوص في ذلك حديث البخاري في تلك الخثعمية التي سألت الرسول صلَّى الله عليه وسلم يوم النحر في حجّة الوداع قالت: ( يا رسول الله إن أبي شيخ كبير، لا يثبت على الرحل وقد أدركته فريضة الله الحج أفأحج عنه قال عليه السلام: حجِّي عنه ). هذا الحديث لا يجوز فهمه فهمًا مطلقًا عن القيد الذي جاء في ضمن السؤال وعلى أساسه جاء الجواب، فقد سمعتم أن المرأة تصفُ حال أبيها بصفات:

Üأولها: أنه شيخ كبير فانٍ، لازم ذلك كما قالت لا يثبت على الرحل يعني لا يستطيع أن يركب الناقة وأن يتابع طريقه إلى بيت الله الحرام لأنه يميل فيقع على الأرض فيموت .

Üوقد أدركته فريضة الله الحج: أي فرض الحج يوم فرض وهو شيخ كبير لا يثبت على الرحل لأن فريضة الحج فُرضت في آخر حياته عليه الصلاة والسلام على ما هو أرجح الأقوال ولذلك تأخرت حجَّة النبي صلى الله عليه وسلم إلى آخر سنة من حياته .

فلا يُقاس ولا يلحق به رجل يدركه الحج وهو في عز شبابه ويجد المال والفراغ والنشاط ولا يعوقه عن المبادرة للحج شيء إطلاقا سوى اشتغاله بتجارته، ببيعه وشراءه، بأهله وأولاده ونحو ذلك من متاع الحياة الدنيا، فليس له عذر في تأخير الحج، ثم يموت كهلا بل شيخا ولم يحج حجة الإسلام مطلقًا، فلا عذر له كما ذكرنا.

وقد يكون من أولئك الناس الذين حجوا إلى أوربا إلى بلاد الكفر والضلال مرارا وتكرارا في سبيل تجارته وفي سبيل توسيع أمواله ثم يموت ويكون قد خلّف أموال كثيرة وكل ولد من أولاده صار غنيًا بسببه من بعد وفاته وقد ورثوا ماله فيخرجون ألفين أو ثلاثة ألاف ليرة بكل سهولة كما لو أخرج الفقير درهما، هذه حجة بدل عن أبينا، لا يستفيد أحد شيئا من هذه الحجة مطلقا لا من الذي حج حجّة البدل ولا الذي حج عنه وهو الوالد المتوفى آثما فاسقا إن لم يمت كافرا؛ لأن الله –عز وجل- أشار في الآية السابقة الذكر بقوله: ﴿ وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ العَالَمِينَ ﴾، هذا الذي لم يحُج ممكن أن نتصوره أنه لم يُعرض عن الحج كفرًا بالحج، كفرا قلبيا اعتقاديا، يمكن أن نتصور هذا كما يتصور مثله في تارك الصلاة ويمكن -والعياذ بالله- أن يكون منكرًا للحج، وأنا أعرف بعض الأشخاص من الشباب المسلم –زعم- حج ثم ندم على حجته فهذا لا شك في كفره وارتداده عن دينه، لأنه وجد هناك مظاهر فسّرها كما يفسرها الكفار المستشرقون أعداء الدين بأنها مظاهر وثنية كتقبيل الحجر الأسود مثلا، ورأى هناك تقصير المسلمين بسبب جهلهم وبسبب عدم تربيتهم من تجمّع القاذورات والأوساخ والذباب و وإلى آخره، فرجع -والعياذ بالله- وهو نادم على ما حج إليه من بيت الله الحرام .

فهذا الذي مات غنيًا ولم يحج حجة الإسلام، ممكن أن نتصوره ليس كافرا بالحج ولكن متساهلًا فيه، فإذا ما حج غيره عنه فما تفيده هذه الحجة وهو مات -كما قلنا- فاسقا والحج كالصلاة إنما المقصود بها أولا: ابتلاء من الله لعباده كما قال: ﴿ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴾ والمقصود تزكية نفس القائم بطاعة الله، فهذا مات ولم تتزكى نفسه بالحج؛ لأنه لم يحج ولم تتزكَّى نفسه ولو حج الناس جميعا عنه لأنه ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ﴾ [فصلت:46]. إذن حجَّة البدل في هذه الصورة لا تُشرع مطلقا، ولا يجوز للحاج أن يأخذ كِلفة الحجة إذا ما عرف أنه يحُج عن هذه النوعية من النَّاس الذين وجب عليهم الحج واستطاعوه ولم يقوموا به انشغالا منهم بالدنيا .

المرأة الخثعمية وصفت أباها بأوصاف يُعذَر هذا الأب الَّا يحج، فمن كان بهذه المثابة فيمكن أن يُحج عنه، هذه صورة من صور حجَّة البدل المشروعة .

صورة ثانية: النوعية نفسها إنسان ما يحج حتى أشرف على الموت لمرض ألّم به، فندم على تقصيره فكلَّف إنسانا أن يحج عنه وأعطاه النفقة فهذا يُحج عنه؛ لأنه مستدرك في آخر حياته ما فاته فهو لا يزال في دائرة التكليف، [وليس] كذلك بعد الموت كما قال عليه الصلاة والسلام: ( إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له ) فهذا الذي أوصى أن يحج عنه يُحَج عنه وهذا نوع من حجَّة البدل المشروعة .

وعلى هذا يُحمل حديث ابن عباس قال: (سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يُلبِّي وهو يقول لبيك اللهم عن شبرمة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من شبرمة ؟) قال أخ لي أو قريب لي)، فأقرّه عليه الصلاة والسلام على حجته عن هذا شبرمة، لكن لحكمة يريدها الله لقد فات الراوي لهذا الحديث ابن عباس أو من دونه أن يضبطَ نص جواب الحاج عن شبرمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهي نقطة فيها دقَّة بالغة وما وجدت أحدا من الشرّاح أو ممن لقيتهم ممّن تباحثنا معهم تنبّه إلى هذه النقطة بل إلى هذه النكتة، فالرسول صلى الله عليه وسلم يسأل الرجل: (من شبرمة ؟)، فرواية تقول أنه قال: (أخ لي أو قريب لي) ، لا يصح أن يُجيب المسؤول من رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا الجواب المتردد، أنا إذا سألت حاج سمعته يلبّي عن فلان، من هذا فلان؟ فأجابني بهذا الجواب: أخ لي أو قريب لي، سأنتقده وأقول له يا أخي هل نحن نعمل في السياسة حتى تكتم هوية هذا الإنسان عني؟، قل لي من هو يا أخي حدد لي الجواب لأني أريد أن أعرف هل يجوز أن تحج عنه أم لا، لذلك لا بد أن يكون جواب المسؤول من الرسول صلى الله عليه وسلم كان محدودا جدا، أن يقول هذا أبي أو أخي أو أمي أو أختي أو أي إنسان آخر، أما أن يُقال هو أخ لي أو قريب لي؟ فهذا ليس من المسؤول من الرسول مباشرة وإنما هذا جاء من أحد الرواة، فاته أن يضبط الجواب الصادر مِن المسؤول عن الرسول صلى الله عليه وسلم .

فلذلك فنحن لا نزال ولم نزل لحكمة أرادها الله –عز وجل- نجهل هوية هذا الإنسان الذي هو شبرمة، ولكن قواعد الشريعة تمنع هنا من أن يتساءل سائل أو يقول قائل: إذن هنا فيه شيء ضاع على المسلمين؟ نقول لا؛ لأن المسائل الفرعية ليس من الممكن لإنسان أن يحيط بها علمًا لا سيما هذه الفرعيات التي توسع فيها المتأخرون من مختلفي المذاهب فهي بالألوف إن لم نقل بالملايين لا يمكن للإنسان أن يحيط بها، وإنما ما يحيط بها تلك القواعد الشرعية الأصولية التي بعضها نص عليها ربنا -عز وجل- في كتابه ونبينا صلَّى الله عليه وسلم في سنته، والبعض الآخر استنبطها العلماء .

فالآن هنا لم نعرف هوية هذا الشخص فنحن نفترض أن يكون مثل والد تلك المرأة الخثعمية لم يستطع الحج فحجَّ عنه، نفترض بأنه أوصى بأن يُحج عنه إذا افترضناه انشغل بالتجارة وبماله وهذا صعب تصوره في زمن النبوة والرسالة، كما أنه يصعب على الإنسان أن يتصور أنه كان في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم من يترك الصلاة؛ لأن الزمن هناك هو أنقى زمن وُجد على وجه الأرض مطلقًا، فهل نتصور إنسان تارك الصلاة في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم كما نتصور هناك أنه لا بد من إجراء عملية إسقاط الصلاة -كما يفعل المتأخرون-، أو تارك الحج عامدا متعمِّدا فنحج عنه حجة بدل كما يفعلون أيضا اليوم، هذا صعب جدا أن نتصوره.

لذلك نتصور الشيء المقرون بالعلم وهو ذلك الوالد عاجز عن الحج، شبرمة قد يكون مثله وقد يكون لم يستطع أن يحج في السنة الأولى ولا السنة الثانية ثم عرض له المرض فتدارك الأمر فكلّف قريبه بأن يَحج عنه . فإذن -وهذا هو بيت القصيد- من هذه الكلمة دائرة حجة البدل ضيقة جدا، فأرجو أن لا يتورَّط بعض إخواننا فيغرُّه حجه إلى بيت الله الحرام وإلى الصلاة في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم فيعتبر ذلك عذرًا ليحج حجة البدل عن أي إنسان كان، لا يجوز هذا، وإنما يستوضح فإن وجد المحجوج عنه من أحد الصنفين السابقين فهذه غنيمة أرسلها الله -تبارك وتعالى- إليه فليغتنمها، أما غير ذلك فلا يجوز أن يحُج عنه؛ لأنه لا يحج أحد عن أحد إلا ما دلَّ عليه الدليل وقد عرفنا أنهما نوعان اثنان .

ثم يحج عنه كما يحج عن نفسه، لا يتساهل فيلاحظ مثلا هذه الحجة ما هي عن نفسي فخليني نأدِّي له الحجة بأقل ما يصح به الحج، بماذا يصح الحج؟ مثلا حج الإفراد فهو يحج عنه حج إفراد، أو لا يأتي له بعمرة، فيكون قد نقص في الواجب وخالف الحديث الثابت: ((دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة))، ثم إنه لم يؤد حق الثمن الذي قبضه عن حجته .

هذا ما أردت التذكير به بمناسبة الحج إلى بيت الله الحرام، أن يجعل الحاج حجته تمتعاً ليس حج إفراد، وكذلك لا يجعله قرانًا وإن كانت حجة القران فيها العمرة؛ لأن القران هو الجمع بين العمرة والحج ولكن حجَّة القران ليس فيها هذا الفصل بين العمرة والحج الذي هو التمتع المذكور في القرآن: ﴿ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالعُمْرَةِ إِلَى الحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ ﴾ [البقرة:196] .

القران يلتقي مع التمتع في ناحية ويختلف عنه في ناحيةٍ أخرى، يلتقي معه من حيث الجمع بين الحج والعمرة ويلتقي معه من حيث أنه لا بد من هدي، في القران فيه شيء من الصعوبة والمشقة، والله عز وجل كما قال ﴿ يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ ﴾ قال الرسول صلى الله عليه وسلم (( إني لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سُقت الهدي ولجعلتها عمرة )) أي عمرة تمتع، ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان حجه قران، لكنه كان قد ساق الهدي وكان بعض أصحابه الكثيرين الذين حجُّوا معه قارنين مثله، إلا أن هؤلاء القارنين كانوا على نوعين:

منهم وهم الأقل من ساق الهدي كما ساق الرسول عليه السلام من ذي الحليفة، والآخرون وهم الأكثرون لم يسوقوا الهدي، فأمرهم عليه الصلاة والسلام أمر هؤلاء القارنين فضلا عن المفردين لأنهم لم يسوقوا الهدي أن يفسخوا قرانهم وحجهم المفرد إلى عمرة، ولمَّا تباطؤوا عليه في أول الأمر قال: (( لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي ولجعلتها عمرة )) يعني يحثهم على أن يفسخوا حجَّهم وقرانهم إلى عمرة ويواسيهم الرسول فيقول: لولا أني سقت الهدي لفعلت مثلما آمركم به؛ لذلك لا ننصح أيضا أحدا أن يحجَّ حج قران ولو أن فيه العمرة ولو أنه حقق قوله عليه السلام: (دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة) إلَّا أن فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الذين حجُّوا حج قران ولم يسوقوا الهدي أن يفسخوا حجهم وقرانهم إلى عمرة .

فنحن لو تصورنا الآن إنسانًا يُمثل النبي صلى الله عليه وسلم تماما كأبي بكر وغيره من القادة رأى رجلا قد حجّ حج قران ولم يسق الهدي، ماذا تظنون يقول له؟ يقول له كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (اجعلوا حجكم عمرة) ولو أني استقبلت من أمري إلى آخر الحديث، ولذلك فنحن نقتدي به عليه الصلاة والسلام ما استطعنا إلى ذلك سبيلا، ولا ننصح لحاجٍ أن يحج حجةَّ قران إلا إذا تصورنا حالة نادرة جدا خاصة في مثل بلادنا هذه ساق الهدي معه، على الأقل من ذي الحليفة، يسوق الهدي يعني المواشي التي يريد أن يضحي بها لله إلى منى، هذا شبه خيال بالنسبة لزماننا [...]، إن تصورنا هذه الصورة فلا نمنع من حجة القران، لكن لما كان هذا أقرب إلى الخيال منه للواقع لم يبق أمام الحجَّاج إلا أن يتمتعوا، ذلك خير لهم وأيسر وبهذا القدر كفاية .

وهنا سائل يقول إذا لم يستطع إنسان الحج وتوفي وهو غير مستطيع فهل استطاعة ابنه توجب على الابن أن يحُج عن أبيه؟ الجواب نعم، وذلك صريح في حديث الخثعمية حيث وصفت أباها بأنه أدركه الحج وهو شيخٌ فانٍ لا يثبت على الراحلة، قالت أفأحجُّ عنه قال صلى الله عليه وسلم: (( حجي عنه ))، وفي بعض الأحاديث ( أرأيت إن كان على أبيك دَين أفكنت تقضينه؟ قالت بلى قال عليه السلام فدين الله أحق أن يقضى ) . ولكن يجب أن نلاحظ ما جاء في السؤال في الحديث وفي السؤال هنا، أي الوالد لا يستطيع الحج، لماذا ؟ أنه بالنسبة للحديث لمَّا فُرض الحج كان رجلًا مسنّا فلا يستطيع أن يحج، بالنسبة لما يمكن أن يُسأل عنه اليوم: رجل يبلغ من السن ما بلغ ثم يُتوفى ولم يستطع الحج إما لفقدان المال أو القوة والصحَّة أو أي سبب من أسباب إيجاب الحج فهو لم يستطع الحج بمعنى لم يُفرض عليه الحج، هكذا فإن كان مات ولم يُفرض عليه الحج أي لم يستطع الحج وله ولد حتى لو كان أنثى وهو يستطيع الحج فعليه أن يحُج بدليل حديث الخثعمية السابق .

وهل يمكن للإنسان أن يحج عن جدِّه أو جدته ؟ الجواب لا، والدليل هو ما سبق من أن يحج عن أبيه الذي هو من صلبه .

سائل: أسكن بيتا بالأجرة وأصحابه يريدون تسليمهم البيت ولكنني لا أستطيع ذلك [...] وسؤالي هل يجوز لي أداء فريضة الحج لهذا العام وأنا في هذه الحالة؟

الشيخ الألباني – رحمه الله-: إذا كان يقصد في هذه الحالة ما هو ظاهر من السؤال في حالة مطالبة صاحب البيت بالبيت من هذا المستأجر له وهو مستعصٍ بذلك عليه فيحج؟ فنقول لا، سلِّم البيت أو أرضه، إذا كان ليس لك مكان كما تقول تسكن فيه على أنه هذا القول فيه مجال واسع للمناقشة؛ لأن كثيرا من الناس اليوم يقولون ما باستطاعتنا لكن الواقع عند المحاصصة والمناقشة فيه عنده، وفيه باستطاعته مثلا أن يستأجر بيتا وهو غني، لكنه ينتظر البيت الذي يبنونه له ويمكن يكون هذا البناء كمان غير شرعي كما يشعر بذلك نفس السؤال؛ لأن الجمعيات السكنية هذه غير قائمة على أحكام شرعية فيها تعامل بالربا ونحو ذلك، فالمهم يجب على السائل أن يبادر إلى تسليم البيت إلى صاحبه بأي طريق، وآخر شيء أن يرضيه ولو بالمال فإذا أرضاه فعليه أن يُبادر إلى الحج . غيره

سائل: ما معنى ﴿ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ﴾ ما هي الاستطاعة ؟

الجواب: إن من لطف الله -عز وجل- بعباده وحكمته في تشريعه أنه يأتي بألفاظ لا يحددها؛ لأن الحكمة تقتضي تركها بغير تحديد ذلك لاختلاف الاستطاعة من إنسان إلى آخر، وقد قال البعض: تفسير الاستطاعة: بأنه من ملك الزاد والراحلة، بل زعم ذلك بعضهم حديثا مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وذلك مما لا يصح رفعه إليه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، لذلك فالاستطاعة تبقى على إطلاقها، وكل إنسان يعرف نفسه إن كان مستطيعًا أو لا، ونحن هنا قد يبلُغ عددنا قريبا من مائة شخص يمكن كل واحد منَّا استطاعته ليس كاستطاعة الآخر، فمن الذي يستطيع إذن أن يقول أن الاستطاعة هي كذا وكذا، لا، إنما هذا كقوله عليه الصلاة والسلام: (( صلِّ قائما فإن لم تستطع فقاعدا فإن لم تستطع فعلى جنب )) فمن الذي يحكم لك أو عليك لأنك لمرض ألمّ بك لا تستطيع أن تصلي قائما أو تستطيع أن تصلي قائما لا أحد سوى أنت بعد الله -عز وجل- فأنت الذي تحكم بالاستطاعة أو بنفيها، كذلك الاستطاعة المشروعة في آية الحج: ﴿ وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ﴾ .

أما الحديث الذي يقول ( من ملك زادًا وراحلةً ثم لم يحج فليمُت إن شاء يهوديا أو نصرانيا أو مجوسيا ) فهذا حديث لا يصح رفعه إلى النبي صلّى الله عليه وسلم، بل هو حديث ضعيف مرفوعا، وإنما صحَّ من كلام عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وهو موقوف عليه ليس مرفوعًا عن الرسول عليه الصلاة والسلام، ومع ذلك فلا أحد من الفقهاء يستطيع أن يطبِّق قول عمر هذا -الصحيح عنه روايةً- على إطلاقه.

( من ملك زادا وراحلة ) طيب هو ملك الزاد والراحلة لكن بمجرد أن يركب الراحلة يقلب عنها فهذا، وجد الاستطاعة التي هي شرط من شروط وجوب الحج؟ طبعا لا!، ومما يدل على هذا حديث البخاري عن الفضل بن عبَّاس لمّا سألته الخثعمية قالت: ( إن أبي شيخٌ كبير لا يثبت على الرحل أفأحج عنه قال: ( حجِّي عنه ))، مادام أنه لا يثبت على الرحل حجي عنه لأنه غير مستطيع . إذن هذه الكلمة -كلمة عمر- لا يمكن أن تُفسَّر هكذا كما جاءت إلا [...] بها تتحقق الاستطاعة المشروطة في الآية .

السؤال الثاني هل فرض الحج على التراخي أم على الفور ؟

للعلماء في الجواب على هذا السؤال قولان معروفان، منهم ومنهم، فمنهم من يقول بالتراخي ومنهم من يقول بالفوريَّة، وهذا القول الثاني هو الذي لا ينبغي أن يُقال سواه؛ ذلك لأن عمر الإنسان لا يعرفه إلا الله -عز وجل- فهو غيبٌ من جملة الغيوب، فما يدريه أن يُفاجأ بالمرض الذي يُصبح لازمًا له ومزمنًا فلا يستطيع الحج فيموت يوم يموت وهو عاصٍ؛ لأنه استطاع الحج في سنة من سنين حياته ثم لم يحُج؛ لذلك ولو من باب الاحتياط على الإنسان أن يغتنم فرصة صحته وشبابه وماله ويُسر الطريق وسهولته فيحج فورًا لا يسوّف ولا يؤجّل .

وتأكيدا لهذا المعنى يقول الرسول عليه الصلاة والسلام: (( من أراد الحج فليُعجِّل فإنه قد يمرض المريض وتضل الضالة ) [...] المرض معروف في كل زمن، لكن هم كانوا يحجُّون على جمالهم، فالرسول عليه السلام يريد أن يلفت النظر إلى أولئك المسلمين إلى أنهم قد يتعرضون إلى من عادتهم أن يتعرضوا لمثله وهو ضياع الضالة . سافرنا مرة إلى مكة بطريق البر وكنا نجد بعض الإبل وبعض الجمال تسير لوحدها في الصحراء فنسأل فنجاب بأن هذه ضوال قد تعود إلى أصحابها بعد شهور طبعًا وقد لا تعود .

وبالمناسبة من أجل ذلك فرّق الرسول عليه الصلاة والسلام بين ضالَّة الإبل وبين ضالة الغنم، فإذا ما وجد الإنسان ضالة من الغنم في الصحراء ليس معها راعٍ وليس هناك حشيش أو كلأ أو نحو ذلك مما يحفظ حياة هذا الحيوان فهل يجوز له أن يلتقطها؟ سُئل الرسول هذا السؤال، ولعله سئل عن ضالَّة الإبل ففرّق في الجواب بين ضالَّة الغنم وبين ضالَّة الإبل فقال بالنسبة لضالَّة الغنم: ( هي لك أو لأخيك أو للذئب ) أخيك يعني صاحبها، فإذن بقي: (هي لك) معنى هذا الكلام الأسلوب الحكيم: يعني خذها ثم أعلن عنها سنة كما هو المعروف فإن خرج صاحبها كان أحق بها وأهلها وإلا فهي لك .

أما الجواب عن ضالَّة الإبل فقال ( مالك ولها معها خفافها وماؤها )، يعني [...] في بعض الغزوات لما اضطر المجاهدون المسلمون الأولون إلى الماء فما وصلوا إليه من منابعه فاضطروا أن ينحروا الإبل ليأخذوا الماء المدّخر في كروشها الضخمة، فالرسول عليه السلام يلفت نظر السائل إلى أن الناقة ليست كالغنم فالناقة معها خفافها، فتسرع فلا يستطيع الذئب أن يسطو عليها ومعها ماءها أيضا في كروشها فهي تستطيع أن تعيش على العطش أيام وأيام طويلة . الشاهد فالرسول عليه الصلاة والسلام يقول لهؤلاء العرب (من أراد الحج فليتعجل فإنه قد يمرض المريض و تضلُّ الضالَّة) لذلك يجب الحج فورا لهذا الحديث ولما ذكرناه مما يعرض على الإنسان من الحالات التي تحول بينه وبين الحج ولقول الله تبارك وتعالى أخيرا: (( وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ))،

سارعوا إلى مغفرة: هنا المضاف محذوف أي سارعوا إلى أعمال قد تنالون بها مغفرة الله -عز وجل-، هذا يفيد الفورية إلى ما فرض الله -عز وجل-  كالحج مثلا .

السائل: السؤال الأول ما هو النصاب الذي لا يُعذر شخص عن الحج، وإذا كان عنده مال يكفي لحجته أو لزواجه أيهما يختار شرعا؟

الجواب: ما فيه نصاب هنا بالنسبة للذي يجب عليه الحج وإنَّما -كما بحثنا في الدرس الماضي- ربنا -عز وجل- ربط فرضية الحج بالاستطاعة ﴿وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ﴾ فالذي يستطيع الحج بلغ النصاب -إذا صح التعبير- أما النصاب العلمي قليل من المال، وهنا تختلف القضية إذا كان الإنسان اليوم مثلا بالوسائل الميسّرة اليوم والتي إذا توفر وسيلة من هذه الوسائل للمكلَّف وجب عليه الحج بالسفر إما بالسيارة وإما بالطائرة، وكان قبل سنين بالباخرة واليوم لا يوجد من يأتي بالباخرة [...]، فبقي لدينا وسيلة السيارة والطائرة، فالسيارة فيما يبدو السفر عليها أرخص قليلا من الطائرة فالذي باستطاعته أن يركب السيارة يوم أو يوم ونصف ذهابا وكذلك إيابا ويتحمّل ذلك وعنده نحو ألف ليرة سوري هذا معناه على حد تعبير السائل ملك النصاب ووجب عليه الحج، وليس ضروريا أن يفكر أنه لازم يكون معه مال احتياطي حتى يتصدق به هناك على الفقراء والمساكين، لا، ابدأ بنفسك ثم بمن تعول، إبدأ بنفسك وخلّصها من هذا الواجب فحج وأدِّ الفريضة، إذا كان عندك أموال زائدة فبها، لكن لا تؤخر الحج لأنه ما عندك أموال زائدة، بل اضبط حساباتك حتى تجد سيارة ذهابا وإيابا مع بعض الرسوم والتكاليف المعروفة ومعك زايد مائتين ورقة وكنت رجلا قنوعا وتعيش هناك حياة وسط تمشي حالك وتؤدي الفريضة وترجع إلى بلدك وكل مما كنت تأكل واشرب مما كنت تشرب من الأشياء الرخيصة.

إذن (( وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا )) وهذا يختلف من شخص لآخر، إنسان يعيش حياة صعبة يستطيع أن يسافر بكل سهولة ويأكل من أبسط الأمور، هناك يأكل الخبز هناك لا يجده هنا خبز قمح خالص يشتريه بأغلى الأثمان [...]، أو يعيش حياة رفيعة فيها رفاهية وفيه كذا هذا يحتاج إلى نفقات أكثر من اللازم . إذن ليس هناك حدود كل إنسان في حدود حياته الشخصية .

الرابط الصوتي

http://ar.islamway.net/lesson/8065/%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%8A%D8%B7-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D9%84

õõ õõ õõ

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

كتاب تحفة المودود

  كتاب تحفة المودود   بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين الحمد لله العلي العظيم الحليم الكريم الغفور الرحيم الحمد لله رب العالمين الرحمن ال...